المخططات المعرفية اللاتكيفية لدي عينة
من الأفراد ذوى الميول الانتحارية (دراسة تشخيصية )
The maladaptive cognitive schemas for a sample of individuals with suicidal tendencies((diagnostic study)
Hanan naser osman matar D. د. حنان عثمان مطر ([1])
مستخلص الدراسة :
تنهض الدراسة الحالية بدراسة المخططات المعرفية لدى عينة من الأفراد ذوى الميول الانتحارية، وقد أجريت هذه الدراسة على عينة قوامها (100) طالب وطالبة بواقع (50) طالبًا، (50) طالبة؛ وقد تراوحت أعمارهم مابين ( 18- 24) بمتوسط عمرى قدره ( 19,62) وانحراف معياري قدره
( 2,53) . وقد استخدمت الباحثة الادوات الآتية :
- استبيان يونج للمخططات المعرفية اللاتكيفية: تعريب (محمد السيد عبد الرحمن، محمد أحمد إبراهيم سعفان،2015).
- مقياس احتمالٌية الانتحار: تعريب وتقنين( عبدالرقيب بحيرى، 2003)
وقد أشارت نتائج هذه الدراسة الى مايلى :
- وجود علاقات ارتباطية موجبة ودالة إحصائيًا عند مستوى دلالة (0.01) بين الميول الانتحاريّة والمخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة بأبعادها المختلفة .
- وجود قيم تنبؤية دالة إحصائيًّا عند مستويات دلالة (0.05، 0,01) لبعض الأبعاد النوعيّة للمتغير المستقل وهي ( الحرمان العاطفي، الهجران وعدم الاستقرار، التشكيك، العزلة الاجتماعية، والفشل، توهم الأذى – التضحية، الكبت العاطفي، المعايير الصارمة، والعجز عن ضبط الذات ) فى التنبؤ بالانتحار.
- عدم وجود قدرة تنبؤيه لبعض المتغيرات النوعية لمقياس المخططات المعرفية إذ لم تصل قيم هذه المتغيرات الى حدود الدلالة الإحصائيّة وهي: ( العيب، الاتكالية، التعلق، الإذعان، الاستحقاق)
- وجود فروق جوهرية ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي الدّراسة ذوى الميول الانتحارية من (الذكور، الإناث) على المخططات المعرفية اللاتكيفية بإبعادها الآتية :
- الحرمان العاطفي – الإذعان
- الكبت العاطفي – المعايير الصارمة
- وقد فُسِّر ونُوقِشت النتائج فى ضوء الأطر النّظرية والدراسات السّابقة .
الكلمات المفتاحية : المخططات المعرفية اللاتكيفية – الميول الانتحاريّة
Study Abstract
The current study promotes the study of cognitive schemas among a sample of individuals with suicidal tendencies. This study was conducted on a sample of (100) male and female students, comprising (50) male and (50) female students. Their ages ranged between (18-24) with an average age of (19, 62) and a standard deviation of
(2,53). The researcher used the following tools:
1- Young’s questionnaire for adaptive cognitive schemes: Arabization (Mohamed El-Sayed Abdel-Rahman, Mohamed Ahmed Ibrahim Saafan, 2015).
- Suicide Probability Scale: Arabization and Codification (Abdul Raqib Behairy, 2003)
The results of this study indicated the following:
– There are positive and statistically significant correlations at the level of significance (0.01) between suicidal tendencies and adaptive cognitive schemes with their different dimensions.
– There are statistically significant predictive values at levels of significance (0.05, 0.01) for some qualitative dimensions of the independent variable, namely (emotional deprivation, abandonment and instability, skepticism, social isolation, failure, illusion of harm – sacrifice, emotional suppression, strict standards, and inability to self-control) in predicting suicide.
– There is no predictive ability for some of the qualitative variables of the cognitive chart scale, as the values of these variables did not reach the limits of statistical significance, which are: (defectiveness, dependency, attachment, compliance, entitlement)
There are statistically significant differences between the two study groups with suicidal tendencies (males and females) on the adaptive cognitive schemes with the following dimensions:
– emotional deprivation – compliance
– Emotional suppression – strict criteria
The results were interpreted and discussed in the light of theoretical approaches and previous studies.
Keywords: adaptive cognitive schemes – suicidal tendencies
مدخل إلى مشكلة الدراسة
تنهض الدّراسة الحاليّة بدراسة المخططات المعرفيّة لدى عينة من الأفراد ذوى الميول الانتحارية إذ تعدُّ قضيّة الانتحار قضيّة نفسيّة واجتماعيّة تزامن وجودها مع وجود الإنسان على هذه الأرض،
ولعل أهم الأسباب التي أدت الى ظهور مثل هذه القضية في المجتمعات بشكل عام هو الفشل في الحياة، أو التعرض لضغوطات عديدة باختلاف أنواعها ،أو التعرض للعنف بأشكاله كافة، أو قد تكون أسبابها مرضيّة نفسيّة أو جسميّة .
والانتحار من الظواهر التي تهدد الأمن والسّلم الاجتماعي في معظم دول العالم، وهي مشكلة تهدد حياة الفرد نتيجة عدة أسباب متمثلة في دوافع الفرد العدائيّة اتجاه الذات وتضخيم السّلبيات وفقدان الأمل والتقدير المنخفض للذات، فالانتحار مشكلة يجاب عليها بمحاور نفسيّة ومعرفيّة واجتماعيّة مبنيّة على قدرة الفرد على التّفسير المعرفي لتلك المواقف، وقدرته الشخصية على مواجهة تلك الضغوط باستخدام ضبط داخلي يحقق به مسؤوليته الشخصية في التوافق، والتقبل أو ضبط خارجي يفقد فيه الفرد المسؤولية عن ما يحدث له، وربما يفقده القدرة على تكملة الحياة، ومع ازدياد وتنامي هذه الظاهرة فقد حظيت في الآونة الأخيرة باهتمام عالمي )عربي وغربي( ومحليّ كبير من المؤسسات الأكاديميّة والاجتماعيّة والنّفسيّة، وأولوا مثل هذه الظواهر أهمية كبرى واهتموا بالدّراسات التي تبحث فى هذه الظواهر. ( أحمد عبدالفتاح عياد ،2022: 231)
كما تعد مشكلة الانتحار من المشاكل الاجتماعيّة المؤثرة في أي مجتمع تتفشى فيه، وأنّها تهدد بقاء أي مجتمع لأنّها تؤدي إلى تناقص في عدد أفراد المجتمع، وتمثل فشلًا فرديًّا وجماعيًّا في التكيف مـع
المعايير الاجتماعيّة ومؤشرًا على عدم تقبل الأفراد للنظام الاجتماعي أمام التّقدم التكنولوجي المتلاحق، والضغوط المتزايدة الملقاة على عاتق الفرد، وأصبح الانتحار ظاهرة سلوكيّة واسعة الانتشار، وذلك نتيجة الاحباطات التي يقابلها الأفراد وعجزهم عن ملاحقة هذه التغيرات السريعة ومواكبة العصر وهذه الضغوط المتلاحقة قد يدفع البعض إلى التفكير فى الانتحار أو الدفع بأنفسهم فى صراعات وعنف سياسي قد يقودهم إلى القتل.. (Franklin, J.C., Ribeiro, J.D., Fox, K.R., Bentley, K.H., 2019).
كذلك يعد الانتحار مـن أكثـر الظـواهر التي تهدد حيـاة البـشرية، ويـدل علـى مؤشـرات نفـسيّة ومعرفيّة لأعـراض مرضـية ممتـدة تـؤثر علـى تطور الفرد ونموه داخل المجتمعـات، إذ تـدلّ المؤشـرات العلميـّة والطبيـّة إلـى ارتفـاع نــسبة الانتحــار عالميــًّا خــلال الــسّنوات الأخيــرة، وقــد ذكــرت منظمــة الــصحة العالميـّـة W.H.O أنّ نسبة الانتحار تصل إلى ٨٠٠ألف حالة سنويًّا بمعدل حالـة انتحـار واحـدة كـل
٤٠ثانية، كما يعدُّ الانتحار ثاني أكثر سـبب مهـم للوفـاة بـين مـن تتـراوح أعمـارهم بـين ١٥و ٢٩
عامًا، كما يمثل الانتحـار %٨٦مـن حـالات الوفـاة للـدول متوسـطة الـدخل والناميـة، إذ
يــشكل تنــاول المبيــدات الكيمائيـّـة والــشّنق واســتخدام الأســلحة مــن أكثــر الوســائل انتـشارًا. (John, O., & Gross, J. 2018)
وعلى الرغم من أن العديد من الباحثين حددوا العوامل المهيئة المرتبطة بالانتحار شاملة
الاكتئاب وقدرات المواجهة الضعيفة والتجنب المرتفع للضغوط والافتقار إلى العلاقات الاجتماعيّة
(John & Gross,2018 )
إلا أنّ هذه الدراسات قد حققت نجاحًا محدودًا في التنبؤ ومنع الانتحار وذلك لأن العديد من الأفراد يعايشون مواقف سلبيّة مماثلة ولكنهم لا يقدمون على الانتحار
(Bazrafshan, M., Jahangir, F., Mansouri, A., & Kashfi, S. 2020)
وحديثًا أشارت نتائج العديد من الدارسات إلى أهمية التنظيم المعرفي والانفعالي في السلوك الانتحاري
( Rajappa, K., Gallagher, M., & Miranda, R. 2019)
إذ يعد القصور في التنظيم المعرفي والانفعالي أحد المكونات الرئيسة في تشكيل الأفكار الانتحاريّة إلا أن نتائج بعض الدراسات وجدت أن القصور في التنظيم المعرفي الانفعالي؛ قد يعد أحد العوامل التى تمنع تطوير القدرة على الانتحار؛ لأنّ الأفراد ذوي القصور في التنظيم المعرفي والانفعالي لديهم صعوبة في تحمل التجارب المخيفة أو المؤلمة بطبيعتها بمعنى السّلوكيات الانتحاريّة، أمّا الأفراد ذوي التنظيم المعرفي الانفعالي الجيد قد يكونون أكثر قدرة على التّعامل مع المواقف البغيضة ويكونون أقل خوفًا من الموت وأكثر تحملا للألم (Heffer.,T & Willoughby,T,. 2018) وقد يقدمون على الانتحار.
ففي دراسة قام بها كل من( Rajappa,K,. Gallagher,M,. and Miranda,.R., 2019) بهدف فحص السلوك الانتحاري في علاقته بصعوبات إدارة المزاج السّلبي من أجل تعديل كمية الاستجابات الانفعاليّة الإيجابيّة والسّلبيّة التي تنشأ في إطار العديد من المواقف الضاغطة وغير الضاغطة انتهت نتائجها أنّ هناك علاقة ارتباطيّة بين المزاج السّلبي والميل نحو الانتحار .
كذلك أجرى كل من( Zahng., Wang., Xia., Liu& Jung, 2020 ) بدراسة هدفت إلى فحص العلاقة بين التفكير الانتحاري وكل من الضغوط وأساليب المواجهة لدى طلاب الجامعة، وذلك على عينة من 210من طلاب الجامعة بالصين، وتوصلت إلى أنّ هناك علاقة دالة بين التفكير الانتحاري والضغوط وأساليب المواجهة كما يتوسط العلاقة بين التّفكير الانتحاري وإد ارك الضغوط أساليب المواجهة السلبية.
كما أشارت نتائج دراسة Anestis, B, Selby, R, 2022)) إلى أنّ قدرة الفرد المرتفعة على تحمل الضغوط ترتبط بمستويات مرتفعة من تطور القدرة المكتسبة للانتحار بشرط وجود الرّغبة في الانتحار من خلال التّصور أو التّفكير، فكلما كان لدى الفرد التّصور الانتحاري وزادت قدرة الفرد
على تحمل الضغوط كلما زاد ما يسمي بالقدرة المكتسبة على الانتحار، وتمكّن الفرد من التغلب
على الخوف من الموت و/أو الألم الفسيولوجي، ويعزز قدرتهم على الانخراط في السلوك الانتحاري الخطير أو الفتاك .
كما أجرى كل من ( ,Yang & Clum.,2021) دراسة هدفت إلى فحص العلاقة بين التفكير الانتحاري وكل من الاكتئاب واليأس وهل يتوسط هذه العلاقة كل من مهارات حل المشكلة والمساندة الاجتماعيّة، وذلك على عينة قوامها ( 110) من طلاب الجامعة بواقع ( 79) من الذكور،
(31) من الإناث، بمتوسط عمرى قدره ( 25,8) سنة انتهت نتائج هذه الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة ودالة إحصائيًّا بين التفكير الانتحاري وكل من الاكتئاب واليأس، كما أشارت النتائج إلى الدور الوسيط للمساندة الاجتماعيّة، ومهارات حل المشكلات في العلاقة بين الضغوط والتفكير الانتحاري، وأشارت إلى أهمية التفاعل بين المساندة الاجتماعيّة وضغوط الحياة عند التنبؤ بالتفكير فى الانتحار إذ لايمكن عدُّ أحدهما فقط منبّئًا مباشرًا للتفكير الانتحاري.
ويعد القصور في التنظيم المعرفي الانفعالي؛ واستراتيجيات المواجهة أمثلة على العوامل الوسيطة
داخل المرحلة التّحفيزيّة؛ التي قد تزيد أو تقلل من احتماليّة تطوير الفرد للسلوك الانتحاري إذا
تعرض للهزيمة والضغوط ، وتعدّ الاندفاعيّة متغير اختياري وسيط يسهل الانتقال من التفكير
الانتحاري إلى السلوك الانتحاري
وقد برز في الآونة الأخيرة التركيز على أهمية الجانب المعرفي في شخصية الأفراد في تفسيرهم لانفعالاتهم لما له من أهمية في التّوافق النّفسي والاجتماعي، وأن هناك علاقة وثيقة بين التفكير والانفعال، لأن الاضطراب الانفعالي Emotional Disturbances)) أو اضطرابات السلوك (Behavior Disorders) أو الإعاقة الانفعاليّة (Emotional Impairment) كلها مصطلحات تصف مجموعة من الأشخاص الذين يظهرون وبشكل متكرر, أنماطا منحرفة أو شاذة من السلوك عما هو مألوف أو متقطع لدى الفرد يكون نتيجة لطريقة تفكيره وإدراكه وتفسيره الخاطئ للأحداث والمواقف التي يتعرض لهاMakhija &Singh,2019) .).
إن المخططات المعرفية تُبنى من خلال معارفنا وخبراتنا السّابقة ومن خلالها استجاباتنا للمثيرات الخارجيّة وفهم معطياتها والتعامل معها بتوافق الفرد وتساعده في استعادة معلومات معينة غير مرتبطة بالبيئة التي يعيشون فيها والاحتفاظ بمعلومات أخرى ولكن في بعض الأحيان تتكون لدينا مجموعة من المخططات الخاطئة غير المتكيفة. (إيمان عاطف،2020: 30 (Kaya.,Y.,&Aydin,A.,2020:32,
إذ تقوم بالتكيف مع عدد من الموضوعات بطريقة مختلة الوظيفة؛ فيعطي الفرد تأويلات خاطئة عن الوضعيات فربما يدرك الموقف عكس حقيقته أو تصله المعلومة مشوهة حول ذاته وحول الآخرين وعالمه الخارجي، وبدوره يؤثر على سلوكياته من جهة وعلى انفعالاته من جهة أخرى فيصبح بذلك ينطوي تحت سوء التّوافق النّفسي وتعتل صحته النفسيّة فتظهر الاضطرابات النفسيّة مثل الاكتئاب والقلق والوسواس القهري نتيجة لبعض المخططات غير التكيفيّة المبكرة.
وطبقًا ليونج، تعد المخططات اللاتكيفية المبكرة بُنى معرفية عميقة تتشكل من خلال مُعتقدات الفرد عن ذاته وعن الآخرين والبيئة، وتقوم تلك المخططات بتشويه المعلومات وتحريفها، وتتميـز بتغيرٍ شاملٍ في البيئة المدرسيّة والعلاقات الاجتماعيّة والنشاط الأكاديمي والنمو الفيزيولوجي والنمـو المعرفـي، ما قد يجعله فريسة للوقوع في الكثير من الاضطرابات الوجدانيّة والسّلوكيّة والأكاديميّة مثل القلق والاكتئاب واضطرابات الشّخصية والاضـطرابات العقلانيّة, وهذا ما أوضحته نتائج عدد من الدراسات مثل دراسة (نادية محمود 2017 ) ودراسة (إيمان عطية 2017 ) ودراسة (إمارة يحي، 2014 ) ودراسة (عبير أبو الوفا، 2017 ) ودراسة (Farazmand, 2015)، ودراسة Harris&Curtin, 2002))، ودراسة (Jesinoski, 2010)، ودراسة (Camara, 2012) ودراسة (Bredicean et al., 2020) والتي تبين من نتائجها ارتباطات المخططات المعرفية بالقلق والاكتئاب (Farahani et al; 2003, Sullivan & Abela2013, Çoban; 2013) وتكون مرشحات سلبية لأحداث حياته كلها ما يؤثر بشكل مباشر على ردود الأفعال العاطفيّة للفرد تجاه مواقف حياته وأساليبه في علاقاته البينشخصيّة (Thimm,2013) بطريقة سلبية ويبدأ في معاناة المحنة والآلام النّفسيّة والشّعور بالكرب والضيق، والمعالج في هذا النّوع من العلاج يساعد المريض على تحديد ما لديه من مخططات لاتكيفيّة، ويساعد على إدراك خبرات الطفولة ومشاعرها والتعرف على استراتيجيات مواجهة الضغوط المرتبطة بتلك المخططات (سعاد قرني،2019 :98) ، إذ يبدأ المريض في تبني وجهة مختلفة وأفكار أكثر تكيفية، ويصبح أكثر تحكمًا في استجاباته (عبير أبو الوفا ،٢٠١٧: 50) إذ نجد المخططات المعرفية اللاتكيفية المبكرة (EMSS) هي من بين مكونات النظرية المعرفية المهمّة للاضطرابات النّفسيّة (Young. et al,2003 ). وتمثل هذه المخططات المعتقدات الأساسيّة حول الذات والآخرين وتضلل عملية المعلومات الخارجيّة بطريقة غير فعالة ( (Castilho et al., 2006 شكل عام ، في سياق علم النفس والعلاج النفسي .
ويُنظر إلى المخطط على أنه مبدأ هيكلي عام وهو أمر ضروري في تصور الفرد لتجارب الحياة (Young et al. 2003) ويعرف بأعمق المستويات المعرفية في مقارنة مع القدرات المعرفيّة الأخرى وهي أكثر تلقائية وغير مشروطة وقادرة على إنتاج مستويات عالية من التأثيرات السلبية) Harris & Curtin,2002 Reeves & Taylor,2007,: 2007: Sines et al ,2008 Specht, Chapman & Cellucci,2009).
وأشارت نتائج بعض الأبحاث إلى وجود علاقة بين المخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة والاكتئاب (Abela et al,2009 & ؛، 2007 Lumley & Harkness؛ Riso & Newmar 2003). علاوة على ذلك ، حصول المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلق على درجات أعلى في المخططات المعرفيّة اللاتكيفيةBrewin et al,2000: Cockram et al.,,2010: Delattre et a.,2004; Dutra et al.,,2008: Hedley et al.,,2001: Hinrichsen et al.,,2004: Pinto-Gouveia et al,2006 ). وعلى ذلك فإنّ المخططات المعرفية اللاتكيفية تختلف باختلاف الاضطرابات. وفقًا للعلاقة بين بعض المخططات الخاصة وظهور الأعراض النفسيّة ، وأيضًا بسبب معدل انتشار اضطرابات القلق بنسبة 6,8% بوصفها الاضطرابات النّفسيّة الأكثر انتشارًا (Mohammiadi et al 2005: Mohammadi et al, 2004). فدراسة هذه المخططات المعرفيّة لدى الأشخاص الذين يعانون من الوسواس والقهر من شأنه أن يساعد بشكل كبير في توضيح دور المخططات المعرفية اللاتكيفيّة في تطور هذه الاضطرابات.
كذلك أشارت نتائج دراسات كل من,Farber ,A,.2012 (Moore, T. and paolillo, J. 2017) أن الأفراد الذين يملكون مخططات معرفية تنطوي على مواقف مضطربة أكثر عرضة للانتحار عند تعرضهم لحدث سلبي مقارنة بالأفراد الذين لا تنطوي مخططاتهم المعرفيّة على مواقف مضطربة وعليه فإن تعرض الأفراد ذوي الاستعداد المعرفي لحادث سيىء يتركز انتباههم على المحتويات السلبيّة لذلك الحادث مثل ( توقعات يائسة وتوقع المزيد من الأحداث السببية مستقبلًا ونظرة سلبيّة عن الذات )
وأشارت دراسة (Keenan, K., Loeber, R., & Green, S.2019 ) أنّ هناك علاقة ارتباطيّة بين العمليات المعرفية والإدراكيّة والخبرات الذاتيّة؛ وإيذاء الذات وظهور أعراض لسوء التوافق .
فالخبرات والأحداث المبكرة التي يتعرض لها الفرد في حياته تعد المتغيرات المهيئة Predisposing التي تقدم الأساس الذي يعتمد عليه في تكوين التّصورات السّلبيّة نحو الذات والعالم والمستقبل، ثم يأتي دور المتغيرات المترسبة Precipitating المتمثلة في مجموعة من الظروف وأحداث الحياة السّلبية، إذ تقوم بتنشيط هذه التصورات السلبية وآثارها، (شعبان جاب الله، صالح أبو عباده، 2002،ص 13)
وربما تعتمد نظرية (آرون بيك ) على ثلاثة قواعد أساسيّة هي:
1- المثلث المعرفي: ويتألف من ترادف ثلاثة تصورات أو افتراضات أو مواقف ذهنيّة لدى الإنسان وهي تصورات تدور في العقل الباطن واللاشعور، تتحد هذه التصورات في ما بينها لتؤلف مسلسلًا من شأنه أن يجعل بعض الأفراد يدورون في حلقة مفرغة ليزداد ويتضاعف، وتلك التصورات هي:
– التّصور السّلبي للنفس.
– التّصور السّلبي للحياة.
– التّصور السّلبي للمستقبل.
ومن خلال الطرح السّابق يمكن صياغة مشكلة البحث الحالي في التساؤلات الآتية:
- هل توجد علاقة ارتباطيّه بين الميول الانتحاريّة والمخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة ؟
- هل يمكن التنبؤ بالميل للانتحار من خلال أبعاد المخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة لدى عينة الدّراسة ؟
- هل توجد فروق دالة إحصائيًّا بين مجموعتي الدّراسة ذوى الميول الانتحارية من (الذكور، الإناث) في المخططات المعرفية اللاتكيفية وأبعادها الفرعيّة ؟
- هل توجد فروق دالة إحصائيًّا بين مجموعتي الدراسة من (الذكور، الإناث) على مقياس الميول الانتحارية وأبعاده الفرعية”
أهداف الدراسة :
إنّ الأهمية البحثيّة لظاهرة الانتحار فرضت نفسها على شتى مدارس علم النّفس لتقديم مجموعة من التفسيرات العلمية التي تهدف إلى إيجاد تفسيرات وتدخلات علاجيّة مناسبة تقلل من حجم هذه المأساة لذا فإنّ الدراسة تسعى الى تحقيق الأهداف الآتية :
- فهم وتفسير ظاهرة الانتحار في علاقتها بالمخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة ؟
- وإذا ما فُهِمت هذه العلاقة فهل من الممكن التنبؤ بتلك المتغيرات التي يمكن أن تسهم في تشكيل بعض الشروط الدافعة للانتحار .
- وفي الطرح السابق يمكن التحكم في تلك الشروط الدافعة للانتحار .
رؤية نظرية تحليلية لمفاهيم الدراسة النظرية ودلائلها البحثية :
أولًا : الانتحار
هناك توجهان للدراسات السيكولوجية في مجال الانتحار، وقد يهتم التوجه الأول بدراسة الأشخاص الذين حاولوا الانتحار وأخفقوا وذلك من أجل التعرف على الدوافع المهمّة التي تكمن وراء الانتحار والمتغيرات النّفسيّة المهمّة المرتبطة به، أما التّوجه الثاني فيهتم بالتنبؤ بأولئك الأفراد؛ الذين يحتمل أن يقدموا على جريمة الانتحار ويكونون عادة من الاشخاص الذين لم يقدموا على هذه العمليّة؛ والهدف من هذه البحوث هو اكتشاف هؤلاء الأفراد الذين يفكرون في الانتحار لوقايتهم من الإقدام على هذه الجريمة وتنتمى هذه الدّراسة الى التّوجه الثّاني .
