فنّ المنمنمات الهنديّة في العصر الإسلامي
(نشـأته ـ تطوره ـ وظاهرة التأثر والتأثير)
The art of indian miniatures in the Islamic era
(Its origins ،Developments ، and the phenomenon of influence and impacted.)
Nada Thawqan Slimندى ذوقان سليم([1])
الملخص
ينطلق البحث من مرحلة ظهور الإسلام كدولة، والمؤثرات الثّقافيّة الفنيّة التي تركت بصماتها ومؤثراتها على الفنون الإسلاميّة التي بدأت تظهر تباعًا، كرسومات وزخارف، ونقوش، ومنحوتات، ومنمنمات. وهنا نقصد المؤثرات البيزنطيّة والساسانيّة على وجه التّحديد، إلى أنّ تتحول دمشق عاصمة إسلاميّة جديدة، لتتبلور فيها الهوية الإسلاميّة في الفنون، على مراحل عديدة.
بعدها يعرّف البحث ماهية المنمنمات، والمناخات العامة والخاصة التي قادت لإنجاز هكذا نوع من الفنون، وتحديدًا دور المنمنمات في مرافقة الكتب، ليكون لها دور إيضاحي، وتعبيري مكمّل.إلى أن نصل لخصوصيات المنمنمات بين ما هو عثماني، وعربي، وسلجوقي، وفارسي، وهندي…
يطال البحث الجوانب التقنية التي يتحقق بها انجاز المنمنمات من المسطحات الورقية وجلد الغزال إلى فرشاة الرسم وانواع الالوان. بعد ذلك نتوسع في تاريخ المنمنمات الهندية، والمؤثرات الفارسية فيها، لنتناول المواضيع التي تحملها، والخاصيات اللونية، والزخرفية، كذلك حضور الفن الهندي كرافد من روافد المنمنمات الإسلاميّة، تقنيًّا، وثقافيًّا.
الكلمات المفتاحية: الفن – المنمنمات المنمنمات الإسلاميّة الفنّ الإسلاميّ – الفنّ الهنديّ – الفنّ الهنديّ الإسلاميّ.
Abstract
The research begins with the emergence phase of Islam as a country and the artistic cultural influences that left their marks and influences on Islamic arts that began to appear gradually such as drawings, decorations, engravings, sculptures, and miniatures. And here we specifically mean the Byzantine and Sasanian influences until Damascus became the new Islamic capital where the Islamic identity developed gradually in the arts over several stages. Afterwards, the research defines the miniatures and the general and specific context that led to such an achievement in arts, especially the role of miniatures in accompanying books which has an explanatory and complementary expressive role. Until we reach the specificities of miniatures between Ottoman, Arabic, Seljuk, Persian, and Indian… The research covers the technical aspects that are involved in the creation of the miniatures from the paper and deer skin to brush and types of colours used. After that there is an expansion on the history of Indian miniatures, and the Persian influences on them to discuss the subjects related to it, as well as the colours and decorative characteristics. In addition the presence of Indian art as of one of tributaries of the Islamic miniatures technically and culturally, is examined.
Keywords: Art- Miniatures- Islamic Art- Indian Art- Islamic Miniatures- Indian Islamic Miniatures
المقدّمة
كان ظهور الإسلام فاتحة عهد جديد عظيم الشأن في تاريخ العالم، وكانت المقاطعات البيزنطية المقهورة والامبراطورية الساسانية القديمة، قد خلّفت تراثًا ثقافيًّا وفنيًّا ترك بصماته في العالم الإسلامي لعدة قرون من الزمان.
إن هذا التراث المزدوج كان ضروريًّا، وكانت أهميته في البدء توازي التأثير الذي مارسه الفكر السّامي، ثم من بعده الدور الذي أدّاه الأسلوب اللاشخوصي للشرق. إن هذه الاتجاهات المتنوعة، التي توحدت بفضل التبني الشّمولي للخط العربي، بشكل أو بآخر، لقد أضحى أكثر من أي شيء سواه العامل الذي جعل لفنّ العالم الإسلاميّ أسلوبًا مميزًا تطابق انتشاره مع مقتضيات الإيمان؛ وليس بتلك التي تحمل في طياتها أيّ من العناصر العرقيّة أو السياسيّة. (الفنّ الإسلاميّ، دايفد تالبوت رايس، المؤسسة العربية لدراسات والنشر، 2002، ص11)
في ظل الأوضاع الحضريّة للإسلام، كان لا بد إذًا من اختيار عاصمة جديدة، وأسلوب جديد في الحياة، يتواءم والمتغيرات التي أصبحت ضروريّة لكيان الدّولة. في مدى قرن من الزمان، تأسست هذه العاصمة الجديدة، في دمشق، في ما يعرف اليوم بسوريا. وفي هذه الرقعة بالذّات حدث التّطور الأكبر للفنّ الذي يحق تسميته بالإسلاميّ. فهو في أول أطواره اتخذ اسمه من اسم أول الدولة في الإسلام، وهي الدولة الأموية التي احتضنته. وقد استمر حتى العام 750 للميلاد حين انتقلت هذه العاصمة من سوريا الى بلاد الرافدين، وتولّت زمام السّلطة دولة جديدة هي الدولة العباسيّة ومنذ ذلك الحين، تطور سريعًا أسلوب جديد بفضل رعاية الخلفاء الشّرقيين. (المرجع السابق، ص 13).
ما مِن فنون تُخلَق من العدم، حتى تلك الأصيلة سيتخللها بصمات ثقافات أخرى. في هذا الإطار يمكن القول إن التراث يتماهى مع الأصالة، بوصف الأخيرة مظهر من مظاهر الهوية الثقافيّة التي ترتكز على المحلّية، بينما التراث بمفهومه الشامل يخص الإنسانيّة جمعاء في كلّ زمان ومكان، فالتراث هو الأشمل، والأصالة جزء منه، وعندما نخصص التراث بقولنا العربي أو اليوناني، فهذا التخصيص يبدو مغاليًّا فيه، إذ من المعروف أنّه لا وجود لبيئة ثقافيّة مستقلة تمامًا عمّا يحيطها من ثقافات أخرى، ومن المعروف أنّ التّراث الفرعوني قد أثّر في التراث اليوناني، وأنّ التراث اليوناني قد أثّر في التّراث العربيّ والإسلاميّ، فكل تراث محلّي لا بد وأن يكون متفاعلًا مع تراث سابق أو مجاور ومؤثر به، ولا وجود لتراث مستقل تمامًا. (من التأسيس الى الحداثة في الفنّ التّشكيليّ العربيّ المعاصر، محمد أبو زريق، منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمان 2000، ص 151).
