العوامل الطبيعيّة وأثرها على النشاط الزراعي في قضاء قلعة صالح
Natural factors and their impact on agricultural activity in Qalaat Saleh District
محمد موينع النوفلي([1])Mohammad Mowaynaa Al Nofali
د. طارق سليمان مشيك([2])Dr. Tarek souleiman Mcheik
تاريخ الإرسال:14-11-2023 تاريخ القبول:29-11-2023
المستخلص: تسعى هذه الدراسة الى كشف العوامل الطبيعيّة، وأثرها على النّشاط الزراعي في قضاء قلعة صالح، بهدف معرفة مدى تأثير وتحكّم هذه الخصائص في تنوع الزراعات في المنطقة، وذلك من أجل تحقيق التنميّة الزراعيَة وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة لسكان هذه المنطقة.
وقد تضمنت الدراسة إطارًا نظريًّا، وعددًا من النّقاط الأساسيّة التي يمكن إيجازها على الشكل الآتي : الموقع الجغرافي – التّضاريس – المناخ – التركيب الجيولوجي – التُرَبة – الموارد المائية – الخاتمة – المراجع والمصادر.
توصلت هذه الدراسة الى جملة من الاستنتاجات، من أكثرها أهميّة: أنَ العوامل الطبيعيّة تؤثر بشكل كبيرعلى النشاط الزراعي في منطقة الدراسة، إذ يمكن عدُّ أنَ الموقع الجغرافي والتّضاريس والتّركيب الجيولوجي، إضافة الى الموارد المائيّة، كلّها عوامل مساعدة في عملية الاستفادة الزراعيّة في المنطقة، في المقابل فإنَ كمية الأمطار المتساقطة، وبعض أنواع الرياح السائدة، والتُرَب البعيدة عن مجرى النهر، تؤثر بشكل سلبي على الاستفادة الزراعيّة، ويمكن عدّها عوامل غير مشجعة.
الكلمات المفاتيح : الموقع الجغرافي – التّضاريس – المناخ – الموارد المائيّة .
Abstract:
This study seeks to reveal the natural factors and their impact on agricultural activity in the Qalaat saleh district, with the aim of knowing the extent to which these characteristics influence and control the diversity of agriculture in the region, in order to achieve agricultural development and improve the economic and social conditions of the residents of this region.
The study included a theoretical framework and a number of basic points that can be summarized as follows: (geographical location – terrain – climate – geological structure – soil – water resources – conclusion – references and sources).
This study reached a number of conclusions, the most important of which are : that natural factors greatly affect agricultural activity in the study area, as it can be considered that the geographical location, terrain and geological structure, in addition to water resources, are all factors that help in the process of agricultural exploitation in the region. On the other hand, The amount of rainfall, some types of prevailing winds, and soils far from the riverbed negatively affect agricultural exploitation and can be considered discouraging factors.
Keywords: Geographical location – Landforms – The climate – Water Resources.
المقدّمة
تمثل الخصائص الطبيعيّة القاعدة الاساسية التي تؤثر على الظواهر البشرية، لتمنحها سمات خاصة تميزها كأقاليم واضحة المعالم، وتعد هذه العوامل من العناصر الأساسية الدائمة التي تؤثر في قدرة الإنسان على استغلال أرضه، وتحسين إنتاجه، وجودته، على الرغم من تباين تأثيراتها من مكان إلى أخر. تتمثل هذه الخصائص بالبنية الجيولوجيّة، ومظاهر السّطح، والمناخ، والتُرَبة، والموارد المائيّة، والنبات الطبيعي، حيث تشكل المسرح( الجغرافي الذي يعمل عليه الإنسان في دراسته للنّشاط الزراعي.
يقع قضاء قلعة صالح في القسم الجنوبي الشرقي من العراق، وهو جزء من محافظة ميسان إداريًّا، خريطة رقم (1)، تبلغ مساحته حوالي (1216.3 كم2)، وتشكل هذه المساحة نسبة قدرها (7.6%) من إجمالي مساحة محافظة ميسان البالغة (16072 كم2).
خريطة (1) موقع محافظة ميسان من العراق
المصدر: جمهورية العراق، وزارة الموارد المائية، مديرية المساحة العامة، خريطة العراق الإدارية، مقياس 1:1000000 لعام 2020
اعتمدت الدّراسة على المنهج الوصفي التّحليلي في الكشف عن أثر الخصائص الطبيعيّة على الزراعة في منطقة الدراسة، بالإضافة الى المنهج الكميّ.
