الشيخ محمد جواد مُغنيّة الكادح في سبيل العلم والمعرفة
الشيخ محمد جواد مُغنيّة الكادح في سبيل العلم والمعرفة
Cheikh Muhammad Jawad Mughniyeh, qui a travaillé pour le savoir et la connaissance
أمال عباس شحادة([1]) Amal Abbas Chehade
الملخص
تشير هذه الدراسة إلى دور علماء جبل عامل وبصيرتهم التي كان لها أهمّية في ذاكرة التاريخ، فهي رسمت الصورة التّاريخيّة والجغرافيّة لمنطقة جبل عامل، لما كان يتعرض له وساهم الفكر العامليّ في انتشاره بالمرحلة الأولى على أبناء الوطن، التي كان لها دور في تحقيق الكثير من الانجازات العلميّة، وفتح العديد من المجالات إنّ كان من النواحي السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وليتأمل كل قارئ مكانة الشيخ محمد جواد مغنية في قلوب أبناء جبل عامل وغيره من العلماء ، وكيف انعكس تأثيرهم على تأسيس جيل واع ثائر على الظلم والحرمان.
كلمات المفاتيح: الشيخ مغنية وقرى جبل عامل، تجارب الشيخ مغنية، النجف والشيخ مغنية، تقارب الأديان، المحكمة الجعفرية.
Résumé
L’étude conclut que le rôle des scientifiques de Jabal Amel et leur perspicacité étaient importants dans la mémoire de l’histoire, car ils ont brossé le tableau historique et géographique de la région de Jabal Amel de ce à quoi elle a été exposée, et la pensée d’Amel a contribué à sa se propager dans la première étape parmi le peuple du pays, qui a eu la réalisation de nombreuses réalisations scientifiques et l’ouverture de nombreux domaines, si c’était des aspects politiques, économiques et sociaux, et laisser chaque lecteur réfléchir sur le statut de Cheikh Muhammad Jawad Mughniyeh dans le cœur des fils de Jabal Amel et d’autres érudits, et comment leur influence s’est reflétée dans l’établissement d’une génération consciente qui s’est rebellée contre l’injustice et les privations.
Mots clés : Sheikh Mughniyeh et les villages de Jabal Amel, les expériences de Sheikh Mughniyeh, Najaf et Sheikh Mughniyeh, convergence des religions, la cour Jaafari.
المقدّمة
تركز هذه الدراسة على الجانب التّاريخيّ من حياة الشيخ محمد جواد مغنية من خلال حياته المليئة بالتّعب والمثابرة، وكيف استطاع ان يشق طريقه على الرّغم من صعوبات اليُتم والفقر الذي عاشه، الى أن وصل لما تمناه، وكيف استطاع أن يدافع عن حقوق الشيعة التي عانت الكثير من الحرمان، وكيف وصل بفكره الى جيل الشّباب ودوره في تقارب الأديان خلال سنين حياته الى وفاته العام 1979 ، وذلك عبر دراسة تاريخيّة تحليلية اعتمادًا على المعلومات التّاريخيّة، ووفقًا للتّسلسل الزّمني. وتهدف الدراسة إلى إبراز أهميّة تاريخ علماء جبل عمل وما تتميزوا به من أسلوب مبسط ومدى تأثير هذا الأسلوب على القرّاء، وتناقش الدراسة فكر الشّيخ مغنيّة موضحة شخصيته التّاريخيّة، والزيارات والعلاقات العربية التي شدد على ترابطها. وما اقترن بها من أحداث سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة.
الشيخ محمد جواد مُغنيّة الكادح في سبيل العلم والمعرفة
لطالما ظلم التاريخ شخصيات كان لها دور مهمّ في مرحلة زمنية دقيقة، وتغاضى عنها المؤرخون والباحثون، إما إهمالًا، أو تعمّدًا، لإرضاء الحاكمين، ولبنان عانى كثيرًا في اختلاف أبناءه ولم يتفقوا على تاريخ مشترك بينهم ولعّل الشيخ محمد جواد مُغنيّة 1904-1979 من الشخصيات المهمّة التي لم يتطرق اليها تاريخ لبنان على الرّغم من المهمات التي قام بها في عدة مجالات.
مولده: ولد الشيخ محمد جواد مُغنيّة العام 1904 في جبل عامل قضاء صور في قرية طير دِبّا وهي من قرى ساحل صور يكثر فيها شجر التين والزيتون، أمّا أصل اسم بلدة طير دِبّا مركب من طير السّريانيّة بمعنى حظيرة، ودِبّا سريانية، ترتفع عن سطح البحر 300 مترًا وهي على مسافة 8 كلم من قضاء صور.
أمّا عن تاريخها فيوجد في القرية آثار قديمة وعُثر على قبور في الصحراء، كما عُثر على أوان فخارية ومعدنية، ويذكر الشيخ محمد بن مهدي مغنيّة إنّ والده مهدي فتح المدارس في جبل عامل ومما قاله : “واجتمعت الناس لاكتساب العلوم والفضائل وابتدروا ينثالون كعرف الضبع من الجبال والسواحل، وأضحت قريته دِبّا كعبة الفضل والوفاء ونجمًا يضيء على جميع البلاد، وطلاب العلم يجتمعون حولها كربيضة الغنم”⁽¹⁾. ومعنى كلمة مُغنيّة بضم الميم وسكون الغين وفتح الباء المشدودة، ويقال أصل الكلمة إنها مدينة في الجزائر، وأمّا نسب الشيخ مُغنيّة فهو محمد بن محمود بن الشيخ محمد بن الشيخ مهدي بن علي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد بن علي آل مُغنيّة العاملي ونشأ في ظل أُسرة علمية عريقة في الِقدم يعود تاريخها الى أكثرمن ثمانمائة عام تقريبًا، وقد اشتهرت هذه الأسرة الكريمة بالوجاهة العلميّة والاجتماعيّة⁽²⁾.
