تمكين المرأة العربيّة نموذج: المرأة اللبنانيّة
إيمان عبد النبيّ بلّوط
مقدّمة عامّة:
يسود الاعتقاد اليوم أنّ تقدّم المرأة، من منطق التنمية هو مقياس لتقدّم المجتمع سيّما أنّ المرأة تمثّل النصف الآخر المكمّل للمجتمع سواء أكان المجتمع بدائيًّا، أو متطوّرًا عصريًّا. ويُعدّ موضوع المرأة من الموضوعات الأساسيّة، لذا فإنّ اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة تعدّ بمثابة إعلان عالميّ لحقوق المرأة الأساسيّة والمتعلّقة بجميع النواحي الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، وقد صدّقت عليها غالبية الدول العربيّة.([1])، وبانتفاء فاعليّة دور هذه الشريحة الاجتماعيّة الكبيرة فإنّ أيّ تقدّمٍ مهما بلغ مستواه يبقى منقوصًا في مسيرة أيّ مجتمع غربيٍّ، أو عربيٍّ على حدٍّ سواء.
عربيًّا، فإنّ تبدّل دور المرأة محكوم بمستوى التبدّل المجتمعيّ لكلّ دولة سيّما أنّ الموروث الثقافيّ يمثّل أحد أشكال التمييز الأساسيّة ضدّها.
ويرتبط مفهوم تمكين المرأة بالأهداف الأساسيّة للتنمية البشريّة، حيث تتمحور أهمّ مبادئه على مساعدة المرأة ودعمها لإثبات حضورها ووجودها، خصوصاً أنّ المرأة تقوم بأدوارٍ عدّة على المستويات كافّة ما يعني بالتالي أنّ التنمية الاجتماعيّة تُعدّ غير محقّقة بدون مشاركتها مشاركةً كاملة.
وقد “أشارت التقارير الصادرة عن المؤسّسات الدوليّة أنّ دور المرأة يزداد أهمّيّة في الوقت الحاضر خصوصًا في المناطق الريفيّة حيث إنّ أكثر من 35 % من الأسر الزراعيّة في العالم الثالث تدير شؤونها النساء، وأنّ 40 إلى 70 % من الأعمال الزراعيّة في هذه الدول تقوم بها النساء”([2]).
وعلى الرغم من الدور الكبير الرائد للمرأة تبرز معوّقات عدّة قد تعترض مسيرتها في موقعٍ، أو آخر كالوضعيّة القانونيّة التي لا تسمح لها بممارسة حقوقها المشروعة من مثل “اتّخاذ القرار الحرّ فيما يتعلّق بصحّتها الإنجابيّة، أو حقّ الحماية من العنف الجسديّ والنفسيّ، أو حقّ الاندماج بشكل متكافئ في عمليّة التنمية”([3]).
ما هو التمكين؟ ما هي حقوله، ومستوياته، وأنواعه؟ ماذا يتطلّب؟ وكيف يتمثل، وماذا يضمن للمرأة؟
- تعريف التمكين:
التمكين هو من المفاهيم التي ظهرت في نهاية القرن العشرين، وتحديدًا العام (1973)، التمكين في اللغة يعني التعزيز والتقوية، ويمكن تعريف التمكين اصطلاحًا بأنّه دعم عناصر البنية التحتيّة للمؤسّسة، أو المنظّمة من خلال تقديم المصادر الفنّيّة كافّة، وتعزيز دور الأفراد العاملين في تلك المؤسّسات، ومنحهم الحوافز، والقوّة، والمعلومات، ويؤدّي في الوقت نفسه إلى تخلّي النظم الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والسياسيّة عن جزء من سلطتها للمشاركة في عمليّة صنع القرار, وأداء دور مؤثّر في المجتمع.([4])
تمّ تعريف التمكين بطرائق متعدّدة، والتعريفان التاليان يغطّيان معظم المكوّنات الأساسيّة التي تُعدّ مُساهمة في التمكين.
- التعريف الأوّل:
“التمكين تعبير اصطلاحيّ يُستخدم عمومًا لوصف العمليّة التي يصبح بواسطتها الناس الضعفاء عارفين بوضعهم الخاصّ، بحيث يتمكنون من تنظيم أنفسهم جماعيًّا لتزداد قدرتهم على الاستفادة من الخدمات العامّة، أو الوصول إلى المكاسب، والعوائد التي يفرزها النموّ الاقتصاديّ”.([5])
- التعريف الثاني:
“يتّصل التمكين بالناس رجالاً ونساءً خصوصًا الذين يتحكّمون بحياتهم، ويضعون جدول أعمالهم الخاصّ، ويكتسبون المهارة، والخبرة، ويحلّون مشاكلهم، ويزدادون ثقة بالنفس، ويطوّرون قدراتهم في الاعتماد على الذات. التمكين هو سير العمل وتقدّمه باتّجاه الهدف، وهو المردود، والنتيجة في آنٍ معاً”.(5)
- حقول التمكين:
- “التغيير على المستوى الفرديّ في الوعي الذي يتضمّن التحرّك نحو السيطرة، والثقة بالذات، والحقّ بصنع القرار واختيار البدائل.
- “التنظيم بهدف التغيير الاجتماعيّ، الاقتصاديّ والسياسيّ”. ([6])
- تمثّل التمكين:
يتمثّل التمكين في توفير “حقوق ومسؤوليّات متساوية بين الرّجال والنساء، وعدم التمييز بين الأطفال الذكور، والإناث”.([7])
ماذا يتطلّب وماذا يضمن؟
يتطلّب التمكين تحقيق الإنصاف، وتكافؤ الفرص بين الجنسين. ويضمن للمرأة تحقيق الفرص المتكافئة في مجال التعليم والتدريب والتوظيف، والتمتّع بأعلى المستويات الممكنة من الصحّة والرفاه.
