هل هناك إبداع من دون اتباع؟
د. رحاب صبر([1])
نريد ان نكون أحرارًا في فلسفتنا، وليس من سبيل إلى هذه الحرية إلا بأن نجتهد في إنشاء فلسفة خاصة بنا تختلف عن فلسفة أولئك الذين يسعون بشتى الدعاوى إلى أن يحولوا بيننا وبين ممارستنا لحريتنا الفكرية، ولا ريب أنّ أقرب الطرق التي توصل إلى إيداع هذه الفلسفة هو النظر في هذه الدعاوى نفسها التي يرسلونها إرسالًا ويبثّونها فينا بثًّا كما لو كانت حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ويأتي في مطلع هذه الدعاوى القول: إن الفلسفة معرفة عقلية تشمل الجميع، أفرادًا كانوا أو أقوامًا، أي إنّ الفلسفة معرفة كونية.
بهذه الروح يطرح “طه عبد الرحمن” في كتابه” الحق العربي في الاختلاف الفلسفي”، والسؤال التالي: هل الفلسفة، كونية أم قومية؟ وبعبارة أخرى هل تكون كونية تشمل البشرية جمعاء، أم تكون قومية لأنها تخصّ عرقًا بذاته من خلال إنتاجاته؟ هذا هو السؤال الذي يحاول “طه عبد الرحمن” الإجابة عنه، بل والذهاب إلى الاعتراض على دعوى “كونية الفلسفة”، ويسوق في ذلك اعتراضات من أهمها ارتباط الفلسفة بالسياق التاريخي والاجتماعي، وبالسياق اللغوي والأدبي، فكل فلسفة هي نتيجة سياق تاريخي، ونطاق اجتماعي مخصوص: “ولا وجود لفلسفة بدون هذا السياق التاريخي، ولا هذا النطاق الاجتماعي؛ زد على ذلك أن اللغة هي المحل الذي يتشكّل فيه القول الفلسفي، ولا تشّكل لهذا القول بغير تأثّر بمحله اللغوي”([2]).
وفي إطار اللغة ينتج الاختلاف بين الفلاسفة إلى: “درجة تصنيفهم إلى مذاهب عند كل أمة، ويؤدّي هذا إلى تصنيف الفلسفة من خلال قوميتها، فنقول “الفلسفة الفرنسية”، و”الفلسفة الألمانية”، و”الفلسفة الإنجليزية”، هذا من دون أن ينسى المؤلف إيراد اعتراضات على وحدة العقل ووحدة الطبيعة الإنسانية، مؤكدًا أن: “العقل ليس وحدة وذاتًا، وإنما فعالية”([3])، وينتج عنه انفكاك وحدة الفلسفة، إذا كان العقل ليس موحّدًا كليًّا، وبالتالي فلا جدوى من القول بكونية الفلسفة، والفكر، لأن هذا القول فيه طمس لخصوصية الشعوب والأقوام في إنتاجاتهم الفلسفية والفكرية.
على أن مفهوم الكونية الذي يستعمله هنا يلفّه الكثير من الغموض، فالكونية عنده كمفهوم يعني التعميم على أفراد البشر جميعًا، وهو ما يحيل إليه أيضًا مفهوم “العالمية” الذي يقصد به المؤلف ما يصدق على جميع أقطار الأرض من حيث هي دول قائمة، والصيغة التي يعطيها للمفهومين هي الصّيغة الجغرافية، أو الصيغة السياسية، وربما يذهب إلى إيراد صيغة الغرب مرادف لمفهوم الكونية، فالكوني لا يحيل بالضرورة إلى ما درج على تسميته الغربي إنّ الكوني عصر من عصور العالم، فهو لا يحيل لأيّ معنى عرقي، أو جغرافي، أو قومي. إنّ “الكونية” لا هُويّة لها، وربما كانت اليوم هي ما يحدَد كل هُويّة يقول “هيدغر”: “اليوناني، والمسيحي، والكوني والغربي، كل هذه العصور ندركها انطلاقًا من خاصيّة أساسية للوجود، وهي أن الوجود هو حقيقة وانكشاف، فهو يخفي أكثر مما يظهر”([4]).
كيف يمكن إذًا، قيام فلسفة عربية مستقلة عن الكونية الفلسفية؟ يجيب “طه عبد الرحمن” عن هذا السؤال بطرح خطة خِطابية لقيام فضاء فلسفي عربي، مفادها نحت مفاهيم مثل “القيام”، و”القوام”، و”القومة”، وهي مصطلحات تستمد قيمتها من مفهوم “القومية”، وتتأسّس على العمل المتواصل، والمستقل، والإنتاج الفعال والدينامي، فما يميّز القومية ليس هو جملة المعارف والصنائع التي تحدث في القوم، بقدر ما هي جملة القيم والمعايير التي تحيط بهذه المعارف والصنائع وتوجههّا ولا يجب تبنّي مفهوم معين منقول من الفضاء الفلسفي العالمي، حتى تثبت بالدليل صحته وفائدته في مجال تداول المشتغل في الميدان، ويشدّد “طه عبد الرحمن” على: “النقد في جلب القوة، وأنّ الاعتقاد في الفلسفة يجلب الضَعف، فالنقد ليس رفضًا مسبقًا، ولا ردًا متعسفًا إنّما هو عرض للمفاهيم المنقولة على الأدلة المنطقية، حتى وإن ثبتت صحة هذه المفاهيم، فذلك لا يلزم ثبوت فائدتها([5])“.
