عنوان البحث: سيميائيّة المكان في المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة) للقاصّ اللبناني علي حجازي
اسم الكاتب: حسین مهتدي
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFسيميائيّة المكان في المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة) للقاصّ اللبناني علي حجازي
Semiotics of place in the short story collection (The Setting Eyes) by the Lebanese writer Ali Hijazi
Hossein Mohtadi حسین مهتدي[*]
تاريخ الإرسال: 13-9-2024 تاريخ القبول: 25-9-2024
الملخص
السّيميائيّة هي علم يدرسُ الإشارات أو العلامات وعلائقها المتداخلة، ووظائفها الدّاخلية والخارجيّة التي تؤلف بنيتها الخاصّة ضمن الحياة الاجتماعيّة، وقد شاع استخدامها بعدِّها علمًا للإشارات على يد سوسير، وبيرس اللذين عدّا النصّ هو آلة لغويّة ليس من السّهل التحكم بها، وإنّما علينا أن نترك لأجزاء النص وما فيه من علامات متّسعًا من الحوار، والجدل والتّفاعل الدّاخلي الذي يتكشّف عن وجود طرق مختلفة للإبلاغ والتّوصيل والتّعبير، وهذا يتحقق إذا جُمع بين تحرير النّص وتحرير مخيّلة القارئ، فهما اللذان يجعلان من النّص نصًّا تعدديًّا قابلًا لتوليد المعاني. فقد قام الباحث في دراسته هذه بدراسة (سيميائيّة المکان في المجموعة القصصيّة “العيون الغاربة” لعلي حجازي) كون العنوان يُعد أحد أبواب الدّراسات النّقديّة التي عُنِي بها النقاد، وجعلوها الرّكيزة الأساسية في دراساتهم النّقديّة الحديثة وخاصة سيميائيّة العلم الذي يتناول العلامات الدّلاليّة والتّعبيريّة داخل النّص القصصي. النتائج المهمّة التي توصل إلیها الباحث هو: تمكن الكاتب في مجموعته من إعطاء البعد الجغرافي مساحة واسعة في نصوصه، إذ أبدع في وصف المكان الجغرافي وكان له صدى واسعًا في نصوصه. ومن خلال هذه المجموعة القصصیّة يظهر انعكاس المكان في حياة الكاتب علي حجازي، وإن ما نجده في المجموعة تروي شخصيّة الكاتب حبّه للأرض، فنجد فيه حوار بين الطبيعة، وبين الشّاعر تناغم موسيقي يدلّ على تأثره في المكان الذي ينتمي إليه. تظهر حركة الشّخصيات ضمن الانغلاق فهي تنحصر ضمن هذه الحدود والتي تكون حدود معينة، بما تسمح به هذه المساحة، كالبيت والعربة والقبو والمهاد وغيرها، حيث يستعين بالأماكن المغلقة في نصوصه، مبينًا أهمّيّة المكان ودوره في حياة الإنسان. استخدم الباحث في مقالته هذه من المنهج السيميائي الذي يقوم بدراسة اللغة بوصفها نسقًا من الإشارات والرموز، ويعتمد القراءة المفتوحة التي تضع النصّ أمام قراءات متعددة.
الکلمات المفتاحیة: السّیمیائیّة، المکان، العیون الغاربة، علي حجازي.
Abstract
Semiotics is a science that studies signs or symbols and their interconnected relationships and internal and external functions that compose their special structure within social life. It was widely used as a science of signs by Saussure and Peirce, who considered the text to be a linguistic machine that is not easy to control. Rather, we must leave room for dialogue, debate and internal interaction for the parts of the text and the signs in it, which reveal the existence of different ways of reporting, communicating and expressing. This is achieved if the editing of the text is combined with the editing of the reader’s imagination, as they are the two that make the text a pluralistic text capable of generating meanings. In this study, the researcher studied (the semiotics of place in the short story collection “The Setting Eyes” by Ali Hijazi), as the title is one of the chapters of critical studies that critics have been interested in and have made the main pillar in their modern critical studies, especially the semiotics of the science that deals with semantic and expressive signs within the short story text. The most important results reached by the researcher are: Ali Hijazi was able in his collection of short stories (Sunset Eyes) to give the geographical dimension a wide space in his texts, as he excelled in describing the geographical place and had a wide echo in his texts. Through this collection of short stories, the reflection of the place in the life of the writer Ali Hijazi appears, and what we find in his collection of short stories (Sunset Eyes) tells the character of the writer his love for the land, as we find in it a dialogue between nature and the poet, a musical harmony that indicates his influence in the place to which he belongs. The movement of the characters appears within the closure, as they are confined within these borders, which are specific borders, with what this space allows, such as the house, the cart, the cellar, the cradle, and others, as Ali Hijazi uses closed places in his collection of short stories (Sunset Eyes) in his texts, indicating the importance of the place and its role in human life. In this article, the researcher used the semiotic approach, which studies language as a system of signs and symbols, and relies on open reading that places the text in front of multiple readings.
Keywords: Semiotics, place, sunset eyes, Ali Hijazi.
1. المقدمة
إنّ السّيميائيّة هي علم حديث النشأة، فلم نجده ظاهرًا إلّا بعد أن جاء العالم السويسري فرنارد دي سوسَير، إذ قام بوضع أصول اللسانيّات منذ بداية القرن العشرين، فمن خلاله حققت السّيميائيّة قفزة نوعيّة في الدّراسة السّرديّة، إذ نجدها قد بنيّت على أساس استنباطي وافتراضي، فالسّيميائيّة هي ذاك العلم الذي يدرسُ الإشارات أو العلامات وعلائقها المتداخلة، ووظائفها الدّاخليّة والخارجيّة التي تكون بنيتها الخاصّة من خلال الحياة الاجتماعيّة والذي قد ذاعَ استخدامها، بعدِّها علمًا للإشارات على يد سوسير، وبيرس اللذين عدّا النصّ هو آلة لغويّة ليس من السّهل التحكم بها وإنما علينا أن نترك لأجزاء النّص وما فيه من علامات متّسعًا من الحوار، والجدل والتّفاعل الدّاخلي الذي يتكشّف عن وجود طرق مختلفة للإبلاغ والتعبير والتّوصيل، وهذا يتحقق إذا جُمع بين تحرير النص وتحرير مخيّلة القارئ، فهما اللذان يجعلان من النص نصًّا تعدديًّا قابلًا لتوليد المعاني.
ومن خلال هذه الدّراسة فإنّنا نسعى إلى الاستعانة بالسّيميائيّة، وأدواتها الإجرائيّة التي تمنح الدارس إمكانيّة رصد المعاني الكامنة داخل النصّ ودلالاتها ورموزها، وتمكنه من الغوص في أعماقه، وتساعده على دراسة السّلوك الإنساني وما يشكله من أفعال وتصرّفات وطقوس، ومظاهر اجتماعيّة، وأنساق فكريّة وثقافيّة، وقد وقعَ اختيارنا على المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة) لعلي حجازي، لكشف دلالاتها وفكّ رموزها، واستنباط الوظائف السّرديّة المتعددة والمتنوّعة لشخصيّات هذه المجموعة القصصيّة. إذ تتميّز هذه المجموعة بثرائها الفكريّ والثقافيّ واللغويّ، واللغة فيها تتمظهر في ردود أفعال وأقوال الشخصيّات، والحالة التي تؤول إليها ذواتهم، تحذوهم في ذلك هواجس تحقيق النزعات والرّغبات، وتعدد الأصوات دليل قاطع على التّعدد اللغويّ داخل هذه المجموعة القصصيّة، وقد رافق تعدد الأصوات هذا تعدد الأزمنة والأمكنة، وتعدد المضامين والمواضيع.
- أسئلة البحث
علی ضوء كل هذا يمكننا صياغة الإشكاليّة في السؤال الآتي:
کیف تمكننا السّيميائيّة بالفعل من فكّ شيفرات المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة)؟
ما هي المظاهر السیمیائیّة المهمّة للمکان في المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة)؟
1-2. الدّراسات السّابقة: على الرّغم من وجود دراسات سابقة تخصّ السّيميائيّة بشكل عام؛ كـ (السّيميائيّات وعلم الأسطورة مقال حول مقاربة نظرية) لبوراس عبد الخالق، و (القصائد السياسية لنزار قباني – دراسة سيميائيّة) لنبيلة تاوريريت وهي رسالة دكتوراه، و (سيميائيّة العنوان في المجموعة القصصيّة من قاع النسيان) لعبد الله النّصر، إلّا أنّ هذه الدّراسات لم تختصّ بالمجموعة القصصيّة (العيون الغاربة)، فقد قلّت الدّراسات حولها بشكل عام، وكانت مجموعة من القراءات السّطحيّة فقط التي تبتعد من السّيمياء في مضمونها.
1-3. منهجیّة البحث: في سبيل فكّ رموز هذا العمل الإبداعي اعتمدنا على المنهج السّيميائي الذي يقوم بدراسة اللغة بوصفها نسقًا من الإشارات والرّموز، ويعتمد القراءة المفتوحة التي تضع النصّ أمام قراءات متعددة.
