المؤتمر الثقافي الأوّل:الثقافة والمثقّف/ سؤال ومساءلة محور الرواية العربيّة المعاصرة والفعل الثقافي
حضور البطلة الثقافي بين التبعيّة والخلق
د.ليلى جميل مرجي)[1](
ملخص البحث
يرصد هذا البحث حركيّة الفعل الثقافي في المنجز الروائي، محاولاً كشف صورة المرأة البطلة في الرواية اللبنانيّة، مقارنًا بين التي كُتبت بقلم الرجل، وتلك التي خطّت بقلم المرأة في عملية مسح عمودية تبدأ من بدايات كتابة المرأة لروايتها الخاصّة، وصولا إلى يومنا هذا.
بيّن البحث التطورات التي شهدها الأدب النسوي، وعرض مراحلها الثلاث، ليتّضح أنّها بدأت في حالة تقليد وانقياد أعمى للأدب السائد، ثمّ مرّت بمرحلة مراهقة أدبيّة مثّلت صرخة تمرّد واحتجاج على الخطاب السائد، وصولًا إلى مرحلة الرشد والنّضج وتحقيق الذات إذ بدت الروائيّة اللبنانيّة خالقة ومتمايزة، اذ جعلت صورة بطلتها الروائيّة تنضح جدّة، وتؤسّس لثقافة القيم الانسانيّة والوطنيّة، وتبني لمستقبلٍ مشرقٍ يتلاءم وصورتها الجديدة.
الكلمات المفاتيح: الرّواية الحديثة، البطلة، الفعل الثقافي، الأدب، المجتمع، التحرّر، التقليد، التجديد، الخطاب السائد، الوعي، الانفتاح، البنى السرديّة، الحبك القصصي، الحدث السردي، الأعراف، التقاليد، الموروث الاجتماعي، الخلق والإحياء، تأصيل القيم الأخلاقيّة…
Summary
This research monitors the dynamics of cultural action in the narratives، trying to reveal the image of the main female character in the Lebanese novel، comparing the one written by man، and the one written by the woman in a side by side comparision process.However، this started when the woman wrote her own novel، up to the present day.
The research shows the developments witnessed by feminist literature، and it presents its three stages: the first was a state of blind imitation and submission to the prevailing literature، then passsing through a stage of literary adolescence that represented a cry of rebellion and protest against the prevailing discourse.In addition to leading to the stage of adulthood، maturity and self-realization، where the Lebanese novelist seemed creative and distinct.This is illustrated by the fact that she made the novel main female character creative، established a culture of human and national values، and built a bright future that matches her new image.
key words: the modern novel، the main female character، the cultural act، literature، society، liberation، tradition، renewal، dominant discourse، awareness، openness، narrative structures، storytelling، narrative event، norms، traditions، social heritage، creation and revival، and rooting moral values.
مقدمة البحث
برزت الأنثى العربية حاضرة على مستوى الفعل الثقافي، وأثبتت وجودًا متمايزًا في المنجز الفكري الأدبي والفني. فهل تمكّنت الكاتبة اللبنانيّة من خلق أنساق جديدة في الرواية المعاصرة؟ وهل أخرجت بطلاتها من الدائرة المغلقة التي حبست داخلها ودارت على أطرافها ردحًا من الزمن؟ وهل كان لها بصمة خاصة في روايات الحرب؟ وهل ظهرت بطلتها الروائية في حالة تبعيّة وتقليد أم كانت خالقة ومتمايزة في عالمها الروائي؟
الأدب مرآة المجتمع، ولكل مجتمع سمات تميّزه من غيره من المجتمعات، وتطبع أبناءه بهوية اجتماعيّة متفرّدة. والأدب ابن الذات الفرديّة، بحكم انسجامه مع رؤى صاحبه وتطلعاته، لكنّه لا يستطيع التحرّر من الارتباط بمجتمعه، ولا يمكن إهمال حقيقة التأثير المجتمعي في بناء الشخصيات، ما ينسحب على النتاج الأدبي عمومًا، والروائي خصوصًا.
تصوّر الرواية العالم بتفاصيله وجزئياته كاملة، تغوص في الواقع، تنقل أحداثه، وتستشرف مستقبله، وتنظر في الماضي. والرواية فن أدبي حديث، نشأ بعد منتصف القرن التاسع عشر، في البلاد العربية، إثر ترجمة عدد من الروايات الغربية إلى العربية. ويقول د. لورانس إنها: “كتاب الحياة الوحيد الوضاء”([2])، وهي تتناول شريحة واسعة من الحياة، ولها “شكل ما، بمعنى أن يكون لها بداية ووسط، ونهاية”([3]). وبعد الحرب العالمية الأولى بدأت تتبلور هوية الرواية العربية وتتشكل منطلقة من خصوصية الروائيين العرب ومن تأثّرهم بقضايا أوطانهم، ومع بداية الثلاثينيات من القرن العشرين ظهرت الرواية العربية أكثر أصالة، وفي الآونة الأخيرة تجاوز الخطاب الروائي المفاهيم التقليدية، وأصبح أكثر واقعية وأكثر تعقيدًا في آن.
اهتمت الرواية بتصوير واقع المرأة في المجتمع الشرقي، ف”ترسخت المرأة موضوعًا”([4]) في الرواية، ف” كانت جزءًا من موضوع عام، ثمّ أصبحت موضوعًا خاصًّا، يملك أسسه وحيثياته”([5])، في الرواية التي كُتبت بقلم نسوي. أسندت الكاتبات العربيات إلى المرأة أدوار البطولة في كثير من الأحيان، فأتحن لها التعبير بصوتها المباشر عن همومها وقضاياها، وظهرت معالم تميّز أدب المرأة وإن لم يحظ هذا التمايز بإجماع، إلا أنّ ملامحه بارزة.
تناول الأدب عمومًا الرجل والمرأة، لكنّه صوّر المرأة تابعة للرجل، جعلها ضحية للمجتمعات المتخلّفة، وللنظام القبلي، وأسيرة التخلّف ورديفة الجهل، وهذا ليس ببعيد ممّا كانت عليه لسنوات طويلة. ولا يستغرب أن ينقل من الواقع إلى الأدب، لأنّهما في علاقة ارتباط، لكن المستهجن أن تنسحب هذه الصورة على النّساء في الرواية الحديثة والمعاصرة، بعدما تغيّر الواقع، وإن لم يكن التغير شاملًا ومطلقًا، إلّا أنّه حاضر ، ومن واجب الأدب إظهار الصورة الجديدة للمرأة.
وهنا، ينطلق البحث في محاولة كشف صورة المرأة البطلة في أدب المرأة. فهل كان أدبها تابعًا لأدب الرجل؟ هل كتبت بحبر الرجل ودواته؟ أم كان لها حبرها الخاص؟ هل أخضعت بطلاتها لقيود المجتمع الشرقي؟ أم أنّها كسرت هذه القيود وأنتجت صورًا جديدة تتماشى مع تطلعاتها؟
تقود هذه الإشكالية إلى فرضية تقول إن الأدب النسائي كان خرقًا للمألوف والسائد، وإن الكاتبات أسندن أدوار البطولة الفاعلة إلى بطلات، وإنهن تمكّنّ من خلق صورة مغايرة للمرأة في أدبهن.