وفي هذا السيّاق يضعنا أمام رفض مطلق لكل ما هو برّاني، فحال الأمم برأيه تعني الانفتاح على الشعوب الأخرى، وإن كانت على غير ملّتنا، كما قال “الكِندي”، فالنظر في ما تُقدّم الأمم السالفة، أو المعاصرة مما أنتجوه وأثبتوه في كتبهم، إنما هو أمر واجب اتباعه، فما كان منها موافقًا للحق قبلناه منهم، وسررنا به وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق، نبّهنا إليه، وحذّرنا منه وعذرناهم، إذ إننا نؤكّد على نقد المفاهيم المنقولة من الفضاء الفلسفي العالمي وفحصها، ونحرص على عدم تداولها بيننا قبل أن نرى هل تتوافق مع خصوصيتنا الثقافية والدينية، فإنّنا مطالبون نحن أيضًا بنقد لكل الأشكال القديمة والجديدة لتراثنا ونخلّصه من صيغته الفقهية، فنكون بذلك أمام نقد مزدوج une double critique وفكر مغاير pensée-autre لا يحّن للعودة إلى الأسس، ولا إلى التغنّي بأمجاد الماضي.
هذا الماضي الذي يحاول بعض الباحثين المعاصرين في الفكر الفلسفي أن يجعلوا منه عصرًا ذهبيًا سيطرت فيه روح العقلانية، والعقل، والخطاب البرهاني، على أن محاولة “ابن رشد” في تحويل الفلسفة إلى خطاب برهاني، واتباعه طريق الاستنتاج المنطقي، تعّد الأشهر والأبرز من بين محاولات الفلاسفة المسلمين السابقين عليه، لكن هذا القول في أن الفلسفة خطاب برهاني إنما هو قول يقضي بشكل كلي على خصوصية الفكر الفلسفي من حيث هو كرّ وفرّ وقدرته على التراجع والانتقاد، وعلى إنتاج الأسئلة، وتوليد الفراغات، فالقول إن العقل، أو اللوغوس، الذي يميّز الممارسة الفلسفية يصفو، ويتمحّض فيها بالكلّية، بمعنى أن القول الفلسفي قول عقلي، هو ادّعاء أسطوري كما يصفه “طه عبد الرحمن” وهي على ثلاثة وجوه، مبدأ المعرفة الموضوعية: “إذ إن الفلسفة وحدها من دون شعب المعرفة الإنسانية لم تكن في تاريخ ممارستها كله محل معرفة موضوعية”([6])، أما المبدأ الثاني فيتلخّص: “في التقسيم التركيبي الكلامي، إذ يجعل المؤلف للفلسفة أقسامًا ثلاثة للكلام هي: المفهوم، والتعريف، والدليل، ومتى استطاعت هذه التقسيمات تجاوز الفلسفة الخالصة كان الحظ أوفر لقيام فلسفة عربية حيّة”([7])، والمبدأ الثالث يتعلّق: “بالتقسيم البياني للكلام، وينقسم بدوره إلى قسمين هما: العبارة والإشارة، واللغة الفلسفية تتميّز بمظاهر العبارة العقلية وأيضًا بالإشارة الخيالية”([8]). وقد اعتقد متفلسفة العرب أن الفلسفة الغربية المنقولة إليهم إنما هي ذات طبيعة عبارية عقلية محضة مثلها مثل العلم الرياضي، لأن حقائقها لا تحكمها إلا قوة العقل وحدها، وهذا من بين الأسباب التي دفعت “الغزالي” إلى محاولة هدم مذاهب الفلاسفة، معترضًا على سلوكهم طريق البرهان، ومتهمًا إيّاهم اعتماد التخييل والأوهام حيث يقول “الغزالي”: “ليعلم أنه لا تثبّت، ولا إتقان لمذهبهم عندهم، وأنهم يحكمون بظن وتخمين، من غير تحقيق ويقين، ويستدلّون على صدق علومهم الإلهية، بظهور العلوم الحسابية والمنطقية، ولو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين، نقيّة عن التخمين، كعلومهم الحسابية لما اختلفوا فيها كما لم يختلفوا في الحسابية”([9]) .
فلا قدرة للمتفلسف على الإبداع إن هو لم يزاوج بين العمومية العقلية والخصوصية الإشارية، فالإبداع الفلسفي لا يمكنه أن يكون عقلًا محضًا، وخطابًا برهانيًا خالصًا، لأن ذلك يؤدّي به إلى الجمود والثبات، وهذه ليست من خصائص الفكر الفلسفي التي تجعل من تأثيل المفهوم شيئًا لا يستغنى عنه، ويقصد المؤلف بالتأثيل، عدم الاكتفاء بالجانب الاصطلاحي للمفهوم، بل يجب ربط معنى المفهوم بمعناه اللغوي، ومحاولة معرفة جميع المعاني المتعلّقة بالمفهوم المراد تأثيله، ما يؤدّي إلى فتح آفاق في التفلسف يقع لها تجديد الطاقة الدلالية للمفاهيم العربية.
