القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب الفرادة في التطور
ريّان زيدان*
عُرفت القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب تطورا كبيرا منذ التسعينيّات من القرن الماضي، وإن كانت هناك بعض النصوص القصيرة جدًّا التي ظهرت إبان فترة السبعينيّات عفويّة عن غير وعي؛ لكن البداية الحقيقيّة لهذا الفنّ كانت مع محمّد العتروس، في 1994، بمجموعته “هذا القادم”[1]. وحقّقت هذه القِصّة الومضة طفرات لافتة للانتباه، خصوصًا في سنوات الألفيّة الثالثة، فصار المغرب حاليًّا من أكثر الدول العربيّة إنتاجًا بأكثر من ستّ وثمانين مجموعة قَصصيّة قصيرة جدًّا[2].
لقد اتّفق المنظّرون للقِصّة القصيرة جدًّا، على الرّغم من اختلافهم في تفاصيل كثيرة، أنّ الحكائيّة، والتكثيف، والمفارقة لا زالت تشكّل أسس هذا الفنّ، ووضعوا القاصّ أمام امتحان صعب حدوده الإخلاص للحكاية المدهشة في سرد مكثّف قصير. وهذا ما دعا الكثيرين إلى التضحية بعنصر، أو أكثر من هذه العناصر، ما أنتج نصًّا هجينًا، يقترب من القِصّة القصيرة مرّة، ومن الخاطرة مرّة أخرى.
فقد قد تفرّع هذا الفنّ المستحدث إلى اتّجاهات، وتجارب فنّيّة متعدّدة، مثل: اتّجاه التمهيد، واتّجاه التجنيس، واتّجاه التجريب، واتّجاه التأصيل. ومن جهة أخرى، ظلّت هذه القِصّة المستحدثة إلى يومنا هذا تعاني فوضى التجنيس، والتنميط حتّى وجدنا أنفسنا أمام مصطلحات تصنيفيّة لا عدّ لها ولا حصر. ويُضاف إلى ذلك، أنّ القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب قد استفادت مثلما الحال في سوريا من مهرجانات محلّيّة، وجهويّة، ووطنيّة، وعربيّة، ودوليّة، وحظيت بمواكبة نقديّة زاخرة إن تنظيرًا وإن تطبيقًا.
فما هي الحصيلة التراكميّة التي حقّقتها القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب ؟ وما هي أهمّ المراحل التاريخيّة والفنّيّة التي عرفتها عبر مسيرتها التطوّريّة؟ وكيف تمّ تجنيس هذا الفنّ الجديد تصنيفًا، وتنميطًا، وتنويعًا؟ وما هي أهمّ الظواهر اللافتة للانتباه التي اقترنت بهذا الفنّ الجديد؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، نضع أمامنا تجربتين لأديبين امتهنا القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب . وهما مصطفى لغتيريّ، عزّ الدين الماعزيّ.
أوّلًا – القِصّة القصيرة جدًّا عند “مصطفى لغتيريّ”؛ البحث عن هُويّة متفرّدة
ظهرت القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب في فترة مبكّرة، وبالضبط في سنوات السبعين من القرن الماضي، فقد أورد عبد الرحيم مودن، في كتابه “معجم مصطلحات القِصّة المغربيّة”[3]، نصوصًا قَصصيّة قصيرة جدًّا لعبد الكريم التمسمانيّ سمّاها صاحبها “قصص قصيرة جدًّا”، وتعتمد هذه النصوص على التكثيف، والاختزال، واللغة التلغرافيّة… وقد نشرت هذه القصص في العام 1974. ونشر محمّد جبران أيضًا قِصّتين قصيرتين جدًّا، في العام 1989[4].
وإذا أردنا تحقيب القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب، فيمكن الحديث عن أربع مراحل كبرى[5]، وهي: مرحلة الإرهاصات الجنينيّة مع محمّد إبراهيم بوعلو، وأحمد زفزاف، وأحمد زياديّ، وأحمد بوزفور…، ومرحلة التجنيس الفنّيّ مع الحسين زروق، وجمال بوطيب، وجماعة الدار البيضاء…، ومرحلة التجريب مع محمّد تنفو، ومصطفى لغتيريّ، وأنيس الرافعيّ…، ومرحلة التأصيل مع جمال الدين الخضيريّ… وهذه المراحل في الحقيقة متداخلة، ومتفاعلة فنّيًّا، من الصعب تحديدها بشكل دقيق، أو فصلها تاريخيًّا بشكل مضبوط.