والده: الشيخ محمود مُغنيّة ولد العام 1289 هجري الموافق1872 ميلادي، وتوفيّ العام 1334 الموافق العام 1916 في قرية طير دبا جنوب لبنان، وكان الشيخ محمود ذا زعامة ووجاهة تجمع بين النّفوذ في الأوساط الدّينيّة والسياسيّة والأدباء، وهو نافذ كبير مع رجال الحكم والدّولة وله شأن عند العلماء⁽³⁾. فالشيخ محمد مُغنيّة والد الشيخ محمود كان عالمًا كبيراً وله مكانتُه العلميّة وحضوره الدّيني المعروفة في الأوساط الدّينيّة، وقد أرسل الشّيخ ولده الشيخ محمود مُغنيّة الى النّجف الأشرف لطلب العلم جريًّا على عادة قديمة تعود الى ثمانمائة عام أو يزيد، والشّيخ محمود فإلى جانب كونه يُعد من العلماء الأعلام فقد عُرف أيضًا بين أوساط الأدباء أديبًا كبيرًا وشاعرًا مجيدًا ⁽⁴⁾. وهو”عالم فاضل من أهل الغور والتّحقيق في المطالب العلميّة، ذو نابغيّة قلّ فيمعاصريه من العرب من وصل الى مقامه في نيل المطالب وتحقيق الحقائق”⁽⁵⁾.أمّا في ميدانه الأدبي يسجل الشّيخ علي الخاقاني مدى اهتمام الشيخ محمود مُغنيّة بالأدب والشّعر وقوة تأثير شعره⁽⁶⁾، قائلًا ” إنّ الشيخ محمود مغنية يسمعنا بشعره صوتًا من عالم اسمى ويعيد برائع بلاغته وعذوبته وتبيانه عصر أبي تمام والبُحتري تتسلق عن وصفها الأفكار وأنّ شعره يتسامى الى درجة لا تتسلق الى وصفها الأفكار“. ذهب شعر الشّيخ محمود مُغنيّة لأنه لم يدّونه أحد، وبقي منه ما ذكره السيد محسن الأمين في أعيان الشّيعة ومن هذه الأبيات التي هي من وجدانياته ⁽⁷⁾:
ذهب الزّمان بعُدتي وعديدي فلويت عن نيل المسرة جيدي
وتعطلت أقداح أفراحي وإن دارت ففي همٍّ وفي تنكيد
حقًّا لقلبي أن يذوب تحسّرًا ولو أنّه قد شقّ من جلمود
إنّ الليالي لا تواصل ساعة إلا وتعقبها بعامٍ صدود
وأقفلتْ هي الباب في وجه فقال متأثرًا:
سددت منافذ الهواء عني مخافة ان امر مع النسيم.
رجع الشّيخ محمود مغنيّة الى جبل عامل بعد طلب وإلحاح من أهل قريته الجنوبيّة، وكان متعارفًا بين القرى بعد عودة الشيخ ليقيم في البلدة أن يبنوا له دارًا، فباشروا بالعمل ، وانتقل الشيخ الى منزله الجديد، ولكن قبل أن تنتهى السنة توفيّ العام 1916 عن عمر يناهز أربع وأربعين عامًا.
والدته: والدة الشيخ محمد جواد مُغنيّة من أسرة هاشمية من آل شرف الدين، توفيت وكان الشّيخ في عمر الأربع سنوات ولا يتذكر شيئًا من ملامحها وصفاتها واهتمامها به سوى صور غامضة مبهمة ، وبعد وفاتها بمدّة هاجر الشيخ محمود الى النجف الأشرف ، واصطحب معه الشّيخ محمد جواد⁽⁸⁾.
نِشأت الشيخ محمد جواد مُغنيّة
ورد سابقًا أنّ الشيخ محمد جواد نشأ في ظل أُسرة علميّة عريقة في القدم، فبعد وفاة والده في عمر العشر سنوات تاركًا وراءه ثلاثة ذكور وبنتًا تزوجت من الشّيخ محمد تقي الصّادق، عاش الشيخ محمد جواد في بيت أخيه الأكبر عبدالكريم مُغنيّة ، وبقي معه حتى نهاية الحرب العالميّة الاولى، حيث هاجر أخوه الى العراق لطلب العلم، بقي الشيخ محمد جواد مع أخيه الأصغر في منزل والده القديم يجلس على الأرض حتى الطعام كان محرومًا منه، ولا يحصل عليه إلّا بصعوبة بالغة ومعاناة شديدة، فيمرّ عليه أحيانًا أكثر من يوم وهو لم يتناول أي شيء من الطّعام، فأًصيب بسبب الفقر والبرد والصقيع بمرض الروماتيزم ولازمه أكثر من 72 عامًا ⁽⁹⁾.