انطلاقًا من هذه المعطيات يمكن إنتاج فلسفة حيّة تستند في الأساس إلى الجانب التخييلي، فالتخيّل أمر لا مفر منه لقيام فلسفة حيّة، فإنتاجية الأدلّة في الفلسفة الحيّة إنما يأتي من كون جانبها الاستنتاجي يستند بالضرورة إلى الجانب التخييلي، فالفلسفات غير العربية لا تأتي بالدليل تلو الدليل لإثبات دعاويها، وإنما تلجأ إلى الممارسة الأدبية، والشّعرية للتعبير عن أقاويلها، وهذا شأن “أفلاطون”، و”ابن طفيل”، ومعاصرون ك”هيدغر” وغيره كُثر. أما المتفلسفة العرب فهم على عكس ذلك، يرون في الأمثال والرموز خيالات، وهي خلاف الحقائق المطلوبة، ولا ينبغي الاعتماد عليها، فهي لا تليق إلا بذوي الأبصار المحجوبة، أو الأوهام المحدودة كجمهور العوام، لكن رائعة “ابن طفيل”، “حي بن يقظان”، نهجت نهجًا مخالفًا لذلك، إذ جاءت هذه القصة في بديع التخييل الذي كاد أن يغني عن التدليل، لكن سرعان ما طمر هذا الأسلوب التخييلي في التفلسف تلميذه “ابن رشد” الذي استهواه طريق الاستنتاج المنطقي، ولو أن “ابن رشد” لم يوصد الطريق الذي فتحه أستاذه لكان للفلسفة العربية اليوم شأن آخر.
ويخلص “طه عبد الرحمن” في ما توصّل إليه من نتائج، إلى رؤية تقول إنه لا فلسفة عربية ما لم يقع فيها وصل العبارة بالإشارة، وما لم نزاوج بين الخصوصية الإشارية، والعمومية العبارية، بمعنى أنه يجب وصل هذه الفلسفة بالأدب العربي في مجموع قديمه وحديثه: “فكل فلسفة، إذا أرادت الحياة، وجب عليها الاستعانة بأجمل أساليب الأدب العربي وأجلها في الإشارة، وأخيرًا لا حياة للفلسفة العربية ما لم تتغلغل في التداول اليومي، لأن ذلك هو الشاهد على انخراطها في حياة الناس، والجالب لثقتهم بمنفعتها، والضامن لتجدّدها واستمرارها”([10]).
فالفيلسوف العربي المعاصر يمكن أن يكون مبدعًا في الفلسفة إن هو جعل منطلقاته هي المشكلات لا الفلسفات، فالفيلسوف يكون مبدعًا إن لم يسارع إلى الانتماء إلى تيار من التيارات الكبرى السائدة في تاريخ الفلسفة، وإن جعل مجهوده منصبًا بصيغة أساسية على الانتماء لمشاكل عصره، ومشاكل الوضع التاريخي الخاص به، فالمسارعة إلى الانتماء إلى تيار بعينه، أو مذهب بعينه يحول دون الإبداع الفلسفي الحي، ويدفع صاحبه إلى إنتاج أفكار جاهزة، فالأساسي عند المنتمي إلى تيار معيّن هو تأكيد انتمائه إلى مجموعة من الأفكار، والأطروحات الجاهزة، فالتيارات تسعى إلى الضم والتوحيد أكثر منه إلى الاختلاف والفرقة، إنّها تذهب إلى القضاء على الفوارق وخلق التطابق، وهي بذلك تجرف من تريد أن تفكر بهم لا أن تترك لهم مجال التفكير.
كيف نقاوم موانع الإبداع الفلسفي؟ هذا هو السؤال الذي طرحه “طه عبد الرحمن” للخوض في موانع إبداع فلسفي عربي حقيقي، ناهجًا للجواب عن هذا السؤال الإحاطة بالمفهوم المركزي في الإشكال ألا وهو “الإبداع” الذي يتفرّع إلى ثلاث مفاهيم وهي: “الابتكار، والاختراع، والإنشاء”، على أن طرحه للإشكال ينمّ عن نيّة كان قد عبّر عنها مستشرقون ومفكرون معاصرون أبرزهم “علي سامي النشار”، الذي صفى دفعة واحدة التفكير الإسلامي المتأثّر بفلسفة الإغريق. وعلى حّد تعبير “محمد أركون”: “أما العقلانية التي لدى فلاسفة الإسلام فقد كانت عقلانية مشبعة، إن “الكندي” و”الفارابي” و”ابن سينا” و”ابن رشد”، مقلّدة اليونان إن ما لدى الكندي، وابن رشد من عقلانية إنما هي عقلانية مستعارة من المعتزلة، والماتريدية، وغيرهم من مفكرين مسلمين”([11]).
