سوريا أحداث ومعاهدات (1916-1948)
Syria events and treaties (1916-1948)
Maysoon Saif Al-Din Al-Gammal ميسون سيف الدين الجمال)[1](
الملخص
أتناول في دراستي سوريا في مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الأوّلى التي أُلقي الضوء فيها على الأحداث التي وقعت تحت وطأتها البلاد وبخلالها قُسمت الدول ومُنحت بغير حق لدول طامعة لتُنتدب عليها وتسن قوانينها وتأخذ خيراتها وتمارس حكم بما تقتضيه مصالحها .
فغداة الحرب العالمية الأوّلى راح الحلفاء يتقاسمون تركة الإمبراطورية العثمانية المنهارة، وهكذا غدت سوريا ولبنان من حصة فرنسا، أمّا العراق وشرق الأردن وفلسطين فكانوا من حصة بريطانيا .
سياسة المساومات، التي شهدتها مسيرة الاستعمارات الأوروبيّة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أوجها ما جعل بريطانيا العظمى أعظم امبراطوريّة استعمارية تتبعها فرنسا، وقد تحالفتا مع الأمبراطوريّة العثمانيّة ، ثم انقلبتا ضدها بعد سنتين أثناء الحرب العالمية الأوّلى (1914_1918) وقد تحالفتا مع العدو السّابق روسيا ضد الامبراطوريّة العثمانيّة حليفة المانيا والنّمسا.
هذه الاستراتيجيّة مهدت للفرنسي الوجود في الشرق ومع ذلك فقد وجدت الكثير من المعارضة القوميّة التي قادت بجيوش الملك فيصل الى القتال مع الجيش الفرنسي في ميسلون، وبَدء الثّورات ضد الاستعمار الذي أراد إقناع المجتمع أنّه انتداب، وهنا ندرس الأحداث وطرق قيادة الفرنسي للبلاد لنتبين أكان استعمارً أم انتدابًا ؟ من دخول القوات الفرنسيّة دمشق وتقسيم البلاد الى عدة دويلات، وقيام الثورات المسلحة وفي ما بعد النّضال السياسي ليكون عنوان مجابهة الفرنسي الحضارية .
أبيّن في بحثي أيضًا المرحلة التي مهدت للاستعمار من ثورة الشّريف حسين الى حكم فيصل الى ثورة الشّمال ثم ثورة جبل الدروز وصولًا الى النّضال السياسي، كيف استطاع الوطنييون أن ينظموا صفوفهم ويستفيدوا من العاطفة الوطنيّة الموحدة ليأسسوا دولتهم السّوريّة بعد تقسيمها وإيقاع الفتن بين صفوف الوطنيين، وصولًا الى توحيد البلاد والاستقلال في ما بعد، بيد أنّه لم تخلّ ولا مرحلة من إراقة الدم .
تقتضي السياسات في كل المراحل المفصليّة اجراء تسويات ومعاهدات ووعود وهذه السياسة هي ما تقوم عليها الدول إن كان من ترسيم حدود وصولًا الى انهاء احتلال، وعقد صفقات تجارية وبهذا السياق أورد المعاهدات والاتفاقات ومنها مؤتمرات بسياق الأحداث التّاريخيّة بين حقبتي ١٩١٦ و١٩٨٤ ..علّي استطيع ان اعطي صورة مصغرة عن تاريخ سوريا الحديث .
الكلمات المفتاحيّة: الإمبراطورية العثمانيّة -استعمار-انتداب-الثّورات المسلحة-معاهدات -مؤتمرات -النضال السياسي -تسويات
Abstract
In my study، I discuss Syria in the period after the First World War، in which I shed light on the events that I chose under its global influence، during which countries were divided and granted unjustly to powerful states to delegate over them، enact their laws، take their resources، and exercise rule، including what their interests require.
After World War I، they were comfortable partners، sharing the legacy of the collapsed Ottoman Empire. Thus، Syria and Lebanon became France’s share، while Iraq، Trans-Jordan، and Palestine gained Britain’s share.
The bargaining that European organizations witnessed in the nineteenth century and the century opened its zenith، which led to the blocking of Great Britain into the greatest colonial empire followed by France، where they allied with the Ottoman Empire، and then turned against it two years later during World War I (1914-1918)، where they allied with the former suffering Russians against the empire. The Ottoman Empire was an ally of Germany and Austria.
This is a strategy that paved the way for the French presence in the East. However، it found many nationalist opponents who led King Faisal’s armies to fight with the French army in Maysalun، and to begin revolutions against colonialism، which wanted to convince that society was a mandate. Here we study the events and the French leadership of the country to determine whether it was colonialism or a mandate. ? From the entry of French forces into Damascus، the division of the country into several states، and the subsequent armed revolutions after the popular struggle، to be the title of the French civilizational confrontation.
In my research، I also explain the stage that prepared for colonialism، from the revolution of Sharif Hussein to the rule of Faisal، to the revolution of the north، then the Druze revolution in Jabal، all the way to the Yemeni struggle. How were the nationalists able to recruit their ranks and benefit from the unified national action to establish their Syrian state after its division and the incitement of strife among the ranks of the nationalists، all the way to To the unification of the universe and independence later، but he was not liberated at any stage from the shedding of blood.
It requires that marketing procedures، treaties and promises be completed in all evolutionary stages، and this policy is what countries undertake، whether from demarcating the boundaries of access to bright light and contracting commercial work for experiments. The context cited treaties and agreements and then conferences in the context of historical events between the period between 1916 and 1984. In detail، I have to give a small picture of Syria’s modern history.
Keywords: The Ottoman Empire—Colonialism—Mandate–Armed revolutions—Treaties—Conferences-Political struggle -Settlements
المقدمة
انتهت الحرب العالميّة الأوّلى وانتهت معها السلطنة العثمانيّة، وهو ما سعت اليه دول أوروبا المستعمرة التي تنافست في ما بينها على التركة العثمانية، وتضاربت مصالحها في منطقة الشّرق الأوسط ما خلق جدلًا وخلافًا حول أحقيّة الاستيلاء . بيد أنّ العلاقة بين فرنسا وبلاد الشّرق تعود الى عهد السلطان سليمان وقد عقدت معها اتفاقية في سنة 1535 حصل بموجبها الفرنسيون على امتيازات تجاريّة مهمّة .وتوطدت العلاقات المميزة في القرن السابع عشر في عهد الوزير ريشيلو، لتصيبها الانتكاسة زمن حملة نابليون من ثم أتت الحملة الفرنسيّة في عهد الملك شارل العاشر في 1830 التي فتحت باب الاستعمار على مناطق الشّرق، ما تزامن مع وقوع أحداث لبنان 1860 التي لم يستطع السلطان العثماني إيقافها، ما تساهم في أن يسرّع نابليون الى إرسال حملة فرنسيّة لتهدئة الأوضاع.
بيد أن حاجة الدّول الرّأسماليّة الى المواد الخام جراء تطور الاقتصاد السلعي، وما رافقه من نمو في تصدير هذه الخامات من بلدان المشرق الزراعي الى أوروبا، هذا ما دفع الاقطاعيين الى توسيع إقطاعاتهم من أجل مضاعفة مداخيلهم والسيطرة على أكثر ما يمكن من الخامات السلعيّة(لوتسكي-1987 ص:61)
راح الحلفاء غداة الحرب العالمية الأوّلى يتقاسمون تركة الإمبراطوريّة العثمانيّة المنهارة، وهكذا أصبحت سوريا ولبنان من حصة فرنسا، أمّا العراق وشرق الأردن وفلسطين فكانت من حصة بريطانيا .
نكث الحلفاء بوعودهم للعرب، فبدلًا من أن يساعدوهم على تشكيل دولة عربية واحدة مقابل انضمامهم اليها ضد المانيا والعثمانيين، راحوا يقتسمون أراضيها ويقطعّون أوصالها الى عدة دويلات صغيرة ذات حدود مصطنعة(لوتسكي-1987ص:64)
شهدت مسيرة الاستعمارات الأوروبيّة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أوجها ما جعل بريطانيا العظمى أعظم امبراطورية استعماريّة تتبعها فرنسا، فكان لا بدّ لهاتين الامبراطوريتين العظيمتين من أن تتنافسا على الكثير من المصالح السياسيّة والتّجاريّة، وأن يؤدي الخلاف في ما بينهما في كثير من الأحيان الى الحرب والاقتتال مثل الحروب النابولونيّة وخسارة فرنسا لممتلكاتها في الهند وكندا …في المقابل كانت هاتان الدولتان تتحالفان ضد من يهدد مصالحهما المشتركة ، كتحالفهما في حرب القرم ضد روسيا، وقد تحالفتا مع الأمبراطورية العثمانية، ثم انقلبتا ضدها بعد سنتين أثناء الحرب العالمية الأوّلى (1914_1918) وتحالفتا مع العدو السابق روسيا ضد الأمبراطورية العثمانيّة حليفة المانيا والنمسا .
استطاعت الدول المتقدمة خاصة الفرنسيّة توطيد وجودها التجاري والثقافي في المنطقة، بنشر ارسالياتها وتثبيت دعائم تجارتها ونفوذها ببناء تبعيّة دينيّة بحمايتها للمسيحين الأرثوذوكس، وبناء جمهور من المتعلمين المثقفين العاملين والداعمين المتأثرين بالثقافة الأوروبيّة .
مهدت هذه الاسترتيجيّة للفرنسي الوجود في الشّرق، ومع ذلك فقد وجدت الكثير من المعارضة القوميّة التي قادت جيوش الملك فيصل الى القتال مع الجيش الفرنسي في ميسلون، وبدء الثورات ضد الاستعمار الذي أراد إقناع المجتمع أنّه انتداب، وهنا ندرس الأحداث وطرق قيادة الفرنسي للبلاد لنتبيّن ما إذا أكان استعمارًا أم انتدابًا ؟ من دخول القوات الفرنسيّة دمشق وتقسيم البلاد الى عدة دويلات وقيام الثورات المسلحة وفي ما بعد النضال السياسي ليكون عنوان مجابهة الفرنسي الحضارية .
اتبعت في بحثي منهج البحث التّاريخي بالرّجوع الى عدة مراجع ووصف الأحداث من منظار محايد ،مع مراعاة البعد الزماني والمكاني، ومصلحة الكاتب في إلقاء الضوء على حادثة وإغفال حادثة، وهنا يأتي دور تحليل الأحداث ومقاربتها بالمسببات والنّتائج .
قسمت بحثي الى عدة نقاط أبيّن من خلالها المرحلة التي هيّأت للاستعمار من ثورة الشريف حسين الى حكم فيصل الى ثورة الشمال، ثم ثورة جبل الدروز وصولًا الى النضال السياسي، كيف استطاع الوطنييون أن يُنظموا صفوفهم ويستفيدوا من العاطفة الوطنية الموحدة ليأسسوا دولتهم السّوريّة بعد تقسيمها، وإيقاع الفتن بين صفوف الوطنيين، وصولًا الى توحيد البلاد والاستقلال في ما بعد، بيد أنّه لم تخلُ ولا مرحلة من إراقة الدّم .
مراسلات حسين _مكماهون
جرت المفاوضات السّريّة بين فرنسا وإنكلترا في1915 لتحديد مناطق نفوذ كلتا الدولتين حول تقسيم التركة العثمانية، وأُطلق عليها اسم المفاوضَيين وهما: السير مارك سايكس وفرانسوا جورج بيكو
كانت بريطانيا في تلك المرحلة تخاف من عصيان شعبي لو جاهرت بالقرار ، فقامت بدعم ثورة الشريف حسين، وفعلًا جرت المراسلات السّريّة بين الشّريف حسين والسير هنري مكماهون في 1915 وهي خمس مذكرات تُعد التزامًا خطيًّا من الحكومة البريطانية أولها في 14 تموز1915 وآخرها في 10 آذار 1916 تُمنّي الشّريف بالوعود والعهود منها بتنصيبه ملكًا على العرب، وقد أعلن كيتشنر في رسالة الى الشريف حسين باسم انكلترا استعدادها لدعم استقلال أسرة الحسين، ومساعدته على تحرير العرب بشرط مشاركته النشيطة في الحرب الى جانب الحلفاء(انطونيوس-1916).
يلتزم الشريف حسين مقابل هذه الوعود بإطلاق نداء الثورة العربية ضد العثمانيين. وهذا ما قام به بالفعل في حزيران 1915 معلنًا نفسه ملكًا على العرب بينما كانت الدول العظمى لا تعترف به إلا ملكًا على الحجاز. ولكن ما كادت تنتهي اتفاقيّة حسين _مكماهون حتى اتفقت بريطانيا مع فرنسا وروسيا على سياسة تنقد وعودها للعرب، وتضرب تعهداتها بالاستقلال واحترام حرية تقرير المصير جميعها. وكان ذلك في 16آيار 1916 بالمعاهدة السّرية المعروفة بمعاهدة سايكس _بيكو وفيها حصلت فرنسا بموجب هذه المعاهدة على القسم الأعظم من سوريا وعلى قسم صغير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق. بينما حصلت بريطانيا على قسم يمتد من أقصى جنوب سوريا عبر العراق حيث يشمل بغداد والبصرة، والقسم الواقع بين خليج العرب والمنطقة المخصصة لفرنسا، وتضم حيفا وعكا على الساحل وقسمًا صغيرًا من المنطقة الدّاخليّة، وتصبح هذه الأقسام مناطق نفوذ إنكليزيّة _فرنسيّة وكذلك تضمنت هذه المعاهدة كثيرًا من التّفصيلات والمواد التي تضمنت مصالح الدولتين السياسيّة والاقتصاديّة في البلاد العربية .أمّا فلسطين فقد وضعتها هذه المعاهدة تحت إدارة دولية خاصة(لوتسكي-1987ص:578-582)
بيد أنّ الدول العربية لم تكن على علم بهذه المعاهدة إلّا بعد مضي عام ونصف على توقيعها(الشهابي-1961ص:107).
