مفهوم النّبوة وخصائص الأنبياء
دراسة قرآنيّة في فكر العلامة الطباطبائي
The concept of prophecy and the characteristics of the prophets
An Qur’anic study in Allama Tabatabai’s ideas
ZAINAB MOHAMMED FAHDA زينب محمد فهدا([1])
تاريخ الإرسال: 12-7-2024 تاريخ لقبول: 24-7-2024
ملخص البحث: اقتضت المشيئة الإلهية إرسال قادة ومربين إلهيين اصطلح على تسميتهم بالقرآن الكريم الأنبياء والرّسل، بلغوا مراتب سامية استحقوا بها أن يكونوا واسطة الفيض الإلهي لهداية الناس وارشادهم إلى النهج الصحيح للحياة، وقد أطلق العلماء والمفسرون على هذه العملية مصطلح النّبوة.
ولم يقتصر الباري عزّ وجل في تحقيق هذا المرام الإنساني على ما أودعه من شعور فطري، ومعارف ومدركات عقلية في الإنسانالتي وإن كانت تهدي إلى ضرورة صلاح الاجتماع، وسعادة الإنسان إلّا أنّها تبقى قاصرة عن إيصاله إلى كمالاته المنشودة. لا سيّما أنّ العلماء ومن بينهم العلامة الطباطبائي، أشاروا في أبحاثٍ عدّة إلى أن العقل الاجتماعي للإنسان هو الذي يسوق فكره إلى الاختلاف الحاصل بين بني آدم، وهذا ما أكّدته جملة من الآيات القرآنيّة.
وعندئذٍ لا يمكنه أن يكون هو بنفسه وسيلة تزال بها هذه الاختلافات البشريّة، بل لابدّ من إيجاد هداية أخرى تقوم بهذا الدور، وهذه هي النّبوة التي تأتي بالشّرائع السّماوية من عالم الغيب بوساطة الوحي. وهذا ما يؤكّده قوله تعالى في سورة البقرة، الآية213:﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبيينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾. ولقد كان للعلامة الطباطبائي منظومة فكريّة حول النّبوة. سلّطت الضّوء على أهميّة الأنبياء وضرورة النّبوة.
الكلمات المفتاحيّة: النّبوة – النّبي – الوحي- المعجزة – طباطبائي.
Abstract
The divine will required sending divine leaders and educators, who are called prophets and messengers in the Holy Qur’an. They reached lofty levels by which they deserved to be the means of divine outpouring to guide people and guide them to the correct approach to life. Scholars and commentators have called this process the term prophecy.
In achieving this human goal, the Almighty God did not limit himself to the innate feelings, knowledge, and mental perceptions that he deposited in man, which, although they lead to the necessity of the well-being of society and human happiness, they still fall short in bringing him to his desired perfections. Especially since scholars, including Allamah Tabatabai, have pointed out in several studies that it is the human social mind that directs his thoughts to the difference occurring between human beings, and this is confirmed by a number of Qur’anic verses.
Then he himself cannot be a means by which these human differences are eliminated, but rather another guidance must be found to fulfill this role, and this is the prophecy that brings the heavenly laws from the world of the unseen through revelation. This is confirmed by the Almighty’s saying in Surah Al-Baqarah, verse 213: “The people were one nation, so God sent the prophets as bearers of good tidings and warnings, and sent down with them the Book with truth to judge between the people concerning what was decided They wrapped themselves in it. Allama Tabatabai had a system of thought about prophecy It highlighted the importance of prophets and the necessity of prophecy.
key words: Prophecy – Prophet- The Revelation -The Miracle- Tabatabai
مقدمة
رسم العلامة الطباطبائي في بيانه لمسألة النّبوة، صورة جليّة حدّد فيها الأبعاد الرئيسة لهذا الأصل التوحيدي الذي تقرّ به الأديان السّماويّة الثلاثة جميعها، منطلقًا من قاعدة ثابتة أسست ركائزه ألا وهي أنّ نظام الهداية في الخلق، يشهد بنفسه على ضرورة وجود الأنبياء ورسالاتهم الإلهيّة، فبوساطتهم جرى فيض الهداية من جانب الحقّ تعالى إلى عباده. فمن المسلّم به أن الله تعالى لم يخلق الإنسان عبثًا، بل إنّ هناك هدفًا من وراء عمليّة الخلق الإنساني، إنّما يتحقق عن طريق برنامج كامل لشؤونه جميعها. فإذا كان لقاء الله والعودة إليه هي الغاية، والمنتهى كان لابدّ من الاستعداد لهذه الرحلة حتّى لا يضل الإنسان طريقه. فعوامل الاستعداد المهمّة هي معرفة السبيل والطريق الذي ينبغي أن يسلكه الإنسان لكي يصل إلى مبتغاه، فإنّ من شأن الله أن يهدي كل شيء إلى ما يتمّ به خلقه، ومن تمام خلقه للإنسان أن يهتدي إلى كمال وجوده في الدّنيا والآخرة.
وبعبارة أخرى يرى العلامة أنّ قوة العقل لا يمكنها في أي وقت من الأوقات الوصول إلى الكمال النهائي بمفردها بعيدًا من الوحي، أو صياغة قانون جامع وشامل ينظّم المجتمع ويضمن تحقيق السعادة والكمال لبني البشر، وعلى هذا وبالاستناد إلى الحكمة الإلهية وصفة الهداية نستنتج أنّه كان لابدّ لله عز وجل من بيان طريق الهداية بوسيلة أخرى، هي الوحي تنقذهم من السّقوط والهلاك والانحراف. وبذلك تتضح لنا حاجة البشر إلى هداية الأنبياء وتعاليم الرّسل وهي حاجة أبدية ومستمرة. فالنّبوة وبحسب تعريف العلامة في ميزانه حالة إلهية غيبيّة، وليست حالة شخصيّة مستقلة عن الوحي الإلهي، ليكون الأنبياء مجرد رجال عظام نوابغ تمكنوا من اختراع طريقة في الحياة وتقديم فلسفة له. وصحيح أنّ العلامة الطباطبائي لم ينفرد ببيان هذه المسألة، وإنما أقتفى أثر من جاء قبله من العلماء، إلاّ أنّه كانت له تحقيقاته الخاصة في هذا المجال.
