اللغة انعكاس الذات وصدى المجتمع
(أرستقراطية كلام ابن المعتز أنموذجاً)
سوزان المحمد([1])
مقدمة
اللغة نظام وُهِبَهُ الإنسان، افترق به عمّا عداه من المخلوقات كالجماد والحيوان. ولهذا النظام جانبان: فردي واجتماعي(1), ولا يمكن إدراك أحدهما في الاستقلال عن الآخر. تظهر اللغة بشكلين: الملفوظ الصائت, والمكتوب الصامت. الأول آلته اللسان ومادته الصوت, والثاني آلته القلم ومادته المداد, يفسر القضية قولهم: “الأقلام ألسنةُ الأفهام”, و”القلم أحد اللسانين”(2).
أما الكلام الملفوظ فهو الشكل الأكثر شيوعًا للغة, يبدأ مع الإنسان منذ المهد متمثلاً “بصيحة الميلاد”, ويستمر حتى انقضاء الأجل, والسكون في اللحد. وهو يكتسب أهمية لأثره الفاعل في النفس, وقدرةً بيّنة في الحس, لهذا ربما اشتقوا اسم الكلام من الكَلِم وهو الجرح(3). ونظراً لشيوعه وسهولة أدائه – قياساً بالمكتوب – حاز صفة اللغة أكثر من رديفه المكتوب. وقد قال ابن جني في حدّ اللغة: “إنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”(4). فقد أتى – في الحقيقة – على ذكر الكلام: مادته وغايته, مطلقاً إياه على اللغة.
واللسان بفعله الكلامي, وتمثيله أحد أوجه اللغة الأكثر تداولاً, من ناحية, وقدرته على حمل آثار اللافظ الفردية والاجتماعية من ناحية أخرى, عكس طبقية أو مستوى يحاكي حالة الناطق به الفردية والاجتماعية, مما يطرح إشكالية: كلام الارستقراطيين، وكلام الملوك وكلام العامة، وكلام أصحاب الحِرف… قياساً على مستويات اللافظين المتكلمين. والسؤال الذي يبرز من بين ثنايا افتراق مستويات الناس، هو: هل عرف الكلام النظام الطبقي، والمستوى الاجتماعي؟! أو يمكن جمع معجم يسجل السلوك اللغوي المتباين؟! مع العِلم أن اللسان صورة الإنسان، وما الإنسان لولا اللسان إلا صورة مُمَثّلة، أو بهيمة مُرسلة أو ضالة مهملة(5)؟!.
أرستقراطية ابن المعتز تتجلى في أرستقراطية كلامه
للإفصاح عن إشكالية طبقية الكلام, قياساً على طبقية الناطق بها، يقتضي المنهج القويم، والتفكير المستقيم الإستناد إلى الدليل وتوخي التمثيل. فكان ابن المعتز(ت 296هـ/909م)(6) الخليفة وابن خليفة وقد أثر عنه سعة من القول، أنموذجاً يحتذى للغة الأرستقراطيين.
الأرستقراطية(7) في حقيقة اشتقاقها، وتداول استعمالها كلمة يونانية مركبة من أرسطوس “Aristos” وتعني الأفضل وما في مرادفاتها كالخير والممتاز، وكراتيه(Craty), وتعني السلطة، الحاكم. ومعناها نظرياَ – حكم الأفضلين، أو سلطة الخيرين. وهو ما ذهب إليه أفلاطون في جمهوريته(8). وتدل اللفظة عملياً على نوع من الحكم تكون السلطة فيه بيد طبقة اجتماعية واحدة، تنتقل فيها بالوراثة، وليس بالضرورة أن تكون هي الأقدر والأكفأ… وتطلق أرستقراطية أيضاً على طبقة اجتماعية تمتاز ببعض الصفات الخاصة، يقال: أرستقراطية اجتماعية، أرستقراطية المال وأرستقراطية العلم…(9).
وأرستقراطية الحكم والمال والعلم, توفرت في ابن المعتز أيما توفر, إذ يصح أن يتخذ أنموذجاً للاستقراء والتحليل. فالمقام الاجتماعي والسياسي لابد أن يؤثران في اللسان, فينطق بألفاظ تعبر عما فيه، وأساليـب تحكـي مطاويه، ويرسم صوراً تضارع ما اعتاد النظر إليه، والخوض في آثار ابن المعتز وما تركه تشهدان, وتكونان الدليل والبرهان.
1 – صور ابن المعتز وتشبيهاته
الدارس المدقق، والباحث المتدبر، يجد أن تشبيهاته وصوره… مقتضبه من ماعون بيته وأدوات حياته، وما يستخدمه في قضاء حاجاته. وهي بجملتها مما زخر بالنفاسة، ونضح بالجودة والكياسة. فقد ضجت صوره بما اشتملت عليه من جواهر ومعادن ثمينة, كالذهب. وما نشرت من أريجٍ كالعنبر والمسك من شواهده وصفه هلال الفطر: [ من الكامل ]
أهـــــــلاً بفِطر قـد أنـــارَ هِلالُـــــــهُ | فالآن فاغــــــدُ إلى المُدام وبَكّر | |
وانظُـــرْ إليــه كَزوْرق مِنْ فِضَّـــــة | قَــدْ ـثقلَتْــهُ عُمُوُلَــه من عَنبَـــرِ(10) |
وحقيقة مقصدنا تُجلى عن طريق الموازنة، لأنه على حد القول الشائع ” وبضدها تتميز الأشياء”. فمن الأقوال التي أتت على وصف هلال الفطر، ما أنشده ظافر الحداد [ من البسيط ]
أما رأيـتَ هِـــلال العيدِ حيـنَ بَـــــدا | للعيــنِ منــهُ بقايــا جــــرْمِ دائــرهِ | |
كحرفِ جــامٍ مـن البلــورِ قابَلَـــــــهُ | ضوءٌ وأخفى الدُّجى إشراق سائره | |
أو دِرهَــم فـوقَ دينــار تَجَلّلَــــــــــه | عُلُـواً فضاق عَن استيعاب آخـــره(11) |
طفا على سطح كلام ابن المعتز “الفضة” و”العنبر”… فكانت صورة بذخة، على حين لم تَسْـمُ الصورة في قول ظافر الحداد أعلى من ” درهم فوق دينار “, وشتان ما بين فضة وعنبر يساويان من الدنانير القدر الكبير…
وما فتئت صوره التشبيهية تعب من معين غناه، شعرية كانت أم نثرية، تتخذ من الذهب والفضة أداة لها، ووسائل تبلغ مضامينها، فيطرب السّامع وتتلذ أعين الناظر، لما تضعه فيه من جوّ بذخ وغنى، ولا يحسبن المرء أن جوّ البهجة ملازم مواضيع الغزل واللهو، بل تعدى إلى المواضيع الجادة بصرامة مقامها. يشعر عندها الإنسان بعزّة تأخذه، واهتزاز تمليه الارستقراطية. يتضح الأمر في قوله يصف الجيش، جاء فيه: ” سار فلان في جيوش عليهم أردية السيوف، وأقمصة الحديد، وكأن رماحهم قرون الوعول، وكأنّ دروعهم زَبَدُ السيول، على خيل تأكل الأرض بحوافرها وتمدّ بالنقع سُرادقها، وقد نُشرت في وجوهها غـرر كأنهـا صحائـف الـرّق، وأمسكها تحجيل كأنّه أسورة اللجين، وقُرّطت عُذُراً كأنها الشنف”(12) فالخيل خيل ارستقراطي, تمد بالنقع سرادق ويمسكها تحجيل كأنّه أسورة اللجين.
وابن المعتز بغنى تشبيهاته، وأرستقراطية صوره، عبّد طريق التعبير عامة، والتشبيه خاصة أمام الشعراء(13),إذ يمكن القول إنه أصبح قبلة تحتذى, ونوراً به يهتدى.
2 – خمرته عصارة ذهب ورحيق فضة
ابن المعتز يشرب الخمر في آنية مفضّضة وأدوات ذهبية. وفيهما لم يعد الخمر ماء عنب، بل استحال إلى ماء تبر ولجين. وتحوّلها من الواقع المادي الخسيس، إلى سُدّة المعدن النفيس، تثير السامعين، وتدهش المخلوقين. إن العجب يتأتى من عالم مادي إلى آفاق علوية يقتضيها الواقع الارستقراطي. أنشد في وصف الخمر: [من البسيط]
وَأمْطـر الكأسُ ماْءً منْ أبارِقِـــــــه | فأنبت الدُّرَّ في أرضٍ من الذّهبِ | |
وسبّحَ القومُ لمّا أن رأوًا عجبـــــاً | نُوراً من الماءِ في نارٍ من العنب(14) |
وصدى لنفاسة أوعيتها، أمست تزيل الهمّ والكرب، وتطرد الحزن والنصب. ولا عجب في اشتقاق اسمها ” الراح ” لأنها تريح من الالام… وهو ما أشار إليه ابن المعتز: [ من البسيط]
وقد يُباكرنـي السّاقـــي فأشربُهـــــا | راحاً تُريحُ من الأحزانِ والكربِ(15) |
على حين أن خمر الآخرين تجلب الألم وتوقع في الهم. يوضح المقصد قول المتنبي: [ من البسيط ]
يا ساقييّ أخمْرٌ فــي كُؤُوسكُمــــــا | أم في كُؤوسكما هـــمَّ وتسهيــدُ | |
أصخرةٌ أنــا ؟ ما لي لا تُغيّرنـــي | هَذي المدامُ ولا هَذي الأغاريد ! | |
إذا أردتُ كميتَ الخمــرِ صافيـــةً | وَجدتُهـا وحبيبُ النّفس مفقــودُ(16) |
ما في كأس المتنبي يحتوي على الهم والتسهيد، لا يؤثر في النفس، ولا ينعش الفؤاد والحس، لأنها ماء فقدت فعاليتها، وخسرت كنه محتوياتها، على حين أن ما في كأس الخليفة ابن المعتز تحوّل إلى درّ وذهب، مما أثار عجب الناس منه ” وسبّح القوم لما أن رأوا عجباً “.
