تاريخ دولة المرابطين وحضارتها (447 – 541هـ/ 1055 – 1147م)
د. إيمان محمد فرحات([1])
ملخص
يتحدث هذا البحث عن دولة المرابطين منذ نشأتها وحتى سقوطها، فيُعطي نبذة تاريخيّة عن نظم الحكم والإدارية في دولة المرابطين بدءاً من النّظام الإداريّ الذي يتمثل في نظام إمارة المسلمين ولقب أمير المسلمين ونظام الوزارة وديوان الرّسائل والمكاتبات، ثم النّظام القضائيّ من منصب قاضي الجماعة وقضاء الذّميين، ثم النّظام العسكريّ. نعرض فيه صفات المجاهدين في سبيل الله والمراحل العسكرية التي مر بها يوسف بن تاشفين في جيش المرابطين. ويدافع عن دولة المرابطين ويبيّن مآثرها الحضارية من أعمال معمارية والآثار المعمارية في المغرب، وحياة أدبيَّة علمية كعلوم اللغة وعلوم التاريخ والجغرافيا وعلوم الطب في عصر المرابطين. ثم سأتحدث عن أسباب سقوط دولة المرابطين.
Abstract
This research talks about the Almoravid state from its inception until its fall. It gives a historical overview of the governance and administrative systems in the state of the Almoravids, starting with the administrative system, which is represented in the system of the emirate of Muslims, the title of the Emir of Muslims, the system of the ministry and the office of letters and correspondence. Then the judicial system from the position of the community judge and the judiciary of the dhimmis, Then the military system, in which we present the characteristics of the Mujahideen in the way of God and the military stages that Yusuf bin Tashfin went through in the Al-Mourabitin army. It defends the Almoravid state and shows its civilizational exploits in terms of architectural works and architectural monuments in Morocco, and a scientific literary life such as linguistics, history, geography, and medical sciences in the Almoravid era. Then we talked about the reasons for the fall of the Almoravid state.
مقدمة
تعدُّ قبائلُ صنهاجة أقوى قبائل البربر وأشدّها وأمنعها، واشتهرت بقُوَّة شكيمتها، وكثرة رجالها الذين ملأوا الشَّمَال الإفريقي وسكنوا جباله، وسهوله وخصوصًا من المغرب الأوسط إلى المغرب الأقصى.
وعدَّ بعضُ المؤرخين قبائل صنهاجة مثلت شعبًا انضوتْ تحت لوائه أكثر من سبعين قبيلة بربرية، ومِن أكثر هذه القبائل أهمّية وأشهرها لمتونة، وجدالة، ولمطة، ومسوفة، وهيّ التي تكوَّنت منها دولة المرابطين السُّنيَّة. وبعض المؤرخين يجعل القبائل الصنهاجيّة لها أصل من حمير بن سبأ أيّ: إن أصلَهم يمانيِّون. والبعض الآخر يذهب إلى أنّهم برابرة لا علاقة لهم بالعرب([2]).
- الأمير يحيى بن إبراهيم(الزعيم السياسي)
- أبو عمران الفاسيّ(مهندس الخطوط العريضة).
- عبد الله بن ياسين (الزّعيم الدّينيّ).
- يوسف بن تاشفين (القائد الرّبانيّ).
نظم الحكم والإدارة في دولة المرابطين
أولًا: النّظام الإداريّ:
أ- نظام إمارة المسلمين
كان النّظام السائد في إمارة المُسْلِمِين عند المرابطين يعتمد على اختيار الأمير وفق فقه الشّورى؛ فكان زعماء المرابطين يتشاورون في الوسائل التي تُعِين على تمكين الحقّ وإظهار الصّواب، ونشر الصلاح بين العباد، لقد كان نظام الشّورى هو الأساس الذى اعتمده المرابطون في نظام حكمهم في بداية دولة المرابطين قبل يوسف بن تاشفين، وكان من الطبيعي أن يمهِّد لفكرته في اختيار ولي العهد، ولذلك شاور كل مَن يهمه الأمر حول هذا الاختيار، ولهذا بادر بمشاورة الفقهاء والقضاة وزعماء القبائل وأفراد الأسرة المرابطيّة وكبار رجال الدّولة في سنة 495هـ / 1101م، وناقشهم في المبررات التي دفعته إلى اختياره، فوافقه الجميع على ما اعتزم عليه، وعلى أثر ذلك قرئ مرسوم البيعة الذى يتضمن الأسباب التي حملته على هذا الاختيار، والشّروط الواجب توافرها فيه، والمبادئ التي ينبغي أن يسير عليها، وهذا المرسوم كتبه الوزير الفقيه أبو مُحَمَّد بن عبد الغفور، وكان من أعلام البلاغة في ذلك العصر»([3]).
دخل يوسف بن تاشفين قرطبة في العام 496هـ ، وجمع كبار رجال الدّولة وأمراء لمتونة أشياخ البلاد، وقادة الرّأي والفقهاء والعلماء والقضاة، وتلا عليهم عقد البيعة لابنه على الذى سبقت الإشارة إليه، وضمنه الأسباب التي حملته على اختياره وليًا للعهد، ثم أخذ البيعة له من جميع الحاضرين، وأقسم هؤلاء يمين الطاعة والولاء، ثم وقَّعوا على عقد البيعة، وقام على أثر ذلك، فأقسم أمام الحاضرين بالتزام شروط العقد وترسم السِّيَاسَة التي رسمها أبوه، وأشهد الكتاب ووقَّع على الوثيقة([4]).
ب- لقب أمير المسلمين
كان زعماء المرابطين يطلقون على أنفسهم لقب الأمراء، وظل المرابطون يطلقون لقب الأمير على كل زعيم يتولى أمرهم ابتداءً من عهد أمير لمتونة أبي زكريا يحيى بن عمر اللمتوني، فتلقَّب به يحيى كما تلقَّب به أخوه أبو بكر بن عمر بعد وفاته، وعندما تولَّى يوسف بن تاشفين زعامة المرابطين منذ 464هـ، ظلَّ يتلقب بالإمارة إلى سقوط أبي بكر بن عمر شهيدًا في إحدى المعارك في سنة 480هـ / 1087م، وعندئذٍ أصبح يوسف الزّعيم الأوحد للمرابطين، واجتمع إليه أشياخ قبيلته وعرضوا عليه أن يتلقَّب بأمير المؤمنين، لأنّ حقَّه أكبر من أن يُلقَّب بالأمير فرفض ذلك قائلًا: «حاشا أن أسمى بهذا الاسم، إنما يتسمى به خلفاء بنى العبَّاس لكونهم من تلك السلالة الكريمة وأنا رجلهم والقائم بدعوتهم»([5])، ولكنَّهم قالوا له: إنّه لا بدَّ له من اسم يمتاز به على سائر الأمراء واقترحوا عليه لقب أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين، وأصبح العمل جاريًا به عند سائر المرابطين، وقد صدرت الكتب تحمل هذا اللقب بعد وفاة أبي بكر بن عمر على القول الأرجح، وهذا نص الكتاب الذى أرسله إلى الولاة والقادة والعلماء:
«بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وصحبه وسلم تسليمًا: مِن أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين يوسف بن تاشفين إلى الأشياخ والأعيان وكافة أهل (فلانة) أدام الله كرامتهم بتقواه ووفقهم لما يرضاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمَّا بعد، حمدًا لله أهل الحمد والشكر، وميسر اليسر وواهب النصر، والصلاة على مُحَمَّد المبعوث بنور الفرقان والذكر، وأنا كتبناه إليكم من حضرتنا العلية بمراكش – حرسها الله -، وأنَّه لمَّا مَنّ الله علينا بالفتح الجسيم، وأسبغ علينا من أنعمه الظاهرة والباطنة، وهدانا وهداكم إلى شريعة مُحَمَّد المصطفى نبينا الكريم صلى الله عليه أفضل الصلاة وأتم التّسليم؛ رأينا أن نُخصِّص أنفسنا بهذا الاسم لنمتاز به على سائر أمراء القبائل، وهو أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين، فمن خطب الخطبة العلية السامية فليخطبها بهذا الاسم إن شاء الله تعالى، والله وليُّ العدل بمنِّه وكرمه والسلام»([6]).
