عيون النقد الأدبي في القرن الثالث هجري
د. خليل الموسويّ*
ملخص البحث
هذا البحث الذي يحمل عنوان (عيون النقد الأدبي العربي القديم في القرن الثالث للهجرة) هو واحد من سلسلة مباحث نقدية متتالية تصدر تباعًا. وهو يُلقي الضوء ضمن المساحة المتاحة على أهم الآراء النقدية، لثلاثة نقاد أعلام سطع نجمهم في هذا القرن وما أفل. فكان لهم الشأن العظيم والمنزلة الرفيعة في تاريخ النقد عند العرب وهم: ابن قتيبة، وابن سلاّم الحجمي، والجاحظ. والأمل مشفوع مني بالرجاء أن ينال ما يلي من سطور ما أتنماه وأتوخاه من فائدة لطلاب المعرفة بعدما تكبدته من مشقة وعناء جراء الاختصار والإيجاز الذي سعيت أن لا يطال الأفكار الأساسية للبحث.
Cette recherché est intitule (Les yeux l’anciennes critique littéraire arabe au troisième siècle de la migration) fait partie d’une série d’enquêtes critiques successives. Cette recherche met en lumière dans l’espace disponible, les opinions critiques les plus importantes de trois critiques des écrivains qui ont créé au cours de ce siècle et qui ont donné à ce siècle uns importance très essentielle et ainsi de suite. Ils ont eu la grande affaire et le statut élevé dans l’histoire de la critique parmi les Arabes. Ces derniers sont: Ibn Qutaybah et I bn Salam Al Jamhi et Al Jahizh.
Et l’espoir est accompagné de moi, veuillez obtenir les lignes suivantes, de ce que j’espère au profit des étudiants de la connaissance et après l’avoir encouru de difficultés et d’efforts en raison de cette abréviation et cette brièveté que j’ai cherchés à ne pas toucher aux idées de base de la recherche.
المقدّمة
الحمد لله الذي علّم بالقلم و سلام على محمد وآله سادات العرب و العجم.
قضى النقد العربي مدّة طويلة من الزمن و هو يدور في مجال الانطباعية الخالصة والأحكام الجزئية التي تعتمد المفاضلة بين بيت من الشعر وآخر أو تميّز البيت المفرد وكذلك إرسال حكم عام في الترجيح بين شاعر وشاعر، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن أصبح درس الشعر في أواخر القرن الثاني للهجرة، جزءًا من جهد علماء اللغة و النحو، فتبلورت لديهم قواعد أولية في النقد بعضها ضمني و بعضها علني لكنها كانت في أكثرها ميراثًا للقرون السابقة. وفي طليعة تلك القواعد اعتماد مبدأ اللياقة فعابوا على الشّماخ قوله حين خاطب ناقته:
إذا بلغتني وحملت رحلي عرابةً فأشرقي بدم الوتينِ
لأن في قوله هذا أسوأ مكافأة لها على ما قدمته من معروف. وطرفة ابن العبد مقصّر هو الآخر عن أصول
________________
** أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، قسم اللغة العربيّة.
اللياقة المتعارفة حينها في قوله:
فإذا شربوها وانتشوا وهبوا كل أمون وطمرِ
ذلك أن الكرم عند السكر وحده لا يعدّ كرمًا أصيلًا. و مثل ذلك الكثير من أمثلة التي لا تعد نقدًا للشعر نفسه وإنما تلمح العلاقة بين الشعر والمواصفات الاجتماعية والأخلاقية. وقريب من هذه القاعدة قاعدة أخرى نشأت عن طريق ملاحظة الجودة المثالية في الشيء الموصوف، فالشاعر يعاب إذا ما وصف فرسه بأنهّ شعره مسترسل على جبينه، لأنّ العرب اتفقت على أنّ الفرس الجيد لا يكون شعره كذلك. إن الخضوع للعرف العام في الخلق الفردي والاجتماعي و في محاسن الأشياء و عيوبها هو الحكم الذي كان يفيء إليه أولئك النقاد العلماء في دراستهم للشعر و لم يكن سؤالهم عن أمدح بيت أو أغزل بيت وأهجى بيت وليد اعتقاد بأنّ البيت هو الوحدة الشعرية و إنما كان وليد البيئة التي تعتمد على الحفظ وعلى الاستشهاد و التمثّل بالأبيات المفردة، من هنا كان النظر إلى البيت المفرد السائر أو الأبيات المفردة السائرة محكًا للجودة ما دام الحفظ لا يسمح بتصور القصيدة جميعًا.
