أهمّيّة الجيوبولتيك في النّظام العالميّ
The importance of geopolitics in the global system
د. ناديا مصطفى الصالح([1])Dr. Nadia Al-Saleh
تاريخ الإرسال:7-4-2024 تاريخ القبول:17-4-2024
الملخص
يعدُّ الجيوبولتيك من العلوم الحديثة، حيث يستمد جذوره من تركيبة معقدة من العلوم الاجتماعية والاقتصاديّة والسياسيّة والتكنولوجية والعلوم العسكريّة، ما جعل منه منهجًا علميًّا معاصرًا يعمل على حلّ معظم الأشكاليات بصورة شمولية، خاصة العالمية التي تفرض نفسها على عالم اليوم وتؤدي دورًا كبيرًا في حياة الشعوب. ولقد تم تقسيمه الى مقدمة وفصلين وخاتمة. يبحث الفصل الأول في الفرق بين مفهومي الجيوبولتيك والجغرافيا السياسيّة ضمن فقرتين:
- مفهوم الجيوبولتيك ومراحل تطوره
- الفرق بين الجيوبولتيك والجغرافية السياسيّة. ويعنى الفصل الثاني بالخريطة الدّعائيّة للجيوبولتيكس والمراحل التّاريخيّة.
الكلمات المفتاحية: الجيوبولتيك، الجغرافية السياسيّة، الأُسس الرئيسية لعلم الجيوبولتيك، النظريات، الخرائط الدّعائيّة، المراحل التّاريخيّة.
Summary
Geopolitics is considered a modern science, as it derives its roots from a complex combination of social, economic, political, technological, and military sciences, which has made it a contemporary scientific approach that works to solve most problems in a comprehensive manner, especially the global one that imposes itself on today’s world and plays a major role in the lives of peoples. It has been divided into an introduction, two chapters, and a conclusion. The first chapter examines the difference between the concepts of geopolitics and geopolitics within two paragraphs:
A- The concept of geopolitics and the stages of its development
B- The difference between geopolitics and geopolitics. The second chapter is concerned with the propaganda map of geopolitics and the historic.
Keywords: Geopolitics, political geography, the main foundations of science Geopolitics, theories, propaganda maps, historical stages.
أهمية البحث: يعدُّ البحث موضوعًا حيويًّا يسلط الضوء على أهمية الدراسات الجيوبوليتيكيّة من خلال تصاعد الأزمات الدولية واتساع رقعة المشكلات السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة بين العديد من دول العالم خاصة بالنسبة إلى المنطقة العربية ومنطقة الشّرق الأوسط.
ضمن أشكالية تطرح سؤالًا: ما هو مفهوم الجيوبوليتيك ومراحل تطوره في النّظام العالمي؟
الفرضية: إنّ الصراع الدولي على النفوذ، والتأثير في العلاقات الدّوليّة، ودفاع الدول عن مصالحها الحيوية، ومحاولة فرض الدول هيمنتها على دول أخرى، وما شابه ذلك من أعمال يتأثر بشكل مباشر بنظريات الجيوبولتيك المتغيرة.
منهج البحث: اعتمدنا في هذا البحث على المنهج العلمي التاريخي والتحليلي توخيًّا منا الوصول الى الوقائع التّاريخيّة وتحليلها تحليلًا نقديًّا منطقيًّا وإثباتها بالنّظر العقلي.
استنتاج: يبدو جليا أنه مهما تغيرت طبيعة العوامل وأشكال الصراعات والحروب تبقى الجيوبوليتيك تنطلق من مركزية الدولة، ومن مادية الجغرافيا وحتميات الطبيعة، ويبقى الباحثون مكرهين على استعمال المناهج الواقعية في ظل وجود أشكال تقليدية للصراع الجغرافي.
المقدمة
عرفت الجغرافيا السياسيّة غنى في مضمونها بعد أن تفرّع عنها حقل جديد سمي بالجيوبوليتيك، الذي يعدُّ من العلوم الحديثة التي تعبّر عن طبيعة العصر الحالي من حيث تكامل وتداخل العلوم الإنسانيّة،ماجعل منه منهجًا علميًّا معاصرًا يعمل على حل معظم الإشكاليات بصورة شمولية، خاصة بعد ان أصبحت العالمية تفرض نفسها على عالم اليوم وتؤدي دورًا كبيرًا في حياة الشّعوب والأفراد، كما وأصبحت إنعكاسات الأحداث المحليّة والإقليميّة تتعدى بعدها الجغرافي لتظهر آثارها في كثير من أرجاء المعمورة.
انطلاقًا من ذلك يأتي هذا البحث موضوعًا حيويًّا يسلط الضوء على أهمية الدراسات الجيوبوليتيكية من خلال تصاعد الأزمات الدوليّة، واتساع رقعة المشكلات السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة بين العديد من دول العالم خاصة بالنسبة إلى المنطقة العربيّة، ومنطقة الشّرق الأوسط ضمن أشكاليّة تطرح سؤال: ما هو مفهوم الجيوبوليتيك ومراحل تطوره في النّظام العالمي؟
الفرضيّة: إنّ الصراع الدّولي على النّفوذ، والتأثير في العلاقات الدّوليّة، ودفاع الدول عن مصالحها الحيوية، ومحاولة فرض الدول هيمنتها على دول أخرى، وما شابه ذلك من أعمال يتأثر بشكل مباشر بنظريات الجيوبولتيك المتغيرة.
اعتمدنا في هذا البحث على المنهج العلمي التاريخي والتحليلي توخيا منا الوصول الى الوقائع التّاريخيّة وتحليلها تحليلا نقديا منطقيا وإثباتها بالنظر العقلي. ولقد تم تقسيمه الى مقدمة وفصلين وخاتمة. يبحث الفصل الأول في الفرق بين مفهومي الجيوبولتيك والجغرافيا السياسيّة ضمن فقرتين مفهوم الجيوبولتيك والفرق بين الجيوبولتيك والجغرافية السياسيّة. ويعنى الفصل الثاني بالخريطة الدّعائيّة للجيوبولتيكس والمراحل التّاريخيّة.
الفصل الأول: الفرق بين مفهومي الجيوبولتيك والجغرافيا السياسيّة
أ-مفهوم الجيوبولتيك
- الفرق بين الجيوبولتيك والجغرافية السياسيّة
أ –مفهوم الجيوبولتيك: الجيوبولتيكس مصطلح مكون من جذرين:الجذر الأول جيو بمعنى الأرض ويرمز الى علم الجغرافيا، والجذر الثاني بولتيك ويرمز الى السياسة، أيّ أنّ الكلمة بمجملها تعني دراسة العلاقة بين الأرض والسياسة، لكن ليس المقصود منه هو الجغرافيا السياسيّة التي تعني بتأثير الجغرافيا (خصائص طبيعية وبشرية) في السياسة([2])، إنما يجمع بين الحقائق الجغرافية وعلم السياسة التطبيقي وعلاقة الدولة بمحيطها الخارجي وسياساتها الخارجية وتصورها عن ذاتها ومحيطها وتأثيرها وتأثرها بالعالم الخارجي وكيفية صياغة السياسات والنشاطات التي تحقق لها اكبر العوائد وتجنبها المخاطر([3]) .
علاقته ببعض العلوم الأخرى([4]): ارتبط تعريف الجيوبولتيكس ببعض العلوم الأخرى كالتاريخ والفلسفة والعلاقات الدولية، لكن معظم التعاريف جاءت متفقة في المضمون على الرّغم من اختلافها في الشكل والصياغة. ومن أهم ما ورد منها-تعريف جيفري باركر: أنّه دراسة المعنى العالمي للجغرافية العامة، وهدفه ومسوغه النهائي هو فهم كل ما يتعلق بالجيوبولتيكس. ويرى أنّ الشّموليّة في الجيوبولتيكس تعود لتحليل مكونات معينة وآليات خاصة تعود إلى الحقبة التّاريخيّة التي تمت بها الهيمنة الإمبريالية على الخارطة السياسيّة – وكذلك كرسبي الذي يعرف الجيوبولتيك بأنّه تطبيق المباديء الجغرافية على مشكلات السياسة الدّاخليّة والخارجيّة، وهو بذلك يبحث في الحقائق المتعلقة بالموقع والحدود السياسيّة والمساحة ومدى التجانس الداخلي للدولة. أمّا نوران بوند فلقد جاء في كتابه “الجغرافيا السياسيّة” أنّ الجغرافيا السياسيّة تهتمّ بالدولة أو الإقليم المنظم تتظيمًا سياسيًّا من حيث الموارد والمساحة وعوامل وأسباب تكوينها، وأنّ الدولة تسعى التوفير لشعبها خير ما يصبو إليه من رفاهية واستقلال وحرية. أمّا كوهين فلقد عرف الجيوبولتيكس أنّه الأسلوب أو الطريقة الخاصة لدراسة العلاقات الدّوليّة.
ويرى إيفان أوسترود أن الجيوبولتيكس يشير إلى الروابط والعلاقات بين القوة السياسيّة والمساحة الجغرافية وهذا هو المعنى المجرد، أمّا المعنى الملموس أنّه يبدو هيكلًا من الأفكار التي تحمل محددات استراتيجيّة معينة معتمدة على الأهمّية النسبّية لسلطة الأرض، وسلطة البحر في تاريخ العالم. وبرأيه أنّ المفهوم الحديث للجيوبوليتكس غير متجانس، حيث يكون أحيانًا مسألة سياسية ذات بعد خاص، وأحيانًا تنطبق التسمية مع المذهب الاستراتيجي المعياري، وأحيانًا يكون طريقة تحليليّة في التفكير، وأحيانًا يكون مصطلح رنان لنظرية علمية لتطور ونفوذ دولة([5]) .
