الأنشطة اللاصفّيّة والتفاعل الاجتماع عند الأطفال
فؤاد إسماعيل لمحمّد
من المعروف أنَ التربية نشاط أو عمليّة اجتماعيّة هادفة، وهي تستمرّ مع الإنسان منذ أن يولد وحتّى يموت، لذلك فقد كان من أهمّ وظائفها إعداد الإنسان للحياة، والعمل على تحقيق تفاعله وتكيّفه المطلوب مع مُجتمعه الذي يعيش فيه فيؤثّر فيه ويتأثّر به.[1]
إنّ هذا التأثُّر والتأثير لا يُمكن أن يحصل إلّا من خلال المؤسّسات المُجتمعيّة التي تعمل على تحقيق انسجام الطفل مع مُحيطه الاجتماعيّ، وتُساهم في تكيّفه مع مُجتمعه، وتنمية وعيه بحسب النَمط الثقافيّ في المُجتمع المُحدَّد من خلال الأنشطة التربويّة التي تعتمدها المُجتمعات تبعًا لظروف المكان والزمان، حتّى تنقُل من خلالها ثقافاتها، وتطوّر حضاراتها، وتُحقّق أهدافها وغاياتها التربويّة.
تجدُر الإشارة إلى أنّ المُؤسّسات التربويّة لا تكون على شكل واحدٍ، أو كيفيّةٍ واحدةٍ، بل إنّها مُتعدّدة الأنواع، ومُتنوّعة لجهة مراحل العمر، أو لجهة الأدوار والوظائف. ولعلّ من أبرز هذه المؤسّسات التربويّة في المُجتمع وأهمّها الأسرة ثمّ المدرسة، إلى جانب وسائل الإعلام، والجمعيّات، والأندية، ونحوها من المُؤسّسات المُتعدّدة التي تُؤثّر على تربية الإنسان سواءً كان ذلك التأثير بطريقةٍ مُباشرةٍ، أو غير مُباشرة، والتي أنشأها المُجتمع لتعليم أبنائه، وتربيتهم، وإعدادهم للحياة. لذلك فإنّ مؤسّسات التنشئة الاجتماعيّة المُتعدّدة تعمل على تبسيط التُراث المعرفيّ، والثقافيّ ونقله، ونحو ذلك من جيل الكبار إلى جيل الصغار، أو من المعلّمين إلى الطلاّب تبعًا لما يتناسب، واستعداداتهم، وقدراتهم المتعدّدة؛ فينتج عن ذلك جيلٌ مُتعلّمٌ ومُثقّف.
إذًا فإنّ مؤسّسات الرعاية الاجتماعيّة[2] تؤدّي دورًا مُهمًّا في العمليّة التربويّة من خلال مُساهمتها في تشكيل الأفراد وإعدادهم، بل إنّ هدف هذه المؤسّسات إعداد الأطفال، والشباب إعدادًا روحيًّا وعقليًّا وجسديًّا، وتدريبهم وتأهيلهم للحياة، وتوفير البيئة الصالحة لتنمية مواهبهم. وهي مُتعدّدة الأهداف والمرامي، لذلك تستخدم الأنشطة المتعدّدة مثل الرحلات والأنشطة التربويّة المُتعدّدة.
من هُنا فإنّ الأنشطة التربويّة التي تقوم بها المؤسّسات الاجتماعيّة لها أبعاد تربويّة واجتماعيّة وثقافيّة… تُساهم في تنمية الطفل. والمقصود بها كأنشطة لاصفّيّة لامنهجيّة نشاطات متعدّدة تهدف إلى اكتشاف المواهب، والقدرات، والاستعدادات المُتعدّدة لدى الأطفال، وصقلها، وتطويرها، وتوجيهها الوجهة السليمة المُفيدة، وربطها باحتياجات البيئة، الأمر الذي يساهم في توسيع معرفتهم، وتنمية الروح الجماعيّة بإشراكهم في عمل جماعيّ، وملء أوقات فراغهم بما هو مفيد. وسميت (لا منهجيّة) لأنّها تقع خارج نطاق المناهج المدرسيّة المقنّنة،.ويقال إنّها (لاصفيّة) أيضًا لأنّها تقع خارج حدود الفصول المدرسيّة المعروفة[3].
من هُنا لهذه الأنشطة أهمّيّتها، وموقعها في المؤسّسات الاجتماعيّة، كما هي في المدرسة، والعمليّة التعليميّة التي ترتكز على المُتعلّم وتبتعد عن التلقين.
إنّ العلاقة بين النشاط التربويّ، ومؤسّسات التطبيع الاجتماعيّ تبدو طبيعيّة وضروريّة. غير أنّ مُتابعة تأثير النشاط التربويّ على التفاعل الاجتماعيّ يبدو بحاجة إلى المزيد من البحث. من هُنا سنحاول استعراض هذه العلاقة من خلال الإجابة عن سؤال مُهمّ ألا وهو: ما هو تأثير النشاط اللاصفّيّ على التفاعل الاجتماعيّ عند الأطفال؟ وفي هذا الإطار سنُحاول التعرّف إلى النشاط اللاصفّيّ والتفاعل الاجتماعيّ، وما المقصود به، وما هو تأثير النشاط اللاصفّيّ على التفاعل الاجتماعيّ عند الأطفال؟
أوّلاً: النشاط التربويّ وأهمّيّته:
- مفهوم النشاط التربويّ:
ورد في لسان العرب أنّ النشاط ضدّ الكسل. يكون ذلك في الإنسان والدابّة. وبالتالي نشط الإنسان ينشط نشاطًا، فهو نشيط طيّب النّفس للعمل”.[4]
أمّا اصطلاحًا فتعدّدت تعريفات النشاط. بعض هذه التعريفات تُقارب النشاط من زاوية البرامج فتعدّ الأنشطة هي البرامج التي تضعها، أو تُنظّمها الأجهزة التربويّة، لتكون مُتكاملة في البرامج التعليميّة التي يُقبل عليها الطلاّب في رغبة، ويزاولونها بشوق، وميل تَلقائيّ، بحيث تُحقّق أهدافًا تربويّة مُعيّنة، سواءً ارتبطت هذه الأهداف بتعليم الموادّ الدراسيّة، أو اكتساب خبرة، أو اكتساب اتّجاه علميّ، أو اكتساب اتّجاه عمليّ، داخل الصفّ، أو خارجه أثناء الدوام المدرسيّ، أو بعد انتهاء الدراسة، على أن يُؤدّي إلى نموّ خبرة الطالب – تنمية هواياته – تنمية قدراته في الاتّجاهات التربويّة المرغوبة.[5]
من هُنا إذا حاولنا تحديد معنى النشاط لوجدنا أنّه يُعبّر عن القدرات والمواهب، وعند كلّ إنسان قدر منها، وإن اختلفت المقادير. أن يكون الإنسان نشيطًا يعني أن يجد نفسه، وأن ينمو، ويتدفّق، ويُحبّ، ويتجاوز سجن ذاته المعزولة، وأن يكون شغوفًا ومعطاءً، والنشاط يعني أن يكون الإنسان إيجابيًّا وفاعلًا، والإيجابيّة صفة مُلازمة للسلوك الذي نبذل فيه طاقة ويترتّب عليه أثر مرئيّ، والفاعليّة هي سلوك هادف مُقرّ اجتماعيّا، ويترتّب عليه تغيّرات مُفيدة اجتماعيّا.[6]
وعليه يُمكن تعريف الأنشطة التربويّة بأنّها تلك البرامج، والأنشطة التي تهتمّ بالمُتعلّم وتُعنى بما يبذله من جهد عقليّ، أو بدنيّ في مُمارسة أنواع النشاط الذي يتناسب مع قدراته، وميوله، واهتماماته داخل المدرسة وخارجها، بحيث يُساعد على إثراء الخبرة، واكتساب مهارات مُتعدّدة بما يخدم مطالب النموّ لدى التلاميذ، ومتطلّبات تقدّم المُجتمع وقيمه.[7]
ضمن هذه الرؤية تُصبح الأنشطة التربويّة هي المُمارسة التعليميّة التي يُمكن من خلاها استغلال الطاقات، والمواهب الكامنة لدى الأطفال استغلالًا صحيحًا ومُوجهًّا كما أنّ عُنصر الاختياريّة في مُمارسة الأنشطة يُعطي فرصة للطفل لاختيار نوع النشاط الذي يُفضّله، ويجد فيه مُتنفّسًا لطاقاته سواءً كانت مهارات ذهنيّة، أو عضليّة.
