الحبّ في المنهج التّربوي الإسلامي
Love in the Islamic educational Approach
Nawal Haj Diaنوال الحاج دياب)[1](
تاريخ الإرسال:7-8-2024 تاريخ القبول:22-8-2024
ملخّص الدّراسة
إن بناء المجتمعات الصّالحة يبدأ بتربية الأبناء فهم رجال المستقبل الذين يعول عليهم الآباء، وقد أولى الدّين الإسلامي عناية خاصة بعمليّة تربية الأبناء لأنّ بناء الشّخصيّة الإسلاميّة يبدأ منذ الطفولة وحتى ما قبلها، وقد جاء النّبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتعليم الناس “هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة”. وقد اهتمت التربية الإسلاميّة بجوانب الشّخصيّة الإنسانيّة جميعها، فعملت على تنمية العقل والجسد والعاطفة أو الضّمير، وهذا البحث يلقي الضوء على كيفية تنمية العواطف، وتحديدًا عاطفة الحبّ، لما لهذه العاطفة من مكانة وقيمة وانعكاس على بناء الشّخصيّة الإسلاميّة السليمة وعلى المجتمع ككل.
تناول هذا البحث تعريف التربية والحبّ والتربية الإسلاميّة، و مبادئ وأساليب التربية الإسلاميّة المهمّة، وكيفيّة تربية الأبناء على الحبّ وإشباع حاجتهم إلى هذا الشّعور، ثم كيفيّة غرس الحبّ كقيمة في نفوس أبنائنا، وكان المنطلق من محبة الله لما لها من مكانة محوريّة في شخصية المسلم، من خلال تفريع محبة الله وحب دينه وحب أنبيائه وأئمته والصالحين، بالإضافة إلى حب الخير وحب النّاس والعمل لخدمة عباد الله في الأرض، فمعرفة الله وحده لا تخلّص الإنسان من النّار، بل حبه أيضًا، وعندما يقترن العلم بالحبّ فلا بدّ أن ينعكس ذلك في سلوك يرضي الله، وبذلك تجتمع مقومات المجتمع الصالح.
كلمات مفتاحيّة: الحبّ، التربية، التربية الإسلاميّة
Abstract
Building good societies starts with upbringing children، as they are future’s men on which the parents’ hopes are based. Islamic religion has paid special attention to the process of raising children because building of Islamic personality begins from childhood and even before, and Prophet Muhammad (peace be upon him and his family) came to educate people “It is He who has sent among the unlettered a Messenger from themselves reciting to them His verses and purifying them and teaching them the Book and wisdom” – Islamic education was concerned with all aspects of the human personality, working on the development of the mind, body and emotions or conscience. This research sheds light on how to develop emotions, specifically the emotion of love, due to the status and value of this emotion and its reflection on the building of a healthy Islamic personality and thus on society as a whole.
This research discussed the definition of education، love and Islamic education, as well as the most important principles and methods of Islamic education, and how to raise children with love and satisfy their need for this emotion, and then how to cultivate love as a value in our children’s souls, and the starting point was God’s love for its pivotal place in the Muslim’s personality, through God’s love, love of His religion and love of his prophets, imams and righteous people branches out, in addition to love of goodness, love of people and work to serve the servants of God on earth. Knowing God alone does not save a person from Hell, but also his love, and when knowledge is combined with love, this must be reflected in a behavior that is pleasing to God, thus combining the components of a good society.
Keywords: Love, Education, Islamic Education.
المقدمة
عن الإمام الصّادق عليه السّلام: “إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليرحم العبد لشدَّة حبِّه لولده”(1). تعدُّ تربية الأبناء في الدين الإسلامي من الوظائف المهمّة التي يجب أن يقوم بها الإنسان، إذ إن هذه العمليّة تساهم بشكل أساسي في بناء مجتمع صالح قائم على أسس متينة من عقيدة وأخلاق وسلوك، يتناسب مع التعاليم الإسلاميّة الغرّاء.
وما لا شك فيه أنّ عمليّة التربية تقوم على أسس ومبادئ حتى تؤتي ثمارها، وقد كثُرت النّظريات التربويّة في القرن الماضي وحتى يومنا هذا، هذه النّظريات القائمة على خلفيّات فلسفيّة وفكريّة وإيديولوجيّة غربيّة في معظمها، أثّرت بقوة في مجتمعاتنا وبيئتنا الإسلاميّة وانبهر مفكرونا ومثقفونا بها في وقت غاب الإسلام عن الساحة الاجتماعيّة والتّربويّة والسياسيّة. ولكن الآن وببركة هذه النّهضة الإسلاميّة المباركة بدأ الكثير من الباحثين والمثقفين باستخراج كنوزنا الإسلاميّة الدّفينة، إنّ في القرآن الكريم أو أحاديث المعصومين. وأصبح هناك مقاربة من نوع جديد خاصة في العلوم الإنسانيّة، كان الشّهيد الصّدر السّباق فيها وهي تحت مسمى “التّفسير الموضوعي للقرآن الكريم” الذي يوحّد بين التّجربة البشريّة وبين القرآن الكريم لا بمعنى أنه يحمل التّجربة البشريّة على القرآن، ولا بمعنى أنّه يخضع القرآن للتّجربة البشرية، بل بمعنى أنه يوّحد بينهما في سياق بحث واحد ليستخرج نتيجة هذا السّياق الموّحد من البحث المفهوم القرآني الذي يحدّد موقف الإسلام تجاه هذه التّجربة(2)، وهذا يسري أيضًا على أحاديث المعصومين عليهم السّلام وسنّتهم.
وفي هذا البحث سنحاول أن نبيّن مبادئ وأساليب التربية الإسلاميّة المهمّة، ونقف مطولًا عند الحبّ كعاطفة وقيمة مهمّة في حياة الفرد، وكيف تعامل الإسلام معها في العمليّة التربويّة وما هي آثار إشباع هذه الحاجة في بناء شخصية سويّة متوازنة للطفل، وكيف نزرع قيمة الحبّ في نفوس أطفالنا حسب ما جاء في القرآن الكريم وعلى لسان المعصومين عليهم السّلام.
إشكالية البحث: إنّ إشكالية هذا البحث تنطلق من الإجابة على سؤال ما هي الأهميّة التي أولتها التربية الإسلاميّة لقيمة الحبّ؟ من ناحيتين:
- تربية الأبناء بحب وإشباع هذه العاطفة لديهم.
- وذلك من خلال النّصوص القرآنيّة، والأحاديث الشّريفة للمعصومين عليهم السّلام وسيرتهم العمليّة.
منهج البحث: اعتمدت المنهج الوصفي التّحليلي في موضوع البحث، فتناولت التربية الإسلاميّة ومبادئها، وصفًا وتحليلًا لها، استنادًا إلى القرآن الكريم والأحاديث المرويّة عن المعصومين عليهم السّلام، ثم التركيز على قيمة الحبّ في هذه العمليّة.