فـ”علي سامي النشار” يصرّح بانتمائه إلى الأشعريّة ومعاداته التفكير الفلسفي الذي ينعته بتقليد فلاسفة اليونان، وهذا ما فتح جبهات عدّة على “علي سامي النشار” لانتقاده تقليد فلاسفة اليونان، ودفاعه عن مكتسبات الفكر الفلسفي الإسلامي، لكن طابع هذه النقاشات هو طابع جدالي Polémique وإيديولوجي واضح، ما يؤدّي إلى ضياع الوعي الإسلامي المعاصر وانزلاقه في خصومات وصراعات عتيقة وبالية، في الوقت الذي تتراكم فيه أمام هذا الوعي ساحة هائلة من اللامفكّر فيه.
ينهج “طه عبد الرحمن” نهج “ارنست رينان” و”علي سامي النشار” و”دي بور” وآخرين في أن الفلسفة الإسلامية ما هي إلا فلسفة يونانية بلغة عربية، والحال أن هذا الحكم المطلق يحتاج إلى مراجعة رزينة، لأنه لا توجد فلسفة أنتجت من عدم، لأن الفلاسفة لم يفتاؤوا، ومنذ بداية التفلسف، يستحضرون فلاسفة سابقين، ويستلهمون من فلسفاتهم، فهل نقول على جيل “دولوز”، والحالة هذه، إنّه ليس سوى شارح لـ”نيتشه”، وأن “كوجيف” مقلّد لـ”هيغل” و”ميرلو بونتي” و”سارتر” تابعين لفينومينولوجيا “هوسرل”؟ فإذاعدَّ التفكير من داخل تاريخ الفلسفة اتباعًا، فإنه لن يكون هناك سوى الاتباع والتقليد، فالقول بالجّدة المطلقة في تاريخ الفلسفة، إنما هو قول ينطوي على يوطوبيا تحاول تأسيس شيء من لا شيء، وتدشين البداية من دون أن تبدأ، مفهوم الإبداع والاتباع ينبغي أن يخضعا لنوع من النسبية، أي أن يبتعدا عن المطلق والنهائي، فلا وجود لإبداع حقيقي داخل تاريخ الفلسفة، وليس هناك في المقابل سوى الاتباع المطلق، بل هناك اتباع وإبداع، بل تجد من المفكرين من يبدعون انطلاقًا من اتباعهم، كما أن مفهوم الاتباع يحيل إلى مفهوم آخر هو التأثّر، فلا يمكننا أن ننكر صفة الإبداع على مفكر، أو فيلسوف عندما تثبت تأثّره بسابقيه، كما يمكننا أن نضفي صفة الإبداع على فكر قطع كل أوصال القرابة مع الفكر السابق عليه، فما يميّز الفكر الفلسفي ليس هو تأثّره، أو عدم تأثّره بالفكر السابق عليه، الأمر لا يتعلق بمشكل الاتباع والتأثر: “إن ما يميّز هذا الفكر هو قدرته على التحرّر مما هو جاهز، أن يتحرّر من الأفكار كسلطة، قدرته على القطيعة والانفصال”([12]).
وحسب “طه عبد الرحمن” لا يمكن الحديث عن إبداع فلسفي من دون الاعتماد على حقائق ثلاث: “إحداها أن القول الفلسفي خطاب، وكل خطاب يضع في الحسبان المتلقي. والثانية أنه بيان، وكل بيان يضع في الحسبان لسان المتلقي، والثالثة أنه كتابة، وكل كتابة تضع في الحسبان بلاغة هذا اللسان، وبذلك نستطيع فتح باب الإبداع الفلسفي متى تيقنا أن القول الفلسفي ليس مقدّسًا في نصّه، فنتصرّف فيه بحسب المتلقي منا، ولا معجزًا في نشأته، ولا مستقلًا في مضمونه([13])“.
ويرى أن تقليد المنقول الفلسفي سمة غالبة على الإنتاج العربي، ويعطي مثالًا على ذلك، نموذج الإنتاج الفلسفي المغربي: “فإن سلّمنا بهذه المسلّمة وصلنا إلى أن اليقظة التي تعرفها الفلسفة المغربية اليوم سوف تؤول إلى ما آلت إليه اليقظة الفلسفية الإسلامية في طورها الأول، فكما أن فلاسفة الإسلام قديمًا وقعوا في تقليد المنقول الفلسفي اليوناني، فنسب عملهم إلى التكرار، فكذلك الأمر بالنسبة إلى متفلسفة المغرب حديثًا، واقعون في تقليد المنقول الفرنسي، قد يأتي فيه زمان يصفهم فيه النقّاد بتعاطي النسخ والوقوع في العقم، فحينئذٍ تصير اليقظة الفلسفية المغربية الحالية عبارة عن يقظة معوجة”([14]).
