واقع تعليم المناهج التّربويّة باستخدام الطرق الناشطة
(العلوم الاجتماعيّة أنموذجًا)
The Reality of Teaching Educational Curricula Using Active Methods
(Social Science Model)
د. إيمان عجاج الأحمدية([1])Dr. Iman Ajaj Al Ahmadieh
ملخّص البحث
إنّ هدف هذا البحث تبيان واقع استخدام الطّرائق النّاشطة في الموادّ الاجتماعيّة؛ وعرض مقارنة ما بين المناهج القديمة والحديثة للتوصّل إلى اقتراحات حول طرائق جديدة يمكن استخدامها، في يومنا الحاضر، بهدف تذليل العوائق الأكاديميّة والبيئيّة كافّة والّتي تعيق دور الأساتذة في تطبيقها. وبناءً على ذلك، استُخدِم المنهج المقارن والمنهج الوصفيّ التّحليليّ بهدف الوصول إلى تفسيرات لها دلائل وبراهين. وتوصّلت الباحثة إلى عدّة استنتاجات منها: استنتاج الفرق بين المناهج القديمة والحديثة، و المعوقات الأكاديميّة والإداريّة المهمّة الّتي يواجهها الأساتذة، بالإضافة إلى استنتاج أهمّيّة الدّورات التّدريبيّة في تمكين المعلّمين للقيام بدورهم التّربويّ، على أكمل وجه. وخلصت الدّراسة إلى عدّة توصيات تمحورت حول أهمّيّة استكمال دور الإرشاد والتّوجيه في متابعة مسار العمليّة التربويّة، وعرض الطّرائق النّاشطة المهمّة المستخدمة عالميًّا في سبيل تذليل المعوقات وتسهيل دور الأساتذة في المهمّات الموكلة إليهم.
الكلمات المفاتيح: واقع التّعليم، الطّرق النّاشطة، المناهج التّربويّة، العلوم الاجتماعيّة …
Abstract
The aim of this research is to show the reality of the use of active methods in social subjects and to present a comparison between the old and modern curricula in order to come up with suggestions about new methods that can be used in the present day in order to overcome all academic and environmental obstacles that hinder the role of teachers in applying them. Accordingly, the comparative approach and the analytical descriptive approach were used in order to reach explanations that have evidence and proofs. The researcher reached several conclusions, including: deducing the difference between the old and modern curricula, and the most important academic and administrative obstacles that teachers face, in addition to deducing the importance of training courses in enabling teachers to carry out their educational role to the fullest. The study concluded with several recommendations centered on the importance of completing the role of counseling and guidance in following up the course of the educational process, and presenting the most important active methods used globally in order to overcome obstacles and facilitate the role of teachers in the tasks entrusted to them.
Keywords: reality of education, active methods, educational curricula, social sciences.
المقدّمة
تسعى معظم المدارس التّربويّة الحديثة، إلى هدف واحد ذي وجهين: تكوين جيل واعٍ، مُدرك لأهمّيّة المعارف من جهة، ومُتمكّن من تطبيقها وتسخيرها لتسهيل وظائفه الحياتيّة، من جهة أخرى. لقد تطوّر مفهوم التّعليم اليوم، ما أدّى إلى تبدّل في مهمّته وغاياته وأهدافه، وقد باتت مهمّته إشباع دوافع التّلميذ المختلفة، أمّا غاياته فقد أصبحت تعليميّة تربويّة، تهدف الى صقل شخصيّته بجوانبها المختلفة: المعرفيّة والعاطفيّة والسّلوكيّة. من هنا، أمسى المتعلّم محور التّعليم الحديث، له دور فعّال في العمليّة التّعليميّة – التّعلّميّة، وغدا مشاركًا فيها، معلّقًا، محاورًا، بعدما كان عنصرًا سلبيًّا، تقتصر مهمّته على السّماع والتّدوين من جهة، وحفظ المعلومات غيبًا – من دون فهم أو تحليل – من جهة ثانية، وقد كانت وظيفة التّعليم تلقين المعلومات، ومهمّة المعلّم إلقاء المحاضرات، وواجب التّلميذ الحفظ. “فقد بات المتعلّم ركنًا أساسيًّا من أركان التّعليم، بل أمسى العنصر الأوّل والأساس في التّعليم الحديث، فبناءً على مدى تفاعله وتواصله مع المعلّم والمادّة الدّراسيّة، ومدى استيعابه وفهمه للعلوم والمعارف، يُقيَّم مدى نجاح المعلّم أو فشله، ومدى تحقيق التّعلّم عبر التّعليم لدوافع التّلميذ التّعليميّة الذّاتيّة المختلفة”. ( الشّكر، 2010، ص 73). وللوصول إلى ذلك، يُفترض توفّر تعليم مخطّط وهادف ومنفّذ بطريقة سليمة. هذا من النّاحية النّظريّة، لكن من النّاحية الواقعيّة، يواجه التّعليم في مختلف بلاد العالم مشكلات وتحدّيات كثيرة، تمليها طبيعة العصر الّذي نعيشه، وترجع هذه المشكلات أساسًا الى عدم الملاءمة بين الأنظمة التّعليميّة، وبين المطالب التّربويّة لخصائص هذا العصر، وتُواجه هذه المشكلات بطرق مختلفة وأساليب متنوعة، طبقًا للواقع التّعليميّ، والخلفيّة الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، ومدى الإمكانات المتاحة.
وهناك “عدّة متطلّبات كي تحقّق المدارس التّربويّة غايتها مثل منهج واضح ومرتكز على التّعلّم أكثر من التّعليم، وكتب مدرسيّة تَفي بالشّروط التّربويّة المطلوبة، ونظام تقييم واضح ومنفّذ من المعلّمين بشكل سليم، ومعلّم معدّ ليقوم بدوره بشكل فعّال” (بدران،2009،ص12). ويبقى المعلّم العنصر الأكثر تأثيرًا في إنجاح العمليّة التّربويّة في المدرسة. لذا، من الصّعب أن تحقّق العمليّة التّربويّة غاياتها وأهدافها إلاّ بتوفّر معلّم ناجح، يتقن مادّته العلميّة، وأساليب التّدريس الحديثة، ويعرّف الموادّ والوسائل التّعليميّة المختلفة، واستخدامها، وكيفيّة بناء المواقف التّعليميّة، وتصميمها بطريقة تتماشى مع حاجات طلّابه وقدراتهم واستعداداتهم المختلفة.
فالمعلّم “هو الرّكيزة الأساسيّة في العمليّة التّعليميّة، ولا يُمكن الاستغناء عنه، ولهذا، فقد أجمع المربّون على أنّ المشكلات التّربويّة ناتجة أساسًا عن افتقار المدارس إلى معلّمين أكفياء، يمكنهم تلافي هذه المشكلات، كما أنّ المعدّات والأجهزة والأدوات والموادّ والوسائل التّعليميّة جميعها لا تجدي نفعًا كبيرًا من دون معلّم كفء، يُكسبها معناها التّربويّ، وينفخ فيها روح الحياة.” ( حمود، 2001، ص 24).
يُعدُّ كلّ درس “ترجمة لمنحى تربويّ معيّن”. فالاستجابة لحاجات المتعلّم وتحديد الأهداف؛ والقدرات المرجوّة وحصر المحتوى بما هو ضروري واختيار الطّرائق الّتي تحقّق اكتساب المعارف والمهارات وتوقّع إجراءات التّقييم وأشكال معالجة الصّعوبات، كلّها تشكّل مجموعة محطّات لا غنًى عنها في فلسفة التّربية الحديثة.
