« هوس الشّراء كإدمان سلوكي ومدى علاقته بالبِنية الحدية »
“ليس هناك من هو أكثر بؤسًا
من المرء الذي أصبح اللاقرار هو عادته الوحيدة”(James: 2008)
أمارة منذر حاج سليمان([1])
مُلخص البحث
تتناول هذه الورقة البحثية ظاهرة هوس الشّراء ببعدها النّفسي، إذ قام هذا البحث في إظهار العلاقة بين هوس الشّراء والبِنية الحدّية، على مبدأ أنّ هذه الظاهرة تحمل في طياتها إشكاليّة قلق فقدان الموضوع وقلق الهجر، ومن هنا ربط البحث هذه الظاهرة بسوء التّوافق النّفسي الذي يتمظّهر بسلوك شرائي إدماني.
اعتمدنا في هذا البحث المنهج الوصفي النّوعي القائم على دراسة الحالة، وقد دُرِست كل حالة على حدا، من خلال ثلاث تقنيات مُتكاملة مع بعضها، تمثلت بالمُقابلة النصف مُوجهة وبرائز رورشاخ ورائز تفهم الموضوع، أمّا بالنسبة إلى عيّنة البحث، فلقد تمثلت بست حالات من نساء لبنانيات من البقاع اللبّنانيّ تعانينَ من هوس الشّراء، كما عمدنا إلى دراسة خمس حالات أخريات من نساء لبنانيات من الحدود المكانية نفسها للبحث كعينة ضابطة، لا تعانين من هوس الشّراء. ولقد بينّت نتائج البحث وجود علاقة بين هوس الشّراء كإدمان سلوكي والبِنية الحدّية من خلال تحليل نتائج رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع.
الكلمات المفاتيح: هوس الشّراء، المرأة المُدمنة على الشّراء، البِنية الحدّية
Résumé de recherche
« L’addiction au shopping » comme addiction comportementale et sa relation avec la structure limite.
Ce recherche vise à étudier « l’addiction au shopping » suivant sa dimension psychique. En fait, il démontre la relation entre cette addiction et la structure limite, fondée sur une problématique d’angoisse de perte d’objet et de séparation.
De là, le recherche a relié ce phénomène à la mauvaise adaptation qui se manifeste dans un comportement d’achat addictif. Ce recherche a adopté la méthode descriptive qualificative fondée sur l’étude de cas. Les techniques utilisées sont : l’interview semi-directif, et les deux épreuves projectives le rorschach et le T.A.T.
L’échantillon de recherche s’est réduit à deux groupes : le groupe de recherche formé de six femmes libanaises de la Bekaa souffrant de ce trouble et le groupe témoin formé de cinq femmes libanaises ne présentant pas ce trouble.
Les résultats ont montré un rapport entre cette addiction comportementale et la structure limite
Mots clés: l’addiction au shopping, la femme chopaholic, la structure limite.
المقدمة
في 1 أبريل 1928 كتبت جريدة “نيويورك تايمز”عنوانًا عريضًا: مجموعة من الفتيات نفثن السّجائر من أجل الحرية”. نعم، لَقَدْ بَرَعَ إدوارد بيرنيز Edward Bernayz عندما أتقن فنّ البروباغندا، واستطاع السّيطرة على الجمهور الأميركي من خلال تحويله من مجتمع حاجات إلى مجتمع غرائز معتمدًا على آراء فرويد في إمكانيّة السيطرة على دوافع النّاس وتوجيهها إلى قضايا تُدغدغ مشاعرهم، وتُسيطر على آرائهم ، وإذا كان من السّهل على المجتمعات الغربيّة أن تتوجه نحو رؤية رُسمت لها بدهاء وحنكة، فإنّ الأمر سيكون أكثر مرونة في المجتمعات النّامية الإستهلاكيّة كونها مجتمعات تابعة تسعى دائمًا لتمثل هوية المجتمعات المتقدمة.
وإذا كان ما تحقق من أهداف، عَمِل عليها بيرنيز Bernayz بدهاء، واستطاع إلى حد ٍ بعيد تحقيق ما يسمى بـ “العلاقات العامة” في جعل المُستهلك أكثر اندفاعًا نحو الشّراء، أو نحو قضية أو نحو شخص، فهذا لا يعني أنّها شروحات كافية يُمكن الرّكون إليها عند الحديث عن ظاهرة “هوس الشّراء” والذي هو سلوك مُتفلت ومُتكرر للشراء عند بعض الناس، ويصل إلى حد الهوس ويتخطى وصفه أو رده إلى مجرد استجابات عفوية للناس على شعارات دعائيّة.
صحيح، أنّ عمليات الشّراء والبيع عادةً هي من العمليات المشروعة، لا بل المطلوبة على المستوى الاقتصادي لأي نظام اجتماعي، وصحيح أيضًا أنّ هذه العمليات تدخل ضمن النّشاط الطبيعيّ والروتيني في حياة النّاس، إلاّ أنّ هناك نوعًا آخر من أنواع الشّراء الذي يبدو أنّه يتجه عند البعض نحو سلوك غير سوّي، آخذ بالتّطور، وخطورته أنّه يُسوّق تحت مظاهر اجتماعيّة واقتصادية ما يسمح لهكذا سلوك بالتنامي من دون الأخذ بالحسبان إمكانيّة وجود أسباب أخرى أعمق عند بعض المُستهلكين الذين يجنح سلوكهم الشّرائي نحو الهوس إن صحّ التعبير.
وتحظى، اليوم، دراسات سلوك المُستهلك في معظم دول العالم باهتمام كبير، ولكن أغلب هذه الدّراسات تُركز على فهم االسّلوك الطبيعي للمُستهلك، أمّا بالنسبة إلى االسّلوك الشّرائي الإدماني، فإنّ الدّراسات التي طالته كانت خجولة وقليلة هذا في ما يخص الدّول المتقدمة، أمّا في ما يخص مجتمعاتنا النّامية، ومنها لبنان فلم تُشكل ظاهرة هوس الشّراء موضوعًا للدراسة النّفسية التّحليليّة.
يُعدُّ المجتمع اللبناني واحدًا من المجتمعات المُتلقيّة والتي تبرع في اتقان النّمذجة، لذلك هو واحدٌ من المجتمعات التي تأثرت بمتغيرات ثقافيّة واجتماعيّة مُستوردة، وشبه جاهزة كان لها دورها في تغيير وجهة المعايير والمفاهيم الأساسية، وأخذها الى فنتاسم Fantasme برّاق، يَعِد بصورة جميلة عن السّعادة والراحة، هذا بالإضافة الى التّغيرات التي أحدثتها الثّورة العلميّة على المستوى التّكنولوجي وخصوصًا في مجال وسائل الاتصال التي جعلت من العالم قرية كونيّة صغيرة. وهذا الاتصال أثّر بشكل واضح على سلوكات النّاس وطرق تفكيرهم ومعاشهم وغيّر العديد من التّوجهات، فتداعت المفاهيم التّربوية والتّحرريّة والقياديّة والسّلطويّة، فتأثرت العلاقات الإنسانيّة واختلط الموروث بالجديد، ما أدى الى انصهار أفكار ومعايير جديدة انتجت انساقًا متنوعة، وقد جاء الكثير منها هجينًا وممسوخًا وأرخى بظلاله على المجتمع الاستهلاكي الذي لا يرفض جديدًا تحت عنوان العولمة والتحرّر والقبول، هذا عدا عن أن المجتمع الاستهلاكي هو مجتمع شرّه، خُصصّت له أدوار مُحددة، وهو عاجز أصلًا عن رفضها أو تأطيرها. وبما أنّ المجتمع اللبناني يحتمل جزءًا كبيرًا من مواصفات المجتمع الاستهلاكي، فإنّنا لو تعمقنا في حناياه، لوجدنا أثر هذه المتغيرات واضح، وما يعنينا من زوبعة المتغيرات التّحولات التي طرأت على المرأة اللبنانيّة في المجتمع اللبناني الذي ما زال يتسم بسمات المجتمع المحافظ، إنّما يتفلت منها نتيجة للفلسفات التي أُغدقت عليه، وقد تلقفت المرأة اللبنانية هذه الطروحات وواكبتها، طبعًا كل امرأة حسب رؤيتها وثقافتها ودورها ومستواها التّعليمي وتمثلاتها الاجتماعيّة وبُنيتها النّفسية ومواكبتها لكل هذا الجديد، الذي أحدث تغييرًا في تفكيرها وفي نظرتها لذاتها وللآخر. وسط كل هذه التّحولات الفٌارضة لذاتها في المجتمع الاستهلاكي، يمكن القول إنّه أهدى كل فرد مُراده الى حدّ ما وإن بشكل وهميّ، وقد تعددت الظواهر وتنوعت وصُنّفت في مكان ما طبيعيّة أو في أحسن الأحوال نتاج لما أفرزته عصرنة المجتمع، وكان من هذه الظواهر والتي هي موضوع بحثنا، ظاهرة هوس الشّراء عند البعض من الناس، الهروب الى متعة التّسوق وخصوصًا عند النساء.
“في أوائل التّسعينات من القرن العشرين، بدأ علم النّفس يهتم بتقديم دراسات جديدة تتجه لدراسة سلوك ذلك الإنسان المُستهلك الآخذ بالانفلات بهدف تصنيفه، وهذا ما عُنّوِن في ما بعد باسم مشكلة عدم التّحكم في سلوك الشّراء، وهو مفهوم جديد نوعًا ما في الدّراسات السّيكولوجيّة الحديثة والتي أشار إليها كل من كريبلين Kraepelin1915 وبلولرBleuler1924 على أنّه حالة مرضيّة أطلقا عليها مصطلح أُنيومانيا Oniomania”، “وأنيو باليونانيّة القديمة تعني البيع أو الطلب (الشّراء) ومانيه تعني الهوس “هوس الشّراء” هذا المصطلح التّقني يَصف الرّغبة القهريّة للتّسوق، ويُشار إليه عادة باسم التّسوق القهري ، إدمان التّسوق (شوباهوليسم)، ويُعدُّ إدمان الشّراء أو الشّراء القهري واحدًا من أشكال الإدمان االسّلوكي التي بدأت تتبلور المفاهيم بشأنه في العقدين الأخيرين”(Black: 2007, 124 – 132) . وإذا كان إدمان التّسوق عدم التّحكم في سلوك الشّراء، فيمكن عدُّه امتداد السّلوك اندفاعي خالص من ناحية، وقهري خالص من ناحية أخرى، (ونقصد بقهري هنا وجه الشّبه مع الوسواس القهري من حيث جبرية الشّراء كتعويض من دون أن يكون ذا طبيعة وسواسيّة) “ويتأرجح بينهما سلوك مرضي أصبح يُعرف في مجال الأبحاث النّفسية العياديّة بإدمان الشّراء، ويمكن للشخص أن يكون أقرب الى الاندفاعية أو القهريّة في شرائه، ولكن هناك قهرية واندفاعية في كل ظاهرة شراء مرضية يقوم بها، إن ما يميز الآنيومانيا عن التّسوق العادي هو هذا الطابع القهري والمُدمّر بالشّراء” (Klaffka, 2003, 185).
وعليه، يمكن تعريف إدمان الشّراء على أنّه سلوك مُتفلت مُتكرر ومُزمن يصبح عادة ورد فعل على قلق مُعاش كامن، “ويشمل نمط انفاق هوسي وعدم سيطرة على الذّات لشّراء أشياء لا يحتاجها الفرد أصلًا أو لا يحتاجها حاليًا وفي أغلب الأحيان يخزنها من دون أن يستعملها يشعر مُدمن الشّراء بنشوة عارمة أثناء الشّراء وأحيانًا يسبقها إثارة كبيرة، ولكن سرعان ما يندم على إسرافه للمال. وكثير من هؤلاء يتسوق بشكل مُنفرد ويضطرون لإخفاء ما يشترون عن المقربين منهم” (القرشي، 2009، 17 – 27).
هذا التوصيف يقطع على من يعتقد أن هذه االسّلوكات هي مجرد استجابة إنسانيّة طبيعيّة ناتجة عن أن العالم أصبح سوبرماركت كبيرة علّبت الناس في نسق شرائي واحد “سعادتك في الشّراء”.
إن مصطلح “أُنيومنيا” هو المصطلح العلمي للإدمان الباثولوجي للتسوق “وقد أُقرّ لأول مرة من عالم النّفس في ليبرج إميل كريبلين، الذي كتب رسالة علميّة عن الناس في المدن الكبرى الذين لا يستطيعون مقاومة رغباتهم المُلّحة في شراء أشياء جميلة تجعلهم يشعرون بالسّعادة حتى ولو لم يكونوا بحاجة إليها، وحتى لو تركوا ما اشتروه في المنزل من دون أن يستخدمونه” (Klaffka, 2003, 85). وهذا ما يتلاقى في مكان آخر، مع دراسات الإدمان االسّلوكي إذ عبّر عنه (Griffiths, 2002) “وهو أستاذ في دراسة الإدمان االسّلوكي عندما قدم دراسة عن المقامرة المرضية، والتي هي إحدى أشكال االسّلوكيات الإدمانيّة، إذ يؤكد على انخراط الشّخص في ممارسة االسّلوك بمعدلات عالية ويكرره بشكل مُبالغ فيه، كما يكون سلوك المُدمن بارزًا يسعى دائمًا إليه بالإضافة إلى الشّعور بالتوق أو الاشتهاء المُلحِّ يعجز معه مقاومتها، ويُشكل هذا االسّلوك الفردي حالة تعويضيّة تخفّف من المزاج السيىء وتقلّل من القلق والتوتر”.
وإذا كان هذا االسّلوك الشرائي غير السوّي يختبيء تحت عناوين ثقافية اجتماعية في ظاهره، فإنه في مكان آخر يدل على تركيبة ذات أبعاد نفسيّة غير سوّية دفعت بهؤلاء المُصنفين بالمُستهلكين في مجهر السّوق التّجاري ومجهر الحياة الاجتماعيّة البرّاقة، المُدمنين في مجهر علم النّفس العيادي على حسبانهم أصحاب بِنية مُضطربة، وهي في الأغلب البِنية الحديّة والتي تعرّف على أنها بِنية تقع بين العُصاب والذهان وتتسم بالاعتمادية وبإشكاليّة قلق الفقدان. وإذا كان هوس الشّراء سلوك إدماني، فإن البِنية الحدّية قد تكون البِنية المؤهلة لممارسة هذا االسّلوك، على مبدأ إنّ إشكاليّة الفقدان شرط أساسي من الشروط التي تفترض التبعيّة والتي ترتبط بشكل مباشر بظاهرة الإدمان .
ولأنّ الإدمان إحدى أخطر الآفات التي يمكن أن تطال الفرد، والمجتمع، ولأنّ الإدمان يسعى دائمًا للتخفي في ظلال عناوين مُزيفة حتى يتحول إلى ظاهرة خطرة تقضم قدرات الناس، وتُلقي بهم في غياهب الوهم والضياع والتّبعيّة، ولأنّ التبعيّة والإدمان وجهان لعملة واحدة بصرف النّظر عن نوع الإدمان، هكذا يصبح الشّراء الإدماني “هوس الشّراء” عند نساء لبنانيات سلوك مرضيّ إنما مُبرر بأطر اجتماعيّة ثقافيّة، وسمْته تلك النساء بإعتبارات ترتبط بحجة مواكبتها لمجتمعها العصري ومتطلباته.
ولأنّ بحثنا هذا يرى في ظاهرة “هوس الشّراء” نوعًا من أنواع الإدمان التي لا تقلّ خطورته عن أي إدمان آخر، ولأن هذه الظاهرة بدأت تطال المجتمع اللبناني بشكل أو بآخر، شكّلت كل هذه المؤشرات مُبررًا لاختيار هذا الموضوع للبحث.
ومن هنا تُطرح الإشكاليّة الأساسيّة: هل هوس الشّراء هو نتاج لتحولات ثقافية عالمية، أم أنّ هذه الأخيرة تُشكل دافعًا غير مباشر لممارسة شراء مُبالغ فيه، يُحرّك دوافع ذات أبعاد نفسيّة مُضظربة غير واضحة المعالم، يصل الى حد الهوس عند بعض النساء؟
وعليه، يستمد هذا البحث أهميته من خلال الإضاءة على قضية خطيرة على أصحابها إذ يترتب على هؤلاء أضرار مادية واجتماعيّة هذه من جهة، أمّا من جهة أخرى تنبع أهمّية هذا البحث من خلال تظهير أثر البعد النّفسي في هذه الظاهرة المُكيّسة بإبعاد ثقافيّة اجتماعيّة، وقد قدّم هذا البحث معلومات عن الاضطّراب النّفسي المُتعلق بظاهرة هوس الشّراء، ويُقدم صورة واضحة عن هذا الاضطّراب وعن الأدوات اللازمة لتشخيص الحالة. يهدف هذا البحث إلى الكشف عن العلاقة التي تربط هوس الشّراء باضطّراب البِنية الحدّية.
ويعمدُ هذا البحث أيضًا إلى تطبيق المنهج العيادي (الوصفي النوعي) القائم على دراسة الحالة، “وهذا المنهج يتضمن دراسة االسّلوك في إطاره الحقيقي، ويكشف بكل أمانة مُمكنة عن طرق التّعايش والتّفاعل للفرد ضمن وضعيّة معينة، كما ويعمل على الكشف عن البِنية النّفسية وتكوينها ويكشف عن الصّراعات التي تحركه، ويُطبق هذا المنهج على السيَر المُتكيفة كما يطبق على السيَر المُضطربة، فهو منهج جدير بتقديم معرفة موضوعيّة إلى حد بعيد في هكذا نوع من الدّراسات كونه قادر على نقل مواقف الفرد وتصوراته تجاه وضعيات معينة، وبذلك يعطي معنى للحالة المدروسة ما يسمح بالتعرف على بُنيتها وتكوينها كما يكشف عن الصراعات التي تحركها وقدرة الفرد على حلها” (Reuchlin: 1998, 97-113.).
أمّا بالنسبة إلى عينة البحث، فلقد اختيرت عينة قصّدية تقوم على ست نساء لبنانيات من البقاع اللبناني تُظهّرن هوسًا بالشّراء، ودُرِست خمس نساء أخريات لا تعانين من هوس الشّراء، وذلك بهدف تبيان أثر البِنية النّفسية ودورها في هذه الظاهرة، وكذلك بهدف المقاربة بين بِنيتي العينتين النّفسية لما في ذلك من أهمّية عملية تطبيقيّة في التأكيد على دور التّركيبة النّفسية المُضطربة وعلاقتها بهوس الشّراء.
أمّا في ما يخص أدوات البحث، فلقد اعتمدنا على المقابلة نصف المُوجهة، كما اعتمدنا أيضًا على الرائزين الإسقاطين رائز رورشاخ ورائز تفهم الموضوع، كان الهدف من استخدام هذين الرائزين لأهّمية ما يقدمانه من إنتاج إسقاطي لدى المفحوص عن واقعه الداخلي الذي يضفيه على المادة المقدمة من خلال مجموعة الإجابات والقصص المنسوجة في هذين الاختبارين مع الأخذ بالحسبان كلّ العناصر التي تتضمنها وضعيّة تطبيق الاختبارين من استجابات حركيّة، ملاحظات إيماءات واستفسارات، كما لا ننسى ما “للمادة الإسقاطيّة المُستحصل عليها من أهميّة في فهم نوعيّة علاقة الفرد المفحوص مع الواقع ومدى قدرته على إدماج واقعه النّفسي في نظامه الفكري إذ يجد هذا الأخير نفسه أمام ضغوط داخليّة وخارجيّة تبين لنا كيف يواجه عالمه الدّاخلي ومحيطه الخارجي.” (Anzieu, Chabert : 1987, 25-26.)
- هوس الشّراء وعصرنة المجتمعات
واحدة من الظواهر الآخذة في التفشي في لبنان، ظاهرة “هوس الشّراء” وما يجعلها أكثر خطورة عدُّها سلوكًا يتماشى مع طبيعة العصر الجديد، هذه الاعتبارات تجعل من هذه الظاهرة أكثر تغلغلًا في مجتمعاتنا. إنّ محاولة ضبط هكذا ظاهرة ليس بالمسألة السّهلة، فلكل مُشترٍ طقوسه الخاصة بالشّراء، فهناك من يشتري ما يحتاجه، وهناك من يشتري بهدف التّسلية والترويح عن النّفس، ولكن هناك أشخاص يشترون بشكل قهرّي ومرضّي والمشكلة في هذه الأنواع من الشّراء أنها غير مُحددة أو مُصنّفة إذ تتشارك طُقوص الشّراء وتختلط مع بعضها، فيختلط سلوك الشّراء الطبيعي بسلوك الشّراء القهري.
