الركائز اللغوية للعلل النحوية عند أبي عمرو بن العلاء
The linguistic pillars of the grammatical ills of
Abu Amr bin Al-Ala
ALshamary Dr. Ghassan Ibrahim د. غسان إبراهيم الشمري)[1])
الملخص
جاء هذا البحث للعناية بأسلوب التعليل النّحوي لكونه من سمات الفكر النحوي العربي المهمّ، وقد برز ذلك واضحًا عند عالم من علماء العربيّة، ألا وهو عمرو بن العلاء الذي كان من أكثر علماء عصره اجتهادًا في التعليم والتأليف. ويهدف هذا البحث إلى استجلاء الصورة العلميّة التي انطلق منها أبو عمرو بن العلاء في وضع الركائز اللغوية للعلل النحوية عند بنائه للقاعدة النحوية، قد جاءت الركائز على النحو الآتي:
الركيزة الدّلالية، والركيزة القائمة على التأويل، والركيزة السماعيّة، والركيزة القائمة على التعويض، والركيزة القائمة على كثرة الاستعمال، والركيزة التّحويليّة، والركيزة القياسيّة، وقد وردت تحت كل ركيزة من هذه الركائز مجموعة من العلل. وقد أخذ البحث جانبًا من الحديث حول العلة النحويّة؛ وذلك لرؤيتي أنّ البحث يحتاج إلى ذلك. وقد خُتم البحث بمجموعة من النتائج المهمّة التي توصل إليها.
Abstract
This research came to take care of the grammatical reasoning method because it is one of the most important features of Arabic grammatical thought, as this emerged clearly when a scientist of Arabic, namely Amr bin Al-Ala, who was one of the most diligent scholars of his time in education and authorship. This research aims to clarify the scientific picture from which Abu Amr bin Al-Ala started in the development of the linguistic pillars of grammatical ills when building the grammatical base, the pillars came as follows:
The semantic pillar, the hermeneutics pillar, the acoustic pillar, the substitution pillar, the overusage pillar, the transformational pillar, and the standard pillar, under each of which there are a set of ills. The research took part of the discussion about the grammatical cause, because I saw that the research needed to do so. The research concluded with some of its most important findings.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على أفضل الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آلة وأصحابه أجمعين، أمّا بعدُ:
فإننا سنتناول في بحثنا هذا الحديث عن موضوع له صلة بعالم له أثر عظيم في إرساء قواعد النحو العربي ألا وهو أبو عمرو بن العلاء (ت: 154هـ) ([2]). الذي لم يصل إلينا شيء من مؤلفاته كي نستطيع أن نتعرف أكثر إلى ملامح شخصيته العلميّة العظيمة. ونستطيع أن نقول: إنّ نحوه لم يصل إلينا بشكل رئيس إلّا عن طريق كتاب سيبويه.
ويمكن أن نرجّح أنّ أبا عمرو بن العلاء كان لغويًّا أكثر منه نحويًّا، وهذا التّرجيح ربما يكون نابعًا من مقولته المشهورة: “ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلّا أقله ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم كثير”([3]). وهذه المقولة إن دلّت على شيء فإنّما تدل على كثرة اطّلاع أبي عمرو بن العلاء على لغات العرب، ومن الممكن أن يكون هذا السّبب الأقوى في سعة معرفته بالقراءات القرآنيّة. فقد عُني أبو عمرو بن العلاء “بإقراء النّاس في المسجد الجامع بالبصرة وهو أحد قراءه السّبعة المشهورين، كما عُني بلغات العرب غريبها وأشعارها وأيامها ووقائعها” ([4]).
وقد قال عنه ابن جني: “كان ممن نظروا في النحو والتّصريف وتدبروا وقاسوا”([5]). وقد نستخلص من قول ابن جني السابق أنّ أبا عمرو بن العلاء كان لديه ميل إلى القياس على الرّغم من سعة اطّلاعه بما قالت العرب وهذا ما يمكن لنا أن نلاحظه أيضًا عند حديثنا عن العلل التي استند إليها في بناء القواعد النحويّة إذ إن بعضها كان مرتكزًا بشكل كبير على القياس.
وقد كان أبو عمرو بن العلاء “يمتلك من صفات الرجال العظاء التي تؤهله لأن يحتل مكانة علميّة بارزة، يستحق من خلالها نظرة الإكبار التي كان معاصروه ينظرون بها إليه، ويلقبونه بألقاب الأئمة والشيوخ ومن ذلك أنّه لقّب بأبي العلماء” ([6]). ولم يكن همنا في هذا البحث الحديث عن حياة أبي عمرو بن العلاء وسعة اطلاعه الذي قال عنه يونس بن حبيب “لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء كان ينبغي لقول أبي عمرو بن العلاء أن يؤخذ كلّه، ولكن ليس من أحد إلا وأنت آخذ منه قوله وتارك”. ([7])
إنَّ عدم تناولي الحديث عن سيرته جاء من باب أنني وجدت غيري من الباحثين قد تناول الحديث عن أبي عمرو بن العلاء في ما يتعلق بحياته، وشيوخه، وتلاميذه، وغيرها من الجوانب المتصلة في هذا العالِم الفذّ، وذلك الباحث هو عبد الله محمد الأسطي في كتابه أبي عمرو بن العلاء اللغوي والنحوي ومكانته العلمية، المطبوع في ليبيا، سنة 1986م. وإنني لم أجد من خلال اطلاعي على الكتاب السّالف الذكر، وعلى الأخبار المتناثرة في المؤلفات التي تناولت الحديث عن أبي عمرو بن العلاء أحدًا من الباحثين قد تطرق للحديث عن موضوع هذا البحث، وهو بيان الركائز اللغوية التي استند إليها أبو عمرو بن العلاء في بناء القواعد النحوية.
وإنّ معرفة هذه الركائز اللغوية قد تقودنا إلى معرفة ما كان يميل إليه أبو عمرو بن العلاء أكثر في ما يتعلق بالمرتكزات القياسية، أم بالمرتكزات السّماعيّة، أم بالمرتكزات الدلاليّة وغيرها من المرتكزات التي سنوردها في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
تعريف العلة النحوية: يُعد التعليل الأساس الذي قام عليه الدرس النحوي منذ نشأته، وإنّ العلل النحوية -كما هو معروف- كانت في بداية ظهورها علل بسيطة كما هو الحال عند النحاة الأوائل، ولكنّها بدأت تتطور إلى أن أدى هذا التطور إلى وجود العلل الثواني والثّوالث التي أدّت إلى تعقيد الدرس النحوي.
العلة، لغةٌ: تأتي بفتح العين وكسرها، أمَّا بالفتح فتأتي بمعنى الشَربة الثانية، والفعل: عَلَّ القومُ ِبلَّهُم يعُلُّونها عَلَلاً وعَلّلاً، والإبل تعُلُّ نفسَها. أمَّا بالكسر فتأتي بمعنى المرض، علَّ يعِلُّ واعتَلَّ، أي: مرضَ، فهو عليلٌ، وتأتي بمعنى السبب. فالعلة: هي السبب، يقال: هذا عِلَّةٌ لهذا، أي سببٌ له، ومن هذا المدلول اللغوي أخذ النحاة هذه اللفظة ([8]).