ج- نائب الأمير
كان اتساع مملكة المرابطين سببًا في اتخاذ نوَّاب ينوبون عن أمير المسلمين؛ حيث كان من المستحيل عليه أن يشرف وحده على تلك الدّول المترامية الأطراف، فعيَّن بعض النواب المقرَّبين إليه، فعيَّن نائبًا على شؤون الأَنْدَلُس ونوَّابًا على إقليم المغرب، وكان يراعى في اختيار النّائب أن يكون أقرب الناس إلى أمير المُسْلِمِين، وأن يتوفر فيه حسن الإدارة والكفاية العسكرية ويعدُّ ممثلاً أوليًا لأمير المُسْلِمِين، ويستمد نائب الأمير سلطته من الأمير شخصيًا، وكان ولى العهد نائبًا للأمير، وتولى نيابة الأَنْدَلُس، وكانت قرطبة هي المفضلة لإقامة ولى العهد لمكانتها السامية في نفوس الأَنْدَلُسيين، وأول نائب عيَّنه الأمير يوسف على الأَنْدَلُس القائد سير بن أبي بكر اللمتوني، ثم بدَّل به ابنه أبا الطاهر تميم بن يوسف، وتلي نيابة الأَنْدَلُس من حيث الأهمية نيابة فاس بالمغرب، وكان النائب يستقر فيها عندما كان الأمير يوسف يعود إلى مراكش كي لا تحدث ازدواجيّة في السّلطة([7]).
د – تولية الولاة
كان الأمير يوسف يُعَيِّن الولاة على الأقاليم من لمتونة بشكل خاص وصنهاجة بشكل عام؛ فولَّى أمراء قومه الأقاليم، فقبْل ضم الأَنْدَلُس كان سير بن أبي بكر على مدائن مكناسة وبلاد مكلالة وبلاد فازاز، وولَّى عمر بن سليمان المسوفي مدينة فاس وأحوازها، وداود ابن عائشة سجلماسة ودرعة، وتميم بن يوسف مدينة أغمات ومراكش وبلاد السوس وسائر بلاد المصامدة وتدلا وتامسنا، وبعد ضم الأَنْدَلُس عين يوسف بن تاشفين القائد سير بن أبي بكر حاكمًا على الأَنْدَلُس، وفوَّض له تعيين والٍ على كل بلد يفتحه ويكون من لمتونة.
وكان الولاة يخضعون مباشرة لنائب الأمير، ومُنح الأمير يوسف سلطات واسعة: منها حقّ التّصرف في عزل وتعيين مَن دونهم مِن الولاة المحليين، ومَن يليهم مِن رجال السلطة، وكذلك القيام بتحركات عسكرية داخل مناطق نفوذهم، وكان الأمير يوسف وابنه من بعده يراقبون ولاتهم مراقبة شديدة، ويجري تبديلهم وعزلهم إذا أساءوا، وكانوا يضعون مصالح الرّعيّة في المقام الأول عند تعيين الولاة([8]).
هـ – نظام الوزارة
كان الأمير يوسف بعيدًا كل البعد من اتخاذ الألقاب والألفاظ والاهتمام بالمناصب، فلم يتخذ وزراء بالمعنى المتعارف عليه، ولم يمنح لقب وزير لأيّ شخص، إلا أنّه اتخذ لنفسه أعوانًا يرجع إلى مشورتهم، وكُتَّابًا يشرفون على ديوان الرّسائل أو الإنشاء، وكانت لديه هيئة استشارية تشترك فيها طائفة من الفقهاء، والأعيان والكُتَّاب يلازمونه في قصره وتنقلاته يبدون آراءهم في المشاكل المطروحة للبحث، وتبقى الكلمة الفاصلة للأمير، أمَّا في الأمور المهمة فكان يجمع زعماء المرابطين وأبناء عمومته من لمتونة للتداول واتخاذ الآراء، وكان الاتصال بالأمير عن طريق الأعوان من السهولة بمكان، وساعد على ذلك ما امتاز به الأمير من زُهد في الدنيا، وتطلع للآخرة، وحب البساطة، وميل للتواضع.
و – ديوان الرسائل والمكاتبات عند المرابطين
كان المرابطون يهتمون بديوان الإنشاء، ولذلك حرصوا على أن يتولاه رجال من أشهر الأدباء في تلك الحقبة جُلّهم أَنْدَلُسيون، واهتم الأمير يوسف بجلب الأدباء والبلغاء والفقهاء لهذه الأعمال، واستفاد من كُتَّاب ملوك الطوائف، وتوسع ديوان الرسائل مع امتداد رقعة دولة المرابطين، وانتفع المرابطون انتفاعًا عظيمًا بخبرة الأَنْدَلُسيين أصحاب الحضارة والأدب، وأقبل المغاربة على ثقافة الأَنْدَلُس ينهلون منها في تواضع المستفيدين، وحدث تنافس بين الكُتَّاب، وحاولوا أن يثبتوا جدارتهم في هذا الفن، وأصبح ديوان الأمير يوسف متألقًا بالحضارة.
وقام ابنه على بتطوير ديوان الرسائل وجلب له كتابًا في غاية البلاغة ودقة الأسلوب، وجمال التعبير، ومما دفع الأمير عليًا إلى تطوير دولته تربيته الرفيعة وذكاؤه الوقَّاد، واهتمامه بكتاب ملوك الطوائف، وتقريبهم إليه في زمانه، فشعر بحاجته إلى طائفة مثقفة تفهم لغة الوفود، وتجيد فنون الكتابة، ومِن أشهر أولئك الكتاب والأدباء والبلغاء، مُحَمَّد بن سليمان الكلاعي المتوفى العام 508هـ، وصفه ابن خاقان في «القلائد» بقوله: «غرة في جبين الملك، ودرَّة لا تصلح إلا لذلك السلك، باهت به الأيام، وتاهت في يمينه الأقلام، واشتملت عليه الدول اشتمال الكمام على النور، وانسربت إليه أماني انسراب الماء على الغور»([9]).
كان الحكم في دولة المرابطين قائمًا على أسس عسكرية، فأمير المُسْلِمِين هو قائد الجيش الأعلى، ومعاونوه هم قادة الجيش، لهذا كان من الطبيعيّ أن يتّسم منصب الوزير بالطابع العسكريّ كذلك، ولكن لما كان الأمر يتطلب من الوزير أيضًا كتابة الوثائق، والمراسيم وصياغتها فقد وُجِد في دولة المرابطين صنفان من الوزراء.
