مقومات التّحرر في التّعليم في المدارس الدّينيّة من وجهة نظر الملا صدرا الفلسفيّة
د. مهدي أمامي جمعة([1])
د. سيدمهران طباطبائي([2])
الملخص
يعدُّ محمد بن إبراهيم القوامي الشّيرازي المعروف بـ “صدر المتألهين والملا صدرا” من أبرز العلماء الإيرانيين في الفلسفة الإسلاميّة في القرن الـ17 الميلادي؛ الذي يؤمن بضرورة التّحرر في التّعليم ويرفض المنهج التّعليميّ المتمرکز حول المعلم، ويعارض المحاکاة، والتّلقي السّلبيّ، والمحتوى التّعليميّ الجامد، والمانع للإبداع. وإنّ تعريفه الفريد وغرضه من الحرّيّة في التّعليم يميزان وجهة نظره عن أمثال “باولو فريري” ونظائره الذين قاموا في ما بعد بتبيين مفهوم الحرّيّة في مكونات تحقّيق التّعليم التحرري.
وبما أنّ المدارس الدّينيّة تقدّم غالبًا محتوى تعليميًا ثابتًا، قد يعرض المتعلمين للاضطهاد التّعليميّ، تتناول هذه المقالة وجهة نظر الملا صدرا الفلسفيّة حول مكونات التّعليم المتحرّر وتسلط الضوء عليها لعلها تؤدي إلی إعادة النّظر في السّياسات التّعليميّة في تلك المدارس الدّينيّة.
في هذا المقال، وباستخدام المنهج التّحليليّ الاستنتاجيّ، تُستنبَط مقومات الحرّيّة في التّعليم أولاً من منظور الملا صدرا الفلسفيّ، وفي الجزء الثّاني سأحلّل مكونات الحرّيّة في تعليم المدارس الدّينيّة. وحسب نتائج هذه الدّراسة، فإنّ استخدام استراتيجيات مثل أسلوب التّشجيع، والعقاب المتعالي والتّفاعل البناء والنّهج الاستكشافيّ في تدريس النّصوص الدّينيّة قد يكون فعالاً في تحرر التّعليم في مثل هذه المدارس.
الكلمات المفتاحيّة: التّعليم، الحرّيّة، المدارس الدّينيّة، الحكمة المتعاليّة
المقدمة.
محمد بن إبراهيم القوامي الشّيرازي المعروف بـ “صدر المتألهين والملا صدرا” هو من أبرز الفلاسفة الإيرانيين في القرن السّابع عشر الميلادي (متوفى 1640م). على الرّغم من أنّه لم يتطرق إلى قضية حرية التّعليم([1]) بشكل منفصل لكن وجهات نظره حول أصول التّدريس، ومبادئه الفلسفيّة في مؤلفاته تعبر جيدًا عن آرائه حول هذا الموضوع. في بداية المطاف في هذا المقال سأقوم بشرح عناصر التّحرر في التّعليم من وجهة نظر الملا صدرا الفلسفيّة، ثم ندرس كيفيّة تطبيقها في التّعليم في المدارس الدّينيّة. هذا وعلى الرّغم من أنّه في بداية الأمر يظهر لنا أن المدارس الدّينيّة باعتمادها على طريقة التّعليم المباشر للمحتوى الدّينيّ للأطفال، تعارض الحرّيّة المنشودة التي يبحث عنها فلاسفة أمثال الملا صدرا وباولو فريري، ولكن بمساعدة فلسفة الملا صدرا ووفقًا للنّهج التّحرري في تعليمها، يمكن اقتراح إصلاحات في طريقة تدريس هذه المدارس.
عناصر الحرّيّة في التّعليم من وجهة نظر الملا صدرا
يعتقد الملا صدرا بأن الحرّيّة تنقسم إلى قسمين: الحرّيّة الباطنيّة والحرّيّة الخارجيّة. ويعني بالحرّيّة الباطنيّة تحرير النّفس البشريّة من قيود الشهوات والتّعلق الماديّ في عبودية الله. يتمتع كل إنسان غريزيًا بحرية باطنيّة، ولهذه الحرّيّة علاقة طردية بحسب ضعف العلاقة الجسميّة وقوة العلاقة العقليّة([2]). ويعني بالحرّيّة الخارجيّة عدم وجود عائق يمكن التّحكم فيه من عوامل أخرى سوی الإنسان نفسه من أجل تحقّيق حقّ الاختيار والحرّيّة. على هذا الأساس كلما اختير بصورة واعية للإنسان بواسطة الحريات الفرديّة، والاجتماعيّة متحررًا من عبودية الرّغبات والميول الجسديّة كانت مطلوبة ومستحسنة. الحرّيّة السياسيّة أو الحرّيّة في التّعليم مرغوبة فقط إذا كانت تتماشى مع الاختيار الواعي للحرّيّة الباطنيّة للإنسان. ويقول الملا صدرا بأنّ الحرّيّة الحقّيقيّة هي ما هو غريزي وفطريّ للنّفس، وليس ما يکتسب من خلال العادة والتّعلم. فإذا لم يسع الإنسان لطلب الحرّيّة الباطنيّة، شاء أم أبى سيتأثر غير واعٍ بالعوامل الخارجيّة والبيئيّة، وسيُجر لها وسيُحرم من الحرّيّة الحقّيقية حتى لو كان بالظاهر يتمتع بالحرّيّة الخارجيّة. إنّ الإنسان الذي يفكر ويسير في عالم الحواس سيبتلى حتمًا بالعوامل البيئيّة التي تحدد اختياره؛ لكن الإنسان الذي تتجاوز دائرة تأملاته ورغباته عن مستوى الاحتياجات الحيوانيّة، وترتقي إلى مستوى الحاجات الإلهيّة والعقلانيّة سيكون أقل تأثرًا بالعوامل البيئيّة بما يلائم حريته المكتسبة وسيتجاوز عن وجوده الماديّ.