كثر سلوك ابن المعتز اللغوي، في تشبيه الخمر وأوعيتها بالذهب والدرَّ، وارتقت إلى درجة لم تبارح لسانه. وإن فعل ذلك فللتحول إلى جوهر أثمن، أو معدن أعزّ وأغلى. من أمثلته قوله: [ من المتقارب ]
وَصَفــراءَ باكرْتُهـــا والنَّجُـــــــــو | مُ خافِقَــةٌ كَقُلــوب تَجِــــــــب | |
كـــأنَ الحبـــاب إذا صُفَّقَــــــــــت | ثِمارٌ من الدُّرَ فَــوق الذّهَــب(17) |
وفي موضع آخر يشبه الخمر بسبائك الذهب الصفراء، لصفاء لونها، فيمنحها قيمة متاعه وما عاش في كنفه. ولا غرابة في القضية، لأن اللسان إنسان, ولما كان الإنسان ابن نعيم ورخاء، ناظره اللسان فنطق بكل ثمين وصفاء… قال: [ من البسيط ]
سعى إلى الدّنّ بالمبزال(18) ينقره | ساقٍ توشّح بالمنديـل حيث وثَبت | |
لمّا وجاها بَدَتْ صَفراء صافيـــــة | كأنّهُ قدَّ سيْراً من سَبيـك ذَهَـــــَبْ(19) |
ويطرد وصف الخمر بالصفار – وهو مقتضب من لون الذهب – نظراً لاطراد استعمالها بأوانيه، وكثرة معاقرتها فيه. والرابط بين التبر والخمر في حياة ابن المعتز صفاء المنظر، وسمو وقعها وما تتركه في النفس من أثر. من شواهده قوله: [من الطويل]
أتانا بهـا صَفْــراءَ يَزعَـــمُ أنَّهـــــا | لَتبْر فصَــدَّقناهُ وهو كـــذُوبُ | |
وما هِي إلاّ ليلَةٌ طـاب نَجمُهـــــــا | أُواقِــعُ فيها الذّنْبُ ثُم أتُــوبُ(20) |
وفي مقام ثالث ورابع… يراها فضةً صافية، لمزاوجتها بالماء. ولكنها لا تتدنى قيمةً وثمناً، لأنها سرعان ما تعود وتحاط بالذهب. أنشد: [من الطويل]
الا رُبَّما كَأسٌ سَقانـــي سُلافَهــا | رَهيـفُ التّثني واضحُ الثغرِ أشنبُ | |
إذا أخذَتْ أطرافُهُ من قُنوئهـــــا(21) | رأيت لجينــاً بالمُدامــةِ مُذْهـــــَبُ(22) |
ويتابع في أماكن أخرى سيرته اللغوية الأولى، حين يعدُّ الخمر تبراً, ينضح من أوعية تحاكي جنسه وتروى أصله. يحمله على كلامه أن “الوعاء ينضح بما فيه”، والإنسان، من ثمَّ يتلفظ بمطاويه. قال في عقار مسك: [من المتقارب]
وَخَمّـــــارةٍ من بَنـــاتِ اليَهـــــــود | تَــرى الــزّقّ في بيتهــا شائــــلا | |
وزنّــا لهـــــا ذهَبـــاً جامِـــــــــــداً | فكالَـــتْ لَنــا ذَهَبــــاً سائِــــــــلاً | |
عُقــاراً تنَفَّـــس عــــنْ مِسْكِـــــــهِ | تَــرى فَوقَهــا لُؤلُؤاً جائِـــــــــلاً(23) |
ارتقت موازنة العقار بالدرّ واللّجين، وأوانيها بالعِقْيان، حتى أصبحت ظاهرة بيّنة، حدت بالعلماء والأدباء إلى القول في ابن المعتز: ” تشبيهات ابن المعتز يُضرب بها المثل في الحسن والجـودة, ويقـال: إذا رأيـت كـاف التشبيه فـي شعـر ابـن المعتز، فقد جاءك الحسن والإحسان”(24). ومثله ما قال فيه ابن خلكان: وله في الخمر المطبوخة, وهو معنى بديع… وذكر الأبيات: [من الطويل]
خليلَيَّ قد طابَ الشّرابُ الموَرَّدُ | وقدْ عُدتُ بَعْدَ النُّسْكِ والعَوْدُ أحمدُ | |
فهاتا عُقاراً في قميص زُجاجــةٍ | كياقوتـــــــةِ فـــــي دُرّةٍ تتوقّـــــدُ | |
يصُوغُ عليْها الماءُ شُبّاكَ فضَةٍ | لـهُ حَلَقٌ بِيضُ تُحـلُّ وتُعقَـــــــــد(25) |
والمُطَالِع الأبيات المذكورة, يجد نفسه أمام صائغ يصنع المجوهرات، يبيع الحلى والقلائد. وهو أمر فُطِر عليه – أي التشبيه بالذهب واللجين -, يشد أزر ما نراه قول ابن المعتز نفسه في ما يُروى عنه: ” إذا قلت ” كأن ” ولم آتِ بعدها بالتشبيه ففضّ الله فاي “(26).
3 – استعمال ألفاظ الدعة والرخاء والسعة
اشتمل معجم ابن المعتز على ألفاظ مسميات السعادة، وما تبعث في النفس الرخاء، وفي البال والذهن الصفاء. إن تغزل جاءت حبيبته ريحانة، لطيبها ونفعها(27). ويبلغ حبه درجة أرستقراطية يبيت معه هو ومن أحب جسداً واحداً، يلفهما قميص واحد. قال في عناقها: [من السريع]
كأنّنـــــــي عانقــــــتُ رَيحانــــــةٍ | تَنفّست في ليلهــــــا البـــــارد | |
فلــو تَرانــــا فـي قميص الدُّجـى | حَسبتنــا فــي جسـدٍ واحــــــد(28) |
ويتضح المقصود في اعتماد منهج الموازنة بين الشعراء في الموضوع الواحد, ومن ثم يستنتج المراد. وعلى هدي الموازنة, تطرق للموضوع السابق علي بن الجهم، فجاء عناقه فقيراً غثاً، لا قميص يجمع جسد الحبيبين ولا عطر ولا ريحان، يُشتم من نَفَس الحبيبة… فأضفت على جوّ المرح والحب عذاباً ضجّ به ” فؤاد معذب “. أنشد علي بن الجهم: [من البسيط]
سقــى اللّـهُ ليلا ضمنا بعد هجعــةٍ | وأدنـى فؤاداً من فؤادٍ معـــذّبِ | |
فبتنا جميعــاً لـوْ تُراق زُجاجَـــــةٌ | من الـراح فيما بيننا لَـم تسرّب(29) |
إنه التحام طبقة اجتماعية متدنية – على الرغم من شدة الالتئام ” لو تراقُ زجاجة.. في ما بيننا لم تسرّب ” – ينتشر منه شذا العذاب, ويفوح من الألم.
ومن دوحة الأرستقراطية، تجد في غزله الراحة والرخاء، بعيداً من العذاب والشقاء. ابن المعتز لا يحتمل في الحب التعب والنصب، يمليه عليه واقع اجتماعي. إن شعر بوقوع عذاب, ينثني من واحدة إلى أخرى ينعم قربها بلذاذة الحياة, بعيداً من مرارة الهجر والفراق. قال مصوراً حاله: [من السريع]
قَلْبـــي وثّــابٌ إلــــــــــى ذا وذا | ليـس يَــرى شيئــــاً فيأبـــاهُ | |
يَهيــــمُ بالحُسْـــــنِ كما يَنْبَغــــــي | ويَرْحَــــمُ القُبْـــح فيهــــــواهُ(30) |
وينقل الشعور بالدعة إلى مواقف جادة، تبعث الخوف والحزن، وهي مقامات الحرب والضرب ولكن ابن المعتز يضفي عليها من ذواته، فتنقلب فرحاً بعد ترح, لأنه يخوض رحاب المعارك على طريقة ملوكية أرستقراطية. فيها تتحول مقابض السيوف إلى مسك، من إمساك الملوك بها. على حد تعبيره: [من الطويل]
مُلـوكُ إذا خاضوا الوَغى فسُيوفُهُم | مَقابِضُهــا مِسْكُ وسائرُها دَمُ(31) |
ويسطر ابن المعتز طبقة اجتماعية حربية, هي المحاربون الأرستقراطيون والمحاربون الآخرون.
4 – رقة الكلام وحسن الصياغة
تتناسب رقة الكلام وجودة الصياغة وحسن البيان مع واقع الحياة المعيشة. أو بكلمة اللفظة تحاكي الوسط الاجتماعي. فالأعرابي الموغل في القفار يتناغم طرداً مع الكلام الوحشي، وربما مع الفاحش الذي يتنافى مع البيئة الاجتماعية الحافلة بأصناف الرقة والنعومة، والتي تفترض آداب سلوك لغوي معين. وهو أمر تشهد به المصادر. قال ابن خلدون: ” اعلم أنه لما كانت البداوة سبباً في الشجاعة، كان هذا الجيل الوحشي أشد شجاعة من الجيل الآخر، بل الجيل الواحد تختلف أحواله في ذلك باختلاف الأعصار. فكلما نزلوا الأرياف وتفنَّقوا النعيم وألفوا عوائد الخصب في المعاش والنعيم، نقص من شجاعتهم بمقدار ما نقص من توحشهم وبداوتهم. وحسب ذلك في حيوانات العجم بدواجن الظباء والبقر الوحشية والحُمُرِ إذا زال توحشها بمخالطة الآدميين وأخصب عيشها، كيف يختلف حالها في الإنتهاض والشدة حتى في مشيتها وحسن أديمها، وكذلك الآدمي المتوحش إذا أنس وألف “(32).