- تمكين المرأة:
يمكن تعريف مصطلح تمكين المرأة بأنّه إعطاء مزيد من القوّة للمرأة، والمقصود بالقوّة هنا المستوى العالي من التحكّم بحيث تتمكّن من التعريف، والابتكار، والتعبير عن رأيها، وقدرتها على تحديد الاختيارات الاجتماعيّة، والمشاركة في المستويات كلّها، والتأثير في قرارات المجتمع، بحيث تكون مشاركتها ذات قيمة ونفع.([8])
ويسعى مفهوم التمكين إلى القضاء على جميع مظاهر التمييز ضدّ المرأة مستخدمًا آليّات محدّدة تمكّنها من الاعتماد على نفسها.
وقد ارتبط مفهوم تمكين المرأة منذ نشأته بمجالات التنمية، حيث مرّ هذا المصطلح بثلاث مقاربات وهي:([9])
- إدماج المرأة في التنمية (IFD): عبر اشراكها في قطاعات العمل المتعدّدة، وتمكينها من إدارة المناصب العليا ذات القرارات المؤثّرة، بالإضافة إلى مجموعة من التغييرات القانونيّة والإداريّة بهدف منح المرأة اندماجًا أفضل في المجالات الاقتصاديّة.
- المرأة والتنمية (FED): جاءت مقاربة المرأة والتنمية التي تنظر إلى تمكين المرأة من خلال تطوير تكنولوجيا من شأنها تقليل العبء عن الأسرة، حيث يساهم ذلك في منح المرأة وقتًا كافيًا للانخراط في العمل الإنتاجيّ.
- النوع والتنمية (GED): تؤكّد هذه المقاربة على مفهوم العدالة الاجتماعيّة والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى أنّها تسعى إلى تحقيق تمكين المرأة دون النظر إلى المستوى الماليّ، وإنّما تحقيق التمكين السياسيّ باعتبار المرأة عاملاً مهمًّا في التغيير.([10])
مستويات التمكين للمرأة:
التمكين يتمّ على مستويات عدّة عند المرأة:
- في الأسرة: “من خلال المساواة، والاحترام، والاعتراف بالدور الكبير الذي تقوم به.
- في التعليم: اكتساب ما يلزم من معارف، ومهارات تمكّنها من تغيير ظروف حياتها.
- في العمل: التمكًن من الاستجابة للفرص المتاحة أمامها لتحسين قدرتها على كسب الدخل، وتحقيق الاعتماد الذاتيّ الاقتصاديّ.
- على المستوى الصحّيّ: إمكانيّة الحصول على رعاية شاملة للصحّة، وإتاحة المجال أمامها لممارسة حقّها في الخِيار الإنجابيّ القائم على المعرفة.
- على مستوى اتّخاذ القرار: تحسين مركزها الاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والمشاركة في اللجان المحلّيّة، وفي وضع السياسات العامّة”([11]).
- أنواع التمكين:
- التمكين السياسيّ: وبموجبه يتمّ احتساب النسبة المئويّة لعدد المقاعد التي تشغلها النساء في المجالس المحلّيّة، وفي مراكز صنع القرار التابعة للحكم المحلّيّ، وفي مراكز الخدمة المدنيّة المحلّيّة.
كما يتمّ احتساب النسبة المئويّة لعدد النساء/ الرجال المسجّلين كنازحين، ونسبة عدد النساء/ الرجال المؤهّلين للانتخاب، وعدد النساء اللاتي يساهمن في الاحتجاجات العلنيّة العامّة، والحملات السياسيّة مقارنة بعدد الرجال.
- التمكين الاقتصاديّ: ويبحث فيه التغيّرات الطارئة على معدلات العمالة/ البِطالة بالنسبة إلى النساء والرجال، فروقات الراتب/ الأجر بين النساء والرجال، التغيُرات في نسبة الأملاك التابعة الخاضعة لسيطرة الرجال، والنساء حسب الشريحة الاجتماعيّة/ الاقتصاديّة، معدّل إنفاق الوحدة العائليّة التي يرأسها الرجل/ المرأة على التعليم والصحّة، القدرة الماليّة على القيام بعمليّات شراء صغيرة/ كبيرة بشكل مستقلّ، والنسبة المئويّة لتوفّر قروض التسليف المقدّمة إلى الرجال، والنساء من المصادر الحكوميّة، وغير الحكوميّة.
ج- التمكين القانونيّ: ويركّز على تطبيق الواقع القانونيّ المتعلّق بحقوق الإنسان، وعدد القضايا المتّصلة بحقوق المرأة المعروضة أمام المحاكم المحلّيّة ونتائجها.
ويتناول التمكين كذلك عدد القضايا المتّصلة بالحقوق المدنيّة للمطلّقات، والأرامل المعروضة أمام المحاكم، وتأثير تطبيق القانون فيما يتعلّق بمعاملة المخالفين، والمدانين بحقّ النساء، ارتفاع/ انخفاض معدل العنف ضدّ النساء، ومعدل الارتفاع/ الانخفاض في عدد النساء اللاتي يشغلن وظائف قضائيّة محلّيّة.([12])
د- التمكين الاجتماعيّ: “ويتناول أعداد النساء في المؤسّسات المحلّيّة (الجمعيّات النسائيّة، الجماعات الهادفة إلى زيادة الوعي لدى المرأة أو التي تدّر عليها دخلاً اضافياً) وفي مراكز السلطة داخل المؤسّسات المحلّيّة ، مدى التنظيم والتدريب أو التجمّع بين النساء المحليات، مقارنة بالرجال، قدرة النساء على التحكّم بالقرارات المتّصلة بالخصوبة( عدد الأطفال، عدد مرات الاجهاض)، وقدرة النساء على التحكّم بالقرارات المتّصلة بالخصوبة (عدد الأطفال، عدد مرّات الإجهاض،) وقدرة النساء على التحرّك، والانتقال داخل منطقة الإقامة المحلّيّة وخارجها، مقارنة بالرجال”.([13]) .