لقد كانت للعلامة الطباطبائي بيانات عدّة في إثبات حاجة البشر إلى الدين، وعدم كفاية العقل لضمان السّعادة النّهائيّة للإنسان، وذلك في قبال مجموعة من النّظريات والتّساؤلات تمحورت حول الهدف من النّبوة وإرسال الأنبياء، وكفاية ما وضعه الباري عزّ وجلّ من قدرات علميّة ومعرفيّة يستغنى بهما عن الوحي، ومساهمة التّقدم العلمي في كشف الكثير من الأسرار الغامضة.
تساؤلات عدّة طرحت حول مسألة النّبوة: كيف لإنسانٍ ترابيٍ أن يرتبط مع مصدر عالم الوجود الغيبي؟! ما هي الخصائص التي تميزوا بها حتّى استحقوا هذا المنصب الإلهي السّامي؟!هكذا نجد أنفسنا في خضّم البحث عن أناسٍ اصطفاهم الباري عزّ وجل ليبلِّغوا الناس، ويبثوا الهدى لتكون النجاة لمن يتبعهم والخسران لمن يتخلف عنهم.
في هذا البحث نحن بصدد بيان مفهوم النّبوة، وخصائص الأنبياء وما يُلازم هذا الإرسال من مؤهلات في الأشخاص الذين يصطفيهم الله تعالى لتلقي رسالة السماء، وذلك من خلال ما قدّمه المفسر العظيم سماحة العلامة السّيد محمد حسين طباطبائي الذي يعدّ من المراجع المهمّين في هذا المضمار ولا يمكن لأي باحث إلّا أن يرجع إليه، وذلك عبر اعتماد المنهج النّقلي على ضوء دراسة الآيات القرآنيّة وربطها بعضها ببعض، مستعرضين نظريته في هذه المسألة:
أوّلاً: مفهوم النّبوة في فكر العلامة الطباطبائي
ثانيًّا: خصائص النّبوة في فكر العلامة الطّباطبائي
أولاً: تعريف النّبوة: اختلف العلماء في تحديد الجذر الذي اشتقت منه لفظة النّبوة، فمنهم من رأى أنّها مشتقة من النّبوة بمعنى المرتفع، وآخرون قالوا إنّها مشتقة من مادة النبأ أيّ الخبر.
- النّبوة لغًة: يذكر ابن فارس أنّ النّبوة مشتقة إمّا من نبو: فالنون والباء والحرف المعتل أصل صحيح، يدل على ارتفاع في الشّيء عن غيره أو تنح عنه” بنا بصره عن الشيء” ينبو، وبذلك دلّت على تفضيل النّبي على سائر الناس برفع منزلته؛ لأنّ النّبوة هو الارتفاع. ونبا السيف عن الضريبة: تجامى ولم يمض فيها(1).
وإمّا من نبأ، والنون والباء والهمزة قياسه الإتيان من مكان إلى مكان، يُقال الذي يتنبأ من أرض إلى أرضٍ نابىّ، وسيل نابىء أتى من بلدٍ إلى بلد، ومن هذا القياس النبأ أي الخبر؛ لأنّه يأتي من مكان إلى مكان، والمنبىء المخبر، ومن هَمَز النّبي فلأنّه أنبأ عن الله تعالى(2).
وفي المعجم الوسيط إشارة إلى كلا المعنيين: أنّ نبأ بمعنى ارتفع وظهر. والنّبي هو المخبر عن الله عز وجل، تبدل الهمزة ياء وتدغم، فيقال النّبي، أنبياء وأنباء. وبناء المكان المرتفع(3).
ب. النّبوة اصطلاحًا: يعرّف العلامة الطباطبائي النّبوة أنّها حالة غيبيّة، وارتباط غيبي بين الله وأنبيائه، وفي ذلك يقول:” نسبتها إلى هذه الحالة العموميّة من الإدراك والفعل نسبة اليقظة إلى النوم، بها يدرك الإنسان المعارف التي بها يرتفع الاختلاف والتّناقض في حياة الإنسان، وهذا الادراك والتّلقي من الغيب هو المسمى في لسان القرآن بالوحي، والحالة التي يتخذها الإنسان منه لنفسه بالنّبوة”(4).وفي تعريف العلامة للنبوة إشارة أيضًا إلى الغاية التي من أجلها بعث الأنبياء، وهي رفع التناقض والاختلاف السائد بين البشر.
وقد توافقت كلمات العلامة مع من سبقه من العلماء أمثال الشيخ المظفر، وابن ميثم البحراني الذي يعرّف النّبوة والنّبي بقوله:” الإنسان المأمور من السّماء باصلاح أحوال الناس في معاشهم ومعادهم، العالِم بكيفيّة ذلك، المستغني في علومه، وأمره من السماء لا عن واسطة البشر، المقترنة دعواه للنبوة بأمور خارقة للعادة”(5).
في حين يعرّف الشيخ المظفر النّبوة أنّها:” وظيفة إلهية وسفارة ربانيّة، يجعلها الله تعالى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الصالحين، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم (…) ولغرض تنزيههم وتزكيتهم من درن مساوىء الأخلاق، ومفاسد العادات وتعليمهم الحكمة والمعرفة وبيان طرق السعادة والخير”(6).
وبالخلاصة يمكن القول: إنّ النّبوة كلمة مشتقة من مصدر “نبأ” أو “نبو”؛ فإذا كانت مشتقة من مادّة “نبأ” تكون النّبوة بمعنى الإخبار، ويكون النّبي بمعنى المخبِر، وإذا كانت كلمة النّبوة مشتقة من “النّبو” دلّت على تفضيل النّبي على سائر النّاس برَفْع منزلته، لأنّ “النّبوة هو الارتفاع”. وقد أشار بعض العلماء ومن بينهم العلامة الطوسي(7) إلى أنّه بالاعتماد على بعض القرائن الخارجيّة لا سيما ما روي عنه أنّه قال: «لا تنبروا باسمي، إنّما أنا نبي الله»(8) أيّ لا تهمزوه، النّبر همز الحرف. فيبدو أنّها مشتقة من الثاني، ومتى أريد بهذا اللفظ علو المنزلة فلا يجوز إلّا بالتّشديد بلا همز، ولهذا نرجح أن النّبي مأخوذة من مادة النبأ، لأن لديه أخباراً غيبيّة مهمة من العالم السّماوي.