أولًا: مصطلحات البحث
تعريف التربية
في اللغة: جاء في لسان العرب لابن منظور: ”ربا” “يربو” بمعنى زاد ونما(3). إنّ كلمة تربية مشتقّة من الفعل الماضي الثلاثي المجرّد ”ربا” ومضارعه ”يربو”، وهي تتضمن معنى النّمو والزيادة العينيّة. ويمكن أن يكون اشتقاقها من الفعل الماضي ”ربى” ومضارعه ” يربي” وهي تحتمل معنى تغذّي وترعرع، ويمكن أن يكون معناه إصلاح الشيء وتقدمه.
خلاصة ذلك أنّ مفهوم التربية اللغوي انحصر في معاني النّمو، والنّشأة والإصلاح وهي معاني يكمل بعضها الآخر، ما يؤدي إلى المفهوم الشّامل للتربية.
في الاصطلاح: تتمثل التربية في ذلك السّلوك الواعي، أو اللاواعي الذي يقوم به الرّاشدون إزاء الأطفال قصد تعليمهم جملة من المعارف والقيم للاندماج في المجتمع. ويقال أيضًا إنّها عملية صناعة الإنسان. وهي في نظر أفلاطون: “أن تضفي على الجسم والنفس كل جمال وكمال ممكن لها”(4). يقول أبو حامد الغزالي “إنّ صناعة التعليم هي أشرف الصناعات التي يستطيع الإنسان أن يحترفها وإنّ الغرض من التربية هي الفضيلة والتقرب إلى الله”(5). ويرى جون ديوي أن التربية هي “عمليّة مستمرة لإعادة بناء الخبرة، بهدف توسيع وتعميق مضمونها الاجتماعي”.
وقد جاء تعريف اليونسكو في مؤتمرها بباريس للتربية على أنّها “مجموع عمليّات الحياة الاجتماعيّة التي عن طريقها يتعلّم الأفراد والجماعات داخل مجتمعاتهم الوطنيّة، ولصالحها أن ينمّي وبوعي منهم قدراتهم الشّخصيّة كافة، واتجاهاتهم واستعداداتهم ومعارفهم وهذه العمليّة لا تقتصر على أنشطة بعينها.
ومن بين هذه التّعاريف الحديثة للتربية: هي عملية التكيّف أو التفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها. ومن المعروف أن التربية الصحيحة لا تفرض فرضًا بل تأتي نتيجة تفاعل بين الطفل والمربّي، وهي جميع العمليات الاجتماعيّة والفرديّة التي يمر بها الإنسان في جميع مراحل حياته(6).
تعريف الحبّ: كيفيّة زرع هذه القيمة عند الأطفال.
في اللغة: إنّ لفظ الحبّ أصل مادته ( ح ب ب) في اللغة : اللزوم والثبات، فالحبّ والمحبة اشتقاقهما من (أحبّه)(7).
والحبّ كما ورد في لسان العرب: نقيض البغض. والحبّ، الوداد والمحبة وأحبه فهو محبّ ومحبوب(8).
في الاصطلاح: الحبّ هو من العواطف الإنسانيّة التي تتمركز حول شخص أو شيء أو فكرة، وهو من العواطف الأساسيّة في نفس الإنسان وهي التي تدفعه إلى الاستمرار في الحياة وعمارة الأرض(9). وهو ميل الطبع إلى الملائم الملذّ، ولا يتصوّر حبّ إلّا بعد معرفةٍ وإدراك، وكذلك لا يتّصف بالحبّ جماد. ولا يحبّ الإنسان ما لا يعرفه ولم يدركه، فالحبّ من خاصّية الحيّ.
تعريف التربية الإسلاميّة: إذا كانت التربية هي عمليّة تنمية ورعاية الفرد منذ ولادته وعلى امتداد حياته، فإنّ التربية الإسلاميّة هي تنمية جوانب الشّخصيّة الإسلاميّة الفكريّة والعاطفيّة والجسديّة والاجتماعيّة جميعها، وتنظيم سلوكها على أساس مبادئ الإسلام وتعاليمه بغرض تحقيق أهداف الإسلام في شتى مجالات الحياة. أو هي النّظام التّربوي القائم على الإسلام بمعناه الشّامل(10).
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة وهي أن جوانب الشّخصيّة الإنسانيّة لها مستويات ثلاث:
المستوى الأول: هو مستوى الوعي والإدراك المعرفي.
المستوى الثاني: مستوى العاطفة والوجدان.
المستوى الثالث: مستوى الحركة والنّزوع والمهارة.
ويعدُّ المستوى الثاني أخطر المستويات وأكثرها صعوبة لأنّه يتعلق بداخل الإنسان فهو يشتمل على الميول والاتجاهات والقيم وهو المسؤول عن تشكّل شخصيّة الفرد.
ثانيًّا: العلاقة بين الإسلام والتربية: الإسلام شريعة الله للبشر، أنزلها لهم ليحققوا عبادته في الأرض والعمل بهذه الشريعة يقتضي تطوير الإنسان وتهذيبه حتى يصلح لحمل الأمانة وتحقيق خلافة الله في الأرض،هذا التّطوير والتّهذيب ما هو إلّا التربية الإسلاميّة:
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾(12) والتربية هي المهمة الأساسيّة التي قام بها الرّسول الأكرم ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾(13). فالتزكية هي التربية وهي سابقة لتعلّم الكتاب والحكمة.
ثالثًا: التربية الإسلاميّة، أسس، مبادئ، أساليب
أ- أسس التربية الإسلاميّة: التربية الإسلاميّة هي عملية تنمية فكر الإنسان، وتنظيم سلوكه وعواطفه على أساس الدين الإسلامي وبقصد تحقيق أهداف الإسلام في حياة الفرد والجماعة في كل مجالات الحياة. فهي على هذا عملية تتعلق قبل كل شيء بتهيئة عقل الإنسان، وفكره وتصوراته عن الكون والحياة وعن دوره وعلاقته بهذه الدنيا وعلى أي وجهة ينتفع بهذا الكون، وعن غاية هذه الحياة والهدف الذي يجب أن يسعى إليه. وقدّم الإسلام هذه الأفكار في منظومة من التّصورات مترابطة متينة البنيان. لذلك نرى أنّ في الإسلام العقائد التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها وهي الأساس الذي يبني عليه المسلم كل حياته، هذه العقائد تحرّك في نفسه الأحاسيس والمشاعر وتغرس العواطف الجديرة أن تدفعه إلى السّلوك الذي نظّمت الشّريعة له قواعده وضوابطه فرديًّا وجماعيًّا، إذن التربية الإسلاميّة تعمل على المستويات الثلاث التي مرّت معنا سابقًا.