ونحن، هنا، لا نصنّف الأدب إلى نسوي أو ذكوري. فالأدب هو نفسه الأدب، وليس من قوانين نحويّة أو مفردات لغويّة أو موضوعات فكريّة قابلة للتصنيف، فالبنى الأسلوبية والفنية واحدة عند كليهما، واللغة لا تجنّس. لكنّنا نتفق مع غادة السمّان التي تعترف بوجود خصوصيّة للأدب النسوي، ومع نجيب محفوظ الذي رأى أن للمرأة بصمات واضحة على العمق الذي عالجت به الأدب والقضايا الاجتماعية، فكتابة المرأة قيمة مضافة، غيّرت في صور الأدب، وأبدعت الجديد، ما أدى إلى استيلاد صورة مختلفة للمرأة البطلة في الروايات الحديثة، بعيدًا من موضوعات النضال النسوي للتحرر من قيود الرجل والمجتمع، في ظلّ مجتمع ذكوري هيمن طويلًا وصادر هويّة نصفه الآخر، فقعد مشلولًا لسنوات وعقود.
غُمست الأقلام النسوية في مشكلات المجتمع المعاصر، نظرت إلى علله وحروبه، عبّرت عن القلق الوجودي الذي يعتري أبناءه، فبرزت معالم التمايز، تلك التي لا يمكن إلّا وأن تلمح، ومن هذه المعالم صورة المرأة البطلة في الرواية التي كتبت على وقع أصوات المدافع وأزيز الرصاص وطرطقة السلاح….
توضح عمليّة رصد نتاج عدد من المبدعات اللبنانيّات، لا سيّما ليلى عسيران ومها خير بك، صورةً تنضحّ بالجدّة، ومغايرة عن تلك التي أظهرها الرجل، وهي تتناسب والتطلّعات المستقبليّة، وترشح عن أفكار متصالحة مع الذّات، متفاعلة مع أحداث المجتمع وفاعلة فيه، بل وخالقة له، ولا تتكئ على الأخيلة أو الفقاعات، بل تستند إلى مرجعيات واقعية، إلى نساء نماذج كنّ طاقات خلق جديد، كنّ مرتكزًا ثقافيّا ومعرفيًّا، كنّ رمزًا للوعي والانفتاح والحريّة، وهذا النموذج ليس غريبًا أو مغايرًا للنماذج الحقيقة، إذ بدت الكاتبتان اللتان اختار البحث روايات لهما أنموذجًا للدراسة، صورة مشرقة تمثّل هؤلاء. مع الاشارة إلى أنّ الشائع في الرّوايات العربيّة التي كتبها الرجل بشكل عام، والروايات اللبنانيّة بشكل خاص، لا سيما تلك التي نسجت أحداثها على وقع الحروب أن يكون البطل الفاعل هو الرجل، ووجود المرأة على هامش الأحداث، ومن الأدوات الضرورية لاكتمال عناصر الحبك القصصي لا أكثر، وهذا الوجود في حقيقته غياب.
- صورة المرأة في أدب الرجل:
لم تغب قضايا المرأة عن الأدب، ف”شغلت قضية المرأة حيّزًا مهمًّا في أدب النهضة، وعدَّت مادة خصبة للأدباء، فطرحوا من خلال دراساتهم، أفكارهم، وآرائهم، مطالبين بإصلاح واقع المرأة، وإعطائها حقّها في الحياة.”([6])
ومن الأدباء الذين التفتوا إلى قضية المرأة وواقعها جبران خليل جبران. تأمّل جبران واقعها المجتمعي، فوجدها “تابعة للرجل، وضحيّة الفكر السلفي وتراكماته… يُنظر إليها كسلعة تُشترى أو كأداة تؤمّن له النسل ليظلّ خالدًا، أو كدمية يلهو بها، أو وسيلة تخدم مصالحه”([7])، وهو المؤمن بالمرأة ، إنّه يراها “عنصر خلق وحياة”([8])، فقد رافقت مسيرته، وعملت على تفتّق مواهبه، وعلى دعمه، وقد عرّفها بقوله: “هي التي تفتح النوافذ في بصيرتي والأبواب في روحي، ولولا المرأة الأمّ، والمرأة الشقيقة، والمرأة الصديقة لبقيت هاجعًا مع هؤلاء النائمين الذين ينشدون سكينة العالم بغبطتهم”([9]).
اتّضح أنّ الكاتب الرجل لم يقم بمسايرة الواقع ومجاراة أحداثه، وتحديث صورة المرأة في أدبه، فأبقاها نمطيّة تابعة له، في الأعمّ الأغلب من نتاجه، ولربما يعود ذلك إلى مجتمعه الشرقي، وإلى عقليّة محنّطة ورثها من أسلافه، تغيّب المرأة وتهمشها. أو ربّما لعدم إيمانه بقدراتها، وعدم تقبّل صورتها الجديدة، بعدما رآها مساوية له، بل ومتفوّقة عليه في كثير من المجالات المعرفيّة والحياتيّة.
أقحم الياس العطروني المرأة في رواية “عروس الخضر” لتكتمل البنى السرديّة وتكتمل عناصر الحبك القصصي، ويصير ديكوره السردي كاملًا، فلا يعتريه نقص أو تشويه. إنّ وجود المرأة في الأدب ضروري، كما هو حتميّ في الواقع المرجعي.
برز البطل “دكر شمس” في واجهة الأحداث، إنّه الشّخصيّة الفاعلة في الحدث، وإن بدت الحرب أكثر فاعليّة منه، إلّا أنّه لم يستسلم، فنمت شخصيته، نموًّا متدرّجًا، لتتحوّل بشكل شبه كامل، وتؤثر في الحدث الروائي، وتقتل القاتل.
ولا بدّ للبطل من حبيبة لتكتمل صورته، وتبقى كما اعتادها القارئ العربي. من هنا، يقحم الكاتب “جانين” الفتاة الجميلة في الأحداث، لتكون حبيبة البطل، لكنّها تظلّ تابعة له، أسيرة رؤاه. إنّها شريكة سلبيّة، لم يسمح لها الراوي، ومن خلفه الروائي بتأدية أيّ دور فاعل. شاركت في ارتكاب جريمة القتل، لأنّ البطل قرّر القتل، واكتسبت وجهًا جديدًا، وحياة جديدة، لأنّ البطل أعطي هذه الفرصة من “شيخ البحر”، فتبعته في التطهّر والنقاء، كما كانت تابعة في القتل والتلوّث.
لم يبذل الكاتب أيّ جهد لرسم معالم المرأة المغايرة للرجل، بل أصرّ على إبقائها تابعة له، وصدى من أصدائه ورؤاه المعلّبة، فعكس صورته على صفحة أعمالها، وجعلها صدى خفيفًا لصوته المدوي.
أمّا في رواية الناب، للكاتب نفسه، فقد رسم الياس العطروني المرأة بصورة مختلفة، فلم تكن ظلًّا له. خرجت الابنة من عباءة الوالد الحنون، وتمرّدت على حمايته لها، وإحاطته الكاملة بها. صفاء ابنة البطل الوحيدة، تختار شريك حياتها، من دون إشراك الوالد المحبّ في الخيار، فتكون فريسة وحش بشري، من أبناء الحرب وأربابها، ويكون مصيرها الاختفاء والضياع. ماذا أراد الكاتب القول؟ وأي ايحاء تحمل النهاية؟
وفي روايته امرأة أخرى، إنّها والدة صفاء، الزوج التي تغار من ابنتها على زوجها، فتتنافسان للحصول على محبّته. هذا كلّ ما يذكره عن المرأة التي شاركته الحياة لسنوات. إنّها في مكانة أقلّ من هامشيّة، تلمح في السرد، وتترك أثرًا سيئًا، لأنّها قليلة العقل، أقسى أحلامها التفات زوجها إليها.