1- وزراء عسكريون من قادة الجيش، وهم من قرابة السلطان عادة أو من قبائل لمتونة وصنهاجة التي قامت على أكتافهم دولة المرابطين.
2- وزراء كُتَّاب وهم من الفقهاء. وكان المغاربة يطلقون كلمة فقيه على العالم بالأحكام الشّرعيّة إلا أنّ أهل المشرق أصبح ذلك المصطلح عندهم يطلق على دارس الفقه عمومًا من الطلبة.
ثانيًا: النّظام القضائي في دولة المرابطين
للقضاء مكانة عظيمة ومنزلة شريفة، وفاصل بين النَّاس في خصوماتهم وحاسم للتّداعي وقاطع للتنازع، وكان العرب في جاهليتهم يعرفون منزلة القضاء، ويختارون له أهله، ويطلقون عليهم الحُكَّام، واهتم المسلمون بهذا الأمر، ومارسه رسول الله في زمانه، وسار الخلفاء من بعده على دربه، وأصبح القضاء بعد رسول الله في عداد الوظائف الدّاخلة تحت الخلافة، وتطور القضاء مع تطور دولة الإسلام فكان الخليفة يتخذ قاضيًا في حاضرة الخلافة وقضاة آخرين في الولايات والأمصار.
كان القضاء في الأمصار أول الأمر مُضافًا إلى الولاة حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب فجعله مستقلًا عن نظر الوالي، عيَّن له مَن يتفرَّد بالنظر فيه، ومع استقلال القضاء عن نظر الوالي، فإن تقليد القضاء في الولايات كان يجري في الغالب عن طريق الولاة بتفويض الخليفة لهم، أمَّا في العاصمة فكان الخليفة هو الذى يُعيِّن القاضي إلى أن جاء الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الذى انحرف بالقضاة نحو مركزية الدولة، وأخضع المؤسسات القضائيّة لرقابته المستمرَّة، وجعل تقليد القضاة على قضاء الأمصار من قبله، وتابعه على ذلك خلفاء بنى العبَّاس، إلى أن استحدث منصب قاضي القضاة في حقبة تالية، فتولَّى قاضي القضاة النظر في مؤهلات المرشحين للقضاء ومراقبة الكفاءة المهنية للقضاة في عاصمة الخلافة وخارجها ([10])، واهتمَّت كلُّ الدّول التّابعة للخلافة بتطوير نظامها القضائي وخصوصًا المرابطون الذين حرصوا على إقامة العدل ونشره في ربوع بلادهم، فكان لمنصب القضاة أهمّية كبيرة، ولذلك حرص أمراء المرابطين على تعيين القضاة مِمَّن برزوا في العلم والفقه وتميزوا بالمقدرة على تولّي هذه المناصب في دولتهم من دون الاستناد على العصبيّة القبليّة، حتى أصبح أكثر القضاة من غير قبيلة صنهاجة وهى سياسة حكيمة اتبعها الأمير يوسف رغبة في تحقيق العدالة وتطبيق تعاليم الإسلام.
لقد منحهم رتبة عالية في الدّولة حتى كثرت أموالهم، واتسعت مكاسبهم، وكانوا يستمدون نفوذهم من سلطة الدولة نفسها، يحكمون وفق المذهب المالكيّ، ويقوم بتنفيذ أحكامهم الولاة والحُكَّام المحليون، وقد شارك القضاة في معارك الجهاد في الأَنْدَلُس، واستشهد بعضهم في معركة الزِّلاقَة منهم القاضي عبد الملك المصمودي قاضي مراكش([11]).
وكانت السُّلطَة القضائية تتمتع باستقلال كبير عن السُّلطَة التنفيذية، وكان تعيين القاضي يصدر بمرسوم عن أمير المسلمين، وكذلك عزله، وكان لأهل البلدان التّابعة لدولة المرابطين حقّ التّرشح لمَن يرونه مناسبًا لمنصب القضاء في بلدهم. وإذا أراد أمير المسلمين عزل قاضٍ في بلد معين فعليه أن يوضح الأسباب لأهل ذلك البلد.
أ – منصب قاضى الجماعة في الأندلس
يعدُّ منصب قاضي الجماعة من أرفع المناصب القضائيّة في الأَنْدَلُس، كان صاحبه يشرف على القضاء في أنحاء الأَنْدَلُس جميعها ومن المرجح إن هذا المنصب الخطير كان لا يتولاه إلا كل مَن يثبت كفاءة عالية في أمور القضاء، وكان قاضي الجماعة في الأَنْدَلُس يتمتع بسلطات واسعة، ومنهم أبو القاسم أحمد بن مُحَمَّد بن على بن مُحَمَّد بن عبد العزيز التغلبي الذى وجَّهه الأمير يوسف بن تاشفين إلى اتباع الحق في الأحكام من دون أن يعرف في الله لومة لائم، فكتب له: «ولا تُبالِ برغم راغم وتشفق من ملامة لائم، فآس بين النَّاس في عدلك ومجلسك حتى لا يطمع قوى في حيفك ولا ييأس ضعيف في عدلك، ولا يكن عندك أقوى مِن الضعيف حتى تأخذ الحق له، ولا أضعف مِن القوى حتى تأخذ الحق منه. . » ([12]).
ومن أشهر مَن تولَّى منصب قضاء الجماعة في الأَنْدَلُس في عصر على بن يوسف أبو الوليد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد بن رشد المالكي وأبو عبد الله مُحَمَّد بن أحمد بن خلف إبراهيم التجيبي المعروف بابن الحاج([13]).
ب- قاضي الجماعة في المغرب
كانت رئاسة القضاء في المغرب في زمن دولة المرابطين تسند إلى قاضي الجماعة بمراكش، الذى كان يُسمى بقاضي قضاة المغرب أو بقاضي الحضرة، وكان على من يتولَّى هذا المنصب أن يكون مِن المقربين إلى قلب أمير المسلمين يستفتيه في كل ما يعرض له من شؤون، ومن أشهر مَن تولَّى هذا المنصب: أبو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن قاسم بن منصور اللخمي، وأبو الحسن على بن عبد الرحمن المعروف بابن أبي حقون، وأبو سعيد خلوف بن خلف الله ([14]).
جـ – مجلس الشّورى القضائيّ
كان للقاضي في صحبته مجموعة من فقهاء البلد الذى تولَّى قضاءه ليشاورهم قبل أن يصدر الأحكام، وكان قاضي المدينة يتولى اختيار هؤلاء الفقهاء من أهل مدينته، مِمَّن يُعرفون بالورع والتّقوى والتّبحر في الفقه والعلوم الدّينيّة، ويحدد ابن عبدون هؤلاء الفقهاء والمشاورين بأربعة: اثنين يشتركان في مجلس القاضي، واثنين يقعدان في المسجد الجامع ([15]).
د- القضاء العسكريّ
عرفت دولة المرابطين ما يمكن تسميته بالقضاء العسكريّ، وكان يمارسه قضاة مختصون بحلّ مشاكل الجند في مواضع خاصَّة بالمعسكرات، كما كانوا يشتركون في القتال لحثِّ الجند وتشجيعهم على القتال، وكان هؤلاء القضاة يسمون بقضاة المحلّة أو قضاة الجند، وممن ذكرهم التّاريخ فيمن تولَّوا منصب القضاء العسكريّ: عبد الرحيم بن إسماعيل الذى عُيِّن قاضيًا في معسكر أمير المسلمين على بن يوسف بمدينة سلا([16]).
