العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين من المدارس الرّسميّة اللبنانيّة
عنوان البحث: العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين من المدارس الرّسميّة اللبنانيّة
اسم الكاتب: عباس مزهر
تاريخ النشر: 18/07/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 32
تحميل البحث بصيغة PDF
العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات
لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين من المدارس الرّسميّة اللبنانيّة
The relationship between professional compatibility and self-actualization
I have a sample of male and female teachers from Lebanese public schools
Abbass Mouzherعباس مزهر([1])
Dr. Narmin Mouhammadأ.د. نيرمين محمد([2])
Dr. Helga Alaadineد. هلكا علاء الدين([3])
تاريخ الإرسال: 21-6-2024 تاريخ القبول: 2-7-2024
الملخّص
تناولت هذه الدّراسة العلاقة بين التّوافق المهني، وتحقيق الذّات لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين في عدد من المدارس الرّسميّة، في محافظة لبنان الجنوبي. وقد هدفت الدّراسة إلى التعرّف إلى طبيعة العلاقة بين التّوافق المهني، وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين ضمن القطاع التّربوي التّعليمي في عدد من المدارس الرّسميّة، وكذلك كشف تأثير عوامل النّوع والمستوى الدراسي، والعمر على التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة. وتكوّنت العيّنة من (128) معلّمة ومعلّمًا، (64) معلّمة و(64) معلّمًا، وقد اختيرت بالطريقة القصديّة، من مستويَين دراسيَّين (إجازة – دراسات عُليا)، وضمن فئة عمريّة من (25) إلى (60) سنة، وفي مدراس رسمية محدّدة من قضاء صيدا في محافظة لبنان الجنوبي. وقد استُخدِم مقياس التّوافق المهني من إعداد (عبيد، 2014)، ومقياس تحقيق الذّات الذي صمّمه (إبراهيم، 2015). وقد أسفرت النتائج عن وجود علاقة جوهريّة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة، ولم تظهر فروق في التّوافق المهني تُعزى لعاملَي النوع والعمر، كما ظهرت فروق ذات دلالة إحصائيّة في ضوء عامل المستوى الدّراسي لصالح الذكور، بينما ظهرت فروق في مستوى تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل النوع لصالح الإناث، ولم تظهر أيّة فروق في ضوء عاملَي المستوى الدّراسي والعمر.
الكلمات المفتاحيّة: التّوافق المهني، تحقيق الذّات، القطاع التّعليمي.
Abstract
This study examined the relationship between occupational adjustment and self-actualization among a sample of male and female teachers in public schools in South Lebanon Governorate. The study aimed to identify the nature of the relationship between occupational adjustment and self-realization among a sample of teachers within the educational sector in a number of public schools, as well as to know the effect of gender, academic level, and age on occupational adjustment and self-realization among the sample members. The sample consisted of (128) male and female teachers, between (64) females and (64) males, as it was selected intentionally, from two levels of study (bachelor degree – postgraduate studies), and was included in the category Ages from (25) to (60) years, and in specific public schools from Sidon District in the South Lebanon Governorate.
The occupational adjustment scale prepared by (Obaid, 2014) and the self-actualization scale designed by (Ibrahim, 2015) were used. The results revealed a fundamental relationship between occupational adjustment and self-realization among the sample, and no differences appeared in occupational adjustment according to the factors of gender and age, and statistically significant differences appeared slightly in the academic level factor in favor of males, while differences in the level of self-realization among the sample members according to the gender factor in favor of females, no differences emerged accordinat the educational level and age.
Keywords: occupational adjustment, self-actualization, educational sector)
المقدمة
يسعى الفرد طوال حياته إلى التّوافق مع نفسه ومع بيئته الاجتماعيّة، ويستخدم في ذلك قدراته وإمكاناته لإشباع حاجاته ورغباته بما لا يتعارض مع القيَم والمعايير السّائدة، حتى يحقّق الرّضا والسعادة، والاستقرار وفي حال عدم قدرته على التّوافق وإشباع حاجاته قد يُصاب بالإحباط والضيق. وهناك عدّة أنواع للتوافق هي التّوافق النّفسي أو الذّاتي، التّوافق الاجتماعي، التّوافق المهني، التّوافق الأسري، التّوافق الدّيني، التّوافق الدّراسي، والتّوافق الزّوجي. أمّا التّوافق المهني فهو أساس النّجاح في مجالات العمل، لاسيما ميدان التّربية والتّعليم إذ يعدُّ المعلّمون أنّهم يحملون رسالة عظيمة في بناء الأجيال، ما يحدّد لهم غاية مثاليّة تساهم في تحقيق الذّات والرّضا عن مهنتهم. ومن الضروري أن تسعى كلّ مدرسة إلى تحقيق التّوافق المهني بين المعلّم ومهنته، وتوفير مناخ تنظيمي ملائم للتكيّف مع البيئة التّربوية التي يعمل فيها، ويشترط التّوافق المهني ظروفًا داخليّة مُريحة للعمل ومناسبة لتحقيق رضا المعلّم عن مهنته، وهو يتجلّى في نمط الحياة لدى الأفراد أفراد الهيئة التّعليميّة في المدارس. “وعندما يكون المعلّم متوافقًا مهنيًّا تزداد قدرته على الإنتاج والتّركيز والاهتمام بعمله، أمّا المعلّم الذي يُعاني من سوء التّوافق المهني تظهر عليه أعراض الخمول، وقلّة الإنتاجيّة وعدم التّركيز وسوء العلاقة مع تلاميذه وزملائه ورؤسائه” (راضي، 2014، ص. 536). فالمدرسة هي بيئة عمل تتيح للفرد إظهار قدرته ومواهبه وابتكاراته وإتقان عمله، وهي تحتاج إلى مدرّسين متوافقين مهنيًّا لتتحقّق غاياتها ورسالتها المنشودة على قاعدة الحريّة الشّخصيّة والارتياح والتّعاون والمكافآت والاكتفاء، “فكلّما كان العمل متّسمًا بروح الدّيمقراطيّة وسهولة التّفاعل ويُسره، ومراعاة الحاجات الخاصة للموظّفين، والسّماح لهم بالمشاركة في تخطيط العمل الموكل إليهم، كلّما ساعد ذلك على زيادة إقبالهم على أعمالهم، وبذلك يزيد الجهد ومظهر العطاء، ما يؤدّي إلى تحقيق الأهداف المطلوبة (عويضة، 1996، ص. 13). فالتّوافق المهني التّربوي يتطلّب شعور المدرّس بالحرّيّة وعدم تعرّضه للاستغلال، وكذلك الإحساس بأهمّيّة وجوده ودوره داخل المدرسة التي يعمل فيها.
إنّ التّوافق المهني يقوم على أساس رضا الفرد عن عمله وحياته، والرضا يدلّ على الدّرجة الكليّة لما يشعر به الفرد من مشاعر إيجابيّة نحو عمله، وكذلك تجاه إدارة التّطوير الذي يحصل ضمن بيئة العمل، و الرضا عن الزملاء، والرّضا عن ظروف العمل، والرّضا عن طبيعة العمل والمؤسسة، والرّضا عن المسؤول. أمّا الإرضاء فهو درجة كفاءة العامل وأهليّته وتأقلمه، والطريقة التي يقدّره بها رؤساؤه وزملاؤه، ويتضمّن إرضاء المسؤول والزملاء والانضباط واتباع نظام سير العمل (بن عمارة، 2010، ص. 358). ويؤدي التّوافق المهني دورًا مهمًّا في نجاح مهنة التّعليم، ويُعدّ هذا مؤشّرًا لها. وهو يعكس رضا المعلّم عن عمله وعن محتواه البيئي وعلاقته بزملائه، ووجهة نظره في رؤسائه والمشرفين عليه، كما يسعى إلى إشباع حاجاته وتحقيق طموحاته، من أجل تحقيق التّوافق المهني لديه. وهذا التّوافق متغيّر حسب الظروف والمراحل، فما يُرضي الموظّف الآن قد لا يرضيه مستقبلًا (أبو سبيحة، 2019، ص. 37). فالهدف الرئيس لكلّ الموظّفين – بما فيهم المدرّسون – هو تحقيق الذّات من خلال مهنتهم.
من أبرز المهتمّين بتحقيق الذّات “أبراهام ماسلو Maslow” الذي “ركّز على القوى الدّاخليّة الفريدة للإنسان الدّافعة إلى تحقيق ذاته، خلافًا لروجرز الذي اهتمّ بدراسة العوائق التي تعترض سبيل تحقيق الذّات” (مزور، 2020، ص. 129). وقد استخدم ماسلو “مصطلح تحقيق الذّات لوصف رغبة داخليّة، لا قوة دافعة تقود المرء إلى إدراك مقدّراته، إذ لا يرى أنّ تحقيق الذّات يحسم حياة الإنسان، بل يعطيه حافزًا لإنجاز تطلّعات ناشئة”. (Gleitman, Fridlund, & Reisberg, 2004) ويحتلّ تحقيق الذّات وتقديرها أعلى تسلسل في هرم ماسلو للاحتياجات، “ويعدُّه أنّه الصّيرورة، أي الإنسان الكامل هو الذي يبلغ تحقيق الذّات” (Goble, 1980, p. 25) . لذلك يكتسب تحقيق الذّات أهميّة كبرى في الدراسات والأبحاث النّفسيّة، كونه الهدف الوجودي الذي يسعى وراءه الفرد.
ويعدُّ Rogers أنّ كلّ فرد يحتاج إلى أن يحصل من الآخرين المهمّين على الاعتبار الإيجابي والدّفء العاطفى والقبول، إذ إنّ الفرد يعمل كلّ شيء لإشباع هذه الحاجات، فالأفراد مدفوعون ليحقّقوا إمكانيّاتهم كاملةً، وتنمية هذه الإمكانيات تتطلّب فهم الذّات ونمط حياة سوي، كما أنّ الأفراد ذوي التّوافق الجيّد لديهم مفاهيم واقعيّة عن الذّات، وهم واعون بدقّة لعالمهم، منفتحون على كلّ الخبرات كما أنّهم على درجة عالية من فهم الذّات، بينما الأفراد المضطربون هم الذين أهملوا خبراتهم الشّخصية، وحادوا عن ذواتهم الحقيقيّة (السرحاني، 2023، ص. 5). وقد أشار Holter إلى أنّ مسارات تحقيق الذّات هي “الأنواع التي يستخدمها الفرد بغرض تحديد ذاته وتحقيقها، ولتعيين حدود الذّات يجب الأخذ بالحسبان الطّرق المتعدّدة التي يُعرّف الناس أنّفسهم بها، ويسعون من خلالها إلى تحقيق ذواتهم” (عبد اللطيف، 2000، ص. 27)، فتحقيق الذّات “هو الكفاح نحو الكمال وتحقيق إمكانات الفرد الفطرية” (Bruno, 1983, p. 108).
إذًا، فالتّوافق المهني وتحقيق الذّات متلازمان لدى الفرد في كلّ مهنة، يؤثّر ويتأثّر كلٌّ منهما بالآخر. ويحتاج المعلّمون في مهنة التّعليم إلى التّوافق المهني داخل مدارسهم، وكذلك يسعون إلى تحقيق الذّات من خلال مهنتهم التّربوية والتّعليميّة. ولكن اليوم حدث تراجع خطير في قطاع التّربية والتّعليم، ولم يعُد يجذب المتخرّجين الجامعيّين، لا بل ظهرت الكثير من حالات الاستقالات والاستيداعات في هذا القطاع، بفعل الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي ضربت مكانة المعلّم ودوره، وأفقدته قيمة راتبه وجعلت إنتاجيّته تنخفض بصورة مُزرية. لذلك تأتي هذه الدّراسة لتبحث مفهومَيّ التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين في عدد من المدارس الرّسميّة اللبنانيّة.
أولاً: الإطار المنهجي للدّراسة
1- إشكاليّة الدّراسة وتساؤلاتها: لا شكّ في أنّ كلّ مهنة تتطلّب من العامل أو الموظّف أن يتمتّع بالتّوافق المهني ليستطيع الاستمرار بها، وليحقّق مستوى مرتفع من الإنتاجية، وليشعر بالانتماء والفاعليّة في عمله بمختلف المجالات. فالتّوافق المهني في مجال التّعليم هو “أحد أشكال التّوافق النّفسي والاجتماعي، إذ يعمل على تحقيق الأهداف التّربويّة، والتّعليميّة وعلى بناء علاقات إيجابيّة بين المعلّم والتلاميذ والإداريين والمشرفين من أجل نشوء عمليّة تشاركيّة تكامليّة بين جميع العناصر” (عبد الهادي و العزة، 2014، ص. 29). وهنا يتجلّى تحقيق الذّات لدى المعلّم في “حاجته الأساسيّة إلى توظيف إمكاناته وقدراته وترجمتها إلى حقيقة واقعيّة ترتبط بالتّحصيل والإنجاز والتّعبير عن الذّات” (بن داوود، 2020، ص. 20).
خلال شهر آب 2019 ظهرت في “لبنان” أزمة اقتصاديّة حادّة، وبدأت تتصاعد وتتراكم تدريجيًّا حتى بلغت ذروتها في الوقت الراهن، من دون وجود أفق زمني واضح، ومحدّد لنهاية هذه الأزمة والتي أنتجت آثارًا سلبيّة على القطاع التّربوي التّعليمي في لبنان، وخاصة المدارس الرّسميّة والمدرّسين العاملين فيها. فقد بدأ سعر الصّرف الموازي في التحوّل عن سعر الصّرف الرّسمي، حتى فقَدَ المدرّسون حوالى (90%) من قيمة رواتبهم في ظلّ ارتفاع أسعار السلع وتفاقم الصعوبات المعيشيّة. وبعد أشهر قليلة وتحديدًا في كانون الأول 2019 انفجرت جائحة “كورونا” العالمية، وعمّقت الأزمة الاقتصاديّة اللبنانيّة، ما أدّى إلى إغلاق المدارس الرّسميّة وغيرها من المؤسّسات، وساهم في تعقيد هذه المشكلة التي تجلّت بالشّكاوى الدائمة للمدرّسين والتلاميذ وأهاليهم. ومع ظهور جائحة “كورونا” في أيلول 2022،. تفاقمت الأزمة في القطاع التّربوي، فقامت وزارة التّربية والتّعليم العالي بصرف الكثير من المدرّسين من فئة (المتعاقدين) وفئة (المُستعان بهم)، وكُثِّفت ساعات التّعليم للمدرّسين من فئة (المتفرّغين في ملاك الوزارة)، ما جعل المعلّمين يقومون بأعمال مضاعفة من دون أجرٍ مقابل زيادة جهودهم.
