إضاءة على “القضيّة الفلسطينيّة” من خلال “مجلّة العرفان([1])” في عهد الإنتداب البريطاني
خليل خليل([2])
لم تُهمل “مجلّة العرفان” التطرّق إلى القضية الفلسطينيّة، والتّحذير من خطر المشروع الصّهيوني في وقت مبكر على أرض فلسطين. فشاركت في العديد من المقالات والمنشورات التي تتناول القضية الفلسطينيّة على صفحاتها في مواجهة الغزو اليهوديّ لفلسطين. فاليهود لهم خصائص ومميّزات لم تثنيهم محاربة الأمم والشّعوب لهم دون التثبّت بها، وما اختصّوا به من الحفاظ على قوميّتهم هو امتلاكهم للثّروة واستئثارهم بالشؤون الاقتصاديّة. لذا كان خطر اليهود يتهدد كل الشؤون الاجتماعيّة والاقتصاديّة في المنطقة، وقد ازداد هذا الخطر من باب الاستعمار الصّهيوني لأرض فلسطين، فهي بالنسبة إليهم “أرض الميعاد التي تذوب عليها نفس كل إسرائيليّ حسرات وهي قبلته أينما وجد وحيثما حلّ يوجّه قلبه وكل ما يملك من العواطف شطرها”([3]).
لذا كان التحذير من الهجرة اليهوديّة لفلسطين على صفحات “مجلّة العرفان” قبل أن يستفحل الخطر الصّهيوني على أرضها، وقبل ضياع الفرصة أمام العرب، حيث دقّت ناقوس الخطر عبر التّصريح:”فإذا لم تُؤصد بوجه الإسرائيلي أبواب الاستعمار الفلسطيني فهو الغالب وله عاقبة الأمر، وهناك يفسّر أحلامه ويحقّق أمانيه يوم يفرّ الفلسطينيون من وجه قوّاته الهائلة مطرودين أو مندغمين اندغام القويّ بالضعيف”. واللافت هو الحُكم على “الشّعب الإسرائيلي” بأنّه ليس كبقية الشّعوب الأخرى التي انضوت تحت لواء الأمّة، والتي شملت قوميّات وأعراق مختلفة واندمجت معها بخصائص حضارية واحدة، إلا “الشعب الإسرائيلي” فهو شعب فيه خصائص خوّلته عدم الاندماج مثل بقيّة الشّعوب: “اندغمت في الأمّة العربية أمم وشعوب لا تُحصى يوم كام لها السّلطان والصّولجان وقوّتا الدّين والسّيف وسلاحا العلم والعدل وبيدها زمام الخلافة والزّعامة، ولكن الشّعب الذي يندغم فيها هو الشّعب الإسرائيليّ”([4]).
وتعود علاقة العرب بفلسطين إلى عصور ما قبل الفتح العربيّ الإسلاميّ. فهناك دراسات تاريخيّة تحدّد الموجة الثانيّة من الهجرة السّاميّة الثّانية إلى حوالي 2500 سنة ق.م.، ومن ضمن ما حملت معها هذه الموجة الشّعب الكنعانيّ الذين تمركزوا في جنوب سوريا، وقد عرف منهم الفينيقيين الذين سكنوا السواحل. أقام الفينيقيون حضارة على الشواطئ السوريّة السّاحليّة، ومن بين تلك المدن حيفا وعكا على السّاحل الفلسطينيّ. وفي سنة 1300 ق.م. جاء شعب يدعى “الفلسطينيون” من الجزر الشّماليّة في البحر الأبيض المتوسط “بحر إيجه”، واستقر قسم منه في الجزء الجنوبي من سوريا، على السّاحل الكنعانيّ، ومنذ ذلك الحين أطلق اسمهم على هذا الشّاطئ بالذّات ومن ثم طغى على تلك البلاد ككلّ ([5]).
أمّا “العبرانيون” فكانوا في تلك الحقبة يعيشون حياة غير مستقرّة، وكثيرًا ما اشتبكوا بصراعات مع السكّان القانطين في تلك البلاد، وكان الصراع لا يختلف كثيرًا عن الغارات التي تنشب بين القبائل في الصحراء. وعلى الرّغم من ذلك لم يشكّل اليهود بعد احتلالهم لبعض الأجزاء من فلسطين أكثريّة فيها. كما انّ القبائل اليهوديّة في فلسطين لم تُشغل إلا جزء بسيطًا من المساحة في منطقة البحر الميّت، بما في ذلك مملكتيّ “إسرائيل ويهوذا” من سنة 166 ق.م. حتى سنة 70م، إذ لم يملكوا يومًا الشّريط السّاحليّ، ولذلك فإنّهم لم يعرفوا الملاحة البحريّة والتّجارة التي كان يمارسها الفينيقيون([6]).
وبعد إجلاء اليهود عن أرض فلسطين على يد البابليين ومن ثمّ الرومان، عملوا على حياكة المؤامرات وبث النزاعات المذهبيّة والطائفيّة بين الناس انتقامًا لما حلّ بمصيرهم المشؤوم وطمعًا باسترجاع مُلكهم الضائع. وهذا ما بدا جليًا في مواقفهم اتّجاه النّصارى منذ القدم، “قضت مؤامرات الصّهيونيين بتصويب سهام غضبهم إلى النّصارى أولاً بعد أن أجلاهم عن فلسطين ونكّل بهم جيش قسطنطين انتصارًا للسيد المسيح عليه السلام وأتباعه”. وبعد استلاء المسلمون على فلسطين “تحوّل هذا الغضب إلى الإسلام”، وكانت مساعيهم في الانتقام من المسلمين تترافق مع “إشعال نار العداوة والبغضاء بين المسلمين والنّصارى من جهة ثانية، وغايتهم الوحيدة القضاء على النّصارى والمسلمين لاستعادة مُلك إسرائيل. وقد انصرفت أفكار الصّهيونيين من ذلك الوقت لتنفيذ قراراتهم المعلومة”([7]).
بعد الفتح العربي الإسلاميّ لفلسطين سنة 632 م.، كان اليهود قد غادروها وتفرّقوا في أصقاع الأرض منذ القرن الأوّل الميلاديّ، ولم يبق منهم إلا قلّة منهم ذابت في المجتمع العربيّ وضاعت معالمها كفئة لها أهداف أو طموح سياسي، لا بل عاشوا في رحاب الدولة العربية الإسلاميّة حياة حريّة وعدل وتسامح بمقتضى القِيم التي نصّت عليها الشّريعة الإسلاميّة فيى معاملة أهل الكتاب. في حين كانت أوروبا تضطهدهم باسم الدّين، وتذيقهم ألوان العذاب في القرون الوسطى وتضطرّهم إلى الهجرة شرقيّ أوروبا وغربها([8]).
