تأثير البيانات في إدارة المؤسَّسات الخاصَّة
The impact of data on the management of private enterprises
Mahmoud Jazzini محمود جزّيني([1])
Mr. Dr. Abdullah Rizq أ.د. عبد الله رزق([2])
تاريخ الإرسال: 18-4-2024 تاريخ القبول:30-4-2024
https://aif-doi.org/awraq/013103
ملخّص
يؤدّي استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصَّة دورًا محوريًّا في تحقيق النَّجاح، والقدرة التَّنافسيَّة في العصر الرَّقمي، كما يساعد تحليل البيانات على اتّخاذ قرارات استراتيجيَّة مبنيّة على الأدلّة، وتحسين تجربة العملاء، والكفاءة الدَّاخليَّة والإنتاجيّة، وزيادة الفعاليّة التّسويقيّة والمبيعاتيّة. هذا بالإضافة إلى أنّه يمكن لاستخدام البيانات أن يساعد على اكتشاف الفرص الجديدة، وتحقيق الابتكار. ومع ذلك، يجب على المؤسَّسات مواجهة التّحدّيات، مثل الخصوصيّة، والأمان، وجودة البيانات، وتبنّي استراتيجيَّات فعّالة لتطوير إدارة البيانات، تتضمّن التّكنولوجيا المناسبة، وتطوير مهارات الموظّفين، وتعزيز ثقافة البيانات داخل المؤسّسة.
وباستخدام هذه الاستراتيجيّات، يمكن للمؤسّسات الخاصّة تحقيق العديد من الفوائد، والنَّجاح في السُّوق.
الكلمات المفتاحيَّة:بيانات، إدارة، مؤسَّسات خاصّة، تحليل، قرارات، تسويق، عملاء، كفاءة، استراتيجيّة، تنافسيّة، خصوصيّة، أمان، فوائد، تحسين، تطوير، ثقافة، تدريب، تكنولوجيا، استراتيجيّات، إنتاجيَّة.
Abstract
The use of data in managing private enterprises plays a crucial role in achieving success and competitiveness in the digital age. Data analysis helps make evidence-based strategic decisions, improve customer experience, improve internal efficiency and productivity, and increase marketing and sales effectiveness. In addition, using data can help discover new opportunities and drive innovation. However, organizations must address challenges such as privacy, security, and data quality, and adopt effective data management development strategies that include appropriate technology, developing employee skills, and enhancing a data culture within the organization. Using these strategies, private enterprises can achieve many benefits and achieve success in the market.
المقدِّمة
في عصر الثّورة الرّقميّة الّتي نعيشها، تتسارع وتيرة التّطوُّر التّكنولوجيّ بشكلٍ لم يسبق له مثيل، ممَّا يفتح أمام المؤسَّسات الخاصّة فرصًا جديدة، وتحدّيات متزايدة. وتعدُّ البيانات من أبرز الثَّروات الرَّقميَّة الَّتي تتوفَّر على الشَّركات، وقد أصبحت إدارتها بشكل فعّال، واستخدامها بطريقة ذكيَّة أمرًا لا بدّ منه من أجل نجاح الأعمال في القرن الحادي والعشرين.
ينطلق هذا البحث من الاعتراف بالدَّور الحيويّ الّذي تؤدّيه البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة، فهو يتمحور حول فهم عميق لتأثير البيانات في جميع جوانب العمل التَّنظيميّ. كما أنّه يسلّط الضّوء على كيفيّة تحليل واستخدام البيانات في اتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة، وتحسين العمليّات التّشغيليّة، وتوجيه الاستراتيجيّات التّسويقيّة بناءً على الاحتياجات الفعليّة للعملاء.
ومن خلال استعراض التَّحدِّيات الَّتي تواجهها المؤسّسات الخاصّة في استخدام البيانات، سواء كانت تقنيّة أو تنظيميّة، نسعى إلى تحديد الحلول الفعّالة، والاستراتيجيَّات القائمة على البيانات لتجاوز هذه التَّحدِّيات، وتحقيق النّجاح المستدام. ومن خلال دراسة الفوائد المترتِّبة على استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة، نتطلَّع إلى تحديد الإضافة القيّمة الّتي تقدّمها البيانات للشّركات، سواء عبر زيادة الكفاءة وتحسين الأداء، أو عبر تحسين تجربة العملاء، واكتشاف فرص جديدة للنُّموّ والتَّطوُّر.