إن عدم التصنيف العلمي لهكذا سلوك قد يعود إلى عدم القدرة على تشخيصه بطريقة موضوعيّة، إذ يُربط االسّلوك الشّرائي عادة بالظروف الاجتماعيّة وطبيعة العلاقات وبالمستوى المادي الخاص بالأشخاص، هذا بالإضافة إلى أنّه اليوم، لم يعد من تصنيف اجتماعي مادي يحدّد طبقات المجتمع، فالكل قادر في مكان ما على الشّراء، وذلك بفضل العروضات المتّنوعة والمتّعددة في التّسليف والاستدانة، هذه العوامل مُجتمعة تؤدي دورًا في تغليف ظاهرة هوس الشّراء بأطر ثقافيّة عالمية فتعبث في حقيقة أسبابها الكامنة والتي هي في الأغلب نفسيّة مُرتبطة باضطّراب نفسي يتمظهر بسلوك شرائي إدماني وهكذا تكون العوامل المذكورة أسباب ثانوية بمعنى أنها ليست المنتجة لهكذا سلوك بقدر ما هي شكل من أشكال التحفيز، ليكتمل المشهد المعقد لعمليات الشّراء القهري التي تضيع أسبابه الحقيقية في أشكال الحياة العصرية.
- الإشكالـيّة
من المعروف إن الشّراء عملية اقتصاديّة شرّعية طبيعيّة تحصل من خلال مقايضة ماليّة بين الشاري والبائع وهي ضرورية لأنها تلبي احتياجات المُستهلك، ولطالما كان الشّراء ضمن هذه الشروط الطبيعيّة، فالأمر لا يحتاج للدراسة أو للنقاش، هذا من جهة، أمّا من ناحية ثانية، أصبح من المُسلّم به اليوم أن الشركات الكبرى المُنتجة للسلع والمنتجات تعمل ضمن إيحاءات وإغراءات لجذب أكبر قدر ممكن من المُستهلكين، وهذا ما دفعها إلى استشارة علماء النّفس في هذا المجال، هذا بالإضافة إلى أن هذه الشركات وأصحابها تهدف برسائلها الإعلاميّة أن تتوجه إلى النّساء كونهن أكثر عرضة للمثيرات الإعلانيّة، إلّا أنّ كل هذه العوامل لم تكن كافية وحدها لأن تشكل دافعًا حقيقيًا عند من يُدمن على الشّراء، وفي هذا المجال يوضح أستاذ علم النّفس المرضي في الجامعة اللبّنانية ونائب رئيس المجلس العالمي للعلاج النّفسي البروفيسور عباس مكي (لصحيفة المستقبل في 24/8/2004) مسألة التّسوق من وجهة نظر علم النفس إذ يعدُّها ظاهرة تتكرّر وتتعمّم على المستوى الفردي أو الجماعي، ويعزو السبب في ذلك إلى الإعلانات التي تحث على التسوق القائم على الشّراء والبيع في ظل المجتمع الاستهلاكي، ويرى مكي أنّ الشّراء سلوك تبادل تاريخي، كما إنّ البيع والتجارة كانا القطاع الأساسي حين انتقل الإنسان من الزراعة إلى التّجارة، ويفسر ذلك أن التسوق هو رغبة، فنشتري كل ما نحتاجه لإشباع حاجاتنا الأساسية والمُكتسبة، ويتوقف عند مسألة “اضطّراب الشّراء” “حين يشتري الشّخص كأنه يأكل”، ويبدو أنّ ظاهرة هوس الشّراء تشبه حالة الجوع الذي يُشبع مؤقتًا بالطعام ليعود من جديد بعد ذلك إلى نفس الاحتياج، ولعل ذلك يتلاقى في مكان آخر مع ما نفترضه في بحثنا؛ البحث عن الموضوع المفقود الذي تُعاني منه المرأة المهووسة بالشّراء.
وبما أن الظروف الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة التي قد تكون واحدة عند الكثير من النّساء، وبما إنّ الإغراءات الشّرائيّة والعروضات المتنوعة هي مثيرات واحدة عند كل النّساء وبما إنّ صورة المرأة العصرية ومقوماتها أصبحت معروفة أيضًا لكل النّساء. ومن هنا تتبدى إشكالية البحث
لماذا ليست كل النساء التي تعشن ظروف مُتقاربة إلى حد كبير لا تُؤثر هوسًا في الشّراء؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا االسّلوك؟ وما هي الأسباب النّفسية الدّفينة التي تدفع بهذه المرأة إلى الشّراء القهري؟ وهل الأسباب الحقيقيّة تُغّيب وتُـموّه في أشكال حضارية فرضتها المجتمعات الحدّيثة من خلال صورة عصرية للمرأة؟
- أسئلة الدّراسة
- هذه المرأة، هل بُنيتها النّفسية سويّة مُتوافقة أم إنّها تُعاني من سوء توافق نفسي؟
- كيف تتعاطى مع صراعـاتهــا الـدّاخليّة؟ (Traitement des conflits) وما تصوراتهــا عن نفسهــا؟ (Axe narcissique) وما هي تصوراتها عن الموضوع؟ (Axe objectal)
- أيّ نوع من القلق يُسيطر عليها؟ أيمكن عدُّه قلق الخصاء أم أنّه قلق فقدان الموضوع أم أنّه قلق التمزق؟
- ما الدّفاعات التي تلجأ إليها لمواجهة الصراعات؟ وهل بنيتها بِنية ذهانيّة، عصابيّة أم حدّية؟
هذه التّساؤلات، سنحاول الإجابة عليها في سياق هذا البحث الذي يهدف إلى الكشف عن البِنية النّفسية لعينة من نساء لبنانيات في البقاع اللبّناني تُعاني من هوس الشّراء.
أمّا بالنّسبة إلى الفرضيات االإجرائيّة فسأجيب عليها من خلال تحليل المعطيات التي تنتج عن التقنيات (الأدوات المُعتمدة في البحث ألا وهي رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع).
- الفرضية العامة والفرضيات االإجرائيّة
من المحتمل أن يكون هناك علاقة بين ظاهرة هوس الشّراء عند نساء لبنانيات (عينة الدراسة) تتراوح أعمارهن بين (25 و40) وبُنيتهن الحدّية.
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لصورة جسد هشّة (ضمن إطار البِنية الحدّية).
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لصورة ذات هشّة.
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لنرجسية هشّة.
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لتصور هش للموضوع.
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لقلق فقدان الموضوع.
- من المُمكن أن يكون هوس الشّراء نتاج لدفاعات غير مُتكيفة.
5. البِنية الحدّية وسوء التوافق
لأنّ هوس الشّراء يقع ضمن الإدمان االسّلوكي، فإنّه سلوك يُشير إلى سوء توافق نفسي يطال الشّخصية، لذلك كان لا بدّ أولاَ من عرض لأسباب سوء التّوافق النّفسي كسبب رئيس لهذا النّوع من الهوس. إلاّ أنّ مفهوم سوء التوافق النّفسي يفترض الإحاطة أولًا بالتّوافق النّفسي.
5.1. التوافق النّفسي والشّخصية السويّة
تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم التوافق عامة، ومفهوم التّوافق النّفسي خاصة إلا إنّنا اعتمدنا من التعاريف ما يتوافق منها مع دراستنا.
يطرح علماء النّفس التّوافق النّفسي على أنّه توافق الفرد مع ذاته، وتوافقه مع الوسط المحيط به وكِلا المستويين لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وإنما يؤثر فيه ويتأثر به. “فالفرد المُتوافق ذاتيًا هو المتوافق اجتماعيًا ويضيف علماء النفس بقولهم إنّ التوافق الذاتي هو قدرة الفرد على التوفيق بين دوافعه وبين أدواره الاجتماعيّة المتصارعة مع هذه الدوافع إذ لا يكون هناك صراع داخلي” (فروخة: 2011، 117).
يعرّف سميث (Smith: 1988, 452) “التوافق النّفسي هو عملية مُستمرة يقوم بها الفرد مستهدفًا تغيير سلوكه، ومحاولة النجاح في حل المشكلات ليحدث علاقة أكثر توافقًا بينه وبين نفسه من جهة وبينه وبين البيئة من جهة أخرى”.
ويتفق العديد من العلماء على “أن الشخصية السويّة مرادف لمصطلح الصّحة النّفسية والحقيقة أنّ التّداخل كبير بين هذين المُصطلحين” (صبره: 2004، 153).
ومن هنا يمكن القول، إنّ الشّخصية السويّة هي التي تتمتع بحالة ديناميّة، تظهر في قدرة الفرد على التّوافق المرن الذي يناسب المواقف التي يمر بها من خلال تفاعله مع الآخرين عبر مسيرة الحياة، إذ تُظهر هذه الشّخصية الثقة بالنّفس التي ترتبط بالاستقلال في القدرة على اتخاذ القرارات إزاء قضايا مصيرية تهم الشّخص والآخرين ذوي الصلة به، حتى تبدو العملية نموًا نفسيًا متوازيًا يُجاري أحداث الحياة ومتطلباته، فضلًا عن توفر إحساس الفرد بالمسوؤلية المُلقاة عليه لمواجهة الحياة، وهو بذلك يعبر عن ذاته في تقييم المواقف الانفعاليّة، وكما يشعر بحاجات الآخرين ويتفاعل معهم، ويستطيع أن يقوم بتسويّة مُتناغمة بين قطبي الصراع: الرّغبة والدّفاع، وهذا يدل على بناء نفسي صحي يعود الى الأنا التي استطاعت أن تشكل سيناريو مُتناسق مع مقتضيات الواقع المُتمثلة بين رغبات الهو ومناهضات الأنا الاعلى.
“ويرى فرويد أنّ السّمات الأساسيّة للشّخصيّة المُتوافقة والمتمتعة بالصّحة النّفسية تتمثل في ثلاث سمات هي : قوة الأنا، القدرة على العمل، والقدرة على الحب” (عبد اللطيف: 1993، 48).
إذًا، النمو النّفسي يعني الديناميكيّة العلائقيّة التي تسمح ببناء سويّ ومُتكيف للذات مع الذات وللذات مع الجميع، فإنّ للنّمو السّليم مطالب هي المهمات النهائيّة التي بتوجب على الإنسان أن يتعلمها ويحققها تحقيقًا مُسبقًا، ويعرفه (الهنداوي: 2002، 22) “بمدى تحقيق الفرد لحاجاته واشباعه لرغباته وفقًا لمستويات خبراته وتطورها والتي تتناسب مع سنه، لذلك فمطلب النمو مجموعة من الحاجات التي تظهر خلال مدّة زمنية معينة يتوافق فيها مع الأفراد جميعهم، ويعتمد نجاح الفرد في تحقيقه لمهمة من مهمات النّمو مشروطًا بتحقيقه للمهمة السّابقة، فالنّجاح يُوّلد النجاح. ومن هنا يُعد التّطور النّفسي أو خلله معيار لقياس االسّلوك السويّ من عدمه”.
5.2. سوء التوافق النّفسي
يُشير (دسوقي: 1985، 33)”إلى أنّ سوء التوافق هو فشل أو عدم قابليّة ملاءمة ما هو نفسي بما هو اجتماعي”.
يُبين (راجح: 1985، 478)”إنّ لسوء التّوافق مظاهر متعددة ومختلفة فقد يظهر سوء التوافق على شكل مشكلات سلوكية وقد يشتد، ليصبح أكثر خطورة إذا ما وصل إلى درجة الأمراض النّفسية والاضطّرابات العقلية”.
إنّ خلل البناء التكويني للشخصيّة (structural) خلال محطات العمر يؤثر سلبًا على عمليات النمو الطبيعي، كما يؤثر على مدارك الفرد وأنماط بنائه الإرادي وقدراته الذّاتية على التّطور، كما يؤثر على تفعيل آليات التّواصل مع محيطه الاجتماعيّ لتبادل الخبرات الذاتيّة وتدعيمها بشكل صحي وسليم.
“تتبنى النّظريّة الفرويديّة وجهة نظر مؤداها أنّ الأمراض النّفسية ما هي الإنتاج لصراعات مُبكرة لذا طور فرويد مفهوم اللاشعور ليُظهر أنّ الأمراض النّفسية بعد تجاوز الطفولة ما هي إلّا تكرار لا شعوري ورمزي لكلّ ما حدث خلال السّنوات السّت الأولى” (فراج وعبد الغفار: 1966، 106).
كما أنّ السّعي الدوؤب للهو نحو إشباع الدّوافع الغريزيّة يدفع بالأنا للقيام بوظيفتها والتي هي الحفاظ على البناء المُستمر للفرد وحمايته من متطلبات الهو التي لا تتوافق البته مع مُتطلبات الأنا الأعلى، إذ يهدف هذا الأخير للسّيطرة على جميع الدّوافع وذلك عن طريق الكبت، وهنا يكون الأنا مُضطر إلى أن يخدم ثلاثة من السادة القساة، وهو يبذل جهده لتوفيق بين مطالبهم. “والمشكلة إن هذه المطالب مُتناقضة دومًا، وكثيرًا ما يبدو التوفيق بينهم مستحيلًا وخصوصًا اذا كان الأنا ضعيف البنيان، فلن يستطيع أن يُوفق بين رغبات الهو وبين عالم الواقع، أيّ لا يستطيع التّحكم في الشهوات والنُزعات، فيعمد الى إجراء لا شعوري الا وهو كبت رغبات الهو ثم تعزل الرّغبات المكبوتة في الأعماق اللاشعورية إذ تعمل على الانتقام لنفسها وتتصارع مع الأنا، وهكذا يتكوّن عن طريق هذا التّفاعل الصراعات النّفسية حسب التّركيبة النّفسية للبِنية إذ تظهر هذه الصّراعات على شكل الشّعور بالقلق والتّوتر والضّيق. وهذا ما يدفع بالأنا الى اللجوء للحيل الدّفاعيّة أو ما يسمى بميكانزمات الدّفاعMécanismes de défense والتي هي أنماط مختلفة من العمليات التي لا تستهدف حل الأزمة النّفسية، بقدر ما تهدف الى الخلاص من مشاعر التوتر والقلق بهدف الوصول الى الراحة الوقتيّة، وهذه الأواليات هي محاولات يبذلها الأنا للمحافظة على تكامل الذّات وهذا عادة ً ما تتبناه البِنية العُصابيّة، أمّا في حال لجوء الفرد إلى تشويه كل ما يُشعر الذّات بالمهانة والدّونيّة، وهنا نكون أمام البِنيان الذّهاني، فإنّ عمل هذه الأواليات يأخذ شكل إنكار للواقع ويعمل على تحريفه، فتتحرك هذه الأواليات بطريقة لا واعية إذ لا يفطن الشّخص لما يحدث، إنها أساليب لا واعية تسعى لحماية الذّات من التهديدات الداخليّة والخارجيّة معًا (Freud, 1971, 246 – 247).
6. البِنية النّفسية
أمّا البِنية “فهي نوع من التّركيب الخاص بالكائنات أو الأجسام ونوع التركيب هو الذي يحدد نوع البِنية. وحسب فرويد، فإذا سقط بلور من الكريستال، فإنّه لا ينكسر بأي حال من الأحوال، بل حسب خطوط الضعف والقوة التي حدثت عند تكوينه، وهي خاصة بكل جسم، وهذه الخطوط تبقى خفيّة حتى ينكسر البلور، أو يوضع تحت جهاز خاص، وبالنسبة إلى بِنية الشّخصيّة فهي تسلك نفس المدرج؛ والبِنية النّفسية حسب المنظور النّفسي التّحليليّ فهي: البِنية العصابيّة إذ يتمركز الصّراع فيها ما بين الأنا والنزوات أمّا البِنية الذّهانيّة فيقتصر ثباتها على سيطرة الإنكار وعلى جزء من الواقع مع سيطرة الدّفاعات البدائية، وتوجد بين هاتين البُنيتين، البِنية الحدّية وهي تنظيم أكثر منها بِنية وتضم الأمراض السيكوسوماتية والسيكوباتية والإنحرافات” (ميموني: 2005، 57).
وسنكتفي ها هنا بتناول البِنية الذهانية والعصابية لنعود بعد ذلك إلى البِنية الحدّية بالتفصيل، وذلك سيكون من خلال المنظور النّفسي التحليلي.
6.1. البِنية العصابية والبِنية الذُهانية
6.1.1. البِنية الذُهانية
حسب بيرجيريه “هي البِنية الموسومة عند نقطة الإنطلاق بمجموعة إحباطات مُبكرة والتي تعود في الأصل إلى العلاقة بالأم، فالأنا هنا تتعرض إلى تثبتات أساسية ونكوصات مهمة تكون ما قبل تنظيمية على هذا المستوى وبصفة ذهانية” (Bergeret : 1982, 191). أما مكونات هذه البِنية فهي على الشكل الآتي: النّكوص لا يتعدى المرحلة الشّرجيّة الأولى. والأنا ينكص إلى مرحلة اللاتمايز أو إلى تمايز بدائي ما يجعله ضعيفًا فهو لا يؤدي دور الوسيط، يقع تحت سيطرة الهو.
تتميز هذه البِنية بقلق التّجزء والتفكك، إما بالنسبة إلى العلاقة بالموضوع، فإنّ النّرجسيّة الكاملة تجعل من هذه البِنية إنطوائيّة كونها مُدمجة بالألم، تتخلى عن موضوعها لتكوّن واقع جديد من خلال الهذيان والهلوسة أما بالنسبة إلى الصراع، فالصراع يكون بين الهو والواقع ولا يكون بين الأنا والواقع، فالأنا الذّهاني غير موجود وهو بدائي، أمّا آلياتها الدفاعية فقائمة على الإنكار.
6.1.2. البِنية العصابية
“هي البِنية التي حدث لها خلل في المرحلة القضيبيّة، إذ لم يستطع صاحبها حلّ الصراع الأوديبي (Ibid Bergeret: 1982, 191)” يرجع نكوص الليبدو إلى المدّة الثانية من المرحلة الشّرجيّة وإلى المرحلة الأوديبيّة، أيًّا كان نوع العصاب، فإنّ قلق الخصاء هو المسيطر على هذه البِنية، تتميز البِنية العصابيّة بعلاقة الموضوع علاقة ثلاثيّة تناسليّة “طفل – أم – أب” أمّا بالنسبة إلى الصراع الذي تعايشه هذه البِنية فهو صراع جنسي بين الأنا الأعلى والدوافع، ما يؤدي إلى الشّعور بالذّنب وقلق الخصاء. أما بالنسبة إلى الآليات الدّفاعية لهذه البِنية، فهي آليات متطورة أهمها: الكبت والتحويل.
7. البِنية الحدّية
7.1. البِنية الحدّية من النّاحية التّاريخيّة
“من الناحية التّاريخيّة يعد شتيرن (Steren،1938) أول من استخدم مصطلح الحدّية Borderline ألا أنّ الجذور الحقيقيّة لهذا المصطلح تُعزى إلى الوصف المقدم من قبل المحللة النّفسانيّة الألمانية دويتش Deutsch لنمط من الشّخصية يطلق عليه شخصيّة “كأن” وأيضًا “كما لو” (as-if personality ) وهذا النّمط أطلقته (دويتش: 1936)، إذ تُشير إلى أنّ أصحاب هذه الشّخصيّة يتركون انطباعًا زائفًا عند الآخرين” (الحفني: 1987، 106)، “كما أنّه نمط لشخصيّة فصاميّة تتصرف كأنّما استجابتها الانفعاليّة تجاه المواقف بطريقة غير سويّة كأن يحاول الفرد إيجاد تبريرات غير منطقيّة لأحداث ما، أمّا عند أدلر فهي نظرة للأمور أخذها أدلر عن فايهنجر قوامها أنّ الإنسان يعيش على أفكارٍ وهمّية وتكون هي السّبب الذّاتي للأحداث السّيكولوجيّة” (المرجع نفسه، الحنفي: 69). كما اصطلح لها زولبورك (Zolboorg) الفصام المتحول، والفصام الكامن latent كما قدمه كل من رورشاخ (Rorshach) وفيدرن (Federn) وبلويلر (Bleuler)، الا أن نايت (Knight) لاحظ أن مصطلح الحدّية كان يستخدم للمرضى الذين لا يبدون، بأي طريقة،على كونهم ذهانيون أو عصابيون (Chabert: 1999).
“يشيع استخدام هذا المصطلح لدلالة على بعض الاضطّرابات النّفسية المرضيّة، التي تقع على الحدود ما بين العصاب والذّهان. إلا أن مُصطلح الحالة البيّنية (الحدّية) يفتقر إلى الدلالة الوصفيّة المرضيّة الدّقيقة، وتعكس تقلباته من حالة إلى أخرى،غموض المجال الذي يُطبق عليه، فهو يشمل تبعًا لمفاهيم مختلف المؤلفين: الشّخصيات السّفيهة والشّاذة والجانحة.
إن اتساع مجال التحليل النّفسي، مسؤول عن إبراز هذه الفئة التي يطلق عليها اسم الحالات البيّنية، إذ أظهرت استقصاءات التّحليل النّفسي وجود بِنية ذُهانيّة في بعض الحالات التي كانت تتعالج من اضطّرابات عصابيّة. ويعتقد عمومًا، على المستوى النّظري، أن الأعراض العُصابيّة تقوم في هذه الحالات بوظيفة دفاعيّة ضد انفجار الذُهان” (لابلانش وبونتاليس: 1987، 227 – 228).