بداية الانطلاق الى بيروت
بعد أجواء الفقر واليُتم التي عاشها الشيخ في بلدته، كان الحلّ بالنسبة إليه التوجه الى العاصمة بيروت فتوجه سيرًا على الأقدام الى بيروت فوصل عند الغروب، بقي متابعًا سيره في أسواق المدينة فالتقى صدفة بإحد أبناء قريته، وكعادة أبناء القرى الاهتمام والترحيب بأبناء قريتهم عند لقائهم في المدينة، فاصطحبه الى مكان سكنه وهي غرفة ينام فيها العُمّال، ويصف الشّيخ هذه الغرفة “كانوا يصطفون كالسّردين المعلب في الغرفة التي تمتلكها عجوز من قريته تتقاضى مبلغًا من المال عن كلّ شخص، يقول الشيخ مُغنيّة سهرت مع الكادحين نمت معهم من دون غطاء” وكانت نصيحة الكادحين له أن يبيع القصص والروايات لإنّه يعجز عن الأشغال الشّاقة نظرًا لصغر سنه. تجوّل الشّيخ مُغنيّة حاملًا الكتب ليوم واحد لم يشتر منه أحد، فنصحه أحدهم أن ييبع الكازوز والمرطبات فلم يُوفّق، وفي اليوم الثالث باع الكعك لعدة أيام، بعدها تعلم صنع الحلوى المشبك العوامة والنّمورة من بائع حلوى يقيم معه في الغرفة وبدء يصنع الحلوى بنفسه وبقي بيبعها مدة أربع سنوات، وكانت هذه المهنة نهاية المطاف لعمل الشّيخ في بيروت⁽0¹⁾. وقد ذكر الشّيخ مُغنيّة أنّه بسبب هذه المهنة عايره البعض بمهنته كبائع حلوى بعد أن أصبح عالمًا، ورئيسًا للمحاكم الجعفرية من المعممين ومن أبناء العلماء ونشروا مقالات في أكثر من صحيفة يصفونه ببائع الحلوى لأنّ وضع العمل الذي قام به لا يتناسب مع آل مُغنيّة المرموق ومكانتهم الاجتماعيّة ⁽¹¹⁾.
وخلاصة القول من هذا السّرد التفصيلي من سنين حياته التي مرّ بها الشيخ محمد جواد، لكي نشير إلى أنّ مثل هذه الشّخصيات المهمة والعظيمة، لا تعرف اليأس ولا الإحباط بل تواجه صعوبات الحياة بكل عزم وقوة وإرادة فهو لم يستسلم للفقر واليُتم ولا لقساوة الحياة واستطاع أن يصنع ذاته ويبني قاعدة علميّة ينطلق منها.
النّجف الأشرف
على الرّغم من صعوبات الحياة التي عاشها الشيخ محمد جواد؛ لم تمنعه من طلب العلم فكان دائم التفكير في طلب العلم والمعرفة، وكان على نسق أجداده؛ النجف هو الأمل الوحيد عنده، فطوال السنوات الأربعة التي قضاها كادحًا في بيروت كان عقله وفكره مصوبًّا إلى مدينة العلم النّجف الأشرف ونفسه تتوق إلى مجالس العلم والفقه وعدَّ سنوات البؤس التي عاشها في بيروت هي نعمة واختبار عظيم من الله ومن بعدها تيّسرت رحلته التي لم تخلُ من الصعوبات والمخاطر كم يرويها الشيخ فتحركت السيارة على طريق طرابلس حمص لأنّ طريق دمشق كانت مقفلة بسبب الثورة الوطنية ضد الفرنسيين هاجر الشيخ جواد الى النجف من العام 1925 الى العام 1936⁽²¹⁾.
وصل الشيخ مُغنيّة الى النجف ونزل في بيت أخيه عبدالكريم، فبدأ رحلة العلم، وكانت الدراسة في النجف مرحلتان: المرحلة الأولى: النحو والصرف والمنطق الأرسطي والمعاني والبيان يحتاج إليها الطالب لتفهم الفقه وأصوله واطلقوا عليها المقدمات وتمتد ثلاثة سنوات، والمرحلة الثانية: تمتد الى سبع سنوات يسمُونها دراسة السّطوح، ويطلع فيها الطالب على بعض كتب الفقه والأصول.
كانت بداية المرحلة الأولى للشيخ مُغنيّة بقراءة الأجرومية وشطرًا من كتاب قطر الندى في النحو وأكمل دراسته عند أخيه في النجف، وأعاد قراءة الأجروميّة عند المرحوم السّيد محمد سعيد فضل الله، ثم انتقل الى الأصول وبدأ بالكتابة والفقه، وبعدها انتقل الى المرحلة الثانية، وهي السّطوح ودرس الكفاية والرسائل والمكاسب، وأنهى دورة الأصول اللفظيّة والعمليّة وذلك عند السيد الحمامي. وقد أتقن المواد جميعها كأستاذ، وتتلمذ الشّيخ مغنيّة على مجموعة من العلماء عصره منهم السّيد أبو القاسم الخوئي، الشيخ محمد سعيد فضل الله، الشيخ محمد حسين الكربلائي، الشيخ حسين الحمامي، والشيخ عبدالكريم مُغنيّة⁽³¹⁾.
بدأ الشيخ محمد جواد يكتب وينشر المقالات في مجلة العرفان، فكانت النجف منطلقًا لكتاباته ومؤلفاته وخلال مكوثه عشرة أعوام في النّجف بدأ مشواره في الكتابة، والتأليف فكان ترك حبه للنجف أثرًا عميقًا في كتاباته فقد ألف كتابًا “مع علماء النجف” ، وعرض نماذج كثيرة من علماء وفقهاء النجف وعلماء الإسلام من مختلف البلدان لكي يعرضها كنموذج يباهي به الأمة الاسلامية. وكذلك الامر تطرأ في كتاباته إلى علماء وشخصيات علمية كبيرة، كما تناولت مقالاته تاريخ مدينة النّجف، والعلم النّجفي، والنجف في ألف عام، وحول النجف الاشرف، والنجف الاشرف في القرن العشرين، وحديث النجف وذرياته، إضافة الى عدد كبير من المقالات⁽⁴¹⁾.