الإشكاليَّة: تتجسّد الإشكاليَّة الأساسيَّة في هذا البحث، من خلال كيفيَّة استخدام البيانات في إدارة المؤسَّسات الخاصَّة لتحقيق الاستفادة القصوى من البيانات مع مواجهة التّحدِّيات المتعدّدة الّتي تواجهها هذه المؤسّسات، ومنها تتفرّع إشكاليّات عدّة، هي:
- هل تساعد التّشريعات على الحفاظ على الخصوصيَّة والأمان الخاصّة ببيانات العملاء؟
- ما مدى الالتزام بجودة البيانات في المؤسّسات؟
- ما التّحدّيات التّقنيَّة والتّنظيميَّة الّتي تواجهها المؤسّسات عند استخدام كميّات كبيرة من البيانات؟
- كيف يمكن تغيير ثقافة المؤسّسة من أجل تعزيز التّوجّه نحو استخدام البيانات في اتّخاذ القرارات؟
- هل تستطيع المؤسّسات تحمُّل التَّكاليف المرتبطة بتطوير وتنفيذ أنظمة إدارة البيانات المتقدِّمة، وتوفير التَّدريب والتّعليم المناسبين للموظَّفين؟
تتطلَّب مواجهة هذه الإشكاليَّات تطبيقًا للاستراتيجيّات الشّاملة، وتعاونًا مشتركًا بين مختلف الأقسام داخل المؤسَّسة، بالإضافة إلى التزام كامل بالممارسات الأخلاقيَّة والقوانين المعمول بها. وتفتقر معظم المؤسَّسات الخاصّة إلى ثقافة بيانات قويّة، ممّا يؤثر سلبًا في قدرتها على استخدام البيانات بشكل فعّال في عمليّاتها. كما يمكن لتطبيق التِّكنولوجيا المتقدِّمة في جمع وتحليل البيانات أن يواجه تحدِّيات تقنيّة تعيق جودة البيانات وصحّتها. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج المؤسَّسات الخاصّة إلى تطوير سياسات وإجراءات فعّالة لضمان جودة البيانات، وإذا تمّ ذلك بشكل جيِّد، فستكون قادرة على تحقيق الفوائد الكاملة من استخدامها، ويمكن لتوجيه الاستثمار في تطوير مهارات وثقافة البيانات داخل المؤسّسات الخاصّة أن يؤدِّي إلى تحسين كفاءتها وأدائها التّشغيليّ.
المنهج المعتمد: تتطلّب طبيعة البحث اعتماد المنهج الوصفيّ التَّحليليّ الّذي يقوم بدراسة الظّاهرة كماهي في الواقع، ويهتمّ بوصفها وصفًا دقيقًا، ثمّ يعمل على تحليلها، ومقاربتها وفق المعطيات الحاليّة، وبما يمكن أن ينتج عنها مستقبلًا.
الفرضيَّات: تتمحور الفرضيَّات حول فكرة أنَّ استخدام البيانات بشكل فعّال في إدارة المؤسّسات الخاصّة، يمكن أن يكون مصدرًا للتّنافسيّة والنّجاح في السُّوق، وبالتَّالي، تجد الفرضيَّة أنّ تطبيق استراتيجيّات إدارة البيانات الفعّالة يمكن أن تساعد المؤسّسات على تحقيق الفوائد الكبيرة من البيانات، وتحقيق التَّميُّز في السُّوق، مثل تحسين تجربة العملاء، وتحسين الكفاءة الدَّاخليَّة، وزيادة الإنتاجيّة، وتحسين التّسويق والمبيعات، واكتشاف الفرص الجديدة للتَّوسُّع والنُّمو.
ومن أجل إثبات هذه الفرضيَّة، يتعيَّن على البحث أن يقدِّم أدلَّةً ومعطياتٍ تدعم فعاليَّة استخدام البيانات في المؤسّسات الخاصّة.
- من الممكن إيجاد ثقافة بيانات قويَّة في المؤسّسات الخاصّة.
- قد يتحقّق التّوازن بين استخدام البيانات وحماية الخصوصيّة.
- قد تستطيع المؤسّسات الخاصّة مواجهة التّحدِّيات التِّقنيَّة في جمع وتحليل البيانات الكبرى.
- هناك سياسات وإجراءات معيّنة تقوم بها المؤسّسات الخاصّة من أجل ضمان جودة البيانات.
- من الممكن حصول توازن بين الجانب التِّكنولوجيّ والجانب البشريّ في استخدام البيانات في المؤسّسات الخاصّة.
الأهداف: هناك الكثير من الأهداف الّتي يسعى البحث إلى تحقيقها، وهي على الشّكل الآتي:
- فهم دور وأهمِّيّة استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة.
- تحليل الفوائد المترتّبة على استخدام البيانات في تحقيق أهداف المؤسّسة، وتحسين أدائها.
