تحقيق النّظام الاقتصادي وتحليله في العصر النّبوي في المدينة المنورة (مع التّركيز على توزيع العقارات)
تحقيق النّظام الاقتصادي وتحليله في العصر النّبوي في المدينة المنورة (مع التّركيز على توزيع العقارات)
Investigating and analyzing the economic system of the prophetic era in Medina (with an emphasis on the distribution of real estate)
Mohammed Abd ALkreem Ali ALhashmawi م.م.محمد عبدالكريم علي الحشماوي[1(
د. بهمن زينلي( [2] ) Dr. Bahman zeinali( الكاتب المسؤول)
د.محمد علي چلونگرDr. Mohammad ali Chelongar (3)
تاريخ الإرسال:22-2-2024 تاريخ القبول:3-3-2024
الملخص
كانت الهجرة إلى يثرب أساس تشكيل الحكومة الإسلاميّة على يد النّبي (ص). وكان أحد الأبعاد المهمة لهذا النّظام هو الهيكل الاقتصادي مع هجرة رسول الله (ص) إلى يثرب وتشكيل الحكومة الإسلاميّة، حصلت تغيرات على البنية الاقتصاديّة للمدينة المنورة. ومع قيام الدّولة الإسلاميّة في المدينة المنورة، بدأت التّطورات الاقتصاديّة تتغير بسرعة في إطار المجتمع الإسلامي، وأهداف الدّولة الإسلاميّة وبدأ الإصلاح.
تغيرت مع التّوسع الجغرافي والفكري للمجتمع الإسلامي، الأسس الاقتصاديّة. ومن القضايا الاقتصاديّة المهمة في عهد النّبي (ص)، وخاصة بعد المواجهة مع اليهود، وقد قُسِّمت العقارات التي تركها اليهود بين المجتمع الإسلامي ووُزِّعت. إنّ الغرض من هذا البحث الذي أُجري بطريقة وصفيّة تحليليّة، مع ذكر المصادر الرئيسة للتّاريخ الإسلامي المبكر والمنهج المكتبي، هو الإجابة على هذا السؤال. كيف كان النّبي صلى الله عليه وسلم يوزع الموارد والدّخل غير المنقول (العقارات) بين الأمة الإسلاميّة؟
ونظرًا لطبيعة النّظام الاقتصادي للدولة الإسلاميّة في العصر النّبوي والذي كان من سماته المهمّة العدل فقد قسّم النّبي (ص) هذه الملكيّة إلى ثلاثة أجزاء استنادًا إلى نص القرآن الصّريح وأساس الملكيّة. وقد قام على هذه المحاور الثلاثة (الملكيّة الإلهية، والملكيّة العامة، والملكيّة الخاصة). وتجدر الإشارة إلى أنّ النّبي وزع هذه الممتلكات لتحقيق العدالة بالمعنى الحقيقي، وتوفير مجال إنتاجي مناسب وموجه نحو الإنتاج من هذه الممتلكات.
الكلمات المفتاحيّة: النّظام الاقتصادي الإسلامي- توزيع الأموال غير المنقولة العقارات.
Abstract :
With the emigration of the Messenger of God (pbuh) to Yathrab and the formation of the Islamic government, the economic structure of Madinah al-Nabi also underwent changes. With the establishment of the Islamic State in Madinah, the economic developments began to change rapidly within the framework of the Islamic society and the goals of the Islamic State and began to be reformed. With the geographical and intellectual expansion of the Islamic society, the economic foundations also changed. One of the important economic issues during the Prophet’s (PBUH) era, especially after the confrontation with the Jews, was the division and distribution of real estate left by the Jews among the Islamic community. The purpose of this research, which was carried out in a descriptive and analytical way and based on the main sources of the history of early Islam and with a library approach, is to answer the question of how the Prophet (PBUH) divided resources and immovable income (real estate) between The Islamic Ummah distributed. Considering the nature of the economic system of the Islamic State of the Prophetic era, whose most important characteristic was justice, the Prophet (PBUH) divided this property into three parts based on the explicit text of the Qur’an, and the basis of ownership was based on these three axes (divine ownership, public ownership and private ownership). It should be noted that the Prophet distributed these properties in such a way that, while justice was carried out in the true sense, a proper productive and production-oriented field was provided from these properties.
Keywords: Islamic economic system, distribution, immovable property, real estate
المقدمة: هاجر النّبي (صلى الله عليه وسلم) إلى يثرب بعد ثلاثة عشر عامًا من الجهد المتواصل، والمشقّات الكثيرة في مكة في سبيل نشر الإسلام، وقدمت عدة عوامل الأساس للهجرة. عوامل في مكة دفعت النّبي (ص) إلى مغادرة مسقط رأسه والكعبة والمسجد الحرام، وعوامل في يثرب جذبت النّبي (ص) وفي الوقت نفسه، كان أحد العوامل الرئيسة التي حالت دون قبول الإسلام في مكة، هو النّظام الاقتصادي الذي يحكم مكّة. وهو النّظام الذي وفّر مصالح النّخب، وكان السّبب الرئيس لعدائهم للإسلام هو الخوف من انهيار هذا النّظام الاقتصادي الاحتكاري. ومن ناحية أخرى، أصرّ الإسلام على إصلاح هذا النّظام، وكان أعلى أمره هو إقامة العدل ونبذ الهيمنة والظلم. وقد قرر النّبي (ص) بفهمه التّفصيلي لهذه الظروف ومعرفة فرص يثرب، الهجرة إلى هذه المدينة.
وكانت الهجرة إلى يثرب حقبة جديدة في تاريخ الإسلام. وكان هذا التّطور مهمًّا لدرجة أن المسلمين في ما بعد جعلوا أصل تقويمهم هجرة النّبي (ص) من مكة إلى يثرب. وكانت الهجرة إلى المدينة المنورة بداية للعديد من التّغيرات، كان من أكثرها أهمّيّة إصلاح البنية الاقتصاديّة، وسيادة النّظام الاقتصادي الإسلامي. ومع مرور الوقت والتّطورات السياسيّة والعسكريّة، استلزم الأمر إجراء إصلاحات جديدة. ولمعرفته هذه الحاجات والتّهديدات التي استهدفت المجتمع الإسلامي، شرع النّبي، مستلهمًا الآيات الإلهيّة وعلمه وخبرته، في صياغة نموذج اقتصادي شامل قائم على التّعاليم الإسلاميّة والقرآنيّة.
أدى الصّراع مع كفار مكة ويهود المدينة إلى الاستحواذ على الغنائم المنقولة، وغير المنقولة التي يتطلب توزيعها بين المسلمين نظامًا شفافًا وموجهًا نحو العدالة.
وقد كان النّبي صلى الله عليه وسلم يوزع هذه الثروة، ويقسّمها بين المسلمين بكل دقة تظهر فيها أعلى درجات العدل، ويحسب نصيب كلّ شخص بدقّة ويدفعه. إنّ معرفة طريق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مجال التّنظيم الاقتصادي، وخاصة توزيع الثّروة بين الأمّة الإسلاميّة له أهمية كبيرة. لأنّ أحد فروع العدالة الاقتصاديّة المهمّ هو توزيع الثروة في المجتمع الإسلامي. إذ إن أموال الأمّة الإسلاميّة وممتلكاتها تظهر في شكلين (منقولة وغير منقولة). نحاول في هذا المقال تحليل توزيع الأموال غير المنقولة في النّظام الاقتصادي لحكومة الرسول (ص) من خلال الرّجوع إلى المصادر الرئيسة وبطريقة وصفيّة تحليليّة.