ب- مبادئ التربية الإسلاميّة: قبل أن نشرع في الكيفيّة التي عمل ّعليها الإسلام في تنمية عاطفة الحبّ عند الأفراد من خلال العمليّة التربويّة، لا بدّ لنا أن نمرّ سريعًا، وبشكل موجز على مبادئ التربية الإسلاميّة المهمّة لما لها من علاقة مع موضوع بحثنا هذا. والمبادئ هي المباني الاعتقاديّة والفلسفيّة ونوع المعرفة التي يتبناها كلّ مذهب بالنسبة إلى مبدأ خلق الكون والإنسان. أو ما يسمي الخلفيّة الثقافيّة لمذهب ما. وعلى ذلك فإن المبادئ في التربية الإسلاميّة المهمّة هي:
- التربية وفق الفطرة: والفطرة هي بناء خاص في الخلقة يدفع الإنسان إلى إدراك ومعرفة الحقائق وعبادة الله، ومعرفة الخير والقيم الإنسانيّة، ومع أن الفطرة تشبه الغريزة في أنّها أمرٌ ذاتي ولكنها أعلى منها، فنطاقها هو الأبعاد المعنويّة وما وراء الطبيعة، ولذا كانت مختصّة بالإنسان. يقول الإمام الخميني (قده): “إذًا فنور الفطرة قد هدانا لنعرف أن قلوب جميع أبناء البشر… تتوجه قلوبهم بالفطرة إلى الكمال الذي لا نقص فيه…”(14) وفي القرآن الكريم جعل الله تعالى الدين بتمامه ولو بنحو الإجمال مودع في الفطرة ﴿فأقم وَجْهك للدينِ حَنيفا فِطرةُ اللهِ التي فَطَرَ الناسَ عليها﴾(15). من هنا يتلخص دور المربي في إرشاد الفرد وتوجيهه نحو فطرته، فعن الإمام علي عليه السّلام: “فبعث الله فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه بما خصّهم به من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسيّ نعمته”(16).
- الإيمان بالغيب: وهو الإيمان بالله الواحد وما خلقه من عوالم غير عالم الشّهادة، ما لا نستطيع إدراكه بحواسنا، فالله في العقيدة الإسلاميّة هو الحقيقة الوحيدة الفاعلة في الوجود، وهو وإنّ كان بالنسبة إلينا غيبًا فهو جزء لا يتجزأ من معادلات عالم الشّهادة كما يُفهم من قول الإمام علي عليه السّلام: “وأشهد أن لا إله إلا الله إيمان وإيقان وإخلاص وإذعان”(17). لذا فكل تربية لا تلحظ وجوده وقدرته جلّ وعلا وما يترتب عليهما فهي تربية واهية وناقصة لن تصل إلى أهدافها(18).
- مبدأ التّقوى: والتّقوى لا تعني الخوف وتجنب الناس والانزواء، بل هي حسب تعبير الشهيد مطهري “قوة روحيّة تتولد للإنسان من التّمرين العملي الذي يحصل من الحذر المعقول والمنطقي من الذّنوب”(19). فالمؤمن بوجود الله وقدرته وبما أخبر عنه من موت وحساب وجنة ونار، أقلّ ما ينبغي عليه أن يتّقي غضبه ويحذر عقابه. ويرى الإمام علي عليه السّلام أن التربية التي تقوم على التّقوى لا تكبّل الإنسان ولا تقيّده بل على العكس من ذلك تطلق قواه إلى أبعد مدى فيقول: “فإنّ تقوى الله دواء داء قلوبكم وبصر عمى أفئدتكم وشفاء مرض أجسادكم وصلاح فساد صدوركم”(20)…
- مبدأ الزّهد: إن التربية الناجحة في نظر الإسلام هي التي تعدّ الإنسان للحياتين معًا، وليس للحياة الدّنيا فقط. فالمقصود من الزّهد ليس احتقار الدّنيا وعدم الاهتمام بها، بل عدم الاغترار بها “الزهادة قصرُ الأمل والشّكرُ عند النعم والورع عند المحارم”(21).
- مبدأ التزكية: والتزكية تعني التنمية يقول تعالى: ﴿ونفسٍ وما سوّاها فألهَمها فُجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها﴾(22) فتزكية النّفس وتنميتها بشكل شامل هي التي تستحق الجنة، فالنّفس وعاء قابل للاتساع خاصّة بالعلم فكل علم يتبعه أدب وكل أدب حلّة جديدة.
- مبدأ الاستخلاف: وهو يقوم على فكرة أنّ الإنسان لم يُخلق عبثًا ولم يُترك سدى، بل خلق لدور عظيم وخطير في آن، ألّا وهو عمارة الأرض وخلافة الله فيها، وهذه المَهَمَّة تتطلب إعدادًا خاصًّا لجوانب شخصية الإنسان الماديّة والرّوحيّة جميعها، فتجمع هذه التربية أو الإعداد بين العمل للدنيا والآخرة ﴿إنّي جاعلٌ في الأرضِ خليفة﴾(23).
- مبدأ الحريّة والاختيار: قد يتصور البعض أنّ هذا المبدأ يتنافى مع غاية التربية الإسلاميّة وهو العبوديّة لله عزّ وجل إلّا أنّ إمعان النّظر في هذا الأمر يظهر لنا ترابطًا عميقًا بين الأمرين. فلا حريّة واقعيّة إلّا لمن أقرّ بالعبوديّة لله قولا وعملا وتحرر من أسر العادات، والتّقاليد والأشخاص وقبل كل شيء من أسر هوى نفسه ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾(24).
- مبدأ التعقّل: لا يتنافى الإيمان بالغيب مع الإيمان بقدرة العقل، وضرورة تنميته والاعتماد عليه في تقدير الأمور، واتخاذ القرارات والتّمييز بين الحقّ والباطل ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقِنا عذاب النار﴾(25). إنّ السبب الأساس في تعظيم العقل هو كونه أداة معرفة الله وفهم دينه واستحقاق ثوابه وإنجاز خلافته، وهذه الأمور لا تتمّ إلا باستخدام العقل وتفعيل دوره في حياتنا(26).
- مبدأ الواقعيّة: لقد دعا الإسلام لاحترام العقل، والاستعانة به في حسن تقدير الأمور يترافق ذلك مع دعوة الناس إلى التحلي بالواقعية والموضوعيّة، عن الإمام علي عليه السّلام “وامسك عن طريق إذا خفت ضلالته فإنّ الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال”(27).
10- مبدأ الاعتدال: وهو من المبادئ التربوية المهمة التي دعا إليها الإسلام، والاعتدال هو قانون الفطرة الذي ينطبق على شتّى مجالات الحياة كالمشاعر والتوجّهات ﴿لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم﴾(28). وعلى صعيد المواقف يقول الإمام علي عليه السّلام: “أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما”(29). هذه مبادئ التربية الإسلاميّة، والنّابعة من القرآن وأحاديث المعصومين التي سنرى كيف تطبق في موضوع بحثنا هذا.