وظلّ الحال على ما هو عليه مع تفاوت ضئيل في الإسهام النقدي عند العلماء فوقف الأصمعي بينهم مثلًا متميّزًا، فهو وإن شاركهم في كثير من النظرات الساذجة من حيث الالتفات إلى أغزل بيت وأهجى بيت وما إلى ذلك من أحكام، فقد هداه بصره النافذ إلى مواقف نقدية واضحة منها:
1- الفصل بين الشعر والأخلاق
2- الفحولة
3- العناية بالتشبيه
ولعل هذا هو المدماك الأول في صرح النقد الصحيح الذي تعاقب على بنائه من تلاه من النقاد. بعد هذه المقدمة التي لا بدّ منها لما كان عليه النقد، نستطيع أن نلقي الضوء بإيجاز هو أشبه ما يكون باختصار البحر بنهر على أهم المساهمات النقدية لثلاثة نقاد أعلام برعوا في القرن الثالث الهجري هم ابن قتيبة في كتابه (الشعر والشعراء) وابن سلام الجمحي في كتابه (طبقات الشعراء) والجاحظ في كتابيه (الحيوان والبيان والتبيين).
ابن قتيبة
نحن أمام ناقد لم يقتصر علمه على المعارف الأدبية و النقدية فحسب بل تعداها، فكان شريكًا فاعلًا في المناقشات الكلامية التي استعر لهيبها في عصره، وكان له من حسن الدفاع عن الحديث و القرآن ضد النزاعات الفلسفية ما جعل فريقًا من الناس يعدُّونه لسان أهل السنة، وحامل لواء الحوار والجدل والمنافحة عنهم.
أمّا في ما يتعلق بآرائه النقدية التي كشف عنها في كتابه الشعر والشعراء فقد جعل الشعر في أربعة أضرب:
- ضرب منه حسن لفظه وجاد معناه.
- ضرب منه حسن لفظه وحلا معناه فإذا أنت فتشته لم تجد هناك من فائدة في المعنى.
- ضرب منه جاد معناه وقصرت ألفاظه.
4- ضرب منه تأخر معناه وتأخر لفظه.
قال ما حرفيته: تدبرت الشعر فوجدته أربعة أضرب، ضرب منه حسن لفظه وجاد معناه (فتمثل ببيتين للفرزدق من قصيدة قالها مادحًا علي ابن الحسين)
في كفه خيزران ريحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه عبق من كفّ أروع من عرينينه(1) شمم
يغضـــــــــي حياءً و يغضى من مهابته فلا يكلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم إلا حين يبتسم
ولم يقل في الهيبة شيء أحسن منه.
أما في المراثي فلم يجد ابن قتيبة أحدًا أحسن ابتداءً من أوس بن حجر في قوله:
ايتها النفس اجملي جزعًا إن الذي تحذرين قد وقع
أمّا قول ابن ذؤيب(2):
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا تردّ إلى قليل تقنع
فقد وافق الأصمعي في عدِّه أبدع بيت قاله العرب:
أمّا بيت حميد بن ثور:
أرى بصري قد رابني(3) بعد صحة وحسبك داءٌ أن تصحّ و تسلما
فقد حسبه أجمل بيت في الكبر و لم يقل شيء أحسن منه وختم الضرب الأول بقول النابغة:
كليني(4) يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
معدًّا أنه أحسن ما ابتدأ به المتقدمون و ما قالوا بأغرب منه و مثله كثير من الشعر. أما الضرب الثاني فوصفه قائلًا. وضرب منه حسن لفظه وحلا فإذا فتشته لم تجد هناك فائدة في المعني، و أورد أبياتًا للمعلوط السعدي:
ولما قضينا من منى كل حاجـــــــــةٍ ومسح بالأركان من هو ماسحُ
وشدّت على هدب المهاري رحلنا ولا ينظر الغادي الذي هو رائح
أخذ بأطراف الحـــــــــــــــــــــــــــــــديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح(5)
وهذا الصنف في الشعر كثير وهذه الألفاظ كما ترى أحسن شيء مخارج ومطالع ومقاطع و إن نظرت إلى ما تحتها من المعنى وجدته ولمّا قطعنا أيام منى واستلمنا الأركان وعلينا إبلنا الأنضاء (الهزيلة) ومضى الناس لا ينظر الغادي الرائح ابتدأنا الحديث.
كما تمثل ببيتين لجرير قال فيها:
يا أخت ناجية السلام عليكم قبل الرحيل و قبل لوم العزّل
لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل
وقد ساق الكثير من الأبيات لجرير وغيره من الشعراء لا حاجة لنا لذكرها وذلك قبل أن ينتقل إلى البيت الثالث
الذي عرّفه بأنه ضرب جاد معناه و قصرت ألفاظه. ومثــَّل له بالبيت الوحيد الذي قاله لبيد بن ربيعة بعد إسلامه.