ولقد أعطى الساسة الأمريكيون اهتمامًا خاصًّا بالجيوبولتيكس ومنهم بريجنسكي الذي يرى أنّ السياسة الخارجية الأمريكية إضافة إلى استثمارها لجميع أبعاد النفوذ المستجد كالتكنولوجيا، والمعلومات إلى جانب التجارة والمالية يجب أن تظل معنية بالبعدالجيوبولتيكي. ويرى أيضًا أن الجيوبولتيك هو الحيوية السياسيّة والمرونة الإيديولوجية والديناميّة الاقتصاديّة والجاذبيّة الثقافيّة([6])
ويعتبر جونز بأن الوحدة السياسيّة التي يهتم الجيوبولتيك بدراستها يمكن أن تكون ميدانًا لتفاعل القوى السياسيّة فيها، كما أنّ العقائد السياسيّة التي يدين بها السكان يمكن أن تولد قوة سياسية في منطقة من الأرض تؤثر فيما بعد في تطوير تلك العقائد ونشرها في مناطق أخرى([7]) .
في ضوء ما سبق من تعريفات يمكن القول بشكل عام أن الجيوبولتيكس هو دراسة العلاقات بين السلوك السياسي وبين البيئة الجغرافية والى أيّ حدّ تأثرت الظروف السياسيّة في المجتمع بالبيئة الجغرافية التي يعيش فيها الإنسان والى اي مدى اثرت في هذه البيئة.
▪ أسس علم الجيوبوليتيكس
– الموقع الجغرافي للدولة للموقع الاستراتيجي أهمية في زمن السّلم للسيطرة الحركة التجارية أمّا في زمن الحرب فيؤثر بقواعده العسكريّة.
شكل الدولة ومساحة رقعتها: سواء من حيث قصر الحدود أو مساحة الدولة حيث تمتاز الدولة العظمى بأتساع وكبر المساحة.
– المناخ: ويحدّ كثيرًا من انتقالات البشر في المناطق التي تشتد برودتها كالجهات القطبيّة والمناطق التي تتصف بارتفاع حرارتها.
– السكان: حيث إنّ النّصر في أوقات الحرب هو بعدد من يمكن حشدهم من الرجال في ميدان القتال.
– الموارد الطبيعية: يعد المكون الاقتصادي للدولة من العوامل والأُسس الحيوية للقوة السياسيّة وجيوبولتيكيا الدولة([8]).
أنماط الدراسات الجيوبولتيكية: يحدد اوتوثل أربعة أنماط في الدراسات الجيوبولتيكية هي([9]):
الجيوبولتيكس المنهجي(Geopolitics Formal) : إشارة الى الفكر الجيوبولتيكي التقليدي، وهي مؤسسة فكرية واسعة للجيوبولتيكس.
الجيوبولتيكس العملي(Practical Geopolitics) : ويرتبط هذا النمط بالسياسات الجغرافية، ذات العلاقة بالممارسات اليومية للسياسة الخارجية للدول التي تشكل الهيكلية العامة لتصورات السياسة الخارجيّة، وفق تطور الأحداث قبل صياغة قرار الولايات المتحدة للتدخل في البلقان.
الجيوبولتيك الشّعبي (Geopolitics Popular): هو ذلك النمط من الجيوبولتيكس الذي تعالجه أو تثيره الصحافة ووسائل الأعلام الأخرى، التي بدورها تمثل الثقافة الشعبية بهذا العلم. بمعنى أنّه الفهم الجمعي أو القومي أو ألأممي للأمكنة والشعوب والإحداث العابرة للحدود الجغرافية او السياسيّة.
الجيوبولتيك التركيبي :(Structural Geopolitics) يهتم هذا النمط بدراسة العمليات والنزاعات التي تحدد كيف يجب ان تمارس كل الدول سياساتها الخارجية. وهذه العمليات والنزعات تشمل اليوم، العولمة، المعلوماتية وانتشارها المطلق العنان، بفعل نجاح الثورة العلمية – التكنولوجية وثقافتها حول العالم.
ميدان الجيوبولتيكس: الجيوبولتيكس كعلم مستقل له ميدان خاص ومنهج متميز بشكل واضح، لذلك فإنّ إطار هذا العلم لم يتحدد إلّا بالخطوط العريضة،حيث تعرض المهتمون بدراسته إلى تحديد المفهوم الذي يدل عليه من خلال ما طرأ على الجغرافيا عمومًا من تغيير. ولقد خطى مفكرون آخرون ألمان منحى جديد مع المفكر رودولف كيلين – Rudolf Kjellen الذي انطلق من فكرة أن الدولة كائن عضوي،واتفق مع راتزل بأنَّ الهدف هو تحقيق الدولة الأقوى([10]).
أمّا الحرب العالمية الثانية، فقد كانت ذروة التفكير الجغرافي والنظريات الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية في التاريخ، حيث برزت أسماء شهيرة في هذا الميدان([11]). وعلى الرغم من التراجع النّسبي لعلم الجيوبوليتيك وللتفكير الجغرافي بعد سقوط النازية والفاشيّة، إلّا أنّ حقبة الحرب الباردة كانت على العموم التجسّد الحقيقي للصراع الأزلي بين قوى البر وقوى البحر في التفكير الكلاسيكي للجيوبوليتيك، حيث حققت الثنائية الجيوبوليتيكية أحجامًا قصوى، فتماهت فيها التلاسوكراتيا مع الولايات المتحدة، والتيلوروكراتيا مع الاتحاد السوفياتي، وتطابقت حضارة وثقافة وأيديولوجيا كلّ من القوتين مع التقسيم الجيوبوليتيكي، كما وتوزّعت مساحات أصقاع الكرة الأرضية كافة إلى مناطق خاضعة للتالاسوكرايا «لقرطاج الجديدة – الولايات المتحدة»، وأخرى للتيلوروكارتيا «لروما الجديدة – الاتحاد السّوفياتي”([12]).
وفي هذا الصدد نظريتان هما:
١- النظرية الحتميّة
البيئيّة (Environmental Deteminism): تبلورت هذه الفلسفة في أواخر القرن التّاسع عشر على يد فردريك راتزل (١٨١٠ – ١٨٩٢) وازدادت وضوحًا على يد أتباعه في مطلع القرن العشرين([13])، وتحدّد التّعريفات التي قدمها معتنقوا الفكرة البيئية الحتمية بأن الجغرافية هي: “دراسة تأثير البيئة الطبيعية في الإنسان وفعالياته المختلفة”([14])، ولذا يتحدد الفكر الحتمي أن الإنسان نتاج بيئته الطبيعية تتحكم فيه قوانينها، وأنّه سلبي التأثير في بيئته التي يعيش فيها، وتنظيماتها المكانيّة والزّمانيّة، وتشير (Ellen Semple) إلى أنّ الحتمية تؤكد أنّ البيئة هي كل شيء في حياة الإنسان، وأن التطور البشري والجهد الإنساني لا يخرج عن كونه نوعًا من التفاعل السلبي مع البيئة وخضوعا لها([15]).
٢- النّظريّة الاختياريّة (Environmental Possibilism): وهي تمنح الإنسان والمجموعات البشرية عددًا من البدائل المحتملة، وإمكانيّة الاختيار في ما بين مجموعة من الفرص التي تريحنا لهم البيئة الطبيعيّة، وأن ارادة الإنسان في هذا المنهج هي القوة الدّافعة التي تؤدي الدّور الرئيسي في تقرير مصيره([16]).
أهم المفكرين الذين تأثروا بهاتين النظريتين
ماكندر: أحد الرواد الأوائل المؤسسين للمدرسة الجغرافية في بريطانيا، وكان أول أستاذ للجغرافيا من جامعة أكسفورد حيث استطاع أن يفرق بين الاقتصاديّة والجغرافيه السياسيّة. وفي العام ١٩١٩ نشركتاب بعنوان (المثل العليا للديمقراطية والحقيقة الواقعة) أثناء انعقاد مؤتمر السّلم في جنيف شرح فيه تنظيمه الجيوبولتيكي للعالم القائم على الشّواهد الجغرافيّة، حيث يرى في تاريخ الحراك البشري صراعًا مستمرًا بين الدول القاريّة. وقد قسم ماكندر العالم إلى عدة مراكز طبيعيّة للقوة السياسيّة السياسيّة يمكن أن تحدد جغرافيا.
ومما لا شك فيه أن قيام الثورة والامبراطورية الفرنسيّة كان له عظيم الأثر في غرس الفكر الجيوبولتيكي في أوروبا خاصة في ألمانيا، ولا يمكن لأي مؤرخ مدقق أن يغفل الآثار العميقة على الفكر الألماني التي أتت عن اكتساح نابليون لآراضيها واستقطاع ولايات من بروسيا واجبارها بجباية تعويضات حربية باهظة واستقرار جيش احتلال فيها([17]).
راتزل: شغل منصب أستاذ كرسي (الجغرافيا) في جامعة ليبزج واهتم بدراسة تأثير البيئة الجغرافيّة على الوحدات السياسيّة. تأثر راتزل بكتاباته بمبدأ رتر في الحضارات العضويّة. لذا فقد اسهب في وصف الدولة العضوية ككائن حي قائم في مجال محدد، وغذى فكره بآراء داروين([18]) عن القوتين البيولوجية للانتخاب الطبيعي وبقاء الأصلح. وكان يؤمن بأنّ الدّولة الغنية في بيئة طبيعية مناسبة يمكنها أن تتوسع في حدودها وأن تصبح وحدة سياسية ذات قوة كبرى. وتقوم أفكار راتزل أساسًا على مبدأين هما: (المجال الحيوي – والموقع الجغرافي) واعتبر أن هذين العاملين يحددان القيمة الجغرافية ومستقبل أيّ دولة على سطح الكرة الأرضيّة.
ويربط راتزل بعد ذلك بين موقف المجال الأرضي وبين الخصائص القوميّة للشعب ليوضح أن الإحساس بأهمية المجال الأرضي يجب أن يتوفر لدى كل من السلطة الحاكمة، والشّعب الذي يمثل الآداة التي تنفذ إرادة الدولة وتحقق مكاسبها الأرضيّة، وتدعم نفوذها سواء عن طريق الحرب أو الاستيطان، فإذا لم يتوفر هذا الإحساس لدى السّلطة الحاكمة فلن تتمكن الدّولة من توسيع رقعتها الأرضية على الرّغم من مساحات الأرض([19]).