7.1.1. منشأ التنظيم الحدّي
يطرح (Bergeret: 1974) “المأساة النّفسية التي تمر بها الشّخصية الحدّية إذ يعاني الفرد في مرحلة الطفولة المُبكرة من هوامات العلاقة السّيئة مع الأم نتيجة شعوره بخطر فقدان الموضوع، ما يولد لديه مشاعر حرمان قويّة، فينشأ ما يسميّه بيرجريه “الصدمة النّفسية المُبكرة” والصّدمة تُفهم في الإطار العاطفي، فهي تتعلق بالشّغف الغرائزي الذي ينتج عن حالة غير مُنتظمة وغير ناضجة إلى حدّ ما من جهة تركيبة الفرد العائليّة وتكيّفه، ودفاعاته التي يعتمدها ليواجه الظروف غير المُحتملة، هذه الصدمة ذات الطابع العاطفي والوجداني تكون هي المسؤولة عن أحداث ثورة غريزية والتي تظهر على شكل أنا غير مُنتظم وغير ناضج على مستوى التّجهيز والتّكيف والدّفاع .
تتفاقم المشكلة النّفسية، عند دخول الطفل مرحلة أوديب مباشرة وبشكلٍ مُبكر وقاسٍ، إذ لا يكون بعد جاهزًا لها ما يجعله عاجزًا عن تسويّة أو تأهيل العلاقة الثلاثيّة والتّناسليّة مع موضوعاته والتي كان يستطيع أن ينظمها لو مرت بشكل مُنتظم وحسب تطورها الزّمني، إلّا أنّ الصدّ عن التّطور النّفسي العاطفي حوّله إلى “ستاتيكو ما قبل عصابي Statut prénevrotique”، وهكذا يصبح عاجزًا عن الاستناد إلى حبّ الأب لمواجهة المشاعر العدائيّة تجاه الأم. وبالعكس، في وقت لاحق، يستند على حب الأم لإحلال التّسويّة لكراهيّة المُوجهه نحو الأب، وبالطريقة نفسها، يصبح من الصعوبة بمكان اعتماد آلية الكبت للحد من وعيه لشدة التّوتر الجنسي العدائي، وهكذا فإنّ عدم الاكتمال النّفسي وفشل آلية الكبت تزدادان، فيلجأ إلى آلية دفاعيّة بدائيّة Achaïque ومُكلفة للأنا والتي تكون أقرب لاستخدامات الذّهاني، كإنكار التّصورات الجنسيّة، وانشطار الموضوع والتّماهي الإسقاطي أو الاحتضان الكامل للموضوع تحت أشكال مُتغيرة ومرنة Subtiles.
هذه الصدمة العاطفيّة ̋الصدمة المُبكرة ̋ تؤدي الدّور الأساسي في خلل البناء النّفسي لتطور الفرد وتأثيره المُباشر يكون بتوقف التّطور الليبيدي للفرد، وهكذا نجد هذا التّطور مشلول دفعة واحدة، أحيانًا لمدة طويلة بأشكال كامنة – كاذبة Pseudo –latence، هذا الشّكل الكامن – الكاذب (شبه كمون) يطوق مرحلة الكمون الطبيعي، ما سيُظهر حالة غليان عاطفي في المراهقة مع إمكانيّة حدوث تشوهات وتحولات وكثافة توظيف عاطفي أوعدم توظيف عاطفي، ما يضعنا أمام أسباب لبداية تناسليّة حيث المُكتسبات أو الخسائر الماقبل التناسليّة.
هذا الصدّ التّطوري للنّضج العاطفي للأنا في اللحظة التي لا تستطيع أن تنفصل تناسليًا، يُشكل ما يسميه بيرجيريه (الجذع المشترك للشخصية الحدّية) Tronc commun des cas limites. ولا يمكن عدُّ هذا الجذع المشترك كبِنية حقيقية، بمعنى البِنية الذُهانيّة أو العُصابيّة، فيأخذ المعايير العياديّة للتثبيت، والصّلابة في الأنواع والخصوصيّة النهائية لأي تنظيم، فالحالات الحدّية تقع في وضعيّة مُنتظمة، ولكنها ليست مُثبّتة بنيويًا، وهكذا فإنّ الشخصية الحدّية هي الشّخصية التي تتوسط حالتي العصاب والذهان وهي لا تكتسب الثبات ولا البنيان النّفسي القوي ولا خصوصية التنظيم البنائي بل هي شخصية تبقى في وضعية التأهيل، التّحسين من دون التثبت على أيّة حال، فهي تنظيم في وضعيّة تقبل من دون محاولة إحداث أيذ تغيير، وهذا ما يكلف الأنا جهودًا مُضنية ومُكلفة، إذ تضطر من دون توقف إلى اعتماد صد التوظيف أو إلى تكوين انعكاسي، يكون الهدف البقاء على المسافة نفسها من البنيانيين، إحداهما تُخطِّيت وهو الذُهاني، أمّا الآخر، فيبقى من دون تخطيه ألّا وهو، البِنيان العُصابي من خلال تطور غرائزي أكثر منه تكيفي.
ويمكن القول إن هذه البِنية تبدو للأنا غامضة، فهي من جهة تشعر بقلق التمزق ولكنها تمتلك دفاعات صلبة يمكن استخدامها، ومن جهة أخرى، تشعر بقلق تناسلي عصابي وبلذائذ تسعى للحصول عليها.
وأفضل تشبيه للشخصية الحدّية، هو تشبيهها بـ “قصب حكمة لافونتين” الذي يتميز بفراغ داخلي يجعله يميل مع الهواء، ولكن ميلانه هذا، لا يعني قدرته على التّحمل، إنما يعني انجراره واستسلامه لأيّة عاطفة.
إنّما ما يميز الشّخصيّة الحدّية، أن الصراعات التي تقع بين الهو والأنا الأعلى من ناحية البنيان العصابي وبين الغرائز والواقع من ناحية البِنيان الذُهاني، هي دليل على عجز الأنا عن إدارة الصراعات، بمعنى آخر، عاجزة عن إقامة التّوازن النّفسي المطلوب.
تعمل الشّخصية الحدّية بنموذجين: واحد تكيّفي وآخر دفاعي ما يسمح للأنا بشيء من الأمان وبشيء من الثبات. ولكن هذا الحال لا يشكل قوة حقيقيّة Solidité، إذ إنّ الفرد يبقى تابع لتغيرات الواقع الخارجي ولوضعيات الموضوع كما هي من وجهة نظر الفرد، كما أن هؤلاء الأفراد يظهرون حاجات كبيرة للعاطفة، فهم يقاومون بشكل سلبي كل حرمان سلبي إذ يستيقظ حرمان طفولي قديم ورمزي، كما إنّ نرجسيتهم مبِنية بشكل سيىء، وتبقى ضعيفة قد تكون الحاجة واضحة للاحترام والعاطفة والسند كما أكدها (Setron: 1945)، أنّ الموضوع بالنسبة إلى هؤلاء الأفراد يُستشعر كَمُضطَهِد ولكن ليس كما هو في البارانويا، فالموضوع يؤدي دورًا ثنائيًا فهو سند للأنا الأعلى، وهو أيضًا سند للأنا، هذا الموضوع يُوجد مع توازن مهم، قد يكون في الوقت نفسه: المُهدد والحامي.
تعمل الشخصية الحدّية وفق عاملين إجرائين للأنا، أحدهما يبقى في إطار تكيفي كلاسيكي مع معطيات الواقع الخارجي وآخر يعمل بشكل مستقل بعلاقته مع الواقع، ولكن بشكل أساسي مُثبت على الحاجات النّرجسيّة الداخليّة، إذ تثبت الاعتماديّة إنّما هذه الثنائيّة لا تتطلب قمع إنشطار حقيقي للأنا كما هو الحال في البنيان الذهاني. لذلك فإن أكثر ما يميز الشخصية الحدّية أهمّيّة، النرجسيّة المرضيّة، كما يؤكد بيرجيريه على أنّ واحدة من سمات الشّخصية الحدّية المهمّة، الاعتمادية، ذلك أن العلاقة بالموضوع تبقى مُتمركزة على التبعية الاعتماديّة للآخر، إذ ينتظر صاحب هذه الشخصية الدّعم من الآخر، وينتظر الإشباع الإيجابي. في الواقع، إنّ التبعيّة هي أساس العلاقة مع الموضوع والتي تبقى مُعاشة إنما تختلف عن الطريقة التي يعتمدها الذهاني إذ تكون العلاقة مُلتحمة مع الموضوع / الأم Fusionnelle”.
7.1.2. الشّخصية الحدّية بين أنا ضعيف وإشكاليّة العلاقة بالموضوع
تكمن إشكالية الشّخصيّة الحدّية في صعوبة العلاقة مع الموضوع وارتباطها بأنا ضعيف، وهذا ما يشكل المحور المشترك للنظريات التي تناولت الشخصية الحدّية كلّها، تتميز التّخطيطات للشّخصيّة الحدّية إذ إنّ الفرد يستدعي العالم الخارجي ليملأ فراغ الوظائف الخياليّة الداخلية، وهذا ما يشرح اضطّراب التعبير بين المُعاش النّفسي والمُعاش المرتبط بالبيئة ما يضعنا أمام الأمراض النّفسيّة والأعراض التي تفتح الباب أمام الشّخصية الحدّية التي لا تقع في باب العصاب، ولا في باب الذهان والتي تكون حصرًا في باب ما قبل الذهان. “فلا أعراض ذات طبيعة عُصابيّة ولا هذيان ذا طبيعة ذهانيّة، يُشير (Knight: 1953) إلى الهشاشة الواضحة لوظائف الأنا والقوى الدّافعيّة البدائيّة اللاواعية والقوى الغرائزيّة غير المُنتظمة التي تُميز البِنية الحدّية، كما يُشير إلى دور الواقع الخارجي الذي يعمل على التّعويض عن هشاشة العالم الدّاخلي والفراغ الدّاخلي” (Laplanche, Pontalise: 1967).
“كذلك Kernberg (1975) يحدد الشّخصية الحدّية من خلال مبدأ ضعف الأنا وتأثير السيرورات الأولية للفكرومن خلال الآليات الدفاعية البدائية، وبالنسبة له، فالشخصية الحدّية تُفهم في إطار التثبت على إشكاليّة الفصل/التميز Séparation individuation أيّ تفاضل الذّات وتفاضل الموضوع” (Charbert: 2008, 303).
“إن التنظيم الحدّي يكشف النّقاب عن فشل الأنا في تكوين مختلف مسار التطور النّفسي لها، فما يحصل عند الوصول، إلى المرحلة الوضعية الإنهياريّة (الأشهر الست الأولى) ثم لاحقًا عند الوصول إلى المرحلة الشّرجيّة حتى نهاية المرحلة القضيبية، هو أنّ النرجسيّة هي التي تُصادق على التطور النّفسي، وصولًا إلى الوظيفة الإنهياريّة وحسب (Klein: 1967) إذ تكون الغرائز الليبدية والعدائية موجودة جنبًا إلى جنب وهنا يُدرك الموضوع الجُزئي بفضل لعبة الاستدخال والإسقاط، وهذا ما يقصد به وضعية جنون العظمة Schizo-paranoide.
كما إنّ صاحب الشخصية الحدّية يُظهر أنا موحدة Unifié إنما مرضيّة، وذلك بفضل الانشطار الذي يمنع أية عملية تركيب سليمة للاستدخال والتّماهي الإيجابي والسّلبي ما يجعل التّكامل Integartion مُستحيلًا، ولكن هذه الوضعيّة للبِنية الحدّية تسمح بالحفاظ على تواصل جيد مع الواقع إذ إنّ الأنا الحدّية هي غالبًا ثابتة، إنما هذا الثّبات يكون مُقترن بقصور Partisane du deficit في وظائف التوليف، هكذا يكون الانشطار هو السبب والنتيجة لضعف الأنا” (André et al: 1999).
7.1.3. الآليات الدفاعية للشخصية الحدّية
“تعتمد الشّخصيّة الحدّية آليات دفاعيّة بدائيّة مثل الإنكار، التماهي الإسقاطي، المثاليّة البدائيّة والإطلاقيّة، إلا أنها تتميز بآلية الانشطار، إذ إنّ انشطار الأنا عند الشخصية الحدّية يظهر من خلال مشاعر العظمة والدّونية التي تتعايش جنبًا إلى جنب من دون أن تؤثر الواحدة على الأخرى، وإنّ هذه الآليات تقوّي الانشطار، كما إنّ الإنجاز الخطر للنرجسيّة يطلق سيرورة “لنزف النرجسي” حسب (Bergeret: 2000, 104) وهذا ما يُسمى بالجذع المشترك لتخطيط الحدّي Tronc commun aménagé.
وهنا فإنّ انهيار المقاومة يعمل مرة بمعنى العُصاب ومرة بمعنى الذهان، ولكن دائمًا يكون هدفه تجنب المُعاش الانهياري المُؤلم المُرتبط بفقدان الموضوع.
7.1.4. الشخصية الحدّية بين إشكالية العلاقة وفقدان الموضوع
إن الإشكالية الأساسية للبِنية الحدّية تقع حول العلاقة بين الواقع النّفسي الداخلي للتصورات والعالم المُعاش الخارجي والواقعي، ويمكن تحدّيد إشكالية البِنية الحدّية في إنها إشكالية الحدود: الحدود بين الداخل والخارج، الحدود بين الذات وخارج الذات، الحدود بين الخيالي والواقعي.
“ويربط فرويد المحنة والقلق وألم الفقدان بإدراك الموضوع المُعاش على أنّه فقدان حقيقي مرتبط بالصدمة وذلك لعدم قدرة الطفل على شرح أو فهم غياب الأم، ففقدان الحب يتأتى بشكل تتبعي، إذ ينوّه فرويد بأهمية فقدان الموضوع كشرط لتحقيق التصورات النّفسية وبأهمية العواطف في تكوين التصورات والمشهد النّفسي” (Freud: 1978). هذه السيرورة لا تنجح إلا في إطار الوساطة بين الشخص والموضوع، ولكن في المقابل هذه الوساطة لا تتكوّن بين الداخل والخارج.
“ويرى وينكوت Winnicott أن انتقال العلاقة بالموضوع يجري من خلال استعمال هذا الموضوع، إذ يُفترض على الشّخص أن يكون قد دمّر الموضوع هواميًا، قد يكون هذا الأخير ما زال يعتاش من خلال الهجمات الهواميّة، إلا أنّ هذا نوع من الانتقال Transition يبقى سريع الزوال عند الشخصية الحدّية، ذلك إن بقاء الموضوع مُرتبط بالهجوم غير المضمون، ولأن طريقة إدارة فقدان الموضوع قائمة على التأثير” (Chabert: 2010, 215).
ويرى (Green: 1983) في هذا المجال، إن الانسحاب المُفاجئ للأم من حياة الطفل يقلب حياته النّفسية إذ ينطلق لديه الانسحاب العاطفي والتصورات المُرتبطة بالموضوع الأمومي، هذه الإعاقة للموضوع تُستكمل من دون كراهية ومن دون تدمير، لتكون النتيجة “بناء فجوة مأساويّة للعلاقة بالموضوع مع الأم”، ويضيف غرين Green أنه من المحتمل أن يترافق فقدان الموضوع مع غيابه نفسيًا، وذلك بسبب عدم وجود أيّ معنى آخر يُمكن أن يعوّض هذا الغياب، فالغياب هنا لا يسمح للبناء الهوامي أن يُرتب هذا الفقد عن طريق تصورات سليمة تساعده على تنظيمه وتقبله، وهكذا عندما يُصبح المعنى الغائب واقعًا، فإنّ الفجوة تتجه نحو العواطف والتّصورات لتفصل بينهما، تاركة لأثارها الظهور على أمل الخلاص من الفقدان المُحتمل، من الهجر، من التّفكير الذي يتمثل باللحظات الإنهيارية”.
باختصار إنّها محاولة للهرب إلى الأمام في كل مرة يستشعر فيها الفرد أنّه أمام تهديد فقدان الموضوع، فهذه البِنية تعمل في إطار مواجهة فقدان الآخر ضمن إشكاليّة الإنهيار، وفقدان الآخر يترافق مع فقدان الذات.
7.1.5. إشكالية الازدواجيّة L’ambivalence عند البِنية الحدّية
هنا الانشطار هو من يُدير الغرائز، فنجد حبًّا لأحد وكره لآخر، “وكما ترى Klein (1967) إن عدم تخطي الوضعيّة الانهياريّة لن تسمح لعمليّة الإزدواج (الحب / الكراهية) أن تكتمل عند البِنية الحدّية، هذه القدرة غير مُكتسبة،لأنّ التوظيف على الموضوع يُدار من قبل الانشطار المرتبط بوضعيّة جنون -العظمة Schizo-paranoïde، كما أنّ اعتماد البِنية الحدّية التبعيّة للموضوع تُولد الكراهية شيئًا فشيئًا تجاه الموضوع، وفي حال أصبحت هذه الكراهيّة شديدة تصبح عاجزة عن التعبير، فيتولد الخوف ليُدمَّر الموضوع، حب الموضوع لا ينفصل عن التدمير، وأن الحفاظ على الكره وصيانته ضرورة للبِنية الحدّية بهدف إبعاد خطر اجتياح الشخص من الموضوع، وهكذا فإنّ التّقارب بين المشاعر المُتناقضة (الحب والكراهية) يسمح بالاندماجيّة من خلال التبعيّة التي يبنى على أساسها علاقاته.
إن العدائية التي تعتمدها البِنية الحدّية تجاه الآخر، هي قناع إنما ليس قناع لإخفاء الحب لآخر ولكن خوفًا من افتقاده، فالشّخص يشطر الموضوع ذاته إلى جيد وسيئ، إذ يكون الموضوع في الآن عينه جيد مثالي وهو نفسه سيىء ومُدمر ولا يحتمل. هذا الإسقاط للكراهيّة يسمح لهذه البِنية بإجراء احتياطي لمفهوم الحدود بين الشّخص والموضوع، بين الدّاخل والخارج ما يسمح لها بتخفيف ثقل وقساوة الغرائز” (Chabert: 2008, 103).
خلاصة القول، إنّ البِنيان الحدّي تنظيم لم يُوفّق إلى إتمام عمليات النضج النّفسي السويّ، ويعود ذلك إلى الصعوبات النّفسية المُؤلمة المُبكرة التي تعرّض لها هذا التنظيم، فأنتج تنظيم حدودي يقع بين الذهان والعصاب، يتميز بإشكاليّة العلاقة (طفل/ أم) وإشكاليّة قلق الفقدان والهجر، وهذا ما يدفع بهكذا “تنظيم إلى اعتماد آليات دفاعيّة على رأسها الإسقاط والانشطار كمحاولة لتجنب القلق الدائم الناتج عن فقدان الموضوع” (cf op. cit André et al: 2008).
8. هوس الشّراء، تسوّق إدماني، شكل من أشكال الإدمان .
“ارتبط مصطلح الإدمان طبيًا بالتبعيّة للأدوية المخدرة وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية W.A.O سنة 1964 تعميمًا استبدلت فيه كلمة إدمان بعبارة “الاعتماد على العقاقير” لتصبح كلمة إدمان تعني الاعتماد على العقاقير، بمعنى سوء الاستعمال الذي يأتي من دون رأي الطبيب أو الاختصاصي” (المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض ICD/10: 1999، 152).
وفي الدليل التشخيصي للأمراض العقلية DSM. V حُددّت الاعتمادية على العقاقير أو النشاط الذي يتميز بالإفراط وزيادة مستويات الاحتمال وأعراض الانسحاب وافتقاد الضبط والتّحكم بأنها أعراض إدمان.
واليوم، يكثر الحدّيث عن إدمانات من نوع آخر، من دون مخدر، تتمظهر بنشاط أو بسلوك يُشير إلى اعتمادية لا تقل في شدتها عن الاعتماديّة على العقاقير، ولقد صنّفت هذه االسّلوكات في DSM. V على أنّه اضطّرابات سلوكية، اندفاعيّة في التّحكم والضبط مثل اضطّرابات الأكل وإدمان الجنس وإدمان القمار، أمّا في ما يخص هوس الشّراء موضوع بحثنا، فإن DSM.V لم يُتعرّف عليه بوصفه اضطّرابا عقليًا معروفًا بسبب وجود أدلة غير مؤكدة على إثبات معايير التشخيص (American psychiatric Association: 2013)، فلذلك يمكن قياسه على أنواع أخرى من الإدمان والتي ورد ذكرها في هذا التصنيف.
- “سلوك تكراري، مُتطرّف.
- أعراض توتر قبل القيام بالفعل، ارتياح خلال القيام بالفعل إلى إحساس بالنّقص بعدها، كما يكرس الفرد لهذا االسّلوك وقتًا أكثر فأكثر أهمية ما ينعكس على حياته الشّخصيّة والعائليّة والاجتماعيّة.