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح
فهذا البيت وإن كان جيد المعنى برأيه، وحسن الشكل، فإنه قليل الماء والرونق. وقد عاب على العلماء استحسانهم واستجادتهم لقول النابغة للنعمان:
خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيدٍ إليك نوازع(6)
فقال: ولست أرى ألفاظه جيادًا ولا مبينةً لمعناه لأنّه أراد أنت في قدرتك عليّ كخطاطيف عقف يمد بها كدلو تمد بشكل الخطاطيف وعلى أني أيضًا لست أرى المعنى جيّدًا(7) أما الضرب الأخير فهو ضرب تأخر معناه و تأخر لفظه. كقول الأعشي في امرأة:
وفوها كأقاحي غذاه دائم الهطل
كما شيب براحٍ(8) با ردٍ من عسل النحل
وكقول خليل بن أحمد العروضي (9):
إنّ الخليط(10) تصدّع فطر بدائك أوقع
لولا جوارٍ حســــــــــــــــــــــانٌ حور المدامع أربع
أمّ البنين و أسمـــــــــــــــــــا ء والرباب و بوزع
لقلت للراحل ارحـــــــــــــــل إذا بدا كل أودع
وهذا ما عدّه شعرًا بيِّن التكليف رديء الصفة وكذلك أشعار العلماء، ليس فيها شيء جاد… كشعر الأصمعي وشعر ابن المقفع وشعر الخليل خلا خلف الأحمر فإنّه كان أجودهم طبعًا، وأكثرهم شعرًا(11)، كذلك لم يسلم جرير من انتقاد ابن قتيبة له خاصة في قصيدة له أنشد بعض خلفاء بني أميّة التي أوّلها:
بان الخليط برامتين فودّعــــــــــوا أوكلّما جدّوا لبين تجزع
كَيفَ العَزاءَ وَلَم أَجِد مُذ بِنتُم قَلبًا يَقِرُّ وَلا شَرابًا يَنقَعُ
فعدَّ أنه يتحفز و يزحف من حسن الشعر حتى إذا بلغ قوله:
وتقول بوزع قد دببت على العصا هلًا هزئت بغيرنا يا بوزع
قال له قد أفسدت شعرك بهذا الاسم وفتر(12) فهو يقدح في الحسن قبيح اسمه كما ينفع القبيح حسن اسمه.
ونحن إذا نختم هذا الضرب ببيت أورده ابن قتيبة للأعشى:
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني شاوٍ(13) مشلٌ شلولٌ شلشلٌ شولٌ(14)
إذ قال: وهذه الألفاظ الأربعة في معنى واحد وقد كان يستغني بأحدهما جميعًا(15).…
وسمعت بعض أهل الأدب يذكر أنّ مقصد القصيد إنّما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن(16)، والأثار فبكى وشكا وخاطب الريح استوقف الرفيق ليجعل ذلك سببًا لذكر أهلها الظاعنين عنها إذا كانت نازلة العمد في الحلول والظعن على خلاف ما عليه نازلة المد لانتقالهم عن ماءٍ إلى ماء وانتجاعهم الكلأ وتتبعهم مساقط الغيث حيث كان، ثم وصل ذلك بالنسبي فشكا شدّة الوجد وألم الفراق وفرط الصبابة والشوق يستميل نحوه القلوب ويصرف إليه الوجوه ويستدعي به إصغاء الأسماع إليه لأن التشيب قريب من النفوس لائط(17) بالقلوب لما قد جعل الله في تركيب العباد من محبة الغزل وإلف النساء، فليس يكاد أحد يخلو من أن يكون متعلّقًا منه بسبب و ضاربًا فيه بسهم حلال أو حرام، فإذا علم انه استوثق من الإصغاء اليه والاستماع له عقّب بإيجاب الحقوق فرحل في شعره وشكا النصب والسهر وسُرى اللّيل (18) وحرّ الهجير وانضاء الراحلة والبعير، فإذا علم أنه قد أوجب على حاجته الرجاء… وكرر عنده ما ناله من المكاره في المسير بدأ في المديح…
فالشاعر المجيد هو من سلك هذه الأساليب وعدّل بين هذه الأقسام فلم يجعل واحدًا منها أغلب على الشعر ولم يطل فيملّ السامعين ولم يقطع وفي النفوس ظمأ إلى المزيد(19). وفي نهاية الحديث عن آراء ابن قتيبة النقدية نجد أنّنا أمام إرهاصات جدية لنقد مبني على أسس صحيحة ومفاهيم واضحة أخذت بالتبلور، والتطوّر في ما بعد مع أنّني أقف موقف المتسائل المندهش عمّا إذا كان ابن قتيبة مقتنعًا من الشرط الذي جعل منه حلاوة الاسم والكنية وفظاعته علامة من علامات جودة الشعر من عدمه وهل لا تزال بعض الأحكام تقف ورائها الانطباعية الفردية؟
ونختم بقول ابن قتيبة أنّ هناك أشعارًا حفظتها العامّة وردّدتها الخاصّة، ولم يكن ذلك الشعر يختار، أو يحفظ عن جودة اللّفظ والمعنى فقط، ولكنّه قد يختار على أسباب منها الإجادة في التشبيه مثلًا، كذلك قد يثار، ويحفظ لأنّه غريب في معناه كقول الشاعر:
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به ولا يكون له في الأرض آثار
وقد يثار و يحفظ أيضًا لنبل قائله، كقول الرشيد:
النفس تطمع والأسباب عاجزة والنفس مهلك بين اليأس و الطمع
كذلك هناك شعر شريف بنفسه بصاحبه كقول عبد الله بن طاهر:
أميل مع الذّمام(1)علــــى ابن عمّي وأحمل للصديق عـــن الشقيق
وإن ألفيتنـــــــــــــــــــي ملـــــــــــكًا مطـــــــــــاعًا فإنّك واجـــــــــــدي عبد الصديق
أفرّق بين معــــــــــــــــــــــــــــــــــــروفي ووقتي وأجمع بين مالـــــــــــــي والحقوق
والشعراء عنده في الطبع مختلفون منهم من يسهل عليه المديح ويعسر عليه الهجاء، ومنهم من يتسير له المراثي ويتعذر عليه الغزل… ولعلّ ما قدّمه ابن قتيبة هو أوّل إرهاصات النقد المبني على أسس علميّة.