من خلال ما تقدّم ندرك مدى أهمّيّة تحقيق مفهوم تمكين المرأة ومبادئه في مجتمعاتنا العربيّة ما يتيح لنا معرفة مدى وعي النساء سياسيًّا تبعًا للعمر، والانتماء بأوجهه كافّة، ومدى الدور الذي تضطلع به المرأة العربيّة.
II– تمكين المرأة في لبنان:
لبنانياً، وبعد كلّ الجهود والتحوّلات التي ساهمت في إرساء اتفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، ودمج حقوق المرأة في آليّات حقوق الإنسان، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 576/ 96 الذي يجيز للحكومة توقيع الاتفاقيّة إلاّ أنّ هذا التوقيع تحفّظ على أمور عدّة منها:
- منع منح المرأة حقًّا مساويًا لحقّ الرجل فيما يتعلّق بجنسيّة أطفالها.
- حقّ المرأة في المشاركة بمسؤوليّات الزواج عند عقده أو فسخه، وأهليّة الولاية، والمسؤوليّة في الحضانة.
وبذلك تكون هذه التحفّظات عائقًا لضمان كرامة المرأة، وحقوقها، وبالتالي مشاركة المرأة تنمويًّا، وفي هذا مخالفة صريحة للهدف الأساسيّ للاتفاقيّة وهو إحداث تغيّر في الأدوار التقليديّة للرجال والنساء.
وفي هذا الإطار يشكّل التمييز ضدّ المرأة في حقلي العمل، والإنتاج بشكل عامّ السِمة الأبرز حيث يتحلّى عبر مظاهر عدّة من مثل:
- “التمييز ضدّ المرأة في الأجور مقارنة بالرجل الذي يقوم بعمل مماثل.
- تخصيص المرأة أنواع معيّنة من الأعمال (ممرّضة، مدرّسة، سكرتيرة، بائعة، عاملة كمبيوتر، موظّفة)، وهي وظائف بطبيعتها أقلّ دخلاً من الأعمال الأخرى.
ج- تأخير تدرج المرأة في الترقّي الوظيفيّ، أو عدم السماح لها بالوصول إلى مراكز القرار الإداريّ في المؤسّسات الخاصّة والعامّة.
د- حرمان المرأة المتزوّجة، أو الأمّ من فرص العمل في بعض المجالات، أو صرفها منه لهذه الأسباب.
ه- التمييز ضدّها في التقديمات، والضمانات الاجتماعيّة.
و- التمييز الاجتماعيّ، والقانونيّ الذي حرمها من تملّك الأصول الإنتاجيّة، وممارسة النشاط الاقتصاديّ بحرّيّة سابقا”([14]).
وهذا يعني أنّ بين مفهوم حقّ المساواة، وبين ممارسة هذا الحقّ في الواقع اليوميّ هوّة لا يستهان بها، إذ إنّ المشترع عندما يعترف بهذه الحقوق فإنّ هذا الاعتراف هو الحدّ الذي يقف عنده دون وضع إجراءات، أو تدابير خاصّة لضمان التمتّع بها بشكل متكافئ.
- مستويات التمكين في لبنان المتعلّقة بالمرأة:
قبل الإضاءة على هذه المستويات نشير إلى أنّ نصّ الدستور اللبنانيّ “يضمن المساواة بين اللبنانيّين بنص عام يطبق على كافة المواطنين، مساواة خلت من اشارة إلى الحقوق الاقتصاديّة، والاجتماعيّة والثقافية”([15]) للمرأة والرجل على حد سواء في كلّ الحقول.
- قانون التجارة: بعد تعديل قانون التجارة في العام (1994)، أصبحت المرأة اللبنانيّة بعد خروجها إلى سوق العمل كاملة الأهليّة في ممارسة نشاطها التجاريّ. إلّا أنّ هذا لم يحدّ من النظرة المشكّكة في قدرة المرأة على خوض غمار بعض الأعمال من مثيل زراعة التبغ. وعلى الرغم من أنّ النساء في هذا المجال هنّ اليد العاملة الرئيسة في عمليّة تستمرّ أشهرًا عدّة، يبقى “الرجال هم الفئة الغالبة: من المزارعين إلى الخبراء المندوبين من شركة حصد التبغ، والتنباك (الريجي) التي تشتري التبغ، مرورًا بالعمال”([16]) حيث يظهر هؤلاء في الواجهة الأساسيّة، وتبقى المرأة وراء الكواليس و”قلّة من المزارعين تذكّروا حصّة نسائهم في ما سيقبضونه… ويشير أحد خبراء (الريجي) إلى أنّ رخص زراعة التبغ التي تمنحها الشركة هي بأسماء الرجال بأكثريّتها، وإن بدأت تمنح في مطلع التسعينيّات النساء على غير عادة حتّى وصلت أخيرًا إلى أقل من 20%”([17])، ولربّما يعود هذا إلى تعديل القانون الذي لم يكن يعطي للمرأة المتزوّجة الحقّ في ممارسة التجارة إلاّ برضى زوجها الصريح، أو الضمنيّ.