كذلك ذهب بعض الباحثين في تعريفهم الى التّمييز بين نوعين من الانتحار هما: الانتحار الحقيقي أي الموت الجسدي وهو انتحار صريح حين يقتل الفرد نفسه عمدا، أمّا النّوع الثّاني وهو الانتحار النّفسي وهو نوع غير صريح من الانتحار إذ يزهد بعض الأفراد فى الحياة تمامًا؛ ويبغضونها وتدفعهم عوامل اليأس الى تحطيم أنفسهم فيصابون بحالات مرضيّة .
ويتفق( ,T. bonner) مع ماأشار اليه Beck.et al .,1979)) في كون السلوك الانتحاري عملية ديناميّة معقدة بدلًا من كونها حدثًا منعزلًا ثابًتا؛ وقد عُرِّف السلوك الانتحاري أنّه عملية مركّبة من مراحل مختلفة تبدأ بتصور الانتحار الكامن وتتقدم خلال مراحل من تأمل الانتحار النشط ، ثم التخطيط للانتحار النشط ، وفي النهاية تتراكم محاولات انتحاريّة نشطة لدى الفرد، وقد يتذبذب مركز الفرد فى هذه العمليّة وفقًا لتأثير العمليات البيولوجية والنّفسيّة والاجتماعيّة . ( حسين فايد ،2005: 234)
ويقرر ( Beck.,A,.Kovacs,.M&weissman ,.1979) أنّ الفكرة الانتحارية تتضمن كل السلوك الانتحاري وعمليات التواصل الصريحة؛ وهذا يتضمن التهديد بالانتحار والانشغال بفكرة الانتحار، والتّعبير عن الرّغبة في الموت والمؤشرات غير المباشرة للمخطط بالانتحار؛ ولهذا يعدُّ مفهوم الميل للانتحار مفهومًا واسعًا وفي الوقت نفسه يعرفون الانتحار أنّه نمط من الأنماط السلبية للتفكير يمكن تصوره واقعًا متصل لقوة كافية تتضمن نية الفرد أو تفكيره أو اندماجه في رغبته بالانتحار، إذ يتفاوت مدى أو شدة هذه الرغبة من مجرد أفكار عابرة في ذهن الفرد إلى أفكار واسعة وصولًا إلى التخطيط التفصيلي للانتحار والقيام بالعمليّة؛ أو قد تكون محاولات غير مكتملة ويُكتشف بشكل مقصود لغرض لفت أنظار الآخرين إليه؛ أو قد تكون مقصودة وكاملة وتؤدي إلى الموت ويُنقَذ الفرد في اللحظات الأخيرة.
ويشار الى الانتحار كذلك إلى متصل يشتمل على تنوع ضخم من السلوك يمتد من التأملات، التي يمكن أن تسمح للمتخصص بالتنبؤ بمحاولة انتحارية خطيرة إلى الفكر السريع الزوال للانتحار؛ والذي يحدث لمعظم الناس في وقت ما من حياته . ( عبدالرقيب أحمد البحيرى، 2013)
بينما تعرفه (منظمة الصحة العالميّة، 2014) أنّه مجموعة من السّلوكيات، التي تتضمن التفكير في الانتحار أو الموت، والتخطيط لذلك ومحاولة الانتحار والقيام بفعل إيذاء الذات.
وُعرف كذلك كل من (Zygo, M., & Pawlowska, B., & Dreher, p. 2019 ) الانتحار أنّه حصيلة نتاج مأساوي مدمر للمواقف اليائسة والمحبطة، وغالبًا يفكر الفرد في الانتحار عندما يكون في حالة اضطرابيّة مروعة، ولديه خبرة بمستويات الاضطراب والإحباط، فيرى أن محاولاته للانتحار هي الطريق الوحيد للهروب من مواقف الحياة الجارية، وقد ينبثق من الأحداث الثانوية غير المهمة التي تشوه حقيقة الحياة، إذ لا يجد مفًرا أو مخرجًا من مشكلات الحياة، وعلى الرّغم من ذلك لا تأتي هذه التصرفات الانتحاريّة من الضغوط الحياتية فقط، فالسلوكيات الانتحارية كتحطيم الذات وإيذائها تأتي كذلك عن طريق الأوهام، والهذيان، وعوامل نفسية ومعرفية أخرى.
غير أنّ هناك فرقًا بين الانتحار والمحاولة الانتحارية فالسلوك الانتحاري سلسلة أفعال سواء حصل الانتحار أم لم يحصل، وتشمل الانتحار والشروع فيه والتهديد بالانتحار ومحاولة الانتحار، ويمكن تصوره على هيئة متصل لقوة كامنة يشتمل على صورة الانتحار ثم التأملات الانتحارية؛ تليها محاولة الانتحار وأخيرًا وقوع الانتحار الفعلي ، كذلك فانّ الانتحار يحصل بوسائل عنيفة مثل السّلاح النّاري أو الشنق، أمّا المحاولة الانتحارية فبتناول الأدوية أو المواد المنظفة وقطع .”Phlébotomie ” الشرايين أيضًا فإنّ الانتحار مدروس بسرّية تامّة، أمّا المحاولة الانتحارية فتكون غالبًا مصرح بها.
ولكي تُفهم نشأة التصورات والأفكار الانتحارية وتطورها، وضع الباحثون بعض الخطوط العريضة للعديد من الإدراكات والتصورات الانتحارية، والتي تمتد من الأمنيات الغامضة لتمنى عدم البقاء على قيد الحياة الأفكار المعتدلة إلى النية في الانتحار ككتابة الوصايا والملاحظات ثم الأفكار المتعلقة بموضوع الانتحار ، مثل إيجاد فكرة لكيفية وميعاد قتل الفرد لنفسه ، وأخيرًا ارتكاب بعض المحاولات الزائفة والحقيقية للانتحار ، وأن مجرد الانشغال بأفكار وموضوعات مميتة يعد مؤشرًا خطيرًا لدى المراهقين ( William, R. 2008).
زيادة على ما سبق ذكره في نطاق التفريق بين المحاولة الانتحارية، والانتحار تشير الباحثة الحالية أيضًا أن الهدف عند أصحاب المحاولات الانتحاريّة هو البحث عن نسيان ما يعاني منه، وليس البحث عن الموت وهي تأخذ طابعًا اجتماعيًّا إلى جانب هذا يظهر الاختلاف في الانتحار والمحاولة الانتحاريّة في عوامل أخرى كالسن والجنس حسب ما يلي:
– يحدث الانتحار لدى الأشخاص المتقدمين في السن عمومًا، أمّا محاولة الانتحار فتنتشر أكثر عند المراهقين والراشدين حتى سن الأربعين.
– كذلك نجد نسبتهما تختلف، فهناك عشرة من محاولي انتحار مقابل انتحار واحد، مجموعة محاولي الانتحار أصغر سنًا مقارنة بمجموعة المنتحرين الأكبرسنًّا .(( أحمد عيــــــــــــاد ، 2018)
أمّا التفكير الانتحاري فيعرف على أنّه الأفكار والتصورات المرتبطة بعمليّة الانتحار والإقدام عليها وكيفيّة التخطيط، والتنفيذ وتخيلات الأحداث قبل وأثناء وبعد تنفيذ محاولة الانتحار، والتفكير الانتحاري هو مرحلة مبكرة من مراحل عملية الانتحار، التي تنتهي بالفعل الانتحاري الكامل .( Rudd, M. 2014)
وبما أنّ الدّراسة الحاليّة هي دراسة على الجانب الوقائي بالدّرجة الأولى، فترى الباحثة أن السّلوك الانتحاري هو عملية أو متصل يمثل أحد طرفيه تصور الانتحار الكامن، ثم يتطور هذا التصور خلال مراحل مختلفة حتى يقوم الفرد بمحاولات انتحار فعلية سواء أكانت ناجحة أو فاشلة، أما إذا حسبنا أنّ الانتحار حدث أو فعل منعزل فليس بمقدورنا إجراء الدراسات الوقائية- كالدراسة الحالية – التي تهتم بتصور الانتحار وما يتضمنه من أفكار ومشاعر انتحارية.
وهناك بعض الأطر النظرية المفسرة للانتحار يمكن تناولها على النحو الآتي :
فقد لخص فرويد نظريته في الانتحار بأن المنتحر يقع فريسة لغريزة وانفعال عدائي سادي يخفـق
في التعبير عن نفسه، فينعكس على الداخل )الذات نفسها ليقتلها.( والاكتئاب هو العنصر الحـساس
في خلق هذه الميول العدائية، ومعنى ذلك أن فرويد يرجع الانتحار إلى أسباب نفسيّة داخليّـة، وأن
الانتحار ناتج عن مشاعر الإحباط الأساسيّة الموجهة نحو موضوع داخلي، فتتحول هـذه المـشاعر
إلى غضب وعدوان كنتيجة للإحباط، ولأن موضوع الاحباط داخليًّا ، فإنّ المشاعر العدوانية توجـه
نحو الذات، فتؤدي الى الانتحار.
وتعزو مدرسة التحليل النفسي وعلى رأسها فرويد مشكلة الانتحار إلى النّزعات من خلال
تفسيرهم إلى النّزعات الساديّة المازوشيّة في الشّخصيّة السوداويّة، كذلك إلى الصراع بين
غريزتي الحياة والموت، وقد أشار فرويد الى أنّه يمكن لغريزة الموت الموجهة نحو الخارج أو المقذوفة
أن تندمج وتتجه نحو الداخل، ويكون النكوص إلى المرحلة الأولى وذلك في ظروف معينة”
تؤكد سلسلة الدراسات أن هنالك فرقًا بين الانتحار وبين الشروع فيه من حيث الدوافع ووسيلة
التنفيذ وهدف السلوك ووظيفته.
بينما قدم ( اميل دوركايم، ترجمة حسن عودة ، 2011) نظرية عامة في التضامن – التنظيم الاجتماعي. وقصد دوركايم بالتّضامن الاجتماعي الحقائق الاجتماعية المشتركة التي تربط أعضاء المجتمع الواحد، ومن طرق التضامن الاجتماعي المهمّة التّضامن الأسري والديني / أمّا التنظيم الاجتماعي كعضوية الكنيسة أو عضوية جماعة دينية، والعائلة، والتنظيم السياسي كالحزب ومكان العمل فتعد جميعها بيئات اجتماعيّة أو مجتمعات يرتبط فيها الأفراد فيزيقيا، ونفسًيا وعاطفًيا.
ويرى ( إميل دوركايم ) أنه كلما زاد التّضامن الاجتماعي وجد الفرد معنى لحياته، وثم قلّت احتماليّة
الانتحار وفق نظرية الانتحار الأناني، وكلما زاد الاتزان الاجتماعي ووجد الفرد تلبية لحاجاته
قلت احتمالية الانتحار (نظرية الانتحار اللامعياري.) ويزداد الانتحار بانخفاض التضامن
الأسري والسياسي والديني . (حسين فايد، 1993: 39، اميل دوركايم، ترجمة حسن عودة ، 2011))
بينما قدم كل من كلاود و أوهلين (Claude &Ohlain) نظريتهما والتي تشير الى أنّ حالة اللامعيارية في المجتمع تجعل الأفراد مشوشين وغير قادرين على التمييز بين الأعراف التي توجه سلوكهم، وتتوالد الضغوط عندما تكون الأعراف الاجتماعيّة غير واضحة أو متصارعة أو ضعيفة، أو عندما تفشل في تقديم الفرصة للأفراد لتحقيق حاجاتهم، وهذا يؤدي إلى الإحباط، وهذا الإحباط يؤدي إلى الانحراف والانتحار، ومن الأبنية الاجتماعية المهمّة الضاغطة الفقر) الذي يدفع إلى الانحراف والتفكير فى الانتحار. ( ناجى الجيوش ، 2007)
بعض العوامل المؤدية والمفسرة للانتحار:
– لعل من الدقة أن يستخدم الباحثون في العلوم الإنسانيّة مصطلح العوامل المؤثرة أو المؤدية في دراستهم
وتحليلاتهم وليس مصطلح” الأسباب” كما هو الحال لدى أقرانهم في العلوم الطبيعية، وذلك لأنّ النفس البشريّة تتأثر على الدوام بالكثير من المتغيرات اللحظية، حسب المكان والزمان والأفكار التي تمر بداخلها، وتؤثر على سلوكياتها الظاهرة التي يمكن ملاحظتها، وعدم استقرار هذه السلوكيات على الدوام الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان مهمة العلوم اإنسانيّة في التنبؤ أو التوقع المسبق ببعضها المستقبلي، ما يضعف قدرتنا على ضبطها وتوجيهها قبل حدوثها ( عدنان محمد الضمور، 2014: 46)
كذلك فإنّ تفسير نزوع الفرد للانتحار تبدو للوهلة الأولـى سـهلة؛ ولكـن التعمـق فـي النـوازع التـي تسـیطر
علـى المنتحـر وتدفعـه للقیـام بفعـل الانتحـار معقـدة، ولا یمكـن حصـرها بالأسـباب البیولوجیـة أو
النفسية أو الأســباب الاجتماعيّة أو الاقتصاديّة أو السیاســیّة، وذلــك لســبب واحــد لأ نـّـه لــیس
بالإمكان مخاطبة شـخص میـت أو إعادتـه للحياة للاستفسـار عـن سـبب إقدامـه علـى الانتحـار،
فهنــاك أســباب منهــا الرّغبــة في رؤية حیــاة مــا بعــد المــوت أو نتيجة لدوافــع دینیــة أو فلسفية أو وجودیة، وقد ینتحر بعض الأشخاص لتفادي العقوبة القضائيّة أو العـار والفضـیّحة، وهـذا یـدلل
أنّ النظرة الى الانتحار هي نظـرة ذاتیـّة فردیـّة، والانتحـار فـي أبسـط معانیـه هـو إحـدى الوسـائل
المعروفة للبشر منذ القدم والتي تؤدي الى الموت، إلا أنَّه یعّد الوسیلة الوحیدة التي یقـوم القاتـل
بقتــل نفســه عمــدًا، أيّ أنَّ القاتــل والمقتــول شــخص واحــد دائمــًا لأنَّــه إذا ظهــر أي ســبب آخــر
للموت فإنه تنتفي عنه صفة الانتحار ویصبح جنائیًّا أو صحیًّا (عضویًّا) أو لأي سـبب
من الأسباب البیئیة. (محمد عبدالمنعم شهاب ،2022: 655)
وعليه يمكن تقسيم العوامل المؤدية للانتحار إلى مايلي :
– العوامل البيولوجية:
لوحظ اكلينيكيًّا أن هناك عائلات يكثر فيها الانتحار ومن الأمثلة الشائعة لذلك( عائلة همنجواي) فقد انتحر هو وانتحرت أخته وانتحر الأب قبلها كذلك انتحر آخرون بالعائلة. وهذا يشير إلى احتمالات الوراثة الجينية ولكن بشكل جزئي وغير حتمي ويحتاج إلى عوامل أخرى مؤكدة .
ودلت دراسة الأدمغة بعد الانتحار على وجود نقص في مادة السيروتونين وخاصة بوظائفها في القشرة الدّماغيّة الجبهيّة؛ والتي يتساهم في إفلات السلوك العدواني أو الاندفاعي، وتدل الدراسات السريرية على أن العنف يزيد في الأشخاص الذين سبق لهم أن حاولوا الانتحار، وأن السيروتونين الدّماغي يتأثر بعوامل بيئية وانخفاض معدل الكوليسترول والاكتئاب النفسى وكلها ترتبط بالانتحار .( وليد سرحان، 2012: 159)
- العوامل النفسيّة:
أشار ,M,2018) ( Wierz licki إلى أنّ محاولة الانتحار مرتبطة إلى حد بعيد بمتغيرات سلوكية ونفسية معينة، أهمها الاكتئاب، الشعور بالوحدة النفسية وضغوط الحياة الشديدة، والألم أو فقدان شيء أو شخص عزيز إذ يعد الاكتئاب منبهًا ودافعًا لتصور الانتحار.
بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية وفي مقدمتها الاكتئاب؛ إذ تكون فكرة الانتحار هي الفكرة المسيطرة على الشخص المكتئب الذي يصبح لديه اقتناع تام وكامل أن الانتحار هو المخرج الوحيد لما هو فيه، ما لم يساعد على نحو سريع ويريد معظم الأشخاص الانتحاريين أن يهربوا مما يعدونه وضعًا غير محتمل ويختلف شكل ذلك الوضع من شخص إلى آخر، وربما يكون الهروب مرضًا مميتًا أو مؤلمًا أو عقابًا أو إذلالًا أو أعباء تثقل كاهله أو ضغوطًا من أي نوع لا يستطيع تحملها فيجد أن الانتحار هو الحل الأمثل لموقفه. ( أحمد عياد 2020: 224)
ففي دراسة قام بها كل من (عبدالرقيب البحيري، ومحفوظ أبو الفضل، 2008) هدفت إلـى التعـرف علـى بعـض الاضطرابات النفسية المرتبطة بالطلاب الأكثر تفكيرًا في الانتحار بالمـدارس الثانويـة والمقارنة بين الطلاب (الذكور والإناث) وطـلاب التعليم الثانوي العام، وطلاب التعليم الثانوي الفني في متغير التفكير الانتحـاري، مـع الوقوف على الاضطرابات النفسيّة المرتبطة بالتفكير في الانتحار وذلك عينة قوامها
( 360) بواقع ( 188 من الذكور ، 172 من الإناث ) بمحافظة البحر الأحمر، وقد أُجريت دراسة تحليليّة من خلال تطبيق اختبار التات لموراي على حالة مرت بمحاولة انتحار فاشلة دراسة الحالة وهو طالب بالصف الثاني الثانوي. وقد أشارت نتائج هذه الدراسة الى مايلي:
وُجـدت فروق دالة إحصائيًّا بين الذكور والإناث، وطلاب التعليم الثانوي العام وطـلاب التعلـيم الثانوي الفني على اختبار الأفكار الانتحاريّة، لتشير الى ارتفاع معدل الأفكار الانتحاريّة عند الذكور عنها عند الإناث، وارتفاع معدل الأفكار الانتحاريّة عند طلاب التعليم الثانوي العام عنها عند طلاب التعليم الثانوي الفني.
– يتصف الطلاب كثيرو التفكير في الانتحـار باضطراب التوافق وفقدان الشهية للطعام؛ واضطرابات النوم والقلق العام وقلق الانفصال واضطراب الضغط ما بعد الصدمة، والاكتئاب الحاد واعتلال المزاج واضطراب التّحاشي والتجنب في الشخصية واضطراب مفهوم الذات، والانطـواء الـذاتي والاغتراب والملل والعدوان والانفصال عن الواقـع، واضـطراب التكيـف الاجتمـاعي والاضطرابات النّفس جسميّة واضطراب المشكلات الشخصية واضطراب عدم الاستقرار العاطفي.
– ومن خلال الدراسة التحليليّة ظهر لدى الحالة المعاناة من مثلث الكآبة، والذي يضم نظرة سوداوية للذات، ونظرة محبطة للمحيط، لذا ينطوي وينعزل عن المجتمـع، ونظرة يشوبها القلق من المستقبل، مع بعض الضغوط والقلق متعدد المصادر مثل القلق من المشكلات الشخصيّة والأُسريّة والمدرسيّة والأكاديميّة والعلاقـة بـالجنس الآخـر، وشدة الحاجة إلى الحب والتقبل، بالإضافة إلى البحث عن موضوع الحـب، والإشـباع العاطفي والنفسي، وتعدُّ كلّها من أسباب التفكير في الانتحار، وتتعامل الحالة مع هذه المشكلات والضغوط بأساليب انسحابيّة وإحجاميّة، مثل البكاء والهروب وعدم القـدرة على المواجهة، وهذا بالإضافة إلى اضطراب الوظائف المعرفيّة التي أدت إلي استخدام التبرير والإنكار وقلب الحقائق وتحريف الإدراك، ولديها أنا عليا قاسية وعنيفة تسرف في العقاب لدرجة تحطيم وإيذاء الذات، ما يجعل هذه الحالة فاقدة لمادة الاسـتمرارية وعاجزة عن رؤية الحلول، ما يؤكد ضرورة الحاجة الماسة لدى الحالة وما يـشابهها إلى الإرشاد النّفسي .
ففي دراسة قام بها ((Overholser,j,. Dalla,.D & Adams,A,.2010 هدفت الى التعرف بالعلاقة بين تقدير الذات والاتجاهات نحو الانتحار، وقد أجريت هذه الدراسة على عينة بلغ قوامها
( 254) طالبًا في المرحلة الثانوية استخدم مقياس هامبورغ لتقدير الذات ومقياس كوفاس لتقييم الانتحار وقد أسفرت نتائج هذه الدراسة عن علاقة ارتباطية عكسية ذات دلالة إحصائية بين انخفاض تقدير الذات وارتفاع مستويات التفكير الانتحاري وزيادة المحاولات الانتحارية السابقة .
وفي دراسة قام بها كل من (إياد سليم الحلاق ، نسرين عيسى جرادات، 2019) للتعرف إلى انتشار الأفكار الانتحارية وعلاقتها بعوامل الخطر النفسي، والمتمثلة في كل من القلق والاكتئاب وقد أجريت هذه الدّراسة على عينة قوامها ( 1210) بأعمار تتراوح بين السادسة عشرة إلى الثلاثين عامًا في دولة فلسطين من الجنسين، وأسفرت الدّراسة عن شيوع التفكير الانتحاري ووصلت لنسبة 42,2 %وهي نسبة عالية. بالإضافة الى أنّ القلق والاكتئاب أحد العوامل المنبئة بالانتحار .
كذلك أجرى كل من (Khurana, A. & Romer, D. 2012) دراسة بهدف فحص اسـتراتيجيات
المواجهة إن وجدت التي تتنبأ بانخفاض التفكير الانتحاري وذلك على عينة قوامها (٧١٠ ) من الـشّباب بمتوسط عمر (١٨عامًا)، وقد أشارت نتائج الدراسة الى وجود أربع استراتيجيّات للمواجهة، وهـي حـل المـشكلة، والتنظيم العاطفي، ودعم السّعي والقبول وقدرتهم على التنبؤ بانخفاض التفكير الانتحاري بين كل من الذكور والإناث..
وتناولت دراسة قام بها كل من (Zygo, M., & Pawlowska, B., & Dreher, p. 2019) لتقييم مدى انتشار الأفكار والميول الانتحاريّة وعلاقتها بمتغيرات نفسيّة(كالشّعور بالذنب، والعجز، الصراعات، الوحدة، النزاعات الإسرية،) وقد أجريت الدراسة على عينة قوامها (5685) بمدى عمري يتراوح بين الثالثة عشرة إلى التاسعة عشرة من العمر ببولندا من الجنسين؛ وقد أشارت نتائج الدراسة الى شيوع الميول الانتحاريّة بنسبة 24,66 % لدى المراهقين وهي نسبة عالية؛ وكذلك شيوع الميول الانتحاريّة بعمر الخامسة عشرة وشيوعه لدى الإناث بدرجة عالية نتيجة الشّعور بالعجز والوحدة والرفض والشعور بالذنب؛ وكذلك النزاعات مع الآباء والأمهات والأقران.
كذلك أجرى كل من (Pompili, M., & Innamorati, M., & Dorian, A. 2019) دراسة التعرف إلى العلاقة بين عوامل الخطورة والمرونة والتحيزات المعرفيّة واليأس والاكتئاب والسّعادة الذاتيّة التي تسهم في السلوك الانتحاري؛ وقد أجريت هذه الدّراسة على عينة قوامها ( 253) طالبًا من الذكور والإناث من إحدى المدارس الثانوية في إيطاليا وأشارت نتائج هذه الدّراسة أنّ الميل لتفسير الأمور بطريقة متحيزة سلبًيا يرتبط بارتفاع درجات التفكير الانتحاري والسلوكيات الانتحارية .
– نظرية الضغوط
إن حالة اللامعيارية في المجتمع تجعل بعض الأفراد مشوشين وغير قادرين على التمييز بين الأعراف التي توجه سلوكهم، وتتوالد الضغوط عندما تكون الأعراف الاجتماعيّة غير واضحة أو متصارعة أو ضعيفة، أو عندما تفشل في تقديم الفرصة للأفراد لتحقيق حاجاتهم، وهذا يؤدي إلى الإحباط، والإحباط يؤدي إلى الانحراف والانتحار، ومن الأبنية الاجتماعية المهمّة الضاغطة )الفقر) الذي يدفع إلى الانحراف.