حين نتكلم عن الفنون، خاصة الإسلاميّة منها، فنحن نتحدّث عن مروحة واسعة من التّمظهرات والتّجليات، مثل رسم وزخرفة وخطّ، من مقابض السّيوف إلى الدّروع، والحليّ، وجدران المساجد، والقباب، وشواهد القبور، وصولًا حتى الرّسومات المرافقة للنصوص، والتي برع بها الواسطي كاسم بارز في التراث الإسلاميّ.
كانت المنمنمات جزءًا متأخرًا، وملحقًا بتلك الفنون، لكنها حين حضرَت، بنت لنفسها خطًا، وتفرعت منه أساليب ومدارس، وكانت المنمنمات الهندية واحدة من تلك التّجليات، متأثرة بالمنمنمات الفارسيّة، ومؤثرة كذلك.
1- أهمية البحث: تمكن أهمّية الدّراسة في كونها تسلّط الضوء على جانب آخر من جوانب فنّ التّصوير الإسلاميّ؛ وخاصة المنمنمات الإسلاميّة الهنديّة التي شكلت جزءًا من التراث الإسلاميّ، من خلال تلمّس الحقائق التي يعكسها الفكر الإسلاميّ على طبيعة النتاجات الفنية، وتأثر هذا الفنّ بطريقة غير مباشرة بحضارات أخرى خلال توسّع الفتوحات الإسلاميّة، إضافة إلى أنّ الصورة الفنيّة (المنمنمة)، كانت وماتزال من أبرز وسائل الاتصال والتّعبير التي اعتمدتها البشرية، وهي توفر ميدانًا خصبًا لبحوث الاتصال، وهذا ما سعينا الى استثماره من خلال هذه الدراسة التي اهتمت بما يمكن أن نسمية الاتصال الفني عبر الصورة.
2– هدف البحث : يهدف هذا البحث إلى :
– الكشف عن فاعلية التأثر والتأثير في المنمنمات الإسلاميّة ، والإسلاميّة الهنديّة .
-دراسة القيم الفنية المميزة للمخطوطات الإسلاميّة؛ والكشف عن التقنيات والأساليب المستخدمة في فن تصوير المنمنمات الإسلاميّة .
3- فرضيات البحث : من الممكن أن يصل البحث إلى :
_ استخلاص الأبعاد الجمالية والفلسفة المشتركة بين مدارس التصوير الإسلامي، ومساهمته في إنتاج أعمال فنيّة تتصف بالأصالة والمعاصرة في مجال التّصوير .
-ما الأثر الذي تركته المنمنمات الهندية على ازدهار المنمنمات الإسلاميّة ؟ أكان هذا الفن المبتكر تقليدًا ، أم تجديدًا وامتدادًا لفن قد خطا خطواته الأولى ؟ أم فنًا قائمًا بحد ذاته يرتبط بالدّيانة الإسلاميّة ارتباطًا له خصوصيّة عقائدية متصلة بالإسلام ، وبماذا تزخر المنمنمة الإسلاميّة ؟ وما هي مميزاتها وعّلة خلودها ؟ و ما السّحر الدّفين أو الكامن وراء ابداعاتها ؟
4-منهج البحث : اعتمد الباحث المنهج الوصفي التّحليلي في المنمنمات الإسلاميّة الهندية من خلال قراءة تحليلية لبعض النّماذج المختارة منهما، بالإضافة إلى دراسة الرؤية الفلسفيّة العقائديّة التي مثلت السّياق الفكري للفن الهنديّ الإسلاميّ بشكل عام، والالتزام في تناول فن المنمنمات بملحق شكليّ جمالي يهتمّ بلغة الشكل وقابليتها للتغير والتطور، وذلك للتعرف الى الرؤية الجماليّة الكافة وراء العناصر التشكيليّة للعمل الفني و تناغمها في علاقات إبداعيّة جديدة .
فن المنمنمات: المنمنمات هي إحدى الفنون التقليديّة في البلدان الإسلاميّة، وبعض البلدان الآسيويّة والأوروبيّة، والمنمنمة هي صورة فنيّة صغيرة الحجم، رسمت في كتاب من أجل توضيح المضمون الأدبي أو العلمي أو الاجتماعيّ أو غير ذلك من الموضوعات التي حفلت بها الكتب والمخطوطات في العصور الوسطى، وتُعدّ المنمنمات صورًا تسجيليّة للحياة والبيئة والعادات والمعتقدات والطقوس والأحداث التّاريخيّة والعمارة والزيّ والفنون، فضلًا عن قيمتها الفنيّة التي تطورت عبر التاريخ.
ويشبه تصوير المنمنمات التصوير بألوان الغواش، ويمكن استعمال الألوان المائيّة في تصويرها، ويُعدُّ ورق (رق الغزال) المعروف باسم «برجامين» من أفضل السّطوح المناسبة لرسم المنمنمات إضافة إلى العاج وبعض أنواع الألواح الخشبيّة والورقيّة النّاعمة والزجاج، وهي تُرسم بخطوط ناعمة خفيفة ثم تكسوها الظلال والألوان المائية والمذهبة.
كان لصناعة الورق التي انتشرت في العصر العباسي الأثر الواضح في فّن تصوير الكتب والمخطوطات، فقد استعيض عن الرّقاق التي كانت مستعملة بالورق الذي أُدخلت صناعته عن طريق سمرقند بعد انتشاره في الصين، فوجد فيه النّاسخون العرب حقلًا رحبًا لإبداعاتهم الكتابيّة والتّصويريّة.