عودته الى لبنان
عاد الشيخ مغنية الى لبنان العام 1936 ليحُلّ مكان أخيه الشيخ عبد الكريم مغنية، وذلك بعد وفاته وأخذ مكانه في إمامة الجماعة في إحدى قرى جبل عامل، وبالتّحديد في قرية معركة قضاء صور، وأخذ مكانه في إمامة الجماعة الذي كان عالمًا دينيًا، يحمل فكرًا واداءً أنّ النّجاح لا يُقاس بالعلم والذكاء، ولا بالكتابة في الصّحف، ولا بالجرأة والخطابة، ولا تبني مقامًا، ولا تعصم إنسانًا، وأنّها لا تساوي شيء إذ لم تقترن بتحمل المسؤوليات تجاه النّاس المسلوبة حقوقهم، فالشّعب يحترم العالم الشّجاع الحازم الذي يحارب في سيبل حقوقهم ويدافع عن مصالحهم ،”والشعب يقدر رجال الدين الذي يتبنى قضاياهم العادلة، ويكافح لإعلائها”⁽⁵¹⁾.
كانت تجربته الأولى في هذه القرية وبقي فيها حوالى سنتين ونصف، يشرح ويفسر لهم آيات من القرآن ويتلو عليهم سيرة الرسول وآل بيته، ولم يتقاض شيئًا، وعاش مدّة عسيرة ماديًّا، وعندما علم محبوه بظروفه الصّعبة قاموا بجمع تبرعات من حنطة أو تين أو ذرة ولما قدموا الى الشّيخ مغنية ردّ لهم الكيس وشعر بالآسى والحزن ومن شدة تأثره نظم أبياتًا نشرها في مجلة العرفان: ⁽⁶¹⁾
إنّ الذي عنده دين ومعرفة لا يستخفُ بأهلّ العلم والدّين
وما تحملت الآمًا على ألمي وعشت مدة عمري عيش مسكين
حتى أخادعّ فلاحًا ليشحدَني مدًّا من القمح أو رطلًا من التين
أذلُ نفسي والعرفان شرّفها إذن فلست على دين بمأمون
انتقل الشيخ محمد جواد من قرية معركة الى قرية طير حرفا بالقرب من الحدود الفلسطينيّة بناءً على طلب من أهلها وعاش فيها من سنة 1939 الى 1948 أيّ قرابة العشر سنوات، وهناك كتب عددًا من مؤلّفاته، ولم يشْكُ في هذه القرية إلّا من الملّل، إذ لم يكن لديه راديو كي يسمع من خلاله الأخبار ولا مواصلات قريبة الى المدينة، تفرغ حينها الى القراءة والكتابة: فكتب الفقه والأصول والأدب والفسفة والتاريخ وكان أول كتاب طبعه ونشره بعنوان ” الوضع الحاضر في جبل عامل“العام1947، وهذ الكتاب هو أول صوت يرفعه الشّيخ مغنية بوجه الظلم منددًا بالظالمين، فصّور في هذا الكتاب قَسوة الحياة التي يُعانيها الفلاحون في جبل عامل من بُؤس وجهل وإهمال من كل مسؤول، وناشد العلماء أن يرفعوا أصواتهم ضد النواب والحكام، ففي سنة 1945، فتكت الملاريا فتكًا ذريعًا في عدد من قرى صور وكان نصيب قرية مجدل زون الأكثر فتكًا فمات فيها حوالى سبعون شخصًا، وأودت بحياة المئات وباع الفلاحون كميات من الحبوب وعدد من الحيوانات لشراء الدّواء ودفع تكاليف الأطباء، حينها أخبر مختار القرية طبيب البلدية في صور بالحالة فلم ترسل الحكومة طبيبًا. وفي سنة 1946 وقع الأهالي في عددٍ من قرى جبل عامل بمأزق الماء فتأخر الرّي، فبقوا أيامًا طويلة لا يغسلون ثيابهم وأبدانهم لفقدان الماء.وعندما علِم الشيخ محمد جواد مُغنيّة بالأمر قال لبعضهم ” ماذا أفدتم من البكوات والنّواب لتطبلوا لهم وتزمروا ماذا عمل النواب لأجلكم؟ أنظروا في أيّة حال أنتم؟”. كان الشيخ مُغنيّة يرى أنّ العلاج لهذا الجهل هو نشر الوعي والعلم فلو كان وراء هؤلاء النواب شعب واعٍ ويحاسبهم حساب الآصيل للوكيل لأصبحوا في أمنٍ وآمان⁽⁷¹⁾.
كان الشيخ مُغنيّة يرى ان جبل عامل مستعمرة لبنان، فالجنوب الذي كان يراه الشيخ مُغنيّة أراضٍ شاسعة كثيرة الجبال يصعب إحصاء عددها، فهي تختلف في الارتفاع والانخفاض، عن سطح البحر تراها من بعيد جبلًا على هيئة سلم غير منتظم الدّرجات؛ فهي كالجبل الواحد على لسان من عرفها عُرفت باسم جبل عامل بصيغة المفرد. وخلال الانتداب الفرنسي اطلقوا اسم الجنوب على جبل عامل، بداعي أنّه جزء من لبنان له ما للبنان وعليه ما عليه، ولكن الشيخ مُغنِيّة كان يرى من خلال مكوثه في قرى جبل عامل، أنّ لبنان أصبح دولة وجبل عامل مستعمرة من مستعمراته⁽⁸¹⁾ فجبل عامل أصبح يدر على لبنان غلًا وسمنًا، تنتشر على رؤوس تلك الجبال قرى ومزارع ، تتربص عليها المكائد والاستيلاء، أدت الى فرار قرى جبل عامل من لبنان، عندما وجدت نفسها عند حكامها في المكان الوضيع، وغيرها في المكان ذي الشأن العظيم، فقرى جبل عامل رأت لغيرها الأغنام وعليها دفع الغرامات، لغيرها المدارس والمستشفيات والطرقات، وعليها الضرائب والنفقات، لغيرها الصحة والعلم ولها الجهل والأمراض لغيرها الحدائق الذهبية، ولها المستنقعات الراكدة والأشواك الدّامية لغيرها المقاصد والملاهي والثراء، ولها التّعب والجوع والعراء. هكذا كان الشيخ يرى جبل عامل قائلًا، ” لو عددت قرى جبل عامل قرية قرية وما لحقها من الإهمال لأخرجت عدة مجلدات”⁽⁹¹⁾.