جمال باشا والأحكام العرفية
في هذه الحقبة بالذات 1915_1916 انضمت تركيا الى الجانب الألماني ضد الحلفاء، وظُبطت بعض الأواراق في القنصليتين الفرنسيّة والبريطانيّة تدل على أسماء بعض رجالات العرب كانت على اتصال بهم فقامت السلطات التركية باعتقال عدد من الزعماء وأفواج من الوطنيين(الشّهابي-1961ص:109)،ألقى جمال باشا حينها التُّهم بالخيانة، ونسب اليهم أعمالًا مشبوهة تسيئ إلى سمعتهم، وقد استند الدّيوان العُرفي في عالية على هذه الوثائق والمعلومات في إصدار حكم الإعدام عليهم بتهمة خيانة الدولة العثمانيّة .فكانت القافلة الأوّلى التي أعدمها جمال باشا بتاريخ 21 آب 1915 في بيروت، وفي 6 آيار 1916 أُعدام قسم آخر من الوطنيين في بيروت وقسم في دمشق في ساحة المرجة، كما صدرت أحكام إعدام بأشخاص كانوا خارج البلاد .
الثورة العربية الكبرى : أغضبت هذه الأعمال المواطنين العرب، وأَثارت سخطهم وغضبهم، ما جعل العرب ينحازون الى جانب الحلفاء ضد تركيا حليفة المانيا في الحرب العالمية الأوّلى.
بدأت الثورة العربية في 10 حزيران 1916 عندما أَطلق الحسين الرصاصة الأوّلى من قصره في الحجاز على ثكنات الجيش التركي، ثم أذاع منشور الثورة الذي حمل فيه جمعيّة الاتحاد والتّرقي على مواكبته واستنفر بذلك المسلمين للثورة على تركيا، وبذلك أحبط الجهاد المقدس الذي كان قد أعلنه السلطان التركي ،كما كان في المقلب الأخر رجال الحركة العربيّة الذين كانوا ينادون بحكم عربي في نطاق الدولة العثمانية(بديع-ص:98) وكانوا متخوفين من أطماع الدّول الغربيّة ومصالحها في الوطن العربي التي كانت تحث على مساندة تركيا. وتحّذر من أيّ مطامع غربيّة وتدعو الى التفاهم مع الغرب ضمن ضمانات وتعهدات تحمي العرب من الاستعمار، ويوضّح هذا المطلب في وصية أرسلها عزيزعلي المصري الى جمعية العهد والتي اتفقت مع قرار جمعية العربية الفتاة، ويقال إنّ الملك فيصل قد تأثر بهذا الاتجاه منذ البدء أثناء وجوده في دمشق وإجراء اتصالاته مع رجال العرب العاملين في الحركة العربيّة، وأثمرت هذه الاتصالات مع جمعيّة العهد وجمعيّة العربيّة الفتاة الى أن تحوّل اتجاههم جراء تاثير رأي الشّريف حسن من فكرة اللامركزية ضمن نطاق الدولة العثمانيّة الى السعي للحصول على الاستقلال بتأييد من بريطانيا لمساندتها في الحرب .ويقال إنّ الأمير فيصل انتسب وكان ينقل مباحثات والده الشريف حسين والجانب البريطاني الى هاتين الجمعيتين .
جراء هذه التعبئة قام ضباط عرب بالانفصال عن الجيش العثماني ليقودوا جيوش الثورة العربية ويضعون الخطط لها، وقد اشترك في الثورة رجال عرب من مختلف الأقطار العربيّة، فكان بينهم السوري والعراقي واللبناني والحجازي والفلسطيني كما المسلم والمسيحي والدّرزي. وكان من الثوار المصري عزيز علي القائد والعسكري الكبير الذي سافر الى الحجاز والتحق بالثورة ودرّب المتطوعين واشترك بالمعارك ، ويقول في ذلك مصطفى الشّهابي في حديثه عن دور المصريين في الثورة “قد أبلوا في الوقائع الحربية عن عقيدة قومية على الرغم من احتلال الانكليز لمصر ..”
ولتثبيت وجود الإنكليز وصل الى الحجاز وفود بريطانية من الضباط منهم ويلسون بريطاني وابريموث الفرنسي، وقد انيطت بهم مهمات معينة، وكان بعضهم مستشارين أو روؤساء حاميات، ووصل أيضًا لورانس، كما عين السّيد وينجت قائدًا للعمليات الحربية في الحجاز وكان مسؤولًا عن تقديم وتأمين ما يحتاجه العرب الثوار من مساعدات مادية واستشارات سياسية وهكذا أدّى البريطانيون دورًا فعالًا في توجيه الثورة حسب تعاليم القيادة البريطانية(قدورة-ص:251)
ساعدت هذه الظروف جيوش الثورة في التّقدم بالحجاز، واستطاع الشريف حسين أن يستولي عليها ما عدا المدينة المنورة التي صمدت الى النهاية، كما استطاعت جيوش الثورة أن تحبط عدة عمليات تركية ألمانيّة للسيطرة على عدن والبحر الأحمر .
نُودي في الثاني من تشرين الثاني 1916 بالشريف حسين (ملكًا على البلاد العربية)فما كان منه إلا أن وزع القيادات على أبنائه الأربعة (قدورة-ص253)
لم تعترف بريطانيا وفرنسا بالحسين ملكًا على البلاد العربية، فاكتفت بالاعتراف به ملكًا على الحجاز في 3كانون الأوّل 1917، وبعد اطمئنان الحسين لموقعه أخذت جيوش الثورة العربية يقودها أولاده تتقدم، فاحتلت العقبة وصولًا الى بلاد الشام في حين أصبحت العقبة مقر القيادة، فانتقل الأمير فيصل إليها .
تطمينات الدول الأجنبيّة: أقلقت ثورة اكتوبر الاشتراكيّة العظمى مخططات الدول الامبريالية ،ولتطمين وتهدئة روعة الرافضين لأي صفة استعمارية، فتوالت الوعود الكاذبة التي تعترف بها للشعوب العربية في حق تقرير مصيرها ،فجاء وعد الرئيس الأميركي ويلسون في 1917 ووزير خارجيّة فرنسا بيشون في 1917.ورئيس انكلترا لويد جورج في 1918 ،ولكن هذه الوعود لم تبدد قلق الزعماء العرب ،فتوجهت مجموعة من القوميين العرب السوريين واللبنانيين الى القاهرة سؤالا للسلطة البريطانية حول مصير البلدان العرب(بديع-ص98).
كذلك ردت الخارجية الانكليزية بمجموعة تطمينية الى حين توجهت حكومتا انجلترا وفرنسا في 7 تشرين الثاني 1918 عقب انتهاء الحرب بنداء الى سكان سوربا لبنان فلسطين والعراق تزعمان انهما لم تخوضا الحرب في الشّرق الا بهدف (التحرير التام والناجز للشعوب التي عانت الاضطهاد التركي طويلا )وكذلك بغية اقامة حكومات وطنية وهيئات للحكم تستمد سلطتها من مبادرة السكان وخيارهم الحر(loder،p:32)
حكومة فيصل (1918_1920): تزامن دخول فيصل وسيطرته على المدن السّوريّة في الخامس من تشرين الأوّل 1918 بنفس تاريخ إقرار وضع سوريا ولبنان وفلسطين تحت سلطة (إدارة العدو المحتلة )الخاضعة لقوات الحلفاء في الشّرق الأوسط الفيلد مارشال الإنكليزي الّلنبي (لوتسكي-1987 ص:80) ويبدأ بذلك عهد أول حكومة عربية في سوريا (1918-1920) بقيادة الأمير فيصل.
بدأ دخول الأمير فيصل دمشق وكأنّه تحقيق لامال رجال الحركة العربيّة في الاستقلال(توري-1969)،فقد كانت الجمعيات العربية في دمشق هي العقل المفكر للثورة العربية، فهي التي وقّعت ميثاق دمشق، واقنعت الشّريف حسين بتعميم العلم (حجازي-1999) الخاص بالثورة العربيّة، وهو نفسه العلم الذي صممه رجال الجمعية العربية الفتاة سنة 1914.
نصب الأمير فيصل ملكًا على سوريا ورفعت أعلام العرب فوق تلك البلاد، وقوبل هذا الحدث بفرحة كبرى في الأوساط العربيّة(سعيد-ص:44)،وقد تماشت بريطانيا مع هذه الأحداث بحكمة .
إنّ تأسيس حكومة قومية قادرة على امتصاص حماس الثوار وتضحياتهم وجعلها مسالمة (الحصري-1978) في حين أن إقطاعيي وكمبرادوريي لبنان الذين لم يرق لهم قيام سلطة الأمير فيصل في سوريا الدّاخليّة، فقد رحبوا بغالبيتهم بالاحتلال الفرنسي وأيدوا مطامع الإمبرياليّة الفرنسيّة في المنطقة الشّرقيّة ومن ناحية أخرى تجمّع حول فيصل الإقطاعيون المؤيدون لانكلترا، ومعظمهم من أصول عراقية وبعضهم سوري ولبناني وقد عارضوا هؤلاء انتقال المنطقة الغربيّة الى الحكم الفرنسي وناضلوا ضد مطامع فرنسا في المنطقة الشّرقية (لوتسكي-1976ص:81)
عكس هذا الاختلاف بين الموالين لانكلترا والموالين للفرنسي الصراع الفعلي بين فرنسا وبريطانيا على اقتسامها غنائم الحرب وتقسيم سوريا، وقد جرت عدة مناوشات وإشكالات في حين استطاع الأمير فيصل في خطبة الإخلاص ل (مثل الاستقلال العربي ) ووعد على وجه التّحديد بالنّضال من أجل استقلال سوريا ووحدتها بتقريب الوطنيين السوريين له، ما انعكس إيجابًا على تأليف الوفد المرافق له الى مؤتمر الصلح .
أعلن فيصل فور وصوله الى دمشق في 5 تشرين الأوّل 1918 عن تشكيل حكومة عربية مستقلة وعهد الى رضا الركابي بالقيادة العامة للحكومة وعين اللواء شكري باشا الايوبي حاكما على بيروت التي رفع فوق مقر حكومتها العلم العربي في 7 تشرين الأوّل 1918وعين حبيب باشا السعد حاكما لجبل لبنان باسم الملك حسين فشكل الأمير فيصل حكومة عربية من سوريين وفلسطينين ولبنانيين وعراقيين وأخذوا يعملون يدًا واحدة لمجابهة دسائس الاستعمار(جاسم-2006)
مباحاثات فيصل _دوكاكس :جرت مباحاثات العام 1919 وما بعده بين الأمير فيصل بن الحسين من جهة وبين المندوب السامي الفرنسي روبير دوكاكس من جهة أخرى، وكان هذا الأخير يمثل جورج كليمنصو رئيس الوزراء الفرنسي. وقد أرسل كليمنصو رسالة الى الأمير فيصل يقول فيها إنّ فرنسا تسعى الى استقلال سوريا طبقًا لمبادئ عصبة الأمم وذلك تحت صيغة ديمقراطية فيدراليّة تلبي حاجات السكان. ردّ عليه فيصل قائلًا، إنّ هذا ما يرجوه لسوريا ولكنه يريد استقلالًا كاملًا غير منقوص (خوري-2006) .
ثم كانت النتيجة أن نكثت فرنسا بوعودها، وأرسلت جيشها لاستعمار سوريا وطردت فيصل منها بعد معركة ميسلون الشهيرة التي سقط فيها وزير الدّفاع يوسف العضمة شهيدًا. وبذلك تكون السياسة الاستعماريّة قد منعت فيصل من تحقيق الوحدة السّوريّة أو الوحدة العربيّة(خوري-2006).
فيصل في مؤتمر الصلح : انعقد مؤتمر الصلح في باريس 18 كانون الثاني 1919 لبحث نتائج وتسويات الحرب، سافر فيصل لحضوره والمطالبة بحقوق العرب مع نخبة من أعضاء جمعيتي العهد والعربية الفتاة (انطونيوس-1969) وكان فرق شاسع بين ما يطالب به العرب وبين ما ترضى الحكومة البريطانية أن تعترف به. لم يسمح للوفد العربي عمليًّا الاشتراك فيه واعترف باثنين من أعضائه، فيصل ورستم حيدر كممثلين عن الحجاز وليس عن سوريا، وذلك فقط بعد أن وعد فيصل في لندن بعدم معارضة استيلاء انكلترا على العراق وفلسطين(سعيد-ص44).كما أنّ هذين الممثلين لم يحضرا المجلس إلّا مرة واحدة القى فيها الأمير فيصل خطابا (دافع فيه عن استقلال البلدان العربية ) ولكن لم يكن له أيّ أثر .
اتخذ مؤتمر الصلح قرارا في 30 كانون الثاني 1919 بفصل لبنان وسوريا وفلسطين والعراق عن تركيا على أن يكون تحت إشراف وصي يعمل باسم عصبة الأُمم وفق ميثاقها المؤلف من 26 مادة والذي نصت فيه المادة الثانية والعشرون منه على نظام الانتداب(قدورة-ص:257)
جرى بعيدًا من الممثلين العرب صراع عنيف بين الإمبرياليين والإنكليز والفرنسيين الطامعين بسوريا ،وادى الصراع إلى تقسيم مناطق الانتداب الى عدم حل المسألة السّوريّة(لوتسكي-1987ص:83)
لجنة كينغ _كراين: في العشرين من اذار 1919 اقترح ويلسون الرئيس الأميركي إرسال لجنة دولية الى الشّرق الاوسط لاجراء استفتاء عام للسكان[2] فأرسل الى سوريا ولبنان وفلسطين وتركيا لتنظيم الاستفتاء ممثلي الولايات المتحدة كينغ وكراين اللذين عملا تحت يافطة كبيرة (اللجنة الدولية الأميركية ) وفي حزيران _تموز 1919 بدأت اللجنة عملها في الشّرق p:1-19) ،(baker
لم ترحب انكلترا وفرنسا بهذا الاقتراح لأنّه يتناقض مع معاهدة سايكس_بيكو لذلك رفضت إرسال مندوبين عنهما الى الشّرق. أعلن وزير الخارجية الفرنسي بيشون في كانون الأوّل 1918 أنّ فرنسا ستدافع عن حقّها في سوريا طبقًا لمعاهدة سايكس_بيكو، هذا ما أثار غضب الجماهير الشّعبية والحزبيّة المتمثلة بعضها بالمنتديات العربيّة التي دعت الى الاحتجاج والنضال من اجل الاستقلال العربي.
