صفقة ترامب لإنهاء القضية الفلسطينيّة
Trump’s deal to end the Palestinian issue
د. ناديا مصطفى الصالح([1])Dr. Nadia Al-Saleh
تاريخ الإرسال:21-2-2024 تاريخ القبول: 5-3-2024
الملخص
يعالج البحث صفقة مشبوهة دعيت بصفقة القرن كإعادة صياغة لرؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف التي طُرحت لسنوات، مع تعديلات بسيطة تنسج ترتيباتها خلف الأبواب المغلقة، وبطرق غير مباشرة، خشية الإعلان عنها بشكل جليّ. في ظلّ تحالف شبكي ينطلق من ترامب وحلفائه في الإقليم الذين يمهّدون له الأرض؛ لإتمام هذه الصفقة، وتمريرها بشكل يقفز على الثوابت الدينية جميعها، والمبادئ القيميّة والأخلاقيّة.
فمنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الكيان الصّهيونيّ والسّادات(مصر) العام ١٩٧٩، مرورًا بتفاهمات أوسلو مع السّلطة الفلسطينيّة العام ١٩٩٣، إلى توقيع اتفاق وادي عربة مع الأردن ١٩٩٤، ثم محاولة تقسيم العديد من الدّول العربيّة تحت مسمى “الفدرلة” من خلال خلق الفوضى، والاقتتال الدّاخلي الطائفي والمذهبي في عهد أوباما مع ما سُمي بالانتفاضات العربيّةإلى محاولة تصفية القضية الفلسطينيّة وإنهائها مع صفقة القرن، واتفاقيات التّطبيع التي وُقِّعت بين الإمارات والبحرين من جهة والكيان الصّهيونيّ من جهة أخرى، والتي بدت أكثر انسجامًا مع الصفقة، وعملت على تكريسها من خلال فرضها لتنازلات جوهريّة في قضايا الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي المركزية، كالعاصمة القدس، وعودة اللاجئين، والحدود، والمستوطنات، وملامح تحولات جيوسياسية عميقة في المنطقة كما أرادها ترامب، لجهة إعادة تشكيل وعي المنطقة، وثقافتها بما يسمح بدمج كيان العدو الصهيونى فيها، وتقبّل دوره دون أي تغيير في سلوكها وسياساته مع الفلسطينيين.وبالتالي تتحقق الغاية الأساسية من السياسات الصهيو اميركية وهي تحويل الوطن العربي الجامع بكل مكوناته الثقافيّة والسياسيّة والحضاريّة إلى واقع جغرافي مختلّف غايته إضفاء الشّرعيّة على عدو محتل قاتل للأطفال والنساء، وتناسي بل والقضاء على القضية الفلسطينيّة.
استنادًا الى ما سبق قُسِّم البحث الى فصلين. يحمل الفصل الأوّل عنوان:الاستراتيجيّة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، والثاني: صفقة ترامب ومواقف الدّول منها.
الكلمات المفتاحيّة: صفقة القرن، ترامب،القضية الفلسطينيّة،القدس، الاستراتيجيّة الأميركية، مشروع الشرق الأوسط، بنود، أهداف، الأمم المتحدة ، الكيان الصهيونى، اللاجئين ، شرعنة المستوطنات ،الموقف الدّولي والعربي.
Search summary
The research deals with a suspicious deal called the Deal of the Century as a reformulation of the vision of the Israeli extreme right، which has been presented for years، with minor modifications. Its arrangements are woven behind closed doors، and in indirect ways، for fear of being clearly announced. In light of a network alliance that stems from Trump and his allies in the region who are paving the way for him. the earth; To complete this deal، and pass it in a way that violates all religious constants، and moral and ethical principles.
Since the signing of the Camp David Accords between the Zionist entity and Sadat (Egypt) in 1979، through the Oslo Accords with the Palestinian Authority in 1993، to the signing of the Wadi Araba Agreement with Jordan in 1994، then the attempt to divide many Arab countries under the name of “federalism” by creating chaos and fighting. The internal sectarian and sectarian conflict during the era of Obama with the so-called Arab uprisings. To the attempt to liquidate the Palestinian issue and end it with the deal of the century، and the normalization agreements that were signed between the UAE and Bahrain on the one hand.
And the Zionist entity، on the other hand، seemed more in line with the deal، and worked to consolidate it by imposing fundamental concessions on the issues of the conflict.
Palestinian-Israeli Central،
Such as the capital، Jerusalem، the return of refugees، borders، settlements، and features of profound geopolitical transformations in the region as Trump wanted، in terms of reshaping the region’s awareness and culture in a way that allows the Zionist enemy entity to be integrated into it، and to accept its role without any change in its behavior and policies with the Palestinians. Thus، the basic goal is achieved. One of the Zionist-American policies is to transform the comprehensive Arab homeland with all its cultural، political and civilizational components into a different geographical reality whose goal is to give legitimacy to an occupying enemy that kills children and women، and to forget and even eliminate the Palestinian issue.
Based on the above، the research is divided into two chapters. The first chapter is titled: American strategy after September 11th
The second: The Trump deal and countries’positions.
Keywords: The slap of the century- Trump- the Palestinian issue- Jerusalem- American strategy- the Middle East project- provisions- goals- the United Nations- the Zionist entity- refugees- its legalization of settlements- the international and Arab position
إشكالية البحث: تتمحور إشكاليّة البحث فيما يلي:
هل صفقة ترامب جاءت لانهاء القضية الفلسطينيّة؟
ويتفرع عنها الأسئلة الآتية:
– هل الصفقة هي وجه من وجوه مشاريع الشّرق الأوسط، لتغيير الجغرافيا والحدود لفلسطين والدّول العربيّة؟
– أين المجتمع الدولي من مخالفة الصفقة لقرارات الشّرعيّة الدّوليّة في ما يتعلق بفلسطين سواء من مجلس الأمن والجمعيّة العامة، والرأي الافتائي لمحكمة العدل الدّوليّة في ما يتعلق بالجدار؟
منهجيّة البحث: اعتمد في هذا البحث المنهج العلمي التاريخيّ وذلك عبر الرجوع إلى الأحداث في الماضي، وتتبع تسلسلها وصولًا حتى الوضع الراهن، إضافة إلى منهج تحليل النظم الذي يقوم على فكرة أنّ هناك وسطًا نظاميًّا تؤثر فيه عوامل خارجيّة تسمّى “مدخلات”، وتتفاعل عناصره فيما بينها ومع المدخلات.
أهمية البحث: تظهر أهمية البحث في تعريف صفقة مشبوهة لترامب للقضاء على القضية الفلسطينيّة في ظل ظروف دوليّة موآتية لعرض هكذا صفقة مجحفة بالحقوق الفلسطينيّة، وصمت عربي مخجل سار في ركب التّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ.
أهداف البحث: يهدف البحث الى شرح صفقة ترامب وتفنيدها بدقة وموضوعيّة لجهة أنّها ليست إلّا استمرارًا لتنفيذ وعد بلفور، للقضاء على القضية الفلسطينيّة وتصفية الوجود السياسي للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، حقّ تقرير المصير، حقّ العودة، حقّ الاستقلال الوطني وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
_إدراك أنّ الخطورة الأوسع لهذه الصفقة ليست بشطب فلسطين فقط ، وإنّما بشطب الأمة العربيّة، وقد تجلى ذلك من خلال مواقف وسياسات دول التّطبيع مع العدو، وما فيها من تخاذل وجبن.
_العمل على إيجاد طريقة لمواجهة هذه التّحديات العصيبة التي يمر بها الشّعب الفلسطيني من حراك على المستويات الدّوليّة والاقليميّة والمحليّة كافة.
_ وضع القدس كقضية مركزيّة ورئيسة أثناء المباحثات، وليس مؤجلة كما في اتفاقية أوسلو بوصفها عاصمة لفلسطين.
أساليب البحث: اعتمدنا في هذا البحث على: المنهج العلمي التاريخي التحليلي ، بهدف الوصف لتلك المشكلة العالقة، منذ أكثر من سبعين عامًا للوصول الى دلائل وبراهين لوضع إطار لحلول لها، أيّ الخروج بتوصيات واقتراحات.
الاستنتاجات والتوصيات:
_ضرورة تحصين البيت الدّاخلي الفلسطيني من خلال إنهاء الانقسام بين السّلطة الفلسطينيّة، وحركات المقاومة الوطنية في الوطن، لمواجهة عدوان غاصب واحتلال أَخذ شكل الاستعمار.
_ضرورة تفعيل مؤسسات النّظام السياسي الفلسطيني، أضف إلى التّوصية بتشكيل إجماع عربي على مواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينيّة، وذلك بوصفها قضية عربية تمسّ الأمن القومي العربي بالمقام الأول.
_ اعتماد منهج قانوني وآخر تاريخي للتركيز على القدس في الجامعات، وتشجيع الباحثين على البحث العلمي لنشرها بالدراسات المقدسيّة في جامعة القدس.
_إلغاء اتفاقيات التّطبيع مع العدو الصّهيونيّ.
المقدمة
إنّ أولى الدّول التي بدأت بعد العام١٩٤٨ محادثات مع الكيان الصّهيونيّ هي المملكة الأردنيّة. ولمجرد انعقاد تلك المحادثات أوحت للعدو أنّ النّزاعات العربيّة -الإسرائيليّة ليست بالضرورة غير قابلة للتسوية. ولقد كانت اتصالات الملك حسين مع الكيان الصّهيونيّ تقوم على اقتراح توقيع معاهدة مقابل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية والقدس الشّرقيّة، مع إدراكه التام أنّه بصدد مخاطرة كبيرة وتضحية كبيرة كونه ينتهك إحدى المحرمات العربيّة، لكن لم تسفر تلك الاتصالات عن شيء بين الطرفين([2]). وأثر إعلان الزعيم العربي عبد الناصر تأميم قناة السويس العام ١٩٥٦ أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على مصر، ولحقت بهما دولة الاحتلال إلّا أنّ هذه الحرب انتهت بفض النّزاع. كما كانت الفرصة الحقيقية الأولى لكي يعلم العالم أن القوى العظمى التقليديّة لم تعد كما كانت في سابق عهدها، بل إن الوضع الجيو- سياسي التعددي القوى ومركز القرار قد تغير نحو ثنائي القطب([3]).
