سؤال الوجود والمتخيل الشعري في ديوان “حسان النغم” لـ”مها خير بك”
أ. د. آمال لواتي([1])
الشعر يتماهى مع الفلسفة أو مع فلسفة الشعر، مقولة كثر حولها الجدل الفكري والنقدي، وإن قصدنا من خلال إيرادها التساؤل عن كيفية إجابة التجربة الشعرية عن السؤال الفلسفي، دون التعدي على الشعرية التي نعتبرها خطا فاصلا بين الشعر والفلسفة، رغم الصلة الوثيقة بينهما، والتي أكدها مارتن هيدجر، فالشعر -في رأيه- تأسيس للوجود بواسطة الكلام([2])، بعد أن نظر إلى الشعر على أنه نوع أعمق من المعرفة([3])، وأن الشاعر هو الأقرب إلى الكينونة، لأنّه يستعمل لغة أنطولوجية، تتعلق بالكينونة ذاتها([4])، وهي في سياقها العام معرفة الحقيقة والوجود.
أولا: تماهي السؤال والمتخيل في مسالك الديوان
يحتضن الشعر الهم الوجودي الذي يهدم كل معنى مقنن ومتداول فهو لا يؤدي إلى اللامعنى، وإنما إلى تفكيك ميتافيزيقا النسق، ويحتاج إلى المنظومات التأويلية لمصير الإنسان والعالم…. إذ يصدر كما يرى أدونيس «عن حساسية ميتافيزيقية تحس الأشياء إحساسا كشفيا، معتبرا أن الشعر ميتافيزيقية الكيان الإنساني».([5]) فالمعنى الشعري يبقى موضوعا لبحث لا ينتهي إلا ليبدأ من جديد، لأنه ينشأ من الفعل الحر للخيال المبدع والمؤسس على الانقطاع عن المعنى الإدراكي والتذكُّري، ويتشكل عبر تصدعات اللغة كاشفا إمكاناتها اللامحدودة([6]).
وقد حاولت اللغة بوصفها شرطا للوجود وضامنا له «أن تحتال على الموت المادي بشتى الطرق التوهيمية، فقد لعبت دور المكيف لشحنة المشاعر العالية اتجاه صدماته، بمعنى أنها مثلت دور الوسيط الذي يمتص شرارة الضغط العالي([7]).
وبذلك يحاول الشعر تقديم أجوبة عن القلق العميق لدى الإنسان بحكم شرط وجوده في العالم، بإقامة روابط بين الذات واللغة لاستدعاء شكل من الأمل والفرح مضاد لليأس والحزن، ويتم من خلال ذلك إعادة تشكيل العالم عبر المتخيل الشعري، فهو إذن تأسيس لغوي «ضد صمت الكون عن البوح بالحقائق الجوهرية، وضد الموت، … يعيد إنتاج العالم من جديد بواسطة لغة خاصة تزاوج بين الأشياء المرئية من العالم، وبين الخيال الذي يحقق إمكانية هائلة في تحقيق التوازن النفسي حيال الموت وحيال المصير الإنساني في الوجود([8]).
ويتأتى حضور الموت في الفعل الإبداعي الشعري «أداة تخليق الرؤيا وإعادة صياغة العالم بالحلم المستحيل، والدفق الإنساني الذي يمسك بجوهر الوجود الهارب في تشظي الكلمات وتقاطع الصور»([9]). ولا يتأتى هذا الفعل المفعم بالتخطي إلا لمن كان ذا درجة عليا من التطور الروحي، وكان ذا فكر على اتصال مباشر بالينبوع الأصلي للوجود([10]).
ومن منطلق علاقة الوجود باللغة، ينطوي ديوان حسان النغم للشاعرة مها خير بك على حساسية رثاء عالِ لابنها، وهي تحكي قصة المواجهة القاسية بين ذاتها وأسئلتها الوجودية حول الزمان والمكان، والحياة والموت، والكون والإنسان، ولم تستطيع أن تتعمق أسئلتها بإعمال الفكر الفلسفي، وإنما سعت إلى تشغيل الطاقات التخيلية، لأن الأجوبة الفلسفية تبقى محددة بقرائنها المنطقية مهما اختلفت مباني تصوراتها حول الوجود والمصير بينما طاقة الخيال تمنحها فسحة للتأملات والرؤى والأحلام لرسم مشاهد ولوحات ولحظات شعرية تخفف من غلواء محنتها ومأساتها، وبذلك يكون الشعر قد أخرجها من واقع أزمة وجودية، اختلط فيها اليأس والأمل والشك واليقين، والثورة والسكينة، لكنها عبرت عنها بأشكال وصيغ وصور ورموز مختلفة. وأدى امتزاج الشعري بالسردي إلى نشوء علاقة جمالية بين الشعر والسيرة الذاتية على صعيد منابع الحدث السردي وعناصر التشكيل، حيث لم تُعن بالحدود النوعية بين الجنسين بقدر ما اعتنت بفضاء الخطاب الشعري ومدى قدرته على حمل تجربتها بتكثيف بالغ، من خلال إشارات وعلامات لغوية بدت من افتتاحية الديوان إلى عتبة تصديره إلى عناوين قصائده ومتونها، لتشير إلى القيمة السيميائية لخطابها الذي