عنوان البحث: التّشريعات القرآنيّة في مواجهة السّنن الجاهليّة
اسم الكاتب: السيد عباس جاسم فرج الموزاني، د. محمد رضا ستوده نيا
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFالتّشريعات القرآنيّة في مواجهة السّنن الجاهليّة
The Qur’anic legislation to confront pre-Islamic traditions
Abbas Jasem Faraj Al-Moazanem السيد عباس جاسم فرج الموزاني)[1](
د. محمد رضا ستوده نيا([2]) (الكاتب المسؤول) Dr.Mohammadreza Sotoudehnia
تاريخ الإرسال:9-10- 2024 تاريخ القبول:20-10-2024
المُلخّص
ظهر الإسلام في مجتمع تسوده علاقات قبليّة قائمة على الجهل والتخلّف في كثير من الأحيان، فواجه القرآن الكريم بآياته الكريمة السّنن الجاهليّة كلّها، والعصبيات القبلية التي مارستها العرب، ونقلهم الى مهد حضاري جديد أزاح الى حدّ كبير ما كان يعرف أنّ قبائل العربيّة غلبت عليهم طبائع البدو؛ فهم لم يتسموا بما اتّسم به غيرهم من تحضر، فكانت حياتهم تنقل وترحال.
يهدف البحث إلى بيان التّشريعات القرآنيّة التي اعتمد عليها القرآن في آياته لبيان مواجهته السّنن الجاهليّة والتي كانت منتشرة في مجتمع قبل الإسلام، ويحاول أن يشرح ما هي الأساليب التي اعتمدها القرآن في سبيل هذا التّقرير.
يحاول البحث الحالي التزام منهج الوصف، والتّحليل الذي يعمد إلى توصيف الأفكار المراد الحديث عنها، وتحليلها مع الاستعانة بالمنهج الاستقرائي الذي يرصد الأفكار من القرآن وكتب التفسير وغيرها، وقد اعتمد البحث منهجيّة تقوم على إيجاد الآيات جميعها التي تتحدث عن العنوان المحدد، ومحاولة البحث عنها في كتب التّفاسير المعتمدة، ومن ثم محاولة تحليلها تحليلًا منطقيًّا عقليًّا للوصول إلى النتائج العامة.
وقد أثبتت النتيجة العامة للبحث أنّ القرآن الكريم فصّل في كثير من التّشريعات، وعبّر عن كل تفصيل باستخدام أساليب لغوية متنوعة منها: ما يدعو الى التّرهيب ومنها ما يحتوي على ترغيب وذلك كله من أجل إحياء سنّة الإسلام وإبطال سنة الجاهليّة.
الكلمات المفتاحية: السّنن، الجاهليّة، تشريعات.
Abstract
Islam appeared in a society dominated by tribal relations based on ignorance and backwardness in many cases. The Holy Qur’an confronted، with its noble verses، all the pre-Islamic traditions and tribal fanaticism practiced by the Arabs، and moved them to a new civilizational cradle that largely removed what was known that the Arabs were dominated by nomadism، and that they were They lagged behind those around them in civilization، and most of them lived the life of nomadic tribes، in ignorance and heedlessness.
The research aims to explain the Qur’anic legislation on whichh the Qur’an relied in its verses to demonstrate its confrontation with the pre-Islamic traditions that were widespread in pre-Islamic society، and it attempts to explain what are the methods that the Qur’an adopted for the sake of this report.
As for the method used، it is the descriptive and analytical method، which aims to describe the ideas that are to be talked about and analyze them، with the help of the inductive method، which monitors ideas from the Qur’an، books of interpretation، and others. The research adopted a methodology based on finding all the verses that talk about the specific title and trying to search for them in the approved books of interpretations. And then try to analyze it logically and mentally to reach general results.
The general result of the research proved that the Holy Qur’an detailed many laws، and expressed each detail using various linguistic methods، some of which call for intimidation and some of which contain encouragement، all for the sake of reviving the Sunnah of Islam and abolishing the Sunnah of pre-Islamic times.
Keywords: Sunnah، pre-Islamic times، legislation
المُقدّمة: جاء الإسلام إلى بيئة تطغى عليها الأعراف الجاهليّة والقبلية، فسعى إلى تهذيب هذه العادات، أو إقرارها، أو إلغائها، عبر تشريعات كريمة نزلت في القرآن الكريم، وصيغت هذه التّشريعات بألفاظ تتناسب مع كل زمان ومكان؛ للدّلالة على أنّ هذه التّشريعات لا حدود لاستخدامها، بل هي فرض على المسلمين في كل زمان ومكان. ومن هذه الأحكام ما يتعلّق بالجانب الأسريّ، ومنها ما يختص بالجانب الماليّ، ومنها ما هو متعلق بالجانب السياسيّ، ولذا يأتي هذا البحث ليلقي الضوء على أبرز التّشريعات المختلفة، التي نظّم القرآن فيها العلاقات الجاهليّة في معظم مجالات الحياة.
يهدف البحث إلى بيان التّشريعات القرآنية التي اعتمد عليها القرآن في آياته لبيان مواجهته السّنن الجاهليّة والتي كانت منتشرة في مجتمع قبل الإسلام. وتنبع أهمية البحث من المقارنة التي يسعى إلى إبرازها بين حالة المجتمع قبل الإسلام وبعده، وإظهار الفروقات الكبيرة التي قام بها الإسلام في المجتمع. يحاول البحثُ اتباع منهج الوصف والتّحليل، ساعيًا الى توصيف الأفكار، والتنقيب فيها للوصول إلى نتيجة عامة تجمع هذه الظواهر، معتمدًا منهجيّة تقوم على إيجاد الآيات جميعها التي تتحدث عن العنوان المحدد، ومحاولة البحث عنها في كتب التّفاسير المعتمدة، ومن ثم محاولة تحليلها تحليلا منطقيًّا عقليًا للوصول إلى النتائج العامة. وقد اقتضت طبيعة البحث أن يُقسّم منهجيًّا الى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة فيها أبرز النتائج.
تمهيد: مفاهيم العنوان
المبحث الأول: التّشريعات الخاصة بالعادات الاجتماعيّة.
المبحث الثاني: التّشريعات الخاصة بالأموال.
المبحث الثالث: التّشريعات الخاصة بالعلاقات السياسيّة.
أولاً: تعريف السُّنّة: يـعـود أصل السّنن اللغويّ إلى الجذر الصّحيح (سَنن)، ومصدره السّنُّ بضمّ النّون، ويعني الطريقة(١).
والسُّنَّة: السيرة، حسنة كانت أَو قبيحة؛ قال خالد بن عُتْبة وسَنَنْتُها سَنّاً واسْتَنَنْتُها: سِرْتُها، وسَنَنْتُ لكم سُنَّةً فاتبعوها. وفي ومن سَنَّ سُنَّةً سيّئَةً يريد من عملها ليُقْتَدَى به فيها.(١).