بعد حرب ١٩٦٧ جرت محاولات دوليّة لإيجاد تسوية لمسألة الصراع العربي، إلّا أنّ الكيان الصّهيونيّ كان يرفض كل ما يصدر من قرارات تنص على احتلال أراض عربية. وفي العام ١٩٧٥وقعت مصر اتفاق سيناء، وهو اتفاق سياسي برعاية الولايات المتحدة. لتنطلق مرحلة جديدة من المفاوضات في ٩تشرين الثاني العام ١٩٧٧عند إعلان السّادات استعداده لزيارة القدس المحتلة. هذه الزيارة التي كانت مرتقبة لدى حكومة الكيان الصّهيونيّ منذ زمن([4])، وعُقِد اتفاق بين الطرفين، ولم يكن اتفاق سلام ، بل كان مشروعًا صهيونيًّا مشبوه للمرحلة التي تلت التوقيع عليه، ووضع نهايةً لاحتمالات اجتماع العرب في حربٍ ضد الكيان الصهيونى. وكانت تلك أُولى معالم تفكّك النّظام الإقليمي العربي، وخروج مصر بمحض إرادة السّادات من دائرة الصراع والإجماع العربي كما وعلى لاءات الزعيم عبد الناصر الثلاث المعلنة في القمة العربيّة في الخرطوم([5]).
وكان زيادة الاهتمام بالأمن الإسرائيلي على حساب حلّ الصراع العربي، حاولت الولايات المتحدة عقد إتفاق دعي” باتفاق ١٧ أيار “بين لبنان ودولة الاحتلال العام ١٩٨٢؛ في إثر حرب عصفت بلبنان ترجع أسبابها إلى عدد من الأحداث التي جرت في الشّرق الأوسط خلال السنين التي سبقتها. وبمـا أنّ أحـكام القانـون الدّولـي أقـرّ بحـقّ الشّـعوب فـي مقاومـة العـدو، وبمـا أنّ الكيـان الصهيونـى احتـل أراض لبنانيـّة وهـو دولـة عـدوة، كان لا بـدّ من مقاومة للرد على العدوان. وكانت نتيجة مؤتمر مدريد والمحادثات التي أعقبته في العام ذاته، التوصل إلى اتفاق أوسلو، وسمّي بهذا الاسم نسبة إلى العاصمة النرويجيّة التي جرت فيها المحادثات الفلسطينيّة يوم ١٣ سبتمبر/أيلول ١٩٩٣، وعُرِف باتفاق “إعلان المبادئ الفلسطيني-الإسرائيلي.. أوسلو”.ثم أوسلو ٢وهي محادثات جرت في طابا، وقد جرى من خلالها الاتفاق على تأسيس حكومة ذاتيّة انتقاليّة فلسطينيّة في الأراضي الفلسطينيّة،(القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والترتيبات الأمنيّة، والحدود)، والتّعاون مع الجيران بقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك، تزامنت مع حدث أنهيار الاتحاد السوفييتي العام ١٩٩٠؛ لتسقط معه الثنائية القطبية ولتصبح الولايات المتحده القوة الآحادية من دون منازع تسيطر على مجلس الأمن الدولي متجاوزة إرادته في أغلب الأحيان، ومتفردة في معالجة بعض الأزمات. كما شكلت أحداث ١١ أيلول فرصة ذهبيّة لإعادة صياغة التوازنات الاستراتيجيّة في دول العالم، خاصة في آسيا الوسطى، وكرّست الولايات المتحدة هيمنتها على العالم بذريعة تهديدات من منظمات غير حكوميّة، ذات توجهات سياسية في إطار تدويل الحرب على الإرهاب المزعوم وجعلها في صلب دبلوماسيتها، وهذا ما فعلته خلال غزوها لافغانستان العام ٢٠٠١ والعراق العام ٢٠٠٣. وبحجة الحرب على الإرهاب وزعمها الكاذب بوجود أسلحة نووية، وضعت يدها على مدخرات العراق الماديّة والأثريّة، وكان هدفها الأول النفط العراقي وبعد ذلك العربي.
وبدأ فصل جديد من السياسات في العلاقات مع شعوب منطقة الشّرق الأوسط، لكي تؤول اليها مقاليد الحكم في الدول التي تحرّرها من مبادئها المقدسة، والخروج من هوياتها الخاصة من دون عمق أو قاع أو وجدان ثقافي، للاندماج في الحدود الاقتصاديّة المرنة القابلة للتعديل أمام التوسع الصّهيونيّ.
ولتصبح الولايـات المتحـدة قـوة أحادية تسـيطر على مجلـس الأمـن الدّولـي متجـاوزة إرادتـه فـي أغلـب الأحيـان، ومتفـردة فـي معالجـة بعـض الأزمـات حسب مصالحها وأهوائها.
أمام هذا الواقع الدّولي تمحورت إشكاليّة البحث حول هل شكّل إعلان ترامب لما سمّي بصفقة القرن هدفًا لتصفية القضية الفلسطينيّة ؟ نظرًا لما لها من أهمية كبرى على أوضاع العالم بشكل عام ومنطقتنا بشكل خاص. ولأنّ منطقة الشّرق الأوسط هي الشّريان الحيوي لكل الاقتصاد العالمي، وعليها يتوقف سلام العالم واقتصاده وأمنه، سعت الولايات المتحدة إلى إعادة رسم خريطة العالم ولو من النّاحية السياسيّة فقط، وحددت لهذا الغرض بعض النّقاط السّاخنة وكذلك بعض الملامح، إذ بدأت تدرك أنّ الاقتراب من هذه النّقاط والعمل على تشكيل هذه الملامح، لا يمكن أن يكون من دون مساعدة من دول المنطقة، وليصبح العالم آنذاك أمام ترقب، ما يُعطي الانطباع بالفوضى والغموض.اعتمدنا على المنهج التاريخي توخيًّا منا الوقوف على حقيقة الوقائع التّاريخيّة، من خلال تحرّي المصادر والنصوص والمؤلفات القديمة والحديثة، وكل ما يمت إلى موضوعنا بصلة. ثم أمعنّا الدّرس وتجريد الوقائع من أيّ عبث أو إغراق في التّحامل والتّعصب جريًا مع الأهواء والحزازات. كل هذا لنتلافى الوقوع في الأخطاء والمغالطات كي نصل إلى وقائع خالصة من أي لبس، صافية من كل شائبة. كذلك اعتُمِد على المنهج التّحليلي لهذه الوقائع، وتحليلها تحليلًا نقديًّا منطقيًّا بهدف التوصل إلى الحقيقة، وإثباتها بالنّظر العقلي، عن طريق الربط بين حقائق معينة جزئية، توصلًا إلى حقيقة عامة. علمًا أنّ الحقيقة بنت البحث، وأنّ التّاريخ لا يعرف الرّحمة ولا النقمة، وإنما يتحرى الحقائق ليسجل بدقة وأمانة، بصرف النظر عن عدّها مدحًا أو هجاء، وعن كونها مسايرة أو مخالفة لهوى القرّاء. يمكن لهذه البحث، على الرّغم من ترابطه وتناغمه مع بعضه، – أن يُقرأ بالعديد من الطّرق: من البداية إلى النّهائيّة وبالعكس، وبالقفز من مكان إلى آخر، وعن طريق عقد عمليات المطابقة والموازنة. ولقد قُسِّم إلى مقدمة وفصلين وخاتمة.
يبحث الفصل الأول في الاستراتيجيّة الأميركية بعد أحداث الحادي عشرمن أيلول.وعُنِي الفصل الثاني بصفقة ترامب (بنود وأهداف) ومواقف الدّول. في الختام، لُخُّص ما تعرضنا له من مواضيع، طارحين تساؤلاتنا واقتراحاتنا، وكذلك رأينا، مع محاولتنا قدر الإمكان أن يكون غير متحيز، يقينًا منّا أنّ هذه الدراسة هي إطلالة على واقع دولي يتحكم برسم السياسة الدّوليّة على هواه، وفرض الأحكام، التي تتوافق ورؤيته للنظام العالمي.
الفصل الأول:الاستراتيجيّة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول
لتأسيس امبراطورية استغلت الولايات المتحدة أحداث الحادي عشر من ايلول، لعسكرة للاقتصاد وتنامٍ للشركات العملاقة على مختلف الاصعدة؛ وتزايد الطلب على الصناعات العسكرية([6]). يضاف الى ذلك انطلاقة الولايات المتحدة في بناء عولمة الاقتصاد، واعتمادها مرتكزات رئيسة ثلاث هي: صندوق النقد الدّولي والبنك الدّولي ومنظمة التّجارة العالميّة.
استدعى ذلك توسعّا في أنشطة الشركات والصناعات الألكترونيّة في ظل القدرة النفطية على قاعدة “حيث يوجد البترول توجد أميركا([7]).
أولًا-الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق:
– أفغانستان:
وكان بحر قزوين قد آثار الانتباه في أواخر التّسعينيّات من القرن الماضي، من خلال التّقارير عن احتياطه من الطاقة الذي يكفي لعشرات الأعوام المقبلة([8]). ولأنّ الوضع الاقتصادي كان بحاجة لحروب جديدة، وهيمنة على موارد أخرى لأجل الصناعة العسكرية وشركاتها([9]) ، وفي ظلّ أصحاب المنافع المشتركة من المحافظين الجدد (الذين يُعيدون سيرة النّازيين الهتلريين والفاشيبن الإيطاليين، بربطهم الوثيق بين الأزمة الاقتصاديّة والحروب في الخارج، والحكم الدّيكتاتوري في الداخل)، قادت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًّا من ١٣ دولة بهجوم ضد أفغانستان في تشرين الأول من أجل رسم خريطة سياسية جديدة، تحدد من خلالها خلفيّة فكرها الاستراتيجي في هذه المنطقة من العالم، وتحقيق حلم راودها بالوجود في منطقة قزوين ذات الثّروات البتروليّة والمعدنيّة المهمّة، بالإضافة إلى الاقتراب من إيران الدّولة التي لا تسير في فلكها إذ تشكل حلقة حصار حولها من الشّمال والشّرق، والغرب الى جانب أهداف أخرى كالاقتراب من شبه القارة الهندية ومن الصين([10])، وتطويق إمكانية نجاح المخطط الرّوسي القديم الجديد لإقامة تحالف يضم الى موسكو دول المجال الحيوي الآسيوي، وإعادة تكريس النّظام العالمي القديم([11]).