حفل بالتأمل في المرئي واللامرئي، واستدعاء الترميز والأسطرة والغموض والنفحة الصوفية، للإيحاء بمعاناة تجربة الغياب والفقد والموت والرحيل الأبدي، وما حوته من ألم وحزن وحيرة ووحدة… وسعت من خلال ذلك الخطاب إلى تحقيق معادل نفسي وعاطفي، ووجودي وإنساني لإحداث التوازن بعد الانشطار الذاتي بين الذات الواقعية المتألمة والذات الشاعرة المتخيلة، وهي تريد أن تحول تجربتها الوجدانية إلى حقل الشعر لتغيير نسيج واقعها المؤلم الذي حاولت من خلال أسمائه وأماكنه وصوره وأحداثه الحقيقية، للدخول إلى عالم المتخيل الذي هيأ لها أفقًا لعرض أسئلتها والتعبير عن عواطفها وانفعالاتها، وتحويل تجربتها إلى معادلات فنية وجمالية، لكنها لم تكن تدر أنها ضاعفت من ثقل تجربتها بعد استنفاذ حيرتها اللغوية عبر أساليبها الإنشائية والخبرية والتصريحية والاستعارية والمجازية والرمزية، لتعمق من جدلية الحضور والغياب، ولم تكن تدري أنها تبحث عن الخلاص وهي تنبه حدسها وحواسها إلى السموق بأزمتها إلى الموقف الوجودي الذي يحمل السؤال الكبير عن الماهية والمصير عبر تجربة الموت، الذي لا يمكن اعتباره “شيئا عارضا، بل هو نسيج الوجود الإنساني”([11])، إذ تطرح الأسئلة وتعيدها وفي الوقت ذاته تستحضر حزنها واغترابها، بالتأمل الهادئ حينا والساخط حينا آخر، وتفتح بصرها وقلبها وعقلها لمتلّق يتفاعل مع موقف التماهي بشتى الرؤى والأفكار والصور وتُشعره بمعنى التمثيل الشعري الذي يسائل جوهر المعنى الوجودي، لأنّ الخيال عامل توازن بين الشرط الموضوعي للإنسان، وبين طاقاته الذاتية والحيوية، لذلك له قدرة إبداع وقائع جديدة رمزيا([12]). فبنيات التعالق بين السؤال والمتخيل تؤدي إلى أن أحسن مواقع التخييل “أن يناط بالمعاني المناسبة للغرض كتخييل الأمور السارة والأمور المفجعة”([13]).
ثانيا: الأمومة بين تمظهرات الوجود واللغة
إن غريزة الأمومة اقتضت أن تكون المرأة أكثر حساسية من الرجل أو أكثر استجابة للمؤثرات الوجدانية، وهي بطبيعتها أكثر إحساسا وانفعالا بالآلام والمصائب([14]). وتبين من خلال المقروء الشعري النسائي أن المرأة لها في أكثر الأغراض الشعرية “الرثاء” من خلال فقد ابن أو أخ أو زوج أو حبيب، وكانت صورة الضعف الأنثوي المحاطة بالألم والبكاء والدمع والعذاب والأسى والأرق والحرمان أهم ما شكله ذلك المقروء([15]). لكن الشاعرة مها خير بك توجهت بهذا الغرض التراثي إلى موضوع فلسفي وجمالي في آن واحد، فرغم عاطفتها الثائرة، لم تسيطر عليها فجيعتها الشخصية، بل راحت تتأمل الحياة والموت لتخرج صورة المرئي المادية المحسوسة إلى الصورة المعنوية المجردة المنفتحة على ما هو ديني وأسطوري، وفلسفي وإنساني، «فلا سبيل إلى فهم الحياة إلا في علاقتها بتلك النتيجة الضرورية الباطنة فيه منذ البداية، ألا وهي الموت»([16]).
إن ذات الشاعرة تحاول أن تتخلص من طبيعتها الفيزيائية، حيث تستحيل إلى تجريد خالص، يتيح لها قدرة عميقة على رؤية عالمها بكل اتساعه وضيقه، لأنها بالتجريد تمتلك خاصية الامتداد الزماني والمكاني([17]). فالأمومة عندها ليست شعورا مأساويا بفقدان ابن عزيز، بل هي سؤال وجودي كبير عن الحياة والوجود، الأمومة هي وعي ديمومة وبدءٌ لا يعرف النهاية، هي مدراتٌ غير مستقرة لا تعرف الحرف والنقط ولا الوقف ولا السكون، فهي تتعدى الاحساس والشعور والغريزة:
أغرق في تثليث مبهم
تحترق النقطة
لا تتلاقى الأضلاع.
زهوا يرفعني
ويتيه محيطي
فوق مدارات النقطة
لا أدري أيولد مني السطر؟([18]).
وتحتدم أسئلتها الوجودية عن الأمومة أمام شعورها الحاد بالمأساة، والتي قهرتها أمام حتمية القضاء والقدر، فاستحضرت من خلال استفهاماتها صور استعارية توحي بالموت وتدل على رهبته وقوة حضوره:
بكت الأرحام
ما هذا القدر؟
يضرب الأنجم … والأزهار …
يذري بالأمل
دمعتي شلال عطف .. وعبر ..
تلد الأنثى؟
لماذا؟
ليت حواء العدم([19]).