ج. الفرق بين النّبي والرسول، الرسول جمع رُسْل والتي أصلها الانبعاث على التؤدة والسّكينة(9)، إذ إنّ المبعوثين من الله مأمورن بمعاملة الناس بهدوء وسكينة، وقد أطلقت لفظة رسول عليهم، لكن للكلمة معنى واسعًا شاملًا لكل من الملائكة وكذلك الأنبياء الإلهيين. وسُمّي الرسول رسولًا؛ لأنّه ذو رسلة أي صاحب رسالة. والرسول في كلمات اللغويين الذي يتابع أخبار الذي بعثه، قال أبو اسحاق النّحوي في قوله: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاَ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(10) معناه إنّهم رسل رب العالمين.
ولا يظهر من خلال تتبع الآيات الشّريفة الفرق بين الرّسول، والنّبي بأزيد مما يفيده لفظاهما بحسب المفهوم، ولازمه من أنّ للرسول شرف وساطة بين الله وبين عباده، وللنّبي شرف العلم بالله وبما عنده(11)، وهذا ما تبناه العلامة الطباطبائي وبيّنه، بينما جاء المفسرون بآراء أخرى وأقوال، منها:
– الرأي الأول: ما ذكره الرازي بعدم الفرق بينهما والمساواة لما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ﴾(12) فإنها دالة على أن النّبي قد يكون مرسلًا ، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ﴾(13). وأشار الرازي أيضًا أنّ الباري عز وجل خاطب مرةً محمدًا بالنّبي، ومرة بالرّسول فدّل على أنّه لا منافاة بين الأمرين، وأنّ اشتقاق لفظة النّبي إمّا من النبأ وهو الخبر أو من قولهم نبا إذ ارتفع والمعنيان لا يحصلان إلّا بقبول الرّسالة. وقد رفض بعض المفسرين هذا القول بوصف أن هاتين الآيتين، إنّما تدلان على أن الإرسال لا يتعلق إلّا برسول أو نبي لكنّهما لا تدلان على أن كل نبي يجب أن يرسل، كما أنّ الإرسال أريد به هنا المعنى اللغوي وهو البعث، لذلك لا يكون هذا الدليل وافيًا لاثبات المساواة بينهما، ولا على أي نسبة من النسب الأربع التي ذكرها المناطقة(14). ثمّ إنّ هذا الوجه يتمّ إن كان الخبر الذي ينبىء عنه النّبي، أو يرتفع به هو الذي يرسل به كل رسول وهذا غير ثابت، على أن الرفعة أيضًا لا تنحصر بوجود رسالة أو بحال الإرسال.
– الرأي الثاني: أنّ النسبة بينهما هي العموم والخصوص المطلق فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول، وهذا هو القول المشهور. وقد تبنى العلامة الطباطبائي هذا الرأي، وقد أشار في تفسيره إلى أنّ الباري عز وجل أطلق على الثُلَّة المصطفاة من البشر لفظي: الرسول والنّبي، لقوله تعالى: ﴿وَجِيء بِالنّبيينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾(15) ولقوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ﴾(16)، فالرّسول صاحب الرسالة وحاملها للبشر، والنّبي حامل النبأ الغيبي فهما من حيث المفهوم متباينان، وإن كانت الرسالة تستلزم النّبوة أيضًا.
وقد أوضح العلامة الطباطبائي هذ الاختلاف من خلال بيان النّسبة بينهما والتي أشار إليها من خلال قوله:” الفرق بين النّبي والرسول العموم والخصوص المطلق، فالرسول هو الذي يبعث فيؤمر بالتبليغ، ويحمل الرسالة والنّبي يبعث سواء أمر بالتبليغ أو لم يؤمر”(17). وبهذا القول يظهر أنّ الرّسول أخص من النّبي، فهو من أوحي إليه وأمر بالتبليغ، والنّبي هو الذي يتلقى الوحي، سواء أُمِرَ بتبليغه أو لم يؤمر، فالنّبي أعم دائرة من الرسول، فكل رسول نبي، ولكن ليس كل نبي رسول.
وهذ القول رُفِضَ من بعض العلماء، الذين استعانوا ببعض الآيات الشريفة كقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾(18) فالآية في مقام المدح والتّعظيم، ولا يناسب هذا المقام التّدرج من الخاص الى العام، وبعبارة أخرى لو كان النّبي أعم من الرّسول لكان هذا عطفًا للعام على الخاص، ولا يحسن في مقام المدح الانتقال من الخاص إلى العام. ويؤيّد ذلك أيضًا قوله تعالى في سورة الحج الآية52: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ﴾ وكذا قوله في سورة مريم الآية 54: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيّا﴾ فقد ذكر الباري عز وجل النّبي بعد الرّسول، فلو كان مفهوم النّبي أعم من الرّسول لاقتضت القاعدة أن يقول: وما أرسلنا من قبلك من نبي ولا رسول. هذا الإشكال رفعه العلامة الطباطبائي من خلال تأكّيده أنّ الرّسول من بين الأنبياء هو من يحمل الرسالة، وفي ذلك يقول إنّ النّبوة معناها تحمّل النبأ من جانب الله، والرسالة معناها تحمّل التّبليغ(19).