ويُعدّ النشاط التربويّ جُزءًا من التربية الحديثة، فهو يُساعد في تكوين عادات، ومهارات، وقيم، وأساليب، كما أنّ الأطفال الذين يُشاركون في الأنشطة التربويّة لديهم قدرة على التحصيل الأكاديميّ بصورة أفضل، كما أنّهم إيجابيّون بالنّسبة إلى زملائهم ومُعلّميهم، ويتمتّع الطلاّب المشاركون في برامج النشاط التربويّ بتفاعل جماعيّ، كما أنّهم أكثر ثقة في أنفسهم، وأكثر إيجابيّة في علاقاتهم مع الآخرين، ويمتلكون القدرة على اتّخاذ القرار، والمُثابرة عند القيام بأعمالهم، وهم أكثر رضا عن الحياة الاجتماعيّة وأقدر على تحقيق العلاقات الاجتماعيّة مع زملائهم ومعلّميهم، وأكثر ميلًا إلى الخلق، والإبداع، والمُشاركة في نشاط البيئة المحلّيّة، وفي الاحتفالات، والمُناسبات الوطنيّة، والتفاعل الاجتماعيّ.[8]
2 – أهمّيّة النشاط التربويّ:
يُشير “حسن شحاته” إلى أنّ النشاط يُساعد في تكوين عادات، ومهارات، وقيم، وأساليب تفكير لازمة لمُواصلة التعليم، كما أنّ الطلاّب الذين يشاركون في النشاط لديهم قدرة على الإنجاز الأكاديميّ، وهم يتمتّعون بنسبة ذكاء مُرتفعة، كما أنّهم إيجابيّون بالنّسبة إلى زملائهم، ومعلّميهم، ويتمتّعون بروح قياديّة، وثبات انفعاليّ، وتفاعل اجتماعيّ، كما أنّهم أكثر ثقة في أنفسهم، وأكثر إيجابيّة في علاقاتهم مع الآخرين، وأنّهم يمتلكون القدرة على اتّخاذ القرار، والمُثابرة عند القيام بأعمالهم.[9]
هذا ويعمل النشاط على إقامة الصداقة، والود بين أفراد الجماعة التي تُمارس نشاطًا واحدًا، والتدريب على الخدمة العامّة، ومُمارسة الديمقراطيّة، واحترام الأنظمة، والقوانين، والتوفيق بين صالح الفرد والجماعة، كما يُساهم النشاط في تدريب التلاميذ على خدمة البيئة وتطويرها، وفي القدرات الإنسانيّة أيضًا بما فيها التفكير، التي يُمكن تعزيزها، وتنميتها من خلال التفاعل مع العالم وخصوصًا التفاعل الاجتماعيّ.[10]
يتّضح ممّا سبق أهمّيّة الأنشطة التربويّة ودورها في تنمية شخصيّة الأطفال، والشباب وتكوينها على المستويات جميعها النفسيّة، والاجتماعيّة، والعلميّة، والعمليّة، والروحيّة، والعقليّة، والجسديّة، وأنّها لا شكّ أصل من أصول التربية بمفهومها الحديث.
ثانيًا: الأنشطة اللاصفّيّة:
- مفهوم الأنشطة اللاصفّيّة:
اعتمدت طرق التعليم قديمًا على مجرّد حشو المعلومات في أذهان التلاميذ، وتعليمهم القراءة، والكتابة فحسب، دون النظر إلى مُراعاة بناء تلك اللّبنات بناء يُؤهّلهم للحياة في المُستقبل. ونظرًا إلى تطوّر مفهوم التربية، والتعليم حديثًا، فقد أُدخلت تعديلات على نُظُم التربية والتعليم، فظهرت في المُؤسّسات التربويّة المُتعدّدة الأنشطة اللاصفّيّة (اللامنهجيّة). فما هو مفهوم تلك الأنشطة؟
الأنشطة اللاصفّيّة هي نشاطات مُتعدّدة، مُناسبة لأعمار التلاميذ وإمكاناتهم، يُمارسونها خارج حدود الفصول والمناهج. وسُمّيت (لامنهجيّة) لأنّها تقع خارج نطاق المناهج المدرسيّة المُقنّنة. ويقال لها (لاصفّيّة) أيضًا لأنّها تقع خارج حدود الفصول المدرسيّة المعروفة.[11]
ونعني بالأنشطة اللاصفّيّة:
- جميع الأعمال، والتمارين، والإنجازات، والمشاريع التي يقوم بها التلاميذ داخل المدرسة وخارجها، ويحقّقونها بعد الانتهاء من عملهم المدرسيّ.