مدرسة التصوير الأولى: في نهاية القرن السادس الهجري- الثاني عشر الميلادي تكونت أول مدرسة للتصوير العربي في بلاد الرافدين وأقدمها، ومن المرجح أنّ هذه المدرسة نشأت أول الأمر في شمالي العراق، وكان مركزها غالبًا مدينة الموصل التي نشطت في ترجمة المؤلفات اليونانيّة في علوم الطب والطبيعة والنبات والحيوان، ثم تكونت بعد ذلك في القرن السابع الهجري- الثالث عشر الميلادي مدرسة تصوير أخرى في بغداد، كما تكونت أيضًا مدارس في ديار بكر وماردين وحلب وهي مراكز حكم بني أرتق، مع أنّ مراكز إنتاج هذه المدرسة الرافدية كانت في أملاك السّلاجقة، فقد كانت عربيّة أكثر منها إيرانية، كما يظهر في أسلوب بعض صورها التأثر بصور المخطوطات البيزنطيّة.
نشأت في بلاد الشام ومصر مدرسة مملوكية لتصوير الكتب؛ والمخطوطات في الوقت الذي انحسرت فيه مدرسة الرافدين عقب الدمار الذي لحق بالعراق على أيدي المغول، واستمر ذلك حتى نهاية القرن الرابع عشر.
هكذا لاحظنا تنوّع الجذور، وتعدّد المسارات، لنصل إلى مرحلة المنمنمات وتمظهره كفن ناضج، متكامل، غنيّ بالرموز، حاملًا الرسائل المباشرة، وتلك الميتافيزيقيّة الغنيّة بالإيحاءات القرآنيّة، والممتزجة بثقافات البلاد التي رُسمت فيها تلك المنمنمات، ولذلك نتكلم عن منمنمات عربيّة، وفارسيّة، وهنديّة.
تعريف فن المنمنمات: فن المنمنمات، هو صورة تشكيليّة مصغرة، بالرّسم المصغّر، هو أسلوب فني تقليدي مفصل للغاية، فغالبًا ما يشار إلى الرسم أو العمل في “المنمنمات” فترسم الصورة لتكون ذات سطح أملس بقدر الإمكان، فيقال أيضًا إنّ فن المنمنمات يتأثر كثيرًا بميداليات روما القديمة، إذ يمكن إرجاع فن المنمنمات إلى المخطوطات المصريّة القديمة، على ورق البردي، وغالبًا ما يستخدم الرّهبان فنّ المنمنمات المصغر المبكر، ومخطوطاتهم المزخرفة، بصورة جميلة مثل كتاب كيلز، وإنجيل ليندسى فون الإنجليزي، إذ تحتوي بعض المخطوطات المبكرة على الرّسومات المصغرة، المرتبة بصورة جميلة من الزّهور بالحجم الطبيعي على حدودها، فهو نوع يركز على الفن، وخاصة الرسم والنقش والنحت، وله تاريخ كبيرة إذ يعود إلى العصور الوسطى، فهو الفنّ المصغر، لأنّه حجم القيمة الفنيّة، أقل من 25 بوصة مربعة، أو تقريبًا 100سم2.
بدأ الرسم المصغر (المنمنمات) بدافع الضرورة من أجل توضيح الوثائق، والمخطوطات من أجل أن تساعد أولئك الذين يقرأونها فى الوقت الذي لم يكن فيه الكثير قادرين على فعل ذلك، فقبل اختراع الطابعة، ساعد فن المنمنمات في نقل، قصة ومعانيها المكتوبة، لذلك، يرتبط فن المنمنمات ارتباطًا مباشرًا بفنون الكتاب، فقُطِعت الزّخارف ذات الأحجام المختلفة، من هذا الكتاب، أو المستندات إذ يمكن حملها بسهولة، ثم طُوِّر فنّ المنمنمات من المنمنمات المحمول، وكُلِّف فنانو المنمنمات الشّخصيّة برسم صورة صغيرة، إذ إنّ اللوحات استُخدِمت لأنّنا نستخدم صورًا بحجم المحفظة اليوم، وقد أصبحت هذه الأحجام من اللوحات المصغرة شائعة، لدى هواة جمع التّحف والانتيكات، وغالبًا ما يُشار إليها باسم (المنمنمات المحمولة باليد).
غالبًا ما يُخلط بين فن المنمنمات، وبعض الأعمال الفنيّة المصغرة التي لا تشير إلى فنّ المنمنمات بأيّ صلة، فهما وصفًا مختلفان منفصلان للغاية، في الرّسم المصغر هو شكل فني غني جدًا بالتّاريخ الذي يستمر حتى اليوم، من الفنانين جميعهم في أنحاء العالم، إذ إنّه يجب الحفاظ على الصفات الزّخرفيّة الجميلة، للمنمنمات سواء أكانت من القطع الكبيرة المعقدة أو الأعمال اليدويّة الحميمة.
للمنمنمات خصائص عدّة أهمها :
- هي رسومات ذات أحجام صغيرة، مشغولة بأدقّ فرشاة، على ورق مسطح وأملس.
- المنمنمات مكتملة الشروط الفنية لناحية الكتلة والظل والنور، إنّما بأبعاد حرّة، أيّ أنّها أقرب للواقعيّة، ولو حملت أفكارًا متخيلة للملائكة، ونور الوحي، وما شابه.
- لا يمكننا إدراج العمل الفنيّ ضمن خانة المنمنمات إنّ لم يكن يحمل الكثير من الزّخارف، لتكون تلك الزخارف شرطًا في هوية المنمنمة.
فن المنمنمات الإسلاميّة: تتميز المنمنمات بروعتها البصريّة، حدّ الدّهشة، لما تتضمنه من دقّة، وصغر، وزخارف متنوعة، تشي أن العمل قد تطلب أسابيع أو أشهر لتبلغ هذا المستوى من الاحترافيّة، ولذلك نستطيع عدّ المنمنمات الإسلاميّة أنضج تمظهر للفن الإسلاميّ، وكأنّه نتيجة للتراكمات والتجارب كلها.