يقدّم القاصّ والروائيّ المغربيّ مصطفى لغتيريّ في مجموعته القَصصيّة “زخّات حارقة”[6] أكثر من مئة قِصّة قصيرة جدًّا، تثير كثيرًا من الأسئلة حول عناصر هذا الفنّ السرديّ الجميل، وانفتاحه على تقنيّات لا حصر لها، منطلقًا من واقعه، وتاريخه، وثقافته، مستوردًا من السرد والشعر كلّ ما من شأنه أن يعمّق دلالة النصّ القَصصيّ، مستولدًا صيغًا نحويّة وتركيبيّة تتعدّد بتعدّد النصوص، هادفًا من خلال ذلك إلى الابتعاد عن مشابهة ذاته، ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
في “زخّات حارقة” لم يضحِّ مصطفى لغتيريّ، في معظم نصوصه، بأيّ من العناصر الأساسيّة، ولم يضحّ أيضًا بعنصري الوحدة وفعليّة الجملة[7]، غير أنّه لم يتعامل مع كلّ تلك العناصر كما يتعامل المؤمنون مع نصّ مقدّس، بل راح يحاورها ويداورها، مقتنعًا في قرارة ذاته أنّ القواعد التي يضعها النقاد وُضعت من أجل أن تُخترَق، لا من أجل أن تُتّبَع.
ولغتيريّ الذي يؤمن بدور الحكاية يؤمن أيضًا بالهروب من نمطيّتها، لذلك يقدّم في قصصه القصيرة جدًّا أشكالًا حكائيّة متعدّدة، تتّخذ بُنى دائريّة، أو تعاقبيّة، أو تعليليّة، أو غير ذلك، ما يمكن أن يجعل مجموعته فسيفساءً بنائيًّا يُخرج القارئ من إملالٍ مفترض. ولعلّنا نشير ههنا إلى قِصّة “برتقالة” التي تنتهج بنية دائريّة، تعتمد على بنية سرديّة سابقة، وتعيد إنتاج بدايتها في نهاية تصنع مفارقة لفظيّة، وحدثية، وفانتاستيكية في آن. يقول لغتيريّ في قِصّة برتقالة: “صباحًا فتحت باب الثلاجة… مدّدت يدي داخلها… تناولت برتقالة…. متلذّذًا شرعت أقشرها… فجأة أمام ذهولي، تحوّلت البرتقالة إلى سيّارة أجرة صغيرة حمراء… شيئًا فشيئًا استحالت دهشتي إعجابًا بالسيارة… بتؤدة فتحتُ بابها الخلفيّ… انبثق منها الكاتب متأبّطًا أوراقه… مدّدت يدي نحوه… دون تردّد سلّمني إحداها… متلهّفا قرأتها… إنّها قِصّة سيّارة أجرة، تحوّلت إلى برتقالة.[8]
كما يلجأ القاصّ غير مرّة إلى بناء الحكاية بناء تعليليًّا، مستثمِرًا الصيغ اللغويّة المتعدّدة التي يتيحها نظام الجملة العربيّة، على نحو ما نجد في قِصّة “وثيقة”[9]، وقِصّة “المتشائل”، وقِصّة “أسرة” التي تستعين بالحوار، لتقدّم حكاية تحفر بكثير من الأناة وجدان القارئ، وتقدّم شخصيّة الأب في أنصع صورة للفداء. فالأسرة التي تقدّمها القِصّة تشعر كلّها بالسعادة، ولكلّ من أفرادها أسبابه، والمفارقة المدهشة تُبنى على تسويغ سعادة الأب الحزين في أعماقه حتّى نقيّ العظم. تقول القِصّة:
قال الابن: أنا سعيد، لأنّ أبي يشتري لي كلّ ما أحتاجه.
قالت البنت: أنا سعيدة لأنّ أبي يسمح لي بالذهاب أينما شئت.
قالت الزوجة :أنا سعيدة لأنّ زوجي أبدًا لا يرفض لي طلبًا.
قال الزوج، وقد طفرت من عينيه دمعة :حتمًا، يجب أن أكون سعيدًا لأنّ كلّ من حولي سعداء”[10].
ويسثتمر لغتيريّ في قصصه الطرق المتعدّدة لعرض الأحداث، فيلجأ إلى رصد الأحلام والكوابيس، وإلى الحوار، ويلوي عنق الوصف “الذي يعوّق سرعة السرد”، ليضعه في خدمة سرد مكثّف موجز. ولعلّنا نشير ههنا إلى قِصّة “كابوس” التي تحاكي أحد نماذج الشخصيّات الاجتماعيّة السائدة في مجتمعنا العربيّ، وتقدّم إدانة صريحة لذلك النموذج من خلال الاعتماد على كابوس يتكرّر بأشكال متعدّدة، ليقدّم للقارئ دلالات جديدة: “هبّت الطفلة من نومها فزعة… هرولت الأمّ نحوها… ضمّتها إلى صدرها، ثمّ سألتها:
- ما بك يا ابنتي؟
بصوت متهدج، يخالطه نحيب متقطع أجابت: – كلب شرس يطاردني… أوشك أن يعضّني يا أمّي.
