foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

النّسويّة في مقاربة اجتماعيّة سياسيّة تناقش أفكار “مارغوت بدران” العلمانيّة الإسلاميّة

0

النّسويّة في مقاربة اجتماعيّة سياسيّة تناقش أفكار “مارغوت بدران” العلمانيّة الإسلاميّة

Feminism in a socio-political approach discusses the Islamic secular ideas of Margot Badran.

Ziad Hamdan زياد حمدان[1]

تاريخ الإرسال:22-5-2024                           تاريخ القبول5-6-2024

زياد حمدان

تحميل نسخة PDF

الملخص

تناقش هذه المقالة المعايير الذي يشكل اعتمادها إطارًا مرجعيًّا فكريًّا لواحد أو أكثر من التّيارات النّسويّة الراهنة ويمكن من خلاله تصنيف النّسويّة بأنواعها وممارساتها المختلفة تصنيفًا غير منسلخٍ عن المنظور الاجتماعي ومتوافق نسبيًّا مع ما تقدمه أنطولوجيا النّسويّة االتّوصيفيّة والتّجسيديّة. تتضمن هذا المقالة تحليلًا سسيولوجيًّا للنّسويّة بوصفها إحدى كبريات قضايا المجتمع وأكثرها جدارة في الاستمرار، كما تتضمن طرحًا معياريًّا للنّسويّة بوصفها الاجتماعي، السياسي والأيديولوجي، وبمحدداتها الأكثر رواجًا: المساواة والجنسانيّة، وذلك من خلال رأي “مارغوت بدران”[1] المفكرة المتخصصة في مجال النّسويّة الإسلاميّة. أمّا ما تنتهي إليه هذه المقالة هو فتح الباب مشرّعًا لإعادة الّنظر في ما هو اعتباريّ مصدره النّسويّة كحقيقة اجتماعيّة من جهة وما هو معياري لا يطابقه بالضرورة تحدده قواعد نظرية سياسيّة وفلسفيّة من جهة أخرى.

الكلمات المفتاحيّة: النّسويّة، النّسويّة الإسلاميّة، مارغوت بدران، النّظريّة الاجتماعية، النّظريّة السياسيّة.

Abstract

This article discusses the criteria whose adoption constitutes an intellectual frame of reference for one or more of the current feminist trends, through which feminism of its various types and practices can be classified in a classification that is not detached from the social perspective and is relatively compatible with what the descriptive and embodiment feminist ontology offers. This article includes a sociological analysis of feminism as one of the major issues in society and the one most deserving of continuation. It also includes a standard presentation of feminism in its social, political and ideological descriptions, and with its most popular determinants: equality and sexuality, through the opinion of Margot Badran, a thinker specialized in the field of Islamic feminism. What this article concludes with is opening the door to reconsider what is legal and comes from feminism as a social fact on the one hand, and what is normative that does not necessarily correspond to it and is determined by political and philosophical theoretical rules on the other hand.

Keywords : Feminism, Islamic feminism, Margot Badran, Social theory, Political theory
المقدمة

توجه النّظريّة الاجتماعية سؤالها المحوري حول كينونة الحركة النّسويّة وماهيتها كظاهرة اجتماعيّة، فتغوص تحليلًا في مصادر شرعيتها الاجتماعية. أمّا النّظريّة السياسيّة فهي معيارية بتركيبها، تبذل قصارى جهدها في كشف أشكال النّسويّة وتنميطها معياريًّا داخل أنماط السّلطة والحكم والفعل السياسي. وإذا ما نظرنا الى كلا النظريتين سنجد مشهدًا وهميًّا من التّكامل في مسألة الشّرعيّة، فالنّظريّة الاجتماعية تبحث عن شرعيّة السّلوك النّسوي في أفعال الجهات الفاعلة الاجتماعية ومعتقداتها، في حين أن النّظريّة السياسيّة تشكل مختبرًا معياريًّا للشّرعية ذاتها في المظهر السياسي. ولكن كيف للمعايير السياسية أن تؤطر أفعالًا اجتماعيّة تفوقها ديناميةً وتدفع الى تعديلها باستمرار؟ وهل هي تعكس ما يماثلها في الحقوق والمشاركة، أم أنّها تتخطاه نحو استراتجيات التغلغل في المجتمعات والتّحكم ببنيتها؟ إذن، وبموجب شكِّيتنا الباحثة المُضمَرة، وكلما تنامت الحركيّة النّسويّة في الميدان الاجتماعي، بات علينا تفحص مستوى جنوحها نحو الممارسة السياسيّة السّلطويّة وفهم الدوافع والنزعات السائرة بها الى صيرورتها النّظريّة.

النّظريّة النّسويّة ولمحة في سيرورة تشكلها عبر موجاتها الأربعة : بدأت بواكير النّسويّة تاريخيًّا في حقبة نضال النّساء المتحديات للنظام الأبوي[2] الصارم بين عامي 1550 و1700 إلَّا أنّ ظروف المرأة لم تلقَ أيّ تحسن في هذه الحقبة سوى بعض التّحسن البسيط في مسألة التّعليم، وكانت معظم موضوعات كاتبات هذه المرحلة عن النّسويّة قائمة على تحدي الفكرة القائلة إنّ النّساء هنَّ صنف من الجنس البشري أدنى من الرجال.[3] كانت بؤرة هذه الأفكار وأحداثها المسببة تتمركز في إنكلترا، وكانت المقاربات الجدليّة تتوجه في بُعدها الفلسفي الى تتبع نظرة الفلسفة للمرأة، منذ الفلسفة الآرسطيّة التي عدّت النساء أدنى شأنًا من الرجال الى النّزاع الفلسفي حول مكانة المرأة في  العصور الوسطى الى فلسفة المذهب الإنساني التي قدمت أفكارًا مستنيرة حول المرأة. أمّا الجدال الدّيني المحض كان وما زال يعيش نزعة مراجعة للأفكار. إلّا أنّ ما قدم من مفهومٍ للنّسويّة وما جرى من جدال حولها، كان بمعظمه حكرًا على المجتمعات الغربيّة ويحاكي الديانتين اليهوديّة والمسيحيّة. كذلك إذا ما قرأنا في تشكل الموجة النّسويّة الأولى سنجد أنّها انطلقت في فرنسا في العام 1792 من كتاب ماري ولستوتكروفت “دفاع عن حقوق المرأة” وكانت معظم رائدات هذه الموجة تركز على قضية محددة وهي فضيلة المرأة وحقّها في التّعليم والعمل والانتخاب، وكانت بعض الكتابات تستهدف مجتمعًا قائمًا بحد ذاته كالكتب الثلاث (نساء إنكلترا، وأمهات إنكلترا، وبنات إنكلترا) للكاتبة “سارة ميلز” في منتصف القرن التاسع عشر.[4] وإذا ما نظرنا الى مفهوم النّسويّة في الموجة الثانية؛ سنراه منهيًا لفكرة النّسويّة القائمة على الحقوق والمساواة بعد أن انتهت الموجة الأولى بإنتزاع حق المرأة بالتصويت إلاَّ أنه أحلَّ محلها فكرة نسوية تحرير المرأة، وقد تميَّزت المرحلة الزّمنيّة لهذه الموجة بوعي نسائي راديكالي حول قضية النّسويّة، وانتقلت بها  من قضية فردية إلى قضية جماعيّة ثوريّة وطالت الحركات الطلابيّة وتوسعت رقعة مسرحها من انكلترا لتشمل الولايات المتحدة الامريكية. شهدت هذه الموجة تحول النّسويّة من مجرد فكرة وسياق للمطالبة بحق محدد الى أن أصبحت نظرية متكاملة على يد سيمون دي بوفوار يتماسك فيها مفهوم المرأة (الآخر) بتركيبه البيولوجي والنّفسي والاقتصادي متجاوزة علماء الأحياء والفرويديّة والماركسيّة.[5]

أمّا الموجة الثالثة فهي مزامنة لشيوع مصطلح ما بعد النّسويّة الذي نشأ متماهيًّا مع مصطلح ما بعد الحداثة والذي رفض تقديم المرأة على أنّها ضحية، وأعطى الرجل مكانًا في أولوياته كعاشق وزوج وأب وصديق.  والموجة الثالثة تطالب بحقوق المرأة كالموجة الثانية إلّا أنّها تمتاز عنها بأنّ النّسويات فيها لا يجدن بأسًا من التناقض لأنهن نشأن وسط بنيات نسوية متنافسة فأصبحن يقبلن التّعددية كأمر مُسَلَّم. كما أنّ ارتباط الموجة النّسويّة الثالثة بالسياسة جعلها أكثر من نظرية بل منهجًا يتصدى بنشاط لصور الظلم الاجتماعي التي ما زالت تجربة يومية لكثير من النّساء.[6] سمحت التّعددية باختلاف كبير في وجهة المقاربة النّسويّة، فبدأت الموجة الرابعة بعد العام 2012 إذ أخذ التيار النّسوي المتأثر بالتّيار النّسوي المتطرف وبالنّظريّة النّسويّة التقاطعية من تطور تكنولوجيا التواصل الاجتماعي فرصة في تظهير قوة المرأة المنتفضة على كل شيء، فخلق من موضوعات الاغتصاب والتّحرش عنوانًا لتبرير سلوكيات مبالغ بها تُحرَّضُ النساء على فعلها.