لم تكن الفكرة وراء الرسم المصغر هي إنشاء أعمال فنية، عظيمة ليراها العالم بأسره، مثل تلك المنفذة في كاتدرائيات بتوقيع كبار الفنانين الإيطاليين، إنّما كان الهدف إنتاج عمل فني شخصي، يمكن للمرء أن يحمله معه ويفحصه، عندما يشعر بذلك. كان حكام المسلمين يتنقلون قليلًا ويقودون الجنود، إلى المعركة ويتحققون من حالة ممالكهم، لذلك كان من المنطقي بالنسبة إليهم، القيام بأعمال صغيرة يمكنهم حملها، معهم بدلًا من الأعمال الكبيرة، إذ إنّ عمل الفنانين الذين ابتكروا لوحات مصغرة بشكل عام، ورسمو بالونات مائيّة، باستخدام فرش شعر سنجاب، ثم أُضيف إليها الطلاء ثم حُضِّرت الأصباغ من المواد النباتية، والمعدنية، والحيوانية، مثل الذهب والفضة واللازورد وعرق اللؤلؤ، وخُلِطت مع وسيط ربط مثل الصمغ، لتخرُج لنا عملًا فنيًّا مذهلًا)بروان ؛ برسي : فن الرّسم الهندي في عهد المغول،الموسم، مجلة فصليّة؛ مصورة تعنى بالآثار، دائرة المعارف الهنديّة؛ العددان 73-74، ص117).
أنواع المنمنمات: يوجد الكثير من أنواع المنمنمات، ولكل منها بصمة وهوية، تتجسد بطريقة الرسم، وقوة الألوان، وتنوع المواضيع، وأشكال الزّخارف. فمنها عربيّة وإيرانيّة ومنها صينيّة ومنها سلجوقيّة ومنها هنديّة ومنها تركيّة، وهناك العديد من مدارس المنمنمات فهناك المدرسة البغداديّة والمدرسة المغوليّة والمدرسة التّيموريّة والمدرسة الصفويّة والمدرسة المملوكيّة والمدرسة الهنديّة. هكذا نلاحظ أنّ تنفيذ تلك الأعمال الفنيّة في ظل الحكم الإسلاميّ، لم يمنع من الحفاظ على شخصية كلّ بلد، وهو أمر يثري التّجربة، ويعطيها عمقًا تستحقه.
نشأة فن المنمنمات الإسلاميّة: استخدم العرب مواد مختلفة للكتابة قبل صدر الإسلام، كاللخاف وهي الحجارة العريضة الرقيقة البيضاء، وعسب النّخل وهي الجريد، وأكتاف الإبل والغنم، والكرب وألواح الخشب والمهارق وهي صحف بيضاء من القماش والرقوق والآدم وقراطيس البردي المصرية، واستمر ذلك إلى نزول القرآن الكريم فكانوا يكتبون في اللخاف والعسب . (بحوث ودراسات مهداة إلى إيرج أفشار، تحرير فرنسوا ديروش وإبراهيم شبوح. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، 2018، ص 182-20).
لقد كان استخدام العرب للورق أحد العوامل المهمّة الرئيسة التي أدت إلى نشأة فن المنمنمات الإسلاميّة ؛ وقد نُقِلت صناعة الورق من الصين ليصبح بديلًا للبردي ؛ والرّق وهو ما يُعرف بالجلد المستخدم للكتابة، وحينما انتشر الورق في العالم العربي ظهرت مهنة الوراقة وهي مهمّة انتساخ الكتب والعمل على تصحيحها ثم نشرها ، وقد اهتم العرب والمسلمون بفن صناعة الكتب بشكل كبير، وكان يعمل على صناعته مجموعة من الحرفيين مثل النّساخين والمذهبيين والمجلدين والمصورين.
وكانت مكانة المصور هي الأقل بين الحِرفيين نظرًا لموقف الإسلام من التصوير، وقد عمِل المصور كتابًا للخطاط، وكان يقوم بتوضيح النصوص من خلال التصاوير في حدود ما يُترك من أجله من مساحة معيّنة بصفحات المخطوط ، وقد كان كتاب “كليلة ودمنة” أول شاهد من الكتب العربية على ظهور فن المنمنمات الإسلاميّة، وهذا الكتاب في الأصل هو كتاب هندي، ولكن ابن المقفع قام بترجمته إلى اللغة العربية، وقد كانت تلك الرسوم أو التصاوير الفنية فرصة للتعرف على المجتمع الإسلاميّ بوجه عام في كلّ مكان في تلك الحقبة الزمنيّة ؛ وقد أتاحت الفرصة للاطلاع على التفاصيل اليوميّة التي لم تؤرَّخ بالكتب.
ومن أبرز الكتب التي تضمنت فن المنمنمات بعد كليلة ودمنة “كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني” و “مقامات الحريري”، ومن الكتب العلمية ظهر كتاب “خواص العقاقير” و “البيطره”، وغيرهم العديد من الكتب التي اهتمت بتقديم التفاصيل من خلال تصاوير فن المنمنمات، ولقد كان الفنان المسلم “كمال الدين بهزاد” واحدًا من أشهر فناني المنمنمات في التاريخ الإسلامي.( البهنسي؛ عفيف: الفن الإسلامي؛ دار طلاس،1956م، ص336).
المدرسة الهندية: ظهرت المنمنمات الهندية، ذات الاستلهامات الإسلاميّة، في القرن السادس عشر في مدينتي (كابول ـ دلهي) حين استولى “بابر” حفيد تيمورلنك على مدينة دلهي.
ينقسم التصوير الهندي إلى مدرستين: المدرسة الهنديّة المغوليّة، ومدرسة “راجبوت”، وقد تأثرت المدرسة الأولى بالمنمنمات الإيرانيّة وأسلوب بهزاد (أشهر رسام منمنمات فارسي)، ولاسيما حين أسس الامبراطور “أكبر” أكاديمية للفنون ضمت نحو سبعين فنانًا هنديًّا تحت إشراف فنانين إيرانيين، ومن أبرز أعلامها الهنود: بازوان ودارم داس وفروخ بج وناد سنغ ولال، وكانت الصورة الواحدة يعمل فيها أكثر من فنان، وهي تظهر العناية بالحيز المكاني وإظهار البعد الثالث واستخدام الألوان الهادئة. لذلك تستبعد بعض الدراسات تخصيص باب للمنمنمات الهندية، كونها ابنة البصمة الفارسيّة، وهو خطأ يجب تصحيحه كون المنمنمات الإسلاميّة الهندية قد عزّزت شخصيتها انطلاقًا من خصوصيّة الثقافة الهنديّة، وزخارفها، وتوهّج ألوانها.