- التعریف بالکاتب: وُلِد علي حجازي العام 1951 م، وهو کاتب لبناني من جبل عامل وأستاذ جامعي، ناقد وباحث في القّصة والرّواية وفي الأدب الشّعبي والتراث وأدب المقاومة وأدب الأطفال. عاش في کنف عائلة کادحة، وبيئة محرومة ومهملة، عايش النّکسات العربيّة، والاعتداءات الإسرائيليّة علی وطنه، بالإضافة إلى الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وقد ساعدته هذه الحياة علی امتلاك روحية وطنیّة عالية، التزم فيها الأدب العاملي المقاوم بوصفه خطًّا أول. کتب قصص الصمود والصراع مع العدو الإسرائيلي، وأبرز بطولات المقاومين، وأخذت عليه المشاعر والأحاسيس التي عاشها مأخذ التّعبير الصّارم والجريء عن الواقع الاجتماعيّ المتردّي والحياتي القاسي في مجتمعه ووطنه، فانتهج منهجًا اجتماعیًّا إنسانيًّا في حياته، وآخر وطنيًّا نضاليًا، وثالثًا قوميًّا عروبیًّا، تجلَّت جميعها من خلال مواقفه الإنسانيّة والحياتيّة، وفي مسيرته الأکاديمية. في مسيرته الأکاديميّة ظلّ حجازي مثابرًا علی تحصيله العلميّ، فانتسب إلی الجامعة اللبنانيّة، وتخرّج فيها حائزًا شهادة الليسانس الإجازة التّعليميّة في اللغة العربيّة وآدابها، ثمّ نال شهادة الماجستير من جامعة القديس يوسف التي أعدّ فيها رسالة عنوانها “الشيخ علي مهدي شمس الدّين العاملي، في حیاته وأدبه، دراسة وتحقيق”، وحصل علی شهادة الدکتوراه من الجامعة نفسها في العام 1985 م، فکان عنوانها: “قبريخا دراسة فولکوريّة أدبیّة” بعدها نال ثانية من الجامعة اللبنانيّة، في العام 1996 م شهادة الدکتوراه اللبنانیّة الفئة الأولی (دولة)، وکان عنوان أطروحته: “القصة القصيرة في لبنان من العام 1900 إلی 1975 م تطورها وأعلامها”. انضمّ إلی هيئة التّدريس في الجامعة اللبنانيّة في العام 1988 م وقد توّج تحصيله الجامعي برتبة بروفيسور، وأشرف علی عدد کبير من رسائل الماستر وأطاريح الدکتوراه في اللغة العربية. تُرجم عدد من أعماله إلی الفرنسيّة والصينيّة والفارسيّة([1]). وکان عضوًا في اللجان العلمیّة، ولجنة قبول الأساتذة المرشّحین للتدریس في الجامعة، بالإضافة إلى کونه عضوًا في هیئة تحریر أکثر من مجلة أدبیّة.
- الإطار النّظري
3-1. سيميائيّة المكان
3-1-1. مفهوم المكان: يمثل المكان في النص الأدبي سندًا أساسيًّا لترابط الأحداث في العمل الروائي بل يعد هُوية النّص الأدبي الذي لا يمكن استقطاعه والاختصار به أو التنازل عنه، فيجعل من الأحداث واقعًا محتملًا وقوعه بالنسبة إلى المتلقي أو القارئ إذ يقوم بإيهامه بحقيقته التي هي أقرب إلى الواقع كما يمنح النّص مجالًا أوسع، وأجمل وأسهل لفسح المجال أمام الفكر المتخيل ليجسدها في الأحداث لتكون حقيقة” فالرّواية لابد لها من حدث، وهذا الحدث يتطلب بالضرورة زمانًا ومكانًا، إلاّ أنّ المكان الروائي هو الذي يستقطب جماع اهتمام الكاتب، وذلك لأنّ تعيين المكان في الرواية هو البؤرة الضروريّة التي تدعم الحكي وتنهض به في كل عمل تخيلي”([2])، حيث لا يعد مجرد عنصر زائد في النّص الأدبي، بل يعد في بعض الأحيان الغاية من هذا العمل بأجمعه([3])، كما نجد العمل الأدبي إذا فقد المكانيّة يفقد حينها أصالته وخصوصيته([4])، حيث يمثل المكان العنصر الفني الأساسي في الرواية أو في النّص الأدبي، كما يُعدُّ حضوره في النّص السّردي أمرًا لا بدّ منه، وهذا ما ارتكز عليه المؤلف حيث ما يفرضه هذا العنصر وترابطه بالشّخصيّة وتأثيره فيها، ويكون ذلك من خلال استعمال صفة المرونة وطغيانها على النّص الأدبي كما يضيف مساحة أوسع للأبداع والحركة فيه.
3-1-1-1. المدلول اللغوي: المكان اسم مشتق يدل على ذاته، أي ينطوي معناه على إشارة دلاليّة ممتلئة تحيل إلى شيء محجم ماثل ومحدد، له أبعاد ومواصفات، ولفظة “المكان” مصدر الفعل الكينونة، والكينونة هي الخلق الموجود، والماثل للعيان الذي يمكن تحسسة، وتلمسة”([5])، كما جيء في جذر (مَكَن)، في كون المكان والمكانة واحد، قال: «والدّليل أن المكان مفعل أنّ العرب لا تقول في المعنى هو مكان كذا وكذا إلا مفعل كذا وكذا بالنّصب، ابن سيده: والمكان الموضع وجمع أمكنة، وأماكن جمع الجمع»([6])، كما يجد ابن منظور أنّ المكان هو حس ملموس وليس حس مجردًا معنويًّا فيقول في” لسان العرب “إنّ المكان والمكانة واحد، لأنه موضوع لكينونة الشيء فيه… المكان هو الموضع”([7]). كما جاء في القرآن الكريم لفظ المكان في قوله تعالى: ﴿فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾([8]). فالمكان هو ما يدل على معنى الموضع أي كينونة وجود الشّيء وحدوثه. وجاء أيضًا في قوله تعالى: ﴿وَإذَا أُلقُوا مِنهَا مَكَانًا ضَيّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوا هُنَالكَ ثُبُورًا﴾([9]). أي الموضع الذي يحتوي الشّيء([10]).
3-1-1-2. المدلول الاصطلاحي: لقد جاء لفظ المكان في الدراسات النّقديّة المختلفة وتباين في الكتابات العربية، وقد تناولت دراسة مصطلح المكان، وفاقًا لما جاء لوجهة نظرة، ذلك لما يحمل من اختلاف لمفهومه إذ يحمل أكثر من معنى ودلالة، فنجد البعض قد يمزج مفهوم المكان بالوضع الاجتماعي للأفراد كونه: “هو المكان الاجتماعي الذي يحتوي على خلاصة التّفاعل بين الإنسان ومجتمعه”([11])، كما يرى الحكماء في المكان: هو ما يعرف بالسّطح الباطن من الجسم الذي يكون الحاوي والمماس للسطّح الظاهر من الجسم المحوي، ويجد المتكلمين: هو الفراغ المتوهّم الذي قد يشغله الجسم وتنفد فيه أبعاد([12])، كما قد اختلفت الرؤى والمفاهيم لدى الفلاسفة في ماهية المكان ووضع مفهوم اصطلاحي محدد للمكان منذ القدم، فيجد أفلاطون أنّ المكان هو الخلاء ويعده أيضًا المسافة الممتدة والمتناهية لتناهي الجسم، فعليه يكون المكان غير مستقل عن الأشياء وكذلك يتشكل من خلالها، بينما يرى أرسطو أن المكان يكون موجودًا ما دمنا نشغل حيزًا منه ويمكن إدراكه أيضًا من خلال حركة التنقل فيه من مكان إلى آخر، فالمكان يفسد بفساد الأجسام، هو عام يحوي الأجسام بكلياتها، وهو مجموعة الأمكنة الخاصة، فيجد أرسطو المكان في مفهومه موجود لا يستطيع أحد أنكاره([13])، فـ”المكان” وإن تعددت المفاهيم والرؤى واختلفت في دراسته، يجد البحراوي في المكان «مجموعة من العلاقات الموجودة بين الأماكن والوسط والدّيكور الذي تجري فيه الأحداث والشّخصيات التي يستلزمها الحدث»([14]) ، فالمكان هو الإطار الذي تجري به الأحداث ويعد أيضًا مسرحًا للحركة، فقد ظَفرَ بعدة دلالات بسبب ارتباطه بالمشكلات الأدبيّة، فالمسرح هو الحيز الذي يحتوي أحداث القصة أو هو الحيز الذي تظهر فيه الشخصيات بتحركاتها([15]).
3-1-2. المكان وما يتعلق به
3-1-2-1. أنواعه
1- المكان الخارجي: هو المكان المفتوح، أيّ المكان الذي يكون ذو سعة ورحابة، فيكون الفرد فيه إيجابي التّفاعل.
2-المكان الدّاخلي: وهو المكان الذي يكون عكس المكان الخارجي، فيكون متصفًا بالتحديد، فيمثل الغرفة المحددة وما تحتويه في داخلها من الأساسيات المكونة لها من الجدران، والسّقف والأثاث وما إلى ذلك، فتكون محملة بالدّلالة الحقيقية وما يفوقها([16]).
3-المكان المعادي: هو مكان شبيه بالدّاخلي، لأنّه يتصف بالضيق وينعكس ذلك على نفسيّة الفرد.
4-المكان العتبة: وهو المكان الذي يمثل ممر بها بالنسبة إلى البطل ويتمثل بالأبواب والنوافذ والحافلات والسّيارات»([17]).
5-المكان الروائي: وهو يمثل فضاءً لفظيًّا يكون مختلفًا عن الأماكن التي تكون مدركة للسّمع والبصر، وتشكله من الكلمات ما يجعله يحتوي المشاغل جميعها، وكذلك التّصورات التي تتعلق بالمكان والتي تستطيع اللغة التّعبير عنها([18]).
6- المكان النّصي: ويتمثل بالحيز التي تشغله الكتابة، بكونها أحرف طباعيّة على مساحة الورق، وما تحتويه من تصميم الغلاف والمقدمة، وتنسيق العناوين وكتابتها وكذلك التّغير بالحروف الطباعيّة([19]).
3-1-2-2. أبعاد المكان
يأخذ البعد المكاني أبعادًا متعددة للفضاء الروائي، فتظهر هذه التّعددات فضاءات غنية في قدرتها على التّعامل مع دلالات البنى الرّوائيّة المختلفة، ومنها:
1-البُعد الجغرافي: البعد الجغرافي هو الركيزة الأساسيّة والمحوريّة التي يستند عليها الأدباء في تسخيرهم المكان في بناء أحداث قصصهم ورواياتهم في النصّ الأدبي، لتبيّن الأمكنة وتوضيح طبيعتها من خلال وصفها، وصفًا خاصًّا ودقيقًا يتمثل بطبيعة المكان في أشكاله وتضاريسه وأبعاده فيعمد نصها في رسم المكان، وإطلاق وصف خاص بالمفهوم الجغرافي ما يمثل رسمًا عجائبيًّا بالتعمية على ملامح جغرافيّة([20]).
