المسؤولية المدنيّة عن نشوب الحرائق
في المستشفيات العامة والخاصة( دراسة مقارنة)
Civil responsibility about the occurrence of fires in public and private hospitals
Hawraa Ali Hussein م.حوراء علي حسين([1])
الملخص
إنّ غاية المسؤولية المدنية هي التعويض أيّ جبر الضرر الذي لحق المتضرر، والبحث في أساسها إنّما هو تحليل موضوعي لكل أبعاده الاجتماعيّة والاقتصاديّة والمهنيّة للأسباب التي أدت الى نشوء الالتزام بتعويض الضرر ، إذ إن المستشفى يسأل عن الخطأ الذي يدخل في إطار تنظيم النشاطات الاستشفائية، وتسييرها بشأن إخلاله بتقديم العناية اللازمة والرعاية للمريض لجهة تقديم الأدوية والأطعمة ، أمّا في حالة نشوب حريق ويذهب ضحيته العشرات فهنا يعدُّ تقصيرًا من إدارة المستشفى ويجعل المستشفى محل مساءلة، لكن ماهو أساس هذه المسؤولية المدنية، هل على أساس المسؤولية عن حراسة الأشياء أم على أساس تعبير للواقع الذي يحكم الأفراد من خلال المنازعات والصراعات التي تحدث في ما بينهم وإيجاد هذه المسؤولية كحلول لهذه المنازعات.
الكلمات المفتاحية : الحرائق ، المستشفى، المسؤولية
Abstract
The goal of civil liability is compensation، i.e. reparation for the harm suffered by the aggrieved party and the search for its basis. Rather، it is an objective analysis of all its social، economic and professional dimensions of the reasons that led to the emergence of the obligation to compensate the harm، as the hospital is responsible for the error that falls within the framework of organizing and running hospital activities regarding its breach of the provision Necessary care and care for the patient in terms of providing medicines and foods، but in the event of a fire and dozens of victims، here it is considered a default by the hospital administration and makes the hospital accountable. This responsibility as solutions to these disputes. The goal of civil liability is compensation، that is، reparation for the harm suffered by the aggrieved party and the search for its basis. Rather، it is an objective analysis of all its social، economic and professional dimensions of the reasons that led to the emergence of the obligation to compensate for the harm، as the hospital is responsible for the error that falls within the framework of organization and management. Hospital activities regarding his breach of providing the necessary care and care to the patient in terms of providing medicines and foods In the event of a fire and dozens of victims، then it is considered a failure of the hospital administration and makes the hospital accountable، but what is the basis of this civil responsibility is an expression of the reality that governs individuals through disputes and conflicts that occur among them، and this responsibility is found as solutions to these disputes.
Keys words: fiers, hosptail, responplity
المقدمة
تعد المسؤولية المدنية فرع من فروع القانون المدني، وأكثرها صعوبة لابدّ من تحقق الخطأ والضرر وعلاقة السببيّة إذ يجبر المخطئ الضرر الواقع على الغير، فإنّ اهتمامنا ينصب على الجانب المادي الذي كان سبب في حدوث الضرر، أي التزام بإصلاح الضرر الذي وقع من خلال دفع التعويض سواء بفعل الغير أو الأشخاص أو الأشياء حيث يرمي الى دفع الضرر والمسؤولية المدنية تنقسم بدورها الى نوعين: الى المسؤولية العقدية وهي الجزاء المترتب على الإخلال بالتزام عقدي سابق، فالعقد هو الذي يحدد نطاقها لجهة مدى التزام المتعاقدين وطبيعته، والنوع الثاني: المسؤولية التقصيرية وهي التي تترتب على الاخلال بالتزام قانوني عام لا يتغير، هو الالتزام بعدم الأضرار بالغير وأن التعويض في المسؤولية التقصيرية يشمل الضرر المباشر سواء أكان متوقعًا أو غير متوقع. إذ لم تعرف المسؤولية عن الحريق بصفة خاصة لا في القانون الروماني ولا في القانون الفرنسي القديم حيث هناك الحريق الذي يمتد من المنقولات، ويسبب الضرر للغير وهناك الحريق الذي ينشأ في العقارات ويمتد منها الى عقارات أخرى، والذي يكون خاضعًا للخطأ الواجب الإثبات حسب القانون المدني وموضوع بحثنا يتضمن نشوب حريق داخل العقار، كما حدث في أحد المستشفيات فهنا يخضع للخطأ واجب الإثبات.
أهمية البحث
إن أهمّيّة بحثنا تتمثل في كيفية تعويض متضرري حوادث الحريق تعويض مادي، أو معنوي وخاصة في الوقت الحالي الذي يشهد كثرة حدوث مثل هذه الحرائق في مؤسسات الدولة، ومنها المستشفيات إذ في حالة نشوب حريق في المستشفى من يتحمل تبعة ذلك، وخاصة أنّ من واجبات الملقاة على عاتق الدولة ضمان سلامة المريض وذويه خاصة أنّ المستشفى هو المكان الذي يؤوي اليه المريض لغرض العلاج، وتقديم الراحة والعناية اللازمة .
نطاق البحث
إن نطاق بحثنا يتضمن البحث في المسؤولية المدنية عن نشوب حريق في المستشفى، أيّ نقتصر على تحديد مسؤولية المستشفى عن حدوث الحرائق ومن يتحمل تبعة ذلك .
مشكلة البحث
تتمحور مشكلة البحث حول تحديد من المسؤول في حالة نشوب حريق في المستشفى، هل المستشفى بوصفه شخصًا معنويًّا أم الأطباء أم المرضى وذويهم يتحملون ذلك أم الدولة .
خطة البحث
سنتناول في هذا البحث المسؤولية المدنية عن نشوب حريق في المستشفى بعد تقسيمه الى مبحثين نتناول في المبحث الأول: تعريف المستشفى العام والخاص التزامات المستشفى المهمّة بعد تقسيم المبحث الى مطلبين نتناول في المطلب الأول: تعريف مسؤولية المستشفى عن الحريق، ونخصص المطلب الثاني: لتوضيح حدود مسؤولية المستشفى تجاه المرضى، ونتناول في المبحث الثاني: أساس مسؤولية المستشفى عن نشوب الحريق بعد تقسيم المبحث الى مطلبين نتناول في المطلب الأول: توضيح مسؤولية المستشفى على أساس الفعل الشخص وفعل الغير، ونتناول في المطلب الثاني: مسؤولية المستشفى على أساس مسؤولية حارس الشيء.
تمهيد
الاحتراق : هو عملية أكسدة سريعة ينتج عنها حرارة الضوء، والأكسدة هي عملية اتحاد المادة بأوكسجين الهواء، وحتى يحدث اشتعال يجب أن تتوافر ثلاثة عناصر أولًا: مادة قابلة للاشتعال وهي الوقود سواء أكانت هذه المادة صلبة أو سائلة أو غازية. ثانيًا: الحرارة أو درجة الحرارة اللازمة لإتمام عملية الاحتراق، فالحرارة ضرورية لبدء الاشتعال وضرورية لاستمرار الاشتعال وثالثًا الأوكسجين يوجد في الهواء وهو العامل المساعد على الاشتعال والاستمرارية ، وخطر الحريق على صحة الإنسان يتمثل بنواتج الحرائق، وهي اللهب والحرارة والدخان والغازات ، ويتعرض لهذه المخاطر الأفراد المقيمون في هذه المباني وكذلك رجال الحريق والممتلكات الموجود بالمباني، إذ أثبتت الإحصائيّات أن 25% من إجمالي حالات الإصابات والوفيات من إصابات الحروق، تنتج من اللهب والحرارة الناتجة عن الحريق في المباني، كما أنّ للدخان والغازات أكبر خطر يتعرض له الإنسان في حرائق المباني، هو الدخان والغازات السّامة الناتجة عن الحريق واللذان يتسببان في حدوث حالات الوفاة، أو الإصابة في حرائق المباني تحدث الوفاة نتيجة حرمان الدم من الأكسجين، خطر الدّخان على الأرواح اكثر إذ أكثر الوفيات الاختناق من تأثير الدخان والغازات المتولدة من الحريق قبل أنّ تصل السنة اللهب الى جسم الإنسان (علام، 2006) أمّا المعنى القانوني للحريق هو اشتعال النار في عقار الحائز، أو في منقوله وتسرب هذا الحريق الى أملاك المتضرر، ويستوي في ذلك أن يكون سبب الحريق محدد أو غير محدد أيّ النار التي تشتعل فجأة بحيث لايمكن السيطرة عليها وذلك لانتشاره السريع، للحريق أسباب كثيرة وعديدة ومنها حرائق بسبب الإهمال والجهل واللامبالات، والتخريب وحرائق متعمدة قد يتعمد الإنسان الى إشعال النار في أماكن وبطرق غير قانونية وحرائق طبيعية، وينتج عن ارتفاع درجة الحرارة مع وجود المواد الشفافة والمواد العاكسة لأشعة الشمس، أمّا طرق الوقاية إذا جاء في الكود المصري لأسس التصميم واشتراطات التنفيذ لحماية المنشات من الحريق ، يتضمن ثلاثة محاور أداء المبنى حيث يتضمن المتطلبات التصميميّة التي تسهم في زيادة مقاومة المبنى للحريق، والحدّ من انتشار الحريق ونواتجه وأداء شاغلي المبنى حيث يتضمن المتطلبات الخاصة بمسالك الهروب، وأداء رجال الأطفاء إذ يتضمن الكود المتطلبات التي تضمن تيسير مهمة رجال الإطفاء يجب إقامة إنشاء غير قابل للاحتراق في كوناته الأساسية وضرورة وجود فواصل الحريق، أيّ تجزئة أيّ مبنى تزيد مساحة عن الحدود التي يسمح بها الكود أيّ طابق فيه عن الحدود المقررة في هذ الكود، ووجود الحواجز المانعة للدخان ويقصد به الحاجز المانع للدخان حاجز مستمر من الحائط الخارجي، ووجود أنظمة الكشف والإنذار بالحريق ووجود مسالك للهروب، وإزالة أسبابه وتحديد حصر امتداده لمنع نشوب الحرائق لابدّ من إزالة الأسباب كمنع التدخين في الأماكن، وتحصل الوقاية بمنع نشوب الحريق المحصورة ووضع أوعية للرماد واتخاذ الوسائل ضد الشرر الكهربائي، لتعريف مسؤولية المستشفى فهي نشاط إداري إضافة الى نشاط رئيس لها وهو النشاط الطبي وإنّ كلّ خطأ يقع في المستشفى أثناء تادية هذا المرفق لمهامه المحددة قانونًا (عربي نيوز، 2021)
المبحث الأول : مفهوم مسؤولية المستشفيات العامة والخاصة
تعد الخدمات الطبية من الخدمات المهمّة التي يحتاجها الإنسان إذ إن المؤسسات الصحيّة، تعد حلقة وصل لأداء هذه الخدمات وتعدُّ المستشفيات إحدى هذه المؤسسات، إذ تتولى مهمة تقديم الخدمات العلاجية والوقائية وهو الإشراف والاهتمام بصحة المواطن، لذا عند نشوب حريق في المستشفى، لا بدّ من تحديد المسؤول هل المستشفى أم المرضى أنفسهم أم الأطباء أم بسبب المعدات المستخدمة في المستشفى لتعويض ضحايا الحريق ومحاسبة المسؤول بوصف المستشفى شخص معنوي تسأل عن كل خطأ يقع في تنظيم وحسن سير العمل بها إذ إنّه ملزم تقديم العناية والرعاية اللازمة للمرضى بصفة عامة؟. هذا بالإضافة الى حسن سير أجهزة المستشفى ونظافة الآلة المستعملة والتزامه بتوفير العدد الكافي والمتخصص من العاملين . لكن ما نلاحظه في الوقت الحالي كثرة نشوب الحرائق في المستشفيات التي ذهب ضحيتها العديد من الأشخاص، ومن أجل تحديد من يتحمل تبعة هذه الحرائق يتطلب الإلمام أولًا بالتعريف بالمستشفى العام والخاص وتحديد التزامات المستشفى.