والمطالع المتدبر أقوال الخليفة ابن المعتز يجد ضالته. فهو في مقام الفحش يرتقي بأسلوبه بعيداً من الإسفاف والعبث اللفظي، حين يعمد إلى الكناية. وهي خير تعبير عما يفحش ذكره، ويُزْدَرى الإفصاح به(33). وبعمله يرتفع قدر كلامه عما ينبو عن السماع إلى ما تقبله الطباع. وأكثر ما يكون عند ذكر ألفاظ الجماع والوقوع. من أمثلته, قوله: [من البسيط]
وجاءَنـي فـي قميص اللّيْل مُستتِراً | يَستعجِلُ الخطوَ منْ خوفٍ ومن حذَرِ | |
ولاح ضَـوْءُ هـلالٍ كاد يفضحنـــا | مثل القُلامة قــد قـــــدّت من الظُّفُــرِ | |
وكان ما كان ممّا لسْــت أذكُـــرُهُ | فظنّ خيراً ولا بتسْـــألْ عَنِ الخَبَــر(34) |
و” مما لست أذكره ” و” فظن خيراً ” و” لا تسأل عن الخبر ” رأس آداب الكلام, وأسّ اللياقة التي تفرضهما الأرستقراطية, والمكانة الإجتماعية. وتبدو السلاسة وحسن الديباجة في أكثر من مقام تعبيري, ويطاول مختلف المواضيع والمواقف الكلامية. من شواهده قول ابن المعتز في مدح المكتفي حين قدم من الرقة بعد القبض على القرمطي, أنشد: [من مجزوء الرمل]
لا ورمّــــــانِ النُّهـــــــــــــــــودِ | فَـــوقَ أغصــــــــان القُــدودِ | |
وعناقيـــد مـــــــــن اصـــــــدا | غِ ووَرْدٍ مــن خـــــــــــــدود(35) |
قـال الحصـري معلقــاً معــززاً فرضيتنــا: ” ومن الشعـر الذي يجري مع النفس قول ابن المعتز”(36), وذكر الأبيات. والأرستقراطية تظهر بأجلى صورها عند الموازنة مع غيره من الأدباء. قال امرؤ القيس مشبهاً البنانة بالأسروعة(وهي دودة تكون في الرمل): [من الطويل]
وتَعْطُـــو برَخصٍ غير شَشْنٍ كأنَّهُ | أساريعُ ظَبْيٍ أو مساويكُ إسْحِلِ(37) |
على حين قال ابن المعتز: [من الطويل]
أشَرْنَ علـى خَوفٍ بأغصانِ فِضّةٍ | مُقوّمــةٍ أثمارُهُــــنّ عقيـــــــق(38) |
ويعلق ابن رشيق على الشاهدين المذكورين بقوله: ” وقد أتت القدماء بتشبيهات رغب المولدون إلا القليل عن مثلها استبشاعاً لها، وإن كانت بديعة في ذاتها، مثل قول امرئ القيس… إلا أن نفس الحضري. المولّد إذا سمعت قول… أو قول ابن المعتز “كان أحب إليها من تشبيه البنان بالدّود في بيت امرئ القيس، وإن كان تشبيهه أشدّ إصابة”(39).
انعكست أرستقراطيته في آرائه النقدية، التي حكمت لفاحش الكلام وحوشي القول بالسقوط والسخف. جاء في رسائل ابن المعتز – في أثناء تعقيب على رأي حكي عن ابن سلام في زهير بن أبي سلمى – قوله… فهذا السخف. وأما حوشيُّ الكلام, فقوله:
*فلست بمثلوجٍ ولا بمُعَلْهج*(40)
واقتضت الأرستقراطية على ابن المعتز، أن يرسم طرقاً للتعبير، يلجُها غيره ويهتدي بنورها، ممن أعوزتهم الحياة الاجتماعية سبيل العيش الرغيد، فضاق أسلوبهم عن السلاسة، وأتوا بغرائب وتعقيد. قال ناصحاً في حسن الصياغة وجودة التأليف: “لولا أنّ الإطناب في وصف مطيّة المتنحرص، وتهمة للمتخلص, لأطلت به كتابي، وكفى بمقاساة ذي النقص مذكراً بأهل التمام, وقد لبثت بعدك بقلب يودُّ لو كان عيناً ليراك، وعين تودّ لو كان قلباً فلا تخلو من ذكراك”(41).
5 – كثرة الزخرفة وتجميل الكلام
صفا كلام ابن المعتز صفاء لم يكدره حوشي ولم يعكره وحشي. وازداد رونقاً وجمالاً ما أضافه إليه من زخرفة وتجمّل، حاكت الواقع الذي انبثقت منه وترعرعت فيه. قال في تهنئة وزير: “الحمد لله على ما امتنّ به في الوزير أعزّه الله، من جميل السلامة، وحسن الإيابة، حمداً يستمد أمر فريده، وإخلاصاً مستدعياً لقبوله، وبارك الله في قدومه ومسيره, في جميع أمــوره, وجعل لـه مِنّة وافيـة على نعمـه، وأبقـاه لملـك يحرسه, ومؤملٍ يُنعشه، وعاثر يرفعـه”(42). وفيـه يظهر تجمـل المقال بارتفاع قدر الحال، من خلال الألفاظ: “منة وافية”، “ملك” “عاثر يرفعه”.
ورونق القول وزخرفة الكلام طاولت الأغراض المتباينة. منها ما يقبل التجمل نظراً لارتباطها بالسعة والدعة، كالغزل مثلاً. أنشد متغزلاً بساقٍ: [من الوافر]
وَساقٍ يجعــــــلُ المِنْديـــلَ مِنْــــه | مكانَ حمائِــــلِ السّيْـفِ الطوالِ | |
غُلالــةُ خَـــدّهِ صُبِغَـــــت بـــوردٍ | ونُـــونُ الصُّــدغِ مُعجَمَةٌ بخالِ | |
غَــدا والصبحُ تحت الليـل بـــــادٍ | كطرفِ أبلَــقٍ ملقــى الجَـــلالِ | |
بكـأسٍ مِن زُجاجٍ فيــهِ أُســــــــدٌ | فرائِسُهُــن ألبابُ الرِّجــــــــالِ(43) |
فقـد استبدل حمائــل السيــف وهــي آلــة حــرب وضــرب المنديل وهو عنوان الفرح والمرح. وازدادت اللوحــة التعبيريــة رونقــاً وزخرفـة بمـا أضفـاه عليهـا من أصبـاغ “صبغت بورد”, و”الصبح… بادٍ” كلها عملت على رسم لوحة بذخ جميلة, تبلغ نشوتها “بكأس من زجاج” تظهر استجابتها بارتعاد الأفراس.
وعلت الزخرفة اللفظية كلام ابن المعتز، كما فاضت بها حياته: صنوف طعامه، وأضرب شرابه، وتنوع ملبسه كلها عملت على نسج ألفاظه وإحكام صنعة كلامه. فمن زخرفة قائمة على التجنيس، كما في قوله: [ من الوافر ]
لئِــنْ نزّهت سمعــــك عن كلامــي | لقد نزَّهت فـي خدّيْــك طَرْفــــي | |
لــهُ وَجْــهٌ بـهِ يُصْبـي ويُضْنـــــــي | ومُبْتَسَـــمٌ بــهِ يُشقــــي ويُشفـــي(44) |
وفيه جنَّس بالتصحيف بين “يُصبي” و”يضني”, و”يشقي” و”يشفي”، فجعل اللفظة الواحدة ذات لونين ثم ميّز بينهما بواسطة “النقاط”، مضيفاً إلى كل واحدة نكهة خاصة.
وأحياناً يعمد إلى زخرفة لفظية من نوع آخر، وبنكهة أخرى. وتتم الزينة اللفظية عن طريق تكرير اللفظ, على نحو قوله: [من المتقارب]
لِساني لِسِــــــــرِّي كَتُـــومٌ كَتُــــومُ | وَدَمْعــي بِحُبِّــي نَمــــومٌ نَمـــومُ | |
ولــي مالِـــك شَفَّنـــي حُبُّــــــــــــهُ | بَديــــعُ الجمــالِ وَسيـــمٌ وَسيــمُ | |
لـهُ مُقْلَتـــــــا شــــادِنٍ أَحْـــــــــوَر | وَلَفْـــظٌ سَحُــــودٌ رَخيـــمٌ رَخيمُ | |
فدمعـــي عَليْـــهِ سَجـــومٌ سَجـــومُ | وَجِسْـــــمي عَلَيــه سَقيــمٌ سَقيمُ(45) |
وعلى الجملة، إن غنى الكلام بالزخرفة، والتفنن في الصياغة، وكثرة النفوش، ما هي إلا صدى نفس أرستقراطيه، طبعته بطابعها، ووسمته بسماتها. وفي نثره، تهفو النفوس عالياً, لعلو مضامين الكلام, وسمو دلالته, وغنى معجمه. روي عن ابن المعتز قوله في ” المحامد والشرف”: “لن تكسب – أعزك الله – المحامد, وتستوجب الشر, إلا بالحمل على النفس والحال، والنهوض بحمل الأثقال، وبذل الجاه والمال، ولو كانت المكارم تُنال بغير مؤونة لاشترك فيها السِّفْل والأحرار, وتساهمها الوضعاء من ذوي الأخطار, ولكن الله تعالى خصّ بها الكرماء، الذين جعلهم أهلها، فخفف عليهم حملها، وسوغهم فضلها”(46).
