مادة التربية الوطنية بين الواقع والمرتجى (الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي أنموذجًا)
هيلدا سليمان([1])
المقدمة
جرى الاتفاق في وثيقة الوفاق الوطني على العمل على وضع كتاب موحّد على المستوى الوطني للتربية الوطنية، والتنشئة المدنيّة ذي أبعاد معرفيّة ومدنيّة واجتماعيّة ووطنيّة وقوميّة وإنسانيّة، يرمي إلى تقوية الوحدة من خلال توحيد المفاهيم الوطنيّة، وتعميق وعي الانتماء والهُويّة، وتعزيز الالتزام بالقيم الاجتماعيّة والمدنيّة، وتدعيم الأبعاد السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والإنسانيّة للمتعلم، وتربيته على القيم. (الأهداف العامة لمادة التربية الوطنيّة، بلا تاريخ). في ما يتعلق بالحلقة الثالثة التي تتضمن صفوف السابع، والثّامن والتاسع أساسي والذي في نهايته ينال الطالب شهادة التّعليم الأساسي، حدّد المركز التّربوي للبحوث والإنماء الأهداف الخاصة لمادة التربيّة الوطنية بما يأتي:
- تعريف المتعلم بحقوقه وبواجباته وبمسؤولياته كمواطن،وتثبيت التزامه بها، وتدريبه على ممارستها والقيام بها
- تعريف المتعلم بأهمية الأسرة في بنيتها والعلاقات المتبادلة في إطارهاوعلى وظائفها التربوية والاجتماعيّة والاقتصاديّة والعاطفيّة.
- ترقية الحس الإنساني والالتزام الخلقيلدى المتعلم.
- تعريف المتعلم بمؤسسات الدولةالاجتماعيّة والسياسيّة والإداريّة والقضائيّة وتوضيح وظائفها ومهمّاتها.
- تعريف المتعلم بأهمية وسائل الإعلام والاتصالفي نشر المعارف.
- إغناء ثقافة المتعلم بقضايا الصحة والبيئة وتدريبه على الالتزام بحمايتهما ورعايتهما واحترام القوانين المتعلقة بهما.
- تعزيز الهوية الوطنية اللبنانية عند المتعلم
- تعزيز الهوية والانتماء العربيين عند المتعلم.
- تعريف المتعلم على المتغيراتالاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والسكانيّة المهمّة التي تمر بها المجتمعات المعاصرة.
- اطلاع المتعلم على القضايا الكبرى والتّحديّات التي تشترك بها المجتمعات المعاصرة.(الأهداف العامة لمادة التربية الوطنيّة، بلا تاريخ)
سنحاول في بحثنا هذا دراسة مدى تحقق هذه الأهداف في العمليّة التّربويّة، وما هي المعوقات التي تحول دون تحقيقها لناحية الجهاز التّربوي، وموقف المتعلمين من المادة من خلال دراسة واقع تعليم المادة في المدارس الرّسميّة والمرتجى المطلوب منها.
أهداف البحث
يهدف هذا البحث إلى:
- معرفة العوامل التي تحول دون تحقيق مادة التربية الأهداف المتوخاة من تعليمها.
- تحديد أسباب نفور الطلاب من تعلّم مادة التربية.
- الاطلاع على الطرق المتبعة في تعليم مادة التربية من المعلمين ومدى ارتباطها بنفور الطالب.
- التعرف بدور كل من الأهل والإدارة في المساهمة في تقبّل المتعلم مادة التربية أو النفور منها.
- التعرف بدور المعلم في المساعدة في تحويل الأهداف التّعليميّة إلى مواقف سلوكيّة لدى الطالب.
- التّعرف بدور المرشد في مساندة المعلم ومرافقته في العمليّة التّربويّة.
