آداب اللّغة السّريانيّة وأثرها في اللّغات الأخرى
داليدا الحاج بعينو)[1](
ملخّص
لكلّ أمّةٍ وجودٌ من النّاحية المعرفيّة، والدّلالة التّاريخيّة والإنسانيّة والأثر الواضح، على الشّعوب والحضارات الّتي تليها، لا سيّما الأمّة السّريانيّة الّتي تعرّض شعبها للكثير من الاضطهاد والتّهجير خصوصًا في منطقة الشّرق الأوسط على مراحل تاريخيّةٍ مختلفة، ومن المعلوم أنّ ما تحمّله أبناء الأمّة السّريانيّة من مشقـّاتٍ وقتل ومواجهة بطريقةٍ وحشيّةٍ ربّما لم يتحمّله أيّ شعبٍ آخر بالحدود المعلومة.
لقد حُرم الشّعب السّرياني من كثيرٍ من حقوقه، لا سيّما حقّه بهويته المرتبطة بلغته إلى حدّ عدم القدرة على الإقرار بها. وكان صعبًا عليهم أن يشعروا بالغربة ضمن أراضيهم ونطاق أمّتهم. وعلى الرّغم من الأثر الكبير الّذي تركته اللّغه السّريانيّه لا سيّما في العلوم المختلفه والآداب، بخاصة إذ كان معظم الكتب يُترجم أوّلًا إلى السّريانيّة أكان باللّغة الإغريقيّة أو الهنديّة أو الفارسيّة وبعدها يُترجم إلى اللّغة العربيّة أو اللّغات الأخرى. ما يلفت الانتباه إلى نقطةٍ جوهريّةٍ ألا وهي أنّ غالبيّة العلماء والأدباء كانوا من الأمّة السّريانيّة. ومن هنا على الرّغم من عدم الإقرار بحضورها إلّا أنّها لغةٌ لا يمكن إنكارها أو الشّكّ بأرثها وأثرها الكبيرين كما سيبيّن باختصار هذا البحث العلمي.
Abstract
Among the possessions of every nation are the following: a certain intellectual existence, a historical and humanitarian significance, and an evident effect on the nations and cultures to follow. A remarkable example on that is the Syriac Nation, whose people have suffered persecution and displacement especially in the middle east in various historical eras. It is known as well that the hardships, murder, and brutal confrontations endured by the Syriacs could not perhaps be endured by another nation within the known borders.
The Syriac people were deprived of many of their rights, especially the right to their identity, which is linked to their language, to the point of not even having it acknowledged. It was difficult for them to feel alienated within their lands and in the scope of their nation. Moreover, the Syriac language has held a great impact particularly on various fields of science and literature, as most books were translated first to Syriac, whether from Greek, Hindi, or Persian, and then to Arabic or other languages. This draws attention to the following crucial point: the majority of scholars and writers were Syriac people. Thus, although not well acknowledged, Syriac is a language that cannot be denied. Its legacy and impact cannot be doubted as this scientific article will briefly demonstrate
أهداف البحث
يهدف هذا البحث العلميّ إلى توثيق معلومات حول اللّغة السّريانيّة الّتي حُكي عنها الكثير وعن تداخلها بعديدٍ من اللّغات الأخرى بطريقةٍ متداولةٍ عشوائيًّا، إذ لا توجد مقالات جامعة موثّقة المراجع، تجمع في مكانٍ واحدٍ تاريخ هذه اللّغة ومشتقّاتها ودخولها على اللّغات الأخرى وواقع الطّائفة السّريانيّة الحالي وأثرها في مختلف أنواع العلوم والآداب وصولًا إلى طرح إشكاليّة أفولها.
دراسات سابقة
لم تتوافر عند حدود علم الباحثة أيّة دراسات شاملة وعلميّة عن دخول اللّغة السّريانيّة في اللّغات الأخرى رغم توافر الكثير من المعلومات المتفرّقة منها القليل الموثّق ومنها الكثير غير الموثّق. فجاء هذا المقال ليفتح الطّريق أمام مزيدٍ من البحث حول إرث هذه اللّغة.
منهج البحث المعتمد
اعتمد هذا البحث العلميّ المنهج التّاريخي الاستردادي، إذ إنّ المعرفة التّاريخيّة لبعض الظّواهر الاجتماعيّة مهمّة جدًا من أجل فهم الواقع، ومن هذا المنطلق ظهرت الحاجة للمنهج التّاريخي الّذي يطلق عليه المنهج الاستردادي ويُعدّ استرجاعًا للأحداث المؤرّخة الماضية أو غير المؤرّخة على الرّغم من أنّ هناك الكثير من المعلومات، ساهم هذا البحث في إيجاد مراجع لها غير متداول بها، ومن العلماء المهمّين الّذين استخدموا المنهج التّاريخيّ في دراساتهم الّتي أثّرت في المعارف المختلفة: “ابن خلدون”، و”كارل ماركس”، و”ابن رشد”، وساعدهم ذلك على بناء نظريّات استمرّت عبر التّاريخ. ويرتكز المنهج التّاريخي على اختيار موضوعٍ بحثي معيّن، وجمع المعلومات التّاريخيّة حوله في ظلّ حدودٍ زمانيّةٍ ومكانيّةٍ معيّنة، ومن مميّزات المنهج التّاريخي المهمّة: قدرته على دراسة الظّاهرة في الحقبات الماضية، وكذلك في الواقع، ومن ثَمّ إعطاء مؤشّرات وتنبّؤات لما ستكون عليه الأوضاع في المستقبل. من بين عيوب المنهج التّاريخيّ، إمكانيّة وجود معلومات خاطئة.