فالمكان هو وصف يشير إلى الأمكنة في جميع أحواله، وأبعادها إذ تشير فيها إلى المشهد أو البنية الطبيعيّة أو الاصطناعيّة التي تعيش فيها الشّخصيّة الرّوائيّة وتتحرك وتمارس وجودها، كما يضم قطع الأثاث والدّيكور والأدوات كافة بمختلف أنواعها واستعمالاتها، كما يشغل الوقت من اليوم وما يترتب عليه من أضواء مختلفة أو ظلمة”، كما جاء ذكره في العديد من الروايات في كون تحديد الموقع المكان جغرافيًّا إذ يكون هذا التحديد لا يدعو إلى الإيهام بالواقع والحقيقة فقط([21])، يقوم الراوي في ذكر أسماء المناطق والأماكن بما يشابه أسمائها في أرض الواقع، وأحيانًا جعل من المتلقي أن يكون ناقدًا ومحللًا في الوقت ذاته، نجد غاستون باشلار قد يجد في المكان الجغرافي لحياة الإنسان أهمية كبرى في حياته إذ يقول: “سوف يتبين إنّ الكوخ يصوغ الإنسانيّة فيتحول إنسان التلال إلى إنسان الجزر والأنهار، وإنّ البيت يصوغ الإنسان”([22]).
تمكن الكاتب من إعطاء البعد الجغرافي مساحة واسعة في نصوصه، إذ أبدع في وصف المكان الجغرافي وكان له صدى واسعًا في نصوصه، فيقول:
«الرحلة من النبطيّة، بل من مركز النّادي المواجه للموقع المعادية، المقامة على الأرض اللبنانيّة المحتلّة إلى” كرفان” أو الجبهة، كما حلا لمدير الرحلة أن يسمّيّها، لم تستغرق سوى دقائق، عادت بعدها أمّ البنين مع رفيقاتها اللواتي يزرن الجنوب “جبل عامل” للمرّة الأولى محمّلات بألف همّ وغمّ”([23]).
نجد الكاتب أنّه يعطي للبعد الجغرافي مساحة واسعة في نصوصه لما تحتويه من دلالات إيحائيّة لواقع المكان الجغرافي كما يذكر أسماء للأماكن ويعبّر عنها بصياغة فنيّة، فيرد في النّص السّابق عبارة ” مركز النادي المواجه للموقع المعادية”، تحمل هذه العبارة دلالة رمزية للمكان الجغرافي، فهو يذكر الأمكنة بأسلوب رمزي تميز بالإبداع وأسلوب فني، كما يرد في نصوصه أسماء لأمكنة ك (الأشجار، والبحار، والأنهار، والتّضاريس،… وغيرها)، كما يذكر الحقول والملاجئ فيقول: «يحذرونه من سلوك حقول الألغام، ومن اجتياز الطرقات التي يتحكم بها قناصة العدو. ووجود المدنيين عند آخر بلدة محرّرة، تتعرَّض للقصف والقنص يوميًّا» ([24]).
يحاور جزيئات من عَالمه، مستعينًا بالأماكن الجغرافيّة بشكل واضح وصريح، قد تجاوز بذلك نطاق الزمن، متخذًا من الخيال طريقًا ليتعايش به مع الواقع مترجمًا خياله من خلال فضاءاتٍ واسعة، قد سلط الضوء على نصوصه الأدبيّة الذي يعكس من خلاله أحاسيسه للمتلقي.
2_البُعد النّفسي: وهو ذاك البعد الذي يقوم بانعكاس ما يثير المكان من انفعال في الشّخصيّة سواء أكان ذلك الانعكاس سلبًا أم إيجابًا، كما جاء في مفهوم” سامية أسعد”: «ما يرتبط المكان على مستوى الزّمن ببعض المشاعر والأحاسيس بل ببعض القيم السّلبيّة، والإيجابيّة فهناك أماكن محببة هي المرفأ والملاذ، أهمها البيت بلا شك رغم أنه مكان مغلق… وهناك أمكان مكروهة»([25]).البعد الذاتي النّفسي من أبعاد المكان الأكثر وضوحًا، فبعض الأماكن تثير لدى الكاتب العاطفة والذكريات فتثير قريحته مقدارًا ما من المشاعر لديه، يبدأ البعد النّفسي من لحظة اختيار الأديب العمل الفني الأدبي وارتباطه بالمكان، كما يدور حول تحديد مشاعر الشّخصيات، إذ يعود البعد النّفسي لذات الشاعر وما يحمله من أحاسيس، وتشكلات نفسيّة مختلفة فنجد الذات الشّاعرة حاضرة في نفسيتها المختلفة في النص، وتكون معبّرة عن تجاربها السّابقة المتناقضة والمختلفة، فنجد فيها من التناقضات ك (النفور والقبول والتعاطف، والكره.. ) اتجاه تلك الأماكن، فلكل مكان بعده النّفسي وتأثيره: “سواء اتخذ البعد شكلًا مرضيًّا أو غير مرضٍ، وبسبب المتواشجات الكثيرة بين الرواية وعلم النّفس، صارت دراسة المكان التي تعتمد على علم النفس واعدة للغاية، وخصوصًا بعدما شهدت الرواية المعاصرة تطورًا كبيرًا مترافقًا بالـضرورة بظهور طرق جديدة وتقنيات جديدة تشوبها الحداثة والدقة مما قد اعتمدها الأدباء برسم أمكنتهم الخيالية ذات البعد النّفسي والذاتي وتأثيرها في المتلقي(السّامع، والقارئ)، والبعد النّفسي للمكان ينشا عبر مستويين متراكمين يتم الفصل بينهما في الاطار النظري الافتراضي فقط؛ والمستويان هما:
الأول: ما يثيره في نفس المتعامل معه بشكل أوّلى.
الثاني: ما تضيفه المشاعر المستثارة على الكائن من أبعاد أخرى لا يملكها أساسًا([26])، للحالة النّفسية وتطورها تأثيرٌ واضح على الشّخصيّة، ما تجعل الرؤية تتعدد لديها للمكان الواحد وذلك لتطور المزاج النّفسي والمكون الفكري، فقد تعددت الرؤى لدى الكاتب ونجد أنّ نصوصه لا تخلو من البعد النّفسي، بل أجاد في توظيفها في نصوصه؛ فهو يحدد انتماءات الشّخصيّة المختلفة إلى الأمكنة، إذ فيقول: “وقعت على الأرض. وتقلّبت، ورحت أستغيث بصوت مبحوح. تمدّدت على ظهري، وقع بصري على مكان الغروب، لم أبصر أثرًا لقرص الشّمس الغارب. فأحسست بانسحاقي، بضعفي”([27]).
يصور الكاتب ذاته من خلال النص السابق، فيظهر انتمائه الشّديد للواقع النّفسي الذي وظف نصوصه بصورة مباشرة لحدود المكان، فتظهر في نصوصه اتجاه متمثل بالفوضى النّفسية العارمة والتي تتمثل في، فوضى الأفكار وملكوت الخيال، كما جاء في قوله: “أمّ أنا، فحين توقّفتْ عجلاتُ السّيارة، وتوقفت حركة المحرّك عن الدّوران، أحسست بإخفاقي في مشروع كنت مصرًّا على تنفيذه، إذ كنت راغبًا في شدّ أواصر المحبّة بين أولادي والأرض. كنتُ أهدف إلى تعريفهم بالبيدر الذي لعبت عليه، وبالساحة التي رعتني في حضنها وبين دفتيها، وَشَهِدَتْ كلَّ مراحل تكويني”([28]).
نرى في النّص السّابق الاستغراق اللامتناهي لدى حجازي في رسم الأحداث وترابطها بالمكان من خلال البعد الذاتي، ما حمّل النص أبعادًا استراتيجيّة إيقاعيّة متناغمة مترابطة تنمي البعد النّفسي في مجموعته القصصيّة، كما أضفى على نصوصه أهمية كبيرة في رسم فضاء المكان المفتوح، إذ عدَ هذا الحوار الدّاخلي بعدًا نفسيًّا في تعامله مع المكان، وجعل منها الوعاء الثرّ الذي تنهل منه أماكن كثيرة ذات دلالات نفسيّة.
3_البُعد الهندسي والفيزيائي: البعد الفيزيائي: يشكل عنصر الإيهام الرّكن الأساسي في البعد الفيزيائي، فالإيهام في المكان الواقعي الذي هو الجوهر الأساسي للمكان الروائي والقصصي، إذ يعد الإيهام هو العنصر الذي يدخل عالم الفيزياء، فيكون الصورة البصريّة التي تدخل عالم الفيزياء والخدع البصريّة والتي تشكل عمليات الإيهام المباشرة.
كما يظهر لنا في بادئ الأمر أنّ الأمكنة الرّوائيّة والقصصيّة قد تتضاءل فيها الأبعاد الفيزيائيّة أو تخلو فيها. إلا أن ثبت عدم صحة هذا الاعتقاد، وذلك بسبب عدم وجود علاقة مباشرة بين الأمكنة التي تعنى عناصر الابصار الموجودة في الطبيعة فتساعد على تكوينها، وبين تلك الأمكنة التي تعنى اللغة في تكوينها، إلّا أنّ العنصر الذي يستدعي الحضور الفيزيائي في الأماكن الرّوائيّة، هو جماليّة النسق اللغوي الذي يصوغ الأمكنة في الرواية مستعينًا بالأمكنة في الطبيعة، كما شرع الروائي من التمكن بالاقتراب من الحركة السّريعة للمكان، بسبب أثر التطور الثقافي الذي ساد في القرن العشرين. كمحاولة من الأديب لإغناء الرواية أو القصة بالعناصر الجماليّة، ويكون ذلك عن طريق السيطرة على سرعة الحركة الفيزيائيّة التي تحدث في المكان، لوجود التّفاعل الحاصل بين عنصري الزمان وامتزاجه مع عنصر المكان ما يؤدي إلى تكوين البعد الفيزيائي في الرواية الحديثة، فيجد الناقد “ميشال بوتور” في هذا المنظور قائلًا: “لكي نستطيع درس الزمن وديمومته علينا أن نُعدَّه كأنّه مسافة علينا أن نجتازها… كما أنّ زماننا ليس هو زمن علم الميكانيك الذي يوافقه، إنّه مدى لا تتساوى فيه الاتجاهات مطلقًا، مدى ما ملئ بأشياء تغير وجهة سيرنا، إن انتقال الشّخص الطبيعي أي السّفر يظهر كأنّه حالة “لحقل محلي”، أو يقال “لحقل ممغنط” وهكذا فكل انتقال في المدى يفرض تنظيمًا جديدًا للمدى وتغيرًا في الذكريات والمشاريع”([29])، كما نلاحظ في المجموعة تمكّن المؤلف من استحضار عنصر “البعد الفيزيائي”وتوظيفه في نصوصه، إذ يقول: “كلّ هذه الأحلام تتبخّر، وتتحطّم الآن أمامي، أمام ناظري، فأشعر بانسحاقي، وأروح أتسأل في سرّي”لمَ يريدون فصل عبد الله، إبني الذي لم يبلغ العاشرة بعدُ، عن أرضه لِمَ؟” ([30]).