أهمية البحث
اكتشاف المعوقات التي تعترض تدريس مادة التربية، بهدف تحديد الحلول المناسبة لها إن من ناحية طرق التدريس أو من ناحية محتوى المادة، أو من ناحية تطوير أداء المعلم وكذلك محاولة تحسين موقف كل من المتعلمين والإدارة والأهل منها، بوصفها مادة تساعد في تكوين السّلوك القويم للمتعلم.
مشكلة البحث
تعدُّ مادة التربية الوطنيّة من المواد الأساسية المهمّة، التي تساهم في بناء شخصية المتعلم ليكون مواطنًا صالحًا، متمسّكًا بالقيم الاجتماعيّة والإنسانيّة والمدنيّة في مواقفه وسلوكه، مطبّقًا للقوانين، قادرًا على حلّ المشكلات واحترامه للرأي الآخر، مدافعًا عن وطنه، مبادرًا في مجتمعه عبر تنشئته على ذلك ضمن مواقف وسلوكيات مرتبطة بالأهداف التّعليميّة. ولكننا نصطدم بواقع مغاير يتمثل بنفور الطالب من المادة، وعدّها مادة ترتكز على حفظ المعلومات فقط، هذا فضلًا عن عدم انعكاسها بشكل ما على سلوكياته وتصرفاته، إضافة إلى معوقات تعترض تعليم المادة وتقويمها من المعلمين وعدم إعطائها أهمّيّة من الإدارة والأهل.
في هذا السّياق يمكننا طرح التساؤلات الآتية:
- ما هي العوامل التي تدفع الطالب إلى النفور من مادة التربية الوطنيّة؟
- ما هو دور كل من المعلم والأهل والإدارة في تحسين النّظرة إلى مادة التربية؟
- كيف يمكن للمعلم أن يساهم في تحويل المفاهيم إلى سلوكيات من خلال العمليّة التّعلميّة؟
- هل هناك علاقة لطريقة التقويم المعتمدة في الامتحانات الرّسميّة، علاقة بعدم رغبة المتعلم باكتساب المفاهيم التربويّة؟
التّقنيات المستخدمة
- استبيان موجه للمتعلم.
- استبيان موجه للمعلم والإدارة.
- استبيان موجه للأهل
- مقابلة مع المعلم والإدارة بعد تنفيذ الاستبيان، بناء على المعطيات التي توفرت من الاستبيان.
- مشاهدات صفيّة شملت المدارس التي يعلم فيها المعلمون الذين شملهم الاستبيان
ملاحظة: سأرفق الاستبيان واستمارة المشاهدة الصفيّة، بالإضافة إلى أسئلة المقابلة في الملاحق.
العينة: سأستخدام عينة عشوائيّة تشمل المدارس الرّسميّة في أقضية بعلبك، وزحلة والبقاع الغربي.
حجم العينة: تمثلت العينة بثلاثة وعشرين استبيانًا، أُرسلت أونلاين إلى المعلمين في المدارس، التي يشملها مجتمع البحث.
الإطار المكاني: شملت العينة مدارس بعلبك وزحلة والبقاع الغربي.