تبدو الأرستقراطية والطبقية كالشمس في رابعة النهار، تشهد لها الألفاظ: “الشرف”، “بذل الجـاه”، “المال”, “المكارم”، “الكرماء” فضلاً عن المقارنة مع الطبقة المقابلة للغنيــة، التـي أظهــرها التناقـض حيـن عمـد إلـى المقارنـة، كمـا فـي: “السفل والأحرار”، و”الوضعاء من ذوي الأخطار” لأن المكارم – برأيه – لن تنال إلاّ ببذل الجاه والمال، ولن يقدر عليه إلا من ملكهما، فبرزت الطبقية حين “خص بها الكرماء, الذين جعلهم أهلها”.
6 – كثرة الأصباغ والزينة والتجميل
بالإضافة إلى الزخرفة اللفظية، والصنعة الكلامية، عرف أسلوب ابن المعتز زينة مجلوبة من خلال الأصباغ والألوان التي حفلت بها عباراته، ودارت حولها مفرداته، وتشهد لها قصائده ورسائله، ففي وصفه الخمر المعتقة، جعلها صفراء، ثم لم يجد بُداً من تشبيه صفرتها بالذهب، لينقل السامع من موهوم إلى ملموس محسوس, فكان الذهب(التبر) أقرب مأخذاً لديه, فاشتق صورة منه. وليزيد في الرفاه والزينة، عاد ووصفها بالعروس يوم الخدر. قال: [من الرجز]
في قَهْــــوةٍ صَفْـــراءَ مثـــلَ التّبْـرِ | لو نُسِبَــتْ جاءَتْ لِعُمْــرِ النّسْـرِ | |
كأنَّهــــا العَــروسُ يَـــوْمَ الخِــــدْرِ | لِلْمـــاءِ فيهــــا فَلَـــــكٌ مِـــنْ دُرِّ(47) |
فجاءت صورة غنية بغنى مفرداتها: “التبر”، “العروس”, “الدر”. وفي مقام آخر، يتعانق الطيب والمسك في أوصاف ابن المعتز مع الألوان والأصباغ، فتأتي الصياغة تنضح غنى, لكثرة ما يشتم المسك من جنباتها, فتسرّ الناظرين, وتطرب السامعين. ورد في وصف دار له: [من الكامل]
لا مثــلَ منزلــةِ الدّوَيْـــرة مَنْــــزلُ | يا دارُ جــادَكِ وابــلٌ وسَقـــــاكِ | |
فكأنَّمـــا سَقَطَـــت مَجامِـرُ عَنْبــــرٍ | أو فُـتّ فــأرُ المِسـك فوقَ ثراكِ | |
وكأنّمــا حَصبـاءُ أرضــكِ جَوهـرٌ | وَكــأنّ ماء الـوردِ دَمْـعُ نــــداكِ | |
وكأنّ دِرْعــاً مُفرَعــاً من فضـــةٍ | ماءُ الغَديـــرِ جرتْ عليه صَباكِ(48) |
وبمقابلة مع وصف أديب آخر لدار، يلمس القارئ صدق الأرستقراطية – وفيه يقين الفرضية – في قول ابن المعتز. ففي الوصف التالي، يشعر المطالع بالحزن والفقر، فتنقبض نفسه وتسيل دموعه، لكثرة ما يسمع فيها من صليل السيوف وقرع طبول الكرب وآثار الحرب بالضرب. قال: [من الوافر]
إذا صافحــتَ لجّتَهـــا اقْشَعِـــرَّتْ | لها حُبُـــك كأمثــال الـــــدّروعِ | |
تجـــولُ العيْنُ منها في أديــــــمٍ | صقيــل الخدّ رقــراقِ الــدموع(49) |
وشتات بين معجم أبيات ابن المعتز الأولى التي دارت رحاها حول: “مجامر عنبر”, و”فأر المسـك” و”حصـباء أرضـك جوهـر”, و”مـاء الــورد”, ومعجم الثانية: “اقشعرت” و”الدروع” و”الدموع”.
ويكثر ماء الحياة في أقواله، فتزيل الهموم وتمحو المآسي… تشم منها الشذا والعطر، وترى فيها الأصباغ والصور… تخال نفسك في جنة غنّاء وروضة فيحاء… تحملك على السرور، وتبعث فيك الحبور. قال منشداً: [من مجزوء الرمل]
حَبّـــــــــذا آذارُ شَهْــــــــــــــــــراً | فيـــــه للنّــــــورِ انتشــــــــــارٌ | |
يَنقُـــــــــص الليـــــــــل إذا حَـ…. | لّ ويَمتَــــــــــدُ النَّهـــــــــــــارُ | |
وعلـــــى الأرضِ اصْفـــــــــرارٌ | واخضـــــــرارٌ واحمــــــــرارٌ | |
فكــــأنّ الــــــــــّروضَ وَشْــــيٌ | بالَغَـــــــتْ فيــــــه التّجــــــارُ | |
نَقْشُـــــــــهُ آسٌ ونَسْــــــــــــريـ… | نٌ ووردٌ وبهــــــــــــــــــــــارُ(50) |
ويكسو ابن المعتز فتاهُ من فاخر الثياب، المصنوعة من الجواهر والدرر، مما يجعله نموذجاً يحتذى، وقبلة ترتجى. قال في غلامٍ: [من الكامل]
ومُقَــــرْطق يسعــى إلـى الندمــاءِ | بعقيقــــةٍ فـــي دُرّةٍ بيضــــــاءِ | |
والبـــدْرُ في أُفُـــقِ السّماء كَدرهم | مُلْقــىً علـى ياقُوتَــةٍ زرقــــاءِ(51) |
وفي مدحه، كما في وصفه، أصباغ وألوان، عطر وجواهر ومرجان… فيخرج المدح إلى وصف تمتزج عناصرهما فيرجعا فناً واحداً. حين وصف أحد الكُتّاب، رأى في أحرفه ما يراه في منزله، ويعاينه في حياته من زخارف ودرر. من شواهده قول ابن المعتز في عبيد الله بن سليمان: [من الطويل]
عَليــــــمٌ بأعقــابِ الأمُــــورِ كأنّـهُ | بمختلَسـاتِ الظّـنّ يَسْمَعُ أو يَرى | |
إذا أخَــذَ القِرْطـاس خِلْتَ يَمينَــــهُ | يُفَتّــحُ نوْراً أو يُنَظّــمُ جوهــــرا(52) |
وهكذا كان ابن المعتز أرستقراطياً في حياته الاجتماعية، عكستها لغته في صورها المختلفة وأغراضها المتباينة. إن أشار كان ملكاً، وإن لفظ ظهر خليفة، وإن خط بدا أميراً… وهو في كل سلوكه اللغوي أرستقراطي غني مترف. عايش النعيم، فجاء بكلام رفيع سامٍ، وصُور مزدانة بألوان. يخال المرء الذي يسمع كلامه, أو يقرأ ما خطه بنانه أنه أمام لوحة نفيسة الثمن، تتفجر فيها ألوان الذهب والدرر واللجين، فتزداد قيمةً فوق قيمتها، وترتقي جمالاً على جمالها. تنقل القارئ إلى جو أرستقراطي ومقام الخلفاء، بعيداً من شظف العيش، ومرارة الحياة. ترى فيها اللون وتشم الرائحة وتذوق الطعم، فتأسر الحواس بفتنتها، وتذهل العقل برونقها وسموّها اللاحقة.
إن اللغة بشكلها الملفوظ والمخطوط وسواهما مستودعات الضمائر، وصُور الماضي والحاضر. تقرأ في ألفاظها التاريخ، وبصيغها وأحكامها المجتمع… وهي ثوابت لا يرقى الشك إليها، يشد أزرها جملة من الأدلة.
ثوابت الفرضية وجمل الأدلة
1 – أظهرت أرستقراطية ابن المعتز، جملة الصور والتشبيهات التي توسدها في تعبيره, لما حملت في مضامينها من فاخر المتاع, رفيع الأدوات ونفيس الأواني… إذ وقفت جميعها دلائل على طبقته. وهو أمر أدهش أهل عصره, حين قارنوا بينه وبين معاصريه من الشعراء. حكي أن أحدهم سأل ابن الرومي عن سبب عجزه عن الإتيان بتشبيهات على شاكلة تشبيهات ابن المعتز ؟ على الرغم من تفوق ابن الرومي في الشاعرية. قال ابن الرومي راداً: أنشدني شيئاً من قوله الذي استعجزتني في مثله. فأنشده السائل في صفة الهلال: [من الكامل]
فانظُــــرْ إليـــهِ كـزورَقٍ مِـنْ فضّةٍ | قــدْ أثقلَتْــــهُ حُمُولـــةٌ منْ عَنْبَرِ |
قال ابن الرومي: زدني, فأنشـده: [من مجزوء الرجز]
كــــــــــــأنّ آذَرْيُونَهـــــــــــــــــا | والشَّمْـــــــسُ فيـــــــهِ كاليِيَــــهْ | |
مَداهِــــــنٌ مِـــــنْ ذَهَـــــــــــــــبٍ | فيهــــــــا بَقــايــــــا غالِيَـــــــهْ |
فصاح: واغوثاه ! لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ذلك إنما يصف ماعونَ بيته، لأنه ابن الخلفاء وأنا أيّ شيء أصف؟(53). وما عجز ابن الرومي – على الرغم من تقدمه في الشاعرية على ابن المعتز – عن الإتيان بمثله، إلا لأن كل واحد منهما في طبقة، ولا يتمكن ابن الرومي تخطي طبقته، فكان الكلام كذلك طبقات.