وحاليا ترصد العديد من حالات الإناث التي استطاعت البعض منهنّ الحصول على رخص باسمهنّ مثل “عليّة نجدي التي تزرع نحو أربعة دونمات” بعكس “بهيجة ن.” التي تزرع التبغ منذ عشر سنوات، والرخصة باسم زوجها الذي يسهم بجهد أقلّ منها”([18]). إشارة إلى أنّه يسجّل في العام 2000 ارتفاع نسبة مشاركة المرأة اقتصاديًّا بنسبة 28%.
- القوانين العقاريّة: قديمًا لم تكن شهادة النساء عند تسجيل العقود تقبل، بل “توجب شاهدين من الذكور ما يجعل المرأة تاليًا في حكم عديم الأهليّة، وقد عدّلت هذه المادّة حيث تمّ حذف كلمة (من الذكور) 93، وبذلك اعترف القانون بأهليّة المرأة للشهادة في السجلّ العقاريّ”. وفي هذا التعديل تمكين للمرأة يتيح لها مساواة مع الرجل وإن في بعض الأحوال.
- قانون الموظفين: هذا القانون يساوي المرأة بالرجل غالبًا، وليس دائمًا في الحالات التي يقضي بها طبيعتها كامرأة وزوجة وأمّ.
- ما جاء في مصلحة المرأة:
- الموظفة الدائمة لها الحقّ بطلب إنهاء خدمتها بعد الزواج.
- حقّ طلب وضعها في الاستيداع لأجل الاعتناء بمولودها.
- للمعلّمة المتزوّجة حقّ الإفادة من دوام عمل نصفيّ لدواعٍ عائليّة.
- ضدّ مصلحة المرأة:
- الراتب التقاعديّ، أو تعويض الصرف شرط عدم تعاطيها عملاً مأجورًا بينما يحقّ للموظف المتقاعد تعاطي العمل المأجور إذا كان راتبه، أو تعويضه ليس من خزينة الدولة.
- لا تستحقّ الموظّفة التعويض العائليّ من أولادها إلّا إذا كانت تعيلهم.
- لا تتقاضى تعويضًا عائليًّا إلاّ في حالات معيّنة”([19]). كأن يكون الزوج عاطلاً عن العمل، أو يشكو من إعاقة، أو مريضًا بمرض يمنعه من مزاولة عمل يعيل به عائلته.
تجدر الإشارة إلى أنّ المعلّمة المتزوّجة وإنّ حقّ لها الإفادة من دوام عمل جزئيّ إلاّ أنّ ذلك يعني بالتالي أجرًا جزئيًّا، وتدرّجًا جزئيًّا بالنتيجة. أمّا بالنسبة إلى حقّ طلب وضعها في الاستيداع لأجل الاعتناء (بزوجها) أو (بمولودها) فهذا يعني أنّها خارج الخدمة وتاليًّا أنّها في إجازة بدون راتب لا تستفيد من تقديمات تعاونيّة الموظفين.
د- قانون الجنسيّة:
يمنع القانون اللبنانيّ المرأة اللبنانيّة التي تتزوّج من أجنبيّ أن تعطيه جنسيّتها وحسب، بل يمتدّ ذلك إلى الأولاد الذين تنجبهم، وتمثّل نصفهم الآخر، ولكن يحرمون من الجنسيّة اللبنانيّة بعكس الرجل الذي “يستطيع إعطاء جنسيّته لزوجته الأجنبيّة بعد مرور سنة… وهذا الإجراء هو أحد تحفّظات لبنان تجاه الاتّفاقيّة الدوليّة لإلغاء التمييز ضدّ المرأة”.([20])
وحالياً يجري العمل على إقرار مشروع القانون الرامي إلى السماح للمرأة من استخدام هذا الحقّ، ومساومتها بالمرأة الأجنبيّة، المتزوّجة بلبنانيّ فما يسري على الثانية تملكه الأولى ابتداءً، فالقانون الحاليّ تمييز ضدّ النساء، لأنّه يحرمهنّ هذا الحقّ، وكي تصبح النساء مواطنات بالكامل لا بدّ من منحهن هذا الحقّ.([21])
ه- قانون العمل والضمان الاجتماعيّ:
لم تفرق هذه القوانين في المبدأ ما بين الرجل والمرأة، ولكن في بعض المجالات يلاحظ بعض الفروقات كما في مجال العمل في مديريّة قوى الأمن الداخليّ برتبة دركيّ التي يقتصر المستوى التعليميّ المطلوب فيها على الشهادة الابتدائيّة فقط للذكور. ولكن وفي سابقة في خريف/ تشرين الأوّل 2010 سُجِّل وللمرّة الأولى “في دورة قوى الأمن الداخليّ التي تطلب فتيات بمستوى علميّ أقل من الثانويّة… مع شرط الامتناع عن الزواج خلال السنوات الثلاثة الأولى من الانتساب للسلك!”([22])
هو تمكين في هذا المجال، ولكنه تمكين مشروط، ومرسوم بدقّة، دفع العديد من الفتيات الجامعيّات على الإقدام عليه لربّما بسبب “ضيق فرص العمل في البلد أكثر منه حبّ الانتماء إلى سلك الدولة، مثل (إليان) التي تتابع الدراسات العليا في إدارة الأعمال في إحدى الجامعات الخاصّة.”([23]) والوظيفة المنتظرة تتطلّب فقط النجاح في الابتدائيّ الخامس. وعلى الرغم من أنّ القانون اللبنانيّ الذي فتح المجال أمام المرأة للعمل في مجالاتٍ عدّة بعكس بعض ما تعانيه المرأة في بلاد عربيّة أخرى، نجد أنّ أسبابًا عدّة مثل غياب الإنماء الثقافيّ بأوجهه كافّة (تنمية موارد بشريّة، تربية مستدامة…) يقف حائلاً أمام المرأة اللبنانيّة، ويمنعها من الوصول إلى ما تصبو إليه. وسنعرض فيما يلي لتجربة المرأة اللبنانيّة في العمل السياسيّ: الانتخابات النيابيّة، والبلديّة، والاختياريّة، والعقبات التي تحول دون مشاركة المرأة فيها في بعض المناطق.