( حسين فايد ،2001: 229)
يضيف ( Paterson ,1997) أنّ بعض الأفراد ليسـوا دائمًـا ضـحايا مستسـلمين وسـلبيين للمواقـف الضاغطة التي يواجهونها ، فهـم عـادة يحـاولون تقليـل أو تخفيـف الضـغوط بواسـطة التفكيـر والشـعور أو السلوك بطرق محددة ، بمعنى مواجهتها ، وما يجعل موضوع المواجهـة موضـوعًا مهمًّـا لعلمـاء الـنفس هـو أنّ الأفراد يواجهون الضغوط بطرق متنوعة، بعضها فعال ناجح والبعض الآخر غير ذلك . إلا أن استمرار مصادر الضـغط وعـدم فعاليـة الاسـتراتيجيات المتبنـاة مـن الفـرد وفشـل هـذه الأساليب في مواجهة المواقف الضاغطة تؤدي إلى ظهور بعـض الاضـطرابات الجسـميّة والنّفسـية وهـي التـي تقابل مرحلة الإنهاك –المرحلة الأخيرة لزملة التكيف العام عنـد سـيلي – إذ إنّ فشـل مرحلـة المقاومـة يـؤدي إلى المرض الجسمي أو النفسي وأحيانًا الوفاة . ومن بين انعكاسات الضغوط على الصحة النّفسيّة ميل بعض الأفراد ربمـا بسـبب فشـل أسـاليب تعـاملهم مع الضغوط إلى محاولة الانتحار أو التفكير فيه، والتخطيط له وربمـا نجـاح الـبعض فيـه إلى أن الانتحار ظاهرة ازداد تواترها في هذا العصـر المحمـل بالأعبـاء والضـغوط، التـي لا يمكن تحييدها بسبب تعقد الظـروف الاجتماعيّـة والاقتصـاديّة والطموحـات الشّخصـيّة، خاصـة لـدى جيـل الشّباب إذ إنـّه إذا فشـلت اسـتراتيجيات التّعامـل المختلفة يبدأ الفرد في الشّعور بفقدان الأمل واليـأس والعجـز، إذ يـرى أن الموقـف يصـعب عليـه حلـه، ويتزايد هذا الشعور وبأنه لا يمكنه الـتحكم أو السـيطرة فـي أحـداث الحيـاة، ومـن المحتمـل أن يـؤدي هـذا الشعور باليأس والعجز إلى ظهور المشاعر الاكتئابية، والتي إن زادت تـؤدي إلـى الأفكـار وأحيانًـا إلـى الأفعـال الانتحاريـة ويظهر أن من بين انعكاسات استمرارية معايشـة الضـغط النّفسـي ظهـور اضـطرابات في المخططات المعرفية حسبناهـا متغيـرات قوية كمنبئات للانتحار كما سوف تكشف عنة الدراسة الحالية .
ففي دراسة قامت بها (أيت حمودة حكيمة و فاضلً أحمد ، 2007) هدفت إلى دراسة فحص أثر
اسيراتيجيات مواجهة الضغوط النفسيّة لدى فئة من محاولي الانتحار، وذلك من خلال فحص مدى دلالة الفروق في شدة الضغوط النفسيّة والاجتماعيّة وفي استخدام أساليب المواجهة بين محاولي الانتحار والاشخاص العاديين وقد أجريت هذه الدّراسة على عينة قوامها ( 54) تراوحت أعمارهم مابين ( 15- 35) عامًا وقد قُسِّمت تلك العينة الى مجموعتين الأولى وعددها ( 20) فردًا من محاولي الانتحار
اختيروا من مصلحة الإنعاش الطبي بمستشفى بن سينا في مدينة عنابة، أمّا المجموعة الثانية فقد بلغ قوامها ( 34) اختيروا من ملحقة التكوين المهني بسيدي عمار بمدينة عنابة في الجزائر، وقد أسفرت النتائج على أن فئة محاولي الانتحار أكثر شعورًا بالضغوط النفسية وأقل استخدامًا لاستيراتيجيات مخططات حلّ المشكلات واتخاذ مسافة وضبط الذات، والبحث عن السند الاجتماعي وإعادة التقدير الإيجابي
وفي دراسة قام بها كل من (Muller , R. , Lemieux , K. , & Sicoli , L. 2010) بهدف فحص العلاقـة بين أساليب المواجهة والضغوط من جهة، وبين المواجهة والتفكير الانتحاري من جهة أخـرى
لدى أفراد الشرطة. وقد أجريت هذه الدّراسة على عينة قوامها ( ٣٠٧) من أفراد الشرطة ممـن يرتدون الزي الرّسمي في محافظة كيب الشرقيّة في جنوب أفريقيا. وقد طبـق البـاحثون استبيان المواجهة، وقائمة الضغوط الحياتيّة التي يتعرض لها أفراد الشرطة، واستبيان التفكير الانتحاري لدى الراشدين. وأسفرت النتائج عن وجود ارتباط موجب دال إحصائيًّا بين أساليب المواجهة السلبية والتفكير الانتحاري. وأظهر تحليل التمايز أن محـاولات الانتحار، واستراتيجيات المواجهة السّلبيّة، والحالة الـصحيّة، وتنـاول الكحوليـات، واستراتيجيات المواجهة المتمركزة على المشكلة، ومتطلبات العمل وضغوطه لدى أفـراد الشرطة من العوامل التي تؤدي زيادة في معدلات التفكير في الانتحار لدي أفراد العينة.
ففي دراسة قامت بها ( ريما صندلى ، 2012) هدفت الى معرفة مدى تأثير الضغوط النفسية وإدراكها لدى المراهقين محاولي الانتحار؛ وقد أشارت نتائج الدراسة الى أن أكثر العوامل التي تؤدي بالمراهقين الى الانتحار وجود مستوى مرتفع من إدراكهم للضغوط النفسيّة، وعدم استخدامهم أساليب لمواجهة الضغوط بشكل سويّ ، وأنّ هناك مصادر عديدة للضغوط حسب إدراك المراهق لها وهي :الإساءة اللفظيّة والأُسريّة وعدم توفير الهدوء والراحة داخل المنزل، وتعرض المراهق للضغط النّفسي والمدرسي، وعدم قدرتة على النجاح في الدّراسة ، وغياب الدعم المادي والمعنوي .
وفي دراسة قام بها كل من ( رشيد المسيلى، فاضلى أحمد ، 2013) حول فحص الضغوط النفسيّة المدركة وعلاقتها بمعاودة المحاولات الانتحاريّة، وقد أشارت نتائج هذه الدراسة الى أنّه كلما كانت الضغوط النفسيّة والاجتماعيّة مرتفعة كانت محاولات الانتحار أكثر وزادت حالات تكرارها، أي أنّ محاولات الانتحار المتكررة تخفي ضغوطًا نفسيّة مرتفعة ، كذلك أسفرت نتائج الدراسة الى أنّ الذين حاولوا الانتحار بمعدل مرة واحدة كان أقلّ إدراكًا للضغوط ، كما أنّ المحاولات المتكررة للانتحار يعاني أصحابها من اضطراب الاكتئاب، كما تبين أنّ درجة الشعور باليأس بين محاولي الانتحار لأكثر من مرة أشد وأكثر يأسًا من محاولي الانتحار لمرة واحدة .
كذلك قام (الصيدان الحميدي محمد ، 2015) بدراسة هدفت إلى الكشف عن العلاقة بين أساليب مواجهة الضغوط النفسية والتفكير الانتحاري لدى طلاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة، والتعرّف على التكوين العاملي لمتغيرات أساليب مواجهة الضغوط النّفسيّة وأبعاد التفكير الانتحاري لدى طلاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة وأيضًا الكشف عن إمكانيّة التنبؤ بأساليب مواجهة الضغوط
النفسيّة في ضوء التفكير الانتحاري، وقد اعتمد الباحث عن المنهج الوصفي في شقيّه الارتباطي والمقارن لعينة قوامها ( 400) طالبًا من طلاب قسم علم النفس، وقد أوضحت النتائج عن وجود علاقة ذات دلالة إحصائيّة بين أساليب مواجهة الضغوط النفسيّة، والتفكير الانتحاري لدى طلاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ووجود عامل عام لأبعاد أساليب مواجهة الضغوط النفسية والتفكير الانتحاري، أيضًا يمكن التنبؤ بأساليب مواجهة الضغوط النفسيّة في ضوء التفكير الانتحاري .
وقد أشارت نتائج دراسات كل من (Anestis, M.D., Bagge, C.L., Tull, M.T., Joiner,K T.E. 2019, Bender, T.W., Anestis, M.D., Anestis, J.C., Gordon, K.H., Joiner, T.E,.2020) .إلى أن قدرة الفرد المرتفعة على عدم تحمل الضغوط ترتبط بمستويات مرتفعة من تطور القدرة المكتسبة للانتحار بشرط وجود الرّغبة في الانتحار من خلال التصور، أو التفكير فكلما كان لدى الفرد التّصور الانتحاري وزادت قدرة الفرد على عدم تحمل الضغوط كلما زاد ما يسمي بالقدرة المكتسبة على الانتحار، وتمكّن الفرد من عدم التغلب على الخوف من الموت و/أو الألم الفسيولوجي ، ويعزز قدرتهم على الانخراط في السلوك الانتحاري الخطير أو الفتاك وتنشأ الاستراتيجيات المختلة وظيفيًّا لتنظيم الانفعال من أجل مواجهة التوتر والأحداث الضاغطة بمحاولته للانتحار .
كذلك أشارت نتائج دراسة قام بها كل من ( (Heffer, T. & Willoughby, T. 2018 هدفت الى فحص دور القصور في التنظيم الانفعالي بالتنبؤ بالانتحار وفقًا لمكونات الرغبة والقدرة للنظرية الشّخصيّة النّفسيّة للسلوك الانتحاري وذلك على عينة قوامها ( ٧٨٢ ) طالبًا بالفرقة الأولى
بالجامعة الكندية بلغ متوسط أعمارهم ) (١٩,١١ ) وانحراف معياري قدره (١,٠٥وقد كشفت نتائج
الدراسة أن القصور في التنظيم الانفعالي الذي يرتبط بارتفاع مستويات الرغبة في الانتحار
ويصاحبه ارتفاع مستويات سلوك ايذاء الذات يتنبأ بارتفاع مستويات قدرة الفرد على الانتحار ،
ويعد عاملًا وقائيًّا يمنع الفرد من الانتحار، وأن التنظيم الانفعالي الجيد أي قدرة الفرد على تحمل
المواقف الضاغطة والبغيضة ترتبط بشكل مباشر بقدرة الفرد على الانتحار
النظرية الاجتماعية الثقافيّة
عدَّ أمیل (دوركـایم ) الانتحـار ظـاهرة اجتماعيّة بل دلالة عن طبيعة الأخلاق السـائدة فـي مجتمـع معـین، وبـذلك عـارض ورفـض بشـدة التفسيرات السـائدة فـي القـرن التاسـع عشـر والمتمثلـة فـي دور الوراثـة، والإصابة بالجنـون، والمنـاخ وتقليد الآخـر فـي انتحاره. كما عدَّ دوركهایم أن معدل حوادث الانتحار یعكس سیطرة المجتمع على الفرد، ولهذه السيطرة وظيفة معقدة یدعوها بوظيفة الاندماج الاجتماعي كما یقرّ دوركهـایم أن الانتحـار ظـاهرة اجتماعيّة تتباين تبعا لمجموعة من المتغيرات وهي:
– طبیعة المجتمع الذي نعیش فیه ( البعد المكاني(.
- طبيعة المنطقة التي یحدث فیها ( في عمق المجتمع(.
– مراحل المجتمع الواحد ( البعد الزماني(.
– الجماعات المختلفة ( متزوج، أعزب…الخ(
– الإطار الدیني
ویشـتمل هـذا الاتجـاه أيضًا علـى الدراسـات الاجتماعيّة التـي تناولـت المشـكلة مـن الروایـة أو
المقابلة أيّ في مظهرها الاجتماعي وشكلها الوبـائي فـي المجتمـع ومـن جهة مـدى انتشـارها فـي
المجتمع والظروف المصاحبة لها أو المرتبطة بها و أثر البيئة على الحالات الفردیة فهنالك من
یُقدم على الانتحار للتخلص من العار أو بسبب الیأس والإحباط أو عند شعور الفرد بشدة الألم أو
الجرم الذي أقدم علیه فینتحر كمعاقبة لذاته بالموت، والانتحار حقيقة أنّها عملیّة حسابیّة لا واعیة
یمـرّ بهـا الشـخص مـع ذاتـه فیعطـي للمـوت أكبـر وأفضـل مـن الحیـاة فـي وضـع یتصـوره هـو أنّـه
یسـتحیل العـیش فیـه مـع القنـوط، وفقـدان الأمـل فـي الـتخلص ممـا یعانیـه مـن أزمـات وضـغوط
واستحالة التغیر الى الأحسن كما بتصور، وهنالك من یقدم على الانتحار نتیجـة ضـعف النضـج
بفعل عوامل التربية الخاطئة وضعف الإیمان وما یصاحبها من اضطرابات مزاجيًة حـادة فضـلًا
عن النّظرة السوداويّة للحياة .( وازي طاوس ، 2012 : 138)
كذلك لوحظ أن معدل الانتحار یكـون أكثر ارتفاعًا في الحالات الآتية :
- سوء العلاقات الأسرية، فحیاة الفرد تكون مهددة بالاضطراب في حالة طلاق الوالـدین، أو غیـاب
أحـد الوالـدین أو كلاهمـا . - ترتفـع معـدلات الانتحـار لدى النساء بسبب العنف المنزلي.
ـــــ كذلك أصـبح للنجـاح الدراسـي أو الریاضـي أو الاجتمـاعي قیمـة كبیـرة عنـد الفـرد، فهـذا الأخیـر یواجـه
شـروطًا فائقـة لمسـتواه الحقیقـي، ولا تصـبح لدیـه القـدرة علـى تحمـل الإحبـاط فـي حـالات الفشـل. وهو الأمر الذى يدفع البعض للانتحار .) محمود فتوح سعدات،1990 : 5)
ــــ تصبح المعاییر والقیم التي توجه سـلوك الفـرد مختلطـة ومتعـددة، فالتسـامح الاجتمـاعي والعـائلي
لا یسمح للفرد ببناء هویته، فیعیش الفرد حالة من عـدم الاسـتقرار و الهجـرة و تغییـر السّـكن باسـتمرار
و الانعزال و تتفكك شبكة علاقاته الاجتماعیّة. - كذلك عدم تمكن الفـرد مـن اكتسـاب الشـعور بالقـدرة علـى تأدية دور فعـال فـي المجتمـع، ینـتج لدیـه شـعور بالتبعیـّة والضـعف، لأنـّه لا یستطیع تسییر شئون حیاته.
ــــ طغیان الاحادیة على المجتمعات( (Individualismالأمـر الـذي أدى الـى ارتفـاع الأنانیـّة عند بعض الناس وانعدام الرحمة وعدم الشعور بالأخر.
ــــ كذلك تؤدي العوامل الثقافية والایـدیولوجیات المختلفـة (كالمعتقـدات أو دیانـات معینـة كالعنصـریة والتطـرف الفكري .
ففي دراسة قام بها ( فايز المجالى ، عدنان الضمور ( 2012) والتي هدفت الى التعرف بدور العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وقد أشارت نتائج الدراسة الى أنّ أكثر العوامل المؤدية للانتحار هي العوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنّفسيّة، كذلك وجود خلل في التنشئة الاجتماعيّة يمكن أن يؤدي إلى الانتحار، كما أظهرت النتائج أنّ معدلات الانتحار في الأماكن الرّيفيّة أكثر من الأماكن الحضريّة وذلك بسبب قلة فرص العمل.
- الأسباب الأسرية :
تؤثر الاضطرابات الأسرية على عدد حالات الانتحار، وتواتر محـاولات الانتحار ومن هذه العوامل المهمّة ما يلي : الصـراعات الأُسريّة، خاصـة انفصـال الوالدين، كـذلك غياب الأب أو الصـورة الأبوية، وهـذا العامل یكون أكثر تأثیرًا إذا حدث الانفصال قبل (٦سنوات) .
- كذلك السّـوابق العائلية المرضـیّة : كالانتحـار أو محاولـة الانتحـار، أو المـرض العقلـي، وتنـاول الكحـول أو
المخـدرات مـن طـرف الأب أو الأم والرحيل وتغییـر السـكن العـائلي باسـتمرار الـذي یـؤدي بالضرورة إلى تغییر المدرسة والشارع وتتفكك الشبكة الاجتماعيّة وعدم الاسـتقرار.
- الحالة المهنية لأحد الأبوین مثل البطالة وعمل الأم خارج المنزل ولساعات طويلة یـؤدي الـى الحرمان العاطفي والشعور بالوحدة .
- كذلك حـــالات الاذلال والتحقير وسوء المعاملة الوالدية، التـــي یتعـــرض لهـــا أفـــراد الأســـرة مـــن الأب أو غیـــره . ( محمد عبدالمنعم شهاب ، 2020: 668)
- ففي دراسة قام بها ( عمور مصطفى ، 2018) هدفت الى التعرف بالعوامل المسؤولة المهمّة عن الانتحار وقد أشارت نتائج تلك الدراسة الى أنّ الفقر والبطالة والتفكك الأسري، والتشاؤم، وعدم الرضا عن الوضع الاجتماعي، وفقدان الأمل، والعجز والكبت، والطلاق والعنف الاسرى والحزن واليأس والاكتئاب والعزلة الاجتماعية مسئولة عن اقدام الشخص على الانتحار .
ثانيًّا : المخططات المعرفية اللاتكيفية
يتعرض الكثير من الأفراد للعديد من المواقف والمشكلات التي تؤثر في حياتهم وتوقعاتهم عن تحقيق أهدافهم، وقد ترجع هذه المشكلات إلى أساليب تفكيرهم وما يؤمنون به من أفكار ومعتقدات – التي قد تكون خاطئة- وهذا ما ينعكس على طريقة تفاعلهم وتعاملهم مع الآخرين، وتؤثر على توافقهم النفسي والاجتماعي فيضطرب سلوكهم نحو أنفسهم والآخرين. ( أحمد عبدالفتاح عياد ، 2021: 117)
ويرى ألبرت إليس Ellis أنّ الفرد هو من يصنع مشكلته وذلك عندما يتبنى مجموعة من الأفكار أو المعتقدات اللاعقلانية – غير المنطقية – فإذا أراد هذا الفرد أن يحل هذه المشكلة ويتخلص من آثارها السلبية المترتبة على حدوثها فلا بد أن يعيد النظر في ما يعتقد من أفكارٍ وما يؤمن به من معتقداتٍ، وما يتبعه من أساليبٍ في تفاعله الاجتماعي، كما أن عليه أن يستبدل أفكاره اللاعقلانية بأخرى عقلانية أو منطقية.(بشير الرشيدي، راشد السهل، 2007 :25)
والمدخل المعرفي Cognitive Approach يعدُّ من المداخل الحديثة في علم النفس، إذ تُعدّ البنية المعرفيّة للفرد أحد المتغيرات الأساسيّة لمعرفة حالته النفسيّة. وهذا المدخل ينظر إلى الفرد من زاوية المعرفة، وينظر للمعرفة من خلال ثلاث زوايا هي:
- المحتوى المعرفي Cognitive Content ويتضمن قيم واتجاهات وأفكار ومعارف الفرد.
- أسلوب المعرفة Cognitive Style ويتضمن نظام التفاعل والتواصل بين مكونات ذلك المحتوى.
- عملية المعرفة Cognitive Process ويتضمن الكيفية التي يصل بها الفرد إلى أفكاره وأسلوب تغييرها (باترسون، ١٩٩0، مترجم ،ص ٣٩٣ -٣٩٤)
كما أنّ المعرفة قد تكون سبيل الإنسان إلى السعادة فإنها قد تكون أيضًا مصدر شقائه، وتعاسته وخاصًة إذا كانت غير صادقة، وهذا يتوقف على كيفية استخدام واستقبال ومعالجة الكمّ المعرفي الموجود لدى الفرد. (جمال إبراهيم عبدالعزيز ، ٢٠٠٥:٤٣)
فالبنية المعرفيّة الداخلية للفرد تعدُّ أحد المتغيرات الأساسية في معرفة الحالة النفسية له، حتى أصبح الشعار اليوم ” قل لي ما محتوى أفكارك، وبأي طريقة تفكر ؛ أُقل لك من أنت “. فمحتوى الأفكار وطريقة التفكير في ما هو خارج الشخص في بيئته المحيطة وما هو بداخله، يؤدي دورًا مهمًا في إحداث الاضطراب النفسي ؛ فالفرد يفكِر، وحينما يفكِر ينفعل، فإذا كان تفكيره صحيحًا كان سعيدًا، أمّا إذا كان تفكيره خاطئًا كان تعيسًا، وهذه المسَلمة قد صاغها ألبرت أليس Albert Ellis ولكن استخدامِها بشكل فعال في ميادين علم النفس كان حديثًا. ( أحمد عبدالفتاح عياد ، 2021: 117)
وعندما تضطرب معرفة الفرد يظهر ما يسمى (التشوه المعرفي) الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب الفرد وعدم اتزانه نسبيًّا، وقد أكد كل من (بيك، بلاك بورن، إليس) على أنّ المكونات المعرفيّة للتشوه المعرفي ثلاث وهي السلبية بأبعادها الثلاثة (الذات- العالم- المستقبل) واليأس والاتجاهات المختلفة وظيفيًّا. (أمال عبدالسميع باظة، 1998: 3)
ولقد طُوِّر النّمودج المعرفي من خلال الملاحظات الإكلينيكيّة والاختبارات التي قام بها بيك (Beck) وهذه الملاحظات قادت إلى تطوير نموذج يتكون من ثلاثة مفاهيم محددة توضح مجموعة من التشوهات المعرفيّة التي يستخدمها الفرد وهي:
- المثلث المعرفي : ويتضمن ثلاثة نماذج معرفية رئيسة هي:
أ- نظرة الفرد إلى نفسه: إذ يرى الفرد نفسه بصورة سلبية، أنه إنسان فاشل غير كفء، ولديه شعور بالعجز.
ب-نظرة الفرد التشاؤمية للعالم: إذ يفسر الفرد الخبرات بطريقة سيئة، فهو يرى العالم مليئًا بالصعوبات والاحباطات، ويرى أنّه من المستحيل أن يحقق أهدافه في هذا العالم.
ج- نظرة الفرد للمستقبل: يرى الفرد أن المستقبل غامض وملئ بالعوائق، وهو يرى أن الصعوبات التي يواجهها الآن سوف تستمر في المستقبل ويتوقع دائماً الفشل لكل مخططاته المستقبليّة.
- الأخطاء المعرفية: وهي مجموعة من التشويهات المعرفية التي يستخدمها الفرد ويعتقد بصحتها، وهي تتضمن مفاهيم خاطئة يدافع عنها الفرد على الرّغم من عدم وجود أدلة تتبت صحتها.
- المخطط المعرفي: يستخدمها الفرد لتوضيح آهات السؤال المطروح وهو: لماذا يحمل الفرد اتجاهات سلبية وأفكارًا انهزاميّة للذات ؟
وعلى الرغم من توافر الأدلة المنطقيّة على عدم وجود مثل هذه الأشياء في حياته الواقعية ، فقد أشار (Back) وكذلك (fives) إلى أنّ النظريّة المعرفيّة، التي طورها ترى أن سبب الانفعالات السلبية ليست الأحداث الخارجية , ولكن تفكير الفرد حول هذه الأحداث، والأساليب غير الصحيحة في تفسيرها، والتي تؤدي بالفرد إلي الاضطراب (بسمة خليل،2006,ص 17)
كما رأى بيك أن التشوه المعرفي هو أفكار أتوماتيكية سالبه وكئيبة. (Beck, 1967, p 125) وكذلك عندما نتحدث عن المعتقدات الفكرية الخاطئة لا نقصد الإشارة إلى الأخطاء بالمعنى المنطقي الذي يرد في دراسات المنطق والفلسفة، بل نقصد الجوانب الفكرية التي تسود لدى المضطربين واللاتوافقيين”. وهناك نوعان للاضطراب المعرفي هما:
الأول: اختلال الأداء المعرفي (المعالجة المعرفية).
الثاني: الاضطراب المعرفي الخاص بتشوه وتحريف المحتوى المعرفي. (السيد مصطفى راغب الاقرع ، 2008، :74)
وقد ميّز ألبرت “إليس” Ellis بين نوعين من المعتقدات:
- اعتقادات منطقية تصحبها في الغالب حالات وجدانية سليمة تدفع الفرد إلى النضوج.
- اعتقادات لا منطقية تصحبها اضطرابات انفعالية كالعصاب والذهان والإحباط.