كيلين: عاصر راتزل وتأثر بآرائه. درس الدولة كعضو جغرافي تستخدم قوتها لتحقيق الوحدة، والانسجام بين شعبها في الداخل، والحصول على حدود سياسية طبيعيّة. يرجع له الفضل في استعمال لفظة (Geopolitics) والتمييز بينها وبين الجغرافية السياسيّة.
هوسهوفر: يظهر مدى تأثره بآراء راتزل من حيث أن تدهور كل دولة هو نتيجة لضعف فكرة المجال الأرضي. وهو من المؤمنين بأنّ الدولة يجب أن تتسع أو تهلك. وفي تطبيق هذا المبدأ نجد تسليمًا ضمنيًّا بأن قيام الدولة العظمى (Super State) معناه زوال الوحدات الصغرى.
فكرة أن الدولة كائن حيّ – أيّ إنّها كائن عضوي له احتياجات بيولوجية من أجل النّمو والتطور – ومن ثَمَّ فعليها أن تجيد استغلال كافة مواردها وإمكانياتها الطبيعيّة وظروفها الجغرافية لبناء قوتها السياسيّة([20]).
ب- معايير بين التفرقة الجغرافية السياسيّة و الجيوبولتيك:يعنى علم الجغرافيا السياسيّة بدراسة تأثير الجغرافيا (الخصائص الطبيعية البشرية) في السياسة. ويتداخل هذا المفهوم مع الجيوبوليتيك: “علم سياسة الأرض”، أي دراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة. وهو المفهوم الذي ابتدعته المدرسة الألمانية منذ بَدء القرن العشرين، وتطور بين الحربين العالميتين([21]).
– تشغل الجغرافيا السياسيّة نفسها بالواقع بينما تكرس الجيوبوليتيك أهدافها للمستقبل([22]).
– تدرس الجغرافيا السياسيّة الإمكانات الجغرافيّة المتاحة للدولة، بينما الجيوبوليتيك يعنى بالبحث عن الاحتياجات التي تتطلبها هذه الدولة لتنمو حتى ولو كان وراء الحدود([23]).
-تعمل الجغرافيا السياسيّة عبر نطاقات مختلفة من خلال عمل الشبكات السياسيّة، وتجارة المخدرات، والمنظمات الإرهابية، والحملات البيئيّة والعديد من النطاقات الأخرى([24])، ويعمل الجيوبوليتيك على استخدام معين للقوة ككيف تتنافس البلدان والمجموعات الأخرى للسّيطرة على هذه الكيانات داخل المجتمع الدّولي([25]).
– تنظر الجغرافيا السياسيّة إلى الدول كوحدة إستاتيكية، وترى أنّها صورة للدولة. أمّا الجيوبوليتيك فيرى الدول على أنها كائن عضوي في حركة متطورة([26]).
الفصل الثاني: الخريطة الدّعائيّة للجيوبولتيكس والمراحل التّاريخيّة
أ- الخريطة الدّعائيّة كوظيفة جيوبولتيكيّة([27]): تطورت الأهمية الحقيقية للخرائط عبر الزّمن، وخاصة في عصر الاكتشافات الجغرافية للبحار والمحيطات والقارات. وفي الحرب العالميّة الأولى (١٩١٤- ١٩١٨) ازداد الاهتمام بالخرائط في ميادين المعارك واتجاهاتها، وأحدث ذلك ثورة في علم الخرائط(علم الكارتوكرافي)، وتمكن الناس بهذا الفرع من الجغرافية من رؤية معالم مناطق شاسعة من العالم على قطع من الورق. وفي الحرب العالمية الثانية تطور علم الخرائط ووسائله وأجهزته، وتعددت إغراض استخدامه وتوسعت من الشّؤون العلميّة الأكاديميّة الى الإغراض الحربية الدّعائيّة، للتأثير في اتجاهات الرأي العام، وكذلك في التّحريض والتوجيه لإغراض محدّدة لتقبل فكرة معينة، أو خطة محددة، أو هدف معين. وبذلك أصبح للخريطة الدّعائيّة وظيفة جيوبولتيكيّة، لأنّ الخريطة ذات البعد الدعائي الجيوبولتيكي غالبًا ما ترسم بأسلوب مفهوم، وسهل، وقابل للاستيعاب والتصديق، ولتوزيع الظواهر الجغرافية (الطبيعية والبشرية والاقتصاديّة) المختلفة على سطح الأرض. وهي في نفس الوقت، وسيلة جد خطيرة في وسائل التضليل الجيوبولتيكي، إذا ما سخرت للإغراض الحربية والسياسيّة والإيديولوجيّة، كما فعل الألمان ذلك قبل وإثناء الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ – ١٩٤٥).
والخريطة لغة لتفسير حالة التّباين المكاني (الجغرافي)، وبيان العلاقة بين اللغة، والفكرة، والايدولوجيا والأرض لتسويق معلومات معينة عبر نموذج كارتوكرافي، او موديلا يجسده من خلال مزج الفكرة بالهدف السّياسي والإيديولوجي لإبراز أو إنتاج خريطة تستخدم في الإغراض الدّعائيّة لتوجيه الرؤى العام وإقناعه بالتّطلعات الجيوبولتيكية والإستراتيجية للدولة والخريطة، كذلك، هي أحدى وسائل الاتصال الجماهيرية، لذا تكون الخريطة الجيوبولتيكيّة المضللة سلاحًا دعائيًّا مدمرًا بيد صانعيها،خاصة إذا ما استخدمت الخارطة كسّلاح دعائي في أوقات الحروب والأزمات بين القوى السياسيّة. لأنّ الخريطة تمثل شكل مكاني للدّعاية، لذا فهي، كأي خريطة، قابلة للتمثيل الجغرافي من خلال تقنياتها التي تساهم في عمليّة الإقناع مثل اختيار مسقط الخريطة المناسب، ومقياس رسمها، الألوان والرسائل التي يمكن إيصالها للمتلقي من خلال العنوان. وإذا ما عرفنا بأن الخريطة، بحد ذاتها، وسيلة حضارية لفهم الواقع الجغرافي ودراسته، فأن انعكاسات الخريطة الجيوبولتيكية الدّعائيّة يمكن أن تكون لها تأثيرات نفسية ووجدانية خاصة في تحريك المشاعر الفردية أو الجمالية، وربما أثارة التعجب والذعر أيضاً.
وقد أوضح هال (Hall) بأن هناك أربعة تقنيات لرسم الخرائط الدّعائيّة هي([28]):
1- الخرائط التي تبين الحجوم والإعداد (Numerics).
2- الخرائط التي تبين السمات الجغرافية (Semantics).
3- الخرائط الفنية (Technologist).
4- الخرائط والأشكال البيانية (graphics).
ومصطلح الدّعاية (propaganda) والدّعاية: هي إحدى أساليب الاتصال الخاصة بالتأثير في أفكار الناس وأفعالهم، فكثيرًا ما يدفع الإعلان التلفزيوني، أو البوستر الناس على التصويت لمرشح معين، ويستخدم السياسيون هذا الأسلوب الدعائي في الترويج لأهدافهم، مثلما تفعل الشركات في الترويج لبضاعتها، وكذا الحال بالنسبة إلى الخارطة الجيوبولتيكيّة فهي الأقدر في التأثير على الرأي العام، وتغيير قناعاته في أوقات الأزمات والفترات الحرجة وفي الحروب.
ولما كانت الحروب، مهما كان نوعها، تتطلب أساليب خاصة لإقناع الجماهير بصحة ومبررات اندلاعها، أو لتضليلها في حالة حدوث الهفوات أو الإخفاقات، فقد يحتم ذلك على المسؤولين عنها تشويه المعلومات وتضليل الإعلام ورسم الخرائط المبالغ فيها لصرف انتباه الجماهير عن الحقيقة. ويلاحظ أنّ غالبية دعايات الحروب هي دعايات سريّة لأنّها تنطلق من مصادر ومؤسسات سرية تهدف الى تثبيط عزائم القطعات العسكريّة المعادية بإرسال وسائل مزيفة، وملفقة وتقارير مضللة تشير الى الخسائر الجسيمة والدمار الذي الحق بها، وفي نفس الوقت تهدف الى إلهاب حماس الجماهير لهذه الحرب في الداخل. وقد يؤدي الرّتل الخامس العامل في الجانب المقابل لكل طرق دورًا في نشر تلك المعلومات وعلى النقيض من الدّعاية السّرية توجد الدعاية العلنيّة وهي الدعاية المفتوحة. ولعل استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للخرائط في خدمة أهدافها الجيوبولتيكية – أثناء الحرب الباردة ١٩٤٥ – ١٩٩٠ لا يقل عن اهتمام ألمانيا الهتلرية بهذه الخرائط. لقد أصبحت مهمة الخرائط الدّعائيّة تنحصر في خدمة الأغراض الجيوستراتيجيّة، والتّهديدات الجيوبولتيكيّة، وتحولت الى وسائل تعتمد في البحوث والرسائل الجامعيّة، وفي مؤلفات معظم مهندسي الستراتيجية العالميّة لتبرير الأفعال العسكريّة أو تغير الأحداث والانقلابات الحاصلة في الأقاليم الجيوستراتيجية أو موازين القوى العالميّة والإقليميّة.
يتطلب استخدام الخرائط الدّعائيّة للأهداف الجيوبولتيكية، اختلاف الذرائع، وصور التهديدات، والمخاطر المحتملة أو التّصورية التي قد تتعرض لها البلاد من عدو مفترض، قوى أو ضعيف، من خلال تجسيد كل ذلك في خريطة توحي كل سماتها بوقوع ذلك الخطر، أو التهديد، لأنّها تتضمن المبالغة في إدخال الرعب والهلع من عدو واقعي أو وهمي. وعمومًا فإن جميع الأشكال الدّعائيّة والتّحريضيّة، سواء أكانت عبر الخارطة، أو أيّة وسيلة إعلاميّة أخرى، تشدد في الدرجة الأساس على تفجير العواصف باتجاه الحدث الأني أو المستقبلي، والهدف منها هو لفت أنظار الرأي العام من خلال ربطها بين القيم والمفاهيم والأهداف في شكل معبر (خارطة أو بوستر)عبر تقنيات محددة:
– التسمية – الألقاب، وهي تقنية يقصد بها تشويه سمعة الخصوم أو الفكرة المضادة، والهدف منها جعل الإنسان يرفض أية شخصية أو ظاهرة ما لم يتفحصها بسبب السمات السلبية التي تلصق به مثل الإرهاب، النازية، الفساد، الشذوذ، الريبة الخ…
– العموميات: استخدام الكلمات البراقة لجلب الانتباه وإثاره الانفعالات.