- تجربة المرأة اللبنانية في الميدان السياسيّ:
موقع النساء في السياسة اللبنانيّة لا يزال متواضعًا، وسنعرض تباعًا له على الشكل التالي:
نيابيًّا:
أقرّ القانون الانتخابيّ الجديد في حزيران 2017 وهو عبارة عن نظام انتخابيّ نسبيّ أعاد رسم الدوائر الانتخابيّة (15 دائرة تتضمّن 37 قضاء).
وقد بلغ عدد الفائزات 6 فقط في زيادة مقعدين عن مجلس العام 2009، وعلى الرغم من نسبتهنّ التي لا تتخطّى الـ5%، وتدلّ على خلل في التمثيل السياسيّ. وتظهر قراءة النتائج تقدّمًا في مشاركة المرأة في الانتخابات النيابيّة لجهة الفوز.
ولكن في مقارنة سريعة بين انتخابات 2009 و2018 يُلاحظ التالي:
عام 2009 كان هناك 12 مرشّحة فازت منهنّ 4 فقط، بينما بلغ عدد المرشّحات في هذه الانتخابات 111 تمكّنت 6 منهنّ فقط من الوصول إلى البرلمان.
ونرى في لمحة تاريخيّة سريعة أنّ المرأة اللبنانيّة أخذت حقّها بالترشّح، والانتخاب سنة 1953، ومع ذلك لم تصل منذ ذلك الحين إلّا 17 سيّدة إلى مجلس النواب مع الإشارة إلى أنّ جميع اللواتي وصلن إلى الندوة البرلمانيّة مثل الانتخابات الأخيرة كنّ من الوريثات سياسيًّا باستثناء امرأةٍ واحدة (غنوة جلول). وجاء لبنان في المرتبة 143 من أصل 144 في مجال تمثيل المرأة في الحياة السياسيّة. وتشكّل المرأة 50.8 من إجماليّ الناخبين المسجّلين.
حكوميًّا:
سُجِّل أوّل دخول للمرأة في المجال الحكوميّ العام 2004 أي بعد 40 سنة على دخولها النيابة، وفي العام 2015، ومن بين 24 وزيرًا كان هناك وزيرة واحدة أي بنسبة 4.1% .
وفي الحكومة الحاليّة تمّ تكليف 4 نساء بمهام وزاريّة من أصل 30 وزيرًا.
وتتولّى في سابقة هي الأولى في تاريخ الحكومات في لبنان اثنتان منهن وزارتي الداخليّة، والطاقة اللتين تعدّان من الحقائب الرئيسة.
بلديًّا واختياريًّا:
وفق مشروع دعم الانتخابات البلديّة، والاختياريّة التابع لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ UNDP وصل عدد المرشّحات عام 2016 إلى 1508 مرشّحات أي بنسبة 6.9%، وحجزت النساء لنفسها نسبة 5.4% أي 661 مقعدًا من أصل 12139 مقعدًا بينما كان عدد المقاعد التي حصّلتها النساء في العام 2010 يبلغ 536 مقعدًا أي ما يقدر بـ 4.6%، وانسحب الارتفاع الطفيف على المقاعد الاختياريّة أيضًا من 2.3% إلى 4.7%.
ونشير إلى أنّ ثمّة تحول دون مشاركة المرأة في الانتخابات البلديّة، والاختياريّة سيّما في البلدات الريفيّة حيث تكون نسبة المشاركات فيها أقلّ من المشاركات في المناطق الأخرى.
استمرّت نجوى حرب في عضويّتها للمجلس البلديّ في انتخابات 2010 في بلدة البابليّة لمدّة سنتين فقط لتعتكف بعدها لأنّ مجتمع القرى لم يتخطَّ الناس فيه بعد النظرة الذكوريّة إلى النساء إضافةً إلى تبعيّة النساء اقتصاديًّا إلى الذكور في العائلة.”([24])
هذه التجربة تكرّرت مع نائبة رئيس بلديّة في قضاء صور، وبعد أَشْهُر “تتّجه إلى تقديم استقالتها من المجلس البلديّ الجديد المنتخب، رغم حصولها على أعلى الأصوات مقارنة بالمرشّحين الذكور… والسبب محاولة عزلها من جانب أعضاء المجلس الذكور عن الاجتماعات واتّخاذ القرارات… رغم تفوّقها علميًّا عليهم جميعًا”([25])، فقط لأنّها امرأة!
وصلت المرأة في بلدة القرعون (البقاع الغربيّ) إلى المجلس البلديّ عام 2010 بعد عدم تمكّنها من الوصول إليه عام 2005.