وهذا التوصيف الوجودي للأمومة يتشكل بدءا من عناوين نصوصها، ومن خلال تلوين مشاهد أمومتها في نص “هيولي اللقاء”([20])، ونص “كيمياء الألم”([21])، ونص “هيولي الغيب”([22]). ومن هيولي المادة والأصل، الروح والجسد، تبدأ الأمومة من رحم الأرض إلى رحم الأم، في إشارات بلاغية ورمزية عميقة عن سر الخلق والإنسان، وعن البدء والنهاية. وتريد أن تتسلل في التفاتة صوفية وفلسفية إلى سرية الحروف في علاقة الأمومة بالبنوّة لفهم معنى الوجود، بالانتقال من فكرة العدم إلى الغيب الواسع، وذلك من خلال تجريد اسم ابنها وربطه بأبعاد إنسانية وكونية:
أشتهي الحرف …
يلفظني ولدا …
من قال بأن الحرف يميت؟
والاسم حروف تستبق المعنى؟
حرفا يبدأ بي نص الألم
والاسم يشير لجوهر المعنى
حساني … حاء الحب
وسين السعد
ألف البدء
ونون النهاية …( [23])
نبعت من أمومتها فلسفة ألم موزع على خطين، خط التجاوز والرفض واللوعة، وخط الاستسلام والإيمان والصبر، والجامع بينهما هو شعور أمومي إنساني متوازن بقيمة روحية ممتدة تفوق قيمة الحب وتقترب من قيمة الحق وهو أعلى وأكمل قيمة إلهي ولكنها سعت إلى تصوير جوهر الأمومة من خلال تحويل النماذج البشرية بشخوصها وأنماطها إلى أنساق وعلامات ورموز شملت (الذات / الأم) (الآخر / الابن)، وهي ثنائية مفتوحة على أعمق العلائق والوشائج. فالأمومة عندها ممثلة في رمز حواء أول أم فوق الأرض، وفي رمز هاجر وهي تسعى في صفاء ومرو لأجل حياة ابنها إسماعيل، إلى أن تفجر زمزم وتفجرت معه الحياة[24]، وهي في رمز فاطمة، وهي تقتات محنة استشهاد ابنها الحسين رضي الله عنه[25]، وهي في رمز مريم وهي تحمل عبء بنوة عيسى –عليه السلام- ونبوته[26]، وهي في رمز أم محمد الدرة شهيد البراءة والطفولة في زمن الحقد والجبروت([27])، وهي في رمز الأرض الأم الأولى لكل البشر، فمن طينها كانت بداية الخلق وإلى ترابها نهايته:
نقطة حياة حملتك أم حملتني لا أدري.
أنا وأنت سر وجود متشح الأسرار([28]).
إن الشاعرة لم تطمح إلى تفسير العالم وتغييره بإيجاد موقف من الله والكون والإنسان، وإنها لم ترتبط بالفهم الوجودي الذي يؤدي كما يقول سارتر إلى إحساس الفرد بأنه موجود في عالم لا سند له فيه ولا ملاذ([29]). وبمزيد من النصوص تتأكد الصلة الوثيقة بين نصها الشعري والنص الديني، والقرآني بخاصة، أو بمعنى أدق إصرار الأول على التناص بالثاني، أو تمثله أحيانا للاحتماء بمطلق أنساقه([30])، والذي كان لها سندا روحيا، خفف من حدة الألم والوحدة، فكثر التفاعل النصي على مستوى الرؤية العقدية والتشكيل اللغوي، بل كانت تناصاتها وسائل روحية لمقاومة حقيقة الموت وإيجاد إجابات روحية مقنعة، كالأمل، والإيمان والتسليم واليقين، ولم تستسلم إلى السأم والعبث، والكآبة والخوف والرعب، كما استسلم شعراء الاغتراب الوجودي بعد أن عجزوا عن وعي تجربة الموت والقضاء والقدر([31])، وهو ما أكدته عقيدتنا الإسلامية ]رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ[ [آل عمران: 191].
فهي مؤمنة بأن للوجود معنى وغاية، وقد تحررت من قيود العجز عن التحليل، وهي تواجه سؤال القضاء والقدر سؤالا وجوديا حائرا، لكنه علقته بالأمل في اللقاء، والصبر على الفراق، ولأنها لم تعثر على إجابات، اعتبرت السؤال لغوا ولا جواب:
نأتي الوجود
نصارع …
نتناحر
ونغيب ما السر؟ !
سؤال ولا جواب([32]).
أقوال ما أروعها.
إيمان، صبر، لا أحزان… ([33])
وكأنها لا تستجيب للمواساة وهو شعور صادق لأم ثكلى، لأن النفس البشرية تتوزع بين مقومات الثبات والتحول، حيث ينتفض حسها الإيماني الذي يؤسس لليقين بعد التحول العارض، الذي قد يهتز في لحظات الضعف والألم، لكن سرعان ما يمنحها التوازن الروحي، المعانق لقيم الصبر والأمل واللقاء الأخروي، الذي يخفف من حدة توتر الحيرة، تقول مستجدية:
لا تتركني يا ولدي.
فبعادك يفقدني الإيمان
هل ترضى أن أكوى يوما
وأعذب بنار الإلحاد؟ ([34])
إنها لا تريد أن تفقد إيمانها، فتلجأ إلى كرم الباري ليرحمها من هذا الشوق والحنين الأزلي المبحر في عمق أمومتها التي وصفتها بمشاعر فطرية عميقة من خلال ثنائية التجسيد والتجريد:
أرغب في قدري يا ولدي.
كرم الباري وصدق قرار.
ارحمني من نار حنيني
من يفهم شوق الأرحام([35]).
تتحقق من صور التجسيد والتجريد «المعادلة بين الحقيقة والخيال، ومقياس الحقيقة هنا، لا يمكن أن يكون مقياسا عقليا، لأنّ الحقيقة العليا فوق العقل»([36])، فهي تسأل الله وهي العارفة بقدرته وعظمته، الرحمة، العفو، المغفرة، الوعد، اللقاء، ولأنها تحتاج إلى القوة لجأت إلى صورة السيف، لتتوسله الصبر والعطف، والذي تريده قويا، ليصارع فهمها الغامض للقضاء والقدر، ويكون حدا فاصلا بين الضلال والتيه:
أسألك الصبر.