والعلة اصطلاحًا: هي تفسير الظاهرة اللغوية والنّفوذ إلى ما ورائها وشرح الأسباب التي جعلتها على ما هي عليه. وقد اصطلح عليها ” ابن الأنباري ” بمصطلح ” الجامع”([9]) حتى يشمل بذلـــــك الشبه والطـــرد وهو أدق من استعمال مصطلح العلة، وقد عرفها الدكتور ” سعيد جاسم الزّبيدي ” : الصلة بين المقيس والمقيس عليه، لا تتحقق إلا بجملة صفات مشتركة يطلق عليها الجامع، وربما سميت العلة أو العلة الجامعة. وقد عرفها الجرجاني السيد الشريف (ت:816هـــ): أنّها “معنى يحلّ بالمحلّ بلا اختيار، ومنه يسمّى المرض علة لأنّه بحلوله يتغيّر حال الشخص من القوّة إلى الضعف، وقيل هي ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا مؤثرا فيه “([10]). وعلى ذلك فالعلة النحوية من المفاهيم الأصلية في النحو العلمي، وهي إحدى ركائز التّفسير للتبرير لما يبدو أنه خارج عن الانتظام النحوي ([11]). ومن هنا تكمن أهمية العلل النحوية في إظهار الحكمة في لغة العرب والدّقة في أبنيتها وتراكيبها ومفرداتها.
وإنني أقف في صف الباحثين الذين يذهبون إلى القول: إنّ التعليل “يُعد عنصرًا أساسيًّا في الدرس النّحوي عند العرب، وإذا كان التّعريف لم يظهر ظهورًا واضحًا في المراحل الباكرة، فإنّ التعليل كان من الأصول الأولى، وقد ظلّ يتطور حتى غلب على الفكر النحوي كلّه، وقد عُرف النحاة الأوائل بأنّهم معللون” ([12]). فالخليل بن أحمد عندما سُئل عن علّله هل أخذها عن العرب أم اخترعها من نفسه فكان جوابه أن العرب نطقت على سجيتها وطباعها، وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم ينقل ذلك عنها ([13]).
نماذج من الركائز اللغوية عند أبي عمرو بن العلاء: قد آن أن ننجز ما وعدنا بالتعرَّف على الركائز اللغوية للعل النحوية عند أبي عمرو بن العلاء وسأحاول أن أضع كل مجموعة من العلل تحت الركيزة التي رأيت أنها ذات صلة بها، وقد جاءت الركائز على النحو الآتي:
أولاً: الركيزة الدلالية: تتمثل هذه الركيزة بالتعليل المبني على “الرجوع إلى المعنى، وذلك بإضفاء قيمة دلاليّة على النص المعلل له، أو بإضفاء قيمة دلالية للخروج عن القاعدة”([14]). وإنَّ الركيزة الدلاليّة التي اعتمد عليها أبو عمرو بن العلاء كان ينظر إليها من زاوية التحليل لمعنى الكلمة أو العبارة من جهة لغوية متعمِّقة، وليست من الزاوية الشكلّية التي لا تركّز بشكل أساسي على دراسة العلاقة بين الألفاظ، والدراسة التّحليليّة تنطلق من المرتكز الأساسي للمباحث الدلاليّة التي قد أولت علاقة اللفظ بالمعنى اهتمامًا كبيرًا، والذي ارتبط بفهم طبيعة المفردات والجمل من جهة وفهم طبيعة المعنى من جهة أخرى لعلم الدلالة الذي يهدف للوقوف على القوانين التي تنظم تغيّر المعاني وتطورها، والقواعد التي تسير اللغة وفقها ([15]). وعليه فعلم الدلالة يعني ما يتوصل به إلى معرفة الشيء كدلالة الألفاظ على المعاني، الذي توحي به الكلمة المعينة، أو تحمله، أو تدل عليه ([16]). كما يقصد بها “الكيفيّة التي يجري فيها استعمال المفردات ضمن سياق لغوي معين وبيان علاقاتها بالعملية الذهنية لأن الألفاظ لا تدل على الأمور الخارجية، بل على الأمور الذهنية “([17]).
وبالإضافة إلى ما سبق فإنّ الدلالة تعرّف أيضَا أنها “دراسة المعنى أو العلم الذي يدرس المعنى، أو ذلك الفرع من علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى، أو ذلك الفرع الذي يدرس الشّروط الواجب توافرها في الرمز حتى يكون قادرًا على حمل المعنى” ([18]). وإن الدراسة التّحليليّة اللغويّة للكلمة أو الجملة تشكل واحدًا من مستويات الدرس اللغوي الذي يرتبط مع المستويات الأخرى الصوتية، والصرفية، والتركيبية ([19]). وإن البحث في معنى الكلمة ودراستها لغويًّا لابد -كما أرى- أن يُنظر إليه من المستويات الأربع التي تشكل منها الدرس اللغوي. وإنّ المستوى الدلالي وتركيب الدلالة يبدو في صورة مزيج من المستويات الدّلاليّة بعضها صوتي وبعضها نحوي وبعضها معجمي أو دلالي، ولكل مستوى من هذه المستويات اللغوية نصيب من الدلالة ([20]). وعلم الدلالة “يرتبط بالمستويات الأخرى الصوتية، والصرفية، والتركيبيّة، وتتعاون هذه المستويات على بيانه وتوضيحه، فهو يرتبط بالفونيمات أو الوحدات الصوتيّة، كما يرتبط بالكلمات أو الصيغ الصرفيّة إلى جانب الجمل أو التركيب، وبهذا نجد أن الدرس الدلالي يشتجر بهذه المستويات ويرتبط بها ارتباطا وثيقا”([21]).
وإن كل ما تحدثنا عنه سابقا حول “الدلالة” كان حاضرًا في ذهن أبي عمرو بن العلاء الذي كانت لديه القدرة على تذوق الكلمات، لاستخلاص ما فيها من معان إعرابية عمل أبو عمرو بن العلاء على معرفتها من خلال سبر غور الصورة النفسيَّة التي وقرت في نفس العربي، وأراد التعبير عنها.
وقد كان أبو عمرو بن العلاء يقلّب الجمل بطنًا لظهر؛ للتوصل إلى الوجوه التي يحتمل أن العرب قصدوا إليها ليقف على المعاني التي تدل على هذه الوجوه وهذا يمثل المحور الأساسي الذي تدور حوله الدراسة اللغوية التي يجب أن يكون “موضوعها الأول والأخير هو المعنى، وكيفية ارتباطه بأشكال التعبير المختلفة، فالارتباط بين الشكل والوظيفة هو اللغة، وهو العرف، وهو صلة المبنى بالمعنى”([22]). والعلة التي جاءت تحت الركيزة الدلالية هي علة:
1-الرد إلى المعنى: إنني أرى أنّه لا يجانب أحد الصواب إذا قال: إنّ الهدف الأساسي من كلامنا يكمن في التّعبير عن المعاني التي تختلج في صدورنا، ونرغب في إيصالها إلى المتلقي سواء بالطريق الشفوي أم بالطريق الكتابي “فالأصوات التي تصدر عنا ليست هدفًا لذاتها، وإنما هي وسيلة نتخذها للتعبير عن الدلالات والخواطر التي تجول بأذهاننا”([23]).
وإن الاهتمام بالمعنى وضرورة وضوحه، وإيصاله إلى القارئ بكل يسر وسهولة وبُعد من التعقيد كان في ذهن علمائنا الأوائل كأبي عمرو بن العلاء الذي استند إلى المعنى في بناء القاعدة النّحوية. وهذا فيه دلالة واضحة على أنّ أهمية الرّبط بين اللفظ والمعنى كان حاضرًا في ذهن أبي عمرو بن العلاء قبل أن يشير إليه بلومفيد الذي أرسى دعائم اللسانيات الأمريكية وولَّد مفاهيمَها على أسُس وَصفيَّةٍ بحتةٍ([24]).
وقد لجأ أبو عمرو بن العلاء إلى علة الرد إلى المعنى كما أخبر يونس بن حبيب – في بيان العلة في أن (كم) يُخبر عنها باسم وكذلك (ربّ) لا تعمل إلا في اسم لأنّ المعنى واحد، ولكنّ هناك اختلافًا بينهما في أن (كم اسم وربّ) حرف بمنزلة مِن. والدليل على ذلك السماع عن العرب إذ يقولون: “كم رجلٍ أفضلُ منك” يجعلون كلمة (أفضلُ) خبرا عن كم ([25]).
