الأسلوب الحكيم وأثره في الدرس البلاغيّ (القول بالموجب)
Wise evasion style and its impact on the rhetorical lesson (Necessity statement)
Dr. Bashir Faraj د ـ بشير سالم فرج)[1](
ملخّص البحث
أردت من خلال هذا البحث أن أبيّن الأثر البلاغي لأحد موضوعات علم البديع المعنوي في الدرس البلاغي يمكنه إدراك حقيقة التفوّق الذي اختصّت به هذه اللغة دون سائر لغات العالم.
وإن العربية لتعبّر من خلال الصياغة الفنّيّة للتجارب الإنسانيّة، ومن خلال الدلالات اللغويّة للمفردات الغزيرة، عن جمالها وسحر بيانها، وروعة أدائها، لأنّ الإلمام بقواعد النحو والبلاغة، والمران على فهم واستعمال المحسّن اللفظيّ والمعنويّ، كلّ ذلك يساعد على فهم ما جاء في كتاب الله، وتذوّق الجمال، والشعور بالجلال، أمام عظيم سوره، وبلاغة آياته.
وأسلوب الحكيم أن تتلقى المخاطب بأمر لا يتوقعه، وله طرق منها: ترك سؤاله والإجابة عن سؤال افتراضي، أو الإجابة عن معنى سؤاله بغير ما يقصد السائل، كأنك تقول له كان ينبغي أن تسأل عن كذا.
ـمثال: قوله تعالى: “يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج” لأن بعض الصحابة سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الهلال، ما باله يبدأ صغيراً ثم يكبر، ثم يتضاءل حتى يختفي، فعلمهم القرآن أن الأهلة هي مواقيت للعبادات.
سُئل أحدهم: ما ادخرت من مال؟ قال: لا شيء يعادل الصحة، إذًا عدل المجيب عن إجابة السؤال، وأفاد أن الصحة أفضل كنز يتمتع به الإنسان ويدخره.
ولأسلوب الحكيم أثر بلاغي في الموازنة بين الألفاظ وانتقاء اللائق منها، إذ ثمة تعبيرات بديعة جميلة جذابة تأسر النفس بما تحظى به من نِسَب جمالية عالية، وهذا له أثره في متعة المتلقي وسرعة الحفظ.
الكلمات المفاتيح: الأسلوب الحكيم، البلاغة العربية، القول بالموجب، علم البديع المعنوي، اللغز في الجواب، الأثر البلاغي.
Research Summary
Through this research, I wanted to show the rhetorical effect of one of the topics of semantics in studying rhetoric, which can demonstrate the superiority of this language over all other languages of the world.
Through the artistic formulation of human experiences, and through the linguistic connotations of the abundant vocabulary, the Arabic language expresses its beauty and charm, and the magnificence of its performance, because the knowledge of the rules of grammar and rhetoric, and the practice of understanding and using the verbal and moral enhancers, help to understand what was present in the holy Quran, to taste the beauty, and the feeling of majesty, in the greatness of its surah, and the eloquence of its verses.
The wise evasion style is to response to the addressee with something he does not expect, this style has several ways, including: leaving the main question and answering a hypothetical question, or answering the meaning of his question without what the questioner intended, as if you are telling him that he should have asked about such and such.
Example: Allah the Almighty says: ﴾They ask you, [O Muhammad], about the new moons. Say, they are measurements of time for the people and for Hajj﴿. Because some of the companions asked the prophet, peace be upon him, about the crescent moon, the way it starts small then becomes bigger, then decays until it disappears, so he taught them that crescent moons are measurements of time for worship.
Someone was asked: What money have you saved? He answered: nothing is equivalent to health, so the respondent evaded answering the direct question, and stated that health is the best treasure that a person can enjoy and store.
The wise evasion style has a rhetorical effect in balancing words and selecting appropriate ones, as there are beautiful, attractive expressions that capture the receiver with its high artistic proportions, and this has its impact on the pleasure of the recipient and the speed of memorization.
Keywords: The wise evasion style – the Arabic rhetoric – the necessity statement – the semantics – the riddle in the answer – the rhetorical effect.
المقدّمة
موضوع الأسلوب الحكيم كان اهتمام البلاغيين والأصوليين على حدَّ سواء، فهو يُعدُّ من موضوعات البديع عند البلاغيين، وضرب من ضروب البلاغة.
والقول بالموجب أو الأسلوب الحكيم، ما الفرق بين القول بالموجب والأسلوب الحكيم؟
بعض البلاغيين يرى أنهما موضوعان يصدران من مصدر واحد للتشابه القريب بين أمثلة كلٍ منهما وشواهدهما، والبعض الآخر رأى، أن كل واحد منهما يختلف عن الآخر، وله تعريفه، وشواهده، وثمة رأي آخر نأى بنفسه عن هذا التقارب أو التباين فاكتفى في كتبه بذكر أحدهما دون التعرض للآخر حتى يذكر اسمه، ورأيت من المفيد أن أفصل بينهما ليقف القارئ على التشابه بين القول بالموجب والأسلوب الحكيم.
القول بالموجب
رأى أصحاب هذا القول بأنه صفة تقع في كلام الغير فيأتي القول بالموجب ليثبت تلك الصفة، ولكن لغير أولئك، دون تعرض لإثبات الحكم أو نفيه، وقد اعتمدوا من هذا التعريف على قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ )المنافقون: 8(.
إذا تأملنا قوله تعالى: في هذه الآية الكريمة نرى عدم الاهتمام بالقائلين ولكنها تخاطب الرسول (ص) بما يتصل بالعزة التي هي مدار البحث فيخبرهم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فكان هذا القول هو القول بالموجب.