فهو لا يری الإنسان مختارًا في اختياره، فلا القصد والإرادة من الأفعال الاختياريّة بل يذهب إلی أن مبادي الأفعال الاختياريّة ينتهى إلى الأمور الاضطراريّة([3]). وبسبب هذا الاختيار والحرّيّة، يمكن للإنسان أن يرتقي إلى أعلی عليين أو يسقط إلى أسفل السّافلين([4]). هذا وفي المنهج التّربويّ المتعالي، يُعدُّ إعطاء قوة الحرّيّة في اختيار طريق الكمال أو الشّرّ عنصرًا أساسيًا. «ما كان موجودًا على نحو وجود الأمور الطبيعيّة في نفوس أكثر الأمم من غير تكلّف، وتصنّع فهو لا محالة من جملة الأوضاع الإلهيّة التي يترتب عليها المصالح والحكم»([5]). وعلی هذا، فإنّ حبّ البشر للحرية والاختيار کالعنصر الأكثر أهمّيةً في كسب المراتب الإنسانيّة العليا هو أمر له منشأ سماويّ ومقدس. ومفهوم الحرّيّة في التّعليم ليس منفصلاً عن مفهومها الأساسيّ. والغاية من نظام التّعليم من منظوره هي تثقيف البشر في صراط العبوديّة، واتباع الدّين السّماوي بشرط ألا يكون مبنيًّا على فرض العقيدة أو التّقليد أو استخدام أساليب قسرية في التّشجيع والعقاب. وأولئك الذين يعتقدون أنّ أيّ توجيه دينيّ للطفل يعارض حريته ويرون أنّ الطّفل وحده يجب أن يتّبع رغباته الشّخصيّة هم المخطئون؛ إذ إنّ الإنسان طالما لم يجد بصيرة تتجاوز العالم الماديّ، فإنّه شاء أم أبى سيكون أسيرًا ومحصورًا داخل الظروف والعوامل البيئيّة حتى لو بدا حرًّا ظاهريًّا. يمكن تسمية العوامل الستة الآتية كمكونات للتحرير في التّعليم وفقًا لمبادئ فلسفة الملا صدرا:
1- الحرّيّة الموجهة وحقّ الاختيار:
يرى الملا صدرا أن الهدف الأساسيّ للحرية الخارجيّة هو تحقّيق الحرّيّة الباطنيّة. ونتيجة لذلك، فإنّ الحرّيّة الخارجيّة تعدُّ أمرًا مقدسًا؛ لأنّه يمهد الأرضيّة اللازمة للحصول علی الحرّيّة الباطنيّة حتى لو استخدم الإنسان هذه القدرة للأسر الدّاخليّ واتباع شهواته. إنّ الحرّيّة الباطنيّة حسنة مطلقًا ولها قيمة وجوديّة، أما الحرّيّة الخارجيّة فتکون طريقًا ذا اتجاهين، يمكن أنّ يقود الإنسان إلى الكمال المطلق ويمكن أن يتسبب في هبوط الإنسان إلى ما دون درجات الحيوان؛ ولكن على أيّ حال، فإنّ الحرّيّة الخارجيّة ضمن نطاق معين أمر ضروريّ ومطلوب. والتّحرر من الشّهوات والسّير نحو التّعالي، هو السّبيل الوحيد لتفعيل قدرة الاختيار عند الإنسان.
إذا لم يکن الإنسان مختارًا بين الخير والشّر بل مضطرًا علی اختيار أحدهما فلن تتوفر الأرضيّة اللازمة لتعاليه ورقيّه نحو الکمال. فلاختيار الخير على الشّر قيمة ذاتيّة ومتعاليّة إذا كان كلا الخيارين متاحين.
في مجال التّربيّة الفرديّة، يبدو أن حدود إعطاء حقّ الحرّيّة الخارجيّة هو أن يکون للمتعلم إمكانيّة وأرضيّة “الاختيار الأحسن” حسب قوة إدراکه ومراحل نموّه؛ فعلى سبيل المثال: إنّ الطفل البالغ من العمر عامين، والذي لم يبلغ بعد من حيث التّطور الفكريّ إلی مرحلة يعرف فيها كيفيّة الاستخدام الصّحيح للسكين ويحتمل أن يؤذي، ويجرح نفسه إذا يمسکه أو يلعب به يقال هنا إنّ هذا الطفل لم يصل بعد إلى مرحلة “حسن الاختيار” لاستخدام هذه الأداة. فمنح الحرّيّة لا يعني ضرورة إطلاق الحرّيّة المفاجئة والمطلقة للأفراد؛ بل إعطاءها تدريجيًّا وعلى أساس الاختلافات الوجوديّة وتهيئة الأرضيّة اللازمة لها. فالمتعلّم الذي يعيش في أسرة ملتزمة أو يحضر مدرسة دينيّة أو بيئة معزولة دينيًّا تمامًا، فيقتصر وصوله إلى المعلومات على بيانات محددة؛ لقد حُرم من حقّه المتعالي في الحرّيّة الخارجيّة؛ شريطة أن يكون قادرًا على “الاختيار الأحسن” إذا سنحت له الحرّيّة الخارجيّة. هذا وفي ما يتعلق بالحرّيّة الخارجيّة الاجتماعيّة، يختلف الوضع إلى حدّ ما. فحسب قول أحد المعلقين على الحكمة المتعاليّة، تمثل الحرّيّة والمساواة في البيئة الاجتماعيّة، قيمتين إنسانيتين تتعارض كل منهما مع الأخرى؛ أيّ أنّه إذا كان الأفراد أحرارًا، فستلغى المساواة، وإذا أرادوا تحقّيق المساواة الكاملة، فلابدّ من تقييد الحريات. إن الحرّيّة شئنا أم أبينا تسبب عدم المساواة ولكن إذا أردنا تحقّيق المساواة، فعلينا أن نقف أمام الحرّيّة، وحتی الحقّوق الفردية أحيانًا([6]). فبناء علی هذا، إن أراد المجتمع التّربويّ أن يسنّ قوانين لتطبيق الحرّيّة الباطنيّة والتّخلص من قيود الشّهوات ومتابعة قوانين الشّريعة، فإن الحرّيّة الفرديّة في القضايا الاجتماعيّة ستكون محدودة بالإرادة الجماعيّة.
2- محوريّة الحبّ
من وجهة نظر الحكمة المتعاليّة، لا يُؤكّد على إقامة علاقة متمحورة حول الحبّ بين أعضاء المجتمع التّعليميّ كمجرد ضرورة للتّعليم المثاليّ؛ بل تری لمحوريّة الحبّ مبادئ وجوديّة في نظام الکون. فالله تبارك وتعالى وجود كامل وخالٍ من أيِّ عيبٍ أو نقص، وأنَّ العشق والحبّ للوجود الكامل من مميزاته. وبما أنه عزّ وجلّ کامل وخالٍ من العيوب، فهو يحبّ نفسه وجميع مخلوقاته وأفعاله([7]). إن هذا العشق والحبّ الإلهي أمر وجوديّ يسري في العالم كله ويشمل جميع الموجودات([8]). إنّ هذا الحبّ أيِّ حبّ الخالق لمخلوقه هو مبدأ الخلق وأساس نظام الکون، وإن سار كل مخلوق علی مدار هذا الحبّ ونظم به تفاعلاته الفرديّة والاجتماعيّة، فإنّه يقترب من غاية خلقه وحريته الباطنيّة. ونتيجة لذلك، فإنّ الحبّ المودع في طبيعة المخلوقات جميعها والإنسان خاصة إذا کان على طريق التّحرر والتّطور، سيشكل المعنى الحقّيقي للحبّ([9]).
واعلم أنّ العشق الإنسانيّ على ثلاثة أقسام: الأكبر والأوسط والأصغر، وإنّ الأكبر هو المحبّة الإلهيّة المختصة بالعرفاء الكاملين والأولياء الواصلين إلی مقام الفناء([10]). وبما أنَّ غاية الوجود لا تتحقّق إلا بوساطة هذا الحبّ، فقد وُضع للأوسط والأصغر جسرًا ومعبرًا. فالمجاز قنطرة الحقّيقة([11]). والأوسط عشق العلماء النّاظرين في حقّائق الموجودات المتفكرين دائما في خلق السماوات والأرضين. فإن الولع في كشف حقّائق الکون وأسرار الوجود علامة من علامات هذه المرتبة. وفي الحقّيقة فإنّ العشق والمحبّة للمخلوقات کتجليّات للجمال الإلهي يعني حبّ الجمال الإلهي وأداة للتّقرب منه([12]). والأصغر عشق الإنسان الصّغير([13]). والمقصود منه الالتذاذ الشّديد بحسن الصّورة الجميلة والمحبّة المفرطة لمن وجد فيه الشّمائل اللطيفة وتناسب الأعضاء وجودة التّركيب. بما أنّ الجمال الإنسانيّ للصبيان وحسان الوجوه من آثار جمال الله وجلاله فإنّه أداة مناسبة للتقّرب من الله، واستكمال وجود الإنسان وتلطيف النّفس وتنوير القلب. ولکن الذي يجب التّنبيه إليه هو التّمييز بين العشق النّفسانيّ التي تقرب الإنسان من الله، والعشق الحيوانيّ الذي يبعده منه ويتسبب في سقوطه. والمقصود بالعشق الحيوانيّ هو الذي يكون مبدؤه شهوة بدنيّة، وطلب لذة بهيميّة ويكون أكثر إعجاب العاشق بظاهر المعشوق ولونه وأشكال أعضائه([14]).