قال سيبويه: “واعلم أنّ كم في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه ربّ، لأنّ المعنى واحد إلا أنّ كم اسمٌ وربَّ غيرُ اسم، بمنزلة مِنْ. والدليل عليه أنّ العرب تقول: كم رجلٍ أفضلُ منك، تجعله خبرَ كم. أخبرناه يونس عن أبي عمرو”([26]).
ثانيًا: الركيزة القائمة على التأويل: يعرّف التأويل لغةً أنّه “أوّل الكلام تأويلا، وأوّله: دبّره وقدّره وفسّره”([27]). والتأويل “صرف الكلام عن ظاهره إلى وجوه خفية تحتاج لتقدير وتدبّر، وإنّ النحاة قد أولوا الكلام وصرفوه عن ظاهره لكي يوافق قوانين النحو وأحكامه”([28]). ومضمون التأويل “البحث عن الباطن خلف الظاهر، وافتراض حروف في مادة الكلمة وصيغ لكلمات وجمل كاملة وكل ذلك من عمل الذهن وعلى أساس القواعد”([29]). وإنّ مظاهر التأويل النحوي تتمثل بأربعة أمور: “الحذف، والاستتار، وصوغ المصدر، والتقدير في الجمل والمفردات”([30]).
ولا يخفى على أحد أنّ التأويل يحتاج إلى إعمال الذهن والقدرة على التحليل للكلام. ولا أجد نفسي مبالغًا إذا قلت: إنَّ التأويل يحتاج أيضًا إلى التحليل النفسي للمتكلم، وهذا لا يختلف اثنان على وجوده عند عالم كأبي عمرو بن العلاء إذ لجأ إلى علّة من الممكن أن نطلق عليها علّة التعليل بما في النّفس، وذلك عندما علّل لنا سبب مجيء كلمة (رجل) منصوبة في القول الآتي: (ألا رجلَ إمّا زيدًا وإمّا عمرًا)؛ إذ إنّ سبب مجيئها منصوبة جاء من باب أنَّ القائل يتمنى شيئًا في نفسه يتمثل أن يكون مَنْ أمامه واحدًا من الاثنين (إما زيدًا وإما عمرًا) ليسأل عن شيء ما يدور في ذهنه. وهذا التعليل قد اتفق عليه الخليل بن أحمد مع أبي عمرو بن العلاء. قال سيبويه: “… ومثل ذلك فيما زعم الخليل:
إذا تغنّى الحَمامُ الوُرْقُ هيّجي ولو تَغَرَّبتُ عنها أمَّ عمَّارِ
قال الخليل رحمه الله: لما قال هيّجني عرف أنّه قد كان ثَمَّ تَذَكُّرٌ لتذكرة الحمام وتهييجه، فألقى ذلك الذي قد عرف منه على أم عمار، كأنّه قال: هيّجني فذكّرني أم عمار. ومثل ذلك أيضًا قول الخليل رحمه الله، وهو قول أبي عمرو: ألا رجلَ، فهو متمنٍّ شيئًا يسأله ويريده، فكأنّه قال: اللهمَّ اجْعله زيدًا أو عمرًا، أو وفّق لي زيدًا أو عمرًا. وإن شاء أظهره فيه وفي جميع هذا الذي مثّل به وإن شاء اكتفى فلم يذكر الفعل، لأنّه قد عُرِف أنّه سائلٌ شيئًا وطالبُه”([31]).
ومما استند به أبو عمرو بن العلاء إلى التأويل وإلى ما يمكن أن نضعه تحت علة التعليل بما في النفس أنّ الياء في قولنا: “يا ويلٌ لك” تكون للتنبيه فكأن المتكلم عند قال العبارة السابقة قد نبّه المتلقي بداية ومن ثَمّ قال له: “ويل لك”
قال سيبويه: “… وذلك قول بعض العرب: لِلْعجبِ ويا لِلْماءِ، وكأنّه نبّه بقوله: يا غيرَ الماءِ للماءِ. وعلى ذلك قال أبو عمرو: يا ويْلٌ لكَ ويا ويحٌ لكَ كأنّه نبّه إنسانا ثم جعل الوَيْل له وعلى ذلك قول قيس بن ذريح: *فيا لَلنّاس لِلّواشي المُطاعِ * *: يا لِقومي لِفْرقَةِ الأحبابِ* كَسَروها لأنّ الاسم الذي بعدها غير منادى، فصار بمنزلته إذا قلت: هذا لِزيدٍ. فاللام المفتوحة أضافت النداء إلى المنادى المُخاطب، واللام المكسورة أضافت المدعُوَّ إلى ما بعده لأنّه سبب المدعوّ. وذلك أنِّ المَدْعوَّ إنّما دُعي من أجل ما بعده، لأنّه مَدْعوّ له”([32]). ويرى أبو عمرو بن العلاء مستندًا إلى التأويل أنّ الفعل (انطلق) في الجملة الآتية: “أمّا أنت منطلقًا انطلق معك” جاء مرفوعًا، إذ تأوّل الجملة على النحو الآتي: لأن صرتَ منطلقًا انطلق معك. قال سيبويه: “وسألته عن قول: أما أنت منطلقًا انطلق معك، فرفع. وهو قول أبي عمرو، وحدّثنا به يونس. وذلك لأنّه لا يُجازى بأنْ، كأنّه قال: لأن صرتَ منطلقا انطلق معك”([33]).
ثالثًا: الركيزة السماعية: نثمن جهود علمائنا العرب الأوائل الذين تناولوا بالدرس والتحليل الجوانب النحوية، “وبنوا قواعدهم على أسس راسخة من السماع والقياس، وفي مقدمة السماع الاستشهاد بالقرآن الكريم؛ فلا يستقيم بحال من الأحوال أن ترى كتاب نحوٍ يخلو من الاستشهاد به، أو تسمع نحويًا لا يلوذ به لبيان قاعدته؛ فهو أفصح ما يستشهدُ به على الإطلاق”([34]). لذا إنّ السماع واحد من الأصول التي بُني عليها النحو العربي، وهو “ما ثبت في كلام من يوثق بفصاحته، ويشمل كلام الله تعالى وهو القرآن الكريم، وكلام العرب قبل بعثته وفي زمنه وبعده إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولدين نظامًا ونثرًا عن مسلم أو كافر”([35]).
وقد كان قدامى اللغويين يتمسكون بالسماع وقد يكون ذلك من باب “تأثرهم بنظرية التوقيف وشدة حرصهم على تراثهم الأدبي والدّيني، ولا ريب في أنّ هذا التمسك كثيرًا ما حد من التوسع بالقياس، ومن ثم اشتقاق الألفاظ وتوليدها” ([36]). وقد كان تصور الخليل “مرتكزًا على أنّ العرب تعرف العلة منه وطباعًا، فقد أُرخ لأبي عمرو بن العلاء في أنّه أول من دون تعليلات الأعراب سماعًا عنهم، فقد روى الأصمعي(ت216 ه) عنه تسجيلاً قال فيه: سمعت رجلاً من اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابي فأحتقرها. فقلت له: أتقول جاءته كتابي؟ قال: نعم، ألي بصحيفة؟ “([37]). وهذا التعليل إنما هو طلب “للفهم الذي ابتغاه المنظرون الأوائل مسوغًا لقواعد البحث للمتعلمين، ودافعًا إلى النّظر في مقاصد العرب من استعمالاتها، وفي ما تتعاطاه في كلامها، وقد دافع ابن جني عن هذا التعليل الفطري الذي تلمسه جيل الخليل فقال: أفتراك تريد من أبي عمرو وطبقته، وقد نظروا، وتدبّروا، وقاسوا وتصرّفوا ان يسمعوا أعرابيًا جافيًّا غفلًا يعلل هذا الموضوع بهذه العلة، ويحتج لتأنيث المذكر لما ذكره، فلا يهتاجوا هم لمثله، ولا يسلكوا في طريقته، فيقولوا فعلوا كذا لكذا، ووضعوا كذا لكذا، وقد شرع لهم العربي ذلك ووقفهم على سمته “([38]).