نجد علي حجازي يرسم لنا من خلال هذا النص البعد الفيزيائي المتمثل بالمكان الروائي، فنجد حجازي قد استعمل جماليات اللغة عن طريق صياغة اللغة وفق نسق لغوي مستعملًا إياه لتكوين الأمكنة في مجموعته كما ذكر في نص آخر” تجمد بصري على مكان خيمتي، هيّج الموقع الصّغير أشجامي، رفعته، قل أشحت به عنها”([31])، إذ عمل على توظيف اللغة وجعل منها المصدر الأساسي الذي تستمد منه هذه الألفاظ ببعدها الفيزيائي الذي مازج البعد الروائي، فنجده وقد استعمل مفردة (تجمد بصري) فستعمل ظاهرة التّجمد وهي ظاهرة فيزيائيّة، فربطها بالمكان فيقول (تجمد بصري على مكان خيمتي،… )، ففي النّص السّابق قد وفق في توظيف العنصر اللغوي وما يتعلق بها بجماليّة الخدع البصرية، فيقول: “دنوت من الأرض، وبريق دمعي لا يغادر عدستيّ مع أنني حاولت إخفاءه. فامتدت الأرض بعيدًا، وراحت تنفض عنها الغبار”([32])، فهنا عمل الكاتب على تسخير عنصر الإيهام ومزجه بالواقع ليكون صورة روائيّة متخذًا من عنصر الإيهام بعدًا فيزيائيًّا ليضفي لمجموعته القصصيّة سحرًا وطربًا من الخيال، إذ تمكن “حجازي” من تحقيق الهدف الذي يرمي فقد عمد بتسخير الحركة السّريعة في المكان، عمل على استثمارها في إثراء المجموعة بالعناصر الجماليّة، فيقول: “أمّا عيننها فكانت تتلألأ ببريق دمع حميم، لا يمكن تحديد مصدره تمامًا، ولكن الذي يمكن معرفته، أنّه شبيه بذلك الشّغِفَ الذي يتألف على عيون الناجحين في امتحانٍ من امتحانات الحياة”([33]).
استدل الدكتور علي في النص السّابق بمفردة “بريق” لما لها من دلالة فيزيائيّة كونها تدخل في حيز الخداع البصريّة ومزجها بالدّلالة الفنيّة، كما نجده قد قام باستخدام المفردات ذات الدلالات، والإشارات للبعد الفيزيائي الذي يقوم بدوره بنقل المتلقي من واقعه إلى ما يريد الكاتب من إيصاله إلى المتلقي من خيالات، وأفكار الكاتب موهمًا إياه بالتّعامل مع واقع خيالي من صنع المبدع، ولم يكتفِ الكاتب بتلك المفردات فحسب، وإنّما عمل على استحضار البعد الفيزيائي وربطه بالبعد المكاني من خلال الجمل والعبارات، والألفاظ لإيصال أفكاره وخياله الفكري الفلسفي إلى القارئ من خلال المرور عبر البعد الفيزيائي بالبعد المكاني.
البعد الهندسي (الرياضي): لقد أطلق على البعد الهندسي للمكان الروائي، تسميه أخرى وهي البعد الرياضي “المعماري”، فيُعنَى الروائي برسم أبعاده الخارجيّة بأدق تفاصيلها من خلال رسم أبعادها بدقة، فهو لا يمنح للمتلقي فرصة للتفكير والمحاولة في استخدام مخيلته ليجد النتيجة، كما جاءت الناقدة “سيزا” قاسم إلى” أنّ الرواية تشبه الفنون التّشكيليّة في تشكيلها للمكان”([34])، إذ يكون هذا المكان نادر الوجود في الرواية العربيّة أو المجموعة القصصيّة، فجاءت الرواية العربية لتكون امتدادًا للرواية الأوروبيّة، فقد كان للرواية الأوروبية أثرها القوي وصداه الملحوظ في الرواية العربيّة الذي حمل إلى تقليدها والاقتداء بها فكان سببًا رئيسًا لقطع جذور الرّواية العربيّة بالتراث المكاني في الأدب العربي، حيث تشكل المكان الروائي من مادة لغوية، فهو لا يخضع لصعوبة الهندسيّة، كونه يكون أكثر تفلتًا وانسياخًا، ولا يخضع لمنطق الضبط والمقايیس، ويكون ذلك من خلال أمورٌ عدة نذكر منها:
1- حرية الراوي، الذي يمكنه من تكوينها كما يحب.
2- قدرة الراوي على التخييل، إذ تضيف عليه امتدادات واستطالات.
كما ورد عند (ميشيل بوتور) في مفهوم الرواية الجديدة أنّه” التوفيق بين الفلسفة والشعر الذي يحصل داخل الرواية عندما تبلغ مستواها من التأجج يستدعي اللجوء إلى الرياضيات”([35])، وكذلك نرى تعدد الرؤى الهندسيّة للأدباء لإمكانيتهم، وقدرتهم على الإتيان بالكثير من المفردات، بالإضافة إلى استخدام الصور الاستعاريّة لتصوير المكان ورسمه بأروع الصور التي تحاكي الخياليّة، إذ نجد
“حجازي” قد تميز في مجموعته القصصيّة (القبضة والأرض) في استحضار البعد الهندسي المتمثل بالخدع البصريّة والأيهام في نصوصه الأدبية، متخذًا من اللغة وأساليبها البديعيّة من استعارات المجازية في رسم المكان، إذ يقول:”وانتصبت حلقة من حملة القناديل حول البركة تحسباً للأمر…” ([36]).
يستخدم الكاتب المساحات الفنية جميعها، لملء نصه الأدبي بخيال وأفكاره لإيهام المتلقي بسحر نصوصه وجمالها عاكسًا فيها البعد الهندسي، عن طريق الاستدلال عنه بالرّموز والمفردات الهندسيّة، إذ ذكر في نصه الأدبي مفردة “حلقة” وعبارة “حملة القناديل”، كل ذلك للدلالة على ما يدل عن الرؤى الهندسيّة، كما نلاحظ أنّه قد أبدع في تسخير الصور البديعيّة كالاستعارة المجازيّة في تصوير المكان للإيصال فكرته إلى المتلقي.
ويقول: “كأن صراخ النّسوة مرعبًا وهنّ يتحلْقن مع الرجال والأطفال حول جدارها الدائري القديم”([37]).
هنا حاول “حجازي” خروجه عن المألوف بأسلوب فني، متمثلًا بتغير مسار النص من الوجهة الهندسيّة الرياضيّة إلى وجهة أخرى، يرسم من خلالها صورة توضح معانات الشّعب الفلسطيني ونضاله ومجابهته للكيان الصهيوني مصوّرًا أبهى المواقف، وأشرفها إذ كيف وقفت النسوة مع الرجال والأطفال في المقاومة ضد الاحتلال ليسجلوا بطولات تاريخيّة مشرفه. كما هناك بعد هندسي آخر؛ يعرف بالبعد الهندسي المعماريوالذي يتمثل باستعارة مفردات ذات دلالة هندسيّة معماريّة توحي لصورة فنيّة هندسيّة يلجأ الكاتب إليها أحيانًا في نصوصه الأدبيّة وذلك لإضفاء الصورة التي يحاكي بها خيالاته وأفكاره ويرسمها في النّص الأدبي، كما يستدل بها الأديب المبدع بمفردات تدل على الأشكال المعماريّة مثل ” أعمدة، قبابا، زخارف، نقوشًا، فناءات، ورخام” كل هذه تعد دلالة واضحة توحي إلى البعد الهندسي المعماري، ويقوم الكاتب الذي يستخدمها في نصوصه الأدبية سواء أكانت شعرًا أم نثرًا (قصة، أو رواية) فهي محاولة الكاتب لرسم صورة فنيّة من خلال تلك المفردات هندسيّة رياضيّة، كانت أم هندسيّة معمارية فمن خلالها يتوصل الأديب إلى هدفه.
3-1-2-2. دلالات المكان
للمكان دلالات تعبيرية تقسم إلى:
١-الدّلالة التّعبيريّة: “تعين التّعبيريّة في حد ذاتها بالخيال الذي يجعل الأشياء الجامدة نابضة الحياة، كما بإمكاننا تحويل من يملكون الحياة إلى أجسام خالية لا أرواح فيها، أوّل ما ظهر المصطلح ظهر في فرنسا العام 1910 إذ ابتدعه الفنان الفرنسي “هارف herve “ولقد استعمله الكاتب النمساوي “هارمن بار bahr herman “في الأدب العام 1914”([38]).
كما جاءت التّعبيريّة لترتكز على الأثر التي تتركه في نفس المتلقي والتي اعتمدت في أساسها على وقع الأشياء، وكذلك الإحساس فيها من خلال إثارة الإحساس في المتلقي، وذلك باستعمال الإيحاء والرمز ذات الدّلالة والتي يكون من خلالها بناء المكان عن طريق تحديد مميزاته وخصائصه ووضع الحلول الجمالية المناسبة في ضوء ذلك.
٢-الدّلالة الدّينيّة: “الحديث عن الدّلالة الدّينيّة للمكان تقتضي بالضرورة الحديث عن المطلق لأن المكان في شكل من أشكاله يخرج عن الإطار الفيزيائي المضبوط إلى إطار مطلق مفتوح”([39]). كما ربط المكان لطلاقته بالذات الإلهية، في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلمَشرِقُ وَٱلمَغرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجهُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰاسِعٌ عَلِيم﴾([40]). كما ورد في الذكر الحكيم في القرآن الكريم في عدة آيات القسم بالمكان، ونذكر قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) ذفِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) ﴾([41])
٣-الدّلالة الوظيفيّة: “وهي نوع من الدّلالة التي يمتلكها المكان من خلال النص الروائي، والمقصود بهذه الدّلالة تمكنه من إنجاز مهام من دون غيره من الأمكنة، وتؤدي الشّخصيّة دورًا مهمًّا في إبراز هذه الدّلالة كاحتواء المكان نوعًا من الخصوصيّة، ما يسمح بالتقاء الشّخصيات كاجتماع قادة سياسيين في غرفة الاجتماعات، ونجد أنّ هذه الغرفة قد أدت دورها من خلال السّرية الموجودة فيها، أو كلقاء الأصدقاء في النادي لما فيه من حميمية وفي كل المكانين قد أديا وظيفة بتوفير الأجواء المناسبة لشخوصها” ([42]).