(عبد الستار ابراهيم، عبد الله عسكر، 2009، ص300)
وفي بعض الأحيان تتكون لدينا مجموعة من المخططات الخاطئة غير المتكيفة، إذ تقوم بالتكيف مع
المواضيع بطريقة مختلة الوظيفة فيعطي الفرد تأويلات خاطئة عن الوضعيات فربما يدرك الموقف
عكس حقيقته أو تصله المعلومة مشوهة حول ذاته، وحول الآخرين وعالمه الخارجي وبدوره يؤثر
على سلوكياته من جهة وعلى انفعالاته من جهة أخرى، فيصبح بذلك ينطوي تحت سوء التوافق
النفسي و تعتل صحته النفسية .
فالأشخاص الذين يشعرون بالفشل مثلًا لديهم مخططات معرفية سلبية تستبعد بشكل انتقائي المعلومات الإيجابية عن الذات، وتبقي على المعلومات السلبية ، وهذه المخططات المعرفية
السلبية أو المختلة وظيفيًّا لدى هولاء الفاشلين تكون قد تكونت بسبب النقد و الرفض المتزايد لهم من
الوالدين، أو ربما بسبب شدة أحداث الحياة الضاغطة والسلبيّة في حقبة مبكرة من حياتهم وحينما تقع
أنواع مماثلة من تلك الأحداث في مرحلة آتية فإن المخططات المعرفيّة السلبية لديهم تنشط و يبدأ
الأشخاص الفاشلين بغربلة خبراتهم الشخصية السلبية؛ و قد حظيت هذه الحالات باهتمام
Jeffrey youngالذي وضع مصطلح المخططات المعرفية اللاتكيفة و عرفها أنّها أفكار
رئيسة نافذة وعريضة بخصوص الذات و علاقات الفرد بالآخرين.
)Nordahl ,H;Holthe , H; And Hogum ,J 2005)
مما سبق يمكن أن نستنتج أنه هناك علاقة بين تفكير الفرد وانفعالاته وهذه علاقة تكاملية تتشابه في ما بينها، وأن الاضطراب الانفعالي والنفسي هو نتيجة للتفكير غير العقلاني، وأنّ أي سلوك أو إنفعال لا ينشأ من استجابات الفرد لظروف البيئة التي ينشأ فيها فقط بل كذلك من أفكاره نحو البيئة، وما يكتسبه من سلوكيات واتجاهات عبر مؤسسات التربية .
لذا فان الدراسة الحاليّة تهتم بما يحمله الفرد من اتجاهات سلبية، وأفكارًا انهزامية للذات ومن ثم فهم تلك المخططات المعرفية اللاتكيفية التى تسيطر على هؤلاء الأفراد ذوي الميول الانتحارية وعلى ذلك يمكن تعريف المخططات المعرفية اللاتكيفية إنها انساق إدراكية سلبية تقوم على هدم الذات، وتتسم بالاستقرار والديمومة ولكنها تعوق السلوك وتتشكل في الطفولة المبكرة في حياة الفرد نتيجة للعلاقات المضطربة بين الفرد، وبين الأفراد في محيطه الاجتماعي وهذه الخبرات السلبية تعمل على الإحباط، ولا يستطيع الفرد إشباع حاجاته النفسيّة فيلجأ الفرد إلى أن أساليب لا تكيفيه توافقية وهنا تظهر المشكلات الانفعاليّة والسلوكيّة؛ وتستمر طول حياة الفرد وتظل ثابت نسبيًا في البناء النفسي للفرد وتتسم بمقاومتها العالية للتغير إذ تعمل بشكل غير واع .
ويتعلق حفظ المخططات بكل ما يساعد على تفعيلها على المستوى الداخلي أو الخارجي للفرد؛ وتتضمن حفظ الأفكار والانفعالات والسلوكيات التي تدعم المخطط ويُحفظ المخطط من خلال ثلاث ميكانيزمات هي: التشوهات المعرفيّة، سيناريوهات الحياة التي تهدم الذات، وأساليب المواجهة إذ تضم التشوهات المعرفيّة التي تساعد على ثبات المخطط . ( أحمد عبدالفتاح عياد ، هبة بهى الدين ربيع ، 2019: 226)
وتعمل المخططات بشكل لا شعوري فهي مسؤولة عن الأحكام الانفعاليّة السريعة والتي تبنى على أساس غير منطقي ومشوه معرفيًا، وتؤدي إلى تفسيرات لا تكيفيّة للفرد وللبيئة المحيطة به من الآخرين، وهي المسؤولة عن الأفكار اللاعقلانيّة التلقائيّة التي تؤدي إلى اختلالات وظيفيّة لدى الفرد يمكن أن تدفعه للسلوك الانتحاري .
ويمثل المخطط شبكة من المعلومات المتراكمة، ويمكن للمعلومات الجديدة أن تتناسب مع المخطط وفي حال عدم مطابقتها للمخطط فإنّ الفرد يقوم بتأويل المعلومات حسب ما يتوافق مع المخطط، فإذا كان لدى الفرد مخطط الاستهداف والتعرض للأذى، فإنّه يقوم بتأويل كل المثيرات الغامضة على أنّها أشياء خطيرة تهدده ( Beck, A. T., Freeman, A., & Davis, D. 2004)
ومن النّاحية السلوكية فإن الفرد يبادر في سيناريوهات الحياة الهدامة للذات فيختار لا شعوريًا المواقف التي تنشط مع هذا المخطط ويتجنب العلاقات التي تتناقض مع المخطط الذي استُدعي، ويتصرف بطريقة تجعل الآخرين يتجاوبون معه سلبيًا، فالفرد الذي يمتلك مخطط الإساءة / وعدم الثقة يختار في علاقاته الأشخاص الذين يتصفون بالبذاءة والإساءة والتعدي على الغير. ( عادل عبدالله محمد ، 2020 :210)
فالفهم الجيد للمخططات المعرفية اللاتكيفية يُساعدنا على فهم سلوك الشخص الذى يحاول الانتحار ،فالمخططات عادة تستمد من خبرات الفرد ويشير يونج إلى أربعة نماذج من التجارب في مرحلة الطفولة المبكرة التي تشجع على تطوير المخططات المعرفية اللاتكيفية في وقت مبكر .
1- الإحباط: فعندما يواجه الطفل الإحباط من خلال عجز البيئة وفقدان أحد العناصر المهمّة وهي الاستقرار النّفسي.
2- الصدمات النفسية: وتعمل علي تطوير المخططات مثل سوء المعاملة.
3- التدليل الزائد: ويؤدي إلى تجاهل الاحتياجات للتطور الذاتي الخاص بالفرد، وضبط النفس فإعطاء الحرية المفرطة للطفل من دون حدود يدعم مخططات التهور، وعدم ضبط النفس وعدم تحمل المسؤولية وسيظهر أثر ذلك في طبيعة المخططات المعرفية اللاتكيفيه لديه.
4- تقمص الأدوار: إذ يرتبط الطفل عاطفيًا مع أحد الوالدين ولا يستطيع الاستقلال بذاته.
وعمومًا فإنّ المخططات المعرفيّة تساعدنا في عمل الاستدلال حول المواقف والأحداث وتكمن أهميتها في تفسير الأحداث التي يمر بها الفرد ويمكن عدّ المخططات أنّها تجارب فردية وكلّ فرد له منطقه الخاص في التعامل, وتنشأ من بنيات معرفيّة أكثر رسوخًا واستقرارًا في البناء النفسي للفرد وتبدأ في المراحل الأولى للطفولة، وتعتمد على مدى الإشباع للحاجات الأساسية للفرد وحالته المزاجيّة والضغوط فإذا كانت تتسم حياة الفرد بالسلبية وسوء التوافق، فسوف تنمو لديه ما يطلق عليه المخططات المعرفية اللاتكيفية والتي تظهر في ما بعد شكل اضطرابات نفسيّة وسلوكيّة (Thimm,2010; Pinto-Gouveia,et al,2006).
وتتسم المخططات المعرفية اللاتكيفية بعدة خصائص وقد حددها يونج في وهي:
1- تُعد حقائق أولية يعتقدها الفرد عن نفسه وعن العالم الخارجي.
2- تُعد اختلال معرفي وتنتج عنها تشوهات معرفية.
3- تتسم بالديمومة ولا يستطيع الفرد مقاومتها فيها ثابتة نسبيًا.
4- تُحفّز بالتغيرات والمواقف والأحداث.
5- تنشط أكثر نتيجة الاستثارة الانفعالية المرتفعة.
6- أكثر ارتباطًا بالخبرات الغير سوية للفرد مع أقرانه وأسرته.
7- تمثل معتقدات راسخة وتعمل على هدم الذات لنفسها، ما يؤثر علي تنظيم الذات ويقلل دافعية الفرد فيركز علي الجوانب السلبية Beck, A. T., Freeman, A., & Davis, D. 2004) ،إيمان عطية، 2017 :76).
وأشار young,1999) ) أن المخططات المعرفية تتطور وتتشكل مبدئيًا نتيجة خبرات الطفولة المؤلمة والصادمة، ويحتفظ بها بسبب التشوهات في طريقة معالجة المعلومات وتستمر مع الفرد إلى النهاية كجزء لا يتجزأ من الصراع على مدار حياته، وهكذا تظهر المخططات في مرحلة الطفولة والمراهقة كتمثيل جوهري للواقع المحيط بالفرد، وتتضح طبيعة الخلل الوظيفي للمخططات المعرفية بصورة كبرى في وقت لاحق من حياة الفرد .
وقد اقترح Beck & Weishaar,2005)) أن المخططات تكون الصيغ والوسائط، والتي هي شبكة من المخططات والعواطف والدوافع والسلوك والتي تنظم الشخصية، وتفسر الأحداث الجارية وتحدثا أيضًا تفريغ الصيغ المختلفة وتعديلها وأشارا إلى وجود ثلاث مداخل أساسية للتعامل مع الصيغ المختلفة أو المضطربة، الأولى هي إخمادها والثانية هي تعديل محتواها ، والثالثة هي بناء أو تأسيس صيغ ووسائط أكثر تكيفية لمعادلتها خلال (محمد عبد الرحمن، محمد سعفان 2015).
وقد أشار(Young,1999) إلى عدة مصادر للمخططات المعرفية اللاتكيفية والتي من شأنها أن تؤثر على حياة الفرد وهي: الإحباط: وينتج عنه مخططات معرفيّة لا تكيفية تتعلق بالحرمان العاطفي ، والتعرض للصدمات النفسيّة، وهذا المصدر يجعل من الفرد ضحية لمجتمعه أو للظروف وينشط لديه مخططات معرفيّة لا تكيفيّة تتعلق بعدم الثقة والخزي والأذى، والإفراط في التدليل بمرحلة الطفولة ويجعل من الفرد شخصية اتكاليّة وهنا تنشط لديه مخططات معرفيّة لا تكيفيّة ترتبط بالاعتماديّة والشعور بعدم الكفاءة، وتقمص الأدوار: إذ يرتبط الطفل بأحد الوالدين وهنا تنشط لديه مخططات معرفيّة لا تكيفية ترتبط بالحرمان (علي الشيخ، 2015 :54).
وتتضح الطبيعة اللاتكيفيّة لهذه المخططات مستقبلًا في حياة الفرد إذ تُثبّت خلال تفاعله مع الآخرين وتؤثر على طريقة التواصل وطريقة التفكير وتصرفات الفرد , فإذا كان الفرد لديه مخطط معرفي أن يعاني من الدونية فإنه يركز على الدوافع المرتبطة بالفشل والعزلة والرفض ، وإذا كان لدى الفرد مخطط معرفي يدور حول الاعتماديّة فإنه يترسخ لدى الفرد اعتقاد بعدم قدرته على تولي المسؤولية والقيام بمهام جيدة وعندها ينشط المخطط المعرفي المرتبط بالعجز الدائم ويعزي ما يحدث له إلى عوامل خارجية وليس إلى ذاته(Radomsky et al,2014).
مجالات المخططات المبكرة غير المتكيفة: وقد حدد يونج ثمانية عشر مخططًا غير متكيف مصنفة ضمن خمسة مجالات وفقا للحاجات العاطفية غير المشبعة والمجالات هي:
المجال الأول :الانفصال والرفضDisconnection and Rejection Domain : يفشل الانفصال الذين يملكون هذا المجال :
1_مخطط الهجر/ عدم الاستقرارInstability \Abandonment : الأشخاص الذين يملكون هذا المخطط مقتنعون بأن من يهتم بهم، لن يستمروا في منحهم الدّعم العاطفي والقوة والاتصال والحماية ويخافون من فقدان أحد الوالدين بالموت أو الهجر.(أمينه قويدر ،2012 :23) وهو أحساس مستمر عند الفرد بعدم بقاء الأشخاص المهمين معه وتركه وتخليهم عنه، أو عدم حضورهم الدائم نتيجة للموت أو عدم قبولهم له وتفضيلهم لشخص آخر مفضل لديهم للبقاء معه (عدم الاستقرار/التخلي). (Young and al,2005: 41).
2_مخطط الشك/الاعتداءMistrust\ Abuse : ينشأ هذا المخطط من آباء يوصفون بسوء المعاملة والاعتداء جسديًا ولفظيًّا أو جنسيًّا على أطفالهم) والأفراد الذين لديهم هذا المخطط يخافون من الإهانة والإصابة والاعتداء وسوء المعاملة من الغير. (Kahalee, 2009) (Fofana,2007).
3-مخطط الحرمان العاطفي Emotional \Deprivation: الأشخاص الذين يعانون من هذا المخطط يشعرون ويتوقعون أن الاخرين لن يلبوا رغباتهم في الحصول علي الدعم العاطفي ، ولن يشبعوا حاجتهم ، ويتكون هذا المخطط من عدة أشكال: الحرمان من الرعاية، ويشمل الحرمان من الاهتمام والمحبة والدفء والصحبة، والحرمان من التعاطف ويشمل غياب التفهم والاستماع والصراحة وتبادل الرأي والمشاعر مع الوالدين .والحرمان من الحماية ويعني عدم وجود توجيه أو ارشاد من القائمين على الرعاية .(Young, et al, 2003).وينشأ هذا المخطط من والدين باردين ومتباعدين عاطفيا.(Martin, et al 2010)
4-مخطط النقص/الخجل Defectiveness\Shame : يرى من لديه هذا المخطط نفسه على أنّه غير مرغوب فيه، أو أنه بلا قيمة، أو مكانة، ويشعر بالنقص عن الآخرين، وهو عادة لديهم حساسية كبيرة تجاه النقد أو اللوم أو الرفض، ويشعر بالخجل والخزي تجاه أى اخطاءه يقع فيها ولو كانت بسيطة.(Young et al, 2003).
5-مخطط العزلة الاجتماعية /الاغتراب Social Isolation\Alienation : يعتقد من لديه هذا المخطط أنه منعزل عن العالم ولا يستطيع أن ينسجم؛ أو يتوافق مع أي مجموعة خارج نطاق الأسرة؛ وغالبًا ينشأ هذا المخطط من طفولة تخلو من المحبة أو التواصل والتفاهم والتعاطف ويزيد فيها النقد والسخرية والإهانة والنبذ.(Martin et al: 2010).
المجال الثاني:قصور الاستقلال الذاتي وضعف الأداء:Impaired Autonomy and Performance:
الذاتية هي قدرة الفرد عن الانفصال عن العائلة والتعامل بشكل مستقل عنها فالأفراد الذين لديهم مخطط من هذا الميدان لديهم توقعات عن أنفسهم وعن العالم الخارجي لا تتناسب وقدراتهم الذاتية (الاستقلالية) عندما كانوا في الطفولة كان الأبوان يقومان بجميع الأعمال بدلًا عنهم ، ويوفرون الحماية(Cottraux, et al.,2001:43) ويتكون هذا المجال نتيجة إحباط اشباع الحاجة الأساسية للاستقلال، والكفاءة والشّعور وبالهوية فهو يتضمن المخططات المرتبطة بالشّعور بضعف الاستقلالية، وفقد السيطرة على المصير ، والحاجة المفرطة للتوجيه والدّعم.ويحتوي هذا المجال على أربعة مخططات هي:
1ـ الاعتمادية / العجز Dependence / Incompetence: ويقصد به اعتقاد الفرد أنه غير قادر على إدارة مسؤولياته اليومية بمفرده من دون مساعدة من الآخرين، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات (شهرزاد عيشوني،2012 :44)
2ـ القابلية لــــــلأذى أو المــــــــــرضVulnerability to Harm or Illness : الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من المخطط لديهم خوف مفرط من كارثة قادمة لا يمكن تجنبها، ويتوقعون دائمًا أن هناك كارثة عاطفية أو صحية أو خارجية وشيكة وسوف تحل بهم.(Young, et al, 2003) وخوف من إحدى المستويات الآتية :
– على المستوى الصحي: نوبة قلبية، السرطان .
– على المستوى الانفعالي: فقدان القدرة على التحكم ، مرض عقلي .
– الكوارث الطبيعية و الفوبيا: الخوف من المصعد ، الطائرة ، جريمة .(Young et al, 2005).
3ـ التعلق بالأخرين / عدم النضج الذاتي Enmeshment /Undeveloped : ويتضمن هذا المخطط الشعور بالارتباط العاطفي المبالغ فيه مع شخص أو أكثر من الأشخاص المهمين في حياته _الوالدين في العادة _ ويشعر الأشخاص الذين لديهم هذا المخطط أنّهم لن يكونوا سعداء يومًا ما، ولن يتمكنوا من العيش بغير الاشخاص الذين يتعلقون بهم .(صفية اقروفة،2011)
ويتسم أصحاب هذا المخطط بالتعلق والقرب العاطفي المفرط بأحد الأشخاص المهمين أو أكثر (غالبًا الوالدين)، على حساب التميز بشخصية فريدة أو النضج الاجتماعي السليم. (Martin et al,2010: 323)
4ـ الفشل Failure: ويقصد به قناعة الفرد أنّه لم ولن ينجح في نواحي تتعلق بالإنجاز أو أنه أقل من أقرانه أو لديه شعور بالنقص مقارنة بهم، وينشأ هذا المخطط نتيجة السخرية من الطفل من الوالدين أو نقده المستمر.(Nordhal et al., 2005)
المجال الثالث : ضعف القيود أو الحدود : ويتعلق هذا المجال بوجود قصور لدى الفرد في الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين واحترامهم والتعاون معهم ومشاركتهم في أداء الالتزامات، ويشعر الفرد تجاه الاخرين بالاستعلاء، ويحتوي هذا المجال على :
1- الجدارة/ العظمة Entitlement /Grandiosity: من لديه هذا المخطط هو على قناعة أنه أعلى مكانه من الآخرين ويعتقد أن قواعد التعامل الطبيعية لا تتطبق عليه، ويحاول السيطرة على سلوكيات الآخرين وأنه يستحق معاملة خاصة، ومن أجل الحصول على القوة والسلطة يحاولون إجبار الآخرين على الإيمان بوجهات نظرهم، والسيطرة على سلوكيات الآخرين لتتوافق مع رغباتهم الخاصة من دون تعاطف معهم أو اهتمام بهم .
2- عدم كفاية ضبط الذات / التنظـــــــــيم الذاتي Insufficient self –control /Self-Discipline :
الأشخاص الذين لديهم هذا المخطط يكونون عادة غير قادرين على ممارسة القدر الكافي من التحكم في النفس ، ولا يختارون شيئًا بملء إرادتهم، ما يعيق تحقيق أهدافهم الشخصية، فهم لا يستطيعون كبح جماح تعبيراتهم الانفعالية الفجــــــــــة أو ضبط انفعالاتهم (Meyer et al, 2000: 233-248).
المجال الرابع : التوجه نحو الآخرين Other-Directedness: ويتعلق هذا المجال بالمخططات التي تتطور نتيجة الإحباط أو فقدان الأمل المتعلق بالحاجات الأساسيّة لحرية التعبير المشاعر والحاجات المشروعة، فالأشخاص الذين يقمعون في هذا المجال يؤكدون على احتياجات ومشاعر الآخرين، على حساب احتياجاتهم ورغباتهم الخاصة ويحتوي هذا المجال علي المخططات الأآتية:
1- الخضوع أو الإذعان Subjugation: ومن لديه هذا المخطط عادة مــــــا يخضع لضبط الآخرين ، وتحكمهم، والأشخاص الذين يعانون منه يطيعون الآخرين لشعورهم أنهم مجبورون على ذلك، بغرض تجنب الغضب أو الانتقام أو الهجر، ويعتقدون أيضًا أن رغباتهم وآرائهم ومشاعرهم ليست ذات أهمية من وجهة نظر الأآخرين، ولديهم حساسية مفرطة تجاه الشعور بالاستغلال الذي يؤدي بهم إلى الشعور بالغضب الذي يعبر عنه بأعراض لا تكيفية.
2-التضحية بالذات Self –Sacrifice : ويتكون هذا المخطط من التأكيد المفرط على التلبية الطوعيّة لاحتياجات الآخرين ورغباتهم على حساب متعتهم الشخصية، فالأشخاص الذين يقعون في هذا المخطط يلبون احتياجات الأخرين دون اجبار لكي يتجنبوا الشعور بالذنب أو لكي يحافظوا على علاقتهم مع الأخرين الذين يحتاجون لذلك .(Nordhal et al,2005)
3- السعي للقبول/ طلب التقدير والاعتراف Approval Seeking /Recognition –Seeking
يسعى من لديه هذا المخطط دائمًا إلى كسب اهتمام الآخرين وقبولهم ومجاراتهم من أجل كسب حبهم أو إعجابهم أو اهتمامهم. وليس حسب رأيهم الخاص، فالأشخاص يعطون أولوية مفرطة في طريقة حياة، المظهر، النقود، المنافسة، أو النجاح إلى الرضا في النهاية، فيقومون بتأدية نشاطات لا تؤدي بهم إلي السعادة، هذه الحالات حساسية للرفض ، وحسد الأشخاص الأفضل منهم. (Young et al,2005)
المجال الخامس الحذر الزائد والكــــــــــف الانفعــــــــــاليOver Vigilance and Inhibition :
وينشأ هذا المجال من المخططات التي تكونت نتيجة لقمع الفرد أو كفه لمشاعره التلقائيّة ووضعه قواعد داخلية صارمة وتوقعات مبالغ فيها وكبت مشاعره ودوافعه على حساب سعادته وراحته وصحته .ويحتوي هذا المجال علـــــــى المخططات الآتية :
-1السلبية /التشاؤم Negativity / Pessimism: ومن لديه هذا المخطط لديه تركيز على الجوانب السلبية من الحياة مثل الألم والموت والخسارة، وفي الوقت نفسه يهمل أو يقلل من النواحي الإيجابيّة والتفاؤل ولديه اعتقاد دائم الأمور سوف تسوء بشدة وأكثر، كما يضخم الأحداث الجزئية السلبية، هؤلاء يقضي معظم وقته مشغول البال، غير راض متردد.
2- الكبت العاطفي Emotional /Inhibition: يقدم هذا المخطط التضييق المبالغ فيه على المشاعر أو العلاقات العفوية للشخص بعرض تجنب الشّعور بالخجل أو الاستهجان من الآخرين أو لتجنب فقد سيطرة الفرد على دوافعه والأنماط الشائعة من الكف الانفعالي هي كف الغضب أو العدوان، وكفّ الدّوافع الإيجابيّة مثل المتعة واللعب، صعوبة تعبير الفرد عن حساسيته وقابليته للإحراج أو صعوبة التواصل والتعبير بحرية عن مشاعره وحاجاته .(Fulya,Sennur&Murat,2015) ويركز أصحاب هذا المخطط على كبح الانفعالات السلبية والإيجابيّة والأفكار والمشاعر الشخصيّة والاستجابات التلقائيّة والدوافع، خوفًا من فقدان السيطرة على النفس او اطلاق العنان للانفعالات المبالغ فيه ما قد يتسبب في إزعاج الآخرين أو استنكارهم لهذا الفعل (Kahale,2009)
3-صـــــــــــرامة المعايير / الحـــــساسية للنقــــــــــــد Unrelenting Standards/ Hypocriticalness : وأصحاب هذا المخطط لديهم ميل مبالغ فيه للوصول لأعلى معايير السلوك والأداء، وهو يناضل لتجنب النقد ،ويشعر بالضغط ويفقد الشعور بالسعادة أو الراحة أو الصحبة أو تقدير الذات أو الانجاز ويكون شديد النقد لذاته أو للآخرين ، ويشمل هذا المخطط على معايير صارمة للأداء وعدم تقبل الفرد للأداء العادي ومبالغته في التوقعات من ذاته. (Carr & Francis , 2010:343-358)
- العقابـــــــيّة أو القصاصيّة Punitivenes :وأصحاب هذا المخطط لديهم اعتقاد في المبدأ القائل أن يعاقبوا بشدة لارتكابهم أخطاء، ويميل الأشخاص الذين لديهم ميل لهذه المخططات إلى سرعة الغضب وعدم التسامح مع الآخرين وعدم الصبر معهم أو مع أنفسهم وعدم التسامح مع أخطاء الآخرين، كما أنّ لديهم ميولًا متعصبة، ناقدة، نافذة الصبر ويعاقبون أنفسهم والآخرين إذ لم يحققوا المستوى المطلوب من الأداء(Young, et al ,2005) فلا يوجد في رصيدهم قدرة على الملاطفة ، ولديهم نقص في العلاقة العاطفية الوجدانية ، والمرونة أو القدرة على تبادل وجهات النظر مع الآخرين. (Cottraux et al, 2001:89)
بعض المتغيرات المسؤولة عن المخططات المعرفية اللاتكيفية :
يشير (عبد الستار ابراهيم 1993 :108) أنّ الأسباب التي تؤدي إلى المخططات المعرفية اللاتكيفيّة ، التفكير والأسلوب الذي يتبعه الفرد كما أن التفكير الكمالي يختلف عن التفكير الإكمالي فلا توجد مشكلة إذا أراد الإنسان أن يؤدي عملة بأحسن صورة ممكنة، ولكن المشكلة أن يحاول الوصول إلى كمال ليس له وجود واقعي.