إنّ الدلائل التّربويّة من منظور “الحكمة المتعاليّة”، قابلة للتّطبيق في العلاقات بين المنظمات، في نظام التّعليم والتّربيّة. فإنّ الله سبحانه وتعالى، بوصفه أعظم معلم للكون، يحبّ مخلوقاته. كما أنّ المعلم في نظام التّربيّة والتّعليم المتعاليّة يرى أيضًا محوريّة الحبّ تجاه المتعلمين كمبدأ أساسيّ في سلوكه، وأدائه إذ يجعل نموه الوجودي وتميزه يعتمدان أيضًا على تنمية مثل هذا الحبّ والعاطفة. الحبّ الذي على عكس الحبّ الحيوانيّ، لا يری عناصر الجمال الظاهريّة فقط بل يهتم بالمحاسن الأخلاقيّة ولطافة الطبع. إن ّتنمية علاقة متمحورة حول الحبّ بين المتعلمين أنفسهم وکذلك بين المعلم والمتعلّم والاهتمام بها يرقق قلوبهم، ويذكّي أذهانهم وينبه نفوسهم على إدراك الأمور الشّريفة، ويؤدي إلی الاختيار الأحسن في الحرّيّة الخارجيّة وفي النهاية يؤدي إلی اکتساب الحرّيّة الباطنيّة. وعليه، فإنّ اختيار المعلم للمتعلم أو العكس هو أحد السّياقات الفعالة في تكوين مثل هذا الحبّ الذي يتطلب الاهتمام وتمهيد الأرضيّة اللازمة. فيؤکد ضرورة اهتمام أعضاء المجتمع التّعليميّ جميعهم بالأخلاق، والفنّ، والعلوم التّجريبيّة، والرياضيات، والهندسة، والموسيقى وغيرها من العلوم التي تسبب دقّة نظر المعلم والمتعلم في معرفة حس الجمال وتنميته.
3- تربية الفكر:
يقول الملا صدرا أنّ الاهتمام بتربية الفكر، والتّفكير الإبداعيّ والتّفكير النّقديّ يمكن أن يقود الإنسان إلى مرحلة مشاهدة آيات الملك، والملكوت وأسرار قدرة الله والجبروت والحرّيّة من القيود الباطنيّة. فكل ما كانت علاقته البدنيّة أضعف وعلاقته العقليّة أقوى كان أكثر حرية ومن كان بالعكس كان أكثر عبوديّة للشّهوات([15]). لا يمكن تحقّيق الحرّيّة الحقّيقية واللقاء بالله إلا برحلة علميّة متسارعة وبخطوات الفكر والرأي([16]).
في المقابل فإن التّبعيّة والتّقليد الأعمى، والخالي من التّعقل والتّفكر والتي هي إحدى ثمرات الاستبداد، تُعدُّ من سمات الأراذل. يجب أن يُربّى المتعلم بحيث إذا لم يسمع كلمة من معلمه أو والديه، فإنّه لم يضعها جانبًا ويهرب منها. فإنّ التّقليد من دون البراهين العقليّة يكون حجابا للحقّيقة([17]). إنّ التّقليد أو الاكتفاء بالمجادلة والمباحثة العلميّة ليست طريقة مناسبة لاكتشاف الحقّيقة والمعرفة الإلهيّة؛ لأنّ هذه كلها لا تزيد إلا ظلمة فوق الظلمات. إنّ اكتشاف الحقّيقة لا يتحقّق إلا في ضوء اتصال الإنسان بعالم القدس، وخلوصه عن الجهل والأخلاق الذّميمة وحبّ الرئاسة بالمجاهدة([18]). فاستكمال النّفس الإنسانيّة بمعرفة حقّائق الموجودات على ما هي عليها والحكم بوجودها تحقّيقًا بالبراهين لا أخذًا بالظن والتقليد ما يوجب نظم العالم نظمًا عقليًّا على حسب الطّاقة البشريّة، ليحصل التّشبه بالباري تعالى([19]). إنّ دور التّفكير في نظام التّعليم المتعالي مهم للغاية لدرجة أنّ الشّخص المطيع الذي قد ذلّل، وأخضع شهواته فحصل بعقله علی حقّيقة من الحقّائق المجردة لا يتمکن من تحقّيق ما يشاء بسبب عقيدة اكتسبها، وآمن بها منذ طفولته بوساطة التّقليد أو حسن الظن بالآخرين، وهذا الإيمان يحجب بينه وبين الحقّيقة فيمنعه من قبول أيّ شيء آخر سوی ما کان قد اعتقد به عن طريق التّقليد. يؤكد الملا صدرا علی أن هذا التّقليد الطائش هو حجاب کثيف، قد وضع أمام أعين الكثير من المتعصبين بل وحتى الصلحاء والمتفكرين في ملكوت السّماوات والأرض، ويحول دونهم ومن دون کشف الحقّائق([20]) . بالطبع، بعض المعتقدات، مثل قضية تجريد الذّات التي يعتمد عليها الإيمان بالآخرة وسعادة الإنسان، تكون معرفتها واجبة على كلّ شخص؛ إذا كان لديه القدرة على التّفكير والعقل في هذا المجال، فيجب أن يتقبل بالبصيرة، وإذا لم يكن لديه القدرة الإدراكيّة الكافيّة، مثل الأطفال وعامة النّاس، فيجب أن يتقبل بالتّقليد([21]). من ناحية أخرى، فإنّ أولئك الذين يخوضون في مناقشات نظرية بحتة، ولا يتخطون حدود المناقشات العقلانيّة ولا يذهبون نحو أنوار المکاشفة التي تضيء عالم الوصاية والنّبوة ـ سيخسرون في النّهاية ويحصرون في الظروف البيئيّة والغرائز الباطنيّة([22]). في الواقع، على الرّغم من تأثير التّفكير والاستدلال علی إثبات عالم ما وراء الطبيعة؛ ولكن لا ينبغي للمرء أن يعتمد على العقل النّظريّ في شرح كلّ التّفاصيل بعد إثبات کليات الدّين؛ لأنّه لا يمكن لعقل الإنسان أن يدرك أو يصل إلى فهم الكثير من شؤون ما وراء الطبيعة. لو يمکن فهم هذه الأمور من خلال التّفكير المنطقيّ والنّقاش العلميّ، لما كان هناك خلاف بين الفلاسفة والمفكرين، ولم يخطئوا في هذه الأمور، ولم تكن حاجة لبعث الأنبياء والرّسل. ونتيجة لذلك، لا يمكن الوصول إلى فهم هذه الأسرار إلا باستعانة بمشکاة النّبوة وباطن الولاية([23]). لذلك لابدّ من اتباع الشّريعة التي يكون أساسها العقل والفطرة الإنسانيّة المقبولة لكن بشكل عام، فإنّ الاهتمام بالتّعقل والاستدلال في قبول القضايا ضروري لسعادة الإنسان واستكمال وجوده.