ج: كيف اهتمت التربية الإسلاميّة بتنمية الحبّ؟
من المسلّم به أن النّبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان المربي والمعلم الأول، كيف لا وهو خير البشر وخاتم الرّسل وقد كان لأسلوبه في التربية الأثر الكبير في تغيير المجتمع الذي بُعث به، وهو مجتمع الجزيرة العربيّة الخشن، القاسي والقائم على الغزو والقتل وشرب الخمر ووأد البنات. إنّ الأساليب التي استخدمها الرّسول الأكرم كانت تلحظ جوانب الشّخصيّة جميعها، الجسديّة والعقليّة والدّينيّة والعاطفيّة.
وفي ما يلي سنعالج مسألة العواطف، وكيف اهتم بها الإسلام ونمّاها كون الحبّ واحدة من العواطف الإنسانيّة المهمّة، وله الدّور الكبير في بناء شخصيّة الفرد وتعامله مع الآخرين، وفي علاقته بربّه ودينه بشكل عام، وبعد ذلك سوف نتناول بشيء من التّفصيل عاطفة الحبّ فقط كونها موضوع بحثنا هذا.
فالعاطفة اصطلاحًا هي حالة ذهنيّة كثيفة تظهر بشكل آلي في الجهاز العصبي وليس من خلال بذل جهد مُدرك، وتستدعي إمّا حالة نفسيّة إيجابيّة أو سلبيّة (30)، وهي استعداد ثابت نسبيًّا ولها موضوع تدور عليه وهي التي تنظم الانفعالات المختلفة والمتشابهة معًا، كعاطفة الأم نحو ولدها أو احترام شخص لآخر أو ولاء المواطن لوطنه(31). إنّ تأثير العاطفة في العمل أقوى من سائر العوامل والأفكار الأخرى ويجب وضعها دائمًا تحت المراقبة والتربية الخاصة. ولقد أولى علماء النّفس والتربية أهمّية للعواطف وكيفيّة تهذيبها وتربيتها، ومن قبلهم جاء الإسلام ليعطي للعاطفة الأهمّية التي تستحقها، وهذا ما نلحظه في القرآن الكريم حيث الكم الهائل من العواطف التي تناولها في الكثير من الآيات، فنرى الآيات التي تتحدث عن الحبّ والمودة والعداوة والبغضاء والعطف والقسوة والخوف والحزن وغيرها من العواطف التي لها تأثير كبير في حياة الإنسان وعلاقته بربه أولًا وبالنّاس ثانيًّا يقول تعالى: ﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه﴾(32) ﴿لا تجدُ قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوّادون من حادّ اللهَ ورسوله ولو كانوا آباءهم…﴾(33). وفي الطرح القرآني للعواطف نرى أنّه لم يفصل بين العقل والعاطفة لأنّ الإنسان وحدة متكاملة متفاعلة مع بعضها البعض ووازن بين هذين القطبين(34).
إنّ تربية العواطف في الإسلام إنّما هي توجيه ومراقبة العواطف، والإحساسات وتنمية القابليّات من أجل الاستفادة الصحيحة منها في الجهات المطلوبة لخير وسعادة الإنسانيّة، وبملاحظة تقسيم العواطف إلى غريزيّة وفطريّة وماديّة ومعنويّة، فإنّ الإسلام قدّم طريقة التّعامل مع كل منها على أساس مبانيها وأصولها وأهدافها(35).
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه العواطف الغريزة وموقعها في الحياة الدنيا: ﴿زُين للناس حبُ الشهواتِ من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب﴾(36). لقد أقرّ الإسلام بوجود هذه العواطف، ولكن من جهة ثانية عمل على ترشيد هذه العواطف، وربْطها بالعقيدة الحقّة ففي آية أخرى يقول: ﴿قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبُ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره﴾(37). لقد اهتم الإسلام بتربية العواطف وضبطها وأقرّ بأهمّيتها، وعدَّ أنّ هذه العمليّة تبدأ من مرحلة الطفولة، وتستمر إلى الشّباب التي هي مرحلة التفتح الأقوى للإحساس وتكوّن الشّخصيّة، هذه المرحلة تتمتع بحساسيّة وشفافيّة وتتطلب الكثير من الدّقة والمهارة، فيجب التّعامل مع الشّباب بالاحترام والمداراة وغضّ النّظر عن بعض تصرفاتهم وتوجيه عواطفهم ومراقبتها.
وكما أنّ العواطف هي منشأ الفعّاليات المفيدة لحياة الإنسان، فإنّها يمكن أن تكون أيضًا منشأ للتصرّفات، والأفعال السّيئة وذلك إذا استخدمت من دون ضابطة منطقيّة، فإنّها سوف تأتي بآثار سيئة ويجب وضعها تحت مراقبة العقل والإيمان(38)، وعن الإمام علي عليه السّلام “الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلقك بحلمك وقاتل هواك بعقلك”(39).
وفي مرتبة أعلى من مرتبة العقل يشكل الاعتماد على الإيمان المستوى الأكثر اطمئنانًا في عمليّة إصلاح، وهداية وتوجيه العواطف الإنسانيّة فبالاعتماد على الإيمان القوي، والذّوبان في محبة الله تعالى يمكن القضاء على العواطف المتمردة والعاصية، والسّيطرة عليها كما يقول تعالى: ﴿والذين آمنوا أشدّ حبا لله﴾(40). وعلى هذا الأساس يمكن التغلّب على الأحاسيس الأخرى والعواطف السلبية.
د: أهمية عاطفة الحبّ: يعدُّ الحبّ واحدة من الحاجات النّفسيّة التي لا بدّ للإنسان أن يشبعها حتى تستقرّ حياته، ففي هرم ماسلو لاحتياجات الفرد وضع الحاجات الفيزيولوجيّة في قاعدة الهرم، وهي حاجات أساسيّة لا يستطيع الإنسان أن يستمر بالعيش بدنها كالأكل والشرب والتنفس…الخ، ثم وضع في الدّرجة الثانية الحاجة إلى الحبّ والانتماء لجماعة ما مثل العائلة أو القبيلة وغيرها. وقد يعود ذلك لدور الحبّ في تعزيز الدافع لدى الإنسان لتحقيق المستويات التالية في هرم الاحتياجات والذي يشمل تقدير الذات والرضا عن نوعية الحياة وينتهي بالوصول إلى تحقيق الذات، كما أن للحبّ بين الجنسين دورًا في المحافظة على حاجة الإنسان للتكاثر، والبقاء ويشمل حب الأبناء وغريزة حمايتهم والاعتناء بهم، وقد يفقد الإنسان الدافع نحو تحقيق الإنجازات في حال افتقد الحبّ في حياته(41). ولعاطفة الحبّ تأثير على كثير من نواحي حياة الإنسان أهمها:
- الصحة النّفسيّة: فقد تطرقت دراسات علمية عديدة لأهمية الحبّ ومن ضمنها تأثيره على الصّحة النفسية للأفراد، إذ ثبت إنّ الأطفال الذين لا يحصلون على المودة والحبّ والعناق الكافي قد يتأخرون في التّطور العقلي، أو يصابون بأمراض جسديّة ونفسيّة عندما يكبرون وخاصةً إذا حُرموا من ذلك في أول ستة أشهر من حياتهم، كما ويؤثر الشّعور بعدم المحبة على نفسية الفرد فيظهر عليه تدني احترام الذات والاكتئاب أحيانًا(42).
- تعزيز الهدف في الحياة : فالإنسان لا يمكن له أن يعيش بهناء إذا لم يكن لديه هدف سامٍ في الحياة يسعى إلى تحقيقه. فالحبّ يؤدي دورًا في دفع الإنسان إلى تحقيق هذا الهدف خاصة إذا كان من يحبهم يفرحون بتحقيقه إنجازًا ووصوله إلى الغاية التي يريد.
- العناية والاهتمام بالمحبوب: وقد يكون المحبوب أي كان، أهل، شريك حياة، أولاد؛ تعطي الإنسان ذلك الشّعور الرائع بالسّعادة لأنّها مصدر لها. ومن المعروف أن الشّعور بالحبّ يجعل الإنسان كريمًا، ويرغب في إعطاء محبوبه الأشياء التي يرغب بها، كما ويشعر بالسّعادة نتيجة سعادة محبوبه.
- الشّعور بالأمان: يشعر الإنسان بالأمان والاستقرار أكثر نتيجة وجود من يحبه معه، أي كان هذا المحبوب كما مرّ معنا. وبشكل عام يقل لديه الشّعور بالقلق والتوتر؛ وذلك نتيجة رابطة المودة التي تجمعه مع من يحب، إذ إنّ وجود شخص محب وداعم في الحياة يعطي شعورًا بالراحة ويقلّل من التأثر بالعوامل المسببة للاضطراب، إذ يستطيع الشّخص التّعامل مع مشاكل الحياة، وتحدياتها بطريقة أفضل عندما يكون هناك من يحبه بجانبه ويحصل على مساندته(43).
خلاصة القول إن إشباع حاجة الحبّ لدى الإنسان مهمة ليعيش بسعادة، واستقرار وهي دافع له لتعزيز قدراته، وطموحاته كما ورد في هرم ماسلو. وبقدر ما يُعطى الفرد حبا في مرحلة الطفولة، وتشبع هذه الحاجة لديه كلما كان أقدر على إعطاء الحبّ لمن حوله في مرحلة الرشد.
ه: أصناف الحبّ في الإسلام: لقد صنّف الإسلام وبالتحديد من خلال القرآن الكريم العواطف ومن ضمنها الحبّ إلى إيجابيّة وسلبيّة، ومناط إيجابيّة أو سلبيّة الحبّ هو السياق والهدف الذي يسعى إليه هذا الحبّ. فالحبّ في القرآن يأتي تارة كعاطفة إيجابية ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(44)، ففي هذه الآية تتجه عاطف الحبّ نحو الله تعالى، وهو أسمى أنواع الحبّ ويتفرّع عنه أنواع الحبّ الأخرى والتي سنأتي على ذكرها لاحقًا. وتارة تكون عاطفة الحبّ سلبية كما في الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾(45). من هنا نرى أنّ المقياس الذي على أساسه يصنف الحبّ إيجابيًّا أو سلبيًّا هو الانسجام مع تعاليم الدين الحنيف أو العكس(46).
و- كيف اهتم الإسلام بالحبّ؟
أولى دين الإسلام تربية الأبناء اهتمامًا كبيرًا، وجعلها من الأولويات التي يجب على الأهل مراعاتها قال النبيّ (ص): “أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم”(47) وفي ما يخصّ موضوع الحبّ كذلك، أعطاه الإسلام أهمّية قصوى، ومن المعروف في علم التربية وحتى في تعاليم ديننا، أنّنا إذا أردنا أن نغرس قيمة ما في نفوس أولادنا، فإن أسهل طريق يجب أن نتبعها هي النمذجة أي أن يكون الأهل هم النّموذج الحي الذي يلاحظه الطفل، ويحاول الاقتداء به في حركاته وسكناته. من هنا إذا أردنا أن نعلم أولادنا الحبّ علينا أن نغدق عليهم مشاعر الحبّ والمودة، ومن مصاديق الإشعار بالحبّ هو التّشجيع له ومدحه على ما ينجزه من أعمالٍ وإن كانت يسيرةً، والتّجاوز عن بعض هفواته، وإشعاره بأنّه محبوبٌ، في كلّ الأوضاع والأحوال حتّى وإن أخطأ، فيجب أن نجعل الطفل يميّز بين كراهية والديه لسلوكه وبين كراهيتهما له. ومن خلال التدريب وتكرار العمل نستطيع إقناعه بأنّ العمل الخاطئ الذي يرتكبه مبغوضٌ من قبل والديه، لكنّ حبّهما له باقٍ ومستمر(48). ولنا في سيرة الرّسول الأكرم والأئمة من بعده الكثير من الروايات التي تحثّ على ذلك وسيرتهم العمليّة أيضًا، فقد كانت السّيدة الزهراء عليها السّلام تنادي الحسن والحسين بـ”يا ثمرة فؤادي وقرة عيني”. وفي ما يلي بعض الخطوات التي تساعد الأهل في إظهار حبهم لأولادهم:
- إغداق الحبّ: يعدُّ إغداق الحبّ على الأولاد من الأعمال التي يؤجر عليها الإنسان في الآخرة، فقد ورد عن الإمام الصّادق عليه السّلام: “إنّ الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده”(49). وفي بعض الروايات يُعدُّ النّظر إلى الولد نوع من أنواع العبادة، فعن الرّسول الأكرم (ص) “نظر الوالد إلى ولده حبًّا له عبادة”(50). ويظهر لنا إغداق الحبّ على الأطفال من حياة السّيدة فاطمة عليها السّلام كيف كانت تناغي الحسن والحسين عليهما السّلام وتدلّلهما. فالحبّ كما ذُكر سابقًا حاجة فطريّة يجب إشباعها. ويظهر ذلك من خلال مدح الطفل وتقديره والاعتراف بمكانته في الأسرة.
- التّعبير عن الحبّ: فلا يكفي أن نحبّ أولادنا فقط، بل علينا أن نعبّر عنه في الكلام والأفعال،لأنّ الطفل لا يدرك إلّا ما يسمعه أو يراه خاصة في الطفولة المبكرة، فقد رُوي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: “جاء رجل إلى النّبي (ص) فقال: “ما قبّلت صبيّا قط”. فلمّا ولّى قال رسول الله: “هذا الرجل عندي أنّه من أهل النّار”(51). ومن جملة الأمور التي تظهر حبّ الأهل لأولادهم هو المساواة بينهم وعدم التّمييز، لأنّ هذا التّمييز يترك أثرًا سلبيًّا في نفوس الأولاد ويشعل الغيرة والكراهية بين الأخوة، والمساواة تكون بالعطاء والاهتمام وشراء الحاجيات، فقد روي عن رسول الله: “إنّ الله تعالى يحب أن تعدِلوا بين أولادكم حتى في القُبل”(52). وورد في الرّوايات “أنّ الحسن والحسين كانا يكتبان ذات مرة فأتيا إلى أمهما لتحكم بمن خطه أحسن، فكرهت أن تؤذي أحدهما فقالت سلا جدكما” لكن الرّسول الأكرم لم يحكم بينهما وردّ الحكم إلى فاطمة (ع) فما كان منها إلّا أن قطعت عقدها ونثرت حباته وقالت: “أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة، فمن أخذ منها أكثر فخطه أحسن” فكان كل واحد منهما نصيبه كالآخر، كل ذلك حرصًا على مشاعرهما.
- اللعب مع الولد: لا يخفى علينا ما للعب من أهمية في حياة الطفل إذ يشكّل حيّزا لا يُستهان به من حياة الطفل، وهو يساعد في نمو الطفل من النّاحية الجسديّة والعقليّة والاجتماعيّة والنّفسيّة أيضّا، ورد في الحديث: “الغلام يلعب سبع سنين”(53). إنّ لعب الأهل مع أولادهم يمتّن العلاقة بينهم وهو وسيلة للتّعبير عن حبّهم له، عن رسول الله: “من كان له صبيّ فليتصاب له”(54). وعن جابر قال: “دخلت على النّبي والحسن والحسين على ظهره وهو يجثو بهما، ويقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما”(55).
- التّأديب والتربية: ومن علامات إظاهر الحبّ للولد هو حسن تربيته وتأديبه على تعاليم الإسلام وكما أمر الله تعالى في السلوك والفكر والأخلاق، قال رسول الله: “أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم يُغفر لكم”(56).
هذه الأمور المهمّة التي تساعد الأهل في إظاهر حبهم لأولادهم، وكلّما أشبعت حاجة الطفل إلى الحبّ كلما نما وترعرع متمتّعا بصحة نفسية جيدة، وشخصيّة متوازنة قادرة على إعطاء الحبّ في مرحلة الرّشد والعكس صحيح، أي إنّ الإنسان إذا لم يشبع من محبة والديه في الصّغر، فكيف يمكنه أن يعطي حبًّا لأبنائه في المستقبل، ففاقد الشيء لا يعطيه.
ز- أيّ حب يجب أن يربى عليه الطفل؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال، دعونا ننطلق من حديث للإمام جعفر الصّادق عليه السّلام ليكون مدخلًا إلى ما نريد أن تصل إليه في هذا البحث. عن الصّادق عليه السّلام : “إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات (لا إله إلا الله) ثم يترك حتى يتمّ له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يومًا، فيُقال له سبع مرات (محمد رسول الله)…”(57). يمثل هذا الحديث وثيقة تربويّة مهمة جدًّا من ناحية التّطور العقلي للطفل، ولكن هذا ليس موضوع بحثنا، ولكن ننطلق منه إلى مسألة أنّه أول ما يجب أن نعلمه لأبنائنا، هو توحيد الله تعالى والإيمان بوجوده ومن ثَمَّ الإيمان برسوله إلى آخر هذا الحديث. إذن العقيدة هي أول مايجب أن يهتم بها الأهل في تربيتهم وتعليمهم، والعقيدة الحقّة لا تتم فقط بالمعرفة العقليّة بل لا بدّ أن تقترن العاطفة معها وبالتّحديد عاطفة الحبّ، وبه سيكون شعور الحبّ في قلوب الأطفال متمثلًا في توحيدهم الله وتيقنهم به وطاعتهم له في كل ما أمر به وهذا ما نراه جليًّا في آيات القرآن الكريم، ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(58). فمحبه الله تأتي بعد معرفته، وهذه المحبة لا بدّ من أن تترجم باتباع الرّسول الكريم والله تعالى. من هنا كان الإيمان بالله جلّ وعلا مقترنًا بالعمل الصالح في الآيات القرآنيّة كلها: ﴿إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾(59). كذلك الأمر أن الله تعالى يثيب الإنسان ويعاقبه على ما انعقد في قلبه وليس على مدى معرفته: ﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم﴾(60)، وقد جعل الله ذكره مرتبطًا دائمًا بالقلب أي العاطفة: ﴿الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾(61)، وفي آية أخرى أنّ الله هو من زرع حب الإيمان في قلوب الناس، أي أنّ الإيمان بالله هو فطري، ولكن بعض الناس ينحرف عن الفطرة الإلهيّة: ﴿ولكنّ الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق…﴾ (62).
إنّ الإيمان بالله ومحبته يتفرع عنه حبّ كل ما يرضي الله وكل من يحبه الله من أنبيائه وأوليائه. ﴿ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾(63). ويتفرّع عنه حب الخير والعمل الصالح، والجهاد في سبيل الله وحبّ النّاس وكل ما يقرب الإنسان إلى الله تعالى. إنّ علاقة الحبّ التي تربط العبد بربه هي علاقة متبادلة فالله يحب عباده المؤمنين والمستغفرين والمتطهرين، والصالحين والآيات في هذا المجال كثيرة لا يسعنا ذكرها هنا.
ح- كيف نزرع محبة الله في قلوب أولادنا؟
من المسلّم به أن الأسرة هي المسؤول الأول عن تربية الأبناء، وهي المؤسسة الاجتماعيّة الأولى التي يتلقى فيها الطفل اهتمامًا ورعاية على جميع الأصعدة، وقد اثبتت الدّراسات النّفسيّة أن 85% من شخصيّة الطفل تتكون في السّنوات السّت الأولى من عمره، وهي مرحلة ما قبل المدرسة كما يسمّيها علماء النّفس، فعلى الأهل الاستفادة من هذه المرحلة الحساسّة والمهمّة في حياة أولادهم فما يتعلمه فيها ينطبع في نفسه على مدى الحياة، ثم يأتي دور المدرسة والمؤسسات الاجتماعيّة الأخرى في السّنوات التالية.
