الأوراق الثقافيّة حاجة بحثيّة
الأوراق الثقافيّة حاجة بحثيّة
د. صلاح أبوشقرا([1])
انطلقت مجلة “أوراق ثقافيّة” سنة 2019 و سطع بريقها العلمي مضيئًا عددًا من السّبل المعرفيّة في مجالات الآداب و العلوم الإنسانيّة ، فهي قد فرضت نفسها منذ العدد “صفر” كواحدة من أبرز المجلات العلميّة المحكمة وفق المعايير الدّوليّة للنّشر الأكاديميّ . و قد حظيت باهتمام الباحثين و باتت لهم معينًا غنيًّا بالأبحاث القيمة التي أسندوا دراساتهم و أبحاثهم من مصادرها . كما أنّها فتحت صفحاتها أمام عدد كبير من الباحثين من الأساتذة الجامعيين و طلاب مرحلة “الدكتوراه” لنشر أبحاثهم تمهيدًا لإرسالها للتقييم الأكاديميّ .
لقد تشرفت بنشر ثلاثة من أبحاثي ، في مرحلة ما بعد “الدكتوراه” ، و كانت تجربة ناجحة و مميزة ، كما كان لي شرف إضافتيّ إلى “اللجنة المحكمة” للمجلة ، التي لم تتوان يومًا عن التّدقيق المنهجيّ و العلميّ للأبحاث التي ترسل إليها متحليةً بالأمانة العلميّة و الموضوعيّة في مرحلة ما قبل النشر . و ذلك إلى جانب التّدقيق اللغويّ بالعربيّة و الإنكليزيّة و الفرنسيّة . و تجدر الإشارة إلى أنّ الإخراج الفنيّ قد أدى دورًا مهمًّا في إكساب المجلة قيمة مضافة إلى رصيدها ، و لا سيما في مجال نشر الخرائط ، الذي تراعى فيه المقاييس المعتمدة من قبل الباحثين .
من ناحية أخرى ، فإنّ النّشر العلميّ في بلد كلبنان في تزايد مستمر وذلك مع تزايد أعداد الباحثين والأساتذة الجامعيين الذين تمكنهم قدراتهم العلميّة و طموحاتهم إلى الترقيّ الأكاديميّ على الرّغم من عدم اشتراط جامعتنا الوطنيّة على الهيئات التعليميّة في جميع كلياتها على إنجاز بحث أو بحثين سنويًّا لتجديد التعاقد معهم سواء أكانوا في ملاك الجامعة أو متعاقدين متفرغين أو بالساعة . و هذا المبدأ معتمد في الجامعات ذات التّصنيف العالميّ المتقدم ، ما يرفع من سمعتها العلميّة . و يكفي وجود عدد غير قليل من الباحثين من أساتذة الجامعة اللبنانيّة ممن ينشرون المعرفة لرفد طلابهم بما هو مستجد فهو أمر كاف ليصب في مصلحة السّمعة العلمية للبنان ، الذي لم يغب عن ساحات المعرفة العلميّة والثقافيّة ، على الرّغم من ويلات الحروب منذ عقود خلت ، و الأزمات الاقتصاديّة الخانقة التي يشهدها منذ أكثر من سنتين .
أخيرًا ، و بعد أن حفرت “أوراق ثقافية” اسمها على لائحة التّفوق العلميّ و البحثيّ على المستويين الوطنيّ و العربيّ ، من خلال غناها بالأبحاث القيّمة كما من خلال سهر رئيسيّ تحريرها المشجعين للبحث العلميّ ، على الرغم من العوائق الاقتصاديّة التي تواجه الباحثين و الناشرين الأكاديميين كافة ، يبقى أن ندعو و بعفوية معظم الباحثين في الآداب والعلوم الإنسانيّة إلى شبك الأيدي والأقلام بالمزيد من النشر لكي تبقى “أوراق ثقافيّة” حاجة بحثية ملحة .
