أحلامُ الشعراء
تيسير حيدر([1])
ارتديتُ ثوبَ الأحياء الفقيرة منذ الطفولة ولا يزال يرافقني
يضيقُ فأُوَسِّعُه
أجعلُه يلامسُ خلايا الروح
يتذوقُ نسغ القلب
شراييني تندمجُ في مفاتن رُقَعه
تمَزُّقِ ياقَته
ذراعيه
أرويهِ بالحُبِّ كي لا يموت
لا ينامُ قبلَ أن يرتديني
يعرفُ أنّني سوف أُغْنِيهِ بأحلامِ الشعراء
عَيْنان
عَيْنان عابقَتان، ترويان، مَشْحونَتان بكُلِّ عَبيرِ الوَرد على مَدى عَشراتِ السِّنين الضَّوئيَّة
في رَحِيقٍ، حتَّى إنَّني سَبَحْتُ في تَيَّارهما وَغَرقْتُ
تَنْعَمان بمُخْمَلِ الطُّيورِ وألوانِها وسِحْرها وتَحْلِيقِها وَهَيَمانِها فوقَ القُلوب
امْتَصَّتْني كَأوراقِ الإسْفِنْجِ السَّاحر بالجَذْب
أنا نُقْطَةُ حِبْرٍ وهي بَحْرُ عُمْق
أنا وَرْدةٌ صَغيرةٌ عِندَ جِدارٍ قَصِيٍّ وهي جَنَّةُ سِحْر
لَمْ أدْرِ كَيفَ طارتْ وتَرَكَتْني مَسْحوراً، جِنِّيَةٌ هي
وَأنا على قَارِعَةِ الطَّريقِ ارْتَمَيْتُ، ضِعْتُ أو كَسَفينةٍ فَقَدَتْ بوصلَتَها
تَرَكَتْني طائرًا مَكْسورًا، يَحْبو، تَدوسُهُ النَّظَراتُ وَيَنتَظِرُ، يَنْتَظِرُ
أيَنْبَعِثُ النَّهرُ، دمياطُ وَرَشِيْدُ، وأنا مَسْحورٌ بعَيْنين تَغْزُران كُلَّ حِيْن، على ضِفافِهِما أغْفو، أسْتَرِقُ النَّظَرَ، أبْحَثُ، أحْشو جُيوبي ذَهَبًا لِلزَّمَنِ القادِمِ، لِما لا يَضِيْعُ، لِما افْتَدِيْهِ بروحي
أنْتِ نَهْرُ نِيْلي وَأنا صَحْراءُ مِصْرَ الْعْطْشى!!