- كما نعني بها جميع برامج النشاط التي يُمكن لإدارة المدرسة أن تنظّمها خلال العطل الدراسيّة الفصليّة، والعطل الصيفيّة، لأولاد المُجتمع المحلّيّ وشبابه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الهيئات، والمؤسّسات الأهليّة لهذا المُجتمع.[12]
يُعرّف “عميرة” النشاط اللاصفّيّ بأنّه نشاط تعليميّ تعلُّميّ لا تحكمه المُقرّرات الدراسيّة ذات الطابع الرسميّ، يتمّ، أو يُمارس خارج الصفّ، وعنصر الاختيار في الخبرات التي يكتسبها الطلاّب منه غالبًا ما يكون أكبر منه في الخبرات التي تُكتسب من التعليم داخل الفصل.[13]
- أهمّيّة الأنشطة اللاصفّيّة:
هُناك حاجة ماسة ومُتزايدة إلى الأنشطة اللاصفّيّة وبرامجها المُخطّط لها، وتتّفق جميع الدراسات التربويّة الحديثة على ذلك، فقد أظهرت دراسة إحصائيّة في أمريكا – على سبيل المثال – أنّ المُتعلّمين يقضون ٢٠ %من أوقاتهم في المدرسة، وهذا يُشكّل ١٨٠ يومًا في العام فقط ليتبقى بذلك ١٨٥ يومًا، الكثير من الساعات يوميًّا يشعر فيها الطلبة بالملل، أو يُمارسون أنشطة غير مُفيدة، وتُشير الدراسات إلى أنّ المتعلّمين في المراحل الدراسيّة الأولى بحاجة إلى توافر عدد من المصادر لضمان نجاحهم وتقدّمهم، منها علاقات جيّدة مع الأصدقاء، الأهل، والمُدرسين، وأماكن آمنة تتوافر فيها أنشطة مُنظّمة خارج أوقات الدوام الدراسيّ وبداية صحّيّة، ومُستقبل جيّد، وفُرص المشاركة في الفعاليّات الاجتماعيّة.[14]
يُشير الأستاذ “عبد العظيم جاد عبد العزيز” إلى أنّ للأنشطة التربويّة عامّة، واللاصفّيّة خصوصًا أهمّيّة نفسيّة، وأهمّيّة اجتماعيّة،[15] أمّا الأهمّيّة النفسيّة للأنشطة فهي تنشئة الأطفال على الإيمان بالقيم، وبناء الشخصيّة المُتكاملة للطفل ليُصبح مواطنًا صالحًا يرتبط بوطنه، ويعتزّ به، ويستعدّ للتضحية من أجله، وهي تُتيح الفرصة للأطفال لتحقيق الصحّة النفسيّة من خلال مُمارسة أنشطة مُحبّبة لديهم.
ومن الأهمّيّة أيضًا، أنّ النشاط اللاصفّيّ يُعدّ وسيلة لإثارة الدافعيّة لدى الأطفال، ذلك أنّ مُمارسة بعض الأنشطة داخل، أو خارج المؤسّسة التعليميّة يتيح لهم قضاء وقت ممتع يُوفّر عنصر الترويح الضروريّ لتجديد النشاط، كما أنّ النجاح في أداء بعض الأنشطة يُوفّر التعزيز الداخليّ المُناسب لتحقيق المزيد من النجاحات في النواحي التعليميّة. كما أنّها تُلبّي الحاجات النفسيّة للأطفال، كالحاجة إلى الانتماء، وتحقيق الذات، والتقدير، ومُساعدة الأطفال على التخلّص من مشاكل القلق، والاضطّراب والانطواء.
ومنها أيضًا، اكتشاف الميول والاهتمامات التي تُساعد في التوجيه الدراسيّ والمهنيّ، واختيار التخصّص المُناسب والمهنة المُستقبليّة، وتنمية بعض الصفات الشخصيّة الإيجابيّة لدى الأطفال، مثل الاتزان، والثقة بالنّفس، والصبر، والدّقّة وحماية الأطفال من مُمارسة سلوكيّات غير سويّة، فعمليّة المُمارسة للأنشطة التربويّة عامّة، واللاصفّيّة خاصّة تمتصّ جزءًا من طاقاتهم، وتحدّ من توجيه هذه الطاقة إلى المُمارسات السلبيّة.
ومن الأهمّيّة النفسيّة، الارتقاء بالحسّ الفنّيّ للطفل من خلال مُمارسة الأنشطة الفنّيّة المتنوّعة، وتنمية الإحساس بالجمال، من خلال مُشاهدة الطبيعة، والاستمتاع بالأعمال الفنّيّة من موسيقى، ورسم، ونحت، وأشغال يدويّة، وتنمية بعض المهارات النمائيّة لدى الطفل، مثل تنمية الإدراك البصريّ، والسمعيّ، وكذلك التمييز، والربط، والمقارنة، كما أنّ مُمارسة بعض الأنشطة اليدويّة، أو الرياضيّة تساعد على تنمية التآزر الحركيّ من خلال تدريب العضلات الدقيقة بأنشطة محدّدة، وتساعد على الاستمتاع بالحياة، والانتفاع بأوقات الفراغ بطريقة بناءة.[16]
أمّا الأهمّيّة الاجتماعيّة، فهي ترتكز حول تنمية قدرات الأطفال على التفاعل مع مُجتمعهم بما يُحقّق لهم التكيّف الاجتماعيّ السليم في ظلّ التطوّرات السريعة المُعاصرة. وتدريب الأطفال على التخطيط، والتنظيم، وتحديد المسؤوليّة، واحترام الأنظمة، والقوانين. وتعويد الأطفال على المُمارسة الديمقراطيّة للحياة، وحبّ العمل، وتحمل المسؤوليّة، واحترام آراء الغير، والاشتراك في اتّخاذ القرار، والمساعدة على ربط الحياة المدرسيّة بالحياة الاجتماعيّة والنهوض بالمُجتمع.
كما تُساهم الأنشطة اللاصفّيّة من الناحية الاجتماعيّة أيضًا في تنمية سمة القيادة لدى الأطفال، والاعتماد على النفس، وإعدادهم للمواطنة الصالحة من خلال تعرُّفهم واجباتهم والتزامهم بقوانين الجماعة، ومراعاة مصالحها، وفي تدريبهم على تعرُّف الامكانات، والخدمات المتوفّرة في مجتمعهم، وبالتالي الاستفادة منها في جوانب الحياة الدراسيّة والعمليّة جميعها. كما وتحقّق الأنشطة وظائف تشخيصيّة، وعلاجيّة، ووقائيّة لمشكلات الأطفال، وتساهم في تحقيق الكفاية المهنيّة المستقبليّة للطفل عن طريق إمداده بمعلومات عن المهن المتعدّدة التي يحتاج إليها المُجتمع، وتعرُّف أنشطة الجهات الحكوميّة، والخاصّة، والمنظّمات، أو المؤسّسات التنمويّة في مجتمعه.[17]
وهُناك مزايا أخرى للأنشطة اللاصفّيّة، ومن مزاياها أنّها تحقّق أهدافًا صحّيّة، وتساعد في استثمار الوقت، وتنمّي المهارات الأساسيّة للتعلّم وتنمّي أيضًا العضويّة العائليّة في جمعيّات، أو جماعات الأنشطة.[18]
إنّ الأنشطة اللاصفّيّة هي من المجالات المُحبّبة إلى نفوس الأطفال، كما أنّها تُنمّي عدداً من الهوايات، والأعمال التي يسودها روح المرح، والتعاون، والصداقة بين أعضاء جماعة النشاط.