– التّحول وهي تقنية تجعلك تؤجل تصديق أو استحسان شيء ما تحترمه وتبجله، وتنقلك الدّعاية الى تصديق شخص آخر وتقبله، وتحويله الى رمز أو فكرة.
– الإشادة: تقنية القصد منها رفع أهمية الشخص، أو التجربة أو الحدث، وذلك باستخدام بعض النصوص للإقرار بصحة الحدث، من خلال تحريك العواطف والأحاسيس وليس بالمنطق.
– مصارحة الناس: تقنية يراد بها أقناع الجماهير من خلال التركيز في الدعاية لشخص معين لإظهاره مصداقية وقدرته وأفضليته.
– تجميع البطاقات: تقنية يراد بها أتباع نزعة التطرف لتبنى موقف معين أو تأييد حزب أو شخص معين.
– الجوقة: تقنية الهدف منها أقناع الناس على العمل ضمن المجموعة، أو الحزب، أو الجوقة وليس خارجها.
ب- المراحل التّاريخيّة للجيوبولتيك: ترجع بداية دراسة الجغرافيا السياسيّة إلى أرسطو-Aristo الذي كتب عن علاقة السياسة بالجغرافيا في مُؤلفه ”السياسة” – The Politics حيث أكد فيه أنَّ موقع اليونان الجغرافي في الإقليم المعتدل “المناخي” قد أهل الإغريق إلى السيادة العالمية على شعوب الشمال “البارد” و الجنوب “الحار”، وقد تبنى سياسته على تقسيمات بارمينيدس – Parminides للعالم إلى خمسة أقسام: إقليم شديد الحرارة وإقليمان شديدا البرودة، وإقليمان معتدلان، وأكد أن الإقليم المعتدل الذي يسكنه الإغريق هو الإقليم الذي يحمل في طياته بذور القوة[29]. وترك أرسطو أفكارًا بالغة الأهمية اكتسبت دفعة قوية بما كتبه عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته الشهيرة.
وفضل ابن خلدون يتمثل في تشبيهه الدولة بالإنسان الذي يمر بخمس مراحل حياتيّة هي: الميلاد والصبا والنضج والشّيخوخة والموت. وهذه الدورة الحياتيّة للدول وارتباطها بمقدرات الدولة أرضًا وسكانًا وموارد.. كانت أبرز ما نقله المفكرون الغربيون في ما بعد حينما تمت بلورة الصياغة العلميّة لقيام وسقوط الحضارات.
ومع العقود الأولى للقرن الثامن عشر شهدت فرنسا ظهور أفكار جغرافية سياسية، صاغها مونتسكيو جنبًا إلى جنب مع ما قدمه من أفكار اجتماعيّة وفلسفيّة وقانونيّة خاصة في الحتميّة. وذلك لأن اعتقاد مونتسكيو الشديد في الحتمية البيئيّة نحا به أن يربط مجمل السّلوك السياسي للدولة بالعوامل الطبيعية وعلى رأسها تحكم المناخ والطبوغرافيا مع التقليل من مكانة العوامل السكانية والاقتصاديّة([30]).
وعلى الجانب الآخر من القارة الأوروبية نجد في هذه الحقبة الجغرافيين اليوغسلاف يطوعون الجغرافيا السياسيّة لتحقيق أهداف قوميّة، فلم يتورعوا معها أن يعبثوا بالخرائط السياسيّة لتحقيق مآربهم. وكان المثال الأبرز هو الجغرافي اليوغسلافي الشهير يفيجييتش الذي “زيّف” في خرائط الحدود الإثنيّة للقومية المقدونيّة – مستغلًا شهرته الدّوليّة والثّقة الممنوحة له في مؤتمر الصلح في باريس ١٩١٩ – ليخدم أغراضًا مفادها “سحب” أراض مقدونيّة وضمها إلى الصرب، وكانت المحصلة إذكاء الروح القومية للصرب وطموحهم للتوسع([31]).
منظرو الجغرافيا السياسيّة الإمبرياليّة
– ألفرد ماهان، فكرته: القوّة البحريّة. فريدريش راتزل، فكرته:Lebensraum هالفورد ماكـّـيندر، أفكاره ومصطلحاته: القوّة الأرضيّة. “قلب الأرض”
– كارل هاوسهوفر، أفكاره ومصطلحاته: القوّة الأرضيّة. “قلب الأرض”
– نيكولا سبيكمان Nicolas Spykman، أفكاره ومصطلحاته: “حوافي الأرض”
ينطلق منظـّـرو الجغرافيا السياسيّة الإمبرياليّة من إيمانهم بتفوّق البيض على كلّ الأعراق، وبتفوّق الرّجال على النـّـساء وبتفوّق الحضارة الغربيّة على غيرها من الحضارات، فأفكارهم تعبّر عن الجنسانيّة والعدوانيّة والعنصريّة والشـّـوفينيّة، وهذه كلّها ميزات الإيديولوجيا النـّـازية التي تغنـّـت بتفوّق العرق الآري على غيره. وبهذه الطـّـريقة يصبح الخطاب الجيوساسيّ منظـّـرًا للقتل والتـّـدمير واستعباد الشّعوب.
قدم ماهان تعليقاته السياسيّة باستمرار بخصوص الشّؤون الدّبلوماسيّة والاستراتيجيّة البحريّة العالمية. كما آمن أن تحقيق العظمة الوطنية مرتبط ارتباطًا لصيقًا بالبحر–لا سيما عبر الاستخدام التجاري للبحر في حالات السّلم، والسيطرة عليه في حال الحرب- استقى ماهان إطاره النظري من أنطوان – هنري جوميني، وشدّد على أنّ المواقع الإستراتيجيّة (مثل نقاط الاختناق، والقنوات، ومواقع الفحم)، مع مستويات القوة القتاليّة للأسطول والقابلة للتقدير الكمي، تُعتبر ملائمة لفرض السيطرة على البحر. وقدّم ستة شروط تحتاجها أيما دولة لتحوز على السيادة البحرية:
– الموقع الجغرافي المناسب.
– صلاحية السواحل للاستعمال، ووفرة الموارد الطبيعية، وملاءمة المناخ.
– امتداد رقعة الأرض.
– عدد سكان كبير يكفي للدفاع عن أرضهم.
– مجتمع يتمتع بقابلية العمل في البحر والمشاريع التجارية.
– بالإضافة إلى حكومة ذات نفوذ ومَيل إلى السيطرة البحرية.
وضع ماهان تمييزًا لمنطقة رئيسية في العالم ضمن السياق الأوراسي، وهي المنطقة الوسطى من آسيا الواقعة بين خطي العرض ٣٠ درجة و٤٠ درجة شمالًا والممتدة بين آسيا الصغرى واليابان. توجد في هذه المنطقة دول حافظت على استقلالها – تركيا، وبلاد فارس، وأفغانستان، والصين، واليابان. اعتبر ماهان تلك الدول الواقعة بين مناطق نفوذ بريطانيا وروسيا كأنها بين المطرقة والسندان. بالمفاضلة بين بريطانيا وروسيا، اعتبر ماهان أن روسيا هي مَن تشكّل أكبر تهديد لمصير آسيا الوسطى. كان ماهان معجبًا بحجم روسيا الممتد عبر القارات وموقعها الاستراتيجي المناسب للتوسع جنوبًا. لهذا السبب رأى ضرورةَ أن تقاوم «السيادة البحرية» الأنجلو – ساكسونية روسيا([32]).
أمّا فريدريك راتزل، الدولة بالنسبة إليه كائن حي يستمد خصائصه من جغرافيته، وبما أنّ الكائن الحي ينمو فيكبر فتضيق ملابسه فيضطر لتوسيعها كذلك الدولة، ستضطر إلى توسيع حدودها السياسيّة وزحزحتها كلما زاد عدد سكانها وتعاظم طموحاتها، فحدود الدّول حدود زئبقيّة قابلة للتوسع والانكماش، ويجب على الدولة دائمًا أن تحافظ على رغبتها في التوسع لأنّ أيّ تراجع أو انكماش يجعلها عرضة للالتهام من دول أخرى أقوى (البقاء للأقوى). ولكي تنمو الدولة وتتطور حدد راتزل سبعة قوانين أطلق عليها “قوانين تطور الدول” وهي:
– إنَّ رقعة الدولة تنمو بنمو الحضارة أو الثقافة الخاصة بالدولة.
– يستمر نمو الدولة إلى أن تصل إلى مرحلة الضّم بإضافة وحدات أخرى.
– حدود الدولة هي التي تحميها لابد من الحفاظ عليها.
– تسعى الدول في نموها إلى امتصاص الأقاليم ذات القيمة السياسيّة.
– الدافع للتوسع يأتي من الخارج.
– الميل العام للتوسع ينتقل من دولة إلى أخرى ثم يتزايد و يشتد.
– نمو الدولة عملية لاحقة لنمو سكانها([33]).