منذ مطلع القرن السابع عشر زاد الاهتمام بتصوير اللوحات الكبيرة، والصور الشخصيّة التي تظهر عناية في رسم التفاصيل وزخرفة الملابس والمناظر الطبيعية، والحيوانات والطيور، ومن أعلام هذا النوع منصور ومراد وعنايت وزما نوهار وغلام علي وماد هوتان أزاد.
أمّا مدرسة “راجبوت” فقد اعتمدت تقاليد التصوير الهندي القديم ولاسيما اللوحات الجداريّة في “أجانتا” و”باغ”، واستمدت موضوعاتها من الأدب الشعبي والملاحم الهنديّة ونوادر الآلهة والقديسين.
تعدُّ المنمنمات الهندية الإسلاميّة جزءًا من المنمنمات الهندية العامة التي تعبّر عن الحياة اليوميّة والتقاليد والمجتمع الهندي، ولكنها تركز على الثقافة الإسلاميّة والحياة الدّينيّة للمسلمين في الهند؛ وتعبر عن مواضيع مثل العبادة والتقوى والعادات والتقاليد والمواسم الدّينية مثل رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، بالإضافة إلى بعض القضايا الاجتماعيّة التي تواجه المسلمين في الهند.
وتشمل المنمنمات الهندية الإسلاميّة أيضًا نقدًا ساخرًا للتحيز الدّيني والعرقي والسياسي، وتستخدم النكات والرسوم الكاريكاتورية والنصوص الساخرة للتعبير عن هذه الأفكار، ويمكن العثور على المنمنمات الهنديّة الإسلاميّة عبر مواقع الإنترنت الإسلامية، وصفحات وحسابات التواصل الاجتماعي المتخصصة في الفكاهة والسّخرية الإسلاميّة، كما تشتهر بعض المنمنمات الهندية الإسلاميّة الشهيرة مثل “راشد سعيد” و “أنوار ملك” و “زيا شرف” و “أحمد شريف” و “نور الدين أمجد” و “عاصم تريكاندا” و “زكريا ديور”.
تميز فن المنمنمات الهندية في العصر الإسلامي بتصاميمه الفريدة والمعقدة التي تجمع بين الفن الهندي القديم والتأثيرات الإسلامية. ويتميز هذا النوع من الفن بالألوان الزاهية والزخارف المتشابكة والأشكال الهندسيّة الإسلامية. تعود جذور فن المنمنمات الهندية إلى حقبة ما قبل الإسلام، وقد طَوّرها في العصر الإسلامي من خلال التأثيرات الثقافيّة والفنية الإسلاميّة. ووُثِّق هذا الفن من خلال الكتب القديمة والوثائق التي تعود إلى الحقبة الإسلاميّة في الهند.
تتميز المنمنمات الهنديّة في العصر الإسلامي بتصاميمها الفريدة والمعقدة، والتي تجمع بين الفنّ الهندي القديم والتأثيرات الإسلاميّة. وتشمل هذه التصاميم الزخارف المتشابكة والأشكال الهندسيّة الإسلامية، والتي تستخدم بشكل واسع في العمارة والفنون الدينية. ومن أشهر أمثلة فن المنمنمات الهندية في العصر الإسلامي هو الجامع الكبير في دلهي، الذي يتميز بألوانه الزاهية وزخارفه الهندسيّة الإسلاميّة. ويتضمن الجامع الكبير أيضًا العديد من الأعمال الفنيّة الهنديّة القديمة، مثل نقوش الجص والتّصاميم الهندسيّة المتداخلة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن العثور على العديد من الأعمال الفنيّة الهنديّة في المساجد والمدارس الإسلاميّة الأخرى في الهند، والتي تتميز بتصاميمها المعقدة والألوان الزاهية. وتشكل هذه الأعمال الفنية جزءًا من التراث الثقافي للهند.
اختلافات وتقاطعات: تُعرّف المنمنمات عادةً على أنها أعمال فنية تُرسم فيها الزخارف والأشكال الهندسيّة المتنوعة على الأسطح المختلفة، مثل الأبواب والنوافذ والجدران والسقوف. وعلى الرّغم من أنّ المنمنمات الإسلاميّة والهنديّة تشتركان في هذا النّوع من الفنون، إلا أنّهما تختلفان في بعض النّواحي.
تتميز المنمنمات الإسلاميّة بأنّها تستخدم الخطوط المستقيمة والدوائر والنّجوم والأشكال الهندسيّة المنظمة بشكل متناغم، وتتضمن الزخارف الإسلاميّة العديد من الكلمات الخطيّة التي تحتوي على آيات من القرآن الكريم أو عبارات دينية أخرى. وعادةً ما تتميز المنمنمات الإسلاميّة بألوان محددة مثل الأخضر والأحمر والأزرق والأبيض والذهبي، وتعكس العادات والتقاليد الإسلاميّة.
أمّا المنمنمات الهندية فتستخدم الألوان بشكل أكثر وفرة وتنوعًا، كما تحتوي على العديد من الزّهور والطيور والحيوانات والشخصيات الأسطوريّة، وتشتهر المنمنمات الهنديّة بالتفاصيل الدقيقة والأشكال المتنوعة، وتُصمَّم غالبًا لتشكيل صورة كاملة متكاملة. وتتضمن المنمنمات الهنديّة الكثير من الرّموز الهندوسيّة والبوذيّة والجينيّة والإسلاميّة، وهي تعبر عن الثّقافة والتقاليد الهندية المتنوعة.
تحدث المنمنمات الإسلامية والهندية عن الموضوع نفسه وهو الزخرفة والتصميم، ولكن لهما أساليب وميزات مختلفة. ولذلك، يمكننا إجراء مقارنة دقيقة وعلمية بينهما بالنظر إلى عدة جوانب منها:
-1الخط العربي: تعدُّ المنمنمات الإسلاميّة مشهورة بأسلوب الخط العربي، الذي يُعد تشكيلة فنية فريدة من نوعها. يتميز الخط العربي بالتفاصيل الدّقيقة والعمق الذي يختلف عن المنمنمات الهنديّة.
-2 الألوان: تشتهر المنمنمات الهندية بألوانها الزاهية والمبهجة، في حين أن المنمنمات الإسلاميّة تعتمد على الألوان الأساسية مثل الأبيض والأسود والأحمر والأزرق والأخضر والذهبي.