- استكشاف التّحدّيات والمشكلات المرتبطة بإدارة البيانات، وتحديد الحلول المناسبة لها.
- دراسة أثر استخدام البيانات على الكفاءة، والإنتاجيّة، وتجربة العملاء، والتّسويق، والمبيعات.
- تقديم توصيات عمليّة لتحسين إدارة البيانات، وزيادة إفادتها في المؤسّسات الخاصّة.
- استكشاف الفرص الجديدة الّتي يمكن أن تتاح من خلال تطبيق تقنيّات إدارة البيانات المتقدّمة، مثل التَّعلُّم الآلي، وتحليل البيانات الضّخمة.
- فحص أثر استراتيجيَّات إدارة البيانات على التّنافسيّة والنّجاح العمليّ للمؤسّسات الخاصّة في سوقها.
- تقديم إطار عمل مفصّل، يوفِّر توجيهًا عمليًّا لتنفيذ استراتيجيّات إدارة البيانات بفعاليّة في المؤسّسات الخاصّة.
إنَّ تحديد الأهداف بشكل واضح يساعد على توجيه البحث، وتحديد نطاقه، والجوانب الّتي يجب التّركيز عليها لتحقيق النّتائج المرجوّة.
أوّلًا: دور البيانات في إدارة المؤسَّسات الخاصَّة
يعدّ دور البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة أساسيًّا وحيويًّا في العصر الرّقمي الحالي، ويشمل جوانب عدّة، هي:
- اتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة: تمكّن البيانات المتاحة من توجيه القرارات الاستراتيجيّة للمؤسّسة، سواء كان ذلك فيما يتعلَّق بالتّوسُّع في السُّوق، أو تحديد الخطط الاستثماريَّة، أو تحديد الاتّجاهات المستقبليَّة.
- تحليل السُّوق والعملاء: تمكّن البيانات المتاحة المؤسّسات من فهم سلوك السّوق واحتياجات العملاء بشكل أفضل، ممّا يساعدها على تحديد استراتيجيَّات التّسويق، والبيع، وتحسين تجربة العملاء.
- تحسين العمليّات الدّاخليّة: من خلال تحليل البيانات، إذ تستطيع المؤسّسة من خلالها تحسين العمليَّات الدّاخليّة، مثل الإنتاج، والتَّوريد، وإدارة المخزون، والتّوزيع، ممّا يؤدِّي إلى زيادة الكفاءة، وتقليل التّكاليف.
- تحليل أداء المنتجات والخدمات: يساعد تحليل البيانات على فهم أداء المنتجات، أو الخدمات المقدّمة من قبل المؤسّسة، ويمكن أن يسهم في تحسينها وتطويرها لتلبية احتياجات السُّوق بشكل أفضل.
- الابتكار والتّطوير: تعزّز البيانات الابتكار والتّطوير داخل المؤسسة، إذ يمكن استخدامها لاكتشاف الفرص الجديدة، وتطوير منتجات أو خدمات جديدة تلبّي احتياجات العملاء بشكل أفضل.
- تحسين تجربة المستخدم: يمكن للبيانات أيضًا تحسين تجربة المستخدم من خلال تحليل سلوك المستخدمين، وتقديم تجارب أكثر تخصيصًا وفعاليَّة.
1-1 تحليل البيانات لاتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة: إنَّ التَّحليل الفعّال للبيانات هو أحد أهمّ الأدوات الّتي تستخدمها المؤسّسات الخاصّة في اتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة، إذ يساعد على فهم الاتّجاهات السّوقيّة، وتحديد المجالات الّتي تحتاج إلى تطوير، والفرص الجديدة. على سبيل المثال، يمكن لتحليل البيانات أن يكشف عن اتّجاهات العملاء وتفضيلاتهم، ممّا يمكِّن المؤسّسة من تطوير منتجات جديدة، أو تحسين الخدمات الحاليّة بشكلٍ يلبِّي تلك الاحتياجات (السّلامة، 2020، ص 78-94).
- استخدام البيانات لتحسين العمليَّات التّشغيليَّة: يعدّ استخدام البيانات لتحسين العمليَّات التّشغيليّة عملًا محوريًّا لتحقيق التَّنافسيّة والكفاءة في الأداء، من خلال تحليل بيانات العمليّات، إذ يسمح للمؤسّسات بتحديد المجالات الّتي تحتاج إلى تحسين، وتحديد العمليَّات الفعّالة وغير الفعّالة، وبناء استراتيجيَّات لتحسين تلك العمليّات. على سبيل المثال، يمكن للبيانات أن تكشف عن العقبات الّتي تواجه عمليّة الإنتاج أو التّوزيع، ممّا يدفع المؤسّسة إلى اتّخاذ إجراءات فعّالة لتحسين تلك العمليّات، وزيادة كفاءتها(المالكي، 2017، ص 120-135).