شذرات من طبقات الشعراء لمحمد بن سلاّم الجمحي:
شبّه ابن سلاّم الجمحي الشعر في كتابه طبقات الشعر بالجواهر والجواري وهو وصف لم يسبقه إليه أحد من ذي قبل فقال: وللشعر صناعة و ثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات، منها ما تثقفه العين ومنها ما تثقفه الأذن، ومنها ما تثقفه اليد ومنها ما يثقفه اللّسان من ذلك اللؤلؤ والياقوت، لا يعرف بصفة ولا وزن من دون المعاينة ممن يبصره، ومن ذلك الجهبذة بالدينار والدرهم لا تعرف جودتهما بلون، ولا حس، ولا طراز، وحس، ولا صفة، ويعرفها الناقد عند المعاينة، فيعرف بهرجها وزائفها(20)…
ومنه البصر بغريب النخل، والبصر بأنواع المتاع وضروبه واختلاف بلاده وتشابه لونه ومسه وذريعة، حتى يردّ كلّ صنف منها إلى بلده الذي خرج منه. وكذلك بصر الرقيق فتُوصف الجارية فيقال: ناصعة اللون، جيدة الشطب، نقية الثغر، حسنة العين والأنف، جيدة النهدين، ظريفة اللسان، واردة الشعر فتكون هذه الصفة بمائة دينار وتكون أخرى بألف دينار وأكثر، لا يجد واصفها مزيدًا على هذه الصّفة.
ورأى إنّ كثرة المدارسة تعين على العلم وكذلك الشعر يعرفه أهل العلم به(21) ثم أورد ما قاله قائل لخلف، إذا سمعت أنا بالشعر واستحسنته فما أبالي ما قلته فيه أنت وأصحابك، فردّ عليه خلف: إذا أخذت أنت درهمًا فاستحسنته فقال لك الصرّاف أنّه رديء هل ينفعك استحسانك له.
واتهم ابن سلاّم في كتابه محمد بن سحاق موسى مخرمة بن عبد المطلب بأنّه ممّن هجّن الشعر وأفسده وحمله كلّ غثاء ولم يكتف بذلك بل كتب في السير من أشعار الذين لم يقولوا شعرًا قط وأشعار النساء فضلًا عن أشعار الرجال ثم جاوز ذلك إلى عادٍ وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرةً وليس بشعر،(22) إنّما هو كلام معقود بقوافي وتابع مستغربًا: أفلا يرجع إلى نفسه فيقول من حمل هذا الشعر، ومن أدّاه منذ ألوف السنين والله يقول إنّه أهلك عادًا الأولى وثمود فما أبقى وقال في عاد (فهل ترى لهم من باقية)(23) وقال سبحانه أيضًا (وعادًا وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلاّ الله)(24). ثم رمى بسهام نقده الكثير ممّن هجّن الشعر، وأفسده بينهم عبدالله بن أبي إسحاق الخضرمي فكان أوّل من بعج النحو، ومدّ القياس والعلل، أمّا أبو عمرو بن العلاء فكان برأيه: أوسع علمًا بكلام العرب و لغاتها… ولو كان ينبغي لأحد أن يؤخذ بقوله كلّه في شيء واحد كان ينبغي لقول ابن أبي العلاء في العربية أن يؤخذ كله، ولكن ليس أحد إلا وأنت آخذ من قوله وتارك…
رتّب ابن سلام كتابه في عشر طبقات كل طبقة تُجمع أربعةً من الفحول(25) ونظرًا لصغر المساحة تعرض أشعارًا لأربعة شعراء ارتضاهم من فحول شعراء الجاهلية وشعراء الإسلام وأعلاهم طبقة وأجودهم قريحة إذ قال: ثم اقتصرنا على رهط أربعة من فحول شعراء الجاهلية اجتمعوا على أنهم أشعرهم طبقة(26)، ثم اختلفوا فيهم بعد. ونسوق اختلافهم واتفاقهم، ونسمي الأربعة، ونذكر الحجة لكل واحد منهم، وليس تبدئتنا واحدًا في الكتب ليحكم له ولا بدّ من مبتدأ ونذكر من شعرهم الأبيات التي تكون في الحديث والمعنى والأربعة هم: امرؤ القيس، نابغة بن ذبيان، زهير بن أبي سلمى والأعشى.