والقول بالموجب ضربان
أحدهما: أن تقع صفة من كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم، فتثبت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشيء، من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم وانتفائه (شرح التلخيص ج4، ص406 وما بعدها)، كما في الآية السابقة وهي قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ )المنافقون: 8(. فإنهم كنّوا بالأعز عن فريقهم، وبالأذل عن فريق المؤمنين، وأثبتوا للأعز الإخراج، فأثبت الله تعالى:، في الردّ عليهم صفة العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للموصوفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم.
من هنا نرى أن قوله تعالى: ﴿لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾؛ فإنها صفة وقعت في كلام المنافقين دالة على شيء وهو فريقهم، فالمراد بذلك هو اللفظ المستعمل لينتقل منه إلى اللازم مع جواز إرادة الملزوم إذ ليس دلالة الأعز على فريقهم بطريق الكناية؛ لأنه لزوم بين مفهوم الأعز وفريق المنافقين، ويحتمل أن يراد بها معناها المعهود، ويكفي في اللزوم اعتقادهم اللزوم وادعاؤهم ذلك؛ لأنهم يدعون أنهم لازم لمعنى الأعز ثم إن الظاهر أن المراد بالصفة الواقعة كناية في الآية ما يدل على ذات باعتبار معنى كالأعز والصفة التي روعي إثباتها للغير المعنى القائم بالغير، كالعزة فاختلفت الصفتان، وحينئذٍ ففي الكلام استخدام لأمر الصفة المذكورة أولاً في قوله أن تقع صفة أُريد بها معنى وأريد بالضمير في قوله فتثبتها معنى آخر، أثبت له حكم فثبت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشيء من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم له أو انتفائه عنه كقوله تعالى: ﴿: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ فإنهم كنوا بالأعز عن فريقهم وبالأذل عن فريق المؤمنين، وأثبتوا للأعز الإخراج، فأثبت الله تعالى: في الردّ عليهم صفة العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للموصوفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم (انظر: التفتازاني، سعد الدين، مختصره على تلخيص المفتاح، ج4، ص406، وكذلك، الطيبي، التبيان، ص235).
والقسم الثاني من القول بالموجب: هو حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده، مما يحتمله بذكر متعلقه، وهذا القسم تداوله الناس، ونظمه أصحاب البديعيات (ابن حجة الحموي، خزانة الأدب، ج1، ص259).
ومن عجيب هذا النوع؛ ما حكاه الشريف المرتضى، قال: روى أنه لما نزل خالد بن الوليد على الحيرة، وتحصن منه أهلها، أرسل إليهم أن ابعثوا إلي رجلاً من عقلائكم وذوي أنسابكم، فبعثوا إليه المسيح بن بقيلة، فأقبل يمشي حتى دنا من خالد بن الوليد فقال: أنعم صباحًا أيها الملك، قال: قد أغنانا الله عن تحيتك هذه، فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ؟ قال: من ظهر أبي، قال: فمن أين خرجت؟ قال: من بطن أمي، قال: فعلام أنت؟ قال: على الأرض، قال: ففيَم أنت؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل لاعقلت، قال: أي والله وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد، قال خالد: ما رأيت كاليوم قط، إني أسأله عن الشيء فينحو في غيره، قال: ما أنبأتك إلا عما سألت فسل عما بدا لك (السيد علي صدر الدين بن معصوم المدني، أنوار الربيع في أنواع البديع، ج2، ص200، 201).
هذا موضع الشاهد من الخبر، وتمامه، أن خالد بن الوليد قال له: أعرب أنتم أم نبط؟ قال: عرب استنبطنا، ونبط استعربنا، قال: فحرب أتنم أم سلم؟ قال: بل سلم، قال: فما هذه الحصون؟ قال: بنيناها لسفيه نحذر منه، حتى يجيء الحليم ينهاه، قال: كم أتى لك؟ قال: خمسون وثلاثمائة سنة، قال: ما أدركت؟ قال: أدركت سفن ترفأ إلينا من هذا الجرف، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تضع مكتلها على رأسها، ولا تزود إلا رغيفًا واحدًا، حتى تأتي الشام، ثم أصبحت خرابًا، وذلك دأب الله في العباد والبلاد.
قال: ومعه سمّ ساعة يقلبه في كفه، قال له خالد: ما هذا في كفك؟ قال: هذا السم، قال: وما تصنع به؟ قال: إن كان عندك ما يوافق قومي وأهل بلدي حمدت الله وقبلته، وإن كان الأخرى، لم أكن أول من ساق إليه ذلاً، أشربه واستريح من الحياة، فإن ما بقي من عمري اليسير، قال خالد: هاته، فأخذه وقال: بسم الله وبالله رب الأرض والسماء الذي لا يضر مع اسمه شيء، ثم أكله، فتجللته غشية، ثم ضرب بذقنه في صدره طويلاً، ثم عرق وأفاق كأنما نشط من عقال، فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال: جئتكم من عند شيطان أكل سمّ ساعة فلم يضره، صانعوا القوم، وأخرجوهم عنكم، فإن هذا أمر مصنوع لهم فصالحوهم على مائة ألف درهم (ابن معصوم، أنوار الربيع، ج2، ص201).
وأما أسلوب الحكيم: فهو تلقي المخاطب بغير ما يتوقعه وذلك بترك سؤاله، والإجابة عن سؤال يسأله أو بحمل كلامه على غير ما كان يقصد، إشارة إلى أنه كان يجب أن يسأل هذا السؤال، كقول أحدهم يخاطب تاجرًا: كم رأس مالك؟ أجاب التاجر: «إني أمين والناس يثقون بي» (عتيق، عبد العزيز، البديع، ص 182)؛ يعني: أن الأمانة وثقة الناس به هي رأس ماله، فكان جوابه عكس ما كان يتوقع السائل.
ومثال آخر: قيل لشيخ عجوز: كم سنك؟ فأجاب: أنعم بالعافية.
ففي السؤال الأول صرف التاجر سائله عن رأسماله، ببيان أمانته وثقة الناس فيه؛ وذلك لبيان أن هاتين الصفتين أجلب للربح وأقوى للنجاح في التجارة.
