جمال الدّلالة في الصورة الشّعبيّة – ج2

جمال الدّلالة في الصورة الشّعبيّة – ج2

صباح محسن كاظم[1]

للأجواء السّاحرة في لبنان تأثير كبير على ما ينتجه الشّعراء من قصائد سواء بالفصحى أو الشّعر المحكي باللهجة المحليّة، فالصّورة الشّعريّة المبهرة في النّص العامّيّ أعدّها لوحة تشكيليّة جاذبة للتّأمل، وقطعة موسيقيّة تسرح بالخيال للأذن السّامعة المدركة للجمال، الشّعر لغة التّواصل والتّداول ذاكرة الأمس والشّاهد اليوم من يدين القبح ويمجد الجمال والإنسان، لقد حضرت عشرات الأماسيّ ،والمهرجانات الثّقافية المتنوعة بلبنان من 2014-2021 معظمها يتخلّلها الأدب الشّعبيّ بكلّ أمسيّة وملتقى أرى أحد الشّعراء يتغنى بجبال لبنان، وسهوله، وأرزه، وبحره. تلك الطّبيعة الخلابة التي جعلت من لبنان قبلة الشّرق والقنديل المضيء وسط صحراء العرب، شعب بصموده الإسطوريّ ضد كلّ التّحديات والمؤامرات ومايُحاك ضدّه،جدير أن يتغنى الشّعراء بوطنهم، أو ينعى الشّاعر رفيقه، أو يشارك بأفراح ومسرّات لجميع زميلاته وزملائه، فالحضور الكبير بالأدب الشّعبيّ اللبناني طاغ بالمناسبات الثّقافيّة وغيرها، كما لمسته بالأردن بالمنتديات الثّقافيّة لإسبوعين متتاليين حضرت عدّة دوواين ومنتديات ثقافيّة بعمان، أو بالثّقافة المصريّة له الحيز المهم كما وضحت بالجزء الأول من البحث، لقد برّع عشرات من الشّعراء اللبنانين – سأفرد لهم الفصل المميز بموسوعة الفنارات، أمَّا البحث هنا بمجلة أوراق ثقافيّة هو المرور العابر ببعض الأسماء التي مررت بنصوصهم من صفحاتهم بالتّواصل الاجتماعي.

– حسن حسون

صدفه ٱلتقينا بـعـد مـا نـسيـنـا

وتـشَـتَّـتِـت أحـلام مـاضــيـنـا

بْـبَـسمة عتب وِبذات هالـنّـظره

رفّ الـقـلِب وَعّى الـهـوى فـينـا

قِلـتـلّـهـا مـا بْـتِـحـمُـل الـنّـطـره

بْ تِـتّـاقَـلـي لـولا سـوا مشـيـنـا ؟

مشينا ومَدانا مروجـنا الخـضرا

و قـلـتِـلّــهـا و مـا دامـنـا جـيـنـا

مَـشّي مـعي عا فَـيّـة الـشّـجـره

مطرح مـا مـرّه بـالـهـوا غْفـيـنـا

مشّـي نْـوَعّـي شَـجْـرِة الـذّكـرى

لْ عا جِذِعـهـا حْـفَـرنا أسامـينـا

وِ نْـقِـلّـهــا وِ بْ قَـلِـبْـنـا حَـسـره

جـيـنـا عَ ذات الـحِلْـمْ ..لاقـينـا

مَطرح ما كِـنّـا نِـعـشـق الـغـمـره

و نُذكُر بِ رغم البرد شـو دفينـا

مـشــتــاق إرجَـع وَلِّــع الـجَـمـره

وْ يِرجَـع هـوى اللي راح يكوينـا

بلكي معِك بنسى قـسَـا السّـمـرا

اللّـي دَوّقـتـنـي الـمُـرّ و الـكـيـنـا…

كمال هاني المهتار- جسمك وطن

ن الأسماء الشّعرية الشّعبية التي دونت باللغة المحكيّة عدة نصوص جميلة في الأدب اللبنانيّ الذي تميز بجمال التّعبير الشّاعر لدى المبدع كمال هاني المهتار بأغراض شتى بالنّصوص، العاطفية، الوطنية، وهو يحسن وصف الحبيبة وجمالها، وأناقتها.

عم شوف جسمك وطن ومكلل بتاجو

موسم ليالي سهر ما بتخلص فواجو

وصدرك مطار النظر والعاشقك طيّار

وما رح يزول الخطر ت تغط ميراجو

مهفهف بياضك متل احساس موسيقار

“حكاية غرامي” عزف وجوارحي هاجو

ولما المزاج الحلو توافق مع المهتار

بلش ع جسمي الجمر يضرب بكرباجو

غمرتك بسرعه وشفت دمك ع وجك فار

وقلتي جنونك معي كل اللي بحتاجو

ولما ع شاطي السلامة ردنا البحار

وشفنا جمال السفر والبحر ومواجو

فيي التفتي وحكي ع شفافك الاعصار

لما مريضك رجع من رحلة علاجو

عا طول ظلك تعا نقفز ع تاني دار

احلى جنون الهوى اللي تجاوز سياجو

“محمد العبد حوراني” وهو يتغنى بالوطن ومن الشّعراء الذين برعوا بالأدب الشّعبي اللبنانيّ الشّاعر، وينشد بشوق للحبيبة، النّصوص العاطفيّة المحكيّة كأغانيّ تراثيّة وفلكلوريّة يحبها المتلقيّ، نصوصه الغزليّة تتسم بجمال العاطفة، وصدق الإحساس، كأنّها أغنيّة تنطلق من أعماق الرّوح لتشدو بالفرح.

أنا كلما على حفلة دعوني

الصبايا وين روح بيلحقوني

لاْني بكل عرس وكل حفلة

أذا ما كنت ما بتعمر بدوني

الصبايا بيحملوني قلام كحلة

وقونه ع صدورن علقوني

ولاْني بكل ردي وكل قفلة

مليت بيادر الجوعان مونه

ومع كل بيت جمهوري وقفلي

وقالوا عيّد!!! كم مرة رجوني

وأذا غنيت عا مسرح بزحله

النسا بيزلغطولي ببحر جونه

القصيدة قبل كانت أرض مِحله

وأنا اللي رويتها!!! آهي وشجوني

وبعد ما الخصم ركعتو وزقفلي

ووسام الشعر بستاهل لقوني

عملت على السما!!! مشوار رحلة

وملايكة الشعر سمعّت صوتي

وعلى عرش الأمارة توجوني.

القصيدة الثانية يصفع كل متجبر وسارق، ومجرم يتلاعب بكرامة المواطن بزمن الأزمات هؤلاء من نهازي الفرص على حسب معاناة المجتمع تجار الأزمات يسميهم “الزّعران” الذين يتصيدون بالواقع وتقلباته على حساب المواطن اللبنانيّ، الذي تتفاقم عليه الأزمات بكل الأزمنة هذا الشّعب الذي يحب الحياة، والورد، والموسيقى، الشّعب الأجمل باختيار الأذواق بالأزياء والعادات وطبيعة الإنسان لكن المحن تكاد لا تفارقه…

قديش حابب صول شي صوله

وأوقف على منبر أمن دولي

وأصرخ بوج الظلم والطغيان

وأغزل قصايد شعر ع نولي

وخلي القوافي رصاص والأوزان

تحرك مشاعر كل من حولي

التجار عَري وأفضح الزعران

ومجرم ع رزق الغير مستولي

ومن بعدها لومت مش سئلا…

يسجل الشّاعر اللبنانيّ

عليّ الحسينيّ بعين مبصرة كل الوقائع اليوميّة ليعبر عن هم جمعي لبناني حيال كل مايواجهه المجتمع، شاعر الزّجل الجميل الذي يسجل حضوره بمعظم الأماسي الثّقافية اللبنانيّة، تجده يرتجل الشعر بتلك الأماسي مع الأداء الصوتيّ الجميع يُمسرح القصيدة الشّعبية كأغنيّة يرددها الجمهور معه يتميز وجوده بالمنتديات الثقافية بنكهة خاصة، فهو يغني قصيدته بصوت رخيم محببٍ:

حتّى الموسيقى حَّقها ما يضيع

فاتِت الشجره بقلب البيانو

وغصونها صارو مِتِل صابيع

وكان القَصد مَعروف عنوانو

تِعزُف على زرارو النَغَم تِقطيع

متل الشِعِر وحروف أوزانو

والريح مُطرِب والعشب سَمّيع

والورد يِتغاوى بألوانو

ونَسمِة هِوى…

رولا ماجد بقصيدة لأميّ الحبيبة

للأم بالشّعر العربيّ الحيز الأكبر هي الوطن والحضن الدّافيء، والمشاعر الصّادقة الحقيقيّة بكمّية الحنان، وقد أفرد لها معظم الأديبات والأدباء الحيّز المهم بنصوصهم الإبداعيّة بمختلف الأجناس الأدبيّة ومن ضمن هؤلاء من يكتب اللغة المحكيّة الدّارجة الشّعبية .

كتبتك ي َ إمّي وماقدرت كفّي

غصّ القلم مخنوق ب ِ كفّي

حتار الحبر كِف يشهق الكلمات

ويوفي بحرفوا عمر لملفي

ربينا ع ديكي يا هنا الإمهات

رضعنا حليب الطهر والعفى

انت الوفا انت دفا حرامات

كفوف لمن غر صوف بتدفي

الشّعر الشّعبي العراقيّ والجنوب

للجنوب العراقيّ نكهة الشعر والدوواين والمضايف، والكرم والولاء العلويّ الحسينيّ ومحور المقاومة بتاريخ العراق، وثّق الأدب الشّعبيّذ في سوق الشّيوخ والنّاصريّة الشّهيد فرقد الحسيني الذي استشهد بسيارة مفخخة مقابل فندق الجنوب النّاصريّة في 9-12-2012 ، ما كتبته عن الباحث في الفلكلور والتّراث الشّعبيّ في سوق الّشيوخ ، بعد أن قدمت كتابه” أبو معيشي” بدراسة بالصباح نشرها بطبعات الكتاب المتعددة الأخرى، كأحد أبرز رواد الأدب الشّعبي في العراق، بعد ذلك أصدر كتابًا توثيقيًّا مميزًا.

ليس من السّهل أرشفة الأدب الشّعبيّ في مدينة مكتظة بالإبداع وسحر الكلام، إنّ ببلوغرافيا شاملة شاملة للشّعر الشّعبي في واحة الشّعر بمدينة ولودة للتّألق الشّعري وتتنفس الشّعر، هي محاولة رصينة لحفظ هذا التّراث الكبير والغزير والمتنوع في العطاء، فإهماله من دون توثيق سيفقد يومًا ما، وقد حاول الباحث الشهيد “فرقد الحسينيّ” جمع وإعداد وتدوين سيرة الشّعراء الشّعبيين في سوق الشّيوخ ويعد جهدًا مهمًّا في الحفاظ على هذا الأرث الزّاخر بالجمال إنَّ شذراته الجديدة هي تداخل بين الأجيال الشّعرية بين الرّواد والرّاحلين والشّباب واليافعين،هموم الوطن وهواجسه، ورقة العاطفة في الغزل الجميل، وقصائد العشق التي صيغت بسباكة شعرية تحمل صورًا فنية تنم عن ذائقة، وموهبة فطريّة تتدفق بشكل هادر بصدق وعفوية محببة، ترى في طيات هذا السّفر قصائد اللأبوذية، والدّارميّ، والمساجلات، والرّثاء، والأهازيجوحتى القصيدة الهزليّة التي توجد أجواء من المرح والانشراح بدوواين الشّعر بهذه الدّيار التي تتنفس عطر الكلمة، وتشدو بأناشيد الجمال التي تتناغم مع الفلكلور المحليّ لتشع وضاءة في سماء الوطن، ففي قصيدة للشّاعر حسين العبادي الذي يعدُّ مؤسس الأبوذية شعرًا وطورًا يقول:

برخه يتلعمط بروحي وتلهه

وعكبك بيش تسله وتلهه

حما أتونها بشوكك وتلهه

غضة ونيرانها باتت سرية

****

كلي إشبللك ياجفن ونداك

غدو مايسمعون إبجاك ونداك

لون همي إبجبل جا صاغ ونداك

تشضه وكل ركن صار إبنوية

****

أما الحاج سعود عبد العزيز النّفيسي يقول:

ما تدري إشجره إعليه وسادي

إغذاي الحزن وهمومي وسادي

أتم الفتل حبل وصلك وسادي

تمت وتكطع ابتوت البدية

****

يناهي اقبل ارشادي وانته صاحي

جذب من شاف شخصك وانت صاحي

وحك سكرة أعيونك وأنته صاحي

رضابك سلسبيل وعذب ميه

****

أما الشّاعر فيصل المشاري

سفح دمعي على الوجنة محرم

على اليومه شبه يوم المحرم

بيا مذهب لثم خده محرم

وسفك دمي مباح ابغير دية

****

اعيونة كبل اشافة شتمني

انذهل عكلي ودليلي شتمني

انهجم بيتج بروحي شتمني

تمنيتي الذي يصعب عليه

****

من الياقوت ياصاحب لها شاف

وبعد روحي بمودتهم لها شاف

لون اللامني مرة لها شاف

صفك بيده وبجة رحمة عليه

لقد وردت بكتاب (شذرات من الشّعر الشّعبي في سوق الشّيوخ) عشرات القصص، والقصائد، بصياغة مدهشة لشعراء انغمسوا بلذة المفردة المتفردة بالتّعبير، تبث لواعج الحبّ العذريّ، أو حكايا لقصائد يرتجلها المبدعون ارتجالًا مواقف حياتيّة تثير الفرح والسّرور ففي ص308 يذكر الحسينيّ قصة وقصيدة عن الشّاعر حافظ محسن العطار الذي يربطه بصداقة وثيقة مع الشّاعر كمال السعدون وكان الأخير يسكن ناحية العكيكة، وهي تشتهر بالتّمور، وبعد إنتهاء مواسم جنيها، أرسل الشّاعر حافظ العطار أبيتًا معاتبًا صديقه لعدم إرساله كيساً للتمر هدية له:

تظل اعيونه اعلى الدرب رابين

ولاجنة ابهذيج الدار رابين

لون ضحكة إلي وي سحاق رابين

جا ودة التمر بجياس اليه

****

ومن القصص الجميلة التي وردت في الكتاب كان لأحد شعراء الشّطرة التّواصل المستمر مع شعراء سوق الشيوخ ما جعله قريبًا منهم ويحتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع، له مساجلات كثيرة في مواضيع شتى وقد أصيب بداء (السّكّري) في بداية السّبعينيات، ولعدم توفر مادة (الأنسولين) في ذلك الوقت فقد نصحه الأطباء بتناول مادة(الجت)،ويبدو أن هذه الحكاية كانت المدخل الذي أراد منه الشّعراء الدّخول إلى مداعبة صديقهم للتخفيف مما يعاني منه:

فضلك كون أسطره أبحبر وصفه

صحايف تنملي ابتعبير وصفه

الطبيب انصف ابيوم انطاك وصفه

جت علفك عرف نفسك دنية

المله صالح الحثيل

مدخلك علذي للكون يرعه

وفي وعندك جسارة وخوش يرعه

المثلك موش جت وشعير يرعه

صفيت انته وبو أزنهير سوية

المله ياسين الكربلائي الرادود

شريف وتعتني الطيبة وجنتك

حسافة العلة الغيرك وجنتك

مهنة ابخبزة إشعيرك وجتك

عوافي يالكلت كوت المطية

إنّ الشّعر الشّعبيّ العراقيّ له نكهة خاصة متفردة، وقد طورها الشّاعر الخالد مظفر النّواب بثقافته الواسعة وأسطورية الأداء الشّعري التّمثيل بالإلقاء الحسن، وبإختيار المفردة القريبة من الروّح، نأمل من الشّعراء الشّعبيين التّجديد بروح القصيدة، والابتعاد من التّسطيح والمديح الفارغ، والتّكسب لأنّ الشّعر: موقف، وإبداع، وتسجيل لخلجات الإنسان بلغة تتسم بالخيال والجمال الباذخ.

مجيد جاسم الخيون ظاهرة شعريّة عراقيّة

كلما يذكر الشّعر الشّعبي يتصدر الحديث 3 مظفر النّواب – عريان السّيد خلف – مجيد جاسم الخيون على الرّغم من عدد الشّعراء في العراق بعدد نخيله، كما بينت في الجزء الأول من البحث إذ مررت بعشرات من نتاجهم ، لكن لتلك الأسماء الحضور المهم في الذّائقة الشّعريّة، وديوانه ياهور الجبايش الصادر في 1/4/1970 كتب مقدمة الطبعة الجديدة الكتبيّ كريم حنش: (يعد المثال الأكثر انفرادًا 3 عن عشرات الدّوواين التي صدرت خلال الأربعين عامًا، وهي تحمل أسفار شعرائها كل له نكهته وأثره) وهي قصيدة هائلة صورت الحياة بالأهوار بكل تفاصيلها لذلك تُعدُّ القصيدة الخالدة في الأدب العراقيّ عدة صفحات هذا مجتزأ من النص.

ياهور الجبايش لاتسد الشط

يامجمن سمج ريجان يتلعبط

يبو العكيد.. يالشبعت طير البط

براهينك على المحداد تشبع غط

يدهلة وطين.. فوك الطين ومسدي

حشيش أخضر عله الصوبين والبردي

اشحلات الصيد بيك ،ودفعة المردي!

من الرّواد في كتابة النّص الشّعريّ الشّعبي المبدع “شاكر الخباز” 5- الذي شارك بمعظم المهرجانات الشّعرية من السّتينيات لآخر مهرجان للشّعر الشّعبي العراقيّ بمدينة النّاصرية الذي أقامه الشّاعر علي الخزاعيّ ، وقد أثنيت بكلمة في المهرجان على جهوده مع إهداء أول نسخة من كتاب فنارات في الثّقافة العراقيّة والعربيّة – دراسات نقدية ج3 الطبعة الدّوليّة في المغرب له، وبعض الشّعراء الحضور من مدن مختلفة بفندق سومريون، في ديوان حجي جايخانات تجد تاريخ المدينة ، وسيرة حياة الشّاعر، رؤيته للوطن، للمرأة ، للعلاقات الاجتماعيّة.

جلنار

أنه لوما عسكري…

أو.. لعيون الوطن…

جا سلمت.. روحي بديج

أو عودت.. كلبي عليج

أو ذوبت أهاتي كلها؟

مثل ماذوّب صبرنه الجوع

بسنين الحصار…؟

في رثاء أمّه كتب الشّاعر المهندس طالب منشد الكنانيّ الذي يكتب القصيدة العموديّة الفصحى بجدارة ، هنا يكتب باللغة المحليّة بألم، وحرقة، ولوعة الفراق على التي جعل الله الجنة تحت أقدامها، وهو يعاتب الزّمن الذي ينزل الموت علينا كالمطر.

فحص ما فاد يايمه واشاعه

دواج الصار بس جذبه وشاعه

خبر موتج لاكتبنه واشيعه

واحشم كل طروش الناصريه

طبيبي ليش تخلفلي وعودك

الوعد يومين تصحه امي واعودك

جنت حاسب دوه عندك واعدك

طبيب وتدرك العله الخفيه

طبيب اللي كتبلي الدوه ما هام

واحس جنه غشيم الراي ماهوم

طبيبي لو شلعت العين ما هم

لون بيهه شفه لامي الوفيه

النّقد والشّعر الشّعبيّ

حاول الناقد والشّاعر المبدع “ريسان الخزعلي “أن يتابع بشغف عشرات التّجارب الشّعرية من خلال الصحافة اليوميّة ومن عقود ولا يزال بمشغله النّقدي الذي ينماز بالقراءة التّحليليّة والجماليّة الراكزة كما بمؤلفاته عن شاعر الكفاح مظفر النّواب التّجربة النوابيّة وقد درسه بمهارة، كذلك بدراسة النّقدية عن الشّاعر “شاكر السماوي” وقد كتب 2- عن جماليات اللغة الشّعرية حددها بـ6 معالم ذكر في النقطة الخامسة مايلي:

(اللغة/ اللهجة الشّعبية هي المهيأة للتّطهر بالجمال أكثر من غيرها، وذلك لأنّها تمتلك الحركة والاشتباك بأعصاب الناس، تمتلك الحرية والشّجاعة في التّجدد، والتّخلص من تورمات كثيرة ببدائل تموج بالضوء والظلال النّفسيّة والفكريّة والرّمزيّة، تغري الصّبي وتستهوي الشّاب والشّيخ، في أن يلتقطوها ويكتنزوها في الذاكرة، يرسمونها في وعلى اللسان وعلى الضفة الأخرى يقف الشّاعر الشّعبي الحديث صيادًا ماهرًا، غير ملتفت لقاموسية ما).

الشّعر الشّعبي العراقيّ الحسينيّ

ما من شاعر عراقيّ إلا وكان لرثاء الإمام الحسين الشّهيد يطرز دوواينه، لايمكن عدّ وحصر الأسماء والدّوواين لكن آمل أن يقدم باحث عراقيّ بدراسة الدكتوراة لتصنيف الأجيال الشّعرية الشّعبيّة الحسينيّة ليغطي المساحة الأكبر، فبحث بعدة صفحات لا يفي بالغرض، لكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه.

من الشّعراء المهمين صبار العامري المعروف بالتزامه نحو أرضه وأهواره وهويته وعقيدته الذي اشتهر عربيًّا بقصيدة المعيدي والتي تطلب منه بكل مهرجان أن يلقيها، فقد كتب الشّاعر صبار العامريّ في رثاء للإمام الحسين عليه السلام، يكتب بصدقه المعهود، ويراعه الجميل، وفكره القويم على الرّغم من غربة ووحدة سيد الشّهداء يراه بنصه هو الكثرة بالحقّ الغالب، والخلود بالأزمنة والأمكنة، حبر الكتابة للخلود الأبديّ للدم الزّاكيّ الذي أريق في ثرى كربلاء.

كتبت بدمك اروع سطور

واعطيت نحرا يفوح العطور

وكنت لها ياحفيد الرسول

أماما تقيا نقيا طهور

وكانوا قليلا وأنت الكثير

وكنت تتاجر بما لايبور

لقتلك نار بوادي طوى

وبركان دمك حتما يثور

بتوراة موسى بكتب السماء

بانجيل عيسى ووسط الزبور

لطوفان نوح سفينة نجاة

لآدم لحواء جسر العبور

تيقنت انك بالعاديات

شجاع كريم غيور صبور

تموت وتحيا بطف الخلود

وتعشقك الناس كل العصور

من أهواري بالفصحى للحسين الشهيد الذي ركع السّيف أمام الدّم لينتصر به ويرفع راية الخلود للثابتين بمواقفهم.

المهرجان العربيّ الشّعري الثّالث

الذي أقامه برزت القصيدة الحسينيّة بعد الحرية 2003 بسبب قمع الدّكتاتورية سابقًا، لذا تُقام المهرجانات الحسينيّة في معظم المدن العراقيّة في المهرجان العربيّ الثّالث أقام اتحاد الأدباء الشّعبيين العرب للحِقبة من ٥-٧ آب ٢٠٢١. في النّجف الأشرف المهرجان الشّعري العربيّ، كانت قصيدة الشّاعر العميد شوقي الخباز تضج بالقيم والمثل والمباديء الحسينية، ثورة الحق ضد الباطل، بهذا النص المكتنز بالدّلالات الجماليّة الذي استهله بالسؤال، وبلغة الشعر الفصيح. ركز الشّاعر ببراعة من خلال تخصصه في كتابة القصيدة الحُسينيّة من عقود ومن عائلة عرفت أبجديات الشّعر الشّعبيّ من القرن الماضي توارثته من الأبّ والعمّ إلى الأبناء، أجادوا جميعهم بهذا المنوال، تميز الشّاعر شوقي الخباز في معظم القصائد التي يرددها الرواديد طوال محرم بالمراثيّ واستذكار تراجيديا الطف بروح إيمانيّة.

من اين يختصر الطريق الى الصباح

وبإي درب سوف توقعك الجراح

وبإي قافلة يسير بها الردى

وبإي ارض فيها نحرك مستباح

ومتى تسير بها الضعون…

الحرمس عرف جلدي ابنص ضل… الشّاعر صبار العامري بنصه الذي خصصه لرثاء للإمام الحسين عليه السلام. يكتب بصدقه المعهود، ويراعه الجميل، وفكره القويم على الرّغم من غربة ووحدة سيد الشّهداء يراه بنصه هو الكثرة بالحقّ الغالب، والخلود بالأزمنة والأمكنة حبر الكتابة للخلود الأبدي الدّم الّزاكي الذي أريق بثرى كربلاء.

كتبت بدمك اروع سطور

واعطيت نحرا يفوح العطور

وكنت لها يا حفيد الرسول

أماما تقيا نقيا طهور

وكانوا قليلا وأنت الكثير

وكنت تتاجر بما لايبور

لقتلك نار بوادي طوئ

وبركان دمك حتما يثور

بتوراة موسئ بكتب السماء

بإنجيل عيسئ ووسط الزبور

لطوفان نوح سفينة نجاة

لآدم لحواء جسر العبور

تيقنت انك بالعاديات

شجاع كريم غيور صبور

تموت وتحيا بطف الخلود

وتعشقك الناس كل العصور

من أهواري بالفصحى للحسين الشّهيد الذي ركع السيف امام الدم لينتصر به ويرفع راية الخلود للثابتين بمواقفهم… في نصه الرائع محاكمة الماء كتب “يونس جلوب ضمد” عن ملحمة الطف الخالدة، قصيدة مؤثرة، الظمأ والحرب كلاهما لايقوى على تحملهما إلا الأبطال الأشاوس، وقد برّع في تصوير تلك المشاهد المُرعبة، وإيثار بطل المشرعة قمر بني هاشم العباس عليه السلام، وهو يصل بالماء للخيام على الرّغم من كثرة الأعداء وإحاطتهم، ومحاولة ثنيه على ذلك أيّ بطولة تلك!؟

الماء الذي حرموا من الارتواء منه آل بيت النبي، وذبحوا عطاشى في هجير الرّمضاء، اليوم بين الضريح ومن سنين يحكمه الشّاعر، الشفاه الذّابلة، والألسن التي تحولت إلى خشب في الصّحراء والحرب، اليوم الماء يحيط بتلك الأضرحة من معاجز اليوم أنّه لا يفسد ولا رائحة على الرّغم من وجوده يطوق الضريح، وقد التفت الشّاعر لهذه الصورة بقصيدته المهمة، وهو يحاكم الماء هل جئت لطلب الرضا من ساقي العطاشى؟

لماذا ظهر الماء تحت مرقدي الإمامين الحسين والعباس عليهما السلام؟ ولماذا جاء؟ إنه يستحق المحاكمة.

ليش اجيت ابهالوكت فـــــــــات الاوان       جاي نادم عالمضة وكلبك رعش

انتة اجيت الحضرته تطلب رضاه         لو اجيت الشفته صابك عطش

ضوك ياماي العطش مثل الحسين        حتة تعرف شنو معنات العطش

جرب تكــــــــــــــــــون الضحية في حياة         كلها بس اهموم واحزان ودغش

وابد لا تعترض لو احنة نكول…

من الشّعراء الذين نظموا القصيدة الحسينيّة، وأجادوا في التّعبير عن مأساة كربلاء بتلك المجزرة الوحشيّة التي تعدُّ إبادة جماعيّة لآل الرّسول المصطفى لأغراض ماديّة وسلطويّة، تفرعن يزيد الزّنديق وجنده الأشرار من عديمي الدّين والضّمير والإنسانيّة، ليقطعوا بيت آل المصطفى ويحرقوهم، لتبقى جرحًا فيعمّق التّاريخ الشّاعر الأستاذ “شاكر عبد علي الشّمريّ” وقد وصف فاجعة الحسين الإمام المقطع والحقّ المضيع.

عجبه بكل وكت موضوع الحسيــــن

وما تكتب مثيلـــه بيــوم الازمــــــان

اذا هو الزمــن كلــه انكتــــب بيــــــه

وخط اسم الحسين ببابه عنــــــوان

وماتحتاج ادله ولابــــراهيــــــــــــــــن

لان اسمك يقينآ وحــــده برهـــــــان

ومثلك ماشفــــت يابــــــــو الميامين

ولا يوجد شبيهك أبــــد إنســــــــــان

روحك قدمتهـــــه مهــــر للديــــــــــــن

ودمك بالطفـــــوف انصــــاغ نيشـــان

وجسمـــــك بالطفـــــــــوف يرتل آيات

وراسك عالاسنه انگلــــب قــــــــــرآن

وما صدگ براسك شالتــــــه ارمــــــاح

معقوله الرمـــــاح تشيــــــل بــــــركان

وميت ما اضنــــــك اجـــــزم بـــــــــهاي

لان وسط الضماير عشت سلطـــــــان

يصح واحد يمـــــوت وعايـــــــــش دهور

ويصح واحد عدل بس ذكره خلصــــــان

الفرق بين الضوه والظلمه معـــــــــروف

ومابين القمم والــــــوادي شتــــــــــان

وموضوعك اكتبــــــه وكلـــي تقصيـــــر

وقلمي شما كتبلك يبقـــــــــه عجزان

اخطنك قبس ويشع عله الكـــــــــــون

ارسمنك بحر ويفيـــــض وجـــــــــــدان

يا اكرم كريــــــم وهـــذا معــــــــــروف

ومثلك مايكـــــون وابــــد مــــــــــاكان

من شفت العقيده تموت وتـــــــــروح

ودين المصطفى من طاح عطشـــان

روحك عالشــــرع فاضـــــت ينابيــــع

ودمك بالطفوف يسيل نهـــــــــــــران

وكل قطرة دمه سالت علــــــه الگاع

بالطف خضرت يحسيـــــــــن بستان

****

وطحت بس ماطحت يحسين عالگاع

لان لمن طحت شالاك جبريــــــــــــل

شالك للسمه وبجناحـــــــه لفـــــــاك

وجن بعده الملك تقــــره بتــــــــراتيل

وجن يم العرش يحسيــــــن خـــــلاك

قرآنك وساده امغطه بانجيــــــــــــــل

وانوار الجلاله وبالعـــــرش فــــــــوگ

حاطت با لجسد وضحت شناشيل

ودمك هذا دمك من صعـــــــــد صار

يقينآ بالسمه شموع وقناديــــــــل

ونزلن عالارض بس بيهن ادمــــوع

يبجن بالحزن سيد البهاليـــــــــــل

وي دمع الموالي انخاطن اليـــــوم

ومن وصلن عجب صارن زناجيــــل

دگن عالمتن ويصيحن حسيــــــن

ويبجن بالدمه احزان ومواويــــــــــل