-3 التّصاميم الزّخرفيّة: يمكن أن تكون التصاميم الزّخرفيّة في المنمنمات الإسلاميّة أكثر تعقيدًا من المنمنمات الهندية، وذلك بسبب الأساليب الفنية المختلفة التي تستخدمها. كما أنّ المنمنمات الإسلامّية تميل إلى استخدام الأشكال الهندسيّة والنباتيّة بينما تستخدم المنمنمات الهنديّة الزهور والأزهار والأوراق بشكل رئيسي.
– 4الإرث الثقافي: تتميز كلّ من المنمنمات الإسلاميّة والهنديّة بإرث ثقافي غني وتاريخي، ولكن يمكن أن يختلف هذا الإرث من منطقة إلى أخرى. على سبيل المثال، يعدُّ فن المنمنمات الإسلاميّة جزءًا من التراث الإسلامي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين أنّ المنمنمات الهندية تشكل جزءًا من التراث الهندي.
ويمكن القيام بمقارنة دقيقة وعلميّة بين المنمنمات الإسلاميّة والهنديّة، ولكن يجب ملاحظة أن هذه المنمنمات تشكلت وتطورت في سياقات ثقافيّة وتاريخية مختلفة، ولذلك قد تكون لها خصائص وملامح مختلفة.
تشير المنمنمات الإسلامية إلى الزخارف والرسومات التي تستخدم في الفن الإسلامي، وتشمل النقوش والأشكال الهندسيّة والنباتيّة والحيوانيّة والخطوط العربيّة. تعكس هذه الّرسومات التّراث الإسلامّي والعربيّ والفارسي والتركي، وتتميز بالألوان الجريئة والزخارف التفصيليّة والهندسية المعقدة.
أمّا المنمنمات الهندية، فهي تعكس التراث الهندي والتاريخ الثقافي للهند، وتتميز بالألوان الزاهية والتصاميم المفرطة التفاصيل، والرسومات الهندسيّة المعقدة والنباتيّة والحيوانيّة. وتشمل المنمنمات الهندية عدة أنماط، بما في ذلك الرسومات الفسيفسائيّة والأرجوانيّة والكولام والماندالا. ومن الجدير بالذكر أنّه على الرّغم من وجود اختلافات في الأنماط والتّصاميم بين المنمنمات الإسلاميّة والهنديّة، إلا أنها تشترك في العديد من الخصائص والملامح، مثل الألوان الزاهية والرّسومات الهندسيّة والنباتيّة والحيوانيّة المفرطة التفاصيل. كما أنها تشير إلى تراث وثقافة غنية ومتنوعة في المنطقة. ويمكن تحديد بعض الاختلافات بين المنمنمات الإسلامية والهندية على النحو الآتي:
-1 الأصل التّاريخي: المنمنمات الإسلاميّة تعكس التراث الإسلامي والعربي والفارسي والتركي، بينما المنمنمات الهندية تعكس التراث الهندي والتاريخ الثقافي للهند.
-2 الأشكال والتصاميم: المنمنمات الإسلاميّة تتميز بالأشكال الهندسيّة والنباتيّة والحيوانيّة والخطوط العربيّة، بينما المنمنمات الهنديّة تتميز بالتّصاميم المفرطة التّفاصيل والرّسومات الهندسيّة المعقدة والنباتيّة والحيوانيّة.
-3 الألوان: المنمنمات الإسلاميّة تتميز بالألوان الجريئة والزاهيّة، بينما المنمنمات الهنديّة تشتهر بالألوان الزاهية والمتناغمة.
– 4الأسلوب الفني: المنمنمات الإسلاميّة تعتمد على الخطوط والأشكال الهندسيّة والنباتيّة بشكل رئيس، بينما المنمنمات الهنديّة تعتمد على التصاميم المفرطة التفاصيل والزّخارف المتنوعة.
-5 الاستخدام: يمكن استخدام المنمنمات الإسلاميّة في الفن الإسلامي والعمارة الإسلاميّة والدّيكور الداخلي، بينما يمكن استخدام المنمنمات الهنديّة في الفن الهندي والحرف اليدوية والديكور الداخلي. وبشكل عام، يمكن القول إن المنمنمات الإسلاميّة والهنديّة تشترك في العديد من الخصائص والملامح ، ولكنها تختلف في بعض النواحي، مثل الأصل التاريخي والأشكال والتصاميم والألوان والأسلوب الفني والاستخدام.
لا يمكن التّحديد بالضبط إلى أي مدى تأثرت المنمنمات الإسلاميّة بالرسوم الهندية الموجودة في كهوف أجانتا، ولكن يمكن القول إنّه قد حدث تبادل للتقنيات والفنون بين الثقافات المختلفة عبر التاريخ.
فقد كانت الهند في القرون الوسطى تعرف بالمناطق التجارية والثقافيّة التي كانت موجودة على طول طريق الحرير، والتي تربط بين الصين وأوروبا. وكانت المنطقة الممتدة من إيران إلى الهند تعرف بالمناطق التي تداولت الفنون والتقنيات والفكر الفلسفي والديني بين الثقافات المختلفة، بما في ذلك الثقافة الإسلاميّة والهندوسيّة.
ويشير بعض الباحثين إلى أن الرسومات الهندية الموجودة في كهوف أجانتا قد تأثرت بالأشكال الفنية الإسلامية الموجودة في شمال الهند وكشمير، وأنه يمكن أن يكون هناك تأثير متبادل بين الثقافتين. ومن الممكن أن تكون بعض العناصر الفنية الهندية، مثل الأشكال الهندسية المعقدة والنباتية، قد تأثرت بالتصاميم الإسلامية. ولكن عمومًا، يمكن القول إن المنمنمات الإسلامية والهندية تشكلت في سياقات ثقافية وتاريخية مختلفة، ولها خصائص وملامح مختلفة، ولذلك يجب التعامل معها كتراث وثقافة مستقلة.
فالمنمنمة الإسلامية “الإسراء والمعراج” هي واحدة من الأحداث الأكثر أهميّة في تاريخ الإسلام وهي قصة تروي رحلة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في الليلة الواحدة من مكّة إلى القدس، ومن ثمّ إلى السماء السّابعة، حيث التقى بالأنبياء السّابقين وتعرف على الجنة والنار وتلقى تعاليم جديدة من الله.