وبحُكم عمل الباحث كمشرف في وزارة التربيّة، والتّعليم العالي تسنّى له الاطلاع المباشر على مشكلات المعلّمات، والمعلّمين في المدارس الرّسميّة اللبنانيّة الذين لا زالوا يعانون حتى هذه اللحظة من تدنّي مستوى الأجور، وغياب الحوافز والعمل تحت ظروف اقتصاديّة واجتماعيةّ ضاغطة، وقد حصلوا على بدل إنتاجيّة زهيد لقاء التعليم عن كلّ يوم حضور، ما حوّل المدرّس إلى أجير يومي. وما زاد هذه المُشكلة تعقيدًا وصعوبةً تدفّق آلاف التّلامذة اللبنانيين النازحين من المدارس الرّسميّة للقرى والبلدات الجنوبيّة على حدود فلسطين المحتلّة هربًا من الحرب التي دمّرت بيوتهم وأحياءهم، إضافةً إلى وجود عدد هائل من التّلامذة السوريّين اللاجئين إلى “لبنان”، والمندمجين في مدارسه الرّسميّة. ومن خلال اللقاءات الدّوريّة مع المدرّسين والاستماع إلى شكاواهم تبيّن مدى شعورهم بالإحباط واليأس والحزن، وانتقاداتهم الدّائمة للعمل في قطاع التربية والتّعليم أثناء الظروف الراهنة، وإظهارهم النّدم على اختيار مهنة التّعليم، ورغبة الكثيرين منهم بالاستقالة والبحث عن وظيفة أخرى، واضطرار بعضهم إلى العمل بعد دوامهم الرسمي في مجالات لا ترتقي إلى مستوى رسالة التربية والتّعليم لسدّ العجز المعيشي. فهم ليسوا راضين عن حياتهم المهنيّة، غير متوافقين مع الواقع الصعب والمُحبط لمهنة التعليم في ظلّ الانيهار الاقتصادي، كثيرو اللوم والتّذمّر، سريعو الانفعال، مُحبَطون، مُتشائمون، مُتعَبون، يشتمون الظروف التي أوصلتهم إلى ما يصفونه بالحضيض والذلّ ونقصان الكرامة والجري خلف لقمة العيش، وكذلك فقدانهم إيمانهم برسالة التّربية والتعليم، وانخفض مستوى تقديرهم لذواتهم ومهنتهم. وإزاء هذه الأحوال الصّعبة تبيّن بوضوح وجود اضطراب في التّوافق المهني لدى المعلّمات والمعلّمين، وإحساس عارم بالإحباط الذي يُعيق تحقيق الذّات لدى هذه الفئة في القطاع التّربوي التّعليمي.
وبناءً على ما تقدّم، يُمكن صياغة تساؤلات الدّراسة على النحو الآتي:
– ما العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة من المعلّمات والمعلّمين في عدد من المدارس الرّسميّة اللبنانية في جنوب لبنان؟
– هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة في التّوافق المهني لدى المعلّمات والمعلّمين تُعزى لمتغيّرات النوع والمستوى الدراسي والعمر؟
– هل هناك فروق دالّة إحصائيًّا في تحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين تُعزى لمتغيّرات: النوع والمستوى الدراسي والعمر؟
2- أهميّة الدّراسة: تتجلّى أهمّيّة الدّراسة في عرض إطار نظري يضمّ العديد من النّظريّات والشّروحات والأدبيّات والمعلومات التي تناولت متغيّرَيّ: التّوافق المهني وتحقيق الذّات. وتكتسب أهميّة نظريّة في كشف العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى المدرّسين. كما تُعدُّ الدّراسة من الدّراسات القليلة في لبنان التي تُعنى بعلم نفس العمل أو علم النّفسي التّنظيمي/ المهني، إذ من النّادر أن يتطرّق الباحثون اللبنانيون إلى هذا الميدان من ميادين علم النّفس. وتجمع الدّراسة بين مفاهيم متنوّعة من مجالات علم النّفس: التّوافق المهني (علم نفس العمل)، تحقيق الذّات (علم النّفس الفردي/ الشّخصيّة)، والقطاع التّعليمي (علم النّفس التّربوي). وتكمن أهميّتها أيضًا في التّعرّف إلى أزمات قطاع التربيّة والتّعليم في لبنان، وتسليط الضوء على مشكلات المعلّمات والمعلّمين في مهنتهم التّعليميّة.
تسعى هذه الدّراسة إلى تحديد الأزمات التي يُعاني منها القطاع التّربوي التّعليمي في لبنان، خاصةً في مضمار التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين، ما يتيح فهم المشكلات وتشخيصها، وتقديم الحلول الملائمة. قد تساعد نتائج الدّراسة المختصّين والمسؤولين في رسم الخطط، والسّياسات العمليّة التي تؤدّي إلى تطوير أداء المدرّسين وتحسين ظروفهم وتكريس توافقهم المهني وتحقيق ذواتهم. كما قد تقدّم حلولًا إلى المؤسسات والمدارس التّابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم العالي في لبنان، لتخطّي الأزمات المهنيّة، ووضع البرامج التي تسهم في تطوير القطاع التّربوي التّعليمي. وربّما تساهم الدّراسة في حثّ الباحثين على الاهتمام بموضوعات علم النّفسي المهني، والتّركيز على المشاكل والأزمات في قطاعات العمل اللبنانيّة، التي لا تنال اهتمامًا مقبولًا في لبنان. ويمكن أنْ تكون هذه الدّراسة مرجعًا علميًّا للطلبة الجامعيين وللباحثين وللمختصّين ولمديري المدارس ورؤساء المناطق التّربوية، ليستفيدوا منها في المجالات الإدرايّة والمهنيّة والاجتماعيّة والنّفسيّة، فهي إجراء دراسة ميدانيّة وتحليلات واقعيّة، وربط الدّراسة بالمعطيات النّظريّة بُغية الوصول إلى نتائج حقيقيّة وعلميّة، تكون منطلقًا لمواصلة البحث والتّعمّق فيه، وفتح آفاق بحثية لدراسة هذا الموضوع في مختلف الميادين العلميّة.
3- أهداف الدّراسة: تهدف الدّراسة إلى ما يلي:
– التعرّف إلى طبيعة العلاقة بين التّوافق المهني، وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين ضمن القطاع التّربوي التّعليمي في عدد من المدارس الرّسميّة.
– كشف فروق عوامل النّوع والمستوى الدراسي والعمر على التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة.
4- مصطلحات الدّراسة
أ- التّوافق المهني: عرّفه صبرة محمد علي وآخرون 2004 أنّه “قدرة الفرد على التلاؤم والتّكيّف السليم لبيئته الماديّة والاجتماعيّة في شتى صورها البيئيّة، الأُسريّة، المهنيّة، الدّراسيّة، العاطفيّة، الدّينيّة” (محمد علي، 2004، ص. 30). ويرى أيزنك Eysenk أنّ التّوافق المهني هو “الحالة التي تتناول حاجات الفرد ومطالبه بالنسبة إلى البيئة التي تحقّق له الإشباع الكامل”(Wilson A. , 2001, p. 361). وقد عرّفه هرغنان Hergenahan”حالة من التّوازن والانسجام والرضا الذّاتي، يتوصّل إليها الفرد عندما تكون مختلف مكوّنات الذّات متوافقة مع إمكاناتها وواقعها الخارجي” (Hergenhan, 1980, p. 72).
ويتبنّى الباحث التّعريف الإجرائي للتوافق المهني الذي وضعته (عبيد، 2014)، بوصف مدى ومستوى قدرة العامل على التّوافق مع بيئته المهنية ورضاهم عن ظروف عملهم، ويتمثّل هنا بالدّرجة الكليّة التي يحصل عليها أفراد العيّنة من المعلّمات والمعلّمين، عبر إجاباتهم على مقياس التّوافق المهني.
ب) تحقيق الذّات: عرّفته الدسوقي “أنّه إدراك الفرد لذاته نفسيًّا وجسميًّا وعقليًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا في ضوء علاقته مع الآخرين ومع محيطه” (الدسوقي، 1991، ص. 63). وعدّه حمدي “أنّه مفهوم شامل يتضمّن الأفكار والمشاعر جميعها عند الفرد، والتي تعبّر عن خصائص جسمه وعقله وشخصيّته، بما في ذلك معتقداته وقيَمه وخبراته السابقة وأهدافه وطموحاته الشّخصيّة وقدراته على تحقيقها” (داود، 1997، ص. 63). بحسب كارل روجرز 1961 Carl Rogers فإنّ “تحقيق الذّات عمليّة مستمرّة مدى الحياة، إذ يُحفاظ على مفهوم الحياة لدى الفرد، وتعزيزه من خلال التّفكير وإعادة تفسير التجارب المختلفة التي تمكّن الفرد من التّعافي والتّغيير والتّطوير، إذ إنّ نزعة الإنسان لتحقيق ذاته وإمكاناته هي تفعيل كامل قدرات الكائن الحيّ والتّعبير عنها” (Rogers, 1961, p. 382). ويعرّفه ماسلو Maslow على أنّه “نموّ باطني لما هو موجود أصلاً في الكائن الحيّ، أو بصورة أدقّ لماهيّة الكائن الحيّ، إذ إنّ تحقيق الذّات محكوم بالنموّ لا بالحاجة” (Maslow, 1968, p. 51).
ويتبنّى الباحث التعريف الإجرائي لتحقيق الذّات الذي وضعه (إبراهيم، 2015) بوصفه شعورًا ذاتيًّا لدى العامل بتحقيق إمكاناته الذّاتية، ورضاه الذّاتي ودوره الوظيفي والعائدات المعنوية التي يؤمّنه هذا الشعور بتقدير واحترام الذّات، ويتحدّد هنا بالدرجة الكليّة التي يحصل عليها أفراد العيّنة من المعلّمات والمعلّمين، من خلال إجاباتهم على مقياس تحقيق الذّات.
ثانيًا: مفاهيم ونظريّات الدّراسة
1- التّوافق المهني
1-1- مفهوم التّوافق المهني:يُعدّ التّوافق من المفاهيم الأساسية المهمَّة في علم النّفس، فالحياة بكاملها عملية توافق، إذ إنّ الإنسان في مسيرة حياته يواجه العديد من الأحداث، والمواقف التي يجب عليه أن يتوافق معها، وقد تعدّدت مفاهيم التّوافق حتى أصبح معناه يتوقّف على الموقف الذي يستخدم فيه، فقد أشار (حسونة، 2002، ص. 15) إلى أنّ “مفهوم التّوافق قد يُستخدم بمعنى قبول الأشياء التي لا تستطيع السّيطرة عليها، وقد يأتي بمعنى الاتفاق مع الأغلبيّة في الأفكار والأفعال، أو قد يأتي بمعنى التّوافق بين الرغبات”. ويُعدّ موضوع التّوافق المهني من المواضيع المهمّة التي تطرّق إليها الباحثون بشكل متكرّر، وذلك بسبب أهمّيّة التّوافق المهني في المؤسسات كافة ، إذ إنّ ارتفاع مستوى التّوافق المهني عند العاملين مؤشرٌ على نجاح العمل، “وهو يعزز اهتمام الفرد بتقدّم العمل في المؤسسة ويزيد من الدّافعيّة لدى العامل لبذل المزيد من الجهود التي تُعطي العمل دفعة إلى الأمام” (الدليجي، 2002، ص. 3)، ولكن ما اتفق عليه غالبيّة المفكرين أنّ التّوافق هو قدرة الفرد على تحمل مستويات عالية من القلق، والتّوتر والصّراع الدّاخلي ومحاولة إشباع حاجاته الجسميّة والنّفسيّة والانسجام مع المجتمع، “والتّوافق عملية مركبة من عنصرين أساسيين: الفرد والبيئة المحيطة، ويجب أن تكون العلاقة بينهما منسجمة وديناميّة مستمرة” (الدعدي، 2009، ص. 36).
2-1- النّظريّات المفسّرة للتوافق المهني: النّظريّات المهمّة والشروحات التي تفسّر عملية التّوافق المهني:
- النّظريّة المادية (تايلور): ظهرت هذه النّظريّة في أمريكا (1856-1915) ورائدها هو “تايلور Taylor”، وعُرفت هذه النّظريّة باسم التنظيم العلمي للعمل، وقد حدّد من خلالها الأسس العلميّة والماديّة والمهنيّة والتي تعمل على تحسين الإنتاجيّة المهنيّة بأقلّ جهد ووقت ممكن. وترى هذه النّظريّة أنّ الإنسان بطبيعته يسعى إلى زيادة أمواله وإنتاجه، إذ يعمل على زيادة الإنتاج لزيادة مردوده المادي وجمع أكبر مبلغ ممكن. وقد أدّت ركّزت تايلور على زيادة الإنتاجيّة، وقد كرّس مفهوم الإدارة العلميّة في نظريته التّنظيمية” (Berg, 2009, p. 2). وعدَّ “تايلور” أنّ الأجر والمكافآت الماديّة هما أساس التّوافق المهني. وبناءً على ذلك يمكن تقسيم أعمال “تايلور” على الأسس الآتية: دراسة العمل بأجزاءه كافة دراسة ميدانيّة أي بالملاحظة وليس بالأعمال المكتبيّة، اختيار العمال على مبادئ وخطوات واضحة وسليمة، تدريب العمال على الأعمال الموكلة إليهم، تقسيم العمل بين العمال وتحديد واجبات كلّ من الرّؤساء والمرؤوسين، ضرورة التّعاون بين العمال والإدارة بهدف زيادة الإنتاج، والعمل بنظام الحوافز التشجيعية.
- نظرية ألأنماط المهنية (هولاند Holland): “جون هولاند” هو رائد هذه النّظريّة التي تؤكّد أهمية التّوافق ما بين السّمات الشخصية والميول المهنية، وتنطلق هذه النّظريّة من مبدأ أنّ الميول المهنيّة هي أحد مظاهر الشّخصية للفرد. ويرى هولاند أنّ المزاوجة بين أنماط الشّخصيّة مع أنماط البيئة التي تشبهها يؤدّي إلى التّوافق المهني، إذ إنّ الشخص يختار مهنة تتشابه مع صفاته، وميوله وهذا ما يؤدي إلى التّوافق المهني، وقد صنّف البيئات المهنية على أساس تقسيمها إلى ست بيئات، وصنف أنماط الشّخصيّة على أساس ستة أنماط أيضًا وأطلق عليها مسمّى التطور الهرمي للسّمات الشّخصيّة، ويمثل هذا التّطور الهرمي عملية تكيّف الفرد مع البيئة المهنيّة، وأطلق نفس اسم الأنماط الشّخصيّة على البيئات المهنيّة، وصنفها إلى عدّة بيئات متنوّعة. فالبيئة الواقعية تضمّ المهَن الآلية الميكانيكيّة: كالعمّال والفلاحين وسائقي الآليات والشّاحنات، والبيئة العقليّة التي تحتوي على مهَن تتطلّب العلم والابتكار: كالأطبّاء والباحثين والمهندسين والكيميائيّين والفيزيائيّين، أمّا البيئة التقليديّة فهي التي تقتصر على المهَن الروتينيّة الملتزمة مثل: السكرتاريّة والمكتبيّة والتنظيميّة والإداريّة، بينما البيئة الاجتماعيّة تحوي الأعمال ذات القيَم الإنسانيّة والثقافيّة: كالتّعليم والعلاج النّفسي والإرشاد الاجتماعي، والتّوجيه التّربوي في حين أنّ أصحاب التوجّه الفني الإبداعي الحسّي يشكّلون البيئة الفنيّة: كالشّعراء والأدباء والموسيقيّين والرسّامين والممثلين، أمّا البيئة المُغامرة فتمثّل المجالات الاقتصاديّة والتّجاريّة والسياسيّة والإعلاميّة: كرجال الأعمال والسياسيّين والمحامين والصحفيّين والإعلاميّين (عبد الهادي و العزة، 2014. ص. 62).