التوجه الى بيروت
بعد مكوثه في طير حرفا وانصرافه الى القراءة والتأليف وجد الشيخ مُغنيّة إنّ البقاء في القرية سيحدُّ من طموحاته فانتقل من طير حرفا الى بيروت، فعين سنة 1948 قاضيًا شرعيًّا وفي سنة 1949 عُيّن مستشارًا في المحكمة الجعفرية العليا، وفي سنة 1951 عُينَ رئيسًا في المحكمة الشرعية حتى سنة 1956، وبقي مستشارًا فيها حتى وصل الى سن التقاعد سنة 1968⁽0²⁾.
عُرف الشيخ محمد جواد مُغنيّة بدعمه للوحدة بين المسلمين، وقد كتب العديد من الكتب والرسائل في مختلف العلوم الفقهية، الفلسفية، التاريخية، والعقائدية. كان شعاره الحقّ؛ ولم يبال بالمغريات والشفاعات والتقرب من الزعماء. فكان دائم السخط على البؤس والتّخلف ويقف مع الحرية والعدالة، اتخذ الشيخ مُغنيّة قرارًا أن لا يقبل أحدًا إلّا إذا تخرج فعلًا من النّجف، ونجح في الامتحان الذي يُجرى أمام هيئة قضائيّة عُليا، وكان الشيخ مُغنيّة أحد مسؤوليها.عدّل الشيخ مغنية المادة 240 من قانون المحاكم الشرعيّة التي تنُص على أن تعيين قضاة المحاكم الشرعيّة ونقلهم وترقيتهم لا يجري إلا بعد استطلاع رأيّ مجلس القضاء الشّرعي فزيِد على المادة “وإذ صدّق هذا المجلس قراره بالأكثريّة في حقّ أحد الجعفرين ألا يكون نافذًا إلا إذا وافق العضو الجعفري على القرار” وبهذا القرار الذي أقره الشيخ مُغنيّة أصبح للشيعة حقّ الفيتو الرفض” ⁽¹²⁾.
كان الشيخ مُغنيّة على خلاف دائم مع رئيس مجلس النّواب آنذاك كاظم الخليل، واشتد الخلاف بعد إصدار حُكمٍ يتعلق بتعيين قاضٍ يدعمُه الرئيس كاظم خليل وقضية إرث امرأة في مدينة صور، وقد أدى هذه الخلاف الى صدور مرسوم بتنحي الشيخ مُغنيّة عن رئاىسة المحكمة العليا سنة 1956 وهو أعلى منصب ديني شيعي في ذاك الوقت، وبقي مستشارًا لدى المحكمة حتى سن التّقاعد، لا يحضر أو يتدخل في شؤون المحكمة. وبعد خروجه من المحكمة الشّرعيّة انصرف الى البحث والتأليف حتى أصبح يُعدُّ من مفسري الشّيعة لكونه ألّف كتابين تفسيريَين هما التفسير الكاشف، والتفسير المبين، وهو تفسير معاصر للقرآن اعتمده الشيخ محمد جواد من أجل تبسيط المفاهيم القرآنية ومخاطبة الجيل الشاب ومحاولة ربط النصوص القرآنية بالواقع المعاش ⁽²²⁾.
كما يُعدُّ الشيخ مُغنيّة من أشدّ الدّاعين إلى الوحدة الإسلامّية، وكان لا يترك فرصة الّنقاش مع علماء أهل السّنة إلا ويغتنمها، ويرى مُغنيّة أنّ سبب العداوة التي عند أهل الّسنة ضد الشيعة هو عدم معرفتهم واطلاعهم على عقائد الشّيعة. وقد عُرف الشيخ بمقولته الشهيرة ” ما أحوجنا نحن المسلمين اليوم الى جمع الصفوف ووحدة الكلمة ” فكان يرى الشيخ لو أنّ جميع الفئات والعناصر الوطنية في كثير من الشّعوب المستضعفة، قد تحالفوا وتكاتفوا على ما بينهم من تناقضات ضد العدو المشترك، وجاهدوا واستشهدوا، جنبًا الى جنب دفاعًا عن الوطن فينسوا الماضي بكل ما فيه ويعملوا يدًا واحدة لخير الإسلام، فمن المستحيل أن يقوم للأسلام قائمة ما دام المسلمون أشتاتًا متفرقين⁽³²⁾.
مع شيخ الأزهر محمود شلتوت
تعُود معرفة مُغنيّة بالشيخ شلتوت إلى العام 1949 ، حيث التقى به في الأزهر، وأصبح بينهما كتابات، مراسلات، وقراءات ، ويعدُّ الشيخ شلتوت مؤسس لدار التقارب بين المذاهب، والدّاعين للوحدة بين المذاهب، ويعود احترام علماء الشيعة له، لشجاعته في إصدار فتوى جواز التّعبد على المذهب الجعفري، وفي العام 1963 سافر الشيخ مُغنيّة إلى مصر، واجتمع مع الشيخ شلتوت في داره، ومما ذكره الشيخ مغنية عن هذا اللقاء أنّه استقبله أحسن استقبال وجرى بينهما حديث الّشيعة والتّشيع، وأخبر الشيخ مغنية أنّ الشيخ شلتوت له مكانة كبيرة عند علماء الشّيعة لأن فتواه تنبيء عن الجرأة وعدم المبالاة بلوم اللائمين في الحقّ والعدل، ومما قاله الشيخ مُغنيّة خلال زيارته الى دارة الشيخ شالتوت” وإن عقيدتنا نحن الشيعة أنّ الخلافة لعليّ بعد النبي (ص) ولكن من عقيدتنا أيضًا أن لا نثير أيّ خلاف يضر بالإسلام سواء أكان حول هذا المبدأ أو غيره تمامًا كما فعل أمير المؤمنين علي مع الخليفة الأول وقال : لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين”⁽⁴²⁾.