1- امرؤ القيس: بن حجر بن الحارث بن عمرو بن صخر بن آكل المرار… قال ابن سلاّم: أخبرني يوسف بن حبيب أن علماء البصرة كانوا يقدمون امرؤ القيس… وأخبرني شعيب بن صخر بن هارون بن إبراهيم قال: سمعت قائلًا يقول للفرزدق من أشعر الناس يا أبا فراس قال ذو القروح يعنى امرأ القيس حين قال:
وقاهم جدّهم ببني أبيهم وبالأشقين(27) ما كان العقاب
حكى محمد بن سلاّم… قال: مرّ لبيد بالكوفة في بني شهد فاتبعوه رسولًا سؤولًا يسأله من أشعر الناس قال: الملك الضليل، فأعادوا إليه ثم من؟ قال: الغلام القتيل غير أبان ابن العشرين يعنى طرفة.
ورأى ابن سلاّم أن امرأ القيس قد سبق إلى أشياء ابتدعها واستحسنها العرب واتبعته فيه الشعراء منه استيقاف صحبه و البكاء في الديار ورقة النسيب وقرب المآخذ وشبّه النساء بالظباء والبيض، والخيل بالعقبان والعصي… وأجاد في التشبيه(28)
2- النابغة: أورد ابن سلاّم في كتابه أنّ عمر بن الخطاب قال لقوم أيّ شعرائكم يقول:
ولست بمستبق أخًا لا تلمّه على شعتْ أيّ الرجال المهذب
قالوا: النابغة، قال: هو أشعرهم وقال ابن سلاّم: أخبرني خلف أنّه سمع أهل البادية من بني سعد يروون بيت النابغة قاله للزبرقان بن بدر:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي مربض المستنفر الحامي(29)
وبعد أن أورد الجمحي أشعارًا نسبها بنو عامر للنابغة وأجمع الرواة أنّها لأبي الصّلت. ذكر ما قاله أبو عمر بن العلاء… أن نظير النابغة الأخطل ونظير زهير الفرزدق قال ولم يقوِ من هذه الطبقة، ولا من أشباهها إلا النابغة في قوله: (أمن آل ميّة رائح أو مغتدي)
وذكر ما قاله أن عيوب الشعر أربعة كالزحاف و السناد والإيطاء والأكفاء هو الأقواء والزحاف أهونها وهو أن ينقص الجزء عن سائر الأجزاء فينكره السامع ويثقل على اللّسان.
3- زهير بن أبي سلمى
اسم أبيه سلمى ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث نقل ابن سلاّم حديثًا منسوبًا الى ابن عباس قال: قال لي عمر أنشدني لأشعر شعرائكم قلت من هو يا أمير المؤمنين قال: زهير… كان لا يعاطْل بين الكلام ولايتبع حوشية ولا يمدح الرجل إلاّ بما فيه(30). وقال أهل النظر كان زهير أحكمهم شعرًا وأبعدهم من سُخف وأجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق وأشدّهم مبالغة في المدح(31).
4- الأعشى
ينقل ابن سلام عن أصحاب الأعشى قولهم: هو أكثرهم عروضًا وأذهبهم في فنون الشعر وأكثرهم طويلة جيدة وأكثرهم مدحًا وهجاءً وفخرًا وصفة وكل ذلك عنده وكان أول من سأل بشعره وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: مثله كمثل البازي يضرب كبير الطير وصغيره ونظيره من الاسلام جرير(32).
كذلك جعل ابن سلاّم الشعراء الإسلاميين في عشر طبقات فأورد الفرزدق وجرير والأخطل، أو ما عرف في ما بعد بالمثلث الأموي في الطبقة الأولى من غير أن يعني ابتداؤه بالفرزدق أنه أفضلهم، أو أعلاهم مرتبة عنده كما أسلف في كلام سبق عن الطبقة الأولى من الجاهليين. وشغلت هذه الطبقة ما يربو عن الخمسين صفحة من كتابه توزعت بين رواية وشعر قالوه في مناسبات عدة ومجالات شتى مسلّطًا الضوء على ما شهده ذلك العصر من هجاء بين الفرزدق وجرير. ومما استهل به ابن سلاّم قصيدة للفرزدق أنشدها حين طلّق النوار:
نَدِمــــــــــــتُ نَدامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا غَدَت مِنّــــــــــــــــــــي مُطَلَّقَةٌ نَوارُ
وَكانَت جَنَّتي فَخَرَجتُ مِنها كَآدَمَ حينَ لَجَّ بِهــــــــــــا الضِرارُ
وَكُنتُ كَفاقِئٍ عَينَيهِ عَمـــــــدًا فَأَصبَحَ ما يُضيءُ لَهُ النَهارُ
ونحن إذا ننأى عما ورد بين الفرزدق وجرير من شعر كان فاحشًا في أحيان كثيرة أرتأيت أن نذكر ما قاله جرير حيث علم بموت الفرزدق. قال محمد بن سلاّم: نُعي الفرزدق لجرير وهو عند المهاجر بن عبدالله باليمامة فقال:
مات الفرزدق بعده ما جدعته ليت الفرزدق كان عاش قليلا