لم يُعر “ربيع جابر” في نتاجه الروائي المرأة اهتمامًا، ولم يسمح لها أن تكون في واجهة الأحداث، والفاعلة في الحدث السردي. ففي رواية “يوسف الإنجليزي” الكثير من الشخصيّات النسائيّة، لكنّها كلّها مهمّشة. وكذلك الأمر في رواية “الاعترافات”، وفي رواية “أميركا”…
- صورة المرأة في أدب المرأة
مثّلت الرواية مجالاً واسعًا لبروز الروائيّات العربيّات، إذ أتاحت لهنّ التعبير من خلالها عن قضاياهن، والدفاع عن حقوقهن أمام ما تعرضن له من ظلم واضطهاد في مجتمع شرقي، اتّسم بالصفة الذكورية، وغيّب المرأة، وصادر صوتها، وحجب حقّها. فكان وضعها كجزءٍ “من تراتبية قمعيّة شموليّة تطول مختلف تفاصيل الحياة الاجتماعية وجزئيّاتها”([10]). فظهرت الروايات النسوية لتعيد المرأة إلى الضوء، ولتشكّل لها صورًا جديدة مغايرة للصورة النمطيّة التي اعتادها القارئ العربي طوال عقود في تراثه الأدبي الطويل. وقد سميّ هذا الأدب ب”الأدب النسائي” وأدب “الملائكة والسكاكين”، وسمّاه أنيس منصور “أدب الأظافر الطويلة”، كما أطلق عليه إحسان عبد القدوس “أدب الروج و المانكير” … ([11]) .
شهد الأدب النسوي تطورات متعدّدة، بلورت معالمه، وأرست كيانه، ويمكن اختصارها في ثلاث مراحل متباينة، متتالية مرّ بها هذا الابداع. وهي:
- المرحلة الأولى: مرحلة الطفولة والتقليد (من العام 1898←1958):
تمثّل هذه المرحلة “حقبة التأسيس”([12]) والبدايات، حسب تعبير “جميلة حسين”، حيث قلّدت المرأة التيار الابداعي السائد، ولم تمتلك خصوصيتها الفنيّة والإسلوبيّة، فاتّبعت المعايير النقديّة والثقافيّة السائدة من دون أن تسجّل أي خرق لها، ومن دون أن تقارب الموضوعات المحظورة، فبقي أدبها سطحيًّا وهامشيًّا، ولم يقدم أيّ إضافة تغني التراث العربي، وهذا ما أدّى إلى تكرار في الموضوعات، فكتبت المرأة رواية ذكوريّة تقليديّة، لا ملامح خاصّة لها.
ظهرت المرأة في أدب هذه المرحلة بشكل عام، طفلًا يثابر ليتمكّن من تقليد الكبار، فهي تنقاد انقيادًا كاملًا للأعراف والتقاليد الصالحة وغير الصالحة، تروّض نفسها على تقبّل قوانين المجتمع وسلطة الرجل من دون الالتفات إلى صوت أعماقها ونداء روحها. تتفانى في خدمة الرجل والأسرة. فكان ظاهر وجودها إيجابيًّا، وباطنه سلبيًّا، لأنّه “متشكّل من سلبيّة الرجل وسلبيّة الأمّة، فهو شكل تام للخضوع والتبعيّة”([13]).
يقول جبران واصفًا حالتها، إنّها “الزوجة الأمينة، تكرم بعلها بعاقلتها، وتعدُّه بقلبها، وتجلّه بنفسها، ولكن لا تستطيع أن تهبه كليّتها، مقتنعة بالحياة من العيش بالعيش بالجسد، لتفنى فاعلية الروح وتتلاشى، انّها تمثّل دور الرفيق والشريك، ولكنّها تتمنّطق بالذلّ والانكسار والعبوديّة والتبعيّة”([14]).
تُعدّ الكاتبة “لبيبة ماضي هاشم” أوّل كاتبة لبنانيّة تكتب رواية في بيئة اجتماعية ملأى بالحرب والكره والطائفية، فكانت رائدة من بين الكاتبات وسبّاقة في هذا المجال. إنّها أول كاتبة تتناول في أدبها قصص الحرب اللبنانية، وترسم صورًا متعدّدة للمرأة البطلة، وقد جاءت في نماذج عدّة، اتضحت في رواية “قلب الرجل”، فكانت “المرأة الحبيبة والمرأة الزوجة، والمرأة العقلانية والمرأة المضحية”([15]).
تتعرّض فاتنة، المرأة البطلة، لحادث. ينقذها شاب. فتتعلّق به، وتفتن بشجاعته وفروسيته. إنّها تنتمي إلى الطائفة الدرزية، بينما الشاب مسيحي. ويدور مسرح الأحداث في الجبل اللبناني، زمن الحرب الطائفية بين الدروز والمسيحيين.
بدت شخصية “فاتنة”مخترقة من قبل العاطفة. العاطفة المفرطة هي التي تتحكّم بتصرّفاتها وسلوكياتها “تتخلّى عن كلّ شيء في مقابل حبيبها، لدرجة الموت في سبيل حبّه، كما حصل في الرواية.”([16]) إنّها تغيّب العقل، وتنقاد بالعواطف، لتصل إلى الهلاك، الهلاك المحبّب والمبرّر اجتماعيّا، لأنّه فداءٌ للرجل. يُسجن “حبيب” حبيبها، فتغامر لانقاذه، ويهربان معًا، فتتعب من السير، وتنهار خائرة القوى”([17]). ويتابع حبيب حياته ويتزوج من “سلمى”، لتكون هذه المرأة صورة نمطية للنموذج المتعارف عليه اجتماعيّا، حيث لا خصوصية أو تفرّد في السمات، إنّها زوج مطيعة لزوجها، تقوم بما يطلب منها، وتكمل حياتها بقربه.
حاولت الروائيّة تطوير دور المرأة في روايتها، حاولت جعلها فاعلة في الحدث الروائي، إذ جعلتها تختار الحبيب، لكنّ هذا الاختيار كان تقليديًّا في الشكل والمضمون. جعلتها لا تنتظر عودة الحبيب، بل تلاحقه، لكنّها جعلت نهايتها في هذا الخروج على المألوف. في مقابل صورة فاتنة، ظهرت سلمى، التي لا تلتقي مع فاتنة في الصفات والإيديولوجيات. تمثّل سلمى الموروث الاجتماعي، والروائية أسندت إليها النجاح في الحياة الزوجية، بل أكثر من ذلك جعلتها تحلّ مكان البطلة، لأنّها تمثّل صورة المرأة التي يريدها الرجل ومن خلفه المجتمع الشرقي الذكوري. لم تتجرأ على كسر الصورة التقليدية للمرأة، فلم نلمح صورة جديدة للمرأة، فهذه هي صورتها في أدب الرجل. فكلّ من الروائي والروائيّة عكس في أدبه صورتها المجتمعيّة، وحالة رضوخها واستسلامها.
التفتت الكاتبة إلى ضرورة تربية النساء، لأن المرأة هي التي تربي أجيال المستقبل، فالبلاد مدينة للأمهات، وهذا ما أعلنت عنه، أيضًا، زينب فواز، بقولها :”من الضروري أن تجاهد المرأة في تعلّم العلم بكل جهد، ونبذ الكسل ظهريًا”([18]). والسؤال هنا، لِمَ اهتمّت الكاتبتان بتربية المرأة وتثقيفها؟ أفي هذا الاهتمام نظرة إلى مستقبل المرأة وتفعيل لدورها؟
يأتي الجواب مخيّبًا للآمال وبعيدًا من التوقّعات. فالهدف الوحيد المنشود للمستقبل هو الرجل. يجب تربية المرأة لتكون جديرة بتربية الرجل السيّد المطلق، وليس لأجلها. حتّى في هذه الالتفاتة انتقاص لحق المرأة ولانسانيتها ولوجودها. إنّ بذرة التفكير عند الكاتبات غير مأصّلة بعد، فلم تصل المرأة في هذه المرحلة إلى التحرّر من الرجل، بل أسّست للمرحلة التالية، لمرحلة المراهقة، مرحلة الاحتجاج والثورة.