والأهل كما هو معلوم المثل الأعلى الذي يتمثل، ويقتدي فيه الطفل، فما يمارسه الأهل هو صحيح وجيد في نظر أبنائهم فيتعلمون هذه السّلوكيّات، إذن المسألة تبدأ بالأبوين وتنتهي بهم أيضًا لأنّهم الرّقابة الاجتماعيّة لأبنائهم. فعلينا كأهل أن نرى كيف هي علاقتنا بالله،هل نصلي في الوقت المحدد ؟ هل نقرأ القرآن والأدعية؟ هل نمارس الأعمال التي تزيد ارتباطنا بالله من تَصَدِّق وفعل الخيرات والصدق والأمانة مع الآخرين. كل هذه الأمور هي رسائل غير مباشر لأولادنا وهي أشد وقعًا، وأكثر تأثيرًا من الرسائل المباشرة كأن نأمر الطفل بالقيام بهذه الأعمال، فابني سيقلدني بادئ الأمر ويتصرف مثلي ومع التكرار تصبح عادة لديه، وهكذا بالنسبة إلى العبادات جميعها، وحتى التّصرفات التي نتصرفها وقول الإمام الصّادق (عليه السّلام): “كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم”(64) خير دليل ويقول أيضًا أحد علماء النفس “الأفعال أعلى صوتا من الأقوال” وفيما يلي بعض المقترحات والانشطة التي تساعد في إرساء هذه القيمة.
1- نذكر الله في كل الأحوال مثلًا عند البدء بالطعام والإنتهاء منه، وحمده في كل مناسبة على مسمع الأطفال خاصة في المناسبات السعيدة، فيرتبط ذكر الله بكل ما هو جيد وجميل ومفرح فالله هو مصدر الفرح للإنسان.
2- ذكر نعم الله علينا، الصّحة التي نتمتع بها، الرزق، الطبيعة الجميلة من حولنا وغيرها من النِّعم التي لا تعد ولا تحصى ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾(65).
3- تنظيم بعض النّشاطات الدّينيّة في المنزل (صلاة جماعة، أدعية، قراءة القرآن… الخ).
4- التّفكر في عظمة الخالق ويكون ذلك خلال النّزهات أو عند مشاهدة المخلوقات المختلفة في الطبيعة أو حتى في التّلفاز، وذلك بالتّحدث مع أولادنا عن هذه العظمة “تفكر ساعة خير من عبادة سنة”(66).
5- أن نزرع في أذهان أطفالنا أن الله يرانا في كل مكان وزمان، ونجعلهم يستشعرون هذه الرّقابة الإلهيّة لتكون رادعًا عن القيام بأي عمل يخالف التّعاليم السّماوية، شرط أن لا نخيفهم من الله فلا نقول “الله سوف يعاقبك” بل “الله لا يحب أن تفعل ذلك”.
6- أن ندعو لأبنائنا عند خروجهم من البيت أو قبيل امتحاناتهم المدرسيّة، وعند مرضهم وفي كل أحوالهم وليكن ذلك على مسامعهم.
7- ألإجابة على أسئلتهم الدّينيّة مهما كانت ونأخذها على محمل الجدّ، وعدم الضحك عليهم إذا كانوا صغارًا، طبعا الإجابة يجب أن تكون حسب قدراتهم العقليّة واستيعابهم للأمور. في حال عدم معرفتنا للإجابة لا نخجل من القول إنّنا سنفتش عن الجواب وننقله لهم، وعلينا الحرص أن تكون ألإجابة صحيحة ولا نتهرب منها.
8- مرافقة الأطفال إلى المسجد وأماكن العبادة والمقامات المقدسة وممارسة الشّعائر الدّينيّة.
9- لتكن القصص التي نحكيها لهم تتحدث عن الأنبياء، والأئمة والصّالحين ومدى ارتباطهم بالخالق والاتكال عليه، فللقصة أثرها البالغ في زرع القيم وتكوين المفاهيم الاجتماعيّة، وهي وسيلة تربويّة لا يغفل عنها كل مهتم بالشّأن التّربوي.
10- في مرحلة المراهقة تصبح الأسئلة أكثر عمقًا، ويصبح لدى المراهق القدرة على التّجريد فيحب أن يعرف كيف بدأ الله الخلق، وأمور وجودية أخرى فهنا علينا أن نوجهه لقراءة الكتب التي تشبع عنده حب الاستطلاع والمعرفة، وتجيب على تساؤلاته بشكل صحيح ومقنع خاصة في أمور العقائد لأنّها الأساس الذي يُبنى عليه إيمان الفرد والتزامه بالأحكام الدّينيّة.
11- من المهم أن يكون هناك جوّ من المرح والسّعادة، يسيطر على العائلة فأن نحبّ الله لا يعني أنّنا يجب أن نبقى في جو جديّ دائمًا، فإدخال السّرور الى قلوب أطفالنا شيء نؤجر عليه والله يحب ذلك منا كذلك. مفاجأة الأطفال ببعض الأشياء التي يحبونها كنزهة، أو جلب ألأطعمة التي يرغبونها أو بعض المشاريع والزيارات كلها تساعدنا على جعل الطفل يحب الله إذا ربطنا ما نقوم به بخالقنا تعالى(67).
إنّ زرع قيمة محبة الله في نفوس أولادنا هي أعظم ما نعلّمه لهم ولا يجب أن نكتفي أن يعرفوا الله فقط، فالمعرفة إذا لم تقترن بالمحبّة لن تترجم إلى سلوك عملي في حياتهم اليوميّة.
الخاتمة: في نهاية هذا البحث، نخلص إلى نتيجة وهي أنّ المربين الإسلاميين، إن كانوا أهلًا أو معلّمين أو دعاة ورجال دين، عليهم أن لا يغفلوا عن مخاطبة عواطف من حولهم إن كانوا أطفالًا أو راشدين، إذ إنّ العاطفة تمثل ثلث شخصية الإنسان وهي التي تركز العقائد وتساعد في تطبيق أحكام الدّين، والاهتمام بالعواطف ينتج أشخاصًا متوازنين، سعداء وصالحين.
الهوامش
- الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة ـــ ج 4 ص 3669.
- الصدر، محمد باقر: المدرسة القرآنية، دار التعارف للمطبوعات، بيروت (1399ه) ص46.
- إبن منظور، لسان العرب (1990) ص 1545.
- التربية عند أفلاطون.https://alfalsafah.com/g/
- مجلة دعوة الحق، العددان 355 – 356 رجب – شعبان – رمضان 1421/ أكتوبر- نونبر دجنبر 2000.
- العمراني، عبد الغني، أصول التربية، (2014) دار الكتاب الجامعي، صنعاء، ص 18.
- داود، محمد محمد،معجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم، (2008) القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر، ص 193.
- ابن منظور، لسان العرب مادة (ح ب ب).
- الحاج دياب، نوال، الذكاء العاطفي في القرآن الكريم، (2018) دار الولاء للطباعة والنشر، بيروت ص 157.
- الشيخ محمد قانصوه، (مقالة) https://khiyam.com/news/article.php?articleID=7933
- علي، سعيد إسماعيل، فلسفات تربوية معاصرة، سلسلة عالم المعرفة العدد 198، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ص 18.