وفي السؤال الثاني ترك الشيخ العجوز الإِجابة عن السؤال، وأخبر عن صحته إشعارًا للسائل بأن السؤال عن صحته أولى وأجدر من السؤال عن سنه.
وأما الجاحظ فقد تنبه إلى هذا النوع من البديع المعنوي، فأفرد له بابًا خاصًا في البيان والتبيين وسماه: «اللغز في الجواب» (الجاحظ، البيان والتبيين ج2، ص149، 248). وساق أمثلة منها أن رجلاً سأل بلالاً مولى أبي بكر رضي الله عنه، وقد أقبل من جهة الحلبة: أي حلبة السباق فقال مَنْ سبق؟ أجاب بلال: سبق المقربون، قال السائل: إنما أسألك عن الخيل، قال بلال: وأنا أجيبك عن الخير، فترك بلال جواب لفظه إلى خبر هو أنفع له.
ومن الأمثلة في هذا السياق أيضًا: قال الحجاج لرجل من الخوارج: أجمعت القرآن؟ قال: أمتفرقًا كان فأجمعه؟ قال: أتقرؤه ظاهرًا؟ قال: بل أقرؤه وأنا أنظر إليه. قال: أفتحفظه؟ قال: أفخشيت فرارة فأحفظه؟ قال ما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال لعنه الله ولعنك. قال: إنك مقتول فكيف تلقى الله؟ قال: ألقى الله بعملي، وتلقاه أنت بدمي. (عتيق، علم البديع، ص 183).
أوليات أسلوب الحكيم
أسلوب الحكم من الموضوعات المهمة في علم البديع المعنوي، فكان من اهتمام البلاغيين في البلاغة العربية – وقد تعرض له الأولون، وهو كغيره من الموضوعات والفنون يبدأ صغيرًا ثم يكبر، ويمر في طور نشأته بعدة مراحل وأطوار حتى استقر على ما وصل إليه من الصياغة النهائية التي جعلته مستقلاً ومتميزًا عن غيره.
ولعل بداياته كانت حين أشار الجاحظ في البيان والتبيين وذلك عند حديثه عن «اللغز في الجواب» (الجاحظ، البيان والتبيين، ج2، ص100، بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1423هـ)، واستشهد بأمثلة من غير أن يسميه، ثم جاء السكااكي وذكره في كتابه: «مفتاح العلوم»، فحدد مصطلحه بوضوح ودقة، وسماه: «الأسلوب الحكيم»، وقسمه إلى نوعين، وبيّن كل نوع ومثَّل له (السكاكي، مفتاح العلوم، ص327).
ثم جاء بعد السكاكي الخطيب القزويني الذي تحدث عنه في كتابه «الإيضاح في علوم البلاغة»، وقال: بأن عبد القاهر الجرجاني تعرض له تحت مسمّى «المغالطة»، فقال: «وسماه الشيخ عبد القاهر مغالطة» (الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، دار الجيل، ط3، ص95).
وقد أطلق عليه بعض البلاغيين اسم «القول بالموجب» ومنهم: ابن أبي الأصبع المصري (ابن أبي الأصبع المصري، بديع القرآن، تحقيق: حفني محمد شرف، دار النهضة، مصر، ص314).
وفي كتابه: «التلخيص في علوم البلاغة»، اكتفى الخطيب القزويني بالحديث عن «القول بالموجب» ولم يتعرض فيه لأسلوب الحكيم، وأما في كتابه: «الإيضاح في علوم البلاغة»؛ فإنه تحدث عن أسلوب الحكيم تحت عنوان: «القول في أحوال المسند إليه» (القزويني الإيضاح، ج2، ص94).
وأيضًا ممن عدَّ القول بالموجب هو أسلوب الحكيم (ابن حجة الحموي) في كتابه: «خزانة الأدب وغاية الأرب» حيث يقول: «القول بالموجب، ويقال له أسلوب الحكيم» (ابن حجة الحموي، خزانة الأدب، ج1، ص258، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط2، 1991).
وذكر أحمد مطلوب: «وليس الأمر كذلك بل هما يختلفان في الغاية، وإن اتفقا في أن كليهما إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر فغاية القول بالموجب ردّ كلام المتكلم وعكس معناه، وغاية أسلوب الحكيم تلقي المخاطب بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيهًا على أنه الأولى بالقصد، أو السائل بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيهًا على أنه الأولى بحاله أو المهم له» (أحمد مطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، مادة: (ق و ل)، بيروت – لبنان، مكتبة لبنان ناشرون من ط2، 1996)، أما أمين الشيرازي فيرى أن: «الفرق بين القول بالموجب (أي: القسم الثاني منه) والأسلوب الحكيم التفاوت بينهما في الغرض من إتيانهما، فغرض المتكلم من الأول الملاحة والمحبة، ومن الثاني تذكير المخاطب وتنبيهه بأن غير ما قصده هو الأولى بحال المتكلم. (أحمد أمين الشيرازي، البديع في المعاني والبيان والبديع، مؤسسة النشر الإسلامي، إيران، ط1، 1422هـ، ص278)، أما الدكتور عبد القادر حسين فيقول: «وأنت إذا تأملت هذا النوع، ظهر لك كمال الفرق بينه وبين القول بالموجب، أتم الظهور، وجزمت بخطأ من جعلهما واحدًا كابن حجة الحموي حينما يقول: القول بالموجب ويقال له: الأسلوب الحكيم. (عبد القادر حسين، فنّ البديع، بيروت، دار الشروق، ص105، ط1، 1993).
كما أن بعض البلاغيين أطلق عليه اسم: «أسلوب الحكيم»، بتنكير كلمة: «أسلوب» وتعريفها بالإضافة، كما هو في «خزانة الأدب وغاية الأرب» للحموي، و«فنّ البديع» لعبد القادر حسين، و«البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها» لعبد الرحمن حبنكة الميداني، وغيرهم.
