البحث العلمي في عمان، أي آفاق لتطويره؟
محمد بن عبدالله بن عمر العامري([1])
ملخص
يُعدُّ البحث العلمي أفضل وسيلة للمعرفة، كما يعَد أدق وسيلة للتوصل إلى حقائق جديدة محدَّدة، والتوصل إلى حل مشكلةٍ ما تواجه المجتمع، كما أنه يتيح فرصًا لوضع خطط واستراتيجيات من أجل قيادة هذا المجتمع نحو طريق التنمية والازدهار، وهو يستند إلى الأسلوب العلمي الذي يقوم على الطرق المنظمة في ملاحظة الأحداث وتسجيل المعلومات ووصفها ثم يتطرق إلى تكوين الفرضيات، ويسمح البحث العلمي للباحث أن يعتمد على ذاته في اكتساب المعارف والمعلومات.
الكلمات المفاتيح: استراتيجيّة – التعليم – الابتكار- استثمار العقول .
Summary:
Scientific research is the best means of knowledge, as it is the most accurate way to arrive at new specific facts, and to solve a problem facing the community. It also provides opportunities for developing plans and strategies to lead this community towards the path of development and prosperity. Organized methods of observing events, recording and describing information, and then addressing the formation of hypotheses, and scientific research allows the researcher to rely on himself in acquiring knowledge and information.
Keywords : strategy- education- innovation- investing minds
مقدمة
سنحاول في هذا المقال دراسة موضوع البحث العلمي والابتكار في عمان، والآفاق الكفيلة بتطويره، حيث شهدت عمان تقدمًا ملحوظًا ونوعيًّا على مستوى العالم في مجال البحث العملي والابتكار لا سيما في ما يخص دعم المبادرات الدّاعية الى النهوض بالبحث وحوكمة الهياكل المسؤولة عن تقويمه ومراقبته والتخطيط الاستراتيجي له، لذلك في هذا المقال سنتكلم في شقٍّ نظري حول البحث العلمي والابتكار، إضافة الى مستجدات البحث العلمي بسلطنة عمان.
يتطلب إجراء مشروع بحث علمي اعتماد استراتيجيّة منهجيّة – أيّ تحديد القيود على أنواع الفرضيات والنّماذج والنّظريات التي يمكن أن تستمتع بها، وتحديد أنواع الاحتمالات التي يمكن استكشافها والموارد المفاهيمية التي يمكن نشرها ، ومعايير اختيار أنواع البيانات التجريبية المراد شراؤها ، وما هي الظواهر ، واستخدام أنواع الفئات الوصفيّة([2]) وآليات جمع البيانات وإجراءاتها، وقد يتطلب التحقيق في أنواع مختلفة من الظواهر اعتماد أنواع مختلفة من الاستراتيجيات على سبيل المثال ، نوع واحد للتحقيق في جينومات النباتات والتقنيات الهندسيّة لتعديلها، وآخر للتحقيق في آثارها على الصحة والبيئة في سياقات عالم الحياة إذ تُستخدَم بالفعل.
سياق استراتيجيات التعليم والابتكار
إن ما يسمى “استراتيجيات إزالة السّياق حظيت بامتياز، تقريبًا إلى حدّ التّفرد، في العلوم التربوية تُقيَّد النظريات المقبولة بشكلٍ يمكنها تمثيل الظواهر وتغليف إمكانياتها لجهة كيفيّة ارتباطها بترتيبها الأساسي أيّ الهياكل الأساسيّة ومكوناتها وعملياتها وتفاعلاتها، والقوانين (الاجتماعيّة) التي تحكمها؛ والبيانات التّجريبية تُختَار وتُشترى ويُبلّغ عنها باستخدام فئات وصفيّة تكون كمية بشكل عام ، ويُحصَل عليها من طريق تدخلات القياس ، والأدوات التجريبيّة المدعومة بالكمبيوتر([3]).
لقد ثبت أن سياسة الابتكار في البحث العلمي أثرث بشكل ملحوظ، ومتعدد الاستخدامات من المعرفة من المتراكمة للترتيب السببي الأساسي للظواهر في العالم ، وإمكانيات لا حصر لها غير معروفة حتى الآن لتحديد دور البحث التّربوي العلمي متعددة الاستخدامات([4]).