المآلات المفاهيمية للنّسويّة في فكر “مارغوت بدران”: على الرّغم من أن ّغالبية التنظير حول النّسويّة هو غربي بإمتياز، وخصوصًا في تشريح موجاته وتاريخيتها، إلّا أنّ المفكرة “مارغوت بدران” خرجت من الباراديغم التّنظيري المتمحور حول الموجات، والتيارات التي تُظهر قضايا المرأة على أنّها واحدة ومشتركة في ما يشبه عولمة الأفكار النّسويّة، وحاولت أن تبني نموذجًا مختلفًا للنّسويّة يرتبط بالسيرورة الاجتماعية التي عاشتها النّساء في لحظة تاريخيةّ محددة، وداخل نسق اجتماعي محدد وفي سياقات مجتمعيّة يتداخل فيها الدّيني والسياسي والاقتصادي. تركز بدران في طرحها النّسويّة على متغيّرين الأول نشوء النّسويّة في المجتمعات الإسلاميّة والثاني نشوء النّسويّة بطبعتها الشّرق أوسطية.

تؤكد بدران أن أشكال النّسويات المحلية لا تعكس بالضرورة الأشكال الغربية للنّسويّة التي لا يمكنها أن تشكل موطنًا وراثيًّا للنّسويّة، فتُشتق منها النّسويات جميعها أو أنّ تُقاس على أساسها.[7] وهذا ما شكَّل مرتكزًا في محاورة بدران فكرة اجترار السّلوكات الغربيّة  الى المجتمعات الإسلاميّة على متن قطار النّسويّة. فهي تنفي هذا الافتراض طارحةً علاجًا جوهريًّا للانتقادات الإسلاميّة التي تتوجه الى النّسويّة في المناطق الإسلاميّة على أنّها امتداد للنّسويّة الغربية، ونفيها عن أصالتها التي نشأت عليها فكرًا وسلوكًا. في نقطة الأصالة تركز ” بدران” على الجذور الأصليّة للنّسويّة في الشّرق الأوسط، وتنطلق في تأصيل الحركة النّسويّة الشّرق أوسطيّة  من أواخر القرن التاسع عشر ، بعد أن ارتبط ازدهار نشاط النّسويّة المصرية بدخول الطباعة والفرص التّعليميّة الى مصر، إذ تظهَّرت دوافع مختلفة لدى النساء في تنظيم أمورهُّن في ما يضمن التّركيز على دورهُّن في المجتمع. بدأت الموجة الأولى بطبعتها الشّرق أوسطيّة بحسب “بدران” مع النّسويات المصريات بقيادة “هدى شعراوي” وأخريات ينتمي أغلبهن إلى الطبقات العليا أو المتميزة في المجتمع. وكانت اللّحظة الحاسمة لهذا الجيل من النّسويات هي ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني عندما أثبتّن مشاركتهن فيها، وعندما بات يُنظر إلى تشددهُّن على أنّه جزء لا يتجزأ من مواجهة الاحتلال البريطاني المستمر لمصر، إلى أن حملت بدايات القرن العشرين معها خطابًا إسلاميًّا حداثيًّا ظهر كحليف لفكرة النّسويّة في محاربة الأعراف الأبويّة السائدة في مصر.[8] تطوَّر هذا الخطاب من خلال انخراط بعض العلماء المسلمين في الحداثة، أمثال محمد عبده، وتعزَّزَ بما تلاه من سلوك لدخول العلمانيّة في موجة التّفكير النّسوي الإسلامي المُحدَّث، كالتّعامل مع الحجاب في الحالة التركيّة.

تركز بدران على السّياقات التّاريخيّة التي شكَّلت الحركات النّسويّة وغيَّرت هويات الأفراد الذاتيّة، وما أنتجته فيها القوى التّحويليّة الدّينيّة والعرقيّة والطبقيّة، والقوميّة من موجات معقَّدة من المظاهر النّسويّة. بيّد أنّها انفردت في حرصها على نسج علاقة بين النّسويّة كحركة من جهة والإسلام كممارسة اجتماعيّة ترتكز الى القرآن من جهة أخرى.[9] إلّا أنّ مطالعات “بدران” في النّسويّة كانت أكثر ميلاً الى التّمييز بين النّسويّة الإسلاميّة التي تستقي مصدرها من النّص الدّيني و النّسويّة العلمانيّة المتشكلة من خطابات متعددة؛ قوميّة، علمانيّة ، وإسلامويّة حداثيّة، أضف الى الأفكار الإنسانيّة والحقوقيّة والديمقراطيّة. ما أفسح المجال الى التّلاقي في النتائج بين النّسويّة العلمانيّة والنّسويّة الإسلاميّة الحداثيّة، وولَّدَ نشاطًا لدى الناشطات الإسلاميّات المعاصرات اللاتي يعتقدن أنّ القرآن يقدم رؤية أكثر تقدميّة حول دور المرأة من تلك التي يتبناها المجتمع المعاصر.

وفي سياق رصدها لتطور النّسويّة الإسلاميّة والشرق أوسطية ومن دون الغوص في تصنيفات الموجات الغربيّة نظرًا لتعقيدات المظاهر النّسويّة وتمايزها بفعل الاختلاف المجتمعي، تبني “بدران” نموذجًا يُحَدِّدُ وجهة النّشاط النّسائي الشّرق أوسطي ويعزز دوره في الأحداث الاجتماعية. وقد استنتجت في مقارنة بين نشاط المرأة في ثورة 1919 وثورة  2011 في مصر، أنّ للمرأة دورها الأساسي في صناعة النّموذج السياسي من منطلق قدرتها الكامنة في طبقات المجتمع كافة. كما بيَّنَت كيف وفرت تكنولوجيا المعلومات وسائل الاتصال للنّسويات المعاصرات في المنطقة للتواصل وتشكيل تحالفات عبر وطنية، خلقت تمايزًا في سيرورتها، ما جعلها تتطور بشكل مستقل عن النّسويات الغربيّة في التّحولات التّاريخيّة الدّقيقة[10].

الجنسانيّة والمساواة في مقاربات “مارغوت بدران” التّحليليّة: تعالج “بدران” الجنسانيّة في مسار خاص تطبعه بسياساتها النّسويّة، فتبدأ من نقطة التأصيل التي نشأت في كنفها مظاهر الجنسانيّة في المنطقة بعيدًا من حالة الاستغراب. وتركّز على حالة الكفاح النّسائي الذي رافق مسيرة التّحديث، وتظَهَّرَ في أواخر القرن العشرين انفتاحًا على الحداثة على الرّغم من حساسيّة الجنسانيّة تجاهها. فالنّساء يتعاملن مع الحداثة حتى في الوقت الذي يطمح فيه الرجال إلى جعل عملياتها ذكوريّة.

تعتدُّ “بدران” أنّ طبيعة المرأة وطريقة تفكيرها جعلاها تتعامل مع الحرمان الاقتصادي، والتّعرض للخطر والاضطراب وعدم الاستقرار، والتّهديد بحيوية المحافظ على النّظام والأمن. ففي أوقات الشدّة التي عانت فيها مصر من نكسة اقتصادية كبيرة مع اختفاء السّياحة، وأثناء الاضطرابات السياسيّة والهجمات الإرهابيّة المتقطعة وتفاقم الصعوبات الاقتصاديّة والاجتماعية السّائدة، كانت النّساء والفتيات يعانيّن بشكل غير متناسب مع الرجال، وكُن في الوقت نفسه يندفعن لحماية أُسَرَهُنَّ والمجتمعات متجاهلين الأعراف الجنسانيّة العرفية، ومتخطين افتقارهُّن  إلى المهارات. وتفترض “بدران” أنّ تنفيذ سياسة المساواة بين الجنسين يمكن أن تُحسِّن الظروف الاقتصاديّة والصّحيّة القاسية لأكبر عدد من أفراد المجتمع على المستوى المحلي إذ إنّ هناك حاجة ماسة إلى المساعدة المباشرة. وتدعم فرضيتها هذه بما لاحظته من تطّور على مرّ السّنين في دلتا النيل وصعيد مصر والواحات، وما أدّاه ذلك الى إشراك المرأة في مشاريع التنمية والتغيير طويل الأجل.

بحسب “بدران” على الرّغم من هشاشة هذا التّغيير في مواجهة النّكسات الاقتصاديّة والاجتماعية الهائلة، يبقى توخي اليقظة والاستباقيّة شيئًا ممكنًا من خلال اهتمام  “السياسات الجنسانيّة” حول العالم بالمساعدة الإنمائيّة المتكاملة بين الجنسين.[11]

تطرح ” بدران” نظرية متكاملة حول المساواة في النّسويّة الإسلاميّة، فجوهر النّسويّة الإسلاميّة يقوم على مبدأ المساواة بين الجنسين، وهو شرط لا غنى عنه لدعواتها إلى العدالة الاجتماعية، كما تؤكد ترويج “النّسويّة الإسلاميّة” فكرة المساواة الإنسانيّة الكاملة، وممارستها في الأسرة والمجتمع بما يشكل اختراقًا تاريخيًا، يجمع بين التّفسير والتّطبيق وقوة رئيسة في الدّفع لتجاوز النّظام الأبوي في السّياقات الإسلاميّة.[12]

تؤكد بدران أنّ التّعبير عن النّسويّة العلمانية بمفهوم المواطنة المتساوية، كان أكثر أثرًا  في العالم الإسلامي، إذ قصَّرَت النّسويات العلمانيات في مطالبهن بالمساواة في المواطنة في المجال العام للمجتمع الوطني العلماني، كما أنّ النّسويات الناشئات منهن لم يتصورن المساواة بين الجنسين في سياق الأسرة كظاهرة عالمية في القرن العشرين. في المقابل ثمة مجالان بحسب “بدران” لم تتصوّر فيها النّسويات العلمانيات المسلمات المساواة، هما: الجزء الدّيني من المجال العام كالمهن الدّينيّة وبالأخص القياديّة منها،[13]  وسلوكيات المجال الخاص بالأسرة، الذي يشكل الدين ناظمًا قانونيًّا له، إذ ظلت الأسرة تحت سيطرة مجموعة من المفاهيم والممارسات الثقافيّة الإسلاميّة أثناء تعرض المجتمعات ذات الأغلبيّة المسلمة للعلمنة. بينما النّسويات العلمانيات كُنَّ واعين بهذه الاختلافات، فاستوعبن، الأسرة الأبويّة على أنها “طبيعيّة” ومحددة دينيًا. وقد استلزم ذلك قبولًا اجتماعيًّا  للأدوار غير المتكافئة للجنسين والتي تعكس نظامًا مثاليًا للتكامل تحت قيادة الذكور.[14]