- المرحلة الثانية: مرحلة المراهقة الإبداعيّة(1958←1970):
كانت هذه المرحلة مرحلة التّمرد والاحتجاج على الخطاب السائد، “حيث بدأت المرأة العربية في تمرّدها على المتن السائد ونقضه، ونقده، وإعادة طرحه بطريقة جديدة“([19])، فقدمت تجارب تعبيرية جديدة لافتة، وتخطّت معوقات المرحلة السابقة، مخترقة المعايير النقديّة والثقافيّة السائدة، فغيّرت صورة الأدب النسائي الذي كان رديفًا لأدب سطحي هامشي، إلى صرخة وجع، تواجه مخلّفات المجتمع الشرقي الظالم، من دون الوصول إلى مرحلة النضج والوعي الكافيين للتخلّص من عقد نفسيّة حطّمت السلوك السوي عند المرأة، فكانت كطائر مذبوح يرقص متململًا، ويحمل صوته أنين حرية أغتيلت على ايقاع التشبث بالحياة.
امتلك الأدب النسوي في هذه المرحلة جملة من السمات، أبرزها امتلاك لغة جريئة خاصة في التعبير، والإفصاح عن المناطق المعتمة من الذات الأنثوية التي لم تقاربها المرأة من قبل، وكتابة ما يتّسم بالصدق الفني، لا ما يمتّع المجتمع، أو يرضيه، وامتاز بإعلاء صوت الثورة على أسس المجتمع وبنيانه المتهالك، وعدم الخنوع للأعراف والتقاليد المتوارثة.
تمثّل ليلى بعلبكي جانبًا من هذه المرحلة، كتبت روايات سمّاها بعض النقاد ب”الفضائحيّة” لما احتوت من عبارات نابية وكلمات بذيئة سيقت على لسان المرأة البطلة. لم تتوانّ بطلات ليلى بعلبكي، في نتاجها الأدبي، (أنا أحيا- الآلهة الممسوخة- سفينة حنان إلى القمر…)عن شتم الآباء والأمهات، وعن تحقير الرجل، فكانت كما وصفها أنيس منصور” من دون حياء، تبصق في وجه والدها، أي في وجه المجتمع وكلّ ما هو كبير، فهذه ثورة النساء على الرجال”([20]) .
تظهر”لينا فياض”بطلة ليلى بعلبكي، في رواية “أنا أحيا”، شخصيّة أنثوية كاملة السلبيّة. وهذا لم يكن مألوفًا على الاطلاق حتى لمعظم الروائيين الذكور”([21]). تثور البطلة على كل شيء، تثور على العادات والتقاليد، على الأديان، على الأهل، على الأنا. إنّها ثورة تهدم ولا تبني. ثورة غير مبنيّة على أسس عقلانية وعلى منهج صحيح. ثورة غير مكتملة بعد، إنّها أشبه ما تكون بانتفاضة عمياء. هذا ما يقود البطلة إلى الخسارة. خسارة كل شيء “جعلتها تكتشف وحدتها من جديد، ومستقبلها الضائع، وواقعها السلبي، والفراغ الذي تخشاه، فتحاول الانتحار. لكنّها تفشل حتى في الموت، فتعلن صرخة تختزل تجربتها للثورة على المجتمع “أنا جيفة لا تموت”( [22]).
صبّت الكاتبة اهتمامها بشكل كامل على الجسد. فجعلته لافتًا، مكتمل العناصر الجماليّة، ولا يموت بسهولة. لم تمت البطلة بعد محاولة الانتحار، على الرغم من تحطّمها انسانيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا. فالكاتبة ركّزت على قضية حريّة الجسد الأنثوي. بطلتها حرّة، لكن ليس في اتخاذ القرارت الخاصّة وبناء الشخصيّة … بل في التصرّف بجسدها.
اختزلت ليلى بعلبكي قضية المرأة بقضية الجسد. تمرّدت. أطلقت العنان لبطلتها لتفعل ما تشاء بجسدها، استسلمت لغرائزها، فرفضت سيطرة المجتمع واملاءاته عليها، وانحرفت، وكان مصيرها الضياع. يمثّل هذا النموذج التناقضات التي عاشتها المرأة، فاستسلمت للشهوات والغرائز، وتنكّرت للأهل والشرائع والأديان، علّها تصدم المجتمع، وتكسر محرماته، وتسقط سيطرة ذكورية تلطّت بالشريعة والدين.
أساءت ليلى بعلبكي، من خلال نموذج البطلة الأنثى، فهم الحرية، وأساءت التعبير. كان صوتها مسيئًا لأدب المرأة، منفّرًا منه. لم تمتلك الوعي الكافي لمواجهة مجتمع ظلم المرأة، فظلمت نفسها، وكانت صورة سالبة لغيرها من النساء.
امتلكت الكاتبة ايديولوجيات الميل إلى التحرّر، لكنّها لم تحسن توظيفها لتخرق السائد الظالم للمرأة، فزادت من مظلوميتها. انّها بداية الادراك والوعي، التي بدأت بتخبّط وضياع. فهل تمكّنت هذه المرحلة من إرساء قواعد أدب نسوي متفلّت من قيود الأخلاقيات، تغيب عنه صورة الوعي والتحرّر كما يجب أن تكون؟ وهل ستنسحب هذه الصورة على الكاتبات اللاحقات، أم أنّها ستتبلّور بشكل سليم في المرحلة اللاحقة؟
ج- المرحلة الثالثة: مرحلة الرشد وتحقيق الذات (1970← إلى يومنا هذا):
تكشف سمات الأدب النسوي في هذه المرحلة عن غياب تأثير كاتبات المرحلة السابقة على الكاتبات المعاصرات. لم تتمكّن ليلى بعلبكي ومن تمثّل ، في الأعمّ الأغلب، من جذب كاتبات هذه المرحلة إلى ساحات التهتّك واللاأخلاقيات. فكانت هذه المرحلة ” أكثر المراحل خصوبة”([23]).
امتاز الأدب الروائي النسائي بجماليات لافتة، فقد عبّرت الكاتبات بحرية عن تجاربهن في الحياة، “وقد تحرّرن من مخاوفهن السابقة”([24])، وليس من الأخلاقيات، وامتلكن زمام لغتهن، وحصدن النتائج الإيجابيّة للمراحل السابقة من دون التلوّث بانحلالها. كانت المرحلة السابقة مرحلة مراهقة أدبيّة، تمثّل تمهيدًا لمرحلة مكتملة وناضجة، استعادت فيها الكاتبة توازنها الداخلي، وانتقدت المجتمع الأبوي وسلطويته، ورفضت القمع والظلم أيًّا كان مصدره، لكن بوعي وتعقّل.
لم تشعر المرأة بعقدة نقص تجاه الرجل، فحملت الهمّ نفسه، وعبرت عن القضية نفسها، وهذا ما نلحظه في أدب كلّ من “مها خير بك” و”ليلى عسيران”، كأنموذج يمثّل أدب هذه المرحلة. حمل الأدب النسائي بين طياته نبض حياة اللبنانيين، وعبر عن أحلامهم وطموحاتهم، وعن أحزانهم وآلامهم، وعن صمودهم ومقاومتهم، وفاضت سطوره بدماء الفلسطينيين وعذاباتهم، وبقضايا العرب واهتماماتهم. فهذا الأدب هو “نتاج مرحلة زمنيّة طويلة وغنيّة من التجاوز لبدايات الأدب الطليعي الأنثوي”([25]).