تحمل قصة الإسراء والمعراج العديد من الرسائل والمغزى، ويمكن تحليلها من عدة جوانب:
- رسالة التوحيد: تأكيد وحدانيّة الله وأنّه لا شريك له في العبادة والإلهية، فالرحلة التي خاضها النّبي محمد تعرضه لمشاهدة الأنبياء السّابقين الذين قد أتوا ورحلوا، ولكنهم كانوا جميعًا على عبادة واحدة لله الواحد.
- رسالة التّفاني والاستعداد للتّضحية: يتضح من القصة كيف اضطر النّبي محمد للاستعداد للتّضحية بكل شيء من أجل الإسلام، وكيف كانت رحلته النبويّة تتطلب منه الكثير من الجهد والتحمل.
- رسالة التعايش السّلمي: يظهر في القصة أنّ النبي محمد التقى بالأنبياء السّابقين من الأديان الأخرى وتعامل معهم بصدق واحترام، ما يشير إلى ضرورة التعايش السلمي بين الأديان والمعتقدات.
- رسالة العلم والمعرفة: يتضح في القصة أنّ النبي محمد تعلّم الكثير من الأشياء الجديدة من الله ومن الأنبياء السّابقين، وكذلك كانت الرحلة تدل على أهمية البحث عن المعرفة والعلم.
- رسالة الأمل والعزم.
إنّ المنمنمات الإسلامية تختلف عن الرّسوم الهندية في استخدامها للألوان وفي الرمزية والرسومية المرتبطة بها. وفيما يلي مقارنة بين الألوان المستخدمة في المنمنمات الإسلاميّة والرّسوم الهنديّة.
المنمنمات الإسلامية:
- تستخدم الألوان الزاهية والمتباينة لتصوير الخلفيات والشّخصيات، مع تفاصيل دقيقة وحركات جسمانيّة معبّرة.
- يُستخدَم الذّهب والأزرق والأخضر والأحمر بشكل رئيس، إضافة إلى الألوان الدّاكنة مثل الأسود والبني.
- تعبّر عن القيم الإسلاميّة والإيمان بالله والملائكة والأنبياء، وتصور المواقف التاريخيّة والدّينيّة والأحداث الأسطوريّة.
الرسوم الهندية:
- تستخدم الألوان الزاهية والساطعة، مع التركيز على الألوان الطبيعية والنباتية مثل الأحمر والأصفر والأزرق الفاتح والأخضر.
- تتميز بالتفاصيل الكثيرة والتزيينات الجميلة والأشكال المتقنة والرموز المعقدة.
- تعبر عن الفلسفة والأساطير والحكايات والأدب الهندي، وتصور الحياة اليومية والأحداث التّاريخيّة والدّينيّة والأساطير.
على الرّغم من تباين الألوان والأساليب بين المنمنمات الإسلامية والرسوم الهندية، إلا أن كل منها تحتفظ بخصوصيتها الفنية والثقافيّة والتراثيّة، وتعبّر عن الرؤية والتفاصيل الفنية لكلّ من الثقافتين.
ويتطلب تحليل رسومات هندية قديمة دراسة عميقة للثقافة والفنّ في الهند وتاريخها. ومن الجدير بالذكر أن الرسومات الهندية القديمة تشمل العديد من التقاليد الفنية المختلفة، من بينها فن الأعمال الفسيفسائيّة وفن النحت والرسم بالحبر والألوان المائية. ومن أبرز الأمثلة على الرسومات الهندية القديمة هي اللوحات الجدارية في مجموعة من المعابد والقصور في الهند، والتي تعكس مجموعة متنوعة من الأساليب الفنية والرمزية المختلفة. كما تشتمل الرسومات الهندية القديمة على الرسوم الدينية التي تصور مشاهد من الحياة الإلهية والمعتقدات الدينية.
وتحليل الرسومات الهندية القديمة يكون من خلال دراسة الأساليب الفنية المستخدمة والتقنيات والرموز المتضمنة في الصور. وعلى سبيل المثال، يمكن دراسة تقنية الرسم والتدرج في الظلال والنمط الهندسي في العناصر الفنية، بالإضافة إلى دراسة الموضوعات المختلفة التي تتناولها الرسومات.
بشكل عام، تتميز الرسومات الهندية القديمة بتنوعها الثقافي والتقني والفني، وتعكس تاريخ الهند وتراثها وعاداتها وتقاليدها. كما يمكن تحليل هذه الرسومات لفهم الحضارة الهنديّة القديمة ومساهمتها في تطور الفن والثقافة على المستوى العالمي.
تعدُّ الألوان في الرسومات الهندية القديمة عنصرًا مهمًا جدًا في التّعبير عن المشاعر والأفكار والمفاهيم الثقافية الهندية. وتتميز الألوان المستخدمة في هذه الرسومات بالتّنوع والاختلاف والحيويّة، إذ تُستخدم مجموعة واسعة من الألوان المشرقة والزاهية. وتشمل الألوان الشّائعة في الرسومات الهندية القديمة الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر والبرتقالي والأرجواني والذهبي والفضي والبني والأسود والأبيض. ويمكن أن تستخدم هذه الألوان بشكل فردي أو مختلطًا لتشكيل درجات اللون المختلفة وإيجاد التباين بين الألوان.
أمّا تحليل الألوان المستخدمة في الرسومات الهندية القديمة، فيكون من خلال دراسة الأثر الذي تخلفه الألوان على المشاعر والمفاهيم التي ترمز إليها. فعلى سبيل المثال، يُستخدم الأحمر لتمثيل الحياة والحرارة والحب والعاطفة، في حين يُستخدم الأزرق لتمثيل السماء والماء والهدوء والسلام. تعبّر الألوان في الرسومات الهندية القديمة عن الثقافة والتراث الهندي، وتمثل العديد من المفاهيم والمشاعر والقيم الهندية المهمة. وبالتالي، يمكن تحليل الألوان في هذه الرسومات لفهم الثقافة والفن والتراث الهندي وتأثيرهم على العالم في العصور القديمة والحديثة.