- فقدان الفرد للضبط إذ تتحول حياته واهتماماته لخدمة هذا االسّلوك” (راجح: 2013، 172).
إنّ المشكلة الكبرى في هكذا سلوكات، أنّها تبدو بالنسبة إلى الكثيرين من مألوف الحياة العادية إذ لا يتنبه لها، لا العالقين في دوامتها، وأحيانًا لا يتنبه لها الذين يعايشونهم على أنها سمات مرضية تؤشر إلى سلوك غير سويّ إلا بعد فوات الأوان، وأنها ذا نتائج وخيمة على المستوى الفردي والجماعي.
ومن هذه االسّلوكات المرضيّة، “هوس الشّراء” الذي يُصنف علميًا على أنه “أنيومانيا” ليدلّل على أنه سلوك شرائي مرضي، ولكن قبل البدء بتعريفه وتحدّيد أنواعه ومُحدداته لا بد لنا من الإشارة إلى أنّ مفهوم الهوس في دراستنا هو حالة تتضمن اضطّرابات في الدّافعية وليس الهوس بمعناه الذي يتحدد ضمن اضطّرابات ثنائي القطب الخاصة بالذّهان (Psychose) وإنّ إدراج مفهوم هوس الشّراء على أنّه إدمان سلوكي كإدمان المواد المخدرة والأدوية لا يختلف من حيث السببية النّفسية التي تعود في جذورها إلى التبعية المُرتبطة بإشكاليّة فقدان الموضوع وإن كان هناك اختلاف من باب أنّ إدمان المواد والأدوية تجعل الشّخص المُدمن عاجز عن تحمل الألم المُترتب عنها عند الانقطاع عنها أو فقدانها، إلاّ أنّها تتقارب معلى أساس الفعل المُتكرر والولع بالشيء المهووس فيه، وتتقارب إلى حدٍ بعيد في نتائجها على أنها تبعية تظهر في االسّلوك وتترك آثار سلبية على صاحبها ومن حوله.
8.1. هوس الشّراء ومسمياته الأخرى
ذكرت اسماء عدة للشراء الزائد: نوبة الشّراء، هوس الشّراء، إدمان الذهاب الى المتاجر، الشّراء الاندفاعي، الشّراء القهري، حمى الشّراء، الشّراء غير المُنضبط وتستخدم هذه المصطلحات بالتبادل على أساس أنّها تُشير الى شيء واحد.
يقرن (La Rose: 2002, 549 – 561) “بين المصطلحات الثلاثة: الشّراء الاندفاعي، والشّراء القهري، والإدمان على الشّراء، فهو يميل للقول إنها تُشكل خطًا متصلًا من االسّلوك وتعبر عن درجات مُتباينة من الخلل في ضبط الذات، فالشّراء الاندفاعي هو نزعة تُظهر لدى المُستهلك العادي يعبر عنها بالشّراء العفوي، الانفعالي، الفوري والاندفاعي، ثم قد تنتقل رغبة الفرد في شراء منتجات مُحددة إلى رغبة عامّة في الشّراء يجسدها سلوك الشّراء القهري، ويعرف هذا االسّلوك أنّه شراء مُزمن مُتكرّر يشكل الاستجابة الأوليّة التي يستجيب لها الفرد، إذ يصعب مقاومة هذه الاستجابة على الرّغم ما ينتج عنها من نتائج ضارة. وعندما تتحول إساءة استخدام الشّراء إلى اعتماد على الشّراء يصبح سلوك الشّراء القهري إدمانًا سلوكيًا “.
يقدم (Desarbo & Edwards: 1996, 231 – 257) “رأيان مماثلان إذ يريان أنّ الإدمان على الشّراء يبدأ من الإنفاق العادي الذي يتحول لدى بعض الأفراد إلى ما يمثل سلوك الإنفاق الاندفاعي، ومن ثمَّ يتحول إلى وسيلة للهرب من القلق على شكل سلوك الشّراء القهري، وأخيرًا تأتي مرحلة الإدمان على الشّراء وما يرافقها من آثار مكروهة”. ومن التّصورات المقترحة أيضًا لفهم سلوك الشّراء وأشكاله المُتنوعة ما قدمه (Faber: 2000, 188) ” إذ يرى أنّ االسّلوك الشرائي برمته يمكن أن يُصنّف ضمن جدول مُكوّن من أربع خانات، له بعدان رئيسان هما: بعد الدافع للشراء بجانبيه: الدّافع المُرتفع والدافع المُنخفض، وبعد الضبط بجانبيه: الضبط المُرتفع والضبط المُنخفض ويُوجد المشترون القهريون في الخانة التي تجمع بين الدّافع المُرتفع والضبط المُنخفض”.
8.1.1. الشّراء الاندفاعي
يحدد مصطلح الشّراء الاندفاعي بوصفه سلوكًا نفسيًا مميزًا، يختلف بدرجة كبيرة عن أشكال الاستهلاك ونماذجه المُتأتية الأخرى التي يمارسها المُستهلكون. ولا يمكن أن يدرس هذا االسّلوك الشرائي بوساطة النماذج الاقتصاديّة التقليديّة المبِنيّة على التقييم المعرفي والمعتقدات المتعلقة بالكلفة المُترتبة على الشّراء والمنفعة المرجوة من السّلعة والموازنة بينها، وهو ما يعتمد عليه قرار المشتري في العادة (Verplanken & Herbadi: 2001, 71 – 83).
ويرى (Rock: 1987, 189 – 199) ” أنّ الشّراء الاندفاعيّ هو الشّراء الذي يحدث عندما يختبر الفرد دافعًا ملحًا لشراء فوري مُباشر، وأنّ هذا الدّافع المُلّح مُعقد على المستوى الوجداني يثير صراعًا انفعاليًا ويؤدي بالفرد إلى الشّراء مع استخفاف بالنتائج التي قد يُخلّفها”. إنّ هذا النوع من الشّراء ليس مجرد شراء غير مُخطط له، فهو سلوك مُعقد انفعاليّ يحدث بشكل إجباري، ويظهر المُشتري في هذا الموقف الشرائي وكأنّه واقع تحت قوة تفوق قدرته على الضبط والتحكم، من هنا بدأت إسهامات الباحثين في دراسة الآليات النّفسية لهذا االسّلوك. وقد استفاد مجموعة من الباحثين من نظريات علم النّفس في تفسير سلوك الشّراء الاندفاعي للوصول إلى فهم أعمق وأشمل بعيدًا من التوجهات الاقتصاديّة والتسويّقيّة.
كما ترى (Dittmar: 2004, 411 – 450)” إنّ المشترين الاندفاعيين يتكرر شراؤهم للأشياء بدوافع نفسيّة لتحسين صورهم عن ذواتهم، كما يعبّرون عن تناقض كبير بين ذواتهم، ويدركونها وذواتهم ويرغبون أن يكونوا، ويراودهم درجة أعلى من الشعور بالذنب بعد الشّراء ما يراود المُشترين العاديين”.
8.1.2. الشّراء القهري
ترى (Dittmar: 2005ab, 832 – 859) ” أنّه لا يمكن فصل المشترين إلى مجموعتين منفصلتين تُمثل إحداهما مجموعة المشترين العاديين والأخرى مجموعة المشترين القهريين، بل تذهب إلى أنّ الشّراء القهري هو مظهر مُتطرف من مظاهر سلوك الشّراء العادي. وأنّ ما يميز أشكال االسّلوك الشرائي عن بعضها هو تفاوت درجة بعض العوامل كالاندفاع في الشّراء أو فقد السّيطرة على عملية الشّراء على الرّغم من النتائج السلبية التي قد تتبعها، أو الدوافع الكامنة وراء سلوك الشّراء وبشكل خاص تؤكد ديمتار أنه كلما ابتعد نمط سلوك شراء الفرد من سلوك الشّراء العادي دلّ ذلك على أنه شراء مدفوع بدوافع نفسية، كالدافع لإصلاح المزاج وتحسين إحساس الفرد بذاته وتنظيم الانفعالات من خلال الحصول على السلع المادية، وهي تتبنى هذا النموذج في بحوثها لأنه يعطي فهمًا شاملًا وعميقًا لهذا االسّلوك، وبذلك يمكن القول، إن حدة الشّراء مدفوع بدوافع نفسية، ومن ضمنه الشّراء الاندفاعي والشّراء القهري إنما الاختلاف بينهما يكون من باب حدة االسّلوك”، وتُربط (Dittmar: 2005b) ” أنواع الشّراء هذه بالنقلة الاقتصاديّة الثقافيّة والاجتماعيّة السّلوك المُستهلك خلال العقود الأخيرة. كذلك يجد عدد من الباحثين في سمات المجتمع المعاصر مُبررًا كافيًا للافتراض أن الكثير من سلوك الشّراء مدفوع بدوافع نفسيّة، إذ لا تشتري السلعة لمنفعتها الاقتصادية والعملية بل لفوائد نفسية كتحسين صورة الذات، وزيادة تقدير الذات، وتحسين العلاقات المتبادلة بين الأشخاص، وتنظيم الانفعالات. ويُعدُّون الإفراط في هذا االسّلوك الاستهلاكي نمطًا سلوكيًا مضطربًا قد يؤدي بالأفراد والمجتمع إلى نتائج نفسيّة وماديّة سلبية “.
تُعدُّ (McElroy et al: 1994, 242 – 248) ” أول من وضعوا محكّات تشخيصيّة لعرض الشّراء الإدماني والذي حدد على إنّه الشّراء المُتكرر أو الانّدفاع في الشّراء، والذي يتميز أنه يحصل من دون مقاومة وبشكل غير واعٍ، ويؤدي سلوك الإنفاق والاندفاعيّة إلى ضغوط شخصيّة واجتماعيّة وزواجيّة وسوء توافق مهني ومشكلات ماليّة وقانونيّة.
8.1.3 المحكات التشخيصية للشراء القهري/ الإدماني وفقًا لماكلروي وزملائها
انشغال لا توافقي بالشّراء، أو الاندفاعية للشراء وهو االسّلوك الذي قد يشار إليه بواحدة على الأقل من المحكات الآتية :
- انشغال مُتكرر بالشّراء أو الاندفاع للشراء.
- شراء أشياء في غير حاجة إليها .
- إسراف في الوقت ما يؤثر بشكل جوهري على الوظيفة المهنية والاجتماعيّة أو مشكلات مالية كالدين أو الإفلاس”.
كما ذكر كلا من كريوس وزملائه Kyrios et al ، عدة صفات انفعاليّة للمشترين القهريين،على النحو الآتي” (Kyrios et al: 2004, 242) :
- مزاج اكتئابي .
- يتخذون الشّراء كحل غير واقعي للوصول إلى صورة كمالية عن الذات.
- اعتقادات خاطئة عن العائد النّفسي جراء الشّراء .
- صعوبات في اتخاذ القرارات”.
وحددت (Arya: 2009, 166) ” سيكولوجية الشّراء القهري/ الإدماني في أنه حالة مزاجيّة قد تكون سببًا لاستثارة سلوك الشّراء والانضغاط المتولّد بسبب الحدث أو المزاج يدخل في خبرة الشّراء، ومن ثم توقع سلوك الشّراء حيث الاستثارة الانفعالية والفيزيولوجية، وأن دورة الشّراء القهري/ الإدماني يمكن أن تتبدى في سلسلة من الأنشطة الطقوسية تلك التي بينها (Black : 2007) في أربع مراحل مُتمايزة وهي مرحلة التوقع ومرحلة الإعداد ومرحلة التسوق (الذهاب للأسواق) وأخيرًا الإنفاق . وخلال مرحلة الشّراء فإن خبرة المُستهلك هي عدد من الانفعالات بداية من المشاهدة إلى الانتقاء ثم الشّراء وغالبًا ما يكون مصحوبًا بمشاعر من عدم الرضا”.
كما افترض كل من (Kellet, Bolton: 2009, 85 – 91) ” أربع مراحل أيضًا السّلوك الشّراء القهري وهي :
- مرحلة ما قبل الشّراء.
- مرحلة المثيرات الداخلية والخارجية.
- مرحلة الشّراء الفعلي.
- مرحلة ما بعد الشّراء.
وتُشير المرحلة الأولى إلى الخبرات الطفلية والبيئية الأسرية والتي تمثل عوامل الاستهداف للإصابة بالشّراء القهري”. فمثلًا وجد (Kryios et al: 2004) ” ارتباطًا بين النقد الوالدي والشّراء القهري. وجد أن عائلات أو آباء المشترين القهريين لديهم تاريخ طويل من الاكتئاب وتعاطي الخمور والمخدرات” (Black et al: 1998, 960 – 963). أما المرحلة الثانية فهي مرحلة المثيرات وهي تمثل العامل المفتاحي لحدوث الشّراء القهري/ الإدماني حيث الخبرة السلبية والانفعالات والقلق السابق على فعل الشّراء كعوامل داخلية. فقد وجدت (Christenson et al : 1994, 5 – 11) ” أن الأفراد أصحاب الشّراء القهري/ الإدماني غالبًا ما يكون لهم تاريخ طويل من اضطّرابات القلق مقارنة بغير المصابين باضطّراب الشّراء القهري، أما بالنسبة إلى العوامل الخارجية مثل البيع بالتقسيط والفيزا كارد فهي تساعد على الشّراء، حتى وإن لم يكن لدى الفرد نقود كافية، وعروض الأوكازيون والإعلانات التلفزيونيّة، والتي من شأنها أن تكون مثيرات دافعة للشراء، وتأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة وهي فعل الشّراء وتتضمن عمليات مثل الانتباه والوجدان وتغير المزاج واالسّلوك إذ وجود حالة من الانهماك العقلي لدى المشترين القهريين”. وهذا ما أكدته (Cf op. cit Ditmar : 2005a) ” في أبحاثها أن الشّراء القهري يساعد على تعديل المزاج مقارنة بغير المشترين القهريين، أمّا في المرحلة الأخيرة فيتمظهر العزل / الانسحاب والتأمل والتفكير الناقد للذات” .
ويذكر كل من (Padwa and Cunningham: 2010, 48 – 49) ” أن هناك ثلاثة أنماط مختلفة في عملية الشّراء وهي نمط الشّراء الوظيفي وهو يمثل النمط الطبيعي للشراء إذ شراء السلع الضرورية للحياة . وهناك نمط الشّراء الاجتماعي – الإنفعالي إذ فعل الشّراء يخلق استمتاع ويقوي التفاعل الاجتماعي ونمط الشّراء المرتبط بالكيان أو الهويّة إذ إنّ الشّراء يُشعِر الأفراد بالتحسن ويقوي لديهم الشعور بالذات المثالية والنمطين الأخيرين من شأنهما أن يجعلا الفرد أميل إلى الشّراء الإدماني”.
9. هوس الشّراء وعلاقته بالبِنية الحدّية
يؤكد العديد من العلماء أنه لا يوجد سمات مُحددة للبِنية المُضطربة، إذا كانت ستذهب سلفًا نحو الإدمان، وأي نوع من الإدمان سوف تختار، فيمكن أن تكون بِنية عصابية أو بِنية ذهانية، وقد يذهب البعض الآخر منهم إلى القول (وهبي: 2011، 11)” إنّ الإدمان بأنواعه يُصنّف على أنه اضطّراب سيطرة الدّوافع” إلّا أنّه من وجهة التّحليل النّفسي، نقول إن البِنية الحدّية هي ذلك التّنظيم الذي يُعاني من إشكالية فقدان الموضوع الذي يضطرَهُ حكمًا إلى البحث عن موضوع بديل، وفقدانه للموضوع سيتجلّى بتوظيف نرجسي غير سويّ، مع تبعية عمياء ونكوص بدائي، ما يدفعه إلى البحث عن تعويضات وبدائل. وإذا كان هذا البنيان يتسم باندفاعيّة غير مضبوطة، فإنّه بالضرورة سينعكس ذلك على الفرد صاحب هذا البنيان في حياته العملية، إذ تكون دفاعاته عاجزة عن ضبط مسار دوافعه، كما لا ننسى ما للبِنيان الحدّي من تمايزعلى المستوى التبعيّة العمياء والنكوص إلى مراحل طفولية بدائية، وبناء عليه، فهذه البِنية هي المؤهلة أكثر من غيرها إلى التوجه إلى الاعتماديّة والتي تتجلّى بدراستنا في ظاهرة الشّراء الإدماني “هوس الشّراء”.
ولأن دراسة أيّ سلوك غير مُتوافق على المستوى النّفسي أو الاجتماعي يُفترض ربطه بفرضيّة مُحددة عبر مُتغير واضح أو أكثر، ولكن في مكان ما، فإن بعض االسّلوكات غير المُتوافقة قد تحمل في ظاهرها أعراضًا مُتشابهة مع أعراض ذات صلة باضطّرابات أخرى. وعليه، لا بدّ من الإشارة إليها خصوصًا إن تناول مسألة الإدمان بصرف النّظر عن كونه إدمان المواد أو إدمان خالٍ من المواد يحتمل أعراضًا تتشابه مع اضطّرابات مُتنوعة أخرى، وبما أن هذا البحث يتجه بفرضيته نحو إن اضطّراب البِنية الحدّية على علاقة مباشرة بالإدمان، وبما فيه إدمان الشّراء ̋هوس الشّراء ̋ في حين أن الاضطّرابات النّفسية أو العقلية الأخرى قد تجرّ أصحابها نحو الإدمان، ولكن لا يكون الإدمان هو الشرط الأساسي الكفيل بالإشارة إلى أنه نتاج لتلك الاضطّرابات بمقدار ما يُشكل واحدًا من المظاهر التي ترتبط بإشكاليات نفسية أُخرى، وعليه فإنّ التّشخيص الفارقي هو الذي يحسم الأمر.
ومن هذه الاضطّرابات:
9.1. اضطّراب ثنائي القطب أو الهوس الإكتئابي
في ما يخص اضطّراب ثنائي القطب أو الهوس الإكتئابي (DSM V: 2013)” هو اضطّراب يظهر على شكل تصرف مُتطرف (هوس) كأحد طرفي الاضطّراب، كما يشكل الإكتئاب الشديد في طرفه الآخر، هذا الاضطّراب يظهر على شكل نوبات: إمّا جنونية في درجة حادة وشديدة الخطورة وتكون هوس، أما نوبة ذات توجه مُنخفض في الإندفاع (الإكتئاب) وتسمى الهوس الخفيف Hypomaniaque وكما يمكن أن يظهر هذا الاضطّراب بشكل مُختلط وتُسمى بالنّوبة المختلطة.
من أعراض هذا الاضطّراب في حالة الهوس القوية:
- فرط الإحساس بالنشوة.
- فرط الثقة بالنفس / تضم تقدير الذات.
- خلل في التّحكم العقلي / ميل لكثرة الكلام على غير المعتاد / صعوبة في التوقف عن الكلام.
- قلّة الحاجة للنوم (شعور بالراحة والنشاط بعد نوم لمدّة قصيرة إذ تكون 3 ساعات من النوم مثلًا مدّة كافية للعودة إلى النشاط من جديد).
- فرط في الانفعالات العاطفيّة.
- فرط في النشاط في المجال العملي والحياتي / فرط في النشاط الجنسي.
- المبالغة في ممارسة الأنشطة المُبهجة : التّهور في البيع والشّراء.
- نشاط زائد في تحقيق الأهداف العمليّة.
- إستهلاك زائد للمواد المخدرة التي تسبّب الإدمان.
أمّا في مرحلة الإكتئاب يكون الحزن واليأس وانعدام الأمل مع ميل إلى الانتحار إضافة إلى انعدام الاهتمام أمام أي تفاعل حياتي، صعوبة في التركيز.
كما يتأرجح اضطّراب ثنائي القطب بين نوبة خفيفة إلى متوسطة من دون أعراض ذهانيّة أو نوبة حادة مع أعراض ذهانيّة (هذيان وهلوسات)” قد نجد هذه الفئة في حالات الإدمان بصرف النّظر عن نوع الإدمان (إدمان مواد وإدمان خالٍ من المواد)، إلاّ أن توجّه أصحاب هذا النوع نحو الإدمان من الاضطّراب لا يعود إلى إشكاليّة التبعيّة وقلق الفقدان المُرتبطة مباشرة بالإدمان كبديل عن فقدان الموضوع، إنما ترتبط إشكاليّة اضطّراب ثنائية القطب بشروط مختلفة (وراثية، بيولوجيّة، نفسيّة) فالإدمان عند أصحاب هذا الاضطّراب ليس نتاج لبنيتهم المُضطربة بمقدار ارتباطه بتلك االسّلوكات المُتفلتة والتي تعود إلى فرط الحساسية وفرط النشاط غير المُنتظم على المستوى العاطفي والعقلي، ويكون الإدمان هنا على شكل سلوك مُتكرر إنما في إطار نوبة هوس وليس كحالة إدمان مُستقلة، ولأن نوبات الهوس ستتكرّر في حال غياب العلاج، فستظهر سلوكات الإدمان وهكذا تكون مظاهر االسّلوك الإدماني مُرتبطة بنوبات الهوس وليس بالإشكاليّة النّفسية الحقيقيّة المُتعلقة بالإدمان، ولعلّ هذا ما أكدّته نتائج تحليل هذا البحث من خلال نتائج رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع إذ لم تظهر العيّنة الإساسية المدّروسة أعراضًا تُعزى إلى اضطّراب ثنائي القطب.