أدوات العمل: تتنوّع أدوات العمل التي استخدمت في إعداد الدراسة وفق الشكل الآتي:
- استخدام بعض التّقنيات والبرامج الحديثة لرسم الخرائط.
- الدراسة الميدانيّة لمنطقة الدراسة.
- المقابلات الشخصيّة مع بعض الموظفين في الدّوائر الحكوميّة ورؤساء البلديات والمزارعين.
تهدف هذه الدراسة الى إعطاء صورة واضحة عن أثر الخصائص الطبيعيّة على النّشاط الزراعي في منطقة الدّراسة، ومعرفة مدى تأثير هذه الخصائص وتحكمها في تنوع الزّراعات في المنطقة.
- العوامل الطبيعيّة المؤثرة على النشاط الزراعي في منطقة الدراسة:
أولًا: الموقع
يقع قضاء قلعة صالح في القسم الجنوبي الشّرقي من محافظة ميسان، وهو أحد أقضيتها الست، خريطة رقم (2)، ويحده من جهة الشّمال قضاء الكحلاء، ومن جهة الجنوب محافظة البصرة، أمّا من جهة الشرق فتحده جمهورية إيران الإسلامية، بينما قضاء المجر الكبير يحده من جهة الغرب. ويمتد فلكيًّا بين دائرتي عرض(ً30، َ38، ْ 31 – 30، َ14، ْ 31 ً ) شمالًا، وقوسي طول ( ً27، َ13، ْ 47 – ً19، َ47، ْ 47) شرقًا، وقد أعطى الموقع الفلكي والجغرافي للقضاء خصائص طبيعيّة وبشرية محددة، فبالنسبة إلى الموقع الفلكي ظهر أثره من خلال التّحكم في الخصائص المناخيّة السّائدة في المنطقة التي تؤثر بدورها على الموارد المائيّة والتُرَبة والنبات الطبيعي والإنسان، ويعدُّ نهر دجلة الذي يخترق القضاء من الشّمال الى الجنوب، مصدر المياه الأساسي للسكان، لتلبية احتياجاتهم كافة.
يشكل القضاء حلقة وصل بين بغداد والكوت والعمارة والبصرة، إذ يخترقه الطريق الدولي رقم (6) (بغداد – البصرة)، الذي ساعد في عملية التبادل التجاري وتوفير الاسواق الاستهلاكيّة للمنتجات الزراعيّة والصناعيّة، وسهل الاتصال بالمدن المجاورة.
يتكون القضاء من وحدتين إداريتين هما مركز قضاء قلعة صالح الذي تبلغ مساحته حوالي (455.5) كم2 وتشكل نسبة (37.4%) من مساحة القضاء، وناحية العزيز التي تبلغ مساحتها حوالي (760.8) كم2 وتشكل هذه المساحة نسبة (62.6%) من مساحة القضاء، أما سكانه فقد بلغوا حوالي (118443) نسمة أي ما نسبته (9.7%) من مجموع سكان المحافظة البالغ (1225070 نسمة) لعام 2022.
خريطة رقم (2) : موقع قضاء قلعة صالح من محافظة ميسان
المصدر : جمهورية العراق ، وزارة الموارد المائية ، مديرية المساحة العامة ، خريطة العراق الإدارية ، مقياس 1:5000000 لعام 2020
ثانيًا : التّضاريس
يعدُّ عامل التّضاريس من العوامل الطبيعيّة الرئيسة المؤثرة في النشاط الزراعي، حيث تتحدد العمليات الزراعية على ضوء (شكل التّضاريس، وتعد السّهول من أفضل أقسام السطح ملائمة للنشاط الزراعي، ولذلك كانت السّهول من أولى المناطق)التي ظهرت فيها الزراعة (الزوكة،1991،ص105)، تقع أراضي منطقة الدراسة ضمن نطاق السّهل الرّسوبي، الذي يمتاز بقلّة الانحدار وقلّة التّباين النسبي في الارتفاع، أما الانحدارات الجانبية فتعود إلى طبيعة الارسابات النهرية لدجلة، حيث تقل هذه الترسبات كلما اتجهنا من الجنوب الى الشّمال.