مقدّمة
لا يعرف الكثيرون أنّ اللّغة السّريانيّة ما تزال حيّةً في لغتنا العربيّة الفصحى كما العاميّة ولو دخل عليها بعض التّحوير والتّحريف. وهي مشتقّةٌ من اللّغة الآراميّة ويعدُّها بعض الباحثين تطوّرًا طبيعيًّا لها([2]). نشأت اللّغة الآراميّة، وهي أصل اللّغة السّريانيّة، وأصبحت من القرن السّادس قبل الميلاد لغة التّخاطب الوحيدة في ما يعرف ب” الهلال الخصيب” إلى ما بعد الميلاد، حيث تحوّرت تدريجيًّا واكتسبت اسمها الجديد أيّ اللّغة السّريانيّة في القرن الرّابع تزامنًا مع انتشار المسيحيّة في سوريا أو ما كان يعرف ب” بلاد الشام”([3]). ولعلّ أقدم الوثائق السّريانيّة الّتي استخدمت مصطلح “اللّغة السّريانيّة” بدلًا من “اللّغة الآراميّة” تعود للعام 132 في الرّها([4])، إذ ما يزال الباحثون حتّى اليوم يعدُّون أنّ الرّها هي مهد اللّغة وتشير أقدم الوثائق الّتي عُثر عليها إلى أنّ مصطلح “سريانيّة” يرجع للعام 132م. علمًا أنّ غالبيّة هذه الوثائق القديمة تتحدّث عن المسيحيّة، أمّا الوثائق الباقية الموجودة فتتعلّق بالوثنيّة الّتي كانت سائدةً في الرّها، وعلى الرّغم من ذلك فتسمية “سريانية” لم تصبح سائدةً إلّا مع الدّيانة المسيحيّة([5]). ولعلّ قلّة أو ندرة الوثائق السّريانيّة المرتبطة بالوثنيّة، تعود إلى إتلاف المؤلّفات الّتي تتغنّى بالأوثان وتمجّدها من قبل السّريان بعد اعتناقهم المسيحيّة، إذ أنشأ الأدباء فيهم تراثًا مسيحيًّا جديدًا للّغة السّريانيّة([6]). ومن الوثائق الّتي كُتبت في الحقبة ما بين القرن الثّاني والقرن الخامس، مؤلّفاتٍ لاهوتيّةً أحدها في القرن الثّالث، وهو رسالةٌ من اللّاهوتي “بولس السّمساطي” إلى ابنه([7]). تراجعت هذه اللّغة مع تطوّر اللّغات الأخرى، لا سيّما عند أهلها أبناء الأمّة السّريانيّة، علمًا أنّ الكثير من الشّعوب تتحدّث بها وتكتب بها من دون معرفة أصلها وجذورها التّاريخيّة. فهي تضمّ آلاف الأسماء والأفعال ومايزال حتّى اليوم معظم أسماء المدن والقرى وأراضي ومواقع بلاد الشام والرّافدين آراميّة – سريانيّة الأصل. وفي بعض المناطق كالقلمون وصيدنايا ومعلولا في سوريا بقي الأهالي يتكلّمون السّريانيّة حتّى القرن السّادس والسّابع عشر ميلادي وفي بخعة السّوريّة معظم السّكان، بل كلّهم، من المسلمين ويتكلّمون السّريانيّة حتّى اليوم([8]). تجدر الإشارة إلى أنّه ما تزال جذور الآراميّة – السّريانيّة حيّةً في الموسيقى والغناء والطّرب العربي كالموشّحات الأندلسيّة، والقدود الحلبيّة، وغيرها، فهي ألحانٌ آراميّة سريانيّة الأصل والدّليل على ذلك مقارنتها بألحان وسلّم موسيقى الأناشيد الدّينيّة والتّسابيح في الكنائس السّريانيّة حتّى اليوم. كذلك ألحان العتابا والميجانا وأوزانها والزّجل والقرّادي والمعنّى وغيرها هي ألحان سريانيّة، من التّراث الشّعبي في المشرق العربي وفي سورية ولبنان وفلسطين والعراق بشكلٍ خاص. إلى جانب الكثير من الكلمات والتّعابير السّريانيّة الآراميّة الّتي أخذتها شعوب أوروبا الشّرقيّة والغربيّة، وهي موجودة اليوم في اللّغات اللّاتينيّة، وما كلمة “أوروبا” إلّا كلمة آراميّة الأصل تعني “غروبا” أيّ الغرب، وقد أعطاها الفينيقيّون الّذين يُعدُّون أبناء الآراميّين هذا الاسم، وهي أساسًا لم يكن لها اسم شامل جامع قبلهم([9]). وتُبيّن دراسة آثار الإمبراطوريّة الفارسيّة أنّ معظم الكتابات القديمة الباقية لا سيما في متحف طهران كُتبت باللّغة الآراميّة. بعد اللّغة المسماريّة الّتي كانت سائدةً في حضارة ما بين النّهرين([10]).
السّريانيّة واللّغة المحكيّة (اللّبنانيّة)
تبرز قوّة اللّغة السّريانيّة بأنّها ما تزال محكيّةً حتّى هذه اللّحظة، أي حتّى يومنا، ومن بعض الكلمات السّريانيّة الّتي ما تزال مستعملةً هي كالآتي:
لَقَطْ = قَبَضَ
فَرَمْ = قَطّعَ
مَرْتِي = زوجتي
لَطَا = اختبأ
سَكَّرْ = اَقفَلَ
نَبَشْ = حَفَرَ
نَكَشْ = نَبَشَ
شوب = حرّ
منتوش = ممزّق
فَرْشَخْ = باعد رجليه
تْغَنْدَرْ = تَبَخْتَرَ وتمايل بالمشي
برّا = في الخارج
جوّاني = في الداخل
دَقَرْ = لَمَسَ
واوا = أَلَمْ
دَعَكْ = عَجَنَ
حَيْلَكْ = قُوَّتُكَ
حَصير = عُشبٌ مُجَفّف
حَوْشْ = منطقة
باخْ = فَقَدَ لَوْنَه
بَحَشْ = حَرَثَ الأرض
فَشَّط ْ = انفَلَشَ في الكلام الى حدِّ الكذب
تْفَرْكَشْ = تَعَثَّرَ
فَشَخْ = خطا خطوة الى الأمام
عصر السّريانية الذّهبيّ
يُجمع الباحثون على أنّ اللّغة السّريانيّة عاشت عصرها الذّهبي في الحقبة ما بين القرن الرّابع والقرن السّادس، فتميّزت تلك المرحلة بغنى الإنتاج الأدبيّ والعلميّ، إن بشكل التّأليف أو من خلال التّرجمة. وأدّى ذلك إلى بروز أعلام في اللّغة والشّعر والأدب واللّاهوت، ولو أنّ هؤلاء غير معروفين أو غير منتشرة أعمالهم في يومنا هذا([11])، كالقديس “افرام السّرياني” الّذي توفّى العام 373 م، وهو من أسّس مدرسة نصّيبين بهدف تعليم اللّغة السّريانيّة، كذلك ألّف ستّة مجلّدات باللّغة السّريانيّة تحتوي على صلوات وأشعار أغنت الأمّة السّريانيّة، ويعدّ اكتشافها أو الإضاءة عليها من الثّروات الأدبيّة المهمّة في كنيسة اليوم، كما ألـّف مقطوعاتٍ موسيقيةً، تطوّرت معها الموسيقى المشرقيّة، فلقّب عن جدارة واستحقاق ب” تاج الأمّة السّريانيّة”، وما تزال مؤلّفاته ترنّم حتّى اليوم في مختلف الكنائس الّتي تتّبع الطّقس السّرياني، فكانت مؤلّفاته الدّليل السّاطع إلى جانب عدد من العلماء والأدباء على النّمو والتّطور الأدبي الّذي ميّز به اللّغة السّريانيّة في القرن الرّابع([12]).
الأدب السّريانيّ
لا يمكن للمتخصّصين في دراسة السّامية، إلّا وأن يلتفتوا إلى اللّغة السّريانيّة كمدخلٍ لدراسة المسيحيّة السّريانيّة الّتي حفظت عددًا من النّصوص اليونانيّة المسيحيّة المترجمة إليها، ولم يعد لها وجودٌ اليوم في لغتها الأصليّة، وقد كانت السّريانيّة الوسيط بين العلوم اليونانيّة القديمة والعالم الإسلاميّ إذ إنّ الكتب اليونانيّة كانت تترجم من السّريانيّة إلى العربيّة، وكانت لغةً أدبيّةً ثريةً بشكلٍ استثنائيّ، فإلى جانب الكتب الّتي اُلّفت باللّغة السّريانيّة فإنّ الكثير الكثير من الكتب تُرجمت إلى اللّغة السّريانيّة، كالكتاب المقدّس وعدد من التّرانيم الرّوحيّة والقصائد والأعمال الأدبيّة الإغريقيّة، وكتب تاريخ وقانون وسِيَر قدّيسين وكتب فلسفة ونحو وطب وغيرها. من أبرز الكتـّاب والمؤلـّفين الّذين لم يجدوا منافسين لهم في الأدب السّرياني، “مار أفرام” الّذي وصف بالسّرياني، ونال لقب “كنّارة الرّوح القدس ” للياقة شعره وجمال أسلوبه حيث كان يستخدم أسلوبين أو شكلين في كتابته للشّعر، الأوّل شكل الخطاب المحكي في قالب موزون من رواية أو عظة ملحميّة، والشّكل الثّاني فنّي يصلح للتّرنيم بشكلين مختلفين، إن في جوقة واحدة أو في جوقتين اثنتين([13]).
