أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنفس والتّحصيل الدراسي لدى المتعلّمين في مادة الرّياضيّات
The effect of the integration curve in developing self-confidence and academic achievement among learners in mathematics
Omar Imad Hamadعمر عماد حمد)[1](
هدف البحث إلى معرفة أثر المنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنفس والتّحصيل الدراسي لدى المتعلّمين في مادة الرّياضيّات. واستخدم البحث المنهج التّجريبي بما يتناسب مع طبيعة الهدف من البحث. تكونت العينة من (64) متعلمًا من متعلّمي الصف الثاني متوسط في متوسطة فجر الحرية في قضاء هيت – ناحية كبيسة، قُسِّموا إلى مجموعتين: تجريبيّة (32) وضابطة (32). استخدم البحث برنامجًا قائمًا على المُنحنى التّكاملي، واستبانة للثقة بالنفس من إعداد الباحث واختبار تحصيلي بمادة الرياضيات، وتوصلت النتائج إلى وجود فرق دالٍّ إحصائيًا بين متوسطيّ مجموعتيّ البحث في تطبيق استبانة الثّقة بالنفس وأبعادها (توكيد الذّات – القدرة على اتخاذ القرارات – القدرة على تحقيق الأهداف) لصالح المجموعة التي دُرست وفق المنحى التّكاملي. كما أظهرت وجود فرق دالٍّ إحصائيًا بين متوسطيّ مجموعتيّ البحث في الاختبار التّحصيلي البَعدي لمادة الرّياضيّات لصالح المجموعة التي درست وفق المنحى التّكاملي. وأوضحت وجود تأثير كبير وفعّال للمُنحى التّكاملي في تحسين مستوى التّحصيل في مادة الرّياضيّات. بناءً على هذه النتائج، يوصي البحث بضرورة تضمين المنحنى التّكاملي في تدريس الرّياضيّات في المدارس، وتشجيع المتعلمين على استخدامه لتحسين تحصيلهم الدراسي وثقتهم بأنفسهم. كما يوصي البحث بضرورة إجراء دراسات مستقبليّة لتحديد أفضل الأساليب والاستراتيجيات لتدريس المنحنى التّكاملي في المدارس.
الكلمات المفتاحية: المنحنى التّكاملي، الثّقة بالنفس، التّحصيل الدراسي، مادة الرياضيات.
Abstract
The research aimed to find out the impact of the complementary curve in developing self-confidence and academic achievement among learners in mathematics. The research used the experimental method in proportion to the nature of the research objective. The sample consisted of (64) learners from the second intermediate grade in Fajr Al-Hurriya Intermediate School in the district of Heet – Kubaisa district. They were divided into two groups: experimental (32) and control (32). The research used a program based on the integral curve, a self-confidence questionnaire prepared by the researcher, and an achievement test in mathematics. The results concluded that there is a statistically significant difference between the averages of the two research groups in applying the self-confidence questionnaire and its dimensions (self-affirmation – the ability to make decisions – the ability to achieve goals) in favor of the group that studied according to the integrative approach. It also showed that there was a statistically significant difference between the averages of the two research groups in the post achievement test of mathematics in favor of the group that studied according to the integrative approach. She explained that there is a significant and effective effect of the integrative approach in improving the level of achievement in mathematics. Based on these results, the research recommends the need to include the integration curve in teaching mathematics in schools, and encourage learners to use it to improve their academic achievement and self-confidence. The research also recommends the necessity of conducting future studies to determine the best methods and strategies for teaching the integrative curve in schools.
Keywords: integration curve, self-confidence, academic achievement
المقدمة
تُعَدُّ الرّياضيّات أساس المعرفة وجوهر العلوم، إذ تعتمد عليها المعرفة الإنسانية بصرف النّظر عن تنوعها. يجد المتأمل في تطور الحضارات عبر التاريخ أن للرّياضيّات دورًا كبيرًا في تقدمها، ويتجلّى ذلك واضحًا في الصحوة العلميّة والتكنولوجيّة للعصر الحالي. وقد خضع تعلم الرّياضيّات لعدة تحوّلات، سواء كاستجابة للتغيرات الحاصلة في المجتمعات والنّظام التّعليمي، أو كمحاولة للتحسين من المخرجات التّعليميّة. وتشمل هذه التحوّلات دعوةً لتعلّم الرّياضيّات بنجاح، إذ أجرت لجنة الدراسات في مركز التّربية التابع للمجلس القومي للبحوث في الولايات المتحدة الأمريكيّة مراجعة للأبحاث في علم النّفس المعرفي وتعلم الرّياضيّات. وقد حُلِّل في هذه المراجعة الرّياضيّات، وتحديد السُّبل التي تكفل لأيّ شخص أن يتعلمها بنجاح، والوصول إلى الهدف الذي ينبغي أن تسعى الرّياضيّات إلى تحقيقه، وهو مساعدة المتعلم على فهم الحياة التي يعيشها ويتفاعل معها (الضاني، 2017).
وتعدُّ مادة الرّياضيّات أساسية في فهم البنية الرياضيّة والحسابيّة، وتوحيد المهارات مع فهم متمكن للإجراءات، وتجسيد جوانب الخبرة والكفاءة والمعرفة جميعها، وقد أولت الهيئات والمنظمات العالمية في الدول المتقدمة اهتمامًا خاصًّا لتعلم الرّياضيّات، وقد حدد مجلس ولاية كاليفورنيا للتعليم العمليات الرياضية والبراعة الرياضية كمجالين للرياضيات الوظيفيّة، وحدد مكونات البراعة الرياضيّة التي تتمثل في الاستيعاب المفاهيمي للمصطلحات والعمليّات والعلاقات والطلاقة الإجرائيّة، وتتجلى هذه المكونات في تنفيذ الخوارزميات والدّقة في النتائج وصياغة المشكلات وحلها والتّحقق منها وفق خطوات واستراتيجيات محددة، والاستدلال الكيفي الذي يظهر من خلال التفكير المنطقي والتأمل الرياضي والتفسير والتبرير (عبيدة، 2017).
إنّ كلّ ما سبق ذكره يحتاج إلى طرق تعليميّة وأساليب من أجل إكسابها للمتعلم وخلق الدّافعيّة لديه وتحفيزه تجاهها. وقد سعى الباحثون التّربويون إلى الاجتهاد بوضع طرق متعددة تتيح للمعلم استخدامها في العمليّة التّعليميّة على مستوى المواد كافة بشكل عام وعلى مستوى مادة الرّياضيّات، موضوع اهتمامنا بشكل خاص.
يمكن استخدام طريقة المنحنى التّكاملي كطريقة تعليميّة فعّالة في مادة الرّياضيّات، إذ يقوم التّعلم عن طريق هذه التّقنية على أساس إيجابيّة المتعلم ونشاطه الذي لا يقتصر على الجانب الحركي فقط، بل يشمل أيضًا الجانب المعرفي والجانب الوجداني للشّخصية. يتضمن هذا النشاط جوانب شخصية المتعلم جميعها ويؤثر فيها تأثيرًا متكاملًا، ما يؤدي إلى الحصول على الفوائد التّربويّة المرجوة مثل إكساب المتعلمين المفاهيم والمهارات والميول اللازمة لتحقيق الأهداف التربويّة.
تُعَدُّ الأنشطة المتكاملة وحدات تنظيميّة شاملة تُنظَّم حول موضوعات معينة تتمتع بأهمّية ومعنى بالنسبة إلى المتعلّمين، وهي تشكل جزءًا من برنامج تعليمي يركز على الجوانب المختلفة للتعلم ويساعد المتعلمين على تحقيق أهداف تعليميّة محددة. تُنفَّذ هذه الأنشطة باستخدام مواد وأدوات ووسائل متنوعة، وتشارك المتعلمين في التخطيط والتنفيذ تحت إشراف موجه ومُنظَّم. تساعد هذه الأنشطة المتعلمين على تحقيق التكامل بين مجالات التعلم المختلفة، وتسهِّل عملية التعلم بشكل أكثر فعالية ومتعة. (محمود، محمد،2018، 95).
وقد أشارت عبد الغني، والأحمدي (2017، 74) إلى عدة خصائص للأنشطة المتكاملة من أكثرها أهمّيّة:
– يجب تحقيق التّوازن بين المجالات المختلفة عن طريق ربطها ببعضها بشكل لا يتفوق أحد المجالات على الآخر، وتُخصّص نسبة مناسبة من النشاط لكل مجال.
– يجب أن تكون الأنشطة المتكاملة مرنة وغير مقيّدة بمجال معين عند معالجة المفاهيم أو المهارات.
– يجب أن تساعد الأنشطة المتكاملة على نمو جوانب شخصية المتعلم جميعها، بما في ذلك الجوانب الجسميّة والعقليّة والاجتماعيّة والوجدانيّة، وذلك بتحقيق الشّمول الرأسي.
– يجب أن تعتمد الأنشطة المتكاملة على الدّمج بين المجالات العلميّة المختلفة مثل الرّياضيّات واللغة والفنون والموسيقى والحركية، وذلك بتحقيق الشمول الأفقي.
تُعَدُّ الأنشطة المتكاملة الأسلوب الأكثر فاعليّة في تحقيق أهداف التربية التي تهدف إلى مساعدة المتعلم على النّمو الشامل والمتكامل من شخصيته. فهذا يساعد المتعلّم على أن يصبح مواطنًا مفكرًا ومنتجًا ومبتكرًا، بعيدًا من الأنشطة التّقليديّة والمتعارف عليها في التّعليم البنكي. وهذا يعود إلى قدرتها على توفير تجربة تعليميّة متكاملة تشمل الجوانب الشخصية والتعليمية للمتعلّم كلّها، وتشجعه على التفكير الإبداعي والتعلم النشط (عاطف، 2017، 41).
يمكننا القول، إن أسلوب المُنحنى التّكاملي يهتمّ بشكل كبير بالأنشطة التّربوية المتكاملة، إذ تُعَدُّ وحدة أساسيّة ضمن تنظيمه المنهجي، ويعتمد عليها بشكل كبير في تحقيق هدفه الأساسي وهو مساعدة المتعلم في النّمو المتكامل. يعطي النّشاط في الأسلوب التّكاملي اهتمامًا كبيرًا، وهو يعدُّ دافعًا للتعلم الجيد والهادف، ويساعد في توجيه المتعلمين تربويًا، خاصة إذا كانت تلك الأنشطة مرتبطة بقدراتهم الحقيقية. وبذلك يصبح التعلم أكثر فائدة وأثرًا دائمًا، نظرًا لأنّه يتماشى مع رغباتهم وميولهم. ويهتم أسلوب التكامل بالأنشطة التعليميّة بشكل متكامل، إذ يهدف إلى إكساب المتعلمين العديد من الميول المرغوبة، وذلك بتوجيههم بشكل مناسب في اختيار الأنشطة التي تناسبهم.
يشير (Verma, et al., (2016 إلى أن الثّقة بالنفس تُعَدُّ واحدة من السمات الشخصية الأساسية التي تنبع من اعتقاد الفرد في قدراته العقليّة والجسديّة والاجتماعيّة، والتي تمكنه من تحقيق حاجاته وأهدافه والنجاح في المهام التي يقوم بها. كما تنبع الثّقة بالنّفس من الإحساس بقدرة الفرد على تحديد مسار حياته والتّحكم فيه، والتّغلب على المشكلات المختلفة التي يواجهها، ومواجهة الأحداث الضاغطة بكفاءة واقتدار. وبذلك، تُعَدُّ الثّقة بالنّفس سمة شخصية مهمة تساعد الفرد على التواصل بثقة مع الآخرين وتحقيق النجاح في الحياة.
وكلما زادت ثقة الفرد بنفسه زادت قدرته وإصراره على تخطي ما يقابله من عقبات، والثّقة بالنفس بهذا المعنى تعد من الركائز الأساسيّة لتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي (Bhat & Arumugam, 2022, 121).
وتؤكد (Manikandan, (2015, 442 على أنّ الثّقة بالنفس تبدأ في النّمو في سن مبكرة وتساعد الفرد على إشباع حاجاته، كما تمكنه من تحقيق التّكامل النّفسي والاجتماعي، لذلك تعدُّ الثّقة بالنّفس إحدى معايير الشّخصية، ويعد (Mantoor, 2016, 36) الثّقة بالنّفس غاية ينشدها الجميع بصرف النّظر عن أجناسهم، وطبقاتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، لأنّ ما يتمتع به يشعره بالسّعادة والرضاه والهناء ويسعى إلى التّقدم دائمًا فهي تمثل دورًا مهمًّا في حياة الفرد، وعاملًا من عوامل النّمو الاجتماعي، والاستقرار النّفسي، والشّعور بالكفاءة، والقدرة على مواجهة الصعاب.
تتجلى أهمّية الثّقة بالنفس في عدم استغناء أيّ شخص عنها، إذ يصبح الشّخص الذي يفتقر إلى الثقة بنفسه مهزوزًا وعرضة للإصابة بالعديد من الاضطرابات، لأنّه لا يثق في إمكاناته وقدراته ومعلوماته. ويعدُّ التقدير الذّاتي الدافع الأساسي للتعلم والتميز. ببساطة، الثّقة بالنفس تُعَدُّ داعمًا مهمًا للفرد، وهي تعطيه إحساسًا بالارتياح سواء نجح أو فشل. والشّخص الواثق بنفسه وقدراته يحافظ على الأمل في النجاح والتفوق في المستقبل (Davi, 2017, 41).
يتمثل التّحصيل الدراسي التقليدي في قدرة المتعلّمين على استيعاب المفاهيم والمعارف الأساسية وحفظها واسترجاعها في المادة الدّراسية المقررة لهم، ونجاحهم في الامتحانات المدرسيّة المختلفة والدّرجات التي يحصلون عليها في تلك الامتحانات. ومع ذلك، فإنّ هذا المفهوم لا يتحقق بشكل عالٍ بالنسبة إلى عدد من المتعلمين، وما يزال هناك نسبة كبيرة منهم يعانون من ضعف وتدنٍ في مستويات تحصيلهم الدراسي (Patel, 2012, 18).
يتمثل التّحصيل الدراسي الحديث الواسع في الإنجازات والتّغيرات المرغوبة التي يحققها المتعلّمون في معارفهم ومهاراتهم واتجاهاتهم، بناءً على الخبرات التّعليميّة التي يمرون بها. ويشير التّحصيل الدراسي إلى مجموعة المؤشرات التي تدل على تحقيق الأهداف أو المخرجات التّعليميّة المتوقع تحقيقها، ويمثل قدرة المتعلّم على استيعاب المواد الدراسيّة وتطبيق المعارف والمهارات والاتجاهات التي اكتسبها، ويمكن قياس ذلك باستخدام أدوات التقويم المختلفة (Gilar-Corbi et al., 2019, 32). على مستوى تعليم الرّياضيّات، فيرى الباحث أن التّحصيل وسيلة مهمة للتأكد من إنجاز المتعلمين الأهداف التّدريسيّة كافة، فالأهداف التّدريسيّة يرتكز عليها تعليم المادة بشكل رئيس، لذلك لابدّ من الاهتمام بمستوى المنهج والأساليب التّدريسيّة والتقنيات التّعليميّة وكيفيّة تدريب المعلمين عليها ليرتفع المخرجات التّعليميّة في هذه المادة.
نبعت مشكلة البحث من خلال الاطلاع على الدراسات التي بحثت في واقع تعليم الرّياضيّات بالبيئة العربيّة، والتي بينت نتائجها وجود مستوى متدنٍ ملحوظ في مخرجات التعليم، وقد أظهرت نتائج الاختبارات أن 40% من مستوى التّحصيل تحت الحد الأدنى في العلوم والرّياضيّات (الغامدي، 2017).
وقد أكدت العديد من الدراسات والبحوث أيضًا على أهمّية تنمية مستوى التّحصيل والفهم بمادة الرّياضيّات لدى المتعلمين من خلال اتباع وتطبيق طرق تدريسيّة حديثة تحقق تعلم الرّياضيّات بنجاح؛ كدراسة الضاني (2017) وعبيدة (2017).
على الرغم من أهمّية مادة الرّياضيّات في العملية التّعليميّة، ما زال هناك تدنٍ في مستويات المتعلّمين في مكوّناته، يظهر ذلك في انخفاض مستوى التّحصيل العلمي للمتعلّمين، والاتجاه السلبي نحو تعلمها وقد أشارت نتائج دراسة Schoenfeld (2007) إلى تدني مستويات التلاميذ في هذه المادة، وأوصت بأهمّية تطوير برامج تعليم فيها في ضوء مكونات البراعة الرّياضيّة.
وتتأزم المشكلة في أن منهج الرّياضيّات مهما كان غنيًا ومتكاملًا، لا يمكن أن يُفيد إلّا إذا تضمن طرقًا تدريسيّة حديثة، تُحقق أسمى أهدافه من خلال الربط بين المفاهيم الرّياضيّة والعلوم الأخرى والتّطبيق العملي لها، في ضوء تنمية مهارات القرن الواحد والعشرين للمتعلّمين. يُعدّ المنحنى التّكاملي واحدًا من أفضل الطرق الحديثة والتوجهات العالمية في التعليم، وهو يتميز بتقديم المفاهيم والمعارف بصورة متكاملة بين التخصصات الأربعة: العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرّياضيّات، بطريقة تطبيقيّة وعمليّة، وهذا يساعد في تطوير المعرفة وتعزيز الاقتصاد، إذ أشار المجلس الوطني للبحث NCR إلى أنّ أهمّية المُنحنى التّكاملي تكمن في تعزيز القوة الاقتصاديّة وتوفير العمالة المهنيّة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات(NCR, 2012).
كما حظي المُنحنى التّكاملي باهتمام المنظمات الدّوليّة التي تسعى إلى تطوير مواردها البشريّة في المجالات التّخصصيّة التي تدعم الابتكار والتنافسيّة، لأنّه مدخل تدريس عالمي قائم على تكامل المواد الدراسيّة العلوم Science والتكنولوجيا Technology والهندسة Engineering والرّياضيّات Mathematics وذلك من خلال توفير بيئة تعلم تُركّز على تعليم المتعلمين بالاستكشاف والاختراع، واستخدام حلّ مشكلات الحياة اليوميّة والمواقف الحياتيّة (القاضي والربيعة،2017، 13).
يستند المنحنى التّكاملي على تعليم مرتكز على المشاريع، إذ يمنح المتعلمين الفرصة للمشاركة في وضع المشكلة وحلها واتخاذ القرارات اللازمة، ويساعد هذا الأسلوب التعليمي على الانتقال من التعليم التقليدي المرتكز على الحفظ والتكرار والذي يفتقر المتعلّمون فيه إلى المهارات التفكيرية المختلفة، إلى التعليم الذي يعتمد على النظرية البنائيّة. ويؤكد هذا النوع من التعليم على ضرورة فهم المتعلّمين للرّياضيّات التي يدرسونها، وبناء معرفتهم بأنفسهم من خلال الاكتشاف. فيصبح المتعلم محور العملية التعليميّة وأساسها (Barak,2014).
يُعَدُّ التّحصيل الدراسي من الجوانب المهمّة في النشاط العقلي الذي يقوم به المتعلّم، ويعكس مستوى التفوق الدراسي الذي يحققه، ويمكن لمعظم المتعلّمين أن ينظروا بصورة موضوعيّة إلى أنفسهم، إذا استُخدِمت درجات التّحصيل لأغراض شخصيّة، ومن الملاحظ أنّ المتعلّمين الذين يحصلون على درجات تحصيليّة غير مناسبة يحاولون غالبًا بذل مجهود أكبر، ومع ذلك، فإنّ الحاجة إلى إرسال تقرير المتعلّم إلى منزله ليس له معنى، ويجب أن تكون المدرسة مكانًا يشعر فيه المتعلّم بالرّاحة والثّقة، إذ يمكنه الخطأ من دون خوف من التّعرض للعقاب الجسدي أو النّفسي.
ويرى (Marsh & Yeung, 2017) أنّ هناك علاقة إيجابيّة بين التّحصيل الدراسي والثّقة بالنّفس، فالمتعلّمون الذين يتمتعون بمستويات عالية من الثقة بالنّفس يميلون إلى الأداء الأكاديمي بشكل أفضل من أولئك الذين لديهم مستويات منخفضة من الثقة بالنّفس، ومن المرجح أن يتعامل المتعلّم الذي يؤمن بقدراته مع المهام الأكاديمية بموقف إيجابي واستعداد لتحمل المخاطر، ما قد يؤدي إلى أداء أفضل، ومن ناحية أخرى، قد يعاني المتعلّمون الذين يعانون من تدني الثّقة بالّنفس من أداء المهام الأكاديميّة، إذ قد يشكّون في قدراتهم ويترددون في تجربة أشياء جديدة، يمكن أن يؤدي هذا إلى نقص الحافز وانخفاض احتماليّة تحقيق النجاح الأكاديمي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم التّحصيل الدراسي أيضًا في زيادة الثّقة بالنّفس، عندما يحقق المتعلّمون النجاح في مساعيهم الأكاديميّة، فقد يشعرون بمزيد من الثّقة في قدراتهم ويكونون أكثر عرضة لمواجهة التحديات المستقبلية بموقف إيجابي (Wigfield & Eccles, 2015).
من المهم ملاحظة أن العلاقة بين التّحصيل الأكاديمي والثّقة بالنّفس ليست دائمًا مباشرة، إذ توجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر في كلا المتغيرين، ومع ذلك وبشكل عام هناك علاقة إيجابيّة بين التحصيل الدراسي والثقة بالنفس.
ثانيًا: أسئلة البحث
من خلال عرض إشكالية البحث يضع الباحث أسئلته كالآتي:
تتمثل مشكلة البحث في السؤال الرئيس وهو:
ما أثر المّنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنّفس والتّحصيل الدّراسي في مادة الرّياضيّات؟
وينبثق من السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية الآتية:
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطيّ درجات متعلّمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في مستوى الثّقة بالنفس؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطيّ درجات متعلّمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في الاختبار التّحصيلي في مادة الرّياضيّات؟
انطلاقًا من الإشكاليّة يتبنى البحث الحالي الفرضية العامة الآتية:
تدريس وحدة قائمة على المنحنى التّكاملي لها أثر إيجابي في تنمية الثّقة بالنفس والتّحصيل الدراسي لمادة الرّياضيّات. ينبثق من الفرضية الأساسية الفرضيات الفرعية الآتية:
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطي درجات متعلمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في مقياس الثّقة بالنّفس البعدي تُعزى لاستخدام المنحنى التّكاملي في تدريس الريّاضيّات.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطي درجات متعلمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في الاختبار التّحصيلي البَعدي لمادة الرّياضيات تعزى لاستخدام المنحنى التّكاملي في تدريس الريّاضيّات.
رابعًا: أهداف البحث
يسعى البحث إلى تحقيق الهدف الرئيس وهو:
معرفة أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنفس والتّحصيل الدراسي لدى المتعلمين في مادة الرّياضيّات. ويتفرع من الهدف الرئيس الأهداف الفرعية الآتية:
- بناء برنامج تعليمي مقترح في مادة الرّياضيّات لتنمية مهارات الثّقة بالنّفس والتّحصيل الدراسي لدى المتعلمين.
- معرفة دور المُنحنى التّكاملي في تطوير استراتيجيات التعلم الفعالة في مادة الرّياضيّات.
- معرفة أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنفس لدى المتعلّمين في مادة الرّياضيّات.
- معرفة أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية التّحصيل الدراسي لدى المتعلّمين في مادة الرّياضيّات.
خامسًا: ضرورة البحث
- الأهمّية النظرية: يسعى هذه البحث إلى تبيان:
– الارتقاء بطرق التدريس، وخاصة مادة الرّياضيّات التي تجعل المتعلّم هو محور العمليّة التّعليميّة وتركز على بناء مهاراته، وصقل شخصيته، وزرع الثّقة فيه، وبناء روح الإبداع لديه.
– استجابة للتوجهات العالميّة المعاصرة والتي تنادي بضرورة الأخذ بالمُنحنى التّكاملي في التعليم.
تناول المُنحنى التّكاملي في عرض مناهج الرّياضيّات، بوصفها هدفًا أساسيًا لتحقيق النجاح في تعلم الرّياضيّات والتي تسعى إليه مناهج الرّياضيّات في كل مكان.
- الأهمّية التّطبيقيّة: يمكن لهذا البحث أن يُفيد كلاً من:
- معلمي الرّياضيّات من خلال توفير نماذج لمشروعات تعلم وفق المُنحنى التّكاملي تسهم في تنمية التّحصيل الدراسي لدى المتعلّمين.
- المتعلّمين من خلال زيادة التّحصيل الدراسي، وتنمية الاتجاه نحو الرّياضيّات والتطبيق العملي للمفاهيم الرياضية وبيان أهميتها في التطور والتقدم التكنولوجي المعاصر.
– المُنحنى التّكاملي Integrative Curve: يُعرّف التكامل لغويًا أنّه صفة يمكن أن يتصف بها شيء ما يتكامل، أي يتضمن العناصر المختلفة جميعها بشكل متكامل ومتوازن، ويستخدم هذا المصطلح في عدة مجالات، مثل التعليم والعلوم والهندسة والإحصاء، لوصف الأنشطة والمفاهيم التي تشمل عدة عناصر تتكامل فيما بينها بشكل متوازن ومتكامل (Almaany, 2023).
ويُعرّف اصطلاحًا أنّه مجموعة من المواقف والأنشطة التربوية التي تُخطّطُ لتشمل المجالات المعرفية والوجدانية والمهارية كلها وفي ترابط يلغي الحواجز بينها، وتقدم للمتعلّم في إطار مجموعة من الأنشطة والمواقف المتكاملة المتنوعة كمًا وكيفًا (أمين، 2015، 113).
ويُعرّف إجرائيًا أنّه مجموعة من الأنشطة وتهدف إلى تطوير جوانب شاملة لدى المتعلم، بما في ذلك المعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات والسلوكيات، وتعتمد هذه الأنشطة على استخدام أساليب تعليميّة متنوعة ومبتكرة، مثل التعلم النشط والتّعلم بالاستكشاف والتّعلم التعاوني والتعلم الذاتي، لتحقيق تفاعل وتكامل بين المجالات المختلفة وتحقيق تجربة تعليميّة شاملة ومتكاملة للمتعلم.
– الثّقة بالنفس Self-confidence: تُعرّف لغويًا أنّها مصدر يتوافر للمفرد والمذكر والمؤنث والجمع ويستخدم في الجملة “أثق به ثقة عمياء” فهي الثّقة. والثّقة بالنّفس دليل على درجة الاعتماد والثّقة الكاملة التي يتمتع بها الشخص (Almaany, 2023).
وتُعرّف اصطلاحًا أنها سمة شخصيّة يشعر معها الفرد بالكفاءة والقدرة على مواجهة الظروف المختلفة مستخدما أقصى إمكاناته وقدراته لتحقيق أهدافه، وهي مزيج إيجابي من الفكر والشّعور والسلوك الذي يعمل على تشجيع النّمو النّفسي السويّ والوصول بالفرد إلى المستوى المطلوب من الصحة النّفسيّة والتّكيف النّفسي والاجتماعي (Verma, et al, 2019,441).
وتُعرّف إجرائيًا أنها الإيمان الإيجابي بالقدرات والمهارات الشخصية، والقدرة على التعامل مع المواقف والتحديات بثقة واعتماد على الذات.
– التّحصيل الدراسي Academic achievement: يُعرّف التّحصيل لغة أنّه التّحصيل: كلمة أصلها الاسم (تَحْصِيلٌ) في صورة مفرد مذكر وجذرها (حصل) وجذعها (تحصيل) (Almaany, 2023).
ويُعرّف اصطلاحًا أنه القدرة على اكتساب كمٍ من المعلومات والمهارات التي يمكن للمتعلّم استيعابها، ويتوقف ذلك على قدرة كل متعلّم، ويقاس التّحصيل الدراسي عن طريق مؤشر الأداء الدراسي أو الأكاديمي (Pérez-Fuentes et al., 2020, 1).
ويعرفه البحث إجرائيًا أنّه المدى الذي يحقق عنده المتعلمون أهدافهم التّعليميّة، ويُحسب التّحصيل الدراسي عادة عن طريق الاختبارات أو التقييم المستمر، ولكن لم يتفق الجميع على أن أفضل طريقة لقياس التحصيل هي الاختبار.
استخدم البحث المنهج التّجريبي بما يتناسب مع الطبيعة أهداف البحث، ويُعرّف المنهج التّجريبي على أنّه “المنهج الذي يدرس ظاهرة حاليّة مع إدخال تغيرات في أحد العوامل أو أكثر ورصد نتائج هذا التغير” (البهنساوي، 2018، 83). ويتميز المنهج التّجريبي أنّه يعتمد على إجراء تجارب واختبارات للتحقق من الفرضيات العلميّة والنّظريات المقدمة، ويُساعد استخدام هذا المنهج في الكشف عن أثر المُنحنى التّكاملي (المتغير المستقل) في تنمية الثّقة بالنّفس (المتغير التابع الأول)، وفي التّحصيل الدراسي في مادة الرّياضيّات (المتغير التابع الثاني)، ومن الأدوات المهمّة التي يستخدمها الباحث لتحقيق ذلك: برنامج تعليمي اختيِر مجموعتين(ضابطة-تجريبيّة): المجموعة الضّابطة تدرس البرنامج وفق الطريقة المعتادة بينما المجموعة التّجريبيّة تدرس البرنامج وفق المُنحنى التّكاملي، استبانة الثّقة بالنّفس والاختبار التّحصيلي في مادة الرّياضيّات، والجدول الاتي يوضح ألية تصميم البحث التّجريبيّة
الجدول (1) آلية تصميم البحث
المجموعة | القياس القبلي للأدوات | طريقة التدريس | القياس البعدي للأدوات |
الضّابطة | استبانة الثّقة بالنفس.
اختبار تحصيلي. |
الطريقة المعتادة | استبانة الثّقة بالنفس.
اختبار تّحصيلي. |
التّجريبيّة | برنامج تعليمي قائم على المُنحى التّكاملي |
ثامنًا: عينة البحث
تكونت من متعلّمي الصف الثاني المتوسط بمتوسطة فجر الحرّية للبنين وعددهم (67)، موزعين على شعبتين ( أ – ب)، واستُبعِد ثلاثة متعلّمين من نتائج البحث لكثرة غيابهم، ما أثّر على مواكبتهم ومتابعتهم لحصص البرنامج التّدريسي المقترح بشكل مستمر وعلى استعدادهم للإجابة على أداوت قياس البحث، وعليه أصبحت العينة مكونة من (64) متعلمًا بنسبة (18%) من أفراد المجتمع، والجدول الأتي يوضح تقسيم العينة إلى مجموعتيّ البحث مع تحديد الخصائص العمرية لأفرداها.
الجدول (2): توزيع العينة على مجموعتيّ البحث مع تحديد خصائصها العمريّة
الشعبة/ المجموعة | العدد | 2007م/15 سنة | 2008م/14 سنة | 2009م/13 سنة |
أ / الضّابطة | 32 | 6 | 17 | 9 |
ب / التّجريبيّة | 32 | 7 | 17 | 8 |
المجموع | 64 | 13 | 34 | 17 |
من خلال الجدول أعلاه يتبين أن متوسط أعمار العينة يساوي (13.93) أيّ ما يقارب (14) سنة.
- تكافؤ العينة: لسلامة النتائج ولتجنب العوامل الداخليّة التي من الضروري ضبطها، والحدّ من تأثيرها بهدف الوصول إلى نتائج قابلة للتعميم، طبقت الأدوات المعدة للدراسة قبليًا على المجموعتين واستًخدِم الاختبار الإحصائي (T-TEST) والنتائج موضحة في الجدول الآتي متبوعًا بشكل توضيحي:
الجدول (3): نتائج (T-TEST) لدراسة تكافؤ مجموعتيّ البحث
الأداة | الضّابطة | التّجريبيّة | قيمة(T) | الدّلالة | ||
(م) | (ع) | (م) | (ع) | |||
مقياس الثّقة بالنفس | 45.38 | 6.354 | 44.50 | 6.385 | -0.72 | 0.585 الفروق غير دالة |
الاختبار التّحصيلي | 16.25 | 5.680 | 17.03 | 5.367 | -0.566 | 0.574 الفروق غير دالة |
يتضح من الجدول السابق عدم وجود فروق دالة بين المجموعتين من الجانب الإحصائي قي مقياس الثّقة بالنفس والاختبار التّحصيلي إذ جاءت مستويات الدّلالة أكبر من 0.05، وعليه فإنّ مجموعتيّ هذه البحث متكافئة.
الشكل (1): متوسطات مجموعتيّ البحث في التطبيق القبلي للأدوات
تاسعًا: أدوات البحث: لتحقيق أهداف البحث، صُمِّمت الأدوات الآتية:
الأداة الأولى: برنامج قائم على المُنحنى التّكاملي في تدريس وحدة الحدوديات لمنهج الرّياضيّات الصف الثاني المتوسط.
1– تحديد دروس وحدة الحدوديات
الجدول (4): الدروس المشمولة في وحدة الحدوديات ووزنها النسبي
الدرس | اسم الدرس | عدد الحصص | الوزن النسبي للدرس% |
الأول | جمعُ المقاديرِ الجبريِّةِ وطرحُها | 3 | 20 |
الثاني | ضربُ حدٍّ جبريًّ في مقدارٍ جبريِّ | 3 | 20 |
الثالث | ضربُ المقاديرِ الجبريِّةِ | 3 | 20 |
الرابع | قسمةُ مقدارٍ جبريِّ على حدٍّ جبريًّ | 3 | 20 |
الخامس | تحليلُ المقاديرِ الجبريِّةِ | 3 | 20 |
المجموع | 15 | 100 |
- تصميم الدروس
تصميم الدروس الخمسة الواردة في الجدول رقم (4): إعادة تنظيم المحتوى ليتناسب تدريسها وفق المُنحنى التّكاملي، مع الحرص على بقاء المحتوى الوارد في كتاب المتعلّم.
الأداة الثانية: اختبار تحصيلي في الرّياضيّات
– هدف الاختبار
الهدف من الاختبار: قياس تحصيل المتعلّمين في الوحدة المقترحة “الحدوديات”، قبليًا للتأكد من تكافؤ المتعلمين من ناحية التّحصيل، وبعديًا لدراسة أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية التّحصيل لدى المتعلّمين.
– تحليل المحتوى المعرفي لوحدة: “الحدوديات” وبناء جدول مواصفات الاختبار
قام الباحث بتحليل المحتوى المعرفي للوحدة المقترحة، الملحق رقم (3)، وبتحديد أولي لعدد فقرات الاختبار (20) فقرة، والجدول الآتي يبين توزيع الفقرات على دروس الوحدة:
الجدول (5): مواصفات اختبار الرّياضيّات
الدرس | الأوزان النسبية للدروس (100%) | مستويات الأهداف | المجموع | ||
التّطبيق | التّحليل | التّركيب | |||
الأول | 20 | 2 | 1 | 1 | 4 |
الثاني | 20 | 2 | 1 | 1 | 4 |
الثالث | 20 | 2 | 1 | 1 | 4 |
الرابع | 20 | 2 | 1 | 1 | 4 |
الخامس | 20 | 2 | 1 | 1 | 4 |
مجموع الفقرات | 10 | 5 | 5 | 20 | |
الأوزان النسبية للأهداف (100%) | 43.75% | 37.5% | 18.75% | – |
الأداة الثالثة: استبانة الثّقة بالنفس
– وصف الاستبانة: من خلال الاعتماد على الدّراسات السّابقة مثل دراسة (محمد، 2019) (القيسي، 2022)، تكونت الاستبانة من 30 عبارة تقيس من خلالهم درجة ومستوى الثّقة بالنّفس لدى المتعلّم، من خلال ثلاثة محاور هم:
– المحور الأول: توكيد الذّات (العبارات من 1 إلى 10).
– المحور الثاني: القدرة على اتخاذ القرار (العبارات من 11 إلى 20).
– المحور الثالث: القدرة على تحقيق الأهداف (العبارات من 21 إلى 30).
لمعرفة أثر المُنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنفس لدى المتعلمين وفي تنمية التّحصيل الدراسي لدى المتعلمين في مادة الرّياضيّات، لجأنا إلى اختبار (T) لمجموعتين مستقلتين وحساب دلالة الفروق بينهما، وحساب مقدار الأثر الذي أحدثه المنحنى التّكاملي في تنمية الثّقة بالنّفس والتّحصيل وذلك من خلال إيجاد حجم الأثر، وسنَعرض هذه النتائج:
نتائج الفرضية الأولى: “توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطي درجات متعلّمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في مقياس الثّقة بالنفس البعدي تعزى لاستخدام المُنحنى التّكاملي في تدريس الرّياضيّات”.
الجدول (6): نتائج دلالة الفروق بين متوسطات درجات المتعلّمين في القياس البعديّ للثّقة بالنفس
الأبعاد | الضّابطة | التّجريبيّة | قيمة(T) | الدّلالة | حجم الأثر | ||
(م) | (ع) | (م) | (ع) | ||||
توكيد الذات | 16.25 | 1.368 | 26.41 | 1.266 | -30.821 | 0.000 | 0.939 |
القدرة على اتخاذ القرارات | 15.91 | 1.279 | 25.22 | 1.289 | -29.015 | 0.000 | 0.931 |
القدرة على تحقيق الأهداف | 16.25 | 1.704 | 24.94 | 1.435 | -22.058 | 0.000 | 0.887 |
مقياس الثّقة بالنفس | 48.41 | 3.416 | 76.56 | 3.037 | -34.848 | 0.000 | 0.951 |
يظهر الجدول السابق فروق في متوسط المجموعتين في القياس البعديّ لأبعاد الثّقة بالنفس ودرجته الكلية وهي دالّة إحصائيًا لصالح المجموعة التي درست وفق المنحنى التّكاملي، كما يشير حجم الأثر الذي تراوح بين (0.887) إلى (0.951) إلى وجود تأثير كبير للمنحنى التّكاملي في المتغير الثّقة بالنّفس بالنسبة إلى درجة أبعاده الفرعيّة ودرجته الكليّة، وهذا يعني أنّ نسبة (95.1%) من التباين في التطبيق البعدي لمقياس الثّقة بالنفس يُرجع إلى إدراج المُنحنى التّكاملي في عملية التدريس وهي نسبة كبيرة جدًا، ما يدل على فاعلية استخدام المنحنى التّكاملي في تنمية مستوى الثّقة بالنفس عند المتعلّمين. بالنسبة إلى درجة الكليّة للأداة: بلغت قيمة(T) (-34.848) عند مستوى دلالة أقلّ من 0.001 ما يدل على أن هذه الفروق ذات دلالة من النّاحيّة الإحصائيّة، إذ جاء متوسط متعلّمي الضّابطة (48.41) من (90) وعند التّجريبيّة جاء (76.56) من (90) والفارق بين المتوسطين (28.15) لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المُنحنى التّكاملي. بالنسبة إلى الثقة بالنّفس في بعد توكيد الذات: بلغت قيمة(T) (-30.821) عند مستوى دلالة أقلّ من 0.001 ما يدل على هذه الفروق ذات دلالة من الناحية الإحصائيّة، إذ جاء متوسط متعلّمي الضّابطة (16.25) من (30) وعند التّجريبيّة جاء (26.41) من (30) والفارق بين المتوسطين (10.16) لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التّكاملي. بالنسبة إلى الثقة بالنّفس في بعد القدرة على اتخاذ القرارات: بلغت قيمة(T) (-29.015) عند مستوى دلالة أقلّ من 0.001 ما يشير إلى أن هذه الفروق ذات دلالة من النّاحية الإحصائيّة، إذ جاء متوسط متعلّمي الضّابطة (15.91) من (30) وعند التّجريبيّة جاء (25.22) من (30) والفارق بين المتوسطين (9.31) لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المُنحنى التّكاملي. بالنسبة إلى الثقة بالنّفس في بعد القدرة على تحقيق الأهداف: بلغت قيمة(T) (-22.058) عند مستوى دلالة أقلّ من 0.001 ما يشير إلى أنّ هذه الفروق ذات دلالة من النّاحية الإحصائيّة، إذ جاء متوسط متعلّمي الضّابطة (16.25) من (30) وعند التّجريبيّة جاء (24.94) من (30) والفارق بين المتوسطين (8.69) لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المُنحنى التّكاملي. وهذا يشير إلى حصول نمو واضح وأيضًا دالّ في أبعاد مقياس الثّقة بالنفس كل بعد على حدة وككل يرجع هذا النمو إلى إدراج المنحنى التّكاملي في المحتوى التدريسي، وبناءً على هذا تقبل الفرضية الأولى.
والشكل الآتي يُمثل درجات المجموعتين في القياس البعديّ للثّقة النفس:
الشكل (2): درجات المجموعتين في القياس البعديّ للثّقة النفس
يُلاحظ من خلال الشكل (3) أن أدنى درجة حصلت عليها متعلّمي المجموعة الضَابطة في القياس البعديّ للثّقة بالنفس هي (44) من (90)، بينما عند المجموعة التّجريبيّة (70) من (90)، بفارق كبير لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التَكاملي، بينما أعلى درجة حصلت عليها متعلّمي المجموعة الضَابطة في القياس البعديّ للثقة بالنفس هي (59) من (90)، بينما عند المجموعة التّجريبيّة (82) من (90)، بفارق كبير لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التَكاملي، وهذا يؤكد أهمّية إدراج المُنحنى التّكاملي في المحتوى التدريس للمادة في تنمية وتعزيز الثّقة بالنفس لدى المتعلّمين.
نتائج الفرضية الثانية: “توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطي درجات متعلّمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في الاختبار التّحصيلي البعدي لمادة الرّياضيّات تعزى لاستخدام المُنحنى التّكاملي في تدريس الرّياضيّات”.
الجدول (7): نتائج دلالة الفروق بين متوسطات درجات المتعلّمين في الاختبار التّحصيلي البعديّ لمادة الرّياضيّات
الأداة | المجموعة | (م) | (ع) | قيمة(T) | الدّلالة | حجم الأثر |
الاختبار | الضّابطة | 59.06 | 11.103 | -10.701 | 0.000 | 0.649 |
التّجريبيّة | 85.31 | 8.322 |
يتبين من الجدول (15) ارتفاع متوسط متعلّمي التّجريبيّة (85.31) من (100) عن متوسط متعلّمي الضّابطة (59.06) من (100) في تطبيق الاختبار التّحصيلي البعدي بفارق (26.25) من (100)، إذ بلغت قيمة(T) (-10.701) وهي دالّة إحصائيًا إذ جاءت قيمة الدّلالة أقلّ من 0.001 وهذا يشير إلى أنّ هذه الفروق ليست ظاهريًا فحسب بل ذات دلالة من الناحيّة الإحصائيّة وجاءت لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التّكاملي، وكما يبين الجدول حجم الأثر الكبير الذي أحدثه المنحنى التّكاملي في تنمية التّحصيل الدّراسي في مادة الرّياضيّات والذي يساوي (0.649) أيّ أنّ نسبة (64.9%) من التّفاوت الحادث في المتغير التّحصيل الدراسي يعود إلى إدراج المنحنى التّكاملي في عمليّة التدريس. وهذا يشير إلى حصول نمو واضح وأيضًا دالّ في مستوى تحصيل الرّياضيّات وذلك نتيجة لاستخدام المنحنى التّكاملي، وبناءً على هذا تقبل الفرضية الثانية، والشكل الآتي يُمثل درجات المجموعتين في الدرجة الكلية لاختبار التّحصيلي البعديّ:
الشكل (3): درجات المجموعتين في الاختبار التّحصيلي البعديّ
يُلاحظ من خلال الشكل أن أدنى درجة حصل عليها متعلّمو المجموعة الضَابطة في الاختبار هي (30) من (100)، بينما عند المجموعة التّجريبيّة (70) من (100)، بفارق كبير لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التَكاملي، بينما أعلى درجة حصلت عليها متعلّمي المجموعة الضَابطة في مقياس الثّقة بالنّفس هي (80) من (100)، بينما عند المجموعة التّجريبيّة (85) من (90)، بفارق كبير لصالح المتعلمين الذين درسوا وفق المنحنى التَكاملي. وبلغ عدد المتعلّمين الذين نالوا ما دون المعدل في الاختبار التّحصيلي لدى متعلّمي المجموعة الضّابطة (6)، بينما لم يشهد أي درجة ما دون المعدل لدى المجموعة التي درست وفق المُنحنى التّكاملي، وهذا يؤكد أهمّية إدراج المُنحنى التّكاملي في المحتوى التدريس للمادة في تنمية وتعزيز الثّقة بالنفس لدى المتعلّمين.
- توجيه الاهتمام في مجال القياس النّفسي والتّربوي نحو إعداد اختبارات مقننة لقياس الثّقة بالنّفس، تتوافق مع متطلبات الحياة الأكاديميّة في المدارس العراقيّة.
- يجب أن تكون تنمية الثّقة بالنفس سمة أساسيّة في تكوين شخصية الفرد، ويجب أن يسعى النّظام التّعليمي إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق وضع برنامج تعليمي، يتضمن قياس مستويات الثّقة بالنفس لدى المتعلّمين الذين يحتاجون إلى تطوير ثقتهم، وتطبيق برنامج تنمية الثّقة بالنفس عليهم.
- استخدام المنهج القائم على المُنحى التّكاملي لتعليم المواد التّعليميّة المختلفة للمتعلّمين في المرحلة الأساسية.
ثاني عشر: مقترحات البحث
- إجراء دراسة تحليليّة للمهارات الرياضيّة المضمنة في موضوعات الرّياضيّات في المرحلة المتوسطة في العراق، وذلك لتقييم فعاليّة المنهج القائم على المُنحنى التّكاملي التدريس.
- إجراء دراسات مماثلة لتقييم فعاليّة المنهج القائم على المُنحنى التّكاملي التدريس في باقي التّخصصات.
- تصميم برنامج مقترح لرفع مستوى أداء معلمي الرّياضيّات في المهارات الرياضيّة اللازمة لتدريس الموضوعات العلميّة بالمرحلة الإعدادية في العراق وتقييم فعاليته.
- تصميم برنامج مقترح لرفع مستوى أداء متعلّمي الثانوية العامة في حل المسائل العلميّة باستخدام التنسيق بين مادتي الرّياضيّات والعلوم، وتقييم فعاليته.
المراجع العربية
- هديه، كارمن محمد (2020). برنامج قائم على الأنشطة المتكاملة لخفض بعض اضطرابات النطق وأثره على التوافق النفسي والاجتماعي للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الدراسات العليا. جامعة القاهرة.
- البهنساوي، آلاء مصطفى صالح (2018). أثر استخدام النشاط التّكاملي في تنمية مهارات التفكير العلمي بمبحث العلوم والحياة لدى طلبة الصف الرابع الأساسي بغزة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية بغزة.
- الضاني، محمود رائد (2017). أثر استخدام استراتيجية التعلم بالدماغ ذي الجانبين على تنمية البراعة الرياضية لدى طلاب الصف السادس الأساسي بغزة، رسالة ماجستير غير منشورة الجامعة الإسلامية بغزة.
- عاطف، السيد ناصر (2017). برامج الأنشطة التربوية المتكاملة للطفل. عمان: دار العويدات للنشر.
- عبدالغني، سلوى عبدالسلام؛ الأحمدي، سارة السيد (2017). فاعلية برنامج مقترح باستخدام الأنشطة المتكاملة في تنمية بعض مهارات التفكير الإيجابي لدى أطفال ما قبل المدرسة. مجلة الطفولة والتربية بكلية رياض الأطفال جامعة المنيا، 11، 66-121.
- عبيدة، ناصر السيد عبدالحميد (2017). فاعلية نموذج تدريس قائم على أنشطة PISA في تنمية مكونات البارعة الرياضية والثّقة الرياضية لدى طلبة الصف الأول ثانوي، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس –مصر، 216، 16-70.
- أمين، عبير صديق (2015). فاعلية برنامج أنشطة متكاملة في تنمية الوعي المروري لدى طفل الروضة. مجلة الطفولة والتربية بكلية رياض الأطفال جامعة الإسكندرية، 24(7)، 111-192.
- القاضي، عدنان محمد؛ الربيعة، سهام إبراهيم (2018). STEM&STEAM إطار تعليمي تكاملي لرعاية الطلبة الموهوبين والمتفوقين عبر دمج العلوم، والتكنولوجيا، الهندسة، الفنون، والرّياضيّات معًا. الرياض: دار الحكمة.
9- محمود، هناء حسين؛ محمد، عبير غالب (2018). فاعلية برنامج قائم على الأنشطة المتكاملة في اكتساب المهارات الصحية والبيئية لدى طفل الروضة في الكرك، المجلة العربية للتربية العلمية والتقنية، بجامعة العلوم والتكنولوجيا، 7، 92-120.
المراجع الأجنبية
-10Barak, K, (2014). Effects of integrative approaches among science, technology, engineering, and mathematics (STEM) subjects on student learning: A preliminary meta-analysis. Journal of STEM Education, 12(5),25-26.
-11Bhat,A. & Arumugam, G. (2022). Construction, Validation, and Standardization of General Self-confidence Scale, Vidya bharati International Interdisciplinary Research Journal (Special Issue), Vidyabharati International Interdisciplinary Research Journal (Special Issue, 32, 120-143.
-12Davi, S. (2017). Adjustment self-confidence and academic anxiety of senior secondary school students in relation to their life skills, Ph.D. thesis, Kurukshetra University Haryana, India.
-13Gilar- Corbi, R., Miñano, P., Veas, A., and Castejón, J. L. (2019). Testing for invariance in a structural model of academic achievement across underachieving and non-underachieving students. Contemp. Educ. Psychol. 59:101780. doi: 10.1016/j.cedpsych.2019.101780
-14Manikandan, K. (2015). Construction and Standardization of Self-confidence Scale in Malayalam. Guru Journal of Behavioral and Social Sciences, 3(3), 441-449.
-15Mantoor, V. (2016). Self Confidence and Mental Health Among College Students, Ph.D. thesis, Gulbarga University Karnataka, India
-16Marsh, H. W., & Yeung, A. S. (2017). Causal effects of academic self-concept on academic achievement: Structural equation models of longitudinal data. Journal of Educational Psychology, 89(1), 41–54. https://doi.org/10.1037/0022-0663.89.1.41
-17NCR- National Research Council (2012). Successful K-12 STEM education: Identifying effective approaches in science, technology, engineering, and mathematics. Committee on Highly Successful Science Programs for K-12 Social Education and Board on Testing and Assessment, Division of Behavioral and Social Science and Education Washington, DC: The National Academies Press.
-18Patel, B. C. (2012). A Study of academic achievement of students in mathematics of Std-IX in relation to some psycho-social factors (Unpublished doctoral dissertation). Ganpat University, Ganpat Vidyanagar (Kherva).
-19Pérez-Fuentes, M. C., Núñez, A., Molero, M., Gázquez, J. J., Rosário, P., and Núñez, J. C. (2020). The Role of Anxiety in the Relationship between Self-efficacy and Math Achievement. Psicología Educativa doi: 10.5093/psed2020a7 [Epub ahead of print].
-20Schoenfeld, A.(2007). What Is Mathematical Proficiency and How Can It Be Assessed? In Schoenfeld Alan, et.al (editors). Assessing Mathematical Proficiency. Mathematical Sciences Research Institute, 53,59-73.
-21Verma, R. K., & Kumari, S. (2016). Effect of Self-Confidence on Academic Achievement of Children at Elementary Stage. Indian Journal of Research, 5 (1), 181-183.
-22Wigfield, A., & Eccles, J. S. (2015). Expectancy-value theory of achievement motivation. Contemporary Educational Psychology, 25(1), 68–81. https://doi.org/10.1006/ceps..1015
[1] – طالب ماجستير في جامعة الجنان- كلية التربية – قسم المناهج وطرائق التدريس oabufadi@gmail.com
Faculty of Education- Department of Curriculum and Teaching Method