إنّ البحث العلمي هو تحقيق تجريبي منهجي ، يُجرى وفقًا للمعايير المقبولة عمومًا للتقييم المعرفي في إطار استراتيجيات ملائمة لاكتساب المعرفة وفهم نوع الظواهر قيد التحقيق. ويتوافق مع التعددية الاستراتيجية (المنهجيّة)، والاقتراح أن البحث الكافي حول بعض الظواهر يجب إجراؤه بالاعتماد على الابتكار ، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات غير قابلة للاختزال.
تشجع سلطنة عُمان على مُواكبة المستجدات والمتغيِّرات التي تحدث في العالم المتقدِّم في ميدان العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وعبر هذه الديناميّة، جاء هدا الحضور في أشغال القِمَّة الأولى لجهاز التعاون الإسلامي في العلوم والتكنولوجيا في كازاخستان. إذ سلَّطتْ مشاركة عُمان في القمَّة ما قطعته المملكة من خطوة كبيرة على مستوى الابتكار والبحث العلمي؛ ومن خلاله تأسست استراتيجيّة وطنيّة تحدِّد خطوط البحث العلمي والتطوير بعمان، وتمويل الكثير من المشاريع البحثيّة والمبادرات، بغرض تعزيز دور القطاعات الخاصة في مجال تمويل البحث العلمي، وإقامة برنامج استراتيجي في الإرث العُماني والابتكار في الميدان الرّقمي المشمول في الحكومة الالكترونيّة، والمشاريع العلميّة المشتركة بين عمان ومجموعة من أعضاء منظمة التّعاون الإسلامي في تنمية العلوم، وانتقاء المعرفة في حقول أمن المياه والغذاء والطاقة وعلوم تكنولوجيا المستقبل([5]).
وتؤكِّد عمان دومًا في مُختلف المحافل الإقليميّة والدّوليّة، المحليّة، اهتمامها المتنامي بالابتكار ومستحدثات عالم المعرفة؛ إذ لها رؤية طموحة مُستلهمة التّوجيه السّامي في هذا الإطار، وهو توجيه يعتمد في أساسه على بذل قصارى الجهد من أجل توفير بيئة محفزة لمجالات البحث العلمي والابتكار؛ إذ يُمثِّل هذا المجال بوابة الدخول لعالم الاقتصاد القائم على المعرفة، وترجمة لرؤية الحكومة بأنْ تكون السلطنة محورًا إقليميًّا للابتكار([6]).
ويظلُّ العمل مُتواصلًا على قَدَم وساق من أجل وَضْع عُمان على خريطة الاقتصاد المعرفي والتكنولوجي في المنطقة والعالم؛ بعدة سبل أكثرها أهمّية: الاستثمار في المؤسسات التكنولوجية الناشئة، وجذب هذه النّوعيّة من المشاريع الواعدة لإطلاق عملياتها في سلطنة عُمان من أجل تعزيز الاقتصاد، وتنمية قطاع تقنية المعلومات، فضلًا عن إتاحة الفرصة أمام شبابنا للعمل في هذه المجالات ذات القيمة المضافة العالية. لذلك؛ تعمل مُؤسَّسات الدولة على تشجيع المبتكرين وتحفيزهم، لكن في المقابل يتعيَّن كذلك على القطاع الخاص أنْ يُسهم بقوة في دعم وتمويل هذه المشروعات، وتبني الأفكار الابتكارية البناءة([7]).
… إنَّ تكاتفَ الجهود يَدْعَم الخطط الطموحة، ويبرهن حرص القائمين عليها على استشراف آفاق المستقبل ومواجهة تحدياته؛ من خلال تعزيز تنافسيّة السلطنة في القطاع العلمي والجوانب التقنية؛ بما ينسجم والتطلعات الوطنيّة الرَّامية للاستفادة من الابتكار في دعم خطط التنويع الاقتصادي، ورفد ميزانيّة الدولة بموارد دخل إضافيّة.
إنّ وجود احتياطيات نفطية هائلة تحت صحاري عمان أعطى الأمة ثروة غير عادية. لكن النّفط جلب أيضًا سلسلة من التّحديات والقرارات الصعبة: إذا كان العمانيون يفتقرون إلى التعليم والرعاية الصحيّة الأساسيّة ، فإنّ الثروة النفطية بحد ذاتها لم تكن كافية. وماذا لو كانت إمدادات النفط محدودة وكان الإنتاج ينخفض؟ ثم كان لا بد أن يتغير شيء([8]).