فيما عُدَّ القدّيس “نرساي”([14]) من الكنيسة المشرقيّة، من أبرز الشّعراء السّريان الشّرقيّين، بعد الانشقاق الكنسي بين الشّرقيين والغربيّين. ويعدُّ “ابن العبري” آخر الكتـّاب السّريان المهمّين، والّذي شملت مؤلّفاته مختلف جوانب العلوم والمعارف في اللّغة السّريانيّة، بما فيها النّحو والشّروحات الكتابيّة ولعلوم. وتُعدُّ موسوعة “ميخائيل الكبير” بطريرك السّريان الغربيّين الّتي تضمّ 21 كتابًا من بين الأعمال التّاريخيّة العديدة المكتوبة بالسّريانيّة الأكثر أهميّةً وأثرًا، وهي تغطّي التّاريخ الكنسي والعلماني في حقبةٍ امتدّت إلى العام 1195 وتأتي أهميّتها أنّها تعتمد على مصادر تاريخيّة متعدّدة على الرّغم من ضياع النّسخات الأصليّة وقد حافظت على ما ذُكر بها. من بين الشّخصيّات الّتي تركت أثرًا أيضًا في اللّغة السّريانيّة، لا بدّ من ذكر المطران “توما أودو”([15])، وكما ذُكر سابقًا ترجم السّريان معظم الكتابات المسيحيّة اليونانيّة إلى لغتهم، وهذا الكمّ الكبير من التّرجمات يُعدُّ مصدرًا رئيسًا للكثير من الكتب اليونانيّة الّتي فقدت أو اختفت في نسختها الأصليّة. كما ترجم السّريان كذلك أعمال يونانيّة في شتّى المجالات كمؤلّفات “أرسطو” وغيره من الفلاسفة الإغريق بالإضافة إلى كتب الطّب والعلوم الرّئيسة الّتي كانت موجودة في اليونان القديمة. كان لهذه التّرجمات دورٌ شديد الأهميّة لقيام الحضارة الإسلاميّة إذ تُرجم معظم الكتب اليونانيّة للعربيّة عن نسختها السّريانيّة وليس من المصدر مباشرة، فالفضل يعود للسّريان بانتشار تأثير العلوم اليونانيّة في العالم الإسلامي في ذلك الوقت([16]).
من الأسماء السّريانيّة المهمّة الّتي برزت في مجالي اللّغة والنّحو وكانت من مختلف الكنائس والطّوائف، نذكر: من القرن السّادس “يعقوب الرّهاوي”، ومن القرن السّابع “عنانيشوع الحديابي”، ومن القرن التّاسع “حنين بن إسحاق” و”يشوعداد المروزي”، ومن القرن العاشر “بار علي” و”ابن بهلول” و”إيليا بارشينايا”، وفي القرن الثّالث عشر “ابدوكوس” و”ابن العبري”، و”عبد يشوع الصوباوي” في القرن الرّابع عشر. أمّا في في العصر الحديث أيّ في الزّمن المعاصر فبرزت شخصيّات أخرى كالأب “جبرائيل قرداحي” من أكبر علماء اللّغة السّريانيّة في الكنيسة المارونيّة والمطران “طيموثاوس إرميا مقدسي” والمطران “أوجين مِنا”، من الكنيسة الكلدانيّة الكاثوليكيّة، والمطرانان “فيلكسينوس يوحنا دولباني” و”بولس بهنام” من الكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة والأب “إسحق أرملة” من الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة([17]) .
الانقسامات والمماحكات اللّاهوتيّة
تأثّرت اللّغة السّريانيّة بشكلٍ كبيرٍ بالانقسامات الّتي ظهرت، لا سيّما في أوائل القرن السّادس وقد برزت اللّهجة الشّرقيّة والأبجديّة المنسوبة إلى شرق نهر الفرات، وسُمّيت آنذاك باللّهجة النّسطوريّة، وذلك بسبب انتشارها واعتمادها في الكنيسة المشرقيّة الآشوريّة، وذلك بالتّزامن مع بروز الصّيغة اللّاخلقيدونيّة([18]) (الكنائس غير الخلقيدونيّة) الّتي حاول عددٌ من الأباطرة القضاء عليها، وقاموا باضطهاداتٍ عنيفة على أتباعها، في وقت حاول عدد آخر من الأباطرة توحيد الصّيغتين ولكنّهم باءوا بالفشل، من بينهم، “هرقل” الّذي اقترح صيغة ” المونوثيليّة” أي الطّبيعتين المتّحدتين في مشيئة واحدة([19])، بالتّزامن، ظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربيّة، وفَتح بلاد الشّام، بمساعدة المسيحيّين العرب([20]) والشّعب السّرياني، على مثال معركة اليرموك، ومعركة القادسيّة، ما أسّس لمرحلة من التّفاعل بين الحضارتين العربيّة والسّريانيّة([21])، بعدها بين اللّغتين. تجدر الإشارة إلى أنّه في عهد الخليفة الأُمويّ معاوية بن أبي سفيان، بقيت اللّغة السّريانيّة لغة الدّواوين والوزارات وصولًا إلى عهد الخليفة “عبد الملك بن مروان”، إذ إنّ الشّعب السّرياني سيطر على كثيرٍ من القطاعات الحيويّة للدّولة كقطاع بناء الأساطيل، وجمع الضّرائب، وحظي بامتيازات كثيرة، إلى أن بدأت مرحلة مختلفة كليـًّا مع قيام الخلافة العباسيّة والّتي تمثّلت بمرحلة التّرجمة، فلم يكن العرب يعرفون اللّغة اليونانيّة الّتي كـُتبت بها معظم المؤلّفات العلميّة القديمة كمؤلفات أفلاطون وأرسطو وغيرهما، فاهتمّ بالتّرجمة والنّقل إلى العربيّة إلى جانب الخلفاء، الوزراء والأمراء والأغنياء، وأنفقوا الأموال الطّائلة عليها، ولا بدّ هنا من ذكر ما قاله “ابن الطقطقي”([22]): إنّ البرامكة شجعوا تعريب صحف الأعاجم، وكانوا يعطون الّذي يقوم بالتّرجمة زنة الكتاب المعرّب ذهبًا، كذلك بالغ “الفاتح بن خاقان” في الإنفاق على التّرجمة والتّأليف، وعلى خطاه سار “عبد الملك بن الزيات”([23]).
أدّت اللّغة السّريانيّة بسبب كلّ هذا النّشاط، وما رافقه من تطوّر وترجمات ونهضة، دورًا أساسيًا في خلق الحضارة العربيّة، هذا وقد أكرم العبّاسيّون في خلال عصرهم الذّهبي الشّعب السّرياني بحفاوةٍ لا مثيل لها، ويذكر المؤرّخون العرب القدامى أنّ الخليفة المنصور اهتمّ ببناء بطريركيّة كنيسة المشرق الآشوريّة وهو يبني مدينة بغداد، وشيّد مدرستين سريانيّتين في المدينة، كانتا أساس عمليّات التّرجمة قبل تأسيس بيت الحكمة، وكان بديهيًّا أن يكون أطبّاء الخلفاء من السّريان، وعُدَّ أشهرهم “بختيشوع”([24]). هذا الانفتاح جعل الشّعب السّرياني يهتمّ بتعلّم اللّغة العربيّة، الّتي نقلوا إليها المؤلّفات اللّاهوتيّة والشّعريّة الكنسيّة، وقد أخذت بالانتشار بين الرّهبان والإكليروس كافّة، ومن هنا بدأ فقدان أصل اللّغة، وانتشارها كلغة تخاطب فحسب في العراق خصوصًا. إلّا أنّ التّهديد الّذي شكّله تنظيم الدّولة الإسلاميّة في العراق وسيطرته على عددٍ من المناطق وأثره على تراجع عدد السّريان من 1.5 مليون نسمة إلى 400 ألف استنهض الهمّة لدى السّريان للتّشبّث بالطّقوس السّريانيّة والتّمسك باللّغة من جديد، وتشهد المرحلة الحاليّة ثورةً إعلاميّةً لنشر اللّغة من خلال صحف وقنوات خاصّة بالشّعب السّرياني، إلى جانب المديريّة العامّة للتّربية والتّعليم السّرياني والمدارس الّتي تدرّس مناهجها باللّغة السّريانيّة([25]).