- التّعاريف والمفاهيم: الملكيّة في الإسلام
بيان أنّ الملكيّة في الإسلام ثلاثة أنواع:
- الملكيّة الخاصة: يستطيع كل إنسان أن يعمل بجد، ويصبح مالكًا لنتيجة جهوده؛ وبطبيعة الحال، الملكيّة الشخصية لها حدود وشروط.
- الملكيّة العامة: هو العقار الذي ليس له مالك محدد، بل هو ملك لعامة الناس؛ مثل أراضي الخراج، وهي مذكورة بالتفصيل في فقهنا.
- ملكيّة الحكومة الإسلاميّة: وهي جزء من الأنفال، وهي مذكورة بالتّفصيل في كتب الفقه.
وتعطي الحكومة الإسلاميّة أملاكها للأفراد بالعدل عند الضرورة، فإذا ظهرت مشكلة في مكان ما يمكن حلّها، وإذا اتُبِع برنامج الملكيّة الثلاثيّة بدقّة ونُفِّذ ، ستُحل مشكلة التّوزيع غير العادل للثروة.
والملكيّة الخاصة ذات شقّين ملكيّة أفراد، ولهم حقّ التصرف فيها وفق ما أمر الله به، و رسوله وملكيّة خاصة بالدّولة والإمام هو المتصرف فيها. وملكيّة الدّولة تشتمل على ما يطلق عليه في المراجع الأولى بالفيء كما تشير الآية القرآنيّة: ﴿ وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتهم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير الآيات﴾([1] ) أو ما تعبر عنه بعض الرّوايات بالصفايا كقول عمر بن الخطاب : كانت لرسول الله ثلاث صفايا : بنو النّضير، خيبر، وفدك . فأمّا بنو النضير فكانت حبسًا لنوائبه، وفدك فكانت حبسًا لأبناء السّبيل، وأمّا خيبر فجزاها رسول الله الّا الله الثلاثة أجزاء : جزءين بين المسلمين وجزء نفقة أهله، فما فضل من نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين.( [2]) ويقول المفسرون لآيات الفيء السّابقة أنّها نزلت في بني النّضير([3]).
وبهذا يكون لفظ الصفايا مرادفًا للفظ الفيء ولو من بعض الوجوه، وفي كتب المتأخرين أُطلق على الفيء صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبّر عن الإمام الماوردي، أمّا ابن القيم فإنّه عبّر عنه بأنّه ملك يخالف حكم غيره من المالكين، وقد سبق القول في ذلك، مع ملاحظة أنّ ملكيّة الدّولة تشتمل على أنواع أخرى من مفاهيم ألفاظ الكتب السّابقة كأرض الموات…. الخ، وقد ترتب على تلك الملكيات التزامات من التصرفات وأنواعًا من جانب الدّولة مع ما استحدث من تلك الموارد كالعشور.
تعريف التّوزيع : ومعنى “التوزيع” هو التّخصيص، والتّوزيع المتوازن للثروات الطبيعيّة والدّخل الاقتصادي بين أفراد المجتمع؛ فيحصل كلّ فرد على نصيبه الحقيقي، وتعود إليه نتيجة أنشطته الاقتصاديّة([4]) .
أهميّة التوزيع من وجهة نظر القرآن إنّ الاختلاف الجوهري بين الأنظمة الاقتصاديّة (الاشتراكيّة والرأسماليّة والإسلام) هو مسألة “التوزيع”؛ بطريقة تجعل كلّ مدرسة من هذه المدارس الثلاثة تدّعي أنّ لديها نظام التوزيع الأكثر عدالة وتستخدم الآيات القرآنيّة، فالمشاكل الاقتصاديّة للإنسان ليست ناجمة عن نقص المواد الخام، أو بخل الطبيعة، ولكن السّبب الرئيس لها هو التّوزيع غير العادل، والكفاءة غير السّليمة (الاستهلاك المفرط) للموارد المتاحة وفي تعداد النعم الكثيرة، يقول القرآن﴿ وَآتَاکُم مِن کُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ کَفَّارٌ﴾ ([5])
تُستخدم في إهدار الإنسان المرافق التي وهبها الله بجحود الجميل ومن الواضح أنّ استخدام كلمة “الظلم” بعد ذكر النِعم الماديّة، يشير إلى الظلم الذي يسمح به الناس لبعضهم البعض في الأمور الاقتصاديّة، وكلمة “كافر” تشير إلى كفر النِعم وكفرها، ووفقًا لتفسير الشّهيد الصدر، فإنّ كلمة “الظلم” هي أكثر في التّوزيع غير العادل للثروات، وكلمة “الكفار” تظهر في الغالب في الإفراط في استخدام الموارد، والإهمال في الحفاظ عليها وصيانتها([6]).
على أيّة حال، تُستخدم هذه الآية لتوضح أنّ المشاكل الاقتصاديّة للبشرية، ترجع جذورها إلى التوزيع غير العادل للثروة، لأنّ الأقليّة التي تعتمد على القوّة والخداع، تستولي على مصادر الثروة، وتحرم جماهير الناس من ثرواتهم الطبيعيّة وحقوقهم، ونتيجة لذلك فإنّ ظاهرتي الفقر، والتّكاثر اللتين تشكلان أساس العديد من المشاكل الاجتماعيّة والفساد الأخلاقي، تضربان الشّريان الحيوي للاقتصاد.
وتفيد كتب الاقتصاد أنّلفظ التوزيع يشتمل على عدة معانٍ منها :
أ : تفريق السلع وتوزيعها على مواطن تسويقها.
ب: تفريق الموارد المالية بين الصناعات المختلفة.
ج: تفريق، وتوزيع الثروة والدخل .
وعند إطلاق لفظ التوزيع مجرّدًا من أيّ وصف، يقصد به عند رجال الاقتصاد المعنى الثالث ،وهو توزيع الثروة والدّخل على الأفراد أيّ الكيفيّة التي يقسم بها، وهذا يقتضي معرفة من يستحق أن يأخذ نصيبًا ومقدارًا من هذا النّصيب([4]) وهذا المعنى الأخير هو ما نقصده، ولو طرحنا هذا المعنى الاقتصادي في مواجهة النّظام الاقتصادي الإسلامي، لوجدناه قريبًا من المعنى الذي ذكره الفقهاء، ورجال السِّير والأحاديث بالأعطيات أو النفقات والمصارف التي تصرف فيها، غير أنّنا نلحظ أن للإسلام منهجًا خاصًّا ينفرد به عن بقيّة المناهج الاقتصاديّة المألوفة، لأنّه يعالج الاقتصاد من خلال العقيدة وليس العكس، فهو يرى أنّ التّوزيع بالمعنى السّابق مرحلة تالية لمرحلة سبق الإيمان بها وانعقد عليها قلب المؤمن، تلك أنّ الله سبحانه وتعالى قد قسم الأرزاق، وأجرى هي بنفسه ما نسميه اليوم «التوزيع الأولي»([5]).
وإنّ الله سبحانه وتعالى فضل بعض الناس على بعض في الرزق، وأنّ ما عند الله من أرزاق يحصل عليه الفرد بأحد سببين كما سبق :
أ : العمل .
ب: الإيمان والتقوى.
يشير إلى ذلك قول الله تعالى: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾([6]) ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى﴾([7]) ﴿الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقد﴾([8])﴿والله فضل بعضكم على بعض في الرزق﴾ ([9]) ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا﴾([10])﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾([11]).
و باختلاف درجات العمل، ودرجات الإيمان والتّقوى، كان اختلاف الناس فقرًا وغنى، وكان المؤمن صاحب العقيدة الإسلاميّة في مظلّة إيمانيّة تحميه من الانهيار عند قلة ذات اليد، و يرى في نفسه السّكينة بالقضاء والقدر خيره وشرّه حلّوه ومرّه، فقد انعقد قلبه على أن له رزقًا مقسومًا لا يخطئه كما تشير الآية: ﴿وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده﴾([12]) وفي الحديث الشريف يقول الرسول (ص): ” لو ان ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت”([13]) ويقول الرسول أيضًا: “إنّ لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه”([14]) رواه الإمام أحمد في مسنده والطّبراني في الكبير و يقول: “لا تكثر همّك ما قدر يكن وما ترزق يأتك”([15])، رواه البيهقي في شعب الإيمان . فالمؤمن في منطقة التّوازن عملًا بقول الله تعالی: ﴿لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم﴾([16]) وذلك لأنّ الإسلام حريص على تقويم الإنسان بوصفه عنصر مهمّ من عناصر الإنتاج ، والإنتاج بالنسبة إلى الإنسان وسيلة وليس غاية .
ثم بعد هذا التّوزيع الأولي يأتي التوزيع بالمفهوم الاقتصادي، ألا وهو توزيع الثّروة أو الدّخول المتجمعة من الموارد، واستقرت في بيت المال أو في الخزانة العامة بلغة العصر، وكانت ينابيع تلك الثّروة أو الأوعية لهذه الدخول في الإسلام كما سبق هي :
أ : الغنائم .
ب:الفيء.
ج: الخراج.
د : الجزية .
هـ: الزكاة .
و: العشور (الضرائب عشور النّحل) .
ز: الخمس في المعادن .
ونظرة تأمليّة في تلك الأوعية نلحظ انها تشتمل على شيئين هما :
أ: عقارات .
ب: منقولات .
- الملکیّة و التّوزیع فی الإسلام.
وأنّ تلك العقارات تشتمل على ما كان نتيجة الفيء، أو الغنائم أو ما حازه الحاكم للدولة من أرض الموات . وبلغة العصر تشتمل تلك العقارات على ما نطلق عليه :
أ : ملكيّة دولة .
ب: ملكيّة عامة .
أمّا عن ملكيّة الدولة من تلك العقارات، فحدث فيها من التّوزيع ما أطلق عليه في كتب السّابقين بالإقطاع، وكان الإقطاع من أرض الفيء كأرض بني النّضير ومن أرض الغنائم، كأرض خيبر التي فتحت عنوة واصطفى منها رسول الله صلى الله عليه وسلم الوطيح، والكتيبة والسّلالم وتوابعها([17]) ، وكان منها الإقطاع أمّا باقي خيبر فكانت أرضها ملكيّة عامة للمسلمين، وسيأتي حكم توزيعها إنّ شاء الله. وبناء على ما سبق كان الإقطاع عنصرًا من عناصر التـوزيـع فما هو وما صوره :
الإقطاع لغة: من معانيه الملك يقال اقطع فلانًا أرضًا ملكه إياه، ويقال اقطعه أغصانًا أُذن له في قطعها وفي الواقع العملي له معنيان: معنى قبل الإسلام وقد سبق الحديث عنه ، ومفهومه أنّه نظام يقوم على العلاقة بين السّادة ونوابهم ،ويقضي بأنّ يملك الأولون الآخرين قطائع من الأرض على سبيل المنحة لهم، ولأولادهم وهؤلاء بدورهم تمكنهم السّلطة من أن يتحكم المالك في الأرض ومن فيها من النّاس([18]) ، أمّا في الإسلام فقد عرّفه عياض بقوله حين يقول” : إن الإقطاع تسويغ الإمام من مال الله شيئًا لمن يراه أهلًا لذلك وأكثر ما يستعمل في الأرض، وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه، إمّا أن يملكه إياه فيعمره، وإما أن يجعل له غلته مدة . “وقال ابن القين”” : إنما يسمى إقطاعًا إذا كان من أرض أو عقار، وإنّما يقطع من الفيء ولا يقطع من حقّ مسلم، ولا معاهد وقد يكون تمليكًا وغير تمليك وعلى الثاني يحمل إقطاعه الدّور بالمدينة”([19]) وقال الشّيخ الطوسي” : إن الإقطاع منح الإمام لشخص من الأشخاص حقّ العمل في مصدر من مصادر الثروة الطبيعية التي تُعدُّ العمل فيها سببًا لتملكها أو اكتساب حقّ خاص فيها ([20]).
وبالتأمل في صور الإقطاع في صدر الإسلام نلحظ أنها تشتمل على الصور الآتية :
أ: إقطاع الأرض
ب: إقطاع الدور.
ج: إقطاع الماء
د : إقطاع المعدن
أمّا عن صفته فيمكن حصره في الحالات الآتية :
أ : إقطاع تمليك وفي معظمها توجد وثائق بذلك
ب: إقطاع إقرار على الملكيّة.
ج: وعد بالإقطاع في المستقبل.
- صور الإقطاع :
أولًا- إقطاع الأرض: روى أبو عبيد بن سلام حديثًا عن ابن سيرين قال” : أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأنصار يقال له سليط” ـ وكان يذكر فضله – أرضًا فكان يخرج إلى أرضه تلك فيقيم بها الأيام ثم يرجع فيقال له لقد نزل بعدك من القرآن كذا وكذا وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا، فانطلق إلى رسول الله فقال : “يا رسول الله إن هذه الأرض التي اقطعتنيها قد شغلتني عنك فاقبلها مني فلا حاجة لي في شيء يشغلني عنك، فقبلها النّبي صلى الله عليه وسلم منه فقال الزّبير يا رسول الله اقطعنيها فأقطعها إياه”([21]) ويروي البلاذري عن هشام بن عروة عن أبيه أنّه قال” : أقطع رسول الله الزبير بن العوام أرضًا من أرض بني النّضير ذات نخل”([22]) وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : “أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضًا بخيبر فيها نخل وشجر”([23]) ويذكر الشّوكاني حديثًا عن أسماء بنت أبي بكر قالت: “كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعها رسول الله على رأسي، وهو منّي على ثلثي فرسخ متفق عليه”([24]).
ويروي صاحب كتاب «سبل السلام »محمد بن إسماعيل الأمير اليمني الصّنعاني عن ابن عمر، أنذ النّبي (ص)أقطع الزبير حضر فرسه (أي عدوه ) فأجرى الفرس حتى قام ثم رمى بسوطه فقال: ” اعطوه حیث بلغ السوط”، رواه أبو داود وفيه ضعف لأن فيه العمري المكبر، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفيه مقال : ثم قال وأخرجه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر وفيه أنّ الإقطاع كان من أموال بني النّضير ([25]).
وكل ما سبق إخبار بالإقطاع من دون وثيقة غير أن ابن سعد يذكر لنا إحدى الوثائق لابن الزبير نصها ما يلي : “بسم الله الرحمن الرحيم ؛ هذا ما أعطى محمد رسول الله الزّبير أعطاه سوارق كله أعلاه، وأسفله ما بين مورع القرية إلى موقت إلى حين الملحمة لا يحاقه فيها أحد وكتب علي”([26]).
كما يذكر ابن سعد وثائق لمن اقطع لهم تبلغ حوالى سبعًا وعشرين وثيقة، فلتراجع في مظانها([27]) والإقطاع الذي كان يقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهمت منه الصحابة أنّه مشروط بالعمل فيه واستثماره، أمّا إذا حبسه صاحبه ولم يستثمره، فقد كان ينزع منه ، روى بلال بن الحارث المزني عن أبيه أنّ رسول الله أقطعه العقيق أجمع فلمّا كان زمان عمر قال لبلال : إن رسول الله الله لم يقطعك لتحتجره عن الناس، إنّما قطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي . ويروي يحيى بن آدم عن عبدالله بن أبي بكر الرواية أكثر تفصيلًا فيقول : جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقطعه أرضًا فأقطعها له طويلة عريضة، فلما وليّ عمر قال له : يا بلال إنّك استقطعت رسول الله أرضًا طويلة عريضة، فقطعها لك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن يمنع شيئًا يسأله ، وأنت لا تطيق ما في يديك فقال : أجل . فقال : انظر ما قويت عليه منه فأمسكه، وما لم تطق وما لم تقو عليه، فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين فقال : لا أفعل والله شيئًا أقطعنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : والله لتفعلن فأخذ منه ما عجز عن عمارته فقسمه بين المسلمين([28]).
وإقطاع الأرض شمل الأرض الزراعيّة بالفعل، و شمل أرض الموات، و يُفهم من رواية ابن الأثير: إن الرسول أقطع من أرض المدينة ما كان عفًا “أي ما ليس لأحد فيه أثر أو ما ليس فيه ملك([29])، ويروي أبو عبيد عن ابن عباس ان رسول الله لما قدم المدينة، جعلوا له كل أرض لا يبلغها الماء يصنع بها ما يشاء([30]). ويؤيد تلك الرواية رواية أسمر بن مضرس حين يقول :
أتيت النّبي صلى الله عليه وسلم، فبايعته فقال :” إلى من ما لم يُسبق إليه مسلم، فهو له فخرج الناس يتعادون يتخطون([31]).
ثانيًا – إقطاع الدّور : روی ابن سعد أن النّبي أقطع عمار بن ياسر موضع داره([32])، وروى ابن الأثير أنّ النّبي الله أقطع محمد بن عبدالله بن جحش موضع داره بسوق الدقيق بالمدينة([33])، وذكر ابن منظور حديث أم العلاء الأنصارية قالت : قدم النّبي صلى الله عليه وسلم المدينة أقطع النّاس الدّور فصار سهام عثمان بن مظعون علي([34])، وأخرج البيهقي والطبري أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أقطع الدور وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع ([35])، ويروي الشّوكاني أن عمرو بن حريث قال : خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم داراً بالمدينة بقوس وقال أزيدك، رواه أبو داود([36]).
وإذا كانت هذه الإقطاعيات لم تذكر معها، وثائق فقد ذكر ابن سعد لنا وثيقة إقطاع أقطعها الرسول الله الرجل اسمه عتبة بن فرقد أقطعه موضع داره وكتب معاوية الوثيقة وهاك نصها :
. . . “هذا ما أعطى النّبي الله عتبة بن فرقد أعطاه موضع داره بمكة يبنيها مما يلي المروة فلا يحاقه فيها أحدٌ ومن حاقه فإنه لا حق له وحقّه حقّ”([37]).
ثالثًا- إقطاع الماء : يروي ابن سعد أن رسول الله أعطى أبا بكر الصديق بئر حجر ،وعمر بن الخطاب بئر جرم([38]) ويروي البلاذري : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بئر قيس في نص يقول فيه:” إن رسول الله أقطع عليًّا أربع أرضين الفقيرين، وبئر قيس والشّجرة”([39]) زاد السمهوري والشّجرة قرب بني قريظة([40]) ويروي ابن الأثير: أنّ آمنة بنت الأرقم من المهاجرين أقطعها النّبي (ص) ركى ماء بالعقيق([41])، ويروي أيضًا أنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم أقطع الحصين بن شمت عددًا من المياه بالمروت في أرض الشّام، ولا يمنع فضلها([42]) ويروي :الشّوكاني : أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أقطع صخر بن أبي العيلة البجلي الأحمسی ماء لبني سليم لما هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء ثم رده إليهم([43]).
رابعًا- إقطاع المعدن: عن ابن عباس قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحرث المزني معادن القبلِيَّة جَلْسِيّها وغَوريها، وحيث يصلح الزرع من قُدس، ولم يعطه حقّ، مسلم رواه أحمد وأبو داود .
وعن أبيض بن حمال انه وفد إلى النّبي صلى الله عليه وسلم استقطعه الملح فقطعه له ؛ فلمّا أن ولى قال رجل : أتدري ما قطعت له؟ إنما أقطعته الماء العد فانتزعه منه، وسأله عما يحمي من الأراك فقال ما لم تنله خفاف الإبل رواه الترمذي وأبو داود([44]).
وزاد الماوردي بعد قوله الماء (العد) فاستقال الرّسول الأبيض في قطيعة الملح فقال : قد أقلتك على أن تجعله مني صدقة. فقال النّبي صلى الله عليه وسلم، هو منك صدقة وهو مثل الماء العد من ورده أخذه([45]).
قال الشّوكاني : القبليّة منسوبة إلى قبل وهي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام وفي القاموس، والقبل محركة نشر من الأرض يستقبلك أو رأس كل أكمة أو جبل، أو مجتمع رمل والجلس كل ما ارتفع من الأرض، ويطلق على أرض نجد (وغوريها) يطلق على ما بين ذات عرق إلى البحر، وكل ما انحدر مغربًا عن تهامة وموضع منخفض بين القدس، وحوران مسيرة ثلاثة أيام في عرض فرسخين، وموضع في ديار بني سليم وماء لبني العدوية، كما ورد في القاموس والمراد هنا المواضع المرتفعة والمنخفضة من معادن القبليّة (قدس) جبل عظيم بنجد كما في القاموس، وقيل الموضع المرتفع الذي يصلح للزرع كما في النهاية (العد) في القاموس الماء الذي له مادة لا تنقطع كماء العين([46]).
- صفة الإقطاع : أمّاعن صفة الإقطاع فقد أخذ الحالات الآتية :
أولًا – إقطاع تمليك : وكان يجري ذلك من أرض الموات التي لا يختص بها أحد وهذا أمر متفق عليه([47]) عن ابن طاووس عن أبيه قال، قال رسول الله :”عادي الأرض لله ورسوله، ثم هي لكم قال قلت وما يعني، قال تقطعونها الناس”([48])، وكان يجري من الأرض الزراعيّة، ويفهم من إقطاع الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير من أرض بني النضير، ومن أرض خيبر كما سبق([49] ) ، وأقطع الرسول أيضًا من أرض بني النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف، وأبا دجانة سماك بن خرشة الساعدي وغيرهم([50]).
وتشير رواية عروة بن الزبير الآتية: على أنّ من الإقطاع ما يفيد الملكيّة الخاصة، فقد روي أن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا، وأرض كذا فذهب الزبير إلى آل عمر فاشتری نصیبه منهم، فأتى الزبير عثمان بن عفان، فقال : إن عبد الرحمن بن عوف، زعم أن النّبي الله ، أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وأنّي اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان : عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه رواه أحمد([51]).
ويفهم من تلك الروايّة، أنّ الزّبير رجل حريص في بيعه وشرائه، ويستوثق قبل أن يشتري وعمليّة البيع والشراء تفيد انتقال الملكيّة([52]).
وروى ابن سعد كثيرًا من الوثائق التي تفيد الملكيّة، نذكر منها هذه الوثيقة التي كتبها رسول الله الله لبلال بن الحارث المزني: “أنّ له النخل وجزعه وشَطره ذا المزارع والنّحل، وأنّ له ما أصلح به الزرع من قَدَس، وأن له المضة والجزع والغيلة إن كان صادقًا”، وكتب معاوية([7]) وقد فسر ما استعجم من الألفاظ بقوله : جزعة فإنّه يعني قرية، وأمّا شطره فإنه يعني تجاهه ،وهو في كتاب الله عز وجل فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام، يعني تجاه المسجد الحرام، وأما قوله “قدس”، فالقدس الخرج وما أشبهه من آلة السفر، وقد سبق تعريفه بغير ذلك، وهو أولى من هذا التفسير كما سبق ضبط «قدس» بضم القاف وهنا بالفتح أما المضة فاسم الأرض([53]).
ثانيًّا- إقطاع يفيد الإقرار بحق الأرض لمن هي تحت يده : ذكر ابن سعد كتب رسول الله المعدي كرب بن أبرهة، أنّ له ما أسلم عليه من أرض خولان، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيعة بن ذي مرحب الحضري وإخوته وأعمامه، أنّ لهم أموالهم ونخلهم ورقيقهم، وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشراجهم(بحضرموت) وكل مال لآل ذي مرحب، وأنّ كل رهن بأرضهم يحسب ثمره وسِدْره و قضبه من رهنه الذي هو فيه، وأنّ كل ما كان في ثمارهم من خير فإنه لا يسأله أحد عنه . . . ، وأن الله ورسوله جار على ذلك وكتب معاوية .
وكتب رسول الله لأسقف بني الحارث بن كعب، وأساقفة نجران وكهنتهم، ومن تبعهم ورهبانهم أنّ لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله، لا يغيّر أسقف عن أسقفيته ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم ولا شيء مما كانوا عليه ما نصحوا، وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين، بظلم ولا ظالمين، وكتب المغيرة([54])، ولعل هذا الأخير أشبه بمعاهدات الصّداقة والإقرار بحقّ الغير، وشرعيّة تصرفه ما داموا قائمين على حسن الجوار، ومما سبق يكون الإقطاع بمعنى إقرار الإمام بملكيّة الأرض سواء أكان للمسلم أو لغير المسلم.
ثالثًا- الوعد بالإقطاع : روى القلقشندي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد أبا ثعلبة الخشني أرضًا كانت تحت الروم حين تفتح الشام([55]) ويوضح تلك الرّواية أبو عبيدة في روايته على النحو الآتي: حين يقول حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن أيوب عن أبي قلابة، أن أبا ثعلبة الخشني قال يا رسول الله : اكتب إليّ بأرض كذا وكذا، أرض هي يومئذ بأيدي الروم، قال: فكأنّه أعجبه الذي قال، فقال: ألا تسمعون ما يقول؟ قال : والذي بعثك بالحق لتفتحن عليك قال فكتب له بها([56]).
وروي عن عكرمة لما أسلم تميم الداري قال:” يا رسول الله إن الله مظهرك على الأرض كلها فهب لي قريتي من بيت لحم”، قال: هي لك وكتب له بها، فلما استخلف عمر وظهر على الشّام جاء تميم الداري بكتاب النّبي صلى الله عليه وسلم ، فقال:” عمر أنّا شاهد ذلك فأعطاه إياه .
وبيت لحم هي القرية التي ولد فيها عيسى بن مريم عليهما السّلام([57])، وذكر ابن سعد ما يلي: وكتب رسول الله الله لنعيم بن أوس أخي تميم الداري، أنّ له حبرى وعينون بالشّام قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها، وحرثها، وأنباطها،وأبقارها، ولعقبه من بعده لا يُحَاقه فيها أحد، ولا يلجه عليهم بظلم ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئاً، فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وكتب علي([58]).
ولكن أبا عبيد يروي رواية مخالفة لذلك في بعض فقراتها، فقد ذكر أنّ”عينون أقطعت لتميم الداري، فقد ذكر أن تميمًا الداري سأل رسول الله أن يقطعه قريات بالشّام عينون” وفلانة والموضع الذي فيه قبر إبراهيم وإسحق ويعقوب صلوات الله عليهم، وكان بها رُكحه ووطنه، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : “إذا صليت فسلني ذلك فأقطعه إياهن بما فيهن، فلما كان زمن عمر، وفتح الله تبارك وتعالى عليه الشام أمضى له ذلك”([59]).
ولكن رواية ياقوت في المعجم، تصلح للتوفيق بين الروايات، فيقول : قدم على النّبي صلى الله عليه وسلم تميم الدّاري في قومه، وسأله أن يقعه (حبرون)، فأجاب وكتب كتابًا نسخته وفيه : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أعطى محمد رسول الله لتميم الداري، وأصحابه إني أعطيتكم بيت (عينون) (وحبرون) (والرحوم)، وبيت ابرهيم بذمتهم وجميع ما فيهم، وسلمت ذلك لهم لأعقابهم بعدهم أبد الآبدين، فمن آذاهم فيه آذى الله، شهد أبو بكر بن أبي قحافة عمر وعثمان وعلي بن أبي طالب([60]).
وبهذه الرّواية نوفق بین الروايات إذ إنّ نعيم بن أوس أخ لتميم الداري، وكان من ضمن أصحابه، والعطاء لنعيم أو لتميم أو لأحد الأصحاب ثابت بنص الوثيقة، والله أعلم . هذا ما استطعت جمعه من صور الإقطاع وصفته في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، بوصفه المصدر الثاني للتشريع والقدوة الحسنة ونحن المسلمين ـ مأمورون بالسّير على هديه ونهجه .
ويعدُّ هذا الصنيع نوعًا من أنواع التوزيع، وأعني التوزيع للثروة بوساطة الإقطاع للقادرين عليه ،أو الراغبين فيه، وكان ذلك الإقطاع من أرض الموات، أو من أرض الفيء، أو ما اصطفاه الإمام، وهو ما اصطلحت على تسميته بملكيّة الدولة .
- كيفيّة توزيع الأراضي المحتلة: بقي أن ننظر كيف يجري التوزيع في الملكيّة العامة، وهي التي حازها المسلمون نتيجة الغزو واستعمال السّلاح، وهي التي تعرف بأرض العنوة أو أرض الغنائم، وهي أرض خيبر، وادي القرى، مكةوبني قريظة .
- أرض خيبر : كان تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاء أرض خيبر ما يلي : تقسيمها على من شارك في المعركة، ومن لحق بهم من أصحاب جعفر وبالفعل قسمت إلى سهام، فقد قسمت على ستة وثلاثين سهمًا جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وللمسلمين النّصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم، لرسول الله سهم كسهم أحد المسلمين، وعزل النّصف الآخر، وهو ألف و ثمانمائة سهم لنوائبه، وما ينزل به من أمور المسلمين([61]) وقد فُرِزت ما عزله، وحدده وهو الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها([62])، وعندما عزم على تقسيمه على السّهام، وإخراج اليهود من الأرض وفق الشروط التي أخذت عليهم جاءت إليه اليهود، وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبقيهم بالأرض، قائلين كما يروي ابن القيم: نحن أعلم بالأرض منكم دعونا نكون فيها ونعمرها لكم بشطر ما يخرج منها([63]).
أمّا رواية البلاذري فإنّهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعنا نكن في هذه الأرض، نصلحها ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه غلمان يقومون بها، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها بأنفسهم([64] )، وهنا توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقسيم الأرض على المجاهدين، وأبقاها بيد اليهود بشرط رضاء المسلمين عن بقائهم فيها على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله قائلًا لهم: “نقركم ما شئنا “([65]).
وكان عبدالله بن رواحة يأتيهم في كل عام، فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشّطر ، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة ، خرصه وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله أتطعموني السّحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، وإنكم لأبغض إلي من القرود والخنازير، ولن يحملني بغضي لكم وحبي إياه على أن أعدل عليكم فقالوا: بهذا قامت السّموات والأرض([66]).
وكان المحصول الزراعي من أرض خيبر كما رواه جابر، إذ يقول: “خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة ، أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق([67])، وقد ورد القول في ذلك سابقًا.
وتحقيقًا لمشيئة المسلمين في إخراج اليهود من أرض خيبر وفق ما اشترطوا عليهم، فقد تحققت تلك المشيئة فی عصرعمر بن الخطاب، وقد أجلاهم كلّهم من الأرض، وقسم عمر خيبر بين أهلها على أصل جماعة السهمان التي كانت لهم([68])، وقد اختلف في عدد الأفراد الذين ضربت لهم السّهام، كما اختلف في السبب في في إخراج اليهود من أرض خيبر.
أمّا عن الأول فقد ذكر البلاذري رواية عن ابن عباس أن السهام ١٥٨٠ وذلك مجموع من حضر معركة خيبر ،وهم الذين شهدوا الحُديبيّة وكان عددهم ١٥٤٠ مضافًا إليهم ٤٠ وهم الذين قدموا مع جعفر عائدين من غربتهم، وأسهم لهم الرّسول على الرّغم من أنّهم لم يشاركوا في الحرب، وبهذا صارت السّهام ١٥٨٠([69]) أمّا ابن القيم فيذكر رواية عن مجمع بن حارثة، أن الجيش كان قوامه ۱٥۰۰ ، والسّهام ثمانية عشر سهمًا، وكان ضمن الجيش ۳۰۰ فارس .
ويذكر رواية أخرى عن جابر وأهل المغازي أنّ الجيش ١٤٠٠ وهم أهل الحُديبيّة، بالإضافة إلى ۲۰۰ مائتي فرس لكل فرس سهمان، وبهذا يكون مجموع السّهام ۱۸۰۰([70])، أمّا عن السّبب الذي دعا عمر إلى إخراجهم، فقيل : إنّ اليهود ألقوا عبدالله بن عمر من فوق بيت، ففدعوا يديه أي أُزيلتا من مفاصلهما فقرر إجلاءهم .
وقيل إن عمر بن الخطاب ما زال يبحث عن صحة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع بجزيرة العرب دينان حتى وجد الثّبت فقال : من كان له من أهل الكتابين عهد فليأت به أنفذه، له وإلّا فإنّي مجليكم فأجلاهم . وقيل لما كثر العيال أيّ الخدم في أيدي المسلمين، وقووا على العمل في الأرض أجلاهم عمر. وقيل: يحتمل أن يكون كل من هذه الأشياء جزء علة في إخراجهم([71])، ومما سبق نخلص إلى الحقائق الآتية :
- عزم الرسول على تقسيم الأرض بين المقاتلين بوصفهم حقًا لهم .
- توقف الرسول عن تسليم الأرض إلى المقاتلين، وإبقائها في أيدي اليهود مزارعة مع اعترافهم بأن ملكيتها انتقلت إلى المسلمين.
- بقاء اليهود في الأرض مؤقت مرهون بمشيئة المسلمين ورغبتهم .
- للمسلم حقّ التّصرف في سهامه من أرض خيبر يؤيد ذلك ما روي عندتوبة الله على كعب بن مالك قال كعب يا رسول الله إنّ من توبتي ان أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله فقال: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قلت : فإنّي أمسك سهمي الذي بخيبر ([72])، وهذا الحديث كان في غزوة تبوك سنة ٩، وخيبر كانت سنة ٧ كما تقدم .
- عندما تبين للمسلمين غدر اليهود، حصل الجلاء وتسليم الأرض إلى أصحاب السهام، وذلك في عهد عمر بن الخطاب.
- كان لكل مسلم له حق السّهم في أرض خيبر، نصيب من المحصول الزراعي الناتج من هذه الأرض، وكان هذا النصيب له أثر بارز في الحياة الاقتصاديّة عبر عنه بما يلي :
أ: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التّمر . وعن ابن عمر قال ما شبعنا حتى قال ما شبعنا حتى فتحت خيبر([73]).
ب: عندما عاد المهاجرون من خيبر ردوا إلى إخوانهم الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل، وقد كانت أم سليم وهي أم أنس بن مالك أعطت رسول الله عذاقًا، فأعطاهن أم أيمن مولاته (وهي أم أسامة بن زيد)، فرد رسول الله له على أم سليم ،عذاقها وأعطى أم أيمن مكانهن حائطه مقابل كل عذق عشرة، كما يفهم من رواية أنس، إذ يقول : “لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام، ويكفوا لهم العمل والمؤونة، وكانت أم أنس بن مالك (وهي تدعى أم سليم) وكانت أم عبد الله بن أبي طلحة، وكان أخًا لأنس من أمه أعطت رسول الله عذاقًا، فأعطاهن رسول الله أم أيمن مولاته، فلما فرغ رسول الله من قتال أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم، فرد رسول الله إلى أمي، عذاقها وأعطى رسول الله أم أيمن مكانهن من حائطه. وفي رواية حتى أعطاها عشرة أمثاله أو قريباً من عشرة أمثاله([74]).
- أرض وادي القرى : فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القرى ما فعله مع أهل خيبر، فإنه ترك الأرض بأيدي اليهود وعاملهم عليها([75])
- أرض مكة : تركت ولم تقسم ولم يغنم منها أحد شيئًا . روى أبو داود عن وهب بن منبه ، قال : سألت جابراً هل غنموا يوم الفتح شيئاً، قال : لا([76]).
ويعلل كل من ابن القيم وأبي عبيد في عدم تقسيم الرسول أرض مكة بعلل متقاربة .
قال ابن القيم … إنّ أرض مكة دار للنسك ومتعبد الخلق، وحرم الرّب تعالى الذي جعله للناس سواء العاكف فيه، والباد فهي وقف من الله للعالمين وهم فيها سواء . . . ومنى، وعرفة، ومزدلفة لا يختص بها أحد من دون أحد، بل هي مشتركة بين الناس إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم، فهي مسجد من الله وقفه ووضعه لخلقه، ولهذا امتنع النّبي صلى الله عليه وسلم أن يبني له بيتًا بمنی يظله من الحر، وقال : منى مناخ من سبق([77]).
ويقول أبو عبيد القاسم بن سلام : إن مكة مناخ لمن سبق إليها، وأنها لا تباع رباعها ولا يطيب كراء بيوتها، وأنّها مسجد الجماعة المسلمين، فكيف تكون هذه غنيمة فتقسم بين قوم، يحوزونها من دون الناس، أو تكون فيئًا فتصير أرض خراج، وهي أرض من أرض العرب الأميين الذين كان الحكم عليهم الإسلام أو القتل، فإذا أسلموا كانت أرضهم عشر، ولا تكون خراجًا أبدًا . ثم جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الطاهرين، مفسرًا حين قال : لا تحلّ غنائمها . إذن فمكة ليست تشبه شيئًا من البلاد لما خصت به([78]) والخلاصة أن أرض مكة التي فتحت عنوة لم تقسم، ولم يغنم منها أحد .
- أرض بني قريظة : قُسِّمت على السهام وقد سبق القول في ذلك ولا داعي للتكرار.
والنتيجة لكل ذلك هي ما استخرجها ابن القيم حين يقول : الإمام مخير في أرض العنوة الملكيّة العامة بين قسمها ،و وقفها و بين قسم بعضها، ووقف البعض، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الأنواع الثلاثة فقسم قريظة، ولم يقسم مكة، وقسم شطر خيبر وترك شطرها ([79])، ويروى عن سفيان بن سعيد قوله : الخيار في أرض العنوة إلى الإمام إن شاء جعلها غنيمة فخمس وقسم وإن شاء جعلها فيئًا عامًا للمسلمين، ولم يخمس، ولم يقسم.
الخاتمه: وقد تشكل شكله تبعًا لنزول الآيات، كما ظهر مع قيام الحكم النّبوي للنظام الاقتصادي الإسلامي. وكان النّظام الاقتصادي الإسلامي يقوم على ثلاثة ركائز، وهي الملكيّة والإنتاج والتوزيع. وخلافًا للمدارس الأخرى، قُسِّم هيكل الملكيّة في الإسلام إلى ثلاثة أجزاء. الملكيّة الإلهية، والملكيّة العامة، والملكيّة الخاصة. أمّا نظام الإنتاج فقد سُلِّم فقط للقطاع الخاص، وتوزيع الممتلكات والأصول يتناسب مع ملكيّة ثلاثة قطاعات؛ الإلهية والعامة والخاصة.
كان النّبي صلى الله عليه وسلم يعيش في المدينة خلال حياته في المدينة بحسب دخله، وغنائمه التي كان معظمها من الأموال غير المنقولة والعقارات. لقد حاولوا توزيع هذه الممتلكات بطريقة توفر، بالإضافة إلى مراعاة العدالة التي كانت من أكثر السمات المميزة للإسلام، الأساس للإنتاجيّة السليمة وتعزيز الإنتاج. وقام بتقسيم عقارات وعقارات كلّ منطقة، ومدينة على المسلمين حسب الظروف الجغرافيّة وإمكانات تلك العقارات والأراضي. لقد قام بتسليم الملكيّة الإلهية والتي بحسب التقليد كانت خمس الغنائم، إلى أشخاص مؤهلين وماهرين من أجل كفاءة أفضل. إنّ دراسة سيرة النّبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال أرست أسس التشغيل والإنتاج والقضاء على التمييز، وعززت الأمة الإسلاميّة بالتوازي مع السّلطة الثقافية والعسكرية في المجال الاقتصادي.
- المصادر والمراجع
- ابن اسحاق، محمد بن اسحاق( 1393ه )، سيرة النّبي ، ج ۳ ، قاهره، دارالاتحاد العربی للطباعه.
- ابن الأثیر، علی بن محمد الجزری( ١٣٦٩هـ)، أسد الغابة فی معرفه الصحابه، ، ج ۵ ، طبعة القاهرة
- ابن الجوزی، مبارک بن محمد( 1389ه -1969م ) جامع الأصول من احادیث الرسول، عبد القادر الأرناؤوط ، ج ۳ و 6، مصر، طیعه الملاح.
- ابن حجر عسقلانی، احمد بن علی (1427 ) سبل السلام شرح بلوغ المرام ، تصحيح و تنظيم:البانی، محمد ناصر الدین، ج ۳ ، مکتبة المعارف – ریاض – عربستان.
- ابن سعد، محمد بن سعد ( 1410 ق یا 1990 م)، الطبقات، ج ۱، القسم الثاني، بیروت- لبنان ، دار الکتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون.
- ابن قیم جوزی، ابو عبدالله شمس الدین محمد بن ابیبکر ( 1428)، زاد المعاد ج ۲ – 3، قاهره – مصر، دار الآفاق العربية
- أبوعبید قاسم بن سلام(1988)، الاموال، مکتبه الکلیات الازهریه، دار الشروق، المکتبه التجاریه
- أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني( 1420ه ) السنن، ، ج ۳ ، دار الفکر – بیروت – لبنان
- أحمد، أحمد أبو إسماعيل( 1957) ، أصول الاقتصاد ، قاهره، دار النهضة
10-بخاری، محمد بن اسماعیل ( 1410 ق یا 1990 م)، صحيح البخاري، ج ٦ ، ، جمهوریة مصر العربیة، وزارة الاوقاف، المجلس الاعلی للشئون الإسلاميّة، لجنة إحیاء کتب السنة
11- بلاذری ، احمد بن یحیی (1988م )، فتوح البلدان، بیروت – لبنان، دار و مکتبة الهلال.
12-الجرف، محمد کمال (1970م)، النّظام المالي الإسلامي، قاهره- مصر ، مطبعة النهضة الحدیث.
13-، لابن الأثير مبارك بن محمد(1399هـ – 1979م )، النهاية في غريب الحديث ج ۳ ، بیروت – لبنان، المكتبة العلمية .
14-خلیلیان، محمد جمال (1384ش)، موشرات التنمیمه من منظور الاسلام ، قم، منشورات معهد الامام الخمینی للتربیه و البحوث.
15-سمهودی، ابوالحسن علی (2006م)، وفاء الوفاء، بیروت – لبنان ، دار الکتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون.
16-السیوطی، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر ( 2016)، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، حرف الألف، دار الكتب العلمية
17-الشوکانی، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله ( ١٤١٣هـ – ١٩٩٣م)، نيل الأوطار، تحقيق: عصام الدين الصبابطي ، ج ٦-8 ، مصر، دار الحديث.
18-صدر، محمد باقر( 1424ه ) اقتصادنا، بیروت، دارالفکر.
19-العزیزی ( 1304ه ) شرح العلامة العزيزي على متن الجامع الصغير للسيوطي، ، مطبعة العامرة الشرفية.
20- قلقشندی، شهاب الدین أحمد بن عبدالله( 1963م) صبح الأعشی في صناعة الإنشاء، ج ۱۳ ، مصر ، طبعة القاهرة.- بیروت، دار الکتب العلمية.
21-ماوردی، علی(1405 ق/ 1985 م؛ )، الاحكام السلطانیة، طبعة ثالثة ، بیروت،
مجموعة من الكتّاب ( 1986) المعجم الوسيط ، استانبول، دار الدعوة.
22-نسفی، ابی البرکات عبد الله ابن احمد( 2012) تفسير النسفي( مدرک التنزیل و حقائق التأویل) بیروت، دار المعرفة للطباعة والنشر
23-واقدی، محمد بن عمر( 1409 ق یا 1989 م)، مغازي، بیروت- لبنان، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الهوامش
*طالب دكتوراه تاريخ إسلامي في جامعة أصفهان-
PhD student of Islamic history, Department of History, University of Isfahan
. Email: mohammad.alhashmavi@gmail.com
**أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإيرانيّة جامعة أصفهان.إيران.
Assistant Professor in the Department of History and Iranian Studies, University of Isfahan
b.zeynali[at]ltr.ui.ac.ir: Email
***أستاذ دكتور- كلية الآداب والعلوم الانسانية – قسم التاريخ – جامعة اصفهان إيران. [2]
prof .Dr, faculty of Literature and Human Scince ,Department of History, University of Isfahan ,Iran-. Email:m.chelongar@ltr.ui.ac.ir
أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإيرانيّة جامعة أصفهان.إيران.
[4] – راجع: مؤشرات التنمية الاقتصادية من منظور الإسلام، ص127
[5] – سورةإبراهيم/34؛
[6] – اقتصادنا، ص 333-332
[7] – طبقات، ج1، قسم الثانی، ص25
[1] – سورة الحشر : آية ٦ وما بعدها .
[3] – تفسير النسفي ، ص ۲۲۸ وما بعدها.
[4] – أصول الاقتصاد .د. أحمد أبو إسماعيل، ص ٣٧٥ ، دار النهضة بتصرف
[5] – النظام المالي الإسلامي، ص ۱۳، مطبعة النهضة.
[6] – سورة التوبة : آية ١٠٥
[7] – سورة النجم : آية ٣٩، ٤٠
[8] – سورة الرعد: آية ٢٦
[9] – سورة النحل : آية ۷۱.
[10] – سورة الطلاق: آية ٢ ، ٣.
[11] – سورة الأعراف : آية .
[12] – سورة يونس : آية ۱۰۷
[13] – شرح العلامة العزيزي على متن الجامع الصغير للسيوطي، ص ۲۱۱، مطبعة العامرة الشرفية، سنة ١٣٠٤هـ .
[14] – الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير لجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي،ص ۸۷، مطبعة دار القلم حرف الألف
[15] – المرجع السابق، ص ۳۳۷ ، حرف الألف واللام
[16] – سورة الحديد : آية ۲۳
[17] – جامع الأصول، ج ۳ ص ٢٧٥
[18] – انظر المعجم الوسيط
[19] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٥ ؛ كتاب إحياء الموات باب ما جاء في إقطاع المعادن .
[20] – اقتصادنا، ص ٤٥٠ .
[21] – الأموال، ص ۳۸٦ ، ۳۸۷
[22] – فتوح البلدان، ص ۳۰ .
[23] – فتوح البلدان، ص ٤١ .
[24] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٦ ، ولعلها تكون من أرض بني النضير وهي في المدينة
[25] – سبل السلام شرح بلوغ المرام ، ج ۳ ص ۱۱۷ ، إدارة الطباعة المنيرية
[26] – الطبقات، ج ١ قسم ٢ ص ٢٦
[27] – المرجع السابق من ص ٨ إلى ٤٥ .
[28] – الأموال، ص ٤٠٨ ، والهامش.
[29] – النهاية في غريب الحديث لابن الأثير مبارك بن محمد، ج ۳ ص ۱۱۱
[30] – الأموال، ص ۲۹۷
[31] – السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، ج ۳ ص ١٤٢ ، طبعة القاهرة.
[32] – الطبقات، ج ۳ ص ۱۷۹
[33] – أسد الغابة، ج ٤ ص ٣٢٣
[34] – راجع لسان العرب مادة قطع .
[35] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٩
[36] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٦ كتاب إحياء الموا 6
[37] – الطبقات، ۱ ص ٣٤ القسم الثاني .
[38] – الطبقات، ج2ص41
[39] – فتوح البلدان، ص ۲۳
[40] – وفاء الوفاء، ص ٢٧٤، طبعة القاهرة
[41] – أسد الغابة، ج ۵ ص ۳۸۹ طبعة القاهرة سنة ١٣٦٩هـ
[42] – المرجع السابق، ج ۲ ص ۲۷ .
[43] – نيل الأوطار ج ٦ ص ،٥٨ كتاب إحياء الموات باب إقطاع الأراضي
[44] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٤ كتاب إحياء الموات، باب إقطاع المعادن .
[45] – الأحكام السلطانية، ص ۱۹۷ ، طبعة ثالثة
[46] – انظر نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٥ .
[47] – المرجع السابق، ، ص ٥٥
[48] – الأموال، ص ٣٨٦ .
[49] – انظر فتوح البلدان، ص ٣٠، ٤١ .
[50] – فتوح البلدان، ص 27
[51] – نيل الأوطار، ج ٦ ص ٥٧
[52] – هذا الحرص كان مشهوراً عنه فقد روى الماوردي قول عمر بن الخطاب قبل موته في الزبير، أيصلح للخلافة؟ فقال عمر: إنه لبطل ولكنه يسأل عن الصاع والمد بالبقيع بالسوق، أفذاك يلي أمور المسلمين الأحكام السلطانية، ص .١٢
[53] – طبقات، ج ١ ، القسم الثاني، ص ٢٥ .
[54] – الطبقات، ج ۱، القسم الثاني، ص ٢٠ ، ٢١
[55] – صبح الأعشي ، ج ۱۳ ص ١٠٤ ، طبعة القاهرة.
[56] – الأموال، ص ۳۸۸
[57] – الأموال، ص .۳۸۸
[58] – الطبقات، ج ۱ ص ۲۱ ، ۲۲ ، القسم الثاني
[59] – الأموال، ص .۳۸۹
[60] – المرجع السابق، ص ۳۸۹ والركح الناحية، يقال اشترى الدار بجميع أركاحها أي نواحيها، وفي القاموس ركح كمنع اعتمد ،واستمد والركح بالضم ركن الجبل وناحيته وساحة الدار.
[61] – زاد المعاد ج ۲ ص ۱۳۷
[62] – جامع الأصول، ج ۳ ص ٢٧٥
[63] – زاد المعاد، ج ۲ ص ۱۳۷
[64] – فتوح البلدان، ص ٣٤
[65] – زاد المعاد، ج ۲ ص ۱۳۷
[67] – الأموال، ص ۱۰۹
[68] – سيرة النبي ، ج ۳ ص ۸۱۷ .
[69] – فتوح البلدان، ص ٤٠ ، بتصرف.
[70] – زاد المعاد ج ۲ ص ۱۳۸، بتصرف
[71] – – انظر نيل الأوطار، ج ۸ ص ۲۰۸، ۲۰۹، بتصرف، باب جواز مصالحة المشركين کتاب . الجهاد والسير.
[72] – زاد المعاد، ج ۳ ص ۱۲
[73] – صحيح البخاري، ج ٦ ص ۳۹۷ ، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر.
[74] – جامع الأصول، ج ٦ ص ۱۰ ، ۱۱ ، والعذق هو النخلة بما عليها من الحمل، والمنائح جمع منيحة وهي العطية والأصل فيها الناقة أو الشاة تعيرها غيرك لينتفع بلبنها، ثم يردها .
[75] – زاد المعاد، ج ٢ ص ١٤٧ .
[76] – زاد المعاد ج ۲ ص ۱۹۰
[77] – زاد المعاد ج ۲ ص ١٧٤، والحديث رواه الخمسة إلا النسائي انظر نيل الأوطار، ج ۸ ص ۱۷۲ ، باب فتح مكة، كتاب الجهاد والسير
[78] – الأموال، ص ٩٥ ٩٦ ، ولابن القيم تحليل دقيق للجمع بين الآراء المانعة للبيع والإجارة في دور مكة ورباعها وبين الآراء المجوز، فلتراجع زاد المعاد ج ۲ ص ١٧٥ .
[79] – زاد المعاد، ج ۲ ص ۱۳۷