أمّا في الاصطلاح: إنّ المراد بالسُّنّة يختلف حسب توجه العلماء من أصول وفقه وغيره، فهي صفات وأقوال وأفعال وتقريرات رسول الله (ص)، وفي اصطلاح علم الفقه يطلق لفظ السُّنّة على ما عمل عليه الصحابة، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه اتباعًا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادًا مجتمعًا عليه منهم أو من خلفائهم، فإنّ إجماعهم إجماع، وعمل خلفائهم راجع أيضًا إلى حقيقة الإجماع، من جهة حمل النّاس عليه حسبما اقتضاه النّظر المصلحي عنهم. فيدخل تحت هذا الإطلاق المصالح المرسلة والاستحسان؛ كما فعلوا في حدّ الخمر، وتضمين الصُّنَّاع، وجمع المصحف…ويدل على هذا الإطلاق قوله(٢). وإذا أردنا التّوسع في معناها فقد “تطلق السُّنّة يراد بها ما كان عليه النّبي (ص)، أي على الواقع العملي أي ما جرى عليه العمل في عهد النّبي (ص). ولا شك أن ذلك الواقع العملي هو التّطبيق العملي لمعاني الشّريعة الإسلاميّة من النّبي (ص) ومن الصحابة الكرام بإقرار وتوجيه من النّبي (ص)”(٣). والملاحظ أن تعريف السّنن في الاصطلاح يقتصر على سنة النّبي، وكل ما قبل الإسلام لا يُعد من السّنن، ولذا يكون المعنى المراد هو المعنى اللغوي أنّ السُّنّة هي الطريقة والعادة التي كانت منتشرة في مرحلة ما قبل وجود دين المحمدي.
ثانيًا: تعريف الجاهليّة
جاء في تعريفه “الجهل ضدّ العلم وقد (جَهِلَ) من باب فَهِمَ و سَلِمَ. و(تجاهلَ) أرى من نفسِهِ ذلك وليس به. و(استجهله) عدّه جاهلًا واستخفّه أيضًا. و(التّجهيل) النّسبة إلى الجهل”(٤).
الجاهليّة في الاصطلاح: “هي عادة القوم قبل الإسلام”)٥)؛ وذلك لعدم معرفة الناس بالإيمان الحقيقي، والتّشريعات الإسلاميّة(٦) وقد أطلق عليها القرآن أحيانًا لفظ: (الجاهليّة الأولى)، أي ما قبل الإسلام(٧).
فالحِقبة الجاهليّة هي العصر الذي سبق مجيء الإسلام وانتهى بقدومه؛ أي هو في الواقع حقبة سبقت ظهور الإسلام، وهذا اللفظ هو لفظ حديث، لم ينشأ إلا مع مجيء الإسلام، وقد ظهر من أجل التمييز والتفريق عن حالة(٨).
المبحث الأول: التّشريعات الخاصة بالعادات الاجتماعيّة
كان المجتمع العربيّ قبل الإسلام مليئًا بعادات وعلاقات غير مقبولة، وعندما جاء القرآن وجه عنايته إلى هذه العادات، فغيّر فيها وعدل عليها، مستخدمًا أساليبه التّعبيريّة التي تكشف براعة القرآن العظيم في التّعامل مع فكر الإنسان الجاهلي ونفسه وقد تحوّل الى الإسلام. وهذه العادات كثيرة، وما يهمّ المبحث هنا هو العادات والعلاقات العائليّة التي كانت منتشرة ، والتي تحدّث عنها وتناولها باهتمامه، عبر المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: تحريم الجهر بالمعاصي وإشاعة الفاحشة
جاء الإسلام على مجتمع لم يكن فيه ضوابط كثيرة، فكانت بعض المعاصي والذنوب تُقام من دون رادع، فتوجّه إلى الناس بأسلوب التّرهيب ليمنعهم عن فعل المعاصي، وإن فعلوها فلا بجاهروا بها. وقد قال تعالى في ذلك: ﴿لا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظُلِمَ وكان الله سميعًا عليمًا* إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوًّا قديرًا﴾)٩). يتجلى الترهيب هنا في (لا يحب الله) وعدم محبته سبحانه وتعالى لشيء كناية عن غضبه، واستثنى من هذا من ظُلم، إذ يُخبر الله أنّه لا يحب الجهر بالسوء من القول أي يُبغض ذلك ويمقته، ويشمل ذلك الأقوال السيئة جميعها التي تسوء وتحزن، كالشتم والقذف والسبّ ونحو ذلك ، فإن ذلك من المنهي عنه الذي يبغضه الله(١٠).
وقد بيّن الله أن كل سوء يحصل في الحياة سببه الفساد والمعاصي ﴿ظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كسَبِت أيدي النّاس ليُذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾(١١) فالله لا يحب المعاصي وقطع السّبيل وإخافة الطريق، ومن باب أولى لا يحب الله الجهر بالمعاصي)١٢).
في هذا السياق يقود الجهر بالمعاصي بلا شك إلى إشاعة الفاحشة؛ لأنّه شكل من أشكال كشف السّتر الذي نهى الإسلام عنه؛ لأنّه ظاهرة اجتماعيّة مرضية تعبّر عن نوايا سيئة، وتورث الأحقاد في المجتمع، وتثير البلابل، والفتن فيه، لذلك توعد الله تعالى الذين يشيعون الفاحشة ويتكلمون بها بالعذاب الأليم في الدّنيا والآخرة ﴿إنّ الذين يُحبّون أنْ تَشِيع الفاحشة في الدِّين أَمنوا لهم عذاب أليم في الدّنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾)١٣)، يلجأ الأسلوب القرآني إلى التّرهيب والتوعّد لمن يقوم بإشاعة الفاحشة، فيقول تعالى في ذكره إنّ من يحب إشاعة هذه الفاحشة بين المسلمين سيلاقون عذابًا أليمًا بالقدر الذي رموا به المحصنات والمحصنين، وفي الآخرة لهم العذاب الكبير إذا لم يتوبوا عن أفعالهم(١٤). يعني هذا الوعيد العظيم عِظم كشف الستر وخطورته، وأنه في مصاف الكبائر والذنوب العظيمة التي حذر منها القرآن. وقد أكدّ القرآن ضرورة الابتعاد من المعاصي والإِعراض عن اللغو وغيره؛ قال تعالى:﴿إذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾(١٥) اللغو هنا من لغا يلغو، هو الغلط يقال: يلغون في الحساب؛ أي يخطئون. ولاغيته: هازلته، ومنها اليمين: اللغو التي لا تعد يمينًا. ومن المجاز لغا عن الطريق، وعن الصواب مال عنه (١٦) وهنا يعني الباطل أو الكذب الذي يطلقه أهل قريش، بالمسلمين الصادقين؛ أو التحريف الذي ألحقه أهل الكتاب بكتاب الله وليس منه(١٧). ولا شكّ هنا أنّ الجاهل يقول ما لا يعرف، وأنّه يكذب من أجل مصالحه يقول الراغب: “الجهل على ثلاثة أضرب، الأول: وهو خلو النّفس من العلم، هذا هو الأصل. وقد جعل بعض المتكلمين معنى مقتضيًا الأفعال الجارية على غير النّظام. والثاني: اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. والثالث : فعل الشيء بخلاف ما حقّه أن يًفعل، سواء اعتقد فيه اعتقادًا صحيحًا أو فاسدًا كمن يترك الصلاة معتمدًا”(١٨).