ويضيف العلامة الطباطبائي في بيان الفروقات بين الرسول، والنّبي من أنّ النّبوة هي منصب البعث والتبليغ، فالنّبي هو الإنسان المبعوث لبيان الدين للناس، والرسالة هي السّفارة الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس؛ إمّا بالبقاء والنّعمة، أو بالهلاك كما يفيد قوله تعالى: ﴿وَلِكلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾(20). وقد اعتمد العلامة الطباطبائي على الروايات الشّريفة المروية عن أهل البيت عليهم السلام التي فرّقت بين النّبي والرسول من ناحية الخصائص الشخصية لهما، بوصفها قرائن خارجيّة تدل على أنّ الأنبياء كانوا بصورة، والرّسل بشكل آخر، فالنّبي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرّسول يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين. فالنّبوة والرسالة مقامان؛ خاصّة أحدهما الرؤيا، وخاصة الآخر مشاهدة ملك الوحي، وربما اجتمع المقامان في واحد فاجتمعت الخاصتان، وربما كانت نبوة من غير رسالة، فتكون الرّسالة أخص من النّبوة مصداقًا لا مفهومًا. وهذا ما يستفاد من الرّوايات التي أوردها الشّيخ الكليني في كتابه أصول الكافي، في باب طبقات الأنبياء والرّسل وباب الفرق بين النّبي والرسول. قال أبو جعفر عليه السّلام:” الرسول الذي يأتيه جبرائيل قبلًا فيراه ويكلمه، وأمّا النّبي فإنّه يرى في منامه على نحو ما رأى إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول الله ص من أسباب النّبوة قبل الوحي حتّى أتاه جبرائيل من عند الله بالرسالة”(21).
وأمام كل هذه الآراء والأدلة التي سيقت ردّ العلامة اعتراض من قال إنّ قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النّبيينَ﴾(22) إنّما يدّل على ختم النّبوة من دون ختم الرسالة! من خلال ما تبيّن من آراء العلماء من أنّ النّبوة أعم مصداقًا من الرّسالة، وارتفاع الأعم يستلزم ارتفاع الأخص، ولا سيّما أنّه لا دلالة في الروايات على العموم من وجه بين الرسالة والنّبوة بل الروايات صريحة في العموم المطلق( 23).
فالنّبي يُبعث لينبىء الناس بما عنده من نبأ الغيب؛ لكونه خبيرًا بما عند الله، يبيّن للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أصول الدين وفروعه، والرسول هو المرسَل والحامل لرسالة خاصة، زائدة عن أصل النّبوة، مشتملة على اتمام حجة، يستتبع مخالفته هلاكاً أو عذابًا.
وقد نقل العلامة الطباطبائي ما ورد عن هشام بن الحكم في قوله:” سأل الزّنديق الذي أتى أبا عبد الله (ع) فقال: من أين أثبتَّ الأنبياء والرّسل؟ قال أبو عبد الله (ع): إنّا لما أثبتنا أن لنا خالقًا صانعًا متعاليًا عنّا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيمًا لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه ولا يباشرهم ولا يباشروه ويحاجهم ويحاجوه، فثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم، وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه،والمعبرون عنه جلّ وعزّ وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها غير مشاركين للناس في مشاركتهم لهم في الخلق والتّركيب، مؤيدون من عند الحكيم العليم بالحكمة، مما أتت به الرسل والأنبياء، ثمّ ثبت ذلك في كل دهر وزمان من الدّلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته“(24). والحديث كما أشار العلامة يؤكّد عدّة مسائل منها:
– حجيّة النّبوة العامة.
– تأييد النّبي بالمعجزة.
– عدم خلو الأرض عن الحجة.
ثانيًّا: خصائص الأنبياء: يُشير العلامة الطباطبائي إلى أنّ هناك مجموعة من الخصائص والصفات الخاصّة لابدّ ان تتوفر فيمن يصل إلى مقام النّبوة، منها:
أ- الاصطفاء: وقد جاء في كتابه تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾(25) فالاصطفاء كما جاء في توصيف العلامة أخذ صفوة الشيء، وتمييزه من غيره إذا اختلطا وهو قريب من معنى الاختيار، إلّا أنّ الفارق بينهما أنّ الاختيار قائم على أخذ شيء من بين الأشياء بما أنّه خيرها(26).
والاصطفاء أخذه منها بما أنّه صفوتها، وخالصها ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(27). ويذكر الشّيخ الطوسي في تفسيره أن هذا من حسن البيان الذي يُمثّل فيه المعلوم بالمرئي، وذلك أن الصافي هو النّقي من شائب الكدر في ما يشاهد فمثَّل به خلوص هؤلاء القوم من الفساد لما علم الله ذلك من حالهم لأنهم كخلوص الصافي من شائب الأدناس. فالباري عز وجل إمّا أختار دينهم واصطفاه أو اختارهم للنبوة على عالمي زمانهم، أو بالتّفضيل على غيرهم بما رتبهم عليه من الأمور الجليلة، لما في ذلك من المصلحة(28). يشير العلامة الطباطبائي في تفسيره إلى أنّ هذا المعنى ينطبق بالنظر إلى مقامات الولاية على خلوص العبوديّة بأن يجري العبد في شؤونه جميعها على ما يقتضيه مملوكيته وعبوديته من التسليم الصّرف لربه، وهو التّحقق بالدّين في الشؤون جميعها، فإنّ الدّين لا يشتمل إلاّ على موارد العبوديّة في أمور الدّنيا والآخرة(29). ويرى أنّ مقام الإصطفاء هو مقام الإسلام بعينه والتام لله سبحانه وتعالى، ويشهد لذلك قوله: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(30) فإنّ الظاهر أنّ الظرف متعلق بقوله اصطفيناه، فيكون المعنى أن اصطفائه إنما كان حين قال له ربه أسلم فأسلم لله رب العالمين فقوله تعالى بمنزلة التفسير لقوله اصطفيناه. وقد وقع الاختلاف بين المفسرين في تحديد المصطفين من عبادنا ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾(31) فقيل الأنبياء، وقيل بنو إسرائيل الداخلون في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾(32) ، وقيل أمة محمد، إلّا أنّ المأثور من الروايات المستفيضة أنّ المراد بهم ذرية النّبي محمد من أولاد فاطمة.
- طهارة الآباء والذكورة : فإنّ الأنبياء انتقلت أنوارهم في الأصلاب المؤمنة والأرحام المطهرة فلا يمكن أن يولد النّبي من نسلٍ غير طاهر، وهذا ما أكّدته الروايات النبوية الشّريفة، إذ كان يقول نبي الله محمد (ص) نقلنا من الأصلاب الطّاهرة إلى الأرحام الذّكيّة. أضف إلى ذلك أنّ الأنبياء المرسلين جميعهم كانوا ذكورًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَ رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾(33) فلم يرسل الباري عز وجل نبيًّا من النّساء أو من الملائكة. وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ يذكر العلامة الطباطبائي أنّ الباري عز وجل لم يقل لجعلناه بشرًا حتّى لا يشمل الرجل والمرأة، فالرّسول لا يكون إلّا رجلًا (34).