نهضت أثر ذلك الحركات الوطنيّة منها العربية الفتاة التي تابعت نشاطها تحت مسمى (حزب الاستقلال العربي) ويؤكد أمين سعيد ارتفاع عدد المنتسبين له في جميع مناطق الشّرق، لبنان وفلسطين والعراق أيضًا (انطونيوس-2006ص:292). أثارت هذه الحركة النّهضويّة حفيظة بريطانيا وفرنسا فراهنتا على استخدام الأمير فيصل وإرجاعه لتهدئة الجماهير، وأبرق المفوض السامي الفرنسي فورًا الى باريس يقول(إنّ غياب فيصل يشجع المتطرفين)(سعيد-44).
وأثارت خطب العملاء الفرنسيين من (مجلس الإدارة في جبل لبنان واللجنة المركزية ) في مؤتمر الصلح الى غضب السوريين، فقامت المظاهرات تحت شعار الاستقلال العربي .
إنشاء المؤتمر السوري: تنادى الزعماء العرب في سوريا الى مؤتمر عام، عرف بالمؤتمر السوري ،انعقد المؤتمر في 8 حزيران 1919 وقد اشترك فيه ممثلون من جميع الاجزاء السّوريّة واتخذت قرارات مهمّة (جاسم-2006) وهي_الاستقلال السياسي التام النّاجز للبلاد السوية وعدم تجزأتها، إلغاء اتفاقيّة سايكس-بيكو وإلغاء وعد بلفور، وأقرّ المؤتمر كذلك تنصيب فيصل ملكًا على سوريا، استقلال العراق التام وأن تكون الحكومة في سوريا والعراق لا مركزية .
عاد فيصل على رأس الوفد العربي من باريس في ربيع 1919 من دون أن يحقق أي نتائج فعّول الملك فيصل على اللجنة لتوضيح رغبة الشعب السّوري. استعدت الأوساط الوطنية لاستقبال اللجنة وتثبيت رأيّ الشّعب أمامها وهو الرأي الذي لا يرضى بأقل من نيل الاستقلال التام. وقد وصلت اللجنة في 25 حزيران 1919 الى المنطقة وفي الثالث من تموز قام وفد يمثل المؤتمر السوري الذي يضم الشخصيات الوطنية بتقديم مقرارات المؤتمر اليها .
في تموز 1919 عقد فيصل المؤتمر السوري العام في دمشق ،ذلك المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعبّر عن رغبات الأمّة أمام المبعوثين الاجانب(سعيد-ص:24-25).اتخذ المؤتمر بعد نقاشات بين المجتمعين بين من رفض المساومة وبين قبول مشروط وتوصلوا الى قرار توافقي احتج المؤتمر على فرض الانتداب على سوريا، لكنه أشار الى أنّه (إذا لم يقبل مؤتمر الصلح هذا الاحتجاج العادل) وفرض الانتداب فان هذا الانتداب يمكن ان يقبل بشروط :
– أن تكلف الولايات المتحدة الانتداب واذا رفضوا فانكلترا، لكن ليس فرنسا بأيّ حال من الأحوال .
– أن يقتصر الانتداب على المساعدة التقنيّة والاقتصاديّة، وينبغي الا ينال من استقلال البلاد السياسي.
– ألّا تزيد مدة الانتداب على العشرين سنة .
-منح لبنان حكما ذاتيا داخل اطار الوحدة السّوريّة .
-أن يكون نظام الحكم في العراق وسوريا نظامًا ملكيًّا دستوريًّا ويصبح فيصل ملكًا على سوريا.
علمت لجنة كينغ-كراين بهذه التّوصيات التي حملتها الى باريس، كذلك أجرت بعض الاستفتاءات التي هي جمع العرائض واستفتاء يقتصر على الأواسط البرجوازيّة والاقطاعيّة . لدى إحصاء النتائج لم تحسب عدد الاصوات بل عدد العرائض التي تؤيد هذا او ذاك .بيد ان هذا التقرير لم يؤخذ به، ووضع في الأرشيف فورًا، ولكنه دلّ على الأطماع الاستعماريّة المفرطة للاحتكارات الأميريكيّة(سعيد-57-58)
في خريف 1919 طرأ تغير على الوضع في الشّرق الأوسط ، فقد رفضت أميركا التّخلي عن مطامعها في سوريا وتمت تسوية التناقضات الإنكليزية-الفرنسيّة جزئيًّا، فبعد أن اتفقت الدّولتان على النّضال المشترك ضد حركة التحرر الوطني الدائرة في تركيا، تنازلت انكلترا عن سوريا لفرنسا .
في تشرين الثاني 1919 عقدت في دمشق دورة جديدة للمؤتمر السّوري التي هاجمت فيها سياسة فيصل الاستسلاميّة وكان هو في باريس. وبعد نقاشات عاصفة اعلن المؤتمر أنّ الأمة العربيّة في حالة الدّفاع المشروع ودعا الشعب الى النضال ضد المستعمرين الذين يهددون استقلال البلاد ووحدتها(سعيد،ص:194-195) فشكّلت في دمشق لجنة الدفاع الوطنية الأهلية لقيادة النضال التي بلغ عدد أعضائها 250 عضوًا في أواخر1919وعملت هذه اللجنة والمجالس الإقليميّة على جمع المال والسلاح وتشكيل فصائل من المتطوعين، وإرسالها لدعم ثوار البقاع حيث اندلعت حرب الأنصار في قضائي مرجعيون والبقاع. عارض حاكم دمشق العسكري رضا الرّكابي باشا الذي كان ينوب عن فيصل نشاط ومطالب لجنة الدفاع الوطني الأهليّة، ووقف ضد نضال الثوار وفي كانون الأوّل1919 عقد اتفاقيّة مع القيادة الفرنسيّة سمحت للفرنسيين بوضع حامياتهم في منطقة البقاع الى جانب الحاميات العربية(لوتسكي-1987ص:79).
أثارت هذه الاتفاقية سخط الجماهير الشعبية، ما أدّى الى استقالة الركابي وانتقال السلطة في 10 كانون الأوّل الى حكومة من ممثلي البرجوازية الوطنية والأنديّة العربيّة الدّاعيّة الى النّضال المنظم ضد المستعمر.
اتفاقية فيصل_كليمنصو
في أيلول 1919 توصل لويد جورج وكليمنصو الى اتفاق يقضي بسحب القوات الإنكليزية من سوريا ولبنان وأخضعت المنطقة الغربيّة بكاملها لفرنسا وبقيت المنطقة الشّرقية تحت الحكم العربي الى حين، بيد أنّ فيصل أجرى في تشرين الثاني-كانون الأوّل 1919 مفاوضات مع الحكومة الفرنسيّة التي أدّى فيها لويد جورج دور الوسيط . انتهت في السادس من كانون الثاني 1920 باتفاقيّة استسلاميّة وضعت بموجبها سوريا تحت الانتداب الفرنسي .
أثارت اتفاقيّة فيصل-كليمنصو موجة غضب في البلاد واتهمته بالخيانة، وقد رفضتها حكومة سوريا التي شكلها المؤتمر السوري العام. ففي 26من كانون الثاني1920 أقدم فيصل على حلّ لجنة الدّفاع الوطني الأهليّة والمجالس الإقليميّة. واستدعى قادة فصائل الثورة في المنطقة الغربيّة، وتمكن من إقناع غالبيتهم بوقف النضال ضد المحتلين ،وتمكن فيصل من تهدئة ثوار الانتفاضة العامة، وبداية النّهوض العام للنضال من اجل الاستقلال العربي(سعيد،ص:97)
مارس فيصل في الواقع سياسة التواطئ والمراوغة لكي يستطيع قمع الثوار والسماح للقوات الفرنسيّة بعبور أراضي سوريا الدّاخليّة الى تركيا. استطاع اقناع البرجوازيّة الوطنية أن يبايعوه ملكًا على سوريا، وثبتوا الرّكابي رئيسًا للحكومة. وحين أبدى فيصل استعداده للقبول ب(مساعدة الأمم المتحدة) قرر المؤتمر الغاء نظام الاحتلال في المناطق الثلاث، وأعلن استقلال سوريا التام بما فيها لبنان وفلسطين وقرر كذلك البقاء في حالة انعقاد دائم والإشراف على عمل الحكومة السّوريّة حتى يُنتخَب مجلس نواب دائم(سعيد،ص:130)
في شباط 1920 صاغ مؤتمر لندن لشؤون الشّرق الأوسط الاتفاقيّة الانكليزيّة-الفرنسيّة حول سوريا .وفي نيسان قرر مؤتمر المجلس الأعلى للحلفاء الذي عقد في سان ريمو وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفي تموز دخلت القوات الفرنسيّة سوريا الداخليّة واحتلتها تنفيذًا لهذا القرار(لوتسكي-1987ص:88). وما إن وصلت نتائج المؤتمر الى سوريا حتى طالب المؤتمر السوري العام باستقالة الرّكابي باشا، وفي أيار 1920 تشكلت (حكومة الدفاع الوطني )المؤلفة من ممثلي البرجوازية الوطنية والاقطاعيين الليبراليين برئاسة هاشم الأتاسي(سعيد،ص:145).
كانت فرنسا تحتل الساحل السوري والحكومة العربية برئاسة فيصل تحكم الداخل، وكان بين الحكمين تناقض غريب واختلاف في الأهداف، وكانت فرنسا تطمع في أن تحتل الدّاخل لتؤمن مصالحها، فأنشأت بنك سوريا ولبنان كمؤسسة نقديّة تستطيع بواسطتها السيطرة على اقتصاديات البلاد وألغت العملة المتداولة واستبدلتها بالعملة النّقدية الفرنسيّة، فحرمت حكومة فيصل التّحكم النقدي لتثبيت سيادتها (قدورة،ص:259).
ومما صعد الخلاف بين فرنسا وحكومة فيصل رفض فيصل عبور الجيش الفرنسي بالدّاخل السوري الى تركيا، فكانت ذريعة لفرنسا، فبعث الجنرال غورو إنذارًا شفويًّا الى فيصل يطلب فيه :
1-وضع سكة حديد رياق-حلب تحت تصرف الجيش الفرنسي.
2-قبول الانتداب الفرنسي.
3-إلغاء التجنيد الإجباري وتسريح المجندين.
4-قبول الأوراق النقدية التي اصدرها البنك السوري.
5-معاقبة المجرمين الذين استرسلوا في معاداة فرنسا.
أراد غورو أن يُحجّم الملك فيصل أمام أعيان البلاد من جهة، وأن يفرض سيطرته على عصب البلاد، وكان الإنذار إنذار جهوزية للحرب ،لأنّه على علم بوضع البلاد الداخلي، فلم يكن لفيصل لا القوة الدّاخليّة التي يعتمد عليها ولا الدّعم الخارجي وهذا ما بيّنه رد فعل حين أرسل الملك البرقيات الى الدول الكبرى يخبرهم بالإنذار على أمل المساعدة التي لم تأتي، عرضت في 13تموز الحكومة الأمر على رجال الحركة العربيّة في بيان مفصل(قدورة،ص261) وفي اليوم التالي وصل الإنذار الخطيّ الى الملك فيصل ، وحدد مدة أربعة أيام كحد اقصى للرد. طلب الملك تمديد المدة لدراسة الوضع العسكري للمواجهة أو القبول .فقررت الحكومة القبول بشروط الإنذار ما أغضب الشّعب السوري فقامت المظاهرات وطالب الحكومة بالتخلي عن الحكم واتهم فيصل بالخيانة. تأزمت الأمور بشكل خطير فأمر ممثل فرنسا في بيروت الجيوش الفرنسيّة بالزحف الى دمشق في صباح 21تموز1920 متذرعًا بعدم وصول الرد. فأعلن فيصل عندئذ الجهاد، فهاج الشّعب والتفوا حول حكومته وانضم اليها بعض ما تبقى من الجنود، والتقى الجيش الفرنسي باسلحته الكاملة بالشعب السوري بقيادة وزير الدّفاع يوسف العظمة في معركة بطولية غير متكافئة في 24تموز 1920(قدورة،ص:291).
معركة ميسلون : في يوم ميسلون من أخطر الأيام، كما يقول ساطع الحصري في الأحداث التي سجلها تاريخ الأمّة العربيّة في العصور الحديثّة، لأنّه كان اليوم الذي انقرضت فيه أول دولة عربيّة عصريّة تأسست في الشّام بعد الحرب العالمية الأوّلى بعد أن أُنزل العلم التركي ورُفِعت الراية العربيّة على سرايا دمشق التي أنزلها الفرنسي فور احتلاله دمشق، ورفع العلم الفرنسي مكانه. أبدى الشّعب السوري في معركة ميسلون بطولة نادرة وبسالة لا مثيل لها التي سقط فيها وزير الحربيّة شهيدًا حين رفض التّراجع وأَصرّ على متابعة القتال فكانت حصيلة شهداء القوات العربيّة السّوريّة حوالي أربعمائة شهيد وخسائر الجيش الفرنسي 42 قتيلًا و14 مفقودًا و152جريحًا(زهر الدين-2003ص:150).
دخلت القوات الفرنسيّة الغازية دمشق في 25 تموز 1920 وأصبحت سوريا كلها خاضعة للاستعمار الفرنسي ونفذت الوصية الفرنسيّة سوريا قبل صدور صك الانتداب بسنتين، ففرض الحكم العسكري على البلاد وأُعدم جماعة من الوطنيين وفرض الجزية وألغت صلاحيات الحكومة السّوريّة. فترك فيصل البلاد مع وزرائه في 25 تموز 1920 .