يتباين سطح منطقة الدراسة مكانيًّا، ويتضح من الخريطة رقم (3)، أنَ خط الارتفاع المتساوي (7م) فوق مستوى سطح البحر يمرّ في أقصى شمال غرب القضاء بينما يمر خط الارتفاع المتساوي (5م) في أقصى الشّمال الشرقي، في حين يمر خط الارتفاع المتساوي (4م) في بعض جهاته الجنوبية، ويمر خط الارتفاع المتساوي (3م) في أقصى الجنوب الشرقي (الأهوار) التي تعد أخفض أراضي الجزء السّهلي من القضاء. ويمكن تقسيم سطح منطقة الدراسة إلى االأقسام الآتية:
1- مناطق الأهوار والمستنقعات المائية: تعدُّ هذه المنطقة واحدة من مظاهر السطح السائدة في قضاء قلعة صالح وقد تكونت بسبب قلة انحدار الأراضي الذي يترك أثره في تصريف المياه السّطحيّة، حيث أصبحت مجاريها متسعة وقليلة التصريف، وتمتاز أنّها ذات مستوى قريب لسطح الأرض المحيط بها، وتوجد هذه المناطق تحديدًا في الأجزاء الجنوبيّة من منطقة الدراسة (الحويزة – الوادية)، وتمتاز أنها ذات تربة طينية غرينية ناعمة، وهي تجمع بين خصائص اليابس والمياه بسبب عدم انغمار قسم من أجزائها في أشهر التصريف القليل (الصيف والخريف) (موسى 2010، ص 190).
2- مناطق أكتاف الأنهار : تعدُّ هذه المناطق من أشكال التّضاريس الدقيقة التي تكونت من جراء فيضانات نهر دجلة، ونظرًا لحدوث انخفاض واضح في سرعة المياه بين المناطق القريبة والبعيدة من النهر، فقد أدى ذلك الى إلقاء النهر أكبر كمية من حمولته على طول المناطق المحاذية لمجراه، فالرواسب الخشنة تترسب أولًا عند ضفاف الأنهار، أمّا الرواسب الدّقيقة فيتمكن تيار المياه الذي يتباطئ في طول المسافة من نقلها بعيدًا من ضفاف النهر، (سعد،2018، ص 42 – 43).
3- منطقة الدّالات المروحيّة : تعرف باسم السّهول المروحيّة أو باسم المراوح الطينيّة أو الغرينيّة وتنشأ هذه المراوح عند مناطق الانتقال بين مناطق الانحدار الشّديد كالسّلاسل الجبليّة، والتلال العاليّة، والهضاب، وبين الجهات المنخفضة المجاورة لها والتي تتميز بقلّة درجة انحدارها كالسّهول، وتوجد منطقة الدّالات المروحيّة في الأجزاء الشّرقيّة والشّماليّة الشّرقيّة بمنطقة الدّراسة وتحتل مساحة قدرها (538.9) كم2 وبنسبة (3,29 %) من إجمالي مساحة منطقة الدراسة.
4- منطقة أحواض نهر دجلة: لا توجد في الحقيقة حدود طبيعيّة فاصلة بين النّوعين (الكتوف والأحواض) سوى ما نلاحظه من الانحدار البطيء من كتوف الأنهار الى هذه المناطق، إذ ارتبط تكوين هذه المناطق بفيضانات نهر دجلة وجداوله في المنطقة، فعندما تقل سرعة مياه النهر بالابتعاد من مجراه فسوف تقتصر الرواسب في هذه المناطق على المواد الدقيقة، وينخفض مستوى هذه المناطق عن مترين أو ثلاثة أمتار عن كتوف الأنهار، وتكون تربتها ذات ذرات دقيقة صلصاليّة أو غرينيّة ورديئة التصريف، وغالبًا ما تنصرف إليها المياه من المناطق المرتفعة لضفاف الأنهار.
بشكلٍ عام يتميز سطح منطقة الدراسة بالانبساط، الأمر الذي انعكس على تركز السّكان في المناطق السّهليّة لسهولة التنقل وإمكانيّة القيام بالعديد من النشاطات، مستفيدين من امتداد نهر دجلة وجدول المجرية على طول أراضي القضاء، ويمكن حصر أثر السطح على النشاط الزراعي في أمرين؛ الأول: يتمثل في كون الأراضي المنبسطة تعد من أفضل الأراضي الصالحة للنشاط الزراعي بشكل عام، حيث تسهل فيها عمليات الحراثة والري والحصاد وغسيل الأراضي الزراعيّة، واستعمال المكائن والآلات في مراحل الإنتاج جميعها، أمّا الأمر الثاني: فيتعلق بقلّة انحدار السّطح خاصة في المنطقة الجنوبية منطقة الأهوار، ما أدى إلى قلة تصريف المياه وصعوبة عملية غسل التُرَبة، وتغدق الأراضي خاصةً الأراضي المغمورة بالمياه لحِقبٍ طويلة، وقد ساعدت حِقب الجفاف على تملح الأراضي الزراعيّة، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي وأدى إلى هلاك المحاصيل.