ولم ينتخب الباري عز وجل الأنبياء إلاّ من جنس البشر؛ ليعكسوا صفات الإنسان الكامل وسلوكه من النّاحية العمليّة أولًا، ولأنّ الإنسان ينجذب بصورة لا إرادية نحو ما يراه في أفراد جنسه ثانيًا. لقد رفض الأقوام فكرة أن يكون الأنبياء من جنس البشر، وكانوا يرون أنّ البشر لا يمكن أن ينالوا مقام النّبوة والوحي،﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَ تَكْذِبُونَ﴾ ويستدلون على ذلك بأنفسهم حيث لا يجدون في أنفسهم شيئًا من ذلك، فيسرون الحكم إلى نفوس الأنبياء مستندين إلى أن حكم الأمثال واحد.
ثمّ إنّهم كانوا يرون أن شأنية الرسول المبعث لا تتناسب ومشاركة الناس في عاداتهم من أكل الطعام، واكتساب الرزق بالمشي في الأسواق، بل يجب أن يختص بحياة سماويّة وعيشة ملكوتيّة لا يخالطه تعب السّعي وشقاء الحياة الأبديّة(35). إلاّ أنّ قوله تعالى في سورة الإسراء آية 95: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلاَئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾ بيانًا لهذه المسألة وأحسم للشبهة كما يبين العلامة الطباطبائي، فلو كان هناك ملائكة يعيشون في الأرض لوجب ظهور أنبياء من جنسهم بينهم.
ج. الكمال العقليّ والتكامل البدني والروحي: فلا بدّ وأن يكون النّبي أكمل قومه عقلًا يتمتع بقوة العقل والتّفكير والتّدبر الذهني ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾(36)، بالإضافة إلى تمتعه بالصفات اللازمة للتّبليغ وهداية الناس وإرشادهم؛ كحسن التّدبير والإدارة، والشّجاعة والصّبر وصدق الحديث، والالتزام بالعهود والمواثيق(37)، كما يقول القرآن الكريم بالنسبة إلى نبي الله إبراهيم الخليل (ع) من أنّه لم يبلغ مقام الإمامة إلّا بعد اجتيازه للامتحانات الإلهية﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾(38) فنبي الله إبراهيم نال تلك المواهب الإلهية العظيمة بعد طيه لهذه المراحل بمحض إرادته واختياره.
وكذلك أشارت الآيات الشّريفة إلى تكاملهم البدني والروحي، واستعدادهم لتلقي الوحي كما في نبي الله يوسف ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ فالآية تبيّن أن أعمال يوسف الإيجابيّة، ولياقته هي التي هيأته لتلك المواهب الإلهية العظيمة(37) فالذي آثر الله به أنبياءه من العصمة إنّما يثبت في نفوسهم، وبحسب رأي العلامة الطباطبائي فضيلة الشّجاعة من دون التّهور والجبن الذي هو بلوغ التأثر النّفساني إلى حيث يبطل الرأي والتّدبير ويستتبع الانهزام.
وفي قوله تعالى في سورة ص: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ﴾ فإنّ كونهم أولي الأيدي والأبصار كناية عن قوتهم في الطاعة، وإيصال الخير، وتبصرهم في إصابة الحق في الاعتقاد والعمل(38).
كما أكّدت الآيات الشّريفة على ضرورة أن يتمتع النّبي بصدق الحديث، وإلاّ لا يمكن الاعتماد على كلامه لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا﴾39 أيّ كثير الصّدق ولا يكذب أبدًا، وفي تقدم وصفه الصدق على النّبوة إشارة إلى أنّ هذا الأصل العقدي إنّما يرتكز على الصّدق، والأرضيّة المناسبة لتقبل النّبوة قائمة على الصدق المطلق. كما بينت الآيات قوتهم الجسديّة وشجاعتهم لقوله تعالى في قصة طالوت: ﴿قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾(40) أي زاده فضيلة وسعة، فقد كان أعلم بني إسرائيل في وقته، وأجملهم وأتمهم وأعظمهم جسماً وأقواهم شجاعة(41).
د. المعجزة: فعل وأثرٌ يأتي به النّبي؛ ليكون دليلًا أو برهانًا على صدق نبوته، ووجود قدرة ما وراء بشريّة تكون علّة إيجاده، تفوق حدود الطاقة الإنسانيّة بشكل عام، ويعجز النّاس عن الإتيان بمثله، لذلك تعدّ المعجزة إحدى الطرق لإثبات دعوى النّبوة فكلّ نبي يبعث من الله يتمتع بقوة وقدرة خارقة، تشهد على صدق دعواه وإلى ذلك يشير العلامة بقوله:” ولا شبهة في دلالة القرآن على ثبوت الآية المعجزة وتحققها بمعنى الأمر الخارق للعادة، الدال على تصرف ما وراء الطبيعة في عالم الطبيعة ونشأة المادة، لا بمعنى الأمر المبطل لضرورة العقل”(42).
وقد أطلق الباري عز وجل على هذه القوى الخارقة التي يبديها الأنبياء بإذنه لفظة الآية أي العلامة والدليل ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾43 فالباء وبحسب رأي العلامة الطباطبائي للمصاحبة أي ولقد أرسلنا موسىع مصحوباً لآياتنا. والذين بعثهم الله من الأنبياء والرسل، وأيّدهم بالآيات المعجزة على ثلاثة أقسام بحسب كلام العلامة الطباطبائي إذ يقول:” إنّ الآيات المعجزة التي يقصّها الكلام الإلهي إما آيات أتاها الله الأنبياء حين بعثهم؛ لتكون حجة مؤيدة لنبوتهم أو رسالتهم كما أوتي موسى ع اليد البيضاء والعصا، وأوتي عيسى ع إحياء الموتى، وخلق الطير وإبراء الأكمه والأبرص، وأوتي محمد ص القرآن، وهذه آيات أوتيت لحاجة الدعوة إلى الإيمان وإتمام الحجة على الكفار ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينة. وإمّا آيات معجزة أتى بها الأنبياء والرّسل لاقتراح الكفار عليهم كناقة صالح، ويلحق بها المخوِّفات والمعذبات المستعملة في الدعوة كآيات موسى (ع) على قوم فرعون من الجراد والقمَّل والضفادع وغير ذلك في سبع آيات، وطوفان نوح، ورجفة ثمود وصرصر عاد، وهذه أيضًا آيات متعلقة بالمعاندين الجاحدين.