الإطار الزّماني: العام الدراسي 2021- 2022. من خلال البحث الميداني تبيّن لنا عدد من المشكلات والتحدّيات التي تعترض عمليّة تعليم مادة التربية الوطنيّة، فالهدف من تحليل الحاجات التربويّة تحديد الثّغرة التّربوية، التي تتموضع بين الممارسات الآنية والممارسات المرغوب بها. سنعالج في هذا البحث في الفصل الأول: المشكلات التي تعترض عمل المعلمين في مادة التربية الوطنية، ثم سنعرض الحلول المناسبة لها في الفصل الثاني: التوصيات والاقتراحات لتطوير العملية التربويّة. في الفصل الثالث: سنتطرق إلى التربية وتحدياتها في القرن الواحد والعشرين. وستتكوّن أقسام البحث من:
الفصل الأول: المشكلات التي تعترض عمل المعلمين في مادة التربية الوطنية
من خلال تحليل بيانات الاستبيان الموزع على عينة الدراسة والمشاهدات الصفية تبيّن ما يلي:
أ – ما يتعلق بعمر المعلم واختصاصه وسنوات الخبرة ووضعه الوظيفي
تبيّن أن 56% من عينة الدّراسة تبلغ أعمارهم بين 40 و60 عامًا، غالبيتهم من الإناث، ونصفهم متعاقدون، كما أن25 % من أفراد العينة لديها خبرة تزيد على 15 سنة، ولكن المشكلة الأساسيّة أن غالبيتهم ليسوا أصحاب اختصاص، فهم من حملة الإجازات الجامعيّة بغالبيتهم، ولكن 30% منهم فقط مختصون في الحقوق (34%)، والباقي يتوزع على اختصاصات التّاريخ (21%)، والجغرافيا 4% الاثار4% واللغة الفرنسية 4% واللغة العربية %8 والعلوم الاجتماعيّة 13%والبيولوجي %4 والعلوم السياسية %4 والعلوم التّربويّة 4%.
كما تبين أن غالبية أفراد العينة لديها إلمام وسط باستخدام الكومبيوتر (34%)، غالبيتهم يستخدمون برنامج وورد فقط من دون الإلمام بباقي البرامج وأن الدّورات التّدريبيّة، التي خضعوا لها بغالبيتها ليس لها علاقة بمحتوى المادة. بناء عليه؛ يمكننا استنتاج أن أفراد العينة والذين يعلّمون مادة التّربية في المدارس الرّسميّة، بغالبيتهم غير مختصين لتعليمها ولم يتابعوا دورات في مادة الاختصاص أو دورات في التكنولوجيا تمكنهم من تعليم المادة بطرق ناشطة، وتحسّن لديهم مهارات التّعليم، فينعكس ذلك إيجابًا على العمليّة التّعلميّة، وقد تعززت هذه النتائج أيضًا من خلال تحليل بيانات المشاهدات الصّفيّة للاساتذة أنفسهم.
ب – في ما يتعلق بالمشكلات الخاصة بالمحتوى وبطرائق التّدريس وانعكاسها على أداء المتعلم
تبيّن أن 30% من أفراد العينة يعدُّون أن محتوى المادة فضفاض، وينبغي التّخفيف من المعلومات غير الضروريّة والتي قد ترهق الطالب وتخفّف من دافعيته للتعلم، كما أن 25% كان رأيهم محايدًا وهم كانوا من أفراد العينة غير المختصين بتعليمها. كذلك فإنّ 50% من أفراد العينة أجابت: أن عدد الحصص المخصصة للمادة غير كاف لتطبيق الأنشطة، مقابل 40% عدّها مناسبة والباقي محايد، كما أن 65% عدُّوا أن إنهاء البرامج يجري غالبًا على حساب اكتساب المفاهيم، و80% عدَّت أنّ مادة التربية قائمة على السّلوك.
في ما يتعلق بتطبيق الأنشطة فقد تبيّن أن ما نسبته 86% من أفراد العينة، عدَّت أنّه من النّادر أن يستطيع المعلم تطبيق الأنشطة داخل الصف، وأن تعليم المادة يتطلب وقتًا وجهدًا لتحضيرها، كما أجاب 72% أنهم يربطون المادة بالواقع المعاش من خلال أمثلة. هنا يمكننا أن نستنتج أن محتوى المادة يشكل عبئًا على المعلم، والطالب نظرًا لوجود كم واسع من المفاهيم، كما أنّ عدم تطبيق المعلم الطرق النّاشطة، يؤدي إلى عدم إكساب المتعلم مهارات تساعده على بناء السّلوك المتوقع من الأهداف المرجوة من تعليم مادة التربية، خاصة أن المنهج غير جاذب للطلاب. كما يمكننا استنتاج من خلال ربط الإجابات عدم كفاية عدد الحصص، وعدم تطبيق الأنشطة في الصف يؤدي في الغالب إلى تعليم مادة التربية بطريقة تلقينيّة.