على مدى عقود ، حولت عُمان هذه الاختبارات الصعبة إلى تحول. واليوم تتطور من حالة نفطية تقليدية إلى مرحلة ابتكار. يُعدّ نظامها الصحي من بين أفضل الأنظمة في العالم. ينمو نظامها التعليمي بقوة – والعديد من طلاب العلوم والهندسة من النساء. تخلق الاستثمارات في العلوم مستقبلًا جديدًا لعمان يظل النفط مهمًا فيه ، لكن البحث في مختلف المجالات يخلق فرصًا جديدة.
والشيء المثير للاهتمام في العلوم في عمان هو الرغبة في توجيه مخرجات البحث العلمي في اتجاهات مختلفة، بدأت الأنشطة متعددة التخصصات والقائمة على العلم مثل تكنولوجيا النانو وعلوم المواد ، وخاصة تلك المستخدمة في الطاقة الخضراء وفي صناعات البناء والنفط.
لا يمكن فصل إنتاج النفط عن التقدم الذي أحرزته عمان حتى الآن. وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية ، استمر إنتاج النفط الخام العماني في الارتفاع حتى العام 2000. ولكن بعد ذلك ، بدأ في الانخفاض مع انخفاض الاحتياطيات المتاحة.
كان هذا تهديدًا مقلقًا لجهود التنمية في عمان ، وأثار تحركًا قويًا نحو الابتكار. برزت عُمان منذ ذلك الحين كرائد عالمي في استخدام تقنيات الاستخراج المحسّن للنفط ، والتي تحقن المياه أو المواد الكيميائية أو الغازات في بئر النفط لتغيير تركيبة النفط ، ما يسهّل استخراجه. قال سيف عبد الله الحدابي ، مساعد الأمين العام للبحوث والبرامج العلمية لمجلس البحوث العماني ، إن إحدى هذه الأساليب التي اعتمدتها عمان هي استخدام البخار([9]).
استثمار في العقول العمانية
التحدي الكبير الآتي لسلطنة عمان: بناء فريق من الباحثين المحليين حتى يتمكن التقدم العلمي من الحفاظ على نفسه. لتحقيق هذا الهدف ، تستثمر عمان بكثافة في التعليم وتلتزم بقوة بإدخال المرأة في العلوم والهندسة.
تاريخيًّا، استقطبت عُمان خبرات من دول أخرى لتدريب العلماء المحليين الذين يمكنهم بعد ذلك تولي المسؤولية مع مرور الأجيال. وقال إن استضافة الاجتماع العام TWAS في عمان يعكس طريقة أخرى تحاول البلاد تشكيل مستقبلها العلمي.
وقال: “يهدف هذا المؤتمر حقًا إلى تعزيز الوعي بالبحث والابتكار بين الباحثين، وخلق الحوافز والتعبئة في هذا الاتجاه”. لكن من المؤكد أن الكتلة الحرجة – مسألة بناء القدرات – هي أنه ليس لدينا ما يكفي من الباحثين. ربما يستغرق هذا بعض الوقت”([10]).
الاعتماد على الموارد الخارجية هو مجرد جزء من التحدي. ضخت حكومة السلطان حوالي 13٪ من ميزانيتها لعام 2013 ، أو 4.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، في التعليم. أُنفِق حوالي 0.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بشكل خاص على البحث والتطوير.
بالإضافة إلى ذلك ، يتعين على مؤسسات التعليم العالي الخاصة جميعها في عمان العمل مع الجامعات الدّوليّة الرائدة التي تساعد في مشاريع مثل تطوير المناهج ، حسبما قالت وزيرة التعليم العالي العمانيّة راوية البوسعيدي في مقابلة العام 2013 مع مجموعة أكسفورد للأعمال.
كانت راوية البوسعيدي داعمًا أساسيًّا لاجتماع TWAS في عمان. في العام 2004 ، كانت أول امرأة عمانية تُعيَّن في منصب وزاري حكومي ، وكان لها دور رئيس في التزام الأمة بالعلوم والتكنولوجيا. في العام 2014 ، صنفتها مجلة فوربس على أنّها ثاني أقوى امرأة عربيّة في الحكومة بسبب التحسينات التي أدخلتها على التّعليم العماني.
كما قطعت عُمان خطوات كبيرة في إدراج المرأة في العصر الجديد للتعليم العالي المستوى. قبل العام 1970، لم تكن هناك أي امرأة تلتحق بالمدارس في عمان، لكن قابوس غير ذلك بسياسة التعليم الشامل. بحلول العام 2004، كان حوالي 48.4٪ من الطلاب في جميع المدارس العامة من الإناث، وكذلك 56٪ من أعضاء هيئة التدريس، وفقًا لتقرير اليونسكو. اليوم، حوالي نصف طلاب جامعة السلطان قابوس من النساء، وكثير منهن من العلماء الناشئين.