وإمّا آيات أراها الله المؤمنين لحاجة مسَّتها، وضرورة دعت إليها، كانفجار العيون من الحجر، ونزول المن والسلوى على بني إسرائيل في التّيه، ورفع الطور فوق رؤوسهم وشق البحر لنجاتهم من فرعون وعمله، فهذه آيات واقعة لإرهاب العاصين والمستكبرين أو كرامة للمؤمنين لتتم كلمة الرحمة في حقهم من غير أن يكونوا قد اقترحوها”(44). وقد شاع بين المتكلمين وعلماء أصول العقائد أنّ للمعجزة اصطلاحين:
1: اصطلاح خاص بالأنبياء، وهي التي تقترن بها دعوى النّبوة.
2: اصطلاح عام وهو الذي يشمل معاجز الأئمة المعصومين والتي يطلق عليها كرامات. لذلك عندما نطلق لفظة المعجزة بكونها دليلًا على النّبوة، فإنّنا نقصد منها الاصطلاح الخاص أمّا عندما ننسبها إلى غير الأنبياء، فإنّنا نقصد معناها العام وهو كل فعل خارق للعادة يكون بالاعتماد على القدرة الإلهية سواء جرت على يد نبي أم على يد غيره.
ه. الولاية: بمعنى القيّومية وحقّ التصرف للمعصومين في حق الخلق بإذن من الله تعالى، وتنقسم الولاية إلى ولاية تكوينيّة وأخرى تشريعيّة، وقد بيّنت الآيات الشريفة أنّ حق الولاية لله تعالى، إلّا أنّه قد يمنحه لأنبيائه وأئمته فيجوّز لهم التصرف كلٌ بحسبه:
- الولاية التّكوينيّة: والمراد منها تصرف الأنبياء والمعصومين بالكون وفي الموجودات تصرفًا لم تألفه الحواس ولا ينكره العقل، ومقيّدًا بمشيئة الله وإذنه ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾(45). ونجد القرآن الكريم ينسب إلى أنبيائه، وأوليائه هذه القدرة التكوينية كما في قصة النّبي عيسى (ع) ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ﴾(46). ومّما روي عن أبي عبد الله ع أنّه قال:” إنّ عیسی بن مریم أُعطي حرفين كان یعمل بهما، وأُعطي موسى (ع) أربعة أحرف، وأُعطي إبراهیم (ع) ثمانية أحرف، وأُعطي آدم خمسة وعشرين حرفًا، وأُعطي نوح ع خمسة عشر حرفًا، وأنّ الله تعالى جمع ذلك كلّه لمحمد (ص) وإنّ اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفًا أُعطي محمد‘ اثنين وسبعين حرفًا وحجب عنه حرفًا واحدًا”(47). وأشارت جملة من الآيات القرآنيّة الصريحة على تمتّع نبي الله سليمان بهذه الولاية التكوينيّة والقدرة على التصرف بالكون، من خلال تسخير الرّياح، والتكلّم مع الطير والنمل، كما في قوله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ هذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(48).
- الولاية التّشريعيّة: وهي القيام بالتّشريع والدّعوة وتربية الأمّة(49) والحكم فيهم والقضاء في أمرهم، وفي ذلك يشير العلامة الطباطبائي إلى أنّ الإسلام:” فالإسلام وهو مجموع ما نزل من عند الله سبحانه ليعبده به عباده دين، وهو من جهة اشتماله – من حيث العمل به – على ولاية الله وولاية رسوله وأولياء الأمر بعده نعمة. ولا يتم ولاية الله سبحانه أي تدبيره بالدين لأمور عباده إلا بولاية رسوله، ولا ولاية رسوله إلا بولاية أولي الأمر من بعده، وهي تدبيرهم لأمور الأمة الدينية بإذن من الله”(50) فهم بذلك يملكون حقّ التّشريع، والقدرة على بيان الحكم الشرعي الواقعي الذي يريده الله تعالى والمعرفة الصحيحة لأحكام الله لقوله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾(51) فسلطتهم مستمدة من سلطة الباري عز وجل، وعلى الآخرين أن يطيعوهم ويمتثلوا أوامرهم ويجتنبوا نواهيهم.
ويعرّف العلامة الطباطبائي الولاية التّشريعيّة بقوله إنّها القيام بالتّشريع والدعوة، وتربية الأمة والحكم والقضاء في أمورها واختلافاتها. وبهذا المعنى عدّ الله تعالى نبيه وليًّا للمؤمنين”(52). وأمّا المعنى الخاص للولاية التّشريعيّة، فهي الولاية في وضع الشّريعة وجعل أحكام الدّين. وهذا النّحو من الولاية له ثلاثة أقسام بعضها مختص برسول الله ص وبعضها مختص بالحاكم الشّرعي، وهو الإمام المعصوم بحسب الروايات الشّريفة. فالحكم لله سبحانه لا يشاركه فيه غيره على ظاهر ما تدل عليه الآيات غير أنّه تعالى ربما ينسب الحكم وخاصة التشريعي منه في كلامه إلى غيره كقوله تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾(53) إلى غير ذلك من الآيات، وضمّها إلى القبيل الأول يفيد أنّ الحكم الحق لله سبحانه بالأصالة أولًا لا يستقلّ به أحد غيره، ويوجد لغيره بإذنه ثانيًا، ولذلك عدّ تعالى نفسه أحكم الحاكمين وخيرهم لما أنه لازم الأصالة والأوليّة فقال: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾(54). فالآيات الشّريفة الواردة في القرآن تشير إلى أنّه سبحانه هدى الإنسان ببعث الرسل، وإنزال الكتب، ودعوته إلى إطاعة أولي الأمر والرجوع لأهل الذكر.