وإذا ظهر أن اليقظة الفلسفية المغربية دخلت عليها آفة التقليد، فنحن مطالبون أكثر ممن تقدّمونا بالاشتغال بدرء هذه الآفة، حتى نحفظ هذه اليقظة من الانقلاب إلى موت ثانٍ يصيب فكر الأمة العربية في المغرب كما أصابها الموت الأول في الأندلس، إذ إن الفلسفة في الأندلس انتهت بوفاة “ابن رشد” فيلسوف قرطبة، فهذا الأخير حسب “طه عبد الرحمن” أخطأ كليًّا في منطلقاته الفلسفية، فضّل الطريق إلى إنشاء فلسفة عربية، وأعاد الفلسفة إلى ما كانت عليه في لباسها اليوناني الأصلي، ماحيًا من غير تحسّر كل مجهودات أسلافه في ملاءمتها مع مقتضيات المجال التداولي العربي، فكان بحق فيلسوفًا غربيًا بلسان عربي، لا فيلسوفًا عربيًا بعقل عربي، فيكون بذلك قد أحيا الفلسفة بالنسبة إلى غيرنا، وأماتَها بالنسبة إلينا.
إن وجهة النظر هذه إنما هي صائبة في جانب، وقابلة للنقاش في جوانب عدة، فإذا كانت فلسفة “ابن رشد” قد عرفت ترحابًا كبيرًا داخل الغرب المسيحي لدرجة ظهور تيار رشدي أطلق على نفسه اسم Averroïsme، وعلى الرغم من انكباب الشّراح الغربيين على شرح مؤلفات “ابن رشد” التي تدور في مجملها حول علاقة الدين بالحكمة، والفلسفة، فإنّ هذا الأمر لا يعني ألبتة أن “ابن رشد” فيلسوف غربي بلسان عربي، لقد كان بحق، فيلسوفًا لا عربيًا ولا إسلاميًا فقط، بل كان فيلسوفًا كونيًا، وما هذا القول إلا وله ما يثبته، فقد عرف عن فيلسوف قرطبة تسامحه وتساهله بشأن باقي الأديان: “إن الحكيم لا يتعرّض للشرائع بقول مثبت، أو مبطل في مبادئها العامة”([15]). وهذا ما يفسّر تبنّي مجموعة من الشرّاح فلسفته من بعده وكان أغلبهم على غير ملّة الإسلام: “ومنهم فيلسوف اليهود “موسى الثاني” أي “ابن ميمون”، الذي ذكر بعض المؤرخين أنه كان تلميذه، وأقام عنده ضيفًا في منزله في قرطبة إلى يوم اضطهاده ونفيه منها، لقد كانت للفيلسوف الجليل سمعتان داخل أوروبا، الأولى سمعة الفضل والنزاهة، وكانت عند أساتذة المدارس الذين كانوا يرمون إلى كسر النير القديم، والثانية سمعة الكفر، وبغض الدين، وكانت عند العامة والجمهور”([16]).
ولم يأت القرن الرابع عشر حتى صارت سمعة “ابن رشد” فوق كل سمعة، حتى إن “لويس الرابع عشر”، ملك فرنسا، لما أراد إصلاح التعليم الفلسفي في سنة 1473م طلب من أساتذة المدارس، تعليم فلسفة “أرسطو”، وشرح “ابن رشد” عليها، لأنّه ثبت أن هذا الشرح صحيح ومفيد.
لكن التعصّب لمذهب بعينه يؤدّي إلى موت وذوبان فكر هذا المذهب قبل زوال فكر المتأثّر بهذا المذهب، فمفهوما التعصّب والتأثّر لا يجتمعان كون كل واحد منهما يحيل إلى معنى يخالف الآخر تمامًا، كما سبق ذكر ذلك، وتاريخ الفكر يعلّمنا هذا الدرس، فأين هي اليوم الأرسطية، والديكارتية، والرشدية اللاتينية، والماركسية؟ إن ما كان مخاضًا وصراعًا فكريًا بالنسبة إلى هؤلاء الفلاسفة والمفكرين أصبح من بعدهم أطروحات جاهزة وأفكار مقولبة، وما كان سؤالًا واستمرارًا في السؤال قد تحوّل إلى أجوبة ميْتة. إن جلّ المذاهب لسوف تعرف زوالًا كاملًا، إن هي لم تجعل من أفكارها سلاحًا للتجديد من الداخل، هذا حال الفكر العربي بانقسامه إلى مذاهب تنتمي إلى التراث العربي الإسلامي، وهذا ليس عيبًا، بل إنما العيب هو تجميد أطروحات هذا المذهب في قوالب لا تلبث أن تتزعزع حتى تلقى حتفها، فالأفكار عندما تتحّول إلى تيار تفقد غناها كأفكار.
إن التراث العربي الإسلامي سواء منه الفلسفي، أو الكلامي، أو الصوفي، أو الأدبي، ليس كنزًا ينبغي المحافظة عليه والتعصّب له، والإحاطة به، وتقديسه، وإنما هو مجموعة من الاجتهادات الفكرية التي حاولت إيجاد صيغة معينّة للفكر، والمعرفة في المجتمع الإسلامي، وبما أن الأمر كذلك فإن هذا التراث سيكون قابلًا للتأويل وإن لم يكن للهدم إن اقتضى الأمر ذلك؛ فقول “ابن رشد” مثلاً إن “أرسطو” هو الإنسان الأكمل والمفكر الأعظم الذي وصل إلى الحق الذي لا يشوبه باطل، إنما هو قول وجب التخلّص منه لإعطاء حركية جديدة للفكر الرشدي في زماننا هذا، كون الظروف التي عاشها سواء “أرسطو” ، أو”ابن رشد” ليست هي ظروف عيشنا اليوم.