إنّ الإبداع والتّفكير الخلاق من الصفات التي لها أصل إلهيّ مقدس، فقد خلق الله الإنسان بهذه الصفة على أنّه صفة تميزه سبحانه، وأدنى مستويات الإبداع هو استخدامه في العمل والصناعة وإنتاج المنتجات؛ مثل أعمال الخبازة، والخياطة، والبناء، وما إلى ذلك؛ لأن الله خلق مادتها الأولية، ولا يقوم الإنسان إلا بتغييرات فيها([24]). أما المستوى الأعلى في الإبداع فهو أن يکون الإنسان خليفة الله في التّصرف والإبداع والإيجاد في الملك والملكوت([25]).
يهتم الملاصدرا بالتّفكير الرقابيّ أيّ الدّفاع عن الرأيّ الصحيح والتفكير النّقدي؛ وهذا يعني أنه يُعدُّ الشّجاعة في النقد ضرورة للإنسان المفكر. فإذا عَدَّ المرء نفسه مسافرًا على سبيل الحقّ، فيجب ألا يخاف من معارضة الأکثرية؛ لأنّهم ليسوا على طريق الرّشد والتّعالي، ومعارضتهم له أمر طبيعيّ. ولا غرو أن تفكير الحرّ سيصاحبّ معارضة حتما لكن المهم هو عدم الخوف من مخالفة الأغلبيّة، واتباع السّلوك الحرّ في اكتشاف الحقّيقة([26]). ومثال آخر للتّفكير النّقدي من وجهة نظر الحكمة المتعاليّة، هو تحقّق التفكير النّقدي تجاه الأصنام الجاهليّة في المجتمع. يشرح الملاصدرا في كتابه “کسر الأصنام الجاهليّة” الحاجة إلى نظرة نقديّة للأصنام السياسيّة والاجتماعيّة والقانونيّة والصّوفيّة للمجتمع ويعتقد ضرورة ولزوم مکافحتها نظريًّا وعمليًّا.
ما يجلب الانتباه في منهاج الملا صدرا الدّراسي أيضًا، هو احتوائه على مصاديق التّربيّة الفكريّة والتّفكير في جميع مجالات العلوم التّجريبيّة وغير التّجريبيّة بشكل جيد. يصف الرحالة الانجليزيّ توماس هربرت (في القرن السّابع عشر الميلادي) المنهج الدّراسيّ لمدرسة في مدينة شيراز تحت إدارة الملا صدرا قائلًا: «هناك مدرسة في شيراز تُدرّس علوم الفلسفة والنّجوم والطبيعيّات (الفيزياء) والكيمياء والرّياضيات فيها، وهي أشهر مدرسة في إيران»([27]). إضافة إلى ذلك، يذكر الملا صدرا أنّ الهندسة والفلك وعلم كيفيّة الوصول إلى الله ومعرفة النّفس، والطبّ کمواد أخری في منهجه الدّراسيّ ما يُنشط الفکر والإبداع لدی الطلاب([28]).
وبشكل عام، في منهج الحكمة المتعاليّة، يُعدُّ تعزيز التفكير الإبداعيّ والإشرافيّ، والتّفكير النّقديّ في اتجاه المعرفة الإلهيّة إحدى أدوات التّعليم الأساسية. إنّ الاهتمام بأصل التّفكير وتقليل التّقليد إلى أقل مستوى ممكن، أمر ضروري وواجب. من الأدوات المناسبة لتربيّة الفكر وتحرر الإنسان هي استخدام ندوات العلم، ومجالس البحث لاستكشاف أقوال الله وأفعاله وتحليلها ونقدها، ونقد ودراسة المحرمات الأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة وفي كلمة، كيفيّة تنفيذ خطوات عمليّة لاحتياجات الإنسان بأخذ النّظر في المحتوى التّعليميّ. وعليه، فإنّ التّفكير والإبداع من العوامل الأساسيّة للحرية الباطنيّة للإنسان والنّظام التّعليميّ للتّخلص من القيود والأغلال وحرکة الإنسان نحو التّعالي والکمال.
4- أسلوب التّشجيع والعقاب المتعالي
تعدُّ طريقة التّشجيع والعقاب من العوامل المهمّة المشجّعة، أو المقيدة لحرية المتعلمين في النّظم التّعليميّة. لذلك، من الضروري استخدام أسلوب التّشجيع والعقاب الذي لا يعيق الحرّيّة الباطنيّة للمتعلم. فمن المؤشرات المهمة في فهم واستيعاب هذا المنهج: قرب المتعلّم من الله، والّتمركز حول العمليّة ولا العواقبيّة، ووجوب التّناسب الذّاتيّ للعمل مع الثواب والعقاب، والاهتمام بهرم الحاجات الوجوديّة للإنسان ومستوى بصيرة المتعلم وفهمه، وفي بعض الحالات استخدام المحفزات الخارجيّة بما يتناسب مع الفروق الفرديّة، والمواقف الشّخصيّة في طريقة التّشجيع والعقاب المبنيّة على أساس مبادئ الحكمة المتعاليّة. وبما أنّ غاية النّظام التّربوي للحكمة المتعاليّة هي تقريب المتعلم من الله فإنّ الغرض من تشجيع المتعلم، ومعاقبته ليس سوى مساعدته على الاقتراب من الله. وکما يقول الملا صدرا: «فللإنسان توجه طبيعيّ نحو الكمال ودين إلهيّ فطريّ في التّقرب إلى المبدأ الفعال والكمال اللائق بحال الإنسان»([29]). نقطة أخرى مهمة للغاية هي أنّه وفقًا لمبادئ الحكمة المتعاليّة، فإنّ الله، بالإضافة إلى كونه خالق الوجود، هو المدبر أو بعبارة أخرى، معلم الكائنات([30]). وفقًا لذلك، فإنّ عالم الخلق هو مظهر من مظاهر الطريقة التّعليميّة المطلوبة للنّظام المتعالي. والغرض من هذا النّظام التّعليميّ هو اختيار الطريق الإلهيّ بناءً على الاختيار وهدی الله وخلفائه. ونتيجة لذلك، فإن الأنبياء هم مجرد مبشرين ومنذرين، وليسوا مكرهين أو مجبرين([31])! وعلی هذا المنهج، إنّ الله “بالضرورة” لن “يكافئ” و”يعاقب” المتعلم بما يتناسب مع سلوكه الجيد أو السيئ. فلو شاء الله لكان قد أعطی أنبيائه الذين بعثهم بالحقّ كنوزًا من الذّهب الخالص وحدائق وجنان عامرة، ولو فعل ذلك، لكان الاختبار مُلغی؛ لأنّه إذا أرسل الله نبيًا يتمتع بمثل هذه النعم، فلن يعصی النّاس أمره، ولن يستحقّ الذين اعتنقوا رسالته مكافأة أولئك الذين اختبرهم الله على دين الحقّ ورسالة أنبيائه([32]). حتى لو كانت النّتيجة اهتداء القليل من الناس فقط إلى طريق العدالة والرّشاد، وابتعاد معظم الناس عن طريق الحقّ([33]). وبالتالي، فإنّ نظام التّعليم المتعالي هو نظام موجّه نحو العمليّة، ولا يقوم على مجرد النتائج وتحقّيق أقصى قدر من الامتثال. نقطة أخرى مهمة هي وجوب تناسب وجوديّ بين أداء المتعلم والثواب والعقاب إذ يُعدُّ ما عدا ذلك عديم القيمة ولا يحسب مكافأة حقّيقية. والعقاب الأخروي في النّظام الفلسفيّ الصدرائي هي صورة باطنيّة لأفعال الإنسان وملكاته الدّنيويّة وليست نتيجتها وثمارها([34]). فالمكافأة