أنواع أسلوب الحكيم
أولاً: تلقي المخاطب بغير ما يترقب: هنا النوع يكون بمجيء المخاطب من غير سؤال وجواب، حين يتلقى المخاطِب المخاطَب بغير ما يتوقعه، أي مجمل كلامه دون ما يقصد، لغرض ما يقصده المخاطب.
مثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: 61].
قال الألوسي في «روح المعاني»: «عن محمد بن إسحاق أنها نزلت في رجل من المنافقين يقال له: نبتل بن الحارث، وكان رجلاً آدم أحمر العينين أسفع الخدين مشوه الخلقة وكان ينم حديث النبي r إلى المنافقين فقيل له: لا تفعل. فقال: إنّما محمد r أذن من حديثه شيئًا صدقه نقول شيئًا ثم نأتيه ونحلف له فيصدقنا» (الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، ج5، ص315، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ).
فجاء الرد من القرآن بغير ما يتوقع هؤلاء، بأن محمدًا r أذن كما قلتم، لكنه على غير ما تقصدون فهو أذن خير لكم.
أما ابن عاشور في «التحرير والتنوير»، فقال: «وهو من الأسلوب الحكيم الذي يحمل فيه المخاطب كلام المتكلم على غير ما يريده، تنبيهًا على أنه الأولى بأن يراد… فأمر النبي r بأن يبلغهم ما هو إبطال لزعمهم من أصله بصرف مقالتهم إلى معنى لائق بالرسول r، حتى لا يبقى للمحكي أثر، وهذا من لطائف القرآن» (محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984ـ، ج10، ص242).
وقال ابن المنير على حاشية الكشاف: «قال محمود: «الأذن: الرجل الذي يصدق كل ما يسمع…. سمى الرجل بالجارحة التي هي آلة السماع… إلخ، قال أحمد: لا شيء أبلغ من الرد عليهم بهذا الوجه لأنه في الأول إطماع لهم بالموافقة، ثم كر على طمعهم بالجسم وأعقبهم في تنقصه باليأس منه، ويضاهي هذا من مستعملات الفقهاء، القول بالموجب؛ لأن في أوله إطماعًا للخصم بالتسليم، ثم للطمع على قرب، ولا شيء أقطع من الأطماع ثم اليأس يتلوه ويعقبه». (ابن المنير، حاشية الكشاف للزمخشري، ص284، ج2، بيروت، دار الكتاب العربي، 1987).
ومن أمثلته أيضًا قوله تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (التوبة: 95)، هذه الآية نزلت في المنافقين عندما تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم جاءوا للرسول )ص) يطلبون العفو والصفح والمجاوزة عما فعلوه من جرم في تخلفهم عن الخروج للقتال، فهم يطلبون الإعراض عن مؤاخذتهم؛ أي: عن عتابهم وتوبيخهم وتقريعهم على تخلفهم، ولا يقصدون تطييب خواطر المسلمين ولكن أرادوا التخلص من مسبة العتاب ومرارته، فتلقاهم القرآن الكريم بغير ما يتوقعون، وحمل كلامهم على غير ما يريدون، وأمر بالإعراض عنهم، لكن لا إعراض رضا ومجاوزة وعدم المؤاخذة كما طلبوا، بل إعراض اجتناب ومقت وسخط، وإعراض مجافاة وقطيعة وعزلهم عن دائرة المؤمنين الصادقين، كما يوضح ذلك قوله تعالى: إِنَّهُمْ رِجْسٌ، لا سبيل إلى تطهيرهم؛ يعني: وكفتهم النار عتابًا وتوبيخًا، فلا تتكلفوا عتابهم. (انظر: الزمخشري، الكشاف، ج2، ص302).
قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ (الرعد: 31).
ذكر أبو حيّان في «البحر المحيط»: «قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: إن الكفار قالوا للنبي r: سيِّر جبلي مكة فقد ضيقَا علينا، واجعل لنا أرضًا قطعًا غراسًا، وأحيي لنا آباءنا وأجدادنا، وفلانًا وفلانًا، فنزلت معلمة أنهم لا يؤمنون ولو كان ذلك كله. (أبو حيان، البحر المحيط، ج6، ص388).
من خلال ذلك نرى أن مطالبهم التي طلبوها من رسول الله r تمثلت في ثلاثة أشياء:
- إبعاد الجبال.
- قطع الأرض.
- إحياء الموتى.
وهذه معجزات، مطلبهم يأتي على سبيل التهكم والسخرية، من هنا خاطبهم رب العالمين بغير ما يتوقعون وبخلاف قصدهم، لإظهار أن رأيهم في غير محله وهو رأي فاسد، وأنهم يغالون في المكابرة والعند، ويتمادون في غيهم وضلالهم، لأنه لو كان كتاب الله من الكتب السابقة اشتمل على أكثر من الهداية، وكان مصدرًا لإيجاد العجائب والمعجزات لكان هذا القرآن، ولكنه ليس كذلك، فهذا القرآن لا يتطلب منه الاشتمال على تلك المطالب والمعجزات؛ فذلك ليس من سنن الكتب السماوية، إنما تكون المعجزات من أمر الله سبحانه وتعالى: ينزلها على مَنْ يشاء تأييدًا لرسله، فالذي أنزل الكتاب لهداية الناس، قادر على أن ينزل المعجزات تأييدًا لأنبيائه وحجة على المشركين إن شاء ومتى شاء بالصورة التي يشاء.
وذكر ابن عاشور في «التحرير والتنوير»: «فأمر الله نبيّه بأن يقوم هذا الكلام إجراء لكلامهم على خلاف مرادهم على طريقة الأسلوب الحكيم؛ لأنهم ما أرادوا بما قالوه إلاّ التهكم، فحمل كلامهم على خلاف مرادهم تنبيهًا على أن الأَولَى بهم أن ينظروا هل كان في الكتب السابقة قرآن يتأتى به مثل ما سألوه» (محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ج3، ص144).
ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: 101، 102].
قال أبو حيان: «ولما ذكر تعالى: إنزال الكتاب تبيينًا لكل شيء، وأمر بالاستعاذة عند قراءته، وذكر تعالى: نتيجة ولاية الشيطان لأوليائه المشركين، وما يلقيه إليهم من الأباطيل، فألقى إليهم إنكار النسخ لما رأوا تبديل آية مكان آية،… ووجد الكفار بذلك طعنًا في الدين» (أبو حيّان، البحر المحيط، ج6، ص594).
وذكر الشوكاني في معنى الآية: «هذا الشروع منه سبحانه في حكاية شبه كفرية ودفعها، ومعنى التبديل: رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية رفعها بأخرى غيرها» (الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التغير، ج3، ص232).
وبهذا الأسلوب الحكيم حمل كلامهم على عكس مرادهم تنبيهًا على أن المفتري والمتزلزل غير ما قصدوه من كلاهم.
- وقال تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (المنافقون: 8).
فإنهم كنوا «بالأعز» عن فريقهم، و«بالأذل» عن فريق المؤمنين، وأثبتوا للأعز الإخراج، فأثبت الله في الرد عليهم صفة «العزة» لله ولرسوله وللمؤمنين من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للموصوفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم.
فهذا الردّ في الآية الكريمة جاء بأسلوب الحكيم، حيث يتلقى الله سبحانه وتعالى: المخاطبين بغير ما يتوقعون، فالقائل هو ابن أُبي بن سلول، وعني بالأعز نفسه وأتباعه، وبالأذل رسول الله (ص) ومن معه. وقيل: «إنه لما قال: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، ورجع إلى المدينة لم يلبث إلا أيامًا يسيرة حتى مات؛ فاستغفر له رسول الله (ص) ، وألبسه قميصه؛ فنزلت هذه الآية، وقد مضى بيانه هذا كله من سورة «التوبة» مستوفًى، وروى أن عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ بن سلول قال لأبيه: والذي لا إله إلا هو لا تدخل المدينة حتى تقول: إن رسول الله (ص) هو الأعز وأنا الأذلّ؛ فقال له. توهموا أن العزة بكثرة الأموال والأتباع، فبيّن الله أن العزة والمَنَعة والقُوّة لله» (القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج18، ص84).
إذن القرآن الكريم أجابهم بغير ما يتوقعون، وعلى غير ما قصدوا، فخيَّب عملهم، بحمل ما قالوا على ظاهره، بأن هناك عزيز وذليل، ومن حق العزيز أن يُخرج الذليل، لكن على خلاف ما أرادوا، بأنهم هم الأذلة ورسول الله ومَنْ معه هم الأعزة. فإن كنتم تريدون بأن يخرج العزيزُ الذليلَ فإن رسول الله (ص) سيخرجكم منها، تنبيهًا على أنه كان ينبغي لهم أن يقصدوا هذا المعنى.
ثانياً: تلقي السائل بغير ما يتطلب
هذا النوع إنما يكون بطريقة السؤال والجواب، حيث يتلقى المخاطِب المخاطَب بغير ما يتطلب، بالعدول في الجواب، وذلك بتنزيل سؤال السائل منزلة غيره؛ أي: أنه يعدل في الجواب عن السؤال ويجيب عن سؤال لم يسأله السائل، تنبيهًا على أنه الأَولى أو المهم له أن يسأل عن هذا بدل السؤال الذي سأله.
ومن أمثلة هذا القسم، قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (البقرة، 189).
قال القزويني في «الإيضاح»: «قالوا: ما بال الهلال يبدو دقيقًا مثل الخيط ثم يتزايد قليلاً قليلاً حتى يمتلئ ويستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ» (القزويني: الإيضاح، ج2، ص95).
وبعد ذلك كله، فإن الله سبحانه تعالى زادهم فائدة هم بحاجة إليها، فهذا ما يقتضيه الأسلوب الحكيم؛ لأنها تتعلق بالمواقيت والحج والمقام مناسب لها، وهو أن حقيقة البر تقوى الله وليس اجتناب دخول البيوت من أبوابها أثناء الإحرام، قال العلوي: «نُقِل في الحديث أن ناسًا كانوا إذا أحرموا لم يدخل أحدهم بيتًا ولا خيمة ولا خباء من باب، بل إن كان من أهل المدر نقب نقبًا من ظاهر البيت يدخل منه، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة أو الخباء، فقيل لهم: ليس البر تحرّجكم من دخول البيت، ولكن البرّ مَنْ اتقى محارم الله» (يحيـى بن حمزة العلوي، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، ج2، ص28).
قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 215).
قال السكاكي: «سألوا عن بيان ما ينفقون فأجيبوا ببيان المصرف» (السكاكي، مفتاح العلوم، ص327، كذلك القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، ج2، ص95).
إذ أمر الله رسوله (ص) أن يجيبهم عن الذين ينبغي أن توجه لهم النفقة، إشارة إلى أنه كان ينبغي لهم أن يسألوا عمن ينبغي أن توجه لهم النفقة، أما الشيء الذي ينفقون منه ومقدار ما ينفقون فيعم كل ما يصلح للإنفاق منه، وما وراء حدّ الزكاة المفروضة هو التطوع المفتوح الذي لا يسأل عن حد له، ويظهر أن حدّ الزكاة المفروضة لم يكن قد نزل به حكم، فأعرض النص عن الإجابة عليه، وقد أجاب الله عزّ وجلّ عن هذا حينما كرروا سؤالهم» (عبد الرحمن حبنكة الميداني، البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها، ج1، ص502).
وبهذا ينزل سؤال السائل منزلة سؤال غير سؤاله لتوخي التنبيه له بألطف وجه على تعديه عن موضع سؤال هو أليق بحاله أن يسأل عنه أو أهم له إذا تأمل. (انظر: السكاكي، مفتاح العلوم، ص327).
قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف: 187).
السائلون هم أهل الشرك من قريش، يطلبون تحديد وقت فناء العَالَم الدنيوي، عنادًا وتحديًّا وتهكمًا وسخرية، استبعادًا لوقوع الساعة، وتكذيبًا بوجودها، ومقتضى الظاهر في الجواب العادي أن يقول لهم: ووقتها كذا، بمعنى أن يحدد لهم وقتها، ولكن عدل في الجواب عكس ما يتوقعون، لبيان خطئهم في توجيههم السؤال إلى الرسول (ص) بناءً على زعمهم أنه عالِم بها، أو أن العلم بذلك من مقتضيات الرسالة التي بُعث بها، فبيّن لهم الخطأ الذي وقعوا فيه في سؤالهم ثمّ إعلامهم أن المسؤول عنها هو الله تعالى:، وبذلك وجههم لما هو أهم وأولى من سؤالهم وهو الاستعداد لها، لأنها تأتي فجأة وعلى حين غفلة، فهذا الجواب كما جاء في تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار): «إن هذا الجواب من أسلوب الحكيم؛ أي: دعوا السؤال عن وقت القيامة الكبرى فإنها لا يعلمها إلا الله، واسألوا عن الوقت الذي يقع فيه انقراض عصركم فهو أولى بكم؛ لأن معرفتكم تبعثكم على ملازمة العمل الصالح قبل فوته؛ لأن أحدكم لا يدري من الذي يسبق الآخر». (محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة المصرية العلمية للكتاب، 1990م، ج9، ص387).
قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85]. ذكر أبو السعود عن معنى الآية الكريمة: «الظاهر أن السؤال كان عن حقيقة الروح الذي هو مدبر البدن الإنساني ومبدأ حياته، روي أن اليهود قالوا لقريش سلوه عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن أجاب عنها جميعًا أو سكت فليس بنبيّ وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبيّ فبيّن لهم القصتين وأبهم أمر الروح وهو مبهم في التوراة أظهر في مقام الإضمار إظهارًا لكمال الاعتناء بشأنه. (أبو السعود، تفسير أبي السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، ج3، ص349، دار الفكر، بيروت).
فمن سبب النزول ندرك أن قريشًا تسأل تعنتًا وتكبرًا وإفحامًا عن الحقيقة، حقيقة الروح وبيان ماهيتها، فالروح يعرف كل أحد بوجه الإجمال أنها حالة وموجودة فيه، فأُمر النبي (ص) بأن يجيبهم بخلاف مرادهم، وعلى غير ما يتوقعون، فقد سألوا عن الماهية فقط، فأُجيبوا عن مُحدث هذه الماهية (وهو الله عزّ وجلّ)، وعن مقدار علمهم مع علم الله، وهذا العدول لسببين هما:
الأول: أن الروح من أمر الغيب الذي استأثر الله به ولم يُعلِم به أحدًا.
الثاني: يُعَدل عن الجواب أصلاً إذا كان قصد السائل التعنت، كما هو في سؤالهم عن الروح، فالحكمة تقتضي ترك البيان قصد النهي عن السؤال في مثل هذه الأمور الغيبية، جاء في تفسير روح المعاني للألوسي: «وهو من الأسلوب الحكيم». (الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج8، ص146).
الأثر البلاغي للأسلوب الحكيم
ما تقوم عليه البلاغة العربية، مراعاة مقتضى الحال، إذ الكلام يكون فيها مطابقًا للحال، وأن المتكلم لا يتقيد بأساليب محددة من التعبير، حتى ولا تراكيب معينة، وإنما له مطلق الحرية في اختيار تراكيبه التي تناسب التعبير الملائم الذي يجده مناسبًا للظرف والحال أثناء عملية التواصل.
ومن هذه الصور أي مقتضى الحال أن يخرج الكلام أحيانًا عن مقتضى الظاهر، ويعدل عن المألوف مراعاة لمقتضى الحال؛ قد يقتضي الظاهر مجيء الكلام على صورة ما؛ لكن مراعاة الحال تقتضي مجيئه على صورة أخرى مغايرة، كما الحال في علم المعاني حين خرج الأمر، والنهي، والاستفهام، والنداء عن معانيهم الأصلية إلى معانٍ أخرى تُستفاد من السياق ومقتضى الحال، ومن هنا جاءت الأساليب البلاغية، ومنها الأسلوب الحكيم.
يقول السكاكي: «ولهذا النوع أعني إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر أساليب متفننة إذ ما من مقتضى كلام ظاهري إلا ولهذا النوع مدخل فيه بجهة من جهات البلاغة على ما تنبه على ذلك منذ اعتنينا بشأن هذه الصناعة، وترشد إليه تارة بالتصريح، وتارات بالفحوى، ولكل من تلك الأساليب عرق من البلاغة يتسرب من أفانين سحرها، ولا كأسلوب الحكيم فيها» (السكاكي، مفتاح العلوم، ص327).
من هنا نجد أن القيمة البلاغية للأسلوب الحكم تتمثل في الخروج عن مقتضى الظاهر، مع مراعاة الحال، وهو ما يسميه البلاغيون بـ«العدول»، وبه يكون الأسلوب الحكيم ذا قيمة بلاغية كبيرة حيث تحقيق تأثيره في السامع بتنشيط فكره وإيقاظه حاسة السمع والإصغاء والإدراك لديه؛ لأن إيقاظ الحس وإثارة الملكات من أهم المكونات التي تتوفر في الكلام حين العدول عن مقتضى الظاهر.
والسكاكي يرى أنه لا يمكن أن تتحقق القيمة البلاغية للكلام إلا من خلال الخروج عن ما هو مألوف، وذلك: «أن إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر طريق للبلغاء يسلك كثيرًا بتنزيل نوع مكان نوع باعتبار من الاعتبارات» (السكاكي، مفتاح العلوم، ص329).