1-3 توجيه الاستراتيجيَّات التّسويقيّة بناءً على البيانات: تقوم البيانات بتوجيه استراتيجيَّات التّسويق، وتحديد الطّرق الفعّالة للتّواصل مع العملاء، فمن خلال تحليل البيانات، يمكن للمؤسَّسات فهم سلوك العملاء واحتياجاتهم بشكل أفضل، وبالتّالي القيام بتطوير استراتيجيّات تسويقيَّة تستهدف هذه الاحتياجات بدقّة. على سبيل المثال، يمكن استخدام البيانات لتحديد الفئات العمرية المستهدفة وتفضيلاتهم، وبناء حملات تسويقيّة محدّدة تلبّي احتياجات تلك الفئات بشكل فعّال (الشّهري، 2019، ص 45-62).
ثانيًا: تحدّيات استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة
تتلخّص تحدِّيات استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة، بالآتي:
- الخصوصيّة والأمان: يتطلّب استخدام البيانات الحسّاسة للمؤسّسة توفير آليّات قويّة للحفاظ على خصوصيّة البيانات، وحمايتها من التَّسريبات والاختراقات.
- جودة البيانات: تواجه المؤسَّسات تحدّياتٍ فيما يتعلَّق بجودة البيانات، مثل البيانات غير الكاملة، أو غير الدَّقيقة، ما يؤثّر في دقَّة التّحليلات والقرارات الّتي تعتمد عليها.
- التّنوُّع والتّعقيد: تكون البيانات المتاحة متنوّعة ومعقّدة، ممّا يجعل عمليّة تحليلها وفهمها أكثر تعقيدًا، ويتطلَّب مهارات تحليليَّة متقدِّمة.
- التّكلفة: يمكن أن تكون تكاليف جمع، وتخزين، وتحليل البيانات مرتفعة، خصوصًا عند استخدام تقنيَّات متقدّمة، مثل التّعلُّم الآلي، والذّكاء الاصطناعيّ.
- التّشريعات والتّنظيمات: قد تواجه المؤسَّسات تحدّياتٍ قانونيّة وتنظيميّة فيما يتعلّق بجمع واستخدام البيانات، ممّا يتطلّب الامتثال إلى مجموعة متنوّعة من القوانين، والتّشريعات المحلِّيَّة والدَّوليّة.
- ثقافة المؤسَّسة: قد تواجه المؤسّسات تحدِّياتٍ في تغيير ثقافة المؤسّسة، لتكون أكثر توجّهًا نحو البيانات، وتشجيع الموظّفين على استخدام البيانات في اتّخاذ القرارات.
إنّ تجاوزهذه التَّحدِّيات يتطلّب استراتيجيّات شاملة تتضمنّ تطوير سياسات قويّة للبيانات، وتوفير التّدريب والتّعليم للموظّفين، واستخدام التّكنولوجيا المناسبة لإدارة وتحليل البيانات بفعاليّة، بالإضافة إلى الامتثال الكامل للقوانين والتشريعات ذات الصّلة.
2-1 حماية البيانات والخصوصيَّة: إنَّ حماية البياناتن وضمان الخصوصيّة هي من أهمّ التّحدِّيات الّتي تواجهها المؤسّسات الخاصّة في استخدام البيانات. كما يجب على المؤسَّسات وضع سياسات وإجراءات قويّة لحماية البيانات من الاختراقات والتّسريبات، وضمان الامتثال إلى التّشريعات واللّوائح المتعلّقة بحماية البيانات الشّخصيّة (لحمادي، 2019، ص 102-118).
- تحليل البيانات الكبرى والتَّحدِّيات التّقنيَّة: تواجه المؤسَّسات التّحدِّيات التّقنيّة في تحليل البيانات الكبرى، واستخراج القيمة منها، إذ تتطلَّب عمليّات التّحليل تقنيّات وأدوات متقدّمة لمعالجة حجم البيانات الهائلة بشكل فعّال وسريع. ويجب على المؤسّسات الاستثمار في بنية تحتيّة تقنيّة قويّة، وتطوير مهارات فريق العمل في التّحليل البيانيّ، والذّكاء الاصطناعيّ (العمودي، 2018، ص 45-58).