السّريانيّة والقرآن
يقول بعض المستشرقين إنّ القرآن على صلةٍ وثيقةٍ باللّغة السّريانيّة، ويحوي بعضًا من الألفاظ الأعجميّة (السّريانيّة) ومن أشهر هؤلاء المستشرقين هو الالماني شفاليّ([26]) الّذي عدَّ أنّ كلمة قرآن مشتقّة من كلمة قِريانا أيّ كتاب الفصول lectionary أو كتاب القراءات الطّقسيّة. من جهةٍ ثانية، اختلف الأئمّة حول المُعرَّب في القرآن، ويمكن عدُّ أنّ هؤلاء يمثّلون ثلاث وجهات نظر، فمنهم من عدَّ أن لا وجود لأيّ عبارات غير عربيّة في القرآن ومن بينهم الفقيه الإمام “محمّد بن إدريس الشّافعي” وهو الأكثر تشدّدًا بإنكار أيّ وجودٍ لألفاظٍ أعجميّة، والمؤرّخ “ابن جرير الطّبري”([27]). أمّا القسم الثّاني فعدَّ أصحابه أنّ القرآن يحتوي بعض الألفاظ الأعجميّة ولكنّ هذا لا ينفي كونه قرآنًا عربيًّا ومن بين هؤلاء “ابن عبّاس” و”أبو موسى الاشعري” و”جلال الدّين السّيوطي”([28]).
أمّا الفريق الثّالث فقد حاول التوسّط بين الطّرفين الآخرين عادًّا أنّ هـذه الأحرف أصولها أعجميّة، لكنّهـا وقعـت للعـرب، فعرّبوها بألسنتهم وحوّلوها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظهم فصـارت عربيـّة، ثـمّ نـزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، ومن بين هؤلاء “الجواليقي أبو عبيدة القاسم بن سلام”([29]).
للّاهوتي العراقي “الفونس منجانا” Alphonse Mangena قراءة مختلفة عارضها العلماء المسلمون، تقول إنّ المعرفة النّاقصة أو القليلة باللّغة السّاميّة إلى جانب العربيّة أو بالمقارنة مع العربيّة جعلت من استنتاجات العلماء المسلمين غير دقيقة واعتمادها غير جدير بالثّقة، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك عادًّا إيّاها مضلّلة. وعدَّ أنّ معالجة النّص القرآني، يجب أن تترافق مع الكفايات اللّازمة لدى الباحث، أيّ المعرفة باللّغة السّريانيّة والعبريّة والحبشيّة واتقانها كما يجب، لا سيّما وأنّ للّغة الأولى أي السّريانيّة تأثيرًا واضحًا على النّصّ القرآني. ويوزّع اللّاهوتي العراقي مِنجانا نسب تأثير اللّغات الأجنبيّة على مصطلحات القرآن كالآتي الحبشيّة 5% والفارسيّة 5 % والعبريّة 10 % واليونانيّة واللّاتينيّة 10% والسّريانيّة 70%[30]. صدر في العام 2000 كتاب باسم مستعار لباحث ألماني “كريستوف لوكسنبرغ”، يقدّم نظريّة أنّ القرآن كتاب سريانيّ، مرتكزًا بذلك إلى فرضيّة إزالة التّنقيط الّتي تؤدّي إلى قراءة سريانيّة وفهمها بطريقة ومعان مختلفة، طبعًا لم يسلم هذا الكتاب من الانتقادات ومن محاولات نقده، وإثبات عدم صحّته على مدى أكثر من عشر سنوات ومن بين منتقدي فرضيّة لوكسنبرغ الدّاعية الإسلامي د. “عدنان إبراهيم” عادًّا أنّ غير المفهوم من تفسير القرآن ليس إلّا مواضيع بسيطة لا تحتاج إلى السّريانيّة في تفسيرها، وطرح وجهة نظر أو مثالًا قال فيه إنّ هناك كلمات ذات جذور عربيّة في اللّغة الإنجليزيّة، فهل يعقل أن يخرج أحد ويقول إنّ الكتابات الإنجليزيّة عربيّة؟([31]) في المقابل دعم “حامد عبد الصّمد”- مدرّس التّاريخ الإسلاميّ في جامعة ميونخ فرضيّة لوكسنبرغ عادًّا أنّ عمله بكشف الغموض عن الألفاظ القرآنيّة يشبه ما فعله “شامبيليون” بفكّ رموز الهيروغليفيّة([32]).
الحروف المقطّعة في القرآن والسّريانيّة
لفت انتباه عددٍ من الباحثين احتواءُ القرآن على أحرفٍ مقطّعة تبدأ بها السّور، ما عُدَّ كأحجية حول وجود هذه الأحرف من دون مسوّغ إذ لا معنى لها في اللّغة العربيّة، فعلى سبيل المثال وردت أحرف الم والر وكهيعص وغيرها في 29 سورة، إلّا أنّ وجود معانٍ لهذه الأحرف في اللّغة السّريانيّة، طرح الأمر على طاولة البحث لا سيّما من قبل الباحث السّعودي لؤي الشّريف([33])، على الرّغم من اعتراض باحثين آخرين على اعتماده مصادر الكترونيّة للتّرجمة لدى مقاطعته بين المعاني.
يقول الشّريف إن ألم: تعني “اصمت” عادًّا أنّ “داوود النّبي” كان يستخدمها أو يردّدها عندما كان يريد قول شيء مهم، كما هو مذكور في التّوراة ليومنا. وعندما وردت هذه الحروف المقطّعة في القرآن في سورة “البقرة” كما ذكر الشّريف تصبح كالآتي: ﴿اصمت فذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتـّقين﴾.
يشير الشّريف إلى عبارة ألر: وتعني “تبصّر” أو “تأمّل بقوّة”، موضّحًا أنّه عندما يُتّمعّن بكلّ الآيات الّتي وردت بعد ألر في القرآن الكريم نجد أنّها تحتوي على شيء ” يُتبصر أو يُتأمّل فيه”، على سبيل المثال سورة “يوسف”: ﴿ألر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾. كهيعص: وتعني “هكذا يعظ”([34]).
تأثير السّريانيّة على اللّغات واللّهجات الأخرى
على الرّغم من انحسار السّريانيّة بَدءًا من القرن الرّابع عشر، إلّا أنّ تأثيرها بدا واضحًا على اللّغة العربيّة واللّهجات العربيّة في الشّرق، تحديدًا اللّهجات الشّامية الّتي عُدّت خليطًا من السّريانيّة والعربيّة([35])، ومن أمثلة الالتقاء أو أوجه الشّبه بين اللّغتين، كسر أواخر الكلمات ( رمزيي بدلاً من رمزيّة مثلًا )، حذف الهمزة وإضافة الواو أو الضّمة بدلًا من الفتحة في فعل الأمر (سكوب بالشّاميّة يقابلها اسكب باللّغة العربيّة)، الجمع بإضافة الياء إلى آخر الكلمة، كما في “لبنانيي” باللّهجة اللّبنانيّة كجمع كلمة لبناني، يقابلها “ܠܒܢܘܢܘܝܵܐ” لبنونويي باللّغة السّريانيّة.
تجدر الإشارة إلى أنّ ترجمة السّريان للكتب الفلسفيّة وكتب علوم الطّبيعة من اليونانيّة والفارسيّة إلى السّريانيّة ومن ثمّ تعريبها، أدّى إلى انتقال عدد لا بأس به من المصطلحات من اليونانيّة إلى العربيّة عن طريق السّريانيّة ومنها: فيزياء (“ܦܘܿܣܝܼܩܘܿܣ”، پوزيقُس) وفلسفة (“ܦܝܼܠܵܣܘܿܦܝܼܵܐ”، پِلَسوپيّا) ([36]). لم يتأثّر المشرق فحسب بالسّريانيّة إذ أدّى تحوّل بعض الهنود إلى الدّيانة المسيحيّة جنوب غرب الهند، إلى انتشار اللّغة السّريانيّة كلغةٍ طقسيّة ما أثـّر على لغتهم الأم المالاياميّة، كما انتقل تأثيرها إلى قواعد لغة التاميل في الجنوب الشّرقي من البلاد([37]). كذلك انتشرت الأبجديّة السّريانيّة في معظم بلدان آسيا الوسطى واشتُقّت منها أبجديّات عدّة مثل: المنغوليّة والصّغديّة والمجريّة القديمة([38]).