هـ – قضاء الذميين في دولة المرابطين
أمّا بالنسبة إلى أهل الذِّمة في الأَنْدَلُس، فقد كان رجال الدّين النصارى واليهود يتولون القضاء لهم، من دون أن يتدخل فيهم قضاة المسلمين، أجاز الفقهاء تقليد الذّميّ القضاء لأهل الذِّمة، وفى الأَنْدَلُس خصص المسلمون لأهل الذِّمة قاضيًا يعرف بقاضي النّصارى أو قاضي العجم، أما إذا كانت الخصومة بين ذمي ومسلم فإنّ قضاة المسلمين يتولون الفصل بينهما، وفى هذا الصدد يشير أشباخ إلى أن النصارى كانوا «يتمتعون بحرية الشعائر ويحتفظون ببعض القوانين القوطية ولهم أساقفتهم وقضاتهم»([17]).
أ- صفات المجاهدين في سبيل الله:
إن الجهاد في سبيل الله عظيم الكلفة والمشقة على النّفس البشريّة، قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: 216]. ولذلك لم يستطع أن يقوم بالجهاد الإسلاميّ على أصوله الصحيحة إلا من رزقه الله صفات تجعله أهلاً للقيام بهذه العبادة الكريمة.
إن زعماء المرابطين في تاريخهم المجيد حرصوا على تربية شعبهم المُجَاهِد
على صفات المُجَاهِدين سواء على مستوى الأفراد أو القادة أو الجيش أو الشعب. إذا نظرنا في سيرة قادة المُجَاهِدين في دولة المرابطين نجد أن خيار قادتهم تميَّزوا بصفات أهَّلَتهم لقيادة الجيوش وتحقيق النّصر وإلحاق الهزائم بالأعداء، ومِن أشْهر أولئك القادة الذين تميَّزوا بصفاتهم القيادية أبو بكر بن عمر، ويحيى بن عمر، ويوسف بن تاشفين، وأبو مُحَمَّد مزدلي، وسير بن أبي بكر، وأبو عبد الله مُحَمَّد بن الحاج، وداود ابن عائشة، وعبد الله بن فاطمة وغيرهم كثير.
نلاحظ أنهم تميَّزوا بأمور أهمها:
1- الإكثار مِن طاعة الله وإعداد النّفس لتحمُّل المشاق.
2- القدوة الحسنة للجنود.
3- الحرص على تزكية جنودهم وتطهيرهم والارتقاء بهم طاعةً لله.
4- الخبرة بأمور الحرب والقوَّة فيها.
5- البعد من طلب القيادة وابتغاء الرئاسة.
6- إسناد الأمور إلى أهلها.
7- تربية الجندي على التسليم المطلق لله لا لشخص القائد.
8- الحرص على قاعدة الشّورى.
9- الحرص على تحقيق الأهداف والضبط الإداري وقوة التأثير.
10- الشجاعة والكرم.
11- التصرف الحكيم السريع أمام المفاجآت.
ب- المراحل العسكريّة التي مر بها يوسف بن تاشفين في جيش المرابطين
1- 448-452هـ / 1056-1060م:
كان في هذه المرحلة مجرد قائد من قواد المرابطين يتلقَّى الأوامر وينفِذُها بكل نجاح، وكانت هذه المرحلة غنية بالتّجارب والخبرات التي شحذت ذهنه وأهَّلته للمرحلة التالية، فكأنَّها كانت ممارسة للسلطة، والاطلاع على خفاياها من دون تحمُّل المسؤولية، استطاع بعدها تسلُّم الإمارة بكل الأوامر التي وكِّلت إليه بكل همة ونشاط ومن دون تردد، وقاد المرابطين إلى النصر في ميادين الجهاد والعزة والكرامة والشرف.
وظهر نجم يوسف للمرابطين في معركة الواحات 448هـ – 1056م التي كان فيها قائدًا لمقدمة جيش المرابطين المهاجم، وبعد فتح مدينة سجلماسة عيَّنه الأمير أبو بكر واليًا عليها، فأظهر مهارة إدارية في تنظيمها، ثم غزا بلاد جزولة وفتح ماسة ثم سار إلى تارودانت قاعدة بلاد السوس وفتحها، وكان بها طائفة من الشّيعة البجليين نسبة إلى مؤسسها على بن عبد الله البجليّ، وقتل المرابطون أولئك الشّيعة، وتحوَّل مَن بقى منهم على قيد الحياة إلى السّنة.
ثم جاء دور أغمات، كانت مدينة مزدهرة حضاريًّا إذ كانت أحد مراكز النّصرانيّة القديمة، ومقرًا للبربر المتهودين، كان يحكمها الأمير لقوط بن يوسف بن على المغراوي.
2- فتح المَغْرِب الأقصى الشمالي 454هـ – 477هـ
قام يوسف بن تاشفين نحو المغرب الشمالي لينتزعه من أيدى الزناتيين، واستخدم من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود إرسال الجيوش للقضاء على جيوش المخالفين مستفيدًا من الخلافات السياسية بين قادة المدن، فحالف بعضها من أجل قتال الباقي، واستطاع أن يدخُلَ مدينة فاس صلحًا العام 455هـ، ثم تمرَّد أهلها عليه إلا أنّه استطاع إخماد جميع الثورات التي قامت ضد المرابطين بجهاده، وكفاحه المستمرِّ، حتى فتح جميع البلاد من الريف إلى طنجة العام 460هـ – 1067م.
أعاد فتح فاس عنوة بحصار ضربه عليها بجيش قوامه مائة ألف جندي العام 462هـ- 1069م، فقضى على شوكة مغراوة وبنى يقرن وسائر زناتة، ونظم المساجد والفنادق وأصلح الأسواق، وخرج من فاس العام 463هـ إلى بلاد ملوية وفتحها واستولى على حصون وطاط من بلاد طنجة ([18]).
بنى يوسف في مدينة الجزائر جامعًا لا يزال إلى اليوم ويُعرف بالجامع الكبير. وعاد إلى مراكش العام 475هـ-1081م وبذلك توحَّد المغرب الأقصى بعد جهاد استمرَّ ثلاثين عامًا، وأصبحت دولة المرابطين في مرحلة التَّمكين الفعلية، وفى العام 476هـ – 1083م وجَّه الأمير يوسف ابنه المُعزَّ في جيش إلى سبتة لفتحها إذ كانت المدينة الوحيدة التي لم تخضع له، كان يحكُمُها بعد وفاة الحاجب بن سكوت ابنه ضياء الدولة يحيى، فحاصرها المعزُّ برًا وبحرًا، ودارت معركة بحرية طاحنة، وفى نهاية المطاف استطاع المرابطون أن يفتحوا سبتة، وقتل ضياء الدولة بعد أن ألقى القبض عليه، وكان ذلك عام 477هـ-1084م([19]).