ج – المشكلات المتعلقة بموقف المتعلمين من مادة التربية، وربط الموقف بالعلامات خصوصًا في الشّهادة الرّسميّة في ما يخص متعلمي الصف التّاسع أساسي
من خلال الاستبيان الموجه للمعلمين تبين أن ما نسبته 70% وافقوا على أنّ الطلاب يعدُّون مادة التربية مادة صعبة، وأن 72% يعدُّونها مادة ثانوية و80% عدُّوا أنّ الطلاب لديهم موقف سلبي منها، و85% يعدُّون أن المواد العلميّة أكثر أهمّيّة من مادة التّربية. ولكي نتأكد من مدى تطابق المعطيات، قمنا ببناء استبيان موجه للطلاب، ولكن لم نستطع تطبيقه بسبب الإضراب وإغلاق المدارس (يرفق الاستبيان في الملاحق).
في ما يتعلق بالعلامات فقد تبين أن ما نسبته 67% من أفراد العينة أجابت أنّ أيّ تغيير ولو بسيط في طريقة الأسئلة يربك الطلاب، في حين أن 65% منهم ألقوا اللوم على طريقة التّقويم المعتمدة في الامتحانات الرّسميّة، و70% عدَّت أنّه في بعض الأحيان تكون علامات التّربية في الشّهادة المتوسطة أدنى من علامات باقي المواد. وللتأكد من ذلك قمنا بتحليل نتائج امتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية، في مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية لعام 2019. تبين أن هناك تراجعًا في نسبة النّجاح في امتحانات الشّهادة المتوسطة لمادة التربية العام 2019 إذ بلغت 74,28%، بينما كانت النسبة 82,3% العام 2018. ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا التّراجع. علمًا أنّ نسبة النّجاح في المدارس الرّسميّة بلغت 61،4%، بينما بلغت في المدارس الخاصة 79,9%، إذ يظهر جليًّا تفوق القطاع الخاص على القطاع الرّسمي، ما يضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
وفق التوصيف الرّسمي للامتحانات الرّسميّة المعدل تتكون مسابقة التربية في الشّهادة المتوسطة من ثلاثة مجالات:
المجال الأول: على مستوى المعارف.
المجال الثاني: على مستوى تحليل المستندات.
المجال الثالث: تحليل وضعيّة مشكلة.
عرض نتائج أسئلة المسابقة وتحليلها
في المجال الأول: الذي يتضمن أسئلة التّذكر، الأداء الإجمالي جيد وقد بلغ معدل الأداء 70%.
في المجال الثاني: الذي يقيس من خلال المشاهدات الصّفيّة، تبين أيضًا أنّ غالبيّة معلمي التربية، يقومون بدور المحاضر في الغرفة الصّفيّة من دون اعتماد الطرق التّفاعليّة مع الطلاب، إضافة إلى عدم شغفهم بتعليم المادة خصوصًا أولئك غير المختصين بتعليمها، ثم يقومون بتحديد ما يجب حفظه للطالب من دون إعطاء أي واجب منزلي أو أيّ نشاط تعاوني بين الطلاب من واقع الحياة. ما يعني أنّ المعلم في العمليّة التّعليميّة يحقق أدنى مستوى من سلم بلوم في الأهداف المعرفيّة، ولا يحقق الأهداف الانفعاليّة والمهاراتيّة. بحسب التّوصيف الرّسمي مدى قدرة المتعلم على فهم المستندات وتحليلها، مستوى الأداء على صعيد الفهم هو الأكثر ارتفاعًا، وقد بلغ 74%، أمّا مستوى الأداء على صعيد التّحليل فكان متوسطًا وقد بلغ 55 %.