كما طور الألماني كارل هاوسهوفر (١٨٦٩-١٩٤٦) أفكار راتزل بعد أن أنشئ المعهد الألماني للجيوبوليتيك.وبجهود هذه المدرسة وبالأعداد المتواترة للدورية الجيوبوليتيكية جهّـز الجغرافيون والسياسيون الفكر الألماني بعضوية الدولة، وضرورة زحزحة حدودها لتشمل أراضي تتناسب مع متطلباتها الجغرافية وتحقق ضم الأراضي التي يقطنها الجنس الآري([34]). وقد جاء ذلك في ظل تنامي أفكار القوميّة الشّيفونيّة الممزوجة بأغراض التّوسع العسكري للحزب النازي. تلقف هتلر أفكار هوسهوفر وزملائه، كما استعان بأفكار الجغرافي الإنجليزي الشّهير ماكندر. وجاءت أفكار هتلر بدءًا من كتاب “حياتي”، ومرورًا بخطبه الحماسية، لتكرس مفهوم المجال الحيوي لألمانيا Lebensraum، أيّ مساحتها الجغرافية اللائقة بها وبالجنس الآري، ولتمثل أبرز مقومات القوميّة الاشتراكيّة (النازيّة) التي تبناها. كما واستند هتلر إلى الجيوبوليتيك لتطبيق المجال الحيوي فانطلق ليحتل النمسا ثم تشيكوسلوفاكيا العام ١٩٣٨ ثم بولونيا وليتوانيا والدانمرك العام ١٩٤٠ ويوغسلافيا، واليونان وكريت ثم نحو موسكو لكنه انكسر عند ستالينغراد.
بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد ما فعله هتلر بناء على ما اعتنقه من النظرية الجيوبوليتيكية ساءت سمعة هذا العلم، وارتبط أسمه بالعداء والتّدمير والتّوسع على حساب الدول الأخرى، وامتنعت بعض الدول عن تدريسه في جامعاتها، ومنها الاتحاد السّوفييتي([35]).
وجاء نيكولاس سبيكمان الذي نظّر لضبط حركة العالم عبر:
– صنع نظام عام لتوازن القوى كالأمم المتحدة.
– السيطرة على الهلال الداخلي للسيطرة على العالم.
والهلال الداخلي يُقصد به معظم قارة أوروبا والعالم العربي، وإيران وأفغانستان والصين وجنوب شرقي آسيا وكوريا وشرق سيبيريا، وهذه تسمى أيضًا أرض الحافة، والصّراع قائم بينها وبين قوى البحر (الولايات المتحدة الأمريكيّة).
ويرى بعض الباحثين في علم الجيوبوليتيك إنّه لقوى البر، ثقافتها وقيمها لجهة الثبات والاستقرار والروح المحافظة ورسوخ الأخلاق، وهو رسوخ مستمد من ثبات اليابسة، وتتمثل في روسيا.أمّا قوى البحر، فلها ثقافة ديناميكيّة تتركز على الفرد والحركة والتّطور، ولا تبرز لديها القيم الأخلاقية، وتتمثل بالولايات المتحدة الأمريكيّة.
والصراع اليوم المحتدم في المنطقة العربية، هو صراع قديم بين الدول البرية (القاريّة) والدول البحرية، دول محاصرة من دون سواحل أو منفذ إلى البحر، سعت دومًا إلى فكّ الطوق عنها للوصول إلى البحر والتواصل عبره، وتسعى الدول البحرية إلى التوغل داخل الدّول البرية للسيطرة على مواردها. ووفق الجيوبوليتيك، فهناك منطقة تصادم أو ارتطام هي الهلال الداخلي (والعالم العربي جزء منه) فهو نقطة التقاء بين ثلاث قارات، وعقدة طرق بريّة وبحريّة وجويّة تربط العالم وهو ما عبر الجيوبوليتيكي الروسي ألكسندر دوسيفرسكي عنه بقوله: “هذه المنطقة العربيّة هي المعبر الذي يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وهي مفتاح الدفاع الجوي عن قارتي أفريقيا وأوروبا”، وروسيا اللاعب القوي الذي كان قددخل الحرب في سوريا ضد الإرهاب تعتبر أن هذه حربها الثالثة بعد الحرب في الشيشان (1999-2009) والحرب ضد جورجيا (2008)، وهي في كل مرة حسمت المعركة لصالحها ضد من حاول ضربها وتمزيقها وتطويقها([36]).
جيوبوليتيكا الحرب الباردة منظـّـروها:
– جورج كينـّـنGeorge Kennan ، فكرته: الإحتوائيّة.
– منظـّـرو الجغرافيا السياسيّة الأمريكان والرّوس، أفكارهم ومصطلحاتهم: بلدان العالم الأول والثـّـاني والثـّالث كأقمار صناعيّة وحجارة دومينو.
– الشّرق ضدّ الغرب والرّأسماليّة ضدّ الاشتراكيّة.
– جورج كينـّـن، مهندس السـّـياسة الاحتوائيّة الأمريكيّة: يرى أنّ الأراضي السـّـوفياتيّة لم تكن أرضًا بل كائنًا توسّعيًّا يمثـّـل تهديدًا لا نهائيًّا. وترتبط المصطلحات المستعملة في ربط الصـّـراع بمسائل إيديولوجيّة متعلـّـقة بالهويّة والاختلاف. ظلـّـت الجغرافيا السياسيّة تصف الغرب بأنـّـه ليس مجرّد منطقة جغرافيّة، بل هو مجموعة متميّزة لها هويّة خاصّة، يعمل على نشر الدّيمقراطيّة ويثمّن مقاييس التـّـحضـّـر والمدنيّة، وبما أنّ بلدانًا حليفة للغرب لا توجد داخل المنطقة الجغرافيّة الغربيّة مثل اليابان وكوريا الجنوبيّة([37]).
– زبيغنيو بريجنسكي والماكيندرية الجديدة: مع نهاية القرن العشرين طرح بريجنسكي نظرية جديدة أعاد فيها حيوية الأفكار التي جاءت بها نظرية «قلب العالم» في مؤلفه الشهير رقعة الشطرنج الكبرى. انطلق بريجنسكي من الافتراض الذي مفاده أنّ السيطرة العالمية للولايات المتحدة، «زعيمة قوى البحر»، تبقى مفتوحة وغير مكتملة ما لم تعزّزها بالسيطرة على منطقة أوراسيا التي هي الفراغ الجيوستراتيجي المتمّم لسيطرتها العالمية، إذا ما توافرت شروط ملء هذا الفراغ([38]). حيث إنّ أوراسيا هي الجائزة الجيوبوليتيكيّة الرئيسة، هي القارة الأكبر في العالم وهي المحور في مجال الجيوبوليتيك، وتسيطر القوة التّي تتحّكم في أوراسيا على اثنتين من مناطق العالم الثلاث الأكثر تقدّمًا والأوفر في مجال الإنتاجية الاقتصاديّة. تكفي نظرة واحدة إلى الخارطة لاكتشاف أنّ بسط السيطرة على أوروبا يستتبعه آليًا إخضاع أفريقيا، الأمر الذي يجعل نصف العالم الغربي وأوقيانيا المحيط الخارجي للقارة المركزية من الناحية الجيوبوليتيكية. ويعيش في أوراسيا نحو ٧٥ بالمئة من شعوب العالم، وفيها أيضًا توجد معظم ثروات العالم سواء أكانت مخبوءة تحت ترابها أو ظاهرة في مشاريعها وأعمالها.
تنتج أوراسيا نحو ٦٠ بالمئة من إجمالي الناتج القومي العالمي وتوجد فيها تقريبًا ثلاثة أرباع مصادر الطاقة المعروفة في العالم. كما أنّ أوراسيا أيضًا موطن الدول الأقدر سياسيًا والأكثر دينامية في العالم، فالدول الستّ التّي تلي الولايات المتحدة في ضخامة الاقتصاد وحجم الإنفاق العسكري تقع في أوراسيا، وفي أوراسيا أيضًا توجد جميع الدول النّووية المعلنة في العالم باستثناء واحدة، كما توجد فيها أيضًا جميع الدّول النّووية السريّة باستثناء واحدة، وإلى أوراسيا تنتسب الدولتان الأكثر سكانًا في العالم، والدولتان الأكثر تطلّعًا إلى الهيمنة الإقليمية والنفوذ العالمي([39]).
كما وإنّ رقعة الشّطرنج الأوراسيّة بيضويّة الشكل، لا تشغل لاعبين اثنين بل عدّة لاعبين يمتلك كلّ لاعب منهم كميّات متباينة من القوة. يستقر اللاعبون الرئيسيون في الغرب والشّرق والمركز والجنوب، تحتوي النهايتان الغربية والشّرقية للرقعة على مناطق كثيفة السكان، جيّدة التنظيم ومزدوجة بعدد من الدول القويّة. ما بين النهايتين الغربية والشّرقية تمتّد مساحة وسيطة واسعة قليلة السكان وتعاني حاليًا حالة سيولة سياسية وتشظٍّ تنظيمي.
لقد كانت هذه المساحة محتلّة من قبل قوة منافسة كبرى، إلى الجنوب من تلك السّهوب الأوراسيّة المركزيّة الواسعة تقع منطقة تجمع بين الفوضى السياسيّة ومصادر الطاقة الغنيّة. تمتلك أهميّة عظمى بالنسبة إلى دولة أوراسيا الغربية والشّرقية معًا، وتضّم المنطقة الجنوبيّة الأدنى دولة كثيفة السكان تتطلّع إلى الهيمنة الإقليمية. رقعة الشطرنج الأوراسيّة هذه ذات المساحة الواسعة والشّكل الغريب، والتّي تمتد من لشبونة إلى فلاديفوستوك، توفر الأرضية التي تدور حولها الخطة… فإذا كان بإمكان «القوة العالميّة العظمى سحب المساحة الوسطيّة إلى داخل الفلك الغربي المتوسّع – حيث تسود هذه القوة – وإذا لم تخضع المنطقة الجنوبيّة لسيادة لاعب واحد وإذا لم يوجد الشّرق بطريقة تتيح طرد هذه القوة العظمى من قواعدها الموجودة على سواحله يمكن عندها القول إنّ السيادة قد تحققت لهذه القوة، أمّا إذا رفضت المساحة الوسطى الغرب، وتحولّت إلى كيان موحّد ذي شأن وتحقّق لها أحد الأمرين، إمّا السيادة على ألب أو عقد تحالف مع اللاعب الرئيسي في الشّرق، فإنّ سيادة هذه القوة على أوراسيا تتقلّص بصورة دراميّة ويصحّ القول نفسه إذا ما توحّد اللاعبان الشّرقيان الرئيسيان بأيّ شكل من الأشكال. أخيرًا فإنّ أيّة إزاحة للقوة العظمى من موقعها على الطرف الغربي من قبل شركائها الغربيين يعني آليًا، نهاية مشاركة هذه القوة في لعبة الشطرنج الأوراسيّة([40]).