ويرى (الفرحاتي السيد ،2005: 119) أن الاتجاهات الكمالية المطلقة تجعل الفرد يسبح في محيط ليست له معالم واضحة، لذا لا بد من اهتمام المعالجين بما يردده المضطربون من عبارات ربما تكون نتيجة لتربية وتنشئة خاطئة.
ومن أسباب تكوين التشوهات المعرفية الآتي:
1- عدم القدرة علي تفهم وإدراك المعاني والمفاهيم المكونة للحدث.
2- عدم الإحساس بالتوازن النفسي.
3- عدم القدرة علي التعبير عن المشاعر الداخلية والإحباطات الخاصة.
4- عدم الثقة في الآخرين والإحساس بالعزلة التي تسبب الشعور بالاغتراب والاختلال النفسي والذي يؤثر بدوره علي التوازن العضوي. (سنايدروشان 2003ص،32-82، زكريا الشربيني،2005)
وقد وضح إليس مجموعة من العوامل المسؤولة عن إحداث أخطاء التفكير والأفكار المشوهة لدى الفرد منها:
1- الاستعدادات البيولوجية: فالإنسان يولد ولديه استعداد قوي أن يكون منطقيًّا ممثلًا لذاته، محققًا لها على النحو الذي يقرره إليس وماسلو وروجرز في كتاباتهم، ولكن الإنسان لديه أيضًا استعدادات قوية أن يكون غير منطقي في سلوكه وأن يكون قاهرًا لنفسه، وهو يفكر بسهولة وبشكل طبيعي كما أنّه يفكر حول تفكيره، وهو مبتكر يحب ويتعلم من أخطائه وهو يغير من نفسه مرات عديدة. (مفتاح عبد العزيز، 2001،ص 42)
ويرى إليس أن الإنسان بطبيعته يحدث نفسه Self- talk ويقيّم نفسه Self- evaluation والناس ينفعلون ويواجهون صعوبات عندما يخطئون، أو لا يحققون تفضيلاتهم المتعلقة بالحب والاستحسان والنجاح وباختصار إن إليس يرى أن الناس يولدون ولديهم الميل نحو النمو وتحقيق الذات كما أنهم يولدون الميل لتدمير أنفسهم والتفكير بطريقة غير عقلانية نتيجة لما تعلموه (منذر الضامن، 2003،ص 151)
2- البيئة الثقافية: يربط إليس بين الناحية البيولوجية والبيئة الثقافية كمحددات لاكتساب الأفكار اللاعقلانية بقوله “إن بعض أفكار الإنسان اللاعقلانية تتبع من عجزه البيولوجي، وإن معظم هذا العجز يفرس أو يؤكد من خلال التربية والقائمين عليها كالأبوين، والمدرسين، الاتصال بالثقافة، وما تبثه وسائل الإعلام، ونتيجة لذلك، فإن العديد من الأشخاص يكون لديهم أفكار لا عقلانية أساسية تؤدي إلى الشعور بالأحباط والعصاب (محمد عبد الرحمن، 1998،ص440)
إذ يميل الإنسان فطريًّا إلى أن يخضع للتأثير وبصفة خاصة أثناء مرحلة الطفولة، ويكون هذا التأثير من أفراد أسرته من أقرانه المباشرين، وكذلك من جانب البيئة الحضارية التى يعيش فيها بوجه عام (المجتمع) وعلى الرغم من أن هناك اختلافات شاسعة بين الأفراد في هذا المجال (الخضوع للتأثير) فإن الإنسان يضيف إلى اضطرابه الإنفعالي وعدم المنطقية بالخضوع لتعاليم الأسرة والمجتمع وتقاليدهما. (مفتاح عبد العزيز، 2001،ص 43)
وهكذا فإنّنا نتعلم المعتقدات السلبية من الأشخاص الهامين في حياتنا خلال مرحلة الطفولة؛ وأننا نبتكر الأفكار غير العقلانية بأنفسنا وأن تكرارنا لهذه الأفكار تجعلنا نتصرف إزاءها وكأنها مفيدة . (منذر الضامن، 2003،ص 151)
ويرجع إليس اكتساب ونمو الأفكار المشوة لدى الأطفال لأسباب عديدة: منها أن الطفل لايكون قادرًا على التفكير بوضوح، ويستمد معظم حقائقه من تخيل المخاوف كما يعتمد الأطفال في تفكيرهم وتخطيطهم على الآخرين، وكذلك يتعرضون من خلال الوالدين والعديد من المجموعات الأسرية للكثير من الاضطرابات في الناحية المعرفية الناتجة عن الخرافات والاتجاهات التعصبية والتي تنقل لهم مباشرة منذ حياتهم الأولي. (محمد عبد الرحمن، 1998،ص430)
3- التفاعل بين الأفكار والمشاعر والتصرفات : يرى إليس أن كل البشر العاديين يفكرون، ويشعرون ويتصرفون، وهم يفعلون ذلك في صورة تفاعلية وتبادليّة، فأفكارهم تؤثر بشكل جوهري (بل ربما توجد) مشاعرهم وسلوكياتهم كما أنّ انفعالتهم تؤثر علي سلوكياتهم بشكل مهم، كما أنّ تصرفاتهم تؤثر بشكل متميز على كل من أفكارهم وانفعالتهم، ولكي نغير واحدًا من هذه الأنماط فإنّ التغيير أحد النمطين الآخرين سيؤدي إلي نتائج،ومن هنا فإنّ الصورة الكاملة من العلاج العقلاني الانفعالي تستخدم الأساليب المعرفيّة والانفعالية والسلوكية لتغيير الشخصية. (مفتاح عبدالعزيز،2001، ص43).
ففي دراسة قام بها (Parkes, K. 2019 ) بهدف التعرف العلاقة بين مركز التحكم الداخلي/الخارجي والتحيز المعرفي والتعامل مع المواقف الضاغطة، وقد أجريت هذه الدراسة على عينة بلغ قوامها ( 171) من طالبات المرحلة الجامعية بلندن، وقد استخدمت الباحثة مقياس جوليان روتر لمركز التحكم الداخلي/الخارجي ومقياس الدفاعية من قائمة مينيسوتا ومقياس التحيز المعرفي لـ ( ,(Goff ومقياس تحريف الإجابة من استبيان اَيزنك لشخصية( (Eysenck,1957والذي استخدم لتقييم اتجاهات الاستجابة في التعامل مع الاستبيان، وأسفرت الدراسة عن وجود علاقة ارتباطية طردية دالة إحصائيًّا بين التحيز المعرفي والمواقف الضاغطة، ومركز التحكم الخارجي، ووجود علاقة ارتباطيّة طردية دالة إحصائًيا بين مركز التحكم الداخلي والقدرة على التكيف مع المواقف الضاغطة في حين أن ذوي التحكم الخارجي عاجزين عن التأثر بالضغوط.
وتناولت دراسة( (Pompili, M., & Innamorati, M., & Dorian, A. 2019التعرف إلى العلاقة بين عوامل الخطورة والمرونة والتحيزات المعرفية واليأس والاكتئاب والسعادة الذاتية، التي تسهم في السلوك الانتحاري، وقد أجريت هذه الدراسة على عينة قوامها ( 253) من طلبة المرحلة الثانوية في إيطاليا من الجنسين وقد أشارت نتائج الدراسة أنّ الميل لتفسير الأمور بطريقة متحيزة سلبيًا يرتبط بارتفاع درجات التفكير الانتحاري والسلوكيات الانتحارية.
كما تناولت دراسة ( مريم حميد أحمد اللحياني و سميرة محارب العتيبي ، 2020 ) أكثر أبعاد التشوهات المعرفية انتشارًا (النقد – لوم الذات – العجز اليأس- استغراق التفكير في الخطر،) وقد بلغت العينة الكلية (548) طالبًا وطالبة من الطلبة السعوديين والمصريين، استُخدِم مقياس التشوهات المعرفيّة CDS ) ، (Briere,2000وقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أنّ أكثر أبعاد التشوهات المعرفية انتشارًا لدى عينة الدراسة هو بعد لوم النفس ثم يليه بعد استغراق التفكير بالخطر، ثم بعد العجز، ثم بعد اليأس، وأخيرا بعد النقد الذاتي.
منهج الدراسة وإجراءاتها
أولا : منهج الدراسة: المنهج المستخدم في الدراسة الحالية هو المنهج الوصفي، إذ يُعد من أكثر المناهج ملاءمة لطبيعة وأهداف هذه الدراسة كذلك يصف هذا المنهج الظاهرة المقاسة وصفًا كمّيًّا من خلال تحديد درجة العلاقة بين المتغيرات
اجراءات الدراسة: تحددت اجراءات الدراسة بما تشمله من اختيار العينة، وإعداد الأدوات وحساب شروطها السيكومترية وجمع البيانات وخطة التحليلات الاحصائية التي اجريت للإجابة عن أسئلة الدراسة وذلك علي النحو الآتي :
أولاً : عينة الدراسة : اختيرت عينة الدراسة الحالية في صورتها المبدئية من (566) طالبًا وطالبة ممن يدرسون في الجامعة اللبنانية وبعد تطبيق مقياس احتمالٌية الانتحار والمستخدم في الدراسة الحالية وبحساب الأرباعي الأعلى والأدنى وقع في فئة الإرباعي الأعلى عدد(107) طالبًا وطالبة وهم الذين قد حصلوا على درجات مرتفعة على مقياس احتمالية الانتحار، وقد استُبعِد (7) استمارات لم يكمل أصحابها الإجابة ليصبح إجمالي عينة الدراسة الأساسيّة بواقع (100) طالبًا وطالبة بواقع (50) طالب، (50) طالبة، وقد تراوحت أعمارهم مابين ( 18- 24) بمتوسط عمرى قدره ( 19,62) وانحراف معياري قدره( 2,53) .
ثانيا : أدوات الدراسة : اشملت أدوات الدراسة الحالية على المقاييس الآتية:
1- استبيان يونج للمخططات المعرفية اللاتكيفية : تعريب (محمد السيد عبد الرحمن ، محمد أحمد إبراهيم سعفان ،2015)
يتكون مقياس المخططات المعرفية اللاتكيفية من أكثر من صورة إحداهما طويلة وهي النّسخة الأصلّية والأخرى قصيرة . وتتكون الصورة الكلية من “205 بندًا وتقيس 18 بعدًا وهي الصورة التي وضعها (يونج ،1999) وثبت تمتعها بدرجة جيدة من الصدق والثبات.
وقد أجريت أولى الدراسات للتحقق من صدقها وثباتها على عينة قوامها 1564من المفحوصين، ولكن نظرًا لطول الصورة الأصليّة من المقياس وصعوبة تطبيقها على العينات الإكلينيكيّة والبحثيّة كان من الضروري إعداد صورة مختصرة تتمتع بنفس الخصائص السيكومتريّة للصورة الأصليّة، وتقيس الأبعاد نفسها بقدر الإمكان. وهى the Early Maladaptive schema questionnaire-short form( EMSQ-SF) وتتكون من75 بندًا وتقيس خمسة عشر مخططًا وتُحقِّق من صدقها في العديد من الدراسات وهي الصورة المستخدمة في الدراسة الحالية .
مبررات استخدام الصورة القصيرة فى الدراسة الحالية : تعد الصورة القصيرة لهذا المقياس مناسبة أكثر للتطبيق على العينات الإكلينيكيّة، والتي يصعب تطبيق المقاييس الطويلة عليها كما أنّها مناسبة للعينة التي بُني عليها البحث الحالي إذ أوضحت نتائج الدراسات التي تمت عليها بمختلف اللغات أنّها تتمتع بدرجة عالية من الصدق والثبات وهي لا تقل في ذلك عن الصورة الطويلة. (محمد السيد عبد الرحمن ، محمد أحمد سعفان 2015: 24-26)
وصف المقياس : تتكون الصورة المختصرة للمقياس من 75 بندًا موزعة على خمسة مجالات تتكون من خمسة عشر مخططات تشمل سوء التكيف المبكر في مرحلة الطفولة وقد حددها (1999 ( Young,
أولًا : مجال الانفصال والرفض : Disconnection& Rejection
- الهجر / عدم الاستقرار: abandonment & Instability
- الإساءة / عدم الثقة: abuse & Mistrust
- الحرمان العاطفي: Emotional Deprivation
- العزلة الاجتماعية الاغتراب: social Isolation &Alienation
- الشعور بالنقص والخزي :Defectiveness / shame
ثانيا : قصور الاستقلال الذاتي وضعف الأداء : Impaired Autonomy and performance
- العجز / الاعتمادية :Incompetence / Dependence
- الاستهداف للمرض أو الضرر: Vulnerability to Harmorillness
- التعلق بالآخرين / عدم النضج الذاتي : Enmeshment/undeveloped self
- الفشل : failure
ثالثًا : ضعف القيود : Impaired limits
- الاستعلاء أو الاستحقاق: Entitlement & grandiosity
- عدم ضبط الذات / ضعف التنظيم الذاتي: insufficient self – self Discipline
المجال الرابع : التوجه نحو الآخر: other – Directedness
- الخضوع أو الإذعان : subjugation
2 – التضحية بالذات (نكران الأنا ) : self – sacrifice
- السعي للقبول / الحاجة للتقدير : approval seeking / Recognition
المجال الخامس : الحذر الزائد والكبت over vigilance &Inhibition
- السلبية / التشاؤم :Negativity & Pessimism
- الكف الانفعالي :Emotional Inhibition
- – صرامة المعايير / الحساسية للنقد unrelenting standers / hypocriticalness
- العقابية : punitiveness
صدق المقياس: احتُسشب الصدق من معد المقياس بأكثر من طريقة وذلك على النحو الآتي:
** الصدق العاملي : أجريت على هذا المقياس العديد من الدراسات لفحص خصائصه السيكومترية وخاصة الصدق العاملي في كل من استراليا وإسبانيا وكوريا وفرنسا وتركيا وإيران وألمانيا من خلال دراسات كل من Schmidt et al,1995 Sezgin,1996,1997 Cecero, et al, 2004, Calveta,et al ,2005 Baranoff,et al Hoffart,el al, 2006 وقد أوضحت نتائج التحليل وجود اختلافات في البناء العاملي بين العينات الإكلينيكيّة والسويّة من طلاب الجامعة وأن العينات الإكلينيكية أكثر صدقًا في تمثلها العاملي للمقياس . وللتأكد من صدق المقياس قامت الباحثة بإعادة حساب الصدق بطريقة الاتساق الداخلي وجاءت النتائج كما هي موضحة بالجدول الآتي :
جدول (1)
معاملات الارتباط بين درجة كل عبارة بالدرجة الكلية للمقياس
لاستبيان يونج للمخططات المعرفية
رقم البند | ر1 | رقم البند | ر1 |
1 | 0.80 ** | 39 | 0.67** |
2 | 0.83** | 40 | 0.73** |
3 | 0.66 ** | 41 | 0.53 ** |
4 | 0.74** | 42 | 0.82** |
5 | 0.69** | 43 | 0.53 ** |
6 | 0.63 * | 44 | 0.72** |
7 | 0.03** | 45 | 0.62** |
8 | 0.70** | 46 | 0.57 ** |
9 | 0.82** | 47 | 0.57** |
10 | 0.75** | 48 | 0.64** |
11 | 0.52 ** | 49 | 0.82** |
12 | 0.57** | 50 | 0.59** |
13 | 0.58** | 51 | 0.55 ** |
14 | 0.74** | 52 | 0.59** |
15 | 0.70** | 53 | 0.80** |
16 | 0.49** | 54 | 0.59** |
17 | 0.48* | 55 | 0.67** |
18 | 0.83** | 56 | 0.49** |
19 | 0.76** | 57 | 0.75** |
20 | 0.65** | 58 | 0.72** |
21 | 0.52 * | 59 | 0.66** |
22 | 0.54** | 60 | 0.47** |
23 | 0.64** | 61 | 0.42 * |
24 | 0.72** | 62 | 0.68** |
25 | 0.63** | 63 | 0.58** |
26 | 0.69** | 64 | 0.75** |
27 | 0.74** | 65 | 0.56 ** |
28 | 0.65** | 66 | 0.53 ** |
29 | 0.77** | 67 | 0.56** |
30 | 0.59** | 68 | 0.67** |
31 | 0.47* | 69 | 0.78** |
32 | 0.79** | 70 | 0.64** |
33 | 0.67** | 71 | 0.59** |
34 | 0.66** | 72 | 0.64** |
35 | 0.63** | 73 | 0.57 * |
36 | 0.59** | 74 | 0.56 ** |
37 | 0.78** | 75 | 0.65 ** |
38 | 0.66** |
*دالة عند مستوى 0.05 ** دالة عند مستوى دلالة 0.01
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلي :
أن معاملات الارتباط بين درجة كل عبارة من عبارات هذا المقياس والدرجة الكلية للاستبيان دالة إحصائيًّا عند مستوى (0.01)، وهو ما يشير إلى مستوى مرتفع من الاتساق الداخلي لعبارات الاستبيان.
كما قامت الباحثة الحاليّة بحساب صدق الاتساق الداخلي لاستبيان يونج للمخططات وذلك بحساب معامل الارتباط بين درجة كل بُعد بالدرجة الكلية لاستبيان يونج للمخططات المعرفية وذلك على عينة قوامها (39) من طلاب الجامعة من محاولي الانتحار ومن غير عينة الدراسة الأساسيّة كما يوضحه جدول (2 ).
جدول ( 2 )
معاملات الارتباط بين درجة كل بعد والدرجة الكلية لاستبيان يونج للمخططات المعرفية
الأبعاد | معامل الارتباط |
الحرمان العاطفي | 0.79** |
الهجران وعدم الاستقرار | 0.82 ** |
التشكيك/ الإساءة | 0.90 ** |
العزلة الاجتماعية/ الوحدة | 0.81 ** |
العيب/ العار | 0.80 ** |
الفشل | 0.83** |
الاتكالية/ الاعتماد | 0.82 ** |
توهم الأذى/المرض | 0.85 ** |
التعلق/ هدم الذات | 0.82 ** |
الإذعان/ الانقياد | 0.87** |
التضحية بالذات | 0.82** |
الكبت العاطفي | 0.80 ** |
المعايير الصارمة | 0.85** |
الاستحقاق/ هوس العظمة | 0.82** |
العجز عن ضبط الذات | 0.87 ** |
** دالة عند مستوى 0.01
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلي :
- أن معاملات الارتباط بين الأبعاد الفرعية لاستبيان يونج للمخططات بالدرجة الكلية للاستبيان مقبولة ودالة إحصائيا، وهذا يشير إلى تمتع الاستبيان بدرجة مرتفعة من الصدق .
ثبات المقياس : أوضحت الدراسات التي أجريت لحساب ثبات المقياس بطريقة ألفا أو التجزئة النصفية ، أو إعادة التطبيق مثل دراسة (Schmidt, etal 1995 ودراسة 2005 Rijkeboer,et al ) وغيرهما أن المقياس يتمتع بدرجة مرتفعة من الثبات .
وللتحقق من ثبات المقياس بصورته الحالية قام كل من (محمد عبد الرحمن السيد ومحمد أحمد سعفان ، 2015) بإعادة حساب ثبات المقياس بأسلوب ألفا كرونباخ إذ تراوحت قيم معاملات ثبات الأبعاد ما بين 0,65 – 0,88وتشير إلى قيم جيدة للثبات .
وللتأكد من ثبات المقياس الحالي قامت الباحثة بحساب الثبات لاستبيان يونج للمخططات المعرفية باستخدام كل من طريقة ألفاكرونباخ ، ومعادلة جتمان، على عينة قوامها (39) من طلاب الجامعة من محاولي الانتحار ومن غير عينة الدراسة الاساسية، وقد جاءت النتائج كما يوضحها الجدول الآتي :
جدول ( 3 )
معاملات الثبات بطريقة جتمان وألفا كرونباخ لاستبيان يونج للمخططات المعرفية
م | الأبعاد والدرجة الكلية | عدد العبارات | معامل الثبات بطريقة جتمان | معامل الثبات ألفا كرونباخ |
1 | الحرمان العاطفي | 5 | 0.69 | 0.74 |
2 | الهجران وعدم الاستقرار | 5 | 0.74 | 0.83 |
3 | التشكيك / الإساءة | 5 | 0.73 | 0.74 |
4 | العزلة الاجتماعية/ الوحدة | 5 | 0.82 | 0.75 |
5 | العيب / العار | 5 | 0.77 | 0.69 |
6 | الفشل | 5 | 0,79 | 0.74 |
7 | الاتكالية /الاعتماد | 5 | 0.74 | 0.77 |
8 | توهم الأذى أو المرض | 5 | 0.73 | 0.76 |
9 | التعلق / هدم الذات | 5 | 0.74 | 0.76 |
10 | الإذعان/ الانقياد | 5 | 0.69 | 0.72 |
11 | التضحية بالذات | 5 | 0.72 | 0.74 |
12 | الكبت العاطفي | 5 | 0.71 | 0.73 |
13 | المعايير الصارمة | 5 | 0.76 | 0.75 |
14 | الاستحقاق | 5 | 0.82 | 0.85 |
15 | العجز عن ضبط الذات | 5 | 0.79 | 0.80 |
الاستبيان ككل | 75 | 0.88 | 0.85 |
تكشف نتائج الجدول السابق الى أن معاملات الثبات لاستبيان يونج للمخططات المعرفية جميعها دالة إحصائيا عند مستوى ثقة ( 0,01) وذلك لجميع أبعاد الاستبيان، وكذلك الدرجة الكلية ، وهذا يشير الى تمتع الاستبيان وأبعاده بدرجة مقبولة من الثبات .
- مقياس احتمالٌية الانتحار: هذا المقياس صممه فى الأصل (John G .Gull & Wayne S . Gill 1982) وقام بتعريبه وتقنينه( عبدالرقيب بحيرى ، 2003) ويهدف هذا المقياس الى قياس درجة المخاطرة والانتحار لدى المراهقين والراشدين.
ويعد مقياس احتمالية الانتحار مقياسًا مختصرًا إذ يتكون من (٣٦) عبارة ويعتمد على التقرير
الذاتي في تقدير لمخاطرة الانتحار عند المراهقين والراشدين بداية من عمر (١٤)عاما فأكثر ، ويطلب من الأفراد أن يقدروا تكرار خبراتهم الذاتية والسلوكيات السابقة مستخدمين مقياس ليكرت ذا الدرجات
الأربعة الممتد من( “أبدا أو قليلًا من الوقت” إلى معظم أو طوال الوقت) لتقدير كل من مخاطرة
الانتحار العامة والخاصة على مدى أبعاد رئيسية عديدة.