فمتى ألقى البُشرى.
عفوك يا رب الأكوان
ربك يا محيي الأموات…
يا عبق الطيب، الصبر.
أتوسل عطفك.
قلدني سيف الإيمان([37]).
كما ارتبط سؤال الوجود بالحياة والموت والزمن والنفس والوجدان والروح، ارتبطت اللغة أيضا بأبنيتها ورمزيتها، إذ يتكرر لفظ القضاء والقدر بمدلولاته الدينية وروابطه الأسلوبية، وكان علامة سمائية بارزة في نهايات جل قصائدها:
– جربت صبري وبلواك مقدسة أجثو لحكمك أرضى بما يرى الزمن([38]).
– الله قدم من سناه وديعة من سأل الخلاق عن أمر قضى؟([39]).
– فقضى الله فراقا وقضاء الله لا يُقضى سواه([40]).
– قدرٌ بني خُط من قبل الدُنى أنت العظيم وآهة لحن الورى([41]).
– قدر هذا حبيبي ذقته وبنور الحق ازداد اعتصاما([42]).
وتختزل محنتها بالاحتماء بالله والعودة إليه، حيث يتفاعل ملفوظها الشعري عن الطريق التناص الامتصاصي مع النص القرآني: ]قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [ [يوسف: 86]، الذي قدم صورة نفسية من أقوى صور الرجوع إلى الله، لما فقد يعقوب ابنه يوسف عليه السلام:
رباه أشكو بثي وحزني
أرضى بحكمك يا ديان يا عدل([43]).
ثالثا: الابن المتخيل بين أسئلة الغياب وصور الحضور:
إذا كان الفكر الفلسفي بحث مستمر عن أشكال انتظام الكون وعلله ، فالقصيدة تحتوي هذا البحث، لكنها لا تقف عند حدوده، بل هي خلق لانتظام الكون ذاته؛ أي أنها مبدع للوجود، وبعد كينوني حيوي في الآن نفسه([44])، حيث «تتعالى صيحة الأنا الشعرية الساردة، وهي تحكي قصة الموت بأعلى درجات إيقاعه، لتستفز اللغة الشعرية وتوجهها التوجيه الأنموذجي الذي يعبر عن صدق الإحساس وحرارة الشعور»([45])، وهي تسأل الوجود بعد الافتقاد والغياب والموت في كنهه ومراميه، وهي تتقصد إنكار العقل لعدم إدراكه اليقيني، لكن تسأله بالقلب الذي يمنحها طلاقة الخيال ووهج الروح فتفجرت منه إلهامات النظر إلى الله والعالم والوجود حيث تحول الحزن إلى سؤال:
لماذا يزرعني الحزن سؤالا
وتمطرني الذكرى خصبا أو رجاء
فأتوحد صورة ومعنى
الحزن عنوان تواجدي([46])
فابنها في متخيلها الشعري موجود في ديمومة الحياة بغياب جسدي وحضور روحي من خلال التقابل بين ثنائيات الحياة والموت، الدنيا والآخرة، الجسد والروح، الماضي والحاضر. وأهم آليات اشتغال المتخيل الشعري هي التشبيهات والاستعارات بصيغ التجريد والتجسيد والتشخيص الشعري، لأنه تلك القوة السحرية التي تكشف عن ذاتها في خلق التوازن أو التوفيق بين الصفات المتضادة أو المتعارضة[47]. وتعلن من خلاله الالتحام الأزلي بين الأم والابن، لتبعد فكرة الانفصال بينهما، فهو ما زال موجودا في أحشائها تريد أن تخفيه على مستوى صورها الشعرية من الردى:
أبكيك يا وعد الأمومة والنهى
أبكيك؟ من قال العواطف
تنتهي دمعا وتنتحب الأنا ..
وحاشا أن يباعدنا الردى
أنا دمعه … أنا دمع حساني([48])
وتنقاد دائما إلى الصورة كوحدة بنائية للمتخيل، فهو طيفها الملازم لحركاتها وسكناتها لليلها ونهارها… والمتكرر عنوان لقصائدها: «الطيف الحبيب([49])، الطيف الزائر المبارك([50])، الطيف المسامر وحدتي»([51])، وهو المعنى الوجودي للغتها، فتشبيهها “يريك الحياة في الجماد، ويريك التئام عين الأضداد، فيأتيك بالحياة والموت مجموعين، والماء والنار مجتمعين”[52]. إذ يتراءى طيف الطفل الصغير الذي ينام فوق زندها، وفوق أهداب عيونها، لينعم بحبها وحنانها:
يا طيفه
رفقا بقلبي
يا حبيب
نم فوق زندي
يا صغيري
نم فوق أهداب عيوني
الله كم تاقت يداي إلى يديك([53])
وتستغرق في توليد المجاز لاستخدام استعارات ذات تركيب تجسيدي وتجريدي يحوّل الصفات والأسماء، إذ تلتفت في ذات اليقظة والحلم إلى غرفة يتيمة حزينة، ووسادة مغسولة بالدموع، تتأمل حركاته، همساته، ألعابه، أشياؤه المفرقة، وهي تحاور أسئلته البريئة ووعودها له، لتستفيق من لحظة حلمها الشعري على وعد الله:
والأذن تبحث عن سؤال
أماه… هل جهز الطعام؟
أماه… أين دفاتري؟
أين لعبي؟
أين وعدك؟
الوعد …
وعد الله حق وحده([54]).