إذ إن أخطأء المستشفى هي أخطأء مرفقية متمثلة في تحديد واجبات المستشفى تجاه المريض (امال، المسؤولية عن نشوب الحريق في المستشفى رسالة ماجستير جامعة بجاية الجزائر، 2020)، قد يحدث حريق في المستشفى يذهب ضحيته العديد من الأشخاص، وتضرر ذويهم معنويًّا وماديًّا إذ إن نشاط المستشفى نشاط إداري أضافة الى النشاط الرئيس لها وهو النشاط الطبي وأن كل خطأ يقع في المستشفى أثناء تأدية هذا المرفق لمهامه المحددة قانونًا يلزم مساءلتها عنه. لذا سنوضح في هذا المبحث مفهوم مسؤولية المستشفيات العامة والخاصة بعد تقسيمه الى مطلبين نتناول في المطلب الأول تعريف المستشفى العام والخاص والتزامتهما المهمّة تجاه المرضى ونخصص المطلب الثاني: لتوضيح حدود مسؤولية المستشفيات العامة والخاصة.
المطلب الأول : تعريف المستشفى العام والخاص التزامات المستشفىات العامة والخاصة تجاه المرضى
سنتناول في هذا المطلب التعريف بكل من المستشفى العام والمستشفى الخاص، والالتزامات المهمّة لكلا المستشفيين تجاه المرضى بعد تقسيم المطلب الى فرعين نتناول في الفرع الأول: تعريف المستشفى العام والخاص ونخصص الفرع الثاني: لتوضيح حدود مسؤولية المستشفى.
الفرع الأول: تعريف المستشفى الخاص والعام
يقصد بالمستشفى الخاص هي كل مؤسسة علاجيّة استوفت الاشتراطات الطبية، والعلاجية الموضحة في الجدول الملحق بالقانون رقم 490 لسنة 1955م بشأن تنظيم إدارة المؤسسات العلاجية ، والتي يمتلكها طبيب مرخص له بمزاولة مهنة الطب أو الجمعية خيرية مسجلة بوزارة الشؤون الاجتماعيّة (الابراشي، 1951)، بالنسبة إلى التشريع أجاز المشرع العراقي في المادة(83) من قانون الصحة العامة رقم 89لسنة 1981 فتح مستشفى أهلي بشروط، وهو أن يكون مقدم الطلب طبي عراقي أو عربي مقيم في العراق بينما يرى البعض أن المستشفى الخاص هي تلك المؤسسة التي يجري فيها العلاج بمقابل، أمّا المستشفى العام هي مرافق إدارية عامة والأطباء والجراحين والمساعدين لهم والذين يمارسون العمل فيها يعدُّون في مركز تنظيمي، فإن قواعد القانون الإداري هي التي تطبق في هذا الشأن (الأودن، المسؤولية القانونية للطبيب والمستشفى والصيدلي ،2011) فهي التي تشرف عليها الحكومة، والجمعيات الخيرية والعلاج فيها من دون مقابل أو مقابل رسوم يسيرة، وأن مسؤولية إدارة المستشفى العام تخضع أحكامها للقانون الإداريّ، لأنها تمثل مصالح حكومية وأموالها أموال عامة وموظفوها موظفون عموميون والهيئات، التي تديرها هي هيئات إدارية بينما على العكس من ذلك المستشفى الخاص فعلى الرغم من الاعتراف بالشّخصية المعنوية وحتى ولو وضعت تحت رعاية الدولة، فإنّها تبقى مؤسسة خاصة غير مندمجة في الإدارة ولا فرع من فروعها وأموالها أموال خاصة، ومستخدموها خصوصيون والهيئات التي تديرها خاصة (سعد، مسؤولية المستشفى الخاص عن اخطاء الطبيب ومساعديه (دراسة تحليلية لاتجهات الفقه والقضاء المصريين والفرنسيين)، 2007) ،المستشفيات العامة ، هي المستشفيات التي تخضع في تنظيمها وإدارتها وإدارة شؤون العاملين بها لقواعد وأحكام القانون الإداري ، بوصفها مصالح حكومية وأموالها أموال عامة، ويقوم على شؤونها موظفون عموميون (محنه، 2011) ، يقع على عاتق أجهزة وزارة الصحة مسؤولية تنظيم العمل في القطاع الصحي واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاز مهامها كاملة (قانون الصحة العامة العراقي رقم 89 لسنة 1981 المادة الثانية، 1981) والمستشفيات الخاصة وإن كانت تتمتع بالشّخصيّة المعنوية كمؤسسة من المؤسسات العلاجيّة، وإن وضعت تحت رعاية الدولة إلا إنّها ما تزال تعمل كمؤسسة خاصة غير مندمجة في الإدارة وليست فرعًا من فروعها كما أنّ أموالها ما تزال أموالًا خاصة، وبعد توضيح الفرق بين المستشفى العام وبين المستشفى العام نوضح التزامات المستشفيات العامة والخاصة المهمّة.
الفرع الثاني : التزامات المستشفى
يلتزم المستشفى بتقديم الخدمات التي يحتاجها المريض أثناء إقامته فيه وخاصة في ما يتعلق بتنفيذ تعليمات الطبيب، ونظام الطعام وتقديم العلاج بصورة منتظمة من أدوية وحقن وتحاليل والقيام بتدفئة المريض إذا كانت حالته تستدعي ذلك، ويلتزم مدير المستشفى تزويد ها بالتجهيزات الأولية اللازمة لاستقبال المرضى وعلاجهم ورعايتهم كتوفير أدوات الجراحة ومستلزماتها والأدوية الواجب توافرها بالمستشفى، ولايكفي مجرد توافر هذه الأجهزة والأدوات بل يجب ضمان سلامتها وعدم اختلالها (angers, 1971)، بالإضافة الى التزام إدارة المستشفى بتوفير العدد الكافي من العاملين والممرضات ، وذلك لجودة أداء المستشفى للخدمات الطبية التي يستلزمها حسن رعاية المريض الذي يعالج فيه، ويشترط أن يكون هؤلاء العاملون حائزين على الشهادات العلمية المطلوبة، وتطبيقًا لذلك فإنّ مسؤولية إدارة المستشفى تتحقق إذا ما ثبت إخلال المستشفى بهذه الإلتزامات (دنون، الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانون المدني و الاداري (دراسة مقارنة)، 2009) ، وفي حالة إخلال المستشفى بالتزامها في توفير أجهزة طبية ذات جودة، أو توفير المستلزمات الفنية لمواجهة حالة الطوارئ ففي حالة نشوب حريق داخل المبنى ييتحقق الخطأ المرفقي للمستشفى، فتكون مسؤولة عن الأضرار التي تصيب المرضى داخل المؤسسة نتيجة الإهمال في الرقابة والمتابعة، فعليها توفير الطاقم الطبي الكافي والكفوء للتدخل عند الحاجة إذ يجب عليها متابعة وصيانة الأجهزة الطبية بما يكفل ضمان السّلامة، وهذا يعني أن كل إهمال في هذه الجوانب يعدُّ خطأ مرفقيًّا، إذ لا يمكن عدّ حدوث الحريق في المستشفى من الأخطأء الشّخصية للطبيب إلا إذا كان بسبب إهماله طبقًا للقواعد العامة، أن التزام المستشفى بشفاء المريض هو التزام ببذل عناية وليس إلتزامًا بتحقيقة نتيجة (منصور، 2001) ، لأن المريض عند وجوده في المستشفى يُعد طرفًا ضعيفًا يحتاج الى رعاية (tunc, nov. 1953) يعهد بنفسه كلية الى القائمين مقابل أجر معين، وذلك بغرض الرعاية والعناية به (رش أ.، مدى إلتزام المستشفى بضمان سلامة المريض (دراسة مقارنة)، 2015) وهو ينتظر الحماية من الأخطأر التي تهدد سلامته، وليس تعرضه لأخطأر أكبر لذا فإنّه يقع على عاتق المستشفى التزام بضمان سلامة الأغذية والأدوية المقدمة والشيء نفسه بالنسبة إلى الأجهزة المستخدمة، ويعرف الالتزام بضمان السّلامة في المجال الطبي التزام المستشفى بالسيطرة على العناصر، التي يمكن أن تسبب في ضرر يلحق بجسم المريض والذي لا ينتج عن التطور الطبيعي للمرض الإصلي، الذي يعاني منه المريض الذي يعهد بنفسه إليه (سامية، 2019) ، إذ إن تعزيز أمن المرضى وسلامتهم في المؤسسات الصحية يعدُّ الهدف الأساسي ، لذا يجب حماية صحة الفرد من المخاطر التي تتكبده خلال وجوده في المؤسسة الصحية ، الذي هدفه الأول هو شفاء المريض من العلة والآلام التي يعاني منها، والتي تؤثر على حالته الصحية ما يستدعي الى ضرورة توعية السلطات العامة على ضرورة تعزيز ثقافة سلامة المرضى داخل المؤسسات الصحية، فصحة الإنسان وسلامته تعد مصلحة كبرى ، فعلى المستشفيات العامة والخاصة الالتزام بضمان سلامة المريض من المخاطر التي قد تحدث، وتصبح أضرارًا مستقلة عن المرض الذي لجا اليه من أجله ويمكن أن نطلق عليها بالحادث الطبي اللاخطئي .
المطلب الثاني : حدود مسؤولية المستشفى
لاتكون المستشفى مسؤولة عن أخطأء العاملون لديه إلا إذا كان لديه شخصية معنوية، أمّا إذا لم يكن للمستشفى شخصية معنوية لا بدّ من البحث عن الشخص المعنوي أو الطبيعي الذي يتبع له فيكون هو المسؤول عما يصدر من الأطباء المتخصصين للقيام بالعمل الجراحي والعلاجي، الذي تربطهم بالمستشفى علاقة تنظيميّة (112 من المرسوم الصادر، 27/4/1947) لذا لتحديد نطاق المسؤولية للمستشفيات العامة والخاصة لابدّ من تحديد نطاق الخطأ الذي يترتب على ارتكابه قيام المسؤولية المدنية للمستشفيات الخاصة والعامة.