- نظرية النمو المهني (سوبر Soper): “دونالد سوبر” أسّس هذه النّظريّة التي من خلالها وظّف الإرشاد النّفسي في المجال المهني، وتسمى “نظرية النّمو المهني”. وقد اعتمد “سوبر” في تشكيل نظريته وتطويرها على الأسس الآتية: “مفهوم الذّات الشّخصيّة إذ يدرك الفرد أنّه متميّز ومختلف عن الآخرين، مفهوم الذّات المهنية وتعني أنّ الذّات المهنية تتطوّر بتطوّر ذات الفرد، علم النّفس الفارقي ويهتمّ بدراسة الفروق الفرديّة بين الأفراد أي أنّ الأفراد يتفاوتون بمستوى الذكاء والقدرة والكفاءة، علم نفس النّمو الذي يرى أنّ طريقة الإنسان في التكيّف خلال مرحلة من مراحل حياته يمكن أن تساعد بالتنبؤ بمراحل لاحقة، منذ الولادة وحتى الشّيخوخة” (عبد الهادي و العزة، 2014. ص. 45). وهكذا نستنتج أنّ التّوافق المهني يتفاوت حسب السنّ، ويختلف باختلاف المراحل العمريّة. ويزداد توافق الفرد مع عمله وحياته كلّما وجد مكانًا مواءمًا لتنمية مهاراته وإثبات جدارته وإظهار كفاءته (الكلباني، 2011، ص. 6-7). وقد ربط “سوبر” بين النضج المهني وبعض المتغيرات، مثل العوامل البيولوجيّة والاجتماعيّة، العوامل المهنيّة، العوامل البيئيّة، تحصيل الأفراد، ومفهوم الذّات.
- نظرية (منيسوتا Minisota) للتوافق المهني: يرى منيسوتا (Minisota) أنّ استقرار العامل في وظيفة معيّنة هو المحكّ النّهائي للتوافق المهني، بوصف أنّ بقاء الموظف في عمله لمدّة طويلة دليل على توافقه مع العمل. وقد تبلورت هذه النّظريّة ضمن أبحاث علم النّفس المهني في قسم علم النّفس بجامعة مينيسوتا، وهي من النّظريّات التي تفسّر علاقة الفرد بالمحيط، أيّ التّفاعل بين الفرد وبيئة العمل، وتكيّف الفرد مع محيطه المهني. وفي هذا السّياق تستخدم نظرية التكيّف مع العمل لمينيسوتا مفهومين رئيسين هما: الموائمة والتّفاعل (عبد الهادي، 2006، ص. 153). وتعتمد هذه النّظريّة على مدلولين أساسيَّين هما: المواءمة والتّفاعل بين الفرد وبيئته المهنيّة: فالموائمة (التّوافق) مفهوم يشير إلى “الدرجة التي تتوافق بها خصائص الفرد أو سماته مع متطلبات البيئة” (عبلة، 2004، ص. 63). أمّا التفاعل فيدلّ على “عمليات الأفعال المتبادلة أو ما يُسمّى بالأخذ والعطاء المتبادل بين الفرد وبيئة العمل” (عطا الله و آخرون، 2009، ص. 185).
- نظرية الإنجاز (ماكليلاند McClelland): يتجلّى تصوّر ماكليلاند McClelland)) عن الدّافعيّة للإنجاز في تفسيره لحاجة السعادة أو المتعة بالحاجة للانجاز، فقد أشار ماكليلاند إلى “أنّ هناك ارتباطًا بين المحفزات السّابقة والأحداث الإيجابيّة، وما يحقّقه الفرد من نتائج” (McClelland, 2018, p. 17). فإذا كانت مواقف الإنجاز الأوليّة إيجابيّة بالنسبة إلى الفرد فإنّه يميل إلى الأداء والانهماك في السّلوكيات المنجزة. أما إذا حدث نوع من الفشل وتكوّنت بعض الخبرات السلبيّة فإنّ ذلك سوف ينشأ عنه دافع لتحاشي الفشل. كما أشارت هذه النّظريّة إلى أنّ ارتفاع الدافع للانجاز لدى الفرد يعتمد على المعرفة بالنتائج التي سيحصل عليها، وقدرته على تأكيد مسؤوليته عن العمل. وتتيح نظرية (ماكليلاند) للمنظمة فرصة تمييز الأفراد واتباع الأساليب المختلفة لإشباع حاجاتهم McClelland, 2013, p. 19)).
3-1- تعقيب: يرى الباحث أنّ هذه النّظريّات تتكامل فيما بينها لتفسّر مفهوم التّوافق المهني، وتشكّل أساسًا مفاهيميًّا لهذه الدّراسة. فالتّوافق المهني يمثل مدى تلاؤم العامل مع بيئة عمله، وكلّ عامل يسعى إلى تحقيق هذا التلاؤم. ويمثّل التّوافق المهني الهدف المشترك بين العامل وإدارة العمل، وذلك لزيادة الإنتاج وتقليل المشكلات في بيئة العمل وتحقيق التقدم على المستوى الشخصي للعامل وعلى مستوى المؤسسة، وكلّما توافرت الظروف المناسبة والعوامل اللازمة كلّما حقّق الفرد مستوى أعلى في التّوافق المهني. ولقد ارتفعت نسبة سوء التّوافق المهني في ظلّ زيادة الضغوط المعيشيّة وارتفاع نسبة الأمراض والاضطرابات النّفسيّة، إضافةً إلى العوامل الاقتصاديّة والاجتماعيّة السلبيّة التي تؤدي دورًا مؤثرًا في زيادة سوء التّوافق المهني. ويُعد التّوافق المهني عملية ديناميكيّة مستمرّة تتطلّب تحقيق التّناغم بين الخصائص الشخصيّة وظروف البيئة الخارجيّة، وذلك للوصول بالفرد إلى حالة من الرضا والتّوازن على المستويات كافة البيولوجيّة والنّفسيّة والاجتماعيّة.
2- تحقيق الذّات
1-2- مفهوم تحقيق الذّات: يُعدُّ مفهوم “تحقيق الذّات” مفهومًا سيكولوجيًّا يتضمّن أساليب متعدّدة من السّلوك، بالإضافة إلى ارتباطه بمتغيرات متباينة ومحددات شتّى. لغويًّا تدلّ كلمة “تحقيق” على الانتقال من حال القوة إلى الفعل، أو من حال الإمكان إلى الواقعية أي حال التّحقق الفعلي (معجم المعاني الجامع)، ويدلّ مصطلح تحقيق الذّات على إدراك الفرد لقدراته وإمكانياته، وصولًا إلى تحقيق أهدافه. وقد ابتكر هذا المصطلح “كورت كولدشتاين” وهو يشير إلى تسلسل الحاجات الهرمي عند “ماسلو”، الذي يرى أنّ “داخل الإنسان هناك قوة تقوم بتوجيهه نحو وحدة الشّخصيّة، والتّعبيريّة والتّلقائيّة، والتّفرديّة والهُويّة، وإدراك الحقيقة، والابتكار، والفضيلة، وهذه الأشكال من تحقيق الذّات تتضمن القيم النبيلة، والحب والعطف والأمانة والصفاء والإيثار، ويعدُّ ماسلو أن الابتكار هو أحد مظاهر تحقيق الذّات” (شوستروم، 1986، ص. 69).
لقد طُرِحت العديد من التّعريفات ل “تحقيق الذّات”، منها ما قدّمته “السّبعاوي” وقد عرّفته أنّه: “حاجة الفرد إلى التّعبير عن ذاته بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتحقيق أقصى ما يمكن من إشباع الحاجات، وصولاً إلى حالة من التّوازن تسمح بتوظيف المواهب والقدرات والإمكانات في خدمة الفرد والمجتمع، والقيام بالأدوار والمسؤوليات المنوطة به” (السبعاوي، 2009، ص. 4). ويرتبط مفهوم الذّات بالعديد من العوامل كالذكاء والوراثة والوالدين والمعلمين والتنشئة الاجتماعيّة واللغة والوعي، وهذه العوامل مجتمعة تؤثر في نمو مفهوم الذّات (الحموي، 2010، ص. 176). فهو يتحقّق عبر عملية متكاملة الأبعاد. أمّا تحقيق الذّات في برامج التنمية البشريّة، فهو مصطلح يحتمل عدة معانٍ تبعًا للوسائل والأهداف واعتبارات أخرى، إذ إنّ تحقيق الذّات في التنمية البشرية، يعني تطوير الذّات بمختلف الوسائل وصولًا إلى حال من الرضا التام عن الذّات” (عياط، 2022، ص. 1).
2-2- النّظريّات المفسّرة لتحقيق الذّات: أعطت العديد من النّظريّات للذات دورًا مركزيًّا في الدّافعيّة والشّخصيّة والتطوّر، وأبرزها:
أ- نظرية )غولدشتاين (Goldstein: يُعدُّ أوّل عالِم بحثَ في مفهوم تحقيق الذّات، فهو من أبرز أنصار النّظريّة العضويّة، وأظهرت أبحاثه أنّ أيّ عرَض يظهر على الفرد هو تعبير عن الكائن العضوي بأسره، وليس نتيجة إصابة عضوية معيّنة، إذ إنّ الكائن العضوي يسلك ككلّ وليس كأجزاء متفرقة، وأنّ ما يصيب أيّ جزء يؤثر على الكلّ (Votsmeier, 1996, p. 4). فتحقيق الذّات عمليّة متكاملة ومترابطة تطال مختلف نواحي شخصية الفرد. وتفترض النّظريّة العضويّة أنّ الإنسان يحرّكه دافع رئيس هو تحقيق الذّات، أمّا الدوافع الأخرى كالجوع والجنس وغيره، ما هي إلّا مظاهر لتحقيق الذّات عند الفرد، وهذا هو الغرض الأسمى الذي يسعى الجميع لأجله. وبرأي غولدشتاين فإنّ الإنجازات الثقافيّة التي يحقّقها الفرد هي تعبير عن قدرته على الإبداع وميله إلى تحقيق ذاته، وإنّ ميل الفرد إلى تحقيق ذاته قد يجعله في صراع مع البيئة المحيطة، فالفرد المبدع يعرّض نفسه للصّدمات والقلق، لكن القلق يُعدُّ من سمات الشّجاعة التي يتميّز بها المبدعون، فالقلق ضروري لمن أراد تحقيق ذاته (الصرن، 2017، ص. 19). وهذا القلق الإيجابي يكون دافعًا لتحقيق الذّات.
ب- نظريّة الحاجات (ماسلوMaslow ): ترى هذه النّظريّة أنّ السلوك البشري مدفوع باحتياجات فيزيولوجيّة ونفسية، وهذه الاحتياجات تتطوّر من الأساسيّة إلى المعقدة. وقد رتّب ماسلو هذه الاحتياجات وفق تسلسل هرمي والذي أصبح يُعرف بهرم ماسلو، وقد اعتقد أنّ الناس لديهم رغبة فطرية لأن يشعروا بالرضا عن النفس، وذلك من خلال تحقيق الذّات، بوصفه الهدف الأسمى الذي يسعون للوصول إليه، ولكن يجب عليهم تحقيق بعض الاحتياجات الأخرى قبل الوصول إليه بما فيها الاحتياجات الفيزيولوجية، ثم احتياجات الأمان، ثم الاحتياجات الاجتماعيّة، ثم الحاجة للتقدير، وصولًا إلى قمة الهرم وهي تحقيق الذّات. وبحسب وجهة نظر ماسلو فإنّ الشّخص المحقِّق لذاته هو من يدرك الحقيقة إدراكًا فعّالًا، ويقبل ذاته والأخرين، ويمتلك خبرات واسعة، ويشارك في بناء علاقات مع الآخرين ولديه إحساس فلسفي، ويكون شخصًا مبدعًا (السبعاوي، 2009، ص. 33). ومن خلال هذه العمليّة يكون الشّخص في حالة من السعي لتحقيق غايات إنسانيّة بنّاءة، وبهذا يكون توجّهه على أساس من الاستقلاليّة والإنتاجيّة والابتكاريّة والإيجابيّة، وهكذا وفقًا لرؤية ماسلو فإنّ تحقيق الذّات يُعدُّ الغاية الإنسانية القصوى، وذلك لأنّ تحقيق الذّات هو قمّة الخبرة وذروتها للإنسان (السليمي، 2014، ص. 10).
ت- نظرية (روجرز Rogers): تعتمد هذه النّظريّة على العلاقات الإنسانيّة، وهي تقوم على فهم التّجارب والمشاعر الشّخصية للفرد، وتعزيز تحقيق الذّات عن طريق التفاعلات الاجتماعيّة، ويرى روجرز مفهوم الذّات أنّه نموذج منظم ومتسق مع الخصائص المدركة (للأنا) أو الضمير المتكلّم مع القيَم المتعلّقة بهذه الرموز، وينظر روجرز إلى الطفولة كمرحلة حرجة لنموّ الذّات، ويؤكّد أهمية حصول الفرد على الدفء العاطفي، وذلك لإشباع هذه الحاجة. ويرى روجرز أنّ الإنسان يمتلك نزعة فطرية لتحقيق الذّات، وهو يُدرك الخبرة التي تنسجم مع نزعته لتحقيق الذّات على أساس أنّها خبرات ذات قيمة إيجابيّة والعكس صحيح (قطامي و أبو نعيم، 2016، ص. 20). لذلك فإنّ تراكم الخبرات الإيجابيّة يساهم في تقدير وتحقيق الذّات لدى الإنسان. ويؤكّد روجرز أنّ الفرد يحقق ذاته إذا شعر بالارتياح في بيئته، إذ إنّ الأفراد يسعون إلى تطوير ذواتهم في عملية التفاعل مع البيئة. “ولتحقيق الذّات يشترط روجرز عدة شروط: أن يكون الفرد محبوبًا ومحترمًا، والثّقة بالنّفس، والقدرة على تحقيق الأهداف” (السليمي، 2014، ص. 10). ما يحقّق التّطوير الذّاتي الذي يتيح للفرد التحكم بالأمور، لتزداد لديه الإنتاجيّة والرضا الذّاتي، إذ إنّ تحقيق الذّات يركز على تطوير قدرات جديدة، وعلى طرق تحسين الظروف (Buunk, 2001, p. 461). فتحقيق الذّات يضمن للفرد حياة ناجحة ومتطوّرة.
3-2- تعقيب: ويرى الباحث أنّ تحقيق الذّات هدف وجوديّ للإنسان، إذ إنّ أهمية تحقيق الذّات تكمن في المخرجات التي تحقّقها عملية التنمية البشرية للإنسان في سعيه الدّائم لتنمية مهاراته ومعارفه، وتحسين سلوكياته، وتوسيع مداركه، وزيادة قدراته على التعامل مع المشكلات والتغلّب على الصعوبات. فمن خلال تحقيق الذّات يكتسب الإنسان شعورًا بالرضا والسلام الداخلي. كما إنّ عملية تحقيق الذّات تبقى مستمرة لأن الدّيناميّة النّفسيّة والاجتماعيّة للإنسان تتطلّب النجاح والإنجاز، وتتجنّب الفشل والإحباط. وعليه تتحقّق سعادة الإنسان من خلال المكاسب التي يحققها في النواحي كافة التي تسمح له بتحقيق ذاته.