نظريّة النّسويّة الإسلاميّة، في مطارحات “مارغوت بدران” المتكاملة والمنهجيّة: تقدم “بدران”، النّسويّة الإسلاميّة على أنّها موضوعًا تحوليًّا داخل المجتمع وليس مجرد عمليّة إصلاحية تنتهي بتحقيق مطالب محددة. فالإسلام في صدد مراجعة الرّسالة القرآنيّة العميقة بمحاذاة تبيين المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية وإظهارهما الى سطح الوعي والتّعبير الاجتماعييّن.[15] كما أنّ النّسويّة بحسب “بدران” ظهرت كخطاب عالمي في الإسلام على وقع المزج بين المعرفة الوجودية للمرأة من جهة، وإعادة القراءة في النّصوص الدّينيّة الإسلاميّة من جهة أخرى، وقد تجَهَّزَت مجموعة من النساء بالوعي الجندري المكثف ليقمن بأنفسهن بإعادة قراءة النّصوص الدّينيّة، في الوقت الذي كانت فيه الحركات الإسلاميّة تتأهب في أواخر سنوات القرن العشرين لإعادة تكريس الممارسات الأبويّة باسم الدين. كما تمايز  الخطاب النّسوي الإسلامي بوصفه متحركًا بلاهوت تقبَلَهُ كل الطبقات من النّساء في حين أن لاهوتيات المسيحيّة واليهوديّة بقيت مجزئةً طبقيًّا وتشكل مصدرًا للقلق. [16]

تؤكد ” بدران” دخول النّسويّة الإسلاميّة مرحلتها الثانية، بعد أن أتمَّت مرحلتها الأولى الممتدة منذ تسعينيات القرن العشرين حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إذ شهدت السّنوات الوسطى منه تحوّلًا في التّفسيرات المعقَّدة للقرآن الكريم التي تقارب الفقه مقاربةً جديدة. وفي الوقت التي ظهرت فيه النّسويّة العلمانيّة في المجتمعات الإسلاميّة في سياق الحركات الاجتماعية، كانت النّسويّة الإسلاميّة تأخذ منها تجربتها وتفوقها إتساعًا وقوةً كحركة اجتماعيّة عالميّة وعلى هذا الأساس سنطرح مطارحات “بدران” حول سيرورة النّسويّة الإسلاميّة في محطات تشكلها الرئيسة.

  1. بواكير النّسويّة الإسلاميّة

سبقت النّسويّة الإسلاميّة الكاملة، نسخة نسوية علمانيّة في العالم الإسلامي، ظهرت لأول مرة في بلدان إسلامية مختلفة في أفريقيا وآسيا في أوائل القرن العشرين. بدأت النّسويات القوميات المسلمات كرائدات من السكان الأصليين نشاطهن في سنوات الاستعمار، وأوائل سنوات ما بعد الاستعمار وانضممن إلى فعاليات من خلفيّات دينيّة أخرى لضمان إستجابة المؤسسات الجديدة في الدول ذات السيادة الناشئة لاحتياجات المواطنين، ذكورًا وإناثًا على حد سواء. كان ظهور هؤلاء النّسويات من منظور الحقائق والمطالب في سياقات وطنية وثقافية ودينيّة، ما عرضهن للانتقاد على أنّهن يشكلن ظاهرة غربيّة.[17] تأثرت النّسويات العلمانيات بالفكر الإسلامي الحداثي، واقتصر عملها على الدّعوة إلى الإصلاح القانوني للأسرة الأبوية والحثّ على وفاء الرجال بالتزاماتهم، والامتناع عن إساءة استغلال النّساء في الطلاق الأحادي وتعدد الزوجات.[18] إلّا أنّ نمط التفكير النّسوي آنذاك خلق فكرة تَجَاوز النّسويات لحدود الفكر الدّيني وبالأخص الإسلامي الحداثي، محاولةً الاستقلال في نظريتها حول المساواة والنّوع الاجتماعي، ما يتطلَّب صياغةً لخطاب جديد حول المساواة بين الجنسين في الإسلام. وعلى الرّغم من أنّ النّسويات المسلمات اخترن خيار القضاء على النّظام الأبوي بدلًا من التسامح مع وجوده في الدولة وداخل المجال الديني العام، لم ينجحن في ذلك، لكنهن اكتسبن مهارات وخبرات في فهم النّوع الاجتماعي استطعن أن ينتقدن من خلالها النظام الأبوي في الأسرة، والمجتمع بوصفه غير إسلامي بالأصل. وهذا النّقاش بالتّحديد فتح الباب على إمكانيّة تفسير المرأة للنّص الدّيني، وكانت نظيرة زين الدين، وهي امرأة لبنانيّة من أوائل القرن العشرين إحدى أهم المتصديات حيث درست في المنزل تحت إشراف والدها عالم الدّين الإسلامي. وعلى الرّغم من أنّها كانت لا تزال شابة، فقد نشرت في العام 1928 “السّفور والحجاب” في بيروت.[19]

يأخذ تشريح النشأة للحركة النّسويّة العربيّة، مآخذه في كتابات “بدران” فتُظهر بدقّة كبيرة التّحالفات والنّزاعات بين الحركات النّسويّة والقوميّة قبل استقلال مصر العام 1922،  وتُبيّن السّياقات التّمهيديّة لهذه الحركة في أواخر الثلاثينيات والأربعينيات. وفي ما يشبه انتقادًا بمفعولٍ رجعي لنشأة النّسويّة العربيّة، تناقش “بدران” مراجعات الحركات النسائيّة في اتجاهاتها العدائيّة التي برزت نتيجةً لدخول الأصوليّة على خط النّسويّة. كالدّمج الذي قامت به “زينب الغزالي” للأصوليّة الدّينيّة والنّسويّة، وكذلك الاحتضان الذي قامت به كل من “دريّة شفيق” و”أنجي أفلاطون” للأفكار العلمانيّة وإشراكها بحملات أكثر حزمًا تحقيقًا لأهدافهن.[20] ومن مصاديق هذا الدّمج استخدام الحجاب كاستراتيجيّة نسوية والنّوع الاجتماعي كبنية جديدة وأداة نظريّة تستنسخ آليات التفكير من الأنجلوفونيّة إلى العربية.[21]

  1. الانتقال من النّسويّة العلمانية الى النّسويّة الإسلاميّة

تقارب ” بدران” عملية الانتقال من النّسويّة العلمانيّة إلى النّسويّة الإسلاميّة مقاربةً ناعمة تراعي فيها حالة التّدرج من العلماني الصرف الى العلماني الإسلامي ، هذا بالشكل وبالصيرورة التي صارت اليها الأمور ويعكسها الخطاب العام، إلّا أنّها تصرُّ وبقوة على التداخل الكبير بين ما هو علماني وما هو إسلامي. هذا التقارب بين ما هو علماني وديني، تطرحه “بدران” في أصل بحثها  لمبحث النّسويّة في الإسلام، إذ تتفحص النّسويّة المصريّة من أواخر القرن الّتاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين بوصفها، نسويّة علمانية السّلوك في مجتمع إسلامي يعيش تفاعلًا بين خطابات كل من النّسويات والإسلاميين والدولة.[22] وترصد ظهور هذه الحركة في مصر من خلال الرّائدتين هدى شعراوي ونبوية موسى، مع تركيزها على الجانب المؤساساتي فيها، إذ قامت النساء بإنشاء منظمات جديدة كالاتحاد النّسوي المصري. أمّا في مسألة دخول المرأة المسلمة إلى المجال العام، تُبيّن “بدران”  السّلوكيات التي مهَّدَت الطريق لهذا الانتقال، مسلطةً الضوء على التّظاهرات النّسائيّة.[23] ولم تغفل وجود الحركات النسائيّة في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، بما في ذلك اليمن والمغرب وإيران، في زمن متأخر من القرن العشرين، بما يعنيه ذلك من تكريس لحالة التّقاطع بين النّسويّة العلمانيّة والنّسويّة الإسلاميّة، وخصوصًا أنّ الأحداث السياسيّة في هذه البلدان كانت تستوجب هذا النوع من السّياقات التي تحاول المرأة فيها تشكيل حيثيتها الفاعلة اجتماعيًّا.