الفرع الأول : خطأ العاملين في المستشفى
المستفيات العامة كما وضحنا سابقًا، هي المستشفيات التي تخضع في تنظيمها وإدارتها وإدارة شؤون العاملين بها لقواعد وأحكام القانون الإداري ، بوصفها مصالح حكومية، وأموالها أموال عامة ، ويقوم على شؤونها موظفون عموميون ، كم أنّ الهيئات التي تديرها هي هيئات إدارية وهي تستخدم في إدارتها أساليب القانون العام، تتأثر مسؤوليتها بقواعد القانون العام، فالمريض يتعامل مع أحد الأطباء الموظفين لدى الإدارة الصحية في هذه المستشفيات والذي حددته هذه الإدارة، لذا فإن علاقة المريض بالطبيب في المستشفى العام علاقة غير مباشرة لاتقوم إلا من خلال المرفق الصحي العام ويفترض هذا وجود علاقة مباشرة بين المريض والمستشفى العام (يونس، 2011)، وعليه فإن حقوق كل من المريض والعاملين والتزاماتهما، تتحدد وفقًا للوائح والأنظمة لنشاط المرفق الصحي العام الذي تديره المستشفى كما أنه لايوجد عقد بين المريض والطبيب في المستشفى العام، لذا يتجه القضاء الى تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية عند تحديد مسؤولية المستشفى العام عن الضرر، الذي يصيب المريض نتيجة خطأ العاملين إذ تسأل إدارة المستشفى عن الأخطأء التي تقع من العاملين أو الممرضين، أمّا مسؤولية المستشقى الخاص ترتب وفق العقد الطبي أيّ مسؤولية عقدية وفي حالة حدوث الحريق يجب أن نفرق بين نوعين من الخطأ بسببه وهو عادة يكون خارج نطاق الأعمال الطبية المكلفين بتنفيذها، والذي يتمثل بمخالفتهم للوائح الداخلية لنظام العمل في المركز، التي فرضت عليهم بموجب عقد العمل ،والخطأ الذي يرتكب بسبب الجهل بالأصول الفنية للمهنة، ويقع أثناء ممارسة أعمالهم المكلفين بها أيّ الانحراف عن السلوك المالوف في الأصول الفنية المتعارف عليها في مهنة الطب، وهذا ما أشار اليه المشرع العراقي من خلال تحديد الأفعال التي عدَّها خطأ طبيًّا في البند من المادة (22) من تعليمات السلوك المهني لنقابة الأطباء في العراق رقم (81) لسنة 1984 أنّه الإهمال والتقصير الناتج عن عدم الالتزام بالمبادئ والأصول العلمية الثابتة في العمل الطبيّ، وهو ما ذهبت اليه أيضًا القوانين المقارنة (الدين، 13/4/2019)يفهم من خلال ماتقدم أن الخطأ سواء أكان عاديًّا أم طبيًّا يرتب مسؤولية العاملين تجاه المستشفى.
فكل خطأ يرتكبه العاملين في المستشفى بصدد تنفيذ التزامتها يعدُّ سببًا كافيًّا لقيام مسؤولية المستشفى الخاص العقدية، والمسؤولية المستشفى العام التقصيرية كما يكون سببًا لمسؤوليتهم عن أخطأءهم تجاه المستشفى إذ يخضعون للقواعد العامة في المسؤولية من دون استثناء، وهذا ما ذهب اليه القضاء المصري الذي كان سباقًا في عدم التمييز بين الأخطأء الطبية، وهذا ما ذهب إليه القضاء المصري الذي كان سبّاقًا في عدم التمييز بين الأخطأء الطبية ، في قرار محكمة استئناف مصر)أن مسؤولية الطبيب تخضع للقواعد العامة متى تحقق وجود خطأ مهمًّا كان نوعه سواءأ كان فنيًّا أو غير فني جسيمًا أو يسيرًا )، ولهذا فإنّه يصح الحكم على الطبيب الذي يرتكب خطأ يسيرًا والذي جاء فيه ) يسأل الطبيب عن كل تقرير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجيّة التي أحاطت بالطبيب المسؤول ، كما يسأل عن خطئه العا دي أيًّا كانت درجة جسامته ( (المصرية، 21/12/1971)، وتخضع المستشفى العام الى إشراف وزارة الصحة، بوصفها الجهة المركزية العليا التي يتبعها كل فروع المرفق الصحي العام، فهي تمتلك سلطة الإشراف الإداري على حسن سير المرفق فإن مسؤولية المستشفى الخاص، فإنّها على عكس المستشفيات العامة وإن كانت تمتع بالشّخصية المعنوية كمؤسسة من المؤسسات العلاجية وإن وضعت تحت رعاية الدّولة.
إلا أنّها ما تزال في التكييف السليم لوضعها القانوني تعمل كمؤسسة خاصة غير مندمجة، في الإدارة وليست فرعًا من فروعها كما أن أموالها ماتزال أموالًا خاصة، ومستخدموها مستخدمون خصوصيون وأن الهيئات التي تقوم على إدارة هذه المستشفيات هي هيئات خاصة (عيساوي، 2013)، ولا تتمتع بالصفة الإدارية وهي تديرها وفقًا للأساليب المتبعة في القانون الخاص والذي يحكم العلاقة بين الطبيب والمستشفى العقد، وهو يختلف عن العقد الطبي الذي ينعقد بين المريض وبين الطبيب الذي يتولى علاجه، وقد يكون الطبيب في الوقت نفسه مالكًا للمستشفى فيقوم المريض بإبرام العقدين مع شخص واحد، وكما بينا أنّ الطبيب في المستشفى العام يعدُّ تابعًا ،أمّا في المستشفى الخاص ينفى استقالة إدارة المستشفى الخاص من مسؤولية الطبيب، فإن المستشفى الخاص له الرجوع إلى الطبيب بما دفعته من تعويض نتيجة خطأئه أو أيّ عامل لديها، وجدير بالذكر أنّ القاعدة العامة في المستشفيات الخاصة لا تعد مسؤولة عن أعمال الطبيب أو الجراح المهنية، إذ يتمتع كل منهم بالاستقلال في عمله الفني لكن القضاء يتحفظ بالنسبة إلى عمل الطبيب الأجير، الذي تربطه بالعيادة أو المستشفى علاقة عمل، ويقرر مسؤولية المستشفى عن خطأ الطبيب نظرًا لوجود عقد طبي بين المريض والمستشفى أو العيادة التي يعمل فيها الطبيب إذ يعدُّ المستشفى مسؤولًا عن كل خطأ يصدر من العاملين فيها ترتب في حالة خطأ أحد العاملين سبب نشوب الحريق، مثل بسبب إهماله لحدوث تماس كهربائي سبب الحريق وتطبق قواعد القانون المدني ((– Malicie (D)، 1999)
الفرع الثاني : خطأ المستشفى
قد يكون سبب الخطأ الذي هو مصدر الاشتعال صادر من جانب المستشفى، لا يمكن نسبه الى أحد العاملين ويطلق عليه الخطأ المرفقي، ويتمثل الخطأ المرفقي أو خطأ الخدمة في نقص أو عيب في تنفيذ الالتزام والذي قد يكون مصدره عمل أو امتناع عن عمل أو قد يكون مصدره قرار أو عمل مادي بسيط ويعرف الخطأ المرفقي على أنه ذلك الخطأ الذي كان نتيجة إهمال وتقصير من طرف المرفق العام، والذي ينتج عنه ضرر وإن كان من قام بهذا الفعل المولد للضرر أحد الموظفين، فهذا ما يؤدي إلى ترتيب المسؤولية الإدارية للمرفق أي المستشفي العام عن أن الأضرار الناجمة عن هذا الخطأ، والتي لحقت بالغير وتحميله عبء التعويض ويسأل المرفق أمام القضاء الإداري في البلاد ذات النظام القضائي المزدوج، وعليه فإن المرفق العام والذي يعبر عنه بالشخص المعنوي فإنه يمارس مهامه الموكلة إليه والواقعة على عاتقه من خلال الأشخاص الطبيعيين والذين يعملون لحسابه، فأي خطأ قد يقع من جانب أحد الموظفين قد ينسب للمرفق العام ويرتب مسؤوليته الإدارية (احمد، 2015) فيتمثل الخطأ المرفقي في ذلك الخطأ الصادر من المستشفى العام، أي من إدارته كعدم قيامها بتجهيز قاعة العمليات بجميع الأدوات اللازمة بها يعد الخطأ المرفقي خطأ شخصيًّا مقترنًا بمرفق المستشفى وكما أنّه خطأ موضوعي ينسب للمستشفى مباشرة كونه قام بارتكابه، وهذا بصرف النظر عن مرتكبه حتى وإن كان من الممكن إسناده إلى طبيب أو مساعد معين بالذات أو أنه تعذر ذلك، فيفترض أن المستشفى هو من قام بهذا الفعل الذي ومن صور الخطأ المرفقي تتحقق هذه الصورة والمشكلة للخطأ المرفقي في حالة ما إذا قامت المستشفيات العامة بأداء أعمالها لكن بشكل سيئ سواء أ كان ذلك من حيث تنظيمها أو من حيث سيرها، هذا ما يسبب ضررًا للأفراد مرتفقي هذه المستشفيات، أي أنّه لا تتوافر هذه الصورة إلّا إذا صدر عن المرفق سلوك سلبي، ومثال ذلك أن تكون سيارة الإسعاف غير مزودة بتجهيزات الإنعاش أو يكون خزانها فارغًا من الوقود، أو أن يكون بها عطل ميكانيكي وأيضًا إذا ماكانت أنشطته الطبية أو الجراحية تسير بشكل سيئ، فكل ذلك يعد من الإدارة السيئة (غصن، 2006) ، إذ إنّ تعزيز أمن المرضى وسلامتهم في المؤسسات الصحية، يعدُّ الالتزام الأساسي الذي يقع على عاتق المستشفى يوجب حماية صحة الفرد من المخاطر الصحية التي تتكبده خلال وجوده في المؤسسة الصحيّة العامة، أو الخاصة الذي هدفه الأول هو شفاء المريض من العلة والآلام التي يعاني منها المريض، والتي تؤثر على حالته الصحية (دنون، 2009)، وهذه تعدُّ من التحديات والركائز الأساسية لسياسة الصحة فتوجد تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا المجال عديدة منها.