- الأحزاب آية 72.
- الجمعة،آية 2.
- الخميني، روح الله، الجهاد الأكبر، تعريب الشيخ حسين كوراني، المكتبة الإسلاميّة الكبرى ط2 ص 226.
- سورة الروم، آية 3.
- نهج البلاغة، الخطبة 1.
- عبده، محمد، (1989) شرح نهج البلاغة، ط1، دار البلاغة، بيروت، ص 451.
- برغل، أميرة، (2005) المبادئ والأساليب التربوية في نهج البلاغة، دار الهادي، بيروت، ص 202.
- الخميني، روح الله الجهاد الأكبر، تعريب الشيخ حسين كوراني، المكتبة الإسلاميّة الكبرى, ط2 ص 226.
- سورة الروم، آية 3.
- نهج البلاغة، الخطبة 1.
- عبده، محمد، (1989) شرح نهج البلاغة، ط1، دار البلاغة، بيروت، ص 451.
- برغل، أميرة، (2005) المبادئ والأساليب التربوية في نهج البلاغة، دار الهادي، بيروت، ص 202.
- مطهري، مرتضى، 2001، التربية والأخلاق في الإسلام، تعريب، نايفة شلهوب، جمعية المعارف الإسلاميّة، ص 152.
- عبده، مرجع سابق، الخطبة 198، ص 457.
- عبده، م ن الخطبة 271، ص185.
- سورة الشمس الآيات 7- 10.
- البقرة، الآية 30.
- الإنسان، الآية 3.
- سورة آل عمران آية 191.
- الحاج دياب، مرجع سابق ص 53.
- عبده، مرجع سابق ص 55.
- سورة الحديد، آية 23.
- عبده، مرجع سابق، ص 724.
- راجح، مرجع سابق، ص 153.
- م. ن، ص 154.
- سورة المائدة آية 54.
- المجادلة الآية 22.
- الحاج دياب، مرجع سابق، ص 40.
- مطهري، مرجع سابق، ص120.
- آل عمران 14.
- التوبة، 24.
- مطهري، مرجع سابق، ص 123.
- نهج البلاغة، خ 424.
- البقرة، 165.
- Brittany B (19-12-2016), “Why Do People Need Love in Their Life?”, com، Retrieved 8-2-2020. Edited
- Raj Raghunathan (8-1-2014), “The Need to Love”, www.psychologytoday.com، Retrieved 8-2-2020. Edited
- Sherry Rauh (30-1-2009), “10 Surprising Health Benefits of Love”, webmd.com، Retrieved 8-2-2020. Edited.
- 39 آل عمران، 31.
- 40 البقرة 165.
- 41 اليزدي، محمد تقي مصباح، الأخلاق في القرآن الكريم (2010) دار التعارف للمطبوعات ج2 ص300.
- النوري، حسين: مستدرك الوسائل. ط1، مؤسسة آل البيت، قم، 1408هـ.ق، ج 15 ص 168.
- التربية بالحبّ، أهمية وضرورة إجتماعية، شبكة المعارف الإسلاميّة الثقافية.
- الشيخ الكليني، الكافي، ج 6، ص 50.
- الشبخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 15 ص 170.
- الكليني، مرجع سابق، ج 6، ص 50.
- المتقي الهندي، كنز الصالح ج 16، ص 445.
- الوسائل، باب الحديث.
- الشبخ الصدوق من لا يحضره الفقيه، ج 3 ص483.
- إبن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3 ص 158.
- الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 222.
- الوسائل، باب 83، حديث 3.
- آل عمران الآية 31.
- العصر الآية 3.
- الشعراء الآية 88، 89.
- الرعد الآية 28.
- الحجرات الآية 7.
- الشورى ألآية 23.
- الريشهري، محمد، ميزان الحكمة، ج 4، ص 3602.
- النحل الآية 18.
- م. ن ج 3، ص 2465.
- الحاج دياب، نوال وابتسام (2022) إنهم فتية آمنوا، دار المحجة البيضاء، بيروت، ص 158.
المراجع
- القرآن الكريم.
- نهج البلاغة.
- الحاج دياب، نوال وابتسام (2022) إنهم فتية آمنوا، دار المحجة البيضاء، بيروت.
- الريشهري، محمد، ميزان الحكمة.
- الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه.
- الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق.
- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب.
- النوري، حسين: مستدرك الوسائل. ط1، مؤسسة آل البيت، قم، 1408هـ.ق.
- التربية بالحبّ، أهمية وضرورة اجتماعية، شبكة المعارف الإسلاميّة الثقافية.
- الشيخ الكليني، الكافي.
- اليزدي، محمد تقي مصباح،الأخلاق في القرآن الكريم (2010)، دار التعارف للمطبوعات.
- مطهري، مرتضى، (2001) التربية والأخلاق في الإسلام، تعريب، نايفة شلهوب، جمعية المعارف الإسلاميّة.
- الخميني، روح الله، الجهاد الأكبر، تعريب الشيخ حسين كوراني، المكتبة الإسلاميّة الكبرى.
- عبده، محمد، (1989) شرح نهج البلاغة، ط1، دار البلاغة، بيروت.
- برغل، أميرة، (2005) المبادئ والأساليب التربوية في نهج البلاغة، دار الهادي، بيروت.
- الحاج دياب، نوال، الذكاء العاطفي في القرآن الكريم (2018) دار الولاء للطباعة والنشر، بيروت.
- الشيخ محمد قانصوه (مقالة). https://khiyam.com/news/article.php?articleID=7933
- علي، سعيد إسماعيل، فلسفات تربوية معاصرة، سلسلة عالم المعرفة العدد 198، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
- العمراني، عبد الغني،أصول التربية، (2014) دار الكتاب الجامعي، صنعاء.
- داود، محمد محمد، معجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم (2008) القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر.
- إبن منظور، لسان العرب مادة (ح ب ب).
- الصدر، محمد باقر : المدرسة القرآنية، دار التعارف للمطبوعات، بيروت (1399ه)
- Brittany B (19-12-2016), “Why Do People Need Love in Their Life?”, pairedlife.com, Retrieved 8-2-2020. Edited
- Raj Raghunathan (8-1-2014),”The Need to Love”, www.psychologytoday.com، Retrieved 8-2-2020. Edited
- Sherry Rauh (30-1-2009), “10 Surprising Health Benefits of Love, webmd.com, Retrieved 8-2-2020. Edited
1- طالبة دكتوراه في الجامعة الإسلاميّة – لبنان – بيروت – كلّيّة الدّراسات الإسلاميّة.
PhD student at the Islamic University – Lebanon – Beirut – Faculty of Islamic Studies PhD student at the Islamic University – Lebanon – Beirut – Faculty of Islamic Studies. Email: Nawaldiab7262@gmail.com