ويتشاكل الحسي والمجرد بين الحلم والواقع لتشكيل صور الحضور بالطيف والصورة، لتغرق في السؤال، سؤاله هو سؤالها مزجت فيه براءته وحكمتها، شوقه وحزنها، فهو أمامها صورة يحاورها وينظر إليها وهي تستجديه النطق:
اخرج من صمتك يا حسان
صورتك تنطق
لكن أحزاني خرساء … خرساء([55])
لكن تقر بصمته الذي أخرس حزنها، فتنسج له كلاما، وهي أرقى تجربة شعرية في وصف حالة الأمومة، فتقول:
قل لي
أشتاق إليك أماه …
قلبي يستجدي عطفك
يستعطي وعد الأقدار([56]).
فاعتمادها على تراسل الحواس والمدركات جعل لغتها تُصفّى من دلالاتها وعلاقاتها المنطقية. وقد أصبحت الحواس وسيلة لصهر العناصر المتباعدة والمتنافرة بين العالم المادي والعالم المجرد ليصبح الكون كله وحدة تتعدد وسائل إدراكها، وتستعير إحداها من الأخرى، ما يعين على الإيحاء بحكم أن جواهرها متشابهة[57]. فأرادت أن تبث روحه في الصورة، إذ تداخلت في حسها ومتخيلها الصورة والطيف، وهما يتوحدان عن طريق اللمس في شكل صور تراسلية، جسدت حضوره باللمس المتخيل، وتترك الصورة لترتضي بملمح الطيف الذي لا يفارقها، بل لعل من هذا الطيف قد يولد من جديد، وهي صورة استجلبت الحضور لتعمق من حقيقة الغياب:
لا فراق لا افتراق يا حبيبي
صوتك العابق دنيا في كياني
والوجود الحلو طيف في عيوني ..
أنا ما عنيت بعدًا
وحده اللمس نديم عيوني
لمسة من طيفك تحيي وجودي([58])
وهذا الطيف الذي يسكنها تراه تسمعه تحسه، تستجمع كل صوره ولحظاته، ولكنها لا تستطيع أن تتحسسه ولا أن تلمسه أو تعانقه:
الله كم تاقت يداي إلى يديك
ضمني حسان يا ولدي
شد ساعدي
آه ما أحلى العناق([59])
وتنتقل إلى روح الأسطورة، وهي رؤية تقوم على محاورة الكون والموجودات فيه، تضع الذات الشاعرة على عتبات الأسطوري، والذي يتولد “نتيجة فعل وقوع للخيال على لحظة تقاطع الواقع مع اللاواقع، وتلاقي العادي مع الخارق، وتداخلهما على نحو تضع بموجبه الحلول الفاصلة بين هذين البعدين”[60]، حيث تحولت من تجسيد وتشخيص الابن الغائب إلى أسطرته. وتتلبس الشاعرة بعشتار إلهة الخصب والنماء، والحب والحياة لتعلن جذبها أمام غيابه:
أنا الجذب
وأنت إله خصوبتي
أرسم همسك طريقا
وأغني لحضور الطيف …
تراتيل ولادة([61])
وتريد أن تستعيده بقوة الرمز الأسطوري “الفينق”، ذلك الطائر الغرائبي الذي منحها شحنات دلالية عن الموت والانبعاث، وقد استمدت الشاعرة من أسطورة الفينق، وما تولده من دلالات معنوية ورمزية، ودلالات فلسفية فكرة إلغاء التناقض في علاقة الموت بالحياة، وعدم الإحساس بعبثية الوجود، لتحقيق الانتقال من شكل وجودي عرضي إلى شكل مفتوح على الخلود([62])، وتتوارد عليها صورة الفينق المنبعث من الحريق والرماد مع صورة ابنها وصورة محمد الدرّة، شهيد الحق:
فينيق … تعال وعمدني
برمادِ حريقك عمدني …
فينق يا شوق حنيني
يا قدر إبائي
يا درب الثورة للأبطال
من وحي رمادك تنبثق القدس حياة([63])
ويتشاكل حضور الموت مع الحياة ببعد ديني أعمق، حوّل فكرة الانبعاث الأسطوري إلى البعث الديني من خلال موت الشهادة، وهي حالة متفوقة من حالات الموت، باعتبارها استيعابا لمفهوم علاقة الإنسان بالله، ورغبته في التكامل مع الآخرة، فمن خلال ديمومة الحياة والموت يرتقي الشهيد إلى ذروة الخلود، ويصبح الموت جزءا من حركة الحضور والغياب، فتتماهى مرة أخرى صورة حسان مع صورة محمد الدرّة:
آه محمّد
يا ذرة أحزان فلسطين
وسرة فجر
من صمت القهر يدوي
صومعة عيناك حبيبي
يا عصفور الرفض([64])
وتطمئن إلى الغيب، المتضمن الإيمان بالله واليوم الآخر، والمرتبط بفكرة البعث والمتحقق بالتصديق الجازم واليقين الثابت، الذي يجيبها عن كثير من التساؤلات التي يعجز العقل عن الإجابة عنها، فإذا كان الخوف من الموت هو الشعور العام عند كل إنسان، فإن هذا الشعور يتناقص كلما زاد الإيمان بأن هناك إله واحدا، وأن هناك بعثا وحياة أخرى بعد الموت([65])، إذ يتحول حسان ومحمد الدرّة إلى ملائكة في الجنة، وهي تحيل بنظرها إلى واقع المادة الملئ بالأكدار والأحقاد، التي قضت على المعاني الإنسانية للطفولة:
أطفال في الخلد ملائكة
عالم أرواح لا تعرف طعم الأحقاد …
حسان هناك ملاك الحب
ملاك الرحمة
ملاك العطف …
أنت شهيد الحق
وحساني شهيد الجشع والأطماع([66]).