سوء توزيع المرضى بين أطباء القسم عدم تنظيم العمل بين الأطباء لسد النقص الناتج عن قيام بعضهم بإجازة، عدم وجود عدد كاف من العاملين لمساعدة ونجدة المريض عند الاقتضاء، تأخر المستشفيات في أداء خدماتها ينقسم الخطأ المرفقي في نظام المسؤولية الإدارية إلى خطأ بسيط وخطأ جسيم، إذ يكون الخطأ البسيط في الحالات العادية واستنادًا لقواعد القانون الإداري كافيًا لقيام المسؤولية لإدارية، إلا أن القضاء الإداري يشترط في حالات معينة وقوع خطأ جسيم لإقامة مسؤولية بعض المرافق العامة، والتي يتميز نشاطها بصعوبة معينة وحدوث الحرائق يمكن عدُّه من الأخطأء الجسيمة مصلحة الصحة العامة وقوع خطأ جسيم، لانعقاد المسؤوليّة فتغيرت هذه الفكرة فكان لقرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 10/4/1992 لتحول قضائي لفت انتباه الرأي العام والذي أقر بإحلال الخطأ البسيط إلى جانب الخطأ الجسيم لانعقاد مسؤولية المستشفى العام، فلا محل للتفريق بين خطأ جسيم وخطأ بسيط لترتيب التبعيّة على الطبيب، فيكفي أن يكون قد ارتكب خطأ لم يكن ليرتكبه في ظروفه طبيب في أوسط الأطباء في مهنته، فهذا ما دفع بمجلس الدولة الفرنسي ومختلف المحاكم للتخلي عن فكرة الخطأ الجسيم في المجال الطبي، والذي يختلف عن الخطأ الشخصي لأنّه ينسب الى شخص اعتباري وهو المستشفى بوصفها هي التي ارتكبته (تيزريري، 2016) ،أمّا القضاء الإداري في مصر عدَّ مجرد الخطأ كافٍ لتقرير مسؤولية المستشفى العام عن الخطأ الطبي، إذ يجب مراعاة المهنة والأصول العلميّة الثابتة (إذ اعدَّت إن خطأ الشخص الواقع من طبيب الحكومة في تقرير رسمي لا يعدُّ خطأ شخصي وإنّما هو خطأ مصلحي لتعلقه بمهام الوظيفة، وإن رجل الفن مسؤول عن خطئه المهني المتعلق بالأصول العلمية المستقرة، سواء أكان جسيمًا أم يسيرًا إذ يعد الخروج على الأصول المهنية خطأ يوجب المسؤولية المدنية للمستشفى) فالعبرة ليست بدرجة الخطأ يسيرًا كان أم جسيمًا، ولكن ثبوته على وجه التحقيق أو الاحتمال، أيّ عن تقدير الخطأ الطبي يجب مراعة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة، أمّا في العراق على الرّغم من أن المادة(219) من القانون المدني العراقي قد قرر صراحة من الناحية النظريّة مسؤولية المستشفى العام بوصفه إحدى المؤسسات التي تقوم بخدمة عامة إلّا أنّ قرارات القضاء بخصوص المسؤولية الطبية تتميز بالنّدرة (ندوة القرارت القضائية بخصوص مسؤولية المستشفى العام الى الصلاحية المعطاة الى الوزير في المادة (5/136) المعدل من قانون اصول المحاكمات الجزائية بالعراق رقم 23 لسنة 1971 ، 1971) وبينما يرتبط الأول بما يصدر عن العاملين من خطأ الذي يكون هو سبب الاشتعال، وتختلف مسؤولية المستشفى عن الخطأ المرفقي بحسب نوع العمل الملزمة به إذ قد يكون الخطأ الصادر منه مخالفًا لالتزام فرضه عليها القانون فيوجب مسؤوليتها التقصيرية ويرتب آثارًا وجزاءات تفرض عليها بموجب القوانين ذات العلاقة وهذا الخطأ يتعلق بشروط إنشاء المستشفى، أو يكون مخالفًا لالتزام يفرضه العقد المبرم بينها ضرورة السيطرة الفعلية على العناصر المسببة للضرر يعني السيطرة على سلوك الأشخاص وعلى الأشياء المستخدمة في تنفيذ العقد والسيطرة يقصد بها التأثير الكامل أي توجيه ورقابة يمارسان بواسطة المدين بالسلامة (رش أ.، مدى التزام المستشفى بضمان سلامة المريض اطروحة(دكتوراة)-جامعة الاسكندرية. كلية الحقوق. قسم القانون المدنى، 2015) بطريقة أن استخدامها في تنفيذ الالتزامات لا يقدم أيّ ضرر لصحة الدائن أو لتكامله الجسدي والسيطرة الفعلية للعناصر المسببة للضرر تلزم المدين بضمان السلامة، وتقدير مدى احتمالية وقوع هذا الحادث كي يتمكن من السيطرة عليه، فالحوادث غير المتوقعة وغير المحتملة تخرج ، من دائرة السيطرة، فلا يكون الطبيب مسؤولًا عنها، فهو يلتزم فقط بالحوادث الضارةالمتوقعة، ولا يستطيع التمسك بالسبب الأجنبي أو القوة القاهرة إذا كان الحادث الضارمحقق الحدوث أو محتمل (راهي، 2008)، لأ نّ عدم التوقع يعد أحد شروط التمسك بالقوة القاهرة، ومعيار توقع الحادث الضار موضوعي، أي يجب أن يكون متوقعا من قبل المهنيين من نفس طائفة الملتزم ،أي المعيار هنا ليس معيار الشخص المعتاد العادي شخص مهني حريص، وذلك لما للإنسان من حرمة يجب أن تصان والسيطرة على العناصر المسببة للضرر يجب أن تتغطى خلال مدة تنفيذ الالتزام أي من وقت إبرام العقد إلى حين تنفيذ العقد. ويمكن تحديد النطاق الزمني للالتزام بضمان السلامة من وقت تسليم الدّائن بضمان السلامة نفسه إلى المدين به وفقدانه القدرة على ممارسة خيارات تحقيق سلامة نفسه، وانتقال تلك القدرة إلى المدين به، ويعني المدة الزمنية التي يبقى خلالها المدين ملتزمًا بضمان السلامة تجاه الدائن، أي من وقت دخول المريض إلى العيادة أو إلى المستشفى، أو دخول سيارة الإسعاف تابعة كما في عقد العلاج الطبي أو الاستشفاء إلى وقت مغادرته، فمن خلال هذا النطاق الزمني يكون المدين بالالتزام بضمان السلامة مسيطرًا فعليًّا على العناصر التي قد تسبب الضررهذه الفرضية في حالة توقع المدين بالالتزام بضمان السلامة وجود تهديد يمس أمن المتعاقد الآخر وسلامته، فيفرض عليه ذلك ضرورة اتخاذ إجراءات كفيلة بمنع وقوع هذا الحادث أو التهديد، أو ما يخفف من الآثار الضارة للحادث بالنسبة إلى المتعاقد الآخر، فالالتزام بضمان السلامة يحصل في سيطرة المدين على الأشخاص والأشياء، وهذا الالتزام يقع على عاتق المستشفى فأيّ إخلال بالتزامه القانوني بحماية سلامة المريض يرتب مسؤوليتها المدنية (رش د.، 2020)
المبحث الثاني : أساس مسؤولية المستشفى
أساس دعوى المسؤولية هو السبب الذي يؤسس المدعي(المتضررين من الحريق بفقد ذويهم أو إصابتهم) عليه دعواه ، ولا بد من تحديد السبب في دعوى المسؤولية هل هو الخطأ العقدي أو الخطأ التقصيري ، أم هو مطلق الواقعة الضارة سواء وصفت هذه الواقعة أنّها إخلال بالتزام عقدي أو أنها إخلال بالتزام قانوني، وإنه مهما تنوعت الطرق والوسائل التي يلجأ اليها المدعي المريض أو ذويه في تأييد طلباته فإن سبب دعواه واحد لا يتغير ألا وهو إخلال المدعى عليه المستشفى بمصلحة مشروعة له سواء أكانت حجته أو دليله على هذا الإخلال خطأ عقديًّا ارتكبه المدعى عليه أو خطأ تقصيريًّا وسواء أكان الخطأ التقصيري خطأ ثابتًا أو خطأ مفترضًا، فليست هذه إلا وسائل يستند اليها المدعي في دعواه ، سنوضح أساس مسؤولية المستشفى من خلال تقسيم المبحث الى مطلبين نتناول في المطلب الأول.
المطلب الأول : مسؤولية المستشفى على أساس الفعل الشخصي وفعل الغير
سنوضح في هذا المطلب هل يمكن مساءلة المستشفى على أساس الفعل الشخصي بوصفه شخصًا معنويًّا أم على أساس فعل الغير.
الفرع الأول: مسؤولية المستشفى على أساس الفعل الشخصي
عندما يقع الضرر نتيجة خطأ أحد أعضاء الفريق الطبي ، ويتعذر تحديد المتسبب فيه خاصة في حالة حدوث الحريق فمن الصعوبة تحديد المتسبب، ذهب البعض الى ضرورة إضفاء الشخصية المعنوية أو بعض هذه الشخصية على هذه المجموعة متى كان لها وجود قانوني مستقل إذا كانت لها الشخصية المعنوية، فعتدئذ يمكن أن تنعقد مسؤوليتها عن الضرر الذي أصاب الغير من دون أهمية لتحديد أيّ عضو من أعضاءها والعاملين مرتكب الخطأ، وتمتع المستشفى بالشخصيّة المعنوية يساهم كثيرًا في تخفيف عبء الإثبات عن المتضرر ومن دون اللجوء الى فكرة الخطأ الاحتمالي، بينما هناك اتجاه ثانٍ وهو رفض مسؤولية الفريق الطبي كشخص معنوي والإبقاء على المسؤولية التضاممية أو التضامنية لأعضائه بأن الجميع مسؤول المستشفى والعاملين على وجه التضامن (عبدالغفار، 2013)إذ إن من شأنه أن تحقق للمضرور نتائج مماثلة لما يمكن أن يترتب على انعقاد مسؤولية الفريق الطبي والمستشفى تعدُّ المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي ، مظهر مهمّ من مظاهر المسؤولية التقصيرية لأنّ مسؤولية عن الفعل الشخصي الأصل في المسؤولية التقصيرية أنها مسؤولية تقوم على خطأ واجب الإثبات، يمكن في أن كل شخص له الحق بخطئه ضرر للغير لزمه جبره القاعدة العامة، والحياة الاجتماعية تنص على عدم إلحاق الضرر بالغير كل إخلال بهذا الواجب القانوني العام يعدُّ خطأ يلزم مرتكبه تعويض ما لحق الطرف المتضرر جراء ذلك الخطأ من ضرر سواء يعود على نفسه أو في ماله ومن خلال ما أورده المشرع العراقي في القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل عن المسؤولية عن الأعمال الشخصية وخاصة الأعمال غير المشروعة، التي تقع على النفس في المواد (م،202- 203) إذ أشار في المادة (202) كل فعل ضار بالنفس من قتل أو جرح أو ضرب أو أيّ نوع آخر من أنواع الإيذاء يلزم بالتعويضات من أحدث الضرر ) وجاء في المادة (204) (كل تعدٍّ يصيب الغير بأي ضرر آخر غير ماذكر في المواد السابقة يستوجب التعويض)هذه المواد تضمنت القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، التي تشير الى أنّ هذه المسؤولية تقوم على أركان ثلاثة الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الضرر والخطأ.