2-3 ضمان جودة البيانات وتحسينها: يعدّ عنصر جودة البيانات أساسيًّا في اتّخاذ القرارات الصَّحيحة والنَّاجحة، إذ تواجه المؤسَّسات تحدِّياتٍ في تأمين بيانات دقيقة وموثوقة، وتطهير البيانات من الأخطاء والتّكرارات. ويتطلَّب ضمان جودة البيانات تطبيق أساليب وأدوات لضمان دقّة البيانات، وتنظيفها بانتظام (السّعدي، 2020، ص 60-75).
- تحويل البيانات إلى معلومات قيِّمة: يواجه العديد من المديرين تحدّي تحويل كمّيَّات كبيرة من البيانات إلى معلومات قيِّمة، وصالحة للاستخدام في عمليَّات اتّخاذ القرارات. ويتطلّب هذا الأمر، تطوير استراتيجيّات فعّالة لتحليل البيانات، واستخدام التّقنيَّات المناسبة لاستخراج القيمة من البيانات، وتحويلها إلى معلومات مفيدة (الحديدي، 2017، ص 88-104).
ثالثًا: استراتيجيَّات تطوير إدارة البيانات في المؤسّسات الخاصّة
يتطلّب تطوير إدارة البيانات في المؤسّسات الخاصّة استراتيجيَّاتٍ شاملة، تتضمَّن العناصرالآتية:
- وضع استراتيجيَّة للبيانات: يجب على المؤسّسات وضع استراتيجيّة متكاملة لإدارة البيانات، تتضمّن أهدافًا واضحة، وخطط عمل لجمع، وتخزين، واستخدام البيانات بشكل فعّال.
- استثمار في التّكنولوجيا المناسبة: ينبغي للمؤسّسات الاستثمار في أنظمة إدارة البيانات المتقدّمة، والتّكنولوجيا المناسبة لجمع، وتخزين، وتحليل البيانات، مثل أنظمة CRM وأنظمة Big Data وحلول السّحابة.
- تطوير المهارات والتَّدريب: يجب على المؤسّسات تطوير مهارات موظّفيها في مجال إدارة البيانات، وتقديم التّدريب والتّعليم المناسبين لهم، لفهم كيفيّة استخدام البيانات بشكل فعّال في أعمالهم اليوميّة.
- تعزيز ثقافة البيانات: يجب على المؤسَّسات تعزيز ثقافة البيانات داخل المؤسَّسة، وتشجيع الموظَّفين على استخدام البيانات في اتّخاذ القرارات وتحليل النَّتائج، وتعزيز التَّعاون بين الأقسام المختلفة لتحقيق أقصى استفادة من البيانات.
- توفير الأمان والخصوصيَّة: يجب على المؤسَّسات تطبيق إجراءات أمنيَّة قويَّة لحماية البيانات، وضمان خصوصيَّتها، بما في ذلك تشفير البيانات، وتطبيق سياسات الوصول، والامتثال إلى القوانين والتَّشريعات ذات الصِّلة.
- تحليل وتقييم الأداء: يجب على المؤسَّسات تحليل، وتقييم أداء استراتيجيّات إدارة البيانات بشكلٍ دوريّ، واتّخاذ التّحسينات اللّازمة لتحقيق الأهداف المحدّدة.
إن تنفيذ الاستراتيجيّات، يمكّن المؤسّسات الخاصّة من تحسين إدارة البيانات، واستخدامها بشكل فعّال، ممَّا يساهم في تحسين الأداء التّنظيميّ وتحقيق النّجاح في السُّوق.
3-1 توظيف المهارات والخبرات المتخصّصة في إدارة البيانات: في عالمٍ يتزايد فيه الاعتماد على البيانات، يصبح توظيف الكوادر المتخصّصة في إدارة البيانات أمرًا حيويًّا، ويشمل ذلك، توظيف علماء البيانات، ومحلّليهم، ومديري البيانات الّذين يمتلكون المهارات والخبرات اللّازمة لفهمها بشكلٍ عميق، واستخدامها بشكل فعّال لدعم اتّخاذ القرارات. وبالاعتماد على هذه الكوادر المتخصّصة، يمكن للمؤسّسات تحليل البيانات بشكلٍ أكثر دقّة، وتحويلها إلى رؤًى قيّمة تدعم النُّموّ والتّطوّر (الزّهراني، 2018، ص 55-70).
3-2 اعتماد التّكنولوجيا المتقدِّمة في جمع وتحليل البيانات: تؤدّي التّكنولوجيا المتقدّمة دورًا هامًّا في تحسين إدارة البيانات في المؤسّسات الخاصّة، إذ يشمل هذا الدّور، استخدام التّقنيَّات الحديثة، مثل الذّكاء الاصطناعيّ، وتعلُّم الآلة في جمع وتحليل البيانات، بالإضافة إلى الحوسبة السّحابيَّة، والتّخزين الضَّخم للبيانات. هذه التّقنيّات تساعد على تسريع عمليّة التّحليل، واستخراج الرّؤى من البيانات، ممّا يتيح للمؤسّسات اتّخاذ قرارات مستنيرة بناءً على بيانات موثوقة ومحدّثة (سلطان، 2017، ص 88-102).
3-3 تطوير سياسات وإجراءات للحفاظ على جودة البيانات: تواجه المؤسّسات تحدِّياتٍ في ضمان جودة البيانات ودقّتها، وهذا يتطلّب وضع سياسات وإجراءات محدّدة للحفاظ على جودة البيانات. يمكن أن تشمل هذه السّياسات معايير جودة البيانات، وإجراءات التّحقّق من دقّة البيانات، وتوثيق العمليَّات المتعلّقة بجمع وتحليل البيانات. إذًا، ومن خلال تطبيق هذه السِّياسات والإجراءات، يمكن للمؤسّسات الاعتماد على بيانات ذات جودة عالية لاتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة (الجوهرة، 2018، ص 75-90).
3-4 تعزيز ثقافة البيانات وتوعية الموظّفين: إنّ تشجيع ثقافة التّحليل البيانيّ، والاستفادة من البيانات في عمليّات اتّخاذ القرارات هو موضوع أساسيّ. إذ يجب على المؤسّسات تعزيز ثقافة البيانات داخل الشّركة، وتوعية الموظّفين على أهمِّيَّة البيانات في تحسين الأداء، وتحقيق الأهداف المؤسّساتية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم دورات تدريبيَّة حول التّحليل البيانيّ، والقيام بتوجيهات لاستخدام البيانات في العمل اليوميّ (المقصود، 2020، ص 110- 125).
3-5 الفوائد المترتّبة على استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة: يعدُّ استخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة مصدرًا للكثير من الفوائد، من بينها:
- اتّخاذ قرارات مستنيرة: يُمكن للبيانات المتاحة توجيه قرارات إداريّة، واستراتيجيّة مبنيّة على الأدلّة، والتّحليلات الدَّقيقة، ممّا يزيد من فرص النّجاح، ويقلِّل من المخاطر.
- تحسين تجربة العملاء: بفضل تحليل البيانات، يمكن للمؤسّسات فهم احتياجات العملاء بشكل أفضل، وتقديم تجارب متخصّصة ومحسّنة، ممّا يؤدّي إلى رضا العملاء.
- تحسين الكفاءة والإنتاجيَّة: يمكن لتحليل البيانات مساعدة المؤسّسات على تحسين عمليّاتها الدّاخليَّة، وتحسين الكفاءة الإنتاجيَّة، وتقليل التكاليف بفعالية.
- تحسين التّسويق والمبيعات: بفضل فهم عميق لسلوك العملاء واحتياجاتهم، يمكن للمؤسّسات استهداف السُّوق بشكل أفضل، وتحسين جودة استراتيجيّات التّسويق والمبيعات.
- زيادة التّنافسيّة: باستخدام البيانات بشكل فعّال، يمكن للمؤسّسات تحسين موقعها التّنافسيّ في السُّوق، والتّفوُّق على المنافسين من خلال تقديم منتجات وخدمات أفضل، وأكثر تنوّعًا.
- اكتشاف الفرص الجديدة: تساعد البيانات على اكتشاف الفرص الجديدة في السُّوق، وفهم اتّجاهات الصّناعة، ممّا يمكّن المؤسّسات من التّطوُّر والنّمو بشكلٍ دائم.
باختصار، إنَّ استخدام البيانات في إدارة المؤسَّسات الخاصّة، يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحسين الأداء التّنظيميّ، وتعزيز التّنافسيّة، وبناء علاقات أقوى مع العملاء، وتحقيق النّجاح في السُّوق.
3-6 زيادة الكفاءة وتحسين الأداء التّشغيليّ: يسهم استخدام البيانات بشكل فعّال في زيادة الكفاءة، وتحسين الأداء التّشغيليّ للمؤسّسات الخاصة. إذ من خلال تحليل البيانات، يمكن للمديرين تحديد المناطق الَّتي تحتاج إلى تحسين، وتطوير العمليّات الدّاخليّة. على سبيل المثال، يمكن استخدام البيانات لتحليل تكاليف الإنتاج، وتحديد العمليّات غير الفعّالة، وتحسينها، ممّا يؤدّي إلى توفير الموارد وزيادة الرّبحيَّة (Kim, 2019)
3-7 اتّخاذ قرارات أكثر دقّة وتوجيهها بناءً على البيانات: إنَّ وجود بيانات دقيقة وموثوقة هو موضوع مساعد على اتّخاذ القرارات الصّحيحة والمستنيرة؛ وباستخدام البيانات في عمليّات اتّخاذ القرارات، يمكن للمديرين فهم الاتّجاهات والتّوجّهات بشكل أفضل، وتحديد الفرص والتّحدّيات بدقّة، واتّخاذ الإجراءات الصّحيحة في الوقت المناسب. هذا يؤدّي في النّهاية إلى تحسين استجابة المؤسّسة للتّغيُّرات في السّوق، وزيادة قدرتها على التّنبُّؤ بالمستقبل (Provost, 2019).
3-8 تحسين تجربة العملاء وتلبية احتياجاتهم بشكل أفضل: من خلال تحليل البيانات الخاصَّة بالعملاء، يمكن للمؤسّسات الخاصّة فهم احتياجاتهم بشكلٍ أفضل، وتحسين تجربتهم. كما يمكن استخدام البيانات لتحليل سلوكهم وتفضيلاتهم، وبناء استراتيجيّات تسويقيّة متخصّصة، الأمر الّذي يعزّز رضا العملاء، ويزيد من فرص الاحتفاظ بهم، ويساهم في زيادة الإيرادات، وتحقيق النّموّ المستدام للمؤسّسة(Redwan, 2019)
3-9 اكتشاف فرص جديدة للابتكار والتّطوير: إنَّ استخدام البيانات بشكل فعّال، يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للابتكار والتَّطوير في المؤسّسات الخاصّة؛ إذ عن طريق تحليل البيانات، يمكن للمديرين تحديد الاتّجاهات الجديدة في السّوق، وفهم احتياجات العملاء المستقبليّة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام البيانات لاكتشاف الفجوات في السُّوق، وتحديد المجالات الَّتي تحتاج إلى تطوير وابتكار منتجات أو خدمات جديدة. هذا الموضوع، يمكن أن يساهم في تعزيز التّنافسيّة، وزيادة قدرة المؤسّسة على التّكيُّف مع التّغيُّرات في البيئة التّنافسيّة. (Westerman, 2014)
الخاتمة: إنَّ الفوائد الكثيرة لاستخدام البيانات في إدارة المؤسّسات الخاصّة، تعمل على إيضاح أهمِّيّة هذا العنصر في تحسين الأداء، وتعزيز التَّنافسيّة من خلال تحليل البيانات بشكل دقيق، باحتساب أنَّ البيانات هي أحد أهمّ الموارد في العصر الرّقمي، إذ إنَّ فهم كيفيّة استخدامها يمثِّل عاملًا مهمًّا في نجاح المؤسَّسات الخاصّة في سوقها التّنافسيّ، عبر تحليل البيانات، واستخدامها بشكل مدروس، يمكّن المؤسّسات من تحقيق ميزة تنافسيّة تساهم في النّجاح والاستمراريّة في الأعمال.
يجب على المؤسَّسات مواجهة التّحدِّيات الّتي تواجهها، مثل الخصوصيَّة، والأمان، وجودة البيانات، وتغيير ثقافة المؤسّسة، من خلال تبنّي استراتيجيَّات شاملة، وتكامل الحلول التّقنيَّة المناسبة، وهذا يدفع المؤسّسات إلى تحقيق الآثار الإيجابيَّة من البيانات، والتَّحوُّل إلى منظّمات قائمة على البيانات.
ينبغي للمؤسَّسات الخاصّة أن تكون ملتزمة بالاستمرار في تحسين عمليّات إدارة البيانات، والاستفادة من التَّحوُّلات التّكنولوجيَّة الجديدة لضمان بقائها في مقدّمة التّطوُّرات، وتحقيق النّجاح المستدام في السُّوق، كما يمكنها من خلال الميزات الّتي تقدّمها البيانات في تحسين الأداء، وتحقيق الأهداف الاستراتيجيّة بنجاح.
المراجع العربيَّة
- الجوهرة، نادية (2018). “تطوير سياسات البيانات وإجراءات الجودة: دراسة حالة للشركات الصناعية”،.مجلة الإدارة والتنمية (8)، 75-90.
- حاتم، محمد علي (2018). إدارة البيانات: المبادئ والتّطبيقات. الرّياض: مركز الأبحاث والتّطوير.
- الحديدي، سلمى (2017). تحويل البيانات إلى معلومات قيّمة: دراسة حالة لشركة تجاريّة في قطاع الخدمات الماليّة.
- حمدان، علي (2019). “دور البيانات في تعزيز الابتكار والتّطوير: دراسة حالة للشّركات النّاشئة في قطاع التّكنولوجيا”. مجلّة الابتكار والتّنمية التّكنولوجية (3)، 45-60.
- الزهراني، محمد (2018). “أثر توظيف الكوادر المؤهلة في تحسين إدارة البيانات: دراسة حالة للشركات الخاصة في قطاع التكنولوجيا”. مجلّة إدارة الموارد البشرية (4)، 55-70.
- السّيّد، محمد (2020). إدارة البيانات والذَّكاء الاصطناعي: استراتيجيّة المؤسّسات النّاجحة. الرّياض: دار الحرمين للنّشر.
- السّلامة، عبد الرّحمن (2020). “دور تحليل البيانات في تحقيق التنافسية للمؤسسات الخاصة”. مجلة الاقتصاد والمالية (5)، 78-94.
- السّعدي، ليلى (2020). ضمان جودة البيانات في الشّركات الخاصّة: دراسة تطبيقيّة لعيّنة من الشّركات الصِّناعيّة.
- سلطان، ناصر (2017). “الاعتماد على التّكنولوجيا المتقدّمة في إدارة البيانات: دراسة حالة لشركة تجاريَّة في قطاع الاتّصالات”. مجلَّة تكنولوجيا المعلومات والأعمال (5)، 88-102.
- الشهري، أحمد (2019). توجيه الاستراتيجيّات التّسويقيّة بناءً على تحليل البيانات: دراسة تطبيقيّة على شركة تجاريّة.
- العماوي، عبد الرحمن (2019). استراتيجيَّات البيانات الضّخمة: التّحليل والتّطبيقات. القاهرة: دار النّهضة العربيّة.
- العمودي، ياسر (2018). “تحليل البيانات الكبيرة: التّحدّيات والفرص”. مجلّة تكنولوجيا المعلومات والأعمال (3)، 45-58.
- لحمادي، أحمد (2019). “تحدّيات حماية البيانات في العصر الرّقمي: دراسة حالة للشّركات الخاصّة في قطاع التّكنولوجيا”، مجلّة تكنولوجيا المعلومات والأعمال (7)، 102-118.
- المالكي، نورة (2017). “استخدام تقنيَّات تحليل البيانات في تحسين العمليَّات التّشغيليّة للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة”. مجلَّة الإدارة والتّنمية (3)، 120-135.
- المقصود، رنا (2020). “تعزيز ثقافة البيانات في المؤسّسات الخاصّة: أفضل الممارسات والتّحدِّيات”. مجلّة الإدارة الاستراتيجية (9)، 110-125.
المراجع الأجنبيَّة
- Baesens, Bart. (2014). “Analytics in a Big Data World: The Essential Guide to Data Science and its Applications.” John Wiley & Sons.
- Brown, K. (2019). Data-Driven Process Improvement: Practical Advice for Improving Processes Using Data Analysis. Routledge.
- Chen, H., & Chiang, R. H. (2019). Data-Driven Decision Making and Dynamic Data Management in Big Data. Springer.
- Davenport, T. H. (2019). “Analytics at Work: Smarter Decisions, Better Results”. Harvard Business Review Press.
- Johnson, M. (2018). Data-Driven Marketing: The 15 Metrics Everyone in Marketing Should Know. Wiley.
- Kim, Y., & Kim, J. (2019). Building Data Science Teams. O’Reilly Media.
- (2020). Data Privacy and Security: Practical Strategies for Protecting Personal Data. McGraw-Hill Education Jones.
- Provost, Foster, and Tom Fawcett.(2013). Data Science for Business: What You Need to Know about Data Mining and Data-Analytic Thinking. O’Reilly Media, Inc.
- Provost, F., & Fawcett, T. (2019). Data Science for Business: What You Need to Know about Data Mining and Data-Analytic Thinking. O’Reilly Media.
- Redman, Thomas C. (2019). “Data Driven: Creating a Data Culture.” Harvard Business Review Press.
- Smith, J. (2018). Big Data Analytics: Turning Big Data into Big Money، الناشر: Wiley.
- Westerman, G., Bonnet, D., & McAfee, A. (2014). “Leading Digital: Turning Technology into Business Transformation”. Harvard Business Review Press.
[1]– طالب دكتوراه في جامعة الجنان – في لبنان- قسم إدارة الأعمال- الإدارة الاستراتيجية في تطوير القطاع الزراعي في لبنان- منطقة البقاع الغربي
Doctoral student at Jinan University – Department of Business Administration mahmoudjezzini123@gmail.com Email:
Dr. At the Lebanese University – Faculty of Business Administration and Economics – he is currently a lecturer at Jinan University Email :ab-rizk@hotmail.com