٤-الدّلالة الرّمزيّة: تعد الدّلالة الرّمزيّة من الدلالات المهمّة التي يمكن أن يحيل اليها المكان في النص الروائي، إذ تعد من أهم ما يمكن أن يدرجه الكاتب فيه، لأنّ هذه الدّلالة تقتضي فنية وبراعة ومتانة في الأسلوب كل ذلك في انزياحيّة لغويّة عذبة، ولقد نبه لذلك رولان برونوف بحديث عن القيمة الرّمزيّة والإيدولوجية المتصلة بتسديد المكان إلى ضرورة دراسة هذا الجانب وعدِّه وجهًا من وجود دلالة المكان”([43]).
٥-الدّلالة الأسطوريّة: تظهر هذه الدّلالة من خلال التّوظيف الروائي لبعض الأمكنة ذات الدّلالة الاسطوريّة، بغية شحن النص وتحميله دلالة إيحائية كثيفة، والمكان هنا لا يأتي صريحًا، بل يكون شيئًا ضمنيًّا يفهم من الدّلالة، كتوظيف أسماء بعض الأمكنة إذ يمكن للاسم أن يعطي العديد من الدّلالات أولها الدّلالة التاريخيّة على أساس الأسطورة حادثة موغلة في القدم ثم الدّلالة الأسطوريّة، والأسطورة اصطلاح أدبي أُطلق أصلًا على حكاية خياليّة، وقد قصد الحديث على قصص القصيرة سواء أكان شعرًا أم نثراً قصد تلقين فضيلة أو صفة حميدة مشوقة”([44]).
جاءت النّصوص الرّوائيّة مختلفة تباعًا لتوظيف الدّلالات باختلاف صياغتها لما تقتضيه ضرورة النص.
3-1-3. سيميائية المكان
ومن خلال تأملنا بما يحيط المكان الذي ينتمي إليه الإنسان فأننا سوف نجد أن الصفة طبقًا للإحداثيات المكانيّة من خلال قياسات المسافة والحجم والبعد، وكذلك الطول والقصر لديها قيمة في حدّ ذاتها، إلّا أنّها تكتسب قيمة عن طريق سيمياء المكونة لهذه العناصر ومن ثم نرى ان هذا النظام السيميائي لهذه العناصر المكونة للمكان، قد يتخللها الكثير من نشاط الإنسان فالنظام السيميائي للمكان ينعكس على الاستخدامات اللغويّة التي تتحكم فيها متغيرات اقتصاديّة أو اجتماعيّة إذ يتعذر الفصل بينهما وبين عناصر ذلك النظام ما يؤدي إلى تشكيل وعي البشر بواقعهم.
كما تنطلق القراءة السّيميائيّة من خلال كشف القوانين المادية، وكذلك النّفسية والتي من خلالها يُتحكَّم بمجموعة من علاماتها في بنية تركيب المكان الدّاخلي، إلّا أنَّ “التّعامل مع علامات الفضاء السردي سينطلق من موقع خفيض من العلامات اللسانية على أساس أنّ الفضاء السّردي، مثل المكونات الأخرى للسرد لا يوجد إلّا من خلال اللغة، فهو فضاء اللفظي بامتياز ويختلف عن الفضاءات الخاصة بالسينما والمسرح أي عن كل الأماكن التي ندركها بالبصر والسّمع، ولذلك فإنّ التّحصيل الواعي للبنية المكانيّة ينطلق من اعادة من الوحدات اللسانيّة، فلفظة مثل تعال تعلن عن موقع مكاني بين شخصين ثم ستسهم الأنسجة المختلفة للعلامات اللسانية في إرساء متخيل البنية المكانية في قطبيها الأساسيين؛ تشكلها الإقليدي الجغرافي وامتلائها الدّلالي” ([45]).
3-2. أنواع الأمكنة في المجموعة القصصيّة (العيون الغاربة)
لقد قام النقاد بتقسيم الأماكن تبعًا إلى حجمها إلى أماكن مفتوحة وأماكن مغلقة، وفي ما يلي سنقوم بدراستها:
3-2-1. الأمكنة المفتوح
هي “المكان الواسع الذي لا تحدّه حواجز، يسمح للشخصية بالتّطور والحريّة”([46]) ف” تتحرك فيه الشّخصيات جميعها بكل أنواعها”([47])، فللمكان المفتوح ضرورة ملحة في النّصوص الأدبي، فلا يمكن فصل المكان عن العمل الأدبي، فالمكان المفتوح هو فضاء واسع يعمل على جمع الشّخصيات، ويربط سير الأحداث، وتسلسلها بالمكان ومن خلاله يخلق الكاتب فضاء واسع يعمل فيه على إيصال أفكاره ومشاعره للمتلقي.
فالأماكن المفتوحة تكتسي ” أهمية بالغة إذ إنّها تساعد على: “الإمساك بها هو جوهري فيها، أي مجموع القيم والدلالات المتصلة بها”([48]) من خلال ما تمد به الرواية من تفاعلات وعلاقات تنشأ عند تردد الشّخصيّة على هذه الأماكن العامة التي يرتادها الفرد في أي وقت يشاء”([49]).
وقد ورد في المجموعة القصصيّة أمثلة على (المكان المفتوح) نذكر منها:
3-2-1-1. المدينة
” لم تعد المدينة مجرد مكان الأحداث بل استحال موضوعًا خاصًّا مع تنامي العوامل الدّاخليّة والخارجيّة، فمن الناحیة الاجتماعيّة تعد ذات كثافه سكانيّة ومن ناحية أخرى أصبحت ملتقى التيارات الفكريّة، والفلسفات العالمية الواردة إليها من جهات مختلفة من العالم، وقد شكل هذا الاختلاس صراعًا فكريًّا مع الصراع الاجتماعي الذي ساده مجتمع المدينة” ([50]). حيث تمثل المدينة ” مكان النشاطات الاجتماعيّة المتداخلة والاتصالات ومركز الخلق، والإبداع الثقافي حيث تلتقي الفرص تهيئ ظروف التقدم”([51]).
وردت مفردة المدينة (البلدة) في المجموعة كثيرًا، كما نراه قد وُفِّق في تصوير المكان المفتوح من خلال ذكر (البلدة). كما صور لنا الكاتب حريّة تنقل الأشخاص في رحابها وأمكنتها، وللمتلقي أن يجد ذلك التنقل وبصورة واضحة، وسلسة ليس في الأمكنة فقط بالدّلالات وبالإشارات التي ترمز إليه والتي تمكِّن الكاتب من إيضاح ذلك من خلال تنقلاته بأفكاره، متخذًا من المدينة رمزًا لإيصال أفكاره وتنقلاتها بحرية.
كما نجده قد تميّز بإيراد فكرة البلدة وربطها بما يدور فيها من الأحداث بالإطار المكاني، فيقول:
” أيُّ شعر يحلو بعد مرارة الرحلة يا أخي؟ وأيُّ قصة تطيب قراءتها بعد قصة أولئك الطيّبين الذين لمّا وجدوا أنهم مستهدفون بالقنص، اشتروا شريطًا، نصبوه ليمنعوا الموت عن الزائرين القادمين إلى البلدة، قلوبهم علينا، وقلوبنا على من يا ترى؟ واغرورقت عيناها بدمع شفيف “([52]).
سخّر الكاتب القضية الفلسطينيّة وحبّ الشّعب لأرضه ووطنه بالمكان المفتوح (البلدة)، فجاء ب (الزائرين القادمين إلى البلدة)، وقد استعان بالجملة الخبريّة فوصف حالة الشّباب المقاوم، وتضحيته في أنّهم على الرّغم من استهدافهم بالقنص، إلّا أنّهم يتسارعون إلى التّضحيّة بالنفس من أجل حماية الوافدين إليهم، فقد اتخذ من للمكان المفتوح مفارقة بإضافة” ليمنعوا الموت عن الزائرين القادمين إلى البلدة “، إذ استعان الكاتب بالمصطلح المتبع، كون لفظ المدينة يعدُّ مكانًا مفتوحًا، وقد أضاف إليه مفارقة صياغة اللغة بنسق يضفي جماليّة للنص مستخدمًا عبارة (ليمنع الموت) فجعل هذه المدينة، وبشرائهم السّياج الشائك خروج عن المألوف عن السّياق المعروف. ويبدأ بربط الأحداث بإطار المكاني المفتوح (المدينة) ممهدًا للفكرة التي يريد إيصالها للمتلقي، فيقول: “حمل عازف الكمان آلته، وجلس تحت شجرة زيتون معّمرة، متشبثة بتراب تلّة مشرفة على بلدته وصخورها، وراح يعزف مع الصّباح الباكر، محاولًا التّرويح عن نفسه ونفوس أبناء بلدته”([53]).
تمكن الكاتب من وصف الأماكن المفتوحة وصفًا زاده تميّزًا، وأضاف إلى نصوصه جماليّة لروعة الصورة التي يرسمها في عرض أدق التّفاصيل، وإبداع الأسلوب وجماله في ذلك الوصف، فنجده ربط القضيّة الفلسطينيّة وحب الوطن وما عاشه من ذكريات بالمكان المفتوح الذي يعيش فيه، وإيصال افكاره ومشاعره وما يريد إيصاله للمتلقي في مخيلته الخصبة، وجاء بلفظة “البلدة” وهذا المألوف لدى الأدباء والشّعراء، إلّا أنّه مزج جمال الطبيعة الخلابة وشجرة الزيتون والتلة بالحبّ وعشق الأرض وامتزاج ذكريات الطفولة بالقضية الفلسطينية بشكل عام، فالمدينة رمز للمكان المفتوح، فهو يصف الطبيعة بشكل رائع ويمزج جمالها بالمكان المفتوح، وذكر البلدة في شاهد آخر: فيقول: “أكلّما نعبت بومة، أو عوت ضبوحة، أو سقطت قذيفة، أو تهدم منزل في بلدة تتوقف الحياة؟ لا أُنظري، ها أنا وأنت والشمس والعصافير، وصوت الناي، ألا تسمعينه؟ إنه يبشّرنا بقدوم السّلام”([54]).