هذه الحرب على أفغانستان- التي لم يتفق العالم حتى اليوم على إيجاد تعريفات لها – حملت الكثير من الاستراتيجيين الى القول إنّ العالم يتجه الى إحكام الجيوبولتيك، وما يجري اليوم من صراعات على الحدود والمياه والثروات الطبيعيّة، إنّما يجري ضمن هذا المفهوم([12]). وهذا ما حمل “امبروزديك ” أحد القادة الأفغان السابقين الى القول:”إنّ أفغانستان تقع في ملتقى خمس دول ذات موقع استراتيجي مميز، والولايات المتحدة تسعى الى السّيطرة على المنطقة كلّها، من خلال إيجاد عدو جديد هو الإرهاب.. واعتقد أنّ الإرهابيين ليسوا السّبب الحقيقي لوجود الولايات المتحدة في بلادنا، هم يفتشون على مصالح اقتصاديّة مثل السيطرة على النفط والغاز الطبيعي في المنطقة([13]).
– العراق:
ثم كانت الحرب على العراق التي تُعدّ الحلقة الأضعف بسبب الأوضاع الداخلية، وعزلة النّظام إقليميًّا ودوليًّا وموقع العراق الاستراتيجي. إذ يرى وليم هيلتون أنّ الخبراء الاستراتيجيين في وزارة الدّفاع وفي مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة؛ قد تأثروا بنظرية ماكندر في أنّ العراق هو قلب المنطقة العربيّة والأسيويّة، وحسب رأيه يعني احتلال العراق هو السّيطرة على النّفط والتّحكم بخطوط المواصلات، والاستراتيجيّة التي تطل على الخليج العربي وأيضًا في الهلال الخصيب، لتصبح المنطقة بأجمعها تحت هيمنتها من القاهرة حتى إسلام آباد([14]). ويرى الكاتب جيمس مان “أن المبرر الحقيقي لاحتلال العراق يعود إلى ما قبل عشر سنوات من تاريخ الغزو، أيّ الى وثيقة إرشاد التّخطيط الدفاعي”، للقضاء على كل من يقف في وجه الولايات المتحدة، وذلك في ظل انفراط الإجماع الدّولي على احتلال العراق الذي تجسد بالمعارضة الروسيّة الفرنسيّة، لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدّولي يشرعن وبشكل واضح الحملة عليه. لكن الحقيقة أنّ حربها على العراق كان هدفه وضع اليد على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، والهيمنة على أسواق النّفط العالميّة. وحول النفط يقول الدكتور زكريا البرادعي :”تجد تفسيرًا بتروليًّا للتدخل الأميركي والدّول الصّناعيّة الكبرى من أجل السّيطرة المباشرة على منابع امدادات البترول في الخليج؛ فاحتياطي البترول الأميركي ٣٤٠١ مليار، وطبقًا لمعدلات الاستهلاك فإنّه سينضب تمامًا مع مطلع القرن الواحد والعشرين، أيّ بعد ٤سنوات من مضي الغزو”([15])، الى جانب دعم الدّولار لأنّ الرئيس صدام حسين كان قد اتخذ قرارًا العام ٢٠٠٠ باستعمال عملة اليورو بدلًا من الدّولار كعملة وحيدة في التّعاملات الاقتصادية وأبرزها في مجال الطاقة والنّفط ، وأيضًا لتدمير مرتكزات الدولة العراقيّة الحديثة.
ومع حلّ الجيش العراقي وإخراجه من المعادلة العسكريّة في المنطقة تشكّلت اللبنة الأولى لإضعاف أقوى الجيوش العربيّة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ترافق ذلك مع فتنة طائفيّة وصلت ذروتها بين أبناء الشّعب الواحد بتفجير مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري العام ٢٠٠٦، ثم ما لبثت هذه الفتنة أن تحولت إلى حرب أهليّة حاصدة الآلاف من الضحايا العراقيين وتعزيز الانقسام السُّني- الشّيعي داخل وبين دول المنطقة.
وكان من نتائج الحرب على العراق تكريس الوجود الاستراتيجي والسياسي، والعسكري للولايات المتحدة في دول الخليج العربي، والعمل على زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان، والضغط على إيران من خلال فرض نماذج جديدة للقوى الإقليميّة التي تعمل لمصلحتها وفي مقدمهم إسرائيل.. ثم تركيا في تمثيلها استراتيجيّة الولايات المتحدة، باتجاه القوقاز وأوروبا وأيضًا إيران والخليج العربي، كما لتركيا أطماع تاريخيّة في شمالي العراق، وهي تتحكم بمياه دجلة والفرات ولا تتردد باستعمالها كورقة ضغط على سوريا عند الأزمات([16]).
ثانيًا- مشروع الشّرق الأوسط:
بدأ مصطلح (الشّرق الأوسط) بالتّداول السياسي والفكري في خمسينيّات القرن الماضي، وكان هدفه المباشر فرض هُوية جديدة على أبناء الأمّة تتلاشى فيها أو تضيع المرجعيّة العربيّة، لصالح وعاء فضفاض سُمّي بالشّرق أوسطيّة، ويتحول الوطن العربي الجامع بكل مكوناته الثقافيّة، والسياسيّة والحضاريّة إلى واقع جغرافي مختلف من خلال دخول دول غير عربيّة مثل تركيا، وإيران في ما يُسمى بالإقليم الشّرق أوسطي تمهيدًا لإضفاء الشّرعيّة في إطار الإقليم على الكيان الإسرائيلي. وظلت الرؤية الشّرق الأوسطيّة تواجه ممانعة شديدة، رفضت قبول الكيان الصّهيونيّ كدولة شرق أوسطيّة حتى بوجود اتفاقيّات السّلام مع كثير من العواصم في المنطقة([17]). وكان المحافظون الجدد قد تسلموا الإدارة في واشنطن برئاسة جورج بوش، في ما تولى شارون الحكم في تل أبيب، وبدأ عصر جديد للمنطقة والعالم. وبات على الولايات المتحدة أن تكرس سطوتها، وهكذا باشرت بمشروعها العالمي للهيمنة على القرن الواحد والعشرين بالقوة، ومن خلال مخططات عسكريّة وسياسيّة واقتصاديّة من أجل السيطرة على المنطقة التي دعيت بالشّرق الأوسط، كجزء من منطقتي الشّرق الأدنى وآسيا الوسطى، والتّعامل مع هذا التكوين الجغرافي الممتد من موريتانيا إلى طاجيكستان على أنّه مخزن للنفط. وقد أعطى غزو العراق إشارات كشفت الملامح الحقيقيّة للمخطط، فالأمر منذ البداية لم يكن مجرّد رد على هجمات سبتمبر، لكنّه التّنفيذ المتسارع لمشروع الهيمنة ونشر ما وصفه عراب المحافظين الجدد؛ الفوضى والمحن خاصة في الدول التي تظهر ممانعة شديدة للاندفاع الأميركي، (العراق، لبنان)([18])، وربما يكون ذلك هو ما قصدته كوندليزا رايس في حديثها عن الولادة العسيرة للشّرق الأوسط الجديد، الذي تريده واشنطن نموذجًا لعالم ما بعد١١ سبتمبر أيلول.
ولكن مع تتابع الرؤساء الحاكمين للولايات المتحدة، واختلاف شخصياتهم وانتمائاتهم الحزبيّة، اختلف منظورهم في تغيير ملامح المنطقة العربيّة. لذلك نجد أنّ طبيعة السياسة الخارجية “لبوش الابن” اختلفت عن خلفه “أوباما” الذي أخذ في إطار تفاعله مع دول المنطقة التّقليل من الاستخدام المفرط للأداة العسكريّة في إطار المشروع، وعدم فرض التّحول الديموقراطي بالإكراه، ضمن الاستراتيجيّة الأميركية النّاعمة([19])، ورؤى لعقول تخطيطيّة استراتيجيّة بواشنطن، ووفق احتياجات تأتي في مقدمتها الطاقة ثم الأسواق. والأوفق أو الأفضل أن يكون الرّسم بخطوط طول وعرض التي توفر سهولة إمدادات الطاقة، وسرعتها وزهد ثمنها مع التّحكم فيها في ظل انتفاء أيّ عائق في طريقه([20]).
وثمة من يرى أنّ ما حصل في الدّول العربيّة من انتفاضات، أو ما سُمّي بالربيع العربي هو نتيجة بشكل مباشر، أو غير مباشر لهذا المشروع وإن كان هناك من يدحض هذه الرؤية إلّا أنّنا نرى أن هذا المشروع الذي بدأ بفوضى الانتفاضات الشّعبية، هيأت له عوامل داخليّة سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة ظلت تتفاعل داخل دول ما سمي بالربيع العربي، وكان لا بدّ لها من الاشتعال.