2 – يفضح الكلام حال صاحبه، إن جاء كلامه على السليقة والطبع، أو جرى فيه مجرى التكلف والتصنع, لأن بصمات الحياة وآثار المحيط المعيش فيه تطغو عليه، عن قصد أو عن غير قصد. وأكثر ما يكشف التشبيه – وغيره من الصور والأصباغ – الخفايا ويرفع عما فيها من طوايا. وعلة الأمر أنّ كل إنسان “يصف الشيء بمقدار ما في نفسه من ضعف أو قوة، وعجز أو قدرة, وصفة الإنسان ما رأى تكون لاشك أصوب من صفته ما لم ير, وتشبيه ما عاين بما عاين أفضل من تشبيه ما أبصر بما لم يُبْصر”(54). ولعلّ في ما اشتهر به ابن المعتز من تشبيهات, انفرد بها دون سواه, تعود إلى غناه وارستقراطيته, وموقعه الإجتماعي، مما يجعلنا نقول: إنها تشبيهات ملوكية, يدعم ما نذهب إليه قول الثعالبي: “ولما كان غُذي النعمة, وربيب الخلافة, ومنقطع القرين في البراعة, تهيّأ له من حسن التشبيه ما لم يتهيأ لغيره ممن لم يروا ما رآه, ولم يستخدموا ما استخدمه من نفائس الأشياء وطرائف الآلات… فمن أنموذج تشبيهاته الملوكية”(55). ولهذا يمكن القول بشيء من الموضوعية والدقة: إن كلام الملوك ملوك الكلام.
3 – تضمين المرء كلامه التشبيهات وغيرها من الأدلة التي يتوخاها، في أثناء عملية التعبير عن انفعالات في بعض المواقف، أو إتصالات في مقامات أخرى، لا يمكن أن تكون إلا من واقع حياته، ومقتلعة من بيئته. مما عايشه وملك عليه شغاف نفسه، وعرفه وعاينه. إذ لا يمكن الإتيان بتشبيهات لا يعرفها، ويبلغ فيها درجة الجودة والحسن والتفوّق. يدعم ما نذكره قول ابن طباطبا. أورد في طريقه تشبيه العرب: “واعلم أن العرب أودعت أشعارها من الأوصاف والتشبيهات والحكم ما أحاطت به معرفتها، وأدركه عيانها، ومرت به تجاربها… فتضمنت أشعارها من التشبيهات ما أدركه من ذلك عيانها وحسُّها، إلى ما في طبائعها وأنفسها من محمود الأخلاق ومذمومها”(56). وما جاء به ابن المعتز اقتطع من طبقته، وحاكى واقعه.
4 – فِعْل القول في حقيقته – أثر الفاعل في النصّ. فهو يظهر الفاعل دائماً, ويعكس حالته النفسية والاجتماعية… واستناداً إلى المبدأ المذكور، ربط علماء الإجتماع المحتوى بالتحولات الاجتماعية من جهة, وبالنفس القائلة من جهة أخرى. ولفهم حقيقة شخص ما، أو النظر إلى تحوّل اجتماعي معين، يرجع إلى حقل معجمي, وكيفية استعمال المفردات. من المعلومات السابقة, يرى الدارسون “أن كل كلمة لها قيم في الاستعمال متعددة تتوزع خلال الجماعات الاجتماعية، أو تتوزع تطوراً Diachroniquement)) حسب الأجيال التي تتعايش في العصر نفسه. وهذا ما يقودنا إلى أن نعدّ الحقل المعجمي نفسه مكوناً من مجموعات تميّز طبقة ما أو جماعة ما, إن لم يكن فرداً ما”(57). وبناء على المبادئ المذكورة, تغدو لغة الكاتب أو الشاعر معلماً عن بيئته, وانتمائه الطبقي…
5 – اللسان يبرز حالة الناطق به، الاجتماعية والفكرية. فضلاً عما يكنه في نفسه. وقد استند السامعون إلى القول الملفوظ في التنبئ عن حالة صاحبه ومآله. ذكر في خصال اللسان: “واللسان فيه عشر خصال يجب على العاقل أن يعرفها, ويضع كل خصلة منها في موضعها: هو أداة يظهر بها البيان, وشاهد يخبر عن الضمير… وواصف تعرف به الأشياء”(58). ومن ثمار مرتكزات النطق والبيان الحكم على الإنسان من خلال اللسان, يدل عليه ردّ أبي العرّاف اليماني على أبي لهب حين اتهم الرسول بالجنون، حجته: “إن كلام المجانين متفاوت غير مستقيم وما يشبه ابن أخيك المجانين بوجه من الوجوه”(59).
6 – الدراسات اللغوية الحديثة(Linguistique) تشير مع التحاليل الصوتية المتعلقة بوظائف اللغة إلى أن من وظائف اللغة، الوظيفة التعبيرية التي تعلم السامع عن حالة المتكلم النفسية، من دون لجوء الأخير لهذه الغاية، ويضربون مثلاً عليه أن إطالة وتقوية الصوت [ P ] في الفرنسية في كلمة Impossible)) في الجملة “Cet enfant est impossible” (هذا الولد لا يُحتمل) كإشارة إلى غضب حقيقي أو مصطنع(60). ولا غرابة في القضية، لأن نظم المفردات في النطق يناظر نظمها في النفس. قال الإمام عبد القاهر الجرجاني: “وأن الكلم تترتّب في النطق، بسبب ترتّب معانيها في النفس وأنها لو خلت من معانيها حتى تتجرد أصواتاً وأصداء حروف لما وقع في ضمير ولا هجس في خاطر أن يجب فيها ترتيب ونظم، وأن يجعل لها أمكنة ومنازل، وأن يجب النطق بهذه قبل النطق بتلك”(61). وما قولنا، إن مفردات ابن المعتز ومصطلحاته وعباراته، لهي صورة لحاله، إلا قول فصل وما هو بالهزل، تعززه الأبحاث التي أجراها علماء اللسانية. ذكرت الدراسات أن برييال Breal)) ومييي Meillet)) ظهر لديهما ولدى من جاء بعدهما أن وقائع المفردات تعكس وقائع الحضارة، وأن دراسة الكلمات لا يمكن أن تنفصل عن دراسة الأشياء, وكذلك ترتبط تغييرات معاني الكلمات بالطبقات الاجتماعية التي تستعملها في كل مكان وزمان(62).
7 – اللغة بمظاهرها المختلفة تنفض عن الإنسان غبار المنسي والمهمل, وتستخرج من آبار نفسه كل خفي ومجهول. وهي بحق صورة إشعاعية للنفس البشرية، تشخص ما فيها من نزوات وصبوات، ويطاول ميدان كشفها جوانب شتى بدءاً بالفرد ونفسيته، وانتهاءً بالمجتمع وسائر أحواله. قال الشيخ ابراهيم اليازجي: “لا يخفى أن اللغة هي أعظم كاشف عن أحوال الأمم، ومحلها من المدنية والعمران, وما لها من الأخلاق والآداب والعقائد والعوائد والسياسات والشرائع والعلوم والفنون وسائر أحوال التصرف والاجتماع وما خلقت عليه من ذكاء الطباع وثقوب الفطن وقوة الملكات، وفي الجملة فإن اللغة هي الإنسان بعينه يتمثل بها الفرد من آحاده، وتتناول الأمة بأسرها, لما أنها صورة العقل وترجمان القلب والأثر الذي تطبعه حركات النفس بما يعرف لها من الأفعال والانفعالات”(63). ولا نغالي إذا قلنا: إن اللغة تتخطى كشف حقيقة الفرد إلى صورة الأمة بأسرها، والعصر الذي يعيش فيه برمته. فلحن القوم يحاكي تدهور الأمة وفساد أحوالها. ورصانة التعبير تدل على تماسكها وضبط أحوالها وامتلاكها القوة بشكل كبير. والتاريخ يشهد على انحدار العربية في نهاية القرن الثالث وما بعده، وتفشي اللحن الذي عكس بداية أفول شمس الدولة، عن طريق كثرة النزاعات والخلافات على سدة الحكم. جاء في مقدمة أدب الكاتب لابن قتيبة(ت 276 هـ): “فإني رأيت أكثر أهل زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكبين ومن اسمه متطيرين ولأهله كارهين. أما الناشئ فيهم فراغب عن التعليم، والشادي تارك للإزدياد، والمتأدب في عنف الشباب ناسٍ أو متناسٍ، فإذا أراد المتكلم أن يستعمل بعض تلك الوجوه في كلامه كانت وبالاً على لفظه وقيداً للسانه، وعيّا في المحافل وعقلة عن المتناظرين”(64).
وتصور اللغة المنطوقة على لسان الإنسان، بهيئتها وألفاظها وطريقة إخراجها وأساليبها، حال العصر. فقد صور أبو الفتح البستي حياة القرن الخامس الهجري، من خلال وصف اللسان الناطق. قال شاكياً: [من الوافر]
إذا أبصَـــرتَ فـي لفظي فُتـــــوراً | وَخَطّـي والبلاغـــةِ والبيــــان | |
فلا تَرتَــب بفهمــي إنّ رَقصــــي | علــى مِقْـدارِ إيقـاع الزَّمــــانِ(65) |
ما تقدم من أدلة فيها البيان, وهي الحجة والبرهان على فرضية “طبقية اللغة”، المتمثلة في صُور اللغة ومظاهرها المتعددة, من لفظ وخط وإشارة.