9.2. اضطّراب الوسواس القهري
“لقد عرفّه الدليل العاشر للتصنيف الدولي للأمراض الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ICD/10 إلى المكونات الخمسة للوسواس القهري.
اضطّرابات قهرية تغلب عليها أفكار أو اجترارات وسواسية، اضطّرابات قهرية تغلب عليها أفعال قسرية، وأفكارًا وأفعالًا وسواسية مُختلطة، واضطّرابات وسواسيّة قهريّة أخرى واضطّراب وسواسّي قهرّي غير مُعين.
تتميز الشخصية ذات اضطّراب الوسّواس القهرّي بالتكرار والشدّة. وإذا كان اضطّراب الوسّواس القهرّي هو إيمان الفرد بفكرة مُعينة تُلازم المريض دائمًا وتحتل جزءًا من وعيه مع اقتناع المريض في أغلب الأحيان بسخافة هذا التّفكير، إلا أنه يستحيل على صاحبها إزالتها أو الانفكاك منها، إن محاولة أصحاب هذا الاضطّراب في التخفيف من الوساوس الناتجة عن القلق تكون عن طريق القيام بأعمال قهريّة مُتكررة، وعليه قد نجد هؤلاء يقومون بشراء مُتكرر إنما يكون الفعل المُتكرر هنا مرتبط بالقهريّة التي تتشابه فيها سلوكاتهم المُتكررة الأخرى كأي فعل تكراري كالإغتسال أو ترتيب الأشياء أو التأكد من الأشياء مرات عدّة ويكون الشّراء إذا وجد كسلوك مُتكرر من ضمن الأفعال المُتكررة بسبب تسلط الفكرة وليس االسّلوك بمعناه الإدماني كما هو الحال في هوس الشّراء.
أما بالنسبة إلى أعراض الوسّواس القهري فهي تأتي في إطار:
- أفكار وتخيلات مُتكررة وعنيدة لا إرادية، دوافع غير إرادية تّتسم بعدم المنطق. هذه الوساوس تُثير الإزعاج والضيق إذ تتمحور حول موضوع معين كالخوف من التلوث، الحاجة للترتيب، رغبات عدوانية جامحة، أفكار تتعلق بالجنس، شكوك حول العديد من الأفعال، والتأكد مرات عدة منها وتكون نتيجة لرغبات ودوافع جامحة لا يمكن السّيطرة عليها، أمّا الهدف من هذه االسّلوكات فهو الحد أو منع هذه الأفكار والوساوس وليس الهدف منها البحث عما هو مفقود على المستوى العلائقي.
قد تتشابه أعراض اضطّراب الوسواس القهري واضطّراب البِنية الحدّية من حيث االسّلوك المُتكرر الذي يظهر في حالات الإدمان ومنها “هوس الشّراء” فيظهر االسّلوك الشرائي المُتكرر عند الإثنين، وقد يصعب أحيانًا التمييز بينهما في حالة ملاحظة االسّلوك، إلا أن الشّروط الدّافعة نحو االسّلوك هي التي تحدد أية بِنية تعمل في إطار هذا الإدمان، ولأن تحدّيدها يتطّلب قياسًا علميًا يُصنفها، فلقد عمد هذا البحث للمنهج العيادي الذي قام على الرائزين الإسقاطيين رورشاخ وتفهم الموضوع اللذين بدورهما أكدا عدم وجود دلائل تتجه نحو اضطّرابات الوسواس القهري، ويمكن الاستنتاج أن وجود هذه الفئة في إطار شراء إدماني مُرتبط بالأفكار الوسّواسيّة والتي يعجز معها المريض عن السيطرة عليها، ومتى أزيحت ستتجه هذه الأفكار أو الأفعال نحو قضية أُخرى أو فكرة أخرى، وهكذا يكون “هوس الشّراء” مُرتبط باضطّراب يختلف عن اضطّراب الوسواس القهري.
وإذا كان الدليل التشخيصي للأمراض العقلية بطبعته الخامسة قد صنّف اضطّراب التخزين على أنه اضطّراب مُستقل عن اضطّراب الوسواس القهري (DSM V : 2013)”، فإنّ هذا التّصنيف يتوافق إلى حد بعيد مع فرضية هذا البحث الذي يعزو هوس الشّراء إلى إشكاليّة الفقد المُرتبطة باضطّرابات البِنية الحدّية وليس إلى اضطّرابات الوسواس القهري. (إذ إن التّشابه بين أعراض اضطّراب التخزين والشّراء الإدماني مُتقارب إلى حد بعيد من حيث الإشكاليّة والأعراض)
9.3. الهستيريا
يعرفها (ريتشارد سويّن: 1973) “على أنّها حالة عُصابية تظهر على شكل أعراض جسدية من غير أن يكون لها سبب عضوي يمكن تحدّيده”.
إذًا، هي مرض نفسي عُصابي ينتج عن انفعالات شديدة ونتيجة لخبرات أليمة قوية ومكبوتة لا شعوريًا، فتتحول فيه هذه الانفعالات إلى أعراض جسمية مُتعددة لا يُعرف لها سبب عضوي(الجبل: 2000، 150).
من أعراض الهسيتريا:
- اللازمات العصبية حركات عضلية فجائية لا إرادية tics.
- الشلل لأحد الأطراف، أحيانًا شلل في حالة إرتخاء شديد
- فقدان الصوت، العمى الهسيتري، الصم الهسيتري، فقدان الإحساس، الحمل الكاذب، الغثيان والقيء الهسيتري.
“تهدف أعراض الهسيتريا إلى التّخلص من التّوتر والقلق الناتج عن دوافع ونزوعات مكبوتة في اللاشعور ولكن كثيرًا ما يؤدي ظهورها إلى توتر ويقع الفرد في صراع بين رغبة الشّعورية في التخلص من هذه الأعراض وبين رغبته اللاشعورية في التّخلص من هذه الأعراض وبين رغبته اللاشعورية في الاحتفاظ بها” (يونس: 1985، 39).
“ويكون الأنا هنا مُضطر لقبول الهزيمة أمام عجزه عن إدارة الصراعات ما يدفعه إلى الاحتماء بمرض جسمي ينتقل بالصراع النّفسي إلى حالة أخرى من الاستقرار والتّكيف إذ تُعدُّ هذه الوسيلة هي الأيسر على النّفس من الصراع الأصلي، فالهسيتريا أسلوب هروبي جديد من أجل التوافق ومواجهة الصراع النّفسي بالمرض الجسدي” (أبو الخير: 2001، 84).
“إن أعراض الهستيريا قناع تلبسه الغرائز المرفوضة والشهوات المنبوذة كما وهي أيضًا قناع تلبسه المشاعر الحقيقة ولكنها مشاعر مرفوضة، وهي في الأغلب مشاعر كراهية وعداء وهربًا من مواجهة حقيقة هذه المشاعر التي لا يستطيع الفرد تحملها فيرفضها وينكرها ليتلقفها اللاوعي ولكن لا يقضي عليها لأنها حقيقية، ولا بدّ من التّعبير عنها فيصورها بصورة رمزية” (صادق: 2003، 75).
إنّ ما يميز الشخصية الهستيرية إثارة الانتباه والظهور، جذب عطف الغير إليه، حب الاستعراض والمبالغة في طريقة الكلام واللبس والحركات، فله شخصية مسرحية، سلوكه أشبه بالتمثيل المسرحي ينطوي على مظاهر انفعاليّة أكثر بكثير من حقيقة وجدانه.
ونستنتج أنه من الممكن أن نجد هذه الشخصية في إطار سلوك الشرائي مُتكرر، إلا أنه لا يُصنف في إطار الإدمان الشرائي “هوس الشّراء” فالقضية هنا تختلف، ذلك أن الشخصية الهستيرية ينصب فعلُها على الإغواء والاستعراض والجذب كما أن تحليل نتائج الرائزين لم يظهرا أعراضًا تتعلق بالاضطّرابات الهستيرية وإن كانت بعض من االسّلوكات الظاهرية تجمع بين الشّخصية الهستيرية والتنظيم الحدّي. إلا أنّه لا يغيب عن أحد أن االسّلوك المرضي لا يشكل منطلقًا يمكن الاعتماد عليه إلا بربطه بشروط الظاهرة المدروسة علميًا.
فأهداف الشخصية الهستيرية من الشّراء أهدافًا تقوم على إستحواذ الآخر لأغراض إغوائية في حين أهداف التنظيم الحدّي من الشّراء القهري يعود إلى معاناته من فقدان الآخر.
أمّا في ما يخص اضطّرابات الشّخصيّة النّرجسيّة والاعتماديّة واضطّراب سيطرة الدّوافع والتي قد نجد في إطار شراء إدماني فإنّنا نقول إن لهذه الاضطّرابات خصوصية تميزها عن بعضها، ولها تصنيفاتها العلمية من حيث المنشأ والأعراض.
إلا أنّه عند الحدّيث عن التنظيم الحدّي الذي يقع بين العصاب والذّهان تصبح هذه الاضطّرابات واحدة من العناصر المهمّة التي يقوم عليها هذا التنظيم. وبناء عليه، فلقد دلّت تحليلات رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع على أن العينة الأساسية للبحث تعاني من نرجسية هشّة تتمحور حول قلق الفقدان والهجر اللاهث عن السند مع عجز عن السّيطرة في التّحكم في االسّلوك الشرائي.
كل هذه المعطيات تضعنا أمام إشكاليّة قلق الفقد والهجر والتي تتجلّى بالتنظيم الحدّي، والذي يستبعد أنّ هوس الشّراء على علاقة باضطّرابات أخرى كثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي أو غيرها من الاضطّرابات الأنفة الذكر.
- طُبقت أدوات البحث على عينة الدراسة (العينة الأساسية والعينة الضابطة) وكانت النتائج الآتية:
10. تقديم بعض النتائج النّوعية والكمية المُستحصل عليها من خلال نتائج اختباريّ رورشاخ وتفهم الموضوع
10.1. النتائج الكمية لإختبار رورشاخ للعينة الأساسية.
جدول رقم 1
صورة الجسد | صورة الذات | النرجسية | التماهي الجنسي | الغرائز | الآليات الدفاعية | |
دلال | هشّة | هشّة | هشّة | غياب تام | غياب للغرائز الليبيدية | الصلابة والجمود |
ميرنا | مُكتسبة | هشّة | هشّة | تماهي جنسي إنما بدائي (تماهي مع صورة الأم) | توظيف نرجسي ليبيدي عدائي | الانشطار |
صونيا | مُكتسبة | هشّة | هشّة | غياب شبه كلي | غرائز عدائية | إنشطار |
زينة | هشّة | هشّة | هشّة | غياب تام | غياب لغرائز الحب | الكف والبرودة في العواطف وتجميد الغرائز |
ندى | هشّة | هشّة | هشّة | غياب تام | غرائز الموت | الانشطار |
فرح | هشّة | هشّة | هشّة | غياب تام | غرائز العدائية والكراهية | الكف والبرودة |
يتضح لنا من الجدول رقم (1):
- إن نساء العينة الأساسية تُعانين من صورة جسد غير مُكتسبة وفي أحسن الأحوال مُكتسبة إلى حدٍ ما، إذ أظهرت النتائج الكمية أن نسبة 80% من العينة ذات تصور جسدي هش، في حين أن 20% من العينة ذات تصور جسدي مكتسب، وهذا ما يتوافق مع الفرضية االإجرائيّة الأولى التي تشير إلى أن ظاهرة هوس الشّراء نتاج لصورة جسد هشّة (ضمن إطار البِنية الحدّية).
- وأظهرت النتائج أن النساء اللّواتي تمارسّن شراءً قهريًا تُعانين من صورة ذات هشّة بدائية، غير مُكتملة، وغير منتظمة، وقد جاءت النتائج الكمية لتُشير إلى أن العينة 100% تُعاني من تصور للذات هش وبدائي وهذا ما يتوافق مع الفرضية الإجرائيّة الثانية، أن هوس الشّراء نتاج لصورة ذات هشّة.
- وأظهرت هذه النتائج أن نساء العينة تُعانين من نرجسية هشّة وقد جاءت نسبتها أيضًا100%وهذه النتائج تتوافق مع الفرضية الثالثة أن هوس الشّراء نتاج لنرجسية هشّة.
- أما في ما يخص التماهي الجنسي، فلقد أظهرت النتائج الكمية عجز نساء العينة عن التماهي الجنسي وقد جاءت نسبته 80%، و20% من النتائج، استطاعت أن تعطي تمايزًا جنسيًا للأشخاص إنّما في إطارٍ محدود، إرتكز على التمايز الأنثوي البدائي، وهي الحالة الثانية.
- أظهرت النتائج الكمية غلبة غرائز الموت وغرائز العداء وغياب شبه كامل لردات الفعل اللونيّة، بمعنى آخر، غياب لغرائز الحب والحياة وقد جاءت نسبة الغرائز العدائيّة80% أمّا الغرائز الليبيديّة العدائيّة فكانت نسبتها 20% ما يؤكد على الفرضية الرّابعة االإجرائيّة أنّ هوس الشّراء نتاج لتصور هش عن الموضوع .
- أمّا بالنسبة إلى الآليات الدّفاعية المعتمدة من قبل نساء العينة فكانت على الشكل الآتي الانشطار بنسبة 50% والصلابة والجمود والكف وتجميد الغرائز بنسبة 50%.
10.2. النتائج الكمية المُستحصل عليها من رائز تفهم الموضوع للعينة الأساسية
جدول رقم 2
سلسلة الرقابة A | سلسلة المرونة B | سلسلة تجنب الصراع C | سلسلة بروز العمليات الأولية E | |
دلال | 20 | 10 | 56 | 6 |
ميرنا | 10 | 14 | 50 | 16 |
صونيا | 18 | 9 | 32 | 11 |
زينة | 14 | 16 | 63 | 9 |
ندى | 20 | 7 | 41 | 8 |
فرح | 34 | 40 | 83 | 8 |
- يظهر الجدول رقم 2 طغيان سياقات سلسلة تجنب الصراع C بنسبة عالية تفوقت على باقي السياقات الأخرى. كما يظهر الجدول أن سياقات السلسلة الخاصة بالمرونة نسبتها ضئيلة، ما يُشير إلى عدم قدرة المفحوصات على التعامل بمرونة مع موضوعات العالم الخارجي نتيجة لجمود الغرائز الليبيدية وعدم قدرتهن على إقامة علاقات الإزدواج (حب/ كرهية) وهذه النتائج تتلاقى إلى حد بعيد مع نتائج الجدول رقم (1).
- أما في ما يخص النسب المرتفعة للعينة على مستوى إظهار غرائز العداء وغرائز الموت التي ظهرت في نتائج الجدول(1) الخاص برائز رورشاخ والتي سجلت 80% تتلاقى مع نتائج الجدول رقم (2) إذ إن نسبة سلسلة المرونة المتدنّية تؤكد جمود الغرائز وصلابتها.
10.3. نتائج رقمية لإجابات الجلد والاختراق والحدود في ما يخص الرائزين العينة الأساسية
إجابة جلد | إجابة إختراق | إجابة حدود | ||||
رورشاخ | تفهم الموضوع | رورشاخ | تفهم الموضوع | رورشاخ | تفهم الموضوع | |
دلال | 2 | 1 | 1 | 1 | ||
ميرنا | 2 | 1 | ||||
صونيا | 2 | 1 | 1 | 1 | 2 | |
زينة | 1 | |||||
ندى | 1 | 2 | ||||
فرح | 2 |
- جدول رقم 3
لقد أظهرت النتائج الرقمية من خلال رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع، الآتي : وجود نسبة لا بأس بها من هذه الإجابات وقد أظهرت الحالة الأولى، 5 إجابات تراوحت بين إجابات الاختراق والحدود. أما الحالة الثانية، فلقد أعطت 3 إجابات، 2 منها إجابات جلد و1 إجابة اختراق. أما الحالة الثالثة، فلقد أعطت 7 إجابات توزعت على إجابات الجلد والاختراق والحدود. أمّا الحالة الرابعة ، فلقد سجلت 2 من إجابات الاختراق، والحالة الخامسة أعطت 3 إجابات تراوحت بين إجابة الاختراق وإجابة الحدود، أما الحالة السادسة فلقد أعطت إجابتي حدود.
يبدو أن لهذه الأرقام إرتباط واضح بفرضية بحثنا التي تربط هوس الشّراء باضطّراب البِنية الحدّية، فلقد أظهرت النتائج أن العينة الأساسية تُعاني من هشاشة في التّصور الجسدي والنّفسي، ويقول ” (Anzieu: 1995, 149) في هذا المجال، أنّ الأغلفة الجسدية تؤدي عادةً دور الحامي، والصورة الجسدية هي مُتغيرين هما الحاجز Barrière والاختراق Effraction، ووجود هذان المُتغيران يُعبران عن حدود نفوذية للجسم سهلة الاختراق وخالية من الحماية والحدود الصلبة للجسم والتي تتمثل بذلك الحاجز المُفرط الحماية، ويُضيف (Ibid Anzieu, 151) “إن الاضطّرابات التي تمس التوظيفات الحدّية تظهر من خلال هشاشة الأغلفة النرجسيّة والتي تعبّر عن مسامية الحدود وصلابتها من جهة، والتمايز الجزئي الناقص بين الداخل والخارج التي تحتاج إلى التدعيم والتكثيف للعلاقات، فتصبح هذه العلاقات مركز اهتمام الفرد فتتصلب الأغلفة كما وتتمدد، إذ إنّ تصلبها وتمددها بهذه الطريقة يكون بهدف الاحتماء من خلالها، وتفتقد بذلك الليونة والمرونة، فتصبح عرضة للانجراحات النرجسية إذ أدنى جرح نرجسي يمزقها، وهكذا تظهر الحاجة إلى الاستثمار المكثّف لأنّ الأغلفة النرجسية الصلبة تظهر كمقابل دفاعي لهوام التعري مقابل خطر الهجمات المستمرة من الداخل والخارج”.
10.4. النتائج الكمية لإختبار رورشاخ للعينة الضابطة.
جدول رقم 4
صورة الجسد | صورة الذات | النرجسية | التماهي الجنسي | الغرائز | الآليات الدفاعية | |
لولو | مُكتسبة
ناضجة |
مُتماسكة
ناضجة |
سويّة | سويّة | غلبة الغرائز الليبيدية | الكبت والتسامح |
أمل | مُكتسبة
ناضجة |
مُتماسكة
ناضجة |
سويّة | سويّة | غرائز ليبيدية وعدائية | الكبت، التكوين الإنعكاسي |
سعاد | مُكتسبة
ناضجة |
مُتماسكة
ناضجة |
سويّة تحمل ميول هيستيرية مُلطّفة | سويّة | غرائز ليبيدية وعدائية | الكبت |
مارينا | مُكتسبة
ناضجة |
مُتماسكة
ناضجة |
سويّة | سويّة | غرائز ليبيدية وعدائية | الكبت |
منى | مُكتسبة
ناضجة |
مُتماسكة
ناضجة |
سويّة | سويّة | غرائز ليبيدية وعدائية | الكبت |
أظهرت النتائج المتعلقة بالعينة الضابطة الآتي:
إن هذه العينة ذات صورة جسد مُكتسبة ناضجة 100% وكذلك هو الحال بالنسبة إلى صورة الذات فهي أيضًا مُكتسبة ناضجة 100% ، أمّا في ما يخص النرجسية، فهي سويّة 100%، وكذلك التماهي الجنسي سويّ 100%، كما أظهرت النتائج أن طبيعة الغرائز لدى العينة تراوحت بين العدائية والليبيدية مع ظهور لحالاتين من العينة كان للعدائية ظهور أكبر نسبيًا من الغرائز الليبيدية، إلا أنّ ذلك لم يؤشر إلى حالات غير سويّة من حيث البِنية، فلقد جاءت الغرائز الليبيدية بنسبة 80% ما يُشير إلى قدرة نساء العينة على التفاعل وتبادل علاقات الحب والكراهية بشكل سويّ، أما بالنسبة إلى الآليات الدفاعية، فكانت تعمل ضمن آلية الكبت الخاص بالحالات العُصابيّة. وكل هذه النتائج تؤكد أن العينة الضابطة هي بِنية عُصابية لا تعاني قلق الفقدان والهجر، وهذه النتائج تؤكد صحة فرضيتنا أن هوس الشّراء على علاقة مباشرة بالبِنية الحدّية.
11. نتائج البحث
خلُص البحث إلى النتائج الآتية:
- إن هوس الشّراء على علاقة بالبِنية الحدّية، وقد أظهرت النتائج وجود علاقة محورية بين الإدمان على الشّراء والاضطّرابات النّفسية الحدّية، بيّنتها نتائج رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع.