ولقد تمكن أوباما من وضع اليد على تلك الانتفاضات من خلال([21]) خلق فوضى ضمن منهجيّة تغيير الأنظمة العربيّة، وإعادة تصميم لها، وبناء بأخرى إسلاميّة معتدلة ذات توجه غربي؛ لضمان مصالحه وتلك الحكومات الجديدة. إلّا أنّ محاولة فرض نمط وشكل جديد للأنظمة العربيّة السياسيّة لم يستقم في كل البلاد التي حدثت فيها الانتفاضات الشّعبية خاصة مصر، إذ سُرقت مطالب الشّعب المحقّة بشكل مدروس جدًا، عندما انقلب وزير الدّفاع الذي عُيّن من الرّئيس مرسي على العهد، وأطاح بعد أحداث دامية برئيس منتخب من الشّعب (ولو كان قد أتى نتيجة لتبدل المزاج المصري بعد حكم قمعي ظالم مذل للكرامات الإنسانيّة والحياتيّة فرأوا إعطاء فرصة للإسلاميين خاصة، وأنّ الشّعب المصري متدين أولًا- وثانيًّا – لما كان قد تعرضت له جماعة الأخوان المسلمين من تنكيل واضطهاد أيام حكم مبارك). ثم برز اسم السيسي بعد أن ارتدى عباءة عبد الناصر، لما كان يدركه من مكانة للزعيم النّاصري في قلوب المصريين ووجدانهم فانتُخِب رئيسًا، ووضع يده كما أرادت له الولايات المتحدة على مصر، وشعبها وسياستها ومواقفها العربيّة من أحداث مهمّة قلب موازينها غير مكترث لردات الفعل؛ فأعطى جزرًا رفض كلا من الرّئيسين السّادات، ومبارك على الرّغم من كل سوء أفعالهما التّنازل عن ملكيتها للسّعودية، وتنازل عن الغاز الطبيعي لإسرائيل بسعر بخس، حارمًا دولًا عربيّة منها وأيضًا لاثيوبيا مع إعطاء الوعود بأن يكون من ناحري القضية الفلسطينيّة والفلسطينيين المهمّين.
ولكن هذا التّغيير في طبيعة السياسة الخارجيّة عن من سبقه يخدم فقط إعادة بناء صورة الولايات المتحدة الأخلاقيّة؛ أمّا جوهر السياسه الخارجيّة فبقيت ضمن مصالح الولايات المتحدة، في دول الشّرق الأوسط([22])، تحتل الصدارة على سلم أولوياتها حتى مع تنوع أغراضها الخفيّة، وتعدد طرق تحقيقها والتي أكثرها أهمّيّة تقوية دولة العدو التي تطمح، وتحاول الهيمنة على المنطقة العربيّة من خلال دمج منظوماتها الاقتصاديّة في منظومة العولمة الاقتصادية التي تزيح بطبيعتها ثروات دول العالم الثالث والجنوب نحو الدول الكبرى. وعلى تلك الدّول أن تكتفي فقط بكونها مصدرًا للمواد الخام بأسعار مناسبة، وللعمالة الرّخيصة وسوقًا لتصريف البضائع والخدمات المصنوعة والمنشأة غربيًّا من خلال وكلاء محليين للمؤسسات الغربيّة العملاقة([23] )، والمرتبطة بما تم من مشاريع سابقة سُميت ب ” مناطق صناعية مؤهلة في إربد (الأردن) العام ١٩٩٧، وتلتها مصر العام ٢٠٠٤ بتوقيعها اتفاقية “الكويز” بعد الغزو العراقي بيوم واحد، ليشهد العام ٢٠٠٥ سبع مناطق مشابهة لمناطق الأردن تقدم مكونات صناعيّة محلية للصناعات الصّهيونيّة بما يخدم مصلحتها، وذلك في ظل انعدام سيطرة الدّولة المصرية اقتصاديّا على تلك المناطق كونها مفتوحة.
الفصل الثاني: صفقة ترامب ومواقف الدّول منها:
أولًا- صفقة ترامب (بنودها – أهدافها)
أ- التمهيد لصفقة ترامب: لقد سبق الصفقة تصرفات عدّت تمهيدًا للإعلان عنها والبدء فيها ومنها:
– الحصار السياسي والاقتصادي والإلكتروني لقطر من أربعة دول عربيّة هي: السّعودية والبحرين والإمارات ومصر- مستقية من سجل تاريخ التّدخل السّعودي، والإماراتي في الشّأن القطري أساسًا لإطلاق أزمة لم تجد شرارة منطقية للاشتعال، سوى تخمين دول الحصار أنّ الفرصة موآتية بحكم العلاقة مع ترامب وبعض المحيطين به؛ والمقربين منه وعلى دعم إسرائيلي خاص، لا يبدو بعيدًا من مقتضيات صفقة القرن التي يُعدُّ ولي العهد السّعودي عرّابها الأبرز، وربما تُكلف بلاده مليارات كثيرة. وكانت البداية إلكترونيّة إذ جرى في ٢٣ آيار من العام ٢٠١٧ التّحكم في موقع وكالة الأنباء القطريّة، لنشر تصريحات ملفقة منسوبة لأمير قطر الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي لم يتأخر بوصف تلك الادعاءات بالكاذبة. وبعد أيام من حادثة القرصنة، أعلنت تلك الدّول قطع علاقاتها الدّبلوماسيّة مع قطر، وطلبت من الدّبلوماسيين القطريين مغادرة أراضيها، أضف إلى أنها قامت بإغلاق المجالات الجويّة، والبريّة والبحريّة معها توخيًّا منها انهيار النّظام السياسي (قطر) .
غير أنّ الشّعوب الخليجيّة لم تتقبل الحصار بترحيب، ومن أجل ذلك قررت دول الحصار تجريم التّعاطف مع قطر، وحددت الإمارات غرامة تبلغ خمسمئة ألف درهم مع السّجن النّافذ لمدة ١٥ عامًا لمن يعلن أيّ موقف تضامني معها . وكان في السعودية، الدّعاء بالتوفيق والصلح بين جيران الحصار جريمة، استوجبت رمي الشّيخ سلمان العودة وآخرين في غيابات السّجون([24]). ولأنّ أمر الحصار كان قرارًا محددًا يستهدف قطر، وجدت الدّوله نفسها مرغمة على البحث عن سند مطلبي ليكون بوابة للتفاوض، فكشفت بعد طول انتظار، وترقب قائمة تتألف من ١٣مطلبًا، من بينها:
-إغلاق القاعدة العسكرية التركيّة التي أنشأت بعد الحصار أصلًا، ووقف أيّ تعاون عسكري مع تركيا داخل قطر.
– قطعُ العلاقات مع ما وصفتها بالتنظيمات “الإرهابيّة” والطائفية كافة؛ وتسليمُ العناصر “الإرهابيّة” المطلوبة لدى دول الحصار، أو المدرجة بالقوائم الأميركيّة والدّوليّة.
– خفض التمثيل الدّبلوماسي مع إيران، على الرّغم من أنّ العلاقات التجاريّة بين الإمارات وإيران تفوق مثيلتها مع قطر أضعافًا مضاعفة.
– إغلاق شبكة الجزيرة والمواقع كلّها التي ادّعت دول الحصار أنّ قطر تدعمها.
في المقابل، رأت الدوحة في المطالب اعتداء على سيادتها، ولم توافق عليها([25]).
– قرارات غير قانونية تتعلق بمدينة القدس:
القدس هي عاصمة فلسطين المحتلة. وقد ساعدت الصّهيونيّة المسيحيّة في الولايات المتحدة إلى جانب ما ماثل هذه الدّعوة من حركات متطرفة يهودية، والتّناقض العقدي والكراهيّة المتبادلة بينهما – السّماح لمئة الف بالهجرة من اجل الإستيطان – وهذا ما بدا جليًّا من خلال تعاطف المسيحيين مع السّفاحين اليهود إلى حد المشاركة في المجازر التي ارتكبوها ضدالفلسطينيين، وبمساعدة من الولايات المتحدة. وما يحدث في مدينة القدس العربيّة هو صورة مُتكررة لما يحدثُ في مدينة الخليل، وبعض أجزاء الضفة الغربيّة لتشويه النّمط العمراني الرائع للقدس. كما هو مشروع مشبوه لتصفية القضية الفلسطينيّة، مع مباركة عربية ومشاركة توضحت معالم خطواتها راسمة للتاريخ شواهد الاستسلام. هذه الخطوة تدخل ضمن خطة استراتيجيّة لفرض الأمر الواقع على المدينة وعلى الفلسطينيين، خاصة وأنّه اختيرت أيضًا الذكرى السبعين لنكبة الشّعب الفلسطيني موعدًا لها([26]).
وعلى الرّغم من أنّ مجلس الأمن الدولي كان قد صوت في ١٨ كانون الأول ٢٠١٧ على رفض الإعلان باستثناء الولايات المتحدة- التي واجهت انذاك عزلة دوليّة، -لا تزال الأسرة الدّوليّة تُعدّ القدس الشّرقيّة أرضًا محتلة ومن غير المفترض إقامة سفارات في المدينة، خاصة وأنّ الفلسطينيين يتمسكون بها عاصمة لدولتهم([27]). استنادًا إلى تلك القرارات فإنّ نقل السّفارة يعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدّوليّة، ويهدد بنسف خيار حلّ الدّولتين.
– وقف تمويل وكالة الغوث “الأونروا:
ومن المراحل التي مهدت لصفقة ترامب للقضاء على القضيّة الفلسطينيّة، وقف تمويل وكالة الغوث “الأونروا من جانب ١٨ دولة: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا، وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاند، وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والاتحاد الأوروبي([28]). وقد جرى ذلك وسط غياب دبلوماسي فلسطيني تام، حيث غادر الموظفون، بحضور عدد من أبناء الجالية الفلسطينيّة، ومن دون إنزال العلم عملًا بقرار السّلطة الفلسطينيّة وبموافقة مالك المبنى الفلسطيني الأصل، بوصف أنّ من حقّه فتح تحقيق ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدّوليّة. خاصة وأنّ السياسات والأفعال العدوانيّة غير النّاجعة بدلًا من التفاوض هو ما يقصيها ويبعدها.