تنفرد “بدران”  بوصف أنشطة الحركات النّسويّة، وتنظيمها الجامع للنسويات العلمانيّات والإسلاميّات معًا في سبيل تحقيق أهداف مشتركة حتى مع احتفاظها بأجندات منفصلة. فالنّسويات العلمانيّات والإسلاميّات في أنحاء العالم الإسلامي جميعه، بحسب بدران، يعيدون قراءة القرآن والنّصوص الدّينيّة الأخرى، ويحملون تجاربهم الخاصة ومنهجياتهم النّقديّة الجديدة لِسَنّ قراءات ذات مغزى أكبر للمرأة العصرية.[24]

  1. المرحلتين الأولى والثانية من الحركة النّسويّة الإسلاميّة

ظهرت النّسويّة الإسلاميّة بشكل صريح، بعد أن صرحت مجموعة من العالمات النّاشطات في المجال النّسوي الإسلامي بالتزامهن الدّيني، ووصفت بعضهن نفسها بالمؤمنات انسجامًا مع النّص القرآني. كان هذا الظهور على إثر التّحول المهم الذي طرأ على التفكير الجندري للمسلمين، وكانت النّسويّة العلمانيّة عالمة الاجتماع المغربيّة “فاطمة المرنيسي”، أول المؤسسين في هذا الطريق بعد أن أنتجت كتابات متقدمة عن النّسويّة الإسلاميّة تشتمل على تفسيرٍ نسويٍ لحقوق المرأة في الإسلام.[25]

بدأت العالمات ومنهن من يحمل درجات عليا في الدراسات الإسلاميّة مراعاة النوّع الاجتماعي بإعادة قراءة القرآن وإعادة النّظر في الأحاديث والفقه، فوجدّن أنفسهن منخرطات في عمل تنقيحي حول الفكر الإسلامي والبحث العلمي.[26] وعلى الرّغم من أنّ معظم المفكرين الإصلاحيين الذكور تجاهلوا عمل النّسويات، تعدُّ بدران أن بعض العلماء المتقدمين الذكور البارزين في الإسلام أخذوا عمل النّسويات على محمل الجدّ.[27] ما دفع بالمقابل النّسويات باتجاه تقدير العمل المبتكر للعلماء، والناشطين حول الإسلام والنوع الاجتماعي، وفي اللّحظة التي أدركت فيها النّسويات رواج فعلها في البحث النّسوي الإسلامي أطلقت مصطلح ” النّسويّة الإسلاميّة”. أحدث دخول المصطلح ساحة التّداول البحثي الاجتماعي صدًى كبيرًا في مجال الجندر، بوصفه أداةً تؤطر فهمًا جديدًا للبحث في تفسير الجندريّة الجديدة، وساعد في انتشاره توسع دائرة التّواصل العالمي عبر الانترنت، ما جلب التفكير الجندري الإسلامي الجديد إلى الجماهير العالمية البعيدة، وحفَّزَ انعقاد المؤتمرات والورش حول النّسويّة الإسلاميّة.

على الرّغم من التّفاعل الممزوج بشيء من القلق الذي أبداه بعض العلماء، والناشطين مع مصطلح “النّسويّة الإسلاميّة” بقي معظمهم يرفض تطبيقه على الواقع، ويبدي قبوله لخدمة الأغراض المفاهيميّة فقط. وأبقى بعضهم الآخر على اعتباراته بأن النّسويّة ظاهرة غربيّة أو مرتبطة بالغرب. وهنا تبدي” بدران” رأيها  بأولئك الذين يزعمون أن النّسويّة غربيّة بأنّهم الى جانب إظهار جهلهم بالتّاريخ الطويل للنّسويّة بين النساء المسلمات في إفريقيا وآسيا، هم يعززون أيضًا الصّور النّمطيّة السّلبيّة عن المسلمين والنّسويّة، متواطئين مع الغربيين الذين يعدُّون أنّ المسلمين غير قادرين على إنتاج “نسوية إسلاميّة” وأن الإسلام أبويّ بجوهره.

بدأت المرحلة الأولى من النّسويّة الإسلاميّة، بصفتها المتشددة، منذ بداية حقبة الثمانينيات من القرن العشرين، فكان تقديم “الجنس” لأول مرة في منتصف هذه الحقبة، في الوقت الذي كانت فيه الموجة الثانية في الغرب في أوجها. في هذا السّياق، تقدم “بدران” نموذج الباحثة الأمريكية الأفريقية “أمينة ودود” التي بحثت في بداية التسعينيات في قراءة النّص المقدس من منظور المرأة، وشكّلت أفكارها داعمًا أساسيًّا للنّسويّة الإسلاميّة بوصفها ابتكارًا يقدم تحليلًا وتحقيقًا منهجيًّا في مسألة المساواة بين الجنسين في القرآن. استطاعت “بدران” إظهار المحتوى العميق التي تتصف به نظرية “ودود” حول المساواة بين الجنسين، إذ أكدت استهدافاتها التي طالت الأطياف العامة والخاصة للمجتمع كافة. وعلى مستوى النتائج تجزم “بدران” أنّ  نظرية “ودود” كشفت الهُويّة غير الإسلاميّة للنظام الأبوي، وبيّنت أن تطبيقه يعني انتهاكًا لمبدأ التّوحيد الذي يتنافى منطقيًّا مع وجود تفوّق من بشر على بشر والذي لا يتنافى مع مبدأ الخلافة المتماثل مع وصاية الإنسان بجنسيّه بوصفه خليفة الله على الأرض. جذب كتاب  ودود ” القرآن والمرأة” الكثير من النّساء المسلمات حول العالم لما يمثل من اكتشاف يمكن من خلاله تقديم المساواة بين الجنسين[28]. بحسب “بدران” إنّ عمل النساء العالمات شكّل عصب المرحلة الأولى من النّسويّة الإسلاميّة والذي تمحور بشكل رئيس حول دعوة المرأة الى المساواة بين الجنسين، اعتمادًا على النّص القرآني. ومن هذه النّسويات الى جانب “ودود” تركز بدران على “أسماء برلاس” الباكستانيّة الأمريكيّة، صاحبة كتاب “النساء المؤمنات” في الإسلام  المنشور العام 2002الذي يدعو الى عدم قراءة التّفسيرات البطريركيّة للقرآن.[29] وهنا تضع “بدران” محددات واضحة لهذه المرحلة من النّسويّة: أولًا، الحجة المقنعة بأنّ الأسرة الأبويّة غير إسلاميّة، ما أعطى النّساء المسلمات فرصة انتزاع انفسهن من الأبويّة. ثانيًّا، اندفاع المنظرين الى فضاءات جديدة أخرجتهم من ميولهم الدّفاعيّة “التّأسيسيّة”  الى أن تحرروا من قيود الاعتذارات وابتعدوا من التأسيسيّة إلى “ما بعد التّأسيسيّة الإسلاميّة”[30]

أمّا المرحلة النّسويّة الثانية بحسب “بدران” هي المرحلة التي بدأت في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي شهدت تحولُا  أكثر جرأة في طريقة التّفكير. وتُعدُّ “بدران” أنّ الفضل في هذا التّحول يعود الى “ودود” نفسها التي قدمت كتابها الثاني بعنوان ” جهاد الجندر” والتي بيَّنَت فيه صراحةً أنّها تتخطى اعتذاراتها السّابقة، لتدخل في تحدٍ يواجه إمكانيّة دحض توظيف النّص المستخدم لإضفاء الشّرعيّة على القوانين الإسلاميّة التي تسنّها الدّولة وتطبقها على الأسرة المسلمة بوصفها قانونًا للأحوال الشّخصيّة الإسلاميّة. هذا ولم تلقَ النّسويات العلمانيّات المسلمات نجاحًا كبيرًا في محاولتهن الإصلاح في قوانين الأسرة المسلمة في القرن العشرين، على الرّغم من بقائهن في عباءة التّنظير الدّيني  ومن داخل إطار الأسرة الأبوي وعلى الرّغم من إعلانهن التكامل الوظيفي هدفًا لسعيهن نحو التّغيير على المستوى القانوني والسّلوكي للأسرة.

تولي بدران اهتمامًا خاصًا بفكرة المساواة التي أطلقت شرارتها إسلاميّا  العالمة النّسويّة الإيرانيّة “زيبا مير حسيني”[31]  والتي كانت فجوة في جدار النّظام الأبوي الكلاسيكي الصلب. وعلى الرّغم من بروز مشهديّة الاستحالة على مستوى تحقق هذه المهمة، قدمت “مير حسيني”  بحسب بدران حجة تاريخيّة لا لبس فيها مفادها أنّ الفقه الكلاسيكي قد بُني في لحظة أبويّة لم تكن ممارسات المساواة فيها هي القاعدة. في حين أنّ مثل هذا الفقه كان تعبيرًا فقهيًا مناسبًا في يومه، ولكن انتشار أفكار المساواة بين الجنسين وممارساتها ، وبالأخص داخل الأسرة ، جعل من الضّروري إنشاء فقه جديد أكثر استجابة للواقع الاجتماعي القائم.[32] وفي تظهيرٍ للمعضلات الدّينيّة الفقهيّة المتعمدة أحيانًا في مواجهة الخطاب النّسوي، تقارب “مير حسيني” الخلط الحاصل بين التشريع الفقهي المُستَقَى من القرآن والتشريع الفقهي المستند الى قراءات اجتهادية تسنّها الدولة بإسم الاسلام وتطبقها على الأسرة المسلمة، وكذلك الخلط  الفقهي بين الواجبات العبادية من جهة والمعاملات والممارسات الاجتماعية القابلة للتغيير من جهة أخرى. [33]كما تركز بدران في طروحات “مير حسيني” على جنبة الأداتية التي تسخرها الدولة في تسيير قوانين الأسرة المسلمة المبنية على الفقه أساساً، فالفقه قدم طاعته للدولة ومصالحها والدولة أبقت على النظام الأبوي الحارس للفقه داخل الجزء العلماني للدولة رغم تآكله التدريجي في مجالها العام.[34]

تعتبر بدران أن الإختمار الاجتماعي لفكرة المساواة بين الجنسين داخل الدولة شكل ركيزة مهّدت الطّريق لنشوء خطاب نسوي جديد تمثل بالحركة النّسويّة الإسلاميّة الثانية، إلّا أنّ هذا الأمر احتاج الى الكثير من النّسويات والأنشطة النّسويّة والحملات الحثيثة التي انتقلت بالنّسويّة الى هذا المستوى من الخطاب، كنموذج الإصلاح القانوني في المغرب  القائم على المساواة داخل الأسرة.[35] كما أنّ ظهور الحركة النّسويّة الإسلاميّة داخل السّاحة الإسلاميّة، حفّز التّضافر بين النّظريات والنّشاطات العالميّة والمحليّة في صياغة جديدة  للمساواة بين الجنسين، ما  عطل الطريقة الأبويّة لإدراك الإسلام.[36]