ثالثاً: المناخ
يعد المناخ بعناصره المختلفة من العوامل الطبيعيّة ذات التأثير الكبير في النشاط الزراعي، فالمناخ هو العامل الأكثر قوةً وفاعليّة من بين العوامل الطبيعيّة الأخرى في مجال تأثيره على الإنسان والنبات والحيوان.
هناك تأثير كبير لدرجات الحرارة على الإنتاج الزراعي، من خلال الدور الذي تؤديه في تحديد فصل النمو ونوعيّة المحاصيل المزروعة في كل موسم،،كما أنّها تتحكم بالوظائف الفسيولوجيّة والحيويّة للنبات مثل التمثيل الضوئي والتّنفس، ويمكن تصنيف فصل نمو النباتات إلى ثلاث مستويات تبعًا لدرجة الحرارة، وهي كما يلي:
1– درجة الحرارة الدنيا للنمو: هي تمثل أقل درجة “حرارية يتأثر بها النبات، وهي التي يبدأ عندها النبات بالنمو،” فإذا انخفضت عن هذا الحد فإن نموه يتوقف وهي (6 م°).
2– درجة الحرارة العليا للنمو: هي التي تكون متباينة حسب المنطقة الجغرافية وحسب نوع النبات،
عادةً تنحصر بين (35- 40) درجة مئوية.
3- درجة الحرارة المثاليّة للنمو: هي التي يتحقق عندها أقصى سرعة من النمو للنبات، تكون متباينة حسب الموقع الجغرافي والفلكي للمنطقة التي ينمو فيها النبات، وحسب نوع النبات وطبيعته، فدرجة الحرارة المثاليّة التي تتطلبها محاصيل المناطق الباردة تتراوح بين (15-20) درجة مئويّة، أمّا محاصيل المناطق المعتدلة والحارة، فإنها تتطلب أعلى من ذلك (خلف، 1973، ص61).
يتبين من خلال الجدول رقم (1)، أنَ المتوسطات الشهرية لدرجة الحرارة في منطقة الدراسة سجلت معدلات عاليـة فـي أشهر الصيف (حزيران، تموز، آب)، إذ بلغت حوالي (37.5م° ، 38.5م° ، 38 م° ) علـى التـوالي، وهذا يعود إلى كبر زاوية سقوط الإشعاع الشمسي، وطول مدة النّهار النّظـري والفعلي، وقلّة الرطوبة النسبيّة، بينما سجلت”معدلات أبرد الشّهور في شهر كانون الثاني، إذ بغلت حوالي (12.05م°)، وبلغ المعدل السنوي(لمتوسط درجـة الحـرارة حوالي(24.7 م° )، نستنتج مما سبق، أنَ معدلات درجات الحرارة في منطقة الدراسة” تتفق مع ما تحتاجه المحاصيل الزراعية من درجات حرارة ملائمة لنموها خلال المواسم الزراعية الصيفية والشتوية.
جدول (1) المعدلات الشهرية لدرجات الحرارة للمدة (1990-2022)
الأشهر | محطة العمارة | ||
الحرارة العظمى | المتوسط | الحرارة الصغرى | |
كانون الثاني | 17 | 12.05 | 7.8 |
شباط | 20.1 | 14,4 | 9.3 |
اذار | 24.2 | 18.3 | 12.6 |
نيسان | 30.2 | 24.1 | 17.9 |
مايس | 39.3 | 32.4 | 24.9 |
حزيران | 44.9 | 37.5 | 29.1 |
تموز | 46.1 | 38.5 | 30.3 |
اب | 46.5 | 38 | 29.8 |
أيلول | 43.3 | 34.9 | 26.2 |
تشرين الأول | 36.1 | 28.3 | 21.5 |
تشرين الثاني | 25.3 | 18.9 | 12.8 |
كانون الاول | 19.6 | 13.7 | 9.1 |
المعدل السنوي | 32.7 | 24.7 | 19.2 |
المصدر: الهيئة العامة للأنواء الجوية العراقية، قسم المناخ، ( بيانات غير منشورة ).