- أنواع الأنشطة اللاصفّيّة:
تتعدَد مجالات وأنواع النشاطات اللاصفّيّة إلى أنشطة ثقافيّة، وأنشطة اجتماعيّة، وأنشطة علميّة، وأنشطة فنّيّة، وأنشطة مسرحيّة، وأنشطة رياضيّة،[19] وهي تتشابه سواء تمّ تنفيذها من خلال أنشطة المدرسة، أو أنشطة المؤسّسات الاجتماعيّة، وهي كالتالي:
النوع الأول: الأنشطة الثقافيّة: للأنشطة الثقافيّة دور كبير في إبراز المواهب الأدبيّة والعلميّة وتنميتها وتساهم كثيراً في التوعية الوطنية والاجتماعيّة، وتتشكل الأنشطة الثقافيّة من عدة مجالات ولكل مجال منها جماعة ، ومن أبرز تلك الجماعات: جماعة الإذاعة المدرسيّة، وهي من أبرز الأنشطة اللغويّة كالإلقاء الشعريّ، والمسرح، والندوات، والمحاضرات.[20]
ومنها أيضًا، جماعة المكتبة المدرسيّة التي تساهم في توسيع مدارك الطلاّب وزيادة رصيدهم اللغويّ.[21] وجماعة الندوات، والمُحاضرات التي تُساهم في تثقيف الأطفال، والطلاّب وتزويدهم بالمعلومات المُتنوّعة، وإحياء المُناسبات الوطنيّة، وتدريبهم على الحوار الهادف، والنظام، والانضباط في المواعيد، وتدريبهم على ربط المعلومات التي لديهم، وما يسمعونه في الندوة للخروج بفكرة وخلاصة ما. وجماعة المسابقات الثقافيّة، وجماعة الصحافة…
النوع الثاني: الأنشطة الاجتماعيّة، حيث يهتمّ هذا المجال من الأنشطة بتنمية الجانب الاجتماعيّ في شخصيّة الطالب، وذلك لتهيئته للاندماج في المُجتمع، وليصبح عضوًا فاعلاُ يُؤدّي واجبه نحو المُجتمع. وتندرج تحتها جماعات عدّة وهي[22]: جماعة الخدمة العامّة، وأصدقاء البيئة، وجماعة الرحلات التي تستخدم كوسيلة للترفيه والتسلية، وبقاء أثر التعلّم، وتكوين اتّجاهات إيجابيّة نحو المدرسة، وتُعرّف الطفل بمعالم وطنه. وجماعة الصحّة التي تُساهم في غرس العادات الصحّيّة في نفس الطفل، وإرشاد الطفل إلى قواعد السلامة لتجنّب الأخطار، وتثقيف الطفل ثقافة غذائيّة سليمة، وتدريب الأطفال على الإسعافات الأوّليّة.
النوع الثالث: الأنشطة العلميّة، وهي تعدّ هذه الأنشطة من أبرز الأنشطة المعاصرة وأهمها لمواكبة التقدّم التكنولوجيّ، وتندرج تحتها أنشطة عدّة منها[23]: نشاط النادي العلميّ الذي يهدف إلى إثارة فكر الطفل، وخياله، وتوسيع مداركه، وتعليمه خطوات البحث العلميّ وفق عمره.
النوع الرابع: الأنشطة الفنّيّة[24]، كنشاط الرسم، ونشاط المهارات الحياتة الذي يساهم في إكساب الطفل تقدير أهمّيّة العمل للإنسان، وتنمية الكفاءات الإبداعيّة، وتقديم خدمات للأنشطة الأخرى، والقيام بحملات الصيانة للمدرسة، أو للمؤسّسة الاجتماعيّة وفق عمر الأطفال. ومن الأنشطة الفنّيّة أيضًا نشاط الغناء، والإلقاء الشعري الذي يهدف إلى تنمية الذوق الجماليّ للكلمات وإيقاع الموسيقى، إثارة خيال الطفل وإدماجه مع الغناء والشعر، ويُساعد على بقاء أثر التعلّم. من الأنشطة الفنّيّة نشاط الرياضة التي تساهم في الاهتمام بالصحّة وتعزيز الصفات البدنية للطفل في ضوء خصائصه العمرية.
النوع الخامس: المسرح الذي يهدف إلى[25] ربط النشاط بالموادّ الدراسيّة، وذلك عبر الدروس المسرحيّة وتقديمها بصورة شيّقة وجذّابة، وبسهولة لتوصيل المعلومة، وتعزيز الثقة بالنفس، وبالتالي غرس الشجاعة، والجرأة في نفس الطفل.
وبعد استعراضنا لمفهوم النشاط التربويّ وأهمّيّته، ومفهوم وأهمّيّة وأهداف وأنواع الأنشطة اللاصفّيّة، سوف نتطرق فيما بعد إلى الحديث عن التفاعل الاجتماعيّ.
ثالثًا: التفاعل الاجتماعيّ.
- ماهيّته:
يُشير مُصطلح تفاعل بمعناه اللغويّ إلى التأثير (تفاعل يتفاعل، تفاعلًا)، أي أثّر كلّ منهما في الآخر مثال تفاعلت المادّتان الكيماويّتان فنتج عن ذلك مادّة جديدة. ويُقال تفاعل مع الحدث أي تأثّر به، أثار الحدث مشاعره فدفعه إلى سلوك ما.[26]
وهذا المعنى هُنا لا يختلف عن المعنى الاصطلاحيّ لمصطلح التفاعل الاجتماعيّ، الذي يُشير إلى صلة بين مجموعتين من أيّ نوع كان بحيث إنّ فاعليّة كلّ منهما تحدّدها جزئيًّا فاعليّة الأخرى.[27]
من هُنا يُمكن القول إنّ التفاعل كمُصطلح يُشير إلى دور مُتبادل له طابع ديناميّ، وإلى علاقة بين مُتغيّرين، أو أكثر. مع مُلاحظة أنّ هذه العلاقة تنطوي على تأثير مُتبادل بين الأطراف، أو المُتغيّرات. أي إنّه سلوك مُوجّه نحو شخص آخر، أو مُتأثّر به.[28]
أمّا التفاعل الاجتماعيّ فهو العمليّة الاجتماعيّة الأساسيّة التي تُعبّر عن ذاتها في الاتّصال، وفي العلاقة المُتبادلة بين فردين، أو أكثر، أو بين جماعات. ويعدّ التفاعل بين الأشخاص سلوكًا اجتماعيًّا. لأنّ الناس يتبادلون المعاني ويُمارسون التأثير المُتبادل على سلوك بعضهم البعض، وتوقّعاتهم، وفكرهم، من خلال اللغة، والرموز، والإشارات. وهو التأثير المُتبادل بين سلوك الأفراد والجماعات من خلال عمليّة الاتّصال. التأثير المتبادل بين القوى الاجتماعيّة، والثقافة ذاتها هي نتاج للتفاعل الاجتماعيّ.[29]
التفاعل الاجتماعيّ مُهمّة الأُسرة والمدرسة، كما غيرها من مؤسّسات التطبيع الاجتماعيّ. ويُشير د. أحمد زكي بدويّ، إلى أنّ التفاعل الاجتماعيّ “ذلك السلوك الارتباطيّ الذي يقوم به فرد وآخر، أو بين مجموعة من الأفراد في مواقف اجتماعيّة مُتعدّدة. أي إنّ التفاعل الاجتماعيّ في أوسع معانيه هو تأثيرالشخص بأعمال غيره وأفعاله وآرائه، وتأثيره فيهم، بمعنى أنّ هُناك تأثّرًا، أو تأثيرًا، وفعلاً، وانفعالاً في أيّ موقف إنسانيّ”[30].