– مؤلفاته
خلال وجود الشيخ مُغنيّة في طيرحرفا ألّف رسالة في الضمان وأخرى في الإرث وهما بحثان فقهيان إضافة الى تأليف في الأصول، منها رسالة بعنوان في مجهولي التاريخ، وبحثًا في التضمين، وهو دراسة لغوية ثم وضع كتاب المجالس الحسينيّة، وكان على متابعة دائمة في الدّراسة، فلم يترك شاردة أو واردة إلا وضمّنها في كتابه، ولم يترك مكتبةً او دارًا، إلّا وتابع ما ينشر وخاصة مطابع لبنان، مصر، والخليج. وقد تناولت قراءاته الدّين الثقافة والأدب، فقرأ لطه حسين، العقاد، محمد حسنين هيكل، جبران خليل جبران، توفيق الحكيم، وشكيب أرسلان، كما كان يقرأ لشكسبير، برناردوشو، لتولستوي، نيتشة، وانجلر، وتابع كل ما كتب عن أديسون، وغاندي.⁽⁵²⁾. ومن خلال قراءاته هذه استطاع أن يواجه العلماء ويناقش والطبقة الحاكمة في جبل عامل، التي كانت تحمل فكر أفلاطون وأرسطو والملا صدرا، فعلى الرّغم من الجهود المضنية التي يبذلونها إلّا أنّه تسيطر عليهم عقليّة أنّ العلم يطلب كفاية لأنّه شرف وفضيلة بذاته، وأنّه في واقعه وحقيقته تأمل عقلي خالص، أمّا التّطبيق العملي وخدمة الحياة وحلّ مشكلاتها فيأتي على الهامش بل لا وجود له.
فنظرية أفلاطون وأرسطو ومن على فلسفتهما في نظر الشيخ مُغنيّة احتقروا العمل ونفروا منه فكانوا يرونه بشتى أنواعه عار يختص بطبقة العبيد، والشريف من يحيا حياة الفراغ والتّسلية والبطالة، ويعفيه الأرقاء من كلّ جهد وتعب جسدي، فهذه النّظرية لم تبقِ للعلم أيّة ثمرة إلّا مجرد النّظر والتّفكير وأيّة محاولة من أجل اختبار صحة الفكرة في عالم التّطبيق والعمل تهوى بالعلم الى الأدنى. ومن خلال اطلاع الشيخ محمد جواد على الفكر الأفندي؛ الذي كان سائدًا استطاع مواجهة العقليّة المتمركزة في الحكم؛ فتوضح له ما يفسر انتشار الكسل والاتكال على الغير بين أبناء العلماء والأفندي والبكوات الى زمن قريب، ولأّنه كان قريبًا من الناس يجول في الشوارع ويشاهد ماذا يحصل إذ قيل لأفندي عاملي لماذا لا تعلّم أولادك؟ قال نحن نورث المجد ولا نورث العلم، والمجد في مفهوم الأفندي أنّ يترفع من العمل لنفسه ويأكل من عمل غيره. لهذا نرى الشيخ مُغنيّة في قِمة النّقمة والسّخط على الحكام وعلى جهل الشّعب، وهذه العقليّة بدأت تتلاشى ويندثر عصر التّجرد والترفع عن العمل ليحل مكانه عصر المصانع والاكتشافات؛ وأصبح العمل شعار الشرفاء بعد أن كان عنوانًا للأرقّاء وصارت كلمة كادحين اسمًا للاحرار الذين يصنعون التقدم والرقي، وقد آمن العلماء والفلاسفة في هذا العصر أنّ أيّة فكرة لا تخدم الإنسان وتحل مشاكله وترفع من حياته وتريحه من أجل القيام بإعماله اليوميّة فهي مجرد وهم.⁽⁶²⁾.
ترك الشيخ مغنية العديد من الكتب التي أغنت المكاتب الإسلامية وكان متميز بإسلوبه المرن والواضح في الكتابة بعيدًا من التعقيدات، سهّل الفهم وكتب في عدة مجالات العلوم الفقيهة والتفسير والفسلفة والتاريخ وقد عُدَّ الشيخ مُغنيّة من مفسري القرآن الكريم التفسير الكاشف وهو أول كتاب تفسيري كتبه الشيخ مُغنيّة ويتألف من سبعة مجلدات والتفسير المبين أعدّه بعد الانتهاء من كتاب التّفسير الكاشف ويقع في مجلد واحد، أمّا أول مؤلفاته بعد تفرغه للكتابة هو كتاب فقه الإمام جعفر الصادق الذي ألفه العام 1966 ودونّهُ في ستة مجلدات. وبعد استقالته من المحكمة الجعفريّة انصرف إلى تأليف الكتب بشكل كامل من العام 1957 حتى وفاته العام 1979 وقد ألّف عددًا كبيرًا من الكتب وهي:
– إسرائيليات.
– أصول الإثبات في الفقه الجعفري.
– الإثنا عشرية ” ونشرت الكتب الأحد عشر الإخيرة في مجلد واحد باسم عقليات إسلاميّة.
– الأحكام الشّرعيّة للمحاكم الجعفريّة.
– الآخرة والعقل.
– الإسلام بنظريّة عصرية تشمل خمسة كتب عليّ والفلسفة، معالم الفلسفة الإسلاميّة نظرات في التّصوف والكرامات، فلسفة المبدأ والمعاد، فلسفة التوحيد والولاية.
– الإسلام والحياة.
– الإسلام والعقل.
– الإمام الحسين والقرآن.
– التّضحية.
– التّفسير الكاشف سبع مجلدات.