سيطرت القوات الفرنسيّة على الجيش والأمن العام، والجمارك والشركات وخط الحجاز وتحكمت بالتّشريع غير الدّيني، وأخضعت الأوقاف لسلطتها المباشرة وفرضت اللغة الفرنسيّة في الإدارات والمحاكم ،p:145). (longrigg
فرض الانتداب ورفض: إنّ فكرة الانتداب التي تضمنتها معاهدات 1919 في ما يتعلق بالدول التي انفصلت عن الامبراطورية العثمانية ليست وهما، بل يتناسب مع الفكر والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الممنهج للمنطقة ليقرر وضعها تحت الانتداب، يبرهن بيير فيينو ([3]) على دور فرنسا في عملية تطييف المجتمع السوري وتغذية النزاعات الانفصاليّة حتى المحلية منها وعن تدعيم وجهة نظر مسيحي جبل لبنان بفصل لبنان عن وطنها الأم سوريا متناسيًا وجود نخبة مسيحيّة قوميّة آنذاك ترفض الاستعمار وتدعو الى الوحدة السّوريّة الطبيعية والسياسية .
كما أنّه أيّ الانتداب قوبل بالرفض المعنوي منذ العام 1919 من قادة الحركة القوميّة العربيّة، حتى أنّ الملك فيصل عجز عن جعل شعوب سوريّة تقبل الانتداب. فكرة الانتداب التي تبرر حاجة الدّول المنتدبة التي وجدت بهدف نشر التعليم، وقيامها بدور واع وسلطة مؤقتة وانتقاليّة، وقد حدد لها هدف ومدة ومستقبل وهي تهيئة البلاد لتحقيق الاستقلال .
بيد أنّ تطبيق الانتداب على بلاد الشام كان له تبيان خاص على سوريا ولبنان، وقد كان على الفرنسيين إنجاز معاهدتين مختلفتين تستجيبان للمصالح الشديدة التباين لكل من فرنسا وسوريا ولبنانفي حين تعود أصول العلاقات الفرنسيّة بلبنان الى قواعد صلبة كانت متمثلة بحماية الأقليّة المسيحيّة في الشّرق المتمثلة بموارنة جبل لبنان. هنا تنعكس نظرة الشعب السوري للوجود الفرنسي الذي عبّر منذ البدء عن عدم تقبله للانتداب وهاتين النظريتين المختلفتين كانت من أسس الأساليب التي اتبعها الفرنسي لفصل لبنان عن سوريا .
قال فيينو:”يجب علينا ألّا ننسى الحركات السياسية التي قامت في هذه المنطقة قبل الحرب العالمية الأوّلى والمطالبة بالاستقلال عن تركيا وأن هذه الحركات دعمت وقاتلت الى جانب الحلفاء ضد تركيا لا لتكون تحت سلطة اي دولة اخرى وبتصريح من لوسيان هيوبرت([4]) الذي أعدَّ تقريرًا عرضه على لجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الشيوخ، أشار فيه الى أنّ المعاهدة مع سوريا تخفف من مسؤوليتنا في بلد لم يقبل أبدًا على الصعيد المعنوي انتدابنا في حين أنّ المعاهدة مع لبنان تعزز وجودنا في بلد نمتلك فيه مصالح معنويّة وعسكرية مهمّة”
التحرك ضد الانتداب: بدأت حرب العصابات في تشرين الثاني 1918 مع دخول القوات الفرنسيّة، وقد واجهت القوات الفرنسيّة المصاعب بسبب مقاومة جماهير الفلاحين في المنطقة الجنوبيّة (لوتسكي-1987ص:138). وفي أيار 1919اندلعت انتفاضة فلاحيّة كبيرة في منطقة اللاذقيّة بقيادة الشّيخ صالح العلي وقد أرسلت فرنسا حملة لتأديبها أُصيبت بهزيمة نكراء، عقدت السلطات الفرنسيّة الهدنة معهم في آب 1919 ولكن عند وصول التعزيزات لها في خريف 1919 عادت فرنسا لمقاتلة الفلاحين ، وفي نهاية 1919 بعد انسحاب القوات البريطانيّة من سوريا ولبنان عززت فرنسا قواتها فيها. احتُلت في تموز 1920 دمشق و مناطق سوريا الداخلية جميعها، وقد واجه الشعب السوري الغزو الفرنسي بتصعيد المقاومة .فمنذ كانون الأوّل1919 عمت حرب الأنصار منطقة البقاع وفي تموز 1920 قاتل سكلن دمشق والغوطة المعتدين في معركة ميسلون على مداخل سوريا (لوتسكي-1987ص:139).
في آب 1920 بعد شهر من احتلال دمشق اندلعت في منطقة حوران المجاورة انتفاضة فلاحيّة كبرى، أرسلت لها حملة تأديبية بقيادة الكولزنيل بوليه لقمعها حيث جرت معركة عنيفة تكبد فيها الجانبان خسائر فادحة (أبو رشيد،ص:61) أخذ الفرنسيون يزحفون تدريجيًّا الى الجنوب بمحاذاة خط حديد الحجاز وطريق القوافل القديم استمرت المعارك عدة أسابيع على طول الخطّ في جميع المحطات والقرى الكبرى .شارك في الانتفاضة متطوعون من فلاحي حوران بقيادة إقطاعيين صغار، واجه الفرنسيون والفلاحون والبدو العزل بأحدث المعدات الحربية وأحرقوا المنازل ونهبوا الفلاحين وقتلوهم بلا رحمة (سعيد،ص:246 ،ج3).
الفتنة الداخليّة: تطورت الأمور الى أنّ نشبت الفتنة بين الدروز وبدو السلط المشاركين في الانتفاضة التي هددت أمن حوران ما جعلها تكفّ عن قتال الفرنسيين. فما كان منهم إلّا أن جمعوا زعماء الانتفاضة، وأملوا عليهم الشّروط المفروضة على السكان لوقف القتال معها، دفع مبلغ مالي وتسليم المعارضين لفرنسا ونزع السلاح ( أبو رشيد،ص:62) .
ما أن انتهت العمليّة الدّموية حتى أعلن الجنرال غورو لدى عودته (سوريا قد روضت نهائيًّا) حتى اندلعت في كانون الأوّل1920 انتفاضة جديدة. في أواسط تموز اندلعت انتفاضة في منطقة جبل الدروز حين لاحقت السلطات الفرنسيّة الثائر أدهم خنجر(أبو رشيد،ص:146) الذي هاجم سيارة الجنرال غورو في حزيران 1921 في منطقة القنيطرة، وقد احتمى في منزل سلطان باشا الأطرش. في حين دخل الدرك وألقوا القبض عليه من دون وجود سلطان باشا في منزله. فأرسل السلطان باشا الزّعيم الدّرزي البرقيات الى المفوض السامي ولم يلقّ أيّ رد، عندها جمع نخبة من رجاله وبدأ الدروز حرب عصابات ضد الإمبرياليين الفرنسيين(لوتسكي،ص144)
استخدم الفرنسيون الطيران الحربي ضد منزل الأطرش، وكانت تقصف باستمرار معسكرات الثوار والقرى الدرزية، ولعدم وجود أيّة أسلحة مضادة للطائرات في أيدي الثوار كانوا يطلقون نيران بنادقهم على الطائرات المغيرة ويسقطون بعضها أحيانًا.
وقد أرسلت حملات تأديبية عدة ضد الثوار وكان العمل العسكري المفضل للفرنسيين سلب المواشي التي يملكها الثوار. إنّ انتصار الدروز على حملة الجنرال غورو ميشو انتصارًا باهرًا، قد انتشر خبره بسرعة البرق في دمشق وفي أنحاء سوريا ومصر جميعها، فأسرع الزّعماء الوطنيين وبعضهم محكوم عليه غيابيًّا من الديوان الفرنسي فأسرعوا يفدون بدءًا من الثلث الأخير من شهر آب الى جبل الدروز لمشاركة إخوانهم ضد الأجنبي المحتل وفي مقدمة هؤلاء الوافدين: الدكتور عبد الرحمن شهبندر، والقائد يحيى حياتي، والسّادة فوزي ونسيب البكري وشكري القوتلي وجميل مردم بك والأمير عادل ارسلان والمقدم مصطفى وصفي، ثم انضم اليهم عدد كبير من الوطنيين من اختلاف أحزابهم وزعمائهم فكانت فاتحة اعمالهم في أول اجتماع عقدوه ، نادوا بسلطان باشا الاطرش قائدًا عامًّا للثورة التي بدأت درزية فأصبحت سورية عامة (الحكم-1983ص:116).
وقد أُصدِر حكم غيابي بالإعدام في 19 تشرين الثاني1922 بحقّ سلطان الأطرش(لوتسكي،ص145) امتدت الثورة الى حمص وحماه، وقد قام القائد فوزي القاوقجي على رأس صحبة الثائرين من أبناء حماة بمعارك ضد القوى الفرنسيّة التي أدت الى ضحايا كثيرة (الحكم،ص:146).
وخلال العام 1923 عمت حرب العصابات شمال سوريا ووادي الفرات. بقيت البلاد بحال من الثورة من المظاهرات الوطنيّة الشعبيّة ضد الاستعمار الى الاضطرابات المتنقلة من منطقة اللاذقيّة الى حمص الى حلب الى منطقة البقاع التي قمعت بوحشيّة، وجرى تدمير عشرات القرى وإعدام العديد من الثوار في 1924 (لوتسكي،ص:147). شهدت البلاد خلال ستة أعوام منذ الاستيلاء على سوريا ولبنان حتى بداية الحرب الوطنية التحررية في 1925-1927 انتفاضات فلاحيّة متواصلة تقريبًا .
كان الوجود الحزبي الذي يغذي الحركة الشّعبية، وينظّم التّظاهرات والعرائض تأثير في حركة المقاومة التي انضوى تحت لوائها الجمعيات العاملة في ذلك الوقت كجمعيّة العهد وجمعية العربيّة الفتاة وحزب الاستقلال و العاملين في السياسة جميعهم بدءًا من الطبقة المفكرة الواعيّة حتى أفراد الشعب (قدورة،ص260)، ما أدّى بفرنسا الى فرض خطرا على نشاط جميع الاحزاب السياسية، وأصدرت المحكمة العسكريّة الفرنسيّة حكمًا بإعدام 32 من قادة المنظمات الوطنيّة ما أدّى بحزب الاستقلال العربي الى نقل نشاطه الى القاهرة وكان يجتمع بعض اعضائه بطريقة سريّة في سورية وبذلك كانت العرائض تأتي من القاهرة .
مطالب المؤتمر السوري
وفي ايلول 1920 بعث حزب الاتحاد السوري الى قادة الحكومات الغربية والبرلمانات والصحف والى الرئس ويلسون احتجاجا على اعمال الفرنسيين الوحشية في حوران (سعيد،ص:246) ولم يلق هذا الاجتماع اي اهتمام .
عقد المؤتمر السوري الفلسطيني في تشريت الأوّل 1920 اجتماعا في جنيف الذي دعا اليه حزب الاتحاد السوري .واكدت اللجنة المركزية لهذا الحزب في رسالتها الى جميع الاحزاب والجمعيات المطالبة باستقلال سورية ووحدتها في 9 نيسان 1921 وبأنه عليها ان ترفع صوتها في وقت واحد للعالم المتمدن بأسره بجميع الطرق المشروعة طالبة الحصول على حقها الوطني الطبيعي المؤيد بكثير من العهود والوعود من اقطاب السياسة في العالم المتمدن (سعيد،ص:264) وكانت مهمة المؤتمر صياغة رسالة من جميع الاحزاب السّوريّة الى عصبة الامم وقد صاغ المؤتمرعدة مطالب برجوازيي الوطنية السّوريّة تضمنت الاستقلال ،الغاء الانتداب ،جلاء الجنود الفرنسيين والغاء تصريح بلفور.
لم يكترث المجلس للمذكرات الثلاث التي حملها الوفد والمرفقة بعدد كبير من البرقيات من جميع انحاء سوريا ولبنلن وباءت بالفشل جميع محاولات الوفد السوري للتحدث امام الجمعية العامة لعصبة الامم في ايلول 1922 وامام مؤتمر الصلح لوزان في تشرين الثاني 1922 (لوتسكي،ص:153) لم يستمع المجلس الى الوفد السوري الذي جاء الى لندن .حيث اقر في تموز 1922 اثر اجتماع مجلس عصبة الامم في لندن على صك الانتداب على سوريا ولبنان وفلسطين .
ان نظام الانتداب هو بدعة امبريالية في العهد السياسي ،حين ان الدول لم يعد تروق لها فكرة الاستعمار فجاءت عصبة الامم بتسمية اكثر حداثة واقل استفزازا .وهو ما كان يغطي بصورة او اخرى التعديات غير الشرعية على استقلال البلاد وحرية شعوبها .
اعطى صك الانتداب الذي وضع في 24 تموز 1922 وبدأ تطبيقه العملي في 29 ايلول 1923 فرنسا كامل السلطة على سوريا ولبنان ،واقر الانتداب نظام الاحتلال الفرنسي ،فنشرت فرنسا كامل قواتها في البلدين ووضع نظام النقل كله تحت تصرفها ،واصبحت علاقات سوريا ولبنان الخارجية من اختصاص فرنسا حصرا بما في ذلك حق تمثيلها في المؤتمرات الدولية وعصبة الامم .فوضعت المحاكم تحت سلطة قضاة فرنسيين عينوا خصيصا لهذا الغرض ،وفرض على سوريا ولبنان دفع نفقات سلطات الانتداب وقوات الاحتلال الفرنسيّة ،واعلنت اللغة الفرنسيّة لغة رسمية للبلاد الى جانب العربية ،ووضعت كامل الاملاك الدينية (الاوقاف )تحت رقابة السلطات الفرنسيّة ،وكلفت فرنسا مهمة وضع الدستور بالتزامها ان يكون الدستور مراعيا لمصالح ورغبات الشعب ،ولكنها تجاهلت هذا الشرط .