في المناطق التي عاش فيها اليهود لاحظ كثير من المؤرّخين ظاهرة مهمّة هي أنّ معظم هؤلاء احترفوا التّجارة أولاً ثمّ الرّبا. كما استطاعوا أن يحافظوا على طابعهم المتعصّب وتقاليدهم وانغلاقهم على أنفسهم، في حين أنّ الذين انخرطوا في مجالات اقتصاديّة أخرى كالزراعة، ذابوا واندمجوا بالسكّان المحلّيين. هذا الوضع الاجتماعيّ اليهوديّ المنطوي على نفسه، (الانعزال الذاتي)، أثار لدى الشّعوب التي أقام اليهود بجوارها عداء كان يشتد ويضعف حسب تطوّر الأوضاع الاقتصاديّة والسياسيّة. وقد سُميّت هذه الظاهرة بـ “اللاسميّة”، وكان على اليهود أن يستخدموها في سبيل تحقيق مصالحهم. كان مؤسّس الحركة الصّهيونية “تيودور هرتسل”، يعي الفكرة المشترة بين الصّهيونية واللاسميّة عنما قال: ” ستكون حكومات جميع البلدان المبتلية باللاسميّة مهتمة اهتمامًا شديدًا بمساعدتنا على تحقيق السيادة التي نريد، وأنّ اللاسميّة أفضل حليفاتهم”([9]).
بدأت الحركة الصّهيونية([10]) في 27 آب سنة 1897 م.، بعقد أوّل مؤتمر صهيوني بزعامة “تيودور هرتسل” في مدينة بال بسويسرا. وبات من المعلوم أنّ هذا المؤتمر، قد أقرّ منهاجًا يُطرح على الصّهيونيين مهمة إقامة وطن للشعب اليهوديّ في فلسطين، يضمنه القانون الدولي، ولهذا الغرض تقررّ تشجيع استيطان فلسطين من قبل اليهود.كما تأسست أندية ومؤسّسات خاصة في كل دولة يوجدون فيها لتسهيل عملية الهجرة إلى فلسطين. وقد وفد إلى المؤتمر 848 مندوبًا، منهم 373 من روسيا، 256 من الإمبراطوريّة النمساوية والهنغارية، 126 من رومانيا، 27 من بريطانيا، 25ألمانيا، 12 مندوبًا من إيطاليا، بالإضافة إلى غيرهم من بلدان أخرى([11]).
إنّ الأغلبيّة الساحقة من المشاركين في المؤتمر، كانت من أعيان المجتمع البرجوازي، الذين قدموا بناء على توصيات من زعماء المجتمع الميسور، وقد قدموا بناء على توصيات من زعماء الطوائف اليهوديّة. وقد أعلن في المؤتمر قيام المنظمة الصّهيونية العالميّة وإقرار نظامها الداخلي. ومع بداية القرن العشرين، وسعت المنظّمة الصّهيونية العالمية حدودها الجغرافية نتيجة الجهود التي بذلتها قيادتها وزعمائها من أصحاب المال. إضف إلى ذلك انتشار الحلقات الصّهيونية في كل من الإمبراطورية النمساوية – الهنغارية، وألمانيا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، رومانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، تشيلي، الأرجنتين، الهند، نيوزلنده والفلبين. كما تشكّلت في هذه البلدان لجان، كوّنت في ما بعد تحالفات. أمّا الصحافة الصيونية فقد كانت تصدر في تسع لغات([12]).
في موازاة ذلك أدركت قيادة المنظّمة الصّهيونية حاجتها الحقيقية للتحالف مع الدول الكبرى التي تقع فلسطين في دائرة نفوذها، أو تستطيع التأثير في وضع فلسطين. إنطلاقًا من ذلك بدأ هرتسل اتّصالاته مع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ووزرائه. وعرض على الباب العالي الأموال والقروض لتطوير المصادر الطبيعيّة، مستغلًا تدهور الوضع المالي الذي كانت تمر به السلطنة العثمانية. كما قدّم هرتسل خدمات يهود العالم لمساعدة الباب العالي في وجه أعداء السلطنة، في وقت كانت مذابح الأرمن حديث العالم كلّه، وقد جرى استغلالها من قبل المنظّمة الصّهيونية لزيادة نفوذها في السلطنة العثمانيّة، فعرض هرتسل آنذاك: ” أن يخفّف من حدّة الإثارة التي تنظّمها جميّات الأرمن المهاجرين في لندن وبروكسل في الصّحافة الأوروبيّة”. وكل هذه العروض طرحت مقابل السّماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، لكن السّلطان عبد الحميد رفضها([13]).
لم ييأس هرتسل في محاولته بل استمرّ حتّى تمكّن من مقابلة القيصر الألماني “غليوم”، وعرض عليه أن يتوسّط مع السّلطان عبد الحميد لتسهيل استيطان اليهود مقابل تقديم القروض والأموال التي تحتاجها ألمانيا، وأن يكون اليهود في خدمة مصالح ألمانيا في الشّرق الأدنى. كما تواصل هرتسل مع روسيا وطلب منها الضغط على الباب العالي لتسهيل استيطانهم، مقابل القروض والأموال التي يمكن أن يقدّمها إلى روسيا القيصريّة. لقد بذل هرتسل خلال السنوات السّبع التي أمضاها كرئيس للمنظمة الصهيونيّة العالميّة، جهودًا متواصلة من أجل تنفيذ برنامج مؤتمر بال. وكان يحاول الحصول من ألمانيا وتركيا وروسيا على تأييد الادعاءات والمطامح الصّهيونية، لكنه لم يفلح في ذلك، لكن وعلى الرّغم من فشله استمرّ في طرق أبواب هذه الحكوماتحتّى وفاته العام 1904م([14]).
وفي العام 1907م، انعقد المؤتمر الثامن للمنظّمة الصّهيونية العالميّة وهي على عتبة عقدها الثاني لتعد خطّة عمل فعليّة. وترأس المنظّمة “البروفسور حاييم وايزمن”، وباشر بتنفيذ الاتّجاه الثاني من نشاط المنظّمة، فقد توخّى توسيع المواقع السياسية الصّهيونية وتوطيد تأثيرها على السكّان اليهود عن طريق تحقيق عزلتهم وانفرادهم عن السكّان الأصليين في هذا البلد أو ذاك. ومن أجل ذلك، فقد عدَّ الصّهاينة أنّه لا بد من الحصول على الوسيلة الطبيعية للانفراد في الأرض القومية([15]).
