foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

بلدة مغدوشة: تنظيم المجال وبناء الشّخصيّة البصريّة

0

بلدة مغدوشة: تنظيم المجال وبناء الشّخصيّة البصريّة

“Village Magdouché: Organisation de l’espace et construction de l’identité visuelle”

ريتا جوزاف عيد  Rita Joseph Eid [i]

د ـ طوني غصين – Dr. Toni Ghossain[ii]

تاريخ الإرسال: 27-6- 2024                       تاريخ القبول: 9-7-2024

ريتا جوزاف عيد

تحميل نسخة PDF

المستخلص: في إطار تنظيم المجال وترتيب الأراضي في البلدات الصغيرة، لم يعد اللجوء إلى المساحات الخضراء والعناية العمرانيّة مسألة كافية ومبدعة، بل صار إلى جانب ذلك يُعمل على إطلاق هوية البلدة والاعتماد على عناصرها التّراثيّة.

في هذا السّياق، تشكّل مغدوشة نموذجًا كبير الأهمية لهذا النّوع من تنظيم المجال، وذلك بالاعتماد على تراث ديني، تراث زراعي بامتداداته الحرفيّة المختلفة، وفي إطار إنشاء منظومات ترتيب شموليّة للبلدات، وأهمّها: “منظومة الشّخصيّة البصريّة”، و”منظومة الشّبكة الخضراء” La trame verte.

ويُقصد بـ “منظومة الشّخصيّة البصريّة” للبلدة، الطابع الفريد والمميز الذي يميز البلدة بصريًّا من غيرها من البلدات. تتكون الشّخصيّة البصريّة من مجموعة من العناصر المرئيّة مثل الموضع، المنشآت العمرانيّة والتّصميم المعماري، والتّنسيق اللوني، والمساحات الخضراء على أنواعها وغيرها من العناصر التّراثيّة التي تميز الهوية البصريّة للبلدة وتساهم في بناء صورتها وتميزها من باقي البلدات.

أمّا “منظومة الشّبكة الخضراء ” La trame verte ، تعني البنية التّحتيّة التي تتضمن شبكة متكاملة من المساحات الخضراء داخل البلدة. هذه المساحات الخضراء يمكن أن تشمل الحدائق العامة، والمتنزهات، والممرات الخضراء، والمناطق الطبيعيّة المحفوظة التي تعدُّ ذات قيمة بيئيّة وجماليّة. تتمثل أهميّة منظومة الشّبكة الخضراء في تعزيز الصّحة النّفسيّة للسكان، وتقديم فرص للترفيه والتّسلية، وتحسين جودة الهواء، وتوفير مساحات للنباتات والحيوانات البريّة، وتعزيز جماليّة المنظر العام للبلدة.

أظهرت الدراسة أنّ هُوية بلدة مغدوشة تعتمد على عناصر تراثيّة عديدة، مهملة وغير مترابطة، وتحتاج الى ترتيب في إطار تنظيم المجال ضمن منظومات ترتيب شموليّة للبلدة. وقدّمنا أمثلة عن تدخلات ممكنة من أجل تحسين الشّخصيّة البصريّة في بعض الأماكن في مغدوشة، من خلال ربط عناصرها التّراثيّة بهدف ترتيب أراضيها وتنظيمها.

 

تحقيق الشّخصيّة البصريّة المميزة لمغدوشة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تنشيط السياحة إلى البلدة. لذا؛ وُضِعت خطوات واستراتيجيّات يمكن لخطة “تنمية السياحة في مغدوشة” أن تعتمدها في سبيل الجذب السّياحي نحو البلدة.

الكلمات المفتاحيّة: تنظيم المجال – ترتيب الأراضي – منظومة الشّبكة الخضراء – منظومة الشّخصيّة البصريّة.

Abstrait

Dans le cadre de l’organisation de l’espace et de l’aménagement du territoire dans les petites villes, le recours aux espaces verts et aux soins urbanistiques n’est plus une question

suffisante et créative. En parallèle, il est désormais essentiel de développer l’identité de la ville et de s’appuyer sur ses éléments patrimoniaux. Dans ce contexte, Magdouché constitue un modèle très important de ce type d’organisation spatiale, en s’appuyant sur un héritage religieux et agricole avec ses diverses expressions artisanales.

Dans le cadre de la création de systèmes d’aménagement global pour les villes, notamment la “trame verte” (La trame verte), la “personnalité visuelle” désigne le caractère unique qui distingue visuellement une ville des autres. Cette personnalité visuelle se compose d’un ensemble d’éléments visuels tels que la disposition, les infrastructures urbaines et l’architecture, la coordination des couleurs, les espaces verts de différents types et d’autres éléments patrimoniaux qui distinguent l’identité visuelle de la ville et contribuent à construire son image distinctive par rapport aux autres villes.

Quant à la “trame verte”, elle désigne l’infrastructure qui comprend un réseau intégré d’espaces verts à l’intérieur de la ville. Ces espaces verts peuvent inclure des parcs publics, des promenades verdoyantes, des zones naturelles préservées, toutes ayant une valeur environnementale et esthétique. L’importance de la trame verte réside dans la promotion de la santé mentale des habitants, la fourniture d’opportunités de loisirs et de divertissement, l’amélioration de la qualité de l’air, la création d’espaces pour la flore et la faune sauvages, ainsi que l’amélioration de l’esthétique générale de la ville.

Cette étude a montré que l’identité de Magdouché repose sur divers éléments patrimoniaux, souvent négligés et non connectés, nécessitant une organisation dans le cadre de systèmes d’aménagement global pour la ville. Nous avons proposé des exemples d’interventions potentielles pour améliorer la personnalité visuelle dans certaines zones de Magdouché, en reliant ses éléments patrimoniaux dans le but d’organiser et de structurer ses territoires.

La réalisation d’une personnalité visuelle distinctive pour Magdouché pourrait grandement contribuer à dynamiser le tourisme vers la ville. Ainsi, des étapes et des stratégies ont été élaborées pour que le plan de développement touristique de Magdouché adopte ces approches en vue d’attirer les visiteurs vers la ville.

mots-clés: Organisation de l’espace- Aménagement du territoire- système de Trame Verte- système de personnalité visuelle.