في هذا الصدد يقول أحد الباحثين في التنمية الاجتماعيّة – الاقتصاديّة الفلسطينيّة، أنّ تصفية القضية الفلسطينيّة تقوم على ٣ ركائز، إنهاء الأونروا والتّطبيع والتّهجير القسري، وهذا ما حدث في غزة، وهو نموذج لما حدث في ١٩٤٨، ولكن بشكل متقدم، ذلك لأنّ إسرائيل هي من ضغطت على هذه الدول، ولأنّ الأونروا تعدُّ الشّاهد الحيّ على القضية الفلسطينيّة، وهي مرجع توثيقي للمستندات التي تبرهن على أنّ الشّعب الفلسطيني له الأحقيّة في فلسطين، إذ إنّ قطع التمويل يشكل خطرًا على استمراريتها. وأوضح أن الوكالة الأمميّة تقدم خدمات لحوالى ٥ ملايين لاجئ فلسطيني، وعدد الوظائف في الأونروا حوالي ٣٠ ألف وظيفة في قطاع التّعليم، والتّدريب المهني والرّعاية الصحيّة والخدمات الاجتماعيّة والمشاريع الصغيرة. كما عدّ أنّ “الأونروا ليست فقط مزودة، إنّما هي رمز للهوية الفلسطينيّة وناقل الهُوية عبر الأجيال”([29]).
وساهمت عدة عوامل رئيسة للتمهيد لهذه الصفقة اكثرها أهميّة :
– الخلافات مابين حركتي فتح وحماس ناهيك عن المأزق الإقتصادي وشح المساعدات الدّوليّة.
– الزيادة البشرية الفلسطينيّة أو ما يسمى بالقنبلة الديموغرافية الفلسطينيّة وهجرة أعداد كبيرة من سكان الكيان الغاصب بعد الحروب الإسرائيلية رافقه إنخفاض بالنمو السكاني وتراجع في عدد السكان المقيمين في فلسطين المحتلة.
– ضغط الراي العام العالمي على الممارسات الإسرائيلية وفشل المنظومة الإعلاميّة للكيان الصّهيونيّ التي تبرر ما تقوم به من أعمال عنصريّة همجيّة بغطاء أميركي وصمت عربي واضح.
– المشاكل التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي من ترهل لبنية الجنود، وانتهاء أسطورة الجيش الذي لا يقهر (الجزيرة؛ حوارات جامعة العلوم السياسية، م.س)
ب- صفقة ترامب (بنودها واهدافها)
صفقة ترامب هي صيغة جديدة ورؤية أمريكيّة صهيونيّة حديثة لاستكمال مشاريع الاستيطان ومخططاته وتهويد القدس، والعمل على إلغاء المعاهدات والاتفاقيّات الدّوليّة التي تضمن حق عودة اللاجئين إلى أرضهم. ودعم الجرائم الإسرائيليّة بحقّ الإنسان والأرض الفلسطينيّة المباركة. وهي تمثل الصورة الحديثة التكنولوجيّة المطورة لوعد بلفور، من أجل تمكين الكيان الصّهيونيّ من السّيطرة الكاملة وبسط النّفوذ العسكري على الأرض والأجواء الفلسطينيّة، بل ونشر الإرهاب والجريمة والفوضى الخلاقة في المنطقة العربيّة([30]). وهي إعادة لخطة بريطانيّة طبقت في إيرلندا الشّماليّة من خلال ضخ الأموال، والاستثمارات مقابل الأرض والسّيادة والتي أنهت القضيّة الإيرلندية. وصفقة ترامب تقضي بدفع أموال عربيّة للفلسطينيين مقابل ترك أرضهم، أيّ أنّ إسرائيل تفاوض على الاستيلاء على أرض العرب بأموالهم.
وكان أول من طرح فكرة الصّفقة السّيسي عند لقائه ترامب العام ٢٠١٧، وقد عرض فكرة حلّ للقضية الفلسطينيّة سماها (صفقة العصر)، فرد عليه ذلك الأخير بإنّها ستكون الصفقة النهائيّة. وكانت الصفقة تتضمن: دولة فلسطينيّة على حدود العام ١٩٦٧ تضم الضفّة الغربيّة مع غزة وعاصمتها القدس الشّرقيّة، على أن تؤجر إسرائيل منطقة الأغوار على حدود الأردن، وبقاء المستوطنات الإسرائيليّة لحين إيجاد حلّ لها من خلال تبادل الأراضي أو حلها. وعلى الرّغم من الموافقات العربيّة عليها إلّا أنّ الكيان الإسرائيلي كان متحفّظًا وذلك لعدم إلزام نفسه باتفاقات وجداول محددة، أضف إلى أنّه لا يريد التّنازل عن احتلال القدس الموحدة، والمستوطنات والأغوار، والجولان. لهذا أوعز للوبي الصّهيونيّ للضغط على الإدارة الأمريكيّة لاتخاذ موقف في صالحها([31]).
من بين البنود المخزيّة المهمّة لخطة ترامب (صفقة القرن) ما يلي:
– تعترف الولايات المتحدة بالمستوطنات الإسرائيليّة.
– خريطة لترسيم الحدود من أجل “حلّ دولتين واقعي يتيح طريقًا تتوافر له مقومات البقاء للدولة الفلسطينيّة”
– دولة فلسطينية منزوعة السّلاح تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل، لكن بشروط صارمة.
– موافقة إسرائيل على “تجميد الأرض” لمدة أربع سنوات لضمان أن يكون حلّ الدّولتين ممكنًا.
– الإبقاء على الوضع القائم في الحرم الشّريف بالقدس، ويقع في الجزء الشّرقي من المدينة الذي احتلته إسرائيل.
– إسرائيل “ستواصل حماية” الأماكن المقدسة في القدس، وضمان حرية العبادة لليهود والمسيحيين والمسلمين والدّيانات الأخرى.
– ستبقى القدس موحدة عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
– العاصمة ستكون في أبو ديس التي تقع على بعد ١٠٦ كيلومتر شرقي البلدة القديمة في القدس.
– الشق الاقتصادي يتضمن إقامة صندوق استثماري بقيمة ٥٠ مليار دولار لدعم الاقتصاد([32])
أهداف صفقة ترامب:
أهداف صفقة ترامب التي اصطلح على تسميتها،ب صفقة القرن التي هي في الواقع ليست إلّا مؤامرة كبرى لا تستهدف فلسطين فحسب وإنّما تستهدف الأمن والسّلم الدوليين؛ وهي:
– تحقيق إنجاز على صعيد الداخل في الولايات المتحدة، من أجل الحصول على دعم اللوبي اليهودي لترامب في الانتخابات.
– تقويض نظام الأمم المتحدة القائم على حظر احتلال أراضي الغير بالقوة، ووجوب احترام سيادة الدول وأمنها واستقرارها([33]).
– إضفاء شرعيّة على شن الحروب العدوانيّة الظالمة على الدّول الضعيفة عسكريًّا والتي تحتل مكانة استراتيجيّة، أو تختزن ثروات طبيعيّة دفينة لتحقيق أهداف الهيمنة الاستعماريّة من سياسيّة واقتصاديّة.
– محاولة إلغاء القانون الدولي والإنساني والعهود، والمواثيق الدّوليّة كمرجعيّة لحلّ الخلافات والنزاعات وإلغاء دور الهيئات الحقوقيّة والقانونيّة كافة وكلّ ما يشكل ذلك من تهديد حقيقي للسلام والعدالة والأمن والاستقرار.
– السّعي إلى تصفية القضية الفلسطينيّة خدمة لأهداف الحركة الصّهيونيّة العدوانيّة، والعنصريّة بترسيخ هيمنتها واحتلالها لكامل أرض فلسطين التّاريخيّة، تمهيدًا للانتقال الى المربع الثاني ببسط نفوذهم وهيمنتهم على الأقطار العربيّة.
أهداف صفقة ترامب (صفقة القرن) كما تراه بعض الصحف:
ترى صحيفة نويه تسورخر أنّ الصفقة:
– لن تؤدي إلى إحلال السّلام، وما قدمه ترامب كان مجرد تبنّ لمصالح إسرائيل بالكامل، وتجاهل لمطالب الفلسطينيين، ولم يكن مبنيًّا على تقديم التنازلات من الطرفين.
– إن حلّ الدولتين وهميّ.فعلى الرّغم من الاعتراف بالضفة الغربيّة كدولة مستقلة للفلسطينيين، إلّا أنّ سيادتها ستكون محدودة، وأنّ مراقبة الحدود وإدارتها بأيدي الإسرائيليين وعلى الحكومة الفلسطينيّة الاعتراف بإسرائيل، ونزع السّلاح من المقاومة.
– إن صفقة ترامب لا تأخذ حقّ العودة بالحسبان، ولن تجلب هذه الخطة السّلام للمنطقة، بل على العكس من ذلك، قد تجلب توترًا جديدًا وتقود إلى إشعال الانتفاضة من جديد. وأنّ ما قام به ترامب كان الهدف منه ليس تحقيق السّلام، وإنّما دعم نتنياهو الذي يُواجه في داخل بلاده هجومًا عنيفًا نتيجة فضائح فساد، ويصارع بكل قواه من أجل مدة حكم جديدة، كما أنّ ترامب حرص على مساندة الرّئيس الذي يُمارس عليه هذا الضغط من خلال إطلاق تصريحات مؤيدة له، إذ إنّ اتفاق سلام من هذا القبيل يحقق أحلى أحلام اليمين الإسرائيلي([34]).
– إن ردود الأفعال على خطة ترامب، التي كانت ستؤدي إلى اندلاع حرب في الشّرق الأوسط لو أنّها كانت جاءت في زمان سابق عندما تجرأ السّادات على عقد معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، لما كانت ردة فعل الجامعة العربيّة العام ١٩٧٩ بتعليق عضويّة مصر، وفرض مقاطعة اقتصادية عليها. أمّا اليوم فقد حضر سفراء البحرين وعُمان والإمارات العربيّة المتحدة الإعلان، ولم يصدر من أيّ دولة عربية نقدًا حادًّا لها،لأنّ القادة العرب لا يخشون اليوم إسرائيل بلّ إيران ومواطنيهم، إذ تمثل فلسطين بالنسبة لهم حملًا زائدًا([35]).
– ومع أن الخطة تتحدث عن حل الدولتين، إلّا أنّها لا تخدم سوى مصالح إسرائيل. وأن جميع المستوطنات – التي يعدّها المجتمع الدّولي مخالفة للقانون الدّولي – ستصبح جزءًا من أراضي إسرائيل، الأمر الذي قد يُضفي الشّرعيّة على عمليّة خرق للقانون، وقد ظهر ذلك من خلال الغموض، والتّحايل على المضمون بأنّ تكون القدس “عاصمة غير مقسّمة” لها وأن تكون القدس الشّرقيّة في الوقت نفسه عاصمة لدولة فلسطين. وقد قدمت الوعود للفلسطينيين بإقامة مفاوضات، وبتقديم المليارات من الدولارات، لكن يبقى بإمكان إسرائيل أن تنفذ عمليّة الضم (للمستوطنات)([36]).