لقد وصلت المسيحيّة إلى الهند من خلال أسقف البصرة “مار داوود” آنذاك، الّذي حوّل عددًا كبيرًا من الهنود إلى المسيحيّة، وفي النّصف الأول من القرن الرّابع، كادت المسيحيّة في مليبار (منطقة في جنوب الهند) أن تندثر، لولا أسقف من الرّها يدعى “يوسف” وتاجر كبير اسمه “توما” عُرف في ما بعد ب”توما” الكنعانيّ([39])، وكانت تجارته في الهند، الّتي سافر إليها سنة 339 ميلاديّة وتحديدًا إلى ساحل مليبار، حيث التقى بمجموعات يعلّقون صلبانًا على صدورهم فعَرف أنّهم مسيحيّون، واكتشف من خلال التّواصل معهم أنّهم بحاجة إلى مطران وكهنة للخدمة، فما كان منه إلّا أن أطلع الكرسي الرسولي على وضعهم وعاد إليهم في العام 345 مع جالية سريانيّة من شمال سوريا، من اثنتين وسبعين أسرة بمن فيهم الكهنة والشّمامسة، وقد ساعد وجود هذه الجالية هناك في إنعاش التّجارة في البلاد، ومُنِحت بعض الامتيازات والأراضي([40])، ما رفع شأنها، وجعلها متساوية مع الهندوس في كلّ شيء، فأسّست كنيسة وشيّدت منازل شمالي معبد الملك([41]). لم تتداخل الجالية السّريانيّة الّتي أتت من سوريا مع المسيحيّين الّذين كانوا من أصل هندي (الّذين تنصّروا على يد القدّيس “توما” عندما ذهب إلى الهند في العام 52 م)، وسكنت جنوب المدينة، بينما سكن المسيحيّون الهنود في شمالها، وأخذوا أسماءها، وتميّزوا عن بعضهم بالتّقاليد والعادات الإجتماعيّة([42]).
أثّر وجود هذه الجالية كثيرًا في تاريخ الكنيسة السّريانيّة الهنديّة ورُفعت منزلة المسيحيّين الاجتماعيّة في تلك البلاد ما عزّز دعائم الوجود المسيحي، وساهمت في نشره إلى جانب الهند، في بنغال والصين، وشدّدت أواصر العلاقات بين الكنيسة الهنديّة والكرسي الأنطاكي في المشرق، وفرضت اسم السّريان على الكنيسة الهنديّة، فدُعي الهنود المسيحيّون سريانًا واهتمّوا بنقل رفات القدّيس “توما” إلى الرّها([43]). تفرّقت الكنيسة السّريانيّة الهنديّة في الهند مع الأيّام إلى طوائف عدّة هي: الكاثوليك والنّساطرة والأونيوريّون والبروتستانت والتّوماويّون. وبلغ عدد الكاثوليك عدّة ملايين أسّسوا الكنائس والأديرة والمستشفيات والكلّيات والمدارس، وأنشأوا الأبرشيّات، بدعم من روما. أمّا النّساطرة فكانوا طائفة قليلة العدد، لا تتجاوز العشرة آلاف نسمة، يدير شؤونهم مطران يعيّنه بطريركهم المقيم في العراق( [44]). أمّا السّريان التّوماويّون، أتباع “أثناسيوس توما” الّذي انشق عن الطّائفة السّريانيّة الأرثوذكسيّة الأم، فاقتصر نشاطهم على تعميد البوذيّين، ويبلغ عددهم اليوم نحو مئتي ألف، وعقيدتهم سريانيّة أرثوذكسيّة.( [45])
حاضر الطّائفة السّريانيّة – الهند نموذج
انقسمت الطّائفة السّريانيّة الأرثوذكسيّة في الهند منذ العام 1914 إلى قسمين: الأوّل تبع البطريركيّة الأنطاكيّة في دمشق، والثّاني استقل بأموره الكنسيّة، لكن تحت سلطة الكرسي الأنطاكي، فأضعف هذا الانقسام الكنيسة السّريانيّة الهنديّة ماديًّا ومعنويًّا. وأفقدها عددًا من رعاياها الّذين لجأوا إلى الطّوائف المسيحيّة الغربيّة، وفي العام 1964 سافر البطريرك إ”غناطيوس يعقوب الثّالث” إلى الهند ووضع حدًّا للخلاف النّاشب هناك، ووحّد الفريقين تحت رئاسة كرسي انطاكيا في دمشق([46]). تجدّد الخلاف مرّة ثانية في العام 1971 إذ انشقّ كبير المطارنة “متى” الأوّل وتمرّد، فتفاقم الأمر عندما أعلن العصيان على البطريرك “إغناطيوس يعقوب الثّالث” ما أدّى إلى حرمانه من قبل المجمع السّرياني الأرثوذكسي العام. قامت الدّعاوى في المحاكم الهنديّة في كيرالا ثم في نيودلهي وظلّت قائمةً حتّى العام 1995، حين صدر حكم بوجوب القبول بأنّ قداسة البطريرك هو الرّئيس الرّوحي لأعضاء الكنيسة السّريانيّة الّتي لا تتجزّأ من كنيسة أنطاكية السّريانيّة الأرثوذكسيّة الجامعة على أن تقتصر سلطة البطريرك على الشّؤون الرّوحيّة من دون أيّ سلطة دنيويّة أي ماديّة([47]). يبلغ عدد أفراد الطائفة السّريانيّة الأرثوذكسيّة في الـهند، ستّة ملايين، معظمهم في ولاية كيرالا، ولـهم كنائس ومستشفيات ومدارس وثانويّات وجامعات([48]). من اللافت أن يتمتّع أبناء الطّائفيّة السّريانيّة في الهند، بالحريّة المطلقة إن بممارسة شعائرهم الدّينيّة وطقوسهم وصلواتهم وأصوامهم أو بإظهار الإيمان والورع والتّقوى. إلّا أنّ اللّغة السّريانيّة لغتهم الأم، يدرسها طلّاب المعاهد الدّينيّة فحسب، ويتقنها بعض النّاس الّذين يرغبون بذلك. علمًا أنّ السّريان يشاركون في الحياة السّياسيّة في الهند لا بل ينخرطون بشكلٍ مباشرٍ وعميقٍ في العمل بالشّأن العام ويتولّى العديد منهم مراكز حسّاسة ورفيعة ولهم وزراء وسفراء([49]). إلى جانب الهند والعراق وبعض المناطق في الشّرق الأوسط تجدر الإشارة إلى أنّه ماتزال هناك مجموعات صغيرة، من السّريان والنّاطقين بالسّريانيّة في كوريا الجنوبيّة واليابان حتّى اليوم([50]).
أفول اللّغة السّريانيّة
يمكن القول إنّ اللّغة السّريانيّة تقلّصت ولم تندثر كليًّا أيّ أنّ التّداول بها تراجع لأسباب سياسيّة مرّت بالمنطقة وشعوبها وليس أقلّها سياسة طمس الهويّة، ومعروف أنّ اللّغة هي من مقومات الحفاظ على الهويّة المهمّة. فإصابة الدّولة العباسيّة بالضّعف، منذ القرن الثّامن، حتّى القرن الثّالث عشر، أثّر سلبًا وبشكل مباشر على اللّغة السّريانيّة، إلى جانب تعثّر الاقتصاد، وموجات الأوبئة الطّبيعية، والفوضى السّياسيّة، وانقسام الدّولة إلى عددٍ كبيرٍ من الدّول الشّبه المستقلّة عن الدّولة المركزيّة، فضلًا عن الحملات الصّليبيّة. كلّ ذلك أدّى إلى تراجع اهتمام الخلفاء بالعلوم، والآداب، والتّرجمات، فكان ذلك عاملًا جوهريًّا في اتّجاه اللّغة السّريانيّة نحو الأفول، ومع بداية القرن الحادي عشر بدأ النّاس في سوريا ولبنان باستخدام اللّغة العربيّة بدلًا من السّريانيّة في تعاملاتهم وتواصلهم، والدّليل على ذلك تمثّل في كتابي “الهدى” و”الفصول العشرة” الّلذين ترجمهما أسقف كفرطاب الماروني توما وهما كتابان كُتبا باللّغة السّريانيّة في القرن العاشر، هو رسالة موجّهة إلى أهل جبيل. لتسهيل التّواصل انتشرت ظاهرة الكتابة الغرشونيّة أو الكرشونيّة وكانت إحدى المظاهر الّتي ساهمت في انتشار اللّغة العربيّة بدلًا من اللّغة السّريانيّة وظلّت سائدة حتّى القرن الثّامن عشر في بعض المناطق اللّبنانيّة، واستعملها البطريرك الماروني “أسطفان الدويهي” في مؤلّفاته، والخطّ الكرشوني هو كتابة اللّغة العربيّة بحروف سريانيّة، لأنّ السّريان على الرّغم من اتقانهم اللّغة العربيّة إلّا أنّهم لم يتقنوا الحروف العربيّة، وذلك حتّى القرن الحادي عشر إذ أصبح معظم السّريان على اطلاع باللّغة العربيّة([51]).