فقال له المهاجر بئس ما قلت تهجو ابن عمك بعد ما مات لو رثيته كان أحسن بك وما نسيتك العرب فأنشد:
فلا ولدت بعد الفرزدق حاملٌ ولا ذات حمل من نفاس تعلّت (33)
وليس يخفى على الدارس ما كان لهجاء جرير من وقع آلام من حد السيوف على المهجو سواء أكان فردًا أم قبيلة وليس أصدق على ذلك ممّا ذكره ابن سلاّم فقال: مرّ جرير بسراقة بمنى والناس مجتمعون على سراقة وهو ينشد فجهّره جماله واستحسن نشيده فقال له جرير: من أنت؟ قال: بعض من أخزى الله على يديك.أمّا ثالثهم الأخطل فنبدأ بما ذكره ابن سلاّم: لما بلغ الأخطل تهاجي جرير والفرزدق قال لابنه مالك انحدر إلى العراق حتى تسمع منهما وتأتيني بخبرهما، فلقيهما فاستمع ثمّ أتى أباه فقال: جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر فقال الأخطل: فجرير أشعرهما فقال:
إني قضيت قضاء غير ذي جنف لما سمعت ولمّا جاءني الخبر
إنّ الفرزدق قد شالــــــــــــــــــــت نعامتـــــه وعضّهُ حيّةٌ من قومـــــــــــــــــــه ذكرُ
ونقل ابن سلاّم عن سلمة بن عيّاش قوله: تذاكرنا جريرًا و الفرزدق والأخطل فقال قائل: من مثل الأخطل، إن في كلّ بيت له بيتين يقول:
ولقد علمت إذا الرياح تروّحت هدج الرئال تكبّهنّ شمالًا
أنّا نعجّل بالعبـيـــــــــــــــــــــــط لضيفنا قبل العيال ونفتل الأبطالا
ولو شاء لقال:
ولقد علمت إذا الرياح تروّحت هدج الرئال
أنـــــــــــــــــــــــــا نعجّل بالعييط لضيفنا قبل العيال
فكـــــــــــــــــــــــــــــان هذا شعرًا على غير ذلك الوزن.
وختامًا نرى أن ابن سلام سواء في شعراء الجاهلية أم الإسلاميين. نراه راويًا أكثر منه ناقدًا حين قدّم طبقة ولم يقدّم شاعرًا وأورد ما قيل في كل منهم من غير أن يكون له رأي ينحاز فيه لأحدهم لا بعبارة أو إشارة تاركًا الأمر على عاتق من سيأتي بعده والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن الباحث هل كان مالكًا ابن الأخطل أكثر جرأة من ابن سلاّم حين أبدى وجهة نظره لأبيه؟ لا بد لي في هذا المجال إلا أن أذكر ما كتبه أحد النقاد اللبنانيين المعاصرين وهو الأستاذ الدكتور عبد المجيد زراقط في كتابه الشعر الأموي بين الفن والسلطان أن ما شهده العصر الأموي من هجاء بين الشعراء كانت إحدى وظائفه إلهاء الناس من قبل السلطان الحاكم.
الجاحظ ومسالة اللفظ و المعنى والتركيب
لم أقدم جديدًا لو قلت إن الجاحظ رأس مدرسة في الاعتزال وإن تفضيله اللفظ على المعنى (المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي إنّما الشان في إقامة الوزن وتمييز اللفظ وسهولته سهولة المخرج وصحة الطبع وجودة السبك(34)… إن هذا القول ترك بصماته، وتأثيره الواضح على حركة النقد الأدبي العربي القديم زمنًا طويلًا لم تُرفع فيه لخصومه راية عنيت بذلك أنصار المعنى إلى أن بزغ نجم عبد القاهر الجرجاني وذلك في القرن الخامس للهجرة(35).
وإذا كان إحسان عباس قد أورد ثلاثة أسباب دفعت الجاحظ لتبني هذا الرأي منها أن عصره شهد هجمات شرسة شنها النقاد لتبيان سرقة المعاني بين الشعراء. من هنا لم يكن مستبعدًا أن يكون الجاحظ قد حاول الرد على هذا التيار مرتين: مرة بأن لا يشغل نفسه بموضوع السرقات كما فعل معاصروه. ومرة بأن يقرّر أن الأفضلية للشكل، لأن المعاني قدر مشترك بين الناس وجميعًا. وسبب ثالث قائم في طبيعة الجاحظ نفسه فقد كان رجلًا صعب القريحة لا يعيبه الموضوع ولا يشتمل عليه المحتوى(36).
فإنّي أضيف سببًا لا يقل أهميّة عما أسلفه إحسان عباس وهو أن وقوف الجاحظ إلى جانب اللفظ جاء موافقًا لرأي المعتزلة والصراع العقائدي الذي كان قائمًا بينهم وبين الأشاعرة حول مسالة كلام الله هل هو قديم أم محدث. والحقيقة أنّه من الصعوبة بمكان على الباحث أن يجمع آراء الجاحظ النقدية لأنه لم يفرد لها كتابًا وإنما جاءت نتفًا مبثوثة في كتابيه (الحيوان والبيان والتبيان).