من هُنا يغدو التفاعل الاجتماعيّ ضرورة مُجتمعيّة، ويحظى بالمزيد من الاهتمام والدراسة. لأنّه يُساهم في تعزيز اللحمة المُجتمعيّة، وتحقيق التماسك المُجتمعيّ. وتزداد أهمّيّة حضوره في ظلّ التفكّك المُجتمعيّ، أو عند حدوث توتّرات في المُجتمع الواحد، فتترك هذه الأحداث والتوتّرات تأثيراتها السلبيّة على وحدة المُجتمع ونسيجه الاجتماعيّ، وتماسكه الوطنيّ وقَبول الآخر…
ويُعرّف التفاعل الاجتماعيّ بأنّه العلاقة التي تقوم بين فرد وآخرين من أفراد نوعه، فكلّ ما ينتج من تغيّرات في سلوك شخص ما نتيجة اتّصاله بشخص آخر، أو بعض من الأشخاص بشكل مُباشر، أو غير مُباشر يُمكن وصفه بأنّه تفاعلٌ اجتماعيٌّ.[31]
ويُشير البعض إلى إنّ التفاعل الاجتماعيّ يضبط الاتّصال بين الأفراد، أو هو بمثابة “سفير” بينهم، أو هو هندسة العلاقات “الودّيّة المتبادلة بينهم”.[32]
يُشير التفاعل الاجتماعيّ في العلوم الاجتماعيّة إلى سلسلة من المُؤثّرات والاستجابات ينتج عنها تغيير في الأطراف الداخلة فيما كانت عليه عند البداية، والتفاعل لا يؤثّر في الأفراد فحسب، بل يؤثّر كذلك في القائمين على البرامج أنفسهم بحيث يؤدّي ذلك إلى تعديل طريقة عملهم مع تحسين سلوكهم تبعًا للاستجابات التي يستجيب لها الأفراد.[33]
إذًا نتوصّل إلى أنّ التفاعل الاجتماعيّ هو مُنبّهات اجتماعيّة عدّة مُتفاعلة تُقدّمها البيئة الاجتماعيّة لأبنائها، وتُؤدّي هذه المُنبّهات إلى إستثارة استجابات اجتماعيّة لدى المشاركين في هذا الموقف.
- خصائص التفاعل الاجتماعيّ وأهمّيّته:
يتّسم التفاعل الاجتماعيّ بمجموعة من السمات التي تُميّزه عن غيره من أنواع العلاقات التي تنسجها الكائنات غير الإنسانيّة، فالتفاعلات في المُجتمعات الحيوانيّة مثلاً كالنحل تقوم على أسس غريزيّة، وهذا الأساس الغريزيّ هو سبب الانتظام الكامل في مجتمع النحل، لدرجة القول إنّ هذا الانتظام أمر حتميّ لا يستطيع أيّ عضو أن ينحرف عن النموذج السلوكيّ المرسوم له بحكم الغريزة.[34]
يُمكن إيجاز خصائص التفاعل الاجتماعيّ كما يلي:
- يُعد التفاعل الاجتماعيّ وسيلة اتّصال وتفاهم بين أفراد المجموعة، فمن غير المعقول أن يتبادل أفراد المجموعة الأفكار من غير ما يحدث تفاعل اجتماعيّ بين أفرادها.
- إنّ لكُلّ فعل ردّ فعل ما يُؤدّي إلى حدوث التفاعل الاجتماعيّ بين الأفراد.
- عندما يقوم الفرد داخل المجموعة بسلوكيّات وأداء معيّن فإنّه يتوقّع حدوث استجابة معيّنة من أفراد الجماعة. إمّا إيجابيّة، أو سلبيّة.
- التفاعل بين أفراد المجموعة يؤدّي إلى ظهور القيادات، وبروز القدرات، والمهارات الفرديّة.
إنّ تفاعل الجماعة مع بعضها البعض يعطيها حجمًا أكبر من تفاعل الأعضاء بشكل مستقلّ عن الجماعة. إلى جانب ما تقدّم فإنّ من خصائص التفاعل الاجتماعيّ توتّر العلاقات الاجتماعيّة بين الأفراد المتفاعلين ما يؤدّي إلى تقارب القوى بين أفراد الجماعة.[35]
وعليه فإنّ أهمّيّة التفاعل الاجتماعيّ تبرز في كونه يسهم في تكوين سلوك الإنسان، فمن خلاله يكتسب الوليد البشريّ خصائصه الإنسانيّة، ويتعلّم لغة قومه، وثقافة جماعته، وقيمها، وعاداتها، وتقاليدها من خلال عمليّة التطبيع الاجتماعيّ.
بناءً عليه فإنّ التفاعل الاجتماعيّ ضروريّ لنموّ الطفل، فلقد بيّنت الدراسات أنّ الطفل الذي لا تتوفّر له فرص كافية لتنوّع تفاعلاته الاجتماعيّة يُؤثّر كلّ ذلك سلبًا على نموّه الاجتماعيّ. من هُنا يُمكن القول إنّ التفاعل الاجتماعيّ يُهيّئ الفرص للأشخاص ليتميّز كلّ منهم بشخصيّته – ذاتيّته – فيظهر منهم المُخطّط، المبدع، العدوانيّ، الخجول، المنطويّ، المنفتح…، أي إنّ التفاعل الاجتماعيّ شرطٌ أساسيٌّ لتكوين الجماعة. [36] ولا يُمكن التفكير كجماعة اجتماعيّة خارج التفاعل، سواء داخل الجماعة، أو تفاعلها مع ما يُحيط بها. وبالتالي فإنّ طبيعة هذا التفاعل تُساعد على فهم هذه الجماعة، وفهم أفرادها من حيثُ المبدأ، خصوصًا أنّ هذه العمليّة التي تتمّ عبر التنشئة الاجتماعيّة ومؤسّساتها كافّة تُوضَح الحدود، وترسمها، وتُبيّن الأدوار، وتُحدّدها، وتُحدّد أنماط السلوك المُعتمدة، وما تتطلّبه الحياة الاجتماعيّة.
إنّ من مُجمل ما تقدّم تبيّن أنّ التفاعل الاجتماعيّ كأساس للوجود الإنسانيّ يُساهم في تحقيق أهداف الجماعة، ويُحدَد طرق إشباع حاجاتها. كما يُحقّق للفرد والجماعة الفرص لتقييم الذّات والآخرين، وضبط السلوك بحسب النّمط الثقافيّ السائد، الأمر الذي يُوفّر إمكانيّات التطوّر، والتغيير، وتحقيق الذّات الفرديّة والجماعيّة.[37]
رابعًا: مُحدّدات التفاعل الاجتماعيّ:
- المُحدّدات:
يقوم التفاعل الاجتماعيّ على أسس عدّة بَدءاً من الاتّصال مرورًا بالمشاركة والإدارك وصولاً إلى الرموز ووضوح التوقّعات. ويُمكن تفصيل هذه المحدّدات على النحو التالي:
- الاتّصال: هو الإدارة الرئيسة للعلاقات، وفي الوقت نفسه يُعدّ أداة لجمع المعلومات، وأداة للتأثير التي يستخدمها كلّ أطراف العلاقة. فالناس يبدأون ويُغيّرون علاقاتهم مع بعضهم البعض عن طريق وسيلة الاتّصال، فالاتّصال هو طريقهم للتأثير.