صباحا أخذت الأمّ ابنتها إلى “فقيه” ليعدّ لها تعويذة… انبهر الفقيه بجمال الطفلة، فالتمعت في عينيه نظرة، كانت قد رأت مثلها في عيني شخص تعرفه جيّدًا… ارتعبت الطفلة، فانطوت ذاتها…
حين حلّ الليل، رافقت الأمّ ابنتها إلى الفراش… ظلّت بجانبها إلى أن نامت…
لم يمض زمن طويل، حتّى لعلعت في البيت صرختها… أسرعت الأمّ إليها… حضنتها بلطف ثمّ سألتها:
- الكلب ثانية يا ابنتي؟
مرتعبة أجابت الطفلة: ــ بل كلبان يا أمّي”[11].
وفي قِصّة “ظلّ” يستثمر القاصّ تقنيّة معروفة في القِصّة القصيرة جدًّا، وهي الإفادة من المقابلة بين الأصل والظلّ، لإحداث مفارقة ما، فيقدّم قِصّة لطيفة عن الظلّ الذي تلوّث، ولكنّه كان قابلًا للتلميع، مثل سيرة صاحبه: “تفقّد الرجل ظلّه، فلم يجده.. عبثًا بحث عنه في كلّ مكان… فجأة تراءى له ملقى في القمامة. متلهّفًا، دلف نحوه… التقطه… لمّعه جيّدًا… ثمّ ألصقه به من جديد”[12].
ولعلّ استثمار لعبة الظلال في قِصّة “الغرفة” كان أكثر نجاحًا، إذ غدا الظلّ محفّزًا، وصانعًا للحكاية، وبطلًا من أبطالها، وقدّم قِصّة تمتاز بالجِدّة، والفرادة والإبداع: “في العمارة المقابلة لبيته… انبلج الضوء فجأة… لاح خيال امرأة، جابت أرضيّة الغرفة فترة، ثمّ اختفت… انطفأ الضوء… ثمّ ما لبث أن اشتعل من جديد… هذه المرّة لمح ظلّ رجل يتسكّع داخل الغرفة… لم يمض زمن طويل حتّى اختفى الضوء… حين عزم على النوم، أضيئت الغرفة من جديد… بفضول تطلّع إليها… رأى ظلّ الرجل يحمل شيئًا، ويغادر الغرفة… ثمّ انطفأ الضوء”[13].
وفي قِصّة “الغريب” يبني لعتيريّ مفارقته على اللغة مستفيدًا من النعت الذي يرافق الأشجار، فثمّة أشجار وارفة، وأشجار ظليلة، وهو يفيد من الدلالة المألوفة؛ ليقلبها في نهاية القِصّة رأسًا على عقب، مانحًا القِصّة دلالتها الوارفة: “في بلادنا شجرة وارفة الظلال… جاء الغريب اشتراها، وطردنا بعيدًا، لنصطلي تحت نيران الشمس الحارقة… بعد زمن، رحل الغريب… مبتهجين عدنا إلى الشجرة، فلفحتنا ظلالها الحارقة”[14]. وقد جاءت بعض مفارقاته مفعمة بسخرية مرّة، على نحو ما نجد في قِصّة “عولمة” التي تنتقد الزعيم الذي يلعن العولمة، والإمبرياليّة، واقتصاد السوق، ولكنّه لا يتورّع، عند العطش، عن أن يشرب زجاجة كوكا كولا أمام الحشود. كما اقتربت تلك المفارقات، في قِصّتين من قِصصه، من حدود النكتة التي تضحك المتلقّي، ولا تترك أثرًا عميقًا في نفسه.
ويعتمد مصطفى لغتيريّ في صناعة لغته الحكائيّة على المجاز اعتمادًا لافتًا، ويرتكز في كثير من الأحيان على الأنسة والتشخيص، مستثمرًا الحيوان، والشجر، والحجر، ليعبّر عن هموم البشر، من دون أن ينسى وضع المجازات اللغويّة في سياق حكائيّ، وفلسفيّ، وإنسانيّ، وثقافيّ إحاليّ، على نحو ما نجد في قِصّة “رقصّة”، وفي قِصّة “مالك الحزين” التي تحيل شخصيّتها الأساسيّة على بيدبا وابن المقفع وأوسكار وايلد، من دون أن تفقد بوصلة توجيه الحكاية نحو هدفها النبيل:
“في مراكش… على أسوار قلعتها القديمة، كان مالك الحزين يتربّع على عرش المدينة… من عليائه يتأمّل تكاثر الحمام من حوله، وتناقض بنات جنسه، بشكل يهدّدها بالانقراض… برويّة كان يفكّر في الأمر، وهو يسترجع تلك الحكاية القديمة، حين أفتى أحد أسلافه لحمامة برأي، أنقذ فراخها من الثعلب، وأهلكه. فجأة حطّت بجانبه حمامة حزينة… متألّمة طفقت تبثّه شكواها، وتستعطفه المشورة… أشاح مالك الحزين عنها بوجهه وقال: لقد تغيّر الزمان يا صغيرتي”[15].