أمّا المجال الثالث: الذي يقيس بحسب التّوصيف قدرة المتعلم على معالجة وضعيّة مشكلة بتحليل عناصرها وتقديم سؤال مفتوح يتناول تقديم مقترحات. مستوى الأداء في المجال الثالث انخفض إلى ما دون المتوسط وقد بلغ 49%، ويلاحظ أن مستوى الأداء ينخفض أكثر في السؤال الأخير المتعلق بتقديم المقترحات (سؤال التوليف أو الابتكار وهو من ضمن مستويات التفكير العليا في هرم بلوم) ليصل إلى 36%. وهكذا يتبين لنا أنّ مستويات الأداء في المسابقة بحسب الأهداف المعرفيّة، وفق هرم بلوم كان وفق النسب الآتية:
التذكّر
66 % |
الفهم
74 % |
التّحليل
55 % |
الابتكار
36 % |
وهكذا يتضح لنا من قراءة النتائج:
- أن المتعلمين يبذلون جهدًا مقبولًا في تذكر المعلومات وفهم النّصوص.
- أن المتعلمين يعانون من انخفاض الأداء في مهارات التفكير العليا، كالتحليل والابتكار وهم يحتاجون إلى تعزيز ودعم في تعلم هذه المهارات.(الأهداف العامة لمادة التربية الوطنيّة، بلا تاريخ)
د – المشكلات المتعلقة بموقف الإدارة والأهل من مادة التربية الوطنيّة
تبين أن ما نسبته 70% عدَّت أن الإدارة لا تعطي اهتمامًا لمادة التربية مقابل المواد العلميّة، وتسند تعليمها لاساتذة من غير الاختصاص لاستكمال النّصاب فقط، من دون اخضاعهم لأيّ تأهيل مناسب، خصوصًا في صفوف التعليم الأساسي، وقد تأكدت هذه المعطيات في نتائج الاستبيان ومن خلال المشاهدة الصفيّة إذ يقوم بتعليمها أساتذة من اختصاصات أخرى: كاللغة الفرنسية، واللغة العربية والجغرافيا.. وغيرها. ويمكن استنتاج عدم إلمام المعلم بأسس تعليمها، وعدم تحفيزه وتطويره من الإدارة.
- ملاحظة: علينا بعد تنفيذ الاستبيان، والمشاهدة الصفيّة أان نجري مقابلة مع المعلم للاستفسار عن بعض المسائل، التي لم تظهر في الاستبيان كما علينا الاطلاع على دفتر التّحضير لمعرفة مدى تطابق تحضيره، مع ما نفذه من طرق لتحقيق الأهداف من أجل إعطائه تغذية راجعة مناسبة.
الفصل الثاني: التّوصيات والاقتراحات لتطوير العملية التّربويّة
أ – دور المرشد في تطوير العملية التّربويّة: لكي يستطيع المرشد المساهمة في تطوير العمليّة التّعليميّة عليه مساعدة المعلمين في مجالات متعددة:
- إرشاد المعلم إلى أهمّيّة معرفته بخصائص النّمو، وكيفية عمل الدّماغ ليعرف الطريقة المناسبة للتعاطي مع التلاميذ، من أجل تطوير قدرته على التعلم، وتمرينه وتدريبه ويكون ذلك بخلق بيئة إيجابيّة تربويًّا، والتّعاطف مع المتعلم والمحافظة على جوّ من الإيجابيّة في الأفكار والتّواصل. ذلك أنّه عندما تتضرر الدّوائر العصبيّة المتعلقة بالعواطف، يعجز المتعلم عن التفكير على الرّغم من ارتفاع معدل الذّكاء لديه.
- إكساب المعلم مهارات استخدام استراتيجيّات التعلم، المتداخل التّخصصات ومهارات القرن الواحد والعشرين.