أو العقاب الأخرويّ هي صورة مشاهدة لما قدّمه الإنسان من أعمال الخير والشّر([35]). فمثلًا: الحيّة التي يراها الإنسان في الآخرة وهي تلدغه؛ هي صورة باطنيّة حقّيقيّة لحبّه للدّنيا([36]). وهذه المكافأة والعقاب الأخرويّ ليست إلا نتيجة ما عمل به الإنسان نفسه مبنيّة علی اختياره وإرادته([37]). ما يميز هذه المكافأة والعقاب هو أنّه لا يمكن لمعظم المتعلمين في الدّنيا أنّ يفهموها لكونهم قريبيّ العهد من الدّنيا، فلم يستحكم في نفوسهم قوة انكشاف الآخرة على وجه الكمال حتی إذا اشتدت قوتهم وتخلصوا من قيود العالم الماديّ. ولکن مع ذلك، إذا تمت إزالة الحواجز الماديّة أمام أعينهم في الدّنيا وانكشف عنهم الغطاء، فيمکنهم إدراك مثل هذه المكافأة([38]). تتطلب ممارسة المتعلم في هذه الطريقة، الإيمان بالغيب والثّقة في الوعد الإلهيّ. وبالطبع، هذا لا يعني القضاء على إدراك أيّ نوع من أنواع الملذات الدّنيويّة؛ إذ يمكن للمتعلم أن يدرك أنواع الملذات بطريقتين: أولاً: التّصرف وفق هرم الاحتياجات الوجوديّة للإنسان؛ ثانيًّا: المكافآت والعقوبات الماديّة. حسب الطريقة الأولى، عندما انتظمت أعمال الإنسان حسب احتياجاته الوجوديّة وفي مسار التقرب إلى الله يكون العمل البشري ممتعًا. فعندما تُلبى حاجات مثل الإبداع والبناء، والتّغلب على الصعاب، والحصول على المتعة، والخيال، وحبّ الإنسان والعالم والله سبحانه، ويُوضع المنهج الدّراسيّ في هذا الاتجاه، سيكون القيام بذلك کلّه ممتعًا للمتعلم. والطريقة الثّانية لإدراك اللذة أو الألم كأداة تعليميّة للحكمة المتعاليّة هي الثّواب الدّنيوي وعقابها. والنّقطة المهمة جدًا هي أنّ المكافآت والعقوبات الدّنيويّة ليس لها تناسب وجودي مع أفعال الإنسان وسلوكه، ولا يُعدُّها معلم الوجود أيّ الله تبارك وتعالی إلا بضاعة مزجاة([39]). والسّبب في ذلك هو أن البضاعة الماديّة الصغيرة التي ليس لها حساب يذكر لا تأخذ کمكافأة حقّيقيّة، ولكن تعدُّ كحافز قد يقرّب المتعلم من الله بناء علی حريته وحقّه في الاختيار. وفقًا لذلك، ينقسم المتعلمين إلى ثلاث فئات عامة: الفئة الأولى تشمل الغالبيّة العظمى من المتعلمين الذين لا يطيعون أوامر الله مثل الأولياء، ولا يعصون الله عز وجلّ ما أمرهم کأولئك الذين لا يبالون لله تعالى وهم في الطّرف الآخر من طيف العباد. والمجموعة الثّانية تتضمن أولياء الله تعالى، والمجموعة الثّالثة تشمل الذين ابتعدوا من الله تعا،لى واستبعدت إمكانيّة عودتهم إليه. بالنسبة إلی الفئة الأولى، فقد صُمِمتْ نظام الخلق، إذ يدرك المتعلم تناسب الأعمال الصالحة أو الطالحة مع عواقبها الدنيويّة([40]). وطبعًا، لن يعرف المتعلم بالضبط أن المكافأة أو العقوبة التي واجهها في حياته اليوميّة، هي نتيجة مباشرة لأيّ فعل ارتکبه بل بشكل عام وحسب قانون معين فقط، يمكنه التّعرف على أنّه لأعمال الإنسان في هذه الدّنيا نتائج ومكافآت تتناسب معها. والمجموعة الثّانية هم الأولياء الذين على الرّغم من أعمالهم الصّالحة وبصيرتهم الإلهية، قد يتحملون أشد أنواع الابتلاءات في الدّنيا، إذ کلما ازدادت منزلتهم عند الله کلما ازدادت شدة ابتلاءاتهم ومصائبهم في الدّنيا([41]). والمجموعة الثّالثة تضم العصاة والمتمردين الذين لا ترجح عودتهم إلى الله في التّعامل مع هذه المجموعة بعد أن انتهت مرحلة هديهم، وتبشيرهم وإنذارهم؛ يُختبرون بأنواع الشّدائد والمصائب والخسائر جميعها إلی حدّ لا يضطرون بسببها إلی الجبر والتّوسل[42]. وإذا استمروا في سلوكهم وعقائدهم، في المرحلة الأخيرة، ستُفتح النِّعم الدّنيويّة عليهم، وسيحصلون على مكافآت دنيويّة مقابل سوء سلوكهم([43]). فمثلهم كمثل المتعلم الذي يئس المعلم من عودته إلى السّلوك الحسن والبصيرة الصّحيحة، وکآخر علاج يترك له الحرّيّة في التّصرف كما يشاء لعله ينتبه إلى عدم اهتمام المعلم به فيعود عن غيه وضلاله. وهناك أصل سائد لجميع الفئات الثلاث، وهو غلبة الرّحمة الإلهيّة على غضبه. أيّ أنّه يكون المعلم في جميع الأحوال محبّاً لتلميذه وحريصًا على تربيته. فکما يقول الملا صدرا إنّ الغضب والرّحمة الإلهيّة، يسيطران على كلّ شيء، وبالطبع رحمة الله تعالى تغلب وتسبق غضبه([44]).
5– تسهيل التّعلم النّشط
يُعدُّ التّعلم السّلبيّ أحد السّمات البارزة لنظام التّعليم التّقليديّ إذ يتأثر المتعلم بآراء معلميه، ويتقبلها بدل أن يمثل دورًا نشطًا في التّعلم. إنّ الموقف السّلبيّ تجاه الإدراك البشري بوصفه أمرًا غير فطريّ في النّظام التّعليميّ يؤدي إلى إنكار حرّية المتعلمين في الإدراك. تتحقّق حرية المتربي، عندما يسعى النظام التّعليميّ إلى تسهيل التّعلم النشط له بدلًا من التّأكيد على النّظام التّقليدي والمتمحور حول المعلم. في نظرة الحكمة المتعاليّة، يعدُّ التّعلم أمرًا فاعلًا يقوم على بناء الرّوح البشريّة وإبداعها([45]). فالتّعلم أمر غير ماديّ وتجريديّ تحقّقه روح المتعلّم([46]). عندما تواجه النّفس الإنسانيّة أحد الكائنات الخارجيّة، بسبب شفافيّة النّفس وتجردها تتکون فيها صور فكريّة وخياليّة وحسيّة؛ مثلما تنعكس صور الأشياء في المرآة، مع اختلاف أنّ الصور الموجودة في المرآة ناتجة عن نوع من القبول والاستقبال، بينما ما يتحقّق في النّفس هو نوع من الفعل والخلق، أيّ إنّ النّفس بالنسبة إلى الصورة الحاصلة ليست مستقبِلة بل صانعة لها أيضًا. فما هو متوقع من نظام التّعليم والمعلم هو تسهيل عملية التعّلم هذه ولا الترکيز على محوريّة المعلم. إنّ الإنسان مبدع مثل خالقه، والتعلم لا يحصل سلبيًّا من دون بناء النّفس، وواجب المعلم هو التّسهيل والمساعدة في إنشاء الأساس للمسار الصّحيح لمراحل التّعليم.