باختصار، تبقى مجموعة “زخّات حارقة” لمصطفى لغتيريّ واحدة من أهمّ مجموعات القصص القصيرة جدًّا التي تؤسّس لهذا الفنّ السرديّ الجميل، لأنّها تجتهد في تكوين أطُر إبداعيّة متنوّعة، تسعى إلى التجديد والابتكار، بدلًا من الاستسلام لوطأة المحاكاة.
ثانيًا – شعريّة القِصّة القصيرة جدًّا عند عزّ الدين الماعزيّ
يعدّ “عزّ الدين الماعزيّ” من أهمّ رواد القِصّة القصيرة جدًّا في المغرب إلى جانب الكبير حسن برطال، وكتابها البارزين المتميّزين؛ فاطمة بوزيان، وسعيد منتسب في مجموعته القَصصيّة “جزيرة زرقاء”، وعبد الله المتّقي في مجموعته “الكرسيّ الأزرق”، ومحمّد فاهي، ومصطفى لغتيريّ وآخرين… ويتميّز عزّ الدين الماعزيّ في قصصه القصيرة جدًّا بخاصيّة السخرية، والروح الكاريكاتوريّة، والواقعيّة الانتقاديّة كما في مجموعته “حبّ على طريقة الكبار”.
- الكاتب المرسل
كتبت نصوص هذه المجموعة القَصصيّة القصيرة جدًّا بين 2002 و2004، وقد نشرت سابقًا في الكثير من المنابر الرقميّة والورقيّة. ويشتمّ من خلال إهداء الكاتب أنّه يقابل بين عالمين؛ عالم الكبار وعالم الصغار، أو بين عالم القسوة، والشراسة، والعنف، والشر، والسواد، وعالم البراءة والحرّيّة، والسلام، والخير، والبياض.
وإذا استعملنا تقنيّة التواصل كما عند رومان جاكبسون، فإنّنا نجد أن المرسل هو المبدع عزّ الدين الماعزيّ، والمرسل إليهم هم: الأبناء، والتلاميذ، والأصدقاء، وأحمد، وبسمة، وكلّ أطفال العالم.
أمّا الإرساليّة فتتمثّل في تحريض كلّ البشر على الاتّحاد، والتآزر للقضاء على الشرّ، وزرع ورود الخير، والأمل، والحبّ، والمودّة كما تشير إلى ذلك كلمات الغلاف الخارجيّ. ولن يخلق هذا العالم الطوباويّ اليوتوبيّ، والمثاليّ إلاّ عبر الكتابة، والأحلام، وترجيح قيم الأطفال على قيم الكبار.
يضمّ كتاب عزّ الدين الماعزيّ ستًّا وثلاثين قِصّة قصيرة جدًّا، وتتراوح هذه القصص بين أربعة أسطر كما في لوحة “إسماعين”، وقِصّة”La vache qui rit” وستّة عشر سطرًا كما في قِصّة “الحجلة”. وعلى العموم إنّ قصص الكاتب عزّ الدين الماعزيّ لا تتعدّى الصفحة الواحدة من الحجم المتوسّط بمقاس(21سم/ 13 سم).
هذا، وتتميّز العناوين الداخليّة بهيمنة التركيب الاسميّ، والمزاوجة بين الجمل البسيطة، والجمل المركّبة (البائع الذي يسقط الخبز في الطريق)، كما يتكوّن العنوان الداخليّ من لفظة واحدة إلى ستّ كلمات، والمؤالفة بين الفصحى، والعامّيّة، واللغة الأجنبيّة لتشكيل حبكة المجموعة وعقدتها الدراميّة والقَصصيّة.