- أظهرت النتائج الخاصة بالعينة الأساسية أن صورة الجسد تتأرجح بين صورة شبه هشّة وصورة هشّة، أما بالنسبة إلى صورة الذات فهي هشّة بالكامل وبالنسبة إلى النرجسية فهي غير سويّة، كما أظهرت غلبة غرائز العداء والموت على الغرائز الليبيدية، أمّا بالنسبة إلى الآليات الدفاعية، فلقد قامت في أغلبها على الانشطار والجمود والقحل النّفسي، كما أظهرت النتائج لدى هذه العينة إشكالية واضحة في نفاذية الحدود من خلال الإجابات الخاصة بالجلد والاختراق والحدود.
- أظهرت نتائج رائز تفهّم الموضوع إشكاليّة العلاقة بشكل جليّ لدى العيّنة الأساسيّة وقد كانت الحصة الأكبر لسياقات تجنّب الصراع C التي طغت بشكلٍ واضح بين السّياقات الأخرى، في حين لم تستخدم سلسلة المرونة B من قبلهّن ما يوكّد إشكالية العلاقة، وهذا ما يتوافق مع فرضية البحث التي ربطت هوس الشّراء بالفقدان وبأزمة العلاقة.
- ولقد استطاع رائزي رورشاخ وتفهم الموضوع من التأكيد أنّنا أمام بِنية حدّية تُعاني إشكاليّة قلق فقدان الموضوع وقلق الهجر وتفرغه بشراء مرضي.
- الخاتـمة
وهكذا نستنتج أن هوس الشّراء ليس بظاهرة نتجت عن وقائع مفروضة من هنا أو هناك، بل هو ظاهرة تؤشر إلى وجود خلل نفسي مُرتبط بالبِنية النّفسية للمُستهلك، فما نجده من شراء عند الأفراد يجنح أحيانًا تحت تأثيرات الوقائع الثقافية والاجتماعيّة والإستهلاكية لا يشكل مُنطلقًا للبحث بهذه الظاهرة من خلال البعد النّفسي، ولكن عندما يصبح الشّراء هدفًا بحد ذاته، يجعل صاحبه في دائرة الشّراء من أجل الشّراء، فإننا نكون أمام سلوك غير سويّ ينّم عن بنية مُضطربة وتحدّيدًا البِنية الحدّية، والسبب في ذلك أنّه قد نجد أحيانًا ضمن مجموعة المشتريين القهريين، البِنية الهيستيرية أو الوسواسية، ولكن هناك فرق بين هاتين البنيتين الأخيرتين والبِنية الحدّية من حيث السّببية والدافع نحو الشّراء غير السويّ، فالبِنية الهيستيرية قد تذهب نحو شراء، في حال وجدناها في هكذا نوع من الشّراء بهدف تجميل صورة الجسد والذات، أمّا الوسواسيّة، فهدفها استكمال الفعل القهري نتيجة أفكارها القهرية، وهذا ما يختلف عن حالة البِنية الحدّية إذ إنّ إشكالية الفقدان هي السبب في البحث عن موضوع بديل، تكون خسارته والقلق المُترتب عليه هو الدّافع إلى الشراء، وإذا كان هذا التحليل يتجه إلى العمق النّفسي لتركيبة البنيوية للمُستهلك، فهذا ما يبرر أهداف بحثنا وسبب توجهه إلى دراسة الحالة بدل الذّهاب إلى الأبحاث والدّراسات المسحيّة أو الطوليّة أو التّجريبيّة التي تطال حكمًا، عينة أكبر من عينة بحثنا، إلا أنّها لن تعطِ نتائج دقيقة على مستوى الإشكالية النّفسية للظاهرة كما هو في دراسة الحالة.
ولكن هذا لا يعني أن الدراسات الأخرى المُتعددة المناهج لا تستطيع أن تُسلط الضوء على حالات الشّراء غير السويّ، فغالبيّة الدّراسات السّابقة التي تناولت ظاهرة هوس الشّراء، والتي تناولنا منها ما استطعنا في دراستنا، هي دراسات أُجريت على عينات كبيرة، إلا أنها في غالبيتها أظهرت الأسباب الاجتماعيّة والثقافية والإستهلاكية والنّفسية بالأهمية نفسها من جهة السّببية في إنتاج االسّلوك الشرائي الإدماني، وبحثنا لا يُنكر وقع هذه الأسباب بمقدار ما تحاول أن تُظهر أن السبب النّفسي هو الأساس الذي يُبنى عليه دراسة هذا االسّلوك وباقي العوامل هي من مُكملاته.
وبناءً عليه ، جاءت إشكاليّة البحث على النحوّ الآتي:
لماذا ليست النساء كلهن اللواتي يعشن ظروف مُتقاربة إلى حد كبير لا تُؤثرن هوسًا في الشّراء؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا االسّلوك؟ وما هي الأسباب النّفسية الدفينة التي تدفع بهؤلاء النساء إلى الشّراء القهري؟ وهل الأسباب الحقيقية تُغّيب وتُـموّه في أشكال حضارية فرضتها المجتمعات الحدّيثة من خلال صورة عصرية للنساء؟
صحيح إن أي دراسة حتى تتصف بالموضوعية العلمية وخصوصًا الدراسات المُتعلقة بالإنسان يجب عليها أن تحيط بالعوامل الثقافية والاجتماعيّة والديمغرافية والسياسية جميعها حتى تُتصف بالعلميّة، إلا أنّ هذه الإحاطة لا تعني إغفال السبب الرئيس التي تتمحور حوله الظاهرة المنوي دراستها، ولإنّ هذا البحث هو دراسةٌ نفسيّة تحليليّة، توجّه نحو دراسة الحالة على أساس أنّ المنوي دراسته من الظاهرة لن تكشفه الدّراسات الأخرى بكل تفاصيله، وعليه فإن هذا البحث لا يدعي أنه من الابحاث المهمّة بمقدار ما يحاول أن يُشكل مدخلًا متواضعًا لأبحاث ودراسات أعمّ وأشمل، وخاصة في بلد كلبنان لم يحظَ بأبحاث ودراسات نفسية وتحليلية في ما يخص ظاهرة “هوس الشّراء”.
ومن المعروف أن دراسة الحالة ( من مقابلة إلى اعتماد رائز رورشاخ وتفهم الموضوع)، قادرة على سبر غور العمق النّفسي للأفراد ما يجعل الحالة المدروسة تحت مجهر التحليل النّفسي، لذا اعتمدت هذا البحث على دراسة الحالة، إذ إنّ هدفه هو نزع ظاهرة هوس الشّراء من القالب الاجتماعي الاستهلاكي ووضعه في قالبه الحقيقي، ألا وهو البعد النّفسي، هذا بالإضافة إلى الإضاءة على مدى خطورة هذه الظاهرة التي لا تقلُّ شأنًا عن أي نوع من أنواع الإدمان كما أكّدت نتائج البحث أنّ هوس الشّراء كسلوك إدماني يمكن ملاحظته و قياسه.
نموذج عن دراسة الحالة التي أُعتمدت في هذا البحث
“كل حالة تشهد على ذاتها”
الحالة الأولى دلال
- المقابلة
دلال سيدة مُتزوجة من رجل يعمل في السلك العسكري برتبة رقيب أما هي فلا تعمل، كما أن تحصيلها العلمي مُتدنٍ، لها أربعة أولاد عمرها 35 سنة، الوضع المادي أقل من وسط، عانت في طفولتها من والدها البخيل وأمها المُستسلمة السلبية، تزوجت رغمًا عنها تنفيذًا لرغبة أهلها.
لقد جُمِعت هذه المعلومات من خلال لقاءات جرت على ثلاث مراحل، و من ثم لقاء لتمرير رائز رورشاخ ولقاء آخر لتمرير رائز تفهم الموضوع T.A.T.
تُعدُّ دلال دليلًا مهمًّا لمحلات الألبسة المُستعملة (البالات) ولكل محلات ذات نظام الدفع القليلOne dollar وبحكم علاقتها القوية بأصحاب هذه المحالات، فهي تستدين منهم عندما لا يتوفر المال الكافي، ولقد تسبب سلوكها هذا بخلافات مع زوجها إلا أنّها تؤكد أنها تستطيع دائمًا حل خلافتها هذه بإرضائه وتأمين كل احتياجاته التي غالبًا (ما تكون جنسيّة) فيعفو عنها (اشتريت مرة سبعة جاكتات وكم بنطلون وثياب للأولاد ما وقفوا بخمسماية ألف وشي، غسلّتن وكويّتن بس عرف خوّت وقاتل بس بتعرفي رحت روقتو ومشي الحال) تكرر دلال هذا االسّلوك بشكل دائم، ولا تستطيع التوقف عنه على الرّغم من كل المشاكل التي تتعرضها مع زوجها تؤكد دلال إن خوفها يكمن دائمًا من سيدات أخريات قد يعرفن قبلها أن البضاعة الجديدة قد وصلت، ولعل إحداهن قد سبقتها واشترت ما يُضيّع عليها فرصة شراء جديدة (ليكي البالة فيها أشيا ما بتلاقيها بالسوق والشي المهمّ تروحي بالأول بتاخدي وجه البالة المقصود هنا بكلامها أجمل الأشياء) كما تؤكد دلال أنها لا تستطيع مقاومة الذهاب إلى محلاتها هذه، حتى لو لم تكن تريد الشراء إلا أنّها تفشل في أغلب الأحيان على مبدأ أنّ كل ما تشتريه سوف تستعمله في يوم ما (في كتير إشيا بشتريها وما بستعملها بس بخبيها وبنتبهلها لأنو يمكن يجي وقت وعوزها ما بفرط بشي) “لسوق الجمعة” لدى دلال مكانة مهمة إذ يُوفر لها مساحة شراء أكبر باسعار مقبولة (بروح دايمن على سوق الجمعة في برّ الياس أنا وبنتي الكبيرة، الصبيان ما بحبو يروحوا قال شو بيزهقوا) تُشير دلال إلى متعة كبيرة عند الحدّيث عن هذا السوق إذ تقضي وقتًا طويلًا هناك (عندي 45 حلق (أقراط للأذن) اشتريتن من هونيك… كتير حلوين وبسعر حلو). كما تشير دلال إلى أنّها تشتري أشياء كثيرة عبر أونلاين، وتلفونها هو أرقام لهواتف المحلات المتنوعة والمختلفة.
تُشير دلال إلى أن أولادها الذكور ينزعجون من مشترياتها وكترة الأكياس الموجودة في غرفتهم (بس ليكي بنتي وهيدا الصغير بدافعوا عني) وتقول دلال إنها حلت هذه المشكلة ووضعت قسمًا من هذه المشتريات في العلية ( شو بدي أعمل حطيطن بالتتخيتة).
ملاحظة : دلال إمرأة تدخن وتشرب القهوة بكميات كبيرة تسهر لوقت طويل على التلفاز. كما أنها تُعاني من مرض ضغط الدم .
الحالة الأولى: رائز رورشاخ “دلال”
Commentaire | Cotation | Localisation | Test Dalal |
Planche I ̋ 10 | |||
· Persécution
|
· G DbL F+ Clob A/Ban | · Toute + Quatre lacunes intérieures médianes: | 1- طير الليل كتير أسود مخيف, مثقوب حدا معذبو
كتير سوداء، هي شو هيدي؟؟ |
· Concept mutile، distordu
· Réponse effraction |
· Dd F- Hd | · Les 2 petites parties saillantes dans le milieu supérieur | 2- راسين
رأسين منِفّرة كتير سوداء ̋25 |
PlancheII 30″ | |||
· Choc au rouge
· Persecution |
· D F – C Anat/ poumons | · Rouge haut extérieur | 3- ما بعرف ، رئة
|
· concept mutilé
· morbidté |
· D F+ A /papillon | · Rouge bas | 4- فراشة طابقة على بعضها ، ميتة .
فراشة مطبّقة على بعض ميتة |
· lien (attachement) fusion
· aug de T.de planche |
· D F+ A Ban/2 éléphants | · Les 2 parties latérales noires | 5- فيلان ملزئين ببعض
1 min |
Planche III 30″ | |||
· Devitalisation
· Inhibition de mouvement |
· G K+ neutre passif/H posture | · Toute | 6- صعبة ، تماثيل للأشخاص قاعدين، الإثنين symetrie لبعض
قلبين، تمثال لأشخاص |
· D F- Anat/coeur | · Rouge médian | 7- قلبين
1.30″
|
|
Planche IV 50″ | |||
· Augmentation de T.latence
· Choc · Pulsion aggressive · Reponse effraction |
· G Kob Géo / volcan | · Toute | 8- أوف ، بركان أطرافه فاقعة 1 min
أنا مصرة إنو بركان انا كنت بدي أقول Passe بس جيت ساعدك |
Planche V 1min | |||
· G F+ A Ban/ chauve souris | · Toute | 9- طير الليل جوانحه طويلة وسوداء كتير | |
· Identification projective
|
· Dd Kp+H /personne
|
· Bordure superieure | 10- حدا نايم
1.50″ |
Planche VI 45″ | |||
· Reponse barrièrre
· choc sexuelle
|
· Dd Kan+Ad / insecte | · Parties saillantes à la base médiane | 11- أوف ، حشرات عم بتبيض |
· Concept mutulé, distordu
|
· D F+ A Ban/peau | · Les 2 grandes moities latérales | 12- جلد حيوان مدعوس ، مدبوح
2.5″
|
Planche VII 30″ | |||
· قلبت باللوّحة في اتجاهات مختلفة
· Tendance choc · Reflexion / reponse miroir · réification |
· G F+ H/status | · Toute | 13- تمثال لشخص وصورته على المياه<
1.30″ |
Planche VIII 10″ | |||
· Devitalisation | · D F+ A Ban | · Les 2 parties roses latérales | 14- حيوانان
حيوانات |
· D F- Hd/visage | · Rose et Orange en bas | 15- وجوه تمثال
50″
|
|
PlancheIX 20″ | |||
· Lien
· abstraction |
· D C | · Partie rose entier en bas | 16- تواصل بين اثنين هيدا الزهر
إنت بدك تتخايلي ما في شكل ، الألوان نفس الشيء ، متل ما قلتلك |
· Lien | · D F-
|
· Les 2 verts latérales vus ensemble | 17- الأخضر أيادي متحدة |
· abstraction | · D K+/ passif neutre/H deux ensembles | · Entre brun et vert | 18- اثنين مجموعين
المقصود (بالإثنين أشخاص)
|
· Lien
· Vide · Abstraction |
· Dbl C’ | · Grande lacune et parties brune latéraux | 19- الأصفر الإنفصال بهددون إنما بيضلوا مجموعين
1.25 ̋ |
10″ Planche X | |||
· D F- A | · Bleu médian
|
20- حصان بحر
الربيع ، حصان البحر
|
|
· D F- A/poisson | · Jaune latéraux
|
21- سمكة | |
· Dd F± / botanique /tige | · Gris médian supérieur | 22- غصن وردة
40 ̋ |
|
Choix + : III ، X | Choix – : IV ، VI |
زعجوني وكنت بدي أقلك pass بس قلت حرام بساعدك ( قصدت اللوّحة الرابعة والسادسة)
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
اللوّحة 1 ̋10 – هيدا الصبي مفروض عليه شي، في كمنجة بس وترها مقطوع، شكله حاطط شرشف حريص عليه، يضع يديه على الشرشف، عينه مضروبي … لا لا … الألة غريبة عنه ولا يعرف ماذا يفعل بها ̋60 · سياقات دفاعية : بدأت المفحوصة القصة بالوصف A1/1 ) هيدا الصبي مفروض عليه شي (إلا أنّها عمدت إلى تفاصيل نرجسية مع إدراك مواضيع مفككة CN/2 E1/4 ( في كمنجة بس وترها مقطوع) مع تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 (شرشف) ثم لجأت إلى الشك والتردد A3/1 إلا أنّها كملت بإدراك موضوع مشوه E1/4 (عينه مضروبي) مع صمت CI/1 لتنهي قصتها بالإلغاء A3/2 والشك والتردد )A3/1 لا لا … الألة غريبة عنه ولا يعرف ماذا يفعل بها). · الإشكالية :على الرغم من إدراك المفحوصة لإشكالية اللوّحة (الكمنجة) إلا أنها أرفقتها بالبتر الذي يُشير إلى القلق الذي أحدثته اللوّحة مع ما يتمظّهر من شخصية سلبية figure passive وهذا ما قد يفسر هربها لوصف التفاصيل في اللوّحة كوسيلة دفاعية أمام عقدة قلق الخصاء التي نجحت في أرصانه إنما بجهد نفسي ووسائل دفاعية حيث ظهر الفشل بإدراكها لموضوع مشوه (عينه مضروبي) مع تردد وشك بمعرفة الألة الموسيقية (الموضوع الأوديبي).
|
|
|
|
اللوّحة الثانية :2
̋10- البنت في مرحلة الصبا، هي ذاتها المرأة الثانية التي كبرت … يعني قبل وبعد، رؤية الإبعاد، وهوي المشترك . (أي الرجل) ̋40 · سياقات دفاعية : بدأت القصة بالتمسرح B2/1 ، مع تمثل لتصورات الذات بشكل إيجابي CN/2 (البنت في مرحلة الصبا) مع تفاصيل نرجسية ذات قيمة إغوائية B3/2 ثم أكملت بخلط الأدوار E3/1 ((هي ذاتها المرأة الثانية التي كبرت) ثم صمت CI/1 مع تدقيقات زمنية A1/2 ثم تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 (يعني قبل وبعد، رؤية الإبعاد)مع عدم تلاؤم بين الموضوع القصة والمنبه، رمزية غامضة E2/1 مع عدم التعريف بالأشخاص CI/2. · الإشكالية : تمثل الرجل الأب بتصورات ذات قيمة إغوائية تحمل رموزًا إيجابية في حين غابت صورة الأم ما يُشير إلى إنعدام العلاقة الثلاثية relation triangulaire وهذا ما يشرح قلقها تجاه اللوّحة، وهذا كله يضعنا أمام سؤال هل المفحوصة ذات بنية في سياق أوديبي؟؟.
|
اللوّحة الثالثة 3BM
˝34 – شخص طابب، تعبان، واقع من طولو، ملكوك على بعضو، فاقد القوة، مقوقع على حالو… مُتكأ على شيء صلب ˝1.10 · سياقات دفاعية : بدأت القصة بالوصف A1/1 مع تمثّل لتصورات بشكل سلبي CN/2 مع العزل بين التصورات والعواطف A3/4 (شخص طابب، تعبان، واقع من طولو، ملكوك على بعضو) ثم صمت CI/1 لتنهي كلامها بتأكيد وظيفة إسناد الموضوع بشكل سلبي CM/1 (مُتكأ على شيء صلب) · الإشكالية : حملت في طيات إجابتها تفاصيل نرجسية مسحوقة، غياب تام لأيه علاقة أو تفاعل، الآخرغائب من خلال عمليات الكف إذ ركزت على وصف وضعية الجسد للتعبير على قلقها غير المتمحور بموضوع مُحدد إلا أنها أظهرت مقاربة أوديبية .
|
|
اللوّحة الرابعة 4
̋40- ضحكت… أوه الخيانة، ينظر إلى غيرها … هي عم بتحاول هي قوية وعيناها قوية … بس هو يهرب 1min · سياقات دفاعية : بدأت القصة بعد زمن كمون طويل مع صمت CI/1 ثم بدأت بشيء التهكم والسخرية (أوه، أوه) CM/3 لتعمد إلى عنونة اللوّحةCN/3 ( بالخيانة) ثم إلى التمسرح B2/1 (ينظر إلى غيرها وهي تحاول )إنما مع صد CN/2 لتُظهر تفاصيل نرجسية مع تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 CN/2 (هي قوية وعيناها قوية ) مع عدم تعريف للأشخاص CI/2. · الإشكالية : إذا كانت الخيانة تُشير إلى وجود علاقة بين شخصين فإن المفحوصة أدركت الغرائز الليبدية والعدائية للثنائي، إلا أن طول زمن الكمون والصمت والسخرية كلها إشارات تُبرز قلقها كما تُبرز أزمة العلاقة مع الموضوع إذ المحت إلى تفاصيل نرجسية (قوية، عيناها قوية) كتوظيف نرجسي يحمي قلقها من فقدان الموضوع إلا أن أولياتها الدفاعية لم تُسعفها بشكل كافٍ وقد أظهرت عجزها في النهاية عن استرجاع الموضوع (بس هو يهرب).