من خلال النصوص السابقة يظهر انعكاس المكان في حياة الكاتب، وإن ما نجده في مجموعته تروي شخصيته المحبّة للأرض، فنجد فيه حوارًا بين الطبيعة وبين الشّاعر، فتناغم موسيقي يدل على تأثره في المكان الذي ينتمي إليه، وسوف نذكر بعض الشّواهد التي وردت في المجموعة بالجدول الآتي:
جدول 1: الشاهد من المجموعة القصصيّة
المدينة | الشاهد | الصفحة |
النبطية | “الرّحلة من النبطية، بل من مركز النادي المواجه للمواقع المعادية، المقامة على الأرض اللبنانيّة المحتلة” | 13 |
جبل عامل | “عادت بعدها أمّ البنين مع رفيقاتها اللواتي يزرن الجنوب “جبل عامل” للمرّة الأولى محمّلات بألف همّ وغمّ” | 14 |
كفرمان | “فالمشاهد التي صارت مألوفة لزينب الحاج علي، المجلّلة بسوادها، والجالسة عند العصر على بلاطة ساحة” كفرمان” الخالية إلاّ من وجوه أحبّتها” | 14 |
بلدة | “ووجود المدنيين عند آخر بلدة محرّرة، تتعرَّض للقصف والقنص يوميّاً، يعني بالضّرورة وجود ملاجئ… “ | 15 |
البلدة | “لننجّي الغريب عن البلدة من الشَّرِك” | 15 |
الدبشة | “والقناص اللعين القابع وراء دشمة “الدبشة” يرمي برصاصه الغادر كلّ كائن يتحرَّك” | 16 |
جزائر | “-زينب علمتني القداسة. فمعصمها العاري من سوار دفعته لأبطال الجزائر” | 18 |
مصر | “وجيدها الخالي من أي عقد قدّمته لثورو مصر” | 18 |
فلسطين | “وثيابها السّود التي تأتزرها حداداً على ابن قدّمته لفلسطين” | 18 |
3-2-1-2. الطريق (الشارع)
“يتجلى في كون هذا المكان هو الذي يلتقي فيه الناس جميعًا في أي ساعة ليلاً أو نهارًا كانت منازلهم الاجتماعيّة ومهنهم وأعمارهم وانتماءاتهم وشتى أوامر اختلافهم، وهو أكثر ما عرف بشبكة العلاقات أهمّيّة، والوظائف التي تُبنى عليها ثنائية الأنا والآخر التي تمثل العمود الفقري المعيش اليومي”([55]).
يعد الشّارع المكان الذي يجمع العديد من الناس وفي مختلف الطبقات والأعمار والمستويات وفي أيّ، وقت فالطريق هو فضاء مفتوح ومحصور في الوقت ذاته يكون مفتوحًا من خلال الذين يُحضَرون إليه ومغادرتهم منه، بينهم نتجول ونلتقي بالآخرين ونتوقف، ففي الشّارع يحصرنا وينغلق علينا من جانبي بالبيوت والحيطان والأنسجة والحواجز كما يتم الاتصال فضاء الشارع بفضاء المنزل([56]).
فعليه يكون الشّارع هو مكان مفتوح تلتقي فيه “كل فئات المجتمع وتمنحهم كامل الحريات في التنقل وسعة الاطلاع، والتّبدل وهي لا تقوم على تحديدات ولا حدوث ثابته ما يصعب على الكاتب عملية الإمساك بها”([57]).
ومن النّماذج الجيّدة للمكان المفتوح (الطريق) التي وردت في المجموعة، حيث للطريق فلسفته السّردية، فالمكان المفتوح يفرض أحيانًا نوعًا من التّعب والملل وعدم الرغبة والقدرة على متابعة السّير في هذا الطريق، وفي أحيان أخرى يكون لأجل الطموح والقدرة لمواصلة الطريق حافز أساسي في داخل الكاتب لمواصلة هذا الطريق والاستمرار فيه أما شوقًا أو طموحًا، فالكاتب استعمل آلية الوصف السردي في مجموعته القصصيّة (العيون الغاربة)، فيقول: ” ماذا جئتم تفعلون هنا؟ ألا تخشون القناص؟ وحذار أن تكونوا ضللتم الطريق”([58]).
يوظف الكاتب في المشهد السّابق أسلوب الاستفهام، والتحذير من الضياع والقناص فهو يذكر المكان المغلق المتداخل في نصه الأدبي بلفظة “ضللتم الطريق”، فيرسم المشهد بصورة رائعة، ما يثير عدة أسئلة جدليّة يخاطب بها الشّخصيات من خلال حوار خطابي يثيره بتلك الأسئلة ثم يتداخل النّص والأسئلة ب (الطريق)، فنرى حالة من الخوف والاستفزاز. مما يقلق الاستقرار والطمأنينة في هذا الطريق، ويقول: “يحذّرونه من سلوك حقول الألغام، ومن اجتياز الطرقات التي يتحكم بها قنّاصة العدو” ([59]).
نجد للمكان المفتوح حضورًا واسعًا في نصوص حجازي، فجاء بلفظة “الطرقات” التي تكون نقطة تنامي الأحداث في المكان المفتوح، وكذلك هو سبب نشوء الأحداث وتطورها، فيقوم بسرد الأحداث وترابطها بالطرقات ومن ثم كيف تتنامى، فيصف ذلك الطريق الذي لا عودة منه، حيث يقوم يربط الطريق بالتّضحيات والقضية الفلسطينيّة، ويصف تنامي الأحداث بصورة سردية مميزة، ويقول:” وطول الطريق الصعبةِ، كان الأولاد محشورين على المقعد الخلفيّ. فمنهم من نام بعد الإعياء الشديد الذي تذوقوه تلك الليلة التي لم يعرفوا بها طعم النوم” ([60]).
يظهر لنا الكاتب ارتباطًا وثيقًا بين المكان المفتوح (الطريق) وحب التضحية الذي تمثل بالألم والصعوبة التي أثقلت كاهلهم، كما يصف هذا الحب الأسطوري بذلك الطريق الواصل بين الأرض والذكريات وترابط الأحداث، إذ استخدم عبارة ” صعوبة، والطريق، وطوله” كل تلك المفردات وما قامت بترجمة من دلالاتها للوصول إلى غاية الكاتب في إثراء نصّه الأدبي من أفكاره وخيالاته إلى المتلقي، بما يروم إليه مترجمًا أحاسيسه.
يتضح لنا من الشّواهد السابقة وما نلتمسه في نصوص المجموعة القصصيّة (القبضة والأرض)، عند استخدامه (المدينة والبلدة، والطريق والشارع… ) كل تلك المفردات ما هي إلّا تعبير عن المكان المفتوح، حيث قام بتجريده من جغرافيته الجامدة ليبث فيه من روحية الأحداث، ليكون ملاذ الكاتب في عرض أفكاره وبث فيه مشاعره، وإحساسه ليضفي عليه لمحة من وجدانه الذي يخرجه من العتمة والضيق إلى الانفتاح والحريّة فهو إعلان عن أفكاره وأطلاقها النور والتّحرر، وما الطريق والمدينة إلّا سبيل الخلاص والانفتاح، فالطريق سبيل للحركة المستمرة في نصوصه، فهو رمز التّحرر والخلاص والوصل إلى ضفة الأمان التي يأمل في الوصول إليها في أفكاره والخلاص من المحتل الصهيوني، وسنذكر جدولًا للمكان المفتوح (الطريق) الذي ورد في المجموعة القصصيّة :
المكان المفتوح”الطريق | النص المقتبس | الصفحة |
الطرقات | “يحذّرونه من سلوك حقول الألغام، ومن اجتياز الطرقات التي يتحكّم بها قنّاصة العدو” | 15 |
الطريق | “طوال الطريق الصعبةِ، كان الأولاد محشورين على المقعد الخلفيّ” | 24 |
طريق | “طريق البركة كرقبة الجمل، تغصّ بالرّجال الذين تسبقهم عيونهم، يلهثون مسرعين لتفتيش عين البركة الفاغرة” | 52 |
الطريق، طريق، درب | “ألقى نظرة حانية إلى رؤوس الحجارة، شرع بعدها يتقدّم متنقلاً عليها ببطء شديد، وأحسّ اختناقاً، تنفس بعمق، وراح يتمتم: “الطريق، أين طريق الساحة؟ أين المحالّ والبيوت؟… والدروب التي تصلها بالأحياء؟” | 85 |
طريقه | “ولكنه كثيراً ما كان يوزّع من أرغفة اللحم التي يأتينا بها على أولاد الجيران الذين يصادفهم في طريقه” | 126 |
3-2-2. المكان المغلق
وهو ما يخضع للحدود والحواجز، وتحدده ثلاثة جوانب على الاقل، ويرمز له بـ (الانغلاق والعزلة والحميمية و… الخ)، ما يعد المكان المغلق هو المكان الذي يسكن فيه الإنسان فهو “يؤوي الإنسان، ويبقى فيه حقبٍ طويلة من الزّمن سواء بإرادته أو بإرادة الآخرين، لذا فهو المكان المؤطر بحدود الهندسيّة والجغرافية، ويبقى الصراع بين المكان ويبرز الصراع الدائم بين المكان كعنصر فني بين الإنسان الساكن فيه، ولا يتوقف هذا الصراع إلّا إذا بدأ التألف يتضح أو يتحقق بين الإنسان والمكان الذي يقطنه”([61])، وعلى الرّغم من انغلاق هذه الأمكنة إلّا أنّها تكون” مليئة بالأفكار والذكريات والآمال والترقب حتى الخوف والتوجس، فالأماكن المغلقة ماديًّا واجتماعيًّا يولد المشاعر المتناقضة المتضاربة في النّفس، وتخلق لدى الإنسان صراعًا داخليًّا بين الرغبات وبين الواقع، وتوحي بالراحة والأمان وفي الوقت نفسه لا يخلق الأمر بمشاعر الضيق والخوف”([62])، تظهر حركة الشّخصيات ضمن هذا الانغلاق فهي تنحصر ضمن هذه الحدود والتي تكون حدود معينة، بما تسمح به هذه المساحة، كالبيت والعربة والقبو والمهاد وغيرها، حيث يستعين الكاتب بالأماكن المغلقة في نصوصه، مبينًا أهمية المكان ودوره في حياة الإنسان، ومنها:
3-2-2-1. البيت
يرى ” باشلار” في البيت أنه” من العوامل المهمّة التي تدمج أفكار وذكريات وأحلام الإنسانيّة، مبدأ هذا الدّمج وأساسه هو: أحلام اليقظة، ويمنح الماضي والحاضر والمستقبل. البيت دينامية مختلفة كثيرًا تتداخل أو تتعارض، وفي أحيان أخرى تنشط بعضها في حياة الإنسان، ينحو البيت عوامل المفاجأة ويخلق استمرارية، لهذا فمن دون البيت يصبح الإنسان كئيبًا، إنّ البيت يحفظه عبر عواصف السماء وهو على الأرض”([63]).