- صورة المرأة في روايتي “جسر الحجر” و”قلعة الأسطى” لليلى عسيران
برزت روايات “ليلى عسيران” صرخةً مدويّة في وجه السياسيين وفسادهم، فرواياتها شهادة دامغة على الواقع ومجرياته، وهي كعدد كبير من الروائيين والروائيّات الذين لم يستطيعوا أن يسكتوا عمّا يحصل من تهاوٍ في المجتمع على كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقيّة… أحسّت بعمق الأزمة وضياع الهدف.
كانت كتاباتها أشبه بمواجهة مفتوحة مع الفساد والانحلال المجتمعي والذي ترافق مع ثورة كامنة ومضمرة على الحبك السردي في الأعمال الروائية. لاحظت تغييب المرأة، فكانت أعمالها إعادة تصويب، أو تصحيح مسار.
واجهت الكاتبة أحادية البطل، الرجل، في الأعمال الروائية اللبنانيّة، ببطلة فاعلة ومؤثّرة، لا سيّما في الأماكن المحرّمة على النساء، وتحديدًا في بيئات الحرب المتشعبّة (البيت- الشارع- المتاريس- المؤسسات…)، جعلت البطلة حاضرة في الفعل المقاوم، وفي تشخيص المشكلات، وايجاد المخارج والحلول، في الرؤى المستقبلية، وفي فهم الماضي، وربطه بالحاضر، وذلك على الرغم من ظهور البطلة مسكونة بالمصائب والهموم، إلّا أنّها تحاول النهوض بالوطن وساكنيه عبر مواجهة بؤر الفساد وتسليط الضوء عليها، إذ لا بدّ للشعب من يقظة، تجعله يحدّد عدوه الحقيقي، ويكتشف فضاعة الفخ الذي وقع فيه، حين قاتل أخاه اللبناني “في الوقت الذي أخذوا يشاهدون غيرهم يتسلق إلى المراكز والثراء، على أكتاف عطاء المخلصين الأوفياء، ويرونهم يقفزون فوق مآسيهم، غير عابئين بما تركوا حولهم من محتاجين ومعوزين”([26]).
تكتشف المؤامرة. لقد غُرر بالشعب اللبناني، فقاتل من أجل مبادئ وهمية، لا وجود لها “المبادئ شيء والحرب كانت شيئاً آخر”([27]). لم تحقق الحرب أيًّا من أهدافها، بل جنت المكاسب لفئة كانت تستمتع بقتال الأخوة، “الانتصارات يتسلق إليها غيرنا”([28]).
سجلت ليلى عسيران خطوة متقدّمة في تصوير واقع المرأة اللبنانيّة الجديد. فعكست حالة الصراع الداخلي الذي تعيشه، وبيّنت تأرجحها بين الانكسار والاستسلام، وبين الصمود والتحدّي، في بيئة الحرب والاقتتال، لتجعلها قادرة على الانتصار بالوعي والثقافة، بالتحدّي والصمود، وهذا ما انسحب على صورة بطلاتها الروائيّة في رواية” قلعة الأسطة”.
تصوّر “مريم” بطلة الرواية “وقد ارتدّت إلى نفسها تختنق بالقلق، وقد اقتنعت أنّها تتأرجح على أبواب حلم… أصابتها لوثة، فانطلقت تبحث عن الجذور، أين الجوهر؟”([29]) إنّها “تحلم بوطن اكتسبته من بين طيات الكتب”([30]). مريم تملك ثقافة ورؤية، فقد عاشت بين صفحات الكتب، وقرأت الكثير عن الوطن والتاريخ، وهي تعمل لتحقّق هدفًا ساميًا، “ارتضت لنفسها معاناة ردم الهوّة بين حريّة بلا وطن، ومساندة شعب بلا أرض”. في أمّة ضاعت “بلا قائد والشعب يفتش عن قيادة”([31])، فغرقت هذه الأمّة في الحروب والفتن، و “بات السلام ثمرة نادرة لا تشرئب في قلوبنا إلّا من خلال التضحية الخالصة”.
إنّها تتخوّف من ضياع الوطن الذي لا يعوّض، “لا يعرف المرء قيمة الوطن الا عندما يفقده”([32])، ومن ضياع القضية “إن الأمل آخذ بالزوال، والخطوات نحو القدس تبتعد أكثر فأكثر”([33]).
ترى أنّ كلّ ما يجري في لبنان في غير موضعه “لقد فاضت الثورة بعيدًا من نهرها الحقيقي. وباسم المحافظة على الثورة بدأ يغيب عن الأبصار هدف الثورة الأصلي”([34]). تلك الثورة التي تحوّلت إلى حرب، هي “شرٌّ أصابت (المواطن اللبناني) بجراح في جسده وفي نفسه”([35]).
تمثّل مريم الفئة الناشطة في المجتمع، هي من الذين “كانوا يملكون مشروعًا- حلمًا يحقّق التغيير، غير أنّ هذا المشروع أخفق”([36])، فحاولت البطلة ايجاد مخارج بديلة، تمثلت “بالهرب من المواجهة إلى ما يجعل الانتظار محتملاً”[37]، هناك في بلاد الغربة ستُعيد تأسيس مشروع وطني يجمع اللبنانيين ولا يفرّقهم. لم تنكسر المرأة أمام هول الحرب والاقتتال، فكلّ ما مرّت به لم يكن الّا صفعة، خرجت بعدها تبحث عن الأسباب وتحلّل النتائج، فهي لا تنهزم، بل إن المعارك المريرة وسعت أفق تفكيرها لتلامس القضايا الانسانية، فقررت مواجهة الواقع من دون استسلام، وعملت على غرس ثقافة المقاومة الوطنية، عوضًا عن الثقافة الطائفية، في عقول الأجيال الطالعة.
والأمر اللافت في رواية “جسر الحجر” وجود تعدّد في أنماط الشخصيات النسائيّة الفاعلة في السرد القصصي، وتآلف هذه الشخصيات للنهوض بشخصية البطل “رضا” المخترق من الحرب، والهائم الضائع بعيدًا من الهدف. تمكّنت الروائيّة من قلب المعادلة، فلم يعد الرجل هو الذي يساعد المرأة للنهوض، فصارت هي الفاعلة والمؤثّرة والبانية للشخصية الذكورية السليمة.
رأت الكاتبة أنّه يتوجب على المرأة أن تقوم بدور اجتماعي يرشح جدّة، ويتكئ على الرشد الذي وصلت إليه المرأة حديثًا، فلم يعد مقبولًا أن يكون الواقع في مكان والأدب في مكان آخر. من هنا، برزت الشخصيّات النسائيّة، سلوى وأم قاسم ومريم، فاعلة، تأخذ بيد الرجل ليتخطى أزمته، ويكتشف طريقه السوي، “فالمساعدات التي تقدمها سلوى تطوّر الحدث”([38]). تميّزت سلوى بقوّة شخصيتها، وبعقلها الرزين، فهي لم تسمح يومًا للأحداث أن تكسرها، “لم تكن كبرى إخوتها، إلا أنها كانت أقواهم شخصية”([39]). كانت متزوجة من رجل بدا “لعائلتها إنسانًا لائقًا، كريمًا”([40]). وعندما جاءت الحرب كشفت عن شخصيته المخبوءة، وعن عاداته السيئة، وشذوذه… فما كان منها إلّا أن طلبت الطلاق، وفعلاً حصل بعد سنة “وبعد انتهاء الحرب بسنة، وقع الطلاق”([41]).
