تطوير التعليم وأثره على التّنميّة المستدامة في العراق (2004 – 2015)
م. م. محمد مجيد رسولي المعمار)[1](
المستخلص
هدفت الدراسة إلى تعرف دور المؤسّسة التّربويّة واالتّعليميّة وتطويره في تحقيق التّنميّة المستدامة، إذ يسهم التعليم في إكساب قوى العمل بالاتجاهات الملائمة للإنتاج، ما يساعد على إحداث النّقلة النّوعيّة المطلوبة من الإنتاج التّقليديّ إلى عالم الإنتاج القائم على استخدام الآلة والتّقنيات الحديثة، وكذلك العمل على ضمان ديمومة استدامة الموارد الطبيعيّة للأجيال القادمة، وعدم استنزافها، والحفاظ على البيئة. وسعى الباحث إلى تعرف الواقع التّنمويّ واالتّعليميّ في العراق للمدة 2004-2015 فالعلاقة بينهما علاقة قويّة ومترابطة، إذ لا يمكن النّهوض باقتصاد بلد ما والحفاظ على موارده الطبيعيّة، وضمان استدامتها من دون نظام تعليميّ كفوء يتمكن من مواكبة التّكنولوجيا الحديثة والتّطور الحاصل في المجالات كافة.
Abstract
The study aimed to identify and develop the educational and educational institution’s role in achieving sustainable development, as education contributes to providing the workforce with appropriate directions for production, which helps to bring about the required qualitative shift from traditional production to the world of production based on the use of machines and modern technologies, as well as working to ensure Sustainability of natural resources for future generations, not depleting them, and preserving the environment.
The researcher sought to identify the developmental and educational reality in Iraq for the period 2004-2015, as the relationship between them is a strong and interdependent relationship, as it is not possible to advance the economy of a country, preserve its natural resources and ensure its sustainability without an efficient educational system that can keep pace with modern technology and development in all fields.
المقدمة
التّعليم ضرورة لا بدّ منها للتّصدي للتّحديات المعاصرة والمستقبليّة من خلال تطوير العنصر البشريّ ووضعه في المرتبة الأولى على سلم الاهتمامات، والاعتراف بأهمّيّة توسيع خِياراته وقدراته، فهناك حاجة إلى تكامل التّنميّة المستدامة والتّنميّة البشريّة بطريقة تقوّي المؤسسات كافة ومنها التّربويّة واالتّعليميّة على الصّعيدين المحليّ والوطنيّ. ولا بُدّ للمؤسسات التّربويّة واالتّعليميّة من أن تقوم بدورها في هذا المجال، وأن تكون المخرجات من النّظام االتّعليميّ قادرة على المساهمة في تنمية المهارات وتطويرها، وكذلك المفاهيم والأدوات التي يمكن أن تُستخدم في خفض، أو إيقاف الممارسات غير المستدامة.
لذلك يعدَّ التّعليم ومؤسساته أحد العوامل المؤثرة في عمليات النّمو والتّنميّة الاقتصاديّة، إذ يُعدّ دور التعليم في التّنميّة من القضايا الجوهريّة المُهِمّة التي عالجها علماء الاقتصاد والتّربية، لا سيما تعليم الفتيات والنّساء إذ يُعد الأكثر فاعليّة في تقليص النّمو السّكانيّ Population growth وتمكين النّساء اقتصاديًّا، واجتماعيًّا، وسياسيًّا، فهو قادر على تحسين سبل العيش.
إنَّ المؤسسة التّربويّة ومن خلال برامجها االتّعليميّة والتّربويّة تعمل على ضمان تحقيق الاستدامة في الإنتاج والاستهلاك وتهيئة المهارات اللازمة لإنشاء قاعدة صناعيّة صديقة للبيئة، وتوجيه الباحثين والمتخصّصين نحو المزيد من الابتكارات، والبحوث، والدّراسات. فالقوى العاملة المدرّبة المتعلّمة تُعدّ أمرًا أساسيًّا في نموّ الاقتصاد وبالتّالي رفاهيّة الفرد.
تضمّن البحث خمسة محاور فخصّص الأول لخطة البحث والدّراسات السّابقة، والثّاني تناول التّنميّة المستدامة: المفهوم والتّعريف والأبعاد، أمّا المحور الثالث فكان عن مؤشّرات التّنميّة المستدامة المُهِمّة في العراق، أمّا المحور الرّابع فقد خصص للواقع االتّعليميّ في العراق، المحور الخامس وهو الأخير فكان للخاتمة، وشملت الاستنتاجات والتّوصيات.
المحور الأوّل
1-1: مشكلة البحث
البحث يدور حول مشكلة ضمان ديمومة، واستدامة الموارد الطبيعيّة للأجيال القادمة، وعدم استنزافها، والحفاظ على البيئة من عدمه، وتطوير الموارد البشريّة، وهذا لن يتحقق من دون التعليم فالعلاقة بينهما (االتّعليم والتّنميّة المستدامة) قوية ومترابطة.
1-2: أهمية البحث والحاجة إليه
تنبثق أهمّيّة البحث من أهمّيّة موضوعه، وهو دور المؤسسات التربوي واالتّعليميّ في التّنميّة المستدامة الذي أصبح أسلوبًا من أساليب التّنميّة التي يفرضها العصر الحاضر الذي يتصف بالتّطور والتّغير المتسارع والذي يفرض على الدّول والمؤسسات التّربويّة واالتّعليميّة ومواكبته، إذ لا بدّ من تطوير مدخلات التعليم وتحديثها، ومواكبة التّقدّم الحاصل في المجالات كافة منها تكنولوجيا المعلومات، والحاسبات وطرق التّدريس الحديثة للحصول على مخرجات تمتلك المهارات اللازمة لتحقيق التّنميّة المستدامة وتلبية متطلبات سوق العمل.
1-3: أهداف البحث
من خلال ما تقدم فإنّ الدّراسة تهدف إلى تعرف دور مؤسساتنا التّربويّة واالتّعليميّة في التّنميّة المستدامة ومتطلباتها في العراق من خلال الآتي:
1 ـ مفهوم التّنميّة المستدامة.
2 ـ المبادئ الرئيسة التي تستند إليها التّنميّة المستدامة.
3 ـ دور العلاقة بين التّعليم والنّمو الاقتصاديّ في تحقيق التّنميّة المستدامة.
- مؤشرات التّنميّة المستدامة المُهِمَّة.
1-4: منهجية البحث
اعتمدت الدّراسة على توظيف المنهج الاستقرائيّ، واتّباع أسلوب نظريّ تحليليّ يستند إلى البيانات المتوفرة، ومن خلال استخدام بعض المؤشرات التّخطيطيّة.