|
اللوّحة الخامسة 5
̋50-الأم … الأم عادةً … تطمئن على الدرس … في كمان مصباح. 1min · سياقات دفاعية : بدأت القصة بعد زمن كمون طويل ملفت لتعمد إلى الوصف A1/1 مع العودة الى الواقع الاجتماعيٍ A1/3 (الأم … الأم عادةً) ثم أعقبته بصمت CI/1 لتعود إلى مراجع ثقافية A1/4 (تطمئن على الدرس ) مع صمت CI/1 لتنهي قصتها بالوصف A1/1 (في كمان مصباح) . · الإشكالية : إشكالية العلاقة ضمنية فهي تُلمّح للآخر بشكل مقتضب، فصورة الأم أخذت وضعية الرقابة Surmoïque إنما بطريقة غير ناضجة وكافية فتكرار عبارة (الأم) وما رافق الإجابة من إيجاز وصمت يُشير إلى الصراع التي تُعانيه المفحوصة مع الأم الرقيب لتهرب من هوية غير مُنتظمة تُظهر عجز التماهي المُتكامل وذلك كان واضحًا من خلال هربها نحو إجابة تتجه إلى الفئة A، سند ثقافي (الدرس) في حين إن اللوّحة تُشير إلى الرمزية الجنسية التي استبدلتها من مشاهد أولية .
|
|
اللوّحة السادسة 6GF
̋25- قوي هذا الرجل… آه عايش لراسوا وهي مندهشّة، لا يحاول أن يلفت نظرها … هي زوجته . ̋45 · سياقات دفاعية : بدأت القصة بتصور الموضوع بشكل إيجابي CN/2 (قوي هذا الرجل) ثم عمدت إلى تفاصيل نرجسية ذات قيمة إغوائية (عايش لراسوا) B3/2 ثمّ عمدت إلى التعبيرعن العواطفB1/3 ( هي مندهشّة) لتكمل كلامها بالانكار dénégation A2/3 (لا يحاول أن يلفت نظرها) لتنهي قصتها بالصمت مؤكدة على علاقات البين الشخصية B1/1 . · الإشكالية:عمدت المفحوصة إلى الكف لإخفاء نرجسيتها الهشّة أمام الموضوع الإغوائي .
|
اللوّحة السابعة 7GF
̋20- حلوين الصور… الأم والبنت الكنبة تجمعها بحب، كأنها تحدثها عن الدرس إنما البنت أفكارها بعيده، معها حيوان صغير… تسريحة الشعر تدل على أن وضعهن المادي مرتاح 50 ̋ · سياقات دفاعية:بدأت القصة بتعليقات ذاتية B2/1 ثم لجأت إلى تأكيد العلاقات البين الشخصية B1/1 مع تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 (الأم والبنت الكنبة تجمعها بحب) تكمل حدّيثها بتردد في التأويلات مع العزل بين التصورات والعواطف A3/1 A3/4 (كأنها تحدثها عن الدرس إنما البنت أفكارها بعيده)، ثم أرفقت حدّيثها بإدراكات خاطئة E1/2 مع صمتCI/1 لتُنهي قصتها بالوصف والتفاصيل النرجسية A1/1 CN/2 (تسريحة الشعر تدل على أن وضعهن المادي مرتاح) . · الإشكالية : إدراكها لمحتوى الصورة (الأم – البنت) لم يكن كافيا ً لتأكيد العلاقة مع الموضوع مُكتملة، بل أظهرت إشكالية علاقة هشّة relation défaillante وأن عملية التماهي بالكاد مُحصلة (الكنبة تجمع بينهما) ، هذا بالإضافة لعدم تحقيقها لدور الأنثى، فالأم لم تسمح لها ( الطفل / الكلب ) مقاربة ما قبل أوديبية. |
|
اللوّحة التاسعة 9GF
̋30- الصغيرة شجاعة، تسعى لتحصيل حقوق الكبيرة لأنو الكبيرة خجولة، لا تعرف كيف تدير الأمور. ̋50 · سياقات دفاعية : بدأت القصة بعد زمن كمون طويل CI/1 لتعمد إلى تفاصيل نرجسية إيجابيّة وسلبية مع انشطار CN/2 CN/4 (شجاعة) وتُكمل من خلال دوافع الصراعات غير مُحددة CI/2 (تسعى لتحصيل حقوق الكبيرة) مع تأكيد وظيفة إسناد الموضوع بشكل سلبي وتصوره بشكل سلبي CN/2 CM/1 (لا تعرف كيف تدير الأمور). · الإشكالية: الصدمة التي أحدثتها اللوّحة تُشير إلى قلق العلاقة،وأن التوظيف النرجسي الإيجابي للذات يُشير إلى إشكالية العلاقة مع الموضوع من خلال تحقير الموضوعات وتضخيم الذات.
|
اللوّحة الحادية عشر 11
̋25-يا الله… شو هيدا ؟؟ صخور؟ بلى… شيء قاسي طريق ضيق… ما بعرف … نتوءات الحجر مُخيفة …اللي بيوقف هون بيموت. ̋58 · سياقات دفاعية : بعد زمن كمون طويل CI/1 بدأت بالتعجبB2/1 (يا الله… شو هيدا ؟؟) مع صمت لترفقه بطرح أسئلةCI/1 (صخور؟ بلى) ثم الوصف A1/1 لتعمد إلى عناصر مقلقة متبوعة ومسبوقة بتوقف الخطاب C1/3 مع تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 (نتوءات الحجر مُخيفة) مع التعبير عن موضوع عدواني E2/3 (الذي يقف هنا يموت) مع ميل إلى الرفض CI/1. · الإشكالية : إشكالية العلاقة واضحة مع صورة الأم الما قبل أوديبة mère prégenetale (حجر قاسي) ما قد يُشير إلى علاقة فجّة غير ناضجة وغير واضحة المعالم مع موضوع أولي خطير ومضطهد حيث لم تنجح في السيطرة على قلقها حيث ايقظت اللوّحة لديها قلق التمزق Angoisse d’aneantissement(اللي بيوقف هون بيموت)
|
|
اللوّحة الثانية عشرة :12BG
̋49-هون… زورق غير مستخدم … بحيرة متروكة… مكان مهجور ومهمل. 1min · سياقات دفاعية: بعد طول زمن كمون مع صمت CI/1 بدأت القصة بالوصف A1/1 (هون… زورق غير مستخدم ) إلا أنها أرفقتها بعناصر مقلقة متبوعة ومسبوقة بتوقف الخطاب C1/3 مع تصور للموضوع بشكل سلبي CN/2 مع تاكيد الحدود والخصائص الحسية والارتكازعلى المدرك CL/1 CN/4 (بحيرة متروكة… مكان مهجور ومهمل). · الإشكالية : قلق الهجر والفراق angoisse d’abandon et de séparation مع ميل لإنكار لأية علاقة بشكل نرجسي سالب وهش، وظهر النكوص الى مراحل بدائية حيث التصور الأمومي الهش والسيىء
|
اللوّحة الثالثة عشرة 13B
̋30- الحرمان، الباب يدل على الفقر… وحيد، محبوس، خائف، حافي قدمين ̋50 · سياقات دفاعية: بعد زمن كمون طويل، بدأت المفحوصة القصة بالعنونة CN/3 (الحرمان) مع تصور الموضوع بشكل سلبي CN/2 (الباب الذي يدل عىل الفقر) ثم صمتCI/1 لتتابع قصتها بتفاصيل نرجسية CN/2 ثمّ تأكيد الحدود والخصائص الحسية CN/4 (محبوس) لتنهي القصة بتصور الموضوع بشكل سلبي CN/2 (خائف، حافي قدمين). · الإشكالية : قلق الفراق بتفاصيل نرجسية هو الذي سيطر على محتوى إجابات المفحوصة ما قد يُشير إلى عدم قدرتها على أرصان الوحدة la solitude المرتبط بصورة أمومية بدائيةArchaïque .
|
|
اللوّحة الثالثة عشر 13MF :
̋23- علاقة جنسية فاشلة … هو لا يشعر أنها مزعوجة هي نائمة ̋30 · سياقات دفاعية : بدأت القصة بتفاصيل نرجسية ذات قيمة إغوائيةB3/2 (علاقة جنسية فاشلة) ثم صمت CI/1 لتلجأ إلى الإلغاء A3/2 ثم تعود إليه في نهاية القصة A3/2 (هو لا يشعر أنها مزعوجة هي نائمة ) كما تخلل القصة صمت CI/1 . · الإشكالية: مقاربة اوديبية انما بمحتوى سلبي مع تجميد للغرائز الليبيدية، إن الكف أعاق أي تناغم عاطفي، ليسيطر على غرائزها الليبيدية (هي نائمة) مع مشاعر نرجسية غير سويّة تقوم على الشعور بمركزية الذاتegocentrisme de soi ، ويمكن للعبة الإسقاطية الخاصة بالرائز أن تكون قد جعلتها تسقط معاشها النّفسي وعلاقتها الجنسية مع شريكهاعلى اللوّحة ما يُشير إلى أن علاقتها بالآخر إنعكاس لصورتها عن ذاتها وعن جسدها
|
اللوّحة التاسعة عشرة 19
̋ 15-حروف…شكل بيت… في شبابيك … بس البيت فاضي ما في حدا. ̋25 · سياقات دفاعية: بدأت القصة بإسناد ثقافيA1/4 (حروف) ثمّ صمت CI/1 لتكمل قصتها بوصف مع نفاذية الحدود بين الداخل والخارج بالاضافة الى تأكيد الحدود والخصائص الحسيةCL/1 A1/1 CN/4 (شكل بيت… في شبابيك) لتنهي قصتها بالتعبير عما هو مشعور به ذاتيًّا CN/2 مع ميل إلى إيجاز CI/1 ( بس البيت فاضي ما في حدا) · الإشكالية : بدا واضحًا أن المفحوصة لم تستطع أن تقدم قصة مُتماسكة، فجاءت تداعياتها قصيرة وهذا ما يدل على رفضها لأية علاقة، وهذا ما قد يجعلنا أمام فرضية أن اللوّحة دفعت بها إلى النكوص إلى مراحل ما قبل أودبية (الأم الرقابة) وما يترتب عليه من قلق الفراق ، وأن غياب الأشخاص عن القصة (البيت فاضي ما في حدا) هو إلغاء لأية إشارات على قدرتها على إقامة علاقات مع الموضوعات وأن إجابة الحدود التي أظهرتها (الحاجز Barriere والاختراق effraction) تُشير الى تصور أمومي هش.
|
|
اللوّحة السادسة عشرة 16
̋27- الذي أريد أن أرسمه!!! .. أريد فكرة… بدي وقت ما عندي أفكار … ما عندي أفكار ̋48 · سياقات دفاعية : بدأت القصة باللف والدوران CM/3 (الذي أريد أن أرسمه!!! .. أريد فكرة…) لتعقبه بالصمت CI/1 مع تردد وشك وتكرار A3/1 مع ميل إلى الإيجاز في زمن كمون طويل مع التعبير عما هو مشعور به ذاتياCI/1 CN/2 (ما عندي أفكار). · الإشكالية :عجز عن صياغة قصة دليل على عجزها واشكاليتها في العلاقة، فالقلق الذي أحدثه البياض مُرتبط بقلق الفراغ الذي تُعانيه، دفعها لصيغة جمل قصيرة بهدف تخطي اللوّحة عبر وسائل دفاعية.
|
لقد تميز بروتوكول دلال بإنتاجية لا بأس بها من الإجابات R=22 في ظرف 18 دقيقة، كما أن المفحوصة أظهرت احتياج للوقت لتقديم الإجابة أكثر بكثير من وقت زمن الكمون ما يُشير إلى الجهد المبذول من المفحوصة في تقديم الإجابة الناتجة عن القلق الذي أحدثته اللوّحات وقد سجلت زمن كمون في حدود 5 min في حين احتاجت إلى 13 min الإجابة على اللوّحات، وأن انخفاض الإجابات المُبتذلة Ban=14% تُظهر صعوبة المفحوصة في التكيف مع الواقع إلى حد ما، أما بالنسبة إلى السيرورات المعرفية فلقد كانت على الشكل الآتي: في ما يخص الإجابات الكلية أو الشّاملة فكانت نسبتها ضئيلة %G=22 في حين جاءت إجاباتها الجزئيّة D=55% ما يدل على أن القلق الذي سيطر عليها من الشكل الكلي دفعها إلى التفاصيل هربّا من التوتر والمواجهة، وأن وجود إجابات تعود إلى تفاصيل نادرة Dd بنسبة عالية Dd=18% يؤكد القلق الكبير الذي حاولت ضبطه بإيجاد إجابات مُتعلقة بتلك التفاصيل تجنبها مواجهات الشكل العام. أما بالنسبة إلى عدد المُحددات الشكلية الإيجابية فقد سجلت F+=6وهو عدد منخفض، أمّا المُحددات الشّكلية السلبيّة فجاء عددها F-=6 وهو عدد مرتفع جدًّا نسبة إلى نتائج الرائز الرّقمية. وهذه النتائج تدل على أن العلاقة مع العالم الخارجي مبنية بطريقة ضعيفة، تُظهر أن الوظائف النّفسية لديها غير مُتجانسة مع العالم المدرك.
كما أن تفوّق إجابات المُحددات الحيوانية A=41% على المُحددات الإنسانية H=27% قد يوحي بأن المفحوصة لم تتحمل مواجهة الصور الإنسانيّة، وبهدف دفع القلق لجأت إلى المُحددات الحيوانية.
أظهرت المفحوصة في المبدأ في اللوّحة الأولى، اللوّحة الافتتاحيّة (طير الليل كتير أسود مخيف، مثقوب،حدا معذبو) إجابة كلية إنّما ذات بعد اضطهادي بالإضافة إلى إجابة إختراق Reponse Effraction ما يُشير إلى هشاشة الأغلفة النرجسية، لتُظهر الانجراحات النرجسيّة التي تمزقها، ما يدل إلى حاجتها للاستثمار المكثف كوسيلة دفاعية عن هوام فقدان الحماية، إذ ترافقت إجابتها بخواف وقلق ظهر في المقابلة (مُنفِرة كتير) كما أن لجوئها إلى تفاصيل نادرة Hd (راسين) يُشير إلى صورة جسد مُهمشة (فراشة طابقة على بعضها)، أما بالنسبة إلى اللوّحة الرابعة، لوّحة السلطة فإن الميول الصدمية والرفض الذي تجلّى بزمن الكمون اللافت 50˝ ، يُشير إلى القلق الذي أحدثته اللوّحة لتحوله من كيان بشري أو حيواني إلى حالة جغرافية (بركان فاقع) لتُظهر ميول عدائية سادية-شرجية أمام مفهوم السلطة إنما بطريقة طفولية ما قبل أوديبية (بركان أطرافه فاقعة) ويتأكد هذا بإجابة اختراق للمرّة الثانية في الرائز.
أمّا في ما يخص اللوّحة الخامسة 5 وبعد زمن كمون طويل لافت 1 min استطاعت دلال أن تقدم إجابة ناجحة ومُبتذلة Ban إنما بصلابة مع نفور ظهر من خلال اعتمادها الوصف (طير الليل جوانحه طويلة وسوداء كتير) هربًا من القلق الكامن في داخلها، وأن لجوئها إلى تفاصيل نادرة Hd (حدا نايم) يشرح التماهي الإسقاطي Identification projéctive الذي أسقطته على تفصيل نادر (حدا نايم) هربًا من صدمة اللون الأسود (طير الليل جوانحه طويلة وسوداء كتير).
أما بالنسبة إلى اللوّحة السادسة، فلقد هربت من الشكل الكلي وأهملته لتدرك شكلًا صغيرًا (حشرات عم تبيض) ما يؤكد أن قلقها يدفعها، مرة ثانية، للهرب نحو تفاصيل تجنبها مواجهة قلقها في إيجاد إجابة للشكل المُتكامل أمّا إجابتها الثانية على اللوّحة نفسها (جلد حيوان مدعوس، مدبوح) يؤكد صورة جسد شبه مُمزقة.
أمّا بالنسبة إلى اللوحات المُتقابلة، ففي اللوّحة الثانية جاءت إجابتها مُجزأة مع ميول صدمية، تُشير إلى رفض اللوّحة. إذ أعطت ثلاثة إجابات (رئة) وهي إجابة تشريحية مُجزأة ثم ( فراشة طابقة على بعضها) إجابة تشقيفية، ثم (فيلان ملزقين) إجابة تحمل تصور إندماجي إذ تُظهر إشكالية صورة الجسد المهشمة ما يُشير الى أن المفحوصة تُعاني من صورة جسد هشّة، ممزقة ضمن سياق بدائي Archaïque غير مُكتمل، أما بالنسبة إلى اللوّحة الثالثة ،عمدت المفحوصة إلى إدراك الأشخاص في قالب جامد (تماثيل للأشخاص قاعدين Symthrie لبعض) فعلى الرغم من أن إجابتها كانت شاملة مع مُحدد شكلي إيجابي إنما بمحتوى شكلي سلبي من حيث النوعية (تماثيل بدل أشخاص) ولعل إجابتها الشاملة هذه كانت لتخفي التضعضع الذي شعرت به أمام محتوى اللوّحة لتهرب إلى إجابة تشريحية Anatomique (قلبين) إنما بشكل سلبي ما يؤكد أنها ما زالت تحت صدمة اللون الأحمر، لذلك يمكن القول، إنها لم تستطع أن تقدم إجابة تدفع بها نحو تصور جيد للجسد خصوصًا، وإنها استكملت كلامها في اللوّحة السابعة ضمن السّياق نفسه (تمثال لشخص وصورته على المياه) هذه الإجابات تعكس تصور هش وضعيف عن هذا الجسد. أما في ما يتعلق باللوّحات الملّونة ففي اللوّحة الثامنة أعطت دلال إجابة مُبتذلة (حيوانان) إلا أنها عادت ونجحت إلى حد ما في إدراكها للشكل إلا أنها أخفقت ثم أعطت إجابة ذات تفاصيل صغيرة نادرة مع مُحدد شكلي سلبي (وجوه تمثال)، أما في اللوّحة التاسعة، فلقد أظهرت إجابات دلال المُتعددة، التضعضع وعدم القدرة على التماسك لتأتي إجابتها مُجزأة ، غير مُحددة المعالم والمعاني (الزهر تواصل بين اثنين) (الأخضر ايادي متحدة) (الأصفر إنفصال) .
هذه الإجابات غير المُتماسكة تعكس، تصورها عن جسدها غير المُتماسك وغير المُحدد. هذا وعادت وأكدت في اللوّحة العاشرة ، إذ لم تعطي إجابة تحمل مُحددًا شكليًّا إيجابيًّا، بل جاءت كلها ذات مُحدد سلبي، ثم أعطت مُحدد سلبي إيجابي ما يُشير إلى أن محتوى اللوّحة استثار لديها ما قد يحمل قلق التمزق، إذ أظهرت قلقًا أمام اللوّحات مُلونة ما يُشير إلى تصور ضعيف عن جسدها، هش، غير مُتماسك.
هذه المؤشرات كلها والتي كشفها البروتوكول، تُشير إلى صورة جسد مهشمة تُعاني قلق التمزيق والتفكيك إذ إنها قد تُلامس البِنية الذهانية Structure psychotique بطريقة أو بأخرى.
كذلك يبدو أن المفحوصة تُعاني من اضطّرابات على مستوى تصور الذات، ففي اللوّحة الثانية (فيلان ملزئين) يدل على البعد الاندماجي مع الموضوع إذ إنّ صورة الذات تظهر بشكل غير سويّ، مبني على الالتصاق بالموضوع، وإن إجابتها في اللوّحة الثانية (فراشة طابقة على بعضها ميتة) تُشير إلى صورة ذات مكفوفة، تفتقد للحيوية ، مُجمدة غير قابلة للحياة، إجابة فجة تدل على إشكالية الهويّة لديها، وإن ذكرها لعبارة (التمثال) في اللوّحة الثالثة وفي اللوّحة السابعة VII واللوّحة الثامنة VIII تؤكد أن صورة الذات غير الناضجة غير قادرة على التفاعل على الموضوعات الخارجية فلجأت إلى تشييئها.
كذلك أظهرت في اللوّحة التاسعة الكثير من المفاهيم المتعلقة بالتجريد والغموض Abstraction والروابط Liens ما يُشير إلى فوضى عالمها الداخلي المُتجلّي بذات مُفككة غير قادرة على ربط الشكل بمفهوم واضح، ما قد يشرح ظهور إجابات الحدود التي قد تؤشر الى غياب الحدود بين الداخل والخارج.
إن الاستثمار النرجسي لدى المفحوصة ظهر بشكل سالب في اللوّحة الثانية II (فراشة طابقة على بعضها ، ميتة) إذ تُظهر هذه الإجابة هشاشة نرجسيتها Défaillance narcissisque، كما أظهرت استثمارًا نرجسيًّا في اللوّحة الثالثة III والثامنة VIII باعتمادها إجابة (التمثال) والتي تحمل ميول نرجسية إيجابية (قيمة فنية) والجدير بالذكر أن اللوّحة الثالثة III واللوّحة الثامنة VIII ترافقت مع بعد تشييئي للعلاقات ما يدل إلى نرجسية غير سويّة إذ إن العلاقة بالموضوع هي من ملحقات بنيتها.
ويُستكمل العرض النرجسي للمفحوصة في اللوّحة السابعة وقد جاءت إجابتها على الشكل الآتي (تمثال لشخص وصورته على المياه) إذ إنّ أزمة المرآة والانعكاس يُظهر النرجسية الهشّة المبنية على إنكار الموضوع كموجود مستقل ليحوّل إلى صورة طبق الأصل عنها. وهذا ما قد يشرح إجاباتها المُرتبطة بمفهوم الاندماج والعلاقة الذين أظهرتهما في اللوّحة الثالثة III والتاسعة IX.
هذه النرجسية ذات البعد السالب والواجب الهشّة، مع إنكار الانفصال عن الموضوع الأولي بالإضافة إلى وجود علاقة اندماجيّة قد تكون مرتبطة بالقلق الذي رافق اللوّحات السبع الأولى للبروتوكول مع أزمة الانعكاس يظهر لنا ذات فجة، غير ناضجة، ضعيفة قابعة في المراحل الطفولية الأولى عاجزة عن تحقيق أي نضج نفسي سويّ.
إن الغياب التام لأي تمايز جنسي للأشخاص في هذا البروتوكول يضعنا أمام سياق لبنية ما قبل أوديبية Prégénétale في اللوّحة الثالثة III (أشخاص، اثنان) في اللوّحة الخامسة (حدا نايم) في اللوّحة السابعة (شخص والآخر صورته) في اللوّحة التاسعة (اثنان أي شخصان) لم تنجح المفحوصة في تحدّيد الجنس للأشخاص les personnages non differenciés sexuellement هذا من جهة، أما من جهة أخرى، لم تُظهر المفحوصة أي ترميز جنسي Symbole sexuelle ما يُشير إلى عدم نضجها النّفسي إلا إذا أخذنا بالحسبان جوابها في اللوّحة السادسة (حشرات عم بتبيض) إلا أن اعتمادها على عبارة حشرات تُشير إلى التحقير إذ تركت اللوّحة كاملة لتهرب صوب تفصيل نادر (Dd)Parties saillantes à la base médiane ما يُشير إلى أن التماهي الجنسي لدى المفحوصة هش، غير مُكتسب. وأن غياب التمايز الجنسي للأشخاص في مجمل البروتوكول يُشير إلى بنية هشّة غير ناضجة بدائية ما قبل أوديبية.
أثارت اللوّحة الافتتاحية لدى المفحوصة قلق كبير، فظهرت العبارات الاضطهاديّة Percecutive والخوافية Phobique (كتير سودا، مثقوب حدا معذبو) ما قد يُشير إلى صورة أم اضطهادية، مُدمرة، وتدل عإلى علاقة مُضطربة أكدتها في اللوّحة السابعة VII وقد جمدت العلاقة وصوّرتها على أنها تمثال مُنعكس على المياه، وما المياه سوى صورة أمومية بدائية، ولعل هذا ما دفعها إلى اعتماد الكف والكبت نتيجة القلق الذي أحدثته اللوّحة كونها تحمل معاني الصورة الأنثوية / الأمومية وطابعها العلائقي، كما غاب في إجابتها عن اللوّحات المتقابلة أي شكل لأشكال العلاقة ، ففي اللوّحة الثالثة III (فيلان ملزئين) لا وجود للآخر ولا وجود للعلاقة كذلك في اللوّحة الثامنة حيوانان من دون حركة على الرغم من Kan الواضحة في هذه اللوّحة فإنّها أهملتها لتكتفي فقط بذكر الحيوانان، كما أن اعتمادها على عبارة (التمثال) أكثر من مرة يُشير إلى قلقها من العلاقة Angoisse de relation والتفاعل، فكانت تلجأ إلى تشييء العلاقات والأشخاص لتنفي عنهم الحيوية La vitalité هذا وأن دلّ على شيء فإنه يدل على تجميد غرائز الحياة، لتصبح آلياتها الدفاعية قائمة على الصلابة وهذا ما يشرح عجزها عن السيطرة بطريقة ناضجة على عالمها الخارجي ففي اللوّحة التاسعة IX قاربت مفهوم العلاقة بحدودها الدنيا عندما عبّرت (تواصل بين اثنين) إلا أنّ هذا التواصل بقي في حدود التجريد والغموض، ولم يصل البعد العلائقي بشكلٍ واضح، وما يؤكد ذلك إجابتها الثانية في اللوّحة نفسها (أيادي متّحدة) التي تُظهر عدم قدرتها على تحمل الموضوع، فكانت تحوّل الأشخاص إلى أجزاءما يُشير إلى إشكالية علائقية واضحة إذ قلق الانفصال والهجر يهدد بنيتها (الانفصال يهدّون إنما بيضلوا مجموعين) وهذا ما يدل إلى التبعية التي تُعانيها المفحوصة في علاقتها مع الموضوع.
أظهرت المفحوصة مُحددين حركيين إنسانيين 2K+= في اللوّحة الثالثة ومُحدد حركي حيواني Kan في اللوّحة السادسة وهذه النسبة القليلة جدًا تتلاقى بشكل منطقي مع غياب العلاقة في مجمل البروتوكول، إذ إنّ الإشكالية العلائقية للمفحوصة أصبحت واضحة وإذا كانت العلاقات الثنائية القائمة على الحب والكراهية هي التي تُظهر النزوات، فإن المفحوصة لم تُظهر في كامل البروتوكول أي تفاعل للغرائزالليبدية، وهذا ما يشرح قلة K وقلة C= 2 في إجابات المفحوصة، فإشكالية المفحوصة العلائقية أعاقت أية عملية تفاعلية أو حركية، ولشدّة قلقها من الموضوع جمدت العلاقات والأشخاص ودفعت عنهم الحياة واكتفت بغرائز الموت والكف والقلق التي هيمنت على كامل البروتوكول هذا ما يشرح غياب المُحددات الحركية والمُحددات اللونية من البروتوكول، و غاب التفاعل الغرائزي والحيوي عن إجاباتها، فجاءت جامدة، صلبة ، تفتقر لليونة والمرونة.
إن السياق العام للبروتوكول يسمح لنا بالإستنتاجات الآتية :
إن اللعبة الإسقاطية للرائز، أظهرت لدى المفحوصة بنية نفسية هشّة، تُعاني من إشكالية علائقية مُزمنة، أشخاصها غير مُحددين جنسيًا، العلاقة مع الآخر مُجمدة، مشلولة، باردة، الآخر تمثال، النرجسية الهشّة كانت واضحة، الآخر بالنسبة إلى المفحوصة اضطهادي ومُسيطر، قلق الإنفصال وقلق الهجر هما أساس بنيتها غير السويّة، وكل هذا عكسته المفحوصة على الرائز الذي تجلّى بالقلق العام الذي رافق غالبية إجاباتها مع عبارات خوافية وميول صدمية، لجأت إلى عبارات تُشير إلى أنها تلامس الإندماجية والتفكك من دون الغوص فيها، فهي تقارب البِنية الذهانية من دون التثبت عليها، ما يضعنا أمام بنية حدّية تُعاني قلق فقدان الموضوع.
- تحليل رائز تفهم الموضوع
الإشكالية العامة
إستنادًا إلى كلام المفحوصة، تتجمع إجابات المفحوصة بنسبة عالية في فئة 56 Cالتي تراوحت في سياقات متعددة بين الكف والاستثمار النرجسي وسياقات الصد الإكتئابية أما بالنسبة للفئة A التي جمعت حوالى 20 خيارًا، فهي في الأغلب تمحورت في سياق الوصف أي الرجوع إلى العالم الخارجي، مع اعتمادها على الاستناد الثقافي A1 والإلغاء A3 وذلك بهدف السيطرة على القلق الذي أحدثته اللوّحات .
أمّا في ما يخص الفئة B فكانت نسبتها قليلة حوالى 10 خيارات والتي تمحورت حول التهويل Dramatisation B2 إلا أن هـــذه النتيجة ضئيلة وغير كــافيــة، ما لا تسمح لنــا بالحدّيث عن مرونة في العلاقات مع العالم الخارجي بل سيطرت الصلابة على إجاباتها.
أمّا في ما يخص الفئة E فلقد جاء عددها 7 اختيارات وتمحورت بين سياق تشوه الإدراك E1 وبين عدم تنظيم سياق الهويّة والموضوعات E3.
بالنسبة إلى الفئة C، والتي تجلّت معظم إجابات المفحوصة في هذه الفئة التي تفوق 56 خيارًا والتي تراوحت بين الكف CI والإستثمار النرجسيCN وسياقات الصد الإكتئابية، فميلها العام إلى الإيجاز والصد في اللوّحات المتعلقة بوجود الأشخاص (العلاقة مع الموضوع) وإضفاء تفاصيل نرجسية يشرح تجمع إجاباتها في هذه الفئة، فالكف وعدم التعريف بالأشخاص والهرب من أي رابط علائقي كان واضحًا خصوصًا في اللوّحة الثانية إذ أغفلت ضمنًا وجود المرأة / الأم، ما يُشير إلى أزمة العلاقة البدائية (أم / بنت) وكذلك الحال بالنسبة إلى اللوّحة الخامسة إذ تُلمّح إلى العلاقة إنما بشكل مُوجز وخجول من دون أثر عاطفي، يؤكد هكذا علاقة، وما قد يؤكد ذلك اللوّحة 7GF إذ إنّ العلاقة احتاجت إلى عنصر ثالث حتى تكتمل (الكنبة التي تجمعهما بحب) ما يُشير إلى علاقة هشّة، بالكاد مُكتسبة لم تُحقق النضج السويّ المطلوب، وغاب عن إجاباتها في العديد من اللوّحات الموضوع/الآخر، إذ إنّ العلاقة مع الآخر شبه مفقودة ما قد يشرح صعوبة التماهي لديها من جهة، كما يفسر نرجسيتها الهشّة التي تتمحور حول ذاتها ورفضها لوجود الآخر كموضوع تفاعلي، ما قد يُشير إلى أن بنيتها ترزح بين مراحل ما قبل أودبية مع تكوّن هجين لإشكالية أوديب، فاللوّحة السادسة 6GF (قوي هذا الرجل … عايش لراسوا وهي مندهشّة) تؤكد أن علاقاتها بالموضوع الإغوائي ذا بعد سيئ مرتبط بنرجسية غير ناضجة ناتجة عن عدم التفاعل مع الموضوع في المراحل الأولية لطفولتها المُرتبطة بالتجربة السيئة والمُضطهدة التي أشارت إليها ميلاني كلاين (الموضوع الجيد والموضوع السيئ) كما أن اللوّحة الحادية عشرة التي اتسمت بالقلق والموت ليست سوى دليل على علاقة غير ناضجة مع صورة الأم الما قبل أودبيةMère prégénétale ، وأن الإستثمار النرجسي يتأكد في اللوّحة الثانية عشرة 12bG واللوّحة الثالثة عشرة 13B إذ إنّ إجابتها بمجملها ارتبطت بتصور الموضوع السلبي والقلق والصد وقد جاءت إجابتها لتؤكد قلق الهجر والفقد.
لذلك يمكن القول، إن السياق العام لبروتوكول دلال جنح نحو نرجسية هشّة مع أزمة العلاقة مع الموضوع ما يُشير إلى بنية ذات سياق بدائي ما قبل أوديبي.
أما بالنسبة إلى الفئة A فلقد عمدت المفحوصة إليها من خلال الوصف A1 كما لجأت إلى A3 الذي تمركزت حول التّردد والإلغاء والتكرار، ويبدو أن اعتمدها على هذين السياقين كوسائل دفاعية تحميها من القلق الذي أحدثه محتوى اللوّحات، ولم يكن في مصلحة العقلنة ما يُشير أن علاقتها مع الخارج (أي الموضوع) شبه غير موجودة أو مفقودة.
أمّا في ما يخص الفئة B، ظهرت بشكل خجول ما يظهر أنها تفتقر إلى المرونة وتُظهر الصلابة في علاقتها مع الموضوع، ويؤكد عجزها عن التفاعل خارج الذات.
أما بالنسبة إلى الفئة E، فلقد تمركزت حول إدراكات خاطئة وإغفال للمواضيع المُدركة في اللوّحات والتي يمكن رد ذلك إلى القلق والصدمة الذي أحدثته هذه المواضيع وبهدف ضبطها لصراعاتها، لجأت إلى إغفالها.
ويمكن الاستنتاج من خلال تحليل نتائج الرائزين ان المفحوصة تُعاني من توظيف حدّي نرجسي يتمحور حول قلق الفقدان والهجر مع ازمة واضحة في العلاقة مع الموضوع.
المراجع
مجلات
- صحيفة المستقبل، 24/8/2004، العدد 1679، لقاء حواري مع البروفسور عباس مكي.
كتب
- أبو الخير، عبد الكريم قاسم (2001). اساسات التمريض في الأمراض النّفسية والعقلية ، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن.
- الحفني، عبد المنعم (1987). موسوعة علم النفس والتحليل النّفسي، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى.
- الدسوقي، كمال (1985) .علم النفس ودراسة التوافق، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة.
- راجح ، أحمد عزت ( 1985) . أصول علم النفس، الإسكندرية: دار المعارف .
- راجح، انطوان . (2013) . الاضطّرابات النّفسية والرضى الزوجي. الديمان ، منشورات الرهبانية الأنطونية المارونية.
- صادق، عادل (2003). الطب النّفسي، القاهرة: مؤسسة حورس الدولية.
- صبره ، محمدعلي وآخرون (2004) . الصحة النّفسية والتوافق النّفسي، دار المعرفة الجامعية ، الآزارطية.
- عبد اللطيف، مدحت عبد الحميد (1993). الصحة النّفسية والتفوق الدراسي. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
- فراج، عثمان لبيب ؛عبد الغفار، عبد السلام (1966).الشخصية والصحة النّفسية، مكتبة العرفان، بيروت.
- لابلانش، جان؛ بونتاليس، جان ب (1987). معجم مصطلحات التحليل النّفسي، ترجمة د. مصطفى حجازي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان.
- محمد الجبل، فوزي (2000) . الصحة النّفسية وسيكولوجية الشخصية، الطبعة الأولى، المكتبة الجامعية للنشر والتوزيع، الإسكندرية.
- ميموني ، بدرة معتصم ( 2005).الاضطّرابات النّفسية والعقلية عند الطفل والمراهق، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية.
- الهندواي ، علي فالح (2002 ) .علم نفس النمو الطفل والمراهقة ، دار الكتب الجامعي – العين – الإمارات العربية.
- وهبي، كمال حسن (2011). إيديولوجية المدمن على المخدرات، بيروت – الطبعة الأولى.
- يونس، إنتصار (1985) .االسّلوك الإنساني. القاهرة: دار المعارف.
مؤسسات
- المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض ICD/10 (1999). ترجمة وحدة الطب النّفسية بكلية الطب النّفسي. القاهرة.
رسائل
- فروخة، بلحاج (2011). التوافق النّفسي الإجتماعي وعلاقته بالدافعية للتعلم لدى المراهق المتمدرس في التعليم الثانوي” مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير، جامعة تيزي وزو، الجزائر.
- القرشي ، ظاهر رداد (2009).العوامل المؤثرة في الإستهلاك الإدماني لدى المرأة الأردنية في مدينة عمان. رسالة دكتوراه، الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية .
Réferences
Rêvues
- Arya, R. (2009). The religious Dimensions of compulsive buying. Equinox publishing Ltd, (2), P.P. 165 – 185.
- Black, D. W (2007). A review of Compulsive Buying Disorder: word psychiatric, official journal of the Word Psychiatric Association, (WPA), 6 (1), 14 – 18.
- Black, D. W., Repertinger, S., Gaffney, G. R. and Gabel, J. (1998).Family history and psychiatric comorbidity in persons with compulsive buying: preliminary findings. American Journal of Psychiatry, 155, pp. 960- 963
- Christenson, G., faber, R. J., & Dezwaan, M., Raymond, N. F ; (1994). Compulsive Buying: Descriptive Characteristics and Psychiatric Comorbidity. The Journal of Clinical Psychiatry, Vol.55, (5), pp. 5- 11.
- Desarbo, W. S., & Edwards, E. A. (1996). Typologies of Compulsive Buying Behavior:A Constrained Cluster Wise Regression Approach. Journal of Consumer Psychology.Vol 5, (3), PP.231- 262
- kellet, S.C., and Bolton, J. V. (2009). Compulsive buying: A cognitive behavioral model. ClinicalPsychology and Psychotherapy, Vol 16, (2), pp. 85- 91.
- kyrios, M., Forst, R. O. & Steketee، (2004). Cognitions in compulsive buying and acquisition. Cognitive Therapy and Research، Vol 28, (2), p.p. 241 – 258.
- McElroy, S. L., keck,P.E. Jr., Pope, H. G., Smith, JM.R, & Strakowshi, S. (1994). Compulsive buying: A report of 20 cases.TheJournal of Clinical Psychiatry, Vol.55, (6), PP. 242- 248.
- Padwa, H. and Cunningham, J. (2010). Addiction: A reference Encyclopedia. California: ABC- CLIO, LLC. PP: 48-49.
- Rook, D. (1987). The Buying Impulse. Journal of Consumer Research, vol. 14, (2), pp. 189- 199.
- Verplanken, B, and herabadi, A., (2001). Individual differences in impulse buying tendency, feeling and no thinking.European Journal of Personality, vol15, (1), 71- 83.
Rêvues internet
- Dittmar, H., (2004). Understanding and Diagnosing Compulsive Buying. In R.H. Coombs, (Ed.).Handbook of Addictive Disorders: A practical guide to diagnosis and treatment, PP. 411 – 450. Hoboken, NJ: John Wiley & sons. Inc.doi:10.4236/ojpsych2012.22012
- Dittmar, H., (2005a-b). A New Look at “compulsive buying”. Self-Discrepancies and Materialistic Values as Predictors of Compulsive Buying Tendency.Journal of Social and Clinical Psychology, vol.24, (6), PP. 832- 859.doi: 10.1521/jscp.2005.24.6.832
- Larose, R., and Eastin, M. (Dec 2002). Is online buying out of control? Electronic commerce and consumer self- regulation.Journal of Broadcasting & Electronic Media. vol. 46, (4), PP. 549- 561.doi: 1207/s15506878jobem4604_4
Livres
- American psychiatric Association. (2013). Desk reference to the Diagnostic criteria from DSM 5. American psychiatric Association , Arlington, VA.
- American psychiatric Association. (2013). Diagnostic and statistical manuel of mental disorders (DSM 5). (5th ed). Arlington, VA: American psychiatric publishing.
- André, J., Chabert, C., Donnet, J-L., Fedida, p., Green, A., Widlocher, (1999) : les états limites , Paris, PUF, (2008).
- André. J., Chabert, C., Donnet, J-L., Fedida, P., Green, A., Wedlocher, D (1999). Les états limites, Paris, PUF, (2008).
- Anzieu ,D.(1995). Le moi peau, Dunod, Paris.
- D, Chabert. C (1987). les méthodes projectives, PUF, Paris.
- bergeret, J (1974). la personnalité normale et pathologique, Paris, Dunod, 3èmeEd, (2003) .
- Bergeret, J. (1972). Psychologie pathologique, théorique et Clinique. Paris, Masson, (2000).
- Bergeret, J. (1982). Abrégé de psychologie pathologique. Paris, masson, collection “Abrégés” 10ème Ed, 2008.
- Chabert, C. (1999). Les fonctionnements limites: quelles limites ?, in: les états limites, Paris, PUF.(2008).
- Chabert, C. (2010). Narcissisme et dépression, Paris, Dunod.
- Chabert,C. (2008). Les névroses, Paris, Dunod.
- Faber, R. (2000). The urge to buy: a uses and gratifications perspective in compulsive buying. In Ratneshwar, S., Mick, D. G., and Huffman, C. (Ed.). (2000). Why of Consumption: Contemporary Perspectives on Consumer Motives, Goals and Desires. London: Routledge.
- Freud, S. (1926). Inhibition, symptômes et angoisse, Paris, PUF, (1978).
- Freud, S.(1916- 1917). Nouvelles conférences sur la psychanalyse, Traduit par Berman, A. Paris, Edition Gallimard,(1971).
- Green, A. (1983). Narcissisme de vie, Narcissisme de mort, Paris, Ed de Minuit.
- Griffiths, M. (2002). Gambling and Gaming, addictions in adolescence. 1. Leicester: Wiley-Blackwell.
- Klaffka, P. (2003). Spree: A Cultural History of Shopping. Ed.1. Vancouver: Arsenal PulpPress.
- J & pontalise J.B., (1967). Vocabulaire de la psychanalyse, Paris, PUF.
- M(1998).les méthodes en psychologie, Casbah, Alger.
- Smith, S. (1988). Introduction To Psychology. New York: McGraw – Hill Book.
- Wiliam J. (1890). Habitude et mémoires, œuvres choisis II. Ed. L’Harmattan. (2008).
[1] – طالبة دكتوراه في قسم علم النّفس العيادي – الجامعة اللبنانيّة- معالجة نفسيّة – أستاذة في التعليم الثّانوي الرّسمي-amarasleiman@gmail.com