ويولي الفكر السياسي والجيوبوليتيكي الروسي أهميّةً خاصةً لمسألة المجال (The Space)، فيؤكّدُ ليفاندوفسكي (Lewandowski)، أنّ جغرافيا السمات الوطنية الروسية – على غرار المجال الأرضي أو الروح الروسية – لا تعرف معنى للحدود([41]).
ولقد ولّدت هذه الروح منذ سنة ١٩٢١ مدرسة روسيّة عريقة في الجيوبوليتيك سُميّت المدرسة الأوراسيّة، مثلّتها أسماء كثيرة أبرزها جورج فلوروفسكي (Georges Florovsky)، ونيكولاي تروبيتزكوي (Nikolai Trubetzkoy)، وبيتر نيكولايفتش (Petr Savitskii) سافيتسكي وألكسندر دي سفرسكي(Alexander de Seversky) . آمن هؤلاء بأنّ لروسيا حضارةً فريدةً ذات مسارٍ خاصٍ ومهمّةً تاريخيةً خاصةً أيضًا. وهذا لأجل إيجاد مركز قوةٍ وثقافةٍ مختلفين والذي لن يكون أوروبيًا ولا آسيويًا ولكن يتعامل مع الاثنين. آمن الأورواسيون في المقابل، بالنهاية الحتمية للغرب، وأنّ ذلك سيكون وقتًا مناسبًا لروسيا لتكون المثال العالمي الريادي. تراجع صيت هذه المدرسة عقودًا من الزمن ليتجدّد مع نهاية القرن العشرين في كتابات الجيوبوليتيكي الروسي المعاصر ألكسندر دوغين([42]).
– ألكسندر دوغين والأوراسيّة الجديدة: ترجع الملامح الأولى «للجيوبوليتيك الدوغينية» إلى سنة ١٩٩١، حينما نشر دوغين مقالًا بعنوان تصوّرات دوغين الجيوبوليتيكية الكبرى للعالم، وصف فيه ذلك الصراع الجيوبوليتيكي القائم آنذاك بين نمطين مختلفيْن من القوى العالمية، القوى البرية أو «روما الخالدة»، إذ ترتكز هذه القوى على مبادئ عديدةٍ مثل: الدولة المستقلة، الجماعة المحليّة، المثالية وتفوّق الخير المشترك. في المقابل توجد حضارات البحر، أو «قرطاجة الخالدة» والتي ترتكز على مبادئ مختلفةٍ مثل: النزعة الفردية، النّزعة الماديّة إضافة إلى ميزة التّجارة. وحسب تصوّر دوغين، فإنّ «قرطاجة الخالدة» كانت قد تجسّدت تاريخيًا في أثينا الديمقراطيّة، الإمبراطوريّة الألمانيّة والبريطانيّة كذلك. أمّا اليوم، فهي مُمثّلةٌ بالولايات المتحدة في حين تجسّدت «روما الخالدة» في روسيا. وبالنسبة إليه، فإنّ الصراع بين هذه النمطَيْن من القوى سوف يظلُّ قائمًا إلى أن يتمكّن أحد الطرفين من تدمير الآخر كليًّا، ولا يمكن لأيّ نمطٍ من النظم السياسيّة أو أيّ مقدارٍ هائلٍ من التجارة البينية بين الطرفين أن يتمكّن من إيقاف هذا الصراع. لذلك، فمن الأفضل أن تُسارع روسيا الخيِّرة إلى هزيمة أمريكا الشريرة، كما ينبغي أن تأخذ الثورة المحافظةمكانتها في التّاريخ([43]). وفي سنة ١٩٩٧، عزّز دوغين نظرته الأوراسيّة الجديدة في كتاب مُفصّل حمل عنوان: أُسسُ الجيوبوليتيك: مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي، والذي كان بمثابة إنجيل الأوراسيين الجدد في القرن الجديد.
لقد آمن دوغين دوما بالأوراسيّة الجديدة كعقيدةٍ تحمل خلاصًا لكلّ المشاكل، بل وادّعى أنّ الأوراسيّة الجديدة ستكون العقيدة القائدة في المستقبل والتي ستجعل من روسيا قوةً عظمى، ومع هذه النّبوءة آمن دوغين بأنّ الأوراسيّة يبنغي أن تكون «أنوار شماليّة» للرئيس فلاديمير بوتين، ومساعديه التي ستساعده جنبًا إلى جنبٍ مع القادة العالميين، على صوغ وتشكيل إمبراطوريةٍ أوراسيّةٍ، كما أنّه آمن بقدرة النظام الحالي على أن يكون خارطة طريقٍ لتجديد الشباب الرّوسي([44]).
ولمواجهة طموحات هيمنة الولايات المتحدة يدعو دوغين روسيا تجنُّب التحوّل لمجرّد ملحقٍ لها، وعليها أن تسعى إلى إيجاد مراكزٍ متعدّدةٍ للقوة، ولا ينبغي أن تكون مرتبطة بالولايات وعولمتها وأن ترى فيها مركزًا، ولكن عليها خلق «فضاءاتٍ كبرى» عديدةٍ مُوحّدةٍ عبرَ شبكةٍ من التحالفات بين دولٍ عديدة. ومثل هذا الفضاء الكبير من شأنه أن يُنتج مركزًا – جديدًا – للقوة. حيث يرى دوغين هنا وجود العديد من مراكز القوة، أو ما يشبه الإمبراطوريات – الصغيرة – الناشئة في المستقبل. وينظر دوغين إلى الصين أيضا بوصفها حليفًا محتملًا في مواجهة الولايات المتحدة، إلّا أنّه ينظر إلى الصين بوصفها حليفَ الملاذِ الأخير. في الحقيقة، إنّ نظرة دوغين لعلاقات الصين مع أوراسيا نظرةٌ ذات شك على الرّغم من الموقع الجيوبوليتيكي الأوراسي. على سبيل المثال، يقترح دوغين أن توجّه الصين طموحاتها نحو الجنوب بدلًا من الشّمال باتجاه روسيا. لذلك وحسب دوغين، فعلى أغلب دول أوراسيا أن تحشد جهودها ضدّ هذا العدو المميت لكلّ شعوبها وهو الولايات المتحدة، وأن تعمل على تشكيل تكتلاتِ دولٍ، شبه إمبراطورية، بما فيه تكتّل الدول المسلمة، والذي سيُكوّنُ إمبراطورياتٍ قويّة، مستقلة ونوويّة([45]).
جيوبوليتيكا النـّظام العالميّ الجديد منظـّـروها:
– ميخاييل غورباتشوف، فكرته: تفكير سياسيّ جديد.
– فرنسيس فوكوياما، فكرته: نهاية التـّـاريخ.
– إدوارد لوتواك فكرته: نجوميّة الجيو – اقتصاد.
– المحافظون الجدد، فكرتهم: الولايات المتـّـحدة زعيمة النـّـظام العالميّ الجديد، الحرب الدّائمة، تسخير المنظـّـمات العالميّة لخدمة أمريكا.
– قادة صندوق النـّـقد الدّوليّ ومنظـّـمة التـّـجارة العالميّة وزعماء مجموعة السـّـبعة G7 أفكارهم: اللـّـيبراليّة العالميّة واللـّـيبراليّة الجديدة ما بين الأمميّة.
– مخطـّـطو الاستراتيجيات في البنتاغون والنـّـاتو، أفكارهم: دول مارقة، دول تسعى إلى التـّـسلـّـح النـّـوويّ بطريقة غير قانونيّة ـ إرهاب.
– صامويل هانتنغتون، فكرته: تصادم الحضارات
وقعت الجغرافيا السياسيّة وكذلك العلوم السياسيّة في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين بأزمة سمّيت “أزمة المعاني”، فبما أنّ الجيوسياسة تدرس الصـّـراعات كان لا بدّ من إيجاد صراعات جديدة؛ هذه المرّة تمّ التـّـركيز على الصـّـراعات الثـّـقافيّة وتمّ تصوير العالم الاسلاميّ على أنـّـه العدوّ الجديد للغرب وللثـّـقافة الغربيّة. ومنذ ذلك تحوّل التـّـنظير نحو مفاهيم “النـّـظام العالميّ الجديد” وفي هذا الإطار أعيد تعريف الجغرافيا السياسيّة وتحديد مقارباتها وممارساتها. برز منظـّـرون جدد يتغنـّـون بتفوّق العالم الغربيّ منهم فوكوياما التي قال بنهاية التـّـاريخ، وإيدوارد لوتووك الذي تغنـّـى بتفوّق الجيواقتصاد الغربيّ. رأى إيدوارد لوتووك أنّ الدّول ككائنات أرضيّة أو جغرافيّة سوف تواصل صراعها، لكنّه لن يكون صراعًا سياسيًّا، بل جيواقتصاديًّا، صراع يديره الاقتصاد في نطاق الجغرافيا. وسيتـّـخذ هذا الصّراع في رأيه شكل خلافات تجاريّة واقتصاديّة.
كانت نظريّة إيدوارد لوتووك مرتبطة بالدّولة، لكن منظـّـرين آخرين في ميدان الجغرافيا الاقتصاديّة شدّدوا على التـّـقهقر النـّـسبيّ للدّول لصالح لصالح التـّـدفـّـق الصـّـاعد للمؤسّسات المابين قوميّة. هذه الرّؤية يعبـّـر عنها بمصطلح “اللـّـيبراليّة” المابين قوميّة أو اللـّـيبراليّة الجديدة وهي مذهب تؤكـّـد أنّ العولمة التي تقولها التـّـجارة والانتاج والأسواق سوف تحدّ من سلطة الدّول وتسرّع في اندماج العالم. هذه النـّـظريّة تتبنـّـاها مجموعة السـّـبعة وصندوق النـّـقد الدّوليّ ومنظـّـمة التـّـجارة العالميّة التي ترى أنّ العولمة تسرّع في نماء البلدان النـّـامية. إلاّ أنّ هذه المؤسـّـسات لها نوايا مختلفة تماما عن نواياها المعلنة. أمّا عالم السـّـياسة ومنظـّـر المحافطين الجدد سامويل هانتغتون فيشدّد على قوّة الكتل الجيوثقافيّة في النـّـطام العالميّ الجديد. ويؤكـّـد هانتغتون أنّ الكتل الثـّـقافيّة تحدّد الشـّـؤون العالميّة لكنّ هذه الخاصّية موجودة إلى جانب الخطابات المختلفة التي ستحدّد طبيعة النـّـظام([46]).