وظاهر الخروج عن مقتضى الظاهر، كما أوضح ذلك البلاغيون، أنه لا يكون إلا «لداع من الدواعي البلاغية ذات التأثير في النفوس والأفكار، لما فيها من عناصر فنية إبداعية تتضمن دلالاتٍ فكرية، أو تعبيرات جمالية، أو إلماحات ذكيّة» (عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، البلاغة العربية أُسسها، وعلومها، وفُنونها، ج2، ص478).
وإننا لا ندرك الأثر البلاغي لجمال الأسلوب الحكيم إلا عندما ندرك أن هذا الأسلوب يكمن في أداء غرض بلاغي ما.
لذلك فإن العدول أو الخروج عن مقتضى الظاهر مهما كان جميلاً في ذاته عند البلغاء كالجمال الموسيقي أو اللفظي أو التركيبي، فهو جثة هامدة إذا كان خاليًا من غرض يهدف إليه، وفكرة ما يثير بها المتلقي ليؤثر فيه، انظر إلى ما قاله عبد الرحمن حسن حبنكة في هذا السياق: «فالأعمال اللفظية الشكلية الخالية من الأهداف البلاغية بمثابة رسوم ساكنة لا حياة فيها ولا حرارة» (عبد الرحمن حسن حبنكة، البلاغة العربية، ج1، ص94).
إن الأثر البلاغي والقيمة البلاغية للأسلوب الحكيم في القرآن الكريم ترتبط ارتباطًا وثيقًا مع موقعه وتناسقه وتناسبه وملاءمته لما قبله ولما بعده، مع إدراك سبب نزول آياته، وموضوع السورة التي ورد فيها ومقصدها العام، ولا يمكن الاستغناء عن ذلك، فكل ذلك من الضروري لفهمه من خلال السياق الوارد منه النص القرآني، كي لا يُدرس مجتزءًا عن أصله، فللصياغة دورها وللسياق دوره في تحديد القيم الكامنة للأسلوب الحكيم في القرآن الكريم.
فإذًا إن الأسلوب الحكيم يقوم على ثلاث دعائم هي:
- المحاورة بين اثنين: مخاطِب ومُخاطَب، أو سائل ومجيب.
- الإجابة بغير ما يترقب، أو العدول عن الجواب إلى غيره.
- مراعاة الأولى بحال المخاطَب أو السائل.
وللأسلوب الحكيم مكانة خاصة بين فنون القول، فهو ليس سهلاً في متناول اليد، ولا يتأتى لأي كان، يدل على ذكاء عالٍ وقدرة فائقة على التصرف السريع، وتغيير وجهة الحديث، فالمخاطب الذي يجد نفسه فجأة أمام أمرٍ يُضايقه أو يُحرجه يجد لنفسه مُتصرفًا يكون فيه لا منأى عن ذلك.
ومن الأغراض البلاغية للأسلوب الحكيم
- الإجابة بما فيه فائدة المخاطب أو تحقيق الحكمة.
ويظهر هذا الغرض عندما يكون لفظ السؤال محتملاً للسؤال عن السبب وعن الحكمة، فإن كانوا سألوا عن السبب فقد أُجيبوا بما هو أنفع لهم مما سألوا عنه.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف: 187).
فالسائلون هم أهل الشرك من قريش، يطلبون تحديد وقت فناء العالم الدنيوي ومقتضى الظاهر في الجواب العادي أن يقول لهم: وقتها كذا، بمعنى: أن يحدد لهم الوقت المعين لذلك، ولكن عدل في الجواب بخلاف ما يتطلبون، لبيان خطئهم في توجيههم السؤال إلى رسول الله (ص) بناءً على زعمهم أنه عالِم بها، فبيّن لهم الخطأ الذي وقعوا فيه في السؤال ثم إعلامهم أن المسؤول عنها هو الله تعالى.
ومن الأمثلة: «قيل لبعض الفلاسفة: ما الغنى؟ قال: شُرٌّ محبوب» سُئل الفيلسوف عن بيان جنس الغنى، أو عن بيان مقداره، أو عن كليهما معًا، فكان مقتضى الظاهر أن يُجاب بيان ذلك، ولكن الفيلسوف أثر عدم الرد، ووجه جوابه وجهة أخرى فيها ما ينبغي على السائل أن يكون حذرًا منه، وهو أن الغنى شرٌ محبوب، فعلى السائل ألاّ يهتم بمعرفة ماهيته أو حدوده أو مقداره، بل أن يعي بدقة مخاطرة، ومهالكه؛ لأن الغنى شر يعشقه الإنسان، فانيًا حياته سعيًا وراءه. (انظر: ابن أبي عون إبراهيم بن محمد بن أحمد، الأجوبة المسكنة، ص62، عين الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية القاهرة، 1996).
الخاتمة
إن اختيار الأسلوب البلاغي الأنسب لأدائه والموازنة بين الألفاظ وانتقاء اللائق منها أمر فيه دلالات وإيحاءات كثيرة، إذ ثمة تعبيرات بديعة جميلة جذابة تأسر النفس بما تحظى به من نسب جمالية عالية، وهذا له أثره البالغ في الإقناع، كما له أثره في متعة المتلقي وسرعة الحفظ، وإفحام الخصم وإسكاته، فالسرعة في الردّ تتطلب تكثيفًا للمعاني وتقليلاً للألفاظ، حتى يستطيع المتكلم أن يصل إلى خصمة بأسرع الطرق وأنجعها. من هنا تظهر قدرته على الحوار واستدعاء التعابير الموجزة المقتضبة، والأسلوب الحكيم أحد هذه الأساليب البلاغية الذي يتطلب ذلك كله…
- فالأسلوب الحكيم ضرب من ضروب علم البديع المعنوي، الذي هو من أنواع البلاغة العربية، وكانت أولياته عندما أشار الجاحظ في البيان والتبيين، ثم تلاه السكاكي الذي سماه في كتابه “مفتاح العلوم”.