أسبابٌ عدّة في القرى قد تؤدّي إلى إحباط النساء في العمل المحلّيّ، وقد أُشيرَ إليها في ورش العمل التسع التي نظّمها المجلس النسائيّ اللبنانيّ في مناطق لبنانيّة عدّة بالتعاون مع مكتب الإحصاء والتوثيق مع وزارة الداخليّة، والبلديّات بدعم من برنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ (UNDP) في محاولة لاستنباط الحلول…
الأسباب جاءت متعدّدة “النمط الذكوريّ البنيويّ، غياب مفاهيم لتنمية الموارد البشريّة، وتمكين المرأة، والتربية المستدامة، ومحو الأمّيّة، وانعدام الثقافة المجتمعيّة، وسيادة الإعلام الجماهيريّ التمييزيّ المتفلّت، وانعدام حرّيّة العمل السياسيّ، وتفشّي الفساد في سلوكيّات السياسيّين، واعتماده وسيلة من وسائل العمليّة الانتخابيّة”([26])، وقد يعود الأمر إلى نسق التربية النمطيّة التي تعدّ الفتاة لتأسيس أسرة، واختيار الدراسات العليا. وقد سُجِّل في هذه الورش “مشاركة ذكوريّة لافتة ضاهت في الكمّ، والنوع مشاركة صاحبات القضيّة” ([27]).
فهل يتعلّق تمكين المرأة اللبنانيّة بقدرة المرأة ورغبتها في المشاركة أم بالقانون فقط؟
- المشاركة الفعليّة للمرأة بعد الفوز الانتخابيّ:
في البحث عن العقبات الحائلة دون مشاركة المرأة في الانتخابات سَجَّل المشاركون في ورشة (صور) العديد من الملاحظات حيث إنّ المرأة، وبعد فوزها لم “تثبت فعاليّة عملها، وكفاءتها في الشأن العام… فالنساء اللواتي فزن في الدورة البلديّة السابقة لم يزرن بلداتهنّ إلّا نادرًا، وبقين في محلّ إقامتهنّ في بيروت، أو خارج لبنان فلم يشعر الناخبون بحضورهنّ طوال السنوات الستّ السابقة”([28]). ما جعل المشاركة النسويّة غالبًا اسميّةً فقط.
- الحلول المقترحة:
خرجت ورشة العمل السابقة الذكر بحلول عدّة منها:
- تهيئة المجتمع الذكوريّ عبر التثقيف.
- تحديث القوانين المحتّمة لوجود معايير، ومقاييس للجودة في العمل السياسيّ.
- إجراء امتحانات للراغبين في العمل في الحقل العامّ.
- تنظيم حملات إعلاميّة للتشجيع على المشاركة النسائيّة…”([29])
إضافة إلى العديد من المقترحات التي إذا استطاعت زيادة هذه المشاركة في الانتخابات عن الـ 20% فإنّها تبقى مرتبطة برغبة المرأة في خوض غمار هذا النوع في العمل. إنّ أهمّ إصلاح انتخابيّ ينبغي إجراؤه هو إقرار قانون انتخابيّ جديد قبل الانتخابات المقبلة (2024)، ما يسمح للمرشّحين بالتنافس كأفراد من دون أن يكون عليهم الانضمام إلى لائحة.([30])
فقد قيّد نظام اللوائح بوضوح النساء في هذه الانتخابات (2018)، حيث لم يستطع 34% من المرشّحات الانضمام إلى لائحة! كما يجب على الأحزاب التقليديّة أن تقوم بخطوات فاعلة لتشجيع المشاركة الرسميّة، والفعليّة للنساء في ميدان السياسة.
- من الأمثلة الأخرى للعمل الانتخابيّ النسائيّ، مجال انتخابات الهيئة الإداريّة لرابطة أساتذة التعليم الثانويّ الرسميّ لهذا العام (2011) حيث سُجّل “فوز 4 نساء من أصل 18 فقط بعضويّة الهيئة، أي إنّ هؤلاء لم يحققنّ نسبة الـ 30% التي تنادي بها حملة “الكوتا” النسائيّة([31]) في النقابات اللبنانيّة، بل 22.22% فقط.”([32])
- المرأة والسلك الديبلوماسيّ:
في هذا المجال من العمل، فإنّه “لم ترتقِ إلى رتبة سفيرة حتّى العام 2011 سوى “ميرنا ضاهر” سفيرة لبنان في قبرص. أمّا على مستوى المستشارين فلا تزال هذه النسبة ضعيفة أيضًا فهي في حدود نسبة 9.4 في المئة في مقابل 21% برتبة ملحق”.([33])
ووفق “د. جان جبران كرم” أستاذ في كلّيّة الإعلام، يعود السبب إلى “المادّة” 12 الفقرة الرابعة في المرسوم 13.6 تاريخ 18 حزيران 1971 الذي يشترط على المرشّحات لوظائف الفئة الثالثة في السلك الديبلوماسيّ أن تكون المرشّحة عزباء”.([34])
ومن الأسباب الأخرى هو منع الموظّفة في السلك الديبلوماسيّ “من الزواج بأجنبيّ بموجب المرسوم رقم 13.6 عينه بالقانون رقم 376 إلاّ بموافقة مسبقة (الرجل مسموح له بذلك)، كما لا يحقّ لها الحصول على نفقات السفر بداعي العمل والإجازة السنويّة لزوجها، ولأولادها في حين أنّ الديبلوماسيّ يحصل على النفقات لزوجته وأولاده”.([35])
- تمكين قدرات المرأة الريفيّة وتعزيزها:
ويهدف هذا المجال إلى:
- “رفع مستوى معرفة المرأة الريفيّة في مجالات الصحّة الإنجابيّة، والجنسيّة.
- زيارة المعرفة في مجال التدبير، والاقتصاد المنزليّين.
- تنمية مهارات تحقّق إنتاجًا للنساء المشاركات.