وبناء على ذلك فإن مسؤولية التقصيرية للمستشفى عن حدوث الحريق ترتب لتحقق أركانها التي تتمثل بالخطأ التقصيري الذي يعرف أنه إخلال بالتزام قانوني سابق يصدر عن إدراك احد عناصر التعدي، وهو الانحراف في السلوك سواء أكان متعمدًا أو غير متعمد والذي يعنيينا في مجال بحثنا هو الانحراف في السلوك غير المتعمد الذي يصدر عن أهمال مدير المستشفى المطالبة بمستلزمات تطوير المرفق المستشفى، وتحسين سير عمله والتقصير في توفير مستلزمات الوقاية من الحريق والخطأ التقصيري نوعين هما: الخطأ الإيجابي والخطأ السلبي؛ فالخطأ الإيجابي هو القيام بعمل يحرمه القانون كإتلاف وقتل؛ أمّا الخطأ السلبي يبدو في صورة امتناع عن عمل إيّ مثل عدم القيامب المسؤولية هي أعمال شخصية تترتب عن إخلال بالت زام قانوني بمقتضى القانون بتعويض عن ضرر الذي نشأ من دون وجود علاقة تعاقديّة بين الشخص المتضرر و الطرف المسؤول (سعد، مسؤولية المستشفى الخاص عن اخطاء الطبيب ومساعديه (دراسة تحليلة لاتجاهات الفقه والقضاء المصريين والفرنسيين )، 2007) ،أو المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي لا بدّ من توفر ثلاثة أركان الخطأ والضرر والعلاقة السببية (الذنون، 2006) أو المسؤولية عن فعل الغير هي رقابة التي يتولاها الشخص واخضاع الخاضع للرقابة ضرر للغير مسؤولية حارس الشيء كل من له سلطة استعمال وتسيير ذلك الشيء وأن يكون غير حي.
يتضح أن أساس هذه المسؤولة هو الخطأ الواجب الإثبات وعلى المتضرر إثباته ، وإذا ثبت الخطأ وترتب عليه ضر ر للغير فإنّ مرتكبه ملزم بالتعويض غير المستقر عليه، والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هل يمكن عدُّ حدوث الحريق قوة قاهرة أو حادث فجائي ؟ وهل تعفى المستشفى من المسؤولية ؟ للإجابة حسب وجهة نظرنا لايمكن عدُّ حدوث الحريق نتيجة عدم تشييد البناء، الذي يكون ذو جودة عازل للحرارة وتوفير أجهزة الإنذار وممسالك للهروب حادث فجائي، أو قوة قاهرة ومن ثم إعفاء المستشفى من المسؤولية ، إذ إن تقصير مدير المرفق وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة السبب الرئيس في حدوث الحريق في مستشفى الناصرية الذي كان يحوي المصابين بكورونا الذي يتطلب علاجهم توفر أسطوانات للأكسجين ونتيجة الاهمال انفجرت إحداها ما أدى الى حدوث حريق في المستشفى.
الفرع الثاني: المسؤولية على أساس فعل الغير
نصت المادة (219) من القانون المدني العراقي على ما يأتي (الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة، وكل شخص يستغل إحدى المؤسسات الصناعيّة أو التجاريّة مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم، إذا كان الضرر ناشئًا عن تعد وقع منهم أثناء قيامهم بخدماتهم، ويستطيع المخدوم أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه بذل من العناية ما يكفي لمنع وقوع الضرر، أو أن الضرر كان لا بدّ واقعًا حتى لو بذل العناية ) يفهم من النص ضيق المشرع العراقي من نطاق هذه المسؤولية بتقييده لشخص المتبوع، وشروط تحقق هذه المسؤولية وخاصة خطأ التابع الذي يُسأل عنه المتبوع، إن المشرع العراقي حدد الأشخاص الذين ينطبق عليهم وصف المتبوع ومن ثم يمكن الرجوع إليهم وفق قواعد مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ، وهم الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى، التي تقوم بخدمة عامة وكل شخص طبيعي أو معنوي يستغل مؤسسة صناعية وتجارية.
لم يضع المشرع العراقي قاعدة عامة في تحديد شروط انطباق وصف المتبوع بحيث ينطبق على كل من تتوفر فيه هذه الشروط ومن الأشخاص مثل الأطباء أو المحامين، وهؤلاء لا يمكن مساءلتهم على وفق أحكام مسؤولية المتبوع. وذلك لتحقق مسؤولية المتبوع في القانون المدني العراقي لابد من تحقق الشروط الآتية:
– قيام علاقة التبعية بين من يراد الرجوع عليه بالتعويض وبين محدث الضرر
-صدور عمل غير مشروع من التابع.
– صدور خطأ من التابع أثناء قیامه بخدمة، إن المشرع العراقي ضيق من نطاق مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه، وذلك حينما حصر مسؤوليته عن خطأ التابع الذي يرتكبه أثناء تأديته لوظيفته فقط.
أمّا الخطأ بسبب الوظيفة وهو الذي يقع خارج نطاق نشاط عنه، ولكنه يعد امتدادًا لها لارتباطه معها برابطة السببية بوصف أن الوظيفة هي سببه المباشرـ فلا يُسأل عنه المتبوع بخلاف القانون المدني المصري وبعض التقنينات المدنية العربية محل المقارنة ،التي توسعت في مسؤولية المتبوع إلى خطأ تابعه، الذي يرتكبه بسبب وظيفته إذ إن التابع لم يكن باستطاعته ارتكاب هذا الخطأ، أو التفكير في ارتكابه لولا وظيفته (السنهوري، 2004) بل إن بعض التقنيات المدنية من مثل القانون المدني الجزائري، قد توسعت في مسؤولية المتبوع بأن جعلته مسؤولًا حتى عن الخطأ الذي يصدر من التابع بمناسبة الوظيفة .ويقصد بالخطأ بمناسبة الوظيفة الخطأ الذي تسهّل الوظيفة ارتكابه أو تهيئ الفرصة لوقوعه من دون أن تكون الوظيفة ضرورية لإمكان ارتكابه أو التفكير (مرقس، 1992) في تنفيذه .
نصت المادة( 174 ) من القانون المدني المصري على أن يكون المتبوع مسؤولًا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غيرعلمه، متى كان واقعًا منه في حال تأد ية وظيفته أو بسببه) أقام المشرع العراقي مسؤولية المتبوع على خطأ مفترض قابل لإثبات العكس ، فيستطيع أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر، وكان الأولى تأسيسها على خطأ مفترض غير قابل لإثبات العكس إلا في حالة السبب الأجنبي .
-أجاز المشرع العراقي للمتبوع أن يرجع إلى التابع بما ضمنه، وكان الأولى تقييد حق المتبوع بالرجوع إلى التابع في حدود مسؤولية هذا الأخير في تعويض الضرر.
أو عندما يرتكب خطأ جسيم وبوصف المستشفى العام تابع للحكومة، فهي من تسأل عن نشوب الحريق اما المستشفى الخاص بوصفها مؤسسة أيضًا يمكن مسألتها عن أعمال الغير التابعين لها ، وأيضًا قضت المادة (174) من القانون المدني المصري بذلك ، والقانون الفرنسي في المادة (1384) ، إن القرينة التي قررتها هذه المواد قاطعة لا تقبل العكس، وإذا انعقدت مسؤولية التابع أيّ العاملين في المستشفى فيستتبع مسؤوليّة المتبوع ولا يمكن للمتبوع (المستشفى) دفع المسؤولية عنه إلا إذا أثبت عدم توافر شروط المسؤولية من جانب التابع، بمعنى أن الفعل لم يكن خطأ أو أن هناك سببًا أجنبيًّا أو قوة قاهرة ولتأصيل مسؤولية المستشفى بوصفه متبوعًا ذهب جانب من الفقه الفرنسي والمصري الى أن أساس مسؤولية المتبوع بصفته عن أعمال تابعيه غير الشرعية يكمن في نظرية الخطأ المفترض من التابع، وهذا الخطأ غير قابل لاثبات العكس ونظرية الخطأ المفترض (بكر، 2016) تؤسس مسؤولية المتبوع على خطأ مفترض في جانبه افتراضًا لا يقبل إثبات العكس، يكمن في تقصيره في اختيار وتوجيه رقابة تابعه غير أن هذا الرأي يؤخذ عليه كون المتبوع لايستطيع التخلص من المسؤولية، إلا إذا استطاع نفي علاقة السببية بين خطئه المفترض والضرر المترتب عن العمل غير المشروع للتابع يفترض خطئها، الذي يكمن في تقصيرها لواجب الرقابة، والتوجيه فلا يكلف المستفيد بأثباته لأنّ القانون افترضه وهذا يعني أن مجرد صدور الخطأ، الذي يترتب عليه ضرر للغير تقوم مسؤولية المستشفى ولايمكنها التخلص من المسؤولية، بإثبات العكس إذ إنه كان يستحيل عليه أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر ،لو كانت قرينة الخطأ غير قابلة لإثبات العكس لأمكن للمتبوع أن يتخلص من المسؤولية، إذا هو أثبت أن الضرر كان لابدّ واقعًا ولو قام بواجبه في الاختيار والرقابة والتوجيه أيّ نفي علاقة السببية ، لكن تعرضت هذه النظرية للعديد من الانتقادات منها، أن الخطأ إذا كان يُفرض على الشخص من القانون ولا يقبل إثبات عكسه فإنه يصبح التزامًا قانونيًّا، ومن ثم لا يصح القول إنه أساس للمسؤولية ، إضافة الى ذلك لو كانت قرينة الخطأ قاطعة ، وهذا يعني أن أساس مسؤولية المستشفى بوصفها متبوعًا لا يكمن في الخطأ، وإنما في تحمل التبعة (سعد، مرجع سابق). ذهب اتجاه الى بناء أساس مسؤولية المتبوع طبقًا للمادة 1384/5 مدني فرنسي في إعمال نظرية التأمين القانوني، والتي بمقتضاها يعدُّ المتبوع كالمؤمن نتيجة استفادته أو احتمال استفادته من خدمات تابعه، والمتضرر في مركز المؤمن عليه فيمكن الرجوع على المتبوع من دون أن يترتب عليه أي خطأ غير خطأ تابعه، ومن دون أن يستطيع أن ينفي ذلك الخطأ وقد لاقت هذه النظرية تأييد من الفقه والقضاء إذ قرروا التأمين القانوني تأمين للضرر، وليس تأمين للمسؤولية في ذاتها أيّ أنّ المتبوع يعدُّ المؤمّن للمتضرر وليس مؤمنًا للتابع فاعل الضرر، ويترتب على ذلك أن المتضرر وحده هو الذي يستطيع مقاضاة ذلك المتبوع، أمّا التابع فلايستطيع رجوع على المتبوع إذا ما اكتفى المتضرر بمقاضاة، واقتضاء التعويض من الفاعل فحسب فهذه المسؤولية مؤسسة على فكرة المخاطر المهنية أو التضامن ولهذا وجب إعمال فكرة التأمين القانوني للنشاط الطبي، وأن هذه الفكرة تحقق عدة مزايا منها سلامة الأطباء والمرضى وتكون مضمونة أي حماية المرضى وبراءة الأطباء.