في إطار العمل على تنظيم المجال وترتيب الأراضي في البلدات اللبنانيّة، نجد أنّ السّائد عمومًا،    لجوء البلدات، بشكل أساسي الى استخدام عناصر من المساحات الخضراء (صفوف الأشجار، حدائق، مشاريع تحريج،…) وعناصر عمرانيّة (أبنية مميزة، طرقات، أرصفة، إنارة، نصب تذكارية وجماليّة، جدران دعم،…). غير أنّ هذه الاستخدامات، هي في أكثر الأحيان، أعمال منفردة، وليست مشاريع متنوعة في إطار منظومات متكاملة. لهذا السبب غالبًا ما تكون غير قادرة على أن تشكّل وحدها إنجازات كافية، ومبدعة، وجاذبة.

في هذا السّياق، وتحقيقًا لمشاريع متقدمة في تنظيم المجال، صار من الضروري أن يعمل إلى جانب ما هو سائد، على بناء منظومات ترتيب شمولية للبلدات، وأكثرها أهميّة: “منظومة الشّخصيّة البصريّة”، و”منظومة الشّبكة الخضراء” La trame verte:

“منظومة الشّخصيّة البصريّة“: تتكون الشّخصيّة البصريّة للبلدات من عناصر عدة أكثرها أهميّة: موضع البلدة، وتكوينها المورفولوجي والطبيعي، والمساحات الخضراء على أنواعها، وشبكة مواصلاتها، وتوزيع منشآتها العمرانيّة، وشبكات الطاقة والإنارة، وعناصرها التّاريخيّة، والمجتمعيّة، وعناصرها التّجميليّة. إنّ الاهتمام بالشّخصيّة البصريّة يقتضي العمل على إطلاق هويات البلدات، بالاعتماد على عناصرها التّراثيّة، وعلى أحوال مختلف معالمها البيئية، والعمرانيّة، والبصريّة.

منظومة الشّبكة الخضراء ” La trame verte : هي مفهوم بيئي نشأ وتطور منذ الثمانينيات، ويمثل شبكة مترابطة من العناصر والتّشكيلات النباتية المتنوعة، وهي تربط بين المساحات الطبيعيّة الخضراء، والمساحات الزّراعيّة في البلدات والمدن. تشمل هذه التّشكيلات صفوف الأشجار، والممرات النباتيّة في المدن، والحدائق، والمساحات الطبيعيّة الأخرى التي توفر للنباتات والحيوانات ممرات وموائل آمنة للتنقل والعيش.

تهدف “الشّبكة الخضراء” إلى دعم التنوع البيولوجي، وحماية النّظم الإيكولوجيّة، وتعزيز جودة الهواء والمياه، إضافة إلى تحسين نوعيّة الحياة للمجتمعات البشرية. تعدُّ هذه الشّبكة جزءًا من استراتيجيات التنمية المستدامة، حيث تساهم في توفير مساحات خضراء للتخفيف من آثار التّغير المناخي والحد من التلوث البيئي.

نحاول في هذا البحث أن نقترح على بلدة مغدوشة نموذجًا لهذا النّوع المنظومي من تنظيم المجال، وذلك بالاعتماد على تراث ديني، وتراث زراعي بامتداداته الحرفيّة، وفي إطار إنشاء ” شخصيّة بصريّة” و”شبكة خضراء” تشكلان معًا منظومة متكاملة جامعة لمجالات البلدة وعناصر هويتها. يسعى البحث أيضًا إلى تسليط الضوء على الدّور الحيوي لهذه العناصر في الحفاظ على هوية مغدوشة، ودورها في جذب السيّاح الذين يبحثون عن تجارب تربط بين الطبيعة والتراث.

1-الموقع الجغرافي لبلدة مغدوشة: بلدة مغدوشة تتبع لقضاء صيدا في محافظة لبنان الجنوبي، تقع على بُعد نحو 52 كيلومترًا من قلب العاصمة بيروت، وعلى بُعد حوالى 7.3 كيلومترات فقط من مدينة صيدا، ولا تبعد سوى 2 كيلومتر تقريبًا من الطريق السّريع الساحلي بيروت – صيدا – صور. بالإضافة إلى ذلك، تتميز مغدوشة أيضًا بموقعها على الطريق الرئيس الذي يربط بين مدينة صيدا والمناطق الجبلية والدّاخلية، بدءًا من جباع وصولًا إلى جزين ثم مرجعيون.

على صعيد الجوار المباشر، تتصل مغدوشة بعدة قرى وبلدات، فنجد من الغرب مدينة الغازيّة وقرية درب السّيم، ومن الشّمال قريتي درب السّيم وزغدرايا، ومن الشّرق قريتي عنقون وطنبوريت، ومن الجنوب قريتي قناريت وزيتا. وهذا ما يمنح البلدة طابعًا محليًّا خاصًّا متنوع الثقافة. الى جانب تشكيلها مركزًا حيويًا يسهل اتصاله ببيروت وصيدا والمدن والبلدات الأخرى، سواء السّاحليّة منها أو الدّاخليّة والجبليّة.

2-السّكان وإشغالات الأراضي في مغدوشة: يبلغ عدد سكان مغدوشة المسجلين حوالى 10,000 نسمة، أمّا عدد السكان المقيمين حاليًا في البلدة فيبلغ حوالى 4000 نسمة، مع العلم أنّه كان في العام 1980 يقارب الـ 5000 نسمة. توزعت مساحة الأراضي في مغدوشة، التي تبلغ حوالي 4.14 كيلومتر مربع، على عدة استخدامات رئيسية كما يظهر في الجدول رقم 1:( خريطة رقم 1)