  1. توجه النّسويّة الإسلاميّة الى العالميّة

تُقدم بدران تمظهرًا جليًّا في جعل الحركة النّسويّة الإسلاميّة حركةً اجتماعيّة عالمية؛ فيظهر هذا التّمظهر في عمليّة الانتقال من الخطاب إلى النّشاط، مدفوعًا بدافع الشّبكات “العبر- وطنيّة” وجاريًا في مرحلتين:

بدأت المرحلة الأولى؛ بصياغة مبدأ المساواة الإنسانيّة القرآني صياغةً تطبيقيّة، تنتقل من الشّعارات الأخلاقيّة الى السّلوك الفعلي. وهنا تثير بدران إشكاليّة الاعتبار الإسلامي المحافظ الذي يرى المرأة مكرمة في الإسلام، وأنّها مُنحت حقوقها بالنّص الدّيني الذي حصر التّحدّي في مسألة تنفيذ هذه الرؤيّة. وتكشف بدران أنّ الذّهاب الى تنفيذ هذا المبدأ، غير ممكن من خارج فكرة التّوافق مع نموذج المساواة الذي يُلائم الظروف الاجتماعيّة المعاصرة، إذ تعيش الأسرة فعليًّا ومن داخل الفضاءات الأوسع التي باتت عابرة للطوائف الدّينيّة، والثّقافات المحلّيّة بواسطة الشّبكات “العبر- وطنية”. نشطت هذه الشّبكات في منتصف الثّمانينيات معتمدة على الخطاب النّسوي الإسلامي المطالب ببناء حركة اجتماعيّة عالميّة. وكان أبرزها، شبكتي (WLUML)[37] (SIGI)[38]

أمّا المرحلة الثانية التي شهدتها عملية الانتقال من الخطاب الى النّشاط كانت متزامنة مع  انتقال النّسويّة الإسلاميّة إلى مرحلتها الثانية، إذ لم تكتفِ  النّسويات بنشر أفكار المساواة والحقوق ومحاولة جعلها إسلاميّة استنادًا الى النّص الدّيني، إنّما تحولت بإتجاه تقديم النّموذج مقابل الفجوة، وأيضًا من خلال الفضاءات المتاحة التي نشطت فيه الشبكات النّسويّة الإسلاميّة العابرة للحدود وازداد عددها بشكل ملحوظ. في هذا السّياق نشرت “WLUML” في العام 2009 قوانين الأسرة (الإسلاميّة والعلمانيّة والعرفيّة) في أكثر من عشرين دولة بينت من خلالها الفجوة الأساسيّة التي تعاني منها القوانين الإسلاميّة، والطريقة الظاهريّة التي استندت بها إلى تفسيرات متباينة للفقه الإسلامي المتأثر بالسياسة بالدرجة الأولى. كما تزامن دخول الحركة النّسويّة الإسلاميّة مرحلتها الثانية مع تقديم نموذج قائم في تبني قانون الأسرة المغربي الرّائد للمساواة، ما دفع باتجاه ظهور مبادرات عالميّة تعكس تطور قوانين الأسرة في الدّول ذات المجتمعات الإسلاميّة.  وكان أبرز هذه المبادرات، مبادرة “مساواة”[39]  ومبادرة “WISE”[40]

النّسويّة بين المشروعية الاجتماعيّة والممارسة السياسيّة.

يلفتنا بما تقدمه “بدران” في كتاباتها حول النّسويّة أنّه استقراء محض  لوقائع، وأحداث ذات صلة عضويّة بتبلور النّسويّة مفهومًا وسلوكًا، وعلى الرّغم من تكامل أطروحات بدران لجهة تبرير المعطيات، وتقديمها كوحدة متكاملة في مجموعة أجزاء مفصليّة في الوجهة النّظريّة. نرى أن بدران تحرص في مقاربتها تقديم النّسويّة على أنّها ظاهرة اجتماعيّة طبيعيّة نشأت في القرن العشرين، بفعل الأحداث الاجتماعيّة وانكشفت على المطالبة بالمساواة والحقوق بعد بلوغ المجتمع حالة من التّحول الذي اقتضى تبديلًا في القوانين، والتّشريعات الوضعيّة تماشيًا مع سيرورة التّطور ونمط الحياة. وفي طرحها النّسويّة الإسلاميّة، تتقن “بدران” انتخاب الشّواهد الواقعيّة التي تعكس الأحداث الاجتماعيّة، وتفسر سلوك النّشاط النّسوي في سياقاتها. ولا شكّ أنّ استبطان الشّرعيّة في تقديم سلوك النّسويّة لا يكاد يفارق كتابات “بدران” وهي محل إقناع لجهة تقديمها في سياق النّظريّة الاجتماعيّة. إلّا أنّ ما تطرحه “بدران” من أسئلة عديدة حول السّلوك الاجتماعي للنّظام الأبوي، ولا سيما في محاججتها الطروحات الفقهيّة، يبقى في دائرة كونه اعتباريًّا كونه ملتحمٌ بشدة بالمعطيات الثقافيّة والأيديولوجيّة. فمهما استطاعت النّسويات العلمانيّات والإسلاميّات، فهم  النّص الدّيني وترجمة سلوكه داخل الإطار القانوني والتّشريعي والحقوقي، لن تنجح في خلق أيديولوجيا نسائيّة بحتة تسود في المجتمع، لا لكون المجتمع أبويّ في واقعه إنّما لكونه إنسانيًّا في تكوينه. فالنّظريّة الاجتماعيّة ومهما قدمت من اعتبارات لمشروعيّة سلوك محدد نسويًّا كان أم ذكوريًّا، فهي محدودة في ظروفها وسياقتها الزّمنية والمكانيّة. وعندما تريد أن تواكب تطور المجتمع التلقائي، تدخل في جدليّة التّجديد الذي يُفقدها شرعيّة بعض اعتباراتها المحوريّة التي لم تعد تناسب المجتمع في حالة تحوّله. وعندما نسقط هذا الواقع على مسألة النّسويّة الإسلاميّة، هذا يعني أنّنا أدخلنا أنفسنا في جدليّة التّجديد المستمر في فهم النص الدّيني الذي لم يستقر على وحدة رأي في تفسيراته الفقهية بعد.

في المقلب الآخر، لم تجد بعد النّظريّة السياسيّة من سبيل الى النّسويّة، يجعلها متجسدة في مضامين الفعل السياسي النّسوي الصرف أو كونه سلطة نسويّة بحتة. فالمعياريّة بخصوصيتها النّسويّة تغيب عن تركيب السّلطة، لا لقصور في النّساء أو لعطب في معايير السّلطة فحسب، بل كون السّلطة تفوق مرتبةً سلوك الفاعل السياسي، وتتخطاه لكونها صانع سيكولوجيّة امتثاله لها.  فإشكاليّة القبول العقلاني للسّلطة الذي طرحه “جان لوك” إزاء السّلطة المبرمة في العقد الاجتماعي، تتخطى معيار جنس الحاكم الى فعله. كما أنّ طرح أبوية السّلطة لا يضفي ذكوريتها، ولطالما السّلطة أبوية بطرحها، سيُتَعامل مع الخاضعين لها على أنّهم عاجزون عن منح أو حجب قبولهم العقلاني لممارساتها،[41] بمعزل عن كونهم من النّساء أو الرجال، فيتفرد الحاكم في حكمه على عجزهم من دون النّظر في رأيهم أو جنسهم. يعرّف “ماكس فيبر” السّلطة “أنّها الفرصة المتاحة أمام الفرد أو الجماعة لتنفيذ أهدافهم في مجتمع ما في مواجهة من يقفون حائلًا أمام تحقيقها، وأنّها المقدرة على فرض إرادة هؤلاء على سلوك الآخرين”[42]. ولعل تبنّي هذا التّعريف يجعل من التّيارات النّسويّة التي تحقق أهدافًا ما، مُمارسة للسلطة بمعزل عن وجودها في الحكم من عدمه.

وكون السّلطة عمليّة تميل إلى إحداث تأثير مقصود بحسب “برتراند رسل” [43]، فالتّأثير ليس هدف المؤثر بطبيعة الحال إنّما شكلٌ لهذه العملية التي أطلق عليها “رسل” نفسه اسم السّلطة، وبذلك لا يمكن الاكتفاء بشكل السّلطة التي تسعى لممارستها النّسويّة من دون فهم مسوغها النّفسي والاجتماعي. في هذا المجال يعبّر “رسل” عن حالة التّمايز الناشئة عن نزعة الإنسان في بلوغه من المجد، والسّلطان ما يرضي طموحه المتمدد بدأبٍ مضطرد.[44] ولكن هذا التّبرير يضفي على السّلطة النّسويّة خاصيةً نفسيةً تفتح النقاش واسعًا في دوافعها داخل المؤثر والمتأثر. فسيكولوجيا السّلطة تعني أنْ نفهم السّلطة التي نخضع لها، أو التي تحاول أنْ تخضعنا لها، وأنْ نعرف ماذا تريد منا، وما يمكن أنْ تحقِّقه لنا، وأنْ نطمئِنَّ إلى خضوعنا لها، أو نرفض هذا الخضوع ونقاومه.[45] وكل ما تقوم به النّساء إزاء تأثير النشاط النّسوي ومنه ما ظهر في كتابات “بدران” يفسر سلوك النّساء المتأثر بالأيديولوجيا المعلنة للدولة أولًا، وبالسيكولوجيا الخفيّة لذواتها ثانيًا.