والأمر نفسه بالنسبة إلى نماذج أخرى منها “الغزالي” الذي صرّح في آخر أيامه أنه لم يكن يطلب العلم من أجل العلم والمعرفة، بل كان من أجل الجاه، والسمعة، والشهرة، وتنفيذًا لأمر مستظهري نسبة إلى الخليفة العباسي “المستظهر”.
هل لنا أن نتساءل في الختام عن عوائق قيام فلسفة عربية مستقلة؟ أم أن السؤال لن يغيّر شيئًا؟ هل الأمر كله متوقّف على مدى اتباعنا ونقلنا للموروث الغربي وتأثّرنا بهذا المذهب أو ذاك؟ أم أن الأمر يتعلّق بأزمة ثقافة وفكر يعرفها العالم العربي الإسلامي؟ وهل فعلاً يعرف الفكر العربي المعاصر أزمة كما يلخّصها “عبد الله العروي” في أزمة الإيديولوجيا الإسلامية التقليدية، والليبرالية العربية، ثم الاشتراكية العربية. وأخيرًا ما سمي في بداية الثمانينيّات بالعروبة([17])، أم أن المشكل أكبر وأعمق من صراع وأزمة مذاهب يعرفها الفكر العربي المعاصر؟
إن أيّ فلسفة اليوم هي مدعوّة بشكل أو بآخر إلى المشاركة في الفكر الكوني، وحينئذٍ لن يعود هناك مجال لافتراض مفهوم مطلق للخصوصية، والهويّة، والأصالة، بل إن كل حديث عن الأصالة، هو بشكل أو بآخر يزج بنفسه في المعاصرة، إنه يشارك بكيفية أصيلة في العالمية وفي الفكر الكوني: “وإن نحن أردنا اليوم للفلسفة العربية أن تقوم ينبغي أن لا ننتظر منها أن تكون عربية خالصة، كما ينبغي أن ننفصل عن الدعوات العديدة التي تنادي بعدم جدوى الحوار مع الفكر المعاصر، هذا الفكر الذي وجب التذكير أنه يتكلم لغات عدّة، ويعكس همومًا متباينة، ويعبّر عن هُويّات متغايرة ، فما بالك نحن الذين نتكلم لغة واحدة، ونعبّر عن هُويّة واحدة”([18]).
نستنتج من كل هذا مجاوزة “طه عبد الرحمن” لتاريخ السؤال الفلسفي، الأصل في الفلسفة ليس السؤالية وإنما المسؤولية، نحن العرب نريد أن نكون أحرارًا في فـلسفـتـنا. من المؤكّد أن الفلسفة اشتهرت بممارسة السؤال، بل حتى الأجوبة في الفلسفة هي عبارة عن أسئلة، والهدف هو البحث عن الحقيقة، وعدم الركون إلى أجوبة جاهزة، لكن السؤال الفلسفي لم يكن شكلاً واحدًا، بل أشكالًا متعدّدة، أبرزها، حسب “طه عبد الرحمن”، شكلان اثنان:
الأول: السؤال الفلسفي القديم الذي اختّص به الطور اليوناني، إذ كان عبارة عن (فحص) بمعنى أن السائل يطرح على محاوره أسئلة تؤول في الغالب إلى إبطال دعواه، وخير شاهد على ذلك السؤال السقراطي، نسبة إلى “سقراط”، فقد كان يبادر محاوره بسؤال عام عن مفهوم الفضيلة، أو الخير، أو العدالة مثلًا، حتى إذا تلقى منه جوابًا معينًا، ألقى عليه أسئلة أخرى قد تطول وتتشعب، يكون الرد عليها بالإيجاب، اعتقادًا من محاروه أن هذه الأجوبة لا تخالف الجواب الأول، لكن سرعان ما يظهر سقراط لمحاوره تناقضه الصريح بين جوابه الأول وأجوبته اللاحقة.
الثاني: السؤال الفلسفي الحديث الذي هو نقــد ومقتضاه: أن لا يسلّم الناظر بأيّ قضية، كائنة ما كانت، حتى يقلّبها على وجوهها المتعدّدة، ويتحقّق من تمام صدقها، متوسّلاً في ذلك بمعايير العقل وحدها، كما هو الشأن مع الفيلسوف الألماني “إيمانويل كانط”، الذي كان لا يقف فقط عند حدود شروط المعرفة، بل جعل من العقل نفسه موضع تفكـير، وهذا ما تعبّر عنه على الأقل عناوين ثلاثيته، نقـد العـقل الخالص، نقد العقل العملي، نقد ملكة الحكم، حتى أصبحت هذه الممارسة النقدية الكانطية تشمل كل شيء، وأصبحنا نحصي أعمالًا تحمل في عنوانها لفظ النقـد، والفرق بين الفحص والنقـد، أما الأول فإنه يوجب الدخول في الحوار، وأما الثاني فإنه يوجب التفكير في المعرفة، ويهدف إلى الوقوف على حدود العـقل.