اقر صك الانتداب المساواة بين مواطني فرنسا والدول الاعضاء في عصبة الامم في مسائل التجارة والامتيازات والاحتكار والضرائب والترانزيت وغيرها …وقضت الاتفاقية الفرنسيّة-الأميركية الخاصة في 4 نيسان 1924 (لوتسكي-1987)بان تشمل هذه الامتيازات مواطني الولايات المتحدة .وأمّن الانتداب حرية عمل الارساليات الدينية لهذه الدول ،ووضع نشاط الدولة المنتدبة تحت رقابة دولة اخرى،ملزما فرنسا بتقديم مقرر عن اداتها لشؤون البلاد المنتدبة لعصبة الامم .ولكن هذه الرقابة لم تحد من اعمال العنف والاستغلال الفرنسي للبلدان انما وفرت فقط للبلدان الاجنبية المشاركة في الاحتكارات الفرنسيّة .
قبل اقرار الانتداب الشكلي ،كان السلطات بكاملها محصورة في يد المفوض السامي الفرنسي ،وكانت جميع الادارات المحلية التي شكلتها فرنسا تخضع للمفوض السامي الذي كان مقره بيروت وكان عليه تنظيم ادارة البلاد ويوافق على قرارات الحكومات المحلية او يرفضها ويقرر ميزانيتها ،ويدير دوائر المفوضية العليا المؤلفة من الموظفين والضباط الفرنسيين.ويمثل سوريا في جميع المحافل الدولية وهو الوسيط الوحيد بين الحكومات المحلية والقناصل الاجانب .وله نائب يتمتع بكامل الصلاحيات لدى كل حكومة محلية ،ويعين مستشارين فرنسيين يملكون كامل السلطة في مختلف دوائر الحكومات المحلية (لوتسكي-1987).بينما اقتصردور الحكومات المحلية الوطنية بعد الاحتلال على تخفيف الاضطرابات الداخلية للشعب ،تتحاشى فيها التدخل الفرنسي بكل تفاصيل الحياة ، واقتصر عملهم على الشؤون الفنية من مالية واقتصادية وثقافية (الحكيم -1983).
الاجراءات الادارية السريعة
-الرقابة على الرسائل والبرقيات
-التعامل بالنقد الورقي (ورق البنك السوري)
-الدنانير السّوريّة (حفظها في المتحف )
-منع الموظفين من الاشتغال بالسياسة
-اختيار الاكفاء للوظيفة
-اقفال مكتب اللجنة الوطنية والنادي الغربي
اعتمدت سلطة المفوض السامي على جيش الاحتلال الذي وصل عام 1920 الى 61 الف رجل ،وبسبب الانسحاب من كيليكيا خفضت فرنسا عديدها بين 1923 و1925 الى حوالي 25 الف جندي وقد انضم الى الجيش الفرنسي جماعة من الخونة والاستغلالين بلغ عدد افراد فيلقها بما في الدرك وحرس الحدود ال تسعة الاف مجند في 1925 .
وعملا بمبدأ فرق تسد ،قسم الممثل الفرنسي ،المفوص السامي في تشرين الثاني 1920 الاراضي الخاضعة لانتدابها الى عدة دويلات صغيرة او مناطق حكم ذاتي هي:لبنان الكبير ،دولة العلويين ،دمشق ،حلب ،جبل الدروزوالاسكندرون.يكون لكل منها حكومة مديرين مستقلة مرتبطة مباشرة بالمفوض السامي وتخضع قراراتها لماوفقته ، وكان ان ارتفع عدد المستشارين الفرنسيين والموظفين السوريين الى اربعة اضعاف ما تحتاجه الدولة الموحدة (الحكيم،ص:44).
في 31 آب1920 أنشئت بموجب قرار المفوض السامي غورو دولة (لبنان الكبير)التي اكتسبت عدة مناطق اضيفت الى سنجق لبنان الاساسي هي اقضية بيروت ،طرابلس،صور ،صيداوالبقاع . وكان هدف فرنسا من انشاء هذه الدولة المستقلة خلق عداء طائفي بين لبنان المسيحي الذي يضم نخبة موالية للانتداب وسوريا المسلمة الاغلبية المعارضة لاي صفة استعمارية .ولكن حال حاكم جبل لبنان الشكلي كان كحال جميع حكام المناطق .ليس له اي تأثير فعلي في السلطة فكان يكتفي بتنفيذ اوامر المفوض السامي (لوتسكي-1987).
تقسيم سورية الى دويلات او مقاطعات
علق السوريين الكثير من الامال في العهد الفيصلي والوعود بالاستقلال ونشاط الوطنيين بالوحدة العربية ولكن صفعة الانتداب اللي كانت بنودها مجهزة ومرتبة امور الدول بما يتناسب ووضع اليد عليها من خلال التقسيم الذي يسمح لهم بالتحكم السياسي بتغذية روح التمييز بالطائفة والانتماء ،فكان ان اكتفى حينها السوريين بطلب توحيد اجزائها الشّرقية ،الغربية والجنوبية .وبعد معركة ميسلون اكتفوا بتوحيد هذه المناطق مع لوائي اللاذقية واسكندرونة باعتبارهما اجزاء سورية (الحكيم –ص:41).
زار المفوض السامي الجنرال غورو دمشق في 23 تشرين الثاني 1920 فاستقبل استقبالا حافلا من قبل اركان السلطتين الفرنسيّة والسّوريّة ودعي الى حفل تكريم في 25 من الشهر ذاته في دارة الحكومة وقد ضم الحفل وجهاء العاصمة القى خلاله رئيس الوزارة الالشي خطابا قدم فيه بعض المطالب الوطنية فأجابه غورو بخطاب مطول اهم ما جاء فيه ان جمع المقاطاعات تحت ظل حكومة واحدة قد يتم في مستقبل الايام اتباعا لما يظهر من ادارة الشعب في كل مقاطعة .
وقد حدد المفوض السامي اجزاء وحدود الدول بقرارا رسمي كما عين حكومة لكل دولة بعضها اتسم بالهدوء والعمل الدؤوب لتحقيق الوحدة السّوريّة المبتغاة
_ دولة دمشق (1920_1925)
اصدر المفوض السامي في تشرين الثاني 1920 قرارا بتحديد دولة دمشق
-دمشق واقضيتها السابقة عدا الاقضية الاربعة التي الحقت بلبنان الكبير
-الوية حماه وحمص وحوران ،باستثناء قضاء مصياف الذي فك عن حماه والحق بقاطعة بلاد العلويين ،وقضاء عجلون الذي فك عن حوران ةالحق بمنطقة شرقي الاردن (التي تنازل عنها الانتداب الفرنسي للانتداب البريطاني)
عين المفوض السامي السيد حقي العظم حاكما على دولة دمشق يعاونه مديرين عامون هم نفس الوزراء في وزارة جميل الالشي ،الذي استقال من هذه الحكومة وعين بدلا منه الزعيم العسكري السابق نصوحي البخاري مديرا للامور العسكرية .
_دولة حلب(1920_1925)
جاء في قرار المفوض السامي بدولة حلب حيث اقام الجنرال دي لاموت مشرفا على تنفيذ الانتداب
قد الحق بدولة حلب لواء اسكندرونة مع الاحتفاظ باستقلاله الاداري ،وعين رئيسا لادارته باسم متصرف (محافظ)السيد الشعراوي .
عين المفوض السامي كامل باشا القدسي حاكما على دولة حلب ،كما عين بناء على اقتراح الحاكم مديري مصالح الحكومة من ذوي الكفاءة من ابنائها يعاونهم مستشارون فنيون فرنسيون .
كان اغلبية سكانها من العرب السنة بالاضافة لبعض الاقليات المسيحية واليهودية وبعض الشيعة والعلويين ، كما سكنها الارمن المهجرين ابان الابادة الارمنية والكرد كما يقطنها اقلية من الشركس والآشوريين في شمال حلب جنبا الى جنب مع العرب .
_دولة جبل الدروز(1921_1936)
يمتد جبل الدروز بين محافظة حوران شمالا وغربا وشرقي الاردن جنوبا والبادية شرقا.تقسم المقاطعة الى قضائين ،السويداء وصلخد ،مرتبطين اداريا بلواء حوران .
اصدر المفوض السامي قرارا باعتبار جبل الدروز مقاطعة مستقلة حاكمها الأمير سليم الاطرش ،وقد ايد هذا الاستقال وجاء الجبل والمفوضية العليا بالاتفاق في 4 آذار 1921 .فكانت الدارة في ظل حكومة الأمير سليم تسير على خير ما يرام رغم ما يظهره المجاهدون في سبيل الوحدة من نقمة على التجزئة .كان معظم سكانها دروز بينهم اقلية مسيحية وبعض العشائر البدوية المسلمة .
_دولة العلويين (1920_1936)
شملت هذه الدولة لواء اللاذقية باقضيتها الثلاثة ،مضافا اليه ما فك عن لواء طرابلس من ملحقات ،وهي قضاء صافيتا والحصن (تل كلخ)ومديريتا طرطوس وارواد مع قضاء مصياف الذي كان تابع للواء حماه وخمسة اقضية كانت تابعة لولاية حلب .
سميت هذه المقاطعة ببلاد العلويين لانه بقي اغلبية سكانها معتنقين العقيدة العلوية دون ان يؤثر عليها من سلخ اقضية اسكندرون وانطاكية وبيلان وقرقخان ،وهي الاقضية الخمسة التي كانت تابعة لمركز ولاية حلب وقد تألف منها قسم مستقل عرف باسم اللواء او لواء اسكندرونة.
كان اول حاكم في اللاذقية الليوتنان مينو وخلفه سنة 1920 الكولونيل نييجر ،الذي اراد ان يخطو نحو ادارة مختلطة ،عسكرية ومدنية ،فألف بعد موافقة المفوضية العليا مجلسا استشاريا تمثيليا على اساس طائقي ثم بالانتخاب الشعبي لاحقا .وكانت اهم صلاحيات هذا المجلس مقتصرة على التدقيق في ميزانية الحكومة وبيان ما يراه من اصلاحات وتنظيمات .يقدم اقتراحه بشأنها الى حاكم المقاطعة .اما فيما يخص المصالح الادارية فقد اقيم على رأس كل مصلحة ادارية مدير فرنسي مدني او عسكري باستثناء مديرتي العدلية والمعارف .
وقد ترأس رئاسة البلدية هيبر بمؤازرة المجلس البلدي المؤلف من وجهاء مدينة اللاذقية (الحكيم –ص:44_60).
_لواء اسكندرون (1920_ 1921)
كان تابع لولاية حلب نتيجة تنوع هذا الاقليم بأتراك وعرب علويين وسنة ومسيحين وأرمن .فصل ومنح ادارة مستقلة في 1921 حتى 1926 حين انضم للدولة السّوريّة مجددا ايام الرئيس احمد نامي .من ثم فصل واعطي حكما مستقلا في 1937 .ثم في 1939 اعطيت الاقاليم السّوريّة الشمالية لتركيا الاتاتوركية خلال معاهدة انقرة وترسيم الحدود بين القوة الاستعمارية وتركيا .
وكان من ضمن الاجراءات التي اقرها هنري غورو ترسيم الحدود مع تركيا ،باعتبار خط حديد اسطنبول –بغداد حدودا بين الدولة التركية ومناطق الانتداب الفرنسي .وذلك ادى لقسمة ولاية حلب ليكون قسمها الشمالي الكردي تابعا لتركيا .ايضا خرجت بلدات ذات غالبية عربية نتيجة التقسيم .
ثورة الشمال
قامت الثورة التي نادت في البدء بالانفصال على الدولة العثمانية والتحريض من الوطنيين على ضرورة انشاء دولة عربية موحدة بغض النظرعن الانتماء الطائفي والمذهبي ،بين انه وجدت فئة تنادي باللامركزية .اختلطت مطالب الشعب وارتبكت مخطاطاتهم في خضم رؤيتهم وما تريده الشعوب الاجنبية منهم لارساء مصالحها .
انشئ هذا الاختلاف العديد من الثورات منها الثورة السّوريّة في شمال غرب بزعامة ابراهيم هنانو بمساعدة عدة اقطاب وطنيين منهم يوسف السعدون في انطاكيا ولواء اسكندرون وعمر البيطار في الحفة ونجيب عويد في منطقة حلب وريفها ومصطفى حج حسن في جبل الزاوية والتي اعلنها هنانو في 10 نيسان 1919 ثورة مسلحة والتي ستأخد منحى سياسي فيما بعد .كانت الثورة عبارة عن انتفاضة مسلحة بدأت في عهد المملكة السّوريّة العربية واستمر بعد سقوط دمشق في معركة ميسلون .
قامت الثورة السّوريّة على الحدود بين البلاد السّوريّة وتركيا ولكنها لم تكن بعد قد رسمت رسميا ولكنها قامت ضد عدو مشترك للعرب والاتراك ،وتركزت الثورة في الريف وقد اطلق عليها اسم ثورة القرى برغم قول اغلبية المؤرخين ان مركز الحركة الوطنية كان في المدن ،ولكن اغلبية الثوار كانوا ابناء الريف بينما كانت المدن تقوم بالدعم المادي والسياسي .وبذلك كانوا المجاهدون يؤسسون لمستقبل استقلال بلدهم بحيث قاموا بعدة معارك مع الجيش الفرنسي لرفضهم الخضوع وقبول سلطة قوات اجنبية على ارضه ليكونوا فيما بعد مؤسسين للحركة الوطنية التي ستكمل النضال سياسيا وتدخل البرلمان وتوضع اسس الدستور السوري .
اسباب الثورة السّوريّة الكبرى 1925
تعددت اسباب الثورة التي وجدت الارض الخصبة لها منذ بداية الاحتلال الفرنسي لسوريا ،بقيت الشعلة مثل وقود تحت الرماد حتى اتى ما اشعلها ،من اسباب اشتعالها ان السلطان باشا الاطرش ارسل احد مبعوثيه للاتصال بالملك فيصل بعد مغادرته دمشق وطلب منه الحضور الى الجبل واطلاق حملة مقاومة الحتلال الفرنسي انطلاقا منه ،الا ان الملك فيصل رد بأن الوقت قد فات على هذه الخطوة ،وبدأت الاحداث تتفاعل .