- مساندة المتعلم في اختيار الأنشطة، والقيام بتغذية راجعة ومرافقته في مراحل التّخطيط لتنفيذ مشاريع وأنشطة حول موضوعات متداخلة الاختصاصات.
أمّا دور المرشد في تطوير العمليّة التّعلميّة في ضوء علم الأعصاب والدماغ
فلا يمكن الحديث عن تطوير العمليّة التّعليميّة من دون تطوير دور المرشد التّربوي، الذي يقع على عاتقه متابعة سير العمل في المؤسسات التعليميّة، ويظهر ذلك في كون عمليّة الإرشاد التّربوي تتصف أنّها عمليّة فنّيّة ديمقراطيّة تعنى بالموقف التعليميّ بعناصره جميعها، من منهج ووسائل وأساليب التّعليم وتحسينها من خلال تشجيع النّمو، والابتكار والإبداع لكلّ من الطالب والمعلم. ونظرًا لأنّ المرشد التّربوي خبير فنّي، ومن وظائفه مساعدة المعلمين على النّمو المهنيّ، والارتقاء بمستوياتهم معرفيًّا وتربويًّا وتنمية قدراتهم وذواتهم وتحسين أدائهم الوظيفيّ، والقيام بأعمالهم على الوجه المطلوب وتذليل العقبات التي تواجههم، إذ ينعكس الأثر الإيجابي في رفع المستوى العلمي للطلاب، وإحداث تغيرات إيجابيّة في سلوكهم وطريقة تفكيرهم. (فرحات، 2019)
دور الوزارة ممثلة بالمركز التربوي للبحوث والإنماء
- تشذيب المناهج واختصارها، وتنويعها ومناسبتها طلاب بمختلف فروقاتهم.
- إعداد نسخ رقميّة منها تفتح مجال الانفتاح والتّواصل الأسرع، وتسهل على الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، والإعاقات الجسديّة والنّفسيّة من مشاركة أوسع في العمليّة التّعلميّة.
- تضمينها المهارات الحديثة.
- الابتعاد بها من التلقين ومراكمة الحفظ، والتّوجه بها إلى الفهم والتّحليل والاستنباط.
- تطوير المناهج بما يتلاءم مع تطور قدرات المتعلمين، وبما يتوافق مع الحاجات الضروريّة لإكسابهم مهارات تساعدهم على حلّ المشكلات بما يرتبط بواقعهم المعاش، خاصة أنّ التّعليم في القرن 21 يهدف إلى فهم، البيانات والمعلومات والمعارف وتسخيرها، وبذلك يكون تعلم البرمجة وسيلة وأداة ضروريّة وعلى المناهج أن تواكب هذا التّغيير والتّطور، وتعديله ليصبح منهجًا تفاعليًّا. (htt2)
- تعديل طريقة التقويم خصوصًا في الشّهادات الرّسميّة بعدم الاعتماد في الغالب على التّقويم بالمعارف، والتّحول إلى التقييم بالأقران، والمداخلة الشّفويّة والمشروع وغيرها.
- زيادة عدد حصص تعليم مادة التربية، ليتمكن المعلم من تنفيذ الانشطة.
- تدريب المعلمين على طريقة تحضير الدروس المناسبة، لتحقيق الأهداف المعرفيّة والمهاراتيّة والانفعاليّة، إذ يعلم عن طريق الهدف وليس عبر فقرات الدرس.
دور الإدارة
- إعطاء الاهتمام المناسب لمادة التربية الوطنية، كغيرها من المواد خصوصًا أنّها تساعد بشكل كبير في تحسين سلوك المتعلم.
- إسناد مادة التربية الوطنية إلى المعلم المختص بقدر الإمكان، وليس فقط عدَّها مادة يجري من خلالها استكمال نصاب الحصص للمعلم، وإذا اضطرت لذلك عليها إخضاعهم لدورات مختصة بتعليم مادة التربيّة، بالتعاون مع المركز التّربوي وجهاز الإرشاد والتّوجيه.