– التفسير المبين على هامش القرآن.
— الدّين والعقل.
– الفصول الشّرعيّة على مذهب الشّيعة الإماميّة.
– الفقه على المذاهب الخمسة الجعفري الحنفي المالكي الشّافعي الحنبليّ، وتشمل خمسة كتب الحج الزوج والطلاق الوصايا والمواريث الوقف نشرت في مجلد واحد .
– اللَّه والعقل.
– المجالس الحسينيّة .
– المختصر الجامع في فقه جعفر الصادق ولم يكتمل بسبب وفاته.
– المرآة.
– المهدي المنتظر والعقل.
– النبوّة والعقل.
– الوجوديّة والغثيان.
– الوضع الحاضر في جبل عامل هو أول كتاب نُشِر للمؤلف.
– إمامة عليّ والعقل.
– أهل البيت منزلتهم ومبادئهم عند المسلمين.
– بين اللَّه و الإنسان.
– تجارب محمد جواد مغنيه بقلمه.
– تفسير الصحيفة السجاديّة.
– دعبل والكميت.
– دليل الموالي للنبي وآله.
– دول الشّيعة في التّاريخ.
– شبهات الملحدين والإجابة عنها.
– صفحات لوقت الفراغ.
– علم أصول الفقه في ثوبه الجديد.
– عليّ والقرآن.
– فضائل الإمام علي.
– فقه الإمام الصادق يقع في ثلاث مجلدات.
– فلسفة الأخلاق في الإسلام.
– في ظلال نهج البلاغة يقع في 4 مجلدات.
– قيم أخلاقيّة في فقه الإمام الصادق.
– الإثناعشريّة وأهل البيت ” ونشرت الكتب الأخيرة في مجلد واحد باسم الشّيعة في الميزان.
– مذاهب ومصطلحات فلسفيّة.
– مع بطلة كربلاء السّيدة زينب والحسين نشر الكتابان في مجلد واحد باسم الحسين وبطلة كربلاء.
– مع علماء النّجف.
– مفاهيم إنسانيّة في كلمات الإمام الصادق.
– من آثار أهل البيت.
– من ذا وذاك.
– من زوايا الأدب.
– من هنا وهناك.
– من وحي الإسلام.
– نبذه عن حياة الرّسول وأهل بيته.
– نفحات محمديّة.
– هذه هي الوهّابيّة.
قراءة في فكر الشيخ مُغنيّة
كان الشيخ مغنية من أشد معارضي سياسة الرّئيس كميل شمعون ، التي وقفت في وجه التّحرر العربي، فقد دافع الشيخ مُغنيّةعن الوحدة العربيّة، منددًا بالتدخل الأجنبي رافضًا أن يكون لبنان خنجرًا يطعن العرب في ظهرهم.الى جانب دفاعه عن حقوق الشّيعة التي كانت مهدورة. فلم يترك مناسبة إلا وطالب بحقوق الطائفة الشّيعيّة الذين كانوا في الوظائف مظلومين ومحرومين، وفوق ذلك كانت الغارات الإسرائيليّة تُشنُّ ليلًا نهارًا ، برًا وجوًّا على قرى الجنوب والحكومة تتجاهل والجيش لا يحرك ساكنًا؛ والعلماء يحوقلون والزعماء يتاجرون فالعاطلون عن العمل من أبناء الطائفة تتضاعف أعدادهم. لهذا نراه في كلّ كتاباته يشدد على التخطيط فلا يجوز اعتماد العفويّة والارتجال والعامل الحاسم للنّجاح هو التخطيط والابتعاد من التفاخر بالماضي إذ لا يجدي نفعًا ما دام الناس في الدّرك الأسفل.
ومما قاله الشيخ مفتي الجمهورية اللبنانيّة الشيخ حسن خالد، في الشيخ الجليل: “كان الشّيخ مغنية سهل العبارة دقيق النّظرة وكان من العلماء القلائل، الذين برزوا في هذه الحقبة من الدّهر وأعطوا الفكر الإسلاميّ فيضهم الفكري والروحي، ورسموا بفكرهم الرّشيد نظرهم البعيد معالم الطريق، طريق المستقبل الذي ينبغي اقتحامه وسلوكه بصبر وإيمان”.
أمّا الشيخ محمد مهدي شمس الدّين نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى فكان يرى :”أنّ الشيخ محمد جواد مغنية من أبرز علماء لبنان والإسلام، الذين سطع نجمهم في هذا العصر وأبدعوا في شتى الميادين، فكتاباته متنوعة، وإنتاجته كثيرة، ففي كل سنين حياته تفرغ كليًّا للعمل الفكري، وتوجه بقلمه الى كل الناس لأنّه شعر أن الإنسان العادي يجب أن ينال حظه الأدبي ّمن تعاليم الإسلام، اتقن الشّيخ مغنية موهبة التبسيط فكان من أكثر العلماء له قرّاء، حيث توجه بصورة خاصة الى جيل الشباب في المدارس والجامعات والحياة العامة، فهم أنّ الحياة تتغير، وأنّ هذه المتغيرات، ينظر اليها الإسلام منها ما يقبلها أو يرفضها”⁽⁷²⁾.