  1. المجال المبني: يشمل الأراضي التي تضم الأبنية المختلفة منها المساكن، والمحلات التجاريّة، والبيوت التّراثيّة، ومقام سيدة المنطرة، والبنية التّحتيّة مثل الطرقات والشّوارع والسّاحات والأرصفة. تبلغ مساحة المجال المبني حوالى 0.90 كيلومتر مربع أي ما يعادل 21.76% من مساحة مغدوشة الاجماليّة، وهي نسبة مرتفعة بالنّظر الى عدد الأبنية القائمة والذي يقدر بحوالى 750 بناء.
  2. المجال الزراعي: يشمل الأراضي المستغلة حاليًا في الزراعة. تبلغ مساحة المجال الزراعي حوالى 2.23 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 53.86% من مساحة مغدوشة الإجماليّة. تعدُّ النسبة مرتفعة، وهي تمثّل الجهود المستمرة للحفاظ على هذه الأراضي الزّراعيّة، في ظل تراجع النّشاط الزراعي عمومًا في لبنان، ولا سيّما في ضواحي المدن وهوامشها، كما هو الواقع في مغدوشة. وتجدر الإشارة الى أنّ مغدوشة تُعرف بكرومها التي تعدُّ جزءًا لا يتجزأ من تراثها الزراعي والاقتصادي. كما تعرف بشجرة البوصفير التي تعدُّ رمزًا لهويتها.
  3. الأراضي المتروكة: تشمل الأراضي الزّراعيّة غير المستخدمة حاليًا، والأراضي الجرداء الصخريّة أو التي تغطيها النباتات العشبيّة الموسميّة بشكل ضعيف. تبلغ مساحتها حوالى 0.77 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 18.59% من مساحة مغدوشة، تعدُّ هذه الأراضي، بمعظمها، قابلة للاستفادة بالزراعة والتحريج ولا سيما حيث تمتد الأراضي العشبيّة.
  4. الغطاء النّباتي الطبيعي: يتكون من مساحات ضيّقة، تحتوي على أشجار الصنوبر والسنديان في أقصى شمال وجنوب البلدة. تبلغ مساحة الغطاء النباتي الطبيعي حوالى 0.24 كيلومتر مربع، أي حوالى 5.79% فقط من مساحة مغدوشة. وهي مساحة ضئيلة عمومًا، ويقتضي العمل على تحريجها في إطار “منظومة الشّبكة الخضراء”

جدول1: اشغالات الأراضي في بلدة مغدوشة

نوع الإشغال المساحة بالكلم2 النسبة المئوية من المساحة الاجمالية
المجال المبني 0.90 21.76
المجال الزراعي 2.23 53.86
مجال الأراضي المتروكة 0.77 18.59
مجال الغطاء النباتي الطبيعي 0.24 5.79
المجموع 4.14 100%

المصدر: احتساب من خرائط البحث المعدة ميدانيًّا.

 

 

هذا التوزيع يعكس تنوّع إشغالات الأراضي في مغدوشة بين العمران، والزراعة التّقليديّة، والأراضي المتروكة، والغطاء النباتي الطبيعي، مشكّلةً بمعظمها العناصر التّراثيّة للبلدة.

3-عناصر الشّخصيّة البصريّة في مغدوشة: تتعدد العناصر والأعمال التي تدخل في بناء الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة وأكثرها أهمّيّة:

  • موضع البلدة.
  • مقام “سيدة المنطرة”.
  • استخدام معالم البلدة المميزة
  • البيوت التّراثيّة في أحياء البلدة القديمة.
  • زراعة كرمة “عنب مغدوشة”.
  • زراعة البوصفير وامتداداتها الحرفيّة.
  • بناء “الشّبكة الخضراء” la trame verte ” .
  • إزالة التلوث البصري.
  • استخدام الطاقة الشّمسيّة.

     3-1 الموضع: تكثر التلال، والضهور، والمطلات والمشاهد المشرفة في مغدوشة، ما يجعلها تشرف على مشاهد البحر الممتد بدءًا من مدينة صيدا وحتى اقصى الجنوب تقريبًا، إضافة الى كونها محاطًة بالطبيعة الخضراء من أشجار صنوبر، وأحراج سنديان، وزيتون، وبوصفير، وكرمة. تكثر إطلالات البلدة على السّاحل والبحر والمنطقة الجبليّة من منطقة مقام السيدة، ومن أطراف التلال والمطلات الأخرى. إنّ الانتباه الى المستوى الجمالي في العناصر الطبيعيّة والعمرانيّة في هذه المناطق المشرفة، أمر أساسي لإعطاء صورة الموضع لمغدوشة.

3-2 مقام “سيدة المنطرة”: من المعالم المهمّة التي يمكن الاعتماد عليها لبناء شخصيّة مغدوشة البصريّة يمكن أن نذكر مقام السيدة العذراء، وتمثالها الذي يمكن التعرف اليه من مسافات بعيدة. يتمتع المقام بحضور بصري قوي جدًا، وخصوصًا لأنّه يملك أبعادًا مهمة من النّواحي الدّينيّة والثقافيّة والمجتمعيّة والجماليّة. في الواقع، تشتهر مغدوشة بـ “مقام سيدة المنطرة”، الذي يمثل مركزًا دينيًا وروحيًّا مهمًّا. إنّه مقام ديني مسيحي، يشكل المدخل الغربي لبلدة مغدوشة، ويقع بالقرب من مدخل مدينة صيدا الجنوبي. يبعد حوالى 6.5 كلم عن مدينة صيدا، ويشرف على ساحلها من حوالى 220 متراً. اكتشف سكان البلدة مغارة السيدة في العام 1721 واستخدموها ككنيسة ومدفن للكهنة. يتمثل المقام بمغارة يبلغ طولها الأقصى حوالي 15 مترًا. حوّلت المغارة بعد ذلك إلى مزار تقامُ فيه الصّلوات والاحتفالات الدّينيّة. أقيم سنة1963 بالقرب من المقام برجٌ يبلغُ ارتفاعه 18 مترًا. بالإضافة الى ذلك نشير الى وجود في موقع مغارة السّيدة، تمثال برونز يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار ونصف المتر. يمكن رؤية التّمثال بوضوح من الطريق السّاحليّة التي تصل بيروت بالجنوب، ما يجعله جزءًا بارزًا من المنظر البحري الجاذب في المنطقة. ولقد شُيِّد “بازيليك” قرب المغارة تستوعب حوالى 1200 شخصًا.

يأتي الزوار من المناطق اللبنانية جميعها ومن خارج لبنان. وقد وُضع المقام على خريطة السياحة الدّينيّة العالميّة في أيار 2016. يزور المقام حوالى 70 ألف سائح سنويًّا، ومن الملاحظ أن 99% من السّياح، يكتفون بزيارة مقام السّيدة، ويغادرون بعد ذلك مغدوشة، من دون زيارتها. وهذا الأمر يعتدُّ ضعفًا في النّشاط السّياحي.