وتلبست الشاعرة بحالة تجريدية من خلال بلاغة استعاراتها التي “تخرج من الصدفة الواحدة عدة من الدرر”([67]). إنها المعاني والدلالات التي كشفت عن التكثيف الشعوري النفسي للشاعرة وهي تحاول إلغاء المقولات الزمانية والمكانية التي يقرها الواقع، فعمقت نزوعها الروحي:
آه يا من صير دمعي وضوءا
آه من صير صبري سجودا([68])
ويتشكل حضور الابن من الكوني والأسطوري، والإنساني والروحي، ليقودها في آخر المطاف الشعري إلى التعبد والصلاة:
لن تبعد يا طهر
يا عبق السلام
أنت التنسك والحياة.
أنت البقاء الحق في صمت سكوني
أنت الوجود الحلو
في عمق صلاتي([69]).
ويتحول إلى نور يضيء ظلمة نفسها ودنياها، وقد اكتنز خطابها الشعري بالإشارات العرفانية والإشراقية، التي تتيح لها أن تطل على العالم «بوعي مزدوج يجمع بين الحياة والموت، بوصفهما بنية تكاملية»([70])، إذ أن رمز النور يتصل بفرضية التجريد، التي تعتمد على التصارع بين متطلبات الروح والجسد، والرغبة الصوفية العميقة نحو فيض الإشراق، ولعل من بلاغة إيرادها للفظة النور وبعض مشتقاته، أن هذه العلاقة الرمزية مع النور تدخل ضمن ترسيم البحث “عن عالم مرغوب فيه من أجل تحويل الوحشة إلى الألفة”([71]). وتتكرر الدلالات النوارنية في نصوصها: “نورا مشعا، نورا سماويا، نورا عجائبيا، نورا ساكنا قلبها، وما يقابله من مترادفات أخرى: الضوء، والنجم ، الشمس والقمر، البدر، الشهاب، الصبح، الصباح، الضياء، السنا، الشعاع، والفجر …”، تقول:
في قلبي أنت يا حسان نورا مشعا
أنت الضوء المنبعث
أنت يا بني نور سماوي
اختصه العلي الأعلى بريحانة الطهور والقداسة
وأحيا الأمل فيه نور تواجدك العجائبي([72])
ويجتمع الملفوظ الإسلامي والنصراني بشكل لافت في الديوان على المستوى المعجمي (أكرز، الزيت، الماء، الخمر، التعميد، الصليب، الأجراس، الحواريون، الصلاة، التنسك، السجود، المحراب، المئذنة، التعبد، التقى …”. وكذلك على المستوى الرمزي، إذ تتداخل الصور والرموز عن طريق المجاورة والمزج، وكانت تلك الرموز ذات طاقات وشحنات تعبيرية رفعت من القيمة الجمالية لنصها، وأبرزها رموز الأنبياء عليهم السلام (يوسف، أيوب، المسيح، محمد …) الذين انثالت عليها صورهم بطهرهم وقيمهم:
يستفيق الفجر من بين يديه
ويتيه الحسن رؤيا
يوسف … هذا ودنيا
من جمال وطيوب ([73])
ويؤكد ذلك على مدى انفتاح الشاعرة على القصيدة الروحية …، “لأن القصيدة تنأى عن الرفعة والمزية حين لا تنفذ إلى النواة المركزية للروح حين تنقصها الروحانية بكل ما لها من قدرة على تحريض الانفعالات، وإيقاظ الأعماق، وحين تعجز عن أن تكشف لنا عن الغنى الداخلي لأرواحنا نفسها، وحين لا تشف أمام بصائرنا عما هو سام ومهيب”[74].
فبنيات المتخيل أدت إلى الوعي بحقيقة متعالية أعطت معنى للوجود من خلال محاولة تفسير ارتباط الجسد بالروح وتواصل الوجود بتصوراته الماورائية بل الأخروية، والسعي لإخضاع العالم لمبدإ موحد يحقق الانسجام لإعطاء معنى موحد للوجود، إنه المعنى المقدس للوجود الإلهي:
في حضرة الملائكة يستعذبُ صمت الرجاء
وعلى رجاء القيامة استمطر اصطبار الأبعاد الفانية([75])
عبّر سؤال الوجود في متخيلها الشعري عن رغبة ذاتها في محاورة الزمن والتماهي به، إذ صارت عناصر الفقدان نفسها بدلالتها المتفرعة بانية ومؤسسة لمصير غير مرعب، يفتح الجسر إلى حلم يبتهج بفن الموت الأعظم وهو موت الشهادة، وبالجنة والخلود، إذ تولد من ألمها الأمل بعد اليأس وبذور حياة منبثقة من الموت، وتحول السؤال عبر تردد الصور وانتقالها الجدالي والحواري، بعد إدراك حدود الوجود القدري المستعصي على الفهم، حيث تماهى جريان الحياة بجريان القدر، وبرزت صور الحكمة الشعرية للانتصار على الحيرة والقلق بالاتجاه نحو البعد الأخروي الغيبي لا البعد العبثي الوجودي، وتخلصت بذلك في نصوصها من التركيب الجدلي بين الحياة والموت بشكلهما المؤلم والغامض.