وفاته:
توفي الشيخ محمد جواد مُغنيّة يوم 11 /12/1979 الموافق 22 محرم 1400 هجري بعد تعرضه لنوبة قلبيّة قوية عن عمر ناهز السّادسة والسبعين، نُقل النعش من بيروت الى مدينة النّجف ورافق نعشه كبار علماء الطائفة الشّيعيّة في لبنان، وصلّى على جثمانه السّيد أبو القاسم الخوئي ودفن في إحدى غُرف حرم الإمام علي (ع) في النجف، جريًا على عادة دفن كبار المراجع. وفي الذكرى الأربعين الواقع 21/1/1980 أقام المجلس الشّيعي الأعلى مهرجانًا تأبينيًّا في قاعة قصر الأونيسكو في وزارة التربية عن روح الشيخ مُغنيّة حيث حضر المهرجان ممثلًا عن رئيس الجهورية ورئيس الوزراء، وأعضاء من السّلك الدبلوماسي وعدد كبير من الأدباء والمفكرين، ونقل التلفزيون اللبناني مشاهد عن المهرجان. وقد أُلقيت نصوص كلمات في المهرجان التأبيني لكلّ من مفتي الجمهورية الشّيخ حسن خالد، ورئيس المجلس الشّيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والدكتور بطرس ديب سفير لبنان في فرنسا، ونقيب الصحافة الأستاذ رياض طه، والدكتور حسن عواضة عن أصدقاء الفقيد، والأستاذ أحمد سعد رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين، والدكتور عمر فروخ عن دار العلم للملايين⁽⁸²⁾.
الهوامش
1- ضاهر، سليمان، معجم قرى جبل عامل،مؤسسة الإمام الصادق (ع) للبحوث في تراث علماء جبل عامل، بيروت 2006.
2- مغنية، محمد جواد، تجارب جواد مغنية، اعداد عبدالحسين مغنية، دار الجواد، بيروت، 1980 صفحة 17
3- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، الجزء 47 دار المعارف، بيروت 1403 هـ/ 1983 م. صفحة 391
4-الأمين، محسن، مستدركات اعيان الشيعة، المجلد 10 ، دار المعارف، بيروت 1986 صفحة 110
5- الصدر، السيد حسن، تكملة امل الامل ، تحقيق السيد احمد الحسيني ، الناشر مكتبة اية الله المرعشي، قم المقدسة، 1406 هجري ص. 3967
6- الخاقاني، علي ، شعراء الغري او النجفيات، الناشر مكتبه ايه الله العظمى الرمعشي النجفي، ايران، قم، 1987 ج 11 صفحة 192-193
7- مغنية، تجارب جواد مغنية، مرجع سابق صفحة 18-21
8- مغنية، مرجع سابق صفحة 22
9- مغنية، تجارب جواد مغنية، مرجع سابق صفحة 25
10 مغنية، مرجع سابق صفحة 26-27
11- شركة النبا المعلوماتية الاثنين 1 تشرين اول 2012، تاريخ الدخول الى الموقع 21/12/2022 الساعة العاشرة مساءً https://annabaa.org.
12- مغنية، تجارب جواد مغنية، مرجع سابق صفحة 31
13- مرجع سابق 37
https://annabaa.org 14- مرجع سابق شركة النبأ المعلوماتية الاتنين 1 تشرين اول 2012
15- مغنية، تجارب، مرجع سابق صفحة 37
16- مغنية، تجارب ، مرجع سابق صفحة 38
17- مرجع سابق صفحة 81-88
18 مغنية، محمد جواد، تجارب جواد مغنية، مراجعة وتحيق رياض دباغ ، العدد 200 انوار الهدى ، قم ، الطبعة الأولى 1425 هجري صفحة 100
19 مغنية، تجارب جواد مغنية2، صفحة 101
20مرجع سابق صفحة 103
21 – مغنية، تجارب ، مرجع سابق صفحة 110
22- مرجع سابق، تجارب صفحة 117-119
23- مغنية تجارب ، مرجع سابق صفحة 117-119
24- مرجع سابق، تجارب صفحة 318
25- موقع العتبة الحسينية https://imamhussain.org/arabic/26948 تاريخ الدخول الى الموقع
21/02/2023 الساعة 70.30
26مغنية، تجارب جواد مغنية، ص 54
27– مرجع سابق مغنية، تجارب جواد مغنية، انوار الهدى ص 578
28- مرجع سابق تجارب ، ص 548-578
المراجع
1- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، بيروت – لبنان، الناشر: دار المعارف، 1403 هـ/ 1983 م.
2- الأمين، محسن، مستدركات اعيان الشيعة، المجلد 10 ، دار المعارف، بيروت 1986
3- الخاقاني، علي ، شعراء الغري او النجفيات، الناشر مكتبه ايه الله العظمى الرمعشي النجفي، ايران، قم، 1987.
4- الصدر، السيد حسن، تكملة امل الامل ، تحقيق السيد احمد الحسيني ، الناشر مكتبة اية الله المرعشي، قم المقدسة، 1406 هجري
5- ضاهر، سليمان، معجم قرى جبل عامل،مؤسسة الإمام الصادق (ع) للبحوث في تراث علماء جبل عامل، بيروت 2006.
6- مغنية، محمد جواد، تجارب جواد مغنية، اعداد عبدالحسين مغنية، دار الجواد، بيروت، 1980
6- مغنية، محمد جواد، تجارب جواد مغنية، مراجعة وتحيق رياض دباغ ، العدد 200 انوار الهدى ، قم ، الطبعة الاولى 1425 هجري.
مواقع الالكترونية
تاريخ الدخول الى الموقع https://annabaa.org شركة النبأ المعلوماتية الاتنين 1 تشرين اول -1 2012
21/12/2022 الساعة العاشرة مساء
مجلة اللقاء ، تصدر عن هيئة علماء بيروت، العدد العشرون، 17/08/2011 -2
3- موقع العتبة الحسينية في العراق https://imamhussain.org تاريخ الدخول الى الموقع
21/02/2023 الساعة 7.30
4 – جامعة المصطفى العالمية htt://www.miu-lb.org تاريخ الدخول الى الموقع 21/02/2023 الساعة 9 مساء
-طالبة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم التاريخ[1]
PhD student à la Faculté des Lettres et Sciences humaines, à l’Université libanaise – Département d’histoire- Email:amal.chehade@hotmail.com