وبالعودة إلى مسألة المعنى فقد رأى الجاحظ أن المعنى موجود في كلّ مكان، وما على الأديب إلا أن يتناوله ويصوغه صياغة متفردة. ولكن الذي لم يكن بحسبان الجاحظ أن نظريته هذه ستصبح في أيدي رجال البيان خطرًا على المقاييس البلاغية والنقدية لأنها ستجعل العناية بالشكل شغلهم الشاغل، دونما التفات إلى المضمون. وإلى مثل هذا يشير بعض من ورث هذه النظرية الجاحظية وهو أبو هلال العسكري إذ قال: ومن الدليل على أن مدار البلاغة على تعيين اللفظ، أن الخطب الرائعة والأشعار الرائعة ما عملت لإفهام المعاني فقط لأنّ الرديء من الألفاظ يقوم مقام الجيد منها، في الإفهام، وإنما يدل حسن الكلام وحسن مقاطعه وبديع مبادئه وغريب مباغيه على فضل قائله وفهم منشئه. وأكثر هذه الأوصاف ترجع إلى الألفاظ دون المعاني.(37)
وقف الجاحظ من نظريته في الشكل موقفين آخرين: أحدهما يؤيدها والثاني ينقدها، فامّا الأول فجاء في إصراره على أنّ الشعر لا يترجم ومتى حوّل تقطّع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط موقع التعجب(38). واستعصاؤه على الترجمة ليس سوى سرًّا من أسرار الشكل.
وأمّا الثاني فهو قوله: إنّ هناك معاني لا يمكن أن تسرق كوصف عنترة للذباب، فإنّه وصفه فأجاد صفته، فتحامى معناه جميع الشعراء فلم يعرض له أحد منهم، لقد عرض له بعض المحدثين ممن كان حسن القول، فبلغ من استكراهه لذلك المعنى ومن اضطرابه فيه، أنّه صار دليلًا على سوء طبعه في الشعر(39). قال عنترة:
فترى الذباب بها يغني وحده هزجًا كفعل الشارب المترنــــــــــــــم
غــــــــــــــــردًا يحك ذراعه بذراعه فعل المكب على الزناد الأجذم
ويرى بعض النقاد أن قول الجاحظ أن المعنى لا يسرق لهو دليل على أنّ السّرّ في المعنى قبل اللّفظ ولكن الجاحظ لم ينتبه لهذا التناقض(40). الجاحظ يرجح الصياغة على المعاني لأن الشعر في نظره (صياغة، وضرب من النسج وجزء من التصوير)(41). أمّا أجود الشعر عنده (… ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنّه أفرغ إفراغًا واحدًا، فهو يجري على اللّسان كما يجري على الدهان)(42). وهذا ضابط جديد لبنية الشعر الصوتية يساهم في تكوين جودته. هذا الضابط هو تلاحم الأجزاء وسهولة المخارج يعني صيرورة الأجزاء كلًا متماسكًا، وبنية موحدة للأحداث. أمّا كيف تعدّ المخارج سهلة؟ وكيف لا تكون. فإنّ هذا السؤال يلخص همًّا اعجازيًّا بدأ عند أبي عثمان الجاحظ وصل إلى أبي الحسن الرماني(43) الذي أقام عليه وجهًا من وجوه الإعجاز، أسماه التلاؤم في الطبقة العليا(44). وإنّ طرح الجاحظ لنظريته بهذا الاختصار لم يمنعه من المقارنة بيت التلاؤم والتنافر، الذي استشهد عليه بيت مشهور من الشعر لم يستطع المنشد إنشاده إلا ببعض الاستكراه:
وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر
والمتصفح لكتاب البيان والتبيين الجزء الثالث يجد كيف أنّ الجاحظ قد دفعه الحماس للعربية وبيانها وبلاغتها إلى أن يضع الكتاب في رد منه على أهل الشعوب الأخرى التي كانت تفخر بما لديها من أقوال في البلاغة والبيان فأراد أن يثبت أنّ للعرب السبق في هذا فألّف كتابه… وذكر فيه أنّ الخطيب للعرب والفرس فقط، أمّا الهند فلها معانٍ مدونة، وكتب مجلدة وأنّ اليونان لها فلسفة وصناعة ومنطق… ولكن الجاحظ فضّل العرب على هؤلاء جميعًا بالارتجال والبداهة وعدم المكابدة والمعاناة(45)، وهذه كلّها من صفات الخطيب لا الشاعر ولعل في اختلاط البلاغة لدى العرب بالخطابة ما يذكرنا بمدرسة الإسكندريين، وهوراس، وشيسرون، واختلاط معنى الشعر عندهم بالخطابة(46)، وأنهم فصلوا بين شكله ومضمونه تحت اصطلاحي الألفاظ والأشياء. وظلت نظرتهم للشعر مساوية لنظرتهم للخطابة والمنطق وفلسفة الأخلاق. ويلاحظ الذين يؤرخون لنشأة البلاغة العربية أن مفهوم البلاغة، عند المتقدمين الذين وضعوا أسس علم البيان العربي، وعلى رأسهم الجاحظ مرتبط كل الرتباط بمفهوم الخطابة، فكثيرًا ما وردت الكلمتان عنده مترادفتان، بل وتحمل كل منهما معنى الأخرى و توصف بأوصافها(47).