وإنّ أبا عمرو بن العلاء قد استند إلى علّة السّماع إذ ذهب إلى أنّه في حالة التقاء همزتين فإن ما سمع عن العرب هو تخفيف الهمزة الأولى وتحقيق الهمزة الثانية. وإنّه كما رأى الخليل بن أحمد فإنّ أبا عمرو بن العلاء قد حقق الهمزة الأولى وخفف الثانية في قراءته للآية القرآنية الكريمة :﴿ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾. والتحقيق للهمزة الأولى أو التخفيف لها أو التخفيف للهمزة الثانية أو التحقيق لها جميعها مسموعة من العرب.
قال سيبويه: “… فليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحققا، ومن كلام العرب تخفيف الأولى وتحقيق الآخرة، وهو قول أبي عمرو. وذلك قولك: (فقَدْ جَاء أشرَاطُها) في قوله تعالى: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا([39]).و في قوله تعالى: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ﴾([40]). ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الآخرة، سمعنا ذلك من العرب، وهو قولك: فقد جاء أشراطها، وقال:
كلُّ غَرَّاءَ إذا ما بَرَزَتْ تُرْهَبُ العينُ عليها والحَسدْ
سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا.
وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له: لِمَهْ؟ فقال: إنِّي رايتُهم حين أرادوا أن يُبدلوا إحدى الهمزتين اللّتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة وذلك: جاىءٍ وآدَمُ. ورأيت أبا عمرو أخذ بِهنَّ في قوله عز وجل: ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾([41]). وحقق الأولى، وكلٌّ عربي. وقياس من خفّف الأولى أن يقول: ﴿يا ويْلتا أألِدُ﴾([42]).
رابعًا: الركيزة القائمة على التعويض
لقد لجأ أبو عمرو بن العلاء إلى علة التعويض عند حديثه حول تصغير كلمة (حبارى) بِحُبَيِّرة وذلك بجعل الهاء بدلا من الألف التي كانت علامة التأنيث.
قال سيبويه: ومما لا يكون الحذف ألزم لإحدى زائدتيْه منه للأُخرى حُبارَى، إن شئت قلت: حُبَيْرى كما ترى، وإن شئت قلت: حُبَيِّرٌ، …وأما أبو عمر بن العلاء فكان يقول حُبَيّرةٌ ويجعل الهاءَ بدلًا من الألف التي كانت علامة للتأنيث إذ لم تصل إلى أن تَثبت”([43]). وهنا قد نلاحظ شيئًا وهو أنّ سيبويه قد روى في كتابه كثيرًا من آراء أبي عمرو بن العلاء عن طريق يونس بن حبيب، ولكنّنا نجده في النص السابق يقول: “وأمّا أبو عمرو فكان يقول” فاللافت للانتباه في هذه النقطة أمران: الأول من الممكن أنّ سيبويه التقى بأبي عمرو بن العلاء وسمع منه. وهذا على خلاف ما ذهب إليه بعض الباحثين في قولهم عن أبي عمرو بن العلاء إنّ “سيبويه لم يروِ عنه ولا عن تلاميذه شيئًا مهمًّا له في النحو ومسائلة، وإنما روى عنه بعض الشواهد اللغوي، ولم يأخذها عنه مباشرة، وإنما أخذها عن تلميذه يونس بن حبيب، وكأنه لم يلقه ولم يجلس إليه”([44]).
وإننا يمكن أن نرجّح التقاء سيبويه بأبي عمرو بن العلاء فإذا افترضنا أنّ سيبويه المتوفى سنة (180 هــ) مات وعمره أربعون عاما فيكون بهذا قد مات بعد أبي عمرو بن العلاء – المتوفى سنة (145 هــ) – بستة وعشرين عامًا، فيكون قد مضى من عمر سيبويه في السنة التي مات فيها أبو عمرو بن العلاء أربعة عشر عامًا، ولا أتوقع أنّ غلامًا بمثل هذا السنّ يستطيع الجلوس والأخذ عن عالم كأبي عمرو بن العلاء. وأمّا إن كان سيبويه قد مات وعمره ثلاثة وثلاثون عامًا فيكون بهذا من المستحيل أنّه التقى بأبي عمرو بن العلاء.
أمّا الأمر الثاني: فإننا ربما نجد كلمة “يقول” في نسخة ولم نجدها في نسخة أخرى من الكتاب “إذ إنّه في أغلب ظنّي ” أنّ النسخة التي بين أيدينا ليست النسخة الأصلية من كتاب سيبويه، وإنّ النسخة الأصلية لم تر النور بعد. وإنّ وقوع النسخة الأصلية بين أيدينا ستزيدنا معرفة أكثر عن هذا الكتاب. ولعل ما يتوارد إلى المسامع هذه الأيام صحيحا في ما يتعلق بقيام مستشرقة فرنسية بالتحقيق لكتاب سيبويه فلعلها تأتي بشيء يشفي غليل الباحثين لسبر عور هذا الكنز اللغوي بشكل أكبر.
خامسًا: الركيزة القائمة على كثرة الاستعمال
لقد استند أبو عمرو بن العلاء إلى علة كثرة الاستعمال عند حديثه عن حذف التنوين من كلمة (هند) عند صرفها وذلك لكثرة الاستعمال. أمّا يونس بن حبيب فقد صرفها مع التنوين إذ قال سيبويه: من صرف هندا قال: هذه هِنْدٌ بنتُ زيدٍ، فنوّن هندًا؛ لأنّ هذا موضع لا يتغير فيه الساكن، ولم تدركه علة، وهكذا سمعنا من العرب. وكان أبو عمرو يقول: هذه هندُ بنتُ عبد الله فيمن صرف، ويقول: لمّا كثر في كلامهم حذفوه كما حذفوا لا أدْرِ، ولم يكُ، ولم أُبَلْ، تكن، وخُذْ، وكُلْ، وأشباه ذلك، وهو كثير”([45]).
وقد نجد أحيانًا علة كثرة الاستعمال تشترك معها علة أخرى كما هو الحال في قول يونس بن حبيب، وأبي عمرو بن العلاء فيما يتعلق بصحة قولنا: “هذا زيدٌ بنيُّ عمرو “لأنه لا يلتقي ساكنان، ولعدم كثرة الورود في الكلام. قال سيبويه: وتقول: “هذا زيدٌ بنيُّ عمرٍو، في قول أبي عمرو ويونس، لأنّه لا يلتقي ساكنان، وليس بالكثير في الكلام ككثرة ابْن في هذا الموضع، وليس كلُّ شيء يكثر في كلامهم يُحمل على الشاذّ، ولكنّه يُجرى على بابه حتى تعلم أنَّ العرب قد قالت غير ذلك”([46]).
سادسًا: الركيزة التحويلية
جاءت هذه التّسمية من أنّ العلل التي تنطوي تحت هذه الركيزة تنطلق من الأصل الذي يتحول عنه في خطوات لغوية. يرى أبو عمرو بن العلاء -مستندًا إلى علة الرد إلى الأصل- أنّ كلمة (زيدًا) في العبارة الآتية: “يا أخانا زيدا أقبل” جاءت منصوبة؛ لأنها عطفت على المنصوب “أخا” فصارت مثله في النصب إذ إن النصب هو الأصل.