- التشكيل الفنّيّ للمضمون السرديّ
تتميّز مجموعة عزّ الدين الماعزيّ “حبّ على طريقة الكبار” بسمات فنّيّة وخصائص سرديّة عدّة تميّز كتابته عن باقي الكتابات الأخرى لدى المبدعين المغاربة. وسنجمل هذه المميّزات في الخاصّيّات الجماليّة الآتية:
1- السخرية اللاذعـــــــة
يوظف الكاتب السخرية الكاريكاتوريّة لانتقاد عالم الكبار والأوضاع السياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، والتربويّة. ويستخدم في ذلك التنكيت، والتلغيز، والإضمار، والحذف، وتهجين اللغة، وخلط الفصحى بالعامّيّة كما في “قصص طويلة جدًّا”: “كلّمته ابنته عبر الهاتف عن سرّ غيابه الطويل عن البيت… قال: إنّه في ندوة ثقافيّة يشارك بقراءات قَصصيّة قصيرة سيعود بعد ثلاثة أيّام…
قالت: كلّ هذه الأيّام، وأنت تقرأ القصص القصيرة جدًّا…؟؟[16]
ويسخر الكاتب من القيم التي يدّعيها الإنسان المسلم، التي يكذّبها الواقع، وميدان المعاملات. وتتجسّد هذه السخرية القاتمة بواسطة لغة المفارقة، وروح التهكّم، والتقابل بين ما هو دنيويّ وأخرويّ كما في هذا المقطع السرديّ الجميل الذي يستقطر فيه الكاتب ابتسامة القارئ، وضحكه الذي يشبه البكاء: “دخل المسجد للصلاة، وضع حذاءه في المكان المخصّص للأحذية، اندفع بين الصفوف، وجد مكانًا ضيّقًا وجلس… استمع إلى خطبتي الإمام، وهما تتحدّثان عن المصير، وعذاب جهنم، والسعير، وجزاء النعيم. صلّى مع المصلّين دعا مع الباقين… بحث عن حذائه لم يجده.”[17]
2-التهجين اللغــــويّ
يتّكئ الكاتب على الأسلبة، والتهجين، والمحاكاة الساخرة، والباروديا في صياغة قصصه مستعملاً في ذلك الفصحى، والعامّيّة، واللغة الأجنبيّة، واللهجة المغربيّة التي تحمل في طيّاتها سخرية انتقاديّة. كما يولّد الكاتب لغة خاصّة في التعبير، والتعيير، والتلميح، والإيحاء كما في قِصّته الرائعة “بالثلثين”: “تسلّم كرسيّ الجماعة باع، اشترى، مزق، خربق، طوق الكرسيّ بالحنين. قال نبدّل السوق القديم، نبني سورًا حول المقبرة، نهدم دار الشباب، نحرث الملعب، ونزرع الفول، ونضع علامات في الطريق، نبتت تجزئات، وبنايات في رمشة عين. أغمض هدم ناقش راسل دوزن حول صرف موظّف حاصر جادل فوت. في الجمع العامّ أسقطوه بالثلثين”.[18]
وتظهر المفارقة اللغويّة لتشكّل ظاهرة الباروديا، وتجلّي خاصّيّة الامتساخ، والتحوّل الفانطاستيكيّ، وخصوصًا عندما ينطق الطبيعة ليشخص قسوة الإنسان، وتصوير مدى شراسته، وعنفه ضدّ الطبيعة، والبيئة الخضراء:
“نزع البتلة الأولى… قال… تحبّني
نزع البتلة الثانية… قال… لا تحبّني
نزع البتلة الثالثة والرابعة… وأكمل البتلات، أسقط الوردة غاضبًا
بكت الوردة، أحسّت بالبرد وهي عاري
قالت… أنت لا تحبّني” (صفحة الغلاف الخارجيّ).
وتشكّل قِصّة الكاتب “نقطة على نقاط” مثالاً حيًّا ساخرًا على المفارقة اللغويّة، وتهجين الفصحى بالعامّيّة والتوليد اللغويّ، كما في قِصّته السياسيّة التي تنتقد زيف السلطة، والتلاعب بالمسؤوليّة، والتفريط في أمانة الحكم، واللامبالاة في تسييس الرعيّة، والتلاعب بالانتخابات، وشرعيّة الشورى والديمقراطيّة: “وسط القاعة كان الرئيس قابعًا كالرئيس، وحوله رجل السلطة والأعداء، أمامهم جدول الأعمال اللغط، ونقاط نظام، وتوزيع المَهَمّات، وعن اللجان النائمة بينما الرئيس يصرخ.
ما عندي م نعطيكم، أحسن لي وليكم نمشيو نقابلو بهايمنا…
يحتدم النقاش وتكثر التدخّلات ينسحب عضو يتبعه آخرون…
من 17 عضوًا بقي أربعة يتابعون جدول الأعمال المكوّن من 13 نقطة”[19].
- شاعريّة الإيحاء والتصوير
يستند الكاتب في صياغة قصصه الجميلة إلى شاعريّة الإيحاء، والتضمين، والوصف، واستعمال التشابيه، والنعوت، والأحوال، والأفعال الوصفيّة، والصور البلاغيّة المجازيّة القائمة على المشابهة، والمجاورة، والترميز، والإحالة. وغالبًا ما توظّف هذه الخاصّيّة في أثناء المقابلة بين عالم الكبار الذي يتّسم بالشرّ، والنفاق، والكذب، والزيف، والكراهية، وعالم الصغار الذي يتّسم بالبراءة، والطهارة، والفطرة والحبّ.