ثالثًا: الدّراسات السّابقة
ستُعرض عدة دراسات سابقة تناولت متغيّرَيّ الدّراسة، وذلك ضمن محورَين هما:
أ- دراسات تناولت التّوافق المهني وعلاقته بتقدير الذّات
– دراسة (حجازي، 2014)، بعنوان: تحقيق الذّات وعلاقته بالتّوافق المهني وجودة الأداء لدى معلّمات غرف المصادر في المدارس الحكوميّة في الضفة الغربيّة، هدفت الدّراسة الحالية إلى التعرّف إلـى مسـتوى تحقيق الذّات، ومسـتوى التّوافق المهني، وجودة الأداء لدى معلمات غرف المصادر في المـدارس الحكوميّـة فــي الضــفة الغربيّــة، كمــا هــدفت إلــى تحديــد طبيعــة العلاقــة بــين الدرجــة الكليــّة، والأبعـاد لمقـاييس تحقيق الذّات، والتّوافق المهنـي، وجـودة الأداء. وتكونـت عيّنــة الدّراسة مـــن (45) معلمـــةً مـــن معلمـــات غـــرف المصـــادر، واســـتخدمت الدّراسة ثلاثـــة مقـــاييس لتحقيق الذّات، والتّوافق المهنـي، وجـودة الأداء مـن إعـداد الباحثـة، وقد استخدمت المنهج الوصفي الارتباطي. وانتهـت النتـائج إلـى أنّ مسـتوى تحقيق الذّات يزيد عن %80 كمستوى افتراضي، وأن مستوى التّوافق المهنـي، ومسـتوى جـودة الأداء يقـل عـن مسـتوى %80 كمسـتوى افتراضـي، وانتهـت النتـائج إلـى وجود علاقة ارتباطيّة دالة إحصائيًّا بين الدرجة الكلية وأبعاد مقياس فاعليّة الذّات، والدّرجة الكليّة وأبعاد مقياس التّوافق المهني ما عدا التّوافق الاجتمـاعي، والدّرجـة الكليــّـة وأبعـــاد مقيـــاس جـــودة الأداء، ووجـــود فـــروق ذات دلالـــة إحصـــائيّة بـــين متوســطات درجــات معلمــات غــرف المصــادر فــي مــدارس الضــفة الغربيــة علـى مقيـاس التّوافق المهنـي، ومقيـاس جـودة الأداء. (حجازي، 2014)
– دراسة (الرواحيّة، 2016): هدفت الدّراسة الحاليّة إلى التعرف إلى التّوافق المهني، وعلاقته بتحقيق الذّات لدى عينة من الموظفين في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخليّة، وقد استخدمت الباحثة المنهج الوصفي الارتباطي، وتكونت عينة الدّراسة من (261) موظفًا وموظفة في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الدّاخليّة، ومركز التدريب التّربوي ومكتب الإشراف التّربوي التابعَين للمديرية والذين يشكلون (33%) من مجتمع الدّراسة، واستخدمت الباحثة مقياس التّوافق المهني، ومقياس تحقيق الذّات من إعدادها. ومن أبرز نتائج الدّراسة: بلغ مستوى التّوافق المهني لدى عينة الدّراسة مستوىً مرتفعًا بدرجة كبيرة، بلغ مستوى تحقيق الذّات لدى عينة الدّراسة مستوىً مرتفعًا بدرجة كبيرة، وجود علاقة موجبة دالة إحصائيًّا بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عينة الدّراسة، ولم تظهر فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني تُعزى لمتغير المؤهل الدراسي، بينما توجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني تُعزى لمتغير الجنس لصالح الذكور، وتوجد فروق دالة إحصائيًّا تُعزى لمتغير سنوات الخبرة لصالح أكثر من خمس سنوات، لا توجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى تحقيق الذّات تُعزى لمتغير الجنس، بينما توجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى تحقيق الذّات تعُزى لمتغير المؤهل الدراسي لصالح الماجستير. (الرواحية، 2016)
– دراسة (بولتون (Boulton 2019 ، بعنوان العلاقة بين تحقيق الذّات والتّوافق المهني لدى المعلمين الذين يستخدمون الاستراتيجيّات الدراسية، وتكييفها مع البيئة الصفيّة، ومع الطلبة ذوي صعوبات التّعلم. وأجريت الدّراسة على عينة مكونة من (187) معلمًا من معلمي الصفوف الخمس الأولى في ولاية لويزيانا، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي الارتباطي، ومقياسَين لتحقيق الذّات والتّوافق المهني من إعداده. وتوصلت النتائج إلى وجود علاقة قوية بين تحقيق الذّات والتّوافق المهني، وعلاقة متوسطة بين تحقيق الذّات، وقدرة المعلمين على استخدام الاستراتيجيات، وتكييفها مع البيئة الصفية، ومع الطلبة ذوي صعوبات التعلم. (Boulton, 2019)
ب- دراسات تناولت التّوافق المهني وعلاقته ببعض المتغيّرات
– دراسة باناغوبولوس (Panagopoulos 2016)، تحت عنوان: التّوافق المهني والاحتراق النفسي لدى معلّمي التربية البدنيّة في المدارس الابتدائيّة العموميّة باليونان، وقد أراد الباحث من خلال هذه الدّراسة أن يتحقّق من العلاقة بين التّوافق المهني والاحتراق النّفسي لدى معلّمي التربية البدنيّة، فاتخذ عيّنة عشوائيّة مؤلّفة من (132) معلّمًا ومعلّمة في مجال التّربية البدنيّة من المدارس الابتدائية العامة في النّاحية الغربيّة من اليونان. وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي للتحقّق من الفروضن وطبّق مقياسَيّ التّوافق المهني والاحتراق النفسي من إعداده، وتوصّلت الدّراسة إلى النتائج الآتية: المعلّمين جميعهم أظهروا درجات منخفضة من التّوافق المهني، ودرجات مرتفعة من الاحتراق النفسي، ومستويات عالية من الإنهاك الانفعالي، ومستوى عاليًا من التبلّد العاطفي، ودرجات منخفضة من تحقيق الذّات، ولم تكن هذه النتائج متأثرة بالعوامل الديموغرافية كالسنّ والنّوع والسكن، بل تأثرت بظروف العمل وانخفاض الأجر، وقلّة آفاق التطوير المهني وعدد ساعات العمل الطويلة وعدم وجود الحوافز والمكافآت. وبذلك تبيّن وجود علاقة سالبة بين المتغيّرين الرئيسيّين، فكلّما انخفض مستوى التّوافق المهني زاد مستوى الاحتراق النفسي لدى أفراد العيّنة المدروسة. (Panagopoulos, 2016)
– دراسة كارثيكيان (Karthikeyan 2018)، بعنوان: العلاقة بين التّوافق المهني والصحّة العقليّة لدى معلّمي المدارس الخاصة، وقد سعت الدّراسة إلى إيجاد العلاقة الارتباطيّة بين التّوافق المهني والصحّة العقليّة لدى عيّنة من المعلّمين في المدارس الخاصة، وكذلك معرفة الفروق بين درجات التّوافق المهني والصحّة العقليّة لمتغيّرات النوع والعمر والمؤهّل العلمي. وقد استخدم الباحث أسلوب المسح في اختيار المدارس الخاصة الابتدائيّة والثانويّة في إقليم “شيناي” بالهند، وقد اختار منها عيّنة البحث وفاقًا للطريقة العشوائيّة بعدد (200) معلّم ومعلّمة: (127) أنثى و(73) ذكرًا، تترواح أعمارهم بين (26-54) عامًا، ويحملون شهادات متنوّعة: تدريبيّة تربويّة، إجازة وماجستير. وفي سبيل تحقيق أهدافه استخدم الباحث المنهج الوصفي الارتباطي، وطبّق على العيّنة مقياس التّوافق المهني من إعداده الخاص، ومقياس الصحّة العقلية المُعتمد على الدّليل التشخيصي. وقد أسفرت نتائج الدّراسة عن وجود علاقة ارتباطيّة موجبة ودالّة إحصائيًّا بين التّوافق المهني والصحّة العقلية، كما جاءت درجات التّوافق المهني والصحّة النّفسيّة عالية لدى الإناث أكثر من الذكور تبعًا لمتغيّر النوع، وكذلك ظهرت فروق في درجات التّوافق المهني والصحّة العقليّة تُعزى إلى متغيّر المؤهّل التّعليمي لصالح حمَلَة شهادات الماجستير، بينما لم تظهر فروق ذات دلالة تُعزى لمتغيّر العمر. (Karthikeyan, 2018)
– دراسة (الرجيبي والمحمود 2019)، بعنوان: التّوافق المهني لدى معلّمي مرحلة التعليم ما بعد الأساسي وعلاقته ببعض المتغيّرات، وقد جرت الدّراسة على مدارس في محافظة الباطنة بسلطنة عُمان، واختيرت عيّنة بالطريقة العشوائيّة الطبقيّة، وقوامها (360) معلّمًا ومعلّمة، وقد طبّق الباحثان مقياس التّوافق المهني من تصميمهما، واستخدمَا المنهج الوصفي الارتباطي. وتوصّلت نتائج الدّراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمستوى التّوافق المهني تبعًا لمتغيّر النوع لصالح الإناث، وكذلك وجود فروق دالّة إحصائيًّا لمستوى التّوافق المهني تبعًا لمتغيّر التخصّص الدراسي لصالح العلوم التطبيقية، ولم تظهر أيّة فروق ذات دلالة إحصائية لمستوى التّوافق المهني تبعًا لمتغيّر سنوات الخبرة. (الرجيبي و المحمود، 2019)
– دراسة (الشيخي 2021) بعنوان: التّوافق المهني وعلاقته بالرفاهيّة النّفسيّة لدى معلّمات التعليم العام ومعلّمات التربية الخاصة في مدينة “جدّة”، وقد هدفت الدّراسة إلى التعرّف إلى الرفاهيّة النّفسيّة وعلاقتها بالتّوافق المهني لدى عيّنة من المعلّمات في التعليم العام والتّربية المختصّة، وقد تألّفت العيّنة من (402) معلّمة، واختيرت بالطريقة العشوائيّة، وقد طبّقت الباحثة مقياسَيّ التّوافق المهني والرفاهيّة النّفسيّة (من إعدادها)، مستخدمةً المنهج الوصفي المقارن. وأسفرت نتائج الدّراسة عن وجود مستوى مرتفع من الرفاهيّة النّفسيّة والتّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة وفق الأبعاد الآتية: الاستقلاليّة، الرّوحانيّة، قبول الذّات، التمكين البيئي، العلاقات الاجتماعيّة، الاتزان الانفعالي، والنّضج الشخصي. (الشيخي، 2021)
ت- دراسات تناولت تحقيق الذّات وعلاقته ببعض المتغيّرات
– دراسة دسوزا، آدمز وفوس (D’Souza, Adams & Fuss, 2016)، بعنوان: قياس نشاط تحقيق الذّات لدى الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة، وقد هدفت إلى قياس مستويات تحقيق الذّات لدى الطلبة الأميريكيين تبعًا للمعتقدات الذّاتية، والمؤشرات الرّوحيّة والحاجات إلى: المعرفة، تقدير الجمال، الأخلاق، العاطفة، الهدف في الحياة، العمل، الأمان، الحب، احترام الذّات، والحاجات الفسيولوجيّة. وقد اختار الباحثون العيّنة بشكل عشوائي من جامعة ديفراي (DeVry University)، في “نيويورك”، وتكوّنت العيّنة من (65) طالبًا وطالبة، من خلفيّات عرقية وثقافيّة متنوّعة، وتراوحت أعمارهم بين (18-50) سنة. ولتحقيق هذه الغاية استخدم الباحثون المنهج التّجريبي، وقد قاموا بتطبيق مقياس (SAAI) الذي يحتوي على (16) بندًا مستمدّة من هرم ماسلو للاحتياجات (Maslow, 1967)، ومقياس تحقيق الذّات (SISA) المكوّن من (15) بندًا من تصميم جونز وكراندال (Jones & Crandall, 1986)، ومقياس شوستروم (Shostrom, 1964) للتوجّه الشخصي. وقد أسفرت النتائج عن أنّ تحقيق الذّات يتأثّر بالمعتقدات الذّاتية والتوجّهات الرّوحيّة لدى أفراد العيّنة، فالطلبة الذين يتمتعون بمعتقدات إيجابيّة عن ذواتهم ولديهم اتجاهات روحيّة سليمة هم الأكثر ارتفاعًا في مستوى تحقيق الذّات. كما أظهرت النتائج تأثير الحاجات على تحقيق الذّات كالحاجات إلى: المعرفة، تقدير الجمال، الأخلاق، العاطفة، الهدف في الحياة، العمل، الأمان، الحب، احترام الذّات، والحاجات الفسيولوجية. فالأفراد الذين لديهم إشباعًا مُرضيًا لهذه الحاجات قد سجّلوا درجات عالية على مستوى تحقيق الذّات. (D’Souza, Adams, & Fuss, 2016)
– دراسة إسواري (Eswari 2018)، بعنوان: العلاقة بين تحقيق الذّات والأداء الأكاديمي لدى الطلبة الجامعيّين في كليّة الدراسات المنهجية بجامعة المسيح في “نيودلهي”، وقد هدفت الدّراسة إلى ما يلي: التعرّف إلى مستويات تحقيق الذّات لدى الطلبة الجامعيّين، كشف العلاقة بين الأداء الأكاديمي وتحقيق الذّات، معرفة علاقة حاجات هرم ماسلو بتحقيق الذّات لدى الطلبة الجامعيّين، معرفة تأثير الجنس على العلاقة بين تحقيق الذّات والأداء الأكاديمي لدى الطلبة. وقد اختار الباحث عيّنة قصدية مؤلّفة من (100) طالب وطالبة، نصفهم ذكور والنصف الآخر إناث، من برنامج الدراسات العليا بكليّة التجارة في جامعة المسيح، للسنة الأولى والثانية. وطبّق الباحث مقياس تحقيق الذّات من إعداد مركز (إتقان العقل 2017 Mind-Mastery)، وقد استخدم المنهج الإتنوغرافي. وقد أسفرت النّتائج عن أنّ تحقيق الذّات له تأثير واضح وكبير على الأداء الأكاديمي لدى الطلبة، إضافةً إلى أنّ الطلاب ذوي المستوى العالي من تحقيق الذّات هم الأكثر انتباهًا وتركيزًا وإبداعًا ونجاحًا في واجباتهم الدّراسيّة. بينما الطلاب ذوو المستوى المنخفض من تقدير الذّات كان لديهم انخفاض في التّحصيل الأكاديمي، وذلك بسبب مشكلات النّظافة والسّلامة والانتماء والتقدير وإشباع الحاجات، أضف إلى ذلك أنّ الإناث أظهرنَ تفوّقًا في تحقيق الذّات والأداء الأكاديمي على الذكور، وذلك مردّه إلى النشأة والتربية المريحة، والمستقرّة التي تتلقّاها النساء اللواتي يدخلن الجامعات الهندية. (Eswari, 2018)
– دراسة بن داود وسقاي (2020) بعنوان: إدراك التلاميذ لدور المعلّم في إشباع حاجة تحقيق الذّات لديهم، وقد هدفت الدّراسة إلى التعرّف على طبيعة إدراك تلامذة التعليم الثانوي لدور الأستاذ في إشباع تحقيق ذواتهم، وذلك في ثانويات مدينة ورقلة الجزائريّة، وسعت الدّراسة أيضًا إلى معرفة الفروق في إدراك التلاميذ لدور الأستاذ في إشباع تحقيق الذّات لديهم تبعًا لمتغيّرات الجنس والتخصّص والمستوى الدراسي. وقد صمّمت الباحثتان مقياسًا استبيانيًّا لتطبيقه على العيّنة المؤلّفة من (95) تلميذة وتلميذًا، وقد اختيرت بالطريقة الميسّرة، وقد اعتمدتَا على المنهج الوصفي الاستكشافي المقارن، وتوصّلت الدّراسة إلى أنّ إدراك التلاميذ لدور المعلّمين في إشباع تحقيق الذّات لديهم إيجابي، وظهرت فروق ذات دلالة إحصائيّة في إدراك التلاميذ لدور المعلّمين في إشباع تحقيق الذّات لديهم تبعًا لمتغيّرَي الجنس والمستوى الدراسي (أولى، ثانية، ثالثة)، بينما لم تظهر فروق دالّة إحصائيًّا تبعًا لمتغيّر التخصّص (أدبي، علمي). (بن داود و سقاي، 2020)
– دراسة الزهراني والكشكي (2021)، بعنوان: الرّفاهيّة النّفسيّة وعلاقتها بتحقيق الذّات لدى عيّنة من الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة، وقد هدفت هذه الدّراسة إلى التعرّف إلى الرّفاهيّة النّفسيّة وعلاقتها بتحقيق الذّات لدى عيّنة من الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة، في جامعة الملك عبد العزيز بجدة. ولتحقيق هذه الغاية اختارت الباحثة عيّنتها بالطريقة القصديّة، وقد تكونت عيّنة الدّراسة من (47) طالبة من ذوات الإعاقة، وقد استخدمت الباحثة المنهج الوصفي الارتباطي والمقارن، كما استخدمت المقاييس الآتية: مقياس الرفاهية النفسية لرايف (Rayf, 2007)ترجمة الكشكي، ومقياس تحقيق الذّات لحسن (2010)، وأسفرت الدّراسة عن النتائج الآتية: وجود علاقة ارتباطيّة ذات دلالة إحصائيّة بين الرّفاهيّة النّفسيّة وتحقيق الذّات لدى أفراد العينة، ولم تظهر أيّة فروق دالة إحصائيًّا لدى عيّنة الدّراسة تُعزى إلى متغيّر نوع الإعاقة ولا العمر في الرفاهية النفسية وتحقيق الذّات، وأنّ مستوى الرفاهية النفسية ومستوى تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة مرتفع. (الزهراني و الكشكي، 2021)
ت- تعقيب على الدّراسات السّابقة: بحثت الدّراسات السّابقة العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات، وكشفت عن وجود علاقة ارتباطيّة موجبة ودالّة إحصائيًّا بينهما، كما درستهما على ضوء عوامل: العمر، والنّوع، والمؤهّل الدراسي، وسنوات الخبرة، وبيئة العمل، حيث ظهرت فروق دالّة إحصائيًّا تبعًا لهذه العوامل في الدراسات التي تناولت متغيرَيَ التّوافق المهني وتحقيق الذّات معًا. أمّا الدّراسات السّابقة التي تناولت التّوافق المهني وتحقيق الذّات كلاً على حدى، فقد درست علاقة كلّ منهما بعدد من المتغيّرات مثل: الرّفاهيّة النّفسيّة، الصّحة العقليّة، الاحتراق النّفسي، دور المعلم، الأداء الأكاديمي، المعتقدات الذّاتيّة والحاجات. كما دُرِست مستويات التّوافق المهني، وتحقيق الذّات تبعًا لمتغيّرات تصنيفيّة كالعمر والنّوع والمستوى الدراسي وطبيعة العمل. واختيرت العيّنات بطُرق مختلفة، منها العشوائيّة والقصديّة والطبقيّة، وقد تألّفت العيّنات من تلامذة مدارس وطلاب جامعيّين ومعلّمين وعمّال. وتنوّعت المناهج المستخدمة في هذه الدراسات بين المنهج الوصفي الارتباطي والتحليلي والإتنوغرافي والاستكشافي والمُقارن والتّجريبي. وقد أفادت الدّراسات السّابقة الباحث في تعزيز الإطار النّظري للدراسة الحاليّة، وساهمت في صياغة الإشكاليّة، وتحديد المفاهيم والمصطلحات، وكذلك الفرضيات، كما ساعدت على اختيار المنهج المناسب والأدوات الملائمة، وزوّدت الدّراسة الراهنة بلائحة غنيّة من المصادر والمراجع.