لم يشر المشرع العراقي الى ذلك لا في قانون الصحة العامة لا في تعليمات تأسيس المستشفيات الأهليّة رقم 3 لسنة 2001 ، إلا أنه أشار إليه بصورة غير مباشرة في البند (1) من المادة (259 ) من القانون المدني العراقي، التي أقرت المبدأ العام لمسؤولية المدين عن أخطأء من استخدمهم في تنفيذ التزاماته العقدية، التي نصت على أنه وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من كل مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ، الذي تنشأ عن غشه أو خطأه الجسيم ، ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته من الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه، كذلك الحال بالنسبة إلى المشرّع المصري ،أمّا المشرع الفرنسي فقد قرر مسؤولية المؤسسات الصحيّة الخاصة عن كل ضرر يصدر من الكوادر الطبية العاملة فيها في المادة (1142-1 )من قانون الصحة العامة الفرنسي، وهذا ما أ كده القضاء الفرنسي أيضًا في القرار الصادر من محكمة النقض الفرنسيّة بشأن مسؤولية المؤسسات الصحية الخاصة عن أخطأء الأطباء التابعين لها، والذي جاء فيه بموجب عقد الاستشفاء والعناية الذي يربطها بالمريض تكون المؤسسة الصحية الخاصة مسؤولة عن الأخطاء المرتكبة، أمّا منها أو من تابعيها أو من حلو محلها والذين سببوا ضررًا للمريض (يتضح لنا مما تقدم أن أساس مسؤولية المستشفى الأهلية، هو الخطأ المفترض من جانبها متبوعًا فهي تقوم على ما بدر منها من تقصير واهمال في االختيار والرقابة ، فهو بوصفه خطأ مفترض ألا يقبل إثبات العكس.
المطلب الثاني : مسؤولية المستشفى على أساس مسؤولية عن فعل الاشياء
سنتناول في هذا المطلب مسؤولية المستشفى على أساس مسؤولية عن فعل الأشياء بعد تقسيمه الى فرعين: سنوضح في الفرع الأول: المسؤولية على أساس حراسة الشيء ونخصص الفرع الثاني: لتوضيح مسؤولية المستشفى على أساس حائز العقار.
الفرع الأول : مسؤولية المستشفى على أساس حراسة الشيء
يمكن تعريف الحراسة أنّها )وضع مال يقوم بشأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت، ويتهدده خطر عاجل على يد أمين يتكفل بحفظه وإدارته ورده مع تقديم حساب عنه الى من يثبت له الحق فيه، ويوضع المال تحت الحراسة أمّا بالاتفاق بين الطرفين المتنازعين فتكون الحراسة اتفاقية، وإمّا بحكم من القضاء فتكون حراسة قضائية يقصد بالحراسة السيطرة الفعليّة المستقلة على الشيء، التي تمكّن صاحبها من الرقابة والتوجيه والتصرف في الشيء لحساب نفسه . ويقصد بالسيطرة الفعلية الممارسة المستقلة للإمكانيات التي يوفرها الشيء. فالحارس هو الذي يملك حق إعطاء الأوامر بتحريك الشيء أو عدم تحريكه .فإن الحارس هو من له السلطه القانونية على الشيء، ويحق له استعمالها وتوجيهها والرقابة عليها (العدوان، 2019).
إذ إنه ولتطبيق ذلك على مسؤولية المستشفى يمكن ترتيب مسؤوليتها عما يحدث من حرائق من الأشياء، التي تستخدمها في علاج المرضى بوصفها أجهزة خطرة تتطلب عناية خاصة، وحيث لايوجد تعريف للالات في التشريع العراقي كما هو الحال في باقي التشريعات، وإنما ترك الأمر للفقه الذي عرفها (أنّها مجموعة من الأجسام الصلبة الغرض منها تحويل عمل الى آخر أو شيء آخر تستمد حركتها من محرك، أو قوة دافعة لها سواء أكانت تلك القوة تتولد عن البخار أو المياه أو الكهرباء، أو النفط أو الطاقة الذرية أو النووية باستثناء الإنسان أو الحيوان) ، ولا توجد أهمية للغرض الذي تستعمل من أجله الآلة ولا المواد المصنوعة، ولا الشكل الذي تتخذه سواء أكانت من المقولات أو العقارات أو جزءًا منها ولا يغير من طبيعة الآلة الميكانيكية سواء أكانت مثبتة على الأرض أم قابلة للنقل أو الحركة من مكان الى آخر. والسؤال الذي يمكن طرحه هل يمكن عدُّ أسطوانة الأكسجين آلة ميكانيكيّة؟ يمكن عدُّ أسطوانات الأكسجين من الأشياء التي تتطلب خاصة قصر المشرع العراقي أحكام المسؤولية في المادة(231) على قسم من الأشياء وهي الآلات الميكانيكيّة والأشياء التي تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها، وتشمل الأشياء التي تتطلب عناية خاصة كل شيء يتطلب عناية خاصة للوقاية من ضرره، ويستثنى من هذه المسؤولية المباني لأن المشرع قد أفرد للمسؤولية الناجمة عنها نصًّا خاصًا هو نص المادة (229) وكذلك تستثنى جميع الأشياء الأخرى التي لا تقتضي حراستها عناية خاصة، فالمسؤولية عن هذه الأشياء تخضع لأحكام القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية يقصد بالشيء في نطاق البحث هو أسطوانة الأكسجين التي تعدُّ من الأشياء التي تتطلب حراسة وعناية خاصة، ويقاس على ذلك أن المصلحة تقتضي افتراض تعدي حارس الآلات الميكانيكية، وحارس الأشياء الخطرة سوا ءأكان بوضع المباشر أو بوضع المتسبب بالنسبةإ ليها، لكنه افتراض قابل لإثبات العكس.
الفرع الثاني : المسؤولية على أساس حائز العقار
نظم القانون المدني العراقي رقم (40 ) لسنة 1951 مسؤولية صاحب البناء، والساكن المدنية في المادتين 229 و230 منه ، إذ نصت المادة 229 على أنه:
1 -لو سقط بناء وأورث الغير لانهدام، أو فيه عيب أدى إلى سقوطه، وكان صاحبه قد نبه إلى ذلك أو ضررًا، فإن كان البناء مائلاً بضرر يصيبه من كان يعلم بحالة البناء، أو ينبغي أن يعلم بها وجب الضمان.
2 -يجوز لمن كان مهددًا البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير لدرء الخطر، فإن لم يقم المالك بذلك جاز الحصول على أذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه(. ونصت المادة 230 )على أنّ كل من يقيم في مسكن يكون مسؤولاً عما يحدث من ضرر بسبب ما يلقى أو يسقط من هذا المسكن، ما لم يثبت أنه اتخذ الحيطة الكافيّة لمنع وقوع الضرر(يفهم من هذه النصوص أنّ المشرّع العراقي وضع المسؤولية عن البناء على عاتق صاحب البناء والساكن) ، وقد عرّف جانب من فقه القانون المدني العراقي صاحب البناء أنّه (كل شخص يتمتع بالسيطرة الفعلية على البناء، والتي ترتبط بواجب يفرضه القانون عليه بصيانته وإصلاحه ، ما يجعله مسؤولًا عن تهدمه أو سقوطه ، والأصل أن يكون صاحب البناء مالكه ) فيكون هو المسؤول عن تهدمه أو سقوطه سواء أكان البناء في حيازته أو في حيازة شخص آخر كالمستعير أو المستأجر أم الدائن المرتهن ، لا يشترط أن يكون صاحب البناء هو المالك ففي بعض الأحوال الاستثنائية يكون غير مالك (قاسم، 2016) ، إذا انتقلت اليه السيطرة الفعلية على البناء مقترنة بواجب مضمونة صيانة البناء وإصلاحه ، وهو ما ينطبق على مدير المستشفى العام، وإن لم يكن مالكًا للبناء بوصفه ملك للدولة، لكن له السيطرة الفعلية على البناء الذي ترتب على عاتقه التزام بصيانته ويكون مسؤولًا عن الضرر الناجم عن انهدامه أو سقوطه سواء أكان مالكًا أم حائزًا طالما كانت له سيطرة حقيقية على البناء، كما نلاحظ أن الفقرة الأولى من المادة (177) من القانون المدني المصري رقم(131) لسنة 1948 استخدمت مصطلح (حارس البناء) وهو أيضًا كل شخص تكون له السيطرة الفعلية على البناء، وقد يكون مكلّفًا قانونًا بحفظه وصيانته والتأكد من عدم كونه معيبًا عيبًا يتهدد الناس بخطر إلا أنّ مصطلح حارس البناء الذي استمده القانون المدني المصري من القانون المدني الفرنسي يختلف عن مصطلح صاحب البناء، لأنّ فكرة الحراسة قد لا تكون مرتبطة بالملكية أصلًا إذ ليس من الضرورة أن يكون حارس البناء المالك نفسه، ولا المنتفع ولا الحائز أمّا بالنسبة إلى الساكن فلم تحدد المادة (230) من القانون العراقي ما إذا كان ماللك أم غير مالك لأنّ جاء في المادة كل من يقيم في مسكن، وهذا نص مطلق والمطلق يجري على إطلاقه أن الالتزام في نطاق المسؤولية عن الفعل الضار أو العمل غير المشروع هو التزام قانوني، وهذا الالتزام هو التزام ببذل عناية دائمًا، والعناية المطلوبة اتخاذ الحيطة والحرص وإبداء اليقظة وتوخي الحذر لتجنب الحاق الضرر بالغير، فالخطأ في هذا المجال هو التقصير عن بذل العناية المطلوبة وليس عدم تحقق النتيجة، فمضمون هذا الالتزام هو بذل القدر المطلوب من العناية فإن التزام صاحب البناء يتمثل بصيانة البناء والمحافظة عليه وإصلاحه وتجديده وترميمه فإن مسؤوليته تنهض على أساس الخطأ المفروض فرض بسيطًا قابلصا إثبات العكس، وبإمكان صاحب البناء دفع المسؤولية عنه بنفي قرينة ً الخطأ وذلك بإثبات جهله أو عدم علمه بالعيب الذي كان يعتري البناء أو بميالنه آيل إلى السقوط بإثبات السبب الجنبي الانهدام، كما يستطيع دفع المسؤولية أيضاً أما بالنسبة إلى مسؤولية الساكن أو من يقيم في مسكن، فقد أقامها القانون المدني العراقي على أساس الخطأ المفروض أو بسيطًا قابلًا إلثبات العكس المفترض فرضًا فيمكن للساكن نفي المسؤولية عنه بنفي قرينة الخطأ، وذلك بإثبات أنه بذل العناية اللازمة، واتخذ الحيطة الكافية للحيلولة دون وقوع