ومن أجل تفسير كلينيكي أكثر تفصيلا فإن المقياس مزود بأربعة مقاييس كلينيكيه فرعية وذلك على النحو الآتي :
- الشعور باليأس ، Hopelessness والذي يُعرف بـ:” عدم الرضا الكلي للفرد عن الحياة، والتوقعات السلبية المعممة عن المستقبل، وتتميز حالة الفرد بالتشاؤم الشامل والقنوط، والوحدة، والمزاج غير المنشرح، والإحساس أن الظروف تحمله ما لا طاقة له به مصحوبة بمشاعر عدم الجدوى من الحياة، وبالتالي عدم القدرة على أحداث تغير له أثر ، وعدد عبارات هذا البعد ( 12) عبارة وأرقامها على المقياس هى ( 5، 12، 14 ، 15، 17 ، 19، 23، 28، 29 ، 31، 33، 36)
- تصور الانتحارHostility : والذي يُعرف بمدى إقرار الفرد أن أفكاره وسلوكياته مرتبطة بالانتحار، والذي يحتوي على تكرار التفكير بالانتحار، وأسباب التفكير به، والإيماء بالانتحار، بالإضافة إلى المحاولات السابقة للانتحار ومدى اندفاعية الفرد بها والتخطيط المسبق له وعدد عبارات هذا البعد
( 8) عبارات وارقامها على المقياس هي ( 4، 7، 20 ، 21، 24، 25، 30، 32)
- تقييم الذات السلبيSuicide ideation : والذي يُعرف ـأنه يشتمل على التقييم الذاتي في أن الأمور لاتسير على ما يرام، وأن الآخرين بعيدين عنه وغير مكترثين به، وأنه من الصعب عمل أي شيء جدير بالاهتمام، ويجتمع هذا البعد حول عاملين هما مشاعر الانغلاق مع المقربين منه، وعدم الإحساس بكفاءة الذات وعدد عبارات هذا البعد (9) عبارات وأرقامها على المقياس هي ( 2، 6، 10، 11، 18، 22، 26، 27، 35)
- العداوةNegative self-Evaluation : ويعكس هذا البعد العداوة، والعزلة، والاندفاعية، والميل إلى إلحاق الأذى بذاته أو بالآخرين، وكذلك الميل إلى كسر الأشياء وإلقائها عندما يكون غاضًبا وعدد عبارات هذا البعد (7) عبارات وأرقامها على المقياس هي( 1، 3، 8، 9، 13، 16، 24)
وتُصحح هذه المقاييس الفرعية في اتجاه زيادة مخاطرة الانتحار ومن ثم فإن الدرجة العالية
في بعد ما تشير إلى مستوى عال من المخاطرة من خلال هذا البعد الذي يمثل مقياس كلينيكي
خاص.
وفى الدراسة استخدمت الباحثة الحالية صدق المحك لحساب معامل الارتباط بين الدرجة الكلية للتفكير الانتحاري على مقياس التفكير الانتحاري إعداد 0حسين فايد ،٢٠٠٨) كمحك وذلك على عينة قوامها (39) من طلاب الجامعة من محاولي الانتحار ومن غير عينة الدراسة الأساسية وقد وصل معامل الصدق الى (0,74) .
كما احتُسِبت معامل الثبات باستخدام معادلة الثبات كرونباخ ألفا. Cronbach Alphaوقد
أظهرت النتائج أن المقياس يتمتع بدرجة عالية من الثبات، إذ بلغت قيمة معامل الثبات للدرجة
الكلية ( 0,88) ، الشعور باليأس ( 0,73) ، تصور الانتحار ( 0,77)، العداوة ( 0,71) ، تقييم الذات السلبي ( 0,75)
ثالثًا :التحليلات الإحصائيّة: للتحقق من فروض الدراسة الحالية استخدمت الباحثة الحالية المعاملات الإحصائيّة الآتية :
- معاملات الارتباط من الدرجات الخام لبيرسون
- المتوسطات والانحرافات المعيارية
- النسب المئوية
- اختبار (ت) لدلالة الفروق بين المتوسطات
- تحليل الانحدار المتدرج
نتائج الدراسة وتفسيرها ومناقشتها :
نتائج الفرض الأول: ينص الفرض الأول على : توجد علاقة ارتباطيه بين الميول الانتحارية والمخططات المعرفية اللاتكيفية لدى عينة الدراسة وللتحقق من هذا الفرض تم حساب معاملات الارتباط بين درجات “المخططات المعرفية ودرجات الميول الانتحارية والجدول الآتي يوضح تلك النتائج
جدول ( 4 )
معاملات الارتباط بين المخططات المعرفية ودرجات الميول الانتحارية
لدى عينة الدراسة الكلية ن=(100)
المخططات المعرفية اللاتكيفية | الميول الانتحارية | مستوى الدلالة |
الحرمان العاطفي | 0.56 | 0.01 |
الهجران وعدم الاستقرار | 0.58 | 0.01 |
التشكيك | 0.55 | 0.01 |
العزلة الاجتماعية | 0.53 | 0.01 |
العيب | 0.56 | 0.01 |
الفشل | 0.64 | 0.01 |
الاتكالية | 0.63 | 0.01 |
توهم الأذى | 0,60 | 0.01 |
التعلق | 0.58 | 0.01 |
الإذعان | 0.68 | 0.01 |
التضحية | 0.70 | 0.01 |
الكبت العاطفي | 0.75 | 0.01 |
المعايير الصارمة | 0.56 | 0.01 |
الاستحقاق | 0.54 | 0.01 |
العجز عن ضبط الذات | 0.64 | 0.01 |
الدرجة الكلية | 0.76 | 0.01 |
قيمة ر الجدولية عند مستوى دلالة 0.05 = 0.138
قيمة ر الجدولية عند ومستوى دلالة 0.01 = 0.181
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلي :
- وجود علاقات ارتباطية موجبة ودالة إحصائيا عند مستوى دلالة (0.01) بين الميول الانتحارية والمخططات المعرفية اللاتكيفية بأبعادها المختلفة الآتية :
- الحرمان العاطفي – الهجران وعدم الاستقرار
- التشكيك – العزلة الاجتماعية
- العيب – الفشل
- الاتكالية – توهم الأذى
- التعلق – الاذعان
- التضحية – الكبت العاطفي
- المعايير الصارمة – الاستحقاق
- العجز عن ضبط الذات – الدرجة الكلية لمقياس المخططات المعرفية
وتشير تلك النتائج إلى أن ذوى الميول الانتحارية يتبنون مجموعة من المخططات المعرفية السلبية ،والتي تتمثل في عدم تحمل الضغط النفسي،وعدم تحمل الغموض ، وتضخيم التهديد والمبالغة في أهمية الفكرة الانتحارية .(Taylor eth al.,,2006 Belloch, 2010)
وربما يتسق ذلك مع ما أشار اليه (Beck et al,1979)الى أن الانتحار ليس حدثًا منعزلًا،
بل هو عملية معقدة، وأن السلوك الانتحاري يمكن تصوره بوصفه واقعًا على متصل
لقوة كامنة تشمل تصور الانتحار، ثم التأملات الانتحارية، يليها محاولة الانتحار، وأخيرًا
إكمال هذه المحاولة الانتحارية وقد افترضت النظريات المعرفية الطريقة التي يعطي من خلالها الفرد المعاني والدلالات والتقييمات السلبية لأفكاره المقتحمة، والذي بدوره يؤدي إلى تصعيد تكرارها وشدتها، وهو وجود خلل في بعض مخططاته المعرفية ، وأن السبب في تفاقم هذه الأفكار وتصعيد شلتها هو آلية كبحها ، وما يترتب على هذه الآلية من نتائج معاكسة لما تهدف إليه، فبدلًا من العمل على تخفيض شدتها وتكرارها ، فإنها تعمل على زيادة تكرارها ورفع معدلات الضيق والقلق Purdon& Clark,2001;Turner,2006)) وأن اعتقاد الفرد السلبي حول أفكاره المقتحمة لها أهميتها ، ومحاولة السيطرة عليها، والمبالغة في تقدير احتمالات حدوث عواقب وخيمة عنها ، ودرجة المسئولية التي يجب تحملها لتجنب حدوث تلك العواقب له وللآخرين، وعدم تحمل الكرب النفسي الناجم عنها، كلها مخططات يتبناها الأفراد الذين يحاولون ايذاء انفسهم والتخلص من حياتهم (Cougle et al,2007;Rectoret al.,,2009)
وقد أشار أصحاب النظرية المعرفية إلى أن الأفراد الذين يحاولون ايذاء انفسهم لديهم معتقدات أو مخططات خاطئة حول شكل ومعاني الأفكار والصور الذهنية التي تشغل مجرى الوعي ، وتدور هذه المعتقدات حول اعتقادهم في أن التفكير في فعل شيء ما يعني أنه من المحتمل أن يفعلونه في الواقع ، وأن الأفكار المقتحمة السيئة تنذر بحدوث كوارث، وأنهم مسؤولون عن أي أذى يحدث بسبب أفكارهم (2004 Gwilliam et al.,) ، كما أن لديهم اعتقادات حول ضرورة التحكم الكامل في أفكارهم، وضرورة مراقبتهم لكل ما يدور في أذهانهم، ليتجنوا حدوث الأذى لهم أو للأخرين نتيجة لأفكارهم، كما يتوقعون حدوث نتائج سلبية إذا فشلوا في التحكم بها، ويترتب على تبنيهم لهذه المعتقدات أو المخططات تقييمهم السلبي لأفكارهم المقتحمة بوصفها أفكار؛ مهددة وخطيرة ( Clark et al , 2003 )
ويقترحون أيضًا أن سوء التفسير الكارثي يجعلهم غير قادرين على إهمال أفكار لها دلالات ومعان خاصة ومهمة، وأن شعورهم بالقلق يعني أن هناك خطرأ وشيكا سوف يحدث (2002, Rachman) .
وربما تفسر الباحثة تلك النتيجة أيضا في ضوء أن خبرة الاحساس بالفراغ واللامعنى تجعل البعض يميل إلى أن يشعر بإحساس عميق باليأس واللاجدوى، و إذا رأى بعض الأفراد ذوو الميول الانتحارية أن أفعالهم لاتعني شيئًا ؛ فإنهم يتوقفون أو يتخلون عن الرغبة والإحساس ويصبحون لامبالين.إلا أنه عندما يتعدى الألم المصاحب للإحباط درجة الاحتمال فإن العديد من الانفجارات تبدأ في الظهور، في صورة الانتحار السريع أو البطيء متمثلا فى إدمان العقاقير، أو الإنطواء، أو الانسحاب من الدنيا والزهد فيها، وكلها فيها نوع من الرفض لما هو قائم .
كذلك فإن تكرار تعرض الفرد لأحداث الحياة الضاغطة مع إدراكه عدم القدرة على التحكم أو السيطرة على هذه الأحداث يجعل الفرد يكتسب الإحساس بالعجز وعدم القدرة على التصرف، والتحكم فى حياته وهو قد يزيد من التفكير الانتحاري لدى الفرد
وقد أشارDixon, W., Heppner, P., & Anderson, W. 2019) ) أن الأفراد الذين يزداد لديهم درجات التفكير الانتحاري يدركوا الضغوط بشكل دال عن الأفراد المنخفضين فى درجات التفكير الانتحاري.
وربما تتسق تلك النتيجة مع دراسة كل من (اياد سليم الحلاق ، نسرين عيسى جرادات، 2019) ، والتي أسفرت الدراسة عن شيوع التفكير الانتحاري ووصلت لنسبة 42,2 %وهي نسبة عالية. بالإضافة الى ان القلق والاكتئاب أحد العوامل المنبئة بالانتحار .
كما تتسق أيضًا مع دراسة اجرها كل من (Khurana, A. & Romer, D. 2012) ودراسة كل من (Zygo, M., & Pawlowska, B., & Dreher, p. 2019) والتى اشارت بعض نتائجهم الى شيوع الميول الانتحارية بنسبة 24,66 % لدى المراهقين وهي نسبة عالية وكذلك شيوع الميول الانتحارية بعمر الخامسة عشرة وشيوعه لدى الإناث بدرجة عالية نتيجة الشعور بالعجز، وتبنى بعض المخططات المعرفية اللاتكيفية والوحدة والرفض والشعور بالذنب وكذلك النزاعات مع الآباء والأمهات والأقران.
وتتسق أيضًا مع دراسة (Pompili, M., & Innamorati, M., & Dorian, A. 2019) والتى اشارت نتائجها أن الميل لتفسير الأمور بطريقة متحيزة سلبًيا يرتبط بارتفاع درجات التفكير الانتحاري والسلوكيات الانتحارية .
نتائج الفرض الثاني : ينص الفرض الثاني على:” يمكن التنبؤ بالميل للانتحار من خلال أبعاد المخططات المعرفية اللاتكيفية لدى عينة الدراسة وللتحقق من صحة هذا الفرض تم استخدام تحليل الانحدار الخطى بطريقة Inter ، والجدولين ( 5 ) ، ( 6 ) يوضحان تلك النتائج.
جدول ( 5 )
نسبة مساهمة أبعاد المخططات المعرفية في التنبؤ بالميل نحو الانتحار
النموذج(Inter) | R
معامل الارتباط |
R square نسبة المساهمة | F
القيمة الفائية |
مستوى الدلالة |
المخططات المعرفية | 0.77 | 0,61 | 8,85 | 0.01 |
تكشف نتائج الجدول السابق أن المتغير المستقل (أبعاد المخططات المعرفية) لدى الأفراد ذوي الميول الانتحارية يفسر ما نسبته (61%) من التباين الحاصل في متغير الميول الانتحارية ولاختبار العلاقة فــــــــــــي حال الانحدار المتعدد يُعتمد علـــــــــــــــى القيمة الفائية (8,85) ، وهى دالة إحصائيًّا عند مستوى (0.01)
جدول ( 6 )
نتائج تحليل انحدار أبعاد المخططات المعرفية في التنبؤ بالميل نحو الانتحار
لدى عينة الدراسة من ذوى الميول الانتحارية
المتغير التابع | المتغير المستقل | نسبة المساهمة | B معامل الانحدار
|
Beta معامل بيتا | قيمة ف | مستوى الدلالة | قيمة (ت) | مستوى الدلالة |
الميول الانتحارية | الحرمان العاطفي | 0,15 | 0.39 | 0.36 | 11,53 | 0,01 | 4,65 | 0,01 |
الهجران وعدم الاستقرار | 0,13 | 0.92 | 0,47 | 9,54 | 0,01 | 3,66 | 0,01 | |
التشكيك | 0,16 | 0.32 | -0.05 | 7,83 | 0,01 | 4,12 | 0,01 | |
العزلة الاجتماعية | 0,23 | 0.48 | 0.09 | 10,72 | 0,01 | 5,73 | 0,01 | |
العيب | 0,02 | 0,39 | 0,08 | 0,55 | غير دالة | 1,06 | غير دالة | |
الفشل | 0,13 | 0.67 | 0,41 | 9,97 | 0,01 | 4,61 | 0,01 | |
الاتكالية | 0,07 | 0.14 | 0.03 | 0.33 | غير دالة | 0,95 | غير دالة | |
توهم الأذى | 0,18 | -0.90 | -0.21 | 5,69 | 0.05 | 2,95 | 0,01 | |
التعلق | 0,06 | 0.25 | 0.04 | 0.52 | غير دالة | 0,63 | غير دالة | |
الإذعان | 0,04 | -0.02 | -0.01 | 0.04 | غير دالة | 0,42 | غير دالة | |
التضحية | 0,16 | 0.31 | 0,35 | 8,94 | 0,01 | 4,74 | 0,01 | |
الكبت العاطفي | 0,12 | 0.34 | 0.05 | 6,79 | 0,05 | 2,86 | 0,01 | |
المعايير الصارمة | 0,19 | 1.06 | 0.19 | 8,49 | 0,01 | 3,74 | 0,01 | |
الاستحقاق | 0,04 | -0.05 | -0.01 | 0.09 | غير دالة | 1,12 | غير دالة | |
العجز عن ضبط الذات | 0,15 | 1.47 | 0.38 | 9,60 | 0.01 | 4,77 | 0,01 |
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلى :
_ وجود قيم تنبؤية دالة إحصائيًّا عند مستويات دلالة (0.05 ، 0,01) لبعض الأبعاد النّوعية للمتغير المستقل وهي( الحرمان العاطفي، الهجران وعدم الاستقرار، التشكيك، العزلة الاجتماعية، والفشل، توهم الأذى – التضحية، الكبت العاطفي، المعايير الصارمة، والعجز عن ضبط الذات ) على المتغير التابع (الميل للانتحار ) وهذه القيم على التوالي (0,15، 0,13 ،0,16، 0,23 ، 0,13 ، 0,18، 0,16 ، 0,12،0,19، 0,15)
- كذلك كشفت نتائج الجدول السّابق عدم وجود قدرة تنبؤيه لبعض المتغيرات النوعيّة لمقياس المخططات المعرفية إذ لم تصل قيم هذه المتغيرات الى حدود الدلالة الإحصائيّة وهي :
- ( العيب، الاتكالية ، التعلق ، الاذعان ، الاستحقاق)
وهذه نتيجة منطقية إذ يكشف معظم الأشخاص الذين يحاولون الانتحار عن نوع معين من الدلائل أو الصرخات التي تعني طلبًا عاجًلا لمساعدتهم وإنقاذ حياتهم. ولكن هذه الدلائل أو الصرخات ليست كلّها هكذا واضحة النّوايا، فبعضها قد يكون من السّهل معرفته وتفهمه، والآخر ربما لا يكون سهلًا أو واضحًا، ويجد الاختصاصيون صعوبة ومشقة في تعرفه وتفسيره، وفي ذلك يقرر كل من ( Ely, G. E., Nugent, W.R., Cerel, J. & Vimba, M. 2019) أنه لا يوجد شخص انتحاري %100 فالأشخاص الذين تغشاهم أقوى الرغبات في الموت إنّما يكونون في واقع الأمر مضطربين، ومتناقضين انفعاليًّا، ومتطلعين للحياة. وتتصف انفعالاتهم وتطلعاتهم بالشّلل، وأساليب تفكيرهم بانعدام المنطق والعقلانيّة والجمود المعرفي، كما يكون إحساسهم بالخيارات المتاحة متجمدًا في إطار “الكل أو لا شيء”، وتكون نظرتهم إلى الأشياء أو قراراتهم على أساس “الأسود أو الأبيض.” وهم في كل ذلك لا يكونون قادرين إلا على رؤية بديلين فقط. هما: التّعاسة أو الموت. ويبدون عجزًا واضحًا في النهوض بذواتهم قدمًا إلى أن يعيشوا أوقاتًا أكثر سعادة ونجاحًا .
وقد يتسق هذا التفسير أيضًا فى ضوء ما أشار اليه ( ( Beck, 2000على أن التّشوهات والمخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة إنّما ترتبط بالوصول إلى استنتاجات خاطئة حتى في إدراك الفرد لمواقف واضحة، وربما تقوم نظريّة بيك على فكرة واحدة وهي أنّ الانفعالات التي يبديها الناس إنما هي نتيجة لطريقة تفكيرهم، ولذلك نجد أنّ النّظرية ركزت على عقلانيّة التّفكير وتشويش الواقع كأسباب أساسية للمرض النفسي، وتشير التشوهات المعرفيّة إلى المعاني والأفكار التي يكونها الفرد عن الحدث أو الموقف الفعلي، فهي تبدو للشخص الذي يفكر في الانتحار صحيحة . وتعمل هذه المخططات المعرفية على توجيه إدراك الفرد لذاته، والآخرين والبيئة المحيطة، وأنّه عندما تحدث أي أخطاء أو تشوهات في تلك البناءات المعرفيّة، يتطور لدى الفرد مجموعة من
الاضطرابات الانفعاليّة والنفسيّة، فإّن هذه التشوهات في البنى المعرفية كما يشير كل من (Kaplan, S., Morrison, A., Goldin, P.,., Heimberg, R & Gross, J. 2019) تؤدي بالفرد إلى الاعتقاد أنه غير قادر على تجاوز الُمشكلات والصعوبات التي يواجهها في مختلف جوانب حياته.
وكما أنّ الأفكار السلبيّة عن الذات والعالم، والمستقبل تعمل كقوى داخلية تضخم من السلبيات ونواحي الفشل، وتتغاضى عن الإيجابيات، وتقلّل من شأنها وهذه الأفكار السلبية تزيد من التّشوه، وتؤدي إلى أن يتفاعل الفرد مع الأحداث بطرق مبالغ فيها، كما أنّه عندما يعاني الأفراد ذوي الميول الانتحارية من الاكتئاب فإنه عادةً ما يشوهون جميع خبراتهم اتجاه سلبي ثم يصلوا الى استنتاجات خاطئة مبنيّة على مقدمات محرّفة، الأمر الذي يدعم بدوره تقديرهم السّلبي عن ذواتهم وهو الأمر الذي يمثل لهم دافعًا للانتحار . ( أحمد عبدالفتاح عياد ، 2020: 216)
وتتفق تلك النتيجة مع دراسة (إمارة يحي ، وجمعه سيد 2014) والتي أشارت إلى أنّه يمكن التنبؤ بالميول الانتحارية من خلال المخططات المعرفية اللاتكيفيّة إذ نجد إنّ ذوي الميول الانتحارية لديهم بعض الأفكار والمخططات المرضيّة مثل تضخيم التهديد والمبالغة في تقييم حدة العواقب الوخيمة الناتجة عن فكرة الخلاص من الحياة وأنها ستحدث بالضرورة ، كما نجد المبالغة في أهمية الفكرة وتعني الإلحاح الشديد للأفكار الانتحارية إذ إنّها تحدث بشكل متكرر ومستمر رغمًا عنه، وأيضًا دمج الافكار بالأفعال القهرية حيث هنا نجد المريض يساوي الأفكار بالأفعال الواقعية الحقيقيّة، وتضخيم تحمل المسؤولية أيضًا ونجده أيضا لا يتحمل الغموض أو عدم التأكد أي أن كل افعاله صحيحة لا تحتمل الشك وخاليّة من الأخطاء.
كذلك يعد القصور في التنظيم المعرفي والانفعالي أحد المكونات الرّئيسة في تشكيل الأفكار الانتحاريّة إلّا أنّ نتائج بعض الدراسات وجدت أن القصور في التنظيم المعرفي الانفعالي؛ قد يعد أحد العوامل التي تساهم في تشكيل القدرة على الانتحار؛ لأنّ الأفراد ذوي القصور في التنظيم المعرفي والانفعالي لديهم صعوبة في تحمل التّجارب المخيفة أو المؤلمة بطبيعتها بمعنى السلوكيات الانتحاريّة، أمّا الأفراد ذوي التّنظيم المعرفي الانفعالي الجيد، قد يكونون أكثر قدرة على التّعامل مع المواقف البغيضة ويكونون أقل خوفًا من الموت وأكثر تحملًا للألم (Heffer.,T & Willoughby,T,. 2018) وقد يقدمون على الانتحار.
وتتسق تلك النتيجة مع دراسة قام بها كل من ( (Heffer, T. & Willoughby, T. 2018 وقد والتي كشفت نتائجها أنّ القصور في التنظيم الانفعالي؛ الذي يرتبط بارتفاع مستويات الرّغبة في الانتحار ويصاحبه ارتفاع مستويات سلوك ايذاء الذات يتنبأ بارتفاع مستويات قدرة الفرد على الانتحار
كما تتسق أيضًا مع دراسة (Pompili, M., & Innamorati, M., & Dorian, A. 2019) والتي أشارت نتائجها الى أنّ الميل لتفسير الأمور بطريقة متحيزة سلبًيا يرتبط بارتفاع درجات التفكير الانتحاري والسّلوكيات الانتحارية .
نتائج الفرض الثالث: ينص الفرض الثالث على ” لا توجد فروق دالة إحصائيًّا بين مجموعتي الدّراسة ذوي الميول الانتحاريّة من (الذكور، الإناث ) في المخططات المعرفية اللاتكيفية وأبعادها الفرعية” وللتحقق من صحة هذا الفرض استُخدِم اختبار ( ت ) والجدول الآتي يوضح تلك النتائج.