استنتاجات
- نستنتج من هذا المقال أنّ اللّغة السّريانيّة بقيت حيّة، والعاملان الأساسيّان اللّذان أظهرا هذا الأمر خلال عهد المماليك والعثمانيّين هما: الكنائس المسيحيّة السّريانيّة الّتي ظلّت محافظة على اللّغة بين رهبانها وكهنتها، وإبقاؤها كلغة أساسيّة للطّقوس الدّينية، كذلك انقطاع التّواصل بين بعض مناطق الرّيفيّة والمدن، ما أدّى إلى نشوء مجتمعات منغلقة على نفسها في القرى، حافظت على تقاليدها وبالتّالي على لغتها، وعلى الرّغم من أنّ هناك عددًا من المناطق الّتي انتشرت فيها اللّغة العربيّة بشكلٍ كاملٍ بين السّكان، طبعتها اللّغة السّريانيّة بألفاظ ومصطلحات منها إذ تشكّلت أو ظهرت اللّهجات الشّامية، وتحديدًا في سوريا ولبنان، وقد دخلت قواعد الصّرف، والنّحو إلى اللّغة العربيّة الفصحى.
- على الرّغم من تكريس الانفصال بين اللّهجتين السّريانيّة الغربيّة، والسّريانيّة الشّرقيّة في القرن التّاسع عشر وعلى الرّغم من المرحلة الّتي شهدت انعطافة في حياة اللّغة السّريانيّة، بقي عددٌ من القرى الشّماليّة اللّبنانيّة تتخاطب في يوميّاتها باللّغة السّريانيّة كذلك في تركيا وسوريا والعراق، والهند وكوريا الجنوبيّة واليابان. إلّا أنّ تعريب بعض الطّوائف المسيحيّة في بلاد الشّام أجزاءًا كبيرةً من القدّاس الإلهي والعبادات الخاصّة بها، أدّى إلى تراجع استخدام اللّغة مع العلم أنّ أبناء الطّوائف السّريانيّة، لا سيّما في لبنان أدُّوا دورًا رياديًّا في النّهضة القوميّة، والأدبيّة العربيّة.
- حاول عدد من الباحثين العمل على إحياء، اللّغة السّريانيّة وإعادة استخدامها وإعادة نشرها، إلّا أنّ الوضع العام في سوريا ولبنان كان يميل إلى الانخراط في النّهضة العربيّة فساهمت الهجرة الجماعيّة بسبب الفقر، وانهيار الوضع الاقتصادي في الدّولة العثمانيّة وانفتاح أمريكا على اللّغة العربيّة، بالتّخلي شيئًا فشيئًا عن اللّغة السّريانيّة.
- شهد النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر تطوّرًا كبيرًا باللّغة السّريانيّة، إذ انتشرت مراكز الطّباعة بالسّريانيّة، ونشطت ترجمة الكتب ونشرها، وطبع المعاجم الكثيرة باللّغة السّريانيّة، خاصّةً في إيران وقد جلبت هذه الحركة والفكرة أسلوبًا في الكتابة اتّسمت بالقدرة على ما عُرف ب”سرْيَنة” الألفاظ الأجنبيّة، أيّ تحويلها إلى السّريانيّة.
- ما تزال سريانيّة الكثبونويو (أي الفصحى) تُستعمل حتّى يومنا هذا في الكتابات الأدبيّة والعلميّة، وفي عددٍ من البرامج الثّقافيّة بينما تستخدم السّريانيّة القديمة في الكتابات الدّينيّة واللّيتورجيّة، وتحتوي اللّهجات المحكيّة (أيّ الدّارجة) على عددٍ كبيرٍ من الألفاظ الدّخيلة على السّريانيّة، خصوصًا من اللّغتين العربيّة والفارسيّة.
خاتمة
إنّ اللّغة هي من وسائل التّواصل المجتمعي المهمّة في مختلف الميادين ومن دونها يتعذّر النّشاط المعرفي والثّقافي لكونها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفكر. وإذا ماتت اللّغة، فقد الأجيال أساسًا حيويًّا في ثقافتهم وهويتهم، ما يجعل منها أي اللّغة ناحية هشّة في التّراث الثّقافي للجماعات وجب الحفاظ عليها. معلوم بحسب الأونسكو أنّ نحو 7000 لغة يُتّحدث بها في كلّ أنحاء العالم، في وقتٍ يتحدّث نصف سكّان العالم اللّغات الثّمانية الأكثر انتشارًا. يقول Karl von Habsburg ([52]) أنّنا “نفقد لغةً واحدةً في العالم كلّ ستّة أسابيع، وهناك 4% من السّكان يتحدّثون 96 بالمائة من اللّغات، و96 بالمائة من السّكان يتحدّثون 4% من اللّغات. ويعدُّ “هاسبورغ” أنّ الأربعة في المائة من اللّغات تتحدّث بها مجموعات لغويّة كبيرة، وبالتّالي هي ليست بخطر، والـ96٪ من اللّغات الأخرى معرضة للخطر ويجب التّعامل معها كالأنواع المعرّضة للانقراض. ويمكن الإشارة إلى اللّغة السّريانيّة كواحدةٍ من اللّغات المعرّضة للزّوال إلّا إذا توسّعت دائرة المهتمّين بها من أبناء الأمّة السّريانيّة كما هو حاصل تحديدًا في العراق لجهة إدخال المناهج السّريانيّة في عددٍ كبيرٍ من المدارس وإنشاء المواقع الإلكترونيّة والقنوات الّتي تُعنى ببثّ الأخبار والكتابة باللّغة السّريانيّة، كذلك المحاولات المتواضعة أو الخجولة لنشر أهميّة اللّغة السّريانيّة وتلقينها كما هو حاصل في لبنان من خلال بعض الجمعيّات الّتي قامت بمبادراتٍ خاصّةٍ فرديّة. ولا شكّ أنّ ظروف الوساطة الّتي أدّها السّريان في المنطقة والعالم في خلال النّهضة العربيّة على الرّغم من الاضطهادات الّتي تعرّضوا لها أدّت إلى تنازلهم أو عدم تمسّكهم بلغتهم ما أثّر بشكلٍ أو بآخر على هويتهم وحضورهم. يمكن حسبان أنّ الحفاظ على العديد من النّصوص السّريانيّة ضمن اللّيتورجيّة الكنسيّة أمر إيجابيّ مساهم في عدم اندثار اللّغة بشكلٍ كامل، على الرّغم من تراجعها وملامستها حدّ الأفول وبالتّالي إذا أراد السّريان اليوم استنهاض هويتهم وثقافتهم فلديهم القواعد الأساسيّة لذلك ويمكنهم البدء من مكانٍ أساسي ألا وهو الأهميّة الدّينيّة لهذه اللّغة وتداخلها في العديد من اللّغات واستمرار استخدامها ولو عن غير معرفة وهي بالتّالي ليست غريبة عن اللّغات المحكيّة لا سيّما في المنطقة، كاللّغة الشّامية واللّغة اللّبنانيّة. ولكن هل يمكن للّغة أن تبقى من دون قوميّة حادّة أو وتمسك بأهميّة رسالة الأمّة السّريانيّة الّتي بدأت رسالة التّواصل والانفتاح والبشارة؟
المراجع العربيّة
- الأب جبرائيل القرداحي، (1994). اللّباب. دار ماردين للنّشر. السّليمانيّة. ص. 19 – 21.