الارتـكاز الجيوبوليتيكـي فـي القـرن الحـادي والعشـرين: مــع التحــولات المتســارعة التـّـي شــهدتها السياســة العالميــة وانتشــار مختلــف مظاهــر الأخطــار، والتهديــدات التـّـي يمكــن أن تسـتهدف كل الـدول، والأفـراد علـى حـدّ سـواء والتـي تجعـل مـن عالمنـا عالمًـا خطيـراً حقًـا، اسـتمر بعـض الباحثيـن فـيّ تأكيـد أهميـة الجغرافيــا فــي هــذا العصــر الجديــد، فــرأوا علــى ســبيل المثــال أنـّـه مــن الضــروري إيــلاء الانتبــاه لمــا يحــدث فــي أماكــن بعينهــا مـن العالـم علـى غـرار النزاعـات فـي «الشّرق الأوسط»، الخليـج العربــي، الصيــن، باكســتان، أفغانســتان، والهنــد. لقــد شــبهّوا هــذه الأماكـن بأخطـار الزلـزال الـذي يحتـاج إلـى انتبـاه وفهـم بـدلًا مـن مجـرد التحذيـر مـن الدمـار الـذي سـيخلف حتمًـا فـي المسـتقبل([47]). ويعُـدّ بـول كنيـدي مـن الأوائـل المنتبهيـن حيث كتـب برفقـة كّلّ مـن روبـرت شـاس وإيميلـي هيـل دراسـة علـى الفوريـن أفريـز حملـت عنـوان:
“الــدول الارتكازيــة والاســتراتيجية الأمريكيــة”، دعــوا فيهــا إلــى التركيـز علـى موجـات اللااسـتقرار القادمـة والتّـي يمكـن أن تلحـق بانهيــار قــوى إقليميــة معينّــة ســمّوها الــدول الارتكازيــة (PivotalStates)، وهــي «دول ذات مســاحات جغرافيــة شاســعة وموقــع متمركــز، إذا ســقطت فريســة للاضطرابــات الداخليــّة فإنهّــا سـتكون نقاطـا سـاخنة، لـن تحُـدّد مسـتقبل أقاليمهـا فحسـب، بـل ســيكون لذلــًك أثــر ســلبي فــي الاســتقرار الدّولــي بأكملــه». لــن تتحمـل حينهـا الولايـات المتحـدة وبقيـة الـدول الصناعيـة أن تقـف لتشـاهد بسـلبية إنهيـار واحـدة أو أكثـر مـن هـذه الـدول، سـوف تكـون النتائـج الاسـتراتيجية حقًـا كارثـة حقيقيـّة([48]) يمكـن أن تكـون الأسـباب المحتملـة لهـذا الاضطـراب الدّاخلـي: الاكتظـاظ السـكاني ،الهجـرة، الاضطرابـات البيئيـة، الأوبئـة، الجريمـة.
الخاتمة
الجيوبولتيكس منهج علمي معاصر يعمل على حل معظم الأشكاليات بصورة شمولية، خاصة العالمية التي تفرض نفسها على عالم اليوم وتؤدي دورًا كبيرًا في حياة الشعوب والأفراد،لتصبح إنعكاسات الأحداث المحلية، والإقليمية تتعدى بعدها الجغرافي لتظهر آثارها في الكثير من أرجاء المعمورة.
والجيوبولتيكس ليس المقصود منه هو الجغرافيا السياسيّة التي تعني بتأثير الجغرافيا في السياسة، إنّما علاقة الدولة بمحيطها الخارجي وسياساتها الخارجية وتصورها عن ذاتها ومحيطها، وتأثيرها وتأثرها بالعالم الخارجي وكيفية صياغة السياسات والنشاطات التي تحقق لها اكبر العوائد وتجنبها المخاطر.
وقد ارتبط تعريف الجيوبولتيكس ببعض العلوم الأخرى كالتاريخ والفلسفة والعلاقات الدولية، لكن معظم التعاريف جاءت متفقة في المضمون على الرّغم من اختلافها في الشّكل والصياغة. وبشكل عام أن الجيوبولتيكس هو دراسة العلاقات بين السلوك السياسي وبين البيئة الجغرافيّة والى أيّ حدّ تتأثر الظروف السياسيّة من المجتمع بالبيئة الجغرافيّة التي يعيش فيها الإنسان والى أيّ مدى أثّرت في هذه البيئة. ومن الأُسسس الرّئيسة لعلم الجيوبولتيكس هي الموقع الجغرافي وشكل الدولة ومساحة رقعتها، الى جانب المناخ الذي يحدّ كثيرًا من انتقالات البشر في المناطق التي تشتد برودتها كالجهات القطبية، والمناطق التي تتصف بارتفاع حرارتها. وأيضًا السكان ،الموارد الطبيعية.
كما وإنّ هناك اربع أنماط للدراسات الجيوبولتيكية (بحسب اوتوثل). ويهتم الجيوبولتيكس بدراسة المنظمات الدّوليّة مثلًا: منظمة الامم المتحدة، منظمة جنوب شرق آسيا أو منظمة السّوق الأوروبيّة الكومنولث. ويتناول دراسة الظاهرات السياسيّة على سطح الأرض كالحدود، وآثار الاستعمار على هذه الوحدات.ويدخل في مجاله دراسة العلاقات الخارجيّة بين الوحدة السياسيّة والدول الأخرى. وفي هذا الصدد نظريتان هما النظرية الحتميّة البيئيّة، والنّظريّة الاختياريّة.
وفي الحرب العالمية الأولى (١٩١٤- ١٩١٨) ازداد الاهتمام بالخرائط في ميادين المعارك واتجاهاتها وأحدث ذلك ثورة في علم الخرائط (علم الكارتوكرافي)، وتمكن النّاس بهذا الفرع من الجغرافية رؤية معالم مناطق شاسعة من العالم على قطع من الورق. وتطور علم الخرائط ووسائله وأجهزته، وتعدّدت أغراض استخدامه وتوسعت من الشؤون العلمية الأكاديميّة، إلى الإغراض الحربية الدّعائيّة، للتأثير في اتجاهات الرأي العام، وكذلك في التّحريض والتّوجيه لإغراض محددة لتقبل فكرة معينة أو خطة محددة أو هدف. ولقد خطى مفكرون آخرون ألمان منحى جديد مع المفكر رودولف كيلين Rudolf Kjellen – الذي انطلق من فكرة أنّ الدولة كائن عضوي لكنه متطور وليس ثابت، وشبه البناء العضوي للدّولة بالبناء العضوي للكائن الحي، واتفق مع راتزل بأنَّ الهدف النّهائي لنمو الدولة هو تحقيق القوّة The pawer. وفي الحرب العالمية الثانية التي كانت ذروة التفكير الجغرافي والنّظريات الجيوبوليتيكيّة والجيوستراتيجيّة في التاريخ، نبه هوسهوفر السياسيين إلى ضرورة توسيع مجال ألمانيا، وتخفيف عبء الكثافة السكانية الخانقة عن مدنها، واستعادتها لما فقدته في مؤتمر فرساي، فيؤكد للقادة الألمانيين مثلا أهمية هذه المقاربة وأنّه يجب على كل من له صلاحيّة إعادة تشكيل شعبة في مجال حيوي كافي ومقدس أن يحس بالمسؤولية بصفته إنسانًا مؤثرًا في العالم. كما وعمل رواد التفكير الجيوبوليتيكي الأمريكي على بلورة نظريات تسمح بسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على نطاقات جغرافية جديدة، وإعادة تعريف الحدود العالمية بما يتماشى والهيمنة الجيواقتصادية المرجوة منها. فقد وضع منظر القوة البحرية والضابط في الكلية الحربية البحرية الأمريكية، ألفريد ثاير ماهان (العام ١٨٤٠- ١٩١٤) بحوثه في خدمة بلده، وواجه الكونجرس من أجل إتمام بناء أسطول بحري حقيقي، ومن المبدأ والالتزام أنفسهما أكد سبيكمان أن “الجغرافيا هي المحدد الرئيسي لتشكيل سياسة قومية؛ لأنها دائمة؛ ولأن المحددات الجغرافية للدولة ثابتة نسبية وغير قابلة للتغيير، وغدت طموحاتها الجغرافية مطابقة لما كانت عليه في قرون سابقة، ولأن العالم لم يحقق بعد الوضعية المرضية التي لا تدخل فيها احتياجات البعض في صراع مع البعض الآخر، تطل هذه الطموحات مصدرًا للاحتكاكات الخصومات. وبما أن أساس الدولة القومية هو الإقليم؛ فان سياسات الحكومات تعمل على تماسكه وتعزيز مكانته ضمن الأقاليم الأخرى، كما تضفي عليه هوية قومية؛ وهو ما سماه هاوسهوفر “الشخصية الجيوبوليتيكية” للدولة؛ فالاستراتيجيات والتكتيكات العسكريّة توضع للدفاع عن جغرافيا الدولة و”شخصيتها”، وتشتغل الرؤى الجيوبوليتيكية كمرجعيات لذلك.
وعلى الرغم من التّراجع النّسبي لعلم الجيوبوليتيك وللتفكير الجغرافي بعد سقوط النازية والفاشيّة، إلّا أنّ حقبة الحرب الباردة كانت على العموم التجسّد الحقيقي للصراع الأزلي بين قوى البر، وقوى البحر في التفكير الكلاسيكي للجيوبوليتيك مثلما يرى الجيوبوليتيكي الرّوسي ألكسندر دوغين، فقد حققت الثنائية الجيوبوليتيكية أحجامًا قصوى، فتماهت فيها التلاسوكراتيا مع الولايات المتحدة، والتيلوروكراتيا مع الاتحاد السوفياتي. وتطابقت حضارة وثقافة وأيديولوجيا كلّ من القوتين مع التقسيم الجيوبوليتيكي للعالم، وبذلك فقد لخصّ واقع المنافسة بينهما كلّ التاريخ الجيوبوليتيكي للمواجهة بين القوتين البحرية والبرية.