جدول ( 7 )
المتوسطات والانحرافات المعيارية وقيم “ت” ودلالتها لمجموعتي الدراسة من ذوى الميول الانتحارية ، ( الذكور ، الإناث )على استبيان المخططات المعرفية اللاتكيفية ( ن =50 ) لكل مجموعة
الأبعاد | المجموعات | المتوسطات | الانحرافات المعيارية | قيمة ت | مستوى الدلالة |
الحرمان العاطفي | الذكور
الإناث |
17,55
20,89 |
3,81
3,65 |
4,45 | 0,01 |
الهجران وعدم الاستقرار | الذكور
الإناث |
17,68
16,93 |
3,15
4,10 |
1,02 | غير دالة |
التشكيك | الذكور
الإناث |
18,19
17,65 |
3,12
3,30 |
0,84 | غير دالة |
العزلة الاجتماعية | الذكور
الإناث |
17,75
18,32 |
3,16
2,53 |
1,00 | غير دالة |
العيب | الذكور
الإناث |
19,21
20,18 |
3,43
4,10 |
1,29 | غير دالة |
الفشل | الذكور
الإناث |
20,52
19,87 |
3,32
3.44 |
0,95 | غير دالة |
الاتكالية | الذكور
الإناث |
18,76
17,92 |
3,48
3,12 |
1,27 | غير دالة |
توهم الايذاء | الذكور
الإناث |
19,34
18,65 |
2,89
2,37 |
1,30 | غير دالة |
التعلق | الذكور
الإناث |
19,98
20,66 |
3,19
3,59 |
1,01 | غير دالة |
الإذعان | الذكور
الإناث |
17.64
20,52 |
3,60
3,85 |
3,84 | 0,01 |
التضحية | الذكور
الإناث |
19,32
18,95 |
3,14
2,31 |
0,67 | غير دالة |
الكبت العاطفي | الذكور
الإناث |
17,12
20,86 |
3,42
2,21 |
6,44 | 0,01 |
المعايير الصارمة | الذكور
الإناث |
17,15
20,76 |
3,32
3,43 |
5,30 | 0,01 |
الاستحقاق | الذكور
الإناث |
20,23
19.56 |
3.39
3.34 |
1,00 | غير دالة |
العجز عن ضبط الذات | الذكور
الإناث |
20,04
19,47 |
3,17
3.81 |
0,81 | غير دالة |
الدرجة الكلية للاستبيان | الذكور
الإناث |
294.49
292,40 |
9,83
8,70 |
1,11 | غير دالة |
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلى :
- وجود فروق جوهرية ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي الدراسة ذوي الميول الانتحاريّة من (الذكور ، الإناث) على المخططات المعرفية اللاتكيفية بإبعادها الآتية :
- الحرمان العاطفي – الإذعان
- الكبت العاطفى – المعايير الصارمة
وقد جاءت الفروق في اتجاه مجموعة الإناث من ذوات الميول الانتحارية وذلك عند مستوى دلالة ( 0,01) .
- وتفسر تلك النتيجة في ضوء أنّ الإناث تملْن إلى إدراك أحداث الحياة بدرجة متطرفة عن الذكور سواء أكانت إيجابيّة أو سلبيّة كذلك فإنّ الاختلاف بين الجنسين قد يتأثر بشكل إرادي أو لاإرادي بمعرفة الفرد بالأدوار النمطيّة المرتبطة بالنوع وهذه الأدوار النمطيّة قد تفرض على المرأة أنها لاتستطيع أن تتحمل الحرمان العاطفي والإذعان والكبت العاطفي؛ والمعايير الصارمة بشكل أكثر من الرجل كذلك مايحيط بالفتيات من ضغوطات وشدة تكتنفها العديد من الأزمات النّفسيّة وتسودها المعاناة والإحباط والصراع ومشكلات صعوبات التّوافق، ربما يؤدي إلى تخاطر مجموعة من الأفكار الانتحاريّة كوسيلة أخيرة لإنهاء الحياة وعدم القدرة على مواجهة ما يحيط بهن.
كما أنّ إشكاليات النضج الذاتي والصراعات المرتبطة بالهوية والذات شائعة بهذه المرحلة العمرية والسلوكيات المتهورة التي تؤذي الذات، كذلك نظرية النمو الاجتماعي التي تصف هذه المرحلة من خلال مبدأ مرحلة البحث عن الهويّة في مرحلة المراهقة وفي حال إخفاق الفتاة في هذه المرحلة تنشأ الصراعات النّفسيّة من إحباط ويأس.( أحمد عبدالفتاح عياد، هبة بهى الدين ربيع، 2019: 95)
ويتسق هذا التفسير مع ما أشارت اليه دراسة قام بها كل من (عبدالرقيب البحيري، ومحفوظ أبو الفضل، 2008) فمن خلال الدراسة التحليليّة التي قاما بها ظهر لدى الحالة المعاناة من مثلث الكآبة، والذي يضم نظرة سوداويّة للذات، ونظرة محبطة للمحيط، لذا ينطوي وينعزل عن المجتمـع، ونظرة يشوبها القلق من المستقبل، مع بعض الضغوط والقلق متعدد المصادر مثل القلق من المشكلات الشخصيّة والأسريّة والمدرسيّة والأكاديميّة والعلاقـة بـالجنس الآخـر، وشدة الحاجة إلي الحبّ والتّقبل، بالإضافة إلي البحث عن موضوع الحـبّ، والإشـباع العاطفي والنّفسي، وتعدُّ كلّها من أسباب التفكير في الانتحار، وتتعامل الحالة مع هذه المشكلات والضغوط بأساليب انسحابيّه وإحجاميّه، مثل البكاء والهروب وعدم القـدرة على المواجهة، وهذا بالإضافة إلى اضطراب الوظائف المعرفيّة التي أدت إلي استخدام التبرير والإنكار وقلب الحقائق وتحريف الإدراك، ولديها أنا عليا قاسية وعنيفة تسرف في العقاب لدرجة تحطيم وإيذاء الذّات، ما يجعل هذه الحالة فاقدة لمادة الاسـتمرارية وعاجزة عن رؤية الحلول.
- كذلك كشفت نتائج الجدول السّابق عن عدم وجود اية فروق جوهرية ذات دلالة إحصائيّة بين مجموعتي الدراسة ذوى الميول الانتحارية من (الذكور، الإناث) على المخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة بإبعادها الآتية :
- الهجران وعدم الاستقرار – التشكيك
- العزلة الاجتماعية – العيب
- الفشل – الاتكالية
- توهم الايذاء – التعلق
- التضحية – الاستحقاق
- العجز عن ضبط الذات – الدرجة الكلية لمقياس المخططات المعرفية .
وربما تفسر تلك النتيجة أيضا فى ضوء التوجه المعرفى والذى يشير الى الجمود فى التفكير وصعوبة التركيز المحتملة بمعنى التشوهات في طريقة تفسير الفرد لوقائع الحياة،وكذلك نتيجة المعتقدات الخاطئة التى يتبناها الفرد عن نفسه وعن العالم الخارجي، وهنا لا يختلف الذكور عن الإناث في تبنيهم لتلك الأفكار وهو الأمر الذى يؤدي بهم الى اليأس وفقدان الدافعيّة إذ إنّهم يتوقعون نتائج سلبية عن ذاوتهم والعالم والمستقبل ويفقدون الحاجز الداخلي على الانخراط في أي نشاط بناء ويؤدي بهم الى التشاؤم والنظرة السلبية للمستقبل وفى النّهاية الرّغبة فى الانتحار.
بالإضافة لهذا فإن الضغوط المستمرة أو المزمنة تكـون مصـدرًا لكثيـر مـن المشـكلات التـي لا تكـون مهمّة في حد ذاتها، وهذه المشاحنات أو المضايقات هي جزء من الحيـاة، ولكـن عنـدما تتكـدس تصـبح مصـدرًا أساسيًّا للضغط ومؤشرًا مهمًّا للسلوك الانتحـاري. إذ إنـّه عنـدما تسـتمر هـذه المضـايقات يـزداد الضـغط وتتناقص القدرة على المواجهة والمقاومة، ومن ثم ينتج التوتر والتّعـب وفقـدان النّـوم وعـدم القـدرة علـى حـل المشكلات. ، فهذه المضـايقات اليوميّـة قـد يكـون لهـا تـأثير على صحة الأفراد .
كذلك يمكن تفسير عدم وجود اية فروق جوهرية ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي الدراسة ذوى الميول الانتحارية من (الذكور، الإناث) على المخططات المعرفيّة اللاتكيفيّة نتيجة الأخطاء المعرفية Cognitive errors لدى كل من الذكور والإناث والتي تتمثل في مجموعة من الأخطاء المنظمة في تفكير الشخص والتي تؤدي إلى استمرار اعتقاده في صدق تصوراته السلبيّة، ومن ذلك التأويل الجزافي والإفراط في التعميم، وربما يقوم نموذج بيك على فرض مفاده أنّ الخبرات والأحداث المبكرة التي يتعرض لها الفرد في حياته تُعدّ المتغيرات المهيئة Predisposing التي تقدم الأساس الذي يعتمد عليه في تكوين التّصورات السلبيّة نحو الذات والعالم والمستقبل، ثم يأتي دور المتغيرات المترسبة Precipitating المتمثلة في مجموعة من الظروف وأحداث الحياة السلبية، إذ تقوم بتنشيط هذه التصورات السلبية وآثارها، ومن ثم ينشأ الاكتئاب.(شعبان جاب الله، صالح أبو عباده، 2002،ص 13)
الفرض الرابع : ينص الفرض الرابع على ” لا توجد فروق دالة إحصائيًّا بين مجموعتي الدّراسة من (الذكور ، الإناث) على مقياس الميول الانتحارية وأبعاده الفرعية” وللتحقق من صحة هذا الفرض استُخدِم اختبار ” ت والجدول الآتي يوضح تلك النتائج
جدول ( 8 )
المتوسطات والانحرافات المعيارية وقيم “ت” ودلالتها لمجموعتي الدراسة من ( الذكور ، الإناث )
على مقياس الميول الانتحارية وأبعاده الفرعية ( ن =50 ) لكل مجموعة
الأبعاد | المجموعات | المتوسطات | الانحرافات المعيارية | قيمة ت | مستوى الدلالة |
الشعور باليأس | الذكور
الإناث |
42,74
43,15 |
3,89
3,60 |
0,71 | غير دالة |
تصور الانتحار | الذكور
الإناث |
28,53
29,16 |
3,95
4,18 |
0,82 | غير دالة |
تقييم الذات السلبى | الذكور
الإناث |
31,40
30,82 |
3,61
3,38 |
0,83 | غير دالة |
العداوة | الذكور
الإناث |
24,61
23,92 |
3,56
2,59 |
1,11 | غير دالة |
الدرجة الكلية لمقياس الميول الانتحارية | الذكور
الإناث |
137,85
138,50 |
5,63
4,73 |
0,61 | غير دالة |
تكشف نتائج الجدول السابق عما يلي :
- عدم وجود فروق جوهرية ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي الدراسة من (الذكور، الإناث) على مقياس الميول الانتحارية وأبعاده الفرعية الآتية :
- الشّعور باليأس – تصور الانتحار
- تقييم الذات السلبي – العداوة
- الدرجة الكلية لمقياس الميول الانتحاريّة.
وتفسر تلك النتيجة في ضوء ما قرره بعض الباحثون بشأن الخطوط العريضة للعديد من الإدراكات والتصورات الانتحارية والتي تمتد من الأمنيات الغامضة لتمنى عدم البقاء على قيد الحياة إلى النيّة في الانتحار ككتابة الوصايا والملاحظات ثم الأفكار المتعلقة بموضوع الانتحار، مثل إيجاد فكرة لكيفية وميعاد قتل الفرد لنفسه، وأخيرًا ارتكاب بعض المحاولات الزائفة والحقيقية للانتحار، وأن مجرد الانشغال بأفكار وموضوعات مميتة يعد مؤشرا خطيرا لدى الأفراد من الجنسين . ( William, R. 2008)
بالإضافة إلى أنّ الاضطرابات النّفسيّة وفي مقدمتها الاكتئاب لاتفرق مابين الذكور والإناث إذ تكون فكرة الانتحار هى الفكرة المسيطرة على الشّخص المكتئب الذي يصبح لديه اقتناع تام وكامل أنّ الانتحار هو المخرج الوحيد لما هو فيه ما لم يساعد على نحو سريع ويريد معظم الأشخاص الانتحاريين أن يهربوا مما يعدونه وضعًا غير محتمل ويختلف شكل ذلك الوضع من شخص إلى آخر، وربما يكون الهروب من مرض مميت أو مؤلم أو عقاب أو اذلال أو أعباء تثقل كاهله أو ضغوط من أي نوع لا يستطيع تحملها فيجد أن الانتحار هو الحل الأمثل لموقفه. خلال ( أحمد عياد 2020: 224).
وهذا ما يتفق مع نظرية التّحليل النفسي التي ترى أن التفكير الانتحاري مرتبط باليأس من خلال ما ذكره فرويد أنّ مراحل الحزن الطبيعي يمر بحقبة ثم يعود الفرد إلى واقعه الاجتماعي ويعمل على إقامة علاقات جديدة للمحبة واللذة أمّا في حالة اليأس فأنّه يصعب على الأنا ذلك، فيبدأ الفرد بالشّعور بالأثم واليأس وأن أبرز مظاهر هذه المرحلة هي الحداد كما ذكره رواد مدرسة التّحليل النّفسي . كذلك فسرت نظرية التّحليل النّفسي ارتباط انخفاض فعاليّة الذات بـاحتمالية الانتحار من خلال أن الشعور بقيمة الذات. المنخفضة يدفع الفرد للانتحار من خلال الموضوع المفقود سواء أكان في ماضي الفرد أو حاضره.
كذلك فسرت نظرية النمو الاجتماعي أن أبرز مظاهر هذه المرحلة هي البحث عن هوية الذات، أمّا المنظور السلوكي أشار إلى أنّ اليأس يرتبط بفقدان التعزيزات، أمّا انخفاض فعالية الذات ففسر من خلال أنّ الموت يجلب لهم الأشياء التي ربما تحقق ذات مرتفعة من جلب الانتباه،
والشفقة والرثاء وكذلك الانتقام لذاته وتحقيقها وبالتالي هي أكثر شيوعًا.
(Dixon, W., Heppner, P., & Anderson, W. 2019 (
كما أنّ الأفكار الانتحارية قد تمثل استراتيجيّة لحل المشكلات المعرفية بديلة للانفعال الذي لا يحتمل ، والمواقف المؤلمة الضاغطة، والنقص المدرك في المهارات اللازمة لإدارة هذه الانفعالات والضغوط ، ويعد ذلك صحيحًا في المواقف التي تشير فيها الضغوط إلى أنّ الحاجة إلى استراتيجيات تنظيم الانفعال ضروريّة ومستمرة مثل صراعات مزمنة بين الأشخاص وصدمات معقدة . Kuru, E., Safak, Y.,oZdemir,I.,ulacı,R.&orsel,S. 2017).)
فالتصور الانتحاري الذي قد ينبع كاستراتيجيّة لحل المشكلات بديلة لنقص
استراتيجيات التنظيم المدركة يتوافق مع النماذج الانهزامية الهروبية للانتحار، ويدل ذلك على عدم
القدرة المدركة على مواجهه المتطلبات الانفعالية للموقف في تفكير المراهق الانتحاري Bazrafshan, M., Jahangir, F., Mansouri, A., & Kashfi, S. 2020))
كذلك تفسر تلك النتيجة في ضوء أنّ الأزمة الانتحاريّة قد يكون لها وظيفة لا شعورية متمثلة في تواصل الضغوط النّفسيّة وإعادة تأسيس رابطة شخصية مرغوبة، وعلى الرغم من أنّ أشكال التعلق غير الآمن قد تكون وحدها غير كافية لتحفيز محاولة الانتحار، إلّا أنّ وجودها يزيد من احتماليّة العدوان الموجه نحو الذات ، وقد لوحظ وجود محتوى عدواني، ما يعني أن الأشكال غير الآمنة من التعلق تزيد من حدة إدراك الأفراد لخبرات الحياة السلبية ما يزيد من احتمالية التفكير الانتحاري. ونظرًا لمعاناة الحالات من اليأس وعدم التدعيم وضعف الانتماء والانغماس في المشاكل، والتفكير فيها وعدم القدرة على التكيف معها أو وضع حلول معها، فقد يتطور الأمر إلى محاولة الانتحار وذلك لخدمة هدفين الهدف الأول يشعر أن يستطيع استعادة اكتساب التحكم في مواقف الحياة والمشكلات المختلفة والهدف الثاني للهروب من الألم الانفعالي .
Zortea, T., Dickson, A., Gray, C., and O’Connor, R. 2019) )
وتتسق تلك النتيجة مع دراسات كلّ من (عبدالرقيب البحيري، ومحفوظ أبو الفضل، 2008، (Overholser,j,. Dalla,.D & Adams,A,.2010, Zygo, M., & Pawlowska, B., & Dreher, p. 2019)
وتأمل الباحثة الحالية أن تجرى بحوثًا أخرى تتناول متغيرات نفسية ومعرفية أخرى إذ إن
الانتحار بهذا المعنى ليس حدثًا عشوائيا وإنما هو منظومة فكرية ووجدانيّة وسلوكية تنتظم أجزاؤها ليبرز كوسيلة للخروج من مأزق أو أزمة في شخص وصل إلى حالة من انعدام الآمن وقلة الحيلة ، ووقع تحت ضغوط فاقت احتماله، وضاقت أمام عينيه الخيارات أو تلاشت، أو أرادها هو أن تضيق أو تتلاشي .
المراجع
أولاً : المراجع العربية
- أحمد عبد الفتاح عياد (2013) في اضطرابات الشخصية ، طنطا: دار المصطفي للنشر والتوزيع .
- ……………، هبه بهي الدين ربيع(2019) علم النفس المرضى (تدريبات إكلينيكية ميدانية)، مركز سمير لتوزيع الكتاب الجامعي، طنطا.
- ………………..(2020) علم النفس الإكلينيكي ، طنطا مركز سمير لتوزيع الكتاب الجامعي
- أحمد محمد عبدالخالق، مايسة أحمد النيال (2002) القلق لدى مجموعات عمرية مختلفة من الأطفال، سلسلة بحوث فى الشخصية وعلم النفس المرضى، دراسات في شخصية الطفل العربي ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية .
- أحمد عكاشة (2008) الطب النفسي المعاصر ،ط13 ،القاهرة ،مكتبة الأنجلو المصرية.
- إبراهيم أبو الهدى (2006) فعالية برنامج إرشادي لتخفيـف مـستوى القلق لدى عينة من المراهقين المعاقين بصرياً، رسالة ماجستير(غير منشورة)، كلية التربية، القاهرة :جامعة عين شمس..
- أرون بيك (2000) العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية، ترجمة: مصطفى عادل، دار الافاق، القاهرة.
- الرابطة الأمريكية للطب النفسي(2001الدليل التشخيصي الرابع للاضطرابات النفسية، ترجمة: أمينة السماك، عادل مصطفى،
- السيد مصطفي راغب الأقرع (2008) :سيكولوجية الاحتراق النفسي في العمل دراسة في علاقة الاحتراق النفسي بضغوط العمل والتشوهات المعرفية والذكاء الوجداني، رسالة دكتوراه، ( غير منشورة ) جامعة عين شمس ، كلية الآداب،
- الصيدان الحميدي محمد( 2015) :أساليب المواجهة وعلاقتها بالتفكير الانتحاري لدى طلاب الجامعة، جامعة الأزهر، مجلة كلية التربية ، العدد 561 (الجزء الرابع)
- أمال عبدالسميع أباظة (1998): مقياس الاتجاهات المختلفة وظيفياً كراسة التعليمات. القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية.
- أماني الفرجات ،حسين الشرعة (2018) القدرة التنبؤیة للمخططات المعرفیة اللاتكیفیة في المیل للتطرف الفكري ،الأردن: المجلة العربية للطب النفسي ، مج29 ع1.
- اماني الفرجات ، حسين شرعه(٢٠١٩) المخططات المعرفية اللاتكيفية ومعنى الحياة لدى المتطرفين فكريا وغير المتطرفين في الاردن ،دراسات العلوم التربوية الاردن: الجامعة الأردنية (٤٦)
- اميل دوركايم( 2011) :الانتحار، ترجمة حسن عودة دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب
- اياد سليم الحلاق ، نسرين عيسى جرادات ( 2019) : الأفكار الانتحارية وعلاقتها بعوامل الخطر المرتبطة بالقلق والاكتئاب عند الشباب في الضفة العربية. مجلة العلوم التربوية والنفسية، ، المجلد 64، العدد ( 2) ص:109-129
- إيمان دليل (2015) الأفكار اللاعقلانية وعلاقتها بأعراض الوسواس القهري لدى عينة من طلبة الجامعة دارسة ميدانية، رسالة ماجستير ، كلية العلوم الانسانية ، بجامعة قاصدي مرباح ورقلة.
- إيمان عطيه،(2017) الاعراض الاكتئابية وعلاقها بالالكسيثيميا والمخططات المعرفية اللاتكيفية لدى طالبات الجامعة ،مجلة دراسات تربوية ونفسية، كلية التربية بالزقازيق (96).
- أيت حمودة حكيمة و فاضلً أحمد( 2007) : أثر البطالة على الصحة النفسٌية للشباب”
منشورات كلٌية العلوم الإنسانٌية و الإجتماعٌية ، جامعة الجزائر، العدد ( 7) ص: 56-85 - باترسون، س.ه. (١٩٨0): نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، ترجمة، حامد عبدالعزيز الفقي، الجزء الأول،ط1، الكويت ،دار القلم .
- بتول بناي زيبري ، ريام عبد الحسين عبد الله (2018) البنى المعرفية اللاتكيفية لدى طلبة الجامعة . جامعة بابل ،مجلة بابل للعلوم الإنسانية 26(9)
- بدر الأنصاري (2014)المدخل إلى نفس الشخصية . الكويت ،دار الكتاب الحديث.
- برنامج الأمم المتحدة )UNFPA 2018) : إدارة برامج العنف القائم على النوع الاجتماعي في
حالات الطوارئ، ص:12
- بشرى إسماعيل (2004) ضغوط الحياة والاضطرابات النفسية، القاهرة ، الانجلو المصرية
- بول يندزاي(2000 ) مرجع في علم النفس الإكلينيكي للراشدين، ترجمة صفوت فرج، القاهرة: مكتبة الأنجلو.
- بسمة خليل الشريف(2006) :أثر برنامج توجيه جمعي لتعديل التشويهات المعرفية في خفض الاكتئاب وتحسين مستوى التكيف لدى طالبات المرحلتين الأساسية والثانوية،رسالة دكتوراه غير منشورة، ، الاردن ، عمان ، الجامعة الاردنية
- بوسنة زهير (2008) التصور الاجتماعي لظاهرة الانتحار لدى الطالب الجامعي دراسة ميدانية بجامعة بسكرة، رسالة دكتوراه (غير منشورة) الجزائر – قسنطينة- جامعة منثوري
- بشير صالح الرشيدي،راشد علي السهل (2007): مقدمة في الإرشاد النفسي، الكويت ، مكتبة الفلاح.
- جمال إبراهيم عبد العزيز (٢٠٠٥): مستوى الشعور بالاغتراب والتشويه المعرفي لدى المعلمين المتقاعدين العاملين وغير العاملين وحاجاتهم الإرشادية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية التربية، جامعة المنصورة
- جمعية الطب النفسي الأمريكية (2014) المرجع السريع إلى الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس المعدل للاضطرابات النفسية DSM5 ، ترجمة: أنور الحمادي. القاهرة
- حامد زهران (2005) الصحة النفسية والعلاج النفسي ،ط4،القاهرة: دار عالم الكتب.
- ديفيد ه بارلو، ترجمة صفوت (2002) مرجع إكلينيكي في الاضطرابات النفسية ، القاهرة : مكتبة الأنجلو .
- رجز، ديفيد، فوا إدناب (2002)مرجع إكلينيكي في الاضطرابات النفسية دليل علاجي تفصيلي .ترجمة هبة إبراهيم، صفوت فرج، ومحمد نجيب، وحصة عبد الرحمن، وهدى حسن .القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية
- ريما صندلى ( 2012) : الضغوط النفسية واستراتيجيات المواجهة لدى المراهق المحاول للانتحار ، دراسة عياديه على اربع حالات من المراهقين ، رسالة ماجستير ( غير منشورة ) الجزائر ، جامعة فرحات عباس .
- زكريا أحمد الشربيني (2005): الأفكار اللاعقلانية وبعض مصادر اكتسابها ، دراسة علي عينة من طالبات الجامعة مجلة دراسات نفسية، المجلد (15)،العدد(4)ص: 213-256
- زينب شقير (2002) الأمراض السيكوسوماتية ،القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
- سعاد قرني(2019)النموذج البنائي للعلاقة بين المخططات المعرفية اللاتكيفية والكمالية العصابية والأنماط الوالدية اللاسوية المدركة لدى طلاب الجامعة، المجلة المصرية للدراسات النفسية ،القاهرة: العدد 103.
- شعبان جاب الله، صالح ابوعبادة (2002) : مظاهر التشويه المعرفي لدى الفصاميين والاكتئابين، دراسات عربية في علم النفس، مجلد (1)، عدد(2)، القاهرة، دار غريب النشر والتوزيع.
- شهرزاد عيشوني(2012)، المخططات المبكرة غير المتكيفة عند المدمنين على المخدرات، رسـالة ماجـستير في الإرشاد والصحة النفسية، جامعة الجزائر،
- صفوت فرج (2008 (أ)) القياس النفسي ،القاهرة: دار الفكر العربي.
- …………(2008( ب) ) علم النفس الإكلينيكي، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية.
- عادل عبدالله محمد (2020): دارسات في الصحة النفسية الهوية – والاغتراب – الاضطرابات النفسية، دار الرشاد، القاهرة
- عبد الرحمن العيسوي(2002) سيكولوجية الشخصية ، القاهرة :منشأة المعارف .