تحليل دقيق للمنمنمات الإسلاميّة والهندية: تشير المنمنمات الهندية الإسلاميّة إلى الفن الذي طُوِّر في الهند بعد وصول الإسلام إلى المنطقة. وقد صُمِّم هذا الفن على نحو مميز يجمع بين الفنون الإسلامية والهندية المحلية، وتميز بأسلوبه الفريد والمعقد في الزخرفة والتفاصيل الدقيقة.
تمثل المنمنمات الهندية الإسلامية عادة بأشكال هندسية وأشكال زخرفية متميزة تشكل طرقًا معقدة من الأشكال المتداخلة والنمطية، وهي غالبًا ما تحتوي على رسومات وأنماط مكررة ومتناغمة. كما تتميز بالألوان الزاهية والتفاصيل الدقيقة المتقنة، وتُنفّذ عادة باستخدام الحجر والجص والخشب والمعادن.
أما الرسومات الهندية القديمة فتشمل عددًا كبيرًا من الفنون المختلفة التي طُوِّرت عبر العصور، والتي تشمل الرسم على الحائط والرسم على الحرير والأقمشة، والرسم على الزجاج والمعادن والخشب. وتتميز هذه الرسومات بأسلوبها الفني الدقيق والمتقن، والتفاصيل الدقيقة والألوان الزاهية، كما تحتوي على رموز ورموز مختلفة تعكس الثقافة والتقاليد الهندية القديمة.
تعكس المنمنمات الهندية الإسلاميّة والرسومات الهندية القديمة ثقافة وتاريخ الهند، وتجسد روح الفن والجمال الذي يميز هذه الحضارة العريقة. وقد حافظ هذا الفنّ على جماله وتنوعه عبر العصور، وما يزال يلهم الفنانين والمصممين في جميع أنحاء العالم.
يمتد تاريخ الهند القديم لآلاف السنين، فتطورت فيها الفنون والثقافة بطرق مختلفة ومتنوعة. ومن المميزات الفريدة للفن الهندي هو التأثر بالأديان والثقافات المختلفة التي عبّرت عنها الهند على مر العصور، ومن هذه الثقافات التي تركت بصمتها بشكل كبير في الفن الهندي الإسلام، وتحديدًا الفن الإسلامي الهندي.
تُعد المنمنمات الهندية الإسلامية من أبرز العناصر الفنية التي تميز الفن الإسلامي في الهند، وهي نوع من الزخارف المعقدة التي تتميز بالدقة والتفاصيل الدقيقة. ويُعدُّ فن المنمنمات الهندية الإسلامية واحدًا من أكثر الفنون الإسلامية تعقيدًا وتفردًا في العالم. تمتزج فيها العناصر الإسلاميّة مع العناصر الهندية القديمة، وتتضمن بذلك مزيجًا فريدًا من الأشكال والألوان والتصاميم. تتميز المنمنمات الهنديّة الإسلامية بأسلوبها الجميل والمتناسق، حيث ترسم على السطوح المسطحة باستخدام الألوان الزاهية والتفاصيل الدقيقة.
أمّا بالنسبة للرسومات الهندية القديمة، فهي تمثل جزءًا أساسيًا من الثقافة والتراث الهندي. وتضم هذه الرسومات العديد من الأشكال الهندية القديمة مثل اللوتس والفيل والنمر والأفعى، بالإضافة إلى الأشكال الهندية المقدسة مثل الهندوسية والبوذية.
خاتمة
تخاض الحروب، وتتغير جغرافية البلدان، وأسماء الأباطرة والملوك، لكن أكثر ما يترسّب في قعر الزمان أهمّية الآثار الإبداعيّة المبهرة التي صنعتها الأيادي الفنيّة ذات مرحلة، لتتحول نقاط ارتكاز، وتعيد النّظر بالأهميّة التّاريخيّة لهذا الشّعب أو ذاك، كما ستشكل تلك الإبداعات، شواهد إعلاميّة، تخبرنا بما حصل في تلك المرحلة من متغيرات ومؤثرات، وآليات التّفكير، وحدود المخيّلة، وآفاق التّعبير. من هنا لا نستطيع معاينة المنمنمات الهندية الإسلاميّة، إلّا إذا تبحّرنا بأعماقها ورسائلها وانعكاساتها، لنتماهى مع البعد الجمالي، ثم نقفز نحو التشعبات الأخرى، مثل الأبعاد العقديّة، والروحانيّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة، لنصل إلى الذائقة العامة، والمهارة.
خاتمة
تخاض الحروب، وتتغير جغرافية البلدان، وأسماء الأباطرة والملوك، لكن أكثر ما يترسّب إهمّيّة في قعر الزمان، الآثار الإبداعيّة المبهرة التي صنعتها الأيادي الفنيّة ذات مرحلة، لتتحول نقاط ارتكاز، وتعيد النظر بالأهمّية التّاريخيّة لهذا الشّعب أو ذاك، كما ستشكل تلك الإبداعات، شواهد إعلاميّة، تخبرنا بما حصل في تلك المرحلة من متغيرات ومؤثرات، وآليات التفكير، وحدود المخيّلة، وآفاق التعبير. من هنا لا نستطيع معاينة المنمنمات الهندية الإسلاميّة، إلّا إذا تبحّرنا في أعماقها ورسائلها وانعكاساتها، لنتماهى مع البعد الجمالي، ثم نقفز نحو التّشعبات الأخرى، مثل الأبعاد العقديّة، والروحانيّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة، لنصل إلى الذائقة العامة، والمهارة.
المراجع
1 ـ تالبوت رايس، ديفيد، الفن الاسلامي، المؤسسة العربية لدراسات والنشر، 2002م.
2 ـ (أبو رزق، محمد، من التاسيس الى الحداثة في الفن التشكيلي العربي المعاصر، منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمان 2000م.
3 ـ براون برسي، فن الرسم الهندي في عهد المغول، الموسم، مجلة فصلية مصورة تعنى بالآثار، دائرة المعارف الهندية، العددان 73 ـ 74 .
4 ـ البهنسي، عفيف، الفن الاسلامي، دار طلاس، دمشق 1986م.
1 – طالبة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم الفنون التشكيليّة Nadahaydar1972@gmail.com