رابعًا: فروض الدّراسة: بناءً على ما عُرِض في الإطار النّظري والدّراسات السّابقة، يمكن صياغة الفروض على النحو الآتي:
– توجد علاقة جوهرية بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة.
– توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعوامل النوع والمستوى الدراسي والعمر.
– توجد فروق في تحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعوامل النوع والمستوى الدراسي والعمر.
خامسًا: منهج الدّراسة وإجراءاتها
1- منهج الدّراسة: إنّ المنهج المُستخدَم في هذه الدّراسة هو المنهج الوصفي الارتباطي الذي يهتمّ بمعرفة وتوضيح العلاقة بين متغيّرين أو أكثر، وقياس مدى الارتباط بينها وأوجه التشابه والاختلاف والفروق. وهنا يعتمد على تحليل المعطيات والبيانات التي تحصّلت عبر أدوات الدّراسة المعنيّة بالتعرف إلى العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات، وذلك بغرض الوصول إلى إجابات وافية وشافية على تساؤلات الدّراسة وفرضيّاتها.
2- مجتمع وعيّنة الدّراسة: يتألّف مجتمع الدّراسة من (1283) معلّمة ومعلّمًا، ينتمون إلى الهيئات التّعليميّة في المدارس الرّسميّة لمحافظة جنوب لبنان، وقد حُدِّدت عيّنة مؤلّفة من (128) معلّمةً ومعلّمًا، موزّعة بين (64) معلّمة و(64) معلّمًا، وجرى اختيارها بالطريقة القصديّة، من مستويَين دراسَّين (إجازة – دراسات عُليا)، وضمن فئة عمرية من (25) إلى (60) سنة، وفي مدراس رسمية محدّدة من قضاء صيدا في محافظة لبنان الجنوبي.
3- أدوات الدّراسة
* مقياس التّوافق المهني، إعداد (عبيد، 2014): وقد استخدمته لقياس التّوافق المهني لدى عيّنة من العاملين المصريّين في بيئتهم المهنيّة، واتبعت في إنشائه الخطوات العلميّة: الاستفادة من الدراسات السابقة، تحديد الهدف من المقياس، إعداد استبانة مقترحة، إعداد الصورة النهائيّة للمقياس بوضع العبارات المناسبة، صدق المحكّمين، صدق المحتوى، والاتساق الداخلي، “وقد بلغ معامل الارتباط (0.910)، وتبيّن أنّ العبارات جميعها دالة عند المستوى (0.01)” (عبيد، 2014، ص. 482). ويتألف المقياس من 45 عبارة موزّعة على 3 خانات: دائمًا، أحيانًا، أبدًا.
– الخصائص السيكومترية لمقياس التّوافق المهني: لقد قُنِّن المقياس على البيئة اللبنانيّة في أطروحة الدكتوراه التي أعدّها الباحث في جامعة بيروت العربيّة، والموسومة بعنوان: “الروح المعنويّة وتأثيرها الوسيط على الرضا عن الحياة والتّوافق المهني، وتحقيق الذّات لدى الموظفين في قطاعات مهنيّة متباينة في لبنان”، وقد اختيرت عيّنة التقنين مولّفةً من (100) موظفة وموظف، (60) أنثى و (40) ذكرًا، من عمر (24-56) سنة.
أ- الارتباط بين البند والدّرجة الكليّة (الاتساق الداخلي): احتُسِبت معاملات الارتباط بين درجة كلّ بُعد من أبعاد الفقرة الثالثة: مقياس التّوافق المهني والدرجة الكليّة للمقياس، وذلك لمعرفة مدى ارتباط كلّ بُعد بالدرجة الكليّة للمقياس، وبهدف التحقق من مدى صدق المقياس. ويتضح ذلك من خلال الجدول الآتي:
جدول (1): معاملات ارتباط البند بالدرجة الكليّة لمقياس التّوافق المهني (ن = 100) فرد
معاملات الارتباط | العبارات | معاملات الارتباط | العبارات | معاملات الارتباط | العبارات | معاملات الارتباط | العبارات |
0.639** | 37 | 0.555** | 25 | 0.693** | 13 | 0.789** | 1 |
0.712** | 38 | 0.587** | 26 | 0.688** | 14 | 0.523** | 2 |
0.756** | 39 | 0.798** | 27 | 0.677** | 15 | 0.689** | 3 |
0.753** | 40 | 0.741** | 28 | 0.623** | 16 | 0.589** | 4 |
0.748** | 41 | 0.723** | 29 | 0.721** | 17 | 0.789** | 5 |
0.789** | 42 | 0.756** | 30 | 0.769** | 18 | 0.772** | 6 |
0.732** | 43 | 0.743** | 31 | 0.582** | 19 | 0.688** | 7 |
0.756** | 44 | 0.700** | 32 | 0.563** | 20 | 0.741** | 8 |
0.700** | 45 | 0.789** | 33 | 0.692** | 21 | 0.632** | 9 |
0.702** | 34 | 0.612** | 22 | 0.753** | 10 | ||
0.633** | 35 | 0.736** | 23 | 0.654** | 11 | ||
0.691** | 36 | 0.733** | 24 | 0.684** | 12 |
* قيمة مستوى الدلالة = 0.01
يتبين من الجدول أنّ المقياس يتمتّع بمعاملات ارتباط قوية ودالة إحصائيًّا عند مستوى معنويّة أقل من 0.01 ويتمتع بمعامل صدق عالٍ. وقد ترواحت معاملات الارتباط بين 0.523 (البند 2) و 0.789 (البند 33).
ب- ثبات المقياس: قام الباحث بحساب معامل ألفا كرونباخ لمقياس التّوافق المهني إذ يساوي 0.929، وهذه قيمة عالية تشير إلى وجود ثبات داخلي جيّد لهذا المقياس المؤلّف من 45 فقرة.
* مقياس تحقيق الذّات، إعداد (إبراهيم، 2015) : إنطلاقًا من مقياس روزنبرغ وهرم ماسلو، صمّم (إبراهيم، 2015) مقياسًا لتحقيق الذّات، وقد وضع الأهداف الأساسية للمقياس، وقام بوصفه وعرض خطوات بنائه، وكذلك إجراء دراسة استطلاعية لتجريبه، وتأكّد من صدقه العاملي والمقارنة الطرفية، كما تأكّد من ثباته بطريقة ألفا كرونباخ وطريقة التجزئة النصفيّة. وقد خلُصت النتائج إلى “أنّ المقياس أثبت فاعليّته وقيمته النّظريّة والعمليّة، من خلال إمكانيّة تطبيقه على العمّال، ويمكن للباحثين الاستفادة من هذا المقياس في أبحاثهم العلمية” (إبراهيم، 2015، ص. 550). وهو يتألّف من عشرة بنود، تتوزّع على 4 خانات: لا أوافق بشدّة، موافق بدرجة بسيطة، غير موافق بدرجة بسيطة، موافق بشدّة، وتتراوح الدرجات من (1) إلى (4).
– الخصائص السيكومترية لمقياس تحقيق الذّات: لقد قُنِّن المقياس على البيئة اللبنانيّة في أطروحة الدكتوراه التي أعدّها الباحث في جامعة بيروت العربيّة، والموسومة بعنوان: “الروح المعنويّة وتأثيرها الوسيط على الرضا عن الحياة والتّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى الموظفين في قطاعات مهنيّة متباينة في لبنان”، وقد اختيرت عيّنة التقنين مولّفةً من (100) موظفة وموظف، (60) أنثى و (40) ذكرًا، من عمر (24-56) سنة.
أ- الإرتباط بين البند والدرجة الكليّة (الاتساق الداخلي): جرى حساب معاملات الارتباط بين درجة كلّ بُعد من أبعاد الفقرة الرابعة: مقياس تحقيق الذّات والدرجة الكليّة للمقياس، وذلك لمعرفة مدى ارتباط كلّ بُعد بالدرجة الكليّة للمقياس، بهدف التحقق من مدى صدق المقياس. ويتضح ذلك من خلال الجدول الآتي:
جدول (2): معاملات ارتباط البند بالدرجة الكليّة لمقياس تحقيق الذّات (ن = 100) فرد
معاملات الارتباط | العبارات |
0.856** | 1 |
0.896** | 2 |
0.845** | 3 |
0.823** | 4 |
0.805** | 5 |
0.891** | 6 |
0.756** | 7 |
0.799** | 8 |
0.784** | 9 |
0.801** | 10 |
يتبيّن من الجدول أنّ المقياس يتمتع بمعاملات ارتباط قوية ودالة إحصائيًّا عند مستوى معنوية أقل من 0.01 ويتمتّع بمعامل صدق عالٍ.
ب- ثبات المقياس: قام الباحث بحساب معامل كرونباخ ألفا لمقياس تحقيق الذّات إذ بلغ 0.896، وهذه أيضًا قيمة عالية تُشير إلى وجود ثبات داخلي جيّد لهذا المقياس المؤلّف من 10 فقرات.
4- الأساليب الإحصائيّة المُستخدمة
- المتوسّطات الحسابية والانحرافات المعياريّة
- اختبار معامل بيرسون (Pearson)
- تحليل التّباين (ANOVA)
- اختبار (t-test)
5- عرض النتائج ومناقشتها
1-5- وصف العيّنة
الجدول (3): توزّع العيّنة حسب عامل النوع
النوع | التكرار | النسبة المئوية % |
ذكور | 64 | 50.0 |
أنثى | 64 | 50.0 |
المجموع | 128 | 100.0 |
من خلال قراءة النتائج الاحصائية الواردة في الجدول أعلاه، يرى الباحث أنّ العينة انقسمت بين 50% من الذكور و50% من الإناث. ويُمكن إرجاع التّغيّر الديموغرافي الذي أصاب الجسم التّعليمي إلى عدة أسباب أبرزها الحاجة الاقتصاديّة التي دفعت العديد من النساء إلى العمل، فالتعليم كان أحد الميادين الأكثر قبولًا للنساء بسبب طبيعته الأقل تطلبًا من الناحية الجسدية مقارنةً ببعض الأعمال الأخرى. كما أنّ الكثير من النساء يجدن في مهنة التعليم وسيلة لتحقيق الذّات وتنمية مهاراتهن ومعارفهن، وغالبًا ما يوفر التّعليم ساعات عمل مرنة تتناسب مع مسؤوليات المرأة الأسريّة، ما يجعله خيارًا جذابًا للنساء اللواتي يسعين إلى تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسريّة. وقد ساهمت هذه الأسباب مجتمعة أو بشكل فردي، في دخول المرأة بشكل كبير إلى ميدان التعليم ومواصلة العمل فيه.
الجدول (4): توزّع العيّنة حسب عامل المستوى الدراسي
مستوى التحصيل الدراسي | التكرار | النسبة المئوية % |
إجازة | 72 | 56.3 |
دراسات عليا | 56 | 43.8 |
المجموع | 128 | 100.0 |
يلاحظ الباحث لدى قراءته لنتائج الجدول (4) أنّ النسبة الأكبر من المعلمين من حملة الإجازة التّعليميّة، وهناك نسبة كبيرة من حملة الشهادات العليا. ويُعدّ هذا مؤشرًا مهمًّا جدًّا يمكن أن تكون أسبابه مرتبطة بالسوق التنافسي للعمل في لبنان الذي يحفّز المعلمين على تحسين مؤهلاتهم الأكاديميّة ليكونوا أكثر تنافسيّة عند التقدم للوظائف التّعليمية في المدارس. كما أنّ رغبة المعلمين في تطوير أنفسهم وتحقيق تنمية مهنيّة مستدامة يمكن أن تكون دافعًا قويًّا للسعي إلى الحصول على شهادات عليا. وفي ظلّ التحديات الاقتصادية، قد يرى البعض أنّ الحصول على شهادات عليا يمكن أن يؤدّي إلى فرص وظيفية أفضل ورواتب أعلى.