وقد كان أبو عمرو بن العلاء -كما زعم يونس- يقول: “يا أخانا زيدُ” وهو قول أهل المدينة وتخريجها على أنّها بمنزلة قولنا: يا زيدُ على أن (زيد) منادى مبني على الضم في محل نصب (وهو الأصل)، والقول: يا زيدُ أخانا بمنزلة يا أخانا إذ يُحمل وصف المضاف إذا كان مفردا بمنزلته إذا كان مُنادى. وقد رأى أبو عمرو بن العلاء أنّه من الجائز القول: يا زيدُ زيدُ الطويلُ جريًا على قولنا: يا زيدُ الطويلُ ولإنّ رؤبة كما -زعم يونس بن حبيب- كان يقول: يا زيدُ زيدًا الطويلَ فجاءت كلمة (زيد الثانية) منصوبة من باب الحمل على محل (زيد) الأولى؛ لأنّها في محل نصب.
قال: سيبويه: “…. قلت أرأيتَ قول العرب: يا أخانا زيدًا أقبلْ. قال: عطفوه على هذا المنصوب فصار نصبًا مثلَه، وهو الأصل، لأنّه منصوب في موضع نصب. وقال قوم يا أخانا زيدُ.
وقد زعم يونس أنّ أبا عمرو كان يقوله، وهو قول أهل المدينة، قال: هذا بمنزلة قولنا يا زيد كما كان قولُه يا زيدُ أخانا بمنزلة يا أخانا، فيُحملُ وصف المضاف إذا كان مفردًا بمنزلته إذا كان منادى. ويا أخانا زيدًا أكثر في كلام العرب؛ لأنّهم يردّونه إلى الأصل حيث أزالوه عن موضعه الذي يكون فيه منادى، كما ردّوا ما زيدٌ إلا منطلقٌ إلى أصله، وكما ردّوا أتقول حين جعلوه خبرًا إلى أصله… وتقول: يا زيدُ زيدُ الطويلُ، وهو قول أبي عمرو. وزعم يونس أنّ رؤبة كان يقول يا زيدُ زيداً الطويلَ. فأما قول أبي عمرو فعلى قولك: يا زيدُ الطويلُ”([47]).
وفي ما يتعلق بالنسبة إلى ما فيه حروف زائدة من الكلمات التي تتألف من حرفين ذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أننا نتركها على حالها قبل النسبة، أو نحذف الحروف الزائدة منها ونرد ما كان لها من حروف في الأصل. فالترك على حالها كما ننسب إلى كلمة (اسْمٌ) بقولنا: اسْمِيٌّ. أمّا في حالة حذف الزوائد التي في الاسم ورده إلى الأصل فإننا نقول: عند النسبة إلى كلمة (اسْمٌ) سَمَوِيٌّ. وكما رأى أبو عمرو بن العلاء. -حسب رواية يونس بن حبيب- فإننا عند النسبة إلى (أبناء فارس) نقول: ابْنيٌّ وذلك بترك الاسم على حاله كما لو نسبنا إلى كلمة (ابْنٌ). وبهذا يخالف أبو عمرو بن العلاء أبا الخطاب الذي كان يرى بأنّه إذا نسبنا إلى (أبناء فارس) نقول بَنَوِيٌّ. قال سيبويه: “هذا باب الإضافة إلى ما فيه الزوائد من بنات الحرفين فإن شئت تركته في الإضافة على حالة قبل أن تضيف، وإن شئت حذفت الزوائد ورددت ما كان له في الأصل. ذلك: ابْنٌ واسْمٌ واسْتٌ، واثْنانِ، واثْنتانِ وابنةٌ. فإذا تركته على حالة قلت: اسمْيٌّ واسْتيٌّ وابْنِيٌّ واثْنِيٌّ، في اثْنَيْنِ واثْنَتَيْنِ. وحدثنا يونس أنّ أبا عمرو كان يقول إن شئت حذفت الزوائد التي في الاسم ورددته إلى أصله فقلت: سَمَوِيٌّ وبَنويٌّ وسَتَهِيٌّ. وإنما جئت في اسْتٍ بالهاء لأنّ لامها هاء، ألا ترى أنك تقول: الأستَاه، وسُتَيْهةٌ في التحقير. وتصديق ذلك أنّ أبا الخطاب كان يقول: إنّ بعضهم إذا أضاف إلى أبناء فارس قال: بَنَوِيٌّ. -وزعم يونس- أنّ أبا عمرٍو زعم أنّهم يقولون: ابْنِيٌّ، فيتركه على حالة كما ترك دمٌ”([48]).
سابعًا: الركيزة القياسية
يُعرف القياس بأنّه “تقدير الفرع بحكم الأصل، أو حمل الفرع على أصل لعلة، وإجراء الأصل على الفرع، وقيل إلحاق الفرع بالأصل بجامع”([49]).
والقياس يمثل الركن الثاني الذي قام عليه النحو العربي إذ يُعرّف علم النحو أنّه “علم مستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها”([50]).
وإنّ هذا الركن أي القياس قائم على أساس يتمثل “بالنموذج الذي يُقاس عليه وهو في اللغة العربية (التراث العربي) بكل ما تفيده هذه العبارة من معنى، فليس لدينا قياس يقوم عليه القياس سوى ما أُثر عن العرب من نصوص تتجلى فيها استعمالاتهم لألفاظ اللغة وطرائقهم في تركيب جملها، والتعبير عن مفاهيمها”([51]).
وقد استند أبو عمرو بن العلاء إلى القياس في علله النحوية، وإنّه من خلال العلل التي سنعرضها في هذا البحث وجدنا أنّه مال إلى القياس أكثر من السماع. وربما جاء هذا الميل إلى القياس من باب اتساع علمه بلغات العرب وأشعارها، الذي زاد قياسه عليها لازدياد معرفته بها، إذ إنّ أبا عمرو بن العلاء “كان سيّد الناس وأعلمهم بالعربية والشعر ومذاهب العرب”([52]) ومما يرجّح ميله إلى القياس أيضًا أنّه عندما سُئل من أحدهم “أخبرني عما وضعت مما سميته عربية، أيدخل فيها كلام العرب كله. فقال: لا فقلت: كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهم حُجَّة. فقال: أعمل على الأكثر واسمي ما خالفني لغات”([53]). وما يمكن أن نضعه تحت الركيزة القياسية العلل الآتية:
علة الشبه: يستند أبو عمرو بن العلاء إلى هذه العلة -كما روى عنه يونس بن حبيب- عند حديثه عن صحة قولنا: “داري خَلفَ دارك فرسخان” وذلك للشبه بينهما وبين قولنا: “دارك مني فرسخان” على أساس أن خَلفَ ههنا اسم، وجعل مِنْ فيها بمنزلتها في الاسم. وهذا مذهب وصفه سيبويه بالقوة إذ قال سيبويه: “-وزعم يونس- أنّ أبا عمرو كان يقول: داري من خَلفِ دارك فرسخان، فشبهه بقولك: دارُك منّي فرسخانِ، لأنّ خَلفَ ههنا اسمٌ، وجعل مِنْ فيها بمنزلتها في الاسم. وهذا مذهبٌ قويٌ”([54]).
علة عدم الشبه: لقد استند أبو عمرو بن العلاء -مشتركا مع الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب- إلى هذه العلة وذلك بأننا إذا صغّرنا كلمة (سِرْحان) وقلن: (سُرَيْحينٌ) فإننا نصرفها لأنّ آخر الكلمة في هذه الحالة لا يشبه آخر غَضْبَان لأنّ كلمة (غَضْبَان) تصغّر على غُضَيْبَانُ. قال سيبويه: “فإذا حقّرت سِرْحَان اسم رجل فقلت: سُرَيْحِينٌ صرفته، لأنّ آخره الآن لا يشبه آخر غَضْبَانَ، لأنّك تقول في تصغير غَضْبَانَ: غُضَيْبَانُ، ويصير بمنزلة غِسْلينٍ وسنينٍ فيمن قال: هذه سنينٌ كما ترى. ولو كنت تَدع صرف كل نون زائدة لتركت صرف رعْشَن. ولكتّك إنّما تدع صرف ما آخره كآخر غضْبانَ، كما تدع صرف ما كان على مثال الفعل إذا كانت الزيادة في أوّله. فإذا قلت: إصْليتِ صرفته لأنّه لا يشبه الأفعال، فكذلك صرفت هذا لأنّ آخِرَه لا يشبه آخر غضْبانَ إذا صغّرته. وهذا قول أبي عمرٍو والخليل ويونس”([55]).
علة التنظير: لقد روى يونس بن حبيب أنّ أبا عمرو بن العلاء يصغّر كلمة (مُر: مُريءٍ) كما هو الحال في قولنا: مُريْعٍ، وعند تصغير كلمة (يُري نقول: يُريْيءٍ) لأنّها بمنزلة ياء الاسم المنقوص (قاضي). قال سيبويه: “وأمّا يونس فحدثني أنّ أبا عمْرو كان يقول في مُرٍ: مُرَيْيءٍ مثل مُرَيْعٍ، وفي يُرِي: يُرَيْيءٍ يَهْمِز ويَجرّ، لأنّها بمنزلة ياء قاضٍ، فهو ينبغي له أن يقول: مُيَيِّتٌ، وينبغي له أن يقول في ناس: أنَيِّسٌ، لأنّهم إنما حذفوا ألف أناسٍ. وليس من العرب أحدٌ إلا يقول: نُويْسٌ”([56]).
علة الجريان: يرى كُلّ من الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، وأبي عمرو بن العلاء أنّه إذا لُقّب المفرد بمضاف أو المضاف بمفرد يجري كل منهما على الآخر كما في الوصف وذلك كقولنا (هذا زيدُ وزنُ سبعةٍ) (وهذا عبد الله بَطّةُ يا فتى).
قال سيبويه: “فإذا لقبت المفرد بمضاف والمضاف بمفرد، جرى أحدهما على الآخر كالوصف، وهو قول أبي عمرو ويونس والخليل. وذلك قولك: هذا زيدٌ وزنُ سبعةٍ، وهذا عبد الله بَطّةُ يا فتى، وكذلك إنْ لقّبت المضاف بالمضاف”([57]).
علة عدم الجريان: لقد زعم يونس بن حبيب أنّ أبا عمرو بن العلاء قد ذهب إلى الرفع في مثل قولنا: أما العبيدُ فذو عبيد، وأما العبدُ فذو عبدٍ، وأما عبدان فذو عبدين، وقد أختبر الرفع، لعلة عدم الجريان، وذلك أن ما ذُكر في ما سبق أسماء، والأسماء لا تجري مجرى المصادر.
وقد كانت للسيرافي وقفة حول ما سبق إذ قال السيرافي: “قوله أمّا العبد فذو عبيد هو الوجه، لأن العبد ليس بمصدر فَيُقَدّر له فعل من لفظة ينصبه على ما تقدم في المصادر فوجب رفعه بالابتداء، وما بعده يكون خبرا له والعائد إليه محذوف تقديره: أما العبيد فأنت منهم أو فيهم أو نحو هذا، ذو عبيد”([58]).
قال سيبويه: “هذا باب ما يُختار فيه الرفعُ ويكون فيه الوجه في جميع اللغات – وزعم يونس – أنّه قول أبي عمر. وذلك قولكَ: أمّا العبيدُ فذو عَبيدٍ، وأمّا العبد فذو عبدِ، وأما عبدانِ فذو عبدينِ. وإنما اختير الرفعُ لأنّ ما ذكرت في هذا الباب أسماء، والأسماء لا تجري مجرى المصادر”([59]).
علة القياس: ذهب أبو عمرو بن العلاء – كما تحدث يونس بن حبيب – إلى أنّ النسبة إلى ظَبْيَة: ظبْيِيٌّ. ولا ينبغي أن يكون في القياس إلا هذا إذ جاز في أُميّةَ وهي معتلة، وهي أثقل من رَمْيِيٍّ”([60]).
ولعلة القياس رأى كلّ من ابن أبي اسحاق، وأبي عمرو بن العلاء أننا إذا سمينا المؤنث بعمرو أو زيد لا يجوز أن نصرف، وذلك قياسا على أن المؤنث أشد ملاءمة للمؤنث.
قال سيبويه: “فإن سمّيتَ المؤنث بَعمْرو أو زيد، لم يجُز الصرف. هذا قول ابن أبي إسحاق وأبي عمرو، فيما حدثنا يونس، وهو القياس، لأنّ المؤنث أشد ملاءمة للمؤنث والأصل عندهم أن يُسمّى المؤنث بالمؤنث، كما أنّ أصل تسمية المذكر بالمذكر”([61]). ومما يأتي على القياس عدم التنوين لكلمتي (بُكرة وغُدوة) إذا جاءت أي منهما بعد قولنا: لقيتُه العامَ الأولَ، وقولنا: وأما يوماً من الأيام ونحن نريد المعرفة.
قال سيبويه: “-وزعم يونس عن أبي عمرو-، وهو قوله أيضًا وهو القياس، أنّكُ إذا قلت لقيته العامَ الأوّلَ، أو يومًا من الأيام، ثم قلت: غُدْوةَ أو بكْرةَ، وأنت تريد المعرفة لم تنوّن. وكذلك إذا لم تذكر العام الأول، ولم تذكر إلا المعرفة ولم تقل يوماً من الأيام، كأنّك قلت: هذا الحنُ في جميع هذه الأشياء. فإذا جعلتها اسماً لهذا المعنى لم تنوّن. وكذلك تقول العرب”([62]).
الخاتمة
إذن لاحظنا من خلال تلك الصفحات السابقة مدى اعتناء أبو عمرو بن أبي العلاء بالتعليل، فتوسع فيه، وبذلك عُدَّ أول من فصل فيها، وأول من نقل استعمال التعليل عن العرب كما لاحظنا بأنّ العلة النحوية عنده تكمن في خدمة التراكيب أو المفردات اللغوية وفق تصوره الدقيق. إذ كان التعليل في مراحله الأولى يتمثل في البحث عن الأسباب التي كانت تكمن كما يبدو لي مراعاة الانسجام بين الظاهرة اللغوية والتي تمثل القاعدة النحوية الجزئية أو التفصيلية وكانت في ذهن جميع النحاة ويظهر ذلك لعللهم ولم تكن تقتصر على نحوي معين. لكنَّ أبا عمرو بن أبي العلاء كان يبحث عن تفسير للظاهرة اللغوية وشرح الأسباب التي جعلتها على ما هي عليه من أجل تحقّق الانسجام بين النصوص اللغوية والقواعد النحوية التي استند إليها أبو عمرو بن العلاء.
نتائج البحث
أهم النتائج التي توصّل إليها، والتي جاءت على النحو الآتي:
إنّ أبا عمرو بن العلاء كان لغويا أكثر منه نحويّا، وإنّ سعة اطلاعه على لغات العرب من الممكن أنّها أدّت إلى سعة معرفته بالقراءات القرآنيّة.
أقام أبو عمرو بن العلاء منهجا لغويًّا مبنيًّا على أسس علمية دقيقة تتمثل بالركائز الآتية: الركيزة الدلالية، والركيزة القائمة على التأويل، والركيزة السماعية، والركيزة القائمة على التعويض، والركيزة القائمة على كثرة الاستعمال، والركيزة التحويلية، والركيزة القياسية. وإنّ هذه الركائز اللغوية تصلح للدرس اللغوي في أيّ زمان ومكان. وكان على الباحثين العرب النظر إلى هذه الركائز، وأن يجعلوا منها نظرية لغوية عربية.
لقد التفت أبو عمرو بن العلاء إلى بعض الظواهر اللغوية قبل أن يشير إليها الباحثون الغربيون في وقتنا الحالي. من الممكن أن سيبويه التقى بأبي عمرو بن العلاء. وهذا على خلاف ما ذهب إليه بعض الباحثين عند قولهم: بأنّ سيبويه لم يلتقِ بأبي عمرو بن العلاء، ولم يجلس إليه.
لقد مال أبو عمرو بن العلاء إلى الركيزة القياسية أكثر من ميله إلى الركيزة السماعية.
المراجع
-1الأسطي، عبدالله محمد، أبو عمرو بن العلاء اللغوي النحوي ومكانته العلمية، الدار الجماهرية للنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1976م.
-2إبراهيم أنيس، طرق تنمية الألفاظ باللغة، القاهرة، 1976م.
-3 الأنباري عبد الرحمن بن محمد، لمع الأدلة في علم أصول النحو، منشور في كتاب الإعراب في جدل الإعراب، تحقيق سعيد الأفغاني، المطبعة السورية، دمشق، 1975م.
-4 الأنباري، أبو البركات كمال الدين عبدالرحمن بن محمد، نزهه الألباء في طبقات الأدباء، تحقيق : إبراهيم السامرائي، مطبعة المعارف، بغداد،1959م.
-5ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، ج1،تحقيق محمد علي النجار، المكتبة العلمية.
-6 بخولة، عبد العزيز الدين، تأصيل الدرس النحوي لدى علماء المغرب، مجلة الفضاء المغاربي، مجلد 16، العدد3، جامعة ابي بكر بالقايد، تلمسان، الجزائر، 2018م.
-7بلخوجة عبد العزيز، العلة النحوية أنواعها، مسالكها وقوادحها، مجلة البدر، المجلد 10، العدد5، جامعة بشار، الجزائر، 2018م.
-8بوطيش، زينب، وبوزريعة، أبو قاسم، العلة النحوية عند القدماء، مجلة الآداب واللغات، جامعة أبي بكر بالقايد، المجلد، 21، العدد1، الجزائر، 2021م.
-9ترزي، فؤاد حنا، في أصول اللغة والنحو، دار الكتب، بيروت، ط1، 1969م.
-10جاسم، سعد صباح، العلة النحوية عند الزجاج، قراءة في كتاب الإيضاح في علل النحو، محلة الإمام جعفر الصادق، العراق، العدد14، ج2، 2021م.
-11بوخلخال، عبدالله، العلة النحوية وفق النظرية الخليلية، مجلة المجمع الجزائري للغة العربية، المجلد18، العدد1، الجزائر،2022م.
-12جبار، علاء أحمد، العِلل النَّحوية في المبني الأسماء في شُروح التسهيل (دراسة نحوية وصفيّة تحليليَّة)،مجلة الانبار للغات والآداب، العدد 31، العراق، 2021م.
-13 جهود أبي عمرو بن العلاء النحوية والصرفية رسالة دكتوراه، مقدمة من الحبيب آدم عبدالكريم مصطفى، جامعة أم درمان الإسلامية، قسم اللغة العربية،السودان،2009م.
-14منقور، عبد الجليل، علم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2001م.
-15ج. جوزيف فندريس، أصول اللغة العربية ومفرداتها ودلالة الألفاظ والمصطلحات، ترجمة عبد الحميد الدواحلي، ومحمد القصاص، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، مصر،1950م.
-16حسان، تمام، اللغة العربية مبناها ومعناها، ص9، الهيئة العامة للكتاب، مصر، 1973م.
-17حلمي، خليل، العربية وعلم اللغة البنيوي، دراسات في الفكر اللغوي العربي الحديث، دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان،1988م.
-18حليم، رشيد، مرجعيات التعليل بين ابن جني والخليل دراسة تحليلية وموازنة بين منهجيهما في التعليل، مجلة الخطاب، المجلد 4، العدد 5، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2009م.
-19الحموي، ياقوت بن عبدالله، معجم الأدباء، تحقيق: أحمد فريد رفاعي، مطبوعات دار المأمون، القاهرة، 1936م.
-20حمادو، أسماء، مورفولوجيا الكلمة وعلاقتها بمستويات التحليل اللساني، (الصوتي، النحوي، الدلالي)، مجلة الممارسات اللغوية، المجلد13، العدد3، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2022م.
-21الراجحي، عبده، النحو العربي والدرس الحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية- مصر، 1988م.
-22الزبيدي، محمد ابن الحسن، طبقات اللغويين والنحويين، ص39، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع القاهرة، 1954م.
-23الزجاجي، أبو القاسم، تحقيق: مازن المبارك، الإيضاح في علل النحو، الناشر مكتبة دار العروبة مصر، 1959 م.
-24سعدية موسى وإقبال سر الختم، تغيرات الدلالة ودورها في المعنى، دراسة في الحديث النبوي الشريف، مجلة العلوم والبحوث الإسلامية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، العدد الخامس، السودان، 2012م.
-25سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ج2، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط3، 1988م.
-26السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن، الاقتراح في علم أصول النحو، تحقيق: أحمد محمد قاسم، القاهرة، مطبعة السعادة، 1976م.
-27الشيرازي، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، القاموس المحيط، 3/331، (ت 817هــ).
-28شوقي ضيف، المدارس النحوية، دار المعارف بمصر، ط2، 1968م.
-29الطيب، عبد الواحد بن علي اللغوي الحلبي، مراتب النحويين، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، ط2.
-30العبيدي، شعبان عوض محمد، التعليل اللغوي في كتاب سيبوبه، منشورات جامعة قان يونس، بنغازي، ط1، 1999م.
-31عيد، محمد، أصول النحو العربي، عالم الكتب، القاهرة، ط1، لا . ت.
-32مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادي القاموس المحيط: تحقيق التراث محمد نعيم العرقسُوسي، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع،ط8، بيروت – لبنان، ٢٠٠٥م.
-33مختار، عمر أحمد، علم الدلالة، ط1،عالم الكتب، القاهرة- مصر، 1998 م.
-34نور الدين، قفي، العلة النحوية بين النظرية والتطبيق- قراءة في فكر أبي الفتح عثمان بن جني، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، العدد التاسع، جامعة زيان عاشور، ص 7، الجزائر، 2014م.
-35اليزيد، سلطان، علاقة اللفظ بالمعنى عند المحدثين، مجلة المعيار، المجلد 25، العدد 7، الجزائر، 2021م.
-[1] أستاذ مشارك- جامعة إربد الأهلية – كلية الآداب والفنون-albarakat63@hotmail.co
Associate Professor – Irbid National University Faculty of Letters and Arts
[2] –اسمه ونسبته وكنيته ومولده: أُختلف في اسمه على عدَّة أقوال، فقد قيل أنَّ اسمه زيَّان(زبَّان) أو العُريان، وقد اشتهر بكنيته فهو أبو عمرو بن العلاء بن عمَّار بن العريان بن عبد الله بن الحصين المازني التميمي البصري، ولد بمكة العام (68 أو 70 للهجرة)، ونشأ في البصرة، وتُوفي في الكوفة أيَّام حُكم المنصور العبَّاسي العام (154هـ). وقد رجح الإمام السّيوطي تسمية (زيَّان) فقال: هو الأصح، وهو الاسم الذي تجده مختارًا في أغلب المراجع التي ترجمت لأبي عمرو. وقال ابن العلاء بن عمّار بن عبدالله، من الأعلام في القرآن، وعنه أخذ يونس، وغيره من مشايخ البصريين. قَال أبو بكر بن مجاهد: كان أبو عَمْرو مُقَدَّمًا في عصره، عالمًا بالقراءة ووجوهها، قدوةً في العلم باللغة، إمامَ النَّاس في العربية، وكان مع علمه باللغة وفقهه في العربية متمسِّكًا بالآثار، لا يكاد يخالف في اختياره ما جاء عن الأئمة قبله، متواضعًا في علمه، قرأ على أهل الحجاز، وسلك في القراءة طريقهم، ولم تزل العلماء في زمانه تعرف له تقدُّمَه وتُقِرُّ له بفضله، وتأتمُّ في القراءة بمذهبه، وكان حسن الاختيار، سهل القراءة، غير متكلِّف، يُؤثر التَّخفيف ما وجد إليه السبيل. ينظر : جهود أبي عمرو بن العلاء النحوية والصرفية رسالة دكتوراه ،مقدمة من الحبيب آدم عبد الكريم مصطفى، جامعة أم درمان الإسلامية، قسم اللغة العربية، السودان،2009
-[3] الأنباري، أبو البركات كمال الدين عبدالرحمن بن محمد، نزهه الألباء في طبقات الأدباء، تحقيق : إبراهيم السامرائي، مطبعة المعارف، بغداد،1959، ص17.
-[4] ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، ج1،تحقيق محمد علي النجار، المكتبة العلمية. ص249
[5] -الأسطي، عبدالله محمد، أبو عمرو بن العلاء اللغوي النحوي ومكانته العلمية، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1976، ص2.
[6] -الحموي، ياقوت بن عبدالله، معجم الأدباء، تحقيق: أحمد فريد رفاعي، مطبوعات دار المأمون.القاهرة،1936 م ص11.
[7] -الراجحي، عبده، النحو العربي والدرس الحديث ، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1988 م،ص 8080.
[8] -جبار، علاء أحمد، العِلل النَّحوية في المبني الأسماء في شُروح التسهيل (دراسة نحوية وصفيّة تحليليَّة)، مجلة الانبار للغات والآداب، العدد 31، العراق، 2021، ص77.
[9] -بلخوجة عبد العزيز، العلة النحوية أنواعها، مسالكها وقوادحها، مجلة البدر، المجلد 10، العدد5، جامعة بشار، ص 544، الجزائر 2018م.
[10] -نور الدين، قفي، العلة النحوية بين النظرية والتطبيق- قراءة في فكر أبي الفتح عثمان بن جني، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، العدد التاسع، جامعة زيان عاشور، ص 7، الجزائر، 2014م.
[11] -بوخلخال، عبدالله، العلة النحوية وفق النظرية الخليلية، مجلة المجمع الجزائري للغة العربية، المجلد18، العدد1، الجزائر،2022م، ص22.
[12] -الزجاجي، أبو القاسم، تحقيق: د. مازن المبارك، الإيضاح في علل النحو، الناشر مكتبة دار العروبة مصر، 1959 م، ص65.
[13] -العبيدي، شعبان عوض محمد، التعليل اللغوي في كتاب سيبوبه، ص92، منشورات جامعة قان يونس، بنغازي، ط1، 1999م.
[14] -العبيدي، شعبان عوض، التعليل اللغوي في كتاب سيبويه، منشورات جامعة قان يونس، ليبيا- بنغازي، 1999، ص 92،
[15] -ينظر، منقور، عبد الجليل، علم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2001م.ص132.
[17] – سعدية موسى وإقبال سر الختم، تغيرات الدلالة ودورها في المعنى، دراسة في الحديث النبوي الشريف، مجلة العلوم والبحوث الإسلامية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، العدد الخامس، 2012م، السودان ص6.
([18]) – مختار، عمر أحمد، علم الدلالة، عالم الكتب، القاهرة، ط5، 1998م، ص11.
[19] -حمادو، أسماء، مورفولوجيا الكلمة وعلاقتها بمستويات التحليل اللساني، (الصوتي، النحوي، الدلالي)، مجلة الممارسات اللغوية، المجلد13، العدد3، جامعة مولود معمري، ص525، الجزائر، 2022م.
[20] -اليزيد، سلطان، علاقة اللفظ بالمعنى عند المحدثين، مجلة المعيار، المجلد 25، العدد 7، الجزائر، 2021م، ص 564.
[21] -أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ص11، عالم الكتب، القاهرة، ط5، 1998م.
[22] -تمام حسان، اللغة العربية مبناها ومعناها، ص9، الهيئة العامة للكتاب، مصر، 1973م.
[23] -إبراهيم أنيس، طرق تنمية الألفاظ باللغة، ص5، القاهرة، 1976م.
[24] -حلمي، خليل، العربية وعلم اللغة البنيوي، دراسات في الفكر اللغوي العربي الحديث، دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان،1988م، ص33.
[25] -بوطيش، زينب، وبوزريعة، أبو قاسم، العلة النحوية عند القدماء، مجلة الآداب واللغات، جامعة أبي بكر بالقايد، المجلد، 21، العدد1، ص21، الجزائر، 2021م.
[26] -سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ج2 ص161، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط3، 1408هـ – 1988م.
[27] -الشيرازي، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، القاموس المحيط، 3\331، (ت 817هــ).
[28] -محمد عيد، أصول النحو العربي، عالم الكتب، القاهرة، ط1، ص185.
[29] -السابق، نفسه. ص213.
[30] -محمد عيد، أصول النحو العربي، عالم الكتب، القاهرة، ط1، ص191.
[31] -سيبويه، الكتاب. ج1 ص 286.
[32] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص219.
[33] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص101.
[34] -بخولة، بن الدين، تأصيل الدرس النحوي لدى علماء المغرب، مجلة الفضاء المغاربي، مجلد 16، العدد3، جامعة ابي بكر بالقايد، تلمسان، الجزائر، 2018م، ص7.
[35] -السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن، الاقتراح في علم أصول النحو، تحقيق: أحمد محمد قاسم، القاهرة، مطبعة السعادة، 1976م، ص13.
[36] -ترزي، فؤاد حنا، في أصول اللغة والنحو، دار الكتب، بيروت، ط1، 1969م، ص82.
[37] -رشيد حليم، مرجعيات التعليل بين ابن جني والخليل دراسة تحليلية وموازنة بين منهجيهما في التعليل، مجلة الخطاب، المجلد 4، العدد 5، جامعة مولود معمري، الجزائر، 2009م، ص324.
[38] -رشيد حليم، مرجعيات التعليل بين ابن جني والخليل، مرجع سابق، ص324-325.
[39] -سورة محمد، آية 18.
[40] -سورة مريم، آية 7
[41] -سورة هود، آية 72.
[42] -الكتاب، سيبويه، ج3 ص 549.
[43] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص436.
[44] -شوقي ضيف، المدارس النحوية، ص27، دار المعارف بمصر، ط2، 1968م.
[45] -سيبوبه، الكتاب، ج3 ص 506.
[46] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص508.
[47] -الكتاب، سيبويه، ج2 ص (184، 185).
[48] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص361.
[49] -الأنباري عبد الرحمن بن محمد، لمع الأدلة في علم أصول النحو، ص93، منشور في كتاب الإعراب في جدل الإعراب، تحقيق سعيد الأفغاني، المطبعة السورية، دمشق، 1975م.
[50] -السيوطي، الاقتراح، ص15.
[51] -فندريس، اللغة، ترجمة عبد الحميد الدواحلي، ومحمد القصاص، القاهرة، ص205.
[52] -اللغوي، أبو الطيب، مراتب النحويين، ص34، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، ط2، 1974م.
[53] -الزبيدي، محمد ابن الحسن، طبقات اللغويين والنحويين، ص39، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع القاهرة، 1954م.
[54] -سيبويه، الكتاب، ج1، ص417.
[55] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص217.
[56] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص457.
-[57] الكتاب، سيبويه، ج3 ص295.
[58] -سيبويه، الكتاب، الهامش ج1 ص388.
[59] -سيبويه، الكتاب، ج1 ص (387-388).
[60] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص347.
[61] -سيبويه، الكتاب، ج ص 242.
[62] -سيبويه، الكتاب، ج3 ص293.