      3-3 استخدام معالم البلدة المميزة: تتعدد المعالم المميزة في مجال مغدوشة. ومنها مقام السّيدة، والطريق العام الأساسي الذي ينطلق من نقطة تأسيس مغدوشة مشكّلًا، الشريان الرئيس الذي يجمع الميادين والساحات المهمّة التي يتجمع الناس فيها وينشطون. ومنها أواسط البلدة في نقطتي الكنيسة والبيدر والمنازل التّراثيّة في أحيائها القديمة. وتجدر الإشارة الى مفهوم “الشّارع المتكامل”، وهو مصمّم لخدمة الأفراد من الأعمار جميعها والقدرات، ووسائل النقل جميعها. فتصميم الشارع يوفّر وصولًا آمنًا ومريحًا طوال السّنة للمشاة، وراكبي الدّراجات، وذوي الاحتياجات الخاصة، والسّائقين. يتميز هذا المفهوم بتأمين نسبة قبول مرتفعة لجودة الحياة، والأثاث المديني.Top of FormBottom of Form

يُعد الشارع العام الذي يربط مدخل البلدة عند مقام السيدة بوسطها من الأماكن الحيوية في مغدوشة، والذي يستحق التطوير ليكون جزءًا من مفهوم الشّارع المتكامل. يمكن تحقيق ذلك من خلال إضافة مستلزمات الأثاث المديني جميعها، مثل عبور المشاة، وممرات الدّراجات، ومناطق للجلوس والاستراحة، وأماكن لزراعة النباتات والأشجار لتوفير الظل والجماليّة. يجب أيضًا مراعاة تصميم الشارع بطريقة تعزز التواصل الاجتماعي والتفاعل بين السكان وزوار المدينة، وتعزيز الحياة العامة والثقافيّة في المكان. بجانب توفير السّلامة والمرونة للمشاة وراكبي الدراجات، يمكن لتحسين هذا الشّارع أن يعزز من جاذبيّة مغدوشة ككل سياحي وثقافي، مع الحفاظ على هويتها وتراثها المحلي.

     3-4- التّراث الزراعي وامتداداته الحرفيّة: التراث الزراعي يمثّل جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافيّة والاقتصاديّة. وأحد العناصر البارزة في التراث الزراعي لمغدوشة، هو زراعة الكروم وزراعة البوصفير وتصنيع زهره.

3-4-1 زراعة الكرمة والبوصفير في منتصف القرن الماضي في مغدوشة:  في ستينيات القرن الماضي، أسهم الفلاحون الذين كانوا يعملون في حيفا في جلب العنب الحيفاوي من فلسطين، ما أدى إلى شهرة “عنب مغدوشة” الذي أصبح معروفًا بجودته وتميّزه. ولم يكتفوا بذلك بل زرعوا أيضًا “النارنج” أو ما يعرف بـ “ليمون البوصفير”، وأصبحوا ماهرين في تصنيع زهره، ما جعل”الزهر المغدوشي” مشهورًا بسبب جودته العالية، ويكاد لا يخلو منزل في مغدوشة اليوم من كركة (الأنبيق) لتصنيع ماء الزهر.

ولقد اشتهرت زراعة الكرمة في مغدوشة، فأصبحت جزءًا من هوية البلدة. وقد أدى ذلك الى إطلاق مهرجانات “كروم الشّمس” السياحيّة بطابعها التّراثي القديم، وكان الهدف من تنظيمها في آب 1965، التّشجيع على الاهتمام بالكروم وإبراز أهميتها في طبع هُويّة مغدوشة الزراعيّة في المجتمعات المحليّة والعالميّة.

وفي ثمانينيات القرن الماضي، أي قبل الحرب الأهليّة والتّهجير القسري للبلدة، كانت المساحات المزروعة من الكروم تشغل حوالى 60 إلى 65% من أراضي مغدوشة الزراعيّة. وكانت هذه المساحات ممتدة في مناطق كثيرة من مغدوشة، مثل منطقة العين، عرنابا، السيدة، القلعة وزرعا. أمّا في بداية التّسعينيات، ومع عودة الأهالي الى مغدوشة بعد الحرب الأهليّة، كانت زراعة الكرمة قد تراجعت، فيبست العديد من الكروم، ولم يعد عدد كبير من الأهالي إلى البلدة أصلًا. وبعدها، أصبحت العناية بالكروم مكلفة، فاستُبْدلت بزراعة القشطة والأفوكادو[iii].

 

3-4-2 البوصفير في مغدوشة: منذ حوالى خمسة وسبعين سنة، بدأت زراعة الـ”بوصفير” في منطقة تُدعى “الخلة”، هذه الخطوة ساهمت بشكل كبير في تطوير الزّراعة المحليّة وزيادة الإنتاج الزراعي في مغدوشة.

ومع توسع زراعة البوصفير في مغدوشة، لم يقتصر الأمر على الاستفادة من الفاكهة فقط، بل يُقطف زهر الحمضيات، ويقطَّر ماء الزّهر الذي أصبح منتجًا مهمًّا في البلدة نظرًا لاستخداماته المتعددة.

تطورت حرفة تقطير الزّهر في مغدوشة وبحلول العام 1996، ارتفع إنتاج زهر البوصفير إلى أربعة أضعاف ما كان عليه في العام 1990، نتيجة لجهود المزارعين والتّوسع في المساحات المزروعة. هذا النّمو السّريع في الإنتاج دفع أبناء البلدة إلى تأسيس “تعاونيّة زهر الليمون في مغدوشة” في هذا العام[iv].

تشهد زراعة البوصفير اليوم تراجعًا  على الرّغم من الجهود المبذولة بسبب التّوسع العمراني، وتحوّل الاهالي نحو اهتمامات أخرى اقتصاديّة أكثر ربحًا وأقل تعبًا.

3-5 بناء “الشّبكة الخضراء” la trame verte ” في مغدوشة: تحتاج مغدوشة الى اعتماد مفهوم “الشّبكة الخضراء” لأنّها غنية بالأراضي المزروعة، لكنّها تفتقر الى الغطاء النباتي الطبيعي، والى المساحات الخضراء داخل البلدة. حتّى الأراضي الزراعيّة داخل المنطقة العمرانيّة تبدو مهدّدة بالزوال، لأنّها لم تعد قابلة اقتصاديًّا للاستغلال، كما أنّها محاصرة بالعمران مما يغير ظروفها الطبيعيّة، ويفرض يباسها.

بناء “الشّبكة الخضراء” يضمن لمغدوشة الشّخصيّة البصريّة الجاذبة التي تدخل في تكوين هويتها العامّة، كما تؤمن للناس عناصر داعمة للصحة الجيدة جسديًّا، ونفسيًّا، واجتماعيًّا. وفي إطار عمليات بناء “الشّبكة الخضراء” يمكن القيام بالأمور الآتية:

إنشاء الممرات الخضراء، وزراعة فضلات الأراضي : تصميم ممرات خضراء وإنشاء تربط بين المساكن، والمتنزهات، والحدائق، ما يشجع السّكان على المشي وركوب الدّراجات، ويعزز من نمط الحياة الصحي. هو يمثل خطوة مهمة لتنفيذ “الشّبكة الخضراء” في مغدوشة، ويمكن أن يتناسب تصميم الممرات مع الطبيعة المحليّة والمناظر الطبيعيّة، وهذا يشمل استخدام النباتات المحليّة والمتوافقة مع الظروف المناخيّة، ويشمل زراعة فضلات الأراضي لإنشاء مسارات مستدامة وتوفير بنية تحتية مستدامة مثل ممرات للمشاة ومسارات لركوب الدراجات، مع الأخذ في الحسبان الوصول السهل، والآمن للأفراد جميعهم بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة.