إن علاقة ألمها بالوجود لم تفض إلى عدم الانسجام بين ثنائية الحياة والموت، بل بإيمانها قضت على التوتر السلبي بشكله الهدام، الذي قد يطغى فيه الشعور بالاغتراب والعدم، وما يمكن أن تمنحه الفلسفات المعاصرة من إحساس بعبث الحياة وضياع الذات، وتخلصت من الإحساس بالوحدة والنفي في هذا الكون، رغم حواجز المحسوس والمادي والفاني، لأنها لم ترفض العناية الإلهية التي أهلتها لمقاومة اللاوجود بالشعور الروحي، الذي جعل قصائدها ذات نفس روحي تستحضر صور وقيما متلازمة، تعانق القلب والوجدان للسمو بمكامن الروح، وتفتح منافذها وتصلها بنبع الإيمان، لأن النظرة اليقينية ترى بأن الموت حقيقة مقدرة، فيتصالح الموت مع الحياة، إذ لم يعد الموت فناء وعدما، بل هو ترقب لحياة أخرى.
المصادر والمراجع:
ـــ القرآن الكريم برواية حفص.
ـــ أ. أ. ريتشاردز، مبادئ النقد الأدبي، ترجمة محمد مصطفى بدوي، ط 1، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2005م.
ـــ أحمد بسام ساعي، الواقعية الإسلامية في الأدب والنقد، ط 1، الرياض، دار المنارة، 1405هـ/ 1985م.
ـــ أحمد محمد عبد الخالق، قلق الموت، الكويت، عالم المعرفة، 1987م.
ـــ أدونيس، زمن الشعر، ط 2، بيروت، دار العودة، 1988م.
ـــ العربي الذهبي، شعريات المتخيل، اقتراب ظاهراتي، الدار البيضاء، المدارس، 2000م.
ـــ جان فال، الفلسفة الفرنسية من ديكارت إلى سارتر، ترجمة: فؤاد كامل، القاهرة، دار الكاتب العربي، 1968م.
ـــ حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تح محمد الحبيب بن خوجه، ط 3، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1986م.
ـــ خالدة سعيد، البحث عن الجذور، بيروت، دار مجلة شعر، 1960م.
ـــ زكريا إبراهيم، مشكلة الإنسان، القاهرة، دار مصر للطباعة، دتا.
ـــ زكريا إبراهيم، مشكلة الحياة، القاهرة، مكتبة مصر،1971م.
ـــ سهام عبد الوهاب الفريح،المرأة العربية والإبداع الشعري، ط 1، دمشق، دار المدى، دمشق، 2004 م.
ـــ صلاح فضل، أساليب الشعرية المعاصرة، ط 1ن بيروت، دار الآداب،1995 م.
ـــ عادل ضاهر،الشعر والوجود، دراسة فلسفية في شعر أدونيس، ط 1، دمشق، دار المدى للثقافة والنشر،2000 م.
ـــ عبد الرحمن بدوي، الموت والعبقرية، بيروت، دار القلم، بيروت، د. تا.
ـــ عبد السلام المساوي،الموت المتخيل في شعر أدونيس، ط 1، دمشق،محاكاة للدراسات والنشر والتوزيع، 2013 م.
ـــ عبد العزيز بومسهولي، الشعر والتأويل، قراءة في شعر أدونيس، الدار البيضاء، إفريقيا الشرق، 1998م.
ـــ عبد القاهرالجرجاني، أسرار البلاغة، تح محمود محمد شاكر، ط1، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1991م.
ـــ عبد المنعم مجاهد، الاغتراب في الفلسفة المعاصرة، دمشق، سعد الدين للطباعة النشر، 1984 م.
ـــ فاطمة المحسن، مرجعية المرأة العربية، مجلة نزوى، عمان، ع17، يناير 1999 م.
ـــ مارتن هيدغر، هيلدرن وماهية الشعر، تر: فؤاد كامل، القاهرة، دار الثقافة للطباعة والنشر1974 م.
ـــ محمد العباس، سادنات القمر، سرانية النص الشعري الأنثوي، دمشق، دار نينوى، 2010م.
ـــ محمد صابر عبيد، سيمياء الموت، تأويل الرؤيا الشعرية، دمشق، دار نينوى، 2010م.
ـــ محمد عبد المطلب، مناورات الشعرية، ط 2، القاهرة، دار الشروق، 1996م.
ـــ محمد فتوح أحمد، الرمز والرمزية في الشعر المعاصر، القاهرة، دار المعارف، 1977 م.
ـــ محمد لطفي اليوسفي، المتاهات والتلاشي في النقد والشعر، تونس، سراس للنشر، 1992 م.
ـــ مها خير بك ناصر، حسان النغم، ط 1، طرابلس (لبنان)، تريبوليس للنشر، 2003 م.
-[1]جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية – قسنطينة – الجزائر
-[2] مارتن هيدغر، هيلدرن وماهية الشعر، تر: فؤاد كامل، القاهرة، دار الثقافة للطباعة والنشر، 1974، ص 149.
[3]– ينظر: عادل ضاهر، الشعر والوجود، دراسة فلسفية في شعر أدونيس، ط 1، دمشق، دار المدى للثقافة والنشر، 2000، ص 94.
[4]– المرجع نفسه، ص 96.
[5]– أدونيس، زمن الشعر، ط 2، بيروت، دار العودة، 1988، ص 9.