ونختم هذا الباب بما أورده أبو عثمان نقلًا عن صحيفة بشر بن المعتمر في كتاب البيان والتبيين حيث نراه ينصح بترك التوعر والتكلف (فإن التوعر يسلك إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك، ويشين ألفاظك، ومن أراد معنىً كريمًا فليلتمس له لفظًا كريمًا فإنّ حقّ المعنى الشريف، اللفظ الشريف…).
والمعنى ليس يشرف بأن يكون من معاني الخاصة وكذلك ليس يتضع بأن يكون من معاني العامّة وإنّما مدار الأمر على الصواب، وإحراز المنفعة مع موافقة الحال(48)، وليس صعبًا على الدّارس لنتاج الجاحظ أن يكتشف تأثير النظرة المنطقية للغة على آرائه النقدية والبلاغية عند المتكلمين عمومًا والجاحظ واحد منهم فهم أصحاب فلسفة، وجدل، ومنطق، جادلوا وهم بصدد دراسة القرآن الكريم وفهم ما فيه من ألوان التشبيه والمجاز والبديع، وأداهم هذا الجدل على التفنن في الأداء اللفظي والبحث في المسائل البلاغية. إن ما بذره الجاحظ من بذور سواء أكانت نقدية أو بلاغية نراها قد أتت أكلها فمن جاء بعده، وليس الرماني إلا واحدًا منهم.
خاتمة
حاولت هذه الدراسة القاء الضوء على أهم الآراء النقدية التي شهدها القرن الثالث الهجري، لثلاثة أعلام تركوا بصماتهم في تاريخ النقد الأدبي عند العرب فجاءت موجزة من غير مس بالجوهر، فكانت مرآة لواقع الحال النقدي الذي زرع فيه هؤلاء الرواد البذرة الأولى في المنهج الصحيح، والأساس السليم أكمله من تلاهم من اهل العلم. فمن أراد التبحر أكثر في هذا المجال فليرم آراءهم في مظانها التي استقينا منها.
قائمة بالمصادر والمراجع
1- القرآن الكريم
2- ابن قتيبة الشعر و الشعراء، دار المعارف مصر.
3- ابن سلام الجمحي، طبقات الشعراء، دار النهضة العربية بيروت 68.
- احسان عباس، تاريخ النقد الأدبي عند العرب 98 دار الثقافة بيروت،ط1، 971.
- الجالحظ، كتاب الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون بيروت دار الكتاب العربي،ط3 1969.
- الجاحظ، كتاب البيان و التبيين، دار الفكر ط4 لا تاريخ.
- علي مهدي زيتون، اعجاز القرآن و أكثره في تطور النقد الأدبي، بيروت دار المشرق،ط2 2009.
- عبد المجيد زراقط، الشعر الأموي بين الفن و السلطان، دار الباحث، بيروت، ط1 1984.
9- محمد زكي العشماني، قضايا النقد الأدبي، دار النهضة العربية،ط1، 179.
هوامش البحث:
- العرنين: الأنف.
- شاعر مخضرم فحل أدرك الجاهلية والاسلام.
- رابني: خانني.
- قطع الحديد معقوفة: يعلق بها الحبل والدلو.
- الشعر والشعراء ص 15.
- الراح: الخمر.
- الخليل بن احمد الفراهيجي واقع علم العروض.
- الخليط: المعاشر وتصدع تفطر قلبه.
- الشعر والشعراء ص 17.
- فتر: ضعف وبرد.
- شاوِ: صاحب الشواء.
- مشل وما بعدها كلا بمعنى واحد وهو السرعة في الحركة.
- الشعر والشعراء ص 18.
- الدمن اثار الناس.
- لائط عالق الشعر والشعراء ص 19.
- سرى بالليل سيره.
- الزمام: الحرمان.
- ان سلام طبقات الشعراء ص 26.
- م. س. ص.ن.
- الحاقة آية 8.
- العنكبوت آية 38.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 34.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 40.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 40.
- بلاشقني: ابن قتيبة.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 41.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 44.
- م.ن. ص ن.
- م. ن ص45.
- ابن سلام: طبقات الشعراء ص 139.
- الجاحط – كتاب الحيوان ج 3 ص 144.
- علي مهدي زيتون اعجاز القرآن ص 34.
- احسان عباس، تاريخ الادبي عند العرب ص 98.
- الجاحط – كتاب الحيوان ص 199.
- م.ن. ص 75.
- م.س. ج3 ص 310.
- احسان عباس، تاريخ الادبي عند العرب ص 100.
- الجاحط – كتاب الحيوان ج2 – ص 132.
- الجاحط البيان والتبيان ج1 – ص 8.
- الجاحط البيان والتبيان ج3 – ص 15.
- محمد زكي العشماوي قضايا النقد الأدبي ص 41.
- البيان والتبين م. س. ج1 ص 134.
- م. ن. ص ن.