كما تبرز هذه الخاصّيّة أثناء تصوير أحوال الطفولة بين شقائها في البادية، وعذاباتها في المدينة، وتألّمها بآثار ويلات حروب الكبار، وصراعاتهم الدونكشوتيّة المريرة: “أسفل الساقية رأيتها تحمل جرّة ماء، خطوها وئيد تمشي كالنمل طول الطريق… العربة البطيئة تمرّ قربها لا تنتبه إليها، هي تئن حين تحضر الماء من الساقية إلى البيت والعربة تمدّ عنقها الخشبيّ الطويل تتمدّد وهي لا تتعب، لا تتعب من نقل الماء في الجرّة من الساقية إلى البيت، وأنابيب الماء الصالح للشرب تتمدّد كلسان يبتلع الطريق تحت أرجل المرأة المثقلة بالجرّة، أسفل الساقية، والعربة المثقلة ببرميل، وجرّات الماء الذي… لم يعد صالحًا للشرب”[20]
وتعبّر قِصّة “الحجلة” أيضًا عن الصراع الطفوليّ البريء الذي يلتئم شمله بسرعة في مقابل صراع الكبار الذي لا ينتهي إلاّ بالعنف، وإسالة الدماء، وقطع صلة الرحم، والجوار والأخوة. كما يتجسّد هذا أيضًا في قِصّة “جسد من الحجارة” التي تصوّر مدى فظاعة عالم الكبار، وتوحّش العدوّ، وتآكل الجسد الطفوليّ، وعجزه عن الاحتمال: “يرمي الولد الحجارة… يرمي… أمام جنزرة… ركام من الحجارة، يرمي جسده بمقلاع… الجنود خلف دبابتهم خلف قبّعاتهم يحتمون، والأطفال يرمون… بالحجارة… يسقط الوّل والثاني… ويرمي الطفل الحجر من اليد إلى اليد، تظهر سيّارة الإسعاف تحملهما… اليد على الحجر، والحجر في اليد. الطفل الذي يشاهد ذلك على الشاشة يأكل، يرمي الخبز والملعقة من يده… يرفض الأكل… يقف… يرفض الذهاب إلى المدرسة يخرج إلى الشارع يجمع الحجر ويستعد…”[21]
4-خاصية الحــذف والإضمار
يشغل عزّ الدين الماعزيّ كثيرًا تقنيّة الإضمار، والحذف عن طريق تغييب علامات الترقيم التي لا تظهر إلاّ في حالات قليلة. أمّا أهمّ علامة تحضر بشكل لافت للانتباه فهي علامة الحذف بنقطها الثلاث. وهذه الخاصّيّة الترقيميّة إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على الإيحاء، والتلميح، والإخفاء، وإسكات لغة البوح، والاعتراف، والامتناع عن توضيح الواضح، وفضح الفاضح. ويحرّك الإضمار مخيّلة القارئ ويحفّزه على التفكير، والتخييل، والإجابة عن الألغاز المطروحة في سياقاتها المرجعيّة وأبعادها الانتقاديّة. وهذا ما يجعل كثيرًا من قصص الماعزيّ ألغازًا وقصصًا للتنكيت، والسخرية المثيرة التي تخاطب العقل والوجدان معًا. وخير مثال على خاصّيّة الحذف، والإضمار قِصّة “شكون” التي تبيّن سياسة العنف التي يستخدمها الرجل في تعامله مع زوجته، والاستهتار يقيم الأسرة، ومواثيق المساكنة الشرعية: “خرج من بيته على دقّات الساعة العاشرة صباحًا، طلبت منه الزوجة أن يوصل الخبز إلى الفران، رفع كتفه، فتل شاربه ومضى… التصقت بساقه الصغرى دفعها خلفه، وصفق الباب بعنف. في العاشرة ليلاً عاد ثملاً، فتّش في سترته، أدخل يده في جيب سرواله، عن حزمة المفاتيح التي… بدل عاود دون جدوى، طويلاً بحث… على إيقاع الضجيج الذي أحدثه أطلّت الزوجة من كوّة النافذة… وقالت…”[22]
5- تسريع الإيقاع الســـرديّ
يستند الكاتب في تحبيك قصصه القصيرة جدًّا إلى توظيف إيقاع سرديّ يتميّز بالسرعة، والإيجاز، وكثرة التعاقب في تسلسل الأحداث، وتتابع الأحوال والحالات. ومن الأدلّة على ذلك الاتّباع الفعليّ، وكثرة الاسترسال في الجمل، والأفعال التي تصور حركيّة الأحداث، وسرعتها الانسيابيّة مثل اللقطات السينمائيّة السريعة والوجيزة. ثمّ يمكن إدراج قصص الماعزيّ ضمن القصص اللقطات، أو القصص الألغاز، والتنكيت على غرار نوادر جحا، وأخبار الحمقى، والمغفّلين الموجودة في سردنا العربيّ القديم. ومن الأمثلة القَصصيّة المعبّرة عن خاصّيّة تسريع الإيقاع السرديّ قِصّة (بدون): “دخل الحمام بقفّته الفوطة الملابس الداخليّة صابونة مشطًا محكًا وشامبوان …نزع ملابسه ثوبًا ثوبًا، ودخل للاستحمام. جاء الكسّال دعك أطرافه، جرّه، جذبه، ثناه، طواه حمله، وضعه، أسنده، كتم أنفاسه، أفرغ عليه الماء، وخرج، التفت وجد نفسه من دون…”[23]. ويظهر هذا أيضًا واضحًا في آخر قِصّة “بالثلثين”: “أغمض، هدم، ناقش، راسل، دوزن، حوّل، وظّف، حاصر، جادل، فوت.”[24]