إشكاليّة البحث
ركّز البحث على فرضيّة مفادها أنّ معظم الأساتذة وخصوصًا أساتذة العلوم الاجتماعيّة يعانون من مشكلة كيفيّة تطبيق الطّرائق النّاشطة في العمليّة التّربويّة، من هنا يثار سؤال أساسيّ هو: ما هي العوائق الّتي تعترض الأساتذة في تطبيق هذه الطّرائق؟ ومن خلاله يتفرّع عدد كبير من الأسئلة الّتي لا بدّ من الإجابة عنها، منها:
- ما هي العوائق المهمّة الّتي تعترض البيئة التّعليميّة لتطبيق هذه الطّرائق؟
- ما مدى فاعليّة الدّورات التّدريبيّة لمساعدة الأساتذة في تطبيق الطّرائق النّاشطة؟
- ما دور الجهات المراقبة والإرشاد التّربويّ في دعم ومتابعة هذا الأمر؟
أهمّيّة البحث
يكتسب هذا البحث أهمّيّته كونه يسلّط الضّوء على نقطتين أساسيّتين: الطّرائق النّاشطة الّتي تجعل من الطّالب محور العمليّة التّربويّة، والعوائق الّتي تواجه الأستاذ في تطبيق هذه الطّرائق؛ وتفعيل دوره ليتناسب مع الطّرائق الحديثة. كما أنّ هذا البحث يسلّط الضّوء على واقع تعليم مادّة الاجتماعيّات وتشخيص دور المعلّم باستخدام الطّرق النّاشطة. فالمعلّم، عادةً، يبتعد من استخدام الطّرائق النّاشطة لعدّة أسباب وعوائق ستُعرُض لاحقًا بالتّفصيل. ويُعدُّ هذا البحث مكمّلًا للأبحاث المُشابهة الّتي سبقته في هذا المضمار، وسيقدّم لأيّ مهتمّ معلومات ومعطيات قد تكون مفيدة في إجراء أبحاث أخرى. ويكون مفتاحًا للباحثين ولكلّ مهتمّ بإجراء أبحاث أخرى مفيدة. وقُسِم البحث إلى مقدّمة وثلاثة مباحث وخاتمة، تضمّنت المقدّمة تعريفًا بمشكلة البحث، وتطرّقت الى أهمّيّة البحث والتّساؤلات الّتي يحاول الإجابة عنها والمنهج المتّبع. تضمّن المبحث الأوّل التّمييز بين المناهج التّربويّة التّقليديّة والمناهج التّربويّة الحديثة. وقد قسمته الى مطلبين، تناولت مفهوم المناهج التّربويّة التّقليديّة، ومفهوم المناهج التّربويّة الحديثة وعرض العناصر الأساسيّة للمناهج الحديثة. تضمّن المبحث الثّاني العوائق المهمّة والمشكلات الّتي تعترض الأساتذة والّتي تحول دون تطبيق الطّرائق النّاشطة. وقد قسمته إلى ثلاثة مطالب، تناولت فيه العوائق الإداريّة والبيئيّة المهمّة الّتي تمنع الأساتذة من تطبيق الطّرائق النّاشطة، والعوائق الأكاديميّة، ودور الإرشاد والتّوجيه في عدم متابعة هذا الأمر. تضمّن المبحث الثّالث عرضًا للطّرائق النّاشطة المهمّة الّتي يمكن أن يستخدمها الأساتذة. وقد تناولت فيه عرض عشر طرائق ناشطة متنوّعة مع أهدافها وكيفيّة استخدامها وانعكاساتها. والخاتمة تضمّنت الاستنتاجات والتّوصيات.
منهجيّة البحث
استخدمت الباحثة في دراسة هذا البحث المنهج الوصفيّ التّحليليّ والمنهج المقارن، ويعدُّ المنهج الوصفيّ التّحليليّ أحد أبرز المناهج المهمّة؛ إذ يقوم بدراسة المشكلات العلميّة من خلال الوصف بطريقة علميّة، ومن ثمّ الوصول إلى تفسيرات منطقيّة لها دلائل وبراهين تمنح الباحث القدرة على وضع أطر محدّدة للمشكلة. فهذا المنهج يقوم على استقراء الموادّ العلميّة الّتي تخدم إشكالًا معيّنًا وعرضها عرضًا مرتّبًا ترتيبًا منهجيًّا، لوصف أبعاد الموضوع، ثمّ تحليلها وفق أهداف البحث ومعطياته. أمّا المنهج المقارن فهو ذلك المنهج الّذي يعتمد على المقارنة، إذ يُبرز أوجه الشّبه والاختلاف بين ظاهرتين. واعتمدت الباحثة هذا المنهج للمقارنة بين المناهج التّربويّة القديمة والحديثة مستعينة بمجموعة من الخطوات للوصول إلى الحقيقة العلميّة المتعلّقة بالموضوع.
مصطلحات البحث
قبل الخوض في معالجة مشكلة البحث، لا بدّ من التوقّف عند بعض المصطلحات والمفاهيم لاستجلاء معانيها ودلالاتها.
طريقة تدريس ناشطة: هي أسلوب أو وسيلة أو أداة للتّفاعل بين الطّالب والمعلّم، بهدف مساعدة المعلّم على استخدام طريقة ناجحة للتّعلّم لتحقيق الهدف من العمليّة التّعليميّة. وتُعرّف من وجهة نظر الإداريّين التّربويّين بأنّها عمليّة تخطيط، ودراسة، وإشراف لكلّ من الأهداف التّعليميّة، والنّشاطات المنهجيّة، والأدوات والموادّ، والوسائل التّعليميّة، والمصادر المرجعيّة، والأدوات التّقويميّة، إذ يكون دور المعلّم فيها دور المخطّط، والمنظّم، والمشرف والمدير، ودور المُشارك والمُساهم، والمُنخرط والمُتفاعل مع كلّ نشاط من أنشطتها وكلّ موقف من مواقفها.( الركابي، 1986، ص 55)
المنهج: “تعريف مرتبط بمفهوم التّربية الحديثة ينطلق من نوايا إعداده، ويتضمّن تحديد الجمهور الّذي يتوجّه إليه، الغايات، الأهداف، المحتوى، نظام التّقويم، الأنشطة والتّأثيرات المُنتظرة من المتعلّمين بالنّسبة إلى تغيير مواقفهم وتصرّفاتهم”.(Ranyal,Rieunier,1996,p:138 ,)
واقع التّعليم: يواجه قطاع التّعليم في لبنان حاليًّا صعوبات جمّة، إذ إنّ الموارد المخصّصة لقطاع التّعليم غير كافية، وهذا ما جاء في تقرير صادر عن اليونيسكو والمركز التّربويّ للبحوث والإنماء، وقد أُنفِق نسبة تقلّ عن 2% من النّاتج المحليّ الإجمالي للبلد على التّعليم، وهي نسبة أقلّ بكثير من الحدّ الأدنى الموصى به، والّذي يُفترض أن يتراوح بين 4% و6%، (المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، 2020، بتصرّف…)
العلوم الاجتماعيّة: يُشير Robert. Nisbet أنّ مصطلح العلوم الاجتماعيّة ينتمي إلى فرع من فروع العلوم الّذي يتعلّق بالسّلوك الإنسانيّ؛ والّذي يشمل جوانبه الاجتماعيّة والثّقافيّة. ويُستخدم أحيانًا للإشارة إلى علم النّفس، وعلم الاجتماع، وعلم السياسة، وعلم الاقتصاد، والتّاريخ، والقانون، وغالبًا ما يضمّ الجغرافيا الاجتماعيّة والاقتصاديّة.(Nisbet، 2019، بتصرف…)
المبحث الأوّل: التّمييز بين المناهج التّربويّة التّقليديّة والمناهج التّربويّة الحديثة:
إنّ التّربية عمليّة تعليم وتعلّم في الوقت نفسه، وبما أنّ أحوال الحياة العصريّة تحتّم على كلّ إنسان أن يتعلّم كلّ يوم، أصبحت التّربية والتّعليم ضرورة لا بدّ منها. لقد “أصبح المجتمع، اليوم، يُعنى بالعمليّة التّربويّة ويهدف إليها ويستعين بها بما شاء من تعليم. كما أنّ الحاجة إلى التّعليم ارتبطت بالمجتمعات واستمرارها وتطوّرها، وهو ضرورة وحاجة ملحّة نتيجة تَقدّم البشريّة في المعرفة، فقد اتّفقت المجتمعات على أهمّيّة التّعليم واعتمدت شتّى السّبل والطّرائق لتحقيقه وتحسينه، وظهرت الحاجة إلى التّعليم بعد القفزات العلميّة الّتي حدثت” (فريحة،2006،ص45). ونظرًا إلى أهمّيّة التّعليم، ظهر الاهتمام بالطّرائق والمناهج. لذلك، لا بدّ من عرض تمييز بين المناهج التّربويّة التّقليديّة والمناهج التّربويّة الحديثة للتّوصّل إلى كيفيّة استخدام الطّرائق النّاشطة.