غير أن “طه عبد الرحمن”، أسّس لمرحلة جديدة من ممارسة السؤال الفلسفي، تتجاوز شكل الفحص والنقـد معـًا، وهذا الشكل الأحدث للسؤال الفلسفي هو ما يسميه في”كتابه الحق العربي في الاختلاف الفلسفي” بـــالسؤال المسؤول، أي السؤال الذي يسأل عن وضعه كسؤال بقدر ما يسأل عن موضوعه، وبيان ذلك أن الفيلسوف لا يُسأل لأنه يملك زمام السؤال، ويلقي بزمام المسؤولية على غيره، بمعنى أنه يضع سؤاله عما شاء وحيثما شاء، ومتى شاء، ولمن شاء، ولـكن لأنه مسؤول عن كل أفعاله بما فيها سؤاله، فكل فيلسوف يَسأل لأنه يُسأل، ووجود سؤاله من وجود مسؤوليته.
استنتج من هنا أن الأصل في الفلسفة ليس السؤالية وإنما المسؤولـية، و يبقى الغرض الأساس من هذه النتيجة هو تبيان صاحب مؤلف “سؤال الأخلاق”، مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، وأن ممارسة السؤال هي في عمقها مسؤولية أخلاقية، ومعلوم أن “طه عبد الرحمن” يشير في أغلب كتبه ولقاءاته أنــه لا تفلسف من دون تخلّــق.
أصبح لدينا ههنا تعريف جديد ونظرة مغايرة لتعريف الفلسفة والفيلسوف، لا تشبه تلك التي رسخ عليها تاريخ الفلسفة، فالفيلسوف الحق مع “طه عبد الرحمن” ليس هـو الذي يهيم في واد النقد، بل هو الذي يكون نقده مسؤولًا، لا يركن إلى الاعتقاد في نفسه فضلًا عن عدم الركون إلى العقل بما هو وسيلته الخاصة، بمعنى أنه لا يكتفي بنقد العقل كما حصل مع “كانط”، بل يتعدّاه إلى نقد نقده، لذلك فالعقل عنده ليس هو العقل الفاحص، ولا العقل الناقد، إنما هو العقل المسؤول أي إن العقل هنا يصبح مناط التكليف.
وإذا تقرّر هذا التعريف الذي قدّم للفيلسوف الجديد السائل المسؤول، ظهر أن الفيلسوف العربي الجديد ليس هو الذي يخوض في أي سؤال، ولا ذاك الذي يخوض في سؤال غيره، تقليدًا له، وإنما هو الذي لا يسأل إلا السؤال الذي يلزمه وضعه ويلزمه الجواب عنه، وهذا لا يمكن أن يتمّ حسب “طه عبد الرحمن” إلا عن طريق تحرير القول الفلسفي العربي من تبعيته وفتح آفاق الإبداع فيه، الأمر الذي جعله يقرّ بحاجة الفيلسوف العربي الجديد إلى استشكال مفهومين، ليس هناك أضرّ منهما تسلّطًا وتجميدًا على القول الفلسفي العربي، هما: الفكر الواحد والأمر الواقع.
أ- مفهوم الفكر الواحد: الذي أفرزته ثقافة واحدة، بالسلطان لا بالبرهان، وهي ثقافة الأقوى اقتصاديًا وسياسيًا، وليس أضرّ على الفلسفة من أن يهيمن عليها فكر واحد، لهذا وجب على الفيلسوف العربي أن يشتغل بنقد هذا الفكر الواحد الذي أخد يتغلغل بقوة بين بني قومه، يقطع وينزع عنهم التميّز والإبداع، وأسباب العطاء. هنا وضع “طه عبد الرحمن” جانبين أساسيين يخلّ بهما مفهوم الفكر الواحد.
وأحدهما: إن هذا الفكر يعارض مبدأ المسؤولية الذي تتحدد به الفلسفة، فلا مسؤولية من دون الخروج من التبعية الفكرية.
وثانيهما: إنّ الـفكر الواحد يفضي إلى نقيض المقصود من حيث إنه يسعى إلى المقصود؛ لأن فعل التفلسف أظهر في الاختلاف منه في الإجماع.
ب– الأمر الواقع: وهو مفهوم سياسي هدفه بسط هيمنة سياسية مخصوصة، تملي على الفلسفة مقولاتها، وشروطها، أو تخضعها لتوجّهاتها، وهذا حتمًا سيسوق الفلسفة إلى الموت المحتوم.
لذا، فإنّ أحد وجوه المسؤولية هو نقد هذه المقولة، نقدًا مسؤولًا يكون بتوضيح أن مقولة الأمر الواقع تخلّ بشرط التفلسف على الأقل من جانبيين اثنين.
واحدهما: إن الأمر الواقع يضاد مبدأ الاعتراض الذي تقوم عليه الفلسفة، فالواقع حادث، والحادث لا ضرورة فيه، لا يحتمل أن يبقى على الوجه الذي حدث به وأن ينتقل إلى وجه سواه، وبفضل هذا يحيي “طه عبد الرحمن” في مقولة الأمر الواقع مقولة أخرى وهي “الواقع يتغيّر”.