6- التبئير السرديّ الموضوعيّ
يستعمل الكاتب على مستوى السرد الرؤية من الخلف وضمير الغياب بكثرة والوصف الخارجيّ ورصد ما هو نفسيّ داخليّ. وهذه الرؤية السرديّة يسمّيها جيرار جنيت درجة الصفر في الكتابة. وهنا ينزل الكاتب منزلة الحياد الموضوعيّ، وعدم التدخّل داخل عالم القِصّة، بل يكتفي بالوصف، ونقل الأحداث، والتعليق، والتقويم من خلال فعل السخرية، والتقبيح الكاريكاتوريّ كما في قِصّة “عماد الطابوزيّ”، والتنكيت الملغّز. ومن الأمثلة الدالّة على هذا المنظور السرديّ الذي يعتمد على المعرفة المطلقة قِصّة “درجة الصفر في الكتابة”: “في غرفته وجد نفسه وحيدًا… باردًا… كانت الطفلة تعزف على بيانو… أسند ظهره للحائط، وبَدأ يستمع، رأسه يدور… كان واضحًا أنّ الموسيقى حرّكت وجدانه، ذكرياته، هي دائمًا هكذا تسمعه جديد الأنغام الشجيّة، أحسّ بذاته تمتلئ إلى درجة أنّه فكّر في كتابة مواضيع…, طرح أسئلة… بهدوء تامّ، وحذر أخذ القلم وبدأ يكتب…”[25].
7- التكثيــف الوصفيّ
تمتاز قصص الماعزيّ بخاصّيّة التكثيف الوصفيّ، والإيجاز في التصوير، والاقتصاد في التشخيص، وتفادي الوقفات الوصفيّة المملّة كما في الروايات الطويلة. ويرتكز الوصف في قصص الكاتب على الإيحاء، والتضمين الشاعريّ، والتقليل من استعمال الأوصاف، والنعوت، والصور التشخيصيّة، والمجازيّة، والاجتناب قدر الإمكان خطاب الإطناب، ولغة الإسهاب، وإيقاع التطويل، والتكرار المجانيّ. كما يبتعد عن الترادف الوصفيّ والتتابع النعتيّ قصد خلق قصص رمزيّة موجزة يتخيّل فيها القارئ نهايتها، وصيغتها التركيبيّة. وإليكم مثالاً يصوّر وضعيّة الفنّان، ومأساته التراجيديّة، والحلم الطفوليّ الباهت، ونلاحظ في النصّ اقتصادًا في الأوصاف، واختزالاً في التوصيف النعتيّ “يجلس إسماعين أمام اللوحة الغريبة، يتأمّل الصورة، صورة رسام رسم لوحة بيضاء ومربّعًا أسود… ويغني. التفت إسماعين يمينًا، ويسارًا لعلّ أحدًا يراه، تمنّى في نفسه أن يكون في الإطار الأبيض نفسه الذي تركه الفنّان فارغا”[26]
8- تراكــيب الجمل وتعاقبها المسترسل
من أهمّ الملاحظات التي نستخلصها من تتبّعنا لقصص عزّ الدين الماعزيّ تراكب الجمل، وتداخلها، وتعاقبها استرسالاً، وانسيابًا من دون حدود، وفواصل تركيبيّة ونظميّة. وهذا الترادف، والتراكب الجمليّ، والمزاوجة بين الجمل البسيطة، والجمل المركّبة هو الذي يعطي لقصصه رونقها الإبداعيّ الشاعريّ، ومتعتها الجماليّة الفنّيّة، وفائدتها الرمزيّة كما في هذه القِصّة التي تصوّر زلزال الحسيمة، وانبطاح ليلى، وضياع أحلامها الورديّة بوفاة كلّ أفراد أسرتها: “بعد ثوانٍ من زلزال الثلاثاء الأسود بالحسيمة، توفّي كلّ أفراد أسرة ليلى، وحيدة ليلى تذرف دموع الفراق لا تعرف ليلى كيف حصل ذلك هي التي كانت تحلم بيوم سعيد، وبعالم من دون حواجز… هي الآن وحيدة وحيدة، ترى الحزن بعين واحدة يطلّ من كلّ العيون تكتفي بالنظر إلى هذه الثواني التي مرّت وراء زجاج نافذة المستشفى. هي التي كانت ترسم بالألوان ما خطّته بقلم الرصاص مثل فراشة وتتلعثم بأحرف الهجاء، وأناشيد الطفولة كلّما خلت إلى نفسها تغنّي، وهي تقفز على الحبل رعب الزلزال الذي تركها من دون أهل…”[27]
يتبيّن لنا من خلال هذا العرض الوجيز أنّ عزّ الدين الماعزيّ متمكّن من فنّ القِصّة القصيرة جدًّا تمكّنًا تامًّا، يحسن توظيف تقنيّاته التعبيريّة الرائعة في خلق السخرية، وفكاهة التنكيت، والتلغيز، وإثراء شاعريّة التصوير، والتشخيص. وتتميّز قصصه بالواقعيّة الانتقاديّة حيث تتحوّل مجموعته القَصصيّة إلى مرآة صادقة تعكس كلّ التناقضات، والصراعات الجدليّة، وانحطاط الإنسان، وتردّي القيم الكمّيّة والكيفية في عالمنا اليوم الذي يتقابل فيه الصغار والكبار، كما تتقابل فيه المحبّة، والكراهية، والخير، والشرّ.