تساهم صفوف الأشجار بشكل كبير في بناء “الشّبكة الخضراء” في مغدوشة، وذلك من خلال إنشاء ما يعرف بـ “الممرات البيئيّة”، والتي تؤدي دورًا أساسيًّا في ربط حلقات سلسلة الشّبكة الخضراء ببعضها البعض. تشكل هذه الممرات البيئيّة ممرات طبيعيّة تسمح بتنقل الحيوانات والطيور بين المساحات الخضراء المختلفة في المنطقة.

شجرة البوصفير لها دور مميّز في مغدوشة، إذ تعدُّ جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البلدة وتراثها، وتسهم في تكوين هويتها البصريّة. زراعة صفوف من شجيرات البوصفير على جوانب الطرق وفي فضلات الأراضي الصغيرة الموجودة في مغدوشة، تعزز من التّواصل بين الصفوف النباتيّة، ما يعمل على تكثيف الممرات البيئية وتحقيق الفعاليّة البيئيّة للشبكة الخضراء.

بالإضافة إلى دورها البيئي في توفير موائل للحيوانات والكائنات الحيّة، تعمل الصفوف النباتيّة التي تشمل البوصفير على تحسين جودة الهواء، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتحسين المناخ المحلي. كما أنّها تساهم في تحسين جماليّة المنطقة وزيادة جذبها السّياحي والبيئي.

3-6 إزالة عناصر التّلوث البصري: من خلال التّخطيط والتّنظيم الجيد في مغدوشة، يمكن تقليل التأثيرات الضارة للتلوث البصري وتحسين نوعيّة الحياة للمجتمعات المحليّة.

تعدُّ إزالة الأعمدة والأشرطة المسببة للتلوث البصري من الخطوات الأساسيّة في تحسين الصورة البصريّة لمغدوشة. من جهة أخرى يبدو العمل على ضبط ألوان الأبنية والتّعديلات التي تجرى عليه من الأمور الملحّة للتصدي للتطور البصري.

3-7 اعتماد الإنارة بالطاقة الشّمسيّة: يُعد استخدام الإنارة بالطاقة الشّمسيّة وإزالة عناصر التلوث البصري خطوةً حيويةً، تُساهم في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليديّة وتحسين كفاءة الطاقة، ما يقلّل من البصمة الكربونيّة ويحسّن نوعية الهواء.

يمكن تأمين الإنارة بشكل مناسب ومقبول بصريًّا، من خلال اعتماد أعمدة إنارة بسيطة الشّكل، بيضاء اللون تعتمد الطاقة الشّمسيّة وتحمل خلاياها، ما يساعد على التّخلي عن الأشرطة التي تعدُّ أكثر ملوث بصري في بلدة مغدوشة. لقد عملت السّلطة المحليّة الى البدء بتنفيذ مشروع الإنارة بالطاقة الشّمسيّة، ومن الضروري استكمال هذا المشروع لما فيه من فوائد بيئيّة واجتماعيّة واقتصاديّة.

4- أمثلة لتدخلات ممكنة من أجل تحسين الهوية البصريّة في بعض الأماكن في مغدوشة.

المشهد الأول: يبدو المدخل الشّمالي لمغدوشة قرب مقام سيدة المنطرة بشكل مميز، حيث يتسم بالنظافة وجودة التّعبيد في الطرقات، ولكنه يعاني من التلوث البصري النّاجم عن الأعمدة الحديديّة والأشرطة المتصلة بينها. يرافق ذلك رتابة حائط المبنى الذي يظهر على جانب الطريق، ورتابة الطريق نفسها وجانبيها.

المشهد يفتقر إلى المساحات الخضراء ذات الدور البيئي-الحضري، ليكسب هوية محددة. الغطاء النباتي البعيد يبدو زراعيًا، الأمر الذي يؤدي دورًا مهمًا ولكنه ليس جماليًا بشكل خاص. النباتات العشبيّة المتناثرة تبدو مهملة وتثير الإزعاج بدلاً من أن تكون مساحات خضراء جميلة ولافتة.

صورة مأخوذة لمدخل البلدة، لجهة الشمال قرب مقام سيدة المنطرة في مغدوشة قبل التدخل بها

لتعزيز الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة، يمكن تطبيق النقاط الآتية كأمثلة للتدخل في المشهد:

  • بناء قوس معدني في أعلى الطريق: يمكن بناء قوس معدني في مدخل البلدة يحمل نباتات خضراء من نوع “العربيشة”، التي تعد “عرائش كرمة مغدوشة”. يمكن لهذا القوس أن يمثل نقطة مرئية مميزة تحدد مدخل البلدة وتعزز من العناصر الجمالية الحضرية، ما يساهم في كسر الرّتابة اللونيّة للمشهد.
  • زراعة صف من أشجار البوصفير بجانب الطريق: يمكن زراعة صف من أشجار البوصفير على جانب الطريق، بموازاة جدار البناء الضخم. تتمتع أشجار البوصفير بجماليّة طبيعيّة، تساهم في كسر الرّتابة البصريّة للجدار وتحسين المظهر العام للمشهد، خاصة عندما تُزهر.
  • إزالة الأعمدة والأشرطة المسبّبة للتلوث البصري: يجب إزالة الأعمدة والأشرطة التي تسبب التلوث البصري، واستبدالها بأعمدة إنارة بسيطة ولون أبيض، تعمل بالطاقة الشّمسيّة. هذا التّدخل يسهم في تحسين نوعيّة المشهد العام ويساهم في تعزيز الشّخصيّة البصريّة للبلدة.