خرجـــــــــــة
كان لأرستقراطية المقام أصداؤها في أرستقراطية الكلام. وقد أفرزت أنماطاً سلوكية لغوية، تركت بصمات في الأصباغ التعبيرية التي نُقلت عن ابن المعتز، إلى جانب عوامل فكرية وثقافية. ولم يقف الأمر عند حدّ الاستعمال والتعبير والسلوك القولي، بل الراجح أنه وضع أساساً لعِلمْ تحسين الأداء اللغوي, بما قنّنّه من ألوان، ودرسه من أصناف، يصح نعتها بـأساليب تجميل اللغة أو تزيينها. برزت حقيقة الأصناف التجميلية في كتابه “البديع”, الذي يعتقد “أن ابن المعتز هو من بواكير من جمع البديع, وألف فيه كتاباً”(71) جاء فيه: “قد قدّمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن واللغة وأحاديث رسول الله(ص) وكلام الصحابة والأعراب وغيرها وأشعار المتقدمين في الكلام الذي سمّاه المحدثون البديع ليعلم أن بشاراً ومسلماً وأبا نواس ومن تقيّلهم وسلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفن ولكنه كثر في أشعارهم فعُرف في زمانهم حتى سمّي بهذا الإسم فأعرب عنه ودلّ عليه”(67).
وقياساً على ما سبق, ابتدأت – على أغلب الظن – بواكير البديع بابن المعتز، الذي كان صدى لأرستقراطيته، فعرف علم البديع به. لقد شقّ طريقه وأبدع ألوانه ووضع أسسه وتصانيفه، مما دفع ابن رشيق إلى القول: ” وما أعلم شاعراً أكمل ولا أعجب تصنيعاً من عبد الله بن المعتز, فإن صنعته خفية لطيفة، وهو عندي ألطف أصحابه شعراً, وأكثرهم بديعاً وافتناناً وأغربهم قوافي وأوزاناً, ولا أرى وراءه غاية لطالبها في هذا الباب”(68).
وقد اشُتهر ابن المعتز بأرستقراطية المقال كما اشتُهر بأرستقراطية الحال, ولولا ذلك لما ارتبط التشبيه بابن المعتز، والعرف يقول: ” من أكثر من شيء عُرِفَ به “. وما ارتباط البديع والتشبيه وزخرفة القول بابن المعتز(69) إلا من هذا القبيل.
نخلص إلى القول: إن اللغة طبقات كما أن الناس أنفسهم طبقات. ولا يُقَرّب الطبقات ويصهرها في بوتقة واحدة إلا لسان القول, لأنه فعل القلب(70), وتلاقي القلوب عنوان الإلفة والوحدة والاندماج. ولكن رواسب الفروق لما تزل ظاهرة إلى العيان في كلام الخاص والعام, وما مصطلح ” العاطل ” الذي يطلق في اللسان الشعبي على سيىء السيرة إلا المثل والدليل. وحقيقة العاطل مَنْ فقد الحلي ولم يتزين بالذهب وغيره من ثمين الدرر وفاخر الجواهر. قالوا: “وعطلت المرأة وعطلت وتعطّلت فقدت الحلى، وعطّلها صاحبها، وهي عاطل وعُطُل, وهن عواطل”(71). ونقيضه “الحالي”. جاء في الأمثال: “لا غرو أن تحسد الحالي العاطل وينافس الناقص الفاضل”(72). وهو إجراء نابع من بيئة الأغنياء والأرستقراطيين, كرسته اللفظتان “العاطل” و”الحالي”, فخلّدتا سيطرة الطبقة الغنية, يوم كتبت الحياة للأقوى…
آثــار وانعكـــاســـات
بات من الواضح صدق فرضية “طبقية اللغة”. وعلى ضوئها يمكن التقرير إن الإنسان يعرف من لغته وكلامه فكره, طبقته، نفسيته وما يستره ضميره. ويبنى اساس ما يقرر أن للملوك كلاماً وللأطباء ألفاظاً ولأصحاب الحرف صيغاً، كل واحد منهم يعرف بلفظه من دون التصريح بمقصده. يروى أن أحدهم سأل ورّاقاً عن حاله, فقال: ” عيشي أضيق من محبرة وجسمي أدق من مسطرة, جاهي أرق من الزجاح ووجهي أشد سواداً من الزاج وحظي أخفى من شقّ القلم ويدي أضعف من القصب وطعامي أمر من العفص وسوء الحال ألزق بي من الصمغ”(73). وفيه أتى على ذكر أدوات الكتابة من “محبرة” و”مسطرة” و”شق القلم” و”القصب” و”الصمغ” فكشف عن حاله بألفاظ أعماله ومصطلحات حرفته. وارتقى السلوك اللغوي في الطبقات الاجتماعية المختلفة, مما دفع الثعالبي إلى عقد باب في مصنفه أسماه: “من تكلم كل من صناعته وحرفته وحاله سوى ما عمله الجاحظ من ذلك”(74).
وعلى هَدْيَ الإحداثية السابقة، نخرج بتوجيه اجتماعي – لغوي, مفاده التنبه إلى لغة الناس لمعرفة أحوالهم وعقولهم ونفسياتهم, بغية حسن التواصل بهم والتفاهم معهم. ويسدي الجاحظ (ت 255هـ) رأياً يدعم ما نراه, حين ينصح المتكلم أن يراعي أقدار السامعين وحالة المخاطبين، عن طريق اختيار اللفظة المناسبة, قال: “وكما لا ينبغي أن يكون اللفظ عامياً وساقطاً سوقياً، فكذلك لا ينبغي أن يكون غريباً وحشياً, إلا أن يكون المتكلم بدوياً أعرابياً، فإن الوحشي من الكلام يفهمه الوحشي من الناس كما يفهم السوقي رطانة السوقي. وكلام الناس في طبقات كما أن الناس أنفسهم في طبقات(75).
وتابع أبو هلال العسكري (ت 395هـ) الجاحظ, حين أشار على المتكلم أن يلتفت إلى مقامات الناس كسباً لآداب السلوك, فينتقي من الكلام ما ناسب مقام كل منهم, قال: “ولا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة, ولا الملوك بكلام السوقة, لأن ذلك جهل بالمقامات، وربما غلب سوء الرأي, وقلة العقل على بعض علماء العربية, فيخاطبون السوقي والمملوك والأعجمي بألفاظ أهل نجد ومعاني أهل السراة”(76) ويخلص إلى القول: “وإذا كان موضوع الكلام على الإفهام فالواجب أن تقسم طبقات الكلام على طبقات الناس, فيخاطب السوقي بكلام السوقة, والبدوي بكلام البدو, ولا يتجاوز به عما يعرفه إلى ما لا يعرفه، فتذهب فائدة الكلام, وتعدم منفعة الخطاب”(77).
إن الغنى الذي رسخته أقوال ابن المعتز، لم يعد يحسب مجرد شعر يقال، ينشد ويسترجع، بل أضحى وثيقة تاريخية حضارية، إلى جانب النصوص التاريخية. يشد الأزر ما جاء في زواج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل. روت المصادر التاريخية أن الحسـن نثر في ذلك الإملاك من الأموال ما لم ينثره ولم يفعله ملك قط في جاهلية ولا في إسلام. وذلك أنه نثر على الهاشميين والقوّاد والكتّاب والوجوه بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع وأسماء جوار وصفات دواب وغير ذلك, فكانت البندقة إذا وقعت في يد الرجل فتحها, فقرأ ما فيها، فيمضي إلى الوكيل الذي نصب لذلك فيقول له: ضيعة يقال لها فلانة الفلانية، ثم نثر بعد ذلك على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر(78).
ومن جهة أخرى حفظت المراجع ما كان من بذخ في مآكل الناس إبان الحكم العباسي: خلفاء, أمراء ؛ جاء في تاريخ الإسلام: “وكان أهل بغداد يتفنون في الطعام ويسرفون في اجتلاب ألوانه في غير مواعيدها, من صيد وفاكهة وخضروات, حتى كانوا يزينون هذه الأطعمة أحياناً بما يعاد لها في الوزن من الفضة”(79).
لم يعد خافياً, بعد ما تقدم, أن كلام ابن المعتز صورة لحياة القصور والأمراء, حياة البذخ والغنى أي أن غنى كلامه صورة طبق الأصل عن غناه. وهو سند يقف كركن مكين للفرضية ” مستويات التعبير”. وعليه يصح القول الشائع: إن فتحت فاك عرفناك.
حواشي الدراسة
(1) | F. De Saussune: cours De Linguistique Generale, Publie par Charles Bally et Albert Sechehaye, Payat, Paris , 1967 , P. 24. |
(2) | قال القلقشندي موضحاً: ولما اشترك اللفظ والخط في الفوائد العامة التي جُعلت فيهما وقع الإشتراك أيضاً بين آليتهما… وكل منهما يفعل فعل الآخر في الإبانة عن المعاني إلا أن اللفظ لما كان دليلاً طبيعياً جعلت آلته آلة طبيعية, والخط لما كان دليلاً صناعياً جعلت آلته آلة صناعية, ولما تقاسمت الآلتان الدلالة نابت إحداهما مناب الأخرى, وأوقعوا اسم اللسان على القلم… وشرّكوا بينهما في الإسم…. القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا, نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية, وزارة الثقافة والإرشاد القومي, المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر, لا. ب, لا. تا, ج3, ص6. |
(3) | جاء في المصادر: الكلام مأخوذ من الكَلِم, وهو الجُرح, لأنه يؤثر في السامع كما يؤثر الجرح, كما قال: ” من المتقارب”
* وجُرحُ اللّسـانِ كجُرحِ اليــد. يراجع, ابو البركات الأنباري: منثور الفوائد, تحقيق د. حاتم الضامن, مؤسسة الرسالة, بيروت, طذ, 1403هـ – 1983 م, ص 23. |
(4) | ابن جني:الخصائص، حققه محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، ط2،لا.تا.ص32 |
(5) | ينظر, ابن عبر البر القرطبي: بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس, تحقيق محمد مرسي الخولي, دار الكتب العلمية, بيروت, لا. تا, مج1, ق1, ص55. |
(6) اسمه عبد الله بن محمد المعتز بالله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العباسي. ولد في بغداد سنة 246هـ – 861م. كان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم. شاعر مبدع, مولع بالأدب. بويع بالخلافة فأقام يوماً وليلة, ثم قتل مخنوقاً من قبل غلمان المقتدر. صنف كتباً منها: ” الزهر والرياض ” و ” البديع ” و”أشعار الملوك ” و ” حُلى الأخبار “. يراجع, ابن خلكان: وفيات الأعيان, تحقيق د. إحسان عباس, دار صادر, بيروت, لا. تا, مج3, ص76, وابن شاكر الكتبي: فوات الوفيات, تحقيق د. إحسان عباس, دار صادر, بيروت, لا. تا, مج2, ص239 – 246.