المطلب الأوّل: مفهوم المنهج القديم
هو مجموعة المعلومات (الحقائق والمفاهيم والمبادئ) الّتي وُضعت على شكل موادّ دراسيّة مُوزّعة على الصّفوف الدّراسيّة والسّنوات الدّراسيّة المحدّدة للمراحل الدّراسيّة (سواء أكانت ابتدائيّة أو متوسّطة أو ثانويّة). وهنا تكون وظيفة المدرسة وهي نقل الموروث الثّقافيّ من جيل إلى جيل آخر من دون أن تهتمّ بواقع الحياة اليوميّة. ورسالة المدرسة نقل الخطوط العامّة لهذا الموروث إلى أذهان الطّلبة، والعمل على إيصال المعلومات بالقوّة والإجبار بلا تأخير أو تلكّؤ، وبالتّأكيد “تعتمد المدرسة على الكتاب المدرسيّ فقط كمصدر من دون أيّ مصدر آخر. وهذا الكمّ من المعلومات يُرتّب بشكل منطقيّ ومتسلسل ضمن المادّة الواحدة، وكذلك تتابع الموادّ عبر الصّفوف الدّراسيّة. ولا يزال هذا المفهوم راسخًا في أذهان المعلّمين بوصف دورهم هو نقل المعلومة من مصدرها إلى عقول الطّلبة ضمن الوقت المخصّص لها. كذلك هذا المنهج يشدّد تركيزه على الاختبارات (التّقويم) على ما يستظهره الطّالب من معلومات ومعارف فقط من دون الاهتمام بالجوانب الأخرى، فهو لا يهتمّ بتحديد جوانب القصور والنّجاح في مكوّنات التّدريس”. (سكاف،2001 ،ص23)
تعرّض هذا المنهج لانتقادات عديدة منها: التّركيز على الجانب (المعرفيّ) للطّالب من دون الاهتمام بجوانب النّموّ الأخرى (المهاريّة والعاطفيّة). كذلك، الابتعاد من الجانب التّطبيقيّ (العمليّ) والاعتماد على التّحفيظ (الجانب النّظريّ)، فهو أعدم دور الطّالب بوصفه متلقيًا سلبيًّا لا يتفاعل أو يُشارك في مجريات الدّرس، فالمعلّم هو المصدر الوحيد للمعرفة؛ وهو يقتل دور المتعلّمين في جعلهم متفاعلين مع الدّرس والمدرّس. ولا بدّ من الإشارة إلى “أنّ المناهج التّربويّة القديمة وضعتها الدّولة اللّبنانيّة في العام 1946، وحُدِّثت في العام 1968 أي بعد 22 سنة، أمّا آخر تحديث للمناهج كان في العام 1997، وهي المناهج التّربويّة الحديثة”(قبيسي،2012 ،ص12).
المطلب الثّاني: مفهوم المنهج الحديث وعناصره الأساسيّة
- مفهوم المنهج الحديث: هو المنهج الّذي ظهر كردّة فعل للانتقادات الّتي وُجّهت إلى المفهوم القديم للمنهج، وساعد على ظهوره العلوم الحديثة، والميل إلى تطبيق المعرفة النّظريّة على أرض الواقع وتطوّر علم النّفس وتقدّم الدّراسات والبحوث في مجال التّربية، واتّساع دائرة الأهداف التّربويّة وشمولها للجوانب الانفعاليّة (العواطف) والسّلوكيّة (المهارات) فضلًا عن الجانب المعرفيّ. “فالمفهوم الحديث للمنهج هو الخبرات التّربويّة كافّة الّتي تقدّمها المدرسة لتعليم الطّلبة سواء داخل المدرسة أو خارجها لغرض مساعدتهم على النّموّ الشّامل في الجوانب الشّخصيّة جميعها؛ وتعديل سلوكهم طبقًا لأهدافها التّربويّة”. (الأمين،2002 ،ص16)
وترى الباحثة أنّ المنهج الجديد لم تُعَدُّ غايته التّلقين والتّركيز على الحفظ والاختبارات بل أصبح يهتمّ بأبعاد نموّ المتعلّم معرفيًّا وعاطفيًّا ومهاريًّا جميعها، فهو لم يَعد مقتصرًا على محتوى الكتاب فقط أو المقرّر الدّراسيّ إذ لم يعد غاية في ذاته، كما كان في القديم، بينما أصبح أحد مكوّنات المنهج الحديث. ويُظهر الجدول التّمايز بين المنهج القديم والجديد:
المنهج القديم | المنهج الحديث |
يقتصر على الكتاب المدرسيّ فقط | الكتاب المدرسيّ جزء من المنهج إضافة إلى الأنشطة والخبرات الّتي يمرّ بها الطّلبة |
ثابت لا يقبل التّعديل | يقبل التّعديل والتّغيير باستمرار |
يهدف إلى تحقيق الكمّ من المعلومات | يركّز على تحقيق الكيف (نوعيّة التّعلّم) |
يركّز على الجانب المعرفيّ فقط | يتعدّى الجانب المعرفيّ للطّالب ليشمل العواطف والمهارات المختلفة |
يهتمّ بالنّمو العقليّ للمتعلّم | يهتمّ بأبعاد نموّ المتعلّم جميعها بشكل متكامل |
يُسيّر الطّالب بمحتواه ويُكيّفه له | يُكيّف المنهج للطّالب ومستواه |
يُعدّه المتخصّصون في المادّة الدّراسيّة | يُشارك في إعداده جميع الأطراف المُؤثّرة والمتأثّرة به |
المعلّم هو المصدر الوحيد للمعرفة | المعلّم يُشكّل جزءًا من مصادر المعرفة |
المصدر: إعداد الباحثة
ب- العناصر الأساسيّة للمناهج الحديثة
قُسّمت المناهج الحديثة (مناهج 1997) إلى أربعة أقسام رئيسة، وهي:
1-الأهداف
2-المحتوى
- طرائق التّدريس النّاشطة
- التّقييم
سنستعرض تعريفًا مختصرًا لكلّ عنصر من عناصر المنهج قبل التّطرّق إلى الطّرائق النّاشطة:
الأهداف العامّة والخاصّة: الأهداف العامّة (البعيدة المدى): وهي تلك “الأهداف الّتي تكون على درجة عالية من العموميّة والشّموليّة وتحتاج إلى وقت طويل لتحقيقها، وعادةً يكون منصوص عليها في النّظام التّربويّ (فلسفة التّربية والتّعليم)، أي أنّها تشتقّ من هذه الفلسفة والّتي بدورها تستند إلى الفلسفة الحاكمة، بهدف تحقيقها خلال مرحلة تعليميّة معيّنة.
أمّا الأهداف الخاصّة فهي نتائج موقف تعليميّ معيّن أي هي المعارف أو المهارات المحدّدة الّتي يُراد تنميتها من خلال تعليم محتوى معيّن في المنهاج” (الخطيب،2001،ص21). إنّ ترجمة الأهداف العامّة إلى أهداف خاصّة تُسهّل عمليّة التّنفيذ والتّقويم المستمرّ لجوانب العمليّة التّربويّة.
المحتوى: إنّ الكتاب المدرسيّ هو الّذي يُساعد على توجيه المعلّم للطّلب إلى المتعلّمين القيام بأنشطة صفّيّة أو لا صفّيّة، أو اكتساب معلومات في مواضيع محدّدة. “فالكتاب المدرسيّ ركيزة أساسيّة للمنهج، يُترجم مفرداته ويُقدّم إطارًا عامًّا للمقرّر الدّراسيّ كما تصوّره واضعو المنهج للمساعدة على تحقيق الأهداف المرغوب بها. لذا، يُتوقّع من الكتاب المدرسيّ الخاصّ بالمادّة الدّراسيّة أن يُقدّم قدرًا من المعلومات والحقائق المُختارة بعناية على أساسٍ علميّ، ومُنظّمة بطريقة تُساعد الأستاذ على إعداد الدّروس وانتقاء طرق التّدريس والوسائل التّعليميّة؛ والأنشطة وأساليب التّقويم الملائمة للطلاّب ما يحقّق الفائدة لكلا الطّرفين كونه يُراعي ما يحتاجه الأستاذ وما ينبغي أن يتعلّمه الطّلّاب” (نصر الله، 2004، ص34). ويجب أن يتضمّن أيضًا أسئلة تدفع الطّالب إلى الاستقصاء لإيجاد أجوبة صحيحة لها. ومن الممكن، أن يطرح إشكاليّة أو تحدّيًا لتفكير المتعلّم. فهذا الكتاب يجب أن يكون المرشد للمعلّم لأنّه يعيّن له المواضيع الّتي سيدرّسها لطلّابه، ويقترح بعض الأنشطة والوسائل الملائمة؛ فيعمل في إطار يحدّد سلفًا ما يسهّل عليه أمر تحديد أهداف الدروس، وأنواع الوسائل التّعليميّة، والوقت المخصّص لدراسة كلّ موضوع.
طرائق التّدريس: يجب أن تركّز “الطّرق التّعليميّة على بناء المعرفة لتُعطي المعلّم دورًا أقرب إلى مهندس تربية؛ أو متخصّص في التّعليم بما أنّها تنطلق من أنّ مهمّته مساعدة تلاميذه على اكتساب المعرفة وليس “تدريسهم” بمعنى تلقينهم، فهو أقرب إلى مرشد، إلى خبير في تنظيم الطّرق والتّقنيات من كونه مُخزّنَ معارف علميّة” (عواضة، 2005، ص40). وعلى المعلّم السّيطرة على ردود فعله وميوله العاطفيّة لكي ينجح في دوره كمُرشد ومنشّط ومُحرّك للتّعلّم.