1-5: فرضية البحث
انطلق الباحث من فرضيّة مفادها أن التعليم ضرورة لا بدّ منها لضمان تحقيق الاستدامة وديمومة الموارد الطبيعيّة، والحفاظ على البيئة، وأنّه يعدُّ استثمارًا في الإنسان المكوّن لرأس المال البشريّ، وأنّ المورد البشريّ أصبح أكثر أهمّيّة وتأثيرًا من المورد المادي في إنجاح جهود التّنميّة، وعليه فأن التعليم من خلال مؤسساتنا التّربويّة يعدُّ من العوامل الفاعلة في إحداث التّنميّة المستدامة، لا سيما بتميز هذا العصر بالثّورة المعرفيّة والمعلوماتيّة.
1-6: حدود البحث
- الإحصاءات والمؤشرات التّخطيطيّة لمؤسساتنا التّربويّة الخاصة بالتّلاميذ والطّلبة للمراحل الدّراسيةّ (الابتدائيّ، الثّانويّ، المهنيّ، المعاهد) ولمحافظات العراق كافة، عدا إقليم كردستان إضافة إلى بعض المؤشرات للمؤسسات الخدميّة الأخرى كالصّحّة والبيئة والزراعة.
- المجال الزّمنيّ: للمدة 2004-2015.
- 6: تحديد المصطلحات
- المؤسسة التّربويّة: التّربيّة: هي مصطلح يطلق على تنمية الشّخصيّة وصقلها من النّواحي الاجتماعيّة، والنّفسيّة، والعقليّة جميعها، بما يتناسب مع قيم الجماعة التي يعيش فيها الفرد. عملية التّربية هي عملية استمراريّة وتكامليّة تظل مستمرة بالأخذ والعطاء بين الفرد ومحيطه، وتبدأ التّربية منذ ولادة الطفل وتستمرّ معه طيلة حياته، وقد وُجِدتْ مؤسسات من قبل المجتمع تعنى بعمليّة التنشئة السّليمة للأفراد يُطلق عليها “مؤسسات التنشئة الاجتماعية”، ومن أكثر هذه المؤسسات أهمّيةً هي الأسرة والمدرسة إضافة إلى أقران الفرد ووسائل الإعلام.
- التّنميّة المستدامة
هي تلك التّنميّة التي تلبي حاجات الحاضر من دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.
1-7: مراجعة الدراسات السابقة
1-7-1: دراسة الدكتور أحمد هاشم الصّقال 2014
لقد تناول الباحث في الدّراسة التي هي بعنوان (متطلبات التّنميّة المستدامة في العراق ودور إدارة الموارد في تحقيق التّنميّة المستدامة) رؤيا مختلفة لبعض القضايا الأساسيّة في مجال التّنميّة المستدامة في ربط متطلباتها مع رأس المال الفكري من خلال إدارة الموارد لرفد تلك المتطلبات بالأفكار الإبداعيّة المبتكرة في إدارة الموارد لتشكيل القدرات المميزة التي ترفد عمليات التطوير المستمرة لتحقيق التّنميّة المستدامة، وتنظر الدّراسة إلى التعليم أنّه يؤدي دورًا أساسيًّا في التّنميّة الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة لدول العالم المتعدّدة، إذ إنّه مفتاح الارتقاء وتحسين الإنتاجيّة التي نحن في حاجة ماسة إليها وأهمّها بناء رأس المال الفكريّ، فهو السّبيل إلى رفع المستويات العلميّة والخبرة لدى العاملين، وبناء قوى عمل ذات نوعية عاليّة.
وعليه فإنّ الموارد البشريّة هي عامل إنتاج يحتاج إلى استثمار مسبق أساسه االتّعليم، وأنّ نوعيّة العاملين ومستوى خبرتهم هي دالة للعديد من العوامل، منها التّعليم والتّكوين (كمًّا ونوعًا) اللذان يتلقاهما الفرد قبل دخوله إلى سوق العمل، أو خلال حياته المهنيّة.
وما أوصت به الدّراسة هو:
- الاهتمام بالكادر التّدريسيّ فهو أساس نجاح التّعليم وتقدمه في العديد من الجوانب من خلال زيادة عدد المدرسين المؤهلين.
- الحاجة إلى استراتيجيّة تعليميّة متكاملة تتبنى تحسين نوعية الكادر التّدريسيّ على أن تأخذ بالحسبان نمو قطاع المعلومات على المستوى العالمي وعلاقته بالتّنميّة البشرية.
- تشجيع العقول المبدعة على تأسيس شركات تقنيّة متطورة مدعومة مادّيًّا من قبل الحكومات ومراكز البحث العلميّ لاستغلال نتائج أبحاثهم العلميّة والتّقنيّة [الصّقال ، 2014، 20].
1-7-2: دراسة إبراهيم حربيّ إبراهيم 2014
هدفت هذه الدّراسة التي هي بعنوان (التّنميّة المستدامة في العراق مشاكل وحلول) إلى الرّبط بين إخفاقات التّنميّة المستدامة وغياب الرؤية الوطنيّة والاستراتيجيّة الاقتصاديّة الموحدة من ناحية والفشل في تطبيق السياسات الاقتصاديّة القادرة على تحقيق التّنميّة المستدامة وتحقيق الاستقرار الاقتصاديّ، وما نتج عن هذا الفشل في ظهور مشاكل للتنميّة المستدامة في البلد، وقد تمثلت مشكلة البحث في أنّه لا يمكن فصل مشكلة عدم الاستقرار الاقتصاديّ عن التّنميّة المستدامة في العراق في حين أنّ فرضيّة البحث تبين أنّ مشاكل التّنميّة المستدامة هي من أسباب عدم الاستقرار المُهمّة [إبراهيم، 2014، 13].
1-7-3: دراسة وزارة التّخطيط العراقيّة – الجهاز المركزيّ للإحصاء – قسم إحصاءات التّنميّة البشرية 2015
قد جاء الهدف الثّاني، والثالث لهذه الدّراسة التي هي بعنوان (الأهداف التّنمويّة للألفيّة في العراق لسنة 2014 ونظرة إلى ما بعد العام 2015) بفكرة (ضمان تمكين الأطفال في كلِّ مكان الذّكور، والإناث منهم على حد سواء من إتمام مرحلة التعليم الابتدائيّ أثر الأزمة على التعليم الابتدائيّ والثّانويّ). وإنَّ الدولة قد سعت إلى التعليم الشّامل لكل المجتمع بصورة متساوية وإتاحة الفرص االتّعليميّة بشكل متكافئ، إلا أنّه وحسب بيانات وزارة التّربية تبين أن هناك ارتفاعًا في مستوى الرّسوب بين تلامذة المرحلة الابتدائيّة وخصوصًا بين الإناث.