(7) يراجع, فؤاد أفرام البستاني: دائرة المعارف البستاني, لا. نا, بيروت, 1971م, مج9, ص399.
(8) Encyclopedia International, volume1, lexicon publications, INC., 1982, p:593 – 594, item(Aristocracy).
وقد تؤدي في نظر أرسطو إلى حكم القلة بواسطة القوة والبطش والمال، ويضادها الديمقراطية. والارستقراطية تنحسر بانتشار الديمقراطية… والديكتاتورية تعمل على نمو الارستقراطية… ينظر
The New Book of knowledge, volume7, Grolier incorporated Dan Burg, conn, 1979, p: 275, and Encyclopedia International , volume1, p:594.
( 9 ) يراجع, Encyclopedia International , Volume1, p:594 .
(10) ابن المعتز: الديوان, شرح د. يوسف فرحات, دار الجيل, بيروت, ط1, 1415هـ – 1995م, ص329.
(11) التيفاشي: سرور النفس بمدارك الحواس الخمس, حققه د. إحسان عباس, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت, ط1, 1400هـ – 1980م, ص68.
(12) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز في النقد والأدب والإجتماع, جمع وتحقيق محمد عبد المنعم خفاجي, شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي, مصر, ط1, 1365هـ – 1946م, ص60.
(13) شواهد تقليد ابن المعتز أكثر من أن تحصى, منها قول ابن رشيق: ” فإنما احتذى كُشاجم قول ابن المعتز في أبيات له… “. ومن الأدلة قول بعضهم: [ من الكامل ]
والجوُّ صافٍ والهلالُ مُشَنفٌ بالزُّهرةِ الزّهْراء نحوَ المغربِ
كصحيفةٍ زرقاءَ فيها نقطــةٌ مِنْ فضةٍ من تحتِ نونِ مذهب.
يراجع, ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, تحقيق د. محمد قرقزان, دار المعرفة, بيروت, ط1, 1408هـ – 1988م, ج2, ص704, وأبو هلال العسكري: ديوان المعاني, عنيت بنشره مكتبة القدسي, القاهرة 1352هـ, ج1, ص341.
(14) ابن المعتز: الديوان, ص84.
(15) ابن المعتز: الديوان, ص84.
(16) المتنبي: الديوان – بشرح العكبري – ضبطه وصححه ووضع فهارسه مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي, دار المعرفة, بيروت, 1397هـ -1978م, ج2, ص40 – 41.
(17) ابن المعتز: الديوان, ص105.
(18) المبزال: حديدة يفتح بها مبزل الدّنّ. ينظر, الفيروز أبادي: القاموس المحيط, دار الفكر, بيروت، 1398هـ 1978م, ج3, ص334, مادة [ بزل ]
(19) ابن المعتز: الديوان, ص103.
(20) ابن المعتز: الديوان, ص85.
(21) قنأ الشيء يقنأ قنوءاً: اشتدت حمرته, وقَنّأهُ هو. يراجع, ابن منظور: لسان العرب, دار صادر,بيروت ط1, 1410هـ – 1990م, مج1, ص134, مادة [ قنا ].
(22) ابن المعتز: الديوان, ص85.
(23) ابن المعتز: الديوان, ص597.
(24) الثعالبي: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب, تحقيق وشرح إبراهيم صالح, دار البشائر, دمشق،ط1, 1414هـ – 1994م, ج1, ص368.
(25) ابن خلكان: وفيات الأعيان, مج3, ص79.
(26) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز, ص33، والشيخ عبد الرحيم العباسي: معاهد التمصيص على شواهد التلخيص, تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد, المكتبة التجارية الكبرى, مصر, 1367هـ – 1947م, ج2, ص38.
(27) الريحان يرمز إلى السعادة والسرور, لما فيه من طيب الرائحة, وما يبعث الحرارة في الجسم. يراجع, ابن البيطار: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1412هـ – 1992م, مج1, ص447 – 448.
(28) ابن المعتز: الديوان, ص226.
(29) الشريشي: شرح مقامات الحريري, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1399هـ – 1979م, ج2، ص85.
(30) ابن المعتز: الديوان, ص729.
(31) ابن المعتز: الديوان, ص624.
(32) ابن خلدون: المقدمة, ص242 – 243.
(33) اختلف العلماء في قضية ذكر الفاحش والرفث في الشعر, فبعضهم اعتقده, وبعضهم رفضه. يراجع، الخالديان: المختار من شعر بشار وشرحه, اعتنى بنسخه وتص يحه… السيد محمد بدر الدين العلوي, لجنة التأليف والترجمة والنشر, القاهرة, لا. تا, ص201 – 202.
(34) ابن المعتز: الديوان, ص328.
(35) ابن المعتز: الديوان, ص235.
(36) الحصري: زهر الآداب وثمر الألباب, مفصل ومضبوط ومشروح بقلم المرحوم د. زكي مبارك, دار الجيل, بيروت, ط4, لا. تا, مج2, ج4, ص908.
(37) امرؤ القيس: الديوان, دار صادر, بيروت, لا. تا, ص46.
(38) ابن المعتز: الديوان, ص529.
(39) ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج1, ص508 – 509.
(40) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز, ص41.
(41) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز, ص51.
(42) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز: ص48.
(43) ابن المعتز: الديوان, ص570.
(44) ابن المعتز: الديوان, ص488, وابن رشيق: العمدة, ج1, ص556, وفي الديوان ورد البيت الأول, وفي العمدة ورد البيتان.
(45) ابن رشيق: العمدة, ج2, ص691 – 692, ولم يأت الديوان على ذكرها.
(46) ابن المعتز: رسائل ابن المعتز, ص56.
(47) ابن المعتز: الديوان, ص362 – 365.
(48) ابن المعتز: الديوان, ص539 – 540.
(49) يراجع, الخالديان: المختار من شعر بشار وشرحه, ص318.
(50) ينظر, الشيخ عبد الرحيم العباسي: معاهد التنصيص…, ج2, ص41 – 42. وفيه وصف جوّ الأبيات قال: ” كنت أشرب مع عبد الله بن المعتز في يوم من أيام الربيع بالعباسية والدنيا كالجنة المزخرفة… “.
(51) ابن المعتز: الديوان, ص21.
(52) ابن المعتز: الديوان, ص300 – 301, والحصري: زهر الآداب…, ج2, ص480.
(53) ينظر, ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج2, ص968.
(54) يراجع, ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج2, ص967 – 968.
(55) الثعالبي: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب, ج1, ص368.
(56) ابن طباطبا: عيار الشعر, تحقيق وتعليق محمد زغلول سلام, منشأة المعارف, الإسكندرية, ط3 لا. تا, ص48.
(57) Dubois, J: La vocabulaire Social et politique en France de 1869 a 1872, cite par Alain Rey, la lexicologie, Klincksieck, 1970, p:145.
(58) ابن حبان البستي: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء, شرح وتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ومحمد عبد الرزاق حمزة ومحمد حامد الفقي, دار الكتب العلمية, بيروت, لا. تا, ص43.
(59) يراجع تفصيل القصة, الحسن بن حبيب: عقلاء المجانين, تحقيق د. عمر الأسعد, دار النفائس، بيروت، ط1, 1407هـ – 1987م, ص34.
(60) Andre Martinet: Elements de linguistique generale , U. collection, Ramand colin, Paris, 1970, p.61.
(61) عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تحقيق محمد رضوان الداية وفايز الداية، دار قتيبة, دمشق، ط1, 1403هـ – 1983م, ص46.
(62) ينظر, Meillet: Linguistique historique et linguistique general , T.1, p:223 – 280, et George Mounin: la linguistique du Xxe siecle , PUF, 2edition 1972, p:242.
(63) إبراهيم اليازجي: ” أمالي لغوية “, مجلة الطبيب, ج1, 15 آذار 1884م, بيروت, السنة الأولى ص15.
(64) ابن قتيبة: أدب الكاتب, حققه وضبط غريبه وشرح أبياته… محمد محي الدين عبد الحميد, مطبعة السعادة, مصر, ط4, 1382 هـ – 1963م, ص1 – 4.
(65) أبو الفتح البستي: الديوان, ضمن أبو الفتح البستي حياته وشعره, تحقيق محمد مرسي الخولي, دار الأندلس, بيروت, ط1, 1980م, ص319.
(66) ينظر, ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج1, ص454.
(67) ابن المعتز: كتاب البديع, اعتنى بنشره وتعليق المقدمة والفهارس أغناطيوس كراتشقوفسكي, دار المسيرة, بيروت, ط2, 1399هـ – 1979م, ص1.
(68) ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج1, ص62.
(69) يراجع نماذج منها, ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, ج1, ص492.
(70) رأى العلماء أن الكلام يقوم في النفس, ثم يعبر عنه باللفظ المفيد, ويستشهدون بقول الأخطل: [من الكامل ]
إنّ الكَــلامَ لفـــي الفُــؤادِ وإنّمـــا جُعِــلَ اللّسانُ على الفُـؤادِ دليلا
ينظر, ابن هشام: شرح شذور الذهب, تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, مطبعة السعادة, مصر، ط10, 1385هـ – 1960م, ص28, والسكري: شعر الأخطل, تحقيق د. فخر الدين قباوة, دار الفكر المعاصر وادار الفكر, بيروت ودمشق, ط4, 1416هـ – 1996م.