على مستوى التّصنيف داخل النّظريّة السياسيّة، إذا ما قاربنا النّسويّة مقاربة تتماهى مع سيرورتها التّاريخية، يمكن أن يتولد لدينا تصنيفًا خاصًّا بما أطلقنا عليه تجاوزًا مصطلح “السّلطة النّسويّة”، وذلك وفق المعايير الآتية:

أولًا، معيار “الحرية” وقد تناولت الموجة الثانية من موجات النّسويّة مسألة تحرر المرأة، الى أنّه تبدَّل الخطاب في الموجات اللاحقة ليتركز في “حرية المرأة”، وهذا السّياق يجعلنا نستنج لوهلة، وكأنّ المرأة تريد أن تنعتق من سجن الرّجل، وفي ذلك مبالغة كبيرة. وفي علاقة السّلطة بالحريّة نرى المحاولة المعياريّة البحتة في بناء نظريّة ليبراليّة والتي قدمها “راز” في طرح مفاهيمي للسّلطة، تقوم على أساس أولويّة الحريّة. إلّا أنّ هذا الطرح هو إشكالي بالأصل، وهذا ما بيَّنَهُ الفيلسوف الفوضوي روبرت وولف (1970)، بوصفه السّلطة غير متوافقة مع الحرية لطالما هي تعني الطّاعة، وبغياب السّلطة هو فوضوي ينبع من الالتزام المعياري بالحريّة. ومع ذلك، بالنسبة إلى المنظرين المعياريين الليبراليين، فإنّ الليبراليّة ليست مثل الفوضويّة. ومنذ هوبز فصاعدًا، قَبِلَ الليبراليون أنّ السياسة تنطوي على السّلطة، وعليه فإنّ المشكلة أصبحت في كيفيّة تسوية المطالبة بالحرية مع المؤسسات السياسيّة.  وفي مقاربة النّسويّة يمكن القول إنّ المطالبة بالحريّة ينبغي أن تكون موجهة نحو هذه المؤسسات بمعزلٍ عن شكل التّسوية التي يمكن على أساسها بناء عقد اجتماعي جديد يراعي للمرأة حريتها. إلّا أنّه في الليبرالية، يبدو الإكراه معارضًا بطبيعته للحريّة. لذا، فإنّ الحلّ القسري الذي حلّ به هوبز مشكلة النّظام الاجتماعي هو حلٌ قاصر، فالاستعاضة عن الإكراه بالسّلطة السياسيّة هو خطوة في اتجاه إضفاء الشّرعيّة على المؤسسات السياسيّة،  لكن المشكلة المعياريّة في الليبراليّة تتمثل بإعادة طرح مسألة السّلطة الحكومية التي تحمي الحرية الفردية.[46] ومدى جاهزية الدولة والمجتمع للتّحول إزاء استحقاقات كبيرة سوف تنعكس في الأدائين السياسي والاجتماعي. أضف إلى أنّه لطالما المرأة هي المتفرد بالمطالبة بالحرية بعنوانها النّسوي، فلن تأخذ التسوِّيات وجهتها الصحيحة في بناء متوازن لممارسة الحرية، يقوم بين المؤسسات والشعب بمعزلٍ عن جنسه.

وفي مقاربة أكثر تعقيدًا لارتباط الحريّة بالسّلطة، فإنّ علاقتهما متجسدةٌ بحسب “ميشال فوكو” في محاولات ممارس السّلطة التّفكير في أفعال من يتمتع بالحريّة من المتعرضين لها، ما يوجب التّساؤل حول المضامين التي تتكون في عقل المرء عند استخدامه لمصطلح السّلطة الذي يتحول في ما بعد الى شيء مادي.[47] فتكون المراوغة التي يمارسها من هم في السّلطة، من خلال الأساليب و”اللعباتٍ الاستراتجيّة” بين الحريات.[48] أمّا انتزاع النّسويات لحقوقهن، وحريتهن لم يكن انتزاعًا من السّلطة بقدر ما هو نزوع نحو الانفلات من قيودٍ بَنَتّهَا سيرورة التركيبة الاجتماعيّة التي سادت في تطور الحضارة البشريّة. وبصرف النّظر عن مستوى سلبيّة هذه القيود في المعايير النّسويّة، فلا يمكن لها أن تختصر البنية الكليّة لأفعال من هم في السّلطة أو يشكل الانفلات منها شكلًا كاملًا للمقاومة التي تواجه هذه الأفعال. ولا يمكن تطبيق ذات النّظريّة التي أسس عليها “فوكو” علاقة السّلطة بالحريّة على حالة النّسويّة.  بل أكثر من ذلك، لا يوجد جهة يمكن تشخيصها بشكل محدد على أنّها ممارسة للسلطة على الإناث دون الذكور في مجتمع من المجتمعات، هذا إن لم تكن السّلطة نفسها تحوز النساء فيها حصة كبيرة من القرار.

ثانيًّا: معيار المعرفة، إذ  أدخلت التّيارات النّسويّة مفاهيم جديدة، لم تكن لتوجد في ساحة النّقاش المعرفي الاجتماعي لولا وجود هذه الموجات من القلق النّسائي الذي غذّت الفضاء العمومي المعرفي بمصطلحات جديدة كالجنسانيّة والجندر وغيرها. وكون هناك علاقة تبادليّة دائمة بين المعرفة والسّلطة بحسب “فوكو”،[49]  إذ تسعى مؤسسة السّلطة الى خلق معرفة وتوليد مفاهيم تضفي الشّرعيّة على وجودها. فالمعرفة تصبح هي أيضًا منبعًا للسلطة التي يدور موضوعها حول حياة الأفراد. وعليه نشر سلطة جديدة يتطلب معرفة العمليات المتنوعة، والمعقدة والقوانين التي تخترق حياة الأفراد. ولعل النّسويّة، إحدى القضايا الاجتماعية الراهنة المهمّة التي  تؤدي دورًا وازنًا في خلق المعرفة التي يدور موضوعها حول حياة الإنسان والقوانين المرتبطة بها. وعلى هذا الأساس يمكن القول إنّ  السّلطة النّسويّة القائمة على المعرفة هي أقوى نفوذًا من أيّ سلطة اجتماعيّة أخرى تؤثر بالسّلطة السياسية للدّولة.

ثالثًا: معيار الاحترام، عادة ما تنادي النّسويّة في بناء علاقة اجتماعيّة قائمة على الاحترام لكينونة النّساء وطبيعتهن، ومن البديهية المنطقيّة والاجتماعيّة بمكان أن تسود هذه العلاقة في المجتمعات التي تنادي بالرقي الإنساني. بيّد أن هناك ارتباطًا عضويًّا بين هذه العلاقة من جهة والسّلطة من جهة أخرى، فبحسب “فوكو”، السّلطة ملازمة للعلاقات الاجتماعيّة ولا تحتكرها طبقة اجتماعيّة بعينها، كونها تنتج عن عمليات التفاعل المعقَّدة بين الأفراد. إلا أن الفيلسوفة “حنا آرندت” تقدم احترام الشّخص المعنوي لممارس السّلطة من قِبَلِ المتعرضين لها مطلبًا أساسيًّا يمنع تقويضها، كما تبيّن أن ارتباط السّلطة بالقوة لا يعني أن السّلطة تعني القوة. فاستخدام الإكراه مصدرًا للسّلطة يعني فقدانها، تمامًا كاستخدام الأب للإكراه مع ابنه، ما يعني فقدانه لسلطته القائمة على طاعة الإبن له.[50] إذن، على من هو متصدٍ لممارسة السّلطة على المجتمع بفئتي الذكور والإناث، أن يحظى باحترام أفراد المجتمع لشخصه المعنوي، وإذا سلّمنا جدلًا أنّ هناك سلطة خاصة تُمارسُ على النّساء بواسطة جهة أو مؤسسةٍ سياسيّة كانت أم دينيّة، على من يمثل هذه الجهة أن يحظى باحترام النّساء الخاضعات لهذه السّلطة. بالمقابل على النساء اللاتي تطالبن بحقوقهن ومنها حقّ الاحترام، أن تبدي احترامًا مقابلًا للجهات القائمة بالسّلطة، بالحدّ الذي لا يكبح نشاطها ويبقيها داخل إطارها الاجتماعي. فتفكيك البنية الاجتماعيّة بضغط النّسويّة قد ينزلق الى ردة فعل تمارس فيه مؤسسات المجتمع بما فيها المؤسسة الدّينيّة سلوكًا متشددًا في مواجهة النّسويّة، وهذا ما قد يحدث في بعض الأحيان. لذا ما قدّمته “بدران” في مقاربة النّسويتين العلمانيّة والإسلاميّة كان صائبًا لجهة أخذها بالشّواهد النّسويّة الحيّة. ففي حين قدمت النّسويّة الغربيّة بسلوكها المنتفض على التّقاليد الاجتماعيّة، كانت تقدم النّسويّة الإسلاميّة من خلال حقيقتها الأكثر اتزانًا. وقد ذهبت النّسويات المسلمات لتجتهد في تفسير النّص الديّني من دون أن تخرج عن الحدود الشّرعيّة. ومجرد البحث في تفسير ذات النصوص هذا يعني احترامًا مضمرًا لمصدره الدّيني وللمؤسسات التي تعتمده كدستور.