- الأسلوب الحكيم نوعان، الأول: تلقي المخاطب بغير ما يترقب، دون سؤال أو جواب، وذلك بحمل كلامه على عكس مقصده. الثاني: ما يأتي في مقام السؤال والجواب، وهو تلقي السائل بغير ما يتطلب بالعدول عن الجواب، وذلك تنبيهًا لهما على الأهم والأولى بهما، أو قصد أمر آخر يريده المخاطب.
- للأسلوب الحكيم آثار بلاغية كثيرة، منها: التنبيه على اللائق والأهم، والتخلص، والتعريض، والتلطف، والصرف وغير ذلك من الأغراض.
- إن الأثر البلاغي للأسلوب الحكيم ليس على درجة واحدة من البلاغة في أغراضه، ولا على رتبه واحدة في قيمته البلاغية، وإنما يتفاوت من غرض إلى آخر، حسب المعنى المقصود بلوغه وإيصاله للمخاطب والتأثير فيه.
- إن الأسلوب الحكيم من الأساليب البلاغية الذي يتمتع بقيمة بلاغية عالية في التعبير القرآني ووجوه مخاطباته، وله قيمتة وأثره البلاغي في المتلقي، فهو من الأساليب الموجّهة إلى النفس ليثير مشاعرها ويلهبها، ويشحذ تفكيرها كي يصل إلى أعماقها فيثيرها ويؤثر فيها.
- إن الأثر البلاغي لهذا الأسلوب يكمن في عدوله عن مقتضى الظاهر لاعتبار ما، يراد منه مراعاة الحال، للوصول إلى غرض معين، يحمل فكراً يؤثر في المتلقي، بما يحدثه من مفاجأة تؤدي إلى إثارته.
- وأخيراً فإن للأسلوب الحكيم آثار بلاغية كثيرة في القرآن الكريم، تظهر هذه الآثار من تلقين المعرفة وإيقاظ الوعي وزيادة الفهم وتنشيط الفكر، مع الوضوح الذي يكتسي الألفاظ المستعملة من حيث دقة دلالتها في تحديد المقصود بما يتناسب ومكانتها، فلا تحدث غرابة عند المتلقي، رغم ما تحدثه من مفاجأة.
وهذه بعض الأمثلة على الأثر البلاغي للأسلوب الحكيم
- قال تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (التوبة: 95)، فإن الأسلوب الحكيم في هذه الآية الكريمة: حمل كلامهم على غير ما يريدون، وهو تلقي المخاطب بغير ما يترقب، والأثر البلاغي (التعريض).
- قال تعالى: ﴿يسألونك عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (البقرة: 189) كان الجواب بغير ما يتوقعونه، وبخلاف قصدهم، وهو تلقي السائل بغير ما يتطلب، والأثر البلاغي (التنبيه على اللائق والأهم).
- قال تعالى: ﴿ويسألونك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (الإسراء: 85) كان الجواب بغير ما يتوقعون، لأنهم سألوا عن الماهية، فأُجيبوا عن محدثها “هو الله”، وهو تلقي السائل بغير ما يتوقع والقيمة البلاغية “الصرف”.
- قال تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ* قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ (الأعراف: 65-68) تلقاهم بخلاف مرادهم، فنفى السفاهة عن نفسه، ثم سلك معهم نهج الأسلوب الحكيم في الاستطراد بالزيادة على الجواب المطلوب، وهو تلقي السائل بغير ما يتطلب والأثر البلاغي (التلطف). والآثار البلاغية كثيرة لهذا الأسلوب البلاغي العظيم.
إذًا هذا الأسلوب يُستعمل للتظرف أو التخلص من إِحراج السائل، فيزيد الكلام رونقاً وجاذبية.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن أبي الأصبع المصري، بديع القرآن، تحقيق: حفني محمد شرف، دار النهضة، مصر.
- ابن أبي عون إبراهيم بن محمد بن أحمد، الأجوبة المسكنة، عين الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية القاهرة، 1996.
- ابن المنير، حاشية الكشاف للزمخشري، ص284، ج2، بيروت، دار الكتاب العربي، 1987.
- ابن حجة الحموي، خزانة الأدب، ج1، ص258، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط2، 1991.
- ابن معصوم، أنوار الربيع، ج2.
- أبو حيّان، البحر المحيط، ج6.
- أحمد أمين الشيرازي، البديع في المعاني والبيان والبديع، مؤسسة النشر الإسلامي، إيران، ط1، 1422هـ.
- أحمد مطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، مادة: (ق و ل)، بيروت – لبنان، مكتبة لبنان ناشرون من ط2، 1996.
- الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، ج5، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
- التفتازاني، سعد الدين، مختصره على تلخيص المفتاح، ج4.
- الجاحظ، البيان والتبيين، ج2، بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1423هـ.
- الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، دار الجيل، ط3.
- السيد علي صدر الدين بن معصوم المدني، أنوار الربيع في أنواع البديع، ج2.
- الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التغير، ج3.
- عبد الرحمن حبنكة الميداني، البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها، ج1.
- عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، البلاغة العربية أُسسها، وعلومها، وفُنونها، ج2.
- عبد القادر حسين، فنّ البديع، بيروت، دار الشروق، ط1، 1993.
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج18.
- محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، ج10، 1984.
- محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة المصرية العلمية للكتاب، ج9، 1990.
[1] – أستاذ النقد والبلاغة العربيّة المشارك – رئيس مجلس قسم اللغة العربيّة وآدابها – جامعة بيروت العربيّة.
– Associate Professor – Arabic Criticism and Rhetoric – Faculty of Humanities – Beirut Arab University – Head of the Arabic Language and Literature Department. (Lebanon). Email: Bashir.faraj@bau.edu.lb