(71) الزمخشري: أساس البلاغة, دار صادر, بيروت, 1399هـ – 1979م, ص426, مادة [عطل].
(72) الزمخشري: أساس البلاغة, ص426, مادة [ عطل ].
(73) الثعالبي: كتاب خاص الخاص, قدم له حسن الأمين, دار مكتبة الحياة, بيروت, ط جديدة منقحة, لا. تا, ص69.
(74) الثعالبي: كتاب خاص الخاص, ص65.
(75) الجاحظ: البيان والتبيين, مج1, ج1, ص144.
(76) أبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين, تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل ابراهيم,المكتبة العصرية, صيدا – بيروت, 1406هـ – 1986م, ص27.
(77) أبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين, ص29.
(78) ينظر, المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر, بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, دار المعرفة, بيروت 1402هـ – 1982م, ج4, ص30.
(79) يراجع, حسن ابراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والإجتماعي, دار الجيل ومكتبة النهضة المصرية, بيروت والقاهرة, ط3, 1411هـ – 1991م, ج2, ص346.
المصادر والمراجع(*)
(1) | امرؤ القيس: الديوان, دار صادر, بيروت, لا. تا. |
(2) | الأنباري, أبو البركات عبدالرحمن بن محمد: منثور الفوائد, تحقيق د. حاتم الضامن, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط1, 1403هـ – 1983م. |
(3) | البستاني, فؤاد أفرام: دائرة المعارف البستاني, لا. نا, بيروت, 1971م. |
(4) | البستي, ابني حبان أبو حاتم محمد: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء, شرح وتحقيق محمد يحيى الديـن عبـد الحميـد ومحمـد عبد الرزاق حمزة ومحمد حامد الفقي, دار الكتب العلمية, بيروت, لا. تا. |
(5) | البستي, أبو الفتح علي بن محمد: الديوان, ضمن أبو الفتح البستي حياته وشعره, تحقيق محمد مرسي الخولي, دار الأندلس, بيروت, ط1, 1980م. |
(6) | ابن البيطار, عبدالله بن أحمد: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية, دار الكتب العلمية, بيروت, بيروت, ط1, 1412هـ – 1992م. |
(7) | التيفاشي, أحمد بن يوسف: سرور النفس بمدارك الحواس الخمس, حققه د. إحسان عباس, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت, ط1, 1400هـ – 1980م. |
(*) – اتبعت منهجاً ألفبائياً, يعتمد اسم عائلة المؤلف أو لقبه الغالب عليه أو كنيته, مستثنياً من ذلك أسماء الشعراء, لشهرتهم باسمهم من دون اسم عائلتهم….
(8) | الثعالبي, أبو منصور عبد الملك بن محمد: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب, تحقيق وشرح إبراهيم صالح, دار البشائر, دمشق, ط1, 1414هـ – 1994م. |
(9) | الثعالبي, أبو منصور عبدي الملك بن محمد: كتاب خاص الخاص, قدم له حسن الأمين, دار مكتبة الحياة, بيروت, ط. جديدة منقحة, لا. تا. |
(10) | الجاحظ, أبو عثمان عمرو بن بحر: البيان والتبيين, تحقيق وشرح عبد السلام هارون, دار الفكر، بيروت, ط4, لا. تا. |
(11) | الجرجاني, عبدي القاهر: دلائل الإعجاز, تحقيق محمد رضوان الداية وفايز الداية, دار قتيبة, دمشق, ط1, 1403هـ – 1983م. |
(12) | ابن جني, أبو الفتح عثمان: الخصائص, حققه محمد علي النجار, دار الهدى للطباعة والنشر, بيروت, ط2, لا. تا. |
(13) | حسن, حسن ابراهيم: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والإجتماعي, دار الجيل ومكتبة النهضة المصرية, بيروت والقاهرة, ط13، 1411هـ – 1991م. |
(14) | الحصري, أبو إسحاق ابراهيم بن علي: زهر الآداب وثمر الألباب, مفصل ومضبوط ومشروح بقلم المرحوم د. زكي مبارك, دار الجيل, بيروت, ط4, لا. تا. |
(15) | الخالديان, أبو بكر محمد وأبو سعيد عثمان: المختار من شعر بشار, شرحه أبو الطاهر اسماعيل بن أحمد التجيبي, اعتنى بنسخه وتصحيحه… السيد محمد بدر الدين العلوي, لجنة التأليف والترجمة والنشر, القاهرة, لا. تا. |
(16) | ابن خلدون, عبد الرحمن: المقدمة, فهرسة يوسف أسعد داغر, دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة, بيروت, ط2, 1982م. |
(17) | ابن خلكان, أبو العباس أحمد بني محمد: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان, تحقيق د. إحسان عباس, دار صادر, بيروت, لا. تا. |
(18) | ابني رشيق, أبو علي الحسن: العمدة في محاسن الشعر وآدابه, تحقيق د. محمد قرقزان, دار المعرفة, بيروت, ط1, 1408هـ – 1988 م. |
(19) | الزمخشري, أبو القاسم محمود بن عمر: اساس البلاغة, دار صادر, بيروت, 1399هـ – 1979م. |
(20) | السكري, أبو سعيد الحسن بن الحسين: شعر الأخطل, تحقيق د. فخر الدين قباوة, دار الفكر المعاصر ودار الفكر, بيروت ودمشق, ط4, 1416هـ – 1996م. |
(21) | الشريشي, أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن: شرح مقامات الحريري, دار الكتب العلمية, بيروت ط1, 1399 هـ – 1979م. |
(22) | ابن طباطبا, محمد بن أحمد: عيار الشعر, تحقيق وتعليق محمد زغلول سلام, منشأة المعارف, الإسكندرية, ط3, لا. تا. |
(23) | العباسي, الشيخ عبد الرحيم: معاهد التنصيص يعلى شواهد التلخيص, تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, المكتبة التجارية الكبرى, مصر, 1367هـ – 1947م. |
(24) | العسكري, أبو هلال الحسن بن عبد الله: ديوان المعاني, عنيت بنشره مكتبة القدسي, القاهرة, 1352هـ. |
(25) | العسكري, أبو هلال الحسن بن عبدالله: كتاب الصناعتين, تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم, المكتبة العصرية, صيدا – بيروت, 1406 هـ – 1986 م. |
(26) | الفيروز ابادي, محمد بن يعقوب: القاموس المحيط, دار الفكر, بيروت, 1398هـ – 1978م. |
(27) | ابن قتيبة, أبو محمد عبد الله بن مسلم: أدب الكاتب, حققه وضبط غريبه وشرح أبياته… محمد محيي الدين عبد الحميد, مطبعة السعادة, مصر, ط4, 1382هـ – 1963م. |
(28) | القرطبي، يوسف بن عبد الله: بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس، تحقيق محمد مرسي الخولي، دار الكتب العلمية، بيروت, لا. تا. |
(29) | القلقشندي، أحمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية وزارة الثقافـة والإرشـاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، لا. تا. |
(30) | الكتبي, محمد بن شاكر: فوات الوفيات, تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر, بيروت, لا. تا. |
(31) | المتنبي، أحمد بن الحسين: الديوان, بشرح العكبري, ضبطه وصححه ووضع فهارسه مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، دار المعرفة، بيروت, 1397 هـ – 1978م. |
(32) | المسعودي, علي بن الحسين: مروج الذهب ومعادن الجوهر, بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, دار المعرفة, بيروت, 1402هـ – 1982م. |
(33) | ابن المعتز, أبو العباس عبد الله: الديوان, شرح د. يوسف فرحات, دار الجيل, بيروت, ط1, 1415هـ – 1995م. |
(34) | ابن المعتز, أبو العباس عبد الله: رسائل ابن المعتز في النقد والأدب والإجتماع, جمع وتحقيق محمد عبد المنعم خفاجي, شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط1، 1365هـ – 1946م. |
(35) | ابني المعتز, أبو العباس عبد الله: كتاب البديع, اعتنى بنشره وتعليق المقدمة والفهارس اغناطيوس كراتشقوفسكي, دار المسيرة, بيروت, ط2, 1399هـ – 1979م. |
(36) | ابن منظور, محمد بن مكرم: لسان العرب, دار صادر, بيروت, ط1, 1410هـ – 1990م. |
(37) | ابن هشام، أبو محمد عبد الله بن يوسف: شرح شذور الذهب، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، ط10، 1385هـ – 1960 م. |
(38) | اليازجي, ابراهيم: ” أمالي لغوية “, مجلة الطبيب, بيروت, الجزء الأول, 15 آذار 1884م. |
(39) | De Sausswre , F: Cours De Linbguistique Generale, Publie par chales Bally et Albert Sechehaye , Payot, Paris , 1967. |
(40) | Dubois, J: La Vocabulaire Social et Politique en France de 1869 a 1872, cite par Alain Rey, la lexicologie , Klincksieck, 1970. |
(41) | Encyclopedia International , Volume 1 , Lexicon Publications , INC. , 1982. |
(42) | Martinet, A: Elements de Linguistique generale, U. collection , Ramand colin, Paris, 1970. |
(43) | Meillet, A: Linguistique Histoirique et Linguistique general , T: 1. |
(44) | Mounin, G: La Linguistique du Xxe siecle , PUF, 2 edition , 1972. |
(45) | The New Book of Knowledge, Volume 7 , Grolier incorporated , Danbung, conn , 1979. |
[1] – طالبة دكتوراه في الجامعة الإسلامية- بيروت – لبنان.