 

صورة مأخوذة لمدخل البلدة، لجهة الشمال قرب مقام سيدة المنطرة في مغدوشة بعد التدخل بها

المشهد الثاني: المشهد الذي يقع في بداية الطريق العام بالقرب من مقام السيدة يتميز حاليًا بوقع عمراني مقبول يعكس العناية التي توليها السّلطات المحلية للبلدة واحترام سكانهم لبلدتهم. يتميّز المشهد بالنّظافة، وخلوّه من الملوثات، وترتيبه الجيد. يوجد فيه عناصر عمرانيّة جيدة مثل الرّصيف العريض، والجدار المبني من الحجر النّظيف،  والجيّد البُنية الذي يزيده جمالًا سياج من الحديد المشغول برسم متكرّر.

ومع ذلك، يعاني المشهد من عدم التّوازن البصري بسبب غياب المساحات الخضراء المطلوبة، خاصة على جانبي الرّصيف العريض وعلى امتداد الجدار. كما يفتقر المشهد إلى أي أثاث مديني يمكن أن يضيف له حيويّة وجاذبيّة بصريّة أكبر. كما تسبب الأعمدة والأشرطة البصريّة التي توجد في المنطقة بتلوث بصري، ولكن بشكل محدود نسبيًا في هذه المنطقة.

بشكل عام، يتطلب المشهد تحسينًا بإضافة المساحات الخضراء المناسبة وأثاث مديني مناسب، ما سيعزز من جماليّة المنطقة ويجعلها أكثر جذبًا وتوازنًا بصريًا.

 

صورة مأخوذة لبداية الطريق العام من ناحية مقام سيدة المنطرة باتجاه وسط البلدة في مغدوشة قبل التدخل بها

لتعزيز الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة، يمكن تطبيق النقاط الآتية كأمثلة للتّدخل في المشهد:

  • إزالة الأعمدة والأشرطة المسببة للتلوث البصري: يجب إزالة الأعمدة والأشرطة التي تؤثر سلبًا على جماليّة المشهد، ما يحسن من مظهر البلدة ويقلل من التّشويش البصري.
  • إضافة أعمدة الإنارة بواسطة الطاقة الشّمسيّة: يمكن استخدام أعمدة الإنارة بالطاقة الشّمسيّة، بدلًا من الأساليب التّقليدية والتي تكون غير مسيئة للمشهد العام وتسهم في الاستدامة البيئيّة.
  • اعتماد صفين من أشجار البوصفير: يمكن زراعة صفين من أشجار البوصفير على جوانب الطريق، ما يُسهم في تعزيز “الشّبكة الخضراء” في المنطقة، ويكسر الرّتابة البصريّة للمشهد ويحدده بشكل جمالي على طول الطريق نحو وسط البلدة وكنيستها.
  • استحداث رصيف عريض على يمين الطريق: يتمثل الرّصيف العريض في تكامله مع الرّصيف الأول في التصميم والوظيفة، ما يعزز من التّوازن البصري للمشهد ويضيف فاعليّة عمرانيّة إلى الطريق.
  • وضع أثاث مديني فوق الرّصيفين: يمكن وضع أثاث مديني على الرصيفين، مثل مقاعد للجلوس وأماكن للقراءة والراحة، ما يجعلها مفيدة للمارة والزوار، وخاصة المسنين الذين يحتاجون إلى استراحة أثناء المشي.

 

صورة مأخوذة لبداية الطريق العام من ناحية مقام سيدة المنطرة باتجاه وسط البلدة في مغدوشة بعد التدخل بها

          المشهد الثالث: إنّها السّاحة القديمة في وسط البلدة التي تشكل نواة مغدوشة القديمة، حيث تركزت أقدم أحيائها ومنازلها، التي تمتاز بمنازلها العقد القديمة والقناطر الحجرية البارزة، تمتد أمامها ساحة واسعة من الإسفلت الذي يمحو الطابع التراثي لمغدوشة. يتميز المشهد بنقص الأثاث الحضري الذي يمكن أن يضفي حيويّة وجاذبيّة بصريّة أكبر. كما أنّ الأعمدة والأشرطة البصريّة في المنطقة تسبب تلوثًا بصريًا، ولكن هذا التأثير محدود نسبيًا في هذه المنطقة.

من ناحية أخرى، يتميز المشهد بنظافته وعدم وجود الملوثات البصريّة، وبترتيبه الجيد، ووجود عناصر عمرانيّة مميزة مثل اللون الأبيض وجدران مبنية جزئيًّا من الحجر الكلسي الصّلب المنحوت بعناية.

بشكل عام، يحتاج المشهد إلى تحسين يتضمن إضافة عناصر تراثيّة مناسبة وأثاث حضري مناسب. ذلك سيُضفي جمالًا، ويُعطي السّاحة القديمة الطابع التراثي الذي يستحقّه المشهد ما سيجعلها أكثر جاذبيّة كمعلمٍ تراثيٍّ بارزٍ في مغدوشة.

صورة مأخوذة من وسط البلدة، الساحة القديمة في مغدوشة قبل التدخل بها

لتعزيز الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة، يمكن تطبيق النقاط الآتية كأمثلة للتدخل في المشهد:

  • استحداث سقيفة (pergola de vigne) : يمكن إنشاء سقيفة خشبية في الزاوية اليسرى للمشهد، تمتد فوقها شجرة “عنب مغدوشة” أو ” كرمة مغدوشة”، بدلًا من نبات الياسمين التي يتسلق السّلك الحديدي بغرض الظل والحماية من درجات الحرارة العالية، كما يمكن وضع مقعد للجلوس تحت الخيمة أو السّقيفة ليستفيد منها أهل البلدة في الجلسات الصباحيّة الرائعة والتّسلية في السّهرات الأنيسة ، وأمّا لاستراحة المسنين والمشاة عند مرورهم. تتميّز هذه البرجولا الخشبيّة بتصميم نحتي ومعماري جميل للغاية، وتعدُّ مصدر جذب بصريّ وتراثيّ للمشهد.
  • اعتماد رصف الساحة: رُصِفتِ السّاحة القديمة بالبلاط الحجري ما يشكل عنصرًا جماليًا وعمرانيًا، من خلال استخدام لونه وتنسيق خطوط البلاطات المحفورة المتوازيّة مع اتجاه الجدران الطولية.
  • إزالة الأعمدة والأشرطة المسببة للتلوث البصري: يجب إزالة الأعمدة والأشرطة الكثيفة، والمتشابكة بين الأعمدة والمباني التي تساهم في تشويه المشهد، ما يقلل من التلوث البصري.
  • إضافة أعمدة الإنارة بواسطة الطاقة الشّمسيّة: يمكن استبدال إنارة الشّارع بأعمدة الإنارة بواسطة الطاقة الشّمسيّة، التي لا تضرّ بالمشهد العام وتندمج بشكل جيد مع الألوان المتناسقة الترابية الموجودة في المشهد.