أهم أعمال دولة المرابطين الحضارية
أولاً: الآثار المعماريّة في المغرب والأندلس
إن دولة المرابطين تركت آثارًا معمارية بارزة ظلَّت باقية على مرِّ الدهور وكرِّ العصور؛ لترشد الأجيال المتعاقبة على سموِّ حضارة المرابطين المعمارية، ومن أعظم هذه الآثار على الإطلاق:
1- جامع القرويين
من المساجد الجامعة المهمّة في بلاد المغرب، وأكثرها شهرة لكونه جامعة إسلاميّة عريقة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وكانت هذه الجامعة تقارع الأزهر الشريف في العلم وتخريج الدعاة والعلماء والفقهاء. ولقد مرَّ جامع القرويين بثلاثة أدوار:
الأول: عند تأسيسه سنة 254هـ-859م. والثاني: عند الزيادة فيه سنة 345هـ-956هـ. والثالث: عندما زيدت مساحته في عصر على بن يوسف سنة 530-1135م.
تولَّى القاضي أبو عبد الله مُحَمَّد بن داود مشروع زيادة مسجد القرويين وتوسيعه وذلك بسبب ضيق المسجد بالنَّاس، واضطرارهم للصلاة في الشوارع والأسواق في يوم الجمعة، وحرص على أن يكون المال من أوقاف مساجد المسلمين، وأشرف القاضي أبو عبد الله بنفسه على هذا المشروع الحضاري العظيم وكان تمام التوسعة العام 538هـ.
لقد تخرَّجتْ في جامع القرويين على مرِّ العصور وكرِّ الدهور أفواج عديدة من فقهاء الأمة وعلماء الملة ودعاة الشريعة والمُجَاهِدين الأبرار والقادة العظام، وكان لمسجد القرويين عند المرابطين مكانة عظيمة في نفوسهم. وتذكرُ كتب التاريخ أن منبر جامع القرويين من أجمل منابر الإسلام، وتدل على روعة المغاربة في اختياراتهم الذوقية الرفيعة([20]).
2- المسجد الجامع بتلمسان
كان مقرًا لنشر علوم الإسلام وتربية المسلمين على معانى القرآن، و بُنِي هذا المسجد العام 530هـ في إمارة على بن يوسف، وكانت هندسته المعمارية في غاية الجمال ودقة الإتقان، ورأى بعض المؤرخين إن البنيةَ المعمارية لمسجد تلمسان فيها لمسات أَنْدَلُسية، وفنون معمارية قرطبيّة، بل بعضهم يرى أنّ عرفاء مسجد تلمسان قلَّدوا جامع قرطبة تقليدًا مباشرًا في لوحتي الرخام اللتين تكسوان إزار واجهة المحراب بتلمسان، وكذلك سقف المسجد الخشبي شبيه بسطح مسجد قرطبة، وكذلك البلاط شبيهٌ به أيضًا.
ويظهر أن دولة المرابطين انصهرتْ في بوتقتها حضارة المغاربة والأَنْدَلُسيين والأفارقة، فتجد تلك المعالم الحضارية المختلفة في بقاع دولة المرابطين كافة، ولا ينكر تأثير المعالم الحضارية المعمارية الأَنْدَلُسية في جميع مدن الدولة.
3- الآثارُ الحربية
اهتم المرابطون بالحصون والقلاع؛ ولذلك انتشرت في المدن والثغور. وزاد الاهتمام بالتحصينات العسكرية في زمن على بن يوسف، الذى أكثر من الأسوار والقلاع والحصون للدّفاع عن دولته في المغرب ضد الحركات السياسية والثورات العدائيّة المناهضة لدولة المرابطين، وواصل الأمير على اهتمامه بهذا الأمر كذلك في الأَنْدَلُس.
من أروع آثار المرابطين الحضارية الحربية أسوار مراكش حيث بدأ الأمير على بن يوسف في بناء سور المدينة العام 520هـ وكمَّل بناء السور العام 522هـ([21]). وانتشرت فكرة بناء الأسوار في الأَنْدَلُس، وفرضت الدولة على رعاياها ضريبة تنفق على هذا الهدف الاستراتيجيّ الجهاديّ الدّفاعيّ.
مِن أشهر الأسوار التي بنيت أو أعيد ترميمها في الأَنْدَلُس، أسوار المرية وأسوار قرطبة التي امتازت بأبراجها المستطيلة الضخمة المتقاربة، وأسوار إشبيلية من جهة نهر الوادي الكبير، وبنى المُرَابطون في المناطق الوعرة حصونًا بالحجر، وشحنوها بالجنود والأقوات؛ لكى تصمد للحصار مدة طويلة.
وكان عدد جنود الحصون والقلاع ما يعادل 200 فارس و 500 راكب في كل حصن. ومن أشهر قلاع المرابطين في الأَنْدَلُس قلعة منتقوط التي تقع على بساتين مرسية، ومِن أشهر قلاع المرابطين في المغرب قلعة تاسغيموت التي تقع على بعد ثلاثة كيلو مترات جنوب شرق مراكش، وعلى بعد نحو عشرة كيلو مترات شرق أغمات على سطح هضبة أطرافها ذات أجراف وعرة شديدة الانحراف، يصعب على الغازين ارتقاؤها، وأسوارها تمتد على حافة الهضبة نفسها.
إن قلاع المرابطين وحصونهم تدل على أن فنَّ العمارة في زمانهم تأثر بالغ التأثر بفنِّ العمارة الأَنْدَلُسي([22]).
ثانيًّا: الحياة الأدبيّة والعلميّة في دولة المرابطين
1- الحركة الأدبية
ازدهرت الحركة الأدبيّة في دولة المرابطين في عهد الأمير على بن يوسف الذى اهتم بالشّعر والأدب، وشجَّع الشّعراء والأدباء؛ فتوافدوا إلى بلاطه من أهل الأَنْدَلُس، ومِن الذين مدحوا الأمير على بن يوسف الشاعر الكبير أبو العبَّاس أحمد بن عبد الله القيسي المعروف بالأعمى التّطيليّ حيث قال:
يا على العلاء في كل يوم | وما أنت للملك بالسائس | |
يا ربيع البلاد يا غيمة العالم | من بين مؤتل وموال | |
يا قريع الأيام عن كل مسجد | يا سليل الأذواء والأقيال | |
لك من تاشفين أو من أبي | يعقوب ذكر مكارم وفعال([23]) |
وكان الشعراء يقصدون ولى عهد الدولة في زمن الأمير على بن يوسف لمدح ابنه تاشفين، ومن أشهرهم الشاعر أبو بكر يحيى بن مُحَمَّد بن يوسف، كما حظى الشعراء في عصر على بن يوسف بمكانة عظيمة لدى الأسرة الحاكمة وكبار القادة وعمال الدولة على الأقاليم المختلفة.
لقد ازدهرَ الشعر والأدب في عصر الأمير على بن يوسف ازدهارًا عظيمًا شهدت بذلك قصائد شعراء المرابطين التي سجلت في ذاكرة التاريخ الخالدة. ولا ننسى شيوع فن الموشحات والأزجال في عصر المرابطين، يقول ابن خلدون عن نشأة فنِّ الموشحات: «وأمَّا أهل الأَنْدَلُس، فلما كثُر الشعر في قطرهم، وتهذَّبت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق فيه الغاية، استحدث المتأخرون منهم فنًا يسمونه بالموشح ينظمونه أسماطًا وأغصانًا يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة، ويسمون المتعدد منها بيتًا واحدًا، ويلتزمون عند قوافي تلك الأغصان، وأوزانها متتالية في ما بعد إلى آخر القطعة، وأكثر ما تنتهى عندهم إلى سبعة أبيات، ويشمل كلُّ بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب، وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد، وتجاوزوا في ذلك إلى الغاية واستطرفه النَّاس جملة الخاصة والكافة لسهولة تناوله وقرب طريقه»([24]). ومِن أشهر وشاحي عصر المرابطين الأعمى التطيلي، ومن موشحاته:
دمع مسفوح وضلوع حرار ماء ونار | ما اجتمعا إلا لأمر كبار | |
بئس لعمرى ما أراد العذول | عمر قصير وعناء طويل | |
يا زفرات نطقت عن غليل | ويا دموع قد أعانت مسيل([25]) |
وأمّا نشأة الزجل فقال ابن خلدون عنه: «إنه لما شاع فنُّ التوشيح في أهل الأَنْدَلُس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيها إعرابًا، واستحدثوا فنًا سموه بالزجل، والتزموا النَّظْم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة»([26]). ويعدُّ أبو بكر بن قزمان القرطبي أول من ابتكر الزجل.