وتناولت الباحثة في هذا البحث استعراض عشر طرق ناشطة تُعتمَد عالميًّا إذ إنّ الهدف من العمليّة التّعليميّة التّعلّميّة؛ هو السّعي إلى خلق مدرسة تكون منفتحة على محيطها، من خلال استحضار المجتمع في قلب المدرسة، وخلق مدرسة مُفعمة بالحياة بالانتقال من التّدريس السّلبيّ إلى التّدريس الفعّال، ومن التّلقّي إلى التّعلّم الذّاتيّ إلى التّعلّم التّعاونيّ.
التّقييم: تعدّدت تعريفات التّقييم بشكل عام وتعدّدت برامج التّقييم وأغراضه، ومن بين التّعريفات الّتي جاءت في هذا المضمار هي “أنّ التّقييم عمليّة مُنظّمة لجمع وتحليل المعلومات بغرض تحديد درجة تحقيق الأهداف التّربويّة، واتّخاذ القرارت بشأنها لمعالجة جوانب الضّعف، وتوفير النّموّ السّليم المتكامل من خلال إعادة تنظيم البيئة التّربويّة وإثرائها” (الفتلاوي، 2004، ص56). وهكذا كلّ ما نراه من برامج لتطوير العمليّة التّربويّة بكلّ جوانبها سواء أكانت مُتعلّقة بالطّالب نفسه أو بالمدرسة أو بالأسرة، يُتوقّع أن يكون نتاجًا لعمليّة التّقييم. وهناك ثلاث مراحل للتّقييم:
- مرحلة التّقييم التّشخيصيّ: تُشخّص الصّعوبات في بداية السّنة، أو عند استهلال موضوع جديد أو حصّة مُعيّنة، وذلك بإجراء اختبارات أو من خلال أسئلة شفهيّة.
- مرحلة التّقييم التّكوينيّ: في هذه المرحلة، تُعالج الصّعوبات وتعمّق المكتسبات خلال عمليّة التّعلّم، وذلك من خلال استخدام مختلف أنواع الأنشطة التّعليميّة التّعلّميّة (اختبارات، مشاريع، تقارير، ورقات بحثيّة، أسئلة شفهيّة …) وتكون الغاية المتوخّاة من هاتين المرحلتين هي تقييم المتعلّمين بشكل مستمرّ وتدريبهم.
- مرحلة التّقييم التّقريريّ: تحدّد في هذه المرحلة، حصيلة المتعلّم عند نهاية كلّ درس أو محور أو مرحلة مُعيّنة، ويأتي هذا التّحديد من خلال امتحانات واختبارات شاملة تُغطّي الكفايات المطلوبة، وهدف هذه المرحلة هو تقرير الانتقال إلى درس جديد أو محور جديد أو صفّ جديد.
المبحث الثاني: المعوقات الّتي تعترض الأساتذة والّتي تحول دون تطبيق الطّرائق النّاشطة
لقد افترضت الدّراسات الحديثة استراتيجيّات تدريس جديدة لتتلاءم مع متطلّبات المناهج التّربويّة لجعل المتعلّم محور العمليّة التّربويّة، إلاّ أنّ عمليّة تطبيقها من الأساتذة واجهت عدّة عوائق، منها عوائق إداريّة وبيئيّة وأخرى عوائق أكاديميّة.
المطلب الأوّل: العوائق الإداريّة والبيئيّة
تمارس الإدارة المدرسيّة دورًا محوريًّا في عمليّة نشر تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات في مجتمع المدرسة، “وتعتمد عمليّة تطوير التّعليم على الإدارة ومقدرتها على مواكبة التّطوّرات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، ويرى الهاشمي أنّه يجب على الإدارة المدرسيّة القيام بدمج تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات في التّعليم من حيث تأمين الوسائل الملائمة من ألواح ذكيّة؛ وانترنت تمكّن المعلّم من استخدام الطّرائق النّاشطة بطريقة فاعلة. (الهاشمي، 2001، بتصرف….. ).
ومن خلال عمل الباحثة في الميدان التّعليميّ، ترى أنّ العوائق الإداريّة والبيئيّة تتمحور حول النّقاط التّالية:
- بالنّسبة إلى العوائق البيئيّة: تُعاني معظم المدارس والثّانويات الرّسميّة ( خاصّةً)، مشاكل جمّة في تطبيق الطّرائق النّاشطة بسبب عدم توفّر الإمكانات المادّيّة لديها، وتتلخّص في ما يلي:
- عدم توفّر الكهرباء بشكل متواصل.
- عدم توفّر وسائل الإيضاح مثل LCD من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.
- عدم توفّر وسائل التّدفئة الحديثة (الشّوفاج)، في معظم الأحيان، وخصوصًا في الثّانويات الموجودة في الجبال والاعتماد على الوسائل التّقليديّة (الوجاق).
- عدم توفّر المكتبات اللّازمة لإغناء الطّلّاب والأساتذة بالمراجع والمصادر المطلوبة.
- أمّا العوائق الإداريّة فيُمكن تلخيصها في ما يلي:
- عدد الطّلّاب الزّائد داخل الصّفوف.
- عدم تسهيل إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات إلى مجتمع المدرسة، والتّدخّل في الوقت المناسب في أثناء عمليّة التّطبيق، الأمر الّذي يؤدّي إلى تسهيل عمليّة التّفاعل بين المعلّمين، وتبادل الخبرات والتّجارب في ما بينهم، ويساعد على إيجاد بيئة خصبة للمعلّمين للتّعلّم، والتّأمّل في طرق استخدام التّكنولوجيا المتوفّرة في عمليّة التّدريس، إمّا من خلال التّواصل مع المعلّمين أو في أثناء الاجتماعات، أو من خلال التّواصل مع الإدارات العليا ووزارة التّربية، أو مع أولياء الأمور.
المطلب الثّاني: المعوقات الأكاديميّة
يتمثّل دور المعلّم في كونه الميسّر والموجّه للعمليّة التّعليميّة، فهو يضع الآليّة أو الأسلوب المناسب للتّعامل مع المتعلّمين داخل الفصل، من خلال تنويع الأنشطة والاستراتيجيّات التّدريسيّة بما يتلاءم مع الموقف التّعليميّ، وإعطاء التّلاميذ الفرصة للمشاركة وتحمّل المسؤوليّة، والعمل على زيادة الدّافعيّة لدى المتعلّمين، وربط المادّة الدّراسيّة ببيئة المتعلّمين وخبراتهم، ولا بدّ من تهيئة البيئة التّعليميّة للقيام بالأنشطة المختلفة وجعل التّلميذ مكتشفًا ومجرّبًا للعمليّة التّعليميّة.
لتمكين الأساتذة من هذا الأمر، لا بدّ من القيام بدورات تدريبيّة مكثّفة حول طرق استخدام الطّرائق النّاشطة، بما أنّها تعدُّ أدوات مساعدة يستخدمها المعلّم لتحقيق أفضل تعلّمٍ للتّلاميذ، وتشمل الإجراءات جميعها الّتي يتبعها المعلّم أثناء الدّرس من ملاحظة؛ ومتابعة وتقديم تغذية راجعة وتقويم مستوى الطّلّاب من أجل تطوير عمليّة التّعلّم. وهناك عدّة استراتيجيّات مقترحة في هذا البحث عُرِضت في المبحث الثّالث، تساعد المعلّم على إتمام مهمّته على أكمل وجه.