كما يمكن زيادة بعض التّعديلات على المشهد:

– استخدام أحواض صغيرة معلقة على الجدران الصّخريّة حول القنطرة أو على الشّرفات، يزرع فيها النبات.

-وضع عمود خشبي ذي طابع تراثي بجانب سقيفة العنب، فيحمل لافتات للإشارة إلى الشّوارع في المنطقة الواقعة في وسط البلدة القديمة والمفتوحة على عدة شوارع. على قمته، يمكن تثبيت قنديل كهربائي، ما يمنحه مظهرًا تقليديًّا ويتناسب مع العناصر التّراثيّة للبلدة.

 

صورة مأخوذة من وسط البلدة، الساحة القديمة في مغدوشة بعد التدخل بها

 

المشهد الرابع: المشهد يقع في الشّارع الملاصق لساحة البلدة القديمة، ما يعني أنه يشكل جزءًا من المنطقة التي تأسست فيها البلدة، ويتمتع بشخصيّة عمرانيّة فريدة. يتكون المشهد من شارع طويل وضيق جدًا، خالٍ من الأرصفة البارزة والشّرفات، فتتلاصق الأبنية مع بعضها البعض، وتقتصر أعداد الطوابق على طابقين فقط. يُعد هذا الشّارع القديم معلمًا رئيسًّا في البلدة، وهناك حاجة ملحة للتّركيز على تجديده، ليكون تعبيرًا عن الهوية الاجتماعيّة والجغرافيّة المحليّة على الرّغم من فقدان البلدة للعديد من البيوت القديمة التي هُدمت أو خضعت لتعديلات تشويهيّة.

النّقاط الضعيفة البصريّة تشمل سيطرة الرتابة على المشهد، والنقص في النباتات، والتّضاريس المتنافرة بين الأسفلت الحديث والطابع القديم للحي، إلى جانب نقص الأثاث الحضري الملائم والأعمدة والأشرطة التي تسبب تلوثًا بصريًا. من جهة أخرى، يتميز المشهد بنظافته وترتيبه، ويحتوي على عناصر عمرانيّة جيدة مثل الجدران المبنية من الحجر الكلسي القاسي واللون الأبيض المميز، الذي يضيف له طابعًا

صورة مأخوذة من أحياء وسط البلدة القديمة في مغدوشة قبل التدخل بها

تقليديًا وجذابًا.

لتعزيز الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة، يمكن تطبيق النقاط الآتية كأمثلة للتدخل في المشهد:

  • إزالة الأعمدة والشرائط التي تلوث بصريًّا المشهد العام.
  • إدخال العنصر النباتي من خلال وضع أحواض صغيرة معلقة على الجدران، تزرع فيها نباتات لبنانيّة متدلية كالخبيزة وفمّ السّمكة، بحيث تتأمن الألوان، والدّيناميّة للمشهد ، كما أنّ الأحواض تؤمن استمراريّة التّواصل البصري بين حلقات “الشّبكة الخضراء”.
  • استخدام اللون الأبيض في الطلاء بشكل واسع، مع اعتماد اللون التّرابي بشكل محدود في بعض النقاط، ما يجعل مساحات اللون التّرابي والجدران الحجريّة تتحول إلى “جدرانيات” متجانسة تتناسب مع المساحات البيضاء الواسعة.
  • رصف الطريق بالبلاط الحجري، ما يضفي على المشهد جمالًا وجاذبيّة، وطابعًا تراثيًّا وجب إبرازه في الشّارع التراثي القديم.
  • منع وقوف السّيارات وتحويل المنطقة إلى منطقة عبور للمشاة فقط، إذا كان ذلك مناسبًا من النّاحية المرورية.

صورة مأخوذة من أحياء وسط البلدة القديمة في مغدوشة بعد التدخل بها

5- تحسين الشّخصيّة البصريّة يجذب السّياح الى مغدوشة: السياحة تلبي إيجابيًّا شروط التنمية المحلية المستدامة، في المجالات المختلفة: الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والبيئيّة، والمكانيّة.

تعدُّ مغدوشة بعناصرها التّراثيّة مركز جذب للسياح، وذلك منذ سنين عديدة لامتلاكها عناصر تراثيّة جاذبة، فنشطت منذ القدم السّياحة الدّينيّة وسياحة المهرجانات والاحتفالات على مدار السّنة. كذلك فالزّراعات التي اشتهرت فيها مغدوشة ومنتجاتها الحرفية لطالما كانت مقصدًا من الجوار القريب والبعيد ومن مختلف المناطق اللبنانيّة لشرائها.

سجلت مغدوشة مؤخرًا تراجعًا في عدد السيّاح، لعدم وجود التّخطيط للعناية بالعناصر الأثريّة والتّراثيّة في إطار اهتمام شامل بالسياحة، يجعلها مصدر جذب سياحي لبلدات لجوار والخارج ولاسيما النازحين المغدوشيين.

السياحة هي القطاع الذي ينال موافقة المغدوشيين على تنميته، وهم يملكون تجربة في عيشه وإدارته، كما يمكن لمعظمهم أن يستفيدوا اقتصاديًّا منه، فتعالج وإنّ جزئيًّا مشكلة بيع الأراضي في مغدوشة، وذلك باستثمار هذه الأراضي من أصحابها، بدلًا من الإسراع الى بيعها، وتجذب النّازحين الى البلدة، فتزيد ترابطهم معها، سواء من النّاحية الاجتماعيّة أو من الناحيّة الاقتصاديّة، ولاسيما من حيث إمكانيّة الاستثمار فيه.

لا توجد عناصر خطة للتنمية السياحيّة تربط بين السياحة الدّينيّة والزّراعة والحرف اليدوية في البلدة. تتعدد الأهداف الاستراتيجيّة، والأعمال الموصلة التي يمكن لخطة تنمية السياحة أن تعتمدها، وهي بمجملها تقوم على زيادة عدد السّياح:

– إنشاء متحف ديني تعايشي إسلامي-مسيحي في المقام.

– جذب أعداد أكبر من سياح المهرجانات والاحتفالات التي تنظمها على مدار السنة، والعمل على الحصول على فوائد اقتصادية منهم.

– افتتاح “سوق حرفي” في مغدوشة يضم مجموعة من المحلات التي تعرض المنتجات الحرفيّة المغدوشيّة، والبحث في إمكانيّة القيام بأنشطة جاذبة أخرى مثل إقامة “الأسبوع الحرفي”.