كما جاء البيت في مفهوم “حسن بحراوي” فهو يجد أن البيت” يتيح لنا دراسة قيم الألفة ومظاهر الحياة الدّاخلية للأفراد الذين يقنطون تحت سقفه”([64]).
فالبيت في المجموعة هو المأوى والملاذ، وقد سخّر الكاتب هذا المكان المغلق لربط المكان بالأمان والاستقرار، إذ يعود إليه الإنسان بعد نهار مليء بالمصاعب والمتاعب، فمهما ابتعد الإنسان وتغرب لابدّ ن العودة إليه، فهو المسكن والموطن والمأمن الذي يجد فيه الإنسان راحته التي يأمل فيها كل إنسان بعد التّعب والغربة، كما يرد الكاتب البيت في نصوصه، فيقول فيه:
“والمواقع المعادية”الّيشة”و”الطهرّة”و”علي الطاهر” وغيرها المطلّة على البلدة من علٍ، يجبهها جمع المزارعين والتلاميذ والعمال، وصفّ طويل من مساكب الملوخيّة، وحقول التبغ، والبيوت المتواضعة، وعدد كبير من البنايات الحديثة”([65]).
نلاحظ أنّ الكاتب يذكر المواقع المعادية كما يذكر البلدة، فهو هنا يمزج بين الأماكن المفتوحة التي تمثلت بالبلدة والمواقع المعادية وبين الأمكنة المغلقة المتمثلة بالبيت والبنايات، إذ يقول: “والمواقع المعادية “الّيشة”و”الطهرّة” و”علي الطاهر” وغيرها المطلّة على البلدة”، ويذكر الأماكن المغلقة ” والبيوت المتواضعة، وعدد كبير من البنايات” فنجد في النص السّابق الحب والحنين إلى الأماكن التي كانت ترمز إلى وطنه وحبه وشوقه وحنينه إليه، فهو يصف تلك الأماكن برغبة وحب المغترب، ولهفة الرجوع، يلتمس الباحث من النص السابق إصرار الكاتب بالأرض وتمسكه بها من خلال ذلك الترابط بين الأمكنة، وتسخيرها ليمزج الأحداث بالأمكنة المغلقة بالأمكنة المفتوحة، كما يذكر أيضًا:
“- عد معي إلى البيت
-بيت، أنتِ تسمين الخيمة بيتاً؟ (وضحك)
– سنعيد بناء البيت، أنت تعلم ذلك!
– بالتأكيد يا أمي. “([66])
للبيت في المجموعة القصصيّة له العديد من الدلالات، فهنا قام الكاتب بربط المكان المغلق المتمثل ب” البيت” بالإنسان والعلاقة الوثيقة بين البيت والعائلة، وصعوبة أن يكون الإنسان بلا بيت يأويه وأن كان هناك البديل، فيذكر في مشهد رائع إذ يسأل الأبن أمه عن أي بيت تتكلمين وهل تقصدين الخيمة، وهل هذا يمثل البيت كان حورًا جميلًا يعكس فيه الكاتب أحاسيسه، حيث قام الكاتب بتغير مسار الأحداث بمزج المكان بالأمان.
3-2-2-2. العربة (السيارة، الباص)
العربة (السيارة، الباص) وهي تمثل المكان المغلق كما هي وسيلة التنقل بين الأمكنة، وهي مكان مغلق فهو مكان وقتي فلا بقاء دائم فيه لمدة زمنية طويلة، واستعمل الكاتب (الباص) كوسيلة لتجول بين الأحداث والأفكار مستعينًا بها كونها فكرة ينتجها الكاتب ويمثلها بالواقع مستعينًا بالأمكنة المغلقة وتمثيلها بنصوصه، متخذًا من (الباص) وسيلة لتنقل بين الأمكنة، فيقول: “وضعت كفها فوق عينيها، وأخذت ترقب عن بعد “باصاً” طويلاً يعدو صوب القرية”([67]).
هنا نجد قدرة الكاتب في تسخير الأحداث عن طريق امتزاج الحوار، وتفاعل الأحداث وتسخير الأماكن مستعينًا بالأمكنة المغلقة المتمثلة ب (الباص)، فهو يصف الانتظار واللهفة عن طريق المزج بين وسيلة التنقل التي ترمز إلى المكان المغلق وبين القرية والتي ترمز للمكان المفتوح، فهنا مزج الكاتب بين الأماكن المغلقة وبين الأماكن المفتوحة في سيميائيّة جميلة، فيقول أيضًا: “فمنذ اللحظة التي أعلن فيها مدير الرحلة عن الرابعة مساءً موعدًا لزيارة الجبهة، وطلب إلى الجميع التوجه إلى” الباص”، خفقت صدور من الفرح، وأصفرّت وجوه، ووجفت قلوب حزنًا وخوفًا”([68]).
فنجد في النّص السّابق صورة لحوار بين الكاتب وأفكاره يرسم من خلالها صورة الفرح والحزن، حيث يصف ذلك الانتظار وما بعده من فرحة ولهفة حينما ذكر” مدير الرحلة عن الرابعة مساءً موعدًا لزيارة الجبهة”، فهو يرسم لهفة اللقاء بوجع المقاتلين وألم الركاب الذين كثيرًا ما انتظروا تلك اللحظة، فهو يمزج بين المكان والعناصر الدّراميّة بأسلوب رائع يعكس تمسكه بالمكان وترابط أفكاره وخيالاته ومشاعره فيه.
يمثل الكاتب شخصيته في نصوصه التي هي نتاج مشاعره وأحاسيسه التي تكونت على أثر الأحداث التي يعيشها عبر خيالاته الفكريّة، والفلسفيّة مستعينًا بالمكان الواقعي المغلق المتمثل بـ”الباص”، بدلالتها المغلقة مازجًا الانتظار ولهفته، وقد انتقل بأفكاره من الواقع إلى الخيال فنتجت عنه مفارقة فنية “المكان المغلق بـ المكان المفتوح”، فأجاد الكاتب بإيصال أفكاره وما يروم إليه من هدف إلى المتلقي.
- النتائج
نجد أنّ الكاتب يعطي للبعد الجغرافي مساحة واسعة في نصوصه لما تحتويه من دلالات إيحائيّة لواقع المكان الجغرافي كما يذكر أسماء للأماكن ويعبر عنها بصياغة فنيّة، فيرد في النّص السابق عبارة ” مركز النادي المواجه للموقع المعادية”، تحمل هذه العبارة دلالة رمزية للمكان الجغرافي، فهو يذكر الأمكنة بأسلوب رمزي تميز بالإبداع وأسلوب فني، كما يرد في نصوصه أسماء لأمكنة ك (الأشجار، والبحار، والأنهار، والتضاريس،… وغيرها)، كما يذكر الحقول والملاجئ.
نجد أنّه قد قام باستخدام المفردات ذات الدّلالات، والإشارات للبعد الفيزيائي الذي يقوم بدوره بنقل المتلقي من واقعه إلى ما يريد الكاتب من إيصاله إلى المتلقي من خيالات، وأفكار الكاتب موهمًا إياه بالتعامل مع واقع خيالي من صنع المبدع، ولم يكتفِ الكاتب بتلك المفردات فحسب وإنما عمل على استحضار البعد الفيزيائي، وربطه بالبعد المكاني من خلال الجمل والعبارات، والألفاظ لإيصال أفكاره وخياله الفكري الفلسفي إلى القارئ من خلال المرور عبر البعد الفيزيائي بالبعد المكاني.
تمكن الكاتب من وصف الأماكن المفتوحة وصفًا زاده تميّزًا وأضاف إلى نصوصه جماليّة لروعة الصورة التي يرسمها في عرض أدق التفاصيل، وإبداع الأسلوب وجماله في ذلك الوصف، فنجده ربط القضية الفلسطينيّة وحبّ الوطن وما عاشه من ذكريات بالمكان المفتوح الذي يعيش فيه، وإيصال افكاره ومشاعره وما يريد إيصاله للمتلقي في مخيلته الخصبة، وجاء بلفظة “البلدة” وهذا المألوف لدى الأدباء والشعراء، إلّا أنّه مزج جمال الطبيعة الخلابة وشجرة الزيتون والتلة بالحب وعشق الأرض وامتزاج ذكريات الطفولة بالقضية الفلسطينيّة بشكل عام، فالمدينة رمز للمكان المفتوح، فهو يصف الطبيعة بشكل رائع ويمزج جمالها بالمكان المفتوح،
من خلال هذه المجموعة يظهر انعكاس المكان في حياة الكاتب، وإنّ ما نجده في مجموعته تروي شخصيته المحبة للأرض، فنجد فيه حوارًا بين الطبيعة وبين الشاعر بتناغم موسيقي يدل على تأثره في المكان الذي ينتمي إليه.
يتضح لنا من نصوصه في مجموعته القصصيّة (القبضة والأرض)، عند استخدامه (المدينة والبلدة، والطريق والشارع… ) كل تلك المفردات ما هي إلّا تعبير عن المكان المفتوح، حيث قام بتجريده من جغرافية الجامدة ليبث فيه من روحية الأحداث، ليكون ملاذ الكاتب في عرض أفكاره وبث فيه مشاعره، وإحساسه ليضفي عليه لمحه من وجدانه الذي يخرجه من عتمة والضيق إلى الانفتاح والحرية فهو إعلان عن أفكاره وأطلاقها النّور والتّحرر، وما الطريق والمدينة إلّا سبيل الخلاص والانفتاح، فالطريق سبيل للحركة المستمرة في نصوصه، فهو رمز التحرر والخلاص والوصل إلى ضفة الأمان التي يأمل في الوصول إليها في أفكاره والخلاص من المحتل الصهيوني.