المراجع
كتب
1- أحمـد نجـم الديـن وآخـرون، الجغرافيـة البشـرية، جامعـة بغـداد بغـداد، ١٩٧٩.
2- الرشــيدي، وفاء، الفرق بيــن الجيوبوليتيــك والجغرافيــا السياسيّة، ٩ أكتوبــر.
3- ألكســندر دوغيــن، أســس الجيوبوليتيــكا: مســتقبل روســيا الجيوبوليتيكـي، ترجمـة عمـاد حاتـم، دار الكتـاب الجديـدة المتحـدة، طرابلــس، ٢٠٠٤.
4- الوحــدة الإســلامية، تجمع العلمــاء المســلمين فــي لبنــان، »الأمريكيــون والــروس فــي حــروب المنطقــة العربية – إنهــا حــرب الجيوبوليتيك»، الســنة الخامســة عشــر أيار، ٢٠١٦ – حـداد، معيـن، الجيوبوليتيـكا قضايـا الهُويـة والانتماء بيـن الجغرافيا والسياسـة، شـركة المطبوعات للنشـر، بيروت.
5- زبغنيــو بريجنســكي، رقعــة الشــطرنج الكبــرى: الأوليّة الأمريكيّة ومتطلّباتهـا الجيواسـتراتيجيّة، ترجمـة أمـل الشّرقي، الأهليـّة للنشـر والتوزيع، ط2، عمــان.
6- عبـد القـادر محمـد فهمـي، المدخـل إلـى دراسـة الاسـتراتيجية، دار مجدلاوي، عمــان، ٢٠٠٦.
7- عبـد الـرزاق عبـاس حسـين، الإطـار النظـري للجغرافيـة، مطبعـة الإيمـان، بغـداد، ١٩٧٠.
8- علوان،محمـد حمزة، الأُسس والمفاهيـم لعلـم الجيوبولتيـك، ٢٨ كانون أول.
9- فــؤاد حمــه خورشــيد، الجيوبولتيكــس والدعايــة وتضليــل الــرأي العــام، تشــرين ثانــي، ٢٠١١.
10- فـؤاد محمـد الصقـار، دراسـات فـي الجغرافيـة البشـرية، وكالـة المطبوعــات، الكويــت، ١٩٨١.
11- كابــلان، انتقــام الجغرافيــا: مــا الــذّي تخُبرنــا بــه الخرائــط عــن الصراعــات.
12- مثنى مشـعان خلـف المزروعي، المفهوم الحديـث للجيوبولتيكس، من كتـاب التأثيـرات الجيوبولتيكيـة للعولمـة علـى الوطـن العربي، مكتبـة الصور، نيسـان، ٢٠٢٠.
مجلات وجرائد ومواقع إلكترونيّة
13- محمد حمزة، شبكة البناء المعلوماتية، ١٩ كانون أوّل.
14- إضاءات.
15- الكتــب مــن أخضر: جاســم ســلطان طبيــب ومستشــار ومديــر للتخطيــط الاســتراتيجي لعــدد مــن المؤسســات الحكومية والخاصة)، الجغرافيا والحلم العربي القادم – المجلة العربية للعلوم السياسيّة، العدد ٤.
16- الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسيّة والاستراتيجية.
17- الموسوعة السياسيّة، ٢٦ نيسان.
18- صحيفة المثقف، ١٥ حزيران.
19- دنيا الرأي.
20- ويكبيديا.
مراجع أجنبية
21- Anton Barbashin and Hannah Thoburn, «Putin’s Brain, Alexander Dugin and the Philosophy Behind Putin’s Invasion of Crimea,» Foreign Affairs (31 March 2014).
22- Dmitry Shlapentokh, «Dugin Eurasianism: A Window on the Minds of the Russian Elite or an Intellectual Ploy?,» Studies in East European Thought, vol. 59, no. 3 (September 2007), pp.
23- Dugin Eurasianism: A Window on the Minds of the Russian Elite or an Intellectual Ploy. Studies in East European Thought, vol. 59, no. 3
24- Geopolitics Defined”, usu, Retrieved 5/2/2022 (Political Geography-Summary”, sciencedirect, Retrieved،5 February,2022.
25- Ibid Legucka,New Geopolitics,p11.
26- Robert Istove, «Russian Geopolitics and Geopolitics of Russia: Phenomenon of Space,» European Journal of Geopolitics, vol. 1 (2013), pp. 63-65.
[1]– أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة – كلية الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة – علاقات دولية – كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة.
Assistant Professor at the Lebanese University – Faculty of Law, Political and Administrative Sciences International Relations-Faculty of Arts and Human Sciences Email: vbcv5g5@mail.ru
-[2]الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، ٢٠١٤ – ٢٠١٢.
-[3]عبد الرزاق عباس حسين، الجغرافية السياسية مع التركيز على المفاهيم الجيوبولتيكية، مطبعة اسعد، بغداد، ١٩٧٦، ص ٣٨٦.
-[4]الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، م.س.
-[5]مثنى مشعان خلف المزروعي، المفهوم الحديث للجيوبولتيكس، من كتاب التأثيرات الجيوبولتيكية للعولمة على الوطن العربي، مكتبة الصور، ٢٥ نيسان، ٢٠٢٠.
-[6]بريجنسكي، رقعة الشطرنج، ص ١٣.
-[7]محمد حمزة، شبكة البناء المعلوماتية، ١٩ كانون أوّل.
-[8]علوان، محمد حمزة، الاسس والمفاهيم لعلم الجيوبولتيك، م.س.
-[9]أنماط الدراسات الجيوبولتيكية، صحيفة المثقف، ١٥حزيران ٢٠١٧.
-[10]المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد ٤ ، ٢٠٢١.
-[11]الكتب من أخضر: جاسم سلطان طبيب ومستشار ومدير للتخطيط الاستراتيجي لعدد من المؤسسات الحكوميةوالخاصة)، الجغرافيا والحلم العربي القادم.
-[12]ألكسندر دوغين، أسس الجيوبوليتيكا: مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي، ترجمة عماد حاتم، دار الكتاب الجديدة المتحدة، طرابلس، ٢٠٠٤.
-[13]أحمد نجم الدين وآخرون ، الجغرافية البشرية ، جامعة بغداد ، بغداد، ١٩٧٩، ص ٢.
-[14]عبد الرزاق عباس حسين ، الاطار النظري للجغرافية ، مطبعة الايمان، بغداد، ١٩٧٠، ص١٩.
-[15]فؤاد محمد الصقار، دراسات في الجغرافية البشرية، وكالة المطبوعات، الكويت، ١٩٨١، ص ٢١.
-[16]الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية.
-[17]تقوم نظرية داروين على افتراض أن استمرار وبقاء الكائن الحي يتوقف على مدى قدرته على التكيف وأن التكاثر هو دليل التكيف وأن الكائنات الحية تكافح من اجل البقاء اي (الإنتقاء الطبيعي) ويكبيديا.
-[20]إضاءات، الجيوبولتيك او كيف نفهم السياسة الخارجية للدولة، ٢١ تشرين اول.
-[21]دنيا الوطن؛ بحث في “الإطار المفاهيمي والنظري لعلم الجيوبولتيك”، ١٨ كانون أوّل، ٢٠١٢.
-[23]المرجع الألكتروني للمعلوماتية، علوان محمد حمزة، الفرق بين الجغرافيا السياسية والجيوبولتيكا، ١٥ كانون ثاني ٢٠٢٢.
[24]– Political Geography-Summary”, sciencedirect, Retrieved،5 February,2022
[25]– Geopolitics Defined”, usu, Retrieved 5/2/2022.
-[27]فؤاد حمه خورشيد، الجيوبولتيكس والدعاية وتضليل الرأي العام، ١٦ تشرين ثاني، ٢٠١١.
-[28]حداد، معين، الجيوبوليتيكا قضايا الهُوية والانتماء بين الجغرافيا والسياسة، شركة المطبوعات للنشر، بيروت، ٢٠٠٢.
-[29]الموسوعة السياسية، ٢٦ نيسان ٢٠١٤.
-[30]حمزة علوان، الموسوعة الجزائرية، ن. م.
-[31]الموسوعة الجزائرية، ١٢/٦/ ٢٠١٩.
-[35]الموسوعة الجزائرية، م. س.
-[36]الوحدة الاسلامية، تجمع العلماء المسلمين في لبنان، “الأمريكيون والروس في حروب المنطقة العربية – إنها حرب الجيوبوليتيك”، السنة الخامسة عشر. العدد ١٧٣ ـأيار ٢٠١٦.
-[37]الوحدة الاسلامية، تجمع العلماء المسلمين في لبنان، م.س
-[38] عبد القادر محمد فهمي، المدخل إلى دراسة الاستراتيجية،دار مجدلاوي،عمان، ٢٠٠٦، ص ١١
-[39]زبغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى: الأولية الأمريكية ومتطلباتها الجيواستراتيجية، ترجمة أمل الشرقي، ط٢،الأهلية للنشر والتوزيع،ط٢،عمان ،ص ٤٧-٤٨
[41]– Robert Istove, «Russian Geopolitics and Geopolitics of Russia: Phenomenon of Space». European Journal of Geopolitics, vol. 1 (2013), pp. 63-65.
[42]– Anton Barbashin and Hannah Thoburn, «Putin’s Brain, Alexander Dugin and the Philosophy Behind Putin’s Invasion of Crimea,» Foreign Affairs (31 March 2014), pp. 1-2
[43]– Ibid
[44]– Dugin Eurasianism: A Window on the Minds of the Russian Elite or an Intellectual Ploy?,» Studies in East European Thought, vol. 59, no. 3 (September 2007), pp. 219-220, <https
[46]– Legucka,New Geopolitics,p11
[47]– Ibid
[48]– Kupchan, The End of American Era, U. S Foreign Policy and the Geopol-itics.