6- المحتوى التّعليميّ المبني على الحاجة:
إنّ المحتوى التّعليميّ الثّابت والمتمحور حول مواضيع محددة وغير مهتم باحتياجات المتعلمين وقضاياهم يحرم المتعلمين من حريتهم، ويقيدهم في تعلم المحتوى الذي لن يدرکوا تناسبه مع احتياجاتهم الوجوديّة. ومن ثمّ فإن المحتوى التّعليميّ أيضًا يمثل دورًا حاسمًا في التّقييد أو الحرّيّة في النّظام التّعليميّ.
من وجهة نظر الحكمة المتعاليّة، يتشكيل النظام التّعليميّ متمرکزًا على التعاليم الدّينيّة وتلبية لاحتياجات المختلفة لأبعاد وجود الإنسان الإلهيّة والفرديّة والاجتماعيّة من أجل توفير الأرضيّة اللازمة لسموّ الإنسان وتعاليه. إنّ احتياجات الإنسان وفق مبادئ الحكمة المتعاليّة تتضمن الفئات الست الآتية: 1- الاحتياجات المعدنيّة 2- الاحتياجات الطبيعيّة 3- الاحتياجات النباتيّة 4- الاحتياجات الحيوانيّة 5 – الاحتياجات العقليّة 6- الاحتياجات الإلهيّة. إنّ أدنى مستوى من احتياجات الإنسان التي تشكل قاعده الهرم هو الاحتياجات المعدنيّة. والمقصود منها الحفاظ على مزاج الجسم ووقايته من التّلف والفساد؛ لأنّ صلاح الجسم أو فساده يعتمدان على الحفاظ على سلامة المزاج أو انحرافه عن حدّ معين([47]). إنّ أقل وأدنى حاجة لكل إنسان هو الحفاظ على ظاهر الجسم من أن تصيبه آفة أو مرض کالبرودة أو الحرارة أو الجفاف أو الرّطوبة ما يؤدي إلى التّلف والهلاك. والمستوى الثّاني من احتياجات الإنسان هو الاحتياجات الطبيعيّة. يشمل هذا الجزء من الاحتياجات: الهضم السّليم للطعام، وإخراج الفضلات، وحفظ الطّعام حتى مرحلة الهضم والجذب المناسب للمواد الغذائيّة. تؤدي صحة الجهاز الهضميّ في ابتلاع وهضم وامتصاص الطعام والتّغوّط دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة الجسم، والقدرة على تلبية احتياجاته الأساسيّة الأخرى. والمستوى الثالث منها هو الاحتياجات النباتيّة التي تشمل: النّمو البدنيّ السّليم، والاحتياجات الجنسيّة، والغذائيّة. وكل ما يحتاجه الإنسان من أجل النّمو المتوازن لجسمه، مثل التّغذيّة السّليمة والتّمارين الرّياضية، وكذلك الحاجات الجنسيّة للتّكاثر والصّحة الجنسيّة. والمستوى الرّابع منها هو الاحتياجات الحيوانيّة التي تتضمن الحواس الخمس، والإدراك المشترك للحقّائق، والتّصوير الخياليّ للإدراك الحسيّ، والإبداع، وإدراك الحقّائق الثانويّة، وأرشفة الحقّائق وإعادة سردها، واكتساب المتعة والتّغلب على التّحديات، والاعتماد على القوة. فالحواس الخمس الموضوعة في جسم الإنسان ليست مجرد أداة لإدراك العالم الذي يحيطه؛ بل إنّها حاجة لارتقاء فهمه وتعزيز قوة تمييزه. إنّ الاهتمام باستخدام الحواس الخمس کافة في معرفة العالم الذي يحيطنا، وأقصى قدر من التّعامل والتّواصل مع الأشياء بمساعدة الحواس الخمس، سيجعل تحليل الإنسان وإدراكه وإتقانه للواقع أكثر دقة واتساقًا. والمستوى الخامس من الاحتياجات هو الاحتياجات العقليّة. تهذيب الظاهر (العمل بأحكام الشّريعة)، تهذيب الباطن (الابتعاد من الرّذائل الأخلاقيّة)، العلوم القدسيّة والدّينيّة (كسب المعارف القدسيّة) وإدراك الحقّائق الكليّة (نحو معرفة إثبات وجود الله) هي من مصاديق الاحتياجات العقليّة للإنسان. ومثال آخر لها هو التّعاون والتّکاتف مع الآخرين. وبما أنّ الإنسان مدنيّ بالطبع فلا ينظم حياته إلا من خلال التّعاون والحضارة والمجتمع([48]). وأخيرًا فإنّ المستوى الأعلى لاحتياجات الإنسان هو حبّه لله، والعالم، والخلق، والإنسان. فإنّ الإنسان وجوديًا عين الفقر ونفس الحاجة إلى الله تعالى([49]).
مكونات الحرّيّة في تعليم المدارس الدّينيّة
يقدم الملا صدرا تعريفًا مختلفًا للحرية فيعدُّها قضية أساسّية في نظام التّعليم المتعالي، ويشرح مكونات تحقّيقها التي يبدو أنّها تتعارض مع العديد من الأساليب التّعليميّة في المدارس الدّينيّة. ومع ذلك، فإنّ فلسفة الملا صدرا لا تُعِدُّ نظام التّعليم الدّينيّ يتعارض مع مكونات الحرّيّة، وتؤمن بوجود حلول عمليّة من أجل تحقّيق حرية التّعليم في مثل هذه المدارس.
فنظرًا إلى ما ذکر عن مكونات الحرّيّة في التّعليم، فإنّ المدارس الدّينيّة کسائر مناهج التّعليم البنکيّ المناهضة للحرّية قد تتعرض للنقد. ففي المنهج الذي أسماه فريري «التّعليم البنكي»، يقوم المعلم بإيداع المعلومات في أدمغة المتعلمين الذين يقتصر دورهم على التّلقي السّلبيّ لتلك الإيداعات. فعلی هذا، تتحدّد المعارف کمقررات ثابتة سابقة التّجهيز يكون المعلم فقط هو مصدر المعرفة الوحيد، وهو الذي يودع المعرفة في عقول الطلاب. والحقّيقة أنّ هذه العلاقة لا توافق إلا مصالح المستبدين الجائرين؛ لأنّهم يريدون تنظيم طريقة تدخل الآخرين في العالم. ففي التّعليم البنكيّ، ينعكس مقياس النّجاح في كيفية قلب العالم رأسًا علی عقب والتأقلم معه([50]).
إنّ المحتوى التّعليميّ الثابت والجامد للنّصوص المقدسة، ودور المعلم في نقل هذا المحتوى واقتصار دور المتعلمين علی التّلقي السّلبيّ، وعدم الانتباه أو قلّة الاهتمام بالمسائل التي تهمّ الطلاب هي ما تعرض المدارس الدّينيّة بشدة لمضرات التّعليم البنكيّ. فأولئك الذين يدعمون عن قصد أو عن غير قصد النّهج البنکيّ للتّعليم الدّينيّ لا يدركون أن المحتوى الذي يدرسه المعلم قد يناقض الواقع، فيسوق الطلاب، عاجلًا أم آجلًا، نحو مخالفة الدّين في محاولة التّوفيق بين الدّين والواقع. وعندما يتحول المتعلم إلى مجرد مشاهد، تستخف کرامته الإنسانيّة فکأنّه يخرج من الإنسانيّة، وهذا ناجم عن ظلم المعلم والنّظام التّعليميّ.