تظهر حركة الشخصيات ضمن الانغلاق فهي تنحصر ضمن هذه الحدود والتي تكون حدود معينة، بما تسمح به هذه المساحة، كالبيت والعربة والقبو والمهاد وغيرها، حيث يستعين بالأماكن المغلقة في نصوصه، مبينًا أهمية المكان ودوره في حياة الإنسان.
الهوامش
[*] أستاذ مشارك في جامعة خلیج فارس، بوشهر، إیران – قسم اللغة العربیة وآدابها.
Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, Persian Gulf University, Bushehr, Iran. Email: mohtadi@pgu.ac.ir
[1] . حمود، الأبعاد الاجتماعية والوطنية والقومية في قصص علي حجازي: 47-48
[2]. بحراوي، بنية الشكل الروائي: ص٢٩
[3]. بحراوي، بنية الشكل الروائي: ص٣٥
[4]. باشلار، جماليات المكان: صص٥-٦
[5]. فوغالي، الزمان والمكان في الشعر الجاهلي: ص 169
[6]. فوغالي، الزمان والمكان في الشعر الجاهلي: ص 169
[7]. فوغالي، الزمان والمكان في الشعر الجاهلي: ص170
[8]. مريم: الآية 22
[9]. الفرقان: الآية 13
[10]. عاطف الزين، معجم التفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم: ص843
[11]. شاهين، جماليات المكان في روايات جبرا إبراهيم جبرا: ص12
[12]. الجرجاني، التعريفات: ص227
[13]. عبيدي، جماليات المكان في ثلاثية حنا مينه: ص28
[14]. بحراوي، بنية الشكل الروائي: ص31
[15]. آبادي، جماليات المكان في قصص سعيد حوارنة: ص13
[16]. المدقن، دلالة المكان في رواية موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح: ص238
[17]. المدقن، دلالة المكان في رواية موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح: ص238
[18]. عزام، شعرية الخطاب السردي: ص72
[19]. عزام، شعرية الخطاب السردي: ص73
[20]. مرتاض، في نظرية الرواية: ص207
[21]. صلاح، قضايا المكان الروائي في الأدب المعاصر: ص51
[22]. باشلار، جماليات المكان: ص68
[23]. حجازي، العيون الغاربة: ص13-14
[24]. حجازي، العيون الغاربة: ص14
[25]. حجازي، العيون الغاربة: ص14
[26]. كمنجي، جماليات المكان في الرواية النسوية الأردنية: ص 73
[27]. حجازي، العيون الغاربة: ص58
[28]. حجازي، العيون الغاربة: ص25
[29]. بوتور، بحوث في الرواية الجديدة: ص103-104
[30]. حجازي، العيون الغاربة: ص26
[31]. بوتور، بحوث في الرواية الجديدة: ص103-104
[32]. حجازي، العيون الغاربة: ص62
[33]. حجازي، العيون الغاربة: ص64
[34]. حجازي، العيون الغاربة: ص53
[35]. بوتور، بحوث في الرواية الجديدة: ص14
[36]. حجازي، العيون الغاربة: ص54
[37]. حجازي، العيون الغاربة: ص54
[38]. الحاني، من اصطلاحات الأدب الغربي: ص29
[39]. عبد المسلم، عبقرية الصورة والمكان: ص200
[40]. البقرة: الآية 115
[41]. الطور: الآية 1-4
[42]. ابن يحيى، دلالة المكان في رواية عابر سرير لأحلام مستغانمي: ص20
[43]. عباس، تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية: ص36
[44]. ابن يحيى، دلالة المكان في رواية عابر سرير لأحلام مستغانمي: ص21
[45]. كمال، “سيميائية الفضاء في رحلة أبي حامد الغرناطي”: ص14-15
[46]. عوض الله، المكان في الرواية الفليسطيينية: ص 293
[47]. حمدي، الفضاء في روايات عبد الله عيسى سلامة: ص 202
[48]. بحراوي، بنية الشكل الروائي، الفضاء، الزمن، الشخصية: ص79
[49]. حسين، المكان في الرواية البحرينية؛ دراسة في ثلاث روايات: الجذوة، الحصار، أغنية الماء والنار: ص80
[50]. الشريف، بنية الخطاب الروائي، دراسة في روايات نجيب الكيلاني: ص256
[51]. منيف، حول هموم الرواية هموم الواقع العربي: ص126
[52]. حجازي، العيون الغاربة: ص17
[53]. حجازي، العيون الغاربة: ص33
[54]. حجازي، العيون الغاربة: ص36
[55]. زايد، المكان في الرواية العربية؛ الصورة والدلالة: ص91
[56]. جنيت وآخرين، الفضاء الروائي: ص139
[57]. النصير، الرواية والمكان (دراسة المكان الروائي): صص 14-15
[58]. زايد، المكان في الرواية العربية” الصورة والدلالة: ص91
[59]. حجازي، العيون الغاربة: ص14
[60]. حجازي، العيون الغاربة: ص24
[61]. حسين، المكان في الرواية البحرينية؛ دراسة في ثلاث روايات: الجذوة، الحصار، أغنية الماء والنار: ص163
[62]. حفيظة، بنية الخطاب في الرواية الفلسطينية: ص134
[63]. باشلار، جماليات المكان: ص 38
[64]. بحراوي بنية الشكل الروائي: ص41
[65]. حجازي، العيون الغاربة: ص16
[66]. حجازي، العيون الغاربة: ص35
[67]. حجازي، العيون الغاربة: ص14
[68]. حجازي، العيون الغاربة: ص14
المصادر والمراجع
قرآن الکریم
- آبادي، محبوبة محمدي. (د. ت). جماليات المكان في قصص سعيد حوارنة. دمشق: منشورات الهئية العامة السورية للكتاب.
- ابن يحيى، سعدية. (2007م). «دلالة المكان في رواية عابر سرير لأحلام مستغانمي». رسالة ماجستير، جامعة الجزائر.
- باشلار، غاستون. (2006م). جماليات المكان (مقدمة المترجم). ترجمة: غالب هلسا. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات.
- بحراوي، حسن. (1990م). بنية الشكل الروائي، الفضاء، الزمن، الشخصية. بيروت: المركز الثقافي العربي.
- بوتور، ميشال. (د. ت). بحوث في الرواية الجديدة. بيروت: منشورات عويدات.
- الجرجاني، عبدالقاهر. (د. ت). التعريفات. تونس: الدار التونسية للنشر.
- جنيت، جيرار وآخرين. (د. ت). الفضاء الروائي. ترجمة: عبد الرحيم حزل. المغرب: أفريقيا الشرق.
- الحاني، ناصر. (1959م). من اصطلاحات الأدب الغربي. القاهرة: دار المعارف.
- حجازي، علي. (1994م). العيون الغاربة. بيروت: دار الميزان.
- حسين، فهد. (2003م). المكان في الرواية البحرينية (دراسة في ثلاث روايات: الجذوة، الحصار، أغنية الماء والنار. البحرين: فراديس للنشر والتوزيع.
- حفيظة، أحمد. (د. ت). بنية الخطاب في الرواية الفلسطينية. رام الله: أوغاريت للنشر والترجمة.
- حمدي. (٢٠١١). «الفضاء في روايات عبد الله عيسى سلامة». مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية المجلد ١١، العدد ١. كلية التربية للبنات. جامعة الموصل.
- حمود، محمد أحمد. (2019). الأبعاد الاجتماعية والوطنية والقومية في قصص علي حجازي. ط1. بیروت: دار المعارف الحکمية.
- زايد، عبد الصمد. (2003م). المكان في الرواية العربية” الصورة والدلالة. تونس: دار محمد علي دراسات أدبية.
- شاهين. (٢٠٠١). جماليات المكان في روايات جبرا إبراهيم جبرا. عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع
- الشريف، حبيلة. (2010م). بنية الخطاب الروائي، دراسة في روايات نجيب الكيلاني. الأردن: عالم الكتب الحديث أربد.
- صلاح، صالح. (١٩٩٧م). قضايا المكان الروائي في الأدب المعاصر. القاهرة: دار شرقيات للنشر والتوزيع.
- عاطف الزين، سميح. (2001م). معجم التفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم. بيروت: الدار الافريقية العربية.
- عباس، إبراهيم. (2002م). تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية. الجزائر: منشورات المؤسسة الوطنية لاتصال.
- عبد المسلم، طاهر. (2000م). عبقرية الصورة والمكان. الأردن: دار الشروق للنشر والتوزيع.
- عبيدي، مهدي. (٢٠١١). جماليات المكان في ثلاثية حنا مينه. دمشق: منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة.
- عزام، محمد. (2005م). شعرية الخطاب السردي. دمشق: اتحاد الكتاب العرب.
- عوض الله. (١٩٩١). المكان في الرواية الفليسطيينية. الأردن: جامعة اليرموك.
- فوغالي، باديس. (٢٠٠٨). الزمان والمكان في الشعر الجاهلي. الأردن: عالم الكتب الحديث.
- كمال، بو العسل. (2005م). «سيميائية الفضاء في رحلة أبي حامد الغرناطي». جامعة منتوري قسنطينة.
- كمنجي، ذكريات مدحت. (٢٠٠٩). جماليات المكان في الرواية النسوية الأردنية. كلية الدراسات الأدبية واللغوية. جامعة جدرا.
- المدقن، كلثوم. (د. ت). «دلالة المكان في رواية موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح». مجلة الأثر، العدد 4.
- مرتاض، عبد الملك. (1998). في نظرية الرواية. سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني والفنون والأدب، عدد: ٢٤٠. الكويت: عالم المعرفة
- منيف، عبد الرحمن. (1992م). حول هموم الرواية هموم الواقع العربي؛ المستقبل العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
- النصير، ياسين. (2010م). الرواية والمكان (دراسة المكان الروائي). دمشق: دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع.