الطائفيّة كمفهوم بين الانقطاع والاتصال وإعادة الإنتاج
Taefia as a concept between continuity and discontinuity & reproduction
Jawad Albaghli Taher طاهر جواد البغليّ([1])
الملخص
يتناول البحث مفهوم الطائفية بوصفه مفهومًّا دخل منذ وقت ليس بطويل نسبيًّا على السّاحتين العربيّة والعالميّة، ويشير إلى أنّ هذا المفهوم قد شكّل حالة انقطاع مع المفاهيم السّابقة التي تشاركه المعاني الدّلاليّة. ويوضح أن مفهوم الطائفيّة بحدِّ ذاته ملتبس ويحمل دلالات متباينة. ومن ثمَّ يحاول تتبع دلالاته الدّقيقة ويقترح عدة مصطلحات بديلة أكثر دقّة منه من جهة، وقادرة على إعادة الاتصال مع التّراث الثّقافي التّاريخي من جهة أخرى.
الكلمات المفاتيح: طائفة – طائفية – طائفي – مذهب – مذهبية – فرقة – الفِرَقية – ملة – المِلّية – النظام المِلّي – عصبية – تعصب – حزب – شيعة – نحلة – الجماعة – الأمة – الديموقراطية التّوافقيّة.
Abstract
The research tackles “الطائفية” ”altaayifia “as a concept that has entered the Arab and the Global arena relatively not a long time ago. It indicates that this concept has formed a state of discontinuity with previous concepts that share semantic meanings. The research explains that the concept of “الطائفية” ”altaayifia “itself is ambiguous and carries different connotations. The research attempts to trace the exact connotations of “الطائفية” ”altaayifia “, and then proposes several alternative terms to it that are more accurate on one hand , and capable of reconnecting with the historical cultural Heritage on the other hand
Keywords :Band – Confession – Confessional – Confessionalism – cult – Denomination Denominational – Denominationlism – Group – Sect – Sectian – Sectarianism – Sectarian
المقدّمة
المصطلح والمعنى والانقطاع المعرفي: يُتَداول مفهوم “الطائفية” “Sectarianism” عادة ضمن سياقات محددة تقود الإنسان العادي إلى الظن بأنّه واضح ومفهوم إلى حدٍّ لا يحتاج التوقف عنده. إلّا أنَّ علاقة هذا المفهوم بمفاهيم أخرى مثل “الطائفة” “Sect” و”المذهبية” “” تثير التساؤلات حول معناه.
تعود كلمة “الطائفيّة” المشتقة لغويًّا من “طائفة” كما هو جليّ، والتي تعود بدورها للجذر “طاف”. ويدلنا البحث اللغوي في أُمات الكتب إلى أن كلمة “طائفيّ” أو “طائفيّة” لم تكن مستخدمة قبل القرن الرابع عشر هجري، إلا بمعنى النسبة إلى مدينة “الطائف”، وهي إحدى المدن في المملكة العربية السعودية([2]) أو أجزاء من القوس([3]). ولم تكن يحمل معنى الانتماء للطائفة.
إن أردنا أن نعرف سبب عدم استعمال المتقدمين لكلمة الطائفيّة بالمعاني التي نستخدمها اليوم، فعلينا أن نعود لمعنى كلمة طائفة كما هو متداول في تلك الحقبة، إذ نجد إنّ المعاجم القديمة تُورِد أن “الطائفة” لغة هي لفظ عام قد يشير لبشر([4])، أو جنٍّ([5])، أو حيوانات كالإبل مثلًا([6])أو حتى الجمادات([7])، والأشياء المعنوية مثل الليل([8]) والأحاديث وما شابهها. وفي هذا السياق يستحضرني بيتٌ شعر للشّاعر الجاهلي الأعشى إذ يقول:
أَصابَهُم مِن عِقابِ المَلكِ طائِفَةٌ كُلُّ تَميمٍ بِما في نَفسِهِ جُدِعا ([9]).
فهذا الجزء المسمى “طائفة” يتكون من عدة أفراد، إلّا أنّه لا يفترض أن يجمعهم شيء ما، ولكنه يشترط أن يكون ما يشار إليه جزء من كل أكبر ليسمى “طائفة”([10]). وهو ما يشير بوضوح إلى الاختلاف التام بين المعاني المستخدمة في تلك الحقبة والمعاني المستخدمة الآن.
بالعودة إلى استخدام هذا المصطلح في القرآن والحديث([11])، نجد أنّه ورد عدة مرات للإشارة إلى مجموعات ذات طابع عقائدي، مثل الإشارة إلى طائفة من أهل الكتاب مثل ما ورد في سورة آل عمران ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ٧٢﴾([12])، وما ورد في سورة الأعراف ﴿وَإِن كَانَ طَآئِفَةٞ مِّنكُمۡ ءَامَنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦ وَطَآئِفَةٞ لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ فَٱصۡبِرُواْ حَتَّىٰ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ بَيۡنَنَاۚ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ٨٧﴾. وما جاء في الحديث الشريف «لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ»([13]) إلا أنً أحاديثًا وآيات أخرى تشير إلى الكلمة نفسها بمعنى مجموعة عشوائيّة لا يجمعها ارتباط عقائدي مثلما جاء في سورة النساء ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلۡيَأۡخُذُواْ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن كَانَ بِكُمۡ أَذٗى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسۡلِحَتَكُمۡۖ وَخُذُواْ حِذۡرَكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا١٠٢﴾([14])، وما جاء في سورة النور ﴿يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ٢٤﴾ وما جاء في الحديث الشريف: “مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَا النَّجَاءَ، فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ”([15]).
ما تقدّم الحديث به يدلّ إلى أنّ استخدام كلمة طائفة في القرآن والحديث جاء لوصف مجموعة من الناس بانتفاء شرط أن تجمعهم عقيدة معينة، وهو الأمر المتوافق مع ما ورد في المعاجم اللغوية بألّا يشترط بالطائفة، أن يكونوا على هوى واحد، وإن كانوا على هوى واحد سمّوا حزبًا ([16]). ويبدو أن الاستخدام اللغوي الأقرب لما نطلق عليه اليوم طائفة كان حزب أو فرقة أو شيعة.
بالبحث عن كلمة طائفة في قاموس المورد وهو أحد أبرز القواميس ثنائيّة اللغة – من منتصف القرن الماضي إلى نهايته- سنجدها تترجم بمعنى الطائفة الدّينيّة أو الملّة في اللغة الإنجليزيّة إلى “Sect”. وكذلك “denomination” أو ” confession” أو “cult”. ويترجم طائفة بمعنى جماعة إلى “group” أو “troop” أو “band” وغيرها. أمّا طائفة بمعنى جزء فتترجم ” part” أو “portion” أو “section” أو “piece”([17]).
يبدو للوهلة الأولى القاموس قد فرّق بين المعاني المختلفة لكلمة “طائفة”، إلّا أنّ هذا التّفريق يتلاشى حين يترجم الكلمات المشتقة منها إذ نجده يترجم “طائفي” بكلمة “sectarian” أو”denominational” أو “confessional” ويترجم “طائفية” بكلمة “sectarianism” أو “denominationlism” أو “confessionlism” ([18]). ولا تبدو هذه الترجمات مبررة. فكلمة طائفي أو طائفيّة باللغة العربية لا تحمل تلك المعاني كما سلف الذكر، ولم يستطع المترجم تحديد المقصود منها إلّا حين أضاف إليها كلمة دينية بين قوسين ليحدد معناها، في حين أنه استخدم كلمة ملّة كمرادف، من دون الحاجة لأي تحديد ما يجعل ترجمتها أنسب.
لا يقتصر الأمر على القواميس العربية – الإنجليزية، ففي القواميس الإنجليزية – العربيّة في الحقبة الزّمنيّة نفسها، نجد الملاحظة ذاتها، فكلمة “Sect” تترجم إلى “طائفة” أو “نحلة” أو “شيعة” أو “فرقة” بينما اشتقاقاتها لا تحمل هذا التنوع، فتترجم “Sectian” بمعنى طائفي أو متعصب للطائفة أو عضو في الطائفة أو شخص متعصب ضيق التفكير، وتترجم “Sectianism” بمعنى الطائفيّة أو الرّوح الطائفيّة أو التّشيع للطائفة([19]).
يمكن تتبع هذه من الترجمات لأحد أقدم القواميس العربية – الإنجليزية وهو قاموس “English and Arabic Dictionary” الذي وضعه المستشرق جوزيف كاتافاجو ونشر في العام 1873م والذي ترجم كلمة “Sect” بعدة معانٍ من ضمنها “طايفة” وترجمها أيضًا بمذهب وفرقة وفرق وملّة([20])، إلّا أنّه لا يبدو أنّ ترجمة كاتافاجو كانت تفتقر لنوع من الدقة، فهو يترجم الكلمة أيضا بـ “أمة” وخارجي وخوارج ورافضي. كان قاموس كاتافاجو مخصصًا للطلاب والمسافرين مثلما أشار في مقدمته، وقد حرص على أن يضمنه المعاني الحديثة والمتداولة، وكونه قاموس مخصص للاستخدام العملي فقد انعكس ذلك على ترتيبه، إذ قام بترتيب الكلمات حسب طريقة لفظها وليس حسب جذورها([21]). ومن المستغرب أن لا تورد المعاجم العربيّة التي صنفت خلال القرن ذاته أو القرن السّابق له كلمة “الطائفة” أو الطائفيّة بالمعنى الذي ذكر في هذا القاموس مثل تاج العروس للزبيدي الذي كتب العام 1774، لم يشر لها بهذا المعنى، ولم يوردها المستشرق الهولندي “دُوزِي” في معجمه “تكملة المعاجم العربية” المنشور 1881 بهذا المعنى أيضًا([22])، أيّ أنّه لم يذكر بهذا المعنى بالمعاجم التي سبقته أو التي لحقته بمدّة قصيرة نسبيًّا. إلّا أنّنا وبالعودة إلى قاموس أقدم وهو” Arabic – English Lixecon” الذي ألفه المستشرق “إدوارد ويليام لين” ونشرت أول طبعة منه العام 1963 نجد أنّه قد ترجم كلمة “طائفة” بعدة معانٍ من ضمنها “Sect”([23])، ويشير لين الى مصدر معلوماته هو “المصباح المنير في غريب الشرح الكبير” للفيومي، لكن بالعودة إلى المصباح المنير لا نجد كلمة طائفة تحت كتاب الطاء، وهو يشير إليها في سبعة مواضع مختلفة بمعانٍ متعددة حسب السّياق([24])، ولربما التبس معنى الكلمة على “لين” ، ولعله لم يعد إلى معاجم أخرى للتأكد من المعنى، فقد جانبت ترجمته الدّقة. وقد يكون “لين” هو أول من استخدم هذه التّرجمة التي انتشرت بعده حتى استقر استعمالها في الترجمات اللاحقة.
سبقت القواميس ثنائيّة اللغة المعاجم والموسوعات بإعطاء كلمة طائفة وطائفي وطائفية معانٍ مستحدثة، وبالعودة إلى المصدر الذي أتت منه تلك المعاني نجد أن مصطلح “Sect” باللغة الإنجليزية يعني مجموعة صغيرة من أشخاص ينتمون إلى دين معين، إلّا أنّ لديهم بعض المعتقدات أو الممارسات التي تفصلهم عن بقية المجموعة([25]). ويعود تاريخ هذا المصطلح إلى اللغة الإنجليزية الوسطى التي تمتد في حقبة من حوالى 1250 م إلى حوالى 1400 م وله جذور فرنسيّة أو لاتينيّة. وكانت هذه الكلمة تُستخدم لوصف الجماعات المنشقة عن الكنسية الرّسميّة، أي أنّ المصطلح جديد نسبيًّا على اللغة الإنجليزية. ويرى عزمي بشارة أن ترجمة “Sect” بكلمة طائفة خطأ. ويرى أنّ أقرب كلمة لها في اللغة العربيّة، هي كلمة فرقة([26]).
بالاستناد إلى ما تقدّم نفهم اليوم أنّ كلمة الطائفيّة تشير الى الروابط الدّينيّة والعقائديّة، غير أنّها لم تحمل هذا المعنى إلا مؤخرًا، أمّا الكلمة التي كانت تحمل تلك المعاني فهي الـ “مذهبيّة” المشتقة من كلمة “مذهب”، وهو المعتقد الذي يُذهب إليه([27]). إلّا أنّ الاستخدام القديم لهذه الكلمة يكاد يكون محصورًا بين أهل العلم لوصف المدارس الفقهيّة واللغويّة والكلاميّة وغيرها من دون أن يحمل أيّ دلالات سلبيّة أو دلالات تتعلق بالسلوك المبني على هذا الانتماء.
المعنى المتداول للطائفيّة في الأدبيات التي كُتِبت خلال المئة عام الأخيرة، والمدون في القواميس اللغويّة الحديثة، من مثل المعجم الوسيط الصادر من مجمع اللغة العربيّة، الذي صدرت طبعته الأولى في العام 1960، يعرّف الطائفيّة أنها التعصب لطائفة مُعينَة، مع الإشارة إلى أنّها كلمة محدثة([28]). والمصطلح الإنجليزي الذي يعبر عن هذا المعنى هو “sectarianism” والذي يعني دعم قوي لمجموعة دينيّة أو سياسيّة معينة، خاصة عندما يؤدّي ذلك إلى العنف بين الجماعات المختلفة([29]).
يبدو أنّ مصطلح “الطائفية” هو مصطلح مترجم منقطع الاتصال بالإرث اللغوي والثقافي العربي. وعلى الرّغم من أنّ القضايا التي تُبحث تحت هذا المصطلح موجودة في الكتابات العربيّة قبل هذا التاريخ، إلّا أنّه لم يكن يستخدم للدّلالة عليها. وفي حين أنّ عزمي بشارة ينتقد ترجمة هذا المصطلح ويُعدُّها ترجمة خاطئة، إذ يرى أنّ ترجمة “الطائفيّة” بمصطلح ” sectarianism” هي الترجمة المنتشرة، إلا أنّها مع ذلك خاطئة. ويضيف أن الترجمة الصحيحة له، والتي تحمل الدّلالات السّوسيولوجيّة الدقيقة، هي “confessionalism”([30]). واعتراضه هذا منصبٌّ على استخدام المصطلح في إطار علم الاجتماع، وليس ضمن إطار الاستخدام العام له. ويلاحظ أنّ مصطلح “confessionalism”، الأقل شيوعًا في اللغة الإنجليزية، يحمل اعترافًا بعلاقة أقرب ما تكون بالأفقيّة بين الطوائف المختلفة أكثر من مصطلح “sectarianism” الذي يشير تاريخه أكثر إلى الطوائف المنشقة عن الكنيسة الرّسميّة. وهو لم يستخدم إلا في أطر ضيقة ولوصف حالات نادرة.
إلا أن جهد بشارة المميز في محاولة استخدام المصطلح الإنجليزي المناسب لترجمة كلمة الطائفيّة مفيد جدًا للباحثين الراغبين بالاطلاع على المزيد من الكتب والأبحاث الأجنبية في هذا المجال، بيد أنّه لا يحل مشكلة انفصال المصطلح عن تاريخه العربي، الأمر الذي يحرم القارئ والباحث العربي من ربط هذا المفهوم بالتّاريخ الثّقافي العربي الغني، والحفاظ على صلته بالكتابات الغربيّة والعربيّة الحديثة فقط.
المعنى التداولي للطائفية والالتباس الدّلالي: لا نجد اختلافًا كبيرًا في الاستخدام التّداولي المعاصر لمفهومي الطائفيّة والمذهبيّة، في ما عدا إنّ كلمة طائفة قد تشير إلى أديان ومذاهب مختلفة، بينما تشير المذهبيّة إلى مذاهب مختلفة داخل دين واحد فقط. والواقع أنّ هناك من يستخدم المصطلحين للإشارة الى المعنى نفسه من دون تفريق. إلا أنّ كلمة الطائفيّة هي الأكثر استخدامًا وتداولًا على الرّغم من أنّها على عكس المذهبيّة منفصلة عن تاريخها.
وعلى الرّغم من أنّنا نتحدث عن المعنى الحديث المتداول لمفهوم الطائفيّة، وليس عن المعاني المعجميّة القديمة، لذا حريٌّ بنا أن نشير الى معانٍ وليس معنى واحد، فالمفهوم أصبح محمّلًا بمعانٍ متشعبة ومتباعدة أحيانًا وقد شبّه أنطوان مسرة مفهوم الطائفيّة بسلّة المهملات، التي يلقي فيها الجميع كل ما لا يرضيه([31])، ومن الممكن تقسيم تلك المعاني المتداولة إلى أربع دلالات رئيسة، وهي كالآتي:
الدلالة الأولى: تعتمد على فكرة الانشقاق، إذ إنّ هناك فهمًا واحدًا صحيحًا للمعتقد الدّيني، وهو على الأغلب الفهم الرّسمي المتبنى من الدّولة والأغلبيّة المهيمنة. ووفقًا لهذا الفهم، فإنّ أي انحراف عن المعتقد الرّسمي يعدُّ طائفيّة. ومثال على ذلك ما كتبه معتز الخطيب، الذي يرى أن هناك مفهومين، مفهوم “الأمة” الذي يشير إلى أهل السُنّة والجماعة، ومفهوم “الطوائف” الذي يشير إلى بقيّة الفرق التي انشقت عن تلك الجماعة. وقد وصف الخطيب الأمة بقوله: “السِّمة المميزة للأمّة هي صفة الجامعيّة، فـ”الجماعة” شكلت سِمة مميزة للتيار العام (أهل السُّنة والجماعة) منذ نشأته” بينما قال عن الطوائف: “فالتفرق والانشقاق عن التيار العام هو السِّمة المركزيّة المصاحِبة للفِرق وما سمي – حديثًا – الطوائف”([32]).
الدلالة الثانية: وهي تُعِدُّ أن الطائفية محددة للهوية، نظرًا إلى وجود عدة عوامل تحدد هوية الشخص باستخدام هويّة دينيّة أو مذهبيّة، والاستناد عليها لتحديد علاقته بالجماعة التي ينتمي إليها من جهة والجماعات الأخرى والدولة من جهة أخرى([33]). وتلك العلاقة تأتي عن طريق التزام المنتمي لتلك الطائفة بالولاء لطائفته واتباع تعاليمها، وهو ما عرفه عزمي بشارة أنّه “تحديد الفرد لهويته بالتّعصب لانتماء ديني أو مذهبي إلى جماعة أو طائفة، إذ يتحدد بموجبها سلوك الفرد تجاه بقية الأفراد داخل جماعته هذه وخارجها”([34]) وما عرّفته ريما ماجد بقولها “الطائفيّة لا تعني بالضرورة تعصبًا دينيًّا، بل ولاءً سياسيًّا وأيديولوجيًّا”([35]).
يُنظر إلى الشخص الطائفي وفقًا لهذا الفهم، بشكل سلبي ومثير للرّيبة، فمن جهة يعتقد أنّه يرجح مصلحة طائفته وانتمائه لها على المجموعة الأكبر التي يمثلها الانتماء الوطني أو القومي، الأمر الذي يضع الانتماء الطائفي في مواجهة الانتماء القومي أو الوطني. ومن جهة أخرى، يُركَّز على الانتماء الطائفي العابر للحدود، والذي في كثير من الأحيان ما يوطد علاقات أفراد الطائفة بأفراد أو جماعات أو حكومات دول تحكمها أو يمثل فيها أفراد طائفته الأغلبيّة. وهذا أمر ينتج غالبًا عن أساس أن تلك الدول مراكز روحيّة وثقافيّة، ما يحرك ضدهم اتهامات بالعمالة والولاء لأطراف خارجيّة، وهي الاتهامات التي تتأجج عادة في حال دخلت الدولة، التي تُعدُّ مركزًا للطائفة في صراع مع الدولة، التي يحمل المنتمي للطائفة مواطنتها. وهو أمرٌ أقرب لما يصفه بشارة بالطائفة العابرة للحدود، والتي يُعدُّها جماعة متخيّلة وليست حقيقيّة، إذ إن الجماعة تمثل الأشخاص الذين يلتقي بهم الإنسان في حياته اليوميّة، بينما تمثل الطائفة علاقة مع أشخاص لا يعرف عنهم المرء شيئًا ولا تربطهم به إلًا علاقة متخيلة([36]).
في الواقع، إن حالة توارث المعتقد الشّائعة في كثير من بلاد العالم، والتي على أساسها يدوّن معتقد الشّخص على أوراقه الشّخصيّة منذ ولادته، قد أدت إلى شكل من أشكال الارتباط بين المعتقدات والإثنيات، لتصبح الطائفة مزيج من الهويتين، بل وقد تضاف إليها هُويات أخرى مثل الأصل والقبيلة والمنطقة لتشكل تقسيمات طائفيّة أصغر داخل الطوائف الرئيسة. ويميل بشارة إلى أنّ العنصر الحاسم في تحديد الهُويّة الطائفية، هو الإثنية وليست العقيدة([37])، إلّا أنّ العديد من التّطبيقات العمليّة تبيّن أنّ العقيدة أيضًا، قد تكون عنصر الحسم في تحديد الهُوية. ففي حين نجد أن أكراد العراق، على سبيل المثال، يميلون لتحديد هويتهم بقوميتهم الكردية على الرّغم من اختلاف أديانهم ومذاهبهم، مثلما أشار بشارة. إلّا أنّنا في المقابل نجد أنّ شيعة العراق من الأصول القوميّة العربيّة والفارسيّة يميلون إلى تعريف هُويتهم بأنها شيعيّة، وهو مخالف لما أشار إليه بشارة. بينما يرى فالح عبد الجبار من جهة أخرى أنّ الهُويّة الطائفيّة تُستَخدم كبديل عن الهُويات الاجتماعيّة أو الأيديولوجيّة، إلّا أنّ الهُويات الدّينيّة تنشطر بتأثير التنظيمات الاجتماعيّة من قبائل أو طبقات([38]).
الدلالة الثالثة: تعامل هذا الفهم مع الطائفيّة كنظام سياسي ينظم علاقة المواطنين بالدولة من خلال طوائفهم. ويشار إلى هذا النظام بمفهوم آخر وهو “الديموقراطيّة التوافقيّة”، التي وصفتها آرنت ليبهارت أنّها “استراتيجيّة في إدارة النّزاعات من خلال التّعاون والوفاق بين مختلف النِّخب بدلًا من التنافس واتخاذ القرارات بالأكثرية..”([39]). وهي أحد أشكال الديموقراطيّة التي تمارسها المجتمعات التّعدديّة وتحاول من خلالها حماية الأقليّات من سيطرة أحد قطاعات المجتمع عن طريق ضمانات، من أبرزها: الحكم من خلال ائتلاف واسع يمثل الزّعماء السياسيين أو ممثلين الطوائف، وكذلك وجود فيتو عند كل الطوائف، إضافة إلى ضرورة اعتماد النّسبيّة كمعيار في التّمثيل السياسي والتّعيينات في نظام الخدمة المدنيّة وتخصيص الأموال العامة، وأن يُقسَّم البلد لقطاعات ذات استقلاليّة عالية تمثل المكونات الاجتماعية([40]).
يعدُّ النّموذج اللبناني واحدًا من أبرز تلك النماذج سواء على المستوى العربي أو الدولي، وإن كان تبنيه – حسب الدّستور اللبناني – قد جاء على ما يبدو كإجراء مؤقت([41])، إلّا أنّ التّطبيق العملي يشير إلى أنّه نظام آخذ بالرسوخ والتجذر على الرّغم من “استياء” كثير من المواطنين من آثاره السلبيّة والمشاكل الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي نشأت بسببه.
الدلالة الرابعة: هي الفهم الأكثر انتشارًا للطائفيّة، والتي تشير إلى المعاملة التّمييزيّة أو الكراهيّة أو العنف ضد الطوائف الأخرى. وهو ما عبّر عنه جون بريور بأنه “تحديد الأعمال والسلوكيات والممارسات بواسطة الإيمان بالفوارق الدينية الناجمة عن جعلها حدودًا تمثل التّراتبيّة الاجتماعيّة والصراعات”([42]). ويعرّفه أسامة مقدسي أنّه “تفضيل جماعة على أخرى، سواء في ممارسات التّوظيف، والتّأجير، وحصّة التّوظيف، أو توزيع موارد الدولة؛ أيّ يمكن القول إنّه سلوكٌ أقرب إلى التّمييز والتنميط العنصريّ. كما يُستخدَم مصطلح “الطائفيّة” أيضًا لتوصيف مشاعر تحثّ التّعبئات الطائفيّة الحادّة، والحرب البين طائفيّة، والعنف الإباديّ الذي ترتكبه جماعةٌ ضدّ جماعةٍ أخرى”([43]). وقد أكسب هذا الفهم، أكثر من غيره، مفهوم الطائفيّة أبعادًا سلبيّة منفرة نتيجة للآثار الكارثيّة والمدمرة التي يخلفها في المجتمع.
يتضح من هذه الدّلالات الأربعة للطائفيّة أن المفهوم فضفاض بشكل كبير، بل أنه يحمل معان متناقضة، الأمر الذي أدى الى “سهولة إساءة استخدامه”. ويشير مقدسي إلى أنّه عمليًّا لا توجد جماعة تصنف نفسها أنّها طائفيّة لكن هناك جماعات تُصنف من الآخرين أنها طائفيّة، وأن الطائفيّة تعدُّ وصمة تخلي الجماعة نفسها فيها من المسؤوليّة، وتلقي التّهمة على الآخرين لتبرر القيام بفعل محدد، قد يكون عنيفًا، يمارس ضد الآخرين([44]). لذلك، فالحديث عن الطائفيّة ينظر إليه دائمًا بالتّوجس، والحديث عن الظلم الطائفي ينظر إليه بوصفه تحريضًا سيء النّية يُقصد به مهاجمة الطوائف الأخرى. ولا يمكن لوم أصحاب هذه النّظرة، فهذا المفهوم قد أُسيىء استخدامه عمليًّا بشكل كبير، إذ أصبح كثير من الناس يُعدُّون أن الصمت عن الواقع الطائفي وتجاهله أفضل من الحديث عنه، لأنّ الحديث عنه سينقل الخلافات الطائفيّة من مرحلة الخمول إلى مرحلة الصدام.
إزالة الالتباس وإعادة الاتصال مع التّاريخ: إن التباس المفهوم ليس السبب الوحيد الذي يجعل من الحديث عن الطائفيّة وسيلة تستخدم لإذكاء الصراع الطائفي، إلّا أنّ إزالة هذا الالتباس ستكون مفيدة بالتأكيد، لتسهيل الطرح العقلاني عبر إزالة بعض العقبات المفهوميّة أمام الباحث في أبعاد الموضوع، كما أنّها قد تساهم في إمكانيّة استخدام المفهوم بشكل فعال في الخطابات الدّاعيّة إلى العدالة الاجتماعية والمساواة ضمن إطار السلم الاجتماعي والعلاقة الإيجابيّة بين أفراد المجتمع.
مفهوم الطائفية حديث نسبيًّا وقد دخل إلى اللغة العربية مستوردًا من الغرب، وشكل انقطاعًا عن المفاهيم الأقدم التي كانت تعبّر عن المعاني نفسها. وإن كان المرء لا يجد مفردة تعبّر عن كل المعاني التي يحملها مفهوم الطائفية، فلربما كان هذا الأمر إيجابيًّا، إذ إنه قد يساعد في محاولة إزالة الالتباس الدلالي. وما سنقوم به هنا هو محاولة تجمع بين العودة إلى الماضي من جهة وتوليد مفاهيم جديدة من جهة أخرى، وستتركز هذه المحاولة على بناء أربعة مفاهيم مختلفة كبديل للمفهوم الحالي، سعيًا لفك الالتباس بين المعاني المختلفة، على النحو الآتي بيانه:
المفهوم الأول: من الممكن استخدام مصطلح “الفِرَقية”، عوضًا عن الطائفيّة بمعنى الانشقاق عن الجماعة. فالفرقة لغة تعني خلاف الجمع([45])، وقد استخدمت في الحديث بمعنى ترك الجماعة([46]). وهذا المصطلح يحقق ثنائيّة الفرقة في مقابل الجماعة وهو المقصود بالمعنى المراد.
والواقع إن مصطلح “فرق” قديم ودارج بين الكتاب. فنجده مثلًا في كتاب “الفرق بين الفرق” للبغدادي وكتاب “فرق الشيعة” للنوبختي. إلّا أنّ هذا الاستخدام قد يواجه معارضة بسبب وجود معنى آخر للفرقة، كالذي ورد في حديث الفرقة الناجيّة والذي يُعدُّ الفرقة النّاجية كأحد الفرق. ولا يمكن استخدام ثنائيّة الفرقة والجماعة بهذا المعنى. إلّا أنّ النّص الذي أورده ابن ماجة لهذا الحديث قد يزيل الاعتراض بقول: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إلّا وَاحِدَةً وَهِيَ: الْجَمَاعَةُ”([47]) وهنا نجد أن الفرقة النّاجيّة لها مسمى آخر وهو الجماعة، لذلك نجد أن ابن الجوزي مثلا يضع أهل السُّنة والجماعة في تصنيفه بوصفهم إحدى الفرق، من دون أن يقلق من جمع مفهومي الجماعة والفرقة([48]).
استخدام مصطلح فِرَقية موجود فعلًا وإن كان على مستوى أقل انتشارًا، فعلى سبيل المثال نجد مقداد يالجن قد استخدمها في كتابه “علم الأخلاق الإسلاميّة”([49])، وكذلك ناصر بن عبد الكريم العلي العقل في دروسه الصوتيّة([50]). الأمر الذي يؤشر إلى إمكانيّة التوسع في استخدامه مستقبلًا للإشارة إلى المعنى المراد.
المفهوم الثاني: إن استخدام مصطلح بديل عن الطائفية بمعنى محدد للهُوية، ليس بالأمر اليسير. فاقتراح مصطلح مثل “العصبيّة” قد يكون لأول وهلة مناسبًا، إلّا أن هذا المصطلح يشير لغويًّا إلى الانتماء القبلي، وكذلك بأنّه ضد كلمة ديانة([51]). ويمكن التفكير بطرح مصطلح “الشِيَعيّة” كبديل، وعلى الرّغم من أنّ المصطلح مشابه للفِرَقية إذ إنّ كلمة “شيعة” قد تعني فرقة بمعنى انفصال عن مجموعة رئيسة، مثلما ورد في سورة الروم ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ٣٢﴾. إلّا أنّ لكلمة “شيع” معنى إضافي وهو: كُلُّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض([52]). ويبدو المصطلح مثاليًّا لوصف هذا المعنى، لولا طغيان استعماله لوصف أحد الفرق الإسلاميّة، وهي شيعة علي بن أبي طالب، ليكون استخدامها للمعنى المقترح غير مفهوم ولا متقبل عند الأغلبيّة، إذ لن يكون من اليسير أن نصف السُّنة مثلًا بأنهم أحد الشيع، ويجب أيضًا استبعاد هذا المصطلح.
من الممكن طرح مصطلح “المِلّية” كبديل، وهو مشتق من كلمة ملة التي تعني الشّريعة([53])، إلّا أنّ استخدامات كلمة الملة تقع في ثلاث أطر مختلفة، فهناك من يرى أنها عبارة عامة جدًا تميز الإسلام عن الكفر، فيقولون ملّة أهل الإسلام واحدة وملّة أهل الكفر واحدة([54]). وهناك استخدام آخر للملة، وهو الشريعة المتبعة لكل دين، وهي مختصة بما له شرائع من أديان فقط([55]). وقد أتت العديد من آيات القرآن بهذا المعنى بذكر ملة إبراهيم([56])وملة اسحق ويعقوب([57]). وهناك من يرى أن مصطلح الملّة لا ينطبق على الكفار، ومن أصحاب هذا الرأي الفَتَّنِي الكجراتي الذي يرى أن إطلاق الملة على أهل الكفر يقع من باب المجاز لأن اللفظ خاص بأصحاب الأديان السماوية فقط([58]). وهناك أيضًا استخدام للملة بوصفها مذهبًا أو فرقة داخل الدّين الواحد، وهو ما ذكر بالحديث “إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإنّ هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة …”([59]). إلّا أنّ هذا الاستخدام لمصطلح الملة ليس منتشرًا كثيرًا، فنجد مثلًا كتب الفرق الإسلاميّة، مثل كتاب “الملل والنّحل” للشهرستاني لا يستخدم مصطلح ملّة إلّا لوصف دين من الأديان. والمحصلة هي أن المصطلح قد يضيق وقد يتسع، ما يترك فسحة أكبر للاستخدام. وما يميز مصطلح الملة أنّه يشير إلى الشّريعة إذ يجْتَمع عليها، وهو معنى دقيق لما يراد وصفه([60]).
هناك مصطلح لغوي آخر قد يكون مكملا للملة، إذ نجد الجرجاني في “كتاب التعريفات” يقول “الدِّين والملة: متحدان بالذات، ومختلفان بالاعتبار؛ فإنّ الشّريعة لجهة أنّها تطاع تسمى: دينًا، وإنها تُجمَع تسمى: ملة، وإنها يُرجَع إليها تسمى: مذهبًا، وقيل: الفرق بين الدين، والملة، والمذهب: أنّ الدين منسوب إلى الله تعالى، والملة منسوبة إلى الرسول، والمذهب منسوب إلى المجتهد”([61]). ومن الممكن إكمال مصطلح المِلّية بمصطلح المذهبيّة. ومصطلح المِلّية مستخدم فعلًا في العديد من الكتابات، إذ نجده مثلًا لدى الصنهاجي في آثاَرُ ابْنُ بَادِيسَ([62])، ومحمد رشيد رضا في تفسير المنار([63]).
المفهوم الثالث: أمّا معنى الطائفيّة الذي يشير للنظام السياسي الطائفي، فقد يكون أكثر المصطلحات انطباقًا عليه هو مصطلح الحزبيّة. وذلك لأنّ الحزب كما سبق ذكره يشير إلى مجموعة أشخاص على هوى واحد، إلّا أنّ هذا المصطلح أصبح غير صالح للاستخدام بسبب طغيان التسمية الحديثة للأحزاب السياسية عليه، والتي قد تؤسس على أُسس علمانيّة أو وطنيّة أو قوميّة، ولا توصل المتلقي إلى المعنى المنشود. لذلك، من الممكن اقتراح مصطلح “النظام المِلّي” كبديل، وهو مصطلح يستحضر أنظمة كثيرة كانت موجودة في الماضي وما زالت، ولكن بأسماء مختلفة، ومن الممكن تتبع جذوره في المنطقة إلى عهد للعثمانيين([64]). فجمهورية مصر العربيّة، على سبيل المثال، كان لديها سابقًا المحاكم أو المجالس المِلّية ومحاكم شرعيّة، والمقصود بالملية هنا هي محاكم غير المسلمين التي تحكم بقضاياهم الشّرعيّة([65])، وهو النّظام الذي ألغي واستعيض عنه بنظام محاكم مدني بموجب قانون وقعه جمال عبد الناصر في العام 1955([66]). ومن الممكن إعادة استخدام مصطلح النظام المِلّي لتوظيفه في وصف الأنظمة السياسيّة القائمة على الديموقراطيّة التّوافقيّة، وقد يكون من الأدق استخدام مصطلح النّظام الملي المذهبي، أو أن يُستَخدم كل من المِلّي والمذهبي بشكل منفرد لوصف حالات أكثر تفصيلًا بأطر محددة.
المفهوم الرابع: كما يمكن استخدام مصطلح “الفتنة” بدلًا عن مصطلح الطائفيّة بمعنى التّمييز والعنف والكراهية تجاه الآخر. فكلمة فتنة تأتي بمعنى اختلاف الناس بالآراء([67])، وتأتي بمعنى الحروب والقتل والاختلاف ما بين الناس([68])، وتأتي أيضًا بمعنى الإضلال. وقد ذُكِر النهي عن المشاركة بالفتن في الحديث([69]). ويصف الحديث الفتنة أيضًا أنّها مبنيّة على جهل مؤقت إذ لا يستبين الإنسان الحقّ منها إلّا بعد انقضائها([70]). ويستحضر مصطلح الفتنة الأحداث التي تلت مقتل الخليفة الرابع عثمان بن عفان، والتي أدت إلى حروب طاحنة بين المسلمين قتلت فيها أعدادًا مهولة وأدت الى اضطرابات سياسيّة ما نزال نعاني من تبعاتها. فالمصطلح يحمل المقومات الكافية سواء لغوية أكانت أو من الذاكرة التاريخية ليُقترَح كبديل.
الخاتمة
لا ريب في أنّ محاولة تغيير مصطلحات “دارجة” تبدو محاولة شديدة الجرأة، إذ إن التأثير على تداول الكلمة بين عشرات ملايين الأشخاص ليس بالأمر اليسير، لكن التاريخ يخبرنا أن هذا الأمر متكرر الحدوث. فهناك دائمًا مصطلحات تخبو وتظهر بدلًا عنها مصطلحات جديدة، إلّا أنّنا نحاول هنا ألا تكون عملية التّغيير عشوائيّة، بل مبنية على الحاجة العملية لتغيير المصطلحات.
إن عملية تغيير المصطلحات التي قد تبدو ترفًا فكريًّا لدى البعض، هي عملية تستهدف وضوح الدّلالات، وذلك لسببين: الأول، هو أن اللغة هي وسيلة تواصل، وعدم دقة الدّلالات سيؤدي لإرباك في نقل المعلومات، والذي يعدّ أحد أكثر وظائف اللغة أهمّيّة. أمّا الثاني، فهو أنّ اللغة هي أداة تفكير، وتعدد المعاني لمصطلح واحد قد يؤدي للوقوع في أغلوطة الاشتراك اللغوي. لذلك فإنّ إعادة ضبط المصطلحات ضرورة وليست ترفًا، وهو ما استهدف هذا البحث القيام به.
وهناك ملاحظة أخيرة لا بدّ منها حول أوجه القصور في هذا البحث. فإنّ البحث في هذا المفهوم يرتبط باللغة العربيّة، وهو يتعامل مع شقين: اللغة والإنتاج الثقافي المنتج بهذا اللغة. ونظرًا إلى كون المناطق التي تتحدث باللغة العربية كانت تحت الحكم الإسلامي خلال المدّة التّاريخيّة التي وصلنا منها إنتاج ثقافي مكتوب بغزارة، فمن المتوقع أن يكون الإنتاج الإسلامي هو الطّاغي على تلك المصنفات. ونتيجة لذلك، نجد أنّ الآثار والنّصوص الإسلاميّة قد طغت على الاستشهادات في هذا البحث. بالإضافة إلى ذلك، هناك قصور بشري، نتيجة لنوعيّة المادة المتوافرة للباحث، إذ إنّه قد يكون هناك منتج ثقافي لأصحاب أديان مختلفة كتب باللغة العربية ولم يتمكن من الاطلاع عليها. آملين أن يتاح لنا تغطية هذا الجانب ببحث آخر في المستقبل.
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
- ابن الجوزي، كيد الشيطان لنفسه قبل خلق آدم عليه السلام ومعه بيان مذاهب الفرق الضالة، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط1، 1999م.
- ابن حنبل، أحمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، ٢٠٠١م
- ابن ماجه، أبو عبد الله محمد، سنن ابن ماجه، دار إحياء الكتب العربية (فيصل عيسى البابي الحلبي)
- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر بيروت، ط3، 1414هـ.
5- الأزهري، محمد بن أحمد، تح: محمد عوض مرعب، تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001م.
6-البعلبكي، روحي، كتاب المورد قاموس عربي- إنجليزي، دار العلم للملايين، بيروت،ط7 ،1995م.
7-الجرجاني، علي بن محمد، كتاب التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، ط1، ١٩٨٣م.
8 – الحاكم، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، ١٩٩٠م.
9-الحربي، إبراهيم بن إسحاق، غريب الحديث، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ط1، ١٤٠٥ه.
10- الدستور اللبناني مادة 95
11-الرازي، زين الدين، مختار الصحاح، المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت – صيدا، ط5، ١٩٩٩م.
12- الزبيدي، مرتضى، تاج العروس، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط3 ،1993 م.
13-الصنهاجي، عبد الحميد محمد، آثاَرُ ابْنُ بَادِيسَ، دار ومكتبة الشركة الجزائرية، الجزائر،ط1، ١٩٦٨م.
14- العسكري، أبو هلال، معجم الفروق اللغوية، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، ط1، ١٤١٢هـ.
15-الأعشى، ميمون ابن قيس ابن جندل، تحقيق جاير، تهذيب اللغة، رودلف جاير، فينا، 1927م.
16-الفَتَّنِي الكجراتي، محمد، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حیدر آباد، ط3، ١٩٦٧م.
17-الفراهيدي، الخليل بن أحمد، تحقيق مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال، ط1، بيروت لا سنة طبع.
18- الفيومي؛ أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية، بيروت،1994م.
19-الكفوي، أبو البقاء، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998م.
20-بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة، الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ط1، 2018م.
21-رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٠م.
22-محمد بن إسماعيل، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دار طوق النجاة ط1، ١٤٢٢هـ.
23-مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، دار الدعوة، بيروت، ط3، 1989م.
24-يالجن، مقداد، علم الأخلاق الإسلامية، دارعالم الكتب للطباعة والنشر، الرياض، ط2، ٢٠٠٣م.
المراجع المعرّبة
- آرنت لبيهارت، الديمقراطية التّوافقيّة في مجتمع متعدد، ترجمة حسني زينة، ط1، بغداد، معهد الدراسات الاستراتيجية، 2006.
- دُوزِي، رينهارت بيتر آن، تكملة المعاجم العربية، ترجمة محمَّد سَليم النعَيمي، ط1، وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية، ٢٠٠٠م.
3– هايوود، جون أ، ترجمة علوي، حافظ إسماعيلي، القاموسية الثنائية بالعربية، تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المعهد العربي للأبحاث والدراسات السياسية، ، العدد 16، المجلد الرابع، ربيع 2016م.
المراجع الأجنبيّة
[1]- Brewer, John D, Sectarianism and racism, and their parallels and differences, Ethnic and Racial Studies, Vol 15, No 3, 1992.
-2 Catafago, Joseph, English and Arabic Dictionary, London, 1873.
3 -Lane, Edward William, Arabic–English Lexicon, Willems and Norgate , London, 1836.Book 1, part 5,
4 -Makdisi, Ussama, MYTHOLOGY OF A SECTARIAN Middle East, e James A. Baker III Institute
for Public Policy.
الدّوريات
1- المدن، لويس، شادي، “عصر التعايش” لأسامة مقدسي.. الطائفية ليست قدراً”، 25/10/2019
2- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بنيوب، أحمد شوقي وآخرون، تحرير بلقيز، عبد الإله، الطائفية والتسامح والعدالة الانتقاليّة من الفتنة الى دولة القانون. ط1، بيروت، 2013م.
3-اليوم السابع، الشحات، سعيد، “ذات يوم.. 21 سبتمبر 1955.. إلغاء المحاكم الشرعية والقضاء المُلى وشيخ الأزهر يصفها بالخطوة التحررية”، 21 سبتمبر 2020م.
مواقع الكترونيّة
-1https://www.aljazeera.net/opinions/2015/9/7/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%81
-2https://www.oxfordlearnersdictionaries.com/definition/english/sect?q=sect
https://manshurat.org/node/12796-3
موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net -4
https://www.bbc.com/arabic/magazine-54457986-5
Taher_b@hotmail.com- طالب في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية الآداب والعلوم الانسانيّة والاجتماعية- قسم الفلسفة-[1]
[2] -انظر الزبيدي، مرتضى، تاج العروس، ط3، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت،1993. ص168
[3] -انظر الأزهري، محمد بن أحمد، تح: محمد عوض مرعب، تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، ط1، بيروت، 2001م، ج9، ص251.
[4]– ابن منظور، لسان العرب، ط3، دار صادر بيروت، 1414هـ، ج1، ص587.
[5] – الفيومي؛ أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية، بيروت، 1994، ج2، ص390.
[6] – الفراهيدي، الخليل بن أحمد، تحقيق مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال، ط1، بيروت، ج4، ص334.
[7]– الفراهيدي، الخليل بن أحمد، م، س، ج1، 135.
[8] – الأزهري، محمد بن أحمد، …. م، س، ص87.
[9] – الأعشى، ميمون ابن قيس ابن جندل، تحقيق جاير، تهذيب اللغة، رودلف جاير، فينا، 1927م، ج9، ص29.
[10] – ابن منظور، لسان العرب، م،س، ج9، ص226.
[11] -لا يمكن الاستشهاد بالمعنى المذكور في التوراة والإنجيل كونهما لم يكتبا باللغة العربية. وإن كانت الكلمة موجودة فيهما بالترجمات الحالية، إلّا أنها مترجمة. ونتيجة لفَقْدِ أغلب الترجمات العربية القديمة للتوراة والإنجيل يكون الاستشهاد بالمعنى منهما غير مجدٍ، لأنّ المترجم الحديث ربما كان قد تأثر باستخدام المصطلح في وقت التّرجمة.
[12] -سورة آل عمران الآية 72
[13] – محمد بن إسماعيل، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ط1، دار طوق النجاة، ١٤٢٢هـ، ج9، ص101.
[14] -سورة النساء الآية 102
[15] – محمد بن إسماعيل، محمد بن إسماعيل، م،س، ج8، ص101.
[16]– الفراهيدي، الخليل بن أحمد، م،س، ج3، ص165.
[17] – البعلبكي، روحي، كتاب المورد قاموس عربي-انجليزي، دار العلم للملايين، ط7، بيروت،1995م، ص716.
[18] – البعلبكي، روحي، م،س، ص716.
[19] – البعلبكي، منير، …. م،س، ص1043-1044.
[20] – Catafago, Joseph, English and Arabic Dictionary, London, 1873. P 954.
[21] – بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة. ط1. الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018م. ص111.
[22] – هايوود، جون أ، ترجمة علوي، حافظ إسماعيلي، القاموسية الثنائية بالعربية، تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المعهد العربي للأبحاث والدراسات السياسية، ، العدد 16، المجلد الرابع، ربيع 2016، ص 44-45 .
[23] – Lane, Edward William, Arabic–English Lexicon, Willems and Norgate , London, 1836.Book 1, part 5, P 910.
[24] – الفيومي؛ أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس م، س.
[25]– https://www.oxfordlearnersdictionaries.com/definition/english/sect?q=sect
[26]– بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفيّة، م،س، ص108.
[27] – ابن منظور، لسان العرب، م،س، ج1، ص394.
[28]– مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، ط3، دار الدعوة، بيروت،1989 م، ج2، ص5714.
[29] -https://www.oxfordlearnersdictionaries.com/definition/english/sectarianism
[30] – بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، م،س، ص111.
[31] – بنيوب، أحمد شوقي وآخرون، تحرير بلقيز، عبد الأله، الطائفية والتسامح والعدالة الانتقالية من الفتنة الى دولة القانون. ط1، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013م. ص51.
[32] -https://www.aljazeera.net/opinions/2015/9/7/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%81
[33] – بنيوب، أحمد شوقي وآخرون، تحرير بلقيز، عبد الأله، ….م،س، ص23.
[34] -بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة،م،س، ص77.
[35]– https://www.bbc.com/arabic/magazine-54457986
[36] – بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة،م،س، ص80.
[37] – بشارة، عزمي، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة،م،س، ص148.
[38] – بنيوب، أحمد شوقي وآخرون، تحرير بلقيز، عبد الأله، م،س، ص 23-24.
[39] -آرنت لبيهارت. الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد. ترجمة حسني زينة. ط1. بغداد، معهد الدراسات الإستراتيجية، 2006. ص17.
[40] – آرنت لبيهارت. الديمقراطية التوافقية…..، م، س،ص47.
[41] – الدستور اللبناني مادة 95
[42]– Brewer, John D, Sectarianism and racism, and their parallels and differences, Ethnic and Racial Studies, Vol 15, No 3, 1992, pp 358-359.
[43] -Makdisi, Ussama, MYTHOLOGY OF A SECTARIAN Middle East, e James A. Baker III Institute
for Public Policy.
[44] -See Makdisi, Ussama, MYTHOLOGY OF A SECTARIAN Middle East, e James A. Baker III Institute
for Public Policy.
[45] – ابن منظور، لسان العرب، ط3، دار صادر بيروت، 1414هـ، ج10، ص229.
[46] – محمد بن إسماعيل، محمد بن إسماعيل ….م،س، ص47.
[47] -ابن ماجه، أبو عبد الله محمد، سنن ابن ماجه، دار إحياء الكتب العربية (فيصل عيسى البابي الحلبي)، ج2، ص3993.
[48]– ابن الجوزي، كيد الشيطان لنفسه قبل خلق آدم عليه السلام ومعه بيان مذاهب الفرق الضالة، ط1، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، 1999 م، ص157.
[49] -يالجن، مقداد، علم الأخلاق الإسلامية، ط2، دار عالم الكتب للطباعة والنشر، الرياض، ٢٠٠٣م، ص16.
[50] -دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net
[51] – دُوزِي، رينهارت بيتر آن، تكملة المعاجم العربية، ترجمة محمَّد سَليم النعَيمي، ط1، وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية، ٢٠٠٠م، ج3، ص338.
[52]– الرازي، زين الدين، مختار الصحاح، ط5، المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت – صيدا، ١٩٩٩م، ص171.
[53] -الرازي، زين الدين، …..م،س، ص298.
[54]– الكفوي، أبو البقاء، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998، ص763.
[55]– العسكري، أبو هلال، معجم الفروق اللغوية، ط1، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، ١٤١٢هـ، ص509.
[56] -سورة آل عمران الآية رقم 95
[57] -سورة يوسف الآية رقم 38
[58] – الفَتَّنِي الكجراتي، محمد، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار، ط3، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حیدرآباد، ١٩٦٧م، ج4، ص615.
[59] -ابن حنبل، أحمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، ٢٠٠١م، ج28، ص135.
[60]– الكفوي، أبو البقاء، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998م، ص443-444.
[61] -الجرجاني، علي بن محمد، كتاب التعريفات، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، ١٩٨٣م، ص106.
[62]– الصنهاجي، عبد الحميد محمد، آثاَرُ ابْنُ بَادِيسَ، ط1، دار ومكتبة الشركة الجزائرية، الجزائر، ١٩٦٨م، ج4، ص208.
[63] – رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٠م، ج6، ص376.
[64]– لويس،شادي، ” “عصر التعايش” لأسامة مقدسي.. الطائفية ليست قدراً”، المدن، 25/10/2019.
[65]– الشحات، سعيد، “ذات يوم.. 21 سبتمبر 1955.. إلغاء المحاكم الشرعية والقضاء المُلى وشيخ الأزهر يصفها بالخطوة التحررية”، اليوم السابع، 21 سبتمبر 2020.
[66] -https://manshurat.org/node/12796
[67]– ابن منظور، لسان العرب، ط3، دار صادر بيروت، 1414هـ، ج13، ص317.
[68] – الحربي، إبراهيم بن إسحاق، غريب الحديث، ط1، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ١٤٠٥، ج3، ص939.
[69]– محمد بن إسماعيل، محمد بن إسماعيل،م،س، ص198.
[70]– الحاكم، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٩٠، ج4، ص495.