وبكل تأكيد، إن وجود صفة الجهل تحضر معها صفات سيئة كثيرة؛ منها الكذب، وهذه الصفة هي أساس المفاسد جميعها التي يقوم بها الإنسان، لأنّ المؤمن بالله لا يكذب ولا يسلك هذا السلوك أبدًا، وقد جاء التّحذير من اتباع هذه الصفة؛ لأنّها ” كالسّراب يقرّب عليك البعيد، ويبعد منك القريب”(١٩).
لذا، وحفاظًا على مجتمع تسوده علاقات فيها محبّة، وود نزل القرآن مانعًا ومحرمًا لكلّ ما يمكن أن ينخر فيه مثل الجهر بالمعصية، والقيام بالفواحش من دون خجل، لأنّ ذلك يجر كل المفاسد.
المطلب الثاني: تحريم الزنا
نزلت شريعة الله على الأرض ساعية إلى أهداف محددة؛ وهي حماية الأرض ووضع حدود وضوابط أخلاقيّة، تهدف من أجل حماية التّوحيد لله، وشخصيّة الإنسان وعرضه وأخلاقه، ومن أجل ذلك كان لا بدّ من توجيه تشريعات لأجل الانتباه على الأعراض، وعدم اتباع طرائق الجاهليّة التي لم يكن فيها ضوابط تراعي هذا الموضوع، فقال البيان القرآني كلمته، وحرّم ما أباحه بعض الجاهليين، من زنا وغيره. وإذا طالعنا آيات الزنا في القرآن نجد أنّه حارب الزنا بأكثر من وسيلة؛ وهذه الوسائل أغلبها وسائل وقاية وحماية لعدم انجرار الناس لفعل هذا الخطأ، أو ترهيب بسبب نتائج هذا الفعل. ومن الوسائل الوقائية تنبيه الناس المؤمنين لكي يستأذنوا ويغضوا بصرهم عن كل ما حرمه الله؛ قال تعالى: ﴿يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا البيوت غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون﴾(٢٠).
وكان للعرب أيضاً آدابهم منها احترام النساء، واحترام حرمة البيوت فكانوا يستأذنون عند دخول بيوت الغير، ولما خالف بعض الأعراب هذه القاعدة أنكر القرآن عليهم ذلك وأمرهم بالالتزام بالاستئذان، من أجل هذا وذلك، أدَّب الله المسلمين بهذا الأدب العالي، أدب الاستئذان على البيوت، ولطف الطريقة التي يجيئ بها الطارق، فتحدث في نفوس أهل البيت أنسًا به، واستعدادًا لاستقباله، وهى لفتة دقيقة لطيفة، لرعاية أحوال النفوس ولتقدير ظروف الناس في بيوتهم”(٢١).
وحث الإسلام على غض البصر كما جاء في قوله الله تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾)٢٢).
جاءالأمر القرآني بكل وضوح، وهو أمر المؤمنين بعضّ البصر، وحفظ الفرج، وهذا يعني أنّه لا يوجد أيّ عذر شرعي للنظر في ما حرمه الله، أو فعل أمر بشهوة وغريزة؛ فالله سبحانه وتعالى أراد للمؤمنين أن يتحكموا بأنفسهم وغرائهم، لا أن يعيشوا حياة الجاهليّة من دون حسيب أو رقيب . وجاء التعبير القرآني بالفعل (يغضوا، يحفظوا) بصيغة المضارع؛ للدلالة على استمرار هذا الأمر في كل وقت، وعدم اقتصاره على شخص بعينه بل هو خطاب ايماني شامل(٢٣). ولذلك كان منهج القرآن هو تقليل لفرص الاستثارة من الجانبين جانب الرجل والمرأة، وغض البصر هو من أهم جوانب هذا المنهج .
1- التّحذير من العقاب في الآخرة: جاء في كتاب الله ﴿و وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾(٢٤). جاء في شرح هذه الآية أنّ الله جلّ وعلا يأمر الناس جميعًا أن يتّقوا الزنا؛ لأنّ فيه سيئات في الدنيا وفي الآخرة؛ ومن أجل ذلك كان حدّ الزّنى أكبر من حدّ القذف والخمر والسّرقة حتى أنّه يصل إلى الرجم وأقل حدوده الجلد. ولكن هذا الفعل لا يحدث من دون شهود، ويجب أن يكونوا حصرًا من طائفة المؤمنين(٢٥)، وهذا يدل على عظمة سوء هذا الفعل، ومدى غضب الله تعالى على من يقوم بهذا العمل. ثم رفع الإسلام جميع ذلك، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ﴾ وقال أيضًا: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾(٢٦) (٢٧). وقد أشار سبحانه إلى حكمة التّحريم في ما نهى عنه بقوله: ﴿ولا تقربوا الزنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ وقد عدّه أولًا فاحشة ثم وصفه ثانيًا بقوله: (وساء سبيلا) والمراد – والله أعلم – سبيل البقاء كما يستفاد من قوله: ﴿أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السّبيل﴾ العنكبوت: 29، أي وتتركون إتيان النّساء الذي هو السّبيل، فتنقطع بذلك وليس إلّا سبيلًا للبقاء من جهة تسببه بتولّد المواليد وبقاء النّسل بذلك، ومن جهة أنّ الزّواج وعقد المجتمع المنزلي هو أقوى وسيلة يضمن بقاء المجتمع المدني بعد انعقاده. فمع انفتاح باب الزنا لا تزال الرغبات تنقطع عن النكاح، والزّواج إذ لا يبقى له إلّا محنة النّفقة ومشقة حمل الأولاد وتربيتها، ومقاساة الشّدائد في حفظها والقيام بواجب حياتها والغريزة تقنع من سبيل آخر من غير كد وتعب، وهو مشهود من حال الشّبان والفتيات في هذه البلاد، وقد قيل لبعضهم: لم لا تتزوج؟ فقال: وما أصنع بالزّواج وكلّ نساء البلد نسائي، ولا يبقى حينئذ للزواج والنّكاح إلّا شركة الزّوجين في مساعي الحياة الجزئيّة غير التّناسل كالشّركة في تجارة أو عمل ويسرع إليهما الافتراق لأدنى عذر، وهذا كلّه مشهود اليوم في المجتمعات الغربيّة)٢٨).