حسب منهج الملا صدرا الإلهيّ في التّعليم وما يقوله عن مكونات الحرّيّة في التّعليم([51])، نستطيع اقتراح حلول عمليّة لتحرير التّعليم في المدارس الدّينيّة. وعلی تعريف الملا صدرا للدّين وأسلوبه في استخدام العلوم والصناعات المختلفة لفهم الدين والقرب العملي من الله، يمكن استخدام المفاهيم الدّينيّة في التّعليم إذ لا يستلزم الاعتماد على التّعليم البنكيّ. لبيان هذا، يجدر الإشارة هنا إلى بعض النقاط التي ذكرها تشارلز بينغهام (2015) في وصف التلقي السّلبيّ الذي يعبّر عنه فريري إذ ينتقد المشاهدة السّلبيّة قائلاً: «يجب ألا يكون المعلم فقط هو مصدر المعرفة الوحيد، وكأنّ الطلاب ليس لديهم أيّ معرفة أو خبرة، وهو الذي يتكلم ويشرح، وهم يستمعون وينصتون». بل يحرض طلابه على مشاهدة أعمال فنيّة؛ لأنه أولًا: ينتقد نوعًا من التّعليم الذي يقسمه إلى دائرتين منفصلتين، دائرة المعرفة ودائرة السّرد؛ ما يصدّ الإنسان ولا يؤدي إلى إنتاج معرفة حقّيقيّة. وثانيًا: يری أنّه لا نقد للتلقي السّلبيّ عندما يتعلق الأمر بطرح المسألة في النّص التّعليميّ. في الواقع، يدافع فريري عن المشاهدة التي تتخذ شكلاً معينًا من فك تشفير الصّور فتغير عالم الطالب. فنظرًا إلى هذه النّقطة، فإنّ التّربيّة الإلهية التي أكد عليها الملا صدرا لا تخضع لهذه الانتقادات؛ لأنّ دور المعلم في هذا النّظام، أولًا: لا يتمثل في فصل التّعليم إلى دائرتيّ المعرفة والسّرد وثانيًّا: لا يتمحور التّعليم حول المعلم بل يتبادل فيه المعلم والمتعلم أدوارهما، فيتعلم كل منهما من الآخر في الكشف عن حقّيقة الدّين والبحث في معرفة أعمال الله وكلماته. فعالم الوجود كلّه من أفعال الله، والأداة اللازمة لمعرفته لا تقتصر على علوم الأحکام وتفسير النّصوص المقدسة فحسب بل تشمل العلوم التّجريبيّة أيضًا. ومهمة الباحثين المعلمين والمتعلمين، هي الکشف عن طبقات حقّيقة الكون (أيّ التّفقه في الدّين الإلهيّ) علی قدر عقولهم تقرّبًا إلی الله.
ثانيًا: بما أنّ فهم الدّين وتفسير أفعال الله وأقواله، وتجهيز الموقف في اتجاه الحركة العمليّة نحو الله يتطلب طرح المسائل وحلها. فالمعلم والمتعلم لهما دور حاسم، وفعال في فكّ رموز عوالم الوجود والتّطور في عالم الطالب إذ يجعل المعلم والطالب في دور فاعل لاكتشاف الحقّيقة ويرفض مشاهدتهما السّلبيّة. وفي الواقع، يستطيع المعلم في التّعليم البنكيّ أن يستبدل معايب المشاهدة السّلبيّة بالمحاسن. فاتجاه الملا صدرا المتمرکز حول احتياجات الإنسان الإلهيّة والاجتماعيّة والفرديّة للطلاب، يبعدهم من المشاهدة السّلبيّة. بعبارة أخری، إذا استطاع التّعليم القائم على احتياجات الإنسان أن يوجد نوعًا من المشاهدة الفعالة، فهذا منطقيًا يعني التّخلص من المشاهدة السّلبيّة بوصفها جزءًا ضارًا من النّظام البنکيّ، واستبدالها بالحوار والأنشطة العمليّة الموجهة نحو المشاريع، وحماية الطّالب من الأضرار التي يسببها النظام البنكيّ في التّعليم. ومع ذلك، فإنّ النّظام البنکيّ الذي يصفه أمثال فريري بالتفصيل، على الرّغم من مضراته، يمكن استبدال معايبه بالمحاسن.
نتائج:
من خلال تلخيص مقومات الحرّيّة من وجهة نظر الملا صدرا بروافدها الستة: الحرّيّة الخارجيّة وحقّ الطالب في الاختيار، ومحورية الحبّ، وتربيّة الفكر وتطوير التّفكير النّقدي والإبداعيّ، وأسلوب العقاب والتّشجيع غير المفروض، وتسهيل التّعلم النشط، والمنهج الدّراسيّ المتكامل القائم على احتياجات الإنسان، نستطيع اقتراح إستراتيجيّات عمليّة لتحقّيق حرية التّعليم في المدارس الدّينيّة. وعليها، فإنّ المدارس الدّينيّة بدل أن تتوسط في نقل المحتوى الثابت المبنيّ علی التّقليد ستعمل كمراكز بحث وتحقّيق لاکتشاف، وتفسير أقوال الله وأفعاله قائمة علی تربية الفکر وتلبية احتياجات المتعلمين الفرديّة والاجتماعيّة والإلهيّة. فتصبح طريقة التّعليم استكشافيّة ومتمحورة حول الطالب. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة القائمة علی محورية الحبّ بين المعلم والمتعلمين، وكذلك استخدام أساليب التّشجيع والعقاب الحرة والموجهة عمليّة، ستحرر النّظام التّعليميّ للمدارس الدّينيّة فتجعلها في اتجاه السّعادة الدّنيويّة والآخروية. فتطوير المؤشرات الأربعة الآتية: الطبع الدّقيق، والعقل الصّافيّ، والنّفس الرّحيمة، والقلب الرّقيق كأهداف وسطيّة، وحبّ الله ومخلوقاته كأهداف نهائيّة للمنهج الدّراسيّ هي نتيجة النظام التّحريري لفلسفة صدرا الإنسانيّة. وتُعدُّ “الحرّيّة الباطنيّة” من نتائجه وثماره المهمّة.
الهوامش:
[1] . أستاذ مشارك في قسم الفلسفة الإسلاميّة بجامعة أصفهان. Email: m.amam@ltr.ui.ac.ir
[2] . طالب ما بعد الدّكتوراه في جامعة أصفهان. Email: mehran.tabatabaei@gmail.com
[1] . يعدُّ ليفين (1992) علم أصول التدريس (بيداغوجي) مزيجًا من الفكر والشعور والمعلومات والمعرفة والرأي والخبرة والحكمة والعقلانية، ويؤكد على فهم علم أصول التدريس كمزيج من الفن والعلم والفكر والعمل. ويعدُّ کرين وريد (2007) علم التّربيّة أيضًا مفهومًا متعدد الأبعاد ناتجًا عن مزيج من العناصر والفن والعلم والفكر والممارسة.
[2] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج 9، ص 87 و 88.
[3] . المصدر نفسه، ج 4، ص 114.
