الإحالة في سورة الأنعام وأثرها في دلالة النّص
م.م. مضر صاحب عبيد)[1])
المقدمة
يهتم موضوع الإحالة بدراسة النّص كنّص ذو معنى واحد ويُقرأ قراءة واحدة، فاخترتُ موضوع “الإحالة في سورة الأنعام وأثرها في دلالة النّص”؛ لدراسة الإحالة بجزئياتها وأقسامها حتى تصل النتيجة إلى إظهار دور الإحالة كمجال مهم في قراءة النّص على أنَّه وحدة متكاملة يتصل أوله بآخره، ويُظهر تأثر النّص بعوامل خارجيّة ساعدت في صياغة النّص وسبكه.
اتخذتُ من سورة الأنعام نموذجًا رحبًا في مجال التّطبيق، فقد كان للإحالة أثر ظاهر في هذه السّورة المكّيّة التي توسعت عوامل التّرابط النّصي فيها إذ كثر فيها الضمير واسم الإشارة والموصول والإحالات السّياقيّة، وكانت الإحالة قد شملت أربعة أقسام موزعة بين الإحالة الخاصة بالله ومن بعده النّبي ثم المؤمنين وأخيرًا الكافرين إلَّا أنَّني اخترتُ الإحالة الضّميريّة والإشاريّة المختصة بالله وقد اكتفيت بنماذج محددة في السّورة ظهرت بها الإحالة. مستعينًا بمصادر اللغة العربيّة وكتب التّفاسير وكتب اللسانيات الحديثة وخاصة ما كتب عن الإحالة، فكانت منهجيّة البحث مقسمة على مبحثين رصدت بهما تعريف الإحالة وأنواعها ثم التّطبيق على سورة الأنعام، وبعدها جاءت خاتمة البحث تحوي نتائج البحث.
المبحث الأول – المبحث النظريّ
أولًا: معنى الإحالة
الإحالة لغةً
أصل الإحالة في اللغة العربيّة جاء من الجذر “ح.و.ل”: فقد ذكر ابن فارس(ت395هـ) ” الحاء والواو واللام أصلٌ واحد، وهو تحرُّكٌ في دَوْرٍ. فالحَوْل العام، وذلك أنَّه يَحُول؛ أيّ: يدور. ويقال حالتِ الدّارُ وأحالَتْ وأحْوَلتْ: أتى عليها الحول. وأحْوَلْتُ أنا بالمكان وأحَلْتُ؛ أيّ: أقمتُ به حَوْلاً. يقال حال الرّجل في متنِ فرسه يَحُول حَوْلًا وحُؤُولًا، إذا وثَبَ عليه، وأحال أيضًا. وحال الشّخصُ يَحُول، إذا تحرَّك، وكذلك كلُّ متحوِّلٍ عن حالة”([1]).
والإحالة تأتي من نقل الشّي إلى شيء آخر لهدف التّغيير، فهي مشتقة من الفعل(أحال)، كما جاء في تاج العروس للزّبيدي(ت1205هـ): ” تَحوَّلَ مِن حالٍ إِلَى حالٍ. أَو أحالَ الرجُلُ: تَحوَّلَ من شَيْء إِلَى شيءٍ”([2]). وفي معجم اللغة العربية المعاصرة يقال أحال يُحيل أحِل إحالة فهو محيل؛ أيّ: أحال الشيء إلى كذا وغيره من حال إلى حال؛ إذ نقله من موضع إلى موضع([3]).
من خلال ما تقدم من المعنى اللغويّ للإحالة، والتّنقيب في كتب المعاجم تظهر تلك العلاقة بين الدّلالة لمعنى الإحالة في داخل النّص بما تحمله تلك العلاقة من نقل شيء إلى شيء آخر مع وجود أصل تشترك به تلك الدّلالة في داخل اللفظة، وهي كعلاقة اللفظ بمعناه وما يُراد به من دلالة الاسم على مسماه حتى تنقل فكر المتلقيّ من قراءته للنص، كألفاظ إلى قراءات ومدلولات معنوية لذلك النّص. وسيظهر لنا من المعنى الاصطلاحيّ للإحالة طبيعة تلك العلاقة ودلالتها.
الإحالة اصطلاحًا
إنَّ الإحالة مصطلح قديم ذكره نحاة العرب، لكنه تطور مع دخوله كمصطلح جديد في الدّراسات النّصية، فعند نحاة العرب تتخذ الإحالة اتجاهين: اتجاه نظريّ يتمثل في دخول الألف واللام على الأسماء غير الأعلام والضمائر والموصولات، واتجاه معنويّ يتمثل بإحالة النّكرة إلى العموم والمعرفة إلى التّخصيص فـ “من حيث المنظور الأول يُميَّز بين النّكرة والمعرفة بوصف النكرة كل اسم قابل لدخول الألف واللام عليه باستثناء اسم العلم مثل رَجُل وفرس وشجرة وبوصف المعرفة تشمل مقولات الضمير هو والإشارة ذا، والاسم هند والاسم المحلّى بالألف واللام والموصول الذي والاسم المضاف إلى إحدى هذه المقولات. أمَّا من حيث المنظور الثانيّ، فإنَّهم يُقابلون بين النّكرة والتّعريف بوصف التّنكير إحالة على مجهول غير مفيد والتّعريف إحالة على معلوم مفيد”([4]).
كان لمراعاة المقام في طبيعة الكلام وعلاقته بين المتكلم والسّامع أثر دلاليّ، قد يخرج عن الضوابط اللغوية، فمراعاة المقام مقدمة على تلك الضوابط، فقد أشار إلى ذلك سيبويه بقوله: “وحدثنا يونس أيضًا تصديقًا لقول أبي الخطاب، أنَّ العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا، لم يرِد بقوله هذا أنت، أنْ يعرفه نفسَه، كأنّه يريد أنْ يعلمه أنَّه ليس غيره. هذا محال، ولكنّه أراد أنْ ينبهه، كأنَّه قال: الحاضرُ عندنا أنت، والحاضر القائل كذا وكذا أنت.”([5])، وذكر في موضع آخر: “لأنَّك لا تُشيرُ للمخاطَب إلى نفسه ولا تحتاج إلى ذلك وإنَّما تُشير له إلى غيره. ألا ترى أنَّك لو أشرت إليه إلى شخصه فقلت: هذا أنت، لم يستقم.”([6]).
على الرّغم من تلك الإشارات التي نوّه عنها سيبويه إلا أنَّ المصطلح حديث العهد، فيظهر أكثر تجليًّا في التّعريفات الحديثة له كما أشار إليه دي بوجراند عند تعريفه للإحالة بقوله: يحصل “تعريف الإحالة عادة أنّها العلاقة بين العبارات من جهة وبين الأشياء والمواقف في العالم الخارجي الذي تشير إليه العبارات”([7]).
نجد أنَّ مراعاة المقام له الدّور الرئيس في وجود الإحالة ونشأتها، فقد يُظهر المتكلم شيء ويُضمر له شيء آخر لمراعاة المقام أو الموقف للسّامع، فقد يخرج الكلام عن ظاهره إلى إشارات موجودة داخل النّص مع تماسكه بوجود الضمائر أو اسم الإشارة أو الموصولات، وهي تُحيل إلى عبارات قد وردت داخل النّص أو إلى موضوع خارج النّص وهو معلوم لدى السّامع، فقد تُذكر الأسماء وهي تُحيل إلى المسميات لوجود سابق علم بها عند السّامع.
وأشار بران. ج. يول إلى تعريف لاينز؛ إذ يقول: “يقول جون لاينز في سياق حديثه عن المفهوم الدّلاليّ التّقليديّ للإحالة: إنَّ العلاقة القائمة بين الأسماء والمسميات هي علاقة إحالة: فالأسماء تُحيل إلى المسميات”([8]).
يظهر في قول أحمد عفيفيّ عند تعريفه للإحالة إلى سِبق العلم عند السّامع أثناء التكلم من قبل المتكلم عن الكلام الذي سيكون بين الاثنين على أنْ يكون النّص الذي أنشأه المتكلم نصًا متماسكًا بأدوات التّرابط التي ذكرتها، وتكون العلاقة في النّص علاقة معنوية متماسكة؛ إذ قال: “وفي الإحالة يشير الكاتب أو المتكلم إلى أنَّ حدثًا ما أو شيئًا ما ارتبط بشيء، تقدم أو سيأتي ذكره؛ لكن لن يذكره الكاتب في هذا الموقف، بل يكنّي عنه بلفظ مفرَّغ من الدّلالة المستقلة مثل الضّمير أو اسم الإشارة أو الموصول، دون ذكره صراحة”([9])، ويضيف “والإحالة في علم الّلغة النّصي هي وسيلة من وسائل الاتساق وربط أجزاء النّص وتماسكها، فهي تأخذ بالحسبان العلاقة بين أجزاء النّص وتجسيدها، وخلق علاقات معنوية من خلال تلك العناصر الإحاليّة”([10]).
والإحالة بمعناها اللغويّ، والاصطلاحيّ تُظهر الإشارة المعنويّة المرتبطة بين الأسماء، والمسميات مع مراعاة مقام السّامع من قبل المتكلم أو الموقف الذي في صدده بوجود الأدوات التي تجعل من النّص نصًا متماسكًا، يُعطي معنا دلاليًّا يبتغيه المتكلم لإصال فكرة معينة إلى السّامع، إذ يكون الهدف واضحًا ومتجليًّا لدى السّامع، وهو غاية المتكلم أو الكاتب.
ثانيًا: أقسام الإحالة
- الإحالة المقاميّة وتسمى بالإحالة الخارجيّة
تتأثر الإحالة الخارجيّة بمقومات سابقة يعيش في كنفها السّامع أو القارئ إذ تكون مقومات تلك الإحالة مقومات اجتماعيّة أو اقتصاديّة أو بيئيّة، ينشأ المتلقي بتلك الظروف ويتأثر بها ثم يأتي النّص، وقد جعل في علمه وأولياته تلك المقومات حتى يُراعي مُنشأ النّص مدى تأثر المتلقي بالنّص واستيعابه له.
يقول روبرت دي بوجراند: ” تعتمد الإحالة لغير مذكور في الأساس على سياق الموقف شأنها في ذلك شأن الإحالة لمذكور سابق والإحالة لمتأخر”([11]). وتعتمد الإحالة الخارجيّة على غير مذكور في النّص بل على مواقف مسلَّمة ومعلومة عند المتلقي، وقد أشار تمام حسان إلى ذلك بقوله: ” وتعتمد الإحالة لغير مذكور في الأساس على سياق الموقف”([12]) . ويعرفها جمعان عبد الكريم: “إنَّ النّص بكامله عنصر إحاليّ إلى الخارج أو الموقف على الرّغم من تسليمنا بالعمليات الذّهنيّة كافة في الإنتاج والتّحليل التي يخضع لها النّص”([13]).
لذا تشكل الإحالة المقاميّة الإطار العام الذي يُظهر المطلب الرئيس من نشأة النّص، فالإحالة المقاميّة ” تُساهم في خلق النّص، لكونها تربط اللغة بسياق المقام، إلا أنَّها لا تساهم في اتساقه بشكل مباشر”([14])، والاتساق في النّص يرجع إلى النّص نفسه بما فيه من أسباب يطلبها السّبك، ولا بد للإحالة المقاميّة من مرجعيّة سابقة يُحيل إليها النّص؛ إذ يُعنى هذا النّوع من الإحالات بالسّياقات والمواقف المحيطة بالنّص والمؤثرة في نشأته([15]).
- الإحالة النّصيّة وتسمى بالإحالة الدّاخليّة
وهي الإحالة التي تأخذ مجالها داخل النّص، ولا تُعنى بما هو خارج النّص من ظروف هيأة لنشأة النّص كأن تكون اجتماعيّة أو اقتصاديّة أو أسباب دعت إلى نشأة النّص، فهي “إحالة على العناصر اللغوية الواردة في الملفوظ”([16])، فالملفوظ الوارد داخل النّص هو من تعمل عليه هذا النّوع من الإحالة؛ إذ يُراد به الإشارة إلى العلاقات المؤدّية إلى التّماسك في داخل النّص لتحديد التّركيب في داخله.
يقول براون: “أمّا الإحالة داخل النّص فهي تطلب من المستمع أو القارئ أنْ ينظر داخل النّص للبحث عن الشيء المحال إليه”([17]). وأشار صبحي إبراهيم إلى ذلك بقوله: “هذا المصطلح يركز على العلاقات بين الأنماط الموجودة في النّص ذاته، ولا تُعنى بالعلاقة بين هذه الأنماط والأشياء الخارجيّة عن النّص، وقد تكون بين ضمير وكلمة، أو كلمة وكلمة، أو عبارة، أو جملة وجملة أو فقرة وفقرة وغيرها من الأنماط اللغويّة”([18]).
تنقسم الإحالة الدّاخليّة إلى نوعين بحسب النّظر إلى الإحالة، فقد يتجه نظر المتلقيّ إلى ما سبق أو إلى ما بعد الجملة الموجودة في داخل النّص؛ لذا فتنقسم الإحالة إلى قسمين؛ ” ذلك لأنّ العلاقات الدّاخليّة بدورها تنقسم إلى قسمين: بعضها يلتفت إلى الوراء؛ أيّ: إلى ما سبق … وبعضها يلتفت إلى الأمام”([19]).
الإحالة الدّاخليّة القبليّة
يكون الكلام فيها مُحال إلى السّابق؛ لأنَّ الإحالة عندها ” تعود على مفسرٍ سبق التلفظ به”([20])، وهذا النّوع من الإحالة الدّاخليّة هو “الأكثر استخدامًا؛ أيّ: أنَّ الشيء الذي تصدق عليه الإحالة ويكون مقصودًا عند إطلاق اللفظ الكنائيّ، إنَّما يأتي متقدًما على اللفظ الكنائيِّ نفسه”([21]).
يشير بوجراند إلى هذه الحالة بقوله: “وتأخر الألفاظ الكنائيّة عن مراجعها؛ أيّ: ورودها بعد الألفاظ المشتركة معها في الإحالة أكثر احتمالًا من ورودها متقدمة عليها، فرجوع اللفظ الكنائيّ إلى متقدم عليه يهيئ مركز ضبط أنْ تُضاف إليه المادة المتعلقة باللفظ الكنائيّ”([22]).
والإحالة القبليّة “تقتضي العودة إلى الوراء؛ لتحديد مرجع الإحالة وقد ذكر المحال إليه، وفي هذا نوع من الرّبط القبليّ بين أجزاء النّص.”([23]).
الإحالة الدّاخليّة البعديّة
هي الإحالة التي يكون بها المحال إليه قد جاء بعد المحال، فيكون المتلقي يقظًا متحسبًا منتظرًا للضمير المحال إليه يقول دي بوجراند: “يتحتم للفظ الكنائيّ أنْ يركم – يظل جانبًا من دون تحديد- حتى تأتي العبارة المشاركة له في الإحالة، أو يترك بحسبانه حالة نحوية تظل لا مرجع لها في تحليل مهوش حتى يعثر لها في النهاية على مرجع”([24]).
تعد الإحالة البعديّة أقل استعمالًا في النّصوص من الإحالة القبليّة؛ لأنَّها ستجعل المتلقيّ في قلق مستمر حتى يصل إلى الضمير الذي يبين ما هو المحال إليه، فهي “سلاح ذو حدين، فهي إمّا أنْ تجعل المتلقيّ متحفزًا متشوقًا إلى مرجع هذا الرّبط، وإمّا أنْ تقلل من دقة متابعته فيظل المعنى مشوشًا حتى يجد المرجع”([25])، فيبقى المتلقي متأرجحًا بين الدّافعيّة أو الإطفاء؛ لأنَّ المتلقي بطبيعته تواقًا للوصل إلى المعرفة، وكشف الغموض ولا يكون ذلك إلَّا عندما يجد المرجع.
لكن الإحالة البعديّة تحتاج إلى قارئ أو متلقٍ متمكن من قراءة النّص، وصبور في تلك القراءة “فإذا وجد المرجع فقد يحتاج إلى قراءة النّص مرة أخرى للبحث عن ترابط واتساق بين أجزاء النّص، وربما صعب عليه ذلك إذا كان مستمعًا لحوار ربما يكون قد انتهى. وهذا يجعل أمر الإحالة البُعديّة عسيرًا أحيانًا وربما كان هذا سببًا في قلة استخدامه”([26]).
فيظهر السبب في قلة الإحالات البُعديّة المسموعة والمقروءة لاحتمال حصول التّشتت في الفكر لدى المتلقي؛ لذا يُفضل أنْ لا تُترك مسافة بعيدة بين المحيل والمحال إليه “فمن الصعب أنْ نُحافظ على التّرابط بين عناصر، إمّا متباعدة وإمّا غير مؤكدة الهوية بسبب الهويات المرشحة لها”([27])؛ إذ يشكل ذلك البعد في المسافة الغموض لدى المتلقي.
أدوات الإحالة
ويقصد بأدوات الإحالة هي تلك الروابط التي تربط بين أجزاء النّص وتجعله نصًا متماسكًا، يُعطي قراءة واحدة يُكمل بعضها البعض، وليست الغاية من معرفة تلك الأدوات لفهم معناها الخاص وإنّما معرفة ما يحيط بها، وهذه الأدوات تختلف بحسب وظيفة الاتساق للنّص وكذلك كنتيجة لاختلاف المفهوم الإحاليّ عند من كتب به، فالضمائر، وأسماء الإشارة، وأدوات المقارنة هي أدوات إحالة عند هاليدي ورقية حسن([28])، ويضاف إليها الاسم الموصول عند غيرهم، فهو إذًا؛ راجع إلى فهم الإحالة عند من كتب عنها وطبيعة الاتساق للنّص.
المبحث الثاني- مبحث التّطبيق- الإحالة في سورة الأنعام
الإحالة المقاميّة – الخارجيّة
لكي يفهم المتلقي إحالة النّص إلى ما هو خارج النّص “يحتاج إلى جهد للكشف عنها وإيضاح كيفيتها، وتأويل العنصر غير اللغوي الذي يحكمها الموجود خارج النّص، ويستعان في تفسيره بالسّياق أو المقام الخارجيّ، والإشارات الدّالة عليه”([29])، وفي السّور القرآنيّة تأتي الحاجة إلى ضرورة معرفة سبب النّزول وتميز السّور المدنيّة من المكّيّة، فإنَّ السّياق العام للسّور المكّيّة يتحدث عن الإيمان بالله والإقرار بالوحدانيّة له والعقيدة المطلقة بتلك الوحدانيّة، فهي سور تُحاكي المنطلق الرّوحي للإنسان، وسورة (الأنعام) من نماذج السّور المكّيّة التي امتازت بمحاكاة الطابع العام الذي تميزت به السّور المكّيّة في ذكر النِّعم، وعظمة الخالق في خلقه وذكر ما جرى على الأمم السّابقة، وللتّسلسل الزّمني لسّورة (الأنعام) مناسبته في اتساق هذه السّورة مع ما سبقها من السّور؛ إذ نزلت سورة (الأنعام) بعد سورة (الحِجْرِ)([30])، ولهذا النّزول خاصيته وحكمته في تنسيق السّور، فبالنظر إلى الشّكل العام الذي جاءت به سورة (الحِجر) نلتمس بعض ما جاء في ذلك الشّكل، وما عُنيت به سورة (الحِجر) كما يأتي:
- نقلت سورة الحِجْر الحوار بين الله وهو المُنْزِل والمتلقي محمدr ووعيد الكافرين ووعد المؤمنين.
- تحدثت عن تاريخ الأمم السّابقة، وما جرى عليهم مع ذكر ما جرى على الأنبياء السّابقين وموقفهم من طغيان أهل الكفر، وعنادهم وإصرارهم بما هم عليه من كفر، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ﴾ ([31]) إلى قوله تعالى:﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ ([32]).
- مثلت سورة الحِجر الصّراع بين الخير والشّر كما جاء في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾([33]) إلى قوله تعالى:﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾([34]).
- ذِكر عظمة الخالق في خلقه للسّماوات والأرض وما بينهما قال تعالى:﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾([35]).
يظهر الاتساق في سورة الأنعام مع السّورة التي سبقتها في الزّمن وهي سورة الحِجر، وذلك الاتساق يظهر في عظمة الخالق وهيمنته على كلّ شيء في الوجود، فهو الخالق وهو المُلهم.
فإنَّنا لَنَجد في السّورتين حديث يتوزع على أربعة مستويات وهو الخالق والمتلقي محمدوالإنذار للمشركين والبشرى للمؤمنين، فبعد أنْ جاءت المواساة من قبل الله لرسوله من الذي كانوا يستهزءون في سورة الحِجر بقوله: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ* وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ* وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾([36]) جاء الطلب من النّبي أنْ يحمد الله ويكن من السّاجدين، ثم أُردفت بسورة الأنعام لتبدأ بالحمد وذكر استهزاء أهل الكفر في الآية الخامسة من السّورة نفسها فأنبأت النبي بما سيكون بحال المستهزءين، وهذه الإحالة دلَّ عليها سياق الآية؛ إذ “تعتمد المرجعيّة الخارجيّة على سياق الحال؛ لأنَّه في الغالب، من دون السّياق نقف عاجزين أمام تفسير ما يُقال”([37]) ومن ذلك السّياق ما جاء في سورة الإنعام في قوله: ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ﴾([38])، ففي الآية إحالة قد بينها السّياق لِما جاء في سورة الحِجر([39])، وكذلك تنقل لنا سورة الأنعام الصّراع بين الخير والشّر في قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾([40])، ففيها إحالة لما جاء في سورة الحِجر([41])، ثم تأتي الإحالة في سورة الأنعام عند ذكر خلق السّماوات في أول آية من سورة الأنعام لما جاء في سورة الحِجر([42]). وتظهر الإحالات الخارجيّة كما يأتي في الآيات الآتية:
- قال تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾([43]). يقول العَكبري: “والضمير في (فيها) يعود على السّاعة، والتّقدير: في عمل السّاعة، وقيل يعود على الأعمال، ولم يجر لها صريح ذكر، ولكن في الكلام دليل عليها”([44])، فلم يُصرح بالأعمال داخل النّص ولكن السياق دلَّ على المرجعية الخارجيّة.
- قال تعالى: ﴿ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾([45]). فقد جاء الفعل (يُصْرَف) مبني للمجهول ” مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ؛ أيّ: من يصرف العذاب عنه فنائب الفاعل ضمير العذاب، وضمير عَنْهُ يعود على (مَنْ)”([46])؛ لأنَّ عذاب الله قد يشمل الجميع؛ لذا على كلّ إنسان أنْ يكون حذرًا في إقامة أعماله، فإنَّ له مراقب وهو الله، فلم يذكر في النّص المؤمن المترقب وإنَّما يُعرف من قِبل المتلقي وذلك من خلال السّياق في معرفة من تشملهم الرحمة.
- قال تعالى: ﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾([47]). قال الواحدي: “وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ مَكَّةَ كَانُوا يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَيَتَبَاعَدُونَ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْوَالِبِيِّ.”([48])، فهي مرجعيّة خارجيّة لم يُصرح بها تعتمد على فهم المتلقي؛ لذا صار الخلاف في معرفة المعنى، نقل السّيوطي “وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال قال : نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أشدّ النّاس معه في العلانيّة : وأشدّ النّاس عليه في السّر”([49]).
- قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾([50]). فعلى تعدد الضمائر وتعدد المرجع إليه يظهر الغموض، فيمن خصت به الآية لكن عند الرّجوع إلى سبب النّزول قد يتبين ذلك الغموض، فيقال إنَّها: “نزلت في مسيلمة ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله قال: نزلت في عبد الله بن مسعود بن أبي سرح كان يكتب للنّبي صلى الله عليه و سلم فيُملي عليه عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم ثم يقرأ عليه فيقول: نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق قريش وأخرج عن السّدي نحوه وزاد قال: إنْ كان محمد يُوحى إليه، فقد أُوحي وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله قال محمد سميعًا عليمًا فقلت أنا عليمًا حكيمًا”([51]). ويذكر الفخر الرّازي عدَّة وجوه؛ أي: الافتراء على الله كذبًا بادعاء كفار مكة بشراكة الأصنام لله وإنَّهم لمأمورون بتلك العبادة من الله، وبادعائهم بأنَّ الملائكة بنات الله، ونسبوا لله تحريم الحبائر([52]).
وما ورد بين أسباب النّزول وتفسير الرّازي كلها إحالات خارج النّص تتأثر بأسباب خارجيّة قد أظهرتها إشارات وردت في النّص.
الإحالة النّصية – الدّاخليّة
بعد أنْ تبين ما تمتاز به الإحالة النّصيّة، وما تعتمده من أدوات تساعدها في تماسك النّص نأخذ الآن نماذج من سورة الأنعام ساعدت تلك الأدوات في تماسك النّص وتحقق الإحالات.
أولًا: الإحالة الضّميريّة
يعرف الضمير “في فهم النّحاة هو ما دل وضعًا على متكلم أو مخاطب أو غائب”([53]) و “كان الربط بديلًا لإعادة الذّكر في الاستعمال وادعى إلى الخفة والاختصار”([54])، وفي سورة الأنعام تبلغ عدد الضمائر الشّخصيّة العائدة إلى الله (265) ضميرًا وكلّها تعود إلى الآية الأولى وهي قوله تعالى:﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾([55])، حتى أنَّ الضمائر في بقية السّورة تعود في أغلبها إلى الآية الأولى.
نعرض مجموعة من الأمثلة المختارة لسورة الأنعام:
- ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾([56]). إنَّ الضمائر التي تُحيل إلى الله تعالى قد توزعت في هذه الآية على ثلاث كلمات وهي ( الذي، خلق، جعل)، إذ أحال الاسم الموصول والفعل (خلق) والفعل (جعل) إلى مرجعية سابقة لوجود ضمائر مستترة قد أحالت إلى الله عزَّ وجل، قال ابن يعيش: “وجُعل بعضُ المضمرات مستتِرًا في الفعل منويًّا فيه، غُلُوًّا في الإيجاز، وذلك عند ظهور المعنى، وأَمْنِ الإلباس، وذلك في أفعالٍ مخصوصةٍ، فمن ذلك الفعلُ الماضي إذا أُسند إلى واحدٍ غائبٍ”([57])؛ إذ حققت الضمائر المستترة التماسك النّصي بتلك المرجعيّة ويظهر النّص في تقديمه الخلق على الجعل؛ لأنَّ “الخلق فيه معنى التّقدير وفي الجعل معنى التّضمين، كإنشاء شيء من شيء، أو تصيير شيء شيئًا، أو نقله من مكان إلى مكان.”([58])، فيذكر الله حكمته ودقته في ذلك الخلق وعلى الرّغم من ذلك يأتي الكافرون ليعدلوا عن عبادته إلى عبادة المخلوقات.
- ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ﴾([59]). وفي هذه الآية تتوزع الضمائر في (هو، الذي، خلقكم، قضى، الهاء في عنده) كل هذه الضمائر تُحيل إلى الله إنْ كانت ظاهرة أو مستترة متصلة أو منفصلة.
- ﴿ وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾([60]). وفي هذه الآية (هو، يعلم، يعلم) ضمائر تعود إلى الله.
- ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾([61]). الضمائر في الكلمات الآتية: (أهلكنا، مكناهم، نمكن، أرسلنا، جعلنا، فأهلكناهم، أنشأنا).
- ﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾([62])، ﴿وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ﴾([63]). فقد ورد الضمير في الآيتين في كلمة: (نزلنا، أنزلنا).
- ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾([64]). وردت الضمائر في الكلمات الآتية: (جعلناه، لجعلناه، للبسنا).
- ﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾([65]). ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾([66]). الضمائر في الكلمات الآتية: ( كتب، الهاء في نفسه، ليجمعنكم ، له، هو).
- ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ([67])﴾، ﴿ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ([68])﴾، ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾([69]). الضمائر في الكلمات الآتية: (فاطر، هو، يُطْعِمْ، يُطْعَمْ، رحمه، هو، ربكم، فينبئكم).
- ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ﴾([70]). الضمائر في الكلمات الآتية: (هو، يمسسك، فهو).
في كل الآيات المتقدمة جاءت الإحالة النّصيّة قبليّة لكن منها ما كانت الإحالة بها بالضمير المستتر أو الظاهر متصل كان أو منفصل، وهي إحالات مترتبة على ما جاء في الآية الأولى من السّورة.
بنظرة عامة لسورة الأنعام نجد أنَّ ضمير الشّأن إنْ كان منفصل أو متصل (هو، الهاء) – وهو يعود إلى الله -، فهو الغالب على سورة الأنعام بصورة عامة، ما يعطي دلالة هيمنة الله على كل ما ظهر من النِّعم وما خفيّ؛ أيّ: ما يدركه الإنسان أو ما لم يدركه، فالله مسيطر عليه بكل قوته؛ لأنَّ طبيعة ضمير الشّأن يعطي لصاحبه – بالإضافة إلى الهيمنة- “الْفَخَامَةُ بِشَأْنِ صَاحِبِهِ حَيْثُ يُجْعَلُ لِفَرْطِ شُهْرَتِهِ كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكْتَفِي عَنِ اسْمِهِ الصَّرِيحِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ”([71]).
ثانيًّا: الإحالة الإشاريّة
تُمثل الإحالة الإشاريّة شكلًا مهمًا إلى جنب الإحالة الضميريّة عند اللسانيين، فهي تُشابه الضمائر بربط بما يشار إليه([72])، واسم الإشارة “هو ما وضع لمشار إليه”([73])، فعند ارتباط اسماء الإشارة بما يشار إليه يذهب ذلك الإبهام عنها، قال سيبويه: “باب تغيير الأسماء المبهمة إذا صارت علاماتٍ خاصة وذلك: ذا، وذي”([74])، ويظهر استعمال أسماء الإشارة في سورة الأنعام كما يأتي:
- قال تعالى: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾([75]). تبتدئ هذه الآية باسم الإشارة (ذلك) وهي إحالة قبليّة إلى ما جاء من خطاب الله قد سبق هذه الآية إذ ذكر الفخر الرّازي: “وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْهُدَى هُوَ مَعْرِفَةُ التَّوْحِيدِ وَتَنْزِيهُ اللَّه تَعَالَى عَنِ الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ؛ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ الْهُدَى مَا يَكُونُ جَارِيًا مَجْرَى الْأَمْرِ الْمُضَادِّ لِلشِّرْكِ.”([76])، فبعد أنْ ذكر صفات الإيمان ومن وصفهم به اختتم بأنَّه ذلك هو الهدى الذي يريده الله، واسم الإشارة (ذلك) يشار به إلى البعيد، فبعد أنْ جاءت الآيات السّابقة بوصف الإيمان ومنهم أحرى به أشار إلى أنَّه ذلك الهدى المراد.
- قال تعالى: ﴿ وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾([77]). والآية تستعرض موقف النبي إبراهمu من قومه وتُظهر شدة إيمانه بالله وتوحيده له فـ”محاجَتهم إِياه كانت – واللَّه أعلم – في ما عبَدوا مع اللَّه عزَّ وجلَّ من الكواكب والشمس والقمر والأصنام، فقال: (أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ)؛ أي: في توحيد اللَّه.”([78])، ذكر الزّمخشريّ: “وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وكانوا حاجوه في توحيد الله، ونفى الشركاء عنه منكرين لذلك وقد هدان يعنى إلى التّوحيد ولا أخاف ما تشركون به وقد خوفوه أن معبوداتهم تصيبه بسوء إلا أن يشاء ربي شيئًا إلا وقت مشيئة ربي شيئًا يخاف، فحذف الوقت، يعنى لا أخاف معبوداتكم في وقت قط”([79])، فقد أظهر نبي الله إيمانه المطلق بالله.
- قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾([80]). أشار المفسرون في هذه الآية إلى موقف إبراهيمu من قومه عندما استفهمهم في ما حاجوه بالله([81])، فيوضح إبراهيمu في تلك المحاجَّة وصفه للمؤمنين كما ذكر الرّازي: “الَّذِينَ حَصَلَ لَهُمُ الْأَمْنُ الْمُطْلَقُ هُمُ الَّذِينَ يَكُونُونَ مُسْتَجْمِعِينَ لِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: الْإِيمَانُ وَهُوَ كَمَالُ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ. وَثَانِيهِمَا: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ وَهُوَ كَمَالُ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ.”([82]).
- قال تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([83]) حتى الآية ﴿ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾([84]). من الآية (84) حتى الآية (87) كلها إشارة إلى النعم التي أنعم الله على إبراهيم كما ذكر الآلوسي “وذلك أنَّه سبحانه عد نعمته عليه بما جعل في ذريته من الأنبياء عليهم السلام ثم عطف عليه بذكر ما أنعم عليه بما آتى موسى عليه السلام من الكتاب والنّبوة وهو أيضًا من ذريته، والكل كما ترى وإن اختلف مراتبه في الوهن. وثم- كما قال الفراء- للترتيب الإخباري كما في نحو بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت اليوم أعجب.”([85]).
قد أفاد اسم الإشارة في الآية (88) إلى اختصار ما تقدم من الآيات من آية (80) حتى الآية (87) وأشار إلى ما ورد في تلك الآيات، فإنَّ (ذا) إذا لحقتها (الكاف) أُريد بها الإشارة إلى البعيد، فقد ذكر ابن هشام: “وإذا كان المشار إليه بعيدا لحقته كاف حرفيّة تتصرف تصرف الكاف الإسمية غالبًا”([86]).
لقد حقق اسم الاشارة التماسك في هذه الآيات المتقدمة لبلوغها إلى معنى واحد وهو الوصول إلى العقيدة والإيمان بعبوديّة الله ، فبعد أنْ بدأ إبراهيم بمحاجَّة أهل الكفر ثم ذِكر صفات المؤمنين الذين لا يلبسون إيمانهم بالظلم، ذَكر بعدها نعم الله على نبيه إبراهيم وبعد هذه المقدمة جاءت الاشارة إلى ما تقدم بأنَّه الهدى.
الخاتمة والنتائج
- تظهر أهمية الإحالة في البحث ودورها في تماسك النّص؛ إذ تعرض الإحالة النّص كوحدة متكاملة متسقة من الدّاخل ومع الظروف الخارجية التي ساهمت في إنتاج النّص.
- تعتمد الإحالة في مرجعياتها على آراء نحاة العرب وما أسسوا له في أهمية الضمير واسم الإشارة في تماسك النّص.
- بيَّن البحث إسهام الإحالة الخارجيّة في تماسك سورة الأنعام بالسّورة التي سبقتها في النّزول وهي سورة الحِجر؛ إذ ظهرت كوحدة متكاملة في إظهار أهمّيّة العقيدة بوحدانيّة الله وتوحيده عن طريق الإيمان بما جاء به رسوله، وأثر الإيمان في قلوب المؤمنين وإظهار عناد الكافرين بما سيلاقونه من نهايات غير حميدة.
- أظهر البحث أهمية الضمير وما يعنيه من هيمنة الله على كلِّ شيء وقدرته عليه وذلك بكثرة ما ورد من الضمائر التي تعود لله، وكذلك تظهر أهمية اسم الإشارة في إظهار جمالية الاختصار حتى الوصول إلى المطلب أو الغاية المنشودة في داخل سورة الأنعام.
الهوامش
[1] – مدرس مساعد في مديرية تربية محافظة النجف، قسم اللغة العربية . alnhren77@gmail.com
[1]– ابن فارس، معجم مقايس اللغة:(حول).
[2]– الزبيدي، تاج العروس:(حول).
[3]– ينظر: أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصر:1/585- 587(حول).
[4]– أحمد المتوكل، الخطاب وخصائص اللغة العربية:75.
[5]– سيبويه، الكتاب:2/355.
[6]– سيبويه، الكتاب:1/141.
[7]– روبرت دي بوجراند، النّص والخطاب والإجراء:172.
[8]– براون.ج.يول، تحليل الخطاب:36.
[9]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:13.
[10]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:13.
[11]– روبرت دي بوجراند ، النّص والخطاب والإجراء: 332.
[12]– روبرت دي بوجراند، النّص والخطاب والإجراء:322
[13]– جمعان عبد الكريم، إشكالات النّص المداخلة أنموذجًا-دراسة لسانية نصيّة-:349.
[14]– محمد خطابي، لسانيات النّص:17.
[15]– ظ: صبحي إبراهيم، علم اللغة النّصي:41.
[16]-الأزھر الزناد ، نسیج النّص: 118، وينظر:فتحي رزق الخوالدة ، تحلیل الخطاب الشعري: 58.
[17]– ج ب براون وج بول، تحليل الخطاب:239.
[18]– صبحي إبراهيم، علم اللغة النّصي:41.
[19]-ج ب براون و ج بول ، تحلیل الخطاب: 230.
[20]-الأزھر الزناد ، نسیج النّص: 118
[21]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:40.
[22]– روبرت دي بوجراند ، النّص والخطاب والإجراء:327.
[23]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:43.
[24]– روبرت دي بوجراند ، النّص والخطاب والإجراء:327.
[25]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:44.
[26]– أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص:44.
[27]– روبرت دي بوجراند ، النّص والخطاب والإجراء:328.
[28]– ظ: محمد خطابي، لسانيات النّص:18.
[29]– سعيد حسن بحيري، دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية و الدلالة:105.
[30]– ظ: الفخر الرازي، التفسير الكبير:12/471.
[31]– الحِجر: من الآية51.
[32]– الحِجر: الآية74.
[33]– الحِجر: الآية 39.
[34]– الحِجر: الآية42.
[35]– الحِجر آية:85.
[36]– الحِجر من آية:95إلى 99.
[37]– صبحي إبراهيم، علم اللغة النّصي:165.
[38]– الأنعام آية:6.
[39]– من الآية 51إلى 74.
[40]– الأنعام آية:112.
[41]– من الآية39 إلى الآية42.
[42]– الآية:85.
[43]– الأنعام آية:31.
[44]– العكبري، املاء ما منَّ به الرحمن:1/239.
[45]– الأنعام آية:16.
[46]– الآلوسي، روح المعاني:4/106.
[47]– الأنعام آية:26.
[48]– الواحدي، أسباب النّزول:215.
[49]– السيوطي، لباب النقول في أسباب النّزول:100.
[50]– الأنعام آية:26.
[51]– السيوطي، لباب النقول في أسباب النّزول:100.
[52]– ظ: الفخر الرازي، التفسير الكبير:12/501.
[53]– الفاكھي ، شرح الحدود النحویة: 108.
[54]– تمام حسان ، البیان في روائع القرآن:1/137.
[55]– الأنعام:1.
[56]– الأنعام:1.
[57]– ابن يعيش، شرح المفصل:2/327.
[58]– الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل:2/3.
[59]– الأنعام:2.
[60]– الأنعام/3.
[61]– الأنعام/6.
[62]– الأنعام:7.
[63]– الأنعام:8.
[64]– الأنعام:9.
[65]– الأنعام:12.
[66]– الأنعام:13.
[67]– الأنعام:14.
[68]– الأنعام:16.
[69]– الأنعام:164.
[70]– الأنعام:17.
[71]– الزركشي، البرهان في علوم القرآن:4/24.
[72]– ظ: الأزهر الزناد، نسيج النّص:117.
[73]– الرضي الأسترباذي، شرح الكافية:219.
[74]– سيبويه، الكتاب:3/280.
[75]– الأنعام:88.
[76]-الفخر الرازي، التفسير الكبير:13/54.
[77]– الأنعام:80.
[78]– الزجاج، معاني القرآن وإعرابه:2/268.
[79]– الزمخشري، الكشاف:2/42.
[80]– الأنعام:82.
[81]– ظ: الزجاج، معاني القرآن وإعرابه:2/269، النحاس: معاني القرآن:2/453، الزمخشري: الكشاف:2/43، الفخر الرازي: التفسير الكبير:13/49، أبو حيان الأندلسي: البحر المحيط:4/571.
[82]– الفخر الرازي: التفسير الكبير:13/49.
[83]– الأنعام:84.
[84]– الأنعام:87.
[85]– الآلوسي: روح المعاني:4/302.
[86]– ابن هشام: أوضح المسالك:1/141.
المصادر والمراجع
– القرآن الكريم
- إبراهيم بن السري بن سهيل، أبو إسحاق الزجاج(ت311ه)، معاني القرآن وإعرابه، تحقيق: عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب- بيروت، ط1، 1408ه- 1988م.
- أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري(ت616هـ)، إملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات، تحقيق: إبراهيم عطوه عوض، المكتبة العلمية- لاهور.
- أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد(ت338ه)، معاني القرآن، تحقيق: محمد علي الصابوني، جامعة أم القرى- مكة المكرمة، ط1، 1409ه.
- أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت745هـ)، البحر المحيط في التفسير، تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر – بيروت، ط 1420ه.
- أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (ت794هـ)، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه ط11، 1376 هـ – 1957م.
- أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (ت606هـ)، مفاتيح الغيب التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط3،1420ه.
- أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت538هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي-بيروت، ط3، 1407ه.
- أحمد المتوكل، الخطاب وخصائص اللغة العربية( دراسة في الوظيفة والبنية والنمط)، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 1431ه- 2010م.
- أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، أبو الحسين(ت395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ- 1979م.
- أحمد عفيفي، الإحالة في نحو النّص، كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، دط، دت.
- أحمد مختار عبد الحميد عمر(ت1424هـ) معجم اللغة العربية المعاصر بمساعدة فريق عمل، عالم الكتب، ط1، 1429 هـ – 2008م.
- الأزھر الزناد، نسیج النّص، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البیضاء، المغرب1993م.
- براون.ج.يول، تحليل الخطاب، ترجمة: د. محمد لطفي الزليطي- د. منير التريكي، النشر العلمي والمطابع- جامعة الملك سعود، 1418هـ – 1997م.
- جمال الدين، ابن هشام(ت761ه)، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، تحقيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- جمعان عبد الكريم، إشكالات النّص المداخلة أنموذجا-دراسة لسانبة نصية-، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 2009م.
- رضي الدين محمد بن الحسن الأسترباذي(ت686ه)، شرح كافية ابن الحاجب، تحقيق: إميل بديع يعقوب، دار الكتب، بيروت- لبنان، ط1، 1419ه- 1998م.
- روبرت دي بوجراند، النّص والخطاب والإجراء، ترجمة د.تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، 1418هـ – 1998م.
- سعيد حسن بحيري، دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة، مكتبة الآداب- القاهرة، ط1، 2005م.
- شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت1270هـ)، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1415ه.
- صبحي إبراهيم الفقي، علم اللغة بين النظرية والتطبيق، دار قِباء للطباعة والنشر، ط1، 1431ه- 2000م.
- عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت911هـ)، لباب النقول في أسباب النّزول، تحقيق: الاستاذ أحمد عبد الشافي، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان.
- علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، أبو الحسن(ت468ه)، أسباب النّزول، تحقيق: عصام بن عبد المحسن، دار الإصلاح الدمام، ط2،1412ه- 1992م.
- عمرو بن عثمان بن قنبر، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت180هـ)، الكتاب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي- القاهرة، ط3، 1408 هـ – 1988م.
- الفاكھي ، شرح الحدود النحویة، تحقیق: محمد الطیب الإبراھیم ، ط1، دار النفائس 1996.
- فتحي رزق الخوالدة، تحليل الخطاب الشعري، ط1، أزمنة للنشر والتوزيع، عمان الأردن 2006م.
- محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني، أبو الفيض، الزَّبيدي (ت1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية.
- محمد خطابي، لسانيات النّص، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1991م.
- يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت643هـ)، شرح المفصل، تحقيق: الدكتور إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1422ه- 2001م.