- أحمد بن زكريا بن فـارس، (1997 )، الصّاحبي فى فقه اللّغة وسنن العربيّة في كلامها، تحقيـق: السّـيد أحمـد صـقر، مكتبة عيسى الحلبي، القاهرة، ص45 .
- البشارة، قناة عشتار الفضائيّة، في 13 كانون الأول 2010.
- البطريرك أفرام الأوّل برصوم. (1940). الدّرر النّفيسة في تاريخ الكنيسة. حمص ص 211 ـ 212.
- البطريرك أفرام الأوّل برصوم. (1940). الدّرر النّفيسة في مختصر تاريخ الكنيسة .حمص. ص 344 ـ 376.
- البطريرك أفرام الأوّل برصوم. (1956). اللّؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السّريانيّة. حلب. ص 24 – 192.
- جريس الهامس، جذور اللّغة وتطورّها- 10 – من مقدّمة صيدنايا الجذور- 247، الحوار المتمدّن- العدد: 6469 – 2020 / 1 / 20، دراسات وأبحاث في التّاريخ والتّراث واللّغات.
- السّـيوطى، جـلال الـدّين عبـد الـرّحمن، (1975)، الإتقـان فى علـوم القـرآن، تحقيـق: محمـّد أبـو الفضـل إبـراهيم، الهيئـة المصـريّة العامّة للكتاب، ص 125- 126
- فاضل مطانيوس مباركة.(1998). بقايا الآراميّة في لغة أهل صدد المحكيّة. دار ماردين.التّراث السّرياني المجلّد 19.
- الفكر السّرياني والكنيسة السّريانيّة في القرن الرّابع للميلاد – بقلم صاحب القداسة مار إغناطيوس زكّا الأوّل عيواص، بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للسّريان الأرثوذكس. آخر زيارة 2-2-2022.
- يكونت فيليب طرازي.( 1946). عصر السّريان الذّهبي. بيروت. ص 10 – 20.
- كرم البستاني، ( 1944)، أساطير شرقيّة، مؤسّسة هنداوي 2020، المملكة المتّحدة، ص 45.
- اللّؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السّريانيّة للبطريرك أفرام الأوّل برصوم طبعة حلب1956ص57-58.
- مجلّة لسان المشرق السّنة الأولى العددان 6 و7 ص 30، وتاريخ اليعقوبي ج1 ص 214 و298، وتاريخ ابن خلدون 2: 150، ولويس شيخو في كتابه النّصرانيّة بين عرب الجاهليّة، عصر السّريان الذّهبي فيليب دي طرازي ص 25.
- مجموعة من المؤلّفين، (1995)، السّريان، نشأتهم وانتشارهم وثراتهم، مركز الدّراسات والأبحاث الرّعوية لرعيّة أنطلياس، لبنان، ص.11.
- مطران دمشق وتوابعها للسّريان الكاثوليك، (1896)، اللّمعة الشّهيّة في نحو اللّغة السّريانيّة، مطابع الآباء الدّومنيكانيّين، دمشق، ص. 9.
- مقابلة للمطران المختطف يوحنا ابراهيم حلب للسّريان الأرثوذكس، منشورة على موقع سريويو على اليوتيوب بتاريخ 2 ايار 2019. نافع شابو البرواري، (2010). السّريانيّة لغة ثقافة وحضارة، ودون السّريان في نقل https://dss-syriacpatriarchate.org
- يعقوب رزقاللّه نامق. (1993). دور السّريان في العلوم النّظريّة والتّطبيقيّة. الجامعة الأميركيّة بيروت. محاضرة عن دور السّريان.
- عماد الشّمري. (2019). اللّغة السّريانيّة … تمتدّ لآلاف السّنين وتأبى الإندثار. مركز الجزيرة. آخر زيارة 2-2-2022.
- محمّد سميح، (2019)، الكلمات السّريانيّة في القرآن بين الاستشراق وكتب التّراث، موقع مواطن، آخر زيارة 31- 12-2021.
- مار يوليوس قرياقس. الكنيسة السّريانيّة الأورثوذكسيّة في الهند. دائرة الدّراسات السّريانيّة. آخر زيارة 2-2-2022.
www.dss-syriacpatriarchate.org
- فكّ شيفرة الغاز القرآن بعد 1400 سنة، موقع مونليبان، آخر زيارة 21-1- 2022 http://www.monliban.org
المراجع الأجنبيّة
23- A. Mangena, (1927), Syriac influence on the style the Kurian, Cambridge. Schally, Friedrich (1909), Geschichte des Qurans, Leipzig pp 1, 32
24- Fr. T.P. Elias, (2004), East Syrian Missions to Asia with special reference to Malabar coast from sixth century to sixteenth century AD and its influence on Indian religious community and its culture, Mahatma Ghandy university, Kottayam, p. 366
25- Doug Hitch, (2010), Aramaic Script Derivatives in Central Eurasia, Victor H. Mair Ed., Philadelphia, p 4.
26- Burger Averi. (2007). India, the ancient past, Taylor &Francis. P.221
27- C.J. Fuller (1976). Kerala Christians and the caste system. Man: New Series. Royal Anthropological Institute of Great Britain and Ireland. P. 53
28- K.C. Zachariah. (2006). The Syrian Christian of Kerala: demographic and socio-economic transition in the twentieth century, Orient Longman.
29- Journal of Sacred Literature, (1863), New Series, vol. 2 pp. 75–87
30- Gall, Timothy L. (ed). (1998). Wordmark Encyclopedia of Culture & Daily Life: Vol. 3 – Asia & Oceania. Cleveland, OH: East word Publications Development pg. 720-721
31- R. Y. Ebbed. ( 2012).The Syriac Impact on Arabic Literature. Cambridge University Press. Retrieved 2-2-2022
32- Church of South India International Resource Center. 2007. Retrieved 2-2-2022 http://www.csimichigan.org
33- Hindu’ Syrian Christians are in a class of their own South Indian. (2001). Retrieved 2-2-2022
34- Population Statistics and Demography of Saint Thomas Christians, Churches With Historical References. Last updated Mar 20, 2014. https://www.nasrani.net
35- The Editors of Encyclopedia Britannica. Syriac literature. Retrieved 2/2/2022 http://www.britannica.com
Dalida.hb@hotmail.com طالبة دكتوراه في جامعة الجنان – طرابلس – قسم اللغة العربية-[1]
[2] – المطران إقيليمس يوسف داوود (مطران دمشق وتوابعها للسّريان الكاثوليك)، (1896)، اللّمعة الشّهيّة في نحو اللّغة السّريانيّة، مطابع الآباء الدّومنيكانيّين، دمشق، ص. 9
[3] – اللّمعة الشّهية في نحو اللّغة السّريانيّة، مرجع سابق، ص.17
[4] – مجموعة من المؤلّفين، (1995)، السّريان، نشأتهم وانتشارهم وثراتهم، مركز الدّراسات والأبحاث الرّعويّة لرعيّة أنطلياس، لبنان، ص.11
[5]– Journal of Sacred Literature, (1863), New Series, vol. 2 pp. 75–87
[6] – اللّؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السّريانيّة للبطريرك افرام الأوّل برصوم طبعة حلب 1956 ص 57 – 58.