الجدول (5): توزّع العيّنة حسب عامل العمر
العمر | التكرار | النسبة المئوية % |
25-34 | 26 | 20.3 |
35-44 | 36 | 28.1 |
45-54 | 44 | 34.4 |
55 وما فوق | 22 | 17.2 |
المجموع | 128 | 100.0 |
من خلال قراءة الباحث للنتائج الإحصائية الواردة في هذا الجدول، يلاحظ أنّ القسم الأكبر من أفراد العينة كانوا من المرحلة العمرية الواقعة بين 45 و 54 سنة، وهذه الفئة تتميّز بكونها اكتسبت خبرة طويلة في ميدان التعليم، وحصدت خلاصات تجارب كثيرة مرت بها، وهذا ما يُمكنها وفاقًا لرأي الباحث من اختبار درجة توافقها المهني قياسًا إلى طموحاتها المهنية ومعرفة مدى وصولها إلى مرحلة تحقيق الذّات. تلي هذه المرحلة العمرية المرحلة الواقعة بين 35 و 44 سنة وهذه المرحلة تكون في بداية استشعارها للتوافق المهني مع الطموح وتحقيق الذّات نظرًا لخبرتها المتوسطة في ميدان التعليم.
2-5- عرض نتائج الفرض الأول: توجد علاقة جوهرية بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة.
الجدول (6): نتائج الفرض الأول وفق معامل ارتباط بيرسون Pearson
المتغيّرات | عدد الأفراد | قيمة معامل الارتباط | الدلالة |
التّوافق المهني | ن=128 | 0.956 | 0.01 |
تحقيق الذّات |
من خلال قراءة النتائج الإحصائية الواردة في الجدول (6)، يبلغ معامل ارتباط بيرسون (0.956)، وهو إيجابي، مما يشير إلى وجود علاقة موجبة وجوهرية بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين المختارين في عينة للدراسة. وهذه العلاقة دالة عند مستوى الدلالة 0.01، وقيمة معامل ارتباطها مرتفعة أيضًا. إذًا هناك علاقة إيجابيّة قويّة بين المتغيّرين، فكلّما ازداد التّوافق المهني ازداد تحقيق الذّات. فالتّوافق المهني وتحقيق الذّات هما مفهومان مهمّان في علم النّفس المهني، ويشير التّوافق المهني هنا إلى مدى ملاءمة العمل للفرد في مهاراته، اهتماماته، وقيمه، بينما تحقيق الذّات يشير إلى تحقيق الشّخص لأقصى إمكاناته وشعوره بالرضا الشخصي. يمكن تفسير ذلك أنّ الأفراد الذين يعملون في وظائف تتناسب مع مهاراتهم واهتماماتهم، وقيمهم يميلون إلى الشعور برضا شخصي أكبر وتحقيق أعلى لمستويات تحقيق الذّات.
وتتوافق هذه النتيجة مع دراسة (الرواحية، 2016)، في النتائج وقد بلغ مستوى التّوافق المهني لدى عينة الدّراسة مستوىً مرتفعًا بدرجة كبيرة، وبلغ مستوى تحقيق الذّات لدى عينة الدّراسة مستوىً مرتفعًا بدرجة كبيرة، فضلاً عن وجود علاقة إيجابية بينهما. كما توافقت هذه النتيجة مع نتيجة دراسة (حجازي، 2014) التي كشفت وجود علاقة موجبة بين تحقيق الذّات والتّوافق المهني وجودة الأداء لدى معلّمات غرف المصادر في المدارس الحكومية في الضفة الغربيّة، واتفقت أيضًا مع نتيجة دراسة (بولتون (Boulton 2019 التي توصّلت إلى وجود علاقة بين تحقيق الذّات، والتّوافق المهني لدى المعلمين الذين يستخدمون الاستراتيجيات الدراسية في مهنتهم التّعليمية.
تُظهر النتائج السّابقة وجود علاقة بين التّوافق المهني، وتحقيق الذّات حسب جدول الارتباط والذي يبيّن العلاقة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات، وهي تدلّ على وجود العلاقة بين المتغيّرَين إذ من خلالها نؤكّد الفرضيّة الإيجابيّة التي تقول: توجد علاقة جوهريّة موجبة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة. وهذا ينسجم مع النّظريّات والمفاهيم التي أشارت إلى العلاقة التّبادليّة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات، ويتبيّن من خلال الجدول (6) مدى الارتباط الجوهري بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات، فكلّما ارتفع مستوى التّوافق المهني ارتفع مستوى تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة.
تنسجم هذه النتيجة مع نظرية سوبرSuper الذي يرى أنّ التّوافق المهني يأتي كمرحلة لاحقة من مراحل النمو المهني، وأنّ النّمو المهني يسير في عدة مراحل تبدأ بالتفضيل، فالاختيار، فالالتحاق، ثم التّوافق. ويعدُّ سوبر أنّ تحقيق الذّات هو أحد متطلّبات التّوافق المهني (عبد الهادي والعزة، 2011، ص. 48). كما تتوافق هذه النتيجة مع نظرية ماكليلاند الذي عدَّ أنّ الدافعية الذّاتية وإشباع الحاجات هي محرّكات رئيسة للتّوافق المهني (McClelland, 2013, p. 18)، وأهمّ تلك الحاجات حسب نظرية ماسلو Maslow تتمثّل بتحقيق الذّات، إذ يجب أن يؤدّي العمل وظيفة تحقيق الذّات (السليمي، 2014، ص. 29). وبحسب سكوت Scott يشمل التّوافق المهني للفرد توافقه مع مختلف العوامل البيئيّة التي تحيط به في العمل، وتوافقه للتغيرات التي تطرأ على هذه العوامل بمرور الزمن وتوافقه لخصائصه الذّاتيّة، وتوافقه مع متطلّبات نفسه ومع قدراته الخاصة وميوله (أبو النيل، 1984، ص. 156).
وبناءً على إثبات فرضية العلاقة الجوهريّة بين التّوافق المهني وتحقيق الذّات يرى الباحث أنّ التّوافق المهني هدف تنظيمي يسعى إليه كلّ المعلّمين الراغبين بتحقيق ذواتهم وإثبات أنفسهم في المؤسّسات التّعليمية، إذ يبنون علاقات جيدة مع زملائهم ورؤوسائهم. وترتبط سيرورة العمل أساسًا بمدى قدرة الفاعلين في المدارس على تحقيق حاجات المعلّمين، لاسيما حاجتهم إلى تحقيق الذّات، إذ إنّ كلّ معلّم يدخل المدرسة محمّلاً بجملة من الطموحات والغايات يهدف إلى تحقيقها، وأنّ التعرف إليها يُعدُّ أساسًا في تحقيق رضا المعلّم وتحسين دافعيته وأدائه. فهناك علاقة دائمة بين الفرد وبيئته المهنيّة التي تشكّل محيطًا اجتماعيًّا له، وهذه العلاقة تؤثر في التّوافق المهني، الذي يتحدّد في ضوء ما تحقّقه المهنة من إبراز القدرات الشخصية والميول والخبرات والرضا عن العمل.
3-5- عرض نتائج الفرض الثاني: توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعوامل النوع والمستوى الدراسي والعمر.
- توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل النوع:لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث الأسلوب الإحصائي البارامتري اختبار (t-test).
الجدول (7): نتائج الفرض الثاني تبعًا للنوع باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري وفروق تِ
النوع | عدد الأفراد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة تِ | قيمة الدلالة |
الذكور | ن=64 | 83.58 | 5.753 | 0.054 | غير دالة |
الإناث | ن=64 | 83.53 | 6.157 |
من خلال النتائج الاحصائية الواردة في الجدول (7) يرى الباحث أن قيمة تِ للعيّنتين المستقلّتين تساوي (0.054) وهي قيمة غير دالة إحصائيًّا، ما يعني قبول الفرضية الصفرية أنّه لا توجد فروق بين النوعين (ذكور وإناث) من ناحية التّوافق المهني، فالمعلّمات والمعلّمون يتكبّدون غالبًا أعباء الأسرة بعد تخرجهم، وتنحصر اهتماماتهم بإيجاد فرصة للعمل بدخل مقبول يمكّنهم من تأمين احتياجاتهم المادية واحتياجات أسرهم. فالمعلّمات والمعلّمون يتساوون في مهنتهم التّعليميّة في النوع، لذلك لم يسجّلوا اختلافًا في مستوى التّوافق المهني، كما إنّهم يدأبون على رفع مستويات مهاراتهم من خلال المشاركة في دورات تأهيليّة ويسعون إلى الحصول على المزيد من الخبرات التي تمكّنهم من الوصول إلى تعزيز مراكزهم المهنيّة. فالقطاع التّربوي التّعليمي في لبنان لا يركّز على عامل النوع ولا يشكّل عنصرًا تفريقيًّا بين الجنسين. إذًا لم تتحقق الفرضيّة على مستوى النوع، لذا نقبل بفرضية العدم وهي: لا توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل النوع، بما يتفق مع نتيجة دراسة (Panagopoulos 2016)، إذ إنّ النوع لم يشكّل عاملاً فارقيًّا بين المعلّمات والمعلّمين في التّوافق المهني. واختلفت نتيجة هذه الدّراسة مع نتيجة دراسة (الرواحية، 2016)، التي بيّنت وجود فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني تُعزى لمتغير النوع لصالح الذكور.
يفسّر الباحث عدم وجود فروق بين المعلمات والمعلمين في التّوافق المهني إلى أنّ المرأة أصبحت تنافس الذکور وتساويهم وقد تتفوّق عليهم في ميدان العمل، ما يدفع کلا النوعين إلى الاعتماد على نفسه لإثبات ذاته في عمله وتحقيق النجاح المهني. وبالنظر إلى الظروف المحيطة بالمعلمات والمعلّمين نجدها متماثلة إلى حد کبير في الحوافز والرواتب والأدوار والعلاقات المهنيّة، علاوةً على أن متطلبات مهنة التدريس واحدة للجنسين کإدارة الصف، وتدريس المواد، والأعمال الكتابية الخاصة، ومن ثمَّ فإن مواجهة المعلمين والمعلمات لتلك المتطلبات لا مجال فيها للتباين، خاصةً في ظلّ وجود قوانين ومعايير تحدّد شروط العمل بحيث لا تسمح الإدارة المدرسية بالتقصير. ويدعم تفسير الباحث ما توصّل إليه ديتشيفا (Ducheva, 2005) الذي يُرجع التّوافق المهني للمعلم إلى تنمية المهارات التي تساعده على التكيّف مع البيئة المدرسية والماديّة والاجتماعيّة بصرف النظر عن نوع المعلم، وما أشارت إليه يو (Yu, 2007) أنّ التّكيّف مع بيئة العمل لن يتحقق إلّا بالاستفادة القصوى من المهارات التي تساعد الفرد – أيًّا کان نوعه – على إنجاز أکبر قدر ممکن من أهدافه نحو تطوير العمل. لذلك فإنّ التّوافق المهني في مهنة التعليم لا يختلف بين المعلّمات والمعلّمين.
ب- توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل المستوى الدراسي:لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث الأسلوب الإحصائي البارامتري اختبار (t-test).
الجدول (8): نتائج الفرض الثاني تبعًا للمستوى الدراسي باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري وفروق تِ
المستوى الدراسي | عدد الأفراد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة تِ | قيمة الدلالة |
إجازة | ن=72 | 82.38 | 6.274 | 2.610- | دالة لصالح الدراسات العليا |
دراسات عليا | ن=56 | 85.07 | 5.120 |
ومن خلال النتائج الإحصائيّة الواردة في الجدول رقم (8) يظهر أنّ قيمة تاء سلبية تساوي سالب (2.610) مما يشير إلى فروق دالة إحصائيًّا على مستوى التّوافق المهني تُعزى لعامل المستوى الدراسي، فالمتوسّط الحسابي لحمَلة الإجازات بلغ (82.38) بينما بلغ المتوسط الحسابي لأصحاب الدراسات العليا (85.07)، وهذا يعني أن مستوى التّوافق المهني لدى المعلمين من حملة الإجازة التّعليميّة أقل من مستوى التّوافق المهني لدى زملائهم من حملة شهادات الدراسات العليا. وهذه النتيجة منطقيّة إذا ما قارنّا مستويات المداخيل لدى كلّ من الطرفين. فالمعلمون المجازون تقلّ مستويات مداخيلهم عن المعلمين الحائزين على شهادات الدراسات العليا بعد تخرجهم، إذ إنّ وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان تمنح حوافز مالية أعلى كلّما ارتفعت درجة الشهادة، كما إنّ المعلّمات والمعلّمين من حمَلة الشهادات العُليا يمتلكون فرصًا أكبر للترقية في وظائفهم عن حمَلة الإجازات.
وقد اختلفت هذه النتيجة مع دراسة (الرواحية، 2016) التي بيّنت نتائجها أنّه لا يوجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني تُعزى لمتغير المؤهل الدراسي. وتوافقت هذه النتيجة مع دراسة كارثيكيان (Karthikeyan 2018) التي أظهرت نتائجها وجود فروق في درجات التّوافق المهني تُعزى إلى متغيّر المؤهّل التّعليمي لصالح حمَلَة شهادات الماجستير. كما توافقت مع نتائج دراسة (الرحيبي ومحمود 2019) التي أظهرت وجود فروق دالّة إحصائيًّا لصالح حملة شهادات الدراسات العليا.
يُفسّر الباحث هذا الفرض في ضوء ما توصل إليه (الزهراني، 2009) من أنّ المستوى التّعليمي على درجة کبيرة من الأهمية في مجال التدريس، لأنّ المهارات العلميّة مكوّن من مكوّنات الذکاء والمرونة تساعد ذات المعلمات والمعلمين على تحقيق درجات مرتفعة من التّوافق المهني. هذا وقد أوضح جريشام (Gresham, 2002) أنّ المستوى التّعليمي المرتفع يساعد الفرد على إقامة علاقات ناجحة مع الآخرين وحلّ المشکلات بكفاءة، والاستمتاع بحياته. کما يرى (الزهراني، 2009) أنّ المعلم الذي يتمتّع بالتّوافق المهني هو المعلم الذي لديه وعي بذاته وخبرات علميّة كبيرة ومستوى دراسي مرتفع.
ج- توجد فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر:لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث اختبار الفرق بين المجموعات (Analysis of Variance – ANOVA)
الجدول (9): تحليل التباين حسب العمر
جدول التباين الآحادي | |||||
مجاميع المربعات | درجة الحرية | المتوسط الحسابي | قيمة ف | الدلالة | |
التباين بين المجموعات | 56.382 | 3 | 18.794 | 0.529 | 0.664 |
التباين ضمن المجموعات | 4409.235 | 124 | 35.558 | ||
المجموع | 4465.617 | 127 | غير دالة |
بهدف معرفة وجود فروق في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر، قام الباحث بإجراء اختبار التباين الآحادي ANOVA، وجاءت النتائج كما تظهر في الجدول أعلاه، وقد جاءت قيمة ف تساوي (0.529) عند مستوى (0.664) ˂ (0.05)، وهي نتيجة غير دالة إحصائيًّا، ما يعني أنّه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى (0.05) بين المجموعات العمرية وداخلها. وهذا يُشير إلى عدم صحة الفرضية البديلة، وصحة الفرضية الصفريّة التي تقول إنّه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدلالة (0.05) في التّوافق المهني لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر.