– إقامة مراكز للرياضة البيئيّة التي تدخل في إطار السياحة البيئيّة التي سبق للبلدة، أن عرفتها في نشاط توزيع الدراجات الهوائيّة وفيها تُزار الكروم وتعاونيّة زهر الليمون في البلدة، من خلال مسار محدّد للدراجات الهوائيّة.

– تحقيق مشروع لتنظيم إنتاج ماء الزهر (“من الحقل الى المعمل الى القنينة”) مع اعتماد اسم “مغدوشة”، كاسم ماركة لا يمكن تزويره، ومحميّ من النّاحية القانونيّة. ويمكن للتعاونيّة الموجودة حاليًّا في البلدة أن تقوم بإدارة هذا المشروع والترويج له، فيتحول الى جاذب سياحي.

– اعتماد مشروع لاستقبال السياح الرّاغبين في تمضية عدة أيام سياحيّة في مغدوشة.

– الربط مع إمكانيات الجوار بإدخال مغدوشة في رحلات تشتمل على مقومات سياحيّة موجودة في الجوار.

 

خريطة رقم (2): خريطة السياحة في مغدوشة

 

6-الخاتمة: أظهرت الدّراسة أنّ هوية بلدة مغدوشة تعتمد على عناصر تراثيّة عديدة. وهي مهملة وأمّا غير مترابطة، على الرّغم من امتلاك مغدوشة مقومات إيجابيّة بإمكانها المساهمة في تحسين واقع البلدة: كالجمعيات الأهليّة والاجتماعيّة والتّعاونيات الزّراعيّة للكرمة والبوصفير، والتي تسعى جاهدة للتصدّي للتحديّات جميعها وتبديدها.

مجال مغدوشة بحاجة الى تنظيم، ولا تنظيم ينشأ من دون ربط عناصر تراثها ومساحاتها الخضراء والعمرانيّة.

تنظيم المجال في مغدوشة عُني بالمساحات الخضراء، كيفيّة الحفاظ عليها والاستفادة منها وخلق مساحات جديدة، الى جانب العناية بالعمران من ناحية اعتماد الألوان المناسبة والابتعاد من مسببات التلوث البصري  جميعها، وتحسين الصورة البصريّة لمغدوشة.

لقد قدّمنا بعض الأمثلة لتدخلات ممكنة من أجل تحسين الشّخصيّة البصريّة في بعض الأماكن في مغدوشة، عند مدخل البلدة، والشارع العام قرب مقام السّيدة وفي الساحة القديمة للبلدة والشارع التراثي القديم، وربط عناصرها التّراثيّة بهدف ترتيب أراضيها وتنظيمها.

تحسين الشّخصيّة البصريّة لمغدوشة مع إبراز العناصر التّراثيّة والعناية بها وتنظيمها في إطار إنشاء الشّبكة الخضراء يساهم بتشجيع السياحة وجذب السياح.

فلكي تحافظ مغدوشة على تراثها وتبرز هويتها بأبهى حللها وتُطوّرها، ضرورة ربط هذه العناصر التّراثيّة والاعتماد عليها لجذب السّياح والنّازحين المغدوشيين فتزيد ترابطهم معها، سواء من الناحية الاجتماعيّة أو من الناحية الاقتصاديّة، ولاسيما من حيث إمكانيّة الاستثمار فيها، لتبقى مغدوشة وتستمرّ.

 

المراجع العربية:

1-عيد ريتا، ” التنمية المحلي المستدامة في مناطق هوامش المدن-بلدة مغدوشة أنموذجاً”، ماستر، الجامعة الاسلامية، خلدة، 2018.

2-الناشف رشا، “مغدوشة بلدة سياحية واعدة”، الاجازة في قسم الارشاد السياحي، بيروت 2006-2007.

3-أطلس لبنان المناخي، المديرية العامة للطيران المدني، مصلحة الارصاد الجوية، الطبعة الثانية، المجلد الاول، الجزء الاول، 1977.

4-الدنب رابعة، “التنمية السياحية المستدامة في مدينة صيدا وضواحيها” اطروحة دكتوراه، الجامعة اللبنانية، المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية بيروت، 2014 -2015.

5- قسطه صلاح، “مغدوشة، دراسة الوضع الطبيعي والاجتماعي، والاقتصادي، والتربوي”، دبلوم دراسات عليا، الجامعة اللبنانية، كلية التربية، بيروت 1994.

المراجع الأجنبية:

-6 Atoui Louis، “L’espace rural péri-urbain de Saida: Fonctions et évolution récente” Thèse، Université Jean Moulin، Lyon. 1981

7- Blanchet G. (1966) – Nouveaux aperçus sur le climat du Liban- Extrait de Hannon Revue Libanaise de géographie volume 1- 19p.

8- Hayek Jean, « Elude économique et humaine du village de Magdouché », mémoire, Université Libanaise, Faculté de Pédagogie, Beyrouth 1971.

المراجع الالكترونية:

9-القدس العربي، مغدوشة اللبنانية معالم تحاكي الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، عبد معروف، 23 مارس 2019.

10-وكالة لخبار لبنان، نبض، شباب مغدوشة، نوال نصر-نداء الوطن ، 30 آب 2021.

11-جريدة النهار، مغدوشة تتربّع على عرش السياحة الدّينيّة في صيدا والجنوب… العذراء تنتظر يسوع، أحمد منتش، 7 آب 2022.

 

[i] – طالبة في المعهد العالي للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية قسم الجغرافيا

Étudiant à l’Institut Doctoral Supérieur de l’Université Libanaise des Arts, des Sciences Humaines et Sociales, Département de Géographie Email: ritaeyd@hotmail.com

[ii] – الأستاذ المشرف، أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم الجغرافيا.

Professeur superviseur, Professeur Docteur à l’Université Libanaise des Arts et des Sciences Humaines – Département de Géographie. Email: antoineghossain@gmail.com

[iii] – أجريت مقابلة مع رئيس تعاونيّة عنب مغدوشة في تاريخ 21/6/2024، هدفت لجمع المعطيات لإتمام هذا المقال.

[iv] – أجريت مقابلة مع رئيس تعاونيّة زهر الليمون في مغدوشة السيّد “حميد صليبا” في تاريخ 21/6/2024، هدفت لجمع المعطيات لإتمام هذا المقال، وقد صرّح فيها عن أبرز التحديّات والاستراتيجيات التي تواجه هذه الزراعة في مغدوشة.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website