بعد وفاة الأمير سليم الاطرش حاكم الجبل في عام 1924 حدث خلاف بين آل الاطرش حول من يخلفه وكان هناك ثلاث مرشحين من آل الاطرش وهم الأمير حمد وعبد الغفار ومتعب بك …فما كان من الفرنسيين الا ان استغلوا هذا الخلاف وحاولوا تثبيت وانتخاب كاربيه حاكما على الجبل وحلوا المجلس التمثيلي وحاولوا تأليفه بما يؤيد مصالحهم .ان غاية الفرنسيين لكسب المجلس بترشيح اعوانهم والضغط على السكان لتمرير مخططهم كان له الخدمة الجلل للكابتين كاربيه ،حتى بالضغط والاكراه لم يستطع الفرنسيين تحقيق مرادهم ولم يقدر كاربيه على الحصول على حاكمية الجبل وظل يمارس عمله حتى اندلاع الثورة .
غادر حاكم الجبل بالوكالة كاربيه في ايار 1925 الى فرنسا باجازة مدتها ثلاث اشهر فعين وكيلا عنه الكابتين رينو ،فاستغل سكان الجبل غيابه واخذوا يبعثون بالعرائض الى المندوب السامي بعدم اعادته الى الجبل ،ولكن في داخل المجلس رفض اربع اعضاء توقيع العريضة وايدوا بقاءه .اثر ذلك قام اهالي السويداء بالتجمع خارج دار الحكومة خلا انعقاد الدورة العادية للمجلس التمثيلي في 3 تموز 1925 وقاموا بالاعتداء على الذين لم يوقعوا العريضة بالضرب والشتم ،اثر ذلك تدخل اليوتنان موريل مع قوة من الدرك محاولا تفريقهم وتدخل عدد من الوجهاء لتفريق المظاهرة وفك الخلاف ،الا ان الحالة لم تهدأ،فارسلت القوات الفرنسيّة الدوريات والحراسة لمحيط دار الحكومة .بعد ذلك قامت السلطات الفرنسيّة بعزل الكابيتين رينو وتعين الكومندان مارتان مكانه وحضرت ايضا لجنة للتحقيق باعمال الكابيتين كاربيه .
ارسلت السلطات الفرنسيّة بدعوة زعماء الجبل الى دمشق للتشاور معهم لكنها قامت بنفيهم الى مناطق نائية هي (تدمر- الحسكة-الميدان)وفرضت عليهم الاقامة الجبرية .وكان سلطان باشا الاطرش من الاعيان المطلوبين الى دمشق لكنه لم يلب الدعوة .فكانت هذه الحادثة لحظة بدءه بالتحضير للثورة ،فبدأ بجولة مع عدد من فرسان القرية باتجاه القضاء الجنوبي ،فزار كلا من (ملح-متان –عرمان ) وقام فرسانه بمهاجمة مركز القضاء في (صلخد)واحرقوا مقر المستشار ومركز القضاء .
فاشتبك الفرسان مع القيادة الفرنسيّة في منطقة نبع الكفر حين ارسلت القوات الفرنسيّة سرية لالقاء القبض عليهم وكان ذلك في تموز1925 ،بعد هذه المعركة مباشرة تحصنت القوة الفرنسيّة الباقية في قلعة السويداء وانسحب جنود الجبل الى قراهم .بعد هذه المعركة أصر السلطان باشا الاطرش ان تعم الثورة كل انحاء الجبل جرى الاتفاق مع الشيخ احمد الهجري وتم عقد اجتماع في قرية قنوات المقر الروحي ،وقد ضم جميع اعيان ابناء الجبل وقرر المجتمعون اشعال نار الثورة ضد الفرنسيين حتى جلائهم التام عن ارض الوطن .وقام السلطان ايضا بحملات للمناطق الشمالية مماثلة لحملاتها السابقة حيث اجرى الاجتماعات ودعوت العامة للاشتراك بالثورة حتى الجلاء .
جرت معركة المزرعة في اب 1925 بعد عدة ايام من حشد الثواروالتي انتصروا فيها على جيش الجنرال ميشو بكمله وغنموا اسلحته والمدفعية والرشاشات والبنادق وتم أسر المئات من الجنود ،اما ميشو وعدد من جنده استطاعوا الانسحاب والافلات من الاسر .هذا الانتصار اعطى الاندفاع للثوار ،فسارع السياسيون الوطنيون من سورية ولبنان الى جبل الدروز والتنسيق مع سلطان باشا الاطرش ورفاقه .فعقد الاجتماع في قرية (عرى) الذي ضم زعماء الثورة الذين قدموا الى الجبل ومنهم (عبد الرحمن الشهبندر ،نسيب البكري ،نبيه العظمة،الشيخ محمد حجازي ،الأمير عادل ارسلان،فؤاد سليم ،عادل بك النكدي ورشيد بك طليع وغيرهم ..وقرروا حينها اطلاق الثورة تحت مسمى الثورة السّوريّة الكبرى وانتخبوا سلطان باشا الاطرش قائدا عاما لها ،واقروا ضرورة انتشار الثورة لتشمل جميع انحاء الوطن وتحقيق الوحدة السّوريّة، وتمسكوا بمبدأ عدم اجراء اي صلح منفرد مع احد الطراف المشتركة ما لم تتحقق كل الاهداف .
ارسلت القوات الفرنسيّة المبعوثين من سورية ولبنان الى الجبل لاجراء الصلح فرفض سلطان باشا الاطرش الصلح المنفرد وطالب بجلاء فرنسا التام وتحقيق الوحدة السّوريّة …ولتنفيذ اهم اهداف الثورة سار ثوار الجبل الى دمشق ولكنهم لم يتمكنوا من اختراق حمايتها الفرنسيّة المشددة وعادت بعد ان خاضت عدة معارك اثناء سيرها مع القوات الفرنسيّة البرية ،ما جعل قيادات الثورة تعرض عن خطة مهاجمة دمشق ووتفرغ للتصدي للحملة الفرنسيّة (الخطيب- 1993 ص:36)اتفق الثوار على الزحف باتجاه قرية المسيفرة للتصدي للحملة الفرنسيّة الجديدة وففي 17ايلول 1925 شن الثوار هجوما على القوات الفرنسيّة فجابههم العدو بالطائرات مما اجبرهم على الانسحاب ،ثم دارت معارك بين الثوار والفرنسين في مدينة السويداء بعد ما اجبرهم على الانسحاب بعد احتلالها فقرر حينها الثوار مد نطاق العمل الى الشمال لتخفيف الضغط عن الجبل (حوران-2016)توالت عمليات الثوار في مناطق متعددة مثل معركة حماه في 4تسرين الأوّل 1925 ما عرقل الثوار تدخل الطائرات ولكنها ادت الى انسحاب القوات الفرنسيّة من السويداء بناء على طلب المفوض السامي ساري لدعم الحامية الفرنسيّة في مدينة حماه (الخطيب-ص:51).
امتدت الثورة الى غوطة دمشق ودارت المعارك العنيفة بين المجاهدين بقيادة حسن الخراط والفرنسيين ،وفي 18 تشرين الأوّل 1925 دخل الثوار دمشق وعلى رأسهم نسيب بيك البكري ثم انضم اليهم ثوار الشاغور وباب السلام وبقى الثوار مدة اربعة ايام حتى اضطرت القوات الفرنسيّة اللجوء والاحتماء في القلعة.
قصف دمشق: أمر ساراي عصر يوم الأحد في 18 تشرين الأوّل 1925 قواته بدكّ دمشق بالمدافع من جبل المزّة الذي يقع غرب المدينة، ليستهدف المنطقة الجنوبية منها والذي استمر الى يوم الثلاثاء فهدمت المتاجر وحرقت المنازل ودمرت البيوت الدمشقية وسقط نتيجة القصف 1500 شهيدًا، بما عرف بنكبة دمشق الكبرى وكان الفرنسيون في تلك الأثناء يواجهون خطر خروج دمشق عن سلطتهم، كان ذلك إثر دخول 400 ثائرًا عبر منطقة الميدان تحت أمرة حسن الخراط، كما أتت من جهة الشّاغور مجموعة من الثوار بقيادة الثائر رمضان شلاش، اتجهت المجموعتان اللتان حظيتا بترحيب من السكان، والتجار نحو قصر العظم حيث مقر إقامة الجنرال ساري، وهناك اشتبكوا مع الحامية التي كانت تحمي القصر، واستطاع الثّوار اقتحامه ولكن لم يكن الجنرال موجود فيه وقاموا بمصادرة كل محتوياته ومجموعة وثائق، قام الفرنسيون بإرسال تعزيزات لقواتهم ولكن الثوار كانوا قد أحاطوا الجنود من الجهات جميعها، وتعذر على الدّبابات دخول الأزقة الضيقة.
انسحبت القوات الفرنسيّة بشكل مفاجئ في المساء، وبدأت المدافع بصبّ حممها على دمشق عقابًا لتجارها وأهلها لمساعدة الثوار وعدم مساعدة الفرنسيين للقبض عليهم بمؤازاة ذلك انسحبت القوات الموجودة في الأحياء المسيحيّة أملًا في أن يهاجم الثوار هذه المنطقة ويعتدوا عليهم، لكن الثوار أفشلوا هذا المخطط وأمنوا السكان على ممتلكاتهم وبيوتهم. وكان أنّ أُحرق حيّ سي عامد الذي كان سكانه من تجار دمشق، ويتميز بالبيوت الدمشقيّة العريقة التراثيّة الى جانب تدمير سوق مدحت باشا وشارع المستقيم وسنجق دار (orient T.V.).
اتهمت الحكومة الفرنسيّة الجنرال ساري بالتمرد على قراراتها وإحراجها، فقامت باستدعائه الى باريس وعزله واستبداله بهنري دي جوفينيل الذي كان رابع مفوض سامي على سورية ولبنان، وأول مدني يتولى هذا المنصب، ألهب حرق دمشق الرأي العام العربي وكتبت الصحافة ترثي دمشق .
في أواخر تشرين الأوّل 1925 اجتمع الثّوار في المقر الشمالي، وساروا باتجاه الغرب وقد انضم سكان قرى قلعة جندل وعرنة الى الثوار القادمين الذين هاجموا سويًّا مراكز الجيش الفرنسي في قطنا، ولكنّهم لم ينجحوا على إثرها هاجمت القوات الفرنسيّة هذه القرى وأجبروا المجاهدين على الانسحاب منها، أمّا القوة التي اتجهت الى مجدل شمس، فقد انضم اليها أيضًا سكان المنطقة وتابعوا جميعًا الى حاصبيا وراشيا وتمكنوا من احتلال هذين الموقعين وجوارهما لعدة أشهر بمساعدة سكانها، وثم اضطروا الى العودة بعد أن قام الجيش الفرنسي وبقوى كبيرة برية وجوية بالهجوم على مواقعهم، وتمكّن الجيش الفرنسي من دخول القاعة واحتلالها (الشوفي -2006).
دخل الثوار السوريين مرحلة الاستنزاف مع امتداد مدة الثورة، وقد عانوا من نقص الذخيرة والمؤن وكان هذا العامل ما ساعد القوات الفرنسيّة على تشديد الخناق عليهم بجلب المزيد من القوات والنجدات المساندة. ما اضطر الثوار للنزوح الى الأزرق في إمارة شرقي الأردن، ولم يمكّنهم الإنكليز من المكوث طويلا، فنزح سلطان باشا الأطرش وجماعته من المجاهدين الى وادي السرحان والنّبك في شمال المملكة العربية السعودية، ثم الى الكرك في الأردن وقد رفض تسليم سلاحه الى المستعمر وحُكم عليه بالإعدام (العماطوري-2009).
نتائج الثورة : استطاع الثوار أن يحققوا بثورتهم ونضالهم الوطني نتائج كبيرة في السّعي لتحقيق الاستقلال التّام عن فرنسا ومن هذه النتائج المهمّة:
1-أكدت هذه الثورات الكبيرة وبشكل كبير للفرنسين أنّ للشعب السوري إرادة حرّة، ولن يرضخ للاستعمار ولا بدّ من تأسيس حكومة سورية، كما باتوا على يقين أن أساليب التّرهيب لم تثني الوطنين عن النّضال في سبيل الجلاء، وإعطائهم الاستقلال وهذا ما اقتنع به الفرنسيين، ففي 1928 قدم النّائب سيكست كوانتين اقتراحًا بإرجاع سورية ولبنان الى عهدة عصبة الأمم لتخليص البلدان من إراقة الدماء والمصاريف الباهضة، فنال الاقتراح مائتي صوت من أصل أربعمائة وثمانين صوتًا .
أخذت الإجراءات السياسية العديد من الإصلاحات الإدارية بعزل مفوضها السامي، وضباطها العسكريين وتعين بديل منه لتهدئة ثوار الرأي العام. حين عزلت ساري إثر نكبة دمشق وعيّنت مكانه دي جوفينيل .
2-أجبرت الثورة السّلطة الفرنسيّة على إعادة توحيد سورية بعد أن كانت قد قسمتها إلى أربع دويلات.
3-اضطرت الى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنيّة بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي .
4-مهدت لخروج الفرنسيين نهائيًّا من سورية العام 1946 وقد استمر النّضال بشكله السياسي.
5-كانت الثورة انتصارًا للوعي القومي والوطني على الإقليميّة والطائفيّة، وقد كان أشهر شعاراتها وأهمها تلك التي أطلقها قائدها الدين لله والوطن للجميع.
النضال السياسي : كان على المندوب السامي إيجاد حل سياسي لوضع حدّ للثورة، فأطلق وعودًا بالتوقيع على معاهدة سورية- فرنسيّة تحصل البلاد بموجبها على الاستقلال، فأصدر في 26 نيسان 1926 قرار بتنصيب الدامادا أحمد نامي رئيسًا للدولة والحكومة بينما سعى إلى إنشاء حزب الشعب لقيادة الحركة الوطنية السّوريّة وتنظيمها، فكان أول حزب سياسي ينشـأ في البلاد خلال مرحلة الانتداب الفرنسي(المعلم-1985ص13).