الضرر، أو بإثبات السبب الجنبي. وتطبيقًا لذلك نؤسس مسؤولية المستشفى عن احتراق البناء بوصفه مالك البناء بالنسبة إلى مالك المستشفى الخاص، أمّا العام فانه ملكيتها تعود للدولة بوصفها مرفقًا عامًّا على أساس مسؤوليّة حائز على العقار أو المنقول عن الحريق. إذ تقوم على خطأ واجب الإثبات من تقصيره، وإهماله في اتخاذ العناية اللازمة للوقوف على عيوب البناء، وأنّه مشيد من مواد سريعة الاشتعال، فإن تقصيره في بذل العناية المطلوبة يرتب مسؤوليته، أمّا في حال كانت المستشفى الأهلية مستاجرة خطأ المستأجر مفترض افتراضًا بسيطًا إذ يستطيع أن يثبت عكسه (علي، 2020) ويكون الخطأ المستأجر مفترض بوصف أن المسؤولية المترتبة عليه هي مسؤولية عقدية، و ليس تقصيرية ومن الالتزامات التي يتحملها المستأجر نحو المؤجر، ولامانع من الرجوع الى نص المادتين (764،772) من القانون المدني العراقي المتعلقة بالإيجار حكم العين المؤجرة في القانون العراقي يعود الى القواعد العامة، إذ نصت المادة (764) على أنّ المأجور أمانة في يد المستأجر ويلتزم برد المأجور بالحال التي سلمه عليها الاعتماد بالعين المؤجرة المحافظة عليه، و استعمالها استعمالًا عاديًّا و عليه يكون مسؤولًا عن الحريق لا بدّ له فيه إذا تعدد المستأجرون لعقار واحد كان كل واحد منهم مسؤولًا عن المؤجر، إلا إذا أثبت أن الحريق يبدأ نشوبه في الجزء الذي يشعلها أحد المستأجرين، فيكون هذا الأجير مسؤولًا وحجة عن الحريق و ذلك حسب المادة و أحكامها. إذا تحققت شروط المسؤولية عن الحريق الإشارة إليه أصبح الحائز مسؤولًا حسب المادة 138 الفقرة 8 إذ إنّ هذه المسؤولية تقوم على أساس الخطأ الواجب الإثبات في جانب الحائز أو في جانب من هو مسؤول عنهم .فإنه لا يستطيع التخلص من هذه المسؤولية إلا بنفي الخطأ عن نفسه أو ينفي الخطأ عن الذين يسأل عنهم وذلك بإثبات أنه لم يصدر منه أو من هو مسؤول عنهم أي إهمال، وتقصير أو انحراف سلوكي أدى إلى نشوب حريق في منقولات أو عقارات وفي منقولات انتقل هذا الحريق إلى ممتلكات الغير، كما يستطيع الحائز المسؤول الحائز أن يتخلص من هذه المسؤولية بإثبات السبب الأجنبي في إحدى صوره ، وبكامل الشروط القوة القاهرة حادث مفاجئ 148 أو خطأ المتضرر.
وخطأ الغير أي نفي خطأ واجب الإثبات أو عن المسؤول عنهم الخطأ ،بالإضافة إلى إمكانيات إثبات السبب الأجنبي حتى يتخلص من هذه المسؤولية، المسؤولية الناشئة عن الحريق هي المسؤولية عن الأشياء غير الحية التي تقوم على أساس الخطأ المفترض، وقد أثار جدلًا حول مسؤولية قيام الحريق وتوصل إلى عدّ إثبات الحريق الضحية لخطأ حائز العقار أو المنقول أو خطأ من هو مسؤول عنهم (الخفاجي، 2019) على أساس مسؤولية الحريق الخطأ الواجب الإثبات حسب المادة 143 من القانون المدني الجزائري، لا يكاد الحائز العقار أو المنقول الذي حدث فيه حريق إلا إذا أثبت أن الحريق ينسب إلى خطئه أو خطأ المسؤول عنهم، عليه المسؤولية عن الحريق في القانون المدني الجزائري و هي مسؤولية قوامها الخطأ الواجب إثبات بجانب الحائز أو الأشخاص الذين يسأل عنهم، فإذا أثبت الخطأ قامت المسؤولية عن الحريق و استحق المتضرر التعويض و على هذا الأساس فإن المسؤولية عن الحريق تخضع للقواعد العامة الواردة في المادة 144 من القانون المدني الجزائري ،والمادة (584) من القانون المدني المصري المستأجر مسؤول عن حريق العين المؤجرة إلا إذا أثبت أن الحريق نشأ عن سبب لا يد له فيه حيث المسؤولية عن الحريق تقع بمجرد إثبات المتضرر ا لأخطاء، حيث يمكن المسؤول التخلص من هذه المسؤولية بمجرد إثبات الخطأ الأجنبي في اشتعال الحريق هناك من يرى أن في حالة نشوب الحريق المتضرر، حتى يمكن إثبات صفة في التعويض يشترط عليه إثبات الخطأ في جانب المدعي بينما الشخص الآخر عدّ المسؤولية عن الحريق لاعتبار الإنسان المسؤول عن الأشياء (سلمان، 2008)التي تكون تحت حراسته وعليه حارس الأشياء يعدُّ مسؤولًا عن الأضرار تنشأ بسبب نشوب الحريق ولا يمكن أن ينفي المسؤولية، وعليه أساس المسؤولية الناجمة عن الحريق هو خطأ الواجب الإثبات في جانب الحارس وجانب الأشخاص الذين يسأل عنهم الحارس يخضع إلى أحكام المسؤولية عن فعل الشخص، وعليه لا يسأل حارس الأشياء عن الأضرار الناشئة عن الحريق إذا اثبت الخطأ في جانبه وحسب، وإنما يسأل كذلك عندما يثبت الخطأ في جانب الأشخاص الذين يسأل عنهم (امال، مرجع سابق، 2020) وإذا كان الصل أن يكون المدعي في دعوى التعويض عمومًا شخصًا طبيعيًّا أو شخصًا معنويًّا ، كما لو كان مؤسسة أو جمعية أوغيرهما، فإنه لا يمكن بالنسبة الى دعوى تعويض الضرر التبعي )المادي والمعنوي) أن يكون المدعي شخصًا معنويًّا ، ذلك لأنّه بالنسبة إلى الضرر التبعي المعنوي، فإنه محصور بالأشخاص الطبيعية )الزوج والأقربين من الأسرة(. وبالنسبة الى تعويض الضرر المادي )فقدان الإعالة( فإنه قاصر أيضًا على الأشخاص الطبيعية التي كان المتوفي يقوم بأعالتهم قبل وفاته بالفعل الضار. ولا يشترط في دعوى تعويض الضرر التبعي أن ترفع من المتضرر التبعي نفسه مباشرة، إذ يجوز طبقًا للقواعد العامة رفعها من الشخص الذي يكون نائبًا عنه أو كان خلفا له، ويستطيع دائنو من كان ضحية الضرر أن يرفعوا باسم مدينهم دعوى غير مباشرة بالتعويض إذا توفرت شروطها ، ويكون الحكم الصادر في هذه الدعوى لمصلحة المتضرر الأصلي وليس لمصلحة من يقوم مقامه، وقد يتعدد المدعون في دعوى تعويض الضرر التبعي كما لو كان المتوفي يعيل أثناء حياته أكثر من شخص واحد أو نجم عن موته إلحاق أضرار أدبية عدة بأشخاص متعددون )الأزواج والأقربين من الأسرة( والسؤال الذي يطرح في هذا السياق هل في مثل هذه الحالة تأثيرل قيام أحد المتضررين التبعين برفع دعوى تعويض الضرر التبعي الذي لحقه على حق المتضررين الآخرين في المطالبة بتعويض الأضرار التبعية التي لحقتهم؟ الواقع أنّه لا يوجد مانع قانوني أو عملي يمنع تعدد دعاوى تعويض الأضرار التبعية في حالة إصابة أكثر من شخص واحد بها، فالضرر التبعي سواء أكان ماليًّا أو أدبيًّا هو ضرر شخصي يتعلق بشخص المتضرر التبعي) (، فإذا تعدد الأشخاص المتضررون بالتبعيّة فذلك يؤدي الى إمكانية تعدد دعاوى التعويض عنها، فيكون لكل مضرور المطالبة بصورة مستقلة عن تعويض الأضرار التبعية التي لحقته، ويكون لكل دعوى طلبها ووسائل أثباتها الخاصة، وكذلك حكمها الخاص بها لوحدها، وحتى في حالة قيام جميع المتضررين بالتبعية برفع دعوى واحدة للمطالبة بتعويضهم عن الأضرار التبعية لتي لحقتهم، فإنه يلزم في هذه الحالة النظر في هذه الدعوى أنها تتضمن طلبات عدة من أكثر من مدعي واحد، لذلك فإن على محكمة الموضوع أن تفصل في طلب كل مدعي في هذه الدعوى الأشخاص الذين يرتبطون بالمتضرر الأصلي برابطة عائلية حيث جاء في نص المادة) 205 ( من ق.م.ع بمناسبة الكلام عن تعويض الضرر التبعي المعنوي أنه )يجوز أن يقضي بالتعويض للأزواج والأقربين من الأسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب موت المصاب(، فالنص حدد الأشخاص الذين لهم حق المطالبة بالتعويض عن الضرر التبعي المعنوي ب)الأزواج والأقربين من ألسرة(، ما يعني أنّه لا يحق لأي شخص من خارج هذه الطائفة المطالبة بالتعويض عن مثل هذا الضرر، حتى وإن أصابه فعلًا ضرر تبعي معنوي بسبب موت المصاب، وعليه لا يستطيع الجار مثلًا أو الصديق أن يدعي بأضرار مالية أو أدبية نتيجة حادثة أدت الى وفاة جاره أو صديقه، أستنادًا الى علاقة الجوار أو الصداقة وحدها. وقد ثار خلاف بين فقهاء القانون المدني العراقي حول المقصود بعبارة )الأقربين من الأسرة) (حسن، 2019)
الخاتمة
في ختام بحثنا توصلنا الى جملة من النتائج والتوصيات:
أولًا: النتائج
لم ينظم المشرع العراقي المسؤولية عن نشوب الحريق في المستشفى ، لذا يمكن الاستناد إلى المواد التي نظمت المسؤولية عن الفعل الشخصي وفعل الغير ، تسأل المستشفى على أساس الخطأ المرفقي الذي يدخل في إطار تنظيم وتسيير النشاطات الاستشفائيّة وضمان سلامة المرضى، أمّا الخطأ الشخصي للطبيب لا تسأل عليه المستشفى فهو من يتحمل تبعته، أن أساس مسؤولية المستشفى عن نشوب الحريق هو المسؤولية عن فعل الغير أو المسؤولية عن حراسة الأشياء التي تتطلب عناية خاصة أو مسؤولية حائز العقار، الذي نظم المشرع العراقي مسؤوليته، تنعقد المسؤولية التقصيرية على عاتق المستشفى العام في حالة نشوب الحريق لحدوث إخلال بالتزام قانوني أمّا المستشفى فترتب المسؤولية العقدية إذ إنها تخضع لقواعد القانون الخاص ،يمكن لذوي الضحايا رفع دعوى المسؤولية والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الأدبية والمادية وحددهم المشرع بالأقارب وبأسرته لايمكن للجار والصديق المطالبة ،يمكن أن يكون المدّعي أكثر من شخص في حالة تضررهم من فقد ذويهم .