أمّا على الصّعيد المالي، أسّست المنظمة الصّهيونية شركات مصرفية، وحدّدت مهمّات هذه الشركات بإيجاد مؤسّسات صناعية وشركات للتأمين والملاحة في الشرق بالاعتماد على اليد العاملة اليهوديّة وتدعيم المستعمرات الزراعية عن طريق القروض والروهونات ومساندة المشاريع التّجارية وبناء الخطوط الحديدية، وإنشاء البنوك والفروع المصرفيّة. وفي هذا المجال تأسّست هيئات استثمارية أخرى عديدة كانت غالبية رؤوس أموالها إنكليزية. ففي العام 1908م، أنشأت المنظمة الصّهيونية “مكتب فلسطين” في يافا، ويعدُّ ذلك خطوة عمليّة من أهم الخطوات التي قامت بها الحركة الصّهيونية، لأنّها كانت بمثابة إيجاد قيادة “أماميّة”، وقد تولّى المكتب “آرثر روبين”. وشهدت هذه الحقبة بعد قيام مكتب يافا، نشاطًا واسعًا، لشراء الأراضي بعد أن توفّرت المؤسّسات المالية. وفي السنة نفسها التي أسّس فيها المكتب بوشر ببناء الأحياء اليهوديّة قرب يافا، وتحوّلت بعد سنوات قليلة لتُصبح مُجتمع المستوطنين الجُدد ونواة “تل أبيب”. وأسّس المكتب أيضًا شركات استثمارية جديدة لإنشاء مساكن للعمّال اليهود، كما قام المكتب بوساطة الصندوق الوطني اليهوديّ بشراء منطقة الحولة ثمّ منطقة المطلة على حدود لبنان([16]).
في هذا السياق، نبّهت “مجلّة العرفان” من مخاطر الصّهيونية وأنشطتها في فلسطين، حيث نشرت على إحدى صفحاتها الصادرة في العام 1910م هذا الخبر: “وهبت مؤخّرًا الحكومة العثمانيّة إحدى الشّركات الأجنبيّة المُختلطة سائر الأراضي القاحلة القائمة على البحر الميّت، فأرادت هذه الشركة أن تجعلها مركزًا زراعيًّا وصناعيًّا وتجاريًّا، فاستحضرت مهندّسين أوروبيين خبروا تلك الأرجاء”. أمّا عن طبيعة خطر هذه الشركة فيكمن من خلال تسلّل المنظّمة الصّهيونية من خلالها إلى فلسطين، حيث أنّ “الشّركة المذكورة تنوي الإتّفاق مع الحزب الصّهيوني وتسعى لاستعمار تلك الجهات باليهود”. وأردفت إلى الأخطار المحدقة من خلال عملية هجرة اليهود إلى فلسطين ونجاح الصهاينة في ذلك، بالإضافة إلى نشر جرائد خاصّة بهم، وتأسيس مدرسة علميّة وأخرى صناعيّة في سبيل ترسيخ مشروعهم: “ولا بد لنا في هذا المقام أن نذكر النّجاح العظيم الذي وصل إليه الحزب الصّهيوني، فإنّ عدد الإسرائليين الموجودين في فلسطين لم يكن يتجاوز 35 ألفًا، وقد أصبح عددهم اليوم 110 آلاف أو يزيدون يتكلّمون اللّغة العبرانيّة، ولهم أربع جرائد يوميّة ومدرسة علميّة، وهم على أهبّة الاإستعداد لتأسيس مدرسة صناعية”([17]).
قبيل الحرب العالمية الأولى شهدت المنظمة الصّهيونية العالمية نمواً ظاهراً في عدد أعضائها إذ أصبحوا عند انعقاد المؤتمر الصّهيوني سنة 1913م قرابة 127 ألفًا، ورافق ذلك تطوّر أجهزتها الماليّة والتّنظيميّة والدّاخلية تطورًا ملموسًا وازداد عدد فروعها في العالم وخاصّة في في الأقطار المهمّة من النّاحية السياسيّة والاقتصاديّة مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمركية. وقد استفادت المنظّمة من الصّراع القائم بين ألمانيا وبريطانيا من جهة والصّراع الآخر بين بريطانيا وفرنسا. وكانت فروعها تنشط في عواصم هذه الدّول لاكتساب تأييدها للاستيطان، وعرضت عليها مقابل خدماتها. واشتدّ التنافس بين هذه الدّول المتصارعة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) وكان الجانب المهم والأساسي الذي كانت تتنافس عليه تلك الدّول هو طلب المعونة اليهوديّة النقدية والافتراضية بسبب حاجتها للقروض لتلبية متطلّبات الحرب. أمّا لجهة المنظّمة الصّهيونية، فقد وضعت نفسها في خدمة الأهداف الاستعمارية في الشرق الأوسط([18]).
كانت الحركة الصّهيونية تترقّب الفرص، ولمّا أعلنت السّلطنة العثمانيّة دخولها الحرب العالمية الأولى رأتها فرصة تاريخيّة لها. قبل ذلك فاوضت السلطان عبد الحميد الثاني العثماني في إعطاء فلسطين استقلالًا ذاتيًّا يتمتّع به اليهود بنفوذ واسع تحت السّيطرة العثمانيّة، لكن مرادهم لم يتحقّق. ولكن “إعلان الحرب على تركيا أدخل الصّهيونية وزعماءها في مجال السياسة العملية، وخصوصًا الذين كانوا آنئذ في إنكلترة لم يتأخّروا قط في اغتنام هذه الفرصة”. أضف إلى ذلك أنّ من البواعث والأسباب التي جعلت بريطانيا “تعطف على اليهود ميلها لهؤلاء، ومصالحها الدّينية في عودة اليهود إلى فلسطين. إنّ الفكرة كانت تجول دائمًا في أدمغة ساسة إنكلترا، وعطف هؤلاء وحنوّهم، وتأثّرهم بما أصاب اليهود من محن ومصائب في أوروبا الشرقية وغيرها من البلدان”. ولكن السبب الأساس يبقى هو في حفظ المصالح البريطانية في المنطقة ومن بينها حفظ طرق المواصلات التجارية والحيويّة ذات البعد الاستراتيجي([19]).
كان اليهود يعتمدون في إعداد عدّتهم على جمع المال وتعزيز الاقتصاد لديهم، فهم من “بداية اهتمامهم باسترجاع فلسطين عوّلوا على العمل بالاقتصاد من كل وجه، واتّخاذ وسائل جمع مال وإدّخاره، ليُصرف في سبيل مقاصدهم في فلسطين”. وهذا ما أكّدته “مجلّة العرفان في أحد تقريرها على أنّ “المؤتمر الصّهيوني في رومانيا” أعلن أنّ “لدى الجمعية الصّهيونية 62 مليون ليرة إنكليزية للعمل في فلسطين، وأنّ لديها 15 ألف شعبة في بلاد الله الواسعة تجبي من كل يهودي شاقلًا أي درهمًا من فضة لإنفاق المجموع في سبيل مصلحة فلسطين”. كما لفت التقرير إلى الجمعيات الصّهيونية التي نشطت على أكثر من صعيد، “قد أخذت على عاتقها الاهتمام بتربية الأذكياء من أبناء اليهود وتعليمهم ، العلوم والصناعة والتّجارة، وإسعافهم بما يلزم ليقوم كل نابغ بمصلحة نفسه ومصلحة طائفته”. فلدى الجمعيات الصّهيونية عدد كبير من خرّيجي “جامعة أكسفورد وأمثالها”، حتى أصبح يشغلون فيما بعد مواقع مهمّة “في أرفع المراكز السياسية والإدارية في عواصم الدّول، يخدمون وظائفهم بجد ونشاط، ويترقّبون الفرص للإقدام على أهم الشؤون لخدمة المصلحة الصّهيونية”([20]).