يعمد الأسلوب القرآني إلى النّهي القاطع لكل هذه الأمور؛ لأنّها لا تحتمل المحاباة والمدارة؛ لما فيها من هتك عرض، وإحلال الفساد والفاحشة، فكان حازمًا لا يحتمل المدارة.
المبحث الثاني: التّشريعات الخاصة بالأموال
يعدّ المال منحة إلهيّة من الله جلّ وعلا لعباده، ليقضوا به أمورهم، فتنصلح أحوالهم، ويساهموا في تعمير الأرض، وهي الغاية التي خلق الله المال من أجلها، ولذا جاءت توجيهات الشّريعة الكريمة من أجل توظيف المال في سبيل الخير، وعدم استعماله بشكل خاطئ، وكثرت التنبيهات في ذلك.
وإنّ مسائل المال في الإسلام يطلق عليها الاقتصاد الإسلامي، وفيه تفصيلات وتوضيحات لكلّ مسألة، وفق آراء الفقهاء، من هنا، يأتي هذا المبحث ليناقش مسألة الاقتصاد الإسلامي في مسائل البيع الحلال والحرام؛ عبر ستة مطالب يختص كلّ مطلب بالحديث عن مسألة معيّنة:
المطلب الأول: حرمة أكل الأموال بالباطل والرّبا
جاء القرآن ساعيًا بكل تشريعاته لحفظ المال والعرض، وكل ذلك في سبيل بناء الإنسان ذو الكرامة المحفوظة، وما جاء في حفظ الأموال قوله تعالى: ﴿وأخذهم الرّبا وقد نُهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل﴾)٢٩) “وأخذهم الرّبا” أي ما فضل على رؤوس أموالهم بتأخيرهم له عن محله إلى أجل آخر “وقد نهوا عنه” أي عن الرّبا “وأكلهم أموال النّاس بالباطل” أي بغير استحقاق ولا استيجاب، وهو ما كانوا يأخذونه من الرّشى في الأحكام كقولـه: ﴿وأكلهم السّحت﴾ [المائدة: 62]. وما أشبه ذلك من المآكل الخبيثة عاقبهم الله تعالى على جميع ذلك بتحريم ما حرَّم عليهم من الطيبات)٣٠). ولعطف قوله تعالى: ﴿وَأكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ﴾ للإشارة على أخذ مال الرّبا، فأكل أموال النّاس بالباطل يناسب شمول المال الحرام، أي أنّ إعطاء الآية دلالة جديدة افضل من الحاقها في دلالة سابقة(٣١). نلاحظ التّعبير القرآني العظيم الذي جعل الرّبا، وأكل المال بالباطل في بوتقة واحدة، وهي البوتقة التّحريم المطلق، ومن يقوم بها يتوجب عليه تحمل عذاب الله وغضبه. في الواقع كان العرب يتعاملون بالرّبا قبل الإسلام، ما ساعد على انتشار اشتغالهم بالتّجارة خاصة في المدن الكبرى كمكة والمدينة والطائف، وكان لليهود الأثر الكبير في تعزيز نشر الرّبا خاصة في الطائف والمدينة، فقد كانوا يتعاملون بالرّبا في كل شيء صالح للتّعامل سواء أكان نقداً كالذهب والفضة، أم كان شيئًا آخر كالقمح والشّعير والتّمر، وكان الرّبا يصل إلى أضعاف مضاعفة.)٣٢) كان هذا السّلوك شائعًا بقصد الاسترباح، وجني الأموال ولو كان على حساب الآخرين وعوزهم، وفيه تسيطر فئة الأغنياء وأعيان النّاس في المجتمع على الفقراء، أو محتاجي المال. جاء الإسلام إلى مجتمع كان يتعامل بالرّبا بشكل كبير، وعملت التّشريعات الإسلاميّة على غرس العقيدة والقيم من إيمان وتقوى وطاعة لله ورسوله وأخلاق سامية، ثم بدأت آيات الأحكام تشرع للمبادئ الرّاقية التي أرادها الإسلام للبشرية، بوصف أن الله هو المالك الحقيقي لهذا الكون ، وإن الإنسان مستخلف فيه، وإن جُل تصرفاته في هذا المال يجب أن تكون في حدود ما أمر به وإن يضبط في حدود ما نُهي عنه. وجاء في كتاب الله الكريم، آيات عدّة تنهى عن فعل الرّبا، وهي:
- ﴿الذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الذي يتخبطه الشَّيطان من المسِّ ذلك بأنّهم قالُوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلَّ الله البيع وحرَّم الرّبا فمن جاءه موعظة من ربّه، فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النَّار هم فيها خالدون﴾)٣٣).
تُعدُّ هذه الآية من الأدلة على النّهي عن فعل الرّبا، من أوجه عدة:
أمّا الدليل الأول: وصف ما يحدث لمن يقوم بالرّبا، ذلك قوله “الذين يأكلن الرّبا “إلى أن يقول “ذلك أنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا”؛ وذكر الطبري أقوالًا مختلفة عند شرح المراد من الكلام منها ما قاله سعيد بن جبير: “يبعث آكل الرّبا يوم القيامة مجنونًا يخنق”)٣٤) كذلك ذكر كلام قتادة: “وتلك علامة أهل الرّبا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان”(٣٥).
أمّا الدليل الثاني: فجاء في قوله جل وعلا: ﴿ومن عاد فأولئك أصحاب النَّار هم فيها خالدون﴾.
فإنّ في ذلك تأكيد أنّ هذا الفعل مؤدي بالنتيجة إلى النَّار والخلود فيها، بسبب قبح هذا الفعل، مع التنبه إلى أنّ الخلود يكون في حال عدم وجود استثناء بسبب الإيمان(٣٦).
إنّ حقيقة الإنسان في العالم الآخر تجسيد لأعماله في هذا العالم، فيحتمل أن تكون هذه الآية إشارة إلى المعنيين، أي أنّ الذين يقومون في الدنيا قيامًا غير متعقل، وغير متوازن يخالطه اكتناز جنوني للثروة سيحشرون يوم القيامة كالمجانين(٣٧). فالإنسان المبطال الأكول يسمن بإفراط وبغير حساب، كذلك المرابون الذين يسمنون بالمال الحرام لهم حياة اقتصاديّة مريضة تكون وبالًا عليهم)٣٨).
الدليل الثالث من القرآن: قال تعالى: ﴿يمحق الله الرّبا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفّار أثيم﴾. إلى قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَـٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾)٣٩).