2- الحركة العلمية في دولة المرابطين
كانت دولة المرابطين مبنية على أسس شرعية ولذلك اهتمت بالعلماء والفقهاء الذين لا دوام لدولة تريد أن تحكم بشرع الله بدونهم، ولذلك كثر المُحَدِّثون والفقهاء، نذكر منهم: أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الجد (ت 520هـ). الشهيد القاضي الفقيه أبو على الصدفيّ.القاضي الفقيه أبو بكر بن العربيّ.القاضي الفقيه عياض.
3- علوم اللغة في زمن المرابطين
ونبغ في علوم اللغة في عصر على بن يوسف عدد كبير مِن العلماء المبرزين في النحو وعلوم اللغة نذكر منهم: أبا مُحَمَّد، عبد الله بن مُحَمَّد بن السيِّد البطليوسي النحوي ت 521هـ، وكان حجة في علمه عالمًا متبحرًا في النحو وعلوم اللغة، وكان النَّاس يجتمعون إليه ويقرأون عليه، ومن تواليفه كتاب «الاقتضاب في شرح أدب الكتاب»، وكتاب «التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة»، وكتاب آخر في شرح الموطَّأ، بالإضافة إلى ذلك كان شاعرًا مطبوعًا فمن نظمه قوله:
أخو العلم حي خالد بعد موته | وأوصاله تحت التراب رميم | |
وذو جهل ميت وهو ماشٍ على الثرى | يظن مِن الأحياء وهو عديم |
ومن أئمة اللغويين وأعلامهم في عصر على بن يوسف، أبو الحسن على بن أحمد بن خلف الأنصاري النّحويّ، وقد كان من أهل المعرفة بالآداب واللغة، متقدمًا في علم القراءات، وأبو مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الله النحوي المعروف بابن اللجاش، وكان عالمًا متبحرًا في النحو، وأبو العبَّاس أحمد بن عبد الجليل ابن عبد الله المعروف بالتدميري ت 555هـ، ومن تواليفه «نظم القرطين وضم أشعار السقطين» وجمع فيه أشعار «الكامل» للمبرد و «النوادر» لأبي على البغدادي، كما له كتاب «التوطئة في العربية» وله شرح على كتاب الفصيح لثعلب، وله في شرح أبيات جمل الزجاجي كتاب سماه «شفاء الصدور»، وكتاب «الفوائد والفرائد»، ومنهم أبو العبَّاس أحمد بن عبد العزيز بن هشام بن غزوان الفري، وكان من أهل المعرفة بالنحو واللغة والعروض، وله أرجوزة مزدوجة في قراءة نافع وثانية في قراءة ابن كثير، ومن تواليفه كتاب «فوائد الإفصاح عن شواهد الإيضاح»([27])
4- علوم التاريخ والجغرافيا في عصر المرابطين
ظهر في عصر المرابطين عدد كبير من أعلام الرواية والكتابة التاريخيّة نذكر في مقدمتهم: أبو زكريا بن يحيى بن يوسف الأنصاري الغرناطي المعروف بابن الصيرفي، كان من أعلام عصر على بن يوسف في البلاغة والأدب والتاريخ، كتب بغرناطة عن الأمير تاشفين بن على بن يوسف أيام أن كان واليًا على الأَنْدَلُس، وألَّف في تاريخ الأَنْدَلُس في العصر المرابطي كتابًا سماه «الأنوار الجلية في تاريخ الدولة المرابطية»، وكتابًا آخر سماه «قصص الأنباء وسياسة الرؤساء»، وهما مؤلفان لم يصلا إلينا مع الأسف، ولم يصل إلينا من مؤلفاته الأولى سوى شذور نقلها المتأخرون مثل ابن الخطيب خاصة روايته عن غزوة ألفونسو المحارب للأَنْدَلُس سنة 519هـ / 1125م، وقد توفى ابن الصيرفي بغرناطة في سنة 570هـ، وهناك أيضًا أبو الحسن على بن بسام الشنترينى (ت542هـ) صاحب كتاب «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة»، وهذا الكتاب موسوعة أدبية تاريخية يتضمن تراث القرن الخامس الهجري- الحادي عشر الميلادي، وأبو عبد الله مُحَمَّد بن خلف بن الحسن بن إسماعيل الصدفي، ويعرف بابن علقمة، وهو من أهل مدينة بلنسية وله كتاب سمَّاه «البيان الواضح في الملم الفادح» وتوفى ابن علقمة العام 509هـ-1114م، وأبو طالب عبد الجبار عبد الله ابن أحمد بن أصبغ، وله كتاب يسمى «عيون الإمامة ونواظر السياسة»، وأبو عامر مُحَمَّد بن أحمد بن عامر البلوى المعروف بالسالمي، وقد ألَّف كتابًا في التاريخ سماه «درر القلائد وغرر الفوائد»، وأبو نصر الفتح بن مُحَمَّد القيسي الإشبيلي، والمعروف بالفتح بن خاقان، ومن تواليفه كتاب «قلائد العقيان في محاسن الأعيان»، وكتاب «مطمع الأنفس ومسرح التأنس»، وكتاب «رواية المحاسن وغاية المحاسن»، وأبو القاسم خلف بن عبد الملك ويعرف بابن بشكوال، وكان من أعلام المؤرخين في عصر المرابطين، وأشهر تواليفه كتابه المعروف «بالصلة»، الذى جعله تتمة لكتاب ابن الفرضي في تاريخ علماء الأَنْدَلُس، ومن تواليفه أيضًا كتاب «الغوامض والمبهمات» في اثني عشر جزءًا، وكتاب «المحاسن والفضائل في معرفة العلماء الأفاضل» في واحد وعشرين جزءًا وقد توفى ابن بشكوال في رمضان 578هـ.
وفى مجال الجغرافية نبغ عدد من كبار جغرافي الأَنْدَلُس والمغرب في عصر المرابطين نذكر منهم: الشريف أبو عبد الله مُحَمَّد الإدريسي، صاحب كتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، وقد ألَّف الإدريسي لرجار الثاني صاحب صقلية، ولذا يُعرف هذا الكتاب في كتب الجغرافية العربية باسم الرجاري. ومن جغرافيي عصر المرابطين عبد الله بن إبراهيم بن وزمر الحجاري صاحب كتاب «المسهب في غرائب المغرب»، وقد اتخذ بنو سعيد كتابه أساسًا لكتابهم المعروف باسم «المغرب في حلى المغرب»([28]).