توصلت هذه الأهداف إلى نتيجة مفادها أنَّ الوضع الماديّ للأسرة النّازحة أثّر بشكل ملحوظ على تراجع معدلات الالتحاق، لذلك يجب تخصيص المبالغ اللازمة لتوفير مستلزمات التّعليم من بناء المدارس والتّوعية الإعلاميّة، وإلزام أولياء الأمور بزج أبنائهم في المؤسسات االتّعليميّة [وزارة التخطيط العراقية، 2015، 8].
1-7-4: دراسة الدكتور كريم سالم حسين 2018
سلطت هذه الدّراسة التي هي بعنوان (نحو رؤية استراتيجيّة للتنميّة المستدامة لعام 2030 في العراق) الضوء على خطة التّنميّة المستدامة في العراق لاستكمال مسيرة الأهداف الإنمائيّة للألفيّة، وإنجاز ما لم يتحقق في إطارها، وهي خطة طموحة وشاملة تضمنت أهدافًا، وغايات شملت العالم أجمع ببلدانه المتقدمة والنّامية على حد سواء، وهي متكاملة غير قابلة للتجزئة. وتقوم على إحداث تحول خالٍ من الفقر، والجوع، والمرض، والعوز، بعالم يسود أرجاءه كافة احترام حقوق الإنسان وكرامته، ووضع حلول واقعيّة للتّحديات.
وتأتي هذه الورقة لتحديد مسار هذه الاستراتيجيّة من حيث الرؤية والأهداف والمحاور أولًا، ومن ثَمَّ تحديد السّبل والإجراءات الكفيلة بإنجاز محاور التّنميّة الاقتصاديّة والنّمو برؤية مستقبلية ثانيًّا، لأهمّيّته وارتباطاته الوثيقة بالمحاور الأخرى كالتّعليم بعد تعرف واقع حال مؤشّرات الاستدامة في العراق.
أمّا المؤشرات الخاصة بالتّعليم فجاءت ضمن المؤشرات الاجتماعيّة وهي: معدل الالتحاق باالتّعليم الابتدائيّ، ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة [حسين، 2018، 4] .
المحور الثاني: التّنميّة المستدامة
2-1 المفهوم… التّعريف
يعدّ موضوع التّنميّة والتّنميّة المستدامة من أكثر الموضوعات المُهِمَّة والمعاصرة إثارة للجدل والنّقاش، وقد بدأ ذلك بنحو واضح ما بعد الحرب العالميّة الثانيّة.
ويعدُّ مفهوم التّنميّة المستدامة Sustainable Development من المفاهيم المستحدثة بالنسبة إلى إطار العمل البيئيّ في العديد من دول العالم، ويعود ذلك إلى الاهتمام بقضايا البيئة، فقد أدّى البُعد البيئيّ في مجال الاقتصاد إلى تغيير مفهوم التّنميّة الاقتصادية من مجرّد الزيادة في استغلال الموارد الاقتصادية النادرة لإشباع الحاجات الإنسانيّة المتعددة والمتجددة إلى مفهوم التّنميّة المستدامة إذ بدا هذا المفهوم بالظهور جليًّا في الأدبيّات التّنمويّة العالمية منذ سبعينيّات القرن العشرين، ويعود ذلك إلى تزايد الوعيّ البيئيّ، وإلى الاهتمام الذي أثارته تقارير نادي روما الشّهير في السبعينيّات، ونتائج مؤتمر ستوكهولم العام 1972 حول البيئة البشريّة في السّويد حول ضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعيّة والبيئيّة. إلا أنّ الصّراع بين البيئة والتّنميّة استمر وأنّ كل الأنماط التّنمويّة السّائدة هي أنماط متعدّدة اقتصاديًّا، وأنَّها لا تحقق شرط الاستدامة، وأنّها عاجزة وضارة بمقاييس المستقبل، لأنَّها تجري على حساب استهلاك الرّصيد الطبيعيّ للأجيال القادمة واستنزافه، وقد أدى ذلك إلى انعقاد أول قمة بيئيّة دوليّة وهي قمة الأرض في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل العام 1992، وقد أشار المبدأ الرابع الذي أقرّته القِمّة أنّه من شروط تحقيق التّنميّة المستدامة هي الحماية البيئيّة، ولا يمكن التّفكير بالتّنميّة بمعزل عنها.
فقد عرف باربير وماركاندا (Markndya and Barbier) على أنّها: ذلك المستوى من الأنشطة الاقتصاديّة التي تحافظ على مستوى التّوعية البيئيّة على وفق تطابق أهداف السياسة النّوعيّة للبيئة مع كل أفكار الاستدامة، والزيادة التي تتكون هي في صافي المنفعة للتنميّة الاقتصاديّة أساسًا لصيانة الخدمات، ونوعيّة الموارد الطبيعيّة على مدى الزّمن [الهيتي وآخرون، 2014، 11].
جاء تعريفها في قاموس (webester) أنّها تلك التّنميّة المستدامة التي تستخدم الموارد الطبيعيّة من دون أن نسمح باستنزافها أو تدميرها جزئيًّا أو كليًّا. وعرّفها (W.Ruchekhous) مدير حماية البيئة الأمريكيّة أنّها تلك العملية التي تقر بضرورة تحقيق نمو اقتصاديّ يتلاءم مع القدرات البيئيّة [إبراهيم، 2003، 15].
ويشير تقرير الموارد العالميّة العام 1992 الذي استطاع حصر (20) تعريفًا للتنميّة المستدامة، وإنّ القاسم المشترك في هذه المفاهيم هو أنّ التّنميّة كي تكون مستدامة يجب تحقيق ما يأتي:
- أن لا تتجاهل التّنميّة الضوابط والمحددات البيئيّة.
- أن لا تؤدي إلى دمار الموارد الطبيعيّة واستنزافها.
- تحدث تحولات في القاعدة الصناعيّة والثقافيّة السّائدة.
وأنّ أكثر التعريفات أهمّية وأوسعها انتشارًا هو الوارد في تقرير اللجنة العالميّة للبيئة والتّنميّة العام 1978 برئاسة بورتلاند التي عرفت التّنميّة المستدامة أنّها “تلك التّنميّة التي تلبي حاجات الحاضر من دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها”. [حسن، موقع إلكترونيّ].
- متطلبات التّنميّة المستدامة
على الرّغم من تباين مفاهيم التّنميّة المستدامة إلا أنَّها تتضمن الحكمة، والتّرشيد في توظيف الموارد المتجددة واستخدامها بصورة لا تؤدي إلى استنزافها وتلاشيها.
يحتاج تحقيق أهداف التّنميّة المستدامة إلى إحراز تقدم في أربعة أبعاد وهي: (الاقتصادية، والبشرية، والبيئيّة، والتكنولوجيّة). وعليه يمكن حصر المتطلّبات العامّة للتنمية المستدامة بما يأتي:
- العناية بالتّنميّة البشريّة في المجتمع.