تنتصر بطلتها على التقاليد البالية التي ترفض المرأة المطلّقة، فتسند إليها النجاح وتمكّنها من ايجاد البدائل لتكون فاعلة في المجتمع، وكلّ ذلك يعود إلى فطنتها ووعيها وعدم انكسارها وتقوقعها في البيت، فوجدت تعويضًا في العمل الاجتماعي.
عملت سلوى على معالجة رضا عندما كان في المشفى مصاباً اثر مشاركته بالاقتتال الداخلي. أقعدت الحرب رضا داخل قوقعة، ورسمت على وجهه ابتسامة كاذبة “وبشجاعة ليست سوى يأس مكدس”([42]). فتكت الحرب برضا “وجعلته عرضة لكل أشكال الخراب النفسي … شخصيات عالقة في ماضيها، من دون أن تجد أفقًا أو مستقبلاً لها”([43]). وقع ضحية الظروف السياسية القاسية التي عاناها في مجتمعه الفاسد والمضلِّل، جعلت الحرب منه إنسانًا ضائعًا، فأحس بأنّه “ليس أكثر من فأر جمد في حجره”([44]). تمكّنت الحرب من اغتيال إنسانيته، فبات يحيا بلا قلب وبلا مشاعر، يعيش حالة غيبوبة دائمة، ويرفض أي علاقة ودّية قد تربطه بفتاة، إلى أن استطاعت سلوى شدّ انتباهه اليها، فتعلّق بها، وعملت على دمجه بالمجتمع واعادته إلى الحياة. ثم أكملت أم قاسم وابنتها سكينة المهمّة، فأعادتاه إلى نفسه أولاً، وإلى الجامعة والأرض ثانيًا، وأخيرً، اإلى العمل المقاوم، حيث وجد نفسه وقيمه الحقيقيّة بعد أن شوّهتها الحرب الأهلية وغيّرت معالمها. لتتمكن الشخصيّات النسائيّة من إزالة تشوهاتها وتصويب مسارها. إنّه الدور الحقيقي للمرأة. إنّها مانحة الحياة منذ البداية، وعادت في هذه الرواية لتمنحها من جديد.
أسندت الروائية إلى المرأة دورًا كان مغيّبًا عنها وهو الملاصق لها، ففعّلت قدرتها على الخلق والإحياء، وهذا الدور كان غائبا في الرواية الذكورية، فعندما أراد “الياس العطروني” منح حياة جديدة لبطله “دكر شمس” لجأ إلى القوى الخارقة، إلى عالم الأخيلة والخرافات، لأنه لم يؤمن بفاعلية المرأة وقدراتها، فجعل “شيخ البحر” يقوم بهذه المهمة. وهذا ما يقود إلى كشف ايديولوجيات الكاتب ورؤاه المجتمعيّة، يرى استحالة تصويب الواقع وازالة مخلّفات الحرب عن الشخصيّات، ومن هذا الباب يعلن استسلامه ويجنح إلى الخيال. في المقابل امتلكت “ليلى عسيران” رؤى مختلفة، آمنت بالمرأة وقدراتها، فانعكس ايمانها صورًا مشرقة في العالم الروائي. تمكنّت في الرواية من تغيير صورة اللبناني المشارك في الحرب الأهلية، اللبناني المغرّر به، بمساعدة الشخصيات النسائية، فحوّلته إلى شخصية وطنية دافعت بالسلاح عن عدالة قضيتها وعن طهارة أرضها.
جعلت الشخصيّات النسائيّة تنضح بالثقافة والوعي، والشخصيّة المثقفة هي الأكثر قدرة على التعبير عن أفكار الكاتب ومقاصده ورؤاه ومواقفه من القضايا المتعدّدة، فهي المسؤولة بدرجة أكبر من بقيّة الشخصيّات عن طريق عرض الأفكار والتحكّم بخط سير الأحداث، أو مواجهتها. والرواية لا تنفصل عن شخصية منتجها، بل تعكس توجهاته وآراءه، وقد عكست الروايات النماذج السمات التي اتسمت بها الكاتبات اللبنانيّات المعاصرات، وما امتلكن من ثقافة ووعي ونضج، أتاح لهنّ طرح قضايا تحمل هموم المرأة اللبنانيّة المثقّفة، المتماهية هموم الوطن والأمة. فالحرب الأهلية اللبنانية أيقظت الكثير في المرأة، فرمّمت المعالم الانسانية، وأعادت تأصيل القيم الأخلاقية وبناء الشخصيّات السويّة…
- صورة المرأة في رواية “أحبّها ولكن…ل “مها خير بك”
تضجّ رواية “أحبّها ولكن…” بالأصوات، وتتعدّد الشخصيّات، لتختزل الواقع المنشود، الواقع الحلم، بعيدًا من الواقع المرجعي. الزمن مرتبط بزمن الحرب اللبنانيّة. لم تخرج الروائيّة عن حدوده، لكنّها لم تقيّد بمعطياته، فربطت الرواية بمسرحها الزمكاني الواقعي، وتمكّنت من رسم العالم كما تريد. لم تكن الكاتبة سلبيّة الفعل والتأثير، فكانت خالقة لما تريد. لم تقف عند حدود التلقي وردود الفعل، فكانت حاضرة وفاعلة. رسمت تفاصيل عالمها الروائي بوعي، فكان كل ركن منه غائي الوجود.
يبدو وعي الكاتبة بارزًا من النواة الأولى للعمل، وصولا إلى التفاصيل السردية كلّها. لم تقطع القارئ عن الواقع، ولم تؤصّل ارتباطه به. لم تجنح إلى الخيال والأحلام، ولم تغرق في أوحال الواقع. كان عملها أشبه بالسير على الصراط، تسير على حافة الواقع ولا تقع فيه. تراه من بعيد، من زاوية رؤية قادرة على جمع اللوحة المجتمعية كاملة، فتتمكّن من التفكير والتحليل، وبالتالي رؤية المستقبل وبناء معالمه السليمة، انطلاقا من بناء شخصية المرأة البطلة. الشخصية التي لا تشبه ما أودعه غيرها من الكتّاب في ذاكرة القارئ العربي، وما أرادوا جعله ثابتًا، غير قابل للتحديث.
انطلقت الروائية من وعي وتفكير سليم، تمكّنا من تعميق أيديولوجياتها وقيمها، ومن إبرازها في أدبها الروائي. أظهرت البطلة بصورة مشرقة، لأنّها لا تعيش عقدة نقص، أو صراع مع الرجل. إنّها متصالحة مع نفسها، ومع مجتمعها، ومع القيم والأخلاقيّات، لذا لم تتمكن الحرب من قهرها، أو من جعلها تنغرس في أوحالها وتلوّث أدبها بجرائمها.
ظهّرت الروائيّة أبطالها من رجس الحرب وأدرانها، معيدةً إليهم اعتبارهم الإنساني، فلم تميّز بين الرجل والمرأة، ولم ترفع أحدهما على حساب الآخر. ساوت بينهما، فارتقت بالمجتمع والأدب، وتمكّنت من جذب القارئ إلى عالم من القيم والجمال حيث لا شخصيات سالبة، تترك أثرًا سلبيّا فيه. تبدو “نور” بطلة الرواية شخصيّة ايجابيّة، إنّها تجسّد الحريّة بأبهى صورها. تعرف كيف تمارس حريتها، وكيف تحافظ على القيم التي تؤمن بها، وكيف ترتقي بانسانيتها، فلا تتقيّد بتقاليد المجتمع البالية.