رابعًا: معيار الثقافة، لقد شكلت محاولات التيارات النّسويّة تكريس قيم اجتماعيّة جديدة تتماشى مع أهدافها، اختراقًا حقيقيًّا لقواعد المجتمع الثقافيّة. وهذا يعني أنّ النّسويّة فرضت نفسها في معادلة السّلطة إن كانت تريد أو لاتريد. فبحسب “فوكو” تخضع المجتمعات لعمليّة ترويض تُمارسها مؤسسات الدّولة المختلفة، مثل المدرسة والإدارة والمستشفى والسّجن، وهي تعمل على تطبيع الفرد بطريقة غير متكافئة وفيها من العقاب ما يجعله غير قادر على مقاومتها ولا سيما أنّها تشكل سلطة غير مرئية. إلّا أنّ حقيقة السّلطة التي تمارسها النّسويّة تتخطى كونها غير مرئية بالمعنى الذي طرحه “فوكو” ولا تقوم على الإكراه بطبيعة الحال، إنّما هي سلطة متقدمة في الطرح كونها تقوم بالأصل على ردة فعل تسببت بها سلطة الدولة والمجتمع والدين معًا. فما هي هذه السّلطة؟

حتى نجيب على هذا السؤال، بإمكاننا، العودة الى ما طرحه ” بيار بورديو” حول تولُّد فكرة السّلطة في المجتمع وقبوله لها، الذي يتخطى قيامها على الإكراه أو خاصية تأثيرها النّفسيّة في نمذجة السّلوك وتنميطه على التبعيّة. فالسّلطة لدى “بورديو” متلبسة في بعدها الثقافي الذي يكرس تمايزًا بيِّنًا بين مستوى كلّ من المؤثر، والمتأثر الاجتماعي الخاضعان لإعادة إنتاج التّنظيم الاجتماعي المتظهر في الفارق الطبقي والرأسمال الرمزي الثقافي[51] . والثّقافة هنا تتملك السّلوك وتسيطر عليه وتكرسه نمطًا تتآلف معه شخصيّة أفراد المجتمع، فتصبح بذلك سلطة لا تقوم بالضّرورة على الإكراه، إنّما تجمّد كلّ آواليات المتأثرين النّفسيّة، فيحُولُ ما هو سائد في تركيب المجتمع واعتباراته، بين الأفراد وبين فكرتهم في التّغيير.

وفي ذات السّياق، كان ما استطاعت أن تقدمه النّسويّة الغربيّة على أقل تقدير وظهر بما قدمت له ” بدران” كفيلًا بأنّ يجعل التيارات النّسويّة تذهب باتجاه كونها مؤثرةً أكثر منها متأثرةً، وعلى الرّغم من أنّ هذا التأُثير في بعض الأحيان لم يصل الى مرحلة تُحقق فيها المرأة ما تصبو اليه من حقوق، إلّا أنّها تُحدثُ أثرًا بالغ القوة في المجتمع. كما تتميز النّسويّة بانتقالها من مربع المذعن لتركيبة المجتمع واعتباراته الذي يكبت تفكيره بالتّغيير الى مربع الطارح للتّغيير بأقصى حدوده. بيّدَ أن هذا المستوى من التّخلّي عن الاعتبارات الاجتماعيّة ومحاولات إثبات الذات المبالغ بحقيقتها، جنح بسلوك النّسويات، وأفكارهن لتتخطى أصل الجنس وتتناول الجندر بمحدداته النفسيّة التي تجعله متمردًا على خصائص جنسه البيولوجية ، كما جعل العالمات النّسويات ينتقلن من حالة الاجتهاد في محتوى النّصوص القانونيّة والدّينيّة، الى حالة النّظر في ظروف وجودها، من دون طرح بدائل متكافئة. وهذا ما يهدد الثقافة المجتمعيّة القائمة بأسرها، ويوجهها نحو الفراغ الثّقافي الذي يعتريه خواء في نواته الصّلبة التي ينبغي أن تقوم بالمعتقد والمسلّمات البديهيّة كوجود الجنسيّن، ومحوريّة الأسرة في تكوين المجتمع وغيرها. كما أنّ النّسويّة لم تعد من ذات سنخيّة السلطات غير المرئية التي طرحها فوكو، إنّما امتلكت من الدّيناميّة بأن تفرض أشكال تأثيرها القوي من خلال  الجمعيات، والمؤسسات التي تحوز رواجًا هائلًا في العالم وتمتلك سلطة التأثير على مجتمعاتٍ بأكملها. كذلك لم تعد النّسويّة مجرد مطالب بالتّغيير كما يمكن أن نقرأ ملامحها في نظرية “بورديو” ، وعلى الرّغم من أنهّا تشكل  رأسمال رمزي جديد دخل الى الثقافة لتوّه مشكلًا طبقة النّسويات اللاتي تطالب بحق عامّة النّساء الأقل رتبة في ترتيب الطبقات، إلّا أنّ هذه الرّمزية تخطّت ما يوازيها مع غيرها من الطبقات ممارسة السّلطة على المجتمع، لتتحول الى ثقافة جديدة تريد أن تحكم المجتمع بأسره. وهذا مانراه حاليًّا، وقد وصلنا الى زمن تستطيع أن تؤثر فيه الموجة النّسويّة الرّابعة على كلّ النّساء في العالم، أيّ ما يوازي أكثر من نصف سكانه، وأن يكون لها تأثير كبير على نسبة كبيرة من الرّجال.

ختامًا؛ وبالعودة الى النّسويّة الإسلاميّة التي تناولتها “بدران”  واختصت بها، يمكن القول إنّ هذه النّسويّة، قد تحظى بالنّجاح عندما تستطيع أن تجمع بين النقاط الآتية:

أولًا: أن تخلق حالة من التّجديد الفكري في طرح النّص الدّيني، يفتح النقاش على مسائل تحتاجها المجتمعات الإسلاميّة في سيرها نحو التّطور، وليس شرطًا أن تقتصر النقاشات على مقاربة الآيات والأحاديث ذات الصلة بشؤون النّساء، إنّما ينبغي أن تشكل المحاولات النّسويّة الإسلاميّة محرّضًا ينفتح على كل الموضوعات قيد التأويل والتفسير، ما يخلق باراديغمًا دينيًّا آخر يُخرج الحالة الدّينيّة من صبغتها اللاهوتية وجمودها الاجتماعي، لتصبح أكثر مرونةً في تشكيلها محور ثقافة مجتمعٍ متجدد ومتطور.

ثانيًّا: أن تذهب النّسويّة الإسلاميّة مذهب المطالب بالتّعديل الجذري في النصوص القانونيّة ما يلائم متطلبات الحداثة، ليس من باب انتصار النّساء في جولات انتزاع حقهن القانوني كما يروج له، وكأنّه حرب بين النّساء والقانون الذي وضعه بالغالب الرّجال، إنّما ينبغي أن تكون المطالبة أكثر عقلانيّة، إذ تطرح الموضوعات القانونيّة التي تؤثر على تقدم المجتمع وتعيق تطوره المطلوب.

ثالثًا: أن تستفيد النّسويّة الإسلاميّة من تجربة النّسويات العلمانيات في الغرب، إذ ينبغي رصد الهفوات القاتلة التي وقعت بها الأخريات لا سيما في مقاربة الجند، وما ظهر في الموجات الأخيرة من مقاربات متطرفة تُظهر المرأة على أنّها منتفضة على كل شيء، وتسلط  الأضواء على موضوعات الاغتصاب والتّحرش بالشكل الذي يُغيّب تمامًا حضور الأسرة والأدوار التّكامليّة فيها ويصرف اهتمام النّساء عنها.

أخيرًا: ما مُنح من فرصة للنّساء بأن يَكُنَّ متضافرات على مستوىً واسعٍ من السّاحات، لم يكن ليحظى به الرجال على مر التاريخ ولن يحضّون به في قادم الأيام، فهذه الخصيصة العاطفيّة التي جمعت النّساء في العالم، هي نعمة حقيقية  خلقها الله في تركيبة النّساء النّفسيّة وعلى النساء أن توظفها في مصلحة المجتمع.

المراجع العربية

الدراسات والمقالات

(ادعموا النساء في مصر لمكافحة كوفيد -19) مقالة ل مارغوت بدران، نشرت في (مركز ويلسون – برنامج الشرق الأوسط)، ضمن مبادرة دعم نساء الشرق الأوسط،  تحت عنوان  في 8- أذار – 2021

الكتب

  1. باري هندس، خطابات السّلطة )من هوبز إلى فوكو(، ترجمة ميرفت ياقوت، مراجعة، ياسر قنصوه، ط6، المجلس الأعلى للثقافة والنشر، مصر، القاهرة،2005.
  2. بيار بوديو، الرمز والسّلطة، 1983، ترجمة : عبد السلام بنعبد العال دال تويقال للنشر دار البيضاء المغرب 2007 ط3.
  3. جون كينيث جالبريث، تشريح السّلطة، ت: عباس حكيم، ط1، مطبوعات مؤسسة كورجي، دمشق،
  4. رضوان زيادة، الإسلام والفكر السياسي: الديمقراطية الغرب إيرا ن، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي،
  5. سارة جامبل، النّسويّة وما بعد النّسويّة،ترجمة: أحمد الشامي – المركز القومي للترجمة. 2020.
  6. سالم قمودي، سيكولوجيا السّلطة ” بحثٌ في الخصائِص النّفسية المشتركة للسّلطة” ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1999.

English and French references:

Articles

  1. Margot Badran (2002), “Islamic Feminism: What’s in a Name?” Al-Ahram Weekly Online no.569, 17 – 23 January, http://weekly.ahram.org.eg/2002/569/cu1.htm
  2. Sherine Hafez (Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences by Margot Badran) Journal of Middle East Women s Studies April 2011University of California, Riverside.
  3. Surveiller et punir : Naissance de la prison est un ouvrage majeur de Michel Foucault, paru aux éditions Gallimarden février 1975.

Books

  1. Arendt H (1970) On Violence. London: Penguin Books.
  2. Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences (Oxford: Oneworld Publications, 2009)
  3. Margot Badran, Feminists, Islam, and Nation: Gender and the Making of Modern Egypt, Copyright Date: 1995. Published by: Princeton University Press.
  4. Raz J (1986) the Morality of Freedom. Oxford: Clarendon Press.
  5. B, Power: a new social analysis, George Allen and Unwin, London.