ولا يُمكن بطبيعة الحال أن يكون هُناك تفاعل بين فردين دون أن يتمّ اتّصال بينهما، أو يُساعد الاتّصال بسبله المُتعدّدة على وحدة الفكر، والتوصّل إلى السلوك التعاونيّ.[38]
- المُشاركة: إنّ الُمشاركة تُعدّ عاملًا مُكمّلًا لعمليّة التفاعل الاجتماعيّ، فأنا لكي أتفاعل مع الآخر لا بُدّ من أن أُشاركه الموقف، فمثلًا تفاعل الطفل الوليد مع أمّه، يقوم الطفل بالبكاء، فإنّه يصرخ متوقّعًا قدوم الأمّ، وإذا قامت الأمّ بإرضاعه فإنّها بهذا تقوم بعمل مُرضٍ لحاجات هذا الطفل، وهكذا يتعلّم الطفل أنّ كثيرًا من إشباع رغباته وإرضائه لا تتمّ إلا بوجود الآخر، وتفاعله معه.
- إدراك الدور: إنّ إدراك الدور يأتي من خلال الخبرة التي يكتسبها الإنسان عبر المشاركة في العلاقات الشخصيّة الوثيقة مع الآخرين في المُجتمع، أو النشاط الذي يقُوم به الفرد. لكلّ إنسان دور يقوم به، وهذا الدور يفسّر من خلال السلوك وقيامه بالدور، فسلوك الفرد يفسّر بناءً لقيامه بالأدوار الاجتماعيّة المتعدّدة في أثناء تفاعله مع غيره طبقًا لخبرته التي اكتسبها وعلاقته الاجتماعيّة، فالتعامل بين الأفراد يتحدّد وفقاً للأدوار المتنوّعة التي يقومون بها.[39]
- الرموز ذات الدلالة: يتمّ الاتّصال والتوقّع وأداء الأدوار بفاعليّة عن طريق الرموز ذات الدلالة المشتركة لدى أفراد الجماعة كاللغة، وتعبيرات الوجه، واليد وما إلى ذلك. وتُؤدّي كلّ هذه الأساليب إلى إدارك مشترك بين أفراد الجماعة ووحدة الفكر والأهداف فيسيرون في التفكير، والتنفيذ في اتّجاه واحد.[40]
- وضوح التوقّعات: وهو أمر لازم وضروريّ لتنظيم السلوك الاجتماعيّ في أثناء عمليّات التفاعل، كما يؤدّي غموضها إلى جعل عمليّة التلاؤم مع سلوك الآخرين أمرًا صعبًا يؤدّي إلى الشعور بالعجز عن الاستمرار في إنجاز السلوك المُناسب.[41]
انطلاقًا ممّا تقدّم يُمكن القول إنّ هذه المُحدّدات مُتفاعلة فيما بينها من جهة، ويتمّ اكتساب الفرد عناصرها الأساسيّة من خلال عمليّة التنشئة الاجتماعيّة التي تُنمّي في الإنسان – الطفل المُعطيات، أو الركائز الأساسيّة التي تُساعده لاحقًا على الانخراط في عمليّة التفاعل الاجتماعيّ في المُجتمع.
2- المراحل والأنماط:
التفاعل الاجتماعيّ شرط أساسيّ لوجود أيّ نشاط اجتماعيّ من أي نوع بين الأفراد، أو بين الجماعات، أو بين الأفراد والجماعات، وتعدّ جميع العمليّات الاجتماعيّة شكل من أشكال التفاعل الاجتماعيّ. ويحدث التفاعل الاجتماعيّ عندما يوجد اتّصال، أو تواصل اجتماعيّ.
وبناءً على هذا الاتّصال والتواصل، قسم العالم “بيلز Bales”[42] مراحل التفاعل الاجتماعيّ إلى ستّ مراحل، أمّا أنماط التفاعل الاجتماعيّ فقد قسّمها إلى ثلاث مراحل.
وبالنسبة إلى المراحل قسّم “بيلز” مراحل التفاعل الاجتماعيّ بَدءًا من التعرّف، والتقييم، والضبط، واتّخاذ القرارات، وضبط التوتّر، والتكامل وهي على الشكل التالي[43]:
- التعرّف: أي الوصول إلى تعريف مُشترك للموقف بحيث يشمل طلب المعلومات والتعليمات وإعطاءها، والإعادة والتوضيح والتأكيد.
- التقييم: أي تحديد نظام مشترك تُقيّم في ضوئه الحلول المتعدّدة كطلب وإبداء الرأي، والتقييم، والتحليل، والتعبير عن المشاعر والرغبات.
- الضبط: أي محاولة الأفراد التأثير بعضهم في بعض، ويشمل ذلك طلب الاقتراحات، والتوجيه، والطرق الممكنة للعمل، والحلّ وتقديمها.
- اتّخاذ القرارات: أي الوصول إلى قرار نهائيّ، إمّا بعدم الموافقة، والتمسك بالشكليّات وعدم المساعدة، أو الموافقة وإظهار القبول.
- ضبط التوتر: أي علاج التوتّرات التي تنشأ في الجماعة، ويشمل ذلك إظهار التوتّر، والانسحاب من ميدان المناقشة، أو تخفيف التوتّر وإدخال السرور والمرح.
- التكامل: أي صيانة تكامل الجماعة، ويشمل ذلك إظهار التفكّك، والعدوان، والانتقاص من قدر الآخرين، وتأكيد الذات، والدفاع عنها، أو إظهار التماسك، ورفع مكانة الآخرين، وتقديم العون والمساعدة.
أمّا أنماط التفاعل الاجتماعيّ فقد قسّمها “بيلز” إلى ثلاث مراحل، أوّلها: مرحلة التفاعل الاجتماعيّ المحايد. وثانيها: التفاعل الاجتماعيّ السلبيّ، أمّا ثالثها: فهو التفاعل الاجتماعيّ الإيجابيّ، وهي على النحو التالي[44]:
- التفاعل الاجتماعيّ المُحايد، ويضمّ المراحل المُتعلّقة بالأسئلة، وطلب المعلومات، والآراء، وكذلك الأجوبة وإبداء الرأي، والإيضاحات، والتفسيرات.
- التفاعل الاجتماعيّ السلبيّ، ويضمّ المراحل التي تتميّز بالاستجابات السلبيّة، والتعبيرات الدالّة على عدم الموافقة، والتوتّر، والتفكّك، والانسحاب.
- التفاعل الاجتماعيّ الإيجابيّ، ويضمّ المراحل التي تتميز بالاستجابات الإيجابيّة، وتقديم المساعدة، وتشجيع الأفراد الآخرين، وتوطيد التماسك.
إنّ التفاعل الاجتماعيّ يريح الفرد، ويزيد من إنتاجه، وفاعليّته، وأدائه، ويحسن من عطائه، فالإنسان مخلوق اجتماعيّ يُحب العيش بين الآخرين، ويتفاعل معهم.[45]
يُعد التفاعل الاجتماعيّ وسيلة اتّصال وتفاهم بين أفراد الجماعة، فمن غير المعقول أن يتبادل أفراد الجماعة الأفكار من غير أن يُحدث ذلك تفاعلاً اجتماعيًّا بين أعضائها، فالتفاعل الاجتماعيّ يبني ويزيد من تماسك العلاقات الاجتماعيّة المُنتشرة داخل الجماعة من خلال اتّصال الأفراد مع بعضهم البعض، وزيادة ديناميكيّة التفاعل الاجتماعيّ داخلها، ولهذا يدلّ مجموع العلاقات على مدى التفاعل الاجتماعيّ لتلك العلاقات.