[4] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش. ج 2، ص 243 و 244).
[5] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج 7، ص 172.
[6] . مطهري، مرتضی، مجموعة آثار، ج 11، منشورات صدرا، طهران، دون تاريخ.22 / 497-498).
[7] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، مفاتيح الغيب، وزارة الثقافة والتّعليم العالي، الرابطة الإسلامية للحكمة والفلسفة الإيرانية، مؤسسة الدراسات والبحوث الثقافية، طهران، 1363 هـ. ش. ص 269.
[8] . الملا صدرا، كسر أصنام الجاهلية، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلامية، طهران، 1381 هـ. ش. ص133.
[9] . المصدر نفسه، ص133 والحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج7 ص174.
[10] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج 7 ، ص 188.
[11] . المصدر نفسه، ج7 ص173.
[12] . المصدر نفسه، ج7 ص181و182.
[13] . المصدر نفسه.
[14] . نفس المصدر، ص173 و 174.
[15] . المصدر نفسه، ج9 ص87.
[16] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، العرشية، منشورات مولی، طهران، 1361 هـ. ش، ص287.
[17] . المصدر نفسه، ص118و119.
[18] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج1 ص11.
[19] . نفس المصدر، ص20.
[20] . الملا صدرا، كسر أصنام الجاهلية، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلامية، طهران، 1381 هـ. ش. ص19.
[21] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، رسالة الأصول الثلاثة، تصحيح: سيد حسين نصر، جامعة علوم المعقول والمنقول، طهران، ۱۳۴۰ هـ. ش، ص20.
[22] . الملا صدرا، كسر أصنام الجاهلية، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلامية، طهران، 1381 هـ. ش، ص94.
[23] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، العرشية، منشورات مولی، طهران، 1361 هـ. ش، ص 286و287.
[24] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، أسرار الآيات وأنوار البينات، رابطة الحكمة والفلسفة الإيرانية، طهران، 1360 هـ. ش، ص110.
[25] . المصدر نفسه، ص 109.
[26] . الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، العرشية، منشورات مولی، طهران، 1361 هـ. ش، ص 286.
[27]. Herbert, Thomas, Some years travels into divers parts of Africa and Asia the Great, London, 1677. P: 125
[28] . الملا صدرا، كسر أصنام الجاهلية، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلامية، طهران، 1381 هـ. ش، ص107 والحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج 7 ص172و173.
[29] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج9 ص159.
[30] . المبدأ والمعاد، رابطة الحكمة والفلسفة الإيرانية، طهران، 1354 هـ. ش، ص23.
[31] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج6 ص3.
[32] . الشريف الرضي، محمد بن حسين، نهج البلاغة، ط1، منشورات هجرة، قم، 1414 هـ، خطبه 234.
[33] . الملا صدرا، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش، ج1 ص275.
[34] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج9 ص220.
[35] . المصدر نفسه، ص223.
[36] . تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش، ص91.
[37] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج9 ص224.
[38] . المصدر نفسه، ج9 ص220.
[39] . الملا صدرا، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش، ج6 ص109.
[40] . طباطبائی، سيد محمد حسين، تعليقة علی الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981 هـ، ج6 ص410.
[41] . الملا صدرا، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش، ص152.
[42] . طباطبائی، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ط2، الإسماعيليون، قم، 1371 هـ. ش، ج 7 ص90.
[43] . المصدر نفسه.
[44] . الملا صدرا، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش، ج1 ص151.
[45] . الملا صدرا، مجموعة رسائل فلسفية، ط2، منشورات حکمة، طهران، 1420هـ، ص 74.
[46] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج1 ص 290.
[47] . الملا صدرا، المبدأ والمعاد، رابطة الحكمة والفلسفة الإيرانية، طهران، 1354 هـ. ش، ص 241.
[48] . المصدر نفسه، ص 488.
[49] . الملا صدرا، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقلية الأربعة، ط3، بيروت، 1981م، ج 7 ص 163.
[50]. Freire, P, Pedagogy of the oppressed, Continuum, New York, 2000, p:128
[51] . حسب تعريفه، لا يقتصر الدين على النصوص المقدسة والمنقولات التي وصلتنا من القرون السابقة. يشمل الدين جميع العلوم الصحيحة التي ورد ذكرها باختصار في النص المقدس والتي تحتاج إلى فك رموزها. إن الدين هو الموجد لجميع المعارف والعلوم والكمالات، وحقّيقة الدين لا تهمل العلوم الطبيعية، والرياضيات لأن مثلها مثل العلوم الإلهية ، تنشأ من ينبوع مشكاة النبوة. والجهل بالعلوم الرياضية والهندسية سيؤدي إلى كارثة وتوتر في العلاقات الاجتماعية.
المصادر
1-الشّريف الرضيّ، محمد بن حسين، نهج البلاغة، ط1، منشورات هجرة، قم، 1414 هـ.
2-طباطبائی، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ط2، الإسماعيليون، قم، 1371 هـ. ش.
3ــــــــــــــ، تعليقة علی الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقليّة الأربعة، ط3، بيروت، 1981.
4-مدرس طهراني، علي، مجموعة مصنفات، ج۱–3،: منشورات اطلاعات، طهران، 1378 هـ. ش.
5-مطهري، مرتضی، مجموعة آثار، ج 11، منشورات صدرا، طهران، دون تاريخ.
6-الملا صدرا، محمد بن ابراهيم، كسر أصنام الجاهليّة، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلاميّة، طهران، 1381 هـ. ش.
7ـــــــــــــــ، رسالة سه اصل، تصحيح: سيد حسين نصر، جامعة علوم المعقول والمنقول، طهران، ۱۳۴۰ هـ. ش.
8ـــــــــــــــ، العرشية، منشورات مولی، طهران، 1361 هـ. ش.
9ـــــــــــــــ، مفاتيح الغيب، وزارة الثقافة والتّعليم العالي، الرابطة الإسلاميّة للحكمة والفلسفة الإيرانيّة، مؤسسة الدراسات والبحوث الثقافية، طهران، 1363 هـ. ش.
10ـــــــــــــ، تفسير القرآن الكريم، ط2، بيدار، قم، 1366 هـ. ش.
ـ11ــــــــــــــ، الحكمة المتعاليّة في الأسفار العقليّة الأربعة، ط3، بيروت، 1981م.
12ـــــــــــــــ، شرح أصول الكافيّ، تصحيح خواجوي، ط1، مؤسسة الدراسات والبحوث الثقافية، طهران، ۱۳۸۳ هـ. ش.
13ـــــــــــــــ، المبدأ والمعاد، رابطة الحكمة والفلسفة الإيرانيّة، طهران، 1354 هـ. ش.
14ـــــــــــــــ، أسرار الآيات وأنوار البينات، رابطة الحكمة والفلسفة الإيرانيّة، طهران، 1360 هـ. ش.
15ـــــــــــــــ، مجموعة رسائل فلسفيّة، ط2، منشورات حکمة، طهران، 1420هـ.
-16Bingham,Charles. On Paulo Freire’s Debt to Psychoanalysis: Authority on the Side of Freedom, Studies in Philosophy and Education, November 2002.
-17Freire, P. Pedagogy of the oppressed. Continuum, New York, 2000.
-18Herbert, Thomas, Some years travels into divers parts of Africa and Asia the Great, London, 1677.
-19Phelan, Anne & Sumsion, Jennifer, Critical Reading in Teacher Education, SENSE PUBLIHERS, 2008.