تقدمت العلوم الطبيّة والصيدلانيّة في عصر المرابطين تقدمًا يشهد له الأسماء والأعلام التي تألقت في حضارة الأَنْدَلُس والمغرب، وأشهرها ابن زهر وهو اسم طبيب أندلسي من أعظم أطباء الإسلام، مِمَّن تركوا بصماتهم واضحة في تاريخ الحضارة الإنسانية جمعاء، وينتسب أبو مروان عبد الملك بن زهر إلى أسرة أَنْدَلُسية لمعت في ميدان الطب والعلوم الطبيعيّة والكيميائيّة، عميدها الأكبر هو أبو مروان عبد الملك ابن الفقيه مُحَمَّد بن مروان بن الأزهر الأيادي الإشبيليّ، وكان والده الفقيه محمد بن مروان من جلة الفقهاء المتميزين في علم الحديث في إشبيليّة، وقد رحل أبو مروان في شبابه إلى المشرق وسمع في القيروان ومصر، وتتلمذ على أيدي علماء المشرق في الطب، ورجع إلى الأَنْدَلُس، وأصبح من أشهر علماء الطب فيها، وتوفى في إشبيلية، وورثه في علم الطب ابنه أبو العلاء الذى تبوأ مكانة عظيمة في دولة المرابطين، ومن تواليفه «الخواص» وكتابه «الأدوية المفردة» وكتاب «الإيضاح بشواهد الافتضاح» في الرد على ابن رضوان فيما رده على حنين بن إسحاق في كتاب المدخل إلى «الطب»، وكتاب «النكت الطبية»، وكتاب «الطرر» ومقالة في تركيب الأدوية، وتوفى أبو العلاء في قرطبة 525هـ، وحُمل إلى إشبيلية ودفن بها، وأمر الأمير على بن يوسف بجمع كتبه ونسخها، وذلك في العام 526هـ، وورث ابنه أبو مروان من والده صناعة علوم الطب، ونبغ في هذا المجال، ولم يكن في زمانه مَن يماثله أو ينافسه، وكان له حظوة لدى الأمراء المرابطين، فقد صنف للأمير أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين كتابًا سماه «الاقتصاد في صلاح الأجساد»، ومن تواليفه أيضًا كتاب «التيسير في المداواة والتدبير» وقد ألفه القاضي أبو الوليد بن رشد وهذا الكتاب يُعد من أعظم مراجع الطب في العصور الوسطى، وله أيضًا كتاب «الأغذية»، ومقالة في علل الكلى، ورسالة في علتى البرص والبهق، وتوفى هذا العالم في عام 557هـ في إشبيلية.
ومن الأطباء الذين برعوا في عصر على بن يوسف: أبو عامر مُحَمَّد بن أحمد بن عامر البلوي، وله في الطب كتاب سماه «الشفا»، وأبو الحسن على بن عبد الرحمن بن سعيد السعدى وغيرهم.
ما يؤكد اهتمام دولة المرابطين بالطب وجود منصب يعرف برئيس الصناعة الطبيّة، وهو منصب مهم يقابل ما نطلق عليه اليوم اسم وزير الصّحة، إذ كان فيما يبدو المسؤول الأول أمام الأمير في صناعة الطب، وما يتعلق بها مِن الأدَويَة والعقاقير([29]).
أسباب سقوط دولة المرابطين
1- ظهور روح الدعة والانغماس في الملذَّات والشهوات عند حُكَّام المرابطين وأمرائهم في أواخر عصر على بن يوسف، وكان للمجتمع الأندلسي تأثير لا ينكر في قادة وأمراء وحكام دولة المرابطين الذين استجابوا لنزوات شهواتهم وانغمسوا في الحياة الدنيا، فتحقَّق قول الله تعالى:﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء: 16] ([30]).
2- ظهور السّفور والاختلاط بين النساء والرجال، وبدأت دولة المرابطين في آخر عهد الأمير على بن يوسف تفقد طُهرَها وصفاءَها الذى اتصف به جيلهم الأول، ما جعل الرعية المسلمة تتذمر من هذا الانحراف والفساد، وتستجيب لدعوة مُحَمَّد بن تومرت الذى أظهر نفسه للناس بالزاهد والنَّاسك والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
3- انحراف نظام الحكم عن نظام الشّورى إلى الوراثيّ الذى سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد بين أولاد على بن يوسف، كما تطلع مجموعة مِن الأمراء إلى منصب الأمير علي ونازعوه في سلطانه ما سبب تمزقًا داخليًا، ففقدت الدولة المرابطيّة وحدتها الأولى، وكثرت الجيوب الدّاخليّة في كيان الدولة، وتفجرت ثورات عنيفة في قرطبة، وفي فاس وغيرهما ساهمت في إضعاف الوحدة السياسية وإسقاط هيبة الدولة المرابطيّة.
4- الضّيق الفكريّ الذي أصاب فقهاء المرابطين وحجرهم على أفكار النَّاس، ومحاولة إلزامهم بفروع مذهب الإمام مالك وحده، وعملوا على منع بقية المذاهب السّنية تعصبًا لمذهبهم، وكان لفقهاء المالكية نفوذ كبير مما جعلهم يوسعون تعصبهم وتحجرهم الفكريّ.
ويرى بعض المؤرخين أن التّعصب الأعمى عند فقهاء المرابطين في زمن الأمير علي بن يوسف كان السّبب الأول في سقوط دولة المرابطين([31])، لقد أسهم فقهاء المالكية في دولة المرابطين بقسط وافر في تذمر الرّعايا، وإضعاف شأن الإمارة، لقد استغل بعض الفقهاء نفوذهم من أجل جمع المال وبناء الدور، وامتلاك الأرض، وعاشوا حياة البذخ والرّفاهيّة المفرطة، وكان ذلك سببًا في إيجاد ردة فعل عنيفة عند أفراد المجتمع المرابطي، وانبرى الشعراء في تصوير حال الفقهاء في تلك الحقبة، فقال أبو جعفر أحمد بن مُحَمَّد المعروف بابن البني:
أهل الرياء لبستم ناموسكم | كالذئب أدلج في الظلام العاتم | |
فملكتم الدنيا بمذهب مالك | وقسمتم الأموال بابن القاسم | |
وركبتم شهب الدواب بأشهب | وبأصبغ صبغت لكم في العالم([32]) |
5- ومن العوامل المهمّة التي أسقطت دولة المرابطين: فقدها لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبي بكر، ومُحَمَّد بن مزدلي، ومُحَمَّد ابن فاطمة، ومُحَمَّد بن الحاج، وأبى إسحاق بن دانية، وأبى بكر بن واسينو.. فمن لم يستشهد من كبار رجال الدولة أدركه الموت الطبيعي، ولم يستطع ذلك الجيل أن يغرس المبادئ والقيم التي حملها في الجيل الذى بعده، فاختلفت قدرات الجيل الذى بعدهم واستعداداتهم، وهذا درس مهم لأبناء الحركات الإسلاميّة في أهمّيّة توريث التّجارب والخبرات المتنوعة والمتعددة للأجيال المتلاحقة([33]).
6- ومن العوامل المهمّة التي أنهكت دولة المرابطين، أنّها مرَّت بأزمة اقتصاديّة حادة، نتيجة لانحباس المطر عدة سنوات، وحلول الجفاف والقحط بالأَنْدَلُس والمغرب، وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية أن أسراب الجراد هاجمت ما بقى مِن الأخضر على وجه البلاد مما هيأ الظروف لانتشار مختلف الأوبئة بين كثير مِن السكان، ووقعت هذه الأزمة في الفترة الواقعة ما بين أعوام 524هـ-530م([34]).