المبحث الثّالث: أهمّ الطّرائق النّاشطة الّتي يمكن استخدامها من الأساتذة:
تتّجه الفلسفات التّربويّة، في الوقت الحاضر، نحو استخدام استراتيجيّات التّدريس الّتي تستند إلى فعاليّة المتعلّم ونشاطه الذّاتيّ، ويتميّز العصر الحالي بالكثير من التّغيّرات والتّحوّلات السّريعة الّتي تستوجب إعادة النّظر في أساليب واستراتيجيّات التّدريس للتّأكّد من مواكبتها للتّطوّرات والمستجدّات المعاصرة. إنّ الفلسفات الحديثة تتمحور حول المتعلّم الّذي يمثّل مركز الفعاليّة، وإنّ المعلومات لا يمكن أن تصبح ذات معنًى عند المتعلّم، إلّا إذا قام بجهد ذاتيّ في سبيل تعلّمها واكتساب خبرات حقيقيّة واقعيّة، فهذه الخبرات هي الّتي توسّع مداركه، وتعينه على حلّ ما يواجهه من مشكلات وتجعله أقدر على حلّها. لذلك، استعانت الباحثة ببعض الاستراتيجيّات المعتمدة عالميًّا لتحقيق أهداف البحث المرجوّة:
الاستراتيجيّة الأولى: إستراتيجيّة KWL
وضعت هذه الاستراتيجيّة Donna Ogle، وعرّفها Perez (2008، ص21) على أنّها استراتيجيّة تتضمّن العصف الذّهنيّ، والتّصنيف، وإثارة الأسئلة الموجّهة، وقد يحدّد فيها الطّالب ما يعرفه من معلومات حول الموضوع، ثمّ يكتب ما يريد معرفته عن هذا الموضوع. وفي النّهاية، يبحث عن إجابات للأسئلة الّتي قام بوضعها. ويمكن اختصارها بالجدول الآتي:
K | W | L | الهدف |
ماذا أعرف؟ | ماذا تريد أن تعرف؟ | ماذا تعلّمت؟ | استرجاع المعلومات المكتسبة من قِبل المتعلّم عن الموضوع المطروح (ماذا أعرف؟)، بالإضافة إلى حثّه على التّفكير والحشريّة حول ما يُريد معرفته (ماذا أريد أن أعرف؟). وبعد الإنتهاء، معرفة مدى اكتسابه للمعلومات الجديدة باستراتيجيّة أخرى (ماذا تعلّمت؟). |
المرجع: (عرام، 2012، بتصرّف)
الاستراتيجيّة الثّانية: فكّر – زاوج – شارك:
هذه الاستراتيجيّة هي فكرة مبتكرة تهدف إلى تعليم الطّلّاب عن طريق منحهم فرصة للتّفكير، وإعمال العقل كبديل رائع للتّلقين. والجدير بالذّكر، أنّ هذه الطّريقة المستحدثة تعود أصولها لفكرة التّعلّم التّعاونيّ، والّذي قام بتطويرها بعد ذلك العالم Frank Lyman في العام 1985. يمكن تلخيصها بهذا الجدول:
فكّر | زاوج | شارك | أهمّيّتها |
تهدف هذه الخطوة إلى إلقاء المعلّم لأحد الأسئلة على طلّابه، وذلك بعد انتهائه من شرح المادّة العلميّة. بعد ذلك، يُعطوا فرصة للتّفكير في الحلّ الصّحيح مع مراعاة أن يُفكّر بشكل فرديّ. وعلى المعلّم أن يوجّه نوعًا معيّنًا من الأسئلة الّتي تستوجب التّفكير لحلّها، وليست أسئلة يجاب عنها بنعم أو لا، فقط. وهذه المرحلة لا تستغرق أكثر من دقيقتين تقريبًا. | في هذه المرحلة، يُقسّم الطّلّاب إلى عدّة مجموعات، بحيث تتكوّن كلّ مجموعة من فردين فقط. وبعدها يتناقش الطّالبان في الإجابات الخاصّة بهما، ويُتّفق على إجابة واحدة فقط، بحيث تكون هي الأقرب للصّواب. وفي هذه الأثناء، يقع على عاتق المعلّم الانتقال بين الطّلّاب ومشاركتهم أفكارهم، وتوجيههم للصّواب. تحتاج هذه المرحلة إلى خمس دقائق. | يطلب المعلّم من كل ثنائيّ مكوّن من طالبين، أن يقوما بطرح إجابتهما بصوت مرتفع على باقي زملائهم. وبعدها، يقوم المعلّم بتسجيل هذه الاجابات المختلفة على اللّوح المدرسيّ المخصّص للكتابة، كي يعرف جميع الطّلّاب الأجوبة الصحيحة لحلّ الأسئلة السّابقة. | حثّ تفكير المتعلّم، من ثمّ مشاركة أفكاره مع زميله مباشرة ومن ثمّ مع المجموعة ككلّ. تراعي هذه الطّريقة الفروقات الفرديّة، يُمكن استخدامها في تحليل النّصوص والمستندات على جميع أنواعها. (المهمّ في هذه الاستراتيجيّة الالتزام بالوقت). |
الاستراتيجيّة الثّالثة: إستراتيجيّة “جيكسو”:
هي من أشكال التّعلّم التّعاونيّ المهمّة نسبةً إلى دورها الإيجابيّ في مساعدة الطّلبة على المشاركة الفاعلة في الأنشطة الصّفيّة والمهمّات التّعليميّة التّعلّميّة. وقد أنشأت هذه الاستراتيجيّة من Slavin العام 1978. وتجري هذ الاستراتيجيّة على النّحو الآتي:
المرحلة الأولى: اختيار مجموعة الخبراء من خمسة طلّاب من المجموعات الخمس، وتوزيع المحتوى التّعليميّ للدّروس من خلال مهمّات تعليميّة. على كلّ طالب في المجموعة الواحدة، بحيث يعدُّ كلّ طالب خبيرًا في الجزء الّذي يدرسه، من خلال الاستعانة بالمصادر والكتب. |
المرحلة الثّانية: يقوم الخبراء الّذين درسوا المهمّة التّعليميّة نفسها بالالتقاء للمناقشة والحوار، والفهم والإدراك المتكامل للمحتوى التّعليميّ. ومقارنة الملاحظات الّتي جُمعت من قبل الخبراء في ضوء التّغذية الرّاجعة من طلّاب المجموعات، لتنقيتها من الأخطاء قبل تدريسها للطّلبة في المجموعات المتعدّدة. |
المرحلة الثّالثة: يقوم الطّالب الخبير بعد الانتهاء من المرحلة الثّانية، بإعداد تقرير مفصّل حول المهمّة التّعليميّة الّتي تخصّه، ليكون خبيرًا تعليميًّا في شرح وتوضيح وتحقيق النّتاجات التّعليميّة للمحتوى التّعليميّ الذي يدرسه، ومن ثمّ يرجع الطّالب الخبير إلى مجموعته ليدرّس الجزء الخاصّ من مهمّته التّعليميّة لطلبة مجموعته. |
المرحلة الرّابعة: وفي أثناء تنفيذ الطّالب الخبير للمهمّة التّعليميّة، يعمل على توجيه وتعديل وتصحيح مسار عمل مجموعته، وتنمية مهارات التّواصل والتّعاون بين أفراد المجموعة، ومتابعة نشاط كلّ طالب ومدى اندماجه ومشاركته الإيجابيّة في تنفيذ المهمّات المطلوبة من المجموعة، والعمل على زيادة فعاليّة عمل طلّاب المجموعة من خلال التّعزيز والتّغذية الرّاجعة. |
هدف الاستراتيجيّة: رفع مستوى تفكير الطّالب إلى المستويات العليا للتّفكير حسب بلوم، ففي هذه الاستراتيجيّة يقوم الطّالب بالقراءة والفهم والمناقشة والتّطبيق والتّحليل والتّوليف. |
أهمّيّتها: هذه الاستراتيجيّة تُعتبر محفّزًا للطّلّاب لإنتاج المعرفة وليس تلقّيها، ويُمكن استخدامها في اللّغة العربيّة وفي موادّ العلوم الاجتماعيّة كافّة؛ ولا سيّما الاقتصاد والاجتماع والفلسفة والجغرافيا والتّربية، كذلك يُمكن استخدامها في شرح دروس القواعد في اللّغة العربيّة (مثلاً الفعل اللّازم والفعل المتعدّي). |
المرجع: (Adams, 2016)بتصرف
الاستراتيجيّة الرّابعة: إستراتيجيّة القبّعات السّتّ:
قبّعات التّفكير السّتّ: هي من الأساليب المهمّة؛ ومن طرق تنمية الإبداع في تحسين التفكير الإبداعي، وتساعد قبّعات التّفكير السّتّ على منح عمليّة التّفكير قدرها من الوقت والجهد، وترتكز العمليّة الإبداعيّة على أمر مهمّ جدًّا، وهو نمط التّفكير عند الإنسان وأسلوب تعامله العقليّ والفكريّ مع مجريات الأحداث المختلفة. وضع هذه الاستراتيجيّة الطّبيب البريطانيّ ” إدوارد دي بونو” الّذي عدَّ أنّها أداة فعّالة في تغيير طريقة تفكير المعلّم والمتعلّم، وتقوم على النّقاش الّذي يسمح للفرد بتبديل نمط تفكيره إلى ستّة أنماط لحلّ المشكلة الّتي تواجهه. ومن دلالات القبّعات السّتّ حسب ألوانها:
القبّعة البيضاء | تشير إلى التّفكير الحياديّ والموضوعيّ، وتمثّل التّفكير الرّقميّ الّذي يؤمن بلغة الأرقام والوثائق والإثباتات. يبحث الفرد الّذي يرتدي هذه القبّعة عن المعلومات ويجمعها ولا ينتقد أو يصدر أيّ نوع من أنواع الأحكام المسبقة. ومن الأسئلة التي يوجّهها صاحب القبّعة البيضاء:
1- ماذا يتوفّر لديّ من معلومات عن الموضوع؟ 2- ما هي المعلومات الّتي يجب أن أبحث عنها؟ 3- ما هي المعلومات النّاقصة والّتي يجب أن استكملها؟ 4- ما هي الأسئلة الّتي يجب أن أطرحها بشكل محدّد؟ |
القبّعة الحمراء | تمثّل نمط التّفكير العاطفيّ الّذي يفعّل العاطفة وخياراتها بشكل أكبر وفي كلّ المواقف. يقوم الفرد صاحب القبّعة الحمراء بعدّة أمور، منها:
1- التّركيز على أيّ موضوع في المشاعر وليس في حقيقة المعلومات. 2- رفض الحقيقة والتّبرير بناءً على استخدام العاطفة. 3- التّحيّز الواضح غير العقلانيّ إلى الجانب الإنسانيّ في أيّ موقف. |
القبّعة الصّفراء | تمثّل نمط التّفكير المتفائل الحالم الّذي يركّز على الإيجابيّات، إذ يرمز اللّون الأصفر إلى لون الشّمس والتّفاؤل، ويتراوح التّفكير هنا بين نقطتين “المنطق والخيال”، كما أنّها تركّز على تعزيز نقاط القوّة الموجودة وكيفيّة توظيفها في مواقف جديدة.