بالإضافة إلى العلاقات المتوترة بين إسرائيل والأردن لأسباب عدة، أوّلها في الدور الذي تؤديه المملكة كحارس للأماكن المقدسة في القدس الشّرقيّة، وثانيها في الضم المخطط لغور الأردن وثالثها في التّنصيص على إلغاء الاعتراف بحقّ العودة للفلسطينيين، إذ يعيش حوالى مليوني فلسطيني في الأردن، والخطة ستؤدي إلى تفاقم التوترات. وسيتعيّن على الدّول العربيّة إظهار موقفها بمواصلة الدعوة لدولة فلسطينيّة، وعلى دول الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ حلّ الدّولتين كي لا يشعر الفلسطينيون بالعزلة([37]) بشكل عام، الخطة فضيحة، ومهزلة وسبّة للعقل، وليطوِ النّسيان سلطة فلسطينيّة لم تعد تصلح لشيء منذ عقود.. وبالفعل، فإنّ الوضع سيبدو إنّ شعب فلسطيني ضُمّ” عمليًّا منذ مدّة – بسبب غياب السّيادة – وعليه أن يجتهد في المطالبة بحقوق مماثلة لما يتمتع به المحتلون الإسرائيليون([38]).
ثانيًا- أثر صفقة ترامب على مواقف الدّول
الأمم المتحدة: ترتكز الأمم المتحدة على قرارات الشّرعيّة الدّوليّة التي تستند على حلّ الدولتين على حدود حزيران ١٩٦٧، وإنّ الأمم المتحدة لا تعترف بوصف القدس عاصمة لإسرائيل، وهذا انعكس في قرار الجمعية العامة رقم ٣٠/٦٣ العام ٢٠٠٩، والذي ينصّ على أن “أيّ خطوات اتخذتها سلطة الاحتلال الإسرائيلي لفرض قيودها أو قوانينها أو ولايتها القضائيّة على مدينة القدس، تعدُّ غير قانونيّة ولا صحة أو قيمة لها”. وفي العام ٢٠١٧عقدت الجمعيّة العامة جلسة طارئة لها، بخصوص إعلان الولايات المتحدة اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وعدّت الإعلان باطلًا ولاغيًّا([39]).
الاتحاد الأوروبي:
يرفض الاتحاد الأوروبي لكل السياسات الأحاديّة الجانب من جانب إسرائيل، والولايات المتحدة حول القدس والجولان والمستوطنات، وآخرها رفضهم لصفقة القرن، وعدّها مخالفة لقرارات الأمم المتحدة، إذ تعدّ مجرد استيلاء غير شرعي على الأراضي وعلى اسرائيل أن تنسحب منها، لا سيما وأنّ بعض الدول الأوروبيّة قد منعت دخول منتجات إلى دولها مصنعة في المستوطنات الاسرائيليّة. وقد حاولت إلمانيا أن تظهر سياسة متوازنة تجاه القضية الفلسطينيّة والقدس على الأقل في مواقفها الرّسميّة. أمّا الموقف الفرنسي فكان يعبّر عن رفضه الاحتلال الإسرائيلي. وقد عبّرت روسيا عن مساندتها للشعب الفلسطيني، وحقّه في الأرض وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلة والقدس عاصمة لها([40]).
موقف الاتحاد السوفيتي:
كان له موقف مميز تجاه العرب، ينبع من دوافع استراتيجياته في الشّرق الأوسط والتّوافق الأيديولوجي مع بعض الأنظمة، بأنّ للفلسطينيين الحقّ الكامل في الأرض وإقامة دولة مستقلة والقدس عاصمة لها. وقد جاء ذلك في بيان صادر عن الكرملين على لسان الزعيم السوفيتي الراحل ليونيد بريجنيف العام ١٩٨٢ وظل هذا الموقف ثابتًا من دون تغيير أو تعديل([41])
موقف الكيان الصّهيوني:
في ظل عدم وجود أيّ ضغوطات على حكومة الكيان الصّهيونيّ، للامتثال لقرارات مجلس الأمن وتواطؤ الولايات المتحدة، بات من الواضح أنّها مستمرة في رفض أي قرار من الأمم المتحدة.
موقف الولايات المتحدة:
اتسمت سياستها تجاه قضية القدس بالانسجام مع السياسات الإسرائيليّة، والوقوف دومًا موقفًا متصلبًا بشكل واضح لإسرائيل. وعلى الرّغم من محاولتهم إظهار شيء من التّوازن في بعض القضايا المتعلقة بالقدس، ومنها على سبيل المثال عندما أقرّ الكونجرس نقل السّفارة من تل أبيب إلى القدس لم تنفذ الإدارة ذلك حفاظًا على ماء الوجه أمام كثير من الدّول العربيّة التي تعد شكليًّا حليفة للولايات المتحدة. إلّا أنّ الأغلبيّة الطّاغية على الكونجرس من الصّهاينة ووجود أكبر تجمع يهودي في الولايات المتحدة، جعل موقفها متعنتًا وصارمًا أمام أي قرار يصدر عن مجلس الأمن ويتضمن إدانة إسرائيل، بل واستخدمت الولايات المتحدة حقّ النقض الفيتو مرات عدة في سبيل عدم صدور أي قرار يدين حليفتها الأولى في المنطقة، على الرّغم من ضخامة مصالحها لدى الدول العربيّة([42]).
الدول العربيّة و”صفقة القرن”.. صمت وراءه حسابات أخرى:
كان يمكن لمشروع ترامب في الماضي القريب أن يثير حربًا في الشّرق الأوسط. لكن اليوم لا يخشى العرب العدو الإسرائيلي، والقضية الفلسطينيّة أصبحت عبئًا ثقيلًا على الحكام والتّحالف مع ترامب له أولوية قصوى عندهم.
ففي العام ١٩٧٣ وفي خضم حرب السّادس من أكتوبر/ تشرين الأول بين مصر والعدو الإسرائيلي، لجأ العرب إلى استخدام النّفط كسلاح فعال ضد الولايات المتحدة وكل الدّول الغربيّة، التي دعمت إسرائيل في حربها. وارتفع سعر النفط آنذاك أربعة أضعاف، ما دفع بالاقتصاد العالمي ومعه اقتصادات الدول الغربيّة إلى جوف ركود اقتصادي خانق استمر سنوات، وتسبب في ظاهرة واسعة للبطالة. وفي العام ١٩٧٩وبعد زيارة السّادات إلى إسرائيل وعقد اتفاقيّة كامب ديفيد المذلة؛ جمدت الجامعة العربيّة عضوية مصر ونقلت مقرها من القاهرة إلى تونس، وفرضت مقاطعة اقتصادية على القاهرة.
أمّا فيما بعد، بات ترامب وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي يملي على الفلسطينيين شروط السّلام من دون ردود فعل رسميّة نارية من العواصم العربيّة، فقط صدرت بيانات خجولة في بعض الدّول تحمل بعض العبارات الرّافضة للخطة ولكن دون بيانات رنانة وطنانة، على عكس ما كان يحصل في الماضي، بل إن سفراء بعض الدول كانوا حاضرين أثناء إعلان ترامب([43]).
وكانت السّعودية قد أعلنت سابقًا للعرب أنّها لن توافق على أيّ خطة لا تعالج وضع مدينة القدس المتنازع عليها، أو حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ثم تغيّر الموقف تحت قيادة محمد بن سلمان، نظرًا للعلاقة الوثيقة التي تربطه بجاريد كوشنر، مستشار ترامب، وصهره والمهندس الرئيس للخطة، وقد ذكرت الخارجيّة السّعودية في بيان: “أنّ المملكة تثمن جهود ترامب بشأن خطة سلام شامل”، مؤكدة “دعمها لإجراء مفاوضات سلام مباشرة تحت رعاية الولايات المتحدة. وذكر الإعلام الرّسمي أنّ الملك سلمان الحاكم الفعلي للسّعودية، ضغط على الرئيس الفلسطيني في السّابق لدعم خطة ترامب على الرّغم من المخاوف الخطيرة. لكن وتحت الضغط الشّعبي الرافض لصفقة مشبوهة تحرم الشّعب الفلسطيني من حقوقه التاريخيّة، تراجعت وأعلنت أنّها مع الخطة العربيّة لعام ٢٠٠٢.
وعدّت تركيا أنّ الصفقة ولدت ميتة، وأنّه لا يحقّ للولايات المتحدة عقد الصفقات نيابة عن الفلسطينيين. وكان موقف محور المقاومة، إيران والعراق وسوريا واليمن، واضحًا من خلال رفض أيّ احتلال إسرائيلي، ويتوقع المحللون أن يرفض معظم المصريين الخطة على الرّغم من أنّ السيسي هو من عرابيها، أمّا الجامعة العربيّة فقد قررت عقد جلسة استثنائية على مستوى وزراء الخارجية فقط من دون حلول([44]).
وفي البحرين التي استضافت مؤتمرًا قادته الولايات المتحدة في يونيو/ حزيران الماضي بشأن الاقتصاد الفلسطيني في إطار خطة السّلام الموسعة لترامب، انتقدت جماعات معارضة بقوة المقترح، بقولهم “من يتخلى اليوم عن أراضي فلسطين المقدسة سيتخلى غدا عن أرضه من أجل الحفاظ على كرسيه.. الخيانة طعنة في الظهر وليست وجهة نظر”.
والدولة الوحيدة التي كانت واضحة إلى حدّ ما في موقفها هي الأردن، فقد حذر وزير خارجيتها من مخاطر إجراءات إسرائيليّة أحاديّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأردن مجبر على اتخاذ موقف يتسم بالشّدة ظاهريًّا، فغالبيّة سكانه من أصول فلسطينية، ومعظمهم من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم بعد حرب العام ١٩٤٨. وعمليًّا لا تستطيع المملكة الهاشميّة فعل شيء. وعلى الرّغم من كلّ الاحتجاجات، يشتري الأردن الغاز من إسرائيل، كما تعتمد المملكة الفقيرة على مساعدات الدّول المانحة، بينها الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية.
ويبدو أن العام ١٩٧٩ شكّل منعطفًا مغايرًا في مواقف الكثير من الدول العربيّة، خصوصًا دول منطقة الخليج. فبظهور إيران بنظام “إسلامي” يرفع راية “تحرير القدس” ويعتمد نهج “تصدير الثورة الإسلاميّة” بدأت الدول العربيّة، خصوصًا الخليجيّة، تعيد النّظر في حسابات العدو والصديق. فخرجت إسرائيل من قائمة الأعداء التقليديين للحكام العرب.
وزارت وفود إسرائيلية دولًا عربية وخليجيّة والعكس حدث أيضًا. وبات العلم الإسرائيلي يرفرف في عدة عواصم. في ما فتحت إسرائيل مكاتب لها في دول لم تعترف بها رسميًّا. فالكره لإيران الدّولة الممانعة للعدو المشترك، دفع أعداء الأمس إلى التحالف. لذلك بدا رد فعل القوى العربيّة على صفقة ترامب للسلام في الشّرق الأوسط من خلال إعطاء أولوية للعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة والتي تعد حيوية للتصدي لإيران، على حساب الدّعم التقليدي الثابت للفلسطينيين([45]).
الموقف الفلسطيني:
يعدُّ الموقف الفلسطيني موقفًا جريئًا جدًا وملتزمًا بكل القرارات الدّوليّة، إذ إنّ الفلسطينيين سعوا من أجل السّلام، بل ومضوا في ذلك وقبلوا بقرار الأمم المتحدة الذي يقضى بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة العام ١٩٦٧م، أيّ القبول بأن تكون القدس المحتلة، تحت السيادة الفلسطينيّة على الرّغم من أن القدس بكاملها عربيّة إسلامية. ويتمسك الفلسطينيون بالالتزام بقرارات الشّرعيّة الدّوليّة على الرّغم من إجحافها بالحقّ الفلسطيني. ومنذ الاحتلال الإسرائيلي العام ١٩٤٨م، وحتى الآن، ما تزال مدينة القدس تخضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك كل القوانين الدّوليّة، ويحاول منع الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة الإسلامية من أداء شعائرهم الدّينيّة. وهكذا تبقى قضية القدس عالقة في ظل تمسك الفلسطينيين بحقوقهم الشّرعيّة الثابتة وفي القدس عاصمة للدولة الفلسطينيّة المستقلة، وفي المقابل التعنت والرفض الإسرائيلي الامتثال للقرارات الدّوليّة.
موقف جامعة الدول العربيّة:
أكدت جامعة الدول العربيّة أنّها لن تعترف تحت أي ظرف من الظروف بشرعيّة الاحتلال والإجراءات التي تتخذها السّلطة القائمة بالاحتلال، ورفض سياسة التهويد. ودعت دول العالم كافة إلى التّحرك لوقف الممارسات الإسرائيليّة ضد المقدسات الإسلاميّة والإسراع في التوصل إلى حلٍّ للقضية. (الرئيسية” القدس، ٢٥ شباط ٢٠١٣)
الخاتمة
مع كل ما استعرضناه سابقًا وماكتبناه عن المشكلة الإنسانيّة التّاريخيّة في فلسطين حتى وقتنا الحالي والتي هي جزء جوهري من الصراع العربي، وما نتج عنها من مآسٍ وانتهاكات في منطقة الشّرق الأوسط، وبالأخص المنطقة العربيّة وخلال حرب ١٩٦٧وبعد احتلال الضفة الغربيّة، والقدس الشّرقيّة وقطاع غزة أضف الى مرتفعات الجولان، أُقيمت المستوطنات اليهوديّة بدعم من دولة العدو في الآراضي المحتلة كمحاولة منهم لزيادة الكثافة فيها وتمويه حقيقة انها آراضي عربية. كما شهد الصراع الفلسطيني مع الكيان الصّهيونيّ منذ حرب ١٩٦٧عدة خطط تحت مسمى السّلام كان أبرزها القرار الذي دعا إلى انسحاب القوات المسلحة الإسرائيليّة من الآراضي التي احتلتها. إلى جانب عدد كبير من المبادرات المشبوهة، لغاية العام ١٩٧٣ أثناء زيارة السّادات للكيان الصّهيونيّ الذي نتج عنها اتفاقية العار، وانسحبت تلك الأخيرة من سيناء العام ١٩٧٩. ثم تمادت إسرائيل بالتّوسع والعدوان أثناء اجتياح لبنان العام ١٩٨٢، ليتوسَّع الشّريط الحدودي بإيداع عدد من البلدات والقرى تحت سيطرتها والميليشيات المتحالفة معها. وبما أن أحكام القانون الدولي أقرّ بحقّ الشّعوب في مقاومة العدوان، والاحتلال وبما أن الكيان الصهيونى احتل أرض لبنانية، وهو دولة عدوة كان لا بدّ من نشوء قوة ردع للرد على العدوان، ثم إبرام اتفاقية أوسلو العام ١٩٩٣ التي نصت على الحكم الذاتي الفلسطيني، وأوسلو ٢التي تُعرف باتفاقية طابا وعدّ القدس الشّرقيّة عاصمة للدولة الفلسطينيّة المستقبليّة، وأيضًا اتفاق جنييف العام ٢٠٠٠٣. ولقد كان لحرب الخليج الثانية أثر كبير على دولة العدو إذ أحدثت هزة في نظرية الحدود الآمنة، وهذا ما دعا سياسيي الكيان الصهيونى لوضع تصورات جديدة تزامنت مع حدث انهيار الاتحاد السوفييتي العام ١٩٩٠ ، لتسقط معه الثنائيّة القطبيّة ولتصبح الولايات المتحده قوة آحادية تسيطرعلى مجلس الأمن الدولي متجاوزة إرادته في أغلب الأحيان ومتفردة في معالجة بعض الأزمات. وشكلت أحداث ١١أيلول فرصة ذهبيّة لإعادة صياغة التوازنات الاستراتيجيّة في دول العالم خاصة في آسيا الوسطى، لتكرّس الولايات المتحدة هيمنتها على العالم بذريعة تهديدات من منظمات غير حكومية ذات توجهات إسلاميّة راديكالية عابرة الحدود في أطار تدويل الحرب على الإرهاب المزعوم، وجعلها في صلب دبلوماسيتها وهذا ما دشنته خلال غزوها لافغانستان العام ٢٠٠١ والعراق العام ٢٠٠٣. وبحجّة الحرب على الإرهاب وزعمها الكاذب بوجود أسلحة نوويّة، وضعت يدها على مدخرات العراق المادية والأثرية، لكي تؤول اليها مقاليد الحكم في الدول التي تُحرَّر من مبادئها المقدسة، والخروج من هوياتها الخاصة من دون عمق أو قاع أو وجدان ثقافي.
ولقد استمر ترامب ولإرضاء الكيان الصّهيونيّ بتقديم الصكوك، والوعود الذهبية لهم ولكيانهم المزعوم، ليعلن رؤية أميركيّة صهيونيّة لصفقة مشبوهة لدي الفلسطينيين وبعض الدول العربيّة والإسلاميّة، بل وحتى الأمم المتحدة، وسيناريو أمريكي جديد لوعد بلفور.
هذه الخطة ليست وليدة هذه الأيام بل منذ سنوات ماضية يعمل اليهود الأمريكان للخروج بهذه الصفقة من أجل القضاء على القضية الفلسطينيّة من خلال إنهاءحقّ العودة، وإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وتوزيع خمسة آلاف لاجئ من أصل سبعة مليون لاجئ فلسطيني على المناطق الفلسطينيّة المحددة في السّماح لأي لاجئ فلسطيني. وأيضًا استبدال مخيمات اللاجئين في دولة فلسطين بتجمعات سكنيّة جديدة. وحتى لو تغيرت في ما بعد السّياسة الأمريكيّة من خلال وعود الإدارة الأمريكيّة بإعادة فتح القنصليّة العامة في القدس، ودعم حل الدولتين، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينيّة في واشنطن، لكنّنا لا نستطيع أن نصدّق وعود مجرم شارك العدو الصّهيونيّ في قتل الفلسطينين خاصة النّساء والأطفال في معركة طوفان الأقصى. فالسّفارة الأمريكيّة ما زالت قائمة، وصفقة القرن لم يجرِ التنديد بها، ولم تعترف أمريكا بعد بالدولة الفلسطينيّة على الرّغم من فتح سفارة لدولة فلسطين في واشنطن.
ولا يمكن تحقيق أيّ من الحلول خاصة بعد نزيف الدّم في الانتفاضة الفلسطينيّة الأخيرة (حركة حماس) إلّا بعد إنهاء الانقسام الفلسطيني الدّاخلي، ثم إجراء الانتخابات الفلسطينيّة الرئاسيّة والتشريعيّة والمجلس الوطني التي يمثل الشّعب الفلسطيني كلّه.
المراجع
الكتب:
١- حسين ظاهر، مدخل الى دراسة العلاقات الدّوليّة، دار المواسم للطباعة، 28 أب ٢٠١٢
٢- حسين عبدالله، مركز دراسات الوحدة العربيّة، مستقبل النفط العربي، بيروت، ٢٠٠١
٣- رنا ابو ضهر، محمد قبيسي، اميركا والشرق الأوسط الجديد، دار الحرف العربي، بيروت، ٢٠٠٤
٤- زكريا البرادعي، “إحتياطي الحرب/دونه الحرب، الإنسان والطاقة”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٦٦
٥- صالح زهر الدين، موسوعة الأمبراطورية الأميركية، الولايات المتحدة والمنظمات الدّوليّة، المركز الثقافي اللبناني
٦- طارق العبود، الشرق الاوسط وخرائط الدم، دار الفارابي، ٢٠١٨
٧- عبد الخالق، لهيب، “بين أنهيارين: الإستراتيجية الأميركية الجديدة”، الأهلية للنشر، عمان، الأردن
٨- مليكة قادري، “مفهوم الحرب العادلة في السياسات الخارجية الأمريكية، التدخل الأمريكي في العراق”، ٢٠٠٨
٩- نافعة، حسن، مصر والصراع العربي الإسرائيلي من الصراع المحتوم إلى عبد الناصر، ٢٠٢١
١٠- نصري، شفيق، “النظام العالمي، ملامح ومخاطر” طبعة ١، بيروت، دار العلم للملايين، ١٩٩٢
١١- هاردت أنطونيو نيغري، (الإمبراطورية، أمبراطورية العولمة الجديدة) ، طبعة اولى، ٢٠٠٢
المواقع الكترونية والمجلات:
١- ب.ب.سي عربي، قطر: قائمة مطالب الدول المحاصرة غير واقعية، ٢٤ يونيو/ حزيران ٢٠١٧
٢- تسايتونغ، كريستيان فايسفلوغ، عدد ٢٩، المختص بالشرق الأوسط، كانون الثاني،٢٠٢٠
٣- تقرير سويس إنفو السنوي لعام ٢٠٢٢
٤- جريدة الشرق الاوسط؛ أسدالأردن، كتاب يروي تفاصيل اللقاءات السرية بين الأردن وإسرائيل بعد حرب يونيو ١٩٦٧؛ عام ٢٠٠٨
٥- جريدة الإنتقاد، ٨ شباط ٢٠٠٢
٦- الجزيرة، الشرق الأوسط الجديد.. اختلاق الفوضى؛ ٨ أيلول ٢٠٠٦
٧- الجزيرة الاعلامية، صفقة القرن.. السيناريو الأمريكي لوعد بلفور، ٤ شباط٢٠٢٠
٨- الجزيرة نت – أمين محمد حبلا- ٥ حزيران ٢٠١٨
٩- الجزيرة، صفقة القرن.. السيناريو الأمريكي لوعد بلفور، ٤ شباط٢٠٢٠
١٠- الجزيرة نت – حوارات جامعة العلوم السياسية في جامعة القدس – ٢٠١٨
١١- رويترز، أهم بنود “صفقة القرن” التي أعلن عنها ترامب؛ ٢٩يناير، ٢٠٢٠
١٢- سياسة، مواقف الدول العربيّة و”صفقة القرن”.. صمت وراءه حسابات أخر،٣٠ كانون ثاني
١٣- شميدر،”خطة تتطلب استسلام الفلسطينيين” ٩ كانون الثاني، ٢٠٢٢
١٤- صحيفة نوية، عدد ٢٨، خطة ترامب في الشرق الأوسط لن تجلب السلام، 13 كانون ثاني، ٢٠٢٠
١٥- العرب، وقف تمويل الأونروا يبعثر أوراق اللاجئين، ٦ فبراير، ٢٠٢٤
١٦- مجلةكشميرالمسلمة، العدد١١٦، شباط
١٧- مجلة الوسط، العدد ٥١٢ ، ١٩ تشرين ثاني، ٢٠١٩
١٨- محمد جاسم محمد الخزرجي، الدراسات الاستراتيجية، جامعة كربلاء، شباط ٢٠٢٠
١٩- معهد واشنطن لسياسات الشرق، يناير القدس، ٢٥ شباط ٢٠١
٢٠- موقع عمان نت، الموقع الرسمي لراديو البلد، لصفقة القرن.. اهداف أخرى، ١٦ شباط
٢١- موقع عربي ٣١- عدنان ابو عامر – ١٣نيسان
٢٢- الوحدوي نت، مجدي رياض، تطور مفهوم الشرق الاوسط من الاستعمار التقليدى الى التعريف الامريكى الجديد، ١٧ أيار ٢٠٠٧
[1]– أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة- كلية الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة-علاقات دولية- كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة.
Assistant Professor at the Lebanese University – Faculty of Law, Political and Administrative Sciences International Relations-Faculty of Arts and Human Sciences Email: vbcv5g5@mail.ru
١- جريدة الشرق الاوسط؛ أسدالأردن، كتاب يروي تفاصيل اللقاءات السرية بين الأردن وإسرائيل بعد حرب يونيو ١٩٦٧؛ العام ٢٠٠٨
٢- نافعة، حسن،مصر والصراع العربي الإسرائيلي من الصراع المحتوم إلى عبد الناصر، مركز دراسات الوحدة العربية، ١١شباط ٢٠٢١
٣- عدنان السيد حسين، زمن التسوية، طبعة أولى، دار النفائس، بيروت،١٩٩٠،ص٥٢
٤- الجزيرة، قضايا، تآكل الصراع العربي الإسرائيلي بعد “كامب ديفيد”، ٢٥ ايلول٢٠٢٠
١- مايكل هاردت أنطونيو نيغري، (الإمبراطورية،أمبراطورية العولمة الجديدة)، طبعة اولى، ٢٠٠٢
1- صالح زهر الدين، موسوعة الأمبراطورية الأميركية، الولايات المتحده والمنظمات الدولية، المركز الثقافي اللبناني، طبعة اولى ، ٢٠٠٤، ص٩
2- عبد الخالق، لهيب، “بين أنهيارين: الإستراتيجية الأميركية الجديدة”، الأهلية للنشر، عمان، الأردن، ٢٠٠٣، ص: ٧٦-٧٧
3- موسوعة الإمبراطورية الأميركية، م.س.ص١٠
4- المصري، شفيق، “النظام العالمي، ملامح ومخاطر”طبعة١، بيروت، دار العلم للملايين، ١٩٩٢، ص: ٨٦
5- مجلة كشمير المسلمة، العدد١١٦، شباط، ٢٠٠٢.
6- جريدة الإنتقاد، ٨ شباط ٢٠٠٢، ص ١٣٦
1- مجلة الوسط، العدد ٥١٢، ١٩ تشرين ثاني، ٢٠٩١، ص ١٣
2- حسين عبدالله، مستقبل النفط العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ٢٠٠١، ص ٢٩٢-٢٩٣
3- زكريا البرادعي، “إحتياطي الحرب/دونه الحرب، الإنسان والطاقة”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٦٦، ص ٦٤
1- حسين ظاهر، مدخل الى دراسة العلاقات الدولية ، دار المواسم للطباعة، ٨٢ اب ٢٠١٢؛ ص ١٧٩
2- الجزيرة، الشرق الأوسط الجديد.. اختلاق الفوضى؛ ٨ أيلول ٢٠٠٦
1- المركز العربي للبحوث والدراسات، مشروع الشرق الأوسط، ٢٠١٩
2- مرسي فؤاد، الاقتصاد السياسي لإسرائيل، دار الوحدة، بيروت، ١٩٩٨ (القوة الناعمة – تعتمد الجذب عن طريق الارغام والقهر او شراء التأييد من خلال دفع الرشاوي)
3- الوحدوي نت، مجدي رياض، تطور مفهوم الشرق الاوسط من الاستعمار التقليدى الى التعريف الامريكى الجديد، ١٧ أيار ٢٠٠٧
4- الفوضى الخلاقة كما يراها المحللون الأميركيون تقوم على فوضى كبيرة تعم المنطقة أيّ أنّ الفكرة ترتبط بشكل كبير بنزاعات وحروب داخلية، واقتتال يشمل أرجاء المنطقة المعنية كافة. طارق العبود، الشرق الاوسط وخرائط الدم،م.س
١- رنا ابو ضهر، محمد قبيسي، اميركا والشرق الأوسط الجديد، دار الحرف العربي، بيروت، ٢٠٠٤
٢- مليكة قادري، “مفهوم الحرب العادلة في السياسات الخارجية الأمريكية، التدخل الأمريكي في العراق”، ٢٠٠٨
١- الجزيرة نت – أمين محمد حبلا – ٥حزيران ٢٠١٨
1- ب.ب.سي عربي، قطر: قائمة مطالب الدول المحاصرة غير واقعية، ٢٤ يونيو/ حزيران ٢٠١٧
2- موقع عربي ٣١ – عدنان ابو عامر – ١٣ نيسان
3- الجزيرة نت – حوارات جامعة العلوم السياسية في جامعة القدس – ٢٠١٨
4- العرب، وقف تمويل الأونروا يبعثر أوراق اللاجئين،٦ فبراير، ٢٠٢٤
١- الجزيرة، صفقة القرن.. السيناريو الأمريكي لوعد بلفور، ٤ شباط٢٠٢٠
٢- مركز الدراسات الاستراتيجية، محمد جاسم الخزرجي، باحث في قسم إدارة الأزمات، م.س
1- رويترز، أهم بنود “صفقة القرن” التي أعلن عنها ترامب؛ ٢٩يناير، ٢٠٢٠
2- موقع عمان نت، الموقع الرسمي لراديو البلد، لصفقة القرن.. اهداف أخرى، ١٦ شباط٢٠٢٠
١- نويه تسورخر، عدد ٢٨، خطة ترامب في الشرق الأوسط لن تجلب السلام، ١٣ كانون ثاني،٢٠٢٠
1- تسايتونغ، كريستيان فايسفلوغ، المختص بالشرق الأوسط، عدد ٢٩، كانون الثاني،٢٠٢٠
2- شميدر، “خطة تتطلب استسلام الفلسطينيين” ٩ كانون الثاني، ٢٠٢٢
3- تقرير سويس إنفو السنوي لعام ٢٠٢٢ – إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية.
4- صحيفة لوتون، لويس ليما، ٢٩ يناير
1- موقع معرفة الإلكتروني، وضع القدس، ٢٠٢٠
2- باحث في قسم إدارة الأزمات؛ مركز الدراسات الاستراتيجية، جامعة كربلاء، شباط ٢٠٢٠
3- الرئيسية” القدس، ٢٥ شباط ٢٠١٣
2- سياسة، مواقف الدول العربية و”صفقة القرن”.. صمت وراءه حسابات أخر،٣٠ كانون ثاني