فشل دي جوفينيل في تأليف الحكومة، وحاول الاتصال بقيادات الحركة الوطنية لإيجاد حلول مناسبة للوضع القائم، وبينما كانت تجري المفاوضات بوساطة لبنانيّة لإقناع الوطنيين بالتسوية، كانت القوات الفرنسيّة تزحف نحو السويداء للمرة الثانية لاحتلاها في 25 نيسان 1925 قبل يوم من إعلان حكومة الدامادا ،ما كان سببًا في رفض الوطنيين هذه الحكومة رفضًا قاطعًا، وعدم التّعاون مع الرئيس، ومع ذلك استطاع الرئيس الذي اختاره الفرنسيين تشكيل الحكومة في 4 أيار 1926 ضمت بعض العناصر الوطنيّة .
تألفت الحكومة على أساس برنامج قومي ينص على السعي لدعوة جمعيّة تأسيسيّة، وسنّ دستور على قاعدة السيادة، وتحويل الانتداب الى معاهدة لمدة ثلاثين سنة، وتحقيق الوحدة السّوريّة وتوحيد النظام القضائي وتأليف جيش وطني واشتراك سوريا في عصبة الأمم والتمثيل الخارجي، والسعي لتعويض منكوبي الثورة (عدوان-2010 ص1038) مع أنّ دي جوفينيل وافق على بيان الحكومة إلّا أنّه أعلن هو نفسه في 26 من الشهر ذاته إقرار دستور جمهورية لبنان والذي ينص على أن أراضي لبنان وحدة واحدة لا تتجزأ، ولا يجوز التّنازل عنها بأي شكل من الأشكال (عدوان،ص1039)، بهذا يكون قد نكث وعوده بتوحيد البلاد السّوريّة .
والواضح أنّ المفوض السامي كان قد أبدى موافقته على مقرارات الحكومة لكسب الوقت، بيد أنّ القوات الفرنسيّة لم توقف عملياتها العسكرية بل استمرت وتكررت الغارات على أحياء دمشق الكبرى، كذلك رفضت حكومة باريس الموافقة على ما سبق ووافق عليه المفوض السامي (أنيس-1976 ص517) فأدّى الموقف الفرنسي الى إظهار ضعف حكومة الدامادا، ما أدّى الى حلها ومن ثم اعتقال الوزراء الوطنيين ونفيهم الى خارج البلاد. ثم غادر دي جوفينيل لبنان الى فرنسا في 28أيار 1926.
ضعفت الثورة في هذه المرحلة وبقيت بشكل خجول في مدينة دمشق حتى ربيع 1927، وقد استسلم فريق من زعماء الدّروز بعد أن نفذت الوسائل القتاليّة، وكان أن ظهر تعاون إنكليزي فرنسي للقضاء على الثورة. وظلّ الثوار في تلك الحقبة نازحين قصرًا عن بلادهم، ولكن لم تنطفئ شعلة الثورة حتى عاد سلطان باشا الأطرش ومن معه من المجاهدين في العام 1937(أنيس،ص521)، لكن الثورة بقيت بوجهها السياسي داخل دمشق تمثلت بالميثاق الوطني الذي مثل الأفرقاء الوطنيين والتي حملت مطالبهم بالوحدة والاستقلال والتمثيل الخارجي ومطالبهم جميعها وذلك حين قبلت باريس المفاوضة معهم، ولكنها ما لبثت أن غيّرت رأيها، فأوقفت المفاوضات بدعوى إرجائها الى حين ذهاب مفوض سامي جديد يقوم بتحقيق شامل تبني عليه الحكومة الفرنسيّة سياستها وقراراتها المستقبلية (الأرمنازي،ص83).
استقدم المفوض السامي الجديد بونسو فعلًا في 14 تشرين الأوّل 1926 الذي علق عليه الكثيرين الآمال بأن ينتهج سياسة تعكس رأي الشّعب، إلّا أنّه سار على سياسة سابقيه وسارع الى زعزعة الدّاخل في الحركة الوطنية وإثارة الفتن والاضطرابات داخل البلاد، فأجرى اتصالات سرية مع الشيخ تاج الدين الحسني من جهة ومع هاشم الأتاسي من جهة أخرى، ما حمل الدامادا على تقديم استقالته من رئاسة الحكومة في 8 شباط 1927 (المعلم ،ص14).
اتبع المفوض السامي سياسة التلاعب، والمماطلة في التنقل بين بيروت ودمشق بحجة إيجاد تسوية للقضية السّوريّة، فكان أن جاء تصريحه الذي قضى على الأمل في التفاهم بين الفرنسيين والوطنيين السوريين، فجاء التصريح في 26 حزيران 1927 الذي قال فيه (استمرار السياسة الفرنسيّة والقانون الأساسي التي سبق العمل بها زمن المسيو دي جوفينيل وهي السياسة التي نالت موافقة الحكومة الفرنسيّة وعصبة الأمم، وهذه السياسة التي سيبقى المفوض السامي الجديد متمسكًا بها )(قرقوط،ص342) .
المؤتمر السوري : عقد الوطنيين السوريين مؤتمرًا في بيروت في 24-25 تشرين الأول 1927 برئاسة هاشم الأتاسي أظهروا فيه احتجاجهم على سياسية بونسو، حينها عمد المفوض بونسو الى الشيخ تاج الدين بتأليف حكومة تكون موالية للانتداب أكثر من سابقتها. فأعلنت الحكومة الجديدة عن إجراء انتخابات عامة لتشكيل جمعية تأسيسيّة سورية في 15 شباط 1928 تكون مهمتها وضع قانون للبلاد. وقد أصدر المفوض السّامي قرارًا لم يأتي بأيّ نوايا حول تغيير المنهج السياسي المتبع من سلطة الانتداب، بل كانت سياسة تهدف الى تمضية الوقت لخلق فتنة بين الوطنيين انفسهم .
جرت الانتخابات في 24 إبريل 1928 وتمخّض عنها ظهور الكتلة الوطنيّة برئاسة إبراهيم هنانو وظهرت داخل الكتلة جماعة الاستقلاليين الذين يدعون باللاستقلال التاّم، وأخذ رجال الكتلة يسيطرون على السياسة الداخليّة في سورية .
اختارت الجمعيّة التأسيسة لجنة لوضع الدستور متضمنًا ميثاق الحركة الوطنية الذي تألف من 115 مادة، كان من أهمها : إنشاء الجمهورية البرلمانيّة التي تنتخب لها الجمعية التأسيسيّة أول رؤسائها، وهيئة تشريعيّة من مجلس واحد تجمع نواب الأمّة، وسوريا دولة مستقلة لا يجوز السّماح بضياع أيّ جزء من أراضيها وحدة سياسية لا تتجزأ وهي جمهورية نيابيّة، دينها الرئيس الإسلام وعاصمتها مدينة دمشق (قرقوط،ص342-355) وفوجئت الجمعيّة التأسيسيّة في 8 كانون الأوّل 1928 بصدور بلاغ رسمي يطالب بحذف المواد التي تنص على الاستقلال، والوحدة بحجة أنّ هذا يحرمها من القيام بواجبها الدّولي .
تبيّن ردة الفعل هذه سياسة فرنسا الخادعة بالنسبة إلى الجمعيّة والتي تلهي الوطنيين عن المقاومة بالعمل السياسي، وهذا ما جعل الكتلة تحمّل الملامة إلى فرنسا لتدخلها في شؤون الدستور، عندها أصدر المفوض السامي بوقف الجمعيّة لمدة ثلاثة أشهر، من ثمّ أصدر في 7شباط 1929 تأجيل أعمالها الى أجلّ غير مسمى. وفي أول آذار 1930 عقد الوطنيون مؤتمرًا لإيجاد حلّ للأزمة. فكانت مفاجأة بونسو بإعلان دستور جديد للبلاد، أضاف الى مواده المادة 116 والتي ألغى من خلالها مفعول المواد الست التي أراد الفرنسيون حذفها بصيغة دستورية. فكان أن أثار هذا التّدخل الخطير استياء المدن السّوريّة واستنكارها جميعها، فعقدت الاجتماعات في حلب ودمشق وأرسلت برقيات الاحتجاج الى عصبة الأمم والى المفوض السّامي .
انتهت حكومة الشيخ تاج الدين الحسيني في تشرين الثاني 1931 وأقام المفوض السامي بونسو حكومة انتقاليّة برئاسة مندوبه في سوريا سالوميك، للإشراف على الانتخابات وتنفيذ الدّستور. وجرت الانتخابات في نيسان 1932 وبسبب التّدخل الفرنسي جاءت النتائج بفوز الوطنيين للمقربين من الحلّ السلمي والسياسي مع فرنسا، وغير المتشبثين بالاستقلال التام وقد شهدت هذه الانتخابات العديد من المشاكل في مدن متفرقة، وتدخلت الدّبابات الفرنسيّة ما أدّى الى وقوع العديد من القتلى والجرحى، فاضطر الفرنسيون الى وقف الانتخابات لمدة من الوقت، انتهت الانتخابات فأتت نتائج الكتلة الوطنيّة ب 25 بالمئة. بيد أنّ الفرنسيين وافقوا على إرضائهم بإعطائهم حصة في الحكومة الجديدة .
وبعد مشاوارات طويلة توصلوا الى الاتفاق على انتخاب محمد علي العابد رئيسًا للجمهورية العام1933 خلا وسطًا بين الأطراف الموالية لفرنسا والأطراف المؤيدة للوطنيين على أن يتولى حقّي بك العظم رئاسة مجلس الوزراء (أنيس،522).
فشل الوطنيين بمفاوضاتهم في دمشق مع بونسو لإيجاد حلّ يرضي الطرفيين، فنُقلت المفاوضات الى فرنسا، وقصدها وفد سوري تألف من ستة أعضاء من الوطنيين بينهم وزيرين من الحكومة الانتقاليّة وفي 9 كانون الأوّل 1936 وقعت المعاهدة السّوريّة الفرنسيّة في وزارة الخارجية بباريس (الإرمنازي،100-101).
معاهدة الصداقة : تألفت المعاهدة من معاهدة، وتحالف واتفاقيّة عسكريّة وخمسة بروتوكلات وإحدى عشرة مراسلة ملحقة بالمعاهدة، وتعد تلك المراسلات ً غير منفصل من المعاهدة الأصليّة. وكانت مدّة المعاهدة السّوريّة الفرنسيّة خمسة وعشرين سنة قابلة للتجديد، ونصّت نصت عليه: تثبيت أنّ سورية أمّة مستقلة، وتهيئة الشروط جميعها لقبول سوريا في عصبة الأمم في مهلة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الأوّل لتوقيع المعاهدةعلى أن يقوم تحالف بين الدولتين المستقلتين بالسيادة ثوثيقًا لعلاقتهما، وللصلات التي تضمّ الدّفاع عن السّلم والمحافظة على مصالحها المشتركة، كما نصّت الاتفاقيّة العسكريّة على منح فرنسا حق الإبقاء على قاعدتين جويتين، وأن يقوم بتدريب الجيش السّوري معلمون واختصاصيون فرنسيون، وأنّ يكون من واجب سوريا في حالة الحرب أن تتعاون مع فرنسا داخل الأرض السّوريّة بالمحافظة على المطارات وتقديم المياه والمساعدات اللازمة في النقل والمواصلات (عدوان،ص1044) .
تزامنت هذه الاتفاقية التي أرست قواعد السلطة السياسة والعسكرية الفرنسيّة، وثبتتها في المنطقة مع بدء الحرب العالمية الثانيّة، وكان على فرنسا أن توقف التوتر في البلاد الشّرقية لتشحذ عزمها للحرب الكبرى .لم يظهر لهذه المعاهدة أثر على الأرض بل بالعكس فقد سُلِخ لواء الاسكندرون في معاهدة تركية –فرنسيّة وما كان من المفوص السامي إلّا أن أعاد نظام الحكم المباشر على سوريا وتنصل كليًّا من المعاهدة .
كان لسقوط باريس بيد الألمان، وتولّي حكومة فيشي الحكم إذ واصل ديغول نضاله ضد النازية أثّر على بلاد الشّرق، فقد سارع بيتان الألماني الى عزل الجنرال بيو في دمشق، وعين بدلًا منه الجنرال دانس مندوبًا ساميًا. فأَقَال حكومة المديرين وكلّف خالد العظم بتشكيل وزارة مؤقتة تقود البلاد نحو الاستقلال (المعلم،ص22) .
عبرت القوات البريطانية الحدود العربية في 8 تموز 1941 بالاشتراك مع القوات الفرنسيّة الحرة وعادت إلى احتلال سوريا احتلالًا مشتركًا بعد قتال امتد اسبوعًا كاملًا. نجحت القوات البريطانية الفرنسيّة بالاشتراك مع عناصر سورية بالقضاء على قوات الجنرال دانس التابعة لألمانيا .
القى الجنرال ديغول في 30 تموز 1941 خطابا جاء فيه :” حان لفرنسا أن تضع بالاتفاق معكم نهاية للانتداب، وتتفاوض وإياكم في الشروط التي ستحقق ضمنها سيادتكم التامة، واستقلالكم إنّ فرنسا وسوريا المتحدتين اتحادًا وثيقًا واللتين تعملان على خدمة المثل العليا المشتركة في اليوم الذي توقعان فيه المعاهدات التي سيوضع فيها حد لأكبر فاجعة عرفها التاريخ، سيظهر لهما أنّ تحالفهما الوثيق وصداقتهما الخالدة كانت من عداد الفوائد التي جنيت من المصائب التي جرتها الحرب” (المعلم،ص23) .
أعلن الجنرال كاترو المندوب السامي في 27 كانون الأوّل 1941. أنّ سوريّة تتمتع بالحقوق والمزايا التي تتمتع بها الدّول المستقلة ذات السيادة، وأعلن استقلال سوريا رسميًّا في ذلك التاريخ من دون أيّة شروط
تلكأت الحكومة الفرنسيّة في إرساء السلطة الحقيقة بيد الحكومة السّوريّة، ما أر حفيظة الحركة الوطنية، وأدّى الى قيام الجنرال ديغول بزيارة لبنان وسورية ومن ثم موافقة اللجنة الفرنسيّة للتحرير الوطني التي حلّت محل حكومة فرنسا الحرة على إجراء انتخابات حرّة في سوريا في 24 كانون الثاني 1943(أنيس،ص533).