من الأسئلة الّتي يطرحها الفرد صاحب القبّعة الصّفراء: 1- ما هي الميزات ونقاط القوّة الموجودة في هذا الموضوع؟ 2- كيف يمكن أن أستفيد من هذه النّقاط بشكل إيجابيّ؟ 3- من المستفيد من هذه النّقاط الإيجابيّة؟ 4- كيف يمكن تطبيق النّقاط الإيجابيّة هذه في مواقف جديدة؟ إنّ أهمّ صفة يتّصف بها صاحب القبّعة الصّفراء هي حبّ الإنجاز والنّجاح. |
القبّعة السّوداء | تمثّل نمط التّفكير المتشائم الّذي يركّز على السّلبيّات، فمهمّة صاحبها هي اكتشاف الأخطاء والتّحذير من الوقوع في المخاطر بالاعتماد على الأسباب المبرّرة المبنيّة على الحقائق والمعلومات، إذ يركّز في نقاط الضّعف بهدف معالجتها، ويوضّح أسباب عدم النّجاح والجوانب السّلبيّة فيها. من أمثلة الأسئلة الّتي يطرحها:
1- أين هي نقاط الضّعف في الموضوع؟ 2- ما هو تأثير نقاط الضّعف؟ 3- كيف يمكن معالجة نقاط الضّعف؟ |
القبّعة الخضراء | تمثّل نمط التّفكير الإبداعيّ، الّذي يهتمّ بالبحث عن البدائل الأخرى، والتّفكير بالأمور بطريقة غير مألوفة وجديدة، أو يعطي الكلمات دائمًا مفهومًا معاكسًا ممّا تؤدّي إلى تعديل الأفكار وتطويرها. ومن الأسئلة الّتي تطرحها القبّعة الخضراء:
1- ما هي طرائق جعل الأفكار تتحقّق؟ 2- أيّة طريقة من طرائق تحقيق الأفكار الجديدة أفضل؟ من خصائص الفرد صاحب القبعة الخضراء: الطّموح، امتلاك التّفكير النّاقد والتّفكير العكسيّ، وابتكار مجموعة متعدّدة من البدائل. |
القبّعة الزّرقاء | تشير إلى التّفكير الشّموليّ والنّظرة العامّة، واللّون الأزرق يرمز إلى لون السّماء، إذ يقع كلّ شيء تحت السّماء، فهو رمز القوّة، ويقود التّفكير وصولًا إلى أفضل النّتائج، وتتركّز مهمّته في إرشاد وتوجيه أنماط التّفكير الخمسة الباقية والتّحكّم بها، وتقع على عاتقه مهمّة التّرتيب والتّنظيم ووضع الخطوات وإدارة الحوار وتوجيه النّقاش، ومن ثمّ تجميع الآراء وإعادة بلورتها بشكل نهائيّ. ومن الأسئلة الّتي تطرحها القبّعة الزّرقاء:
1- ما الخطوة التّالية الّتي يجب القيام بها؟ 2- ما هي طريقة تنفيذ الفكرة الجديدة لصاحب القبّعة الخضراء؟ 3- كيف يجب تجنّب الوقوع في المخاطر الّتي حدّدتها القبّعة السّوداء؟ 4- ما هي طرائق الاستفادة من اقتراحات القبّعة الصّفراء؟ |
والفكرة الأساسيّة الّتي يقوم عليها برنامج قبّعات التّفكير، هي ضرورة تدّرب الإنسان على ممارسة كلّ هذه الأنماط أثناء حلّ المشكلات والقضايا العالقة تجنّبًا للوقوع في مصيدة تشويش الأفكار، ويكون ذلك من خلال الممارسة والتّدّرب على تجسيد شخصيّة الإنسان الرّقميّ والعاطفيّ والمبدع والإيجابيّ والسّلبيّ، باختصار… ارتداء قبّعة كلّ نمط ثمّ خلعها لارتداء القبّعة الأخرى وهكذا …، فتبديل كلّ هذه القبّعات وممارسة كلّ هذه الأنماط من التّفكير على حده، يساعد الإنسان على ترتيب أفكاره أكثر وتنظيمها بشكل متوازٍ، فيكفل له الوصول إلى الحلّ الأفضل للمشكلة واتّخاذ القرار السّليم.
هدفها: توجيه تفكير الطّلّاب إلى النّمط الصّحيح من التّفكير حسب الموقف أو المشكلة. فمنهم الإيجابيّ ومنهم السّلبيّ ومنهم العاطفيّ ومنهم العقلانيّ … وسيتعرّف إلى أهمّيّة استخدام أنماط تفكير أخرى مختلفة تساعده في حياته المستقبليّة وليس فقط الأكاديميّة.
أهمّيتها: تُستخدم هذه الطّريقة لجميع المراحل، كذلك يُمكن استخدامها في تحليل النّصوص لاستنتاج مواقف ترتبط بالقبّعات، وطبعًا تُستخدم في الموادّ الاجتماعيّة وخصوصًا الّتي تتضمّن مشاكل معيّنة بحاجة إلى حلول وتقييم واتّخاذ قرار (مثلا: العولمة/ البطالة/ الأنظمة/ النّظريّات الفلسفيّة) (أبو مكتومة، 2016، … بتصرّف)
الاستراتيجيّة الخامسة: إستراتيجية نموذج فراير:
هي أحد مخطّطات التّفكير، وضعه البروفيسور فراير لغرض استيعاب أيّ مفهوم علميّ، يُعبّر الطّلّاب عن هذا المفهوم بلغتهم الخاصّة. يتكوّن هذا المفهوم من أربعة أجزاء تتمثّل في:
هدفها: حثّ الطّالب على التّفكير لاستنتاج مفهوم الوعي وخصائصه والأمثلة الدّالّة وغير الدّالّة عليه من المعلومات المكتسبة لديه (أيّ الانتقال من العامّ إلى الخاصّ).
أهمّيّتها: استخدامها في أنواع التّقييم التّشخيصيّ والتّكوينيّ والتّقريريّ كافّة، بالإضافة إلى تعويد الطّالب على التّخلّي عن الحفظ الببّغائي.
تتلاءم هذه الاستراتيجيّة مع الطّريقة الاستنتاجيّة.
الاستراتيجيّة السّادسة: إستراتيجية خارج وداخل الدّائرة
وقت التّنفيذ: أثناء المراجعة والتّطبيق والتّقييم التّكوينيّ.
هدفها: تبادل الأفكار والإجابات بشكل ممتع.
كيفيّة تنفيذها: يُقسّم الصّف إلى مجموعات زوجيّة ومتساوية لجهة عدد الطّلّاب (حسب عدد الطّلّاب).
فرضًا، إنّ عدد الطّلّاب في كلّ مجموعة هو خمسة طلّاب، يقوم الأستاذ بإعداد خمس بطاقات تتضمّن سؤالاً تقييميًّا مع إجابته مع لائحة بأسماء الطّلبة في المجموعة الأولى، و خمس بطاقات أخرى تتضمّن أيضًا سؤالًا تقييميًّا مع الإجابة وأسماء الطّلبة في المجموعة الثّانية.