- تطوير المعارف، والمواقف الخاصّة بالنوع الاجتماعيّ (الجندر)”.([36])
وقد قامت بهذا المشروع، وتمويله وزارة الخارجيّة الإيطاليّة بالتعاون مع جمعيّة تنظيم الأسرة اللبنانيّة، وشارك فيه حوالي 3500 مشاركة من مناطق لبنانية عدّة في العامين 2001 – 2002. في العام (2010) تمّ التوقيع على تفاهم جندريّ بين “اليونسكو”، والمركز التربويّ لتنفيذ مشروع مشترك لإلغاء الوصمة والتمييز ضدّ الفتيات والنساء من الكتب المدرسيّة الوطنيّة، في إطار مشروع دعم المساواة بين الجنسين في التربية الذي تنفذّه “اليونسكو” وتموّله الحكومة الإيطاليّة من خلال مكتب التعاون الإيطاليّ بقيمة 480 ألف “يورو”، وذلك للإسهام في تحقيق هدف المساواة بين الجنسين، وهو من بين الأهداف الإنمائيّة للألفيّة، وأهداف التعليم للجميع”([37])، فالواحد هو الآخر، وليس الواحد قبل الآخر، وبعده، والهدف عدم التمييز.
على كلٍّ، تبقى مشاركة المرأة في الحياة الاقتصاديّة، والسياسيّة خجولة بالرغم من وصولها في العلم إلى درجاتٍ مرموقة حيث تتقارب نسبة النساء الجامعيّات بنسبة الرجال الحاصلين على مستوى تعليم جامعيّ. سيّما أنّ نتائج الانتخابات النيابيّة أشارت إلى ضرورة إقرار “كوتا” نسائيّة لتمثيل المرأة في الحياة السياسيّة اللبنانيّة.
ومن الإصلاحات على طريق التمكين ما أصدره حديثًا المدير العامّ للأحوال الشخصيّة في وزارة الداخليّة قرارًا سمح للمرأة اللبنانيّة المطلّقة بالحصول على بيان قيد عائليّ يتمّ فيه ذكر أسماء أولادها. ويهدف هذا الإجراء إلى إرساء حقّ المرأة في الحصول على المستندات الرسميّة دون أيّ نقص في مضمونها أيًّا كان وضعها العائليّ.
كما طالب التقرير السنويّ للهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة، وزارة الداخليّة (مديريّة البلديّات) حثّ البلديّات ومساعدتها على المساهمة في تقديم تسهيلات تحفّز المرأة على القيام بمشاريع اقتصاديّة. وأكّد على ضرورة شمول برامج وزارة الإعلام، وخصوصاً المرئيّة، والمسموعة برامج حول دور المرأة في العمليّة الاقتصاديّة، ووزارة التربية والتعليم العالي على ضمان تلبية المناهج، والاختصاصات الجامعيّة، والمهنيّة حاجات سوق العمل، والحاجة عبر ذلك إلى تعزيز وجود المرأة منه. ويضاف إلى ذلك في هذا الشأن تعزيز برامج التدريب المهنيّ للمتسرّبات من المدارس.
- المرأة اللبنانية إذًا تتمتّع بجملة أسس تتيح لها فرص التمكين في مجالات العمل، والتعلّم، والقوانين، وإن أقرّت بعد معارك عدّة (قانون “الكوتا”)، أو ستُقرّ بعد معارك أخرى (قانون الجنسيّة، قانون مدنيّ للأحوال الشخصيّة)، إلاّ أنّها أتاحت للمرأة اللبنانيّة تحقيق ما تسعى، أو تحاول أن تسعى إليه. بعكس وضع المرأة العربيّة في بعض البلدان العربيّة، فهي وإن وجدت في مجال فإنّها محرومة من خوض مجال آخر، تقيّدها العادات، أو الأعراف، الدين، أو النظم المجتمعيّة القائمة.
من أجل ذلك يمكن القول إنّ بعض القوانين المعمول بها في بعض البلدان تقف عائقًا أمام تمكين المرأة، “بحجّة تغريبها بوظائف دنيا لا تليق بالمرأة المسلمة”.
الأمر اللافت يشير إلى أنّ الملك السعوديّ السابق في العام 2010 وعد بالقيام بإصلاحات عدّة فيما خصّ حقوق المرأة… وحين أذيع نصّ القانون الانتخابيّ في منتصف 2004 شجّعت لغته الخالية من تحديد الجنس، خمس نساء سعوديّات على إعلان نيّتهنّ للترشح. لكن استثنيت السعوديّات من انتخابات 2005 الجزئيّة، وعُلّق الأمل لاحقًا على انتخابات 2009 التي ألغيت كلّيًّا”.([38])
وفيما يتعلّق بمؤشّرات تمكين المرأة في العالم العربيّ نجد أنّ نسبة 30% من النساء العربيّات في البرلمانات لا تتجاوز 5.2 % وتصل إلى 13% في المناصب الإداريّة، وإلى نسبة 30% من العمّال المهنيّين والفنيّين، بينما لا يقسمون سوى 20% من نصيب إجماليّ الدخل المكتسب، ويقدّر قياس تمكين المرأة إجماليًّا بنحو 0.29 %.([39])
هذا ويعدّ إنشاء منظّمة المرأة العربيّة ضمن جهود المجتمع العربيّ في سعيه إلى تطوير أوضاع المرأة العربيّة في مجالات عديدة.
نشير إلى ما عبرت عنه الباحثة الأميركيّة “ليزا كيلينجر” رئيسة قسم التشخيص، والأشعة في كلّيّة “بالمر” في محاضرة أقامها نادي الإدراك “إنسايت” في الجامعة الأميركيّة في بيروت و”كيلنيجر” التي اعتنقت الإسلام عام 1979، تؤكّد أنّ الإسلام لا يُخضع النساء، بل يضمن لهنّ الحقوق الماليّة، والاجتماعيّة…، هو حرّر المرأة قبل الغرب بـ 1400 سنة”.