ونلاحظ كذلك أنّ الماعزيّ كان وفيًّا لشعريّة جنس القِصّة القصيرة جدًّا بناء، وصياغة، ودلالة، ومقصديّة. وتنمّ قصصه الشيّقة على مستوى التناص، والتفاعل النصّيّ، والحواريّ عن مدى تأثّر الماعزيّ إلى حدّ كبير عن وعي، أو من دون وعي بقصص الكاتب المغربيّ أحمد بوزفور، والكاتب السوريّ زكريا تامر، والكاتب المصريّ يوسف إدريس…
المصادر والمراجع
- حميد ركاطة، القِصّة القصيرة، قراءة في تجارب مغربيّة، دار دراسات سال، 2012.
- الطاهر لكنيزيّ أنطولوجيا القِصّة القصيرة جدًّا في العالم العربيّ، وترجمة، دار Edilivre Paris، 1912.
- عبد الرحيم مودن، معجم مصطلحات القِصّة المغربيّة، منشورات دراسات سال، الطبعة الأولى، 1993.
- مصطفى لغتيريّ، زخّات حارقة، قصص قصيرة جدًّا، ط1، 2013.
- يوسف حطينيّ، القِصّة القصيرة جدًّا بين النظريّة والتطبيق، دار اليازجيّ، دمشق، 2004.
* إجازة جامعيّة في اللغة العربيّة وآدابها من الجامعة اللبنانيّة، ماستر في اللغة العربيّة وآدابها من الجامعة الإسلاميّة في لبنان، أستاذة في التعليم الثانويّ، أستاذة جامعيّة في مكتب اللغات للجامعة اللبنانيّة، وأستاذة في لجنة الامتحانات الرسميّة اللبنانيّة، تشارك في مشروع إعداد الكتب التربويّة في مؤسّسة إنتراتال مركز التعاون الخليجيّ.
[1]- الطاهر لكنيزيّ أنطولوجيا القِصّة القصيرة جدًّا في العالم العربيّ، وترجمة دار Edilivre Paris، 1912، ص 18.
[2]– المرجع نفسه، 19.
[3]– عبد الرحيم مودن، معجم مصطلحات القِصّة المغربيّة، منشورات دراسات سال، الطبعة الأولى،1993، ص 40.
[4]– المرجع نفسه، ص 40.
[5]– حميد ركاطة، القِصّة القصيرة/ قراءة في تجارب مغربيّة، دار دراسات سال، 2012، ص 25.
[6]– مصطفى لغتيريّ، زخّاتزخّات حارقة، قصص قصيرة جدًّا، ط1، 2013. ويذكر هنا أنّ هذه القصص سبق نشرها في مجموعتين قَصصيّتين، هما مظلّة في قبر (2006) و(تسونامي) (2008).
[7]– يوسف حطينيّ، القِصّة القصيرة جدًّا بين النظريّة والتطبيق، دار اليازجيّ، دمشق، 2004، ص31 – 32.
[8]– مصطفى لغتيريّ، زخّاتزخّات حارقة، قصص قصيرة جدًّا، مرجع سابق، ص 21.
[9]– المصدر نفسه، ص 11.
[10] – المصدر نفسه، ص 55.
[11] – المصدر نفسه، ص 32 – 33.
[12]– المصدر نفسه، ص 12.
[13]– المصدر نفسه، ص 39.
[14]– المصدر نفسه، ص 49.
[15]– المصدر نفسه، ص 59.
[16] – عزّ الدين الماعزيّ، “حبّ على طريقة الكبار”، قصص قصيرة جدًّا، مطبعة وليلي، المغرب – مراكش، 2006، ص 34.
[17] – المصدر نفسه، ص 59.
[18] – المصدر نفسه، ص 63.
[19] – المصدر نفسه، ص 74.
[20] – المصر نفسه، ص 8.
[21] – المصدر نفسه، ص 18.
[22] – المصدر نفسه، ص 12.
[23] – المصدر نفسه، ص 48.
[24] – المصدر نفسه، ص 64.
[25] – المصدر نفسه، ص 20.
[26] – المصدر نفسه، ص 56.
[27] – المصدر الثاني، ص 44.