يأتي بعدها، تشكيل الدّائرة الأولى للمجموعة الأولى كدائرة صغرى لديها بطاقات الأسئلة المحضّرة من قبل الأستاذ، وتُشكّل الدّائرة الثّانية الكبرى من المجموعة الثّانية الّتي ستجيب مع تحديد الوقت لكلّ مجموعة. عند انتهاء وقت المجموعة الأولى، تُعكس المجموعات بحيث المجموعة الثّانية هي الّتي تختبر والمجموعة الأولى هي التي تُختبر.
كلّ طالب في المجموعة الأولى يُقابله طالب من المجموعة الثّانية، ويطرح سؤاله ويُقيّم الإجابة في الوقت المحدّد، بعدها يتحرّك الطّالب بشكل متتالٍ على أعضاء المجموعة ليجيب عن الأسئلة كافّة. بعدها تُعكس المجموعات. كلّ طالب عليه أن يُجيب على خمسة أسئلة، ومن ثمّ تُجمع البطاقات ويقيّم الطّالب من قِبل الأستاذ. تُناسب هذه الاستراتيجيّة الموادّ والمراحل جميعها، ولكنّها لا تتلاءم مع عدد كبير من الطّلّاب (عشرون طالبًا كحدٍّ أقصى).
الاستراتيجيّة السّابعة: إستراتيجيّة صحّ وخطأ:
هدفها: حثّ الطّالب على التّفكير بسرعة والتّعلّم عبر اللّعب.
كيفيّة تنفيذها: يقوم الأستاذ بإعداد ستّ بطاقات ذات وجهين ملوّنين أخضر وأحمر. الأخضر يُشير إلى الإجابة الصّحيحة والأحمر إلى الإجابة الخاطئة. يقوم الأستاذ باختيار ستّة طلبة ليقفوا مباشرة أمام زملائهم، يُطرح السّؤال من الأستاذ وتُحدّد إجابة الطّالب الصّحيحة أو الخاطئة بحسب اختياره للون البطاقة، أصحاب الإجابات الخاطئة يُستبعدوا ليبقى في النّهاية صاحب الإجابة الصّحيحة ويكون هو المميّز في الأسبوع.
أهمّيّتها: تنمية الدّافعيّة عند الطّلّاب وخصوصًا هؤلاء الّذين لا يحبّون المشاركة أو ذوي المعدّلات المتوسّطة، لذا، عند اختيار المجموعة يجب ألّا تكون عشوائيّة بل منتقاة للطّلبة ذوي مستويات متقاربة.
تُستخدم هذه الاستراتيجيّة كتقييم تشخيصيّ في بداية الحصّة أو تكويني خلال الحصّة أو بعد شرح مفهوم معيّن، وخصوصًا في الموادّ الاجتماعيّة أو القواعد العربيّة.
الاستراتيجيّة الثّامنة: إستراتيجيّة الظّهر بالظّهر Back to Back STR.
هدفها: تطوير مهارات الاتّصال والملاحظة والتّوضيح عند الطّلبة. (أهداف على مستوى المهارات والقيم).
كيفيّة تنفيذها: يُطلب من الطّلّاب معاكسة مقاعدهم إذ يُصبح الظّهر للظّهر. يمنح الأستاذ الوقت الكافي لكلّ طالب ليدوّن سؤالين (الأوّل يطال التذكّر والآخر تحليليّ)، عند انتهاء الوقت المخصّص لوضع الأسئلة، يتبادل الطّالبان الأسئلة، ويُحدّد وقت للإجابة. بعدها يُقيّم الأستاذ الإجابات.
أهمّيّتها: تُعدُّ من الحوافز المعنويّة إذ إنّ الطّالب يأخذ دور الأستاذ في إنتاج السّؤال، بالإضافة إلى تعزيز المنافسة وروح المبادرة بين الطّلبة، وطرد الملل خلال الحصّة.
الاستراتيجيّة التّاسعة: مخطّط فن ( Venn Diagram)
وهي تعود الى اسم الفيلسوف الّذي وضعها جون فن ١٨٨٠ .
طريقة الاستخدام: تستخدم للمقارنة بين فكرتين؛ وقد تُوضع نقاط التّشابه في المساحة المتداخلة، ونقاط الاختلاف في المساحة المتباينة .
أهمّيّتها: التّأكّد من فهم الطّلبة للأفعال الإجرائية ميّز وقارن، وحثّهم على التّفكير لإيجاد نقاط اختلاف وتشابه وليس تعاريف كما يحدث عادةً، ممكن استخدامها في اللّغة العربيّة والعلوم الاجتماعيّة والرّياضيّات. وتُستخدم كتقييم تشخيصيّ وتكوينيّ حتّى يُمكن طرحها في التّقييم التّقريريّ. مثال:
ومن المهمّ أيضًا، أن نلفت اهتمامكم إلى أنّ مخطّطات فن لا تستخدم بكثرة في الحالات الّتي تحتوي على أكثر من ثلاث دوائر، وذلك بسبب صعوبة رسمها ومقارنة النّتائج بينها .
الاستراتيجيّة العاشرة: إستراتيجيّة الأصابع الخمسة:
هدفها: مساعدة الطّالب على التّخلّص من الحفظ الببّغائي وخصوصًا في الموادّ الاجتماعيّة، فقول الطّالب دائمًا عند تسميع الدّرس هي “ما هي الكلمة الأولى”، نعاني منها جميعًا، فهذه الطّريقة تساعده على الفهم وليس البصم من دون فهم.
طريقة تنفيذها: هي رسم لكفّ اليد يكتب عليها المعلّم أسئلة مستخدمًا صيغ (أين – كيف – ماذا – لماذا – متى)، والملخّص في راحة الكفّ، ويُمكن القيام بها كعمل فرديّ أو جماعيّ، عبر رسم الكفّ من الطّالب والإجابة عن الأسئلة ومقارنة الأجوبة بين المجموعات. ويُمكن اعتمادها في بداية الحصّة لاسترجاع معلومات سابقة قبل الانطلاق في الدّرس. تُستخدم غالبًا، في مادّة التّاريخ ( مرحلة من الحرب العالميّة) أو في الاقتصاد (الأزمات الاقتصاديّة العالميّة) أو في تحليل النّصوص العربيّة.
خاتمة واستنتاجات
وفي النّهاية، لا حدود لابتكار استراتيجيّات تعلّميّة لإثارة تفكير الطّالب؛ ورفع مستواه إلى مستويات التّفكير العليا الّتي أشار إليها بلوم Bloom، وقد أشار إلى ستّة أنواع من التّفكير وهي: (المعرفة، الفهم والتّطبيق) مستويات التّفكير الدّنيا، (التحليل، التّركيب، والتّقويم) مستويات التّفكير العليا. ومهمّة هذا البحث توجيه الأساتذة لتمكينهم من مساعدة طلبتهم على الارتقاء بتفكيرهم لمستويات التّفكير العليا. وبناءً على ما ورد في البحث، توصّلت الباحثة إلى الاستنتاجات الآتية الّتي استنادًا إليها، اقترحت عدّة توصيات:
- الفرق الكبير بين المناهج القديمة والجديدة لجهة الشّكل والمضمون والهدف.
- المعوقات الأكاديميّة المتمثّلة بـــ:
- نقص الدّورات التّدريبيّة الّتي خضع لها المعلّمون، وخصوصًا تلك المتعلّقة بالطّرائق النّاشطة والتّقييم التّربويّ.
- عدم توفّر المدرّبين ذوي المهارات العالية لتدريب المعلّمين بالشّكل السّليم، ويعود أسباب ذلك إلى عدم توظيف الشّخص المناسب في المكان المناسب نتيجة المحاصصات والوسائط والفساد الإداري الّذي يجوب وزارة التّربية.
- عدم التّركيز في الدّورات التي حصلت على حاجات المعلّمين والنّقص لديهم، فهي كانت بالمجمل لتغذية جيوب المدرّبين بصرف النّظر عن مدى فعاليّة مضامين الدّورات. ولا بدّ من الإشارة، إلى عدم إلزاميّة هذه الدّورات للجميع ما خلق تفاوتًا في كفاءة المعلّمين وفي أدائهم التّعليمي.
- انعدام الدّافعيّة لدى الأستاذ نفسه في التّقدّم وتطوير نموّه المهني، إمّا لسبب دعمه من جهات حزبيّة وسياسيّة مُعيّنة؛ أو بسبب عدم حصوله على أبسط حقوقه في زيادة الأجور التي عانى منها المعلّمون لعدّة سنوات في سبيل إقرار الزّودة، وما رافقها من إضرابات عامّة للقطاع التّربويّ وخصوصًا الثّانوي الّذي انعكس سلبًا على الطّلّاب.
- الوقت المخصّص للمادّة، والّذي يُعدُّ غير كافٍ في المراحل الثّانويّة جميعها، لتمكين الأساتذة من تطبيق الطّرائق النّاشطة.
- المعوقات الإداريّة والبيئيّة المتمثّلة بالتّقصير الكبير في حقّ الثّانويّات الرّسميّة من الدّولة، من ناحية تأمين أبسط المستلزمات اللّازمة للبيئة الحاضنة، إن لجهة التّدفئة أو حجم الصّفوف أو الإنارة، بالإضافة إلى النّقص الكبير في الوسائل والتّقنيّات التّعليميّة الّتي من المفترض أن تترافق مع ما أتى من نصوص عند وضع المناهج. فمعظم المدارس تفتقر إلى وجود LCD مع ما يتطلّبه من تأمين مولّدات للكهرباء وكمبيوترات وغيرها، خصوصًا بعد ارتفاع أسعار المحروقات، في السّنوات الأخيرة.
- غياب التّنسيق بين الجهات المعنيّة المختصّة بالتّربية؛ والتّعليم أي بين الإرشاد والتّوجيه من جهة والمركز التّربوي للبحوث والإنماء من جهة.
- تقليص صلاحيّات الإرشاد والتّوجيه، وخضوع المُرشد لمزاجيّة الإدارة والمعلّمين للسّماح له بدخول صفّهم أو لا.
توصيات
بعد عرض الاستنتاجات التي توصّلت إليها الباحثة، تقترح عددًا معيّنًا من التّوصيات:
- تعديل مناهج 1997 بما يتلاءم مع التّطوّرات الحاصلة والتّقدّم التّكنولوجيّ والعلميّ.
- تكثيف الدّورات التّدريبيّة بما يتلاءم مع تكنولوجيا التّعلّم.
- تخصيص مبلغ من صندوق الثّانويّة من أجل تأمين المستلزمات اللّازمة لاستخدام الطّرائق النّاشطة.
- إجراء دورات مشتركة بين الأساتذة أنفسهم لتبادل الخبرات والمهارات داخل المدرسة الواحدة.
- تمكين دور الإرشاد والتّوجيه وتكثيف زياراته إلى الثّانويّات للتّحقّق من مسار العمليّة التّعليميّة – التّعلّميّة وانسيابها بالشّكل الصّحيح، واقترحت الباحثة أن تكون الزّيارات فجائيّة من دون سابق إنذار، ووضع تقارير مفصّلة عمّا يحدث داخل الصّفّ لتكون المعالجة الفوريّة.
المراجع باللّغة العربيّة
- أبو الفتوح، رضوان وآخرون. (1994). المدرّس في المدرسة والمجتمع. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريّة.
- أبو مغلي، سميح. (1999). الأساليب الحديثة لتدريس اللّغة العربيّة. مجدلاوي للنّشر والتّوزيع، ط2.
- الأمين، عدنان ومراد جرداق. (2002). تقييم المناهج التّعليميّة في لبنان – مكوّن تقييم الكتب المدرسيّة. بيروت: المركز التّربوي للبحوث والإنماء، مكتب اليونسكو الاقليميّ للتّربية في الدّول العربيّة، برنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ، الهيئة اللّبنانيّة للعلوم التّربويّة.
- الجمهوريّة اللّبنانيّة. (1997). تحديد مناهج التّعليم العامّ ما قبل الجامعيّ وأهدافها. بيروت: الجريدة الرّسميّة، مرسوم 10227،1/5/1997، (ص6-768)
- الخطيب، عايدة. (2001). المناهج التّعليميّة في لبنان مقترحات أوّليّة للتّعديل ومتطلّبات التّطبيق. وقائع المؤتمر التّربوي الثّاني. بيروت: قصر الأونسكو.
- الرّكابي ، جودت. (1986). طرق تدريس اللّغة العربيّة. دمشق: دار الفكر، ط2.
- الزّبيدي، خولة. (2002). أساليب التّعليم والتّعلّم الحديثة. الرّياض: مركز البحوث.
- السّكران، محمد. (1989). أساليب تدريس الدّراسات الاجتماعيّة. عمان: دار الشّروق.
- العرجا، نبيلة. (2006). التّربية الوطنيّة – مناهجها وطرائق تدريسها. بيروت: دار الفكر اللّبنانيّ.
- الفتلاوي، سهيلة كاظم. (2004). كفايات تدريس الموادّ الاجتماعيّة بين النّظرية والتّطبيق. الأردن: عمان، دار الشّروق للنّشر والتّوزيع.
- الهاشمي، مجد هاشم. (2001). الإعلام الكونيّ وتكنولوجيا المستقبل. الأردن: عمان، دار المستقبل.
- بدران، إلهام. (2008-2009). محاضرات في تعلّم وتعليم الجغرافيا لشهادة الكفاءة للتّعليم الثّانوي. بيروت: الجامعة اللّبنانيّة، كلّيّة التّربية، العمادة.
- حمود، رفيقة. (2001). إعداد المعلّمين في البلدان العربيّة. وقائع مؤتمر الهيئة اللّبنانيّة للعلوم التّربويّة. بيروت: مطبعة المركز التّربويّ.
- حميدة، فاطمة إبراهيم. ( 1996). الموادّ الاجتماعيّة (أهدافها، محتواها واستراتيجيّات تدريسها). القاهرة: مكتبة النّهضة المصريّة.
- خصاونة، سهام محمود. (2010). الإدارة الصّفيّة منحى إنسانيّ أخلاقيّ. الأردن: دار المناهج.
- رشدي لبيب وآخرون. (1983). الأسس العامّة للتّدريس. بيروت: دار النّهضة العربيّة.
- سكاف، أسعد. (2001). المناهج التّعليميّة في لبنان، مقترحات أوّليّة للتّعديل ومتطلّبات التّطبيق. وقائع المؤتمر التّربوي الثّاني. بيروت: قصر الأونسكو.
- أبو مكتومة، صفاء.(2016). أثر توظيف استراتيجيّة القبّعات السّتّ في تنمية مهارات الفهم. غزّة: الجامعة الإسلاميّة.
- عرام، ميرفت سليمان.(2012).أثر استخدام استراتيجيّة W.L في اكتساب المفاهيم ومهارات التّفكير النّاقد في العلوم لدى طالبات الصّفّ السّابع الأساسيّ، رسالة ماجستير، غزّة كلّية التّربية، الجامعة الإسلاميّة.
- عقل، أنور. (2002). تطوّر تقويم أداء الطّالب. بيروت: دار النّهضة العربيّة.
- عواضة، هاشم. (2005). التّخطيط في التّعليم – الّتعلّم. دليل المربّي في الأهداف والطّرائق والتقييم، الطّبعة الثانية. لبنان: شركة المطبوعات للنّشر والتّوزيع.
- فريحة، نمر. (2006). التّربية الوطنيّة – مناهجها وطرائق تدريسها. بيروت: دار الفكر الّلبنانيّ.
- قبيسي، حسّان. (2012). النّظام التّعليميّ في لبنان. بيروت ،لا.م.
- مصطفى، ابراهيم وآخرون. (1405ه). المعجم الوسيط ( الجزء الثّاني). القاهرة: مجمع اللّغة العربيّة.
- نصر الله، عمر عبد الرحيم. (2004). تدني مستوى التّحصيل والإنجاز المدرسيّ أسبابه وعلاجه. عمان، الأردن: مطبعة دار وائل للنّشر.
المراجع باللّغة الأجنبيّة
- Robert A. Nisbet. (2019),Social Science, britannica
- Raynal, Francoise et Alain Rieunier.(1996), Pedagogie:Dictionnarie des concepts cles, Apprentissages, formation et psycologiec ongnitive. Paris: E.S.F
- Adams,F.(2016). Using jigsaw technique as an Effective Way of Promoting Cooperative Learning among Primary six pupils in Fiji, International journal of Education and Practice, 1(6),64-74.
المراجع عن المواقع الإلكترونيّة
- عيد، رضوان. (2010). الإدارة الصّفّيّة الفاعلة. عن الموقع الألكترونيّ:edurapedia.iUaf.net
- Hester,Tyler, (2013), 7 Tips for Better Classroom Management. Received from: www.edutopia.org,Retrieved2018.
دكتوراه تربية- تعليم الاقتصاد خريجة الجامعة اللبنانية- المعهد العالي للدكتوراه في العام 2020- مدربة سابقة في كلية التربية في العام 2018-[1]
PhD in Education- Economics Education- 2020 from Ecole Doctorah- Trainer at College of Education- Lebanese University 2018 -iman.ah.yehya@hotmail.com