ويذكر العلامة الطباطبائي أنّ لإطاعة الرسول ص معنى ولإطاعة الله سبحانه وتعالى معنى آخر، وإن كانت طاعة الرّسول ص إطاعة لله بالحقيقة، لأنّ الله هو المشرع لوجوب طاعته. فالباري عزّ وجل لا يريد بإطاعته إلاّ إطاعته في ما يوحيه إلينا من المعارف والشّرائع، وأمّا رسوله فله حيثيتان: إحداهما حيثيّة التّشريع بما يوحيه ربّه من غير كتاب، وهو ما يبينه للناس من تفاصيل ما يشتمل على إجماله الكتاب وما يتعلق ويرتبط بها، والثانية ما يراه صواب الرأي وهو الذي يرتبط بولاية الحكومة والقضاء ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ﴾.
و. الإخلاص والإيثار الكامل: وهي من الخصائص المهمة للأنبياء كما يشير العلامة الطّباطبائي والتي أكد عليها القرآن الكريم، وهي عدم توقّعهم لأيّ نوع من المكأفاة الماديّة والأجر في مقابل دعوتهم إلى الله، وقد صرَّح القرآن بهذا الأمر وأقّر به لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(55) فإنّ أخلص الأعمال وأطهرها ما يكون الدّافع إلى الاتيان بها وجه الله سبحانه وكسب مرضاته، وامتثال أمره وإنّ عمل الأنبياء ودعوتهم إلى اصلاح المجتمع خير مثال ونموذج له، وهكذا اتفقت كلمة الأنبياء على أنّهم يبلغون رسالات الله تطوعًا وطلبًا لمرضاة الله، ولا يسألون الناس أجرًا ولا جزاء حتّى صار ذلك شعارًا لهم. ويشهد على إيثارهم أيضًا قوله تعالى حاكيًا عن الرجل الذي جاء من أقصى المدينة داعيًا النّاس أن يتَّبعوا المرسلين ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ ترجعون﴾(56)، فإنّ الدافع إلى دعوتهم كان امتثال أمره سبحانه وتعالى فهؤلاء الرسل كانوا يقومون بأفضل خدمة للبشرية امتثالًا لأمره سبحانه وتنفيذًا لإرادته من غير أن يتوقعوا أجرًا ولا جزاء.
الاستنتاجات: قدّم العلامة الطباطبائي من خلال ماسردناه في طيات هذه الوريقات رؤية متكاملة حول النّبوة مشيراً إلى أنّ مبدأ النّبوة من المبادىء الأساسية في الدين الإسلامي، وأنّ الأنبياء وسطاء ناقلين للكلام الإلهي الذي يعّد مصدر حاجة للناس، يلبي حاجاتهم ويسوقهم نحو الكمال المنشود، وفي ذلك يقول: “لذلك فهو – الإنسان – مضطر إلى الاجتماع والتّعاون والتّمدن مع أمثاله والحياة معهم، فالأفراد في أخلاقها مختلفة، والطبائع إلى التعدي والتّخصيص، والمنافع مجبولة بمزاحمة غيرها، وحينذاك وقع الاحتياج إلى قوانين يحفظ بها الاعتدال في الاجتماع، وإلى من يحفظ هذه القوانين”(57). وقد بيّن العلامة هذه القضية من خلال نقاط عدّة:
الأولى: إنّ الإنسان إذا أراد الوصول إلى الهدف الذي خلق لأجله، ولم يساعده عقله في ذلك، فهو إذن بحاجة إلى وحي يوصله. هذا الوحي الذي وصف بعبارات العلامة بأنّه شعور رمزي، خارق للعادة، خفيّ عن الحواس، موصل للكمالات ورافع للاختلافات، دليل على ضرورة النّبوة.
الثانية: إنّ الإنسان بحاجة إلى الاجتماع مع بني جنسه، وهذا لا يتمّ إلاّ بقانون جامعٍ وكامل يكفل للمجتمع البشري السير والهداية في مسار العدالة والتكامل. ولذلك نرى أن تاريخ الإنسان وبنظر القرآن قد ترافق مع تاريخ الوحي والنّبوة، فلقد كان الوحي موجودًا كبرنامج تكامل للإنسان.
الثالثة: إنّ الأنظمة والدول تعترف أن وضع القوانين العدالة بين الناس، وإقامة هذه العدالة تتوقف على معرفة حاجاتهم وامكاناتهم، والإنسان عاجز عن وضع قانون للبشرية نتيجة جهله وعدم إحاطته بالحاجات البشرية، فالباري عز وجل هو العالم والمحيط بالإنسان وبهدفه وإمكاناته وغير ذلك بوصفه خالقه، وفي ذلك إثبات أيضًا لحاجة البشرية للرسل من أجل بيان هذه القوانين والتّشريعات من جهة، ومن جهة أخرى لعجز العقل عن ضمان السعادة النهائية للإنسان.
الرابعة: إنّ عمليّة الاهتداء لدى البشر حتّى تحصل لابدّ أن يكون الشخص الهادي والذي يبين الحكم موثوقًا ويمكن الاعتماد عليه، يتمتع بمجموعة من الصفات والخصال كالصّدق والأمانة والإيثار، وتجري على يدّيه آيات وبينات خارقة للعادة، معصوم عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، ويتمتع بحق الولاية التّشريعيّة الذي حصره الباري عز وجل به ومنحه ووهبه لمن يشاء من عباده ومنهم الأنبياء.
الهوامش
1 – يراجع: ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ط1، دار الجيل، بيروت، 1991م،1411هـ، مج 5، ص384.
2 – المصدر نفسه،المجلد نفسه، ص385.
3 – يراجع: المعجم الوسيط. ط2،( لاد)،( لام)( لات)، ج2، ص896.
4 – الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن. ط1، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1417هـ/1997م.،ج2، ص133.
5 – ابن ميثم البحراني، ميثم بن علي: قواعد المرام في علم الكلام. تحقيق: أنمار المظفر. الطبعة الأولى، (لاد)، كربلاء، 1434هـ/2013م، ص122.
6 – المظفر، محمد رضا: عقائد الإمامية. الطبعة الثانية، نور الأمل، القاهرة، 1318هـ، ص28.
7 – يراجع: الطوسي، محمد بن الحسن: الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد. الطبعة الثانية، دار الأضواء، بيروت،1406هـ/1986م، ص244.