يتبين من خلال الجدول رقم (2)، أنَ مجموع كمية الأمطار الساقطة في منطقة الدراسة للمدة ( 1990 – 2022)، بلغ حوالي ( 182.5ملم )، وأنَ هذه الكمية متفاوتة مـن شـهر إلى آخر، إذ يبدأ موسم سقوط الأمطار من شهر تشرين الأول، وتبدأ كمية الأمطار بالتزايد إلى أن تبلغ أقصى معدل لها خلال شهري كانون الأول و”كانون الثاني إذ تبلغ فيهما حوالي (32 ، 29.5 ملم) على التوالي، ثـم تبـدأ كمية الأمطار بالتناقص تدريجيًا حتى تنعدم خلال أشهر الصيف (حزيران، تموز، آب)، والجدير بالذكر أنَ الزيادة في كمية الأمطار خلال فصل الشتاء ترجع إلى وقوع جمهورية العراق ضمن منظومة الضغط المـنخفض المندمج، وهي من المنظومات الشّموليّة المهمّة المؤثرة في مناخ العراق في الفصل المطير، إذ يحصـل اندماج بين المنخفضات الجوية المتوسطية والمنخفضات الجوية السودانية، ومن ثم تتعمق مؤدية إلى تساقط كميات الأمطار وبغزارة (السعيدي،2011،ص 99)، هذا “وينعدم تساقط الأمطار خلال شهر مايس الذي تصبح فيه منطقة الدراسة تحت تـأثير الضـغط العالي شبه المداري، وتحل مدة الجفاف التي تؤثر على عمليات النشاط الزراعي في منطقة الدراسة.
جدول (3) المعدلات الشهرية للأمطار للمدة (1990-2022)
الأشهر |
معدلات الامطار/ ملم
|
كانون الثاني | 29.5 |
شباط | 18.7 |
اذار | 32.6 |
نيسان | 17.3 |
أيار | 7.9 |
حزيران | 0 |
تموز | 0 |
اب | 0 |
أيلول | 0.4 |
تشرين الأول | 9.3 |
تشرين الثاني | 35 |
كانون الاول | 32 |
المجموع السنوي | 182.5 |
المصدر: الهيئة العامة للأنواء الجوية العراقية، قسم المناخ (بيانات غير منشورة )
نستنتج مما سبق، أنَ معدلات الأمطار في منطقة الدراسة قليلة ومتفاوتة في كميات سقوطها خلال فصل الشّتاء، وكذلك متباينة من عام إلى آخر، ومن موسم إلى آخر خلال العام الواحد، وهذا ما يجعلها غير كافية للنشاط الزراعي، إذ إنَ انخفاض تساقط الأمطار وقلّتها يؤدي في أغلب الأحيان إلى تلف المحاصيل الزراعيّة البعليّة، وأيضًا يؤدي إلى فقدان التُرَبة للمادة العضويّة التي تعدُّ من العناصر الأساسيّة لنمو المحاصيل الزراعيّة، فضلًا عن ذلك، إنَ انخفاض معدلات تساقط الأمطار يساهم بشكل مباشر في انخفاض مستوى المياه الجوفيّة العليا، ما ينعكس على انخفاض معدل التصريف لنهر دجلة وفروعه، وكذلك جفاف الأهوار والمستنقعات خلال أشهر الصيف، وانخفاض مستوياتها في باقي أشهر السنة.
إنَ المعدل السّنوي لسـرعة الرّيـاح فـي منطقـة الدراسة للمدة (1990 – 2022)، بلغ حوالي (3.8م/ ثانية)، وقد تبينَ أنَه خلال فصل الصيف الحار والجاف يزداد معدل سرعة الرّياح عن المعدل السنوي، وهذا يؤدي إلى إرتفاع كمية التبخر من النباتات، ما يعني زيادة حاجة المحاصيل الزراعية لكميات إضافيّة من المياه، أمّا خلال فصل الشتاء فإنَ معدل سرعة الرياح ينخفض عن المعدل السنوي، ما يؤدي إلى تقليل كمية التّبخر والنتح من النباتات، فتقل كمية المياه اللازمة لإنتاج المحاصيل الزراعية”، كما يلاحظ أنَ الرياح القوية المصاحبة للعواصف الترابية تعمل على تدمير النباتات وتجردها من أوراقها، وتكسر سيقانها وأغصانها، وقد تقتلعها من جذورها. جدول رقم (3)
جدول (3)
المعدلات الشهرية لسرعة الرياح (م/ثا) لمحطات العمارة للمدة (1990-2022)
أسم المحطة المناخية | كانون الثاني | شباط | آذار | نيسان | مايس | حزيران | تموز | آب | أيلول | تشرين الأول | تشرين الثاني | كانون الأول | المعدل السنوي |
محطة العمارة | 2,9 | 3,3 | 3,8 | 3,8 | 4,0 | 5,4 | 5,0 | 4,5 | 3,8 | 2,9 | 2,8 | 2,6 | 3,7 |
المصدر: جمهورية العراق، وزارة النقل، الهيأة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، قسم المناخ، بيانات غير منشورة , 2019 .
رابعًا: التركيب الجيولوجي
تعدًّ البنية الجيولوجية لمنطقة الدراسة جزءًا من جيولوجية العراق التي تقع في الركن الشّمالي والشّمالي الشرقي، ضمن الرصيف غير المستقر، وتغطيها ترسبات الزمن الجيولوجي الثالث في الأجزاء الشّمالية الشّرقيّة، على شكل شريط يمتد مع الحدود الدّولية بين العراق وإيران، بينما ترسبات الزّمن الجيولوجي الرابع تغطي باقي أجزاء منطقة الدراسة، جدول(4).
جدول (4) مساحة ترسبات الأزمنة الجيولوجية الثلاثي والرباعي في محافظة ميسان
ت | الزمن | المساحة/ كم2 | النسبة المئوية |
1 | الزمن الثلاثي | 543 | 3,3 |
2 | الزمن الرباعي | 15944,8 | 96,7 |
المجموع | 16487.8 | 100 |
المصدر : (العاني ، 1997 ، ص 13).
تشكل منطقة الدراسة جزءًا من حوض رسوبي واسع، ترسبت في قاعه الصخور الملحيّة والتكوينات البحريّة (سعد، 2005 ، ص717)، ولا زال بناء السّهل الرّسوبي مستمرًا بالهبوط حتى وقتنا الحاضر، نتيجة لثقل التّرسبات المنقولة بواسطة الأنهار والرياح، ما يؤدي الى استمرار عمليات الإرساب والهبوط لمناطق السّهل الرّسوبي، والهبوط المحلي لمناطق الأهوار، كما أنَ عمليات البناء مستمرة بسبب التكوينات النهريّة المؤلفة من الطين والغرين والرّمل نتيجة الفيضانات، والتي تأخذ بالاتجاه العام من كتوف الأنهار نحو المناطق المجاورة لها، تتميز منطقة الدراسة بشكلٍ عام بسهولها الفيضيّة وأهوارها الواسعة، مع وجود بعض المنخفضات الصّغيرة المساحة، لذلك تعدُّ التّكوينات الجيولوجيّة لمنطقة الدراسة ذات تأثير إيجابي على عملية الاستفادة الزراعيّة، وقد تبين ذلك من خلال دراسة الخصائص الكيميائيّة والفيزيائيّة للتربة.
خامسًا: التُرَبة
تصنف التُرَبة في منطقة الدّراسة أنّها من أنواع التُرَب الرّسوبيّة النّهريّة التي تكونت نتيجة اندماج مجموعة مواد جاءت بها الأنهار سواء صخرية مفتتة أم بشكل أملاح ذائبة، لذلك تعدُّ تربة منطقة الدّراسة من أنواع التُرَب المنقولة، فهي ليست ناشئة فوق الصخور الأصليّة التي تعطي الصفات الأساسيّة للتربة الموجودة فوقها، ولا هي حصيلة تطور مكاني يؤدي لتكوين تربة ناضجة كما هو معروف في بعض أنواع التُرَب الأخرى التي تنشأ وتتطور من صخور المنطقة الموجودة عليها، ونلاحظ من خلال الدراسة الميدانيّة أنَ ترب منطقة الدّراسة تتباين في تركيبها وطبيعة نسيجها نتيجة الاختلاف في الخصائص الطبيعيّة والظروف المناخيّة التي حصلت خلالها عمليات الترسيب، إلى جانب الموقع بالنسبة إلى مجرى النّهر، وخصائص التكوينات الأرضيّة السائدة، أمّا أنواع التُرَب المهمّة السّائدة في منطقة الدراسة:
- التُرَب الزراعية لمنطقة كتوف الأنهار: يمتد هذا النوع من التُرَب على طول ضفاف نهر دجلة على شكل شريط ضيق، يزداد اتساعه كلما اتجهنا من شمال منطقة الدراسة إلى جنوبها، ويتراوح معدل ارتفاعه بين(2 – 3م) عن مستوى الأحواض المجاورة، وقد تكوَن بفعل إرسابات نهر دجلة (معروف، 2017، ص378)، إنَ سرعة غيض المياه في هذه التُرَب تكون (معتدلة البطء)، فقد بلغ المعدل (1.76سم/ ساعة)، ونتيجة كبر حجم مساماتها، تعدُّ تربًا ذات صرف جيد، فلا تتجمع المياه على سطح التُرَبة، بل تنساب إلى داخلها، الأمر الذي يؤدي إلى قلَة تعرضها لعمليات التبخر، وضعف تراكم الأملاح على سطح التُرَبة، لذلك تعدُّ هذه التُرَب أكثر ترب القضاء ملائمة للإنتاج الزراعي.
- التُرَب الزراعية لمنطقة أحواض الأنهار: تشغل هذه التُرَب المناطق المنخفضة والقريبة من ترب كتوف الأنهار، والممتدة على جانبي نهر دجلة لمسافة تتراوح بين (1-7 كم)، في مناطق تنخفض نسبيًّا الى قرابة(1-1.5 م) عن مستوى ضفاف الأنهار المجاورة لها، لذلك تستلم هذه المناطق كميات أقل من الرواسب وأكثرها نعومة، كالطين والغرين. إنَ سرعة غيض المياه في هذه التُرَب تكون (بطيئة)، فقد بلغت نسبتها(0.3 سم/ ساعة)، ما جعلها ذات معدل غيض منخفض، وتتجمع المياه على سطح التُرَبة ولا تنساب إلى داخل التُرَبة، فتتعرض هذه المياه للتبخر، ما يؤدي إلى تراكم الأملاح على سطح التُرَبة.
3 – التُرَب الزراعية لمنطقة الأهوار والمستنقعات : تشمل هذا التُرَب مساحة واسعة من منطقة الدراسة، خاصة الأجزاء الجنوبية للمنطقة، التي تتعرض إلى الغمر بصورة مستمرة، وتشكل الحد الفاصل بين المسطحات المائية (الأهوار والمستنقعات) الدائمة وبين أحواض الأنهار، وتنخفض بمستوى (1-2) متر، وقد تصل إلى أكثر من ذلك بحدود (7) متر، في بعض الأماكن، ولا ترتفع أكثر من (4م)عن مستوى سطح البحر (سعد، 2018، ص131)، ما جعلها مناطق لتصريف مياه الأنهار المارة، وترسيب بعض الحمولة النهرية فيها بسبب تناقص جريان مياه الأنهار وانبساط الأرض، إنَ معدل سرعة غيض المياه في هذه التُرَب بلغ (0.5 سم/ ساعة)، لذلك تعدُّ ذات معدل غيض بطيء، وتتجمع المياه على سطحها ولا تنساب إلى داخلها، فتتعرض هذه المياه للتبخر، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الأملاح على سطحها.
سادسًا: الموارد المائيّة
للمياه دور مهمّ في حياة المجتمعات البشرية واستمرارها عبر التاريخ، ولا يمكن لأي من الموارد الطبيعيّة الأخرى أن توازيها أهمية وتأثيرًا، ويشمل مصطلح الموارد المائيّة في منطقة الدّراسة على (الأمطار والمياه السّطحيّة)، إنَ مياه الأمطار قد دُرِست ضمن الخصائص المناخيّة، أمّا بالنسبة إلى المياه السّطحيّة في قضاء قلعة صالح تتمثل بكل من نهر دجلة وجدول المجرية والأهوار والمستنقعات، وهي كالشّرايين في القضاء، حيث تجري شمال وجنوب منطقة الدراسة، وعليها تعتمد مقومات الحياة من (زراعة وصناعة وتجارة وسكن ونقل وغيره)، وعبر التاريخ رسمت هذه المياه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمنطقة الدراسة، ويتبين من خلال الجدول رقم (5)، أنَ الموارد المائية في منطقة الدراسة تصلح للاستخدام في ري المحاصيل الزراعيّة التي تتحمل الملوحة العالية مع الاعتناء بالصرف الجيد للتربة.
جدول (5) تصنيف المياه حسب صلاحيتها للري والإستعمال الزراعي وفق معيار منظمة الأغذية والزراعة الدولية
الملوحة M/DS | مجموع الاملاح الذائبة ملغم/لتر | صلاحية المياه للري | صلاحية المياه للأغراض الزراعية |
أقل من 0.75 | 0 – 500 | صالحة لجميع التُرَب | صالحة لزراعة الفاصوليا والبزاليا والفجل … الخ |
0.75 – 1.50 | 500 – 1000 | صالحة للمحاصيل التي تتحمل الملوحة والتُرَب الجيدة الصرف | صالحة لزراعة القمح والشعير والرز والطماطة والخضروات |
1.50 – 3.00 | 1000 – 2000 | صالحة للمحاصيل التي الملوحة بشرط الاهتمام بالصرف الجيد للتربة | صالحة لزراعة القطن والنخيل وبنجر السكر |
3.00 – 7.50 | 2000 – 50000 | صالحة لبعض المحاصيل مع الاهتمام بظروف التُرَبة وصرفها | صالحة لزراعة النخيل والبحت والرسيم |
أكثر من 7.50 | اكثر من 5000 | غير صالحة للري | غير صالحة لزراعة المحاصيل |
المصدر : الأسدي ،2014 ص76
الخلاصة: إنَ هذه الدراسة استهدفت أثر العوامل الطبيعيّة على النشاط الزراعي في قضاء قلعة صالح، وقد خلصت الى ما يلي:
1- شكل القضاء حلقة وصل بين بغداد والكوت والعمارة والبصرة، حيث يخترقه الطريق الدولي رقم (6) (بغداد – البصرة)، الذي ساعد في عملية التبادل التجاري وتوفير الاسواق الاستهلاكية للمنتجات الزراعية والصناعية، وسهل الاتّصال بالمدن المجاورة.
- تقع أراضي منطقة الدراسة ضمن نطاق السّهل الرسوبي الذي يمتاز بقلّة الانحدار وقلة التباين النسبي في الارتفاع، أما الانحدارات الجانبية فتعود إلى طبيعة الإرسابات النهرية لدجلة، حيث تقل هذه الترسبات كلما اتجهنا من الجنوب الى الشّمال.
3- إنَ معدلات درجات الحرارة في منطقة الدّراسة تتفق مع ما تحتاجه المحاصيل الزراعية من درجات حرارة ملائمة لنموها خلال المواسم الزراعية الصيفيّة والشّتويّة، أمّا بالنسبة إلى معدلات الأمطار فهي قليلة ومتفاوتة في كميات سقوطها خلال فصل الشتاء، وكذلك متباينة من عام إلى آخر ومن موسم إلى آخر خلال العام الواحد، وهذا ما يجعلها غير كافية للنشاط الزراعي.
4- تتميز منطقة الدراسة بشكلٍ عام بسهولها الفيضية وأهوارها الواسعة، مع وجود بعض المنخفضات الصغيرة المساحة، لذلك تعتبر التكوينات الجيولوجية لمنطقة الدراسة بشكلٍ عام ذات تأثير إيجابي على عملية الاستغلال الزراعي.
5- تصنف التُرَبة في منطقة الدراسة بأنّها من أنواع التُرَب الرسوبية النهرية التي تكونت نتيجة اندماج مجموعة مواد جاءت بها الأنهار سواء صخرية مفتتة أم بشكل أملاح ذائبة، لذلك تعدُّ تربة منطقة الدراسة من أنواع التُرَب المنقولة.
المصادر والمراجع
- الزوكة، محمد خميس (1991)، الجغرافية الزراعية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
- السعيدي، محمد عبد (2012)، أساسيات إنتاج المحاصيل الحقلية، مطبعة العمال المركزية، بغداد.
3- الأسدي، صفاء عبد الأمير رستم، (2014)، جغرافية الموارد المائية، دار الكتب والوثائق، بغداد.
4- العاني، خطاب صكار (1997) جغرافية العراق الزراعية، المنطقة العربية للثقافة والعلوم، المطبعة الفنية الحديثة، القاهرة.
5-سعد، محمد، (2018)، جغرافية الزراعة، دار الفكر العربي.
6- موسى، علي حسن (2010)، المناخ والزراعة، مطبعة جوهر الشام، جامعة دمشق، دمشق.
7- خلف، جاسم محمد، (1973)، جغرافية العراق الطبيعيّة والاقتصاديّة والبشرية، القاهرة.
1- romanus dogkubong dlnye , upbanlsatton on agrlgultural lands in growing in developing countriries: agase study of tam.
المؤسّسات الرّسميّة
- وزارة الموارد المائيّة العراقيّة.
- وزارة النقل العراقيّة.
- الهيئة العامة للإنواء الجويّة العراقيّة.
1 – باحث عراقي، طالب دراسات عليا في الجامعة الإسلامية Iraqi researcher, graduate student at the Islamic University.
2 – أستاذ محاضر في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- الجامعة اللبنانيّة – الفرع الخامس.
Doctor in geography- lecturer professor at the faculty of arts and human sciences ( fifth branch ) at the Lebanese university. Email: msheiktarek@gmail.com