دور المعلم
- تحضير الأهداف على ثلاثة مستويات: معرفيّة ومهاراتيّة وانفعاليّة.
- تحقيق الأهداف من خلال استخدام الطرق النّاشطة (العصف الذّهني – التعلم عبر الانترنت – أداء الأدوار – المشروع – عمل مجموعات…)، والتّنويع بوسائل الإيضاح من أجل خلق بيئة صفية قائمة على التّفاعل والتّواصل والتّعاون والتّشاركيّة. فإن تنويع طرق الّتدريس يتطلب مشاركة إيجابيّة من المتعلمين في عمليات التّخطيط، واتخاذ القرارات وعمليّات التقييم، كما على المعلم تطويع درسه تبعًا للاختلافات بين المتعلمين.(alm)
- التّطوير المستمر للمعلومات والمهارات، التي يمتلكها المعلم في مجال التّكنولوجيا ليتمكن من مواكبة المتعلمين، خاصة أنّهم يسبقونه بأشواط في المجال التّكنولوجي.
- الخضوع لدورات تدريبيّة في مادة الاختصاص، خصوصًا أولئك الذين يعلمون المادة من غير اختصاص.
- ربط المحتوى بالواقع المعاش من خلال اعتماد أساليب متنوعة بصريّة وسمعيّة ولمسيّة، فيساعده ذلك في استرجاع المعلومات بطريقة أسرع.
- تعويد الطالب على التفكير النّاقد، ووضعه في وضعيّة مشكلة لإيجاد الحل المناسب وفق ما يرسمه المعلم من أهداف.
- اعتماد أساليب تقويم متنوعة، ولا تعتمد فقط على تقويم المعارف.
- على المعلم أن يبني مسارًا من خلال التّعلم ومن خلال التكرار، فالتّكرار يطوّر مسارات عصبيّة تسمح للدّماغ بانجاز المهمة بسهولة أكبر وأسرع في المرات المقبلة، لأنّه بغياب التّدريب تضعف الرّوابط العصبيّة وتختفي تدريجًا.(htt3)
- خلق بيئة صفيّة متوازنة قائمة على علاقة جيدة، بين المعلم وطلابه نظرًا لانعكاس ذلك على أداء المتعلم إيجابيًّا.
دور الأهل
- تحفيز المتعلمين (الأبناء) على اكتساب المعارف، والمهارات المختصة بالمادة لما له من انعكاس إيجابيّ في علاقاتهم الأسريّة وفي محيطهم الاجتماعي.
- التّواصل مع المعلم والإدارة لتغيير الطريقة التقليديّة، التي يتابعون بها أولادهم في مادة التربيّة وتجنب إجباره على حفظ المعلومات.
الدّعم التّربوي وأهميته
يتطلب الدّعم التّربوي الذي يقدّمه المعلم لتلاميذه القيام بأنشطة، تعيد بناء المعرفة التي تنقصهم، وبما أن المعرفة تبنى بالتّفاعل من خلال أساليب متنوعة، فالوساطة التّربويّةre-mediation تهدف إلى تنظيم المشكلات التي قد يواجهها المتعلم. وعلى المعلم تحديد المشكلة التي يتعرّض لها المتعلم، وهي خطوة مهمّة في عمليّة الدّعم التّربوي حتى يمكنه التّوصل إلى الحل المناسب لها. تكمن أهميّة الدّعم التّربوي في جعل المعلم، يطرح تساؤلات دائمة حول ممارساته المهنيّة، وكيفيّة تطوير نظرية بناء المعرفة التي يعتمدها، وبالنسبة إلى التلميذ تكمن في عدم تهميشه وتصنيفه، ما يشعره بخيبة الأمل وعدم ثقته بذاته، ولا يعني الدّعم تبعيّة المتعلم للمعلم، بل تعويده على الاستقلاليّة وتقبل أخطائه من خلال الكشف عن مصادر الخطأ وتحليلها.