7- ومن أهم الأسباب الرئيسة في زوال دولة المرابطين صدامها المسلح مع جيوش المُوَحِّدِين.
الخاتمة
في ختام البحث المعنون «تاريخ دولة المرابطين وحضارتها»، حاولنا أن نلقي الضوء على هذه الدولة منذ نشأتها وحتى سقوطها، قدمنا في النبذة تاريخيّة عن دولة المرابطين في نظم الحكم والإدارة ووجدناها تقسم إلى نظم ثلاثة: النّظام الإداريّ الذي يتمثل في نظام إمارة المسلمين ولقب أمير المسلمين ونظام الوزارة وديوان الرسائل والمكاتبات، ثم النّظام القضائيّ من منصب قاضي الجماعة وقضاء الذميين، ثم ثالثًا النّظام العسكري عرضنا فيه صفات المجاهدين في سبيل الله والمراحل العسكرية التي مر بها يوسف بن تاشفين في جيش المرابطين. ثم انتقلنا إلى المآثر الحضارية في دولة المرابطين وتحدثنا فيها عن الآثار المعمارية في المغرب والأندلس من جامع القرويين إلى المسجد الجامع بتلمسان إلى الآثار الحربية حيث اهتم المرابطون بالحصون والقلاع؛ ولذلك انتشرت في المدن والثغور.
وفي القسم الثاني تحدثنا عن الحياة الأدبيّة والعلميّة في دولة المرابطين من الحركة الأدبّية والعلمية وعلوم اللغة وعلوم التاريخ والجغرافيا وعلوم الطب في عصر المرابطين. ثم تحدثنا عن أسباب سقوط دولة المرابطين من ظهور روح الدعة والانغماس في الملذَّات والشهوات و ظهور السفور والاختلاط بين النساء والرجال انحراف نظام الحكم عن نظام الشّورى إلى الوراثي والضيق الفكري، إلى أسباب عدة فصلناها في القسم الخاص بأسباب سقوط دولة المرابطين.
المصادر والمراجع
- إبراهيم حركات: النّظام السياسي والحربي عند المرابطين، منشورات مكتبة الوحدة العربية، الدار البيضاء.
- ابن أبي زرع (الفاسي): الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، مكتبة طريق العلم.
- ابن الخطيب المراكشي: الحلل الموشية، جامعة دمشق، المكتبة الإلكترونية، كلية الحقوق.
- ابن بسّام الشنتريني: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، القاهرة، مطبعة جنة التأليف والنشر، تحقيق: إحسان عباس، ج2.
- ابن خاقان (الفتح): قلائد العقيان ومحاسن الأعيان، مكتبة المنار، الطبعة الأولى، 1989م.
- ابن خلدون، المقدمة.
- أحمد بن خالد سلاوي، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الدار البيضاء، دار الكتب، 1895، ج1.
- أحمد مختار العبادي، تاريخ المغرب والأندلس، المكتبة العربية للكتاب، طليطلة.
- سعدون عباس: دولة المرابطين في المغرب والأندلس، مكتبة الكتب.
- شمس الدين الذهبي: العبر في خبر من غبر، ج6.
- شوقي أبو خليل: معركة الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، دار الفكر، لبنان، 1983.
- عبد العزيز الأهواني: الزجل في الأندلس.
- الغاي، مراجع عقيلة: سقوط دولة الموحدين، منشورات جامعة قاريونس.
- محمد ضيف الله: تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، مكتبة طليطلة، المغرب، ج1.
- محمد علي الصلابي، تاريخ دولتي المرابطين والموحدين في الشمال الإفريقي، المكتبة العربية الكبرى.
- محيي الدين ديب: ديوان الأعمى التطيلي، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، ط 1، 2014.
- يوسف أشباخ: بالألمانية Joseph Aschbach: تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، 1958، ج1.
[1]– أستاذ مساعد في الجامعة اللّبنانيّة، كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، قسم التّاريخ الفرع الخامس.
[2]– عباس، سعدون: دولة المرابطين في المغرب والأندلس، مكتبة الكتب، 12-13.
[3]– المراكشي، ابن الخطيب: الحلل الموشية، جامعة دمشق، المكتبة الإلكترونية، كلية الحقوق، 56 -57.
[4]– المراكشي، ابن الخطيب: الحلل الموشية، المصدر السابق نفسه.
[5]– عباس، سعدون: دولة المرابطين، مرجع سابق، ص 162.
[6]– عباس، سعدون: دولة المرابطين، مرجع سابق، 162-163.
[7]– حركات، إبراهيم: النّظام السياسي والحربي عند المرابطين، منشورات مكتبة الوحدة العربية، الدار البيضاء، ص65.
[8]– عباس، سعدون: تاريخ دولة المرابطين، مرجع سابق، ص 165.
[9]– ابن خاقان، الفتح: قلائد العقيان ومحاسن الأعيان، مكتبة المنار، الطبعة الأولى، 1989م، ص 104.
[10]– ضيف الله، محمد: في تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، مكتبة طليطلة، المغرب، ج1، ص 79.
[11]– الصلابي، محمد علي: تاريخ دولتي المرابطين والموحدين في الشمال الإفريقي، المكتبة العربية الكبرى، ص 287.
[12]– الشنتريني، ابن بسّام: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، القاهرة، مطبعة جنة التأليف والنشر، تحقيق: إحسان عباس، ج2، ص 106.
[13]– عباس، سعدون: تاريخ دولة المرابطين، مرجع سابق، ص 287.
[14]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المكتبة العربية للكتاب، طليطلة، 288.
[15]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، مرجع سابق، ص 289.
[16]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، مرجع سابق، ص 291.
[17]– أشباخ، يوسف: بالألمانية Joseph Aschbach: تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، 1958، ج1، ص 82.
[18]– الفاسي، ابن أبي زرع: الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، مكتبة طريق العلم، ص 91؛ الذهبي، شمس الدين: العبر في خبر من غبر، ج6، ص 185.
[19]– سلاوي، أحمد بن خالد: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الدار البيضاء، دار الكتب، 1895، ج1، ص111؛ ودولة المرابطين، مصدر سابق، ص 53.
[20]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 366.
[21]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 372.
[22]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 377.
[23]– ديب، محيي الدين: ديوان الأعمى التطيلي، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، ط 1، 2014 م، ص 104.
[24]– ابن خلدون، المقدمة، مرجع سابق، ص 436.
[25]– ابن خلدون، المقدمة، ص 441.
[26]– الأهواني، عبد العزيز: الزجل في الأندلس، ص 201.
[27]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 398 -400.
[28]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 401-403.
[29]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 407-409.
[30]– العبادي، أحمد مختار: تاريخ المغرب والأندلس، المصدر السابق، ص 407-409.
[31]– أبو خليل، شوقي: معركة الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، دار الفكر، لبنان، 1983، ص 98.
[32]– الغاي، مراجع عقيلة: سقوط دولة الموحدين، منشورات جامعة قاريونس، ص 31.
[33]– الغاي، مراجع عقيلة: سقوط دولة الموحدين، مرجع سابق، ص 31.
[34]– الغاي، مراجع عقيلة: قوط دولة الموحدين، مراجع سابق، الصفحة نفسها.