لقد استخدم الأسلوب القرآني “والله لا يحبُّ كلّ كفار أثيم” إنّ الله ينفي حبّه لمن يقوم بذلك ووصفه أنّه كافر أثيم، فهذا سبب وجيه لمن يرابي أن يمتنع عن ذلك لكي لا يستحق كره الله له.
واستخدم التّعبير القرآني كفّار، وهي صيغة مبالغة من الكافر؛ ففي ذلك مبالغة في الجحد بنعمة الله، وأنّه استغل ما بين يديه للوصول إلى مال بطريق غير مقبول، عوضًا عن التحلّي بصفة المؤمن الراضي القانع بالرزق الحلال، فقد وصف الله لهذا الكفر أنه أثيم، وهي صيغة مبالغة كذلك من الآثم؛ وهي تحتوي على جميع ما يحصل عبره أذى في النّفس أو المال أو غيرهما)٤٠).
أمّا الدليل الرابع: فقال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرّبا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُواْ النَّار الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين﴾(٤١)، وقد جاء القول إن معظم الأفعال الكبائر، وأظهر كتاب الله أنّها مخالفة للإيمان وأكد ذلك في غير موضع، وإذا تتبعنا الأقوال التي قيلت في تحريمها فهي أقل من ذلك، من ذلك تحريم الزنا والخمر، ولعب القمار، وظلم الآخرين والافعال العظيمة في السوء مثل القتل، فجميع ما سبق أقل لهجة من الرّبا(٤٢).
وقال الطبري إن الله تعالى يعني بذلك لا تأكلوا الرّبا بعد أن أصبحتم في دين الإسلام، مثل فعلكم في عصر الجاهلين(٤٣) إذ إنّ مضاعفة الرّبا فيه قهر للمدين وإذلاله، لأنّ فيها أكل مال بغير حقّ وتحميله ما لا يطيق، وفي المضاعفة ظلم مضاعف، فينتهك الدائن حرمة ماله من دون عناء يذكر مقابل زمن متجدد الدين غالبًا، سيعجز المدين المغلوب على أمره على السّداد، بل سيقع فريسة العبوديّة، أو بيع ممتلكاته حتى يتخلص من هذا الفحش في التّعامل المالي بين الناس؛ لذا كان التّوجيه القرآني هو الدّاعي للتقوى لعل ذلك يكون سببًا للفلاح عند الله.
الدليل الخامس: ما يقوله جل جلاله في سورة الروم المكية، ﴿وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال النّاس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من الزكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون﴾)٤٤).
فقد زهّد الله تعالى في الرّبا، وبيّن أنّه عمل مقتصر أثره في الزّيادة الظاهريّة على الحياة الدّنيا، من دون أن يستمر ذلك النّمو والرّبح إلى دار الآخرة، بل هو منقطع مقصور على الدنيا، وأعطى البديل النافع وهو الزكاة التي فيها نمو للمال في عالم الدّنيا، والثّواب في عالم الآخرة. وهذه الآية من الآيات التي لم تتعرض لعقاب الرّبا، بل هي متصدّية ابتداءً، وفي الدرجة الأولى لبيان المضار الماديّة له من الانقطاع وعدم الاستمرار فقط، وهي نظير ما ورد في حرمة الخمر من التدرج في بيان الحكم من نفي المنافع منه، ثم بيان أنه رجس، ثم الأمر بعدم الاقتراب منه عند الصلاة، ثم الأمر باجتنابه مطلقًا(٤٥).
وهكذا، إنّ الأسلوب القرآني المستخدم في التّعبير عن مسألة الرّبا فيه كثير من التّهديد والوعيد، وقد جاء نهي قاطع عن هذا الفعل، وعدّه من الذّنوب التي لا تغتفر.
المطلب الثاني: حرمة أكل مال اليتيم
جاءت بعض الآيات الّتي تحثّ على جبر خاطر اليتيم، مع الحرص على العناية بالجانب المادّيّ، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا﴾(٤٦). في السِّياق نفسه يأتي دليل آخر، يؤكّد الله جلّ في علاه على كيفيَّة التَّعامل مع اليتيم، في قوله تعالى ﴿فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ﴾)٤٧). وقد استخدم الله سبحانه (فأمّا) الّتي تعني مهما يكن من شيء، قرن جوابها بالفاء، وقُدّمت كلمة اليتيم للاهتمام بشأنه(٤٨). أمَّا عند تفسير بعض العلماء، فقد رأوا أنَّه من طرق قهر اليتيم عبوسة الوجه أمامه. فيما القهر المقصود هنا هو القهر العامّ، ويدخل فيه كلّ أنواع القهر(٤٩). “وكان من أوامر الله جلّ علاه لرسول الله محمّد عليه أفضل الصّلوات، فكما كنت يتيمًا يا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، أي لا تذلّه، بل طيّب خاطره وأحسن إليه، وتلطّف به، واصنع به كما تحبّ أن يُصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهره وتقريعه(٥٠)، أي لا تقهره على عمل لا يقدر عليه، ولا عن ماله بأن تأكله، ولا عن عرضه وحرمته بأن تهينه، وكلّ قول أو فعل فيه إساءة لليتيم فهو قهر، لأنّه لا يقدر عليك”(٥١). في سياقٍ متَّصل قال تعالى ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾(٥٢).
يرى سيّد قطب أنّ في هذا القول يأخذ الإسلام بيد الضّمير الّذي زرعه الله سبحانه داخل البشر، ليدافعوا عن كلمة الحقّ والعدل، وعلى هدى من الاعتصام بالله وحده ومراقبته. وفي ذلك ربط من الله عزَّ وجلَّ بين العبادة والمعاملة، في أنّها كلّها من مقوّمات هذا الدّين، المرتبطة كلّها في كيانه الأصيل، فمن عهد الله سبحانه قول النّاس لليتيم كلمة الحقّ والعدل(٥٣).
إنّ الإسلام دين العدل والمساواة، يأخذ بأيدي الضّعفاء ويرفعهم، ويهتمُّ ببنائهم نفسيًّا وجسديًّا لتكون شخصيَّاتهم متوازنة.
المبحث الثالث: التّشريعات الخاصة بالعلاقات السياسيّة
تميّزت الدعوة الإسلاميّة عن غيرها بشمولها زمانيًّا ومكانيًّا، فالإسلام منهج يتلاءم مع الطّبيعة البشريّة في خصائصها، وإمكانياتها سواء أكانت هذه الطّبيعة في الفرد أو الأسرة أو في المجتمع. لقد شملت أنظمة الإسلام نواحي الحياة المختلفة، ومتطلّبات المجتمع الإنساني فلم تقتصر تعاليمها على المناحي الاعتقاديّة والتّعبدّيّة فقط، وإنّما اتّسعت لتشمل المجال السّياسيّ، والاجتماعي، والاقتصاديّ، ونظم التّربية والقضاء والأخلاق. لقد أراد الإسلام إقامة حياة إنسانيّة سامية يتحرّر فيها العقل من الخرافات والأوهام، وقد نظّم الإسلام حياة المجتمع، وشمل تنظيمه مختلف الجوانب، فمن الجانب السّياسي يُعد الحكم في الإسلام قضاء ومسؤوليّة، ورئاسة الدّولة في المجتمع المسلم لا تمنح صاحبها حقًّا غير عادي فوق حقوق أي فرد من جمهور المواطنين، ولا تعطيه قداسة أو حصانة إلهيّة، وإنّما تجعله واحدًا منهم غير أنّه أثقلهم حملًا. من هنا يناقش المبحث الحالي التّشريعات المتعلقة بتنظيم العلاقات السياسيّة في مجتمع سادت فيه العلاقات الجاهليّة، وفق مطلبين:
المطلب الأول: وجوب الحكم بما أنزل الله
كانت الأعراف الجاهليّة تخالف ما جاء في الشّريعة؛ ولذا لوجب الله تعالى نسيان كل ما كان، واتباع أحكام الله تعالى، كما نجد في قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الجاهليّة يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾(٥٤).
أفيطلبون بتوليهم وإعراضهم عنك حكم الجاهليّة، وهو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله. فلا حكم إلّا حكم الله ورسوله أو حكم الجاهليّة. فمن أعرض عن الأول ابتُلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهليّة، وأمّا حكم الله تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنّور والهدى. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ْ فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز – بإيقانه – ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنّه يتعين -عقلًا وشرعًا- اتباعه واليقين، هو العلم التام الموجب للعمل.(٥٥)
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾(٥٦). وقد قال في ذلك العلامة السعدي: “﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ من أصول دينكم وفروعه، مما لم تتفقوا عليه ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ يرد إلى كتابه، وإلى سنة رسوله، فما حكما به فهو الحقّ، وما خالف ذلك فباطل ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ أي: فكما أنه تعالى الربّ، الخالق، الرازق، المدبر، فهو تعالى الحاكم بين عباده بشرعه في جميع أمورهم“(٥٧).
قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾(٥٨)، وفي ذلك قال العلامة السعدي: “﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ﴾، وهم علماؤهم ﴿وَرُهْبَانَهُمْ﴾ أي: من تجرّد لكي يعبد الله ﴿أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يسمحون بما هو حرام، ويمنعون ما هو حلال في أساسه، يتّبعون شريعة لا ترضي الله، ومن ثم يأخذون كلام الأنبياء فيفعلون عكسها، ويتبعون ما يقوله قائدهم من دون تفكير أو وعي، حتى لدرجة أنهم يعظّمون قدرهم، ويقدسونهم في حياتهم ومماتهم ليتبركوا بهم”(٥٩). في هذا السيّاق، نرى أنّ الأسلوب القرآني لا يقبل اتباع المسلمين أي فعل أو أمر يوحي بالجاهليّة والقبليّة؛ لذا جاء النهي عن ذلك في كل وقت.
المطلب الثاني: حرمة التنازع والاختلاف بين المسلمين
ركز القرآن الكريم على حرمة التّنازع بين المسلمين وعلى حرمة الاختلاف، وقال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾(٦٠) ربما كان هناك بعض المعترضين والمنافقين الذين يقولون إنّ الإسلام كلّه دين حرب، وشعاره الحرب حتى يقوم على دولته ومؤسسته الفكريّة والدّينيّة، هؤلاء كلامهم كله هراء بهراء، لأنّ شخصية الإسلام واستقلاله الشّخصي لها حدود وضوابط وأركان وليست بهذه السّهولة؛ فكل شيء عندها بقدر ومقدار وتنظيم، فقتال المشركين في أسس وتنظيمه ممنوع في كتاب الله في الأشهر الحرم، فهذا نابع من النّظم الإسلاميّة والضوابط الإسلاميّة في استقلالية المجتمع الإسلامي.
قال الله تعالى:﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ]التوبة:5[، إنّ التّفسير السائد الذي أخذ منها بقتل المشركين أينما وجدوا؛ فإنّه تفسير مبني على قطع الآية عن سياقها وموقعها في القرآن، وتفصيل ذلك كالآتي: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ، وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ، فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.(٦١)
كما أنّ الله سبحانه وتعالى يدعو المؤمنين جميعًا إلى عدم التّعامل مع المشركين، والكفار ولا حتى قبول أوامراهم أو إطاعتهم، لأنّ ذلك يؤدي إلى فشل التّشبث بالدّين الحنيف الصحيح و بالدين الإسلامي، فنحن نحارب الكفار، ولا يجب علينا أن نطيع أي شخص منهم كائنًا من كان و في أي مسألة أو أي موضوع، قال الله سبحانه وتعالى في هذا المجال في كتابه العزيز: ﴿فاصبر لحكم ربّك ولا تطع منهم آثماً أو كفورًا﴾(٦٢) ، فالتّعايش هو الحياة المشتركة مع الآخرين التي تحتاج من الأطراف جميعها فيها القبول بالتّعايش الذي يسود فيه العدل والمساواة؛ أي تسامح فيما اختلف فيه لدى الأطراف، واحترام متبادل من كلّ طرف للطّرف الآخر”(٦٣) بمعنى آخر هو اتّفاق وقبول أخلاقي، وتصالح بين النّاس في تعاملهم ومعاملاتهم أينما وُجِدوا في الزّمان والمكان نفسيهما، أو هو أن تعيش مع الآخرين بقبول وسلم سواء أكانوا موافقين لك أم مخالفين من دون أن يتعرّض أحدهما للآخر، إذ التّعايش للمخلوقات كافّةً، وكلّ شيء يُعاش به أو فيه فهو معاش، فالنّهار معاش والأرض معاش للخلق يلتمسون فيه معايشهم. المراد بالتّعدّد في هذا المطلب هو التعدّد الثّقافي أو العرقي أو الدّيني أو الفكري في المجتمع الإسلامي، بوصفه مقوّماً من مقوّمات الحالة المدنيّة في المجتمع، وقد تعرّض القرآن الكريم لهذا النّوع من التّعدّد والاختلاف، فقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾(٦٤) فاختلاف لغات البشر ألوانهم وأعراقهم من آياته تعالى في قدرته على الخلق والإبداع، ولا يمنح أي اختلاف فضلًا أو مزية تميّز فردًا عن آخر، فالخلق سواسية أمام خالقهم، فالتّفاضل للعبد عند ربّه يكون بتقواه ومحاسن أخلاقه، وغير ذلك.
لقد أثبت الإسلام أنّه قادر على إرساء قيم التّسامح والتّعاون والتّراحم، وأي قيمة أخرى لا تنفك البشريّة في الاحتياج لها، وذلك من خلال إقراره لقواعد كليّة عامّة مع إحالة تفاصيلها إلى عرف النّاس وطباعهم، ومراعاة اختلاف بلدانهم وأزمنتهم، ويقول ابن القيّم الجوزيّة في ذلك: “ومن أفتى النّاس بمجرّد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم، وأزمنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلّ وأضلّ، وكانت جنايته على الدّين أعظم من جناية من طيب النّاس كلّهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم”(٦٥).
الخاتمة
حاولت الدّراسة الحاليّة أن تُظهر أثر التّشريعات القرآنيّة في تحوّل المجتمع من مجتمع جاهليّ إلى مجتمع متحضر منفتح، له قوانينه وأعرافه التي تنظم العلاقات داخله، وبناء على ذلك توصّل البحث إلى عدد من النتائج؛ أبرزها:
- إنّ تعريف السّنن في الاصطلاح يقتصر على سنة النّبي، وكل ما قبل الإسلام لا يُعد من السّنن، ولذا يكون المعنى المراد هو المعنى اللغوي أنّ السُّنّة هي الطريقة والعادة التي كانت منتشرة في الجاهليّة والقبلية قبل الإسلام، أمّا الجاهليّة فهي العصر الذي سبق مجيء الإسلام وانتهى بقدومه.
- وضع القرآن الكريم تشريعات كثيرة تتعلق بالعلاقات الاجتماعيّة؛ منها ما هو متعلق بتحريم كل ما له علاقة بالفواحش وكذلك وتحريم الزنا.
- اعتنى القرآن بشكل كبير في حماية العلاقات الماليّة بين الناس، ولذلك نجد الأنظمة في هذا الجانب جاءت بلهجة شديدة التّوعد والتّحذير؛ مثل تحريم الرّبا وأكل أموال النّاس بالباطل وعد هذا الفعل من الكبائر، وكذلك التّشديد في حق المستضعفين مثل حقّ اليتيم، وماله.
- ألغى القرآن الكريم الأعراف جميعها المتعلقة بالتبعية للقائد؛ يعد الحكم في الإسلام قضاء ومسؤوليّة، ورئاسة الدّولة في المجتمع المسلم لا تمنح صاحبها حقّاً غير عادي فوق حقوق أي فرد من جمهور المواطنين، ولا تعطيه قداسة أو حصانة إلهيّة، وإنّما تجعله واحدًا منهم غير أنّه أثقلهم حملًا، كذلك أمر المسلمين بوجوب الحكم بقوانين الله لا بقوانين البشر، ومنعهم من التّنافر.
التوصيات
- توصي الدّراسة بمزيد من الدراسات المتعلقة بالتّشريع القرآني؛ لأنّ تشريعاته متجددة ولا تنتهي بانتهاء الزمان.
- ضرورة بيان السّنن الجاهليّة والعادات المرفوضة والتي لها جذور بالواقع المعاصر وبيان الموقف القرآني منها.
الهوامش
- الجوهري، الصحاح، ص ١١٣. وابن منظور، لسان العرب، ١٣/ ص ٢٢٦.
- الشاطبي، أبي إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشّريعة، بشرح عبدالله دراز، نشر المكتبة التجارية الكبرى، مصر، 4/3-7.
- العاني، د. عبد القهار- زيدان، د. عبد الكريم (1980)، علوم الحديث، ص 15.
- الجوهري، الصحاح، ص 49.
- ابن الجوزي، كشف المشكل، ٢/ ٣٧٥.
- ابن عاشور، الإمام محمد الطاهر. (2000). التحرير والتنوير، لبنان: مؤسسة التاريخ، ط 1، ج 26. ٢٢/ ١٣.
- الزّمخشري، جار الله أبي القاسم محمود بن عمر (د.ت)، الكشّاف، تح: عادل عبد الموجود، وعلي محمد معوض، الرياض مكتبة: العبيكان، ٣/ ٥٣٧.
- ينظر:: علي، جواد. (١٩٧٩). المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (ط١)، دار العلم للملايين، بيروت، ص ٤٢.
- سورة النساء، الآية ١٤٨- ١٤٩.
- السعدي عبد الرحمن بن ناصر (٢٠٠٠) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، مؤسسة الرسالة ، بيروت، ط١ ، ص ١٩١
- سورة الروم، آية ٤١.
- الطبري، محمد بن جرير (د.ت) معاني التنزيل، مؤسسة الرسالة، ج.١٢/ ص ١٥٢
- سورة النور، الآية ١٩.
- ينظر: الطبري: جامع البيان ، ١٨/ ٩٩.
- سورة القصص ، الآية ٥٥
- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله ( ١٩٩٨): : أساس البلاغة، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، ص ٥٦٨.
- ينظر: الطبري: تفسير الطبري، ٢٠/ ١١٣.
- الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد (١٤١٢ه) معجم ألفاظ القرآن، المحقق: صفوان عدنان الداودي الناشر: دار القلم، الدار الشامية – دمشق بيروت الطبعة: الأولى، ص ١٠٠.
- ابن ابي الحديد، (1967) شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب التّراثيّة، قم، ج18، ص 130.
- سورة النور: 27.
- سيد قطب، في ظلال القرآن، ط. 26، دار الشروق، القاهرة، 1418ه/ 1997م، ج 4 ص 2807 – 2808.
- سورة النور: 30 – 31.
- سيد قطب، في ظلال القرآن، مصدر سابق، ج 4 ص 2511 – 2512.
- سورة الفرقان، الآية ٦٨.
- ينظر:: الزمخشري، جار الله (د.ت) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لبنان: دار إحياء التراث العربي، ت: عبد الرزاق المهدي، 3 /214.
- سورة النساء، الآية ٢٥.
- سورة الأنعام، الآية ١٥١.
- القرطبي، (د.ت) الجامع لأحكام القرآن، القاهرة: دار الشعب، ٥/ ١٤٣.
- ينظر: الطبطبائي، تفسير المرزان، ١٣/ ص ٨٨.
- سورة النساء، الآية 160-161.
- الطبرسي. (١٤١٥ه– ١٩٩٥م) مجمع البيان، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، ط ١، سنة الطبع: ج 3، ص 34.
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن :3/ 348.
- سورة البقرة، الآية 275
- الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 3/ 103.
- الطبري، تفسير الطبري: 3/ 103.
- الطبري، تفسير الطبري: 3/ 105.
- ينظر: العياشي، أبي النظر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي (د.ت) تفسير العياشي، وقف على تصحيحه وتحقيقه والتعليق عليه الفاضل المتتبع الورع الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي تصدى لطبعه ونشره السيد الجليل الحاج السيد محمود الكتابچي وأولاده صاحب المكتبة العلمية الإسلاميّة، طهران: سوق الشيرازي، ج 1، ص 251.
- الشيرازي، ناصر مكارم. (1426) تفسير الأمثل، نشر مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، الطبعة الأولى، التصحيح الثالث، ج 2، ص 336.
- سورة البقرة، الآيات: 276- 278
- الطبري، جامع البيان 3/ 107.
- سورة آل عمران، الآيتان: 130 – 131.
- السيّد الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 2، ص 409.
- الطبري، جامع البيان، 7/ 204.
- سورة الروم، الآية 39.
- ينظر:: بحر العلوم، عزّ الدين. (1405ه). اليتيم في القرآن والسُّنّة، لبنان: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، ص
- سورة النساء، الآية: 10.
- سورة الضحى، الآية: 9.
- ينظر:: ابن عاشور، التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج31، ص 401.
- ينظر:: الشّنقيطيّ، محمّد الأمين بن محمّد بن المختار. (د.ت). أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ضبطه وخرّج أحاديثه: محمّد عبد العزيز الخالديّ، لبنان: دار الكتب العلمية، ج8، ص 564.
- ينظر: ابن كثير، أبو الفداء الحافظ الدّمشقيّ. (1992). تفسير القرآن العظيم، كتب هوامشه وضبطه: حسين بن إبراهيم زهران، المملكة العربيَّة السَّعوديَّة: المكتبة التّجاريّة، ج 9، ص 427.
- ينظر: أطفيش، محمّد بن يوسف. (2011). تيسير التفسير، الجزائر: دار التوقيفية، ج 3، ص 246.
- سورة الأنعام، الآية: 152.
- ينظر: سيّد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج 8، ص 1233.
- سورة الأعراف، الآية: 31.
- سورة المائدة، الآية: 50.
- ينظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج٣/ ٨٨٧.
- سورة الشورى، الآية: 10.
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 887.
- سورة التوبة، الآية: 31.
- سورة البقرة، الآية: 191.
- سورة التوبة: الآيات: 1-5.
- سورة الإنسان: الآية 28.
- المبارك، هاني، أبو خليل، شوقي. (1424ه – 2004م) الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط2، ص 12 – 14.
- سورة الروم، الآية: 22.
- ابن القيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، مج4، ص470.
المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
- ابن الجوزي: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (د.ت).كشف المشكل من حديث الصحيحين، المحقق: علي حسين البواب، دار الوطن – الرياض.
- الجوهري، أبو النّصر إسماعيل بن حماد (2009م)، الصّحاح (تاج اللّغة و صحاح العربيّة)، راجعه واعتنى به: دكتور محمد محمّد تامر، أنس محمّد الشّاميّ، زكريّا جابر أحمد، القاهرة: دار الحديث.
- الزّمخشري، جار الله أبي القاسم محمود بن عمر (د.ت)، الكشّاف، تح: عادل عبد الموجود، وعلي محمد معوض، الرياض مكتبة: العبيكان.
- السعدي: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (١٤٢٠هـ -٢٠٠٠م)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى.
- الشيرازي، ناصر مكارم. (1426) تفسير الأمثل، نشر مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، الطبعة الأولى، التصحيح الثالث.
- شعبة التبليغ في قسم الشؤون الدينية (2014) الرّبا، مراجعة: شعبة التبليغ في قسم الشؤون الدينية، نشر العتبة العلوية المقدسة، ط 1،.
- الطبرسي ( ١٤١٥ – ١٩٩٥ م) مجمع البيان، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، ط ١.
- الطبري أبو جعفر، محمد بن جرير (د.ت) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، مكة المكرمة: دار التربية والتراث – مكة المكرمة.
- ابن عاشور، الإمام محمد الطاهر (2000). التحرير والتنوير، لبنان: مؤسسة التاريخ، ط 1.
- العاني، د. عبد القهار – زيدان، د. عبد الكريم (1980)، علوم الحديث، العراق: جامعة بغداد.
- العزيزي، محمد رامز عبد الفتاح (٢٠٠٤). تحريم الرّبا في الإسلام في الديانتين اليهودية والمسيحية، عمان: دار الفرقان للنشر والتوزيع.
- ابن عطية (١٩٩٣). المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام محمد، لبنان: دار الكتب العلمية، ط ١.
- الفيض الكاشاني (١٤١٦)، التفسير الصافي، مؤسسة الهادي – قم المقدسة الناشر: مكتبة الصدر – بطهران، الطبعة: الثانية.
- القاسميّ، محمّد جمال الدّين (-1957م)، محاسن التّأويل، وقف على طبعه وتصحيحه، ورقّمه وخرّج آياته، وعلّق عليه: محمّد فؤاد عبد الباقي، القاهرة : دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة، ط ١.
- علوان، عبد الله ناصح. (1985م) هذه الدعوة ما طبيعتها، بيروت: دار السلام، ط1.
- قرائتي، الشيخ محسن. (٢٠١٤) تفسير النور، لبنان: دار المؤرخ العربي، ط ١.
- القرضاوي، يوسف. (د. ت.)، الخصائص العامة للإسلام، القاهرة: مكتبة وهبة.
- القرطبي، (د.ت) الجامع لأحكام القرآن، القاهرة: دار الشعب.
- ابن قيم الجوزية: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين (١٤١١هـ – ١٩٩١م)، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الأولى.
- العياشي، أبي النظر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي (د.ت) تفسير العياشي، وقف على تصحيحه وتحقيقه والتعليق عليه الفاضل المتتبع الورع الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي تصدى لطبعه ونشره السيد الجليل الحاج السيد محمود الكتابچي وأولاده صاحب المكتبة العلمية الإسلاميّة، طهران: سوق الشيرازي.
- الكلبي، ابن جزي (1983). التسهيل لعلوم التنزيل، لبنان: دار الكتاب العربي، ط ٤، ج١/ ص ١٣٥.
- المبارك، هاني، أبو خليل، شوقي. (1424ه – 2004م،) الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط2.
- ابن محمد، أبو حذيفة. الأدب مع الله عز وجل، دار الصحابة للتراث، ١٩٩٠م.
[1]– طالب دكتوراه في علوم القرآن والحديث، كلية الإلهيات ومعارف أهل البيت عليهم السلام، جامعة أصفهان، إيران.
PhD student of Quranic sciences and hadith, Faculty of Theology and Ahl al-Bayt Studies, University of Isfahan, Iran. Email :wasm0312@gmail.com
[2]– الأستاذ المشارك، قسم علوم القران والحديث، كلية الإلهيات ومعارف أهل البيت عليهم السّلام، جامعة أصفهان، إيران.
Associate Professor, Department of Quranic sciences and hadith, Faculty of Theology and Ahl al-Bayt Studies, University of Isfahan, Iran. (Responsible author) Email: m.sotudeh@ltr.ui.ac.ir