وقد توافقت هذه النتيجة مع دراسة كارثيكيان (Karthikeyan 2018) التي بيّنت نتائجها أيضًا أنّه لا يوجد فروق ذات دلالة أحصائيّة تُعزى لمتغيّر العمر، لكن اختلفت هذه النتيجة مع دراسة (الرواحية، 2016) التي بيّنت نتائجها أنّه توجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني لصالح الأكبر سنًّا. فالمعلمون بمراحلهم العمريّة كافة، يعملون ضمن اختصاصاتهم وبمستويات مقبولة من الأجور ويحظون بمكانة مقبولة في المجتمع، وهذا ما يُشعرهم بتوافق مهني بدرجة مرتفعة بصرف النّظر عن اختلاف مراحلهم العمرية، إذ لم تظهر لعامل النوع أيّة دلالة مؤثرة في التّوافق المهني للمعلّمات والمعلّمين، فهم يسعون في مختلف أعمارهم إلى الاستقرار الوظيفي والحفاظ على مراكزهم المهنيّة لعدة أسباب، أبرزها الأعباء الاقتصاديّة التي تقع على كاهلهم وكثرة المسؤوليات الشّخصيّة والمهنيّة ومتطلباتها. إذًا لا توجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى التّوافق المهني لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل العمر.
وعلى الرّغم من أنّ سوبر Super قد تحدّث عن أنّ التّوافق المهني يختلف من عمر إلى آخر باختلاف المراحل العمريّة، إلّا أنّ ذلك لم يظهر في نتيجة هذه الدّراسة. ويرى الباحث أنّ التّوافق المهني في التّعليم يتميّز باستقرار وثبات بسبب استقرار الظروف المهنيّة وثباتها في المدارس. فمعظم المعلّمين الذين يتوظّفون في مهنة التعليم يعرفون مسبقًا أنّهم سيبقون فيها حتى تقاعدهم، وهم يتمتّعون بالضّمانات والرواتب طيلة أعمارهم وحتى بعد وصولهم إلى نهاية الخدمة في القطاع التّعليمي. لذلك لم يشكّل العمر عاملًا فارقًا في التّوافق المهني لدى المعلّمات والمعلّمين، بوصفهم يحافظون على كلّ امتيازاتهم المهنيّة في مختلف سنوات عملهم في التربية والتعليم.
4-5- عرض نتائج الفرض الثالث: توجد فروق في تحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعوامل النوع والمستوى الدراسي والعمر.
أ- توجد فروق في تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل النوع: لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث الأسلوب الإحصائي البارامتري اختبار (t-test).
الجدول (10): نتائج الفرض الثالث تبعًا للنوع باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري وفروق تِ
النوع | عدد الأفراد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة تِ | قيمة الدلالة |
الذكور | ن=64 | 25.52 | 3.455 | 2.923- | دالة لصالح الإناث |
الإناث | ن=64 | 27.16 | 2.869 |
من خلال قراءة النتائج الإحصائية الواردة في الجدول رقم (10) أتت قيمة تِ سلبية (2.923-) مما يدلّ على وجود فروق ذات دلالة إحصائية تبعًا لعامل النوع، فالمتوسّط الحسابي للإناث (27.16) أعلى من المتوسّط الحسابي للذكور (25.52) مما يعني وجود فروق تُعزى لعامل النوع ولصالح الإناث، وهذا يعني أنّ مستوى تحقيق الذّات لدى المعلمين الذكور أقلّ من مستوى تحقيقه لدى المعلمات الإناث. وهذه النتيجة تبيّن أن هناك فروقًا دالة إحصائيًّا لدى عينة الدّراسة في تحقيق الذّات تُعزى لعامل النوع ولصالح الإناث، لأنّهن يسعين بشكل دؤوب إلى تطوير مهاراتهن ورفع مستويات رضائهن الوظيفي، من خلال المشاركة بدورات تدريبية وحيازة شهادات تتعلّق بتطوير الذّات، كما أنّهن لا يتحملن الأعباء الاقتصاديّة نفسها التي يتحمّلها المعلمون الذكور الذين ينشغلون بتأمين الاحتياجات الماديّة والاجتماعيّة والأُسريّة، فالمعلّمات أكثر رضىً بمهنتهم التّعليميّة من المعلّمين الذين يسعون إلى البحث عن أعمال إضافية أو تغيير مهنتهم التّعليمية إذا تيسّر لهم البديل. وقد اختلفت هذه النتيجة مع نتائج دراسة (الرواحية، 2016) التي بيّنت نتائجها أنه لا يوجد فروق دالة إحصائيًّا في مستوى تحقيق الذّات تُعزى لمتغير الجنس. ولكنها اتفقت مع دراسة إسواري (Eswari 2018) التي بينت نتائجها أنّ الإناث أظهرنَ تفوّقًا في تحقيق الذّات والأداء الأكاديمي على الذكور، وذلك مردّه إلى النشأة والتربية المريحة والمستقرّة التي تتلقّاها النساء اللواتي يدخلن الجامعات الهندية. كما اتفقت نتيجة هذه الدّراسة مع نتيجة دراسة (D’souza, Adams & Fuss 2018) التي أظهرت فروقًا في تحقيق الذّات دالة إحصائيًّا تُعزى لعامل الجنس ولصالح الذكور، وكذلك نتيجة دراسة (داود وسقاي 2020) التي أثبتت وجود فروق في تحقيق الذّات تُعزى لعامل النوع ولصالح الإناث. وهذا يفسّر رغبة الفتيات منذ صغرهن وفي المرحلة الجامعيّة بأن يصبحنَ معلّمات في المدارس والمؤسّسات التّربوية.
يفسّر الباحث وجود فروق في تحقيق الذّات يُعزى لعامل النوع ولصالح الإناث بطبيعة ميل الرجال اللبنانيين إلى البحث عن أعمال أكثر إنتاجًا، لأنّ مهنة التعليم وظيفة ثابتة محدودة الراتب والرُّتب، فلا تسمح للمعلّم بتطوير قدراته المالية، ولا تتيح له فرصة الترقية إلى درجات أعلى في الوظيفة. بينما المرأة المعلّمة هي زوجة أيضًا، ولن تقع عليها وحدها أعباء المصاريف الأُسريّة فتكون شريكًا مساندًا لزوجها في هذه المهمّة، لذلك معظم المعلّمين في القطاع التّعليمي اللبناني متزوجون من معلّمات، ويتشاركون معهن في مواجهة صعوبات المعيشة وتدبير الشؤون الأسرية.
ب- توجد فروق في تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل المستوى الدراسي:لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث الأسلوب الإحصائي البارامتري اختبار (t-test).
الجدول (11): نتائج الفرض الثالث تبعًا للمستوى الدراسي باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري وفروق تِ
المستوى الدراسي | عدد الأفراد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة تِ | قيمة الدلالة |
إجازة | ن=72 | 26.46 | 3.250 | 0.479 | غير دالة |
دراسات عليا | ن=56 | 26.18 | 3.314 |
من خلال تحليل الباحث للنتائج الاحصائية الواردة في الجدول (11)، تبلغ قيمة تِ (0.479)، وهذا يعني أنها غير دالة احصائيًّا، حيث إنّ المتوسّط الحسابي لحمَلة الإجازة يساوي المتوسّط الحسابي لحمَلة الدراسات العُليا. ونرفض الفرضية البديلة ونقبل الفرضيّة الصفريّة التي تفيد أنّه لا توجد فروق في تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل المستوى الدراسي. فالمعلمون الحائزون على شهادات الدراسات العُليا والذين انخرطوا مباشرة في سوق العمل يجدون أنّهم قد حققوا ذواتهم في الحصول على فرصة عمل مقبولة اجتماعيًّا وذات دخل اقتصادي جيّد وضمانات صحّية واجتماعيّة، وهذا الشعور متواجد أيضًا لدى المعلمين من حملة شهادات الإجازة التّعليمية، إذ يتمتّعون أيضًا بالحوافز والامتيازات نفسها. وقد اتفقت نتيجة هذه الدّراسة مع نتائج دراسة (الرواحية، 2016) التي بيّنت وجود فروق دالة إحصائيًّا في مستوى تحقيق الذّات تُعزى لمتغير المؤهل الدراسي لصالح الماجستير. كما توافقت هذه النتيجة مع نتيجة دراسة (داود وسقاي 2020) التي كشفت عن فروق في تحقيق الذّات تُعزى لطلبة السنة الجامعيّة الثالثة بمستوى أعلى من طلبة السنة الأولى. ويُفسّر الباحث عدم وجود فروق في تحقيق الذّات تُعزى إلى عامل المستوى الدراسي إلى أنّ كلّ المعلّمات، والمعلّمين من حمَلة الشهادات العليا والإجازة يخضعون بشكل دائم ومتكرّر لدورات تدريبيّة وتأهيليّة، ويشاركون في ورشات عمل ولقاءات تربوية يحصلون في نهايتها على شهادات وإفادات تُحتَسب في مؤهلاتهم العلميّة. فالشّهادات العليا لدى المعلّمات والمعلّمين غالبيّتها درجة الماستر، لذلك تُردَم هذه الفجوة الصّغيرة من خلال الدّورات والإفادات التّعليميّة. وفي حالات نادرة يكون المعلّم حائزًا على شهادة دكتوراه، لكنّه لا يشعر بانخفاض تقدير الذّات بسبب السماح له بالتعليم الجامعي ضمن ساعات محدّدة، أو منحه رتبة إدارية ينتظرها بعد مرور فترة من علمه في التعليم.
ج- توجد فروق في تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزى لعامل العمر:لاختبار هذا الفرض استخدم الباحث اختبار الفرق بين المجموعات (Analysis of Variance – ANOVA)
الجدول (12) تحليل التباين حسب العمر
جدول التباين الآحادي | |||||
مجاميع المربعات | درجة الحرية | المتوسط الحسابي | قيمة ف | الدلالة | |
التباين بين المجموعات | 13.599 | 3 | 4.533 | 0.419 | 0.740 |
التباين ضمن المجموعات | 1342.955 | 124 | 10.830 | ||
المجموع | 1356.555 | 127 | غير دالة |
بهدف معرفة وجود فروق في تحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر، قام الباحث بإجراء اختبار التباين الآحادي ANOVA، وجاءت النتائج كما تظهر في الجدول أعلاه، وقد جاءت قيمة ف تساوي (0.419) عند مستوى (0.740) ˂ (0.05)، وهي نتيجة غير دالة إحصائيًّا، ما يعني أنّه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى (0.05) بين المجموعات العمريّة وداخلها. وهذا يُشير إلى عدم صحة الفرضيّة البديلة وصحة الفرضية الصفرية التي تقول إنّه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدلالة (0.05) في تحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر.
وتختلف نتيجة هذه الدّراسة مع نتيجة دراسة (داود وسقاي 2020) التي توصّلت إلى وجود فروق في مستوى تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة تُعزي لعامل العمر ولمن هم في السنة الجامعيّة الأخيرة الأكبر سنًّا من طلبة السنة الأولى، كما تختلف هذه النتيجة مع نتيجة دراسة (D’souza, Adams & Fuss 2018) التي توصّلت إلى وجود فروق دالّة إحصائيًّا في تحقيق الذّات لدى العيّنة المدروسة تُعزى لعامل العمر ولصالح مَن هم في الخمسين من عمرهم، بينما تتفق مع نتيجة دراسة (الزهراني والكشكي 2021) التي بيّنت عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة تُعزى لعامل العمر في مستوى تحقيق الذّات لدى العيّنة، فالعمر لم يُظهر أيّة فروق دالة إحصائيًّا. وبذلك تُرفض الفرضية القائلة: توجد فروق في تحقيق الذّات لدى عيّنة الدّراسة تُعزى لعامل العمر، إذ لم يظهر للعمر أيّة فروق دالة إحصائيًّا في تحقيق الذّات لدى أفراد العيّنة.
تتوافق هذه النتيجة مع أفكار غولدستين Goldstein الذي عدَّ أنّ جُنوح النفس البشرية لتحقيق ذاتها على أكمل وجه ممكن هو الدافع الأساسي للفرد في حياته وعمله، بصرف النظر عن عمر الإنسان (Goldstein, 1993, p. 44). كما عدَّ روجرز أنّ القوة الشافية للإنسان هي نزعته لتحقيق ذاته، وتعزيز إمكاناته وتفعيل كامل قدراته في مختلف مراحله العمريّة (Gleitman, 2004, p. 15). وقد أكّد ماسلو أولويّة تحقيق الذّات لدى الإنسان من دون تخصيص مرحلة عمريّة معيّنة، بل عدَّها حاجة إنسانيّة لدى مختلف الفئات العمرية، إذ يشغل تحقيق الذّات فيه المستوى الأعلى من التقدم النّفسي، وذلك عند إتمام تحقيق كامل الإمكانات الكامنة للفرد، وهذا يحدث بعد قضاء احتياجات أساسيّة مثل حاجة تحقيق الذّات.
ويوضح الباحث عدم وجود فروق في تحقيق الذّات تُعزى لعامل العمر بين المعلّمات، والمعلّمين بالثبات الوظيفي والشعور بالأمن النّفسي، لأنّ التعليم في المدارس الرّسميّة يقدّم وسائل أمان وضمانات متساوية بين أفراد الهيئات التّعليميّة باختلاف أعمارهم، كما إنّ العمر في الوظيفة التّعليميّة الحكوميّة لا يشكّل فرقًا يُذكر على مستوى التقديمات، لأنّه مهما تقدّم المعلّم في السنّ تبقى الضمانات والحوافز والتقديمات بالمستوى نفسه، حتى الرواتب وساعات الراحة والدرجات تزيد بشكل طفيف.
– توصيات ومقترحات الدّراسة: في ضوء النتائج التي توصّلت إليها الدّراسة، وبناءً على التعمّق في المفاهيم النّظريّة والتفسيرية ومراجعة الدراسات السابقة وربطها بالدّراسة الحاليّة، يوصي الباحث بما يلي:
– زيادة اهتمام وزارة التربية والتعليم العالي بالمعلّمات والمعلّمين لتأمين الظروف المناسبة التي تساهم في مساعدتهم على التّوافق المهني وتحقيق الذّات.
– تقديم برامج إرشادية من وزارة التربية لتحسين التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين.
– عقد ورشات العمل والدورات التّدريبيّة المتخصّصة في التعليم بهدف تحسين الخبرات والمهارات لدى المعلّمات والمعلّمين في المدارس الرّسميّة، لتعزيز توافقهم المهني وتحقيقهم للذات.
– الاهتمام بالجانب الاقتصادي والإنتاجي مثل الرواتب والحوافز والترقيات والعدالة والمكافآت، ومراعاة المؤهلات العلمية والمراحل العمرية للمعلّمات والمعلّمين، ما يساعدهم على التّوافق المهني وتحقيق الذّات.
– إجراء الدراسات والأبحاث الهادفة إلى تقصّي الأزمات في القطاع التّربوي التّعليمي لمعرفة العوامل المؤثرة في التّوافق المهني وتحقيق الذّات لدى المعلّمات والمعلّمين.
المراجع
- إبراهيم، فؤاد. (2015). الخصائص السيكومترية لمقياس تحقيق الذّات. مجلة الإرشاد النفسي، 13(42)، 531-555.
- أبو النيل، حمود السيد. (2003). علم النفس الصناعي: دراسات عربية وعالمية. دار النهضة العربية.
- أبو سبيحة، سعدة. (2019). التّوافق المهني وعلاقته بالإنهاك النفسي لدى معلّمات مرحلة التعليم الأساسي في مدينة سبها. جامعة سبها.
- الأصفر، أحمد، و عقيل، أديب. (2003). علم اجتماع التنظيم ومشكلات العمل. منشورات جامعة دمشق.
- بن داود، روضة و سقاي، هند. (2020). إدراك التلاميذ لدور الأستاذ في إشباع تحقيق الذّات لديهم. جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
- بن داوود، روضة. (2020). إدراك التلاميذ لدور الأستاذ في إشباع حاجة تحقيق الذّات. جامعة قاصدي مرباح.