وثانيهما: إن الأمر الواقع، لمّا كان مفهومًا سياسيًا تحكمه المصلحة والقوة، فهو يخالف مبدأ الحق الذي تدعو إليه الفلسفة، لأنّ المصلحة التي لا تقوم على الحقّ فهي ضرر، والقوة التي لا تقوم على الحق فهي لا تكون إلا ضعفًا، ولا بُدّ للضعف أن يزول حالاً أم مستقبلًا، ولا بدّ للضرر أن يزول، عاجلاً أم آجلاً.
وهذا النقد لمفهومي الفكر الواحد والأمر الواقع هو في الحقيقة اشتغال من “طه عبد الرحمن” على انتزاع حـــقّه في أن تتنوّع ممارسته الفلسفيه عن نموذج الفلسفة المعلومة التي يقرّ أهلها أنها أمر واقع، وفكر يجري على الأمم كافة، على الرغم من أنهم في فلسفاتهم يتبجّحون بمفاهيم الاختلاف وغيرها، لكنهم ينكرون الاختلاف مع هذا النموذج الفلسفي.
فكما أن الاختلاف الثقافي حق مكفول لجميع أمم المعمورة، فكذلك حق الاختلاف الفلسفي ينبغي الإقرار به للجميع، ونحن العرب ، حسب ما رأى “طه عبد الرحمن”، نريد أن نكون أحــرارًا في فـلسفـتنا، وليس من سبيل إلى ذلك إلا الاجتهاد في إبداع فلسفة خاصة بنا، والنظر في تلك الدعاوي التي تحول دون ممارستنا لحريتنا الفكرية، ويأتي في مطلعها القول إن الفلسفة معرفة عقلية تشمل الجميع، أي أن الفلسفة معرفة كونية.
وإيمانه الراسخ بحق كل قوم في الاختلاف الفلسفي، جعله يؤمن بحاجة الأقوام جميعًا إلى دخولها في علاقات حوارية بعضها مع بعض، لأن الاختلاف يوجب الحوار، والحوار إنما هو تواصل السؤال.
المصادر والمراجع
1– ابن رشد، فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، تحقيق محمد عمارة، القاهرة، دار المعارف، 1983م.
2- أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، تحقيق أحمد شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، 2001م.
3- طه عبد الرحمن الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2002م.
4- عبد السلام بنعبد العالي، ثقافة الأذن وثقافة العين، المغرب دار توبقال للنشر، الرباط، 1994م.
5- عبد السلام بنعبد العالي، أسس الفلسفي المعاصر مجاوزة الميتافيزيقا، المغرب، دار توبقال،2000م.
6- فرح أنطوان، ابن رشد وفلسفته (مع نصوص المناظرة بين محمد عبده وفرح أنطوان)، تقديم أدونيس العكرة، بيروت، دار الطليعة، 1981م.
7- محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ترجمة هاشم صالح، بيروت، المركز الثقافي العربي ومركز الإنماء القومي، 1996م.
المراجع الأجنبية
- Abdelkebir Khatibi, Maghreb pluriel, Edition denoël, Paris ,1983.
الدوريات
1– مجلة الوحدة العربية، عبد السلام بعبد العالي، نحن والتيارات الفلسفية، السنة الخامسة العدد 60، 1989.
1) أستاذ في الجامعة اللبنانية كلية الآداب والعلوم الإنسانية- قسم الفلسفة.
([2] طه عبد الرحمن الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2002، ص: 53.
([3] طه عبد الرحمن الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، بيروت، م س، ص: 55.
([4] عبد السلام بنعبد العالي، أسس الفلسفي المعاصر مجاوزة الميتافيزيقا، المغرب، دار توبقال، 2000م، ص: 409.
([5] طه الرحمن، الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، م. س، ص: 68.
([6] ابن رشد، فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، تحقيق محمد عمارة، القاهرة، دار المعارف، 1983م، ص: 261.
([7] المصدر السابق نفسه، ص: 271.
([8] ابن رشد، فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، م. س، ص: 261.
([9]أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، تحقيق أحمد شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، 2001 م، ص: 43.
([10] طه عبد الرحمن، الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، م س، ص: 102.
([11] محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ترجمة هاشم صالح، بيروت، المركز الثقافي العربي ومركز الإنماء القومي، 1996م، ص: 131.
([12] عبد السلام بعبد العالي، نحن والتيارات الفلسفية ،مجلة الوحدة العربية السنة الخامسة العدد، 60، 1989م، ص: 35.
([13]طه عبد الرحمن، الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، م س، ص: 116.
([14] المصدر السابق نفسه، ص: 134.
([15] طه عبد الرحمن، الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، م س، ص: 140.
([16] فرح أنطوان، ابن رشد وفلسفته (مع نصوص المناظرة بين محمد عبده وفرح أنطوان)، تقديم أدونيس العكرة، بيروت، دار الطليعة، 1981م، ص: 84.
[17]) Abdelkebir Khatibi, Maghreb pluriel, Edition denoël, Paris ,1983, p:12.
18) عبد السلام بنعبد العالي، ثقافة الأذن وثقافة العين، المغرب دار توبقال للنشر الرباط، 1994، ص: 45.