[7] – الفكر السّرياني والكنيسة السّريانيّة في القرن الرّابع للميلاد – بقلم صاحب القداسة مار إغناطيوس زكّا الأوّل عيواص، بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للسّريان الأرثوذكس. آخر زيارة 2-2-2022 https://dss-syriacpatriarchate.org
[8] – تجدر الإشارة إلى أنّ المركز الوحيد لتعليم اللّغة الآراميّة موجود في معلولا.
[9] -كرم البستاني، ( 1944)، أساطير شرقيّة، مؤسّسة هنداوي 2020، المملكة المتّحدة، ص 45
[10] -جريس الهامس، جذور اللّغة وتطوّرها – 10 – من مقدّمة صيدنايا الجذور- 247، الحوار المتمدّن- العدد: 6469 – 2020 / 1 / 20 ، دراسات وأبحاث في التّاريخ والتّراث واللّغات.
[11] – فيكونت فيليب طرازي. (1946). عصر السريان الذهبي. بيروت. ص 10
[12] – المرجع السابق نفسه
[13]– The Editors of Encyclopædia Britannica. Syriac literature. Retrieved 2/2/2022
[14] – مار نرساي (توفي نحو العام 503) أحد أهمّ الشّعراء واللّاهوتيّين السّريان، يعدّ إلى جانب يعقوب السّروجي وأفرام السّرياني من أهمّ الأعلام في تاريخ المسيحيّة السّريانيّة. وبالرّغم من اندثار وضياع معظم أعماله إلّا أنّ تأثيره لا يزال قويًّا في اللّيتورجيّة السّريانيّة الشّرقيّة الخاصّة بكنيستي المشرق الآشوريّة والكنيسة الكلدانيّة.
[15] – المطران توما أودو (1855 – 1918) سرياني ومطران الكلدان على أورميا، ولد في بلدة ألقوش بشمال العراق، وبعد تلقّيه مباديء العلوم واللّغة السّريانيّة مضى إلى روما سنة 1869 وقد تفهم اللّاهوت واللّغات وعاد ورسم كاهنًا بالموصل ثمّ مطرانًا على أبرشيّة أورميا بإيران. وقتل خلال مجازر الدّولة العثمانيّة إبّان الحرب العالميّة الأولى مع الكثير من أبناء رعيته.
[16] -البطريرك أفرام الأوّل برصوم. (1940). الدّرر النّفيسة في مختصر تاريخ الكنيسة .حمص. ص 344 ـ 376
[17] – البطريرك أفرام الأول برصوم. (1956). اللّؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السّريانيّة. حلب. ص 24 – 192.
[18] – الكنائس اللاخلقيدونية وتتمثل في كنيسة الإسكندرية، كنيسة الحبشة، كنيسة أنطاكية، كنيسة الهند، كنيسة اتشمبازين، كنيسة انتلياس، كنيسة ارتيريا ويرأس كل كنيسة من الكنائس السبع بطريركًا.
[19] – البطريرك أفرام الاول برصوم. (1940). الدرر النفيسة في تاريخ الكنيسة. حمص ص 211 ـ 212.
[20] – المسيحيون العرب عمومًا اتبعوا الطقس السرياني واليوناني.
[21] – مجلة لسان المشرق السنة الاولى العددان 6 و7 ص 30، وتاريخ اليعقوبي ج1 ص 214 و298، وتاريخ ابن خلدون 2: 150، ولويس شيخو في كتابه النصرانية بين عرب الجاهلية، عصر السريان الذهبي فيليب دي طرازي ص 25.
[22] – أديب ومؤرخ، بحّاث وناقد عربي من الموصل.
[23] – فيكونت فيليب طرازي.( 1946). عصر السريان الذهبي. بيروت. ص 20.
[24] – يعقوب رزقالله نامق. (1993). دور السّريان في العلوم النّظريّة والتّطبيقيّة. الجامعة الأميركيّة بيروت. محاضرة عن دور السّريان.
[25] – عماد الشّمري. (2019). اللّغة السّريانيّة .. تمتدّ لآلاف السّنين وتأبى الإندثار. مركز الجزيرة. آخر زيارة 2-2-2022 www.aljazeera.net
[26]– Schwally, Friedrich (1909), Geschichte des Qorans, Leipzig pp 1, 32
[27] – السّـيوطى، جـلال الـدّين عبـد الـرّحمن، (1975)، الإتقان فى علوم القرآن، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، ص125- 126
[28] – المصدر السّابق نفسه ص 126
[29] – أحمد بن زكريّا بن فارس، (1997 )، الصّاحبي فى فقه اللّغة وسنن العربيّة في كلامها، تحقيق: السـّيد أحمد صقر، مكتبة عيسى الحلبي، القاهرة،ص45.
[30] -A. Ningana, (1927), Syriac influence on the style the Kurian, Cambridge.
[31] – محمّد سميح، (2019)، الكلمات السّريانيّة في القرآن بين الإستشراق وكتب التّراث، موقع مواطن، آخر زيارة 31- 12-2021 https://muwatin.net
[32] – المرجع السّابق نفسه.
[33] – مؤسّس المنصّة التّعليميّة الاكترونيّة أكاديميّة التّعليم لنشر الثّقافة حول اللّغات العالميّة.
[34] – فكّ شيفرة الغاز القرآن بعد 1400 سنة، موقع مونليبان، آخر زيارة 21-1- 2022 http://www.monliban.org
[35] – فاضل مطانيوس مباركة. (1998). بقايا الآراميّة في لغة أهل صدد المحكيّة. دار ماردين. التّراث السّرياني المجلّد 19.
[36]– R. Y. Ebeid. ( 2012).The Syriac Impact on Arabic Literature. Cambridge University Press. Retrieved 2-2-2022
[37] -Fr. T.P. Elias, (2004),East Syrian Missions to Asia with special reference to Malabar coast from sixth century to sixteenth century AD and its influence on Indian religious community and its culture, Mahatma ghandy university, Kottayam, p. 366
[38]– Doug Hitch, (2010), Aramaic Script Derivatives in Central Eurasia, Victor H. Mair Ed., Philadelphia, p 4.
[39] – مار يوليوس قرياقس. الكنيسة السريانية الاورثوذكسية في الهند. دائرة الدّراسات السّريانيّة. آخر زيارة 2-2-2022 www.dss-syriacpatriarchate.org
[40] -Burj or Averi. (2007). India, the ancient past, Taylor Francis. P.221
[41] -C.J. Fuller (1976). Kerala Christians and the caste system. Man: New Series. Royal Anthropological Institute of Great Britain and Ireland. P. 53
[42]– K.C. Zachariah. (2006). The Syrian Christian of Kerala: demographic and socio-economic transition in the twentieth century, Orient Longman.
[43] – مقابلة للمطران المختطف يوحنا ابراهيم حلب للسّريان الأرثوذكس، منشورة على موقع سريويو على اليوتيوب بتاريخ 2 ايار 2019.
[44] -Church of South India International Resource Center. 2007. Retrieved 2-2-2022 http://www.csimichigan.org
[45] – (2001).The Hindu’ Syrian Christians are in a class of their own South Indian. http://www.hinduonnet.com
[46] -Gall, Timothy L. (ed). (1998). World mark Encyclopedia of Culture & Daily Life: Vol. 3 – Asia & Oceania. Cleveland, OH: East word Publications Development pg. 720-721
[47]– IBID
[48] -Population Statistics And Demography Of Saint Thomas Christians, Churches With Historical References. Last updated Mar 20, 2014. https://www.nasrani.net
[49]– IBIB Fuller. Kerala Christians… p.0
[50] – نافع شابو البرواري، (2010). السريانية لغة ثقافة وحضارة، ودون السريان في نقل البشارة، قناة عشتار الفضائية، في 13 كانون الأول 2010.
[51] – الأب جبرائيل القرداحي، (1994). اللباب. دار ماردين للنشر. السليمانية. ص. 19 – 21.
[52] – ركزت مسيرة كارل فون هابسبورغ المهنية على قضية حماية التراث الثقافي من تهديدات مثل النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية. شغل منصب رئيس منظمة الحماية الثقافية بلو شيلد الدولية من العام 2008 حتى آب 2020.