8 – المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوارالجامعة لدرر الأئمة الأطهار. الطبعة الثانية، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403هـ/1983م.ج11 ص29.
9 – يراجع: ابن منظور: لسان العرب. الطبعة الأولى، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1426هـ/2005م، ج1،ص1507.
10 – سورة الشعراء، الآية16.
11 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن.(م.س)، ج2، ص143.
12 – سورة الحج، الآية52.
13 – سورة الأعراف، الآية94
14 – يراجع: وهبي، مالك: عصمة الأنبياء بحوث وتساؤلات. الطبعة الأولى، دار الهادي، بيروت، 1425هـ/2004م، ص20.
15 – سورة الزمر، الآية69.
16 – سورة المائدة، الآية109.
17 – الميزان في تفسير القرآن. (م.س)، ج2، ص142.
18 – سورة مريم، الآية 51.
19 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن.(م.س)، ج1،ص266.
20 -سورة يونس، الآية47.
21 – يراجع: الكليني، محمد بن يعقوب، أصول الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري. الطبعة الخامسة، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1363ش، ج1،ص176
22 – سورة الأحزاب، الآية40.
23 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)، ج2،ص148.
24 – أصول الكافي،(م.س)، ج1، ص 168، باب الإضطرار إلى الحجة.
25 -سورة آل عمران، الآية33.
26 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)، ج 1،ص295. /ج17،ص45 / ج3+،ص190-191.
27 -سورة البقرة، الآية130.
28 – يراجع: الطوسي، محمد بن الحسن: التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير. ط1، مكتبة الإعلام الإسلامي، (لام)، 1409هـ.ج2،ص441 / الميزان،ج3،ص191.
29 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)،ج1، ص295. / ج3،ص190.
30 – سورة البقرة، الآية131.
31 -سورة فاطر، الآية32
32 -سور ال عمران، الآية33.
– سورة يوسف، الآية109.33
35 -يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)،ج7،ص21
36 – سورة ص الآيات 17-19.
37 – يراجع: قراءتي، محسن: دروس في القرآن. ط1، مكتبة الإعلام الإسلامي، قم، 1404هـ.ص189.
38 -سورة البقرة، الآية124.
37 – يراجع: الشيرازي: ناصر مكارم: الكشكول العقائدي. ط1، دار جواد الأئمة، بيروت،1431هـ/2010م.ص 19.34 يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)ج7،ص24.
38 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)،ج17،ص213.
39 – سورة مريم، الآية41
40 – سورة البقرة، الآية247.
41 – يراجع: الطبرسي، أبي علي الفضل الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن. (لاط)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت- لبنان،1425ه/2005.ج2،ص142.
42 – المصدر نفسه، ج1، ص67.
43 – سورة غافر، الآية23.
44 -الميزان في تفسير القرآن، (م.س)،ج6،ص225.
45 -سورة المائدة، الآية110.
46 – سورة آل عمران، الآية49.
47 – بحار الأنوار،(م.س)، ج17،ص134، باب ما أعطي الأئمة من اسم الله الأعظم.
48 – سورة ص، الآية36.
49 – يراجع: عضيمة، صالح: مصطلحات قرآنية.ط1، دار النصر، بيروت،1414هـ/1994م.ص439.
50 – الميزان في تفسير القرآن،(م.س)،ج5،ص185.
51 – سورة النور، الآية54.
52 – يراجع: الميزان في تفسير القرآن،(م.س)،ج6،ص14-15
53 – سورة المائدة، الآية95.
54 – الميزان في تفسير القرآن، (م.س)،ج7،ص118.
55 – سورة الشعراء، الآية 109.
56 -سورة يس، الآيات 20-22.
57 – الطباطبائي، محمد حسين: كتاب الإنسان. ط2، دار الأضواء، بيروت، 1413ه/1992م.ص 45-46.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم
2.ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ط1، دار الجيل، بيروت، 1991م،1411هـ.
3.ابن منظور: لسان العرب. الطبعة الأولى، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1426هـ/2005م.
4.ابن ميثم، ميثم بن علي البحراني: قواعد المرام في علم الكلام. تحقيق: أنمار المظفر. الطبعة الأولى، (لاد)، كربلاء، 1434هـ/2013م.
5.الشيرازي: ناصر مكارم: الكشكول العقائدي. ط1، دار جواد الأئمة، بيروت،1431هـ/2010م.
6.الطباطبائي، محمد حسين: كتاب الإنسان. ط2، دار الأضواء، بيروت، 1413ه/1992م.
7.الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن. ط1، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1417هـ/1997م.
8.الطوسي، محمد بن الحسن: التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير. ط1، مكتبة الإعلام الإسلامي، (لام)، 1409هـ.
9.الطوسي، محمد بن الحسن: الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد. الطبعة الثانية، دار الأضواء، بيروت،1406هـ/1986م.
10.الطبرسي، أبي علي الفضل الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن. (لاط)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت- لبنان،1425ه/2005.
11.عضيمة، صالح: مصطلحات قرآنية.ط1، دار النصر، بيروت،1414هـ/1994م.
12.قراءتي، محسن: دروس في القرآن. ط1، مكتبة الإعلام الإسلامي، قم، 1404هـ.
13.الكليني، محمد بن يعقوب، أصول الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري. الطبعة الخامسة، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1363ش.
14.المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوارالجامعة لدرر الأئمة الأطهار. الطبعة الثانية، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403هـ/1983م.
- المظفر، محمد رضا: عقائد الإمامية. الطبعة الثانية، نور الأمل، القاهرة، 1318هـ.
- وهبي، مالك: عصمة الأنبياء بحوث وتساؤلات. الطبعة الأولى، دار الهادي، بيروت، 1425هـ/2004م.
- المعجم الوسيط. ط2،( لاد)،( لام)( لات).
1- طالبة دكتوراه في الدّراسات الإسلاميّة ، كلية الدّراسات الإسلاميّة في الجامعة الإسلاميّة – خلده – بيروت – لبنان.
PhD student in Islamic Studies, Faculty of Islamic Studies at the Islamic University – Khaldeh – Beirut – Lebanon Email: Zainabf313@hotmail.com