جرت الانتخابات فعلًا وحققت الكتلة الوطنية فوزًا ساحقًا، فشكّل نوابها أعضاء الأمّة الجديد، وعقدت أولى جلسات مجلس النواب في 17آب 1943 وانتخب شكري القوتلي رئيسًا للجمهورية، وفارس الخوري رئيسًا لمجلس النواب وكلّف سعد الجابري بتشكيل الوزارة الجديدة (المعلم،ص29).
كانت فرنسا تعمل على إرساء معاهدة تربطها رباطًا أبديًّا مع سوريا، الشيء الذي لقي رفضًا قاطعًا، ما أدّى الى اعتداء السلطات الفرنسيّة بالطائرات على دمشق، وحتى قصفها المجلس النيابي على إثر ذلك اضطر كاترو أن ينقل صلاحياته جميعها التي يرسلها باسم السلطة الفرنسيّة الى الحكومة الفرنسيّة بما في ذلك الجمارك على أن يبدأ تنفيذ الاتفاق في أول كانون الثاني 1944 (أنيس،ص534).
عمم بيان الاتفاق بين الجنرال كاترو ومفوض الدّولة في 5 حزيران 1944 الذي قضى بموافقة فرنسا على تسليم إدارة المصالح المشتركة الى الحكومة السّوريّة والذي بلغت فيه رسميًّا وزارة الخارجية الدول العربيّة، والأجنبيّة بهذا الاتفاق والذي تضمن موافقة فرنسا على استقلال سوريا رسميًّا، وكذلك سيادتها على أاضيها سيادة كاملة غير منقوصة (مجموعة مؤرخين-1948 ص40).تعزز الموقف السوري بالتهنئة من أغلب الدّول والاعتراف بها، وكان عليها أن تستكمل اجراءات السيادة باستلام الجيش السوري مهامه من القوات الفرنسيّة الذي كان فيه بعض التّعقيدات من الجانب الفرنسي. ومن الآليات وصول 1500 جنديًّا فرنسيًّا الى سوريا بقيادة الجنرال بينيه من دون علم الحكومة السّوريّة، ومطالبته بانشاء قاعدة جوية على الأراضي السّوريّة وضمان المصالح الاقتصادية الفرنسيّة في سوريا وكذلك المصالح الثقافية (المعلم،ص36-37).
رفضت الحكومة السّوريّة هذه الشروط وطالبت القوات الفرنسيّة الانسحاب فورا وتسليم الجيش فورا للحكومة السّوريّة. أثارت هذه المقررات استفزاز القوات الفرنسيّة فقاموا بالاعتداء على الأهالي وأغارت الطائرات على عدة مناطق، وقصفت منشآت حكومية ومدنية ما أدّى الى عدد من القتلى والجرحى .
تطورت الإشكالات الى وصول الأمر بالقوات الفرنسيّة الى الاعتداء على المجلس النيابي، وفتح النّار عليه فأصاب من كان بداخله جميعهم، وتعرضت دمشق للقصف المدفعي ورافقها أعمال عنف ونهب ما أدّى الى سقوط الشهداء والجرحى، ما جعل كلًا من سوريا ولبنان إلى رفع القضية الى مجلس الأمن الذي بدأ في 10 شباط 1946 بمناقشة القضية مع تأكيد المندوب السوري، واللبناني في المجلس على ضرورة جلاء القوات الفرنسيّة فورًا عن أراضيهما، وقد وجد هذا الطلب تأيّيدًا من الاتحاد السوفيتي والصين والولايات المتحدة (الدبس،ط1،ص90).
صوّت أعضاء المجلس على المقترح الأميركي على جلاء القوات الأجنبيّة عن سوريا ولبنان بأسرع وقت ممكن. يكون بهذا تحقق الحلم وتمكن الشّعب السّوري المناضل بتحقيق الاستقلال، وأُجليت القوات الفرنسيّة والبريطانيّة عن أراضيها في 17 نيسان 1946، فعُدَّ هذا اليوم عيدًا وطنيًّا، وأُبلِغ مجلس الأمن بذلك في 16 أيار 1946 .
القوات المسلحة في عهد الاحتلال الفرنسي لسورية : كان من المتوجب على فرنسا أن تُعِد جيشًا محليًّا للدفاع عن الجمهورية السّوريّة الحديثة عقب استقلالها بموجب صك الانتداب، ولكنّ سلطة الانتداب سعت الى بناء مؤسسة العسكريّة تدين لها بالولاء،وقد قُسِّمت القوات المسلحة خلال مدّة الانتداب على الشكل الآتي (لادئاني -2017):
1-جيش الشّرق الفرنسي: تطلبت عملية إحكام السّيطرة على سورية الاعتماد على جيش الشّرق الذي بلغ تعداده 70 ألفًا العام 1921 وكان يتألف من الفرنسيين والمغاربة والأفارقة، وقد خفض عديدها في 1924 الى 15 ألف ودُعِم بالقوات الخاصة للشرق. ويختلف جيش الشّرق الذي يتكون من عناصر خارجيّة عن القوات الخاصة للشرق التي تألفت من عناصر داخليّة والتي ستصبح نواة الجيشين السوري واللبناني في ما بعد .
2-القوات الخاصة للشرق: هي فرق امن داخليّة كانت مهمتها حفظ النظام، وقد استخدمتها القوات الفرنسيّة لقمع التظاهرات والثورات داخل المدن، وتأسست العام 1924 وتألفت حينها من ستة الآف وخمسمئة مجند، ومن عشر كتائب مشاة وعشرين فصيل خيالة، وفصيلين أو ثلاثة من المدفعيّة الثقيلة ووحدات تدعيم، واستمرت القوات الخاصة بالتوسع حتى أصبح تعدادها في 1935 حوالى 14 الف مجند، ثم أخذت بالتناقص بعد ذلك حتى أصبح تعدادها 10 الآف جندي، وكانت القوات الخاصة تتألف من المتطوعين من الأقليات الدّينيّة والعرقيّة، إلّا أنّ الفرنسيين حافظوا على المناصب القيادية جميعها حكرًا لهم حتى انتهاء الانتداب .
3-القوات الإضافيّة: استحدثت القوات الإضافيّة لدعم القوات الخاصة للشرق لقمع الثورة السّوريّة الكبرى التي اندلعت في 1925، وقد غلب عليها طابع الهمجيّة وسوء التنظيم، ما أجبر السلطات الفرنسيّة على الاستغناء عنها حال استباب الأمن في 1928 وضمت الفرقة المتبقيّة منها الى القوات الخاصة .
4-قوات الدرك: تألفت قوات الدرك من 3 الآف جندي أغلبيّة ضباطها من السوريين، ولكن ظابطًا فرنسيًّا ضم اليها كأركان حرب برتبة مقدم. وكانت هذه القوة تابعة لوزارة الداخليّة، ومهامها حفظ الأمن في الرّيف، وتنفيذ العقوبات القضائيّة والإشراف على احتكار التّبغ وحراسة السجون .
5- جهاز الشرطة: كان هذا الجهاز قوة صغيرة مقارنة بباقي الفرق، وكان يغلب عليه العنصر الفرنسي، بالإضافة الى جهاز المخابرات الفعال، وكانت مهمته تشمل العديد من المسؤليات الإدارية ومكافحة الجريمة .
الخاتمة : تبين من خلال هذا البحث وجود نخبة من المثقفين الوطنيين الذين أخذوا على عاتقهم بناء وطن حر مستقل يرفض الخنوع للأجنبي ظهر في عدة أوجه، ويعود فضل النّهضة والفكر الحرّ الى أعلام سورية مهمة استطاعت أن تنهض بالشعب لرفض عصيان السلطات الفرنسيّة التي دخلت البلاد بنظام مبتدع دوليًّا ،نظام الانتداب ولكنه كان استعمارًا رسميًّا إذ ألحق الدّمار والتّقسيم بالبلاد السّوريّة والاعتداء على الشّعب بحجة مواجهة الثوار، وبدلًا من النّهوض بالشّعب للتقدم، فقد ألمّ فيه العنف والأذى المادي والمعنوي .
نستخلص من تجربة شعوبنا المقاومة التي بدأت في 1918 حتى نيلها الاستقلال، أنّها شعوب ترفض الاستعمار والتّنازل، والاستسلام لأيّ نوع من أنواع الخضوع، وبرز هذا في التصدي والمقاومة الثورية في البدء على أيدي العديد من الثوار والمحررين الذي تطور من الاشتباكات العسكرية الى أن استطاع الوطنيين تنظيم أفسهم في كتلة التحرير الوطنية التي استطاعوا من خلالها أن يفرضوا مطالبهم وإصرارهم على نيل الاستقلال الذي تحقق لهم في مدّة زمنية ليست بكبيرة .
كان حصول سوريا على الاستقلال المحفز لباقي الاقطار العربية التي رزحت تحت نير الاستعمار واتُخذت سوريا كمنهج لتحرير البلاد والتخلص من الاستعمار .
المراجع
.1ابو راشد،حنا (1926):حوران الدامية،القاهرة.
2.ابو راشد،حنا(1926(:جبل الدروز ،المطبعة التجارية الكبرى ،مصر .
3.الارمنازي ،نجيب(1983):سوريا من الاحتلال حتى الجلاء ،الطبعة الثانية،دار الكتاب الجديد ابو راشد،حنا(1926)،بيروت –لبنان .
4.انطونيوس،جورج(1969):يقظة العرب ،ترجمة ناصر الدين الاسد واحسان عباس،الطبعة الثالثة ،بيروت –لبنان .
5.أنيس،محمد(1967):الشّرق العربي في التاريخ الحديث والمعاصر، دار النهضة العربية، القاهرة.
6.سعيد،امين(1936):تاريخ الاستعماريين الفرنسي والايطالي في بلاد العرب،الجزء الثاني، القاهرة .
7.سعيد،امين(1936):الثورة العربية الكبرى ،ثلاثة مجلدات،الجزء الثاني، مطبعة عيسى الحلبي، مصر.
8.بديع،محمد)1969):السياسة السّوريّة والعسكرية (1945-1958)، ترجمة محمود فلاحة ،الطبعة الثانية ،بيروت –لبنان.اليقظة الفكرية والسياسية في القرن التاسع عشر .
9.بيهم ،محمد جميل :العروبة خلال العصور ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،بيروت –لبنان .
10.جاسم،عمر:التطورات السياسية في سوريا من الملكية الى الاستقلال 1918-1946،الجمعية الدولية للمترجمين اللغويين العرب .
11.حجازي،جوزيف(1999):سوريا بلاد الشام ،تجزئة وطن ،الطبعة الأوّلى ،دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ،دمشق-سوريا.
12.الحصري،ساطع(1968):العروبة اولا،بيروت –لبنان.
13.الحكيم،يوسف( 1983):سورية والانتداب الفرنسي ،دار النهار للنشر ،بيروت .
14.خوري ،جيرارد(2006):وصاية استعمارية،الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان ،بيلان –فرنسا.
.15زهر الدين ،صالح(2003):موسوعة معارك العرب ،الجزء الخامس ،الطبعة الأوّلى،المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت –لبنان.
.16الشهابي،مصطفى(1961):القومية العربية(تأريخها وقوامها ومراميها )محاضرات القاها على طلبة المعهد قي 1958،طبعة ثانية ،دار ابن الاثير،364 صفحة.
17.عدوان،اكرم(2010):مدينة دمشق ومواجهة الاستعمار ،مجلة الجامعة الاسلامية (سلسلة الدراسات الاسلامية الانسانية )المجلد الثامن عشر ،العدد الثاني ،غزة –فلسطين.
.18فيينو،بيير:الانتداب الفرنسي في بلاد الشّرق ،مجلة الرسالة ،العدد312،بتاريخ 26-6-1939
.19قدورة ،زاهية:تاريخ العرب الحديث ،رقم الكتاب 1910،دار النهضة العربية،بيروت-لبنان.
.20قرقوط،ذوقان(1977):المشرق العربي في مواجهة الاستعمار ،قراءة في تاريخ سوريا المعاصر ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة.
.21لوتسكي،فلاديمير(1987):الحرب الوطنية التحررية في سوريا 1925-1927،نقله الى العربية محمد دياب ،راجعه وقدمه مسعود ضاهر ،الطبعة الأوّلى،دار الفارابي،بيروت –لبنان.
22.المعلم، وليد(1985):سوريا 1918 -1958 (التحدي والمواجهة )،الطبعة الأوّلى ،شركة بابل للنش، دمشق.
23.مجموعة من المؤرخين السوريين (1948)،تاريخ امة في حياة رجل ،اصدار الحكومة السّوريّة ،دمشق .
24.موسوعة سورية السياسية ORIENT T.V.
1.I.loder(the truth about Mesopotamia Palastine and Syria|)p:32
،Stephen،2.Longrigg Syria and Lebanon under French mandate
محضر جلسة مجلس الاربعة قي 20 آذار 1919 ، p;14
3.Baker(Woodrow Wilson and the world settler)vol.III S.p;1-191
لسانس تاريخ من الجامعة اللبنانية زحلة -[1]
حاصلة على تقدير جيد جدًا في الماستر من الجامعة اللبنانية على رسالتي التي اعددتها في التاريخ الحديث والمعاصر بعنوان
التاريخ الاقتصادي-الاجتماعي لبلدة كفرشوبا ١٩٤٣-١٩٧٥
Bachelor of History from the Lebanese University, Zahle -I received a very good grade in the Master’s degree from the Lebanese University for my thesis that I prepared in modern and contemporary history under the title
The socio-economic history of the town of Kfarshouba 1943-1975 Email:maysounsief@gmail.com
[3] – بيير فيينو:سياسي فرنسي يساري ابان احتلال المانبا النازية لفرنسا ,اشرف في خريف1936 على عملية التفاوض في ما يتعلق باتفقيات استقلال لبنان وسوريا ,بل كان المفاوض شبه الرئيس لفرنسا وكان من المتعاطفين والموافقين على استقلال البلاد عن فرنسا ورفضه لسلخ اقليم اسكندرون .
[4] – لوسيان هيوبرت:ساسي فرنسي شغل عدة مناصب وزارية وكان ممثل فرنسا لدى عصبة الامم –المترجم.