- عبدالرقيب البحيري، ومحفوظ أبو الفضل ( 2008) بعض الاضطرابات النفسية المرتبطة بالتفكير الانتحاري لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية، المجلة المصرية للدراسات النفسية، العدد ( 68) ص: 3-54
- عبدالستار ابراهيم ،عبد الله عسكر (2008):علم النفس الإكلينيكي في ميدان الطب، القاهرة ، دار الفجر للنشر .
- عبد السلام الشيخ (2008) اضطرابات السلوك ، طنطا: مركز العشري لتوزيع الكتاب الجامعي.
- عبد الرقيب أحمد البحيري (٢٠١٣) : مقياس احتمالية الانتحار، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية
- عبد اللطيف خليفة (2003) دراسات في سيكولوجية الاغتراب ، القاهرة :دار غريب للطباعة والنشر.
- عدنان محمد الضمور ( 2014) :ظاهرة الانتحار، دراسة سسيولوجية، الاردن ، عمان ، مكتبة الحامد للنشر والتوزيع .
- عمور مصطفى ( 2018) : ظاهرة الانتحار في المجتمع الجزائرى ، دراسة ميدانية على مستوى ولاية بجاية ، مجلة الباحث في العلوم الانسانية والاجتماعية ، العدد ( 33) ص: 213- 234
- فايز المجالى ، عدنان الضمور ( 2012) : ظاهرة الانتحار في الاردن ، دراسة سوسيولوجية، الامارات العربية المتحدة ، الشارقة ، القيادة العامة لشرطة الشارقة ، مركز بحوث الشرطة ، المجلد ( 23) العدد ( 88) ص: 336- 379
- محمد السيد عبد الرحمن، محمد سعفان ، ( ٢٠١٥ ): مقيـاس المخططات المعرفية اللاتكيفية .القاهرة، دار الكتاب الحديث.
- محمد عبدالمنعم شهاب ( 2022) :العوامل المجتمعة المؤدبة للانتحار دراسة وصفیة تحليلية في تفسير الانتحار واسبابه وسبل الوقایة والعلاج، مجلة التربیة للعلوم الإنسانية المجلد ( 2) العدد (8) ص 645- 694
- محمود فتوح سعدات،( 1990) : الاسباب الدافعة للانتحار وطرق الوقایة منها، القاهرة ،مكتبة الانجلو المصریة .
- مريم حميد أحمداللحياني و سميرة محارب العتيبي ( 2020 ): نمذجة العلاقات بين التنافر المعرفي والصراع النفسي والقلق لدى طالبات جامعة أم القرى، المجلة السعودية للعلوم النفسية ، العدد ( 5) ص: 119- 145
- مصطفى عمور ( 2018) : ظاهرة الانتحار في المجتمع الجزائري، دراسة ميدانية على مستوى ولاية بجاية ، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية ، الجزائر ،جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية ، العدد ( 33) ، ص 1009- 1021
- مهند النعيمي (2006) أثر المخططات العقلية و السيادة النصفية في قياس الخرائط المعرفية .مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد،ع74
- ناجى الجيوش ( 2007) :الانتحار, دراسة نفسية اجتماعية للسلوك الانتحاري, القاهرة،:
مؤسسة الشبيبة للإعلام والطباعة والنشر
- نهاد محمود (2015) المخططات اللاتكيفية المبكرة كمتغير وسيط بين أنماط التعلق الوجداني، وأعراض اضطراب الشخصية الحدية لدى عينة غير إكلينيكية ، المجلة المصرية لعلم النفس الإكلينيكي والإرشادي.
- نيالاجونسون، وديفايسون(2016) علم النفس المرضي استنادًا على الدليل التشخيصي الخامس. ترجمة أمثال الحويلة، فاطمة عياد، ملك الرشيد، هناء شويخ، نادية الحمدان القاهرة: الأنجلو المصرية
- هبه محمد علي (2015) المخططات المعرفية اللاتكيفية المنبئة باضطراب الشخصية الحدية لدى عينة من الشباب الجامعي، مجلة كلية الآداب .21 (1) جامعة بنها .
- وازي طاوس ( 2012) : ظاهرة الانتحار بین التفسير الاجتماعي والتشخیص النفسي ، مجلة
دراسات نفسية وتربویة ، الجزائر ، جامعة قاصدي مریاح ورقلة ، ، العدد (8) ، ص: 125-147
- وردة بلحسيني (2011) أثر برنامج معرفي سلوكي في علاج الرهاب الاجتماعي لدى عينة من طلبة الجامعة، رسالة دكتوراه ، الجزائر: جامعة قصدي مرباح .
- وليد سرحان ( 2012) : محاضرات نفسية ، الجزائر ، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
ثانيًّا : المراجع الأجنبية
- American Psychiatric Association (2013), Diagnostic and statistical manual of mental dis-orders (5th ed), Washington, D.C: American Psychiatric publishing.
- Anestis, M.., Bender, T. (2022). Sex and emotion in the acquired capability for suicide. Archives of Suicide Research, 15, 172–182.doi:10.1080/13811118.2011.566058.
- Anestis, M.D., Bagge, C.L., Tull, M.T., Joiner, T.E.(2019). Clarifying the
role of emotion deregulation in the interpersonal-psychological
theory of suicidal behavior in an under graduate sample. Journal of
Psychiatric Research, 45, 603–611.
- Bazrafshan, M., Jahangir, F., Mansouri, A., & Kashfi, S. (2020). Coping strategies in people attempting suicide. International Journal of High Risk Behaviours and Addiction, 3, e16265. doi:10.5812/ijhrba.16265
- Baumeister, Roy F & Vohs, Kathleen D (2007). Encyclopedia of Social Psychology, Vol 1, USA: Sage Publications..
- ,A,.Kovacs,.M&weissman ,.A.( 1979): Assessment of Suicidal intention the scale for of Suicide ideation with Psyhiatric outpatients. Behavior Research Therapy 35(11) ,1039- 1046
- Beck,a.(1997). Cognitive therapies. Essential papers psychoanalysis new york:u.s.a university press.
- Beck, A. T., Freeman, A., & Davis, D. (2004). Cognitive therapy of personality disorders. NY: Guilford Publications, Inc.
- Beck ,A & Clark ,D( 2010 ): Cognitive Theory and Therapy of Anxiety and Depression : Convergence with neurobiological Findings , Trends in Cognitive Sciences,14 ,418- 424.
- Bender, T.W., Anestis, M.D., Anestis, J.C., Gordon, K.H., Joiner, T.E.,
(2020). Affective and behavioral paths toward the acquired capacity
for suicide. Journal of Social and Clinical Psychology, 31 (1), 81–
- doi:10.1521/jscp.2012.31.1.81
- Bredicean,C., Crainiceanu,Z ,Oprean,C.& Rivis,L (2020)The influence of cognitive schemas on the mixed anxiety-depressive symptoms of breast cancer patients, BMC Women’s Health 20(1)
- Hedley, L. M., Hoffart, A., & Sexton, H. (2001). Early maladaptive schemas in patients with panic disorder with agoraphobia. Journal of Cognitive Psychotherapy, 15(2), 131-142.
- Dixon, W., Heppner, P., & Anderson, W. (2019). Problem solving
appraisal, stress, hopelessness, and suicide ideation in a college population. Journal of Counseling Psychology, 65(1), 51- 59.
- Ely, G. E., Nugent, W.R., Cerel, J. & Vimba, M. (2019). The
relationship between suicidal thinking and dating violence in a sample of
young abortion patients. Crisis: The Journal of Crisis Intervention
and Suicide Prevention. 32(5), 246-253 - Hinrichsen, H., Waller, G., & Emanuelli, F. (2004). Social Anxiety and Agoraphobia in the Eating Disorders: Associations with Core Beliefs. The Journal of Nervous and Mental Disease, 192(11), 784-787. http://dx.doi.org/10.1097/01.nmd.0000144698.69316.02
- Heffer, T. & Willoughby, T. (2018). The Role of Emotion Dysregulation: A Longitudinal Investigation of the Interpersonal Theory of Suicide. Psychiatry Research, 260, 379-383. doi:
10.1016/j.psychres.2017.11.075.
- Hinrichsen, H., Waller, G., & Dhokia, R. (2007). Core beliefs and social anxiety in the eating disorders. Eating and Weight Disorders – Studies on Anorexia Bulimia and Obesity, 12 (1), E14 – E18.
- Hjemdal, O., Hagen, R., Nordahl, H. M., & Wells, A. (2013). Metacognitive therapy for generalized anxiety disorder: Nature, evidence and an individual case illustration. Cognitive and Behavioral Practice, 20 (3), 301-313. doi: 10.1016 / j.cbpra.2013.01.002
- Janson, D (2015): Early maladaptive schemas in an Australian adult alcohol dependent clinical sample: Differences between men and women. Bachelor of Arts (Psychology) Honors, Faculty of Health, Engineering and Science, Edith Cowan University
- e. Young. (2006). under the translation of Bernard Pascal preface by jean cottraux: the therapy of schemas cognitive approach of the personality of Beck university Paris
- John, O., & Gross, J. (2018). Healthy and unhealthy emotion regulation: Personality processes, individual differences, and life span
development. Journal of Personality,72, 1301–1334.
doi:10.1111/j.1467-6494.2018.00298.x
- Karalee, N. (2019). Influence of Bipolar Disorder on Cognitive and Affective Factors in the Lebanese Adult Patient. Doctoral dissertation Holy Spirit University of Kaslik
- Franklin, J.C., Ribeiro, J.D., Fox, K.R., Bentley, K.H (2019). Risk factors for suicidal thoughts and behaviors: A meta-analysis of 50 years of research. Psychol. 143, 187-232. doi:10.1037/bul0000084.
- Farber, M. (2012): Theory of suicide, funk and wagnalls, New York
- Kaplan, S., Morrison, A., Goldin, P., Olino, T., Heimberg, R & Gross, J. (2019)The Cognitive Distortions Questionnaire
(CD-Quest): Validation in a Sample of Adults with Social Anxiety Disorder. Cognitive Therapy Research, 41,576–587 - Kaya,Y& Aydin,A (2020) The mediating role of early maladaptive schemas in the relationship between attachment and mental health symptoms of university students Journal of Adult Development Advance online publication. https://doi.org/10.1007/s10804-020-09352-2.
- Kahalé, N. (2009). Influence of Bipolar Disorder on Cognitive and Affective Factors in Lebanese Adult Patients. Doctoral dissertation. Holy Spirit University of Kaslik.
- Khurana, A. & Romer, D. (2012). Modeling the Distinct
Pathways of Influence of Coping Strategies on Youth Suicidal
Ideation: A National Longitudinal Study. Prev Sci., 3:644–654.
DOI 10.1007/s11121-012-0292-3
- Kirch, W, (2008), Obsessive-Compulsive Disorder (OCD), Encyclopedia of Public Health, Springer, Dordrecht.
- Kuru, E., Safak, Y.,oZdemir,I.,ulacı,R.&orsel,S. (2017).Cognitive distortions in patients with social anxiety disorder: Comparison of aclinical group and healthy controls ,The European Journal of Psychiatry ,Eur.J.Psychiat.http://dx.doi.org/10.1016/j.ejpsy.2017.08.004
- Kwak,K & Lee,S (2015) Acomparative study of early maladptive schemas in obsessive-compulsive disorder and panic disorder ,Psychaitry Research,757-762.
- Lackner, C., Marshall, J., Santesso, D., Dywan, J.& Terrance Wade. T.& Segalowitz, S. (2014). Adolescent anxiety and aggression can be differentially predicted by electrocortical phase reset variables. Brain and Cognition, 89 (1), 90–98
- Lawrence, A., Allen, S., & Chanen, M. (2011). A study of maladaptive schemas and borderline personality disorder in young people. Cognitive Therapy and Research, 35,30–39.
- Lumley, M. N., & Harkness, K. L. (2007). Specificity in the relations among childhood adversity, early maladaptive schemas, and symptom profiles in adolescent depression. Cognitive Therapy and Research, 31(5), 639-657
- Mairet, K., Boag, S., & Warburton, W. (2014). How important is temperament? The relationship between coping styles, early maladaptive schemas and social anxiety. International Journal of Psychology and Psychological Therapy, 14(2), 171-190
- Makhija,M &Singh,P(2019) Emotional and behavioral problems in institutionalized children of Maoism affected regions, : The International Journal of Indian Psychȯlogy, Volume 07, Issue 4.
- Makinson,J(2013)Early maladaptive schemas and their relationship to psychopathology in adolescence, Edinburgh Research Explorer.
- Meyer, B & Carver, C (2000): Negative childhood accounts,sensitivity, and pessimism: A study of avoidant personality disorder features in college students. Journal of Personality Disorders,V, 14. P,233-248.
- Michail, M. & Birchwood, M. (2014). Social anxiety in first-episode psychosis: The role of childhood trauma and adult attachment. Journal of Affective Disorders, 163(1), 102–109.
- Mohammadi, M., Davidiyan, H., Noorbala, A., Afzali, M., Hussein, & Naqvi, H. (2005). The epidemiology psychiatric disorders in the Kerman. Hakim Research Journal, 6(1), 55-65.
- Mohammadi, M., Rahgozar, M., Mesgarpor, B., Farrokh, K., Gharedaghi, K., & Norolahi, S. (2004). The epidemiology of psychiatric disorders in the East Azerbaijan in 1380. Journal of Tabriz University of Medical Sciences, 38(64), 67-73.
- Moloodi, R., Dezhkam, M., Mootabi, F., & Omidvar, N. (2010). Comparison of early maladaptive schema in obese binge eaters and obese non-binge eaters. Journal of Behavioral Sciences, 4(2), 109-114
- Mammad,K, Ahami,A, Azzaoui,F, Boulbaroud,W, Idrissi,S,. Karjouh,K& Fofana,L(2017) Diagnosis of Anxiety Disorders in University Students through the Early Maladaptive Schemas and Beck’s Inventory,Social sciences and humanities Journal.
- Moore, T. and paolillo, J. (2017): Depression: Influence of hopelessness locus of control hostility and length and length of treatment psychological reports vol (54) No(3).
- Muris, P (2006): Maladaptive schemas in non-clinical adolescents: relations to perceived parental rearing behavior’s, big five personality factors and psychopathological symptoms. Clinical Psychology and Psychotherapy, 13. P, 405-413.
- Muller , R. , Lemieux , K. , & Sicoli , L. ( 2010 ). Attachment
and psychopathology among formerly maltreated adults.
Journal of Family Violence , 16 , 151 – 169.
- Narimani, M., Mahmoodi-Aghdam, M.,& Abolghasemi, A. (2012). The role of child abuse and neglect in predicting the early maladaptive schemas domain.Zahedan Journal of Research in Medical Sciences, 14(10), 28-32
- National Institute of Mental Health, (2003) News release, Mutant gene linked to obsessive compulsive -disorder, National Institute of Mental Health (NIMH), 23 October 2003. Available at http://www.nimh.nih.gov/news/science-news/2003/mutant-gene-linked-to-obsessive-compulsive-disorder.shtml .
- Neacsu, V (2016): Differences in early maladaptive schemes expression. Bulletin of the Transylvania University of Brasov, Series VII: Social Sciences and Law, 9(2-Suppl), 65-72
- Nestadt G, Samuels J, Riddle M, Bienvenu OJ 3rd, Liang KY, LaBuda M, Walkup J, Grados M& Hoehn-Saric R, (2000) family study of obsessive- compulsive disorder, Archive of General Psychiatry, 57(4):358-63, April 2000
- Noie, Z., Farid, A. A., Fata, L., & Ashoori, A. (2010). Comparison of early maladaptive schemas and their parental origins in OCD patients and non-clinical individuals. Advances in Cognitive Science, 12(1), 59-69.
- Niles,N,Dour,H.,Stanton,L.,RoyByne,.P.,Stein,.M.,Sullivan,G.,Sherbourne,D.,Rose,.R &Craske,M.(2015).Anxiety and depressive symptoms and medical illness among adults with anxiety disorders,Journal of Psychosomatic Research,78,109-115
- Nordahl ,H;Holthe , H; And Hogum ,J( 2005 ): Early Maladaptive Schemas in patients with or without Personality Disorders :Does Modification Predict Symptomatic Relief ? Clint .Psychol.Psychotherapy .V12 .P, 142-149
- . Overholser, j., & Dalla, d.., & Adams,A.. (2010). Self Esteem Deficits and Suicidal Tendencies among Adolescents. Child adolesc Psychiatry, (59),7-34.
- Kirtley, O. (2018). The integrated motivational–volitional model of suicidal behavior. Philosophical Transactions Royal society publishing,
- Keenan, K., Loeber, R., & Green, S. (2019). Conduct disorder in girls: A
review of the literature. Clinical Child and Family Psychology 55 Review,(2)1p: 3-19
- Parkes, K. (2019). Locus of control, cognitive appraisal, and coping in stressful episodes. Journal of Personality and Social Psychology, (46), 655-668.
- Petrocelli, J. V., Glaser, B. A., Calhoun, G. B., & Campbell, L. F. (2001). Early maladaptive schemas of personality disorder subtypes. Journal of Personality Disorders, 15(6), 546-559. http://dx.doi.org/10.1521/15.6.546.19189
- Pinto-Gouveia,J., Castilho,P ., Galhardo,A & Cunha,M (2006) Early Maladaptive Schemas and Social Phobia , Cogn Ther Res 30:571–584
- Pompili, M., & Innamorati, M., & Dorian, A. (2019). The Interplay Between Suicide Risk, Cognitive Vulnerability, Subjective Happiness and Depression Among Curr psychol, (35), 450-458.
- Radomsky, A. S., Alcolado, G. M., Abramowitz, J. S., Alonso, P., Belloch, A., Bouvard, M., & Fernández-Álvarez, H. (2014). Part 1—you can run but you can’t hide: Intrusive thoughts on six continents. Journal of Obsessive-Compulsive and Related Disorders, 3, 269–279
- Rajappa, K., Gallagher, M., & Miranda, R. (2019). Emotion dysregulation and vulnerability to suicidal ideation and attempts. Cognitive Therapy and Research, 36, 833–839. doi:10.1007/s10608-011-9419-2
- Renner, F., Lobbestael, J., Peeters, F., Arntz, A., & Huibers, M. (2012). Early maladaptive schemas in depressed patients: Stability and relation with depressive symptoms over the course of treatment.Journal of affective disorders, 136(3), 581-590
- Reeves, M., & Taylor, J. (2007). Specific relationships between core beliefs and personality disorder symptoms in a non-clinical sample. Clinical Psychology & Psychotherapy, 14(2), 96-104. http://dx.doi. org/10.1002/cpp.519
- Riso, L. P., & Newman, C. F. (2003). Cognitive therapy for chronic depression. Journal of Clinical Psychology, 59(8), 817-831. http://dx.doi.org/10.1002/jclp.10175
- Roberts,L (2015) Contemporary Cognitive Therapy:Theory,Research and Practice.London:Guilford Press.
- Rudd, M. (2014). The Suicidal Ideation Seale: A self – report
measure of suicidal ideation. Manuscript Submitted for Publication
- Sadock,M & Ruiz,P (2015) Synopsis of Psychiatry Behavioral Sciences ,Clinical Psychiatry
- Sharti , M& sharbati, G (2014) Cognitive Behavioral therapy for obsessive compulsive Zane A http://dx,doi.org/10.5772/57332
- Shorey, R. C., Stuart, G. L., & Anderson, S. (2013). Early maladaptive schemas among young adult male substance abusers: A comparison with a non-clinical group. Journal of substance abuse treatment, 44(5), 522-527
- Simt,A & Padayachee ,V(2012) Criminal Cognition as a Risk Factor,Open society Foundation For south Africa,5566-676-98
- Sines, J., Waller, G., Meyer, C., & Wigley, L. (2008). Core beliefs and narcissistic characteristics among eating-disordered and non-clinical women. Psychology and Psychotherapy: Theory, Research and Practice, 81(2), 121-129. http://dx.doi.org/10.1348/147608307X267496
- Takafumi, Y., Chiakitaga, Y. & Matsumoto, K. (2005). Psychiatry and Clinical Meurosciences, 59(5), 533.
- Taylor C, Bee P, Haddock G. Does schema therapy change schemas and symptoms? A systematic review across mental health disorders. Psychol Psychother Theory Res Pract. 2017; 90(3):456–79
- Theiler, S. (2005). the efficacy of each childhood memories as indicators of current maladaptive schemas and psychological health, Doctoral dissertation School of Social and Behavioral Sciences. Sunburns University of Technology. Victoria Australia
- Thimm, J (2010): Personality and early maladaptive schemas: A five-factor model perspective. Journal of Behavior Therapy and Experimental Psychiatry .V 41 P 373-380.
- Tsegalowitz, S. (2014). Adolescent anxiety and aggression can be differentially predicted by electro cortical phase reset variables. Brain 89 (1), 90–98
- Uchida, M. (2014). Further evidence that severs cores in the aggression/anxiety-depression /attention subscales of child behavior checklist (severe dysregulation profile) can screen for bipolar disorder symptomatology: a conditional probability analysis. Journal of Affective Disorders, 165(1), 81–86.
- Voderholzer, U., Schwartz, C., Thiel, N., Kuelz, A. K., Hartmann, A., Scheidt, C. E., … Zeeck, A. (2014). A comparison of schemas, schema modes and childhood traumas in obsessive-compulsive disorder, chronic pain disorder and eating disorders. Psychopathology, 47(1), 24-31. http://dx.doi.org/10.1159/000348484
- Waller, G., Meyer, C., & Ohanian, V. (2001). Psychometric properties of the long and short versions of the Young Schema Questionnaire: Core beliefs among bulimic and comparison women. Cognitive Therapy and Research, 25(2), 137-147. http://dx.doi.org/10.1023/A:1026487018110
- Wade, T (2017) .Obsessive Compulsive Disorder and Eating Disorder Comorbidity, Obsessive Compulsive Disorder Singapore.
- William, R. (2008). Suicidal Ideation Questionnaire, U.S.A., Psychological Assessment Resources.
- Weingarden,H(2017) ,Anxiety and Shame as Risk Factors for Depression, Suicidality, and Functional Impairment in Body Dimorphic Disorder and Obsessive Compulsive Disorder,Mason university,45-73
- World Health Organization. (2014). World report on violence and health Arabic edition. Cairo: Regional Office of the Middle East.
- Worsfold, K. (2009). The body in Clinical Cognitive theory: from Beck to mindfulness, Contemporary Buddhism, 10(2): 220- 240
- Yang, B &Clum, G.,(2021). Life Stress, Social Support, and ProblemSolving Skills Predictive of Depressive Symptoms, Hopelessness, and Suicide Ideation in an Asian Student Population: A Test of a Suicide and Life-Threatening Behavior, 24( 2), 127–139.
- Yoosefi,A., Rajeziesfahani,A., Pourshahbaz,A& Dolatshahi ,B (2016)Early Maladaptive Schemas in Obsessive-Compulsive Disorder and Anxiety Disorders, Global Journal of Health Science 8(10).
- Young, J; Klosko, J & Weishaar, M (2003): Schema therapy: A practitioner’s guide. New York: Guilford Press
- Young Jeffrey klosko Janet .s. (2003). I’m reinventing my life. Quebec. Canada a preliminary investigation in a non -: clinical sample cognitive therapy / research 34 343 -358
- Zhang, X., Wang, H., Xia, Y., Liu, X., & Jung, E. (2020). Stress, coping and suicide ideation in Chinese college student. Journal of
Adolescence, 35 (3), 683-690.
- Zeigler-Hill, V., Green, A., Arnau, C., Sizemore, B., & Myers, M. (2011). Trouble ahead, trouble behind: narcissism and early maladaptive schemas, Journal of Behavior Therapy and Experimental Psychiatry, 42, 96-103. doi:10.1016/j.jbtep.2010.07.004.
- Zortea, T., Dickson, A., Gray, C., and O’Connor, R. (2019). Associations
between experiences of disrupted attachments and suicidal thoughts
and behaviours: An interpretative phenomenological analysis. Social
Science & Medicine, 235(C), 112408.
https://doi.org/10.1016/j.socscimed.2019.11240.
- Zygo, M., & Pawlowska, B., & Dreher, p. (2019). Prevalence and Selected risk of suicidal ideation, suicidal tendencies and suicide attempts in young people aged 13-19 Annals of
Agricultural and Environmental Medicine, (26), 329-336.
[1]-أستاذ مساعد- الجامعة اللبنانية -كلية الآداب والعلوم الإنسانية-Assistant prof at The Lebanese University-
Faculty of Arts and Science _ Department of Psychology-Hanan.matar@hotmail.com