ثانيًّا: التوصيات
يجب أن تتوفر سبل الوقاية من نشوب الحريق في المستشفى، وذلك بإزالة أسبابه وتحديد حصر امتداده كمنع التدخين في الأماكن المحصورة وخاصة مع وجود أشياء قابلة للانفجار، والاشتعال السريع واتخاذ الوسائل ضد الشرر الكهربائي واستخدام أجهزة قطع التيار الكهربائي والالتزام بالتعليمات اأامنية للمكان عن طريق التفتيش الدوري على أماكن العمل إذ يعدُّ التفتيش بطريقة جذرية على مواقع العمل حتى وإن كانت مصممة ضد الحرائق ،وضع نظام أمني وذلك كتركيب عدد من طفايات الحريق بالأكثر من مكان باطني، ووضع إرشادات للسلامة الأمنية والالتزام بها للحدّ من خطر نشوب الحرائق، وتركيب نظام الإنذار في الأماكن والقاعات التي تتزايد حدوث الحرائق بها وقد ينجم عنه من خسائر وفي حالة وقوع الحريق تعمل تلك الأجهزة الأوتوماتيكية على اختصار الحقبة الزمنية الواقعة بين لحظة وقوع الحريق ولحظة اكتشافه، ما يفسح المجال أمام سرعة التدخل وفعاليات عملية المكافحة والسيطرة على الحريق وتقلل الخسائر الناجمة عنه .
المصادر
- (27/4/1947). 112 من المرسوم الصادر. تأليف جمهورية مصر، في حال وقوع حادث مهني وقت ممارسة العمال لمهنتم في المستشفى فأن المستشفى تلتزم بالتعويض في مواجهة العمال انفسهم وفي مواجهة الغير بموجب تأمين التزمت به إدارة المستشفى العام. مصر.
- angers. (1971).
- Mazaud et tunc. ( 1953). la respons. Civile n. 159 . savatier. Le droit medical n.425. marseill.
- miras (a)، Feuglet (P)، Faivre (P) (– Malicie (D). (1999). la responsabilité médicale données actuelles،. تأليف la responsabilité médicale données actuelles، (صفحة p 37). Paris.
- أكو فاتح حمه رش. (2015). مدى التزام المستشفى بضمان سلامة المريض اطروحة(دكتوراة)-جامعة الاسكندرية. كلية الحقوق. قسم القانون المدنى. تأليف أكو فاتح حمه رش. الاسكندرية: مكتب الاتحادات المصرية.
- أكو فاتح حمه رش. (2015). مدى إلتزام المستشفى بضمان سلامة المريض (دراسة مقارنة). مصر: جامعة الاسكندرية.
- بسام مجيد سلمان. (2008). مسؤولية التاجر عن حريق العين المؤجرة (دراسة تحليلية مقارنة ). مجلة الرافدين المجلد العاشر العدد 38، ص 4.
- بومدين سامية. (2019). الالتزام بضمان السلامة في المجال الطبي اطروحة دكتوراه. الجزائر: جامعة مــــولــــــود مـعـــمـــــــــري تـــيـــــزي وز.
- د.احمد خالد علام. (2006). الحرائق اساليب مكافحتها والوقاية منها. مصر: دار الحكيم للطباعة.
- د.احمد محمود سعد. (2007). مسؤولية المستشفى الخاص عن اخطأء الطبيب ومساعديه (دراسة تحليلة لاتجاهات الفقه والقضاء المصريين والفرنسيين ). دار النهضة العربية.
- د.احمد محمود سعد. (2007). مسؤولية المستشفى الخاص عن اخطأء الطبيب ومساعديه (دراسة تحليلية لاتجهات الفقه والقضاء المصريين والفرنسيين). مصر: دار النهضة العربية للنشر.
- د.احمد محمود سعد. (بلا تاريخ). مرجع سابق.
- د.انيس محمد عبدالغفار. (2013). التزامات الطبيب تجاه المريض( دراسة مقارنة بين القانون الوضعي والفقه الاسلامية). مصر: دار الكتب القانونية.
- د.حسن زكي الابراشي. (1951). المسؤولية المهنية للاطباء والجراحين رسالة دكتوراه حقوق القاهرة. القاهرة.
- د.حسن علي الذنون. (2006). المبسوط في شرح القانون المدني الجزء الخامس ، المسؤولية عن الاشياء. العراق: دار وائل للنشر.
- د.زينة غانم يونس. (2011). ارادة المريض في العقد الطبي (دراسة مقارنة). مصر: دار الكتب القاتونية.
- د.سليمان مرقس. (1992). الوافي في شرح القانون المدني الطبعة الخامسة الجزء الأول. العراق: مكتبة دار السلام.
- د.سمير دنون. (2009). الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانون المدني والاداري (دراسة مقارنة). الجزائر: المؤسسة الحديثة للكتاب.
- د.سمير ذنون. (2009). الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانون المدني و الاداري (دراسة مقارنة). بيروت: المؤسسة الحديثة للكتاب.
- د.عبدالرزاق احمد السنهوري. (2004). الوسيط في شرح القانون المدني الجزء الأول نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام. مصر: منشأة المعارف.
- د.عصمت عبدالمجيد بكر. (2016). المسؤولية التقصيرية في القوانين المدنية العربية. بيروت: منشورات زين الحقوقية.
- د.ناكو فاتح حمه رش. (2020). مسؤولية الستشفى عن اخطأء العاملين فيها (دراسة تحليلية مقارنة). دراسات قانونية وسياسية السنة الثامنة العدد(11)، ص 9. doi:https://doi.org/10.17656/jlps.10177
- دحاس امال. (2020). المسؤولية عن نشوب الحريق في المستشفى رسالة ماجستير جامعة بجاية الجزائر. الجزائر.
- دحاس امال. (2020). مرجع سابق.
- رواء كاظم راهي. (2008). المسؤولية المدنية لإدارة المستشفى عن اخطأء الأطباء العاملين فيها – رسالة ماجستير . بابل: كلية القانون جامعة بابل .
- سعيدات حليمة و نجاري تيزريري. (2016). المسؤولية الادارية للمستشفى العمومي بين الخطأ الشخصي والمرفقي، رسالة ماجستير. الجزائر: جامعة اكلي محند اولحاج ، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
- سلام عبدالزهرة الفتلاوي وانغام محمود الخفاجي. (2019). ملاحظات على تنظيم القانون المدني العراقي للمسؤولية عن فعل الغير. مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية المجلد 27 العدد 7، ص 6.
- صلاح فايز العدوان. (2019). المسؤولية المدنية عن الالات والاشياء الخطرة رسالة ماجستير. عمان الاردن.
- عربي نيوز. (25 4، 2021). تم الاسترداد من bbc.com: https://www.bbc.com/arabic/interactivity-56880186
- علي عصام غصن. (2006). الخطأ الطبي ط1. بيروت: منشورات زين الحقوقية.
- فاطمة عيساوي. (2013). المسؤولية الادارية عن اضرار المرافق العامة الطبية شهادة ماستر اكاديمي في الحقوق. تأليف فاطمة عيساوي. الجزائر: جامعة قاصدي مرباح – ورقلة.
- (1981). قانون الصحة العامة العراقي رقم 89 لسنة 1981 المادة الثانية. تأليف قانون الصحة العامة العراقي (صفحة المادة الثانية). العراق: جريدة الوقائع العراقية.
- لمى وهاب ابراهيم المسلماوي ، فاطمة عبدالرحيم ، بان سيف الدين. (13/4/2019). الخطأ الموجب لمسؤولية المستشفى الاهلية . مجلة كلية العلوم التربوية والإنسانية، ص 8-9.
- مجموعة احكام النقض المصرية. (21/12/1971). انظر الطعن رقم 464.
- محمد حسين منصور. (2001). المسؤولية الطبية. الاسكندرية -مصر: دار الجامعة الجديدة.
- محمد حنون جعفر ، زيبر مصطفى حسن. (2019). الضرر التبعي والأساس القانوني لدعوى التعويض (دراسة تحليلية في القانون المدني). المجلة العلمية -جامعة جيهان السليمانية المجلد الثالث العدد الثاني، ص 12-14.
- محمد ظاهر قاسم. (2016). الأساس القانوني لللمسؤولية عن الاشياء الخطرة امام القضاء العراقي. محلة الرافدين للحقوق المجلد 13 العدد 49، ص7-14.
- منير رياض محنه. (2011). النظرية العامة للمسؤولية الطبية في التشريعات المدنية ودعوى التعويض الناشئة عنها. مصر: دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى.
- ندوة القرارت القضائية بخصوص مسؤولية المستشفى العام الى الصلاحية المعطاة الى الوزير في المادة (5/136) المعدل من قانون اصول المحاكمات الجزائية بالعراق رقم 23 لسنة 1971 . (1971). والتي اعطى الصلاحية للوزير في احالة المتهم الى المحاكمة في جريمة ارتكبت اثناء تأدية الوظيفة الرسمية او بسببها وهي صلاحية شخصية وتقديرية على مبدأ المواءمة . العراق.
- هديلي احمد. (2015). مسؤولية المستشفيات على ضوء مبدأ الاسنقلالية المهنية للاطباء موظفي الصحة العمومية. مجلة القانون العام والجزائري والمقارن المجلد الأول العدد 1، ص 21.
- يونس صلاح الدين علي. (2020). مسؤولية حائز العقار المدنية في القانون الانكليزي(دراسة تحليلة مقارنة بالقانون المدني)
- . مجلة العلوم القانونية -كلية القانون -جامعة بغداد العدد الأول ، ص 55-58.
[1] – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي- تدريسية في جامعة كربلاء-كلية القانونuokerbala.edu.iq@hawraa.aliEmail:
Ministry of Higher Education and Scientific Research Karbala University- Collage of Law