لم تأتِ سنة سنة 1917م حتى استولت بريطانيا على قسم كبير في فلسطين، وهنا تساءلت “مجلة العرفان”: “فماذا تعمل بهذه الغنيمة، وهناك من ينتظرها بفارغ صبر منذ مئات السنين؟.. لاشك أنها ستكون هدية لشعب الله المختار، على ما أبداه من عظيم الخدمات وجليل التضحيات في سبيل الإمبراطورية البريطانية مالكة البحار السبعة!”. في حين بدأت المفاوضات بين الحكومة البريطانية وزعماء الحركة الصّهيونية، وفي تشرين الثاني من العام نفسه (أي 1917م)، أعلنت الحكومة البريطانية بلسان وزير خارجيّتها اللورد بلفور تصرييحها المعروف (بوعد بلفور) القاضي بجعل فلسطين وطنًا قوميًّا للشّعب اليهوديّ([21]).
وتعود هذه الخطوة إلى أطماع بريطانيا الاستعمارية لجهة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لتكون قاعدة متقدّمة لها تساعدها في حماية قناة السويس وتأمين الطرق إلى الهند والشرق الأقصى([22]). وكانت “مجلّة العرفان” قد علّقت على وعد بلفور بالقول :”إنّ الفلسطينيين لم يشكوا من كثرة الضّرائب وإرهاق الفلاح”، بل على أساس أنّ هناك تهديدًا ينالهم أكبر من هذ الإجراءات، “بل شكواهم من جعل فلسطين وطنًا قوميًا لليهود من وعد بلفور الجائر وحق لهم ذلك، إذ لا يطيق المرء أن يشاركه في بيته أجنبيّ عنه، ثمّ تكون العاقبة طرده منه”. كما أبدت إعجابها من تضامن الشّعب الفلسطينيّ من مسلمين ومسيحيين في سبيل هذه القضية: “والحقّ يقال إنّ الفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين برهنوا على تضامن عجيب وشعور غريب إذ أرسلوا الوفود لأوروبا والحجاز للمطالبة بقضيّتهم”. وفي معرض نشرها للاجراءات التي اتّخذتها بريطانيا بشأن “وعد بلفور”، فقد أوردت: “وقد أعلن المندوب السامي هربرت صموئيل بحفلة أقيمت في القدس لم يحضرها الوطنيون الغيورون ـ انتداب بريطانيا لفلسطين وجعلها وطنًا قومياً وقوّة الشّعب تقوى على قوّة الحكومة إذا ثبتت وتضامن”([23]).
وفي سياق متّصل علّقت المجلّة على قدوم “اللورد بلفور الوزير الإنكليزي صاحب الوعد المشؤوم” الذي وعد “اليهود بجعل فلسطين وطنًا قوميًا لهم” أثناء افتتاح “الجامعة العبرية” بالقدس، فرحّب به “الصّهيونيين أتم ترحيب وحاطته الحكومة بالجند والحراب”. ولكنها أشارت في مقابل ذلك إلى الوطنيين من مسلمين ومسيحيين “ويهود وغير صهيونيين”، وقد ظهروا بمظهر المُستنكر والمُناهض للمشروع الإنكلو – صهيوني على أرض فلسطين، وأعلنوا الاعتصام العام في جميع المناطق الفلسطينيّة. كما أوردت أنّ “بلفور” لم يكتف بزيارة فلسسطين، بل أراد أن يزور سوريا منتظرًا أن ترحّب به هناك من قبل أبناء الشعب السوري([24]).
ولكن السوريون ظهروا “بظهر الرّجل الواحد، وكانت دمشق العربية، دمشق الفتية، دمشق التي تضحّي في طليعة المُحتجين على قدوم اللورد ووعده، فقد تظاهروا تظاهرًا عظيمًا” ما اضطرّه إلى أن “يقبع في غرفة النُزل”. ومع أنّ المظاهرة كانت سلمية، إلا أنّ الدرك قد تدخّل بشأنها، فكانت النتيجة وقوع عدد من الجرحى من بين المتظاهرين ورجال الدرك، “وقد استشهد شابًا من دوما”. وعن التمايز بين السياسة البريطانية والسياسة الفرنسية، ولامتصاص النّقمة الشعبيّة، “أبدى الجنرال ساراي كل العطف نحو الجرحى، وأطلق سراح المعتقلين ورجا اللورد (بلفور) أن يبرح دمشق، فغادرها محاطًا بالشرطة”([25]).
انتهت الحرب مع الأتراك بهدنة 30 تشرين الأوّل العام 1918م. وفي 30 كانون الثاني العام 1919م قرّر المجلس الأعلى لمؤتمر الصّلح أن لا تُعاد الأقاليم العربية التي غُزيت بما فيها فلسطين، إلى الحكم التركي، وتنفيذًا لاتفاقية سايكس – بيكو العام 1916م، ووعد بلفور العام 1917م، ابتدعت الدّول الأوروبيّة الحليفة نظام الإنتداب. وفي 28 حزيران 1919م وقّعت هذه الدّول باستثثناء الاتحاد السّوفياتي على ميثاق عصبة الأمم، الذي نصّ البند 22 منه على نظام الانتداب. وكان هذا النّظام غطاء لمشروع فرنسا وبريطانيا في أعقاب الحرب العالميّة الأولى، إذ دعمت فرنسا ادّعاءات بريطانيا في فلسطين، مقابل موافقة بريطانيا على تسليمها سوريا([26]).
قسّمت الدّول الكبرى الحليفة الوطن العربيّ إلى مناطق نفوذ وانتداب من بينها بريطانيا وفرنسا، و تحدد وضع فلسطين في تلك المعاهدة. وعليه وضعت فلسطين تحت الإدارة البريطانية بوجه الحصر. كما أكّد مؤتمر “سان ريمو” خلال شهر نيسان العام 1920م، بصورة رسميّة الانتداب البريطاني على فلسطين. ونصّت المادة 22 من صك الانتداب: “على الدّولة المنتدبة أن تهيئ القطر المُنتدب عليه ليكون قادرًا على حكم نفسه بنفسه”. أمّا بشأن فلسطين، فقد كان صك الانتداب يختلف عن ذلك. فقد اعترف بالصّلة التّاريخيّة التي تربط اليهود بفلسطين والأسباب التي تبعث على إنشاء “وطنهم القومي”([27]).
وفي هذا السّياق، استهجنت “مجلّة العرفان” جعل فلسطين تحت صيغة “انتدابان” أي الانتداب البريطاني والانتداب الصّهيوني، وفي فرض بريطانيا اللغات الرسمية الثلاث في فلسطين، العربية والعبرية والإنكليزية. وهذا ما أوردته في إحدى نشراتها: “وهذه فلسطين وما أدراك ما فلسطين تلك سورية الجنوبية التي فصلت عن أمّها سورية، وقضى عليها المستعمرون أن يكون بها انتدابان. الانتداب السكسوني والانتداب الصّهيوني، حتى جعل الإنكليز اللغات الرسمية بها ثلاث لغات: العربية والعبرية والإنكليزية. قل لي بربّك أي منطق هذا؟ وهل فلسطين برج بابل؟!”، أي أنّ الإستعمار البريطاني قسّمها إلى طبقات أشبه بعقار يريد الاستثمار فيه([28]).
كذلك كلّف صك الانتداب بريطانيا أن تشجّع هجرة اليهود بجميع الوسائل وتوطينهم في الأراضي بصورة شاملة، الأمر الذي كان يعني عمليًا طرد الفلسطينيين من أراضيهم. كما نصّت المادة الرّابعة منه على الاعتراف “بالوكالة اليهوديّة”، كهيئة عموميّة لإسداء النُصح والمشورة في إدارة فلسطين والتّعاون معها في الشّؤون الاقتصاديّة والاجتماعيّة وغير ذلك من الأمور التي تُؤثّر في إنشاء “الوطن اليهوديّ”. لقد نصّ صك الإنتداب على فلسطين بتحويلها إلى مجرّد كيان تابع في التّشريع والإدارة، وبهذا تكون قد عوملت فلسطين بمستوى مستعمرة بريطانية. ورسم صك الانتداب لبريطانيا وسائل إقامة الوطن القومي اليهوديّ بمقتضى المادة الثّانية منه، حيث ترعى بريطانيا وضع البلاد في الأحوال السياسيّة والإداريّة والاقتصاديّة، وتضمن إنشاء الوطن القومي اليهوديّ، ومن جهة ثانية على السّلطات أن تسهل حشد اليهود في الأراض الأميرية والأراضي الموات([29]).
هكذا ساعدت بريطانيا على تمدّد “الصّهيونية وانتشارها بما استطاعوا من قوّة” كما وصفت “مجلّة العرفان” الأنشطة البريطانية في دعم المشروع الصّهيوني في فلسطين، حيث أرادت بريطانيا “تحكيم 140 ألف يهودي في 650 ألف مسلم و80 ألف مسيحي”، فهذا العدد الغريب عن الديار الفلسطينيّة والضئيل في مقابل الأكثرية في تعداد الشّعب الفلسطينيّ بمسلميه ومسيحيّه أصحاب الأرض الشّرعيين، “وهذا غير معقول لو قامت بمساعدته قوّة، بل ألف قوّة وقوّة”، في إشارة إلى رفض هذا المنطق على الرّغم من قوّة الدّعم الذي يتلقّاه الصهيانة من الخارج([30]). هدفت الدول الكبرى في أوروبا من وراء ذلك إلى “تأسيس دولة أوروبية اتحادية” في قلب العالم العربي، وذلك لتحقيق مآربهم وأهدافهم “في الشّرق العربيّ ولكي يحصلوا على امتيازات تامة عن طريق الدّولة اليهوديّة المزعومة”([31]).
لقد حرصت سلطات لإنتداب على الوفاء بالتزاماتها بصدد التهيئة لإقامة الوطن القومي اليهوديّ، أشد الحرص. ثمّ أخذت تستبدل في “الكتاب الأبيض” الصادر العام 1922م، عبارة “إنشاء الوطن القومي اليهوديّ” بعبارة “ترقية وتنمية الوطن القومي اليهوديّ”، ثمّ أصرّت على هذا التفسير في “الكتاب الأبيض الثاني” الذي صدر في العام 1930م. وهكذا انتقل التزام الدّولة المنتدبة بالتّهيئة لقيام الوطن القومي لليهود في التطبيق، إلى العمل على تنمية هذا الوطن([32]).
لكن الشعب الفلسطيني لم يستكن إلى الممارسات الصّهيونية في فلسطين، فقام بعدّة تحرّكات شعبية كما حصل في “ثورة البُراق” في العام 1929م، دفاعًا عن الجدار الغربيّ للمسجد الأقصى. فقد “اعتاد اليهود أن يجتمعوا عند أسفل جدار من جدران الحرم بالقدس سمّوه المبكى. يبكون به مجد أورشليم الذي أضاعوه”، فراحوا يتوسّعون في المكان على حساب حائط البراق وحرمته، “فهاج الوطنيين وردعوا المُعتدين وشكوا الأمر للمحتلّين، لكن هؤلاء قابلوا الأمر بكل برودة ولعلّ ذلك من بعض دسائسهم”. كما أوردت “مجلة العرفان” بعض أحداث هذه الثورة، والتحام الوطنيين في معارك عدّة ضد المحتلين، عندما “قام قائم الوطنيين والتحمت معارك هائلة في القدس ويافا، فحيفا فصفد فالخليل فغيرها في أنحاء فلسطين”. وعن عدد الخسائر التي أفرزتها تلك المواجهات العنيفة، إذ “أسفرت عن قتل زهاء 80 وطنيًا و130 يهوديًا، وعن جرحى كثيرين، وعن حرق دُور ومزارع”. كما لفتت إلى إسراف “الصّهيونيين في الانتقام والاعتداء والتمثيل والتشنيع”، ما أدى إلى قيام احتجاجات من قبل المسلمين في العالم رفضًا لتدنيس الحرم القدسي: “واحتجّ المسلمون في أقطار الأرض على ما حصل من اعتداء على ثاني الحرمين وأوّل القبلتين”([33]).
وفي أعقاب “ثورة البُراق” أُعدم “ثلاثة شهداء” في سجن عكا يوم 17\6\1930م، وذلك بأمر من السلطات البريطانية التي قامت بإصدار أحكام الإعدام بحق 26 مناضلًا شاركوا في الثّورة. ثمّ استبدلت بالسّجن المؤبّد لثلاثة وعشرين منهم ونفذت حكم الإعدام بـ “الشهداء الثلاثة”، وهم: “فؤاد حجازي” من مدينة صفد، “محمد خليل جمجوم وعطا الزير” من مدينة الخليل. وتحت عنوان “17 حزيران” كتبت مجلة العرفان مقالها ناعيةً فيه “الشهداء الثلاثة” بمقال أدبي حزين، متضامن مع أرواحهم التي صعدت في سبيل حريّتها. فخاطبت الشهداء بالقول: “وأمّا أنتم أيّها المجاهدون الأبطال فقد رفعتم قدر الأمّة العربية في عيني الأحنبي وبوأتموها المركز الذي تتوق إليه في عالم التّضحية والوطنية. وكنتم خير مثل لإباء النّفس وثباتها والهزء بالحياة في سبيل الحرية”([34]).
ثمّ خاطبت “فؤاد حجازي” بكلمات: “لله درّك يافؤاد! يا من تقدّمت إلى المشنقة تقدّم الظّافر يتناول إكليل النّصر، تتلهّى بإنشاد: يا ظلام القبر خيّم إننا نهوي الظلاما” وخاطبت “محمد جمجوم” بالقول: “وأمّا أنت يا جمجوم، يا من استسهلت الموت وقطّعت القيود والأغلال الحديدية لتكون الأسبق من رفيقك فؤاد إلى المشنقة”. أخيرًا وجهت كلماتها إلى “عطا الزير”: “وأنت يا “زير” يا من استقبلت الموت بابتسامة وطمأنينة تامّة، شأن الرّجل التقيّ الذي يقدم على الموت حباً بلقاء ربّه”. هكذا كانت “المجلّة” تعبّر عن صدى الأسى لما حلّ مع “البطال الثلاثة” ورفاعتهم إلى مكان سامٍ([35]).
في هذا الوقت كانت بريطانيا ماضية في تنفيذ خططها في المشرق العربي، وكان العرب يُعربون عن معارضتهم بمختلف الأشكال، ومعارضة المشروع الصّهيوني في فلسطين. لقد عبّر النّهوض عن نفسه من خلال المؤتمرات والمظاهرات والصدامات مع القوّات البريطانية والصّهيونية. وكان من أبرز الثورات التي نهض بها العرب في فلسطين الثورة الكبرى في العام 1936م، حين جرت وقعت اشتباكات بين العرب من جهة وبين البريطانيين والصهاينة من جهة أخرى تطورت إلى ثورة حقيقية عاشتها البلاد لأكثر من ستّة أشهر، واشترك فيها مئات الآلاف من العمّال والفلاحين والحرفيين والتجّار والطلاب والتلامذة والمثقّفين. كما توقّف الأهالي عن دفع الضّرائب، وتحوّلت مظاهرات الشّارع إلى مصادمات مع القوّات البريطانية المسلحة، ومن ثمَّ حوّلت إلى عمليّات عسكرية. عندئذ استقدم البريطانيون تعزيزات عسكرية جديدة من جيش من بين أفراده فصائل صهيونية مسلّحة. وشرع إلى حرق بعض القرى العربية وملاحقة الفلاحين وإعدام المواطنين([36]).
نقلت في هذا الصدد مجلّة “العرفان” خبر الإضراب الكبير الذي حصل في فلسطين، بالقول: “ما بَرح العرب يعانون أشد الآلام من الصّهيونيين واتخاذ فلسطين وطنًا قوميًا لهم وطغيان هجرتهم لها، فقد أضربت فلسطين ستّة شهور متوالية عن بكرة أبيها عانت فيها ما عانت من تقتيل وتخريب وسجن ونفيّ وانتقاص في الأموال والأنفس والثّمرات، وقد ضربت قياس الرّقم العالمي في الإضراب”. وسط هذه الأحداث التي ألمّت بفلسطين وقضيتها، عادت فلسطين إلى فتح متاجرها وذلك بتوسّط “ملوك العرب” وجاءت لجنة ملكية بريطانية من لندن “للتحقيق والتدقيق”، وهل كانت بريطانيا غائبة عن مايجري في فلسطين كي تفتح تحقيقًا بما جرى ويجري على أرض فلسطين!!. لهذا السبب قاطعها العرب في فلسطين بالبداية لعلمهم بالمؤامرة على قضيّتهم، لكنهم “عادوا فأدلوا أمامها بمعلوماتهم، وعادت أخيرًا لفلسطين الشهيدة بعض المنازعات والمشاغبات”([37]).
لم تقتصر المواجهات مع اليهود الغزاة فقط من خلال المواجهات والإشتباكات المسلّحة، بل تعدتها إلى الحرب الاقتصاديّة من خلال مقاطعة البضائع الصّهيونية. تفاعلت مجلّة العرفان مع مقاطعة المنتوجات والبضائع الصّهيونية، من خلال دعوة العرب ودولهم إلى مقاطعة هذه المنتوجات والبضائع، واستخدام “هذا السلاح” نظرًا “لعطف بريطانيا العظمى عليهم (أي اليهود) وأن ينال العرب قسطهم من العدالة، وزد على ذلك ما لدى الصّهيونيين من مال ورجال وسائر الوسائل، إلاّ أنّ الله قد أعمى بصائرهم وأضلّ أفكارهم بإقدامهم على مقاطعة العرب، فاتخذ العرب هذا السلاح وقابلوهم بالمثل”، وهذا السلاح بطبيعة الحال بنظر “المجلّة ” لا ريب أشدّ قوّة من كل ما لدى الصّهيونيين من وسيلة” لأنه يؤثر على استقرار المهاجرين اليهود والعيش ضمن حياة طبيعية والتأسيس لوطن قومي لهم متماسك([38]).
كما أشارت “المجلّة” إلى أنّ العرب في الدّاخل الفلسطينيّ، بعثوا إلى “إخوانهم العرب من مسيحيين وإسلام في لبنان وسورية العراق ومصر لمقاطعة البضائع الصهيوينية”. حيث أنّ “المصالح القوميّة والوطنيّة تستدعي الإصغاء إلى هذا النّداء ليس في لبنان وسورية والعراق ومصر، بل في الحجاز واليمن وحضرموت والبحرين، وكل إفريقية”. وإذا أقدم العرب والمسلمون على المقاطعة الاقتصاديّة من الصهاينة، “كما تقتضي الشّهامة والمروءة والمصلحة والواجب، زال ولا ريب من الفكر توهّم الصّهيونيين بما لديهم من الوسائل الفعّالة”. هكذا نبّهت أيضًا “مجلة العرفان” في وقت مبكر أيضًا بفعالية استخدم سلاح المقاطعة الاقتصاديّة مع الصهاينة، ورفعت سقف المواجهة والتّحذير من عدم اتخاذ هكذا سلاح، “والمسألة يا قوم مسألة حياة أو ممات”!!([39]).
وخلال سنوات الكفاح المسلّح الثلاث (1936-1939م)، حوّلت دولة الانتداب فلسطين إلى معسكر اعتقال ضخم، وتوقّفت تمامًا كل أشكال النّشاط السياسيّ والثقافيّ. وحشدت بريطانيا قوّات عسكرية في فلسطين وحشدت عشرات الآلاف من اليهود واشتدّ الارهاب الاستعماري مستفيدًا من توتّر الأجواء الدّولية واقتراب خطر إندلاع الحرب العالمية الثانية بعض الغزو النازي لبعض الأقطار الأوروبية([40]). وفي 7 تموز 1937م نشرت الحكومة البريطانية بيانًا مُستندة فيه إلى مذكّرة “بيل” الذي يتضمّن مشروع “تقسيم فلسطين” فأثار حفيظة العرب مجددًا. ووطدوا عزمهم على محاربة المشروع ردًا على خطة “تقسيم فلسطين”. عند ذلك زادت السلطات البريطانيّة أعمال القمع ومنعت نشاط اللجنة العربيّة العليا ونفت أعضاء قيادتها، وحكمت المحاكم العسكرية بالإعدام على مئات الوطنيين العرب([41]).
عشيّة الحرب العالمية الثانية تبدّل الوضع بتبدّل الظّروف العالمية، وكان قد سيطر على فلسطين آنذاك فترة من قلق والرّكود بين العرب واليهود. لقد شكّلت الحرب العالمية الثانية، وما سببته من تغييرات في الوضع الدّولي، فرصة ملائمة إستفاد منها زعماء المنظّمة الصّهيونيّة والوكالة اليهوديّة لتنفيذ مخططاتهم القديمة. فالوضع الدّولي القائم، مثّل ظرفًا ملائمًا من وجهة نظر قادة الصّهيونية والوكالة اليهوديّة لتنفيذ مخطّطاتهم القديمة. فالوضع الدّولي القائم، مثّل ظرفًا ملائمًا من وجهة نظر قادة الصّهيونية للحصول على موافقة الدّول الغربية الكبرى في تأسيس دولة يهودية في فلسطين. فبذلوا محاولات جادة للحصول على تأييد للمنظّمة الصّهيونية في الولايات المتحدة الأمريكيّة التي أصبحت في سنوات الحرب، المركز الجديد للصهيونية العالمية([42]).
وبموازاة ذلك، وخلال شهر أيلول من العام 1944م، استمرّ الإلحاح الصّهيوني المتواصل لتكوين جيش يهودي في الولايات المتحدة وبريطانيا على حد سواء. وفي العشرين من ذاك الشهر أعلنت وزارة الحربية البريطانيّة أنّها قرّرت المساعدة في تشكيل لواء يهوديّ. وقد منح هذا اللواء الذي عمل في بريطانيا، عمله الخاص معطى بذلك المجال ليستعرض الجنسيّة اليهوديّة. وفي تشرين الأوّل العام 1944م، طلب مكتب الوكالة اليهوديّة في لندن من الحكومة البريطانيّة أن تُعيّن في فلسطين حكومة يهودية، وأن تأذن بدخول البلاد لمليون ونصف مليون من اليهود وذلك لتوفير أغلبية كافية للمناداة بالدّولة. وكان وايزمن قد تسلّم قبل ذلك من تشرشل الموافقة على فكرة إنشاء الدولة اليهوديّة([43]).
بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانيّة لم تعرف العدالة مكانًا لها حسب ماكانت تروّجه الأوساط العاليمّة، فبقيت مزيّفة بدل من إزالة التقاليد البائدة وتحطيم كل ما يعوق الإنسانيّة في طريقها إلى السّمو المنشود. فشلت الأمم المتحدة في حل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينيّة، “الفشل الذريع” وهي ما فتأت “تهدم بيدها صرح السّلام وتطعن بحربتها قلب العدالة” وذلك عبر إقرارها “مشروع تقسيم فلسطين، ويحقّ لنا أن نتساءل لماذا فشلت منظّمة الأمم المتحدة في إيجاد حل مناسب لقضيّة فلسطين وكيف لم يستيقظ الضمير العالميّ وهو بيت في قضيّة يتوقّف عليها مصير السّلام في العالم أجمع”. هذا التساؤل الذي طرحته “مجلّة العرفان” قدمت له رُؤية في الإجابة عليه، فهي ترى أنّ قضيّة فلسطين لم تكن معقّدة في أوّل الأمر بهذا التعقيد العجيب، ولكن موقف “الحكومة البريطانية من الصّهيونيين بادئ ذي بدء هو الذي جعلها تتعقّد، ثمّ إنّ موقف الحكومة الأمريكية من الصّهيونيين شجّعهم جدًا، فالحكومة الأمريكية تخشاهم لأنّ منهم في بلادها كثير من الرأسماليين ثمّ إنّهم ذوي نفوذ في الانتخابات الأمريكية”([44]).
قام اليهود باحتلال الأراضي العربية ضمن سياسة القضم والتّهجير والتّرويع، فعمدوا إلى الاستيلاء على مرافق ومدن مهمة في فلسطين، وهذا ما حذّرت منه “المجلّة” بالقول: “بالأمس كان اللّد والرملة ثمّ الناصرة وأخيرًا فالنقب أولًا وثانيًا وثالثًا، ولا يزال الصّهاينة مستمرين في اعتداءاتهم وهجماتهم على الرّغم من أنف مجلس الأمن، ولا نزال نحن واقفين وقفة المتفرّج”، في إشارة إلى تخاذل الحكومات العربية في نصرة القضيّة الفلسطينيّة بشكل جدّي. في ما كان الصّهاينة “ينعمون ويتلذّذون بأراضينا على الرّغم من أنفسنا، ويأتون وفودًا وفودًا كلّ يوم وهم يزيدون عددًا وعدّة وقوّة وسلاحًا وهم يستعدون لمحاربتنا ومهاجمتنا في عقر دارنا ونحن لا نشعر بذلك الخطر الوبيل الذي يداهمنا ويهدد كياننا”. أمّا في ما يخص مجلس الأمن الدوليّ فهو منحاز إلى “الصّهيونية علنًا وجهرًا” في مقابل تجاهل الموقف العربي([45]).
وفي 29 تشرين الثاني العام 1947م، تبنّت الأمم المتحدة في دورتها الثانية، القرار رقم 181 بأكثرية 33 صوتًا في مقابل 13 صوتًا وامتناع 10 أعضاء عن التصويت، وتحت عنوان: “التوصية بخطة لتقسيم فلسطين”([46]). عارض العرب مشروع التقسيم واقترحوا إحالة القضية الفلسطينيّة وتوصية الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى محكمة العدل الدّولية لتبدي رأيها. لكن القوى السياسية المؤيّدة لتقسيم فلسطين، أحبطت الاقتراح الفلسطيني، بالضّغط وسياسة القوّة. ولمّا قرّرت الحكومة البريطانية وقف الإدارة المدنية في فلسطين وتصفيتها في بداية شهر آذار 1948م، اتّخذت شكل حكومة عسكرية وأصبح المندوب السّامي حاكمًا عسكريًا، وشرع الإنكليز حينذاك ينسحبون من المناطق اليهوديّة تدريجيًّا متخلّين عن إدارتها لليهود. وسرعان ما بادرت “الوكالة اليهوديّة” إلى وضع اليد على تلك المناطق متّخذة لنفسها صفة “حكومة يهودية”، وأخذت تتصرّف فيها تصرّفًا مطلقًا، واستولت على ما كان لحكومة فلسطين البريطانية من مرافق ومؤسّسات وإدارات عامة. وبذلك استطاعوا العمل بحريّة تامّة لجلب الأسلحة والمدرّبين على القتال من الشبّان اليهود وغيرهم من الضبّاط والجنود المرتزقة من خارج فلسطين([47]).
حدّدت بريطانيا 15 أيار العام 1948م، موعدًا لانسحابها من فلسطين، وقبل هذا الموعد طرد حوالي 400 ألف عربي فلسطيني من ديارهم وأصبحوا لاجئين، أيّ أنّه طرد غالبية الشّعب الفلسطينيّ من 84% من أرضه التي احتلها الصّهاينة، وتوزّعوا على أجزاء عديدة بين الدّول العربية، وتحطّمت كل المؤسّسات السياسية والاقتصاديّة، والثقافية والاجتماعيّة. وكان قبل ساعات قليلة من انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، أي في 14 أيار 1948م، أعلن “بن غوريون” رئيس اللجنة التّنفيذيّة للوكالة اليهوديّة في تل أبيب استقلال دولة “إسرائيل” اليهوديّة. ولم تمض سوى إحدى عشر دقيقة حتّى أعلنت الولايات المتجدة الأمريكية اعترافها بتلك الدولة([48]).
لم تكن لتقام الدولة اليهوديّة على أرض فلسطين لو ما كانت “الدنيا مع اليهود علينا”، حسب تعبير أحد مقالات “العرفان”، فعدد سكان فلسطين العام 1917 م عندما انتدبتها بريطانيا كانو أقل من مليون شخص، “فإنّ أعدائهم لم يكن يهود فلسطين وحدهم، بل كان معهم اليهوديّة العالميّة وأجهزتها الدعائيّة و بنوكها ونفوذها وصحفها كافة، ومن خلفهم بريطانيا بكل جبروتها وجيشها وأسطولها، ومن وراء الجميع أمريكا ويهودها ونفوذهم فيها، ومعهم الماسونيّة وجميع أتباعها”. أضف إلى ذلك “خيانة بعض الحكومات وحكّام العرب”، فالذين يتهمون الشّعب الفلسطينيّ بالتّقصير عن ضياع وطنهم فلسطين ولم يدافعوا عن وطنهم مثلما فعلت الجزائر، هم من “البسطاء والجهلة” ولم يعرفوا عنهم سوى أنّهم بقيّة شعب ترك وطنه مستهيناً فيه، مُفضّلًا حياة الخيام عن الانخراط في المواجهة المسلّحة. على هؤلاء كما أشارت “مجلة العرفان”، أن يراجعوا أخبار بسالة الشعب الفلسطيني وجهاده على الرّغم من قلّة العدد والعدّة ضد عدو عنده خبرة قتاليّة مدعوم من الخارج بترسانة من الأسلحة. كما أنّ “الدّول العربية لا تزال واضعة الوصاية والحِجر على الفلسطينيين، فلا تسمح لهم باتّخاذ بقعة من أراضيها مقرًّا ومُنطلقًا للجهاد لاسترداد فلسطين”. في حين أنّها تتسلّح وتهدد اليهود بالسّحق منذ العام 1948م “من دون أن تُفكّر بالاشتباك بمعركة حاسمة يتقدّم أبناء فلسطين صفوفها”([49]).
وبسبب التّهجير القصري للاجئين الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم وضياعهم ومدنهم من قبل العصابات الصّهيونية إلى الدول العربية المجاورة، ومن ضمنها لبنان الذي استضاف على أرضه موجة كبيرة من هؤلاء المشرّدين في ظروف حياتيّة ومعيشيّة صعبة. في هذا المناخ المأزوم كتب “مُحرّر العرفان” مقالًا خاصًا عنهم تحت عنوان “وا عروبتاه وا فلسطيناه وا حر قلباه” في افتتاحيّته، والذي أعرب فيه عن تأسّفه المرير لما أصاب العرب من تغيير الحال من وهن وضعف بعد أن كانوا في عظيم أمرهم من إباء وعزّة نفس، حتّى بات يشكّك في عروبة هؤلاء العرب الذين أضاعوا أمجاد الآباء وطرحوها جانبًا، حتى أصبحنا نخجل من أن نُنشد: “إن تسل عنّي فهذا نسبي عربي عربي عربي”. كما وجّه خطابه إلى اللاجيئين الفلسطينيين ليكونوا على قدر التحدّيات المُحدقة بالقول: “وأنتم أيّها اللاجئون الفسطينيون لقد حللتم بين أهلكم وفي بلادكم لكن أليس فيكم الزرّاع والصّانع، فلماذا أصبح أكثركم عالة على غيرهم وهم قادرون أن يكونوا في غنى عن غيرهم”، ناصحًا إيّاهم أن يحتذوا “بالأرمن”، في لبنان الذين ما لبثوا أن كدّوا وأصبحوا غير محتاجين لسواهم من النّاس([50]).
هكذا نصرت “مجلّة العرفان” على صفحاتها “القضيّة الفلسطينيّة” وأفردت لها مقالاتها، حتّى أنّها أشركت “الصحافة الفلسطينيّة” بالاحتفال الذي أقامته بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيسها في العام 1951م، والذي شارك فيها العديد من الشّخصيات والنّخب والأدباء والأندية، فكان من بينها “كلمة صحافة فلسطين” التي ألقاها “الشيخ عبد الله القلقيلي” صاحب جريدة “الصراط المستقيم”، الذي قال في مُستهل كلمته “قدّمت أوراق اعتمادي إلى اللّجنة الكريمة التي عهد إليها بتنظيم هذا الحفل ممثِلاً لصحافة فلسطين وناطقاً باسمها في تكريم سماحة الشيخ الجليل الشيخ عارف الزين ومُساهمًا في التنويه بفضله والإشادة بذكره، وقد قبلت اللّجنة ذلك وما ذلك إلاّ تيمّناً ببقاء فلسطين وإصرارًا على أنّ فلسطين لم تزُل ولن تزول بعونه تعالى”. أَضاف “الشيخ القلقيلي”: “هل من الجائز أن تقعد فلسطين عن المساهمة في عرفان صاجب العرفان وقد كانت مجلّته موردًا لأدباء فلسطين وفضلائها يعبّون من العلم والأدب والمعرفة، وأنّ مجلّة العرفان لأوّل مجلّة دخلت فلسطين وأفاد منها أهل فلسطين الحكمة والأدب وكان في الرّعيل الأوّل من الذّابين عن حياضها حتى اليوم، وهو رأس في العطف على لاجئيها وما زال”([51]).
المصادر والمراجع:
1- احمد ماجد، التاريخ بين يديك، دار المنهل، بيروت، 1992.
2- البديري موسى، تطور الحركات العمالية العربية في فلسطين 1919-1948، دار ابن خلدون، 1981.
3- الجابري محمد عابد، المشروع النهضوي العربي، مركز الدراسات العربية، بيروت، 1996.
4- الساعتي حسن، المجتمع العربي والقضية الفلسطينية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1977.
5ـ النحاس راغدة، الشيخ أحمد الزين: رائد الإصلاح من جبل عامل 1884-1960، دار المشرق، بيروت، 2014.
6- الهندي هاني، حول الصهيونية وإسرائيل، دار الطليعة، بيروت، (بدون تاريخ).
7- تايلر آلن، تاريخ الحركة الصهيونية (1897-1947)، ترجمة بسام ابو غزالة، دار الطليعة، بيروت، 1966.
7- خلة كامل محمد، فلسطين تحت الإنتداب البريطاني، المركز العربي للإبحاث والتوثيق، بيروت، 1974.
8- رفعت بك محمد، قضية فلسطين، دار المعارف للطباعة، مصر، 1947.
9- زهر الدين صالح، المنطقة العربية في ملف المخابرات الصهيونية، المركز العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت، 1985.
10- غلوب فارس، الصهيونية والنازية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 84، ت2 1978
11- قدورة زاهية، تاريخ العرب الحديث، دار النهضة العربية، بيروت، 1975.
12- قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي ـ