- بن عمارة، سمية. (2010). صراع الأدوار و تأثيره على التّوافق المهني لطلاب العاملين بالمركز الجامعي بغرداية دراسة ميدانية واستكشافية لطلاب العاملين بالمركز الجامعي بغرداية. مجلة الباحث في العلوم الإنسانية و الإجتماعية، 348-378.
- تيشات، سلوى. (2010). أثر التوظيف العمومي على كفاءة الموظفين بالإدارات العمومية الجزائرية. جامعة محمد بوقرة.
- حسونة، غسان حسن. (2002). التّوافق الأسري لدى الطالبات المتزوجات وعلاقته ببعض المتغيرات. القدس: جامعة الأقصى.
- الحموي، منى. (2010). التحصيل الدراسي وعلاقته بمفهوم الذّات، دراسة ميدانية على عينة من تلاميذ الصف الخامس – الحلقة الثانية – من التعليم الأساسي في مدارس محافظة ريف دمشق. مجلة جامعة دمشق للعلوم التّربوية، الصفحات 172-201.
11-حيدر، عفيف. (2017). المدخل إلى علم الإدارة. منشورات جامعة دمشق: برنامج الدراسات الدولية والدبلوماسية.
12-حيمودة، جمعة. (2005). الاتجاه نحو المهنة وعلاقته بالتّوافق المهني لدى مستشاري التوجيه المدرسي 13-والمهني. جامعة ورقلة.
14-خميس، أسماء. (2014). أساليب إدارة الصراع التنظيمي حسب نموذج “توماس” و “كولمان” وعلاقتها بالتّوافق المهني لدى عمال القطاع الصحي. جامعة سطيف: قسم علم النفس.
15-خوجة، خديجة. (2014). الإرشاد النفسي الجماعي (ط1). دار خوارزم العلمية.
16-الداهري، صالح أحمد. (2008). أساسيات التّوافق النفسي والاضطرابات السلوكية والانفعالية، الأسُس والنّظريّات. دار صفاء للنشر والتوزيع.
17-داود، حمدي. (1997). العلاقة بين مصادر الظهور التي يُعاني منها الطلبة وتحقيق الذّات لديهم. مجلة العلوم التّربوية، 42(2)، 57-73.
18-الدخاخني، إبراهيم. (2000). المشكلات النفسية والاجتماعية للأطفال المحرومين من الوالدين وعلاقتها بتقدير الذّات والممارسة العلاجية للخدمة الاجتماعية. معهد الدراسات العليا للطفولة، جامعة عين شمس.
19-الدسوقي، إنشراح. (1991). التحصيل الدراسي وعلاقته بتحقيق الذّات والتّوافق النفسي. مجلة علم النفس، 20(5)، 59-81.
20-الدعدي، غزلان. (2009). الضغوط النفسية والتّوافق الأسري والزواجي لدى عينة من آباء وأمهات الأطفال المعاقين تبعاً لنوع ودرجة الإعاقة وبعض المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية. جامعة أم القرى.
21-الدليجي، سيف صالح. (2002). أثر العوامل الوظيفية والشخصية على الرضا الوظيفي وكفاية الأداء. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية.
22-الدوسري، سارة ناصر. (2001). إدراك القبول والتحكم الوالدي لدى طلبة الجامعة وعلاقتها بتقدير الذّات والفاعلية الذّاتية. جامعة الملك سعود: كلية التربية.
23-راضي، وقفي. (2014). مقدّمة في علم النفس. دار الشروق للنشر والتوزيع: الاردن.
24-الرجيبي، يوسف، والمحمود، محمد. (2019). التّوافق المهني لدى معلّمي مرحلة التعليم ما بعد الأساسي وعلاقته ببعض المتغيّرات في مدارس محافظة الباطنة بسلطنة عُمان (ط1). دراسات التربية وعلم النفس.
25-الروايحة، محمد يوسف. (2017). التّوافق المهني وعلاقته بالفاعلية الذّاتية المدركة لدى عينة من الموظفين في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية. الداخلية: كلية العلوم والآداب: قسم التربية والدراسات الإنسانية.
26-رويم، فايزة. (2005). علاقة الاتصال الشخصي لدى العمال بتوافقهم المهني. جامعة ورقلة.
27-زروقي، صباح. (2015). المناخ التنظيمي وعلاقته بالتّوافق المهني لدى عمال شركة توزيع الكهرباء والغاز في ورقلة حضري. جامعة قاصدي مرباح.
28-الزهراني، أحلام محمد علي و الكشكي، مجدة السيد علي. (17 حزيران, 2021). الرفاهية النفسية وعلاقتها بتحقيق الذّات لدى عيّنة من الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة. مجلة جامعة الملك عبد العزيز، 28(14)، الصفحات 219-244.
29-الزيود، نادر فهمي. (2008). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي. دار الفكر.
30-السبعاوي، فضيلة عرفات. (2009). تحقيق الذّات وإدارة العطاء. دار صفاء.
31-السرحاني، سلطان مفرح. (2023). نظريات الإرشاد والتوجيه. مكتبة الملك فهد الوطنية.
32-سليمان، محمد. (2010). الأمن النفسي وتقدير الذّات في علاقتهما ببعض الاتجاهات التعصبية لدى الشباب الجامعي. الشرقية: جامعة الزقازيق. كلية الآداب، قسم علم النفس.
33-السليمي، محمد جزاء عاتق. (2014). فعالية برنامج إرشادي قائم على الإرشاد غير الموجه في تنمية تحقيق الذّات لدى طلاب المرحلة الثانوية. جامعة الملك عبد العزيز: قسم علم النفس الإرشادي.
34-الشافعي، ماهر عطوي. (2002). التّوافق المهني للممرضين العاملين بالمستشفيات الحكومية وعلاقته بسماتهم الشخصية. غزة: كلية التربية في الجامعة الإسلامية.
35-شوستروم، إيرفيت. (1986). إختبار التوجه الشخصي وتحقيق الذّات. (ترجم طلعت منصور، و فيولا الببلاوي) مكتبة الأنجلو المصرية.
36-الشيخي، صالحة. (2021). الرفاهية النفسية وعلاقتها بالتّوافق المهني لدى عيّنة من المعلّمات في جدّة. جامعة الملك عبد العزيز.
37-الصرن، رعد حسن. (2017). إدارة الإبداع والابتكار. الجامعة الافتراضية السورية، وزارة التعليم العالي.
38-طبيل علي حسين، محمود علي فراس، و نقولا، إيناس. (25 7, 2009). تقويم مستوى الاستقرار النفسي لدى العاملين في وحدات التربية الرياضية والفنية في كليات جامعة الموصل وعلاقته بتحقيق الذّات. مجلة أبحاث كلية التربية. جامعة الموصل، الصفحات 352-397.
39-الطحان، لبنى إسماعيل. (2000). تقدير الذّات وعلاقته ببعض المخاوف لدى الطفل الأصم. معهد الدراسات العليا للطفولة: جامعة عين شمس.
40-طوايبية، آمال. (2023). دور مفهوم الذّات لتحقيق الصحة النفسية لدى المصابين بالحروق- دراسة ميدانية بالمركز الاستشفائي الجامعي جيلالي بونعامة بالدويرة. جامعة الدكتور يحيى فارس بالمدية: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.
41-الطويل، هاني. (2000). الإدارة التّعليمية مفاهيم وآفاق. دار الأوائل للطباعة والنشر.
42-عبد العزيز، إبراهيم. (2013). علم النفس المهني (ط 1). دار الزهراء للنشر والتوزيع.
43-عبد العظيم، طه. (2012). الإرشاد النفسي (ط 4). دار الفكر.
44-عبد الغني، أشرف محمد. (2001). علم النفس الصناعي أسسه وتطبيقاته. المكتب الجامعي الحديث.
45-عبد اللطيف، أسامة. (2000). علم النفس العام (الإصدار 1). دار الفكر العربي.
46-عبد الله، محمد قاسم. (2012). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي (ط 1). دار الفكر.
47-عبد الهادي، جودت و العزة، سعيد. (2014). التوجيه المهني ونظريّاته (الإصدار 2). دار الثقافة للطباعة والنشر.
48-عبد الهادي، جودت. (2006). الإشراف التّربوي – مفاهيمه وأساليبه. الدار الدولية للنشر والتوزيع.
49-عبلة، محمود. (2004). المرأة العربية العاملة المعوقات ومتطلبات النجاح في العمل القيادي. المنظمة العربية للتنمية الإدارية.
50-عبيد، إيمان. (13 7, 2014). مقياس التّوافق المهني. دار المنظومة، مجلة البحث العلمي في التربية، 1، الصفحات 477-489.
51-عطا الله، محمد و آخرون. (2009). الصحة النفسية وعلاقتها بالتكيف والتّوافق (ط1). دار صفاء للنشر والتوزيع.
52-عويضة، كامل محمد. (1996). علم النفس الصناعي. دار الكتب العلمية.
53-الفرماوي، حمدي علي. (2008). الحاجات النفسية في حياة الناس اليومية: قراءة جديدة في هرم ماسلو. دار الفكر العربي.
54-قاسم، بديع محمود. (2001). علم النفس المهني بين النّظريّة والتطبيق (ط 1). مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.
55-القاسم، محمود بديع. (2001). علم النفس المهني بين النّظريّة والتطبيق (ط 1). مؤسسة الوراق للنشر.
56-قطامي، يوسف، وأبو نعيم، منى. (2016). تحقيق الذّات والقيادة المستقبلية بين النّظريّة والتطبيق. مركز ديبونو لتعليم التفكير.
57-كريش، أحمد. (2018). إختبار ثبات القياس لمقياس روزمبرغ لتقدير الذّات بين مجموعتين من الجزائر والولايات المتحدة الأميريكية. البليدة، 10، 214-234.
م58-حمد علي، صبرة و آخرون. (2004). )، سيكولوجية الصناعة،( ط 1)،دار المعرفة الجامعية للإسكندرية.
59-محمد علي، صبرة. (2004). سيكولوجية الصناعة (ط 1). دار المعرفة الجامعة للإسكندرية.
60-مزور، شريف. (23 تموز, 2020). نظرية الذّات لكارل روجرز. مجلة جيل البحث العلمي، 65، الصفحات 127-142.
61-مهدي، سيّد إبراهيم (2000). اتجاه الطفل العامل نحو العمل وعلاقته بالعدوان وتقدير الذّات في الريف والحضر، رسالة ماجستير، معهد الدراسات العليا للطفولة، جامعة عين شمس. معهد الدراسات العليا للطفولة: جامعة عين شمس.
62-المهنا، محمد سعيد. (2002). العلاقة بين التّوافق المهني والدافعية للإنجاز لدى موظفي جمرك مطار الملك خالد الدولي بالرياض. أكاديمية نايف العربية للعوم الأمنية.
63-الهيجان، عبد الرحمن. (2004). علم النفس المهني. وزارة التربية والتعليم بالرياض.
-64Bailey, Richard. (25 1, 2020). Education In the Open Society- Karl Popper and Schooling. Routledge Revivals 13-47.
-65Berg, A. (2009) Humanization of work. New forms of work design as a determinant of job satisfaction using the example of semi-autonomous work groups. Georg-August-University.
-66Bram, Buunk. (2001). Enhancing Satisfaction through Downward Comparison: The Role of Relational Discontent and Individual Differences in Social Comparison Orientation. Journal of Experimental Social Psychology، 452-467.
-67Bruno, G. (1983). Human adjustment and personal growth. New York: Prentic Hall.
-68D’Souza, Jeevan, Adams, Kelly & Brian Fuss. (2016). A Pilot Study of Self-Actualization Activity Measurement. Journal of the Indian Academy of Applied Psychology، 41(3)، 21-33.
-69Dubois, D.L. (2003). Effective strategies for esteem enhancement : what do young adolescents have to say? , Journal of early Adolescence, vol: 23, No: 4. Journal of early Adolescence، 23، 728-749.
-70Dunond, Bernard. (2000). Tests et theories de L’ intelligence. Paris: Gallimard.
-71Erkut, S. (2000). early adolescents self- esteem Patterns. Journal of research on Adolescence، 10، 329-351.
-72Eswari, Sai Vanje.( December, 2018). SELF-ACTUALIZATION AND ACADEMIC PERFORMANCE in Department of Professional Studies Christ University. GLOBAL JOURNAL FOR RESEARCH ANALYSIS (GJRA)، 6(12)، 459-497.
-73Goble, Frank. (1980). The Third Force: The Psychology of Abraham Maslow. New York: Washing Square Press (WSP).
-74Gleitman, Henry, Fridlund, Alan & Daniel Reisberg. (2004). Psychology. New York: Norton & Company.
-75Hergenhan, B.R (1980). .Introduction to theories of personality. New Jersey: Prentic Hall.
-76Karthikeyan, E. (2018). Professional Adjustment and mental health of special schoolteachers. Chennei. India: meston colleg of education, royapettah.
-77Marsh, H.W. (2010). Positive and negative global self-esteem: A substantively meaningful distinction or artifactors? Tournal of Personality and Social Psychology، 4، 810-819.
-78Maslow, Abraham. (1968). Motivation and Personality: Self-Actualizing People. A Study of Psychological Health 9(7)، 49-73.
-79McClelland, David. (2013). Theory of Needs. New York: NetMBA Business Knowledge Center.
-80McClelland, David. (2018). Human Achievement and Motivation Research. Harvard: Psychology.Fas.Harvard.edu.
-81Narvaez, Darcia. (18 2, 2018). How to Get on the Path to Self-Actualization. www.psychologytoday.com.
-82Panagopoulos, R. (2016). Professional Burnout and Job Adjustment Among Physical Education Teachers in Greece. Journal of Scientific Research & Reports3(13)، 39-67.
-83Rogers, Carl. (1961). On Becoming a Person. Psychological Review 17(8)، 370-396.
-84Rosenberg, Morris. (1965). Society and the adolescent self-image. Princeton: NJ: Princeton University Press.
-85Stelo, M.J. (2000). Sex differences in self- concept in Spanish secondary school students . Madrid: psychological reports.
-86Trautwein, Ulrich. (2006). Self-esteem, academic self-concept, and achievement: How the learning environment moderates the dynamics of self-concept. American Psychological Association 334–349.
-87Vohs, K.D. & Heatherton, T.F. (2001). Self-esteem and threats to self : Implications for selfconstruals and interpersonal perceptions. Journal of Personality and Social Psychology، Vol.81, No. 8.
-88Votsmeier, Achim. (1996). Kurt Goldstein and Holism, Lecture held at the GTILA-Summer-Residential-Program . Barcelona: Copyright. Clin.Psych.
-89Wilson, A. (2001). Understanding Implication For Corporate Marketing. European Organizational Culture And The Journal of marketing.35، 353-367..
د. عباس مزهر
[1] – طالب دكتوراه في جامعة بيروت العربيّة-كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة- بيروت –لبنان – قسم علم نفس.
Doctoral student at Beirut Arab University – Faculty of Arts and Human Sciences – Beirut – Lebanon – Department of Psychology.Email: dr.abbass_mezher@hotmail.com
[2] – رئيس قسم علم النفس في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة بيروت العربيّة- بيروت- لبنان.
Head of the Department of Psychology at the Faculty of Arts and Human Sciences at Beirut Arab University – Beirut – Lebanon. .Email: nermin.mohamed@bau.edu.lb
[3] – أستاذ مساعد في قسم علم النفس في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في جامعة بيروت العربيّة- بيروت – لبنان.
Assistant Professor in the Department of Psychology at the Faculty of Arts and Human Sciences at Beirut Arab University – Beirut – Lebanon. .Email: h.alaeddine@bau.edu.lb.