- سد الاحتياجات البشريّة مع ترشيد الاستهلاك.
- الحفاظ على البيئة ورفع مستوى الوعي الخاص بها.
- الشّراكة في العلاقات الخارجيّة والدّاخليّة (التّبادل المعرفيّ).
- حصر الثّروات الطبيعيّة الموجودة وترشيد استخدامها.
- بناء مجتمع قائم على المعرفة والنّهوض به.
فالمتطلبات أعلاه تعدّ الإطار العام لعمليّة التّنميّة المستدامة، ويلزم تفسيرها وفق المنظومة الحضاريّة للمنطقة التي تجري فيها جهود التّنميّة.
ولعل دور التّعليم ومؤسساته في عمليات النّمو الاقتصاديّ، والتّنميّة يتحدد بأساليب متعددة، منها:
- إنّ التّعليم يؤثر في النّمو الاقتصاديّ، والتّنميّة عن طريق إكساب الأفراد المهارات المرتبطة بالعمليّات الإنتاجيّة والإسهام في إنتاج السّلع والخدمات.
- يسهم التّعليم في إكساب قوى العمل بالاتجاهات الملائمة للإنتاج، وغرس حبّ العمل Work Affection، لا سيما العمل اليدويّ والتّقني، ما يساعد على إحداث النّقلة النّوعيّة اللازمة من الإنتاج التّقليدي إلى عالم الإنتاج القائم على استخدام الآلة والتّقنيات الحديثة.
- يزوّد التعليم قوى العمل بالمعارف والمعلومات، والبيانات، وأساليب التّفكير، والإبداع وحلّ المشكلات Problem Solving واتّخاذ القرار Decision Makin وهي عوامل أساسيّة تؤثر في عمليات القدرة على التّغيير، والتّطوير، والابتكار، والإبداع وصولًا إلى تحقيق الجودة الشّاملة Total Quality. إذًا فالعلاقة بين التعليم والنّمو والتّنميّة الاقتصاديّة والمستدامة علاقة تبادليّة أزليّة راسخة وقوية، خلافًا للأدبيّات التي ذهبت إلى القول إنّ التعليم يختص بالجوانب الثّقافيّة والفكريّة والرّوحيّة للإنسان والتّقنيّة في ما تختص التّنميّة بالنّواحي الماديّة [عبد العزيز، 1427ه، 40].
المحور الثّالث: مؤشرات التّنميّة المستدامة المهمّة في العراق
3-1: المؤشرات الاقتصاديّة
3-1-1: مؤشر حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (GDP)
شهد متوسط نصيب الفرد من النّاتج المحليّ الإجماليّ ارتفاعًا ملحوظًا خلال المدة (2004/ 2015)، إذ أرتفع لأكثر من (2) مليون دينار العام 2004 وإلى (5320) مليون دينار العام 2010 ثم بلغ أعلى مستوى له العام 2013 بمعدل (7,8) مليون دينار ثم انخفض إلى (7,1) مليون دينار العام 2014 و(5,2) مليون دينار العام 2015 وكما موضح في الجدول (3-1):
جدول رقم (3-1) جزء من مؤشرات التّنميّة المستدامة في العراق
المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء، مؤشرات البيئة والتّنميّة المستدامة ذات الأولوية في العراق، بغداد/ 2011، ص 76.
3-1-2: مؤشر نسبة الاستثمار إلى النّاتج المحليّ الإجماليّ
لا تزال الاستثمارات الحكوميّة تهيمن على النسبة الأكبر من إجماليّ الاستثمار، وأنَّ هذه الاستثمارات تعتمد بشكل كامل على العوائد النّفطيّة التي تحتل المصدر الرئيس لإيرادات الدّولة التي تفوق نسبة 93%، وبالتالي فإنّ هذا المؤشر شهد تقلبات عدّة تبعًا للتّطورات في السّوق النّفطيّة ولا سيما من ناحية أسعار النفط الخام للمدة 2004-2012 وقد بلغت النسبة لهذه المدة 91% بالمقارنة مع مثيلاتها في الدّول العربيّة الأخرى، التي وصلت إلى ما يقارب 30% وتجاوزت نسبة الاستثمار إلى GDP فبلغت أكثر من 25% على مستوى الدّول العربيّة، على الرّغم من حاجة الاقتصاد إلى زيادة ما يخصص للاستثمار من أجل عملية البناء والإعمار [الجوارين، www.Iraqieconomists.net].
3-1-3: نسبة الصادرات إلى الواردات
يعكس هذا المؤشر الميزان التّجاري للسلع والخدمات التي تقوم الدّولة بتصديرها واستيرادها (الصّادرات – الاستيرادات)، وتشير الأرقام الواردة في الجدول رقم (3-1) إلى أنَّ صادرات السّلع والخدمات التي يشكل النّفط فيها نسبة 98% تفوق الاستيرادات من السّلع والخدمات طيلة المدة 2004/2005، وهذا المؤشر يعكس قدرة البلاد على الاستمرار في الاستيراد إضافة إلى انفتاح الاقتصاد على العالم الخارجيّ.
3-2: المؤشرات الاجتماعيّة
3-2-1: النّسبة المئويّة للسّكان من دون خطّ الفقر الوطنيّ
تشير البيانات المتوفرة إلى أنّ نسبة السكان دون خط الفقر الوطنيّ بلغت 22,9% في العام 2007، وأنَّ هذه النّسبة تُعد مرتفعة جدًا في بلد غنيٍّ بكثير من الموارد الطبيعيّة والبشريّة، وهذه النّسبة تتفاوت من محافظة إلى أخرى وقد سجلت محافظة المثنى أعلى نسبة بلغت 44% بينما كانت أدنى نسبة في محافظتيّ أربيل والسّليمانيّة بواقع 3%، وانخفضت هذه النسبة في العام 2012 إلى 18% فكانت صحة الرّيف منها 30,7% [الجهاز المركزي للإحصاء، 2015، 39]. لا تزال محافظة المثنى تحتل الصّدارة بواقع 52,5% إضافة إلى محافظة القادسيّة بنسبة 44,1% أمّا محافظات كردستان فقد حققت أدنى نسبة وقد بلغت 2% في محافظة السّليمانيّة، و3,6% في محافظة أربيل كما هو واضح في الجدول (3-2).
جدول (3-2) نسبة السكان دون خط الفقر الوطني
المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء، الأهداف التنموية للألفية في العراق لسنة 2014 ونظرة لما بعد عام 2015.
وبعد العاشر من حزيران 2014 ونتيجة الأحداث الأمنيّة التي شهدها البلد بعد هذا العام، والتّدهور الذي حصل في أسعار النّفط الخام وانعكاسها على الوضع الاقتصاديّ، ما أدى إلى تفاقم مستوى الفقر، لتعود النسبة إلى ما كانت عليه قبل العام 2012 بمقدار 22,5%.
3-2-2: معدل البطالة
نلاحظ أن معدلات البطالة انخفضت نسبيًّا العام 2008، إذ بلغت 15,3% بعد أن كانت 26,8% ثم انخفضت إلى 11,9% العام 2014، إلا أنّها لا تزال مرتفعة بالنسبة إلى دول الجوار، حيث شكلت نسبة العاطلين عن العمل ممن يحملون شهادة أعلى من الإعداديّة 29,1% ومن حملة البكالوريوس 13,9%، ارتفعت إلى 16,1% العام 2008، شكّلت الأناث 23,5%، والذكور 13,1%، وهي أعلى من المعدل العام 15,3%.
3-2-3: معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة
تشير البيانات الخاصة بهذا المؤشر إلى أنّ المعدل قد بلغ (44)حالة وفاة لكل 1000 ولادة للعام 2008، وعلى الرّغم من تحسن هذا المؤشر عن الأعوام 2004، 2005 إلا أنه لا يزال دون المستوى المطلوب، وبلغ (37) حالة وفاة للعام 2011 انخفض إلى (17,4) حالة للعام 2014، وربما يعكس ذلك الاحتياج إلى جهد أكبر لتحسين مستوى الرّعاية الصّحيّة الأوليّة.
3-2-4: متوسط العمر المتوقع عند الولادة
وفقًا لتقارير التّنميّة البشريّة حقق هذا المستوى ارتفاعًا ملحوظًا طيلة المدة 2005-2015 أي (57,7 سنة) خلال العام 2005 ارتفع إلى (68,8% سنة) خلال العام 2014، ويعود الفضل في ذلك إلى تحسن المستوى المعيشي والرّعاية الصّحية خلال تلك المدة [وزارة التخطيط العراقية، 7، 2008].
3-2-5: نسبة السكان الذين تتوافر لديهم مياه شرب آمنة
بلغت نسبة الذين يحصلون على مياه شرب آمنة حوالي 79% في العام 2008، وتُعدُّ هذه النّسبة منخفضة مقارنة بالعديد من الدّول العربية المجاورة، أما في العام 2012 فقد ارتفعت إلى 91%.
3-2-6: معدل الالتحاق باالتّعليم الابتدائيّ
يُعدُّ هذا المؤشر من المؤشرات الخاصة المهمّة بالتّعليم إذ حقق معدل الالتحاق باالتّعليم تطورًا ملحوظًا خلال المدة 2004-2015 فقد ارتفع من 86,6% عام 2004 إلى 95% خلال العام 2013-2014.
3-2-7: نسبة الفجوة بين الجنسين (النّوع الاجتماعيّ)
يقصد به حالة الفرد (ذكور، إناث) من ناحية التحاقه واستمراره بالتّعليم، والمستوى التّعليمي الحاصل عليه لذا يجب العمل على المساواة بين الجنسين بما يخص التعليم المجاني الابتدائيّ والثانويّ، إذ تتسع الفجوة بين الجنسين في الالتحاق بالتّعليم الابتدائي التي بلغت (96%) للذكور مقابل (88%) للإناث، وتتقلص هذه الفجوة في المرحلة المتوسطة، وتنعدم في المرحلة الإعداديّة لتكون (21%.)، وأن تتاح فرص الحصول على الرّعاية الكاملة في مرحلة الطفولة، وأن يحصل الرّجال والنّساء على التّعليم المهنيّ والجامعيّ ذات الجودة العالية وبأقلّ التّكاليف، وكذلك يجب أن يكتسب جميع المتعلّمين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التّنميّة المستدامة.
3-2-8: معدل الإلمام بالقراءة والكتابة
يشير هذا المعدل إلى نسبة البالغين الذين لديهم إلمام بالقراءة والكتابة من عدد السكان الإجماليّ، ففي العام 2004 بلغت النسبة 71,4%، ارتفعت إلى 77,5% في العام 2007، وانخفضت إلى 74,8% للأشخاص بعمر (10 فأكثر) في العام 2012، وهي نسبة منخفضة قياسًا ببعض الدّول العربيّة، وهو أقلّ من معدل الدّول ذات التّنميّة البشريّة المتوسطة والبالغ 81,9% [البرنامج الإنمائيّ للأمم المتحدة، 2011، 165].
3-3: المؤشرات البيئيّة
3-3-1: الأراضي الصّالحة للزّراعة
بلغت أعلى نسبة للأراضي المزروعة فعلًا عن الأراضي الصّالحة للزّراعة 47% للعام 2007، ثم انخفضت إلى 37% العام 2012، ثم إلى 28% في العام 2014، وقد يعود السبب في ذلك إلى ارتفاع ملوحة الأراضي إضافة إلى ظاهرة التّصحّر إذ بلغت نسبة الأراضي المتصحّرة 39,1% في العام 2009.
3-3-2: التّنوّع البيولوجيّ: (النّسبة المئوية للمناطق المحميّة)
تعني المنطقة المحميّة تلك المساحة من الأراضي، أو من المياه ذات القيمة التنافسيّة، أو العلميّة، أو السياحيّة التي توضع تحت الحماية القانونيّة لحماية ثرواتها البيئيّة ولاستدامة تنميتها. وإنّ إجماليّ مساحة المناطق المصنفة أو المقترحة كمناطق محميّات طبيعيّة في العراق تقدر بـ284022 هكتارًا أي حوالي 2840 كم2 أي ما يعادل 0,65% من إجماليّ مساحة العراق، ويعد هذا المؤشر أحد المقاييس المُهمّة لمعرفة مدى التزام الدّولة بالموروث الطبيعيّ من النباتات وما يعيش عليها من كائنات حيّة ضمن المحافظة على التنوع البايلوجي في حياة الأنّهار والأهوار [الجهاز المركزي للإحصاء، 2015، 97].
المحور الرابع: الواقع االتّعليميّ في العراق
جاء ميدان التعليم في التّرتيب الثّاني في تسلسل الأهداف الإنمائيّة للألفية نظرًا لما يعنيه التّعليم من منظور التّنميّة البشريّة والمستدامة، وخلق رأس المال الثقافيّ والاجتماعيّ الذي يعد أكثر أنواع الاستثمار أهمّيّة في حياة المجتمعات الإنسانيّة. لقد ارتبط التّعليم بالمسيرة الحضاريّة للعراق، فالعراقيّون اخترعوا الكتابة في عصر فجر السّلالات السّومريّة في الألف الخامس قبل الميلاد، وفي كل من سبار، وكيش عثر على مدرستين تعودان إلى عهد حمورابيّ. وفي الحِقبة 539-526ق.م أطلق على المؤسسات االتّعليميّة اسم المدارس، غير أنّ المسافة التّاريخيّة تباعدت أكثر مع دخول المجتمع العراقيّ مرحلته المظلمة إثر سقوط بغداد العام 1258، ولم تنشأ مدرسة بالمستوى المطلوب إلا في عهد داود باشا العثماني 1817-1832، ومع مطلع العقد الثاني من القرن الماضي وتكوين الدّولة العراقيّة الحديثة كان هناك (84) مدرسة ابتدائيّة وفي العام 1931 استقدمت الحكومة العراقيّة لجنة من المعهد الأمميّ لكلّيّة المعلّمين في جامعة كولومبيا لدراسة النّظام التّعليميّ في العراق وتطويره بشكل متسارع، وبناءً على ذلك التقرير للمعهد الأمميّ وضع نظام المعارف رقم 33 لسنة 1943 [البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، 2011، 146]. لقد شهدت المسيرة االتّعليميّة في العراق العديد من الإنجازات والإخفاقات الكبيرة، إذ بعد مجانية التعليم والزاميّته، وبعد الحملة الشّاملة لمحو الأمّيّة الإلزاميّة في سبعينيّات القرن الماضي، انحسرت مدخلات التعليم مع الدّخول في نفق الحرب العراقيّة – الإيرانيّة، وانحسرت في المقابل مخرجاته كمًّا ونوعًا، وتراكمت نتائج تلك الإخفاقات خصوصًا بعد العام 1990 أي بعد فرض الحصار الدّوليّ على العراق. فبعد أن كان نصيب الطالب الواحد (620) دولارًا، انخفض إلى (47) دولارًا للحِقبة 1993-2002 [الأمم المتحدة والبنك الدولي، 2003، 19]. ومع انهيار النّظام السّابق تعرّضت البنى التّحتيّة للنظام التّعليميّ وخصوصًا المدارس، الأبنية والمعدّات إلى عمليّات تدمير ونهب. ما أدّى إلى تفاقم مشكلات للنّظام التي تراكمت عبر عقود من الزّمن. مما تقدم فإنّ الباحث سيقوم بعرض جملة من البيانات الإحصائيّة والمؤشرات التّخطيطيّة التي سيتضح من خلالها واقع التّعليم في العراق وتحليلها، ومدى فاعليّته للمضي بتنمية مستدامة.
الجدول (4-1)
4-1: المؤشّرات التخطيطيّة المُهمّة التي بواسطتها يقاس مستوى التعليم
4-1-1: مؤشّرات النّجاح والرّسوب والتّسرب
يتضح من الجدول (4 – 1) وكذلك المخطّطات البيانيّة الآتية التي تمثّل مؤشّرات نسب النّجاح والرّسوب والتّسرب للمدة 2004/2005 – 2013/2014 ما يلي:
- مؤشر نسبة النجاح
الشكل (4-1)
تقلصت نسبة النجاح للمراحل الابتدائية والمهنية والمعاهد بمعدل انخفاض سنوي مقداره-1.5 %، -1.2 %، -1.2% على التوالي، أمّا المرحلة الثّانوية فقد ارتفعت نسبة النّجاح فيها بمعدل نموّ سنويّ مقداره 8.6 %.
- مؤشر نسبة الرّسوب
الشّكل (4-2)
ارتفعت نسبة الرّسوب للمراحل الابتدائيّة والمهنيّة، والمعاهد بمعدل نموّ سنويّ مقداره14.9 %، 30.3%، 100% على التّوالي، أمّا المرحلة الثانويّة فقد انخفضت نسبة الرّسوب فيها بمعدل انخفاض سنويٍّ مقداره -9.0%.
- مؤشر نسبة التّسرب
الشكل (4-3)
تقلّصت نسبة التّسرب للمراحل الدراسيّة الابتدائيّة، والثّانويّة، والمهنيّة كافّة، والمعاهد بمعدل انخفاض سنوي مقداره- 37 ، – 50 %، – 44.8 %، %- 80.8 على التوالي.
4-1-2: مؤشرات الانتقال بين المراحل الدّراسيّة
من خلال هذا المؤشر الذي يعدُّ من المؤشرات التّخطيطيّة المُهِمّة الذي من خلاله سأختبر الكفاءة الدّاخليّة للنّظام االتّعليميّ بالاعتماد على البيانات الإحصائيّة للأعوام الدّراسيّة العام 2005/2004 والعام 2013/2012 وبيان حجم المشكلة التي يعاني منها النّظام االتّعليميّ من الرّسوب والتّسرب بواسطة الجداول والإشكال البيانيّة وكما هو موضح في الآتي:
الجدول(4 – 2) |
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على جدول (4 – 2).
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على:
1- وزارة التربية العراقية ، التقرير الإحصائيّ السّنوي ، المديرية العامة للتخطيط التّربوي ، مديرية الإحصاء ، للعام الدراسي 2004/2005.
- دراسة تحليلية للواقع التربوي في العراق للعام الدراسي 2012/2013 ، المديرية العامة للتخطيط التربوي ، مديرية الإحصاء، 2013.
الجدول (4 – 3) |
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على جدول رقم (4 –3).
الشكل (4-4) نسبة الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة
المتوسطة للعام 2005/2004 |
الشكل (4-5) نسبة الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة للعام 2013/2012 |
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على جدول (4 –2).
من خلال الجدول (4-2) والأشكال البيانية (4-4) و (4-5) نشاهد:
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على: 1- وزارة التربية العراقية، التقرير الإحصائي السنوي، المديرية العامة للتخطيط التربوي، مديرية الإحصاء ، للعام الدراسي 2004/2005. 2- دراسة تحليلية للواقع التربوي في العراق للعام الدراسي 2012/2013، المديرية العامة للتخطيط التربوي، مديرية الإحصاء، 2013.: وتشير إلى عدم وجود فرعي العلمي والأدبي للرابع الإعدادي للعام الدراسي 2005/2004.
الشكل (4-6) نسبة الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة للعام 2013/2012 |
المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على جدول رقم (5 –3).
الشكل (4-7) نسبة الانتقال من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الإعدادية للعام 2013/2012 |
نسب الانتقال من المرحلة الابتدائيّة إلى المرحلة المتوسطة متفاوتة بين المديريات العامة للتربيّة في المحافظات كافة عدا إقليم كردستان للعام الدراسي 2005/2004 فكانت أعلى نسبة انتقال هي لمحافظة النجف الاشرف فبلغت (86.7)، في حين سجلت محافظة القادسية اقل نسبة انتقال فبلغت (58.7) وهذه النسبة خطيرة جدًا على النظام االتّعليميّ وتعني أنّه (6372) تلميذ بين راسب، ومتسرب لم يلتحقوا بالصّف الأول من المرحلة المتوسطة. وللعام الدّراسيّ 2013/ 2012 كذلك كانت النسب متفاوتة، لكنّها تحسّنت بشكل كبير فكانت أعلى نسبة انتقال سجلت هي لمحافظة كركوك فبلغت (102.2) في حين سجلت محافظة كربلاء المقدسة أقل نسبة انتقال فبلغت (83.6).
أمّا من خلال الجدول (4-3) والأشكال البيانية (4-6) و(4-7) فنشاهد:
نسب الانتقال من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الإعداديّة كانت كذلك متفاوتة بين المديريات العامة للتربيّة في المحافظات كافة، عدا إقليم كردستان للعام الدّراسيّ 2005/2004 فكانت أعلى نسبة انتقال هي لمحافظة نينوى فبلغت (51.0)، في حين سجلت محافظة ميسان أدنى نسبة انتقال للعام الدراسيّ نفسه فبلغت (20.7) وهي النّسبة الأخطر على النّظام االتّعليميّ ككل وعلى الكفاءة الدّاخليّة للتنقل بين المراحل الدّراسيّة وبهذه النسبة فإنّ محافظة ميسان فقدت ما مقداره (5006) طالب وطالبة بين راسب، ومتسرب لم يلتحقوا بالصف الرّابع الإعداديّ. وللعام الدراسي 2013/2012 كذلك كانت النّسب متفاوتة، لكنها تحسنت بشكل طفيف فكانت أعلى نسبة انتقال سجلت هي لمحافظة الأنبار فبلغت (71.3) في حين سجلت محافظة البّصرة أقل نسبة انتقال فبلغت (44.2) وهي النّسبة الأخطر للعام الدراسيّ نفسه على النّظام االتّعليميّ ككل وعلى الكفاءة الدّاخليّة للتنقل بين المراحل الدّراسيّة، وهذا يعني أن محافظة البصرة فقدت ما مقداره (22455) طالب وطالبة بين راسب ومتسرب لم يلتحقوا بالصف الرّابع الإعداديّ.
4- 2: الإنفاق على التعليم والإنفاق العام
تُعدُّ النّفقات العامّة للدّولة من الأمور المُهِمّة لها للقيام باحتياجاتها، والتزاماتها الضرورية والنفقات االتّعليميّة واحدة من الالتزامات المُهِمّة التي تبين كذلك الجهد االتّعليميّ للدّولة، لا سيما إذا ما أخذنا بالحسبان التزام الدولة العراقية بمجانية التعليم في جميع مراحله، غير أن ظروف العراق غير المستقرة (السياسية والاجتماعية) إضافة إلى الفساد الإداري والمالي الذي طال أغلب مفاصل الحكومة قد أثرت على العديد من جوانب الحياة، ونالت نسبة الإنفاق االتّعليمي نصيبها الأوفر منها الأمر الذي انعكس على عدم انتظام المؤشر وتذبذبه بين التحسن والتدهور وهذا ما يؤكده بوضوح الجدول (4 – 4):
جدول (4-4) مؤشرات الإنفاق على التعليم ونسبة الإنفاق االتّعليمي العام للمدة 2004 – 2011 (مليون دينار)
من خلال معطيات الجدول في أعلاه نلاحظ زيادة حصة التعليم من الإنفاق الحكومي العام في سنة 2011 مقارنة بسنة 2004 هذا يعني أن الحكومة أدركت مدى أهمّيّة التعليم في تكوين اليد العاملة الماهرة المدرّبة والمؤثرة في الاقتصاد ككل والدافعة لعجلة التّنميّة المستدامة. لكن وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الإنفاق على التعليم خلال مدة البحث فإنّ التقدم المتحقّق في هذا القطاع يغلب عليه طابع التطوّر والزيادة الكمّيّة في الدرجة الأساس، حيث لم تتمكن النظم االتّعليميّة من الارتقاء بنوعية التعليم إلى المستوى المناسب للتطور النوعي الحاصل في سوق العمل، وإن واقع التعليم بقي على ما هو عليه رغم التوسع في فتح مدارس جديدة إلا أنّ فجوة النقص في الأبنية المدرسية ازدادت خلال سنوات وازدادت المدارس الآيلة للسقوط أو المتضررة بدرجة كبيرة [الزرفي، 2013، 40].
المحور الخامس: الخاتمة
الاستنتاجـــات
تفيد النتائج المستخلصة من هذه الدراسة إلى ما يلي:
- اتّساع الفجوة بين الجنسين في الالتحاق باالتّعليم الابتدائي.
- نسبة النجاح للمراحل الابتدائيّة والمهنيّة والمعاهد تناقصت بمعدل انخفاض سنويّ مقداره-1.5 %، -1.2%، -1.2% على التوالي، أما المرحلة الثانوية فقد ارتفعت نسبة النجاح فيها بمعدل نمو سنوي مقداره 6 %.
- نسبة الرسوب للمراحل الابتدائية والمهنية والمعاهد ارتفعت بمعدل نمو سنوي مقداره9 ، 30.3%، 100% على التوالي، أما المرحلة الثانوية فقد انخفضت نسبة الرسوب فيها بمعدّل انخفاض سنوي مقداره -9.0 %.
- نسبة التسرب للمراحل الدراسية الابتدائية، والثانوية، والمهنية، والمعاهد تقلّصت بمعدّل انخفاض سنوي مقداره- 37 %، – 50 %، – 44.8 %، % – 80.8 على التوالي.
- فيما يخص نسب الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة للعام الدراسي 2004/2005: سجلت محافظة القادسية أقل نسبة انتقال فبلغت (58.7) وهذه النسبة خطيرة جدًّا على النظام االتّعليمي وتعني أنه (6372) تلميذ بين راسب ومتسرب لم يلتحقوا بالصف الأول من المرحلة المتوسطة.
- أما فيما يخص نسب الانتقال من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الإعداديّة للعام الدراسي 2004/2005: سجلت محافظة ميسان أدنى نسبة انتقال فبلغت (20.7) وهي النسبة الأخطر على النظام االتّعليمي ككل وعلى الكفاءة الداخلية للتنقل بين المراحل الدراسية.
- عدم ملائمة ما يتلقاه الطلبة من العلوم والمعرفة التقليدية مع متطلبات سوق العمل.
- عدم استخدام الأساليب الحديثة المتطورة في التدريس بشكل كافٍ وللمستويات كلّها.
- عدم وجود مؤسسة خاصة تعنى بالتّنميّة المستدامة تأخذ على عاتقها بناء خطة تنموية مستدامة تتابع كل ما يتعلق بقضايا التّنميّة.
10- قلّة الاهتمام في توفير الخدمات الأساسية المتعلقة بالتّنميّة المستدامة، بالأخص في مجال الكهرباء، وخدمات الصرف الصحي، والحصول على مياه آمنة… الخ.
- ضَعف مساهمة السياسات الاقتصادية في زيادة معدل النّموّ السنوية للناتج المحلّيّ الإجمالي والدخل القومي الإجمالي فيما لو تم استبعاد الإيرادات النفطية.
التّوصيـــات
- العمل على ضمان المساواة بين الجنسين (النوع الاجتماعي) بما يخص التعليم المجاني الإبتدائي والثانوي الذي يؤدي بدوره إلى تلقي العلوم اللازمة المتعدّدة وإلى نتائج علمية فعالة تتلائم وسوق العمل.
- العمل على زيادة عدد المنح الدراسية والدورات التدريبية للكوادر التّربويّة في داخل العراق وخارجه.
- كذلك يوصي الباحث بضرورة إيلاء التربية واالتّعليم الأهمّيّة القصوى لما لهذه المؤسّسة من دور كبير في بلوغ التّنمية المستدامة بكافة مؤشّراتها.
- يجب العمل على زيادة نسب النجاح، وبشكل جادّ للمراحل الدراسية كافة مع تعزيز نسب النجاح للمرحلة الثانوية.
- يجب العمل على تقليص الهدر المدرسي بأشكاله كافة من خلال خفض نسبة الرسوب لجميع المراحل الدراسية مع تعزيز نسب الرسوب المنخفضة للمرحلة الثانوية.
- تحسين نسب الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة، من خلال رفع الكفاءة الداخلية للنظام االتّعليمي.
- تحسين نسب الانتقال من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الإعدادية، من خلال رفع الكفاءة الداخلية للنظام االتّعليمي.
- يجب ملائمة ما يتلقاه الطلبة من العلوم والمعرفة مع متطلبات سوق العمل، من خلال تحديث المناهج ورفدها بطرائق تدريس حديثة ومتطورة.
- تشكيل مؤسسة خاصة تعنى بالتّنميّة المستدامة تأخذ على عاتقها بناء خطط التّنميّة ومتابعة كل ما يتعلق بقضايا التّنميّة وتقديم المقترحات والحلول والتوصيات، ويكون من شأنها التنسيق بين الوزارات والمؤسسات المعنية، إضافة إلى عقد الندوات، وورشات العمل من أجل الخروج بتقرير سنوي حول التّنميّة المستدامة.
- تشجيع العقول المبدعة على تأسيس شركات تقنية متطورة مدعومة مادّيًّا من قبل الحكومات ومراكز البحث العلمي لاستغلال نتائج أبحاثهم العلمية والتقنية.
- بناء سياسات اقتصادية فعالة تعمل على زيادة معدل النّمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي (GDP)، والدخل القومي الإجمالي (GNI)، ونصيب الفرد منهما، حيث إن هذه المؤشرات تجعل هناك قوة اقتصادية لا بأس فيها، وسينعكس ذلك على تقليل نسبة الفقر وخفض معدلات التضخم.
- توفير الخدمات الأساسية المتعلقة بالتّنميّة المستدامة، خصوصًا في مجال الكهرباء، وخدمات الصرف الصحي، والحصول على مياه آمنة.
- القضاء على التصحّر تدريجيًّا، من خلال معالجة مشاكل ملوحة الأرض، وانجراف التربة، وبالتالي سينعكس هذا على زيادة الأراضي المزروعة وتحسين المُناخ.
- التثقيف باتّجاه أهمّيّة العمليّة االتّعليميّة، ودورها في تحقيق التّنمية المستدامة على مستوى المجتمع لجعل العائلة تتحمّل جزء منها.
المصــــادر
- الصقال، الدكتور أحمد هاشم، متطلبات التّنميّة المستدامة في العراق ودور إدارة الموارد في تحقيق التّنميّة المستدامة، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد الخاص بالمؤتمر العلمي المشترك 2014.
- إبراهيم حربي إبراهيم، التّنميّة المستدامة في العراق مشاكل وحلول، مجلة بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد الخاص بالمؤتمر العلمي الخامس 2014.
- وزارة التخطيط العراقية، الجهاز المركزي للإحصاء، قسم إحصاءات التّنميّة البشرية، الأهداف التنموية للألفية في العراق لسنة 2014 ونظرة إلى ما بعد عام 2015، كانون الأول 2015.
- كريم سالم حسين، نحو رؤية استراتيجية للتنمية المستدامة لعام 2030 في العراق، مركز البيان للدراسات والتخطيط، 2018.
- نوزاد عبد الرحمن الهيتي وآخرون، مقدمة في اقتصاديات البيئة، عمان، دار المناهج، 2010، ص: 16.
- مجدي عزيز إبراهيم، التربية البيئية في مناهج االتّعليم، القاهرة، مكتبة الأنجلو، 2003، ص: 15-16.
- أحمد فرغلي حسن، البيئة والتّنميّة المستدامة، جامعة القاهرة، capscu.com.
- جامعة الملك عبد العزيز، التّنميّة المستدامة في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، مركز الانتاج الإعلامي، جدة، 1427ه، ص: 40.
- عدنان فرحان الجوارين، التّنميّة المستدامة في العراق الواقع والتحديات، شبكة الاقتصاديين العراقيين، على الموقع الإلكتروني: Iraqieconomists.net.
- الجهاز المركزي للإحصاء، الأهداف التنموية للألفية في العراق لسنة 2014، بغداد، 2015، ص: 39.
- وزارة التخطيط العراقيّة، مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص: 35.
- البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، 2011، ص: 165.
- الجهاز المركزي للإحصاء، مؤشرات البيئة والتّنميّة المستدامة، 2015، ص: 97.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وزارة التخطيط، خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق، دراسة في ثلاثة أجزاء، العراق، 2011، ص146.
- الامم المتحدة والبنك الدوليّ، التقديرات المشتركة لإعادة البناء والإعمار، أكتوبر 2003، ص19.
- وزارة التربية، التقرير الإحصائيّ السّنوي، المديرية العامة للتخطيط التّربوي، مديرية الإحصاء، صفحات وسنوات متعددة.
- دراسة تحليليّة للواقع التّربوي في العراق للعام الدراسيّ 2012/2013، المديرية العامة للتخطيط التربوي، مديرية الإحصاء، 2013.
- أحمد إبراهيم مهدي الزرفي، قياس أثر التّعليم في النّمو الاقتصاديّ في العراق للمدة 1985 – 2011، رسالة ماجستير، جامعة الكوفة، 2013، ص40.
[1] – ماجستير اقتصاد، يعمل في وزارة التّربية، المديرية العامة للتّربية في محافظة النّجف الأشرف – قسم التخطيط التّربوي. mohammed07802147927@gmail.com