الفصل الثالث: التربية وتحدياتها في القرن الواحد والعشرين
في ظل ما يشهده العالم من أحداث وتغيرات، وتطورات وفي عصر العولمة وثورة الاتصالات، كان لابدَّ من القاء نظرة على التّغيرات، التي لحقت قطاع التربية كونه الأكثر تاثرًا بها. فالتربية والمناهج مطالبة بالتّطور تبعًا للتطور الحاصل على الأصعدة كافة، وبما أنّ المعلم هو المسؤول عن إدارة عمليّة التّعليم والتّعلم فهو مطالب بمواكبة التطورات المعاصرة. إن الزّيادة السّريعة للمعارف أدى إلى ظهور ما يسمى بـ”تقادم المعرفة”، أي جعل لها تاريخ صلاحيّة، إذ لم تعد الخبرة التي يكتسبها المعلم خلال سنوات تدريسه كافيّة لجمع المعرفة، كما أنّ التّطور الهائل في التكنولوجيا أدى إلى ظهور مجالات عمل جديدة، أو كما يقول Andreas Schleicher علينا تهيئة أولادنا في المدارس لوظائف، لم تخلق بعد بسبب التّطور الاقتصادي السّريع. إن أزمة كورونا كشفت الفجوة التي نعاني منها تكنولوجيا، وبحسب تقرير المكتب الإقليمي لمنظمة اليونيسكو في بيروت، فإنّ أبرز التّحديات التي واجهتها الأنظمة التّعليميّة خلال كورونا هي عدم جهوزية بعض أنظمة التّعليم في المنطقة العربيّة للتعلم منن بعد، وضعف البنية التّعليميّة، والتفاوت الكبير بين الشّباب الذين يمتلكون وسائل التكنولوجيا الحديثة، كما عدم جاهزيّة الكوادر التّعليميّة للتعلم من بعد، بالإضافة إلى ذلك تعيش الدّول العربيّة، أزمة نزاعات داخليّة لها تأثير ملحوظ على التّعليم ونوعيّته (المكتب الاقليمي لمنظمة اليونيسكو في بيروت).
لذلك نعتقد أنّ من القضايا المهمّة اليوم، هي تطوير المعلم وإعادة تأهيله،لأن المعلم التقليدي لم يعد له مكان في العمليّة التّعلميّة في ظل استراتيجيات التّدريس الحديثة، فأصبح للمعلم مهام أخرى غير التلقين، وأصبح للطالب أدوارًا أخرى غير الحفظ والتّكرار السّلبي للمعلومة. سئل أربعماية مدير تنفيذي لشركات رئيسة سؤالًا بسيطًا لكنه مهم جدًا: هل الطلاب جاهزون حقًا للعمل: الإجابة الجماعيّة للمديرين: ليسوا جاهزين. وبينت الدّراسة أن الطّلاب المتخرجين من المدارس، والكليات التّقنيّة والجامعات، يفتقدون بعض المهارات الأساسية التّطبيقيّة إلى حدٍّ بعيد: – الاتصال الشّفهي والكتابي./ – التّفكير النّاقد./ – التّعاون والعمل في فريق./ – استخدام التقنيّة./ – الاحترافيّة وإدارة المشروع./ – العمل في فرق متنوعة.
References
(n.d.). Retrieved from https://www.wired.com/insights/2015/02/should-we-really-try-to-teach-everyone-to/-code
(n.d.). Retrieved from almuajih.com
(n.d.). Retrieved from https//juhaina.in/?artc=artc&id=75453
(n.d.). Retrieved from 2019: info@crdp.org
الأهداف العامة لمادة التربية الوطنية فرحات المشعل (2019م)
- طالبة في المعهد العالي للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، قسم علم الاجتماع السياسي
hildasleiman1972@gmail.com