خامسًا: التفاعل الاجتماعيّ والأنشطة اللاصفّيّة.
أثناء مُمارسة النشاط اللاصفّيّ تتكوّن علاقات اجتماعيّة، وتفاعل اجتماعيّ بين أسرة النشاط التي تُكوّن في العادة من الأطفال، والتلاميذ، والمُدرّسين، والإداريّين، والمُنشّطين، والاختصاصيّين الاجتماعيّين… وفي الغالب يكون لهذه العلاقات انعكاس إيجابيّ مُثمر على الأطفال، والتلاميذ، وعلى القائمين بالنشاط. وتتمثّل هذه العلاقات بعلاقة الأطفال، أو التلاميذ مع بعضهم البعض أثناء مُمارسة النشاط، وعلاقة التلاميذ مع المُدرّسين، وعلاقة المُدرّسين مع بعضهم البعض، وعلاقة المسؤول عن النشاط بجميع أفراد النشاط.
إنّ علاقات الأطفال، أو التلاميذ ببعضهم البعض تظهر أثناء تفاعلهم، وتعاملهم خلال مُمارستهم للنشاط، ولكي تكون علاقاتهم إيجابيّة يجب أن تنطلق تفاعلاتهم من خلال التعاون، والمُنافسة أثناء النشاط، وذلك للوصول إلى نتائج وعائد تربويّ سليم.
وكُلّما كان تنظيم المجموعة قائمًا على أسس تربويّة سليمة كُلّما ساعد ذلك على تكوين صلات قويّة، وعلاقات حميدة بين الأعضاء تُسهم في اكتسابهم القيم الأخلاقيّة، والعلاقات التعاونيّة، والعمل الجماعيّ المُنظّم، وظهور قيم تتمثّل في القدرة على الأخذ والعطاء.
أمّا فيما يتعلّق بعلاقة المُدرّسين، أو المُشرفين على النشاط مع التلاميذ، فهي من أهمّ أسس تكوين العلاقات الاجتماعيّة الإيجابيّة المبنية على الاحترام والتقدير، وهذه العلاقة لها أثر كبير في تكييف سلوك التلميذ نحو توثيق التفاعل الاجتماعيّ فيما بينه وبين بقيّة زملائه داخل المدرسة، أو خارجها.
ويعدّ المُدرّس، أو المُنشّط بمثابة العمود الفقريّ لكلّ عمليّة النشاط، حيث إنّ لشخصيّته، وسلوكه، ومهارته أثر إيجابيّ في توجيه التلاميذ إلى الوسائل، والطرق السليمة لمُمارسة النشاط. هذه الوسائل والطرق يجب أن تكون مبنيّة على أسس تربويّة، وفنّيّة تُمكّن التلاميذ من اكتساب المهارات، والخبرات بطريقة مُشوّقة، كما أنّ مُشاركة المُدرّس، أو المُنشّط التلاميذ في كلّ خطوات النشاط، واحترامه لشعورهم، ومُساعدتهم لذلك يُسهم النشاط في توطيد العلاقات بينه وبين التلاميذ، وترسيخ روابط المحبّة والاحترام، ما يكون له مردود تربويّ في إنجار برنامج النشاط، وتحقيق الأهداف التربويّة.
كذلك الأمر بالنسبة إلى علاقة المُدرّسين، والمنشّطين ببعضهم البعض، وبين المسؤولين عن النشاط، والمُدرّسين والمُنشّطين، فالعلاقات الإيجابيّة، والتعاون فيما بينهم من أهمّ العوامل التي تُسهم في النهوض بالنشاط اللاصفّيّ.
لقد تبيّن لنا من خلال ما تمّ استعراضه أنّ للأنشطة اللاصفّيّة تأثير على التفاعل الاجتماعيّ عند التلاميذ. فالتفاعل الاجتماعيّ للتلاميذ، أو للمُنشّطين، أو للمُدرّسين، أو للقائمين على النشاط موجود ضمن الأنشطة اللاصفّيّة المُتعدّدة الثقافيّة، والرياضيّة، والمدرسيّة…، فهو إمّا إيجابيّ يُحقّق الأهداف التربويّة المرجوّة، أو سلبيّ لا تتحقّق فيه هذه الأهداف. هذه الأنشطة تُساعد الأفراد على التفاعل مع الآخرين، وتجعلهم أكثر اندماجًا. إذ لا يُمكن تنفيذ النشاط دون وجود تفاعل اجتماعيّ، وهذا التفاعل لا يُمكن أن يتحقّق إلا بوجود علاقات بين الأفراد.
إذًا، للنشاط اللاصفّيّ دور في تنمية الجانب الاجتماعيّ للأفراد مرتكز على تنمية التفاعل الاجتماعيّ وما يسوده من قيم التعاون، والتكيّف، وتكوين علاقات اجتماعيّة مع الآخرين، وخصوصًا أنّه يتمّ الإشراف عليه من قبل أستاذ، أو مُشرف يقوم بالتوجيه والإرشاد.
من هُنا، نستطيع القول إنّ أهمّيّة التفاعل الاجتماعيّ عند الأطفال، أو التلاميذ تبرز من خلال التغيّرات التي تُصاحب حياتهم من جميع النواحي وخصوصًا من الناحية الاجتماعيّة، فالأنشطة، والبرامج التربويّة المُتعدّدة الصفّيّة، واللاصفّيّة التي يُشارك بها الطفل، أو التلميذ تُنمّي الجانب الاجتماعيّ لديه تفاديًا لمظاهر الانطواء والعزلة، ولهذا تسعى الأنشطة اللاصفّيّة من خلال التفاعل الاجتماعيّ إلى دمجه مع الآخرين، وإكسابه مظاهر التعاون، والتكيّف، وتكوين العلاقات الاجتماعيّة مع مُحيطه الاجتماعيّ.
[1] المؤسّسات التربويّيّة واثرها في تربية الفرد والمجتمع، موقع صيد الفوائد www.saaid.net، تاريخ الدخول 2/2/2019.
[2] “المقصود بالمؤسّسة الاجتماعيّة مجموعة من الأفراد الـذين يتّفقون فيما بينهم على القيام بتقديم خدمات متعدّدة، بهدف مساعدة المجتمع وأفراده، والعمل علـى رقيـه وتقدّمه، دون الالتفات إلى العائد المادّيّ، أو الربح من وراء تقديم هذه المساعدة، أو الخدمة”، دعاء عادل السكنيّ، المؤسّسات الخيريّة حكمها وضوابط القائمين عليها وحدود صلاحيّاتهم، دراسة ماجستير في الفقه المقارن، الجامعة الإسلاميّة ــــ غزّة، 2012.