 

الهوامش

طالب دكتوراه في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم علم الاجتماع السياسي. -[1]

A doctoral student at the Higher Doctoral Institute at the Lebanese University of Arts, Humanities and Social Sciences – Department of Political Sociology.Email: ziad.hamdann@hotmail.com

[1]  “مارغوت بدران” من مواليد  ١٩٣٦ في نيويورك، كانت أستاذ زائر متميز في قسم الدين في معهد دراسة الفكر الإسلامي في أفريقيا في جامعة نورث وسترن. وهي مختصة في دراسات المرأة،. وهي عالمة بارزة في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين في واشنطن، ومؤرخة في الشرق الأوسط والمجتمعات الإسلامية وأخصائية في الدراسات الجنسانية، وزميلة أقدم في مركز التفاهم الإسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون وعضو في الفريق الجنساني لمشروع الحداثيات المتعارضة في معهد كروك في جامعة نوتردام، وفريق تحالف الحضارات. وقد حاضرت على نطاق واسع في المنتديات الأكاديمية والشعبية في الولايات المتحدة، وكذلك في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. كما وحصلت “بدران” على العديد من الجوائز بما في ذلك زمالة من مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، ومنحة من معهد الولايات المتحدة للسلام، والعديد من زمالات فولبرايت بما في ذلك جائزة فولبرايت للقرن الجديد، ونالت زمالات عدة منها زمالة مؤسسة فورد، ومؤسسة روكفلر، ومجلس بحوث العلوم الاجتماعية في نيويورك، ومركز الأبحاث الأمريكي في مصر، ومعهد البحوث الأمريكي في تركيا، والمعهد الأمريكي للدراسات اليمنية. عملت”بدران” كمحررة لسلسلة بريل حول المرأة والنوع الاجتماعي في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي. وقد عملت، ولا تزال تعمل، على العديد من مجالس التحرير والاستشارات من المنشورات، بما في ذلك مؤخراً مجلة دراسات الشرق الأوسط للمرأة، هوا، وجورا جنتيوم (جامعة فلورنسا).

 [2]يشير مصطلح “الأبوي” الى  علاقات القوة التي تخضع في إطارها مصالح المرأة لمصالح الرجل، وتتخذ هذه العلاقات صوراً متعددةً بدءاً من تقسيم العمل على أساس الجنس والتنظيم الإجتماعي لعملية الإنجاب الى المعايير الداخلية للأنثوية التي تعيش بها. وتستند السلطة الأبوية إلى المعنى الإجتماعي الذي تم إضفاؤه على الفروق الجنسية البيولوجية.

[3] انظر، دراسة قدمتها “ستيفاني هودجسون- رايت”، بعنوان “بواكير النسوية” ص.26. من كتاب، النسوية وما بعد النسوية، لسارة جامبل.

[4] انظر، دراسة قدمتها ” فاليري ساندرز” بعنوان “الموجة النسوية الأولى” من الصفحة 39 الى الصفحة 50. ذات المرجع السابق.

[5] انظر، دراسة قدمتها ” سو ثورنام” بعنوان “الموجة النسوية الثانية” من الصفحة 57 الى الصفحة 64. ذات المرجع السابق.

[6] انظر، دراسة قدمتها ” سارة جامبل” بعنوان “ما بعد النسوية” الصفحة 87. ذات المرجع السابق.

[7] See Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences. p 307

[8] See, Margot Badran, Feminists, Islam, and Nation, p. 69.

[9] See, Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences. p 300

[10] See, Sherine Hafez (Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences by Margot Badran).

[11]  أنظر، مارغوت بدران، “ادعموا النساء في مصر لمكافحة كوفيد” مقالة في (مركز ويلسون – برنامج الشرق الأوسط)، نشرت في 8- أذار – 2021

[12] See, Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences, pp. 242-252.

[13] See, Margot Badran, Feminists, Islam, and Nation, p. 69.

[14] See, Margot Badran, “Islamic Feminism: What’s in a Name?” Al-Ahram Weekly Online no.569, 17 – 23.

[15] See, Margot Badran, “Islamic Feminism on the Move,” in Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences (Oxford: Oneworld, 2009), pp. 323-38.

[16] See, Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences as chapters 6 and 9, respectively.

[17] See, Margot Badran (2002), “Islamic Feminism: What’s in a Name?”

[18] See Margot Badran, Feminists, Islam, and Nation, pp. 124-141.

[19] See, Margot Badran and Miriam Cooke provide an introduction to Zain al-Din, including extracts from her books, Al-Sufurwa al-Hijab (Beirut:  1927) and Al-Fatah wa al-Shuyukh (Beirut:  1928), in Opening the Gates: An Anthology of Arab Women’s Writing, 2nd ed. (Bloomington, IN:  University of Indiana Press, 2004; first edition under the title Opening the Gates: A Century of Arab Women’s Feminist Writing, 1990.

[20]See, Margot Badran, Feminism in Islam: Secular and Religious Convergences, p 18.

[21] See, Ibid, p,192.

[22] See, Ibid, p,17.

[23] See, Ibid, p ,73.

[24] See, Ibid, p, 219.

[25] See, Margot Badran (2002), “Islamic Feminism: What’s in a Name?” Al-Ahram Weekly Online no.569, 17 -23 January, http://weekly.ahram.org.eg/2002/569/cu1.htm &.

[26] For example:  Kecia Ali, Asma Barlas, Fatima Mernissi, Ziba Mir-Hosseini, Sa’idiyya Shaikh, Hidayet Tuksal and Amina Wadud.

[27] For example:  Ahmad al-Khamlichi, Professor of Muslim law at Muhammad V University, in preparing the book of Fatima Mernissi (Le harem politique), & The Egyptian Islamic scholar, Nasr Abu-Zayd, has given serious attention to Islamic feminist scholarship and has himself pushed the parameters of examinations of gender and equality in Islam.

[28]  See, Ibid.

[29] See, Ibid.

[30]  أنظر، المرجع السابق، حيث تُبيّن بدران ما يشير إليه أبو زيد وأركون وروني بـ “التأسيسية” على  أنه الميل إلى البقاء في أَسِر التقليد العلمي (الأبوي) الذي يرغبون به، في حين أن بعض منتجي الخطاب النسوي الإسلامي يظلون راسخين في المرحلة الأولى التي تستمر رغم الميول الحديثة، فإن البعض الآخر وبعد أن تحرروا من قيود الاعتذارات ، ابتعدوا عن التأسيسية إلى فضاء يطلق عليه روني “ما بعد التأسيسية الإسلامية.

[31]  عالمة الأنثروبولوجيا القانونية الإيرانية المولد زيبا مير حسيني، مقيمة في لندن، تعمل كمستشار دولي وأستاذ زائر في جامعة نيويورك .

[32] See, Ibid.

[33] See, Ibid.

[34] See, Ibid.

[35] See, Ibid.

[36] See, Ibid.

[37] اختصار لعبارة؛ “النساء اللائي يعشن في ظل قوانين المسلمين”، قادت هذه الشبكة، الناشطة النسوية الجزائرية المولد “مريم هيلي لوكاس”.

[38]اختصار لعبارة؛ “المعهد العالمي للأخوات المسلمات” تعتبر الأمريكية الإيرانية المولد مهناز أفخامي في طليعة النسويات العلمانيات البارزات التي نشطت من خلال هذه الشبكة العابرة للحدود والتي اسستها النسوية الأمريكية البارزة “روبن مورغان” في عام 1984.

[39] تُعرّف المباردة نفسها على انها الحركة العالمية للمساواة والعدالة في الأسرة المسلمة ، وهي المبادرة التي قادت مجموعة الأخوات في الإسلام في ماليزيا.

[40] وهي اختصار لعبارة (مبادرة المرأة الإسلامية في الروحانيات والمساواة) ، تم إنشاؤها بمبادرة ASMA (الجمعية الأمريكية لتقدم المسلمين) ، في العام 2006. غالبية “نساء وايز” مسلمات ولكنها ترحب بنشاط غيرالمسلمات،  تميزت “وايز” بإطلاق “مجلس الشورى”.

[41] انظر، باري هندس، خطابات السلطة )من هوبز إلى فوكو(، ص43.

[42]  انظر، رضوان زيادة، الإسلام والفكر السياسي، ص52.

[43]  See, B. Russell, Power: a new social analysis, George Allen and Unwin, London, 1954, p.359

[44] انظر، جون كينيث جالبريث، تشريح السلطة، ص، 17.

[45] انظر، سالم قمودي، سيكولوجيا السلطة، ص، 114.

[46] See, Raz J (1986) the Morality of Freedom. Oxford: Clarendon Press, P.26.

  [47] باري هندس، خطابات السلطة )من هوبز إلى فوكو(، ترجمة ميرفت ياقوت، مراجعة، ياسر قنصوه، ط6، المجلس الأعلى للثقافة والنشر، مصر، القاهرة،2005، ص127.

[48] See, Roger Deacon, Strategies of Governance Michel Foucault on Power /Theoria: A Journal of Social and Political Theory/No. 92, Justice, Equality and Difference (December 1998), pp. 113-148 (36 pages) Published By: Berghahn Book.

[49]  See, Michel Foucault, Surveiller et punir, naissance de la prison/ المراقبة والعقاب

[50]  See, Arendt H (1970) On Violence. London: Penguin Books, p.45.

 [51] بيار بوديو، الرمز والسلطة، 1983، ترجمة : عبد السلام بنعبد العال دال تويقال للنشر  دار البيضاء المغرب 2007 ط3، ص ص 67-68.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website