ركز الكثير من الإنجازات العلمية المعروضة في الاجتماع العام على العمل الذي تقوم به النساء، أو المهم في حياتهن. في الواقع ، أصبحت إنجازات المرأة جزءًا من الثقافة العمانيّة، ومنذ العام 2009 تحتفل البلاد بيوم المرأة كل 17 أكتوبر([11]).
خاتمة
إن قضية البحث العلمي في السلطنة مهمة جدًّا، والاستثمار في هذا النشاط يعني التطور والرقي والتقدم للمجتمع العماني، وواجب علينا جميعًا أن نهتم بمثل هذه القضية، وأن نساهم في تطوير البحث العلمي في المجتمع العماني كل حسب امكانياته، يدًا بيد مع مجلس البحث العلمي وعمادة البحث العلمي في جامعة السلطان قابوس وبقية مراكز البحث العلمي في الكليات الحكومية والخاصة وغيرها.
المراجع
مراجع باللغة العربية
1-جامعة السلطان قابوس، عمادة الدراسات العليا (2018)، إحصائيات ورقية مطبوعة بتاريخ 2022/03/28.
2-درويش، داوود، (2009)، الإنفاق على البحث العلمي ودوره في جودة نوعية الإنتاج العلمي في الجامعات الفلسطينية، بحث مقدم للمؤتمر التربوي الثالث – دور التعليم العالي في التنمية الشاملة المنعقد في جامعة الأزهر بغزة – كلية التربية الفترة من 18-19 نوفمبر.
3-الخروصي، ماجد، (2017)، واقع الابتكار في سلطنة عمان على ضوء نتائج مؤشر الابتكار العالمي، تقرير برلماني مقدم لمجلس الدولة.
4- مؤسسة الفكر العربي، التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية (2018-2017): الابتكار أو الاندثار، البحث العلمي العربي: واقعه وتحدياته وآفاقه، بيروت.
5-المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المؤشرات العالمية للملكية الفكرية 2017.
مراجع باللغة الفرنسية
-6Altieri, M. A. Agroecology: the science of sustainable agriculture. Boulder: Westview Press, 1995.
-7Dagnino, R. Tecnologia social: contribuições conceituais e metodológicas. Campina Grande: EDUEPB, 2012.
-8Lacey, H & Mariconda, P. R. O modelo das interações entre os valores e as atividades científicas. Scientiae Studia, 12, 4. In press
-9Report of the united Media Pallow, University of Row, S.L.E.2008.P.231.
Aboaseel666@yahoo.com – طالب دكتوراه في جامعة الحسن الثاني ، بكلية الآداب و العلوم الإنسانية -المحمدية، المغرب.[1]
[2]– Altieri, M. A. Agroecology: the science of sustainable agriculture. Boulder: Westview Press, 1995.
[3]– Dagnino, R. Tecnologia social: contribuições conceituais e metodológicas. Campina Grande: EDUEPB, 2012.
[4] -Lacey, H & Mariconda, P. R. O modelo das interações entre os valores e as atividades científicas. Scientiae Studia, 12, 4. In press
– جامعة السلطان قابوس، عمادة الدراسات العليا (2018)، إحصائيات ورقية مطبوعة بتاريخ 2022/03/28.[5]
[6] -Vandermeer, J. H. The ecology of agroecosystems. Boston: Jones/Bartlett, 2011
– درويش، داوود، (2009)، الإنفاق على البحث العلمي ودوره في جودة نوعية الإنتاج العلمي في الجامعات الفلسطينية، بحث مقدم [7] للمؤتمر التربوي الثالث – دور التعليم العالي في التنمية الشاملة المنعقد في جامعة الأزهر بغزة – كلية التربية الفترة من 18-19 نوفمبر.
– الخروصي، ماجد، (2017)، واقع الابتكار في سلطنة عمان على ضوء نتائج مؤشر الابتكار العالمي، تقرير برلماني مقدم لمجلس [8] الدولة.
– مؤسسة الفكر العربي، التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية (2018-2017): الابتكار أو الاندثار، البحث العلمي العربي: واقعه[9] وتحدياته وآفاقه، بيروت.
-المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المؤشرات العالمية للملكية الفكرية 2017 [10]
[11]– Report of the united Media Pallow, University of Row, S.L.E.2008.P.231