[3] قضايا تربويّة من الميدان، النشاطات اللامنهجيّة (اللاصفّيّة)، موقع صيد الفوائدwww.saaid.net ، تاريخ الدخول 4/2/2019.
[4] جمال الدين محمّد ان منظور، لسان العرب، الجزء 14، بيروت، الطبعة الثالثة 1999، دار إحياء التراث العربيّ للطباعة والنشر والتوزيع، ص 146.
[5] ياسر سلامة، موسوعة الصحافة والنشاطات المدرسيّة، الأردن، الطبعة الأولى 2005، دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع، ص 209.
[6] حسن ضاهر وصالح فروخ، النشاطات اللاصفّيّة (نوادي المدرسة)، المركز التربويّ للبحوث والإنماء، دائرة التوثيق التربويّيّ، ص 14.
[7] رسالة التربية، الأنشطة التربوبّة أهدافها ومجالاتها وأهمّيّتها لطلاب المدارس، سلطنة عمان، 2002، مجلّة فصليّة تصدرها وزارة التربية والتعليم، العدد الأوّل، ص 48 – 49، http://socialworker2009.ahlamontada.net/t463-topic، تاريخ الدخول 10/2/2019.
[8] المرجع نفسه.
[9] حسن شحاته، النشاط المدرسيّ مفهومه ووظائفه ومجالات تطبيقه، القاهرة، 1998، الدار المصريّة اللبنانيّة، ص 15.
[10] حسن ضاهر وصالح فروخ، النشاطات اللاصفّيّة (نوادي المدرسة)، مرجع سابق، ص 15.
[11] قضايا تربويّة من الميدان، النشاطات اللامنهجيّة (اللاصفّيّة)، موقع صيد الفوائد، مرجع سابق.
[12] حسن ضاهر وصالح فروخ، النشاطات اللاصفّيّة (نوادي المدرسة)، مرجع سابق، ص 17.
[13] إبراهيم عميرة، الأنشطة العمليّة ونوادي العلوم، دراسة ميدانيّة منشورة، الرياض، 1998، مكتب التربية العربيّ لدول الخليج، ص 35.
[14] سناء قهوجيّ، أثر الأنشطة العلميّة اللاصفّيّة في مستوى التحصيل الدراسيّ في مادّة علم الأحياء، بحث لنيل الماجستير في التربية، 2009 – 2010، جامعة دمشق، كلّيّة التربية.
[15] عبد العظيم جاد عبد العزيز، ورقة عمل من المؤتمر الأوّل للأنشطة التربويّة “جودة وإبداع”، ٢٥ إلى ٢٧ – ٢ – ٢٠٠١، وزارة التربية والتعليم والشباب، دولة الإمارات العربيّة المتّحدة.
[16] عبد العظيم جاد عبد العزيز، ورقة عمل من المؤتمر الأوّل للأنشطة التربويّة “جودة وإبداع”، مرجع سابق.
[17] عبد العظيم جاد عبد العزيز، المرجع نفسه.
[18] فكري حسين ريّان، النشاط المدرسيّ أسسه أهدافه تطبيقاته، القاهرة، الطبعة الخامسة 1995، عالم الكتب, ص 76.
[19] http://taha-hussien-school.ahlamontada.com/t105
[20] فاطمة الهاشمي وفضيلة المرهوبيّ، دور الأنشطة غير الصفّيّة في صقل شخصيّة الطالب، مرجع سابق.
[21] فاطمة الهاشميّ وفضيلة المرهوبيّ، المرجع نفسه.
[22] داليا حربيّ، الاهداف العامّة للأنشطة اللاصفّيّة، مدرسة طه حسين الاعداديّة بمغاغة، 2010 http://taha-hussien-school.ahlamontada.com/t105، تاريخ الدخول 13/2/2019.
[23] داليا الحربيّ، الأهداف العامّة للأنشطة اللاصفّيّة، مرجع سابق.
[24] سمير عاطف، الأنشطة المدرسيّة ماهيّتها وأهمّيّتها ومجالاتها، مصر، مدرسة طهطا الاعداديّة الحديثة بنين، 2010، http://samiratef.ahlamontada.com/t87-topic، تاريخ الدخول 13/2/2019.
[25] المرجع نفسه.
[26] مجموعة من كبار اللغويّين العرب، المعجم العربيّ الأساسيّيّ (25000 مدخلاً) لاروس، المنظمة العربيّة لتربية والثقافة والعلوم.
[27] أحمد زكي بدويّ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة، بيروت، ط 1986 مكتب لبنان.
[28] محمّد عاطف غيث، قاموس علم الاجتماع، ط 1979، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، ص 252.
[29] محمّد عاطف غيث، المرجع نفسه، ص 427.
[30] احمد زكي بدويّ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة، مرجع سابق، ص 389.
[31] خير الدين عليّ عويس وعصام الهلاليّ، علم الاجتماع الرياضيّ، القاهرة، 1988، الطبعة الأولى، دار الفكر العربيّ، ص 302 – 305.
[32] فؤاد البهيّ السيّد، علم النفس الاجتماعيّ، الكويت، 1980، الطبعة الثانية، دار الكتاب الحديث، ص 9.
[33] نبراس آل مراد، أثر استخدام برامج بالالعاب الحركية والالعاب الاجتماعيّة والمختلطة في تنمية التفاعل الاجتماعيّ لدى أطفال الرياض، أطروحة دكتوراة في علم النفس الرياضيّ، جامعة الموصل، كلّيّة التربية الرياضيّة، 2004، ص 35.
[34] السيّد عليّ شتا، التفاعل الاجتماعيّ والمنظور الظاهريّ،القاهرة، 2003، المكتبة المصريّة للطباعة والنشر والتوزيع، ص 9.
[35] حسن المنسيّ، ديناميّات الجماعة والتفاعل الصفّيّ، عمان 1998، دار الكندري، ص 15.
[36] عديلة أمال، الفعل التطوعيّ في ظلّ التغير الاجتماعيّ في الجزائر، مرجع سابق.
[37] جودت بني جابر، علم النفس الاجتماعيّ، عمان، 2004، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص 134.
[38] محمّد حسن علاّويّ، سيكولوجيّة الجماعات الرياضيّة، مصر، 1998 ، الطبعة الأولى، مركز الكتاب للنشر، ص 17.
[39] أحمد الشناويّ، وآخرون، التنشئة الاجتماعيّة للطفل، عمان، 2001، مرجع سابق، ص 70.
[40] سعد جلال، علم النفس الاجتماعيّ، الإسكندريّة، 1984، الطبعة الثانية، منشأة المعارف، ص 122.
[41] عديلة أمال، الفعل التطوّعيّ في ظلّ التغيّر الاجتماعيّ في الجزائر، مرجع سابق.
[42] عبد الله الرشدان، علم اجتماع التربية، الأردن، 1999, الطبعة الأولى، دار الشروق للنشر والتوزيع، ص 170 وص 171.
[43] حامد زهران، علم النفس الاجتماعيّ، مرجع سابق، ص 246.
[44] حامد زهران، علم النفس الاجتماعيّ مرجع سابق، ص 100.
[45] عبد الله الرشدان، علم اجتماع التربية، مرجع سابق.