في ما برّع الشّاعر العراقي السيد “عماد المطاريحيّ” في نصوصه في الأدب الشّعبيّ سواء القصائد الوطنيّة، والوجدانيّة وما يكتبه عن الأم، وبقصائده المدهشة عن آل البيت وفي هذه القصيدة الفائزة والدّيوان الفائز بمسابقة العراق عن سيد البلاغة، ديوانه يضم قصائد عن عاطفة الأم كتبها بحنين وعاطفة صادقة، والفقر، وأحزان النّوارس شارك في مهرجانات دوليّة في أمريكا وفرنسا ومختلف أقطار الوطن العربيّ وستكون لي وقفة مع الديوان بالفنارات.

ذنوب النهار – عماد المطاريحي

لأنك الشمس فأنك تهب الدفء للجميع

– گال إبوي إتحب علي ؟

– گتله أذوب

– گال ذوب (بشرط أن تعرف عليّ)

علي يؤمن بالحوار

يحترم رأي المعارض ضد قوانين الأماره

علي يوليدي حضاره

علي ماأطلق سراح سارق أموال اليتامى

وأعتقل واحد مزاجي

برمضان

جمع كل حالات رفضه

وقرر يدخن جگاره!!!

بس جگاره

علي مايقبل بتقسيم الشعوب

ماكو عالم ثالث بعالم علي

علي أول خارطه

ماتأطرها حدود، ولاتمثلها مسافه

علي نور

ينتمي الكل الجمال

علي مو صحنه النجف صحنه الارض

علي لو صلى عشگ

يمتد شعاع

ويوگف بهيئة ندى طول الفرض!!

– علي يوليدي العراقي

شفته من مر الحصار

لابس ثيابه القديمه

يغمس رغيفه الخشن بدموع رفضه

وما آكل وكت الفطور.. قدّم رغيفه لفقير

علي من جاع العراق

شطر گلبه!!

بدون مايسمع صراخ

بدون مايسمع أغاثه بغير ذله بلا سؤال

قسم گلبه

الفقراء أهل الجنوب

الفقراء أهل الشمال

ولبّس أطفال العراق ثياب عمره

وأرتدى ثيابه السمال

علي تاريخ الرجال

– شفته من مر الحصار

واگف يدخن فرط!!

ويندب بوسط الزغار

(أبشروا أبناء – الجديدة) *

لازم يرد النهار

والعراق يرد معافى

بانتفاضات الشعوب إعله الكراسي

علي ظل هو الامام

بالحروب.. علي شال السيف مرغم

رايد يجيب السلام

بالمزارات الكريمه

علي طش جروحه حنطه

نذر لعيون الحمام

بـ(برلمانات) الشعوب

علي ظل نقطة نظام!!

بالشوارع

علي واگف بالشوارع حتى مايحصل زحام

بالمدارس

يعبر أطفال المدارس

من محطات العبور

علي يمثل الاحترام!!

علي يمثل الالتزام!!

وردّ إبوي أتحب علي؟

گتله أذوب..؟

گال أسالك

ممكن أطلگ جروحك بالثلاث؟

ممكن تعيش الفقر وانتَ أمير؟

ممكن تبين ذنوبك بالنهار؟

تفتش أعله اطفال جارك ..

مو اطفالك!!

من يصير الانفجار!!

ممكن تعيش الوسط

لايمين ولايسار؟

بأختصار

تظل عراقي

بس عراقي

وآخر شرط

لاتفكر تسجد بحضرة زعيم

ولا تدنگ راسك الكاك النفط!!

المصادر

• رولا ماجد – شذرات العرب قصائد الشعراء العرب – اتحاد الأدباء الشعبيين العرب – ص7.
• فرقد الحسيني – شذرات من الشعر الشعبي في سوق الشيوخ – ص308.
• مجيد جاسم الخيون – ياهور الجبايش – جمال الأسدي ص 9-13.
• شاكر الخباز – حجي جايخانات – ص1.
• ريسان الخزعلي – تقاسيم العشك والجرح شاكر السماوي جماليات التجديد في الشعر الشعبي العراقي – ص78.
• عماد المطاريحي – ديوان المئذنة والبحرالأخضر- ص69.

[1] – ناقد ومؤرخ عراقي مواليد الناصرية 20-2-1960 ، صدر له 15 كتابًا بين التاريخ والنقد ، كتبت 45 مقدمة ودخلت دراستي ومؤلفاتيّ بأكثر من 60 كتابًا وعدة رسائل للدكتوراة والماجستير.