[6] – العربي الذهبي، شعريات المتخيل، اقتراب ظاهراتي، ط 1، الدار البيضاء المغرب، المدارس، 2000، ص 302 303.
[7] -عبد السلام المساوي، الموت المتخيل في شعر أدونيس، ط 1، دمشق، محاكاة للدراسات والنشر والتوزيع، 2013، ص 21.
[8]– المرجع نفسه، ص 20.
-[9] صلاح فضل، أساليب الشعرية المعاصرة، ط 1، بيروت، دار الآداب، 1995، ص 164.
[10]– عبد الرحمن بدوي، الموت والعبقرية، بيروت، دار القلم، د.تا، ص 5.
[11] – زكريا إبراهيم، مشكلة الإنسان، القاهرة، دار مصر للطباعة، د.تا، ص 124.
[12] – محمد عبد المطلب، مناورات الشعرية، ط 2، القاهرة، دار الشروق، 1996، ص 20.
[13] ـــ حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تح محمد الحبيب بن خوجه، ط 3، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1986، ص 89.
[14] _ ينظر: فاطمة المحسن، مرجعية المرأة العربية، عمان، مجلة نزوى، ع 17، يناير 1999، ص 72.
[15] _ ينظر: سهام عبد الوهاب الفريح، المرأة العربية والإبداع الشعري، ط 1، دمشق، دار المدى، 2004، ص 220.
[16] _زكريا إبراهيم، مشكلة الحياة، القاهرة، مكتبة مصر، 1971، ص 11.
[17] _محمد عبد المطلب، مناورات الشعرية، ص 27.
[18] _ مها خير بك ناصر، حسان النغم، ط 1، طرابلس لبنان، تريبوليس للنشر، طرابلس، 2003، ص 114.
[19] _ المصدر نفسه، ص 78.
[20] _ المصدر نفسه، ص 26.
[21] _ المصدر نفسه، ص 30.
[22] _ المصدر نفسه، ص 125.
[23] _ المصدر نفسه، ص 118 ــ 119.
[24] ـــ المصدر نفسه، ص 115.
ـــ المصدر نفسه، ص 69 ــــ 70.[25]
[27] _ المصدر نفسه، ص 65 ـــــــ 66.
[28] _ المصدر نفسه، ص26.
[29] _ جان فال، الفلسفة الفرنسية من ديكارت إلى سارتر، ترجمة: فؤاد كامل، القاهرة، دار الكاتب العربي، 1968، ص 66.
[30] _محمد العباس، سادنات القمر، سرانية النص الشعري الأنثوي، دمشق، دار نينوى، 2010، ص 93.
[31] _ عبد المنعم مجاهد، الاغتراب في الفلسفة المعاصرة، دمشق، سعد الدين للطباعة والنشر، 1984، ص 30.
[32] الديوان، ص 23.
[33] المصدر نفسه، ص 93.
[34] المصدر نفسه، ص 93.
[35] المصدر نفسه، ص 94.
[36] أحمد بسام ساعي، الواقعية الإسلامية في الأدب والنقد، ط1، الرياض، دار المنارة، 1405ه 1985 م، ص 125.
[37] الديوان، ص 106.
[38] المصدر نفسه، ص 41.
[39] المصدر نفسه، ص 44.
[40] المصدر نفسه، ص 46.
[41] المصدر نفسه، ص 57.
[42] المصدر نفسه، ص 59.
[43] المصدر نفسه، ص 73.
[44]– عبد العزيز بومسهولي، الشعر والتأويل، قراءة في شعر أدونيس، الدار البيضاء المغرب، إفريقيا الشرق للنشر والتوزيع، 1998م، ص 30.
[45]– محمد صابر عبيد، سيمياء الموت، تأويل الرؤيا الشعرية، دمشق، دار نينوى، 2010، ص 79.
-[47] أ. أ. ريتشاردز، مبادئ النقد الأدبي، ترجمة محمد مصطفى بدوي، ط 1، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2005، ص 296 ـــ 298
[49] المصدر نفسه، ص 45.
[50] المصدر نفسه، ص 48.
[51] المصدر نفسه، ص 88.
[52] عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تح محمود محمد شاكر، ط1، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1991، ص 4.
[53] الديوان، ص 46.
[54] المصدر نفسه، ص 46.
[55] المصدر نفسه، ص 90.
[56] المصدر نفسه، ص 92.
محمد فتوح أحمد، الرمز والرمزية في الشعر المعاصر، القاهرة، دار المعارف، 1977، ص 134.[57]
[58]– الديوان ، ص 99.
– محمد لطفي اليوسفي، المتاهات والتلاشي في النقد والشعر، تونس، سراس، 1992، ص 100.3
[61]– المصدر نفسه، ص 79 ـــــ 80.
[62] – خالدة سعيد، البحث عن الجذور، بيروت، دار مجلة شعر، 1960، ص 82 ـــ 83.
[64]– المصدر نفسه، ص 62-63.
[65]– أحمد محمد عبد الخالق، قلق الموت، الكويت، عالم المعرفة، 1987، ص 159- 160.
[66]– الديوان، ص 64.
عبد القاهر الجرجاني، المصدر السابق، ص 39.-2
[69]– المصدر نفسه، ص 47.
-[70] محمد عبد المطلب، مرجع سابق، ص 19.
[72]– الديوان، ص 31.
[73]– المصدر نفسه، ص 74.
يوسف اليوسف، الشعر العربي المعاصر، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1980م، ص 46.-1
[75] – الديوان، ص 29.