- خلاصات:
إنّ تمكين المرأة عامّة واللبنانيّة خصوصًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى جدّيّة الأجهزة، والجهات المعنيّة على اتّخاذ القرارات، والإجراءات على مستوى السياسات، والبرامج لإزالة المعوّقات التي تحول دون المشاركة الفعليّة للمرأة.
من هنا تبرز أهمّيّة إدماج مواضيع النساء وقضاياهنّ في التنمية، وتعزيز الطاقات ما يعني حثّ المرأة على المشاركة في أوجه التمثيل السياسيّ، والاقتصاديّ، والقانونيّ، وغيره كافّة باتّجاه صنع القرارات المُهمّة المتمتّة بالحرّيّة النسبيّة دون تعريضها للعنف الجسديّ، أو المعنويّ من أيّ جهة كانت، محقّقين بذلك للمرأة تمكينًا متكاملاً، متجانسًا، ناجحًا، يسهم في تعزيز قدراتها لخدمة مجتمعيّة أرقى. ولعلّ أهمّ المجالات الحثيثة الواجب الاهتمام بها حتّى نتمكّن من الارتقاء بأوضاع المجتمع العربيّ هي التربية، والتعليم، والصحّة، والإعلام، والقانون، لما لهذه المجالات من قدرة على تحقيق الإصلاح الاجتماعيّ.
يبقى أن نختم مع المقولة التي تشير إلى أنّه إذا أردت أن تعرف مقياس رقيّ مجتمع ما أنظر إلى واقع المرأة، ومكانتها فيه.
[1] – مرصد الإصلاح العربيّ: الإشكاليّات والمؤشّرات. مجموعة باحثين – مكتبة الإسكندريّة – مصر 2006 ص 100.
[2] – المرأة في مواجهة مسؤوليّاتها الأسريّة والمجتمعيّة/ إعداد جمعيّة تنظيم الأسر 2002 ص 145.
[3] – المصدر السابق نفسه ص 146.
[4] – محمّد داليا، الشباب والجمعيّات الشبابيّة المشاركة والدور والتوجّهات، مركز المحروسة للنشر والخدمات ط1، 2011.
[5] – المؤشّرات الدالّة على الجندر أهمّيّتها وطرائق عملها/ مركز الأبحاث والتدريب مموّل قضايا التنمية بترخيص من الوكالة الكنديّة العالميّة للتنمية: الترجمة للعربيّة (معين الإمام) المدى/ دمشق الطبعة الأولى باللغة العربيّة سنة 2000 ص 116.
[6] – المصدر السابق نفسه ص 35.
[7] – المرأة في مواجهة مسؤوليّاتها/ مرجع سابق ص 146.
[8] – القاطرجيّ نهى، المرأة في منظومة الأمم المتّحدة – إسلاميّة ط2 – أي كتب يندن ص 249.
[9] – سلاميّ. منيرة، المرأة وإشكاليّة التمكين الاقتصاديّ في الجزائر https://www.asjp.cerist.d2article
[10] – المصدر (9) نفسه.
[11] – المرأة في مواجهة مسؤوليّاتها/ مرجع سابق ص 147.
[12] – المؤشرات الدالة على الجندر ص. 118 – 119 – 120 مرجع سابق.
[13] – المرجع السابق نفسه.
[14] – المرأة في مواجهة مسؤوليّاتها/ مرجع سابق ص 163 – 164.
[15]– المصدر نفسه ص 191.
[16] – جريدة الاخبار 11 ك1، 2010 العدد 1289/ آمال الخليل ص 8.
[17] – المصدر (15) نفسه.
[18] – المصدر (15) نفسه.
[19] – المرأة… مصدر سابق ص 193.
[20] – المرأة… مصدر سابق ص 192 – 197.
[21] – كاترين بترونيّ وماركوس هالينان – ورقة بحثيّة/ الجامعة الأميركيّة، السياسة والتقدّم والبرلمان في العام 2018: هل تستطيع المرأة اللبنانيّة المضيّ قدمّا.
[22] – جريدة الأخبار 14 ت1 2010 العدد 1243 (مايا أبو صليبيّ خشّان) ص 15 – 16.
[23] – المصدر (21) نفسه.
[24] – الأخبار 13 ت! 2010 العدد 1242 ص 14 – 15/ آمال الخليل.
[25] – المصدر (23) نفسه.
[26] – المصدر (23) نفسه.
[27] – جريدة الأخبار المصدر نفسه.
[28] – جريدة الأخبار المصدر نفسه.
[29] – جريدة الأخبار المصدر نفسه.
[30] – السياسة والتقدّم والبرلمان في العام 2018 مرجع سابق ص 6.
[31] – الحملة تضمّ نقابات موظّفي المصارف/ الميدل بايست/ المعلّمين في القطاعين الرسميّ والخاصّ/ مستخدمي الضمان الاجتماعيّ/ أوجيرو للاتّصالات/ عمّال الريجي.
[32] – الأخبار 1 ك1 2011.
[33] – المرأة.. مصدر سابق ص 216 – 217.
[34] – المرأة.. مصدر سابق ص 216 – 217.
[35] – المرأة.. مصدر سابق ص 216 – 217.
[36] – المصدر السابق نفسه ص 339 – 340 -341.
[37] – الأخبار 16 ك1 2010 لبعدد 1293.
[38] – الأخبار كانون الثاني 2011، المصدر السابق نفسه،
[39] – مرصد الإصلاح العربيّ، مرجع سابق ص 157.