تتزوج من شاب باكستاني “اختارته زوجًا ورفيق درب من بين عشرات المعجبين، فاستعصمت بإرادة تعزّز الثقة بالنفس”([45])، تعيش برفقته حياة أساسها الاحترام المتبادل، حيث لا سلطة لمجتمع شرقي يحاول فرض شروطه، ولا أثر لعقد أنثوية موروثة، أو لمشكلات نفسيّة دفينة، “الأمن والسلام لا يكونان في حياة نور إلّا في حدب حبيب يجسّد في وجدانها إنسان الحلم والرجاء والأمل والطمأنينة”([46]).
ترفض العنصرية، وتتمايز بامتلاك القيم الانسانية المنشودة عالميًّا، في مجتمع لبنانيّ عنصريّ، يفرّق بين البشر، فيرى بعضهم عبيدًا في زمن وأد العبودية، وأحياها ضعاف النفوس، فأساؤوا إلى مستخدميهم. من هنا، راحت الروائيّة تعمل على ترسيخ الصورة الانسانيّة الأسمى بين ربّة البيت ومساعديها، “كانت علاقتها بموظفي البيت مؤسّسة على احترام انسانيتهم… فهي تحترمهم وتصغي إلى همومهم ومشاكلهم، وتعطي التوجيهات بلطف بارع تغلّفه بطابع استشاري، غايته تحسين الأداء، فحافظ البيت على حركة راقية تعكس رقيّ سيدته”( [47]).
إنها امرأة مثقّفة، تحاول الإحاطة بالأخبار والعلوم والفنون لتكتمل انسانيتها المشرقة، فتبدأ نهارها بقراءة الصحف، تقرأ “المقالات الصحفيّة المختارة من بين صحف عربيّة وغير عربيّة”([48])، تختار “الأكثر اقناعًا”([49]).
تهدم الروائيّة صورة المرأة التي تكرّست في المرحلتين السابقتين، وتعيد انتاج صورة متمايزة لها، تمثّل مرحلة نضجها العقلي واكتمال رشدها، وامتلاكها الوعي التام المتفلّت من قيود الماضي، ومن التبعيّة العمياء للرجل.
تبدو الصورة الأكثر جدّة في أدب “مها خير بك” صورة المرأة المشرقة في مرحلة الحرب. فالبطلة ربيبة الحرب وتمثّل أسوأ مجرياتها. اختطفت خلال الحرب، وفي ظلّ غياب القانون، على يد خادمتها، واكتسبت هوية مغايرة هويتها الحقيقية، وعاشت في كنف أسرة غريبة على أنّها ابنة لهم. عايشت الحرب ولم تلوّث بقذارتها، فكانت رمزًا للتحدّي، ولاثبات الذات، في أصعب الظروف وأقساها. أرادت الكاتبة القول ألّا مبرّر للسلوكيات الهجينة واللاانسانية، لا مبرّر لتغيّر الناس تحت وطأة الأحداث الجسام، فالإنسان القوي الراشد هو من يصقل شخصيته، ويحافظ على مبادئه وقيمه في مثل هذه الظروف. إنّها ترفض أن تغيّر النعمة النفوس. تقول على لسان بطلتها: “الأصالة في النفوس لا تطردها نعمة العيش، وهذه الحياة المترفة لا تلغي ما تأصّل في روح نور من قيم”([50]).
ترفض التفلّت الأخلاقي، ولا تغفر لمن انجر وراء شعارات مدنيّة زائفة. “لم تقتنع نور بالمبرّرات النفسيّة التي شجّعت عددًا من الفتيات على السير في صحراء الخطيئة، ولم تعترف بقدرة الآخر على ملء الفراغ العاطفي في نفوس الفتيات الباحثات عن عمل وعن تحقيق الذات، لأنّ تحقيق الذات وفق قناعاتها، مشروط باحترام هذه الذات وبابعادها عن قذارات مدنيّة مزيّفة دعت إلى تحرير المرأة، فضاعفت من استعباد إنسانيتها”([51]).
تمكّنت الروائيّة من تمثيل مرحلة النضج لدى المرأة اللبنانيّة، فصوّرتها بأبهى الصور، متكئة على منظومة متكاملة من القيم الأصيلة والمتشعّبة، التي لا تزحزحها مشكلات الحياة العابرة، ولا تخلخل بنيانها شوائبُ المجتمع أو تفسّخ أبنائه أخلاقيًّا، فصارت منقادة بسلطة العقل وحده، متحصّنة بمخزون كبير من الثقافة والوعي.
أفردت الروائيّة مساحة واسعة للقيم. أرادت أن تُرسي، في مجتمعٍ مترهلٍ، معجميّات منظومة قيميّة باتت شبه غائبة. قيمٌ انهارت أمام إغراءات “ماديّة أنتجتها عولمة اغتالت كليّة القيم”([52])، فصارت بطلتها “نور” تنطق بالقيم وتعبّر عنها في كلّ تصرّف من تصرّفاتها في زمن صار ” متصحّرًا عقيمًا أجدبت فيه القيم”([53]).
لم تغرق الشخصيّة البطلة في أتون الجمال الماديّ، بل استطاعت أن تنتصر على معتقدات رجال “لا يرون في المرأة إلّا جسدًا مفرغًا من القيم الانسانيّة، فالتزمت حدود الاحترام لهيكل الروح…”([54])
تحلّت البطلة بالوعي الأمر الذي جعلها تتسامى عن أدران الحرب، وفي الوقت عينه، بيّنت انعكاساتها المتشعّبة على اللبناني من هجرة، وتشتّت، وموت، وخطف… وأخلت مساحة واسعة أتاحت لمنظومة الروائيّة الايديولوجيّة أن تتفوّق، فبسطت سلطة العقل والوعي، وسارت الأحداث بما يتلاءم وآليّات التفكير السليمة وثوابتها، من دون مهادنة، أو تقهقر. تسلّحت “مها خير بك” بوعي إيديولوجي كلّي وعميق وبارز، لا يستتر أو يتوارى، وقد انعكس على صفحة أعمال بطلتها.
مثّلت رواية “أحبّها… ولكن” أنموذجًا لوعي المرأة المجتمعي المواكب بمحاولة اجتراح الحلول للنجاة بالمجتمع من مشكلات استعصت على الحلّ، فالكاتبة لا تسعى إلى تصوير هذا الواقع كما هو فقط، بل تتخطى ذلك محاولة إيجاد مكامن الخلل لاجتراح الحلول ونشر الوعي، فهي تنطق بصوت الانسان المثقف الواعي.
تصوّر هذه الرواية صورة المرأة اللبنانيّة كما يجب أن تكون، فالبطلة “نور” تمثّل المرأة المثقّفة والمنفتحة على الآخر، والصامدة أمام سلطتي كلّ من القدر والزمن، وهي “أكثر حكمة وقوة من ملايين البشر”([55]). ترفض الهجرة وترك الوطن يئنّ تحت سلطة الحرب وأوجاعها، فتصرخ: “الذي تهجّره الحرب لا يستحق الإنتماء إلى الوطن” ([56]) . يمكن القول إنّ صورة البطلة “نور” تختزل مرحلة النضج الفكري والثقافي للمرأة في الأعمال الأدبيّة ، كما في المرجع الواقعي.
خاتمة البحث
رشحت الرواية النسائية عن اهتمام بشخصيّة المرأة، تلك التي كانت رشح ذات واعية ومثقّفة، تعرف مكانتها وتتمسّك بها، تعمل على شدّ الأخريات وصقل شخصياتهن، تنهل من عراقة الماضي ومن تاريخ نسائه اللامعات كالسيّدة مريم العذراء(ع)، والسيّدة زينب(ع)، وسويدة الهمدانية والخنساء… وتؤثّر في الحاضر، وتبني للمستقبل. إنّها صورة تفيض جدّة وتبدي تمايزًا.
هكذا استطاعت الأنثى في روايات “ليلى عسيران” و”مها خير بك” أن تؤسّس لثقافة مغايرة، ثقافة القيم الانسانية والوطنيّة، فكان لها فعلها الثقافي من خلال السرد اللغوي الناطق بقدراتها، فظهرت أنثى خلود خالقة.
أوّلًا: المراجع باللغة العربيّة
- – أشرف توفيق: اعترافات نساء أديبات، دار الأمين القاهرة، الطبعة الأولى، 1998.
- أحمد محمد سالم: دراسة الرسائل الزينبية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى، 2007.
- -جبران خليل جبران: الأجنحة المتكسرة.
- جبران خليل حبران: البدائع والطرائف.
- جماعة من النقاد: نظرية الراوي في الأدب الانكيزي الحديث، ترجمة د. انجيل بطرس سمعان، الهيئة المصرية للتأليف والنشر، 1971.
- جميلة حسين: المرأة في الرواية اللبنانية المعاصرة ،دار الفارابي،الطبعة الأولى ، 2016.
- لبيبة هاشم: قلب رجل، منشورات دار المدى، الطبعة الأولى، سوريا، 2002.
- ليلى بعلبكي: أنا أحيا، دار الآداب، بيروت، 2010.
- ليلى عسيران : قلعة الأسطة ، دار النهار للنشر، بيروت، 1979.
- ليلى عسيران: جسر الحجر،، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1986.
- محمد قاسم صفوري: شعرية السرد النسوي العربي الحديث، (1980-2007)، أطروحة دكتوراة، اشراف: د. ابراهيم طه، جامعة حيفا، 2008.
- محمد قاسم صفوري: شعرية السرد النسوي العربي الحديث، ، (1980-2007)، أطروحة دكتوراة، اشراف: د. ابراهيم طه، جامعة حيفا، 2008.
- مها خير بك: أحبّها ولكن…، دار الفرات للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2016.
- مها خير بك: جبران أصالة وحداثة، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس- لبنان، الطبعة الأولى، 2002.
- نازك الأعرجي: صوت الأنثى ، دراسات في الكتابة النسوية العربية، مكتبة الجامعة الأردنية، عمان،2014 .
- نزيه ابو نضال: تمرّد الأنثى في العربية وبيلوغرافيا الرّواية النسوية، الرّواية المؤسّسة العربية للدّراسات والنّشر، 2004.
ثانيًا: المراجع الأجنبيّة
- woifgang kayser:Quit racente le roman ، in- poétique du récit points.seuil.1977
- Woolf، Virginia، A room of oneʼs own
[1] – حائزة على إجازة تعليميّة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية، وماجستير في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الإسلامية ، ودكتوراه من الجامعة الإسلامية.Laylamarjii@gmail.com
[2]– جماعة من النقاد: نظرية الراوي في الأدب الانكيزي الحديث، ترجمة د. انجيل بطرس سمعان، الهيئة المصرية للتأليف والنشر، 1971، ص58.
[3] – woifgang kayser:Quit racente le roman ، in- poétique du récit points.seuil.1977، p.66.
[4]-جميلة حسين: المرأة في الرواية اللبنانية المعاصرة ،دار الفارابي،الطبعة الأولى، 2016،ص380.
[5]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[6] – مها خير بك: جبران أصالة وحداثة، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس- لبنان، الطبعة الأولى، 2002، ص67.
[7] – المرجع نفسه.
[8] – المرجع نفسه.
[9] -جبران خليل جبران: الأجنحة المتكسرة، ص234.
[10]-نزيه ابو نضال: تمرّد الأنثى في العربية وبيلوغرافيا الرّواية النسوية، الرّواية المؤسّسة العربية للدّراسات والنّشر، 2004، ص18.
[11]– أشرف توفيق: اعترافات نساء أديبات، دار الأمين القاهرة، الطبعة الأولى، 1998، ص11.
[12]– جميلة حسين: المرأة في الرواية اللبنانية المعاصرة، مرجع سابق، ص374.
[13] – مها خير بك، جبران أصالة وحداثة، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، 2002،ص70.
[14] -جبران خليل حبران: البدائع والطرائف، ص567.
[15] – جميلة أمين حسين: المرأة في الرواية اللبنانية المعاصرة ، دار الفارابي، 2016، ص80.
[16] – المرجع نفسه، ص83
[17] – لبيبة هاشم: قلب رجل، منشورات دار المدى، الطبعة الأولى، سوريا، 2002، ص25.
[18] – أحمد محمد سالم: دراسة الرسائل الزينبية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى، 2007، ص216.
[19]-محمد قاسم صفوري: شعرية السرد النسوي العربي الحديث، (1980-2007)، أطروحة دكتوراة، اشراف: د. ابراهيم طه، جامعة حيفا، 2008، ص81.
[20] -موقع الامارات اليوم، مؤلفات وأزمات، أنا أحيا تثير جدلًا.
[21] – جميلة حسين: المرأة في الرواية اللبنانية، مرجع سابق، ص137.
[22] – ليلى بعلبكي: أنا أحيا، دار الآداب، بيروت، 2010، ص263.
[23]– محمد قاسم صفوري: شعرية السرد النسوي العربي الحديث، ، (1980-2007)، أطروحة دكتوراة، إشراف: د. إبراهيم طه، جامعة حيفا، 2008.،ص81.
23- Woolf، Virginia، A room of oneʼs ،p 76.
[25]-نازك الأعرجي: صوت الأنثى ، دراسات في الكتابة النسوية العربية، مكتبة الجامعة الأردنية ،عمان،2014 ، ص33.
[26] – ليلى عسيران: جسر الحجر،، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1986،ص50.
[27] -المرجع نفسه، ص55.
[28]-المرجع نفسه، ص148.
[29] -المرجع نفسه ،ص8-9.
[30]– المرجع نفسه،ص9.
[31]– المرجع نفسه،ص10-11.
[32]-المرجع نفسه، ص48.
[33]– المرجع نفسه،ص66.
[34] – ليلى عسيران : قلعة الأسطة ، دار النهار للنشر، بيروت، 1979، ص66.
[35]– عبد المجيد زراقط: في بناء الرواية اللبنانية ، الجزء الأول، البناء الروائي بوصفه قصة، مرجع سابق، ص243.
[36]– المرجع نفسه،ص383.
[37] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
-[38] عبد المجيد زراقط: في بناء الرواية اللبنانية، مرجع سابق، ص245.
-[39] ليلى عسيران : قلعة الأسطة ، دار النهار للنشر، بيروت، 1979،
-[40] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
-[42]ليلى عسيران: جسر الحجر ،مرجع سابق ، ص122.
-[43] جميلة حسين: المرأة في الرواية اللبنانية المعاصرة، مرجع سابق، ص281.
-[44] عبد المجيد زراقط: في بناء الرواية اللبنانية، مرجع سابق، ص243.
[45] – مها خير بك: أحبّها ولكن…، دار الفرات للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2016، ص9
[46] – المرجع نفسه، ص8
[47] – المرجع نفسه، ص11.
[48] – المرجع نفسه،ص10
[49] – المرجع نفسه،ص10
[50] – المرجع نفسه،ص11
[51] – المرجع نفسه،ص14
[52] – المرجع نفسه، ص137.
[53] – المرجع نفسه، ص15
[54] – المرجع نفسه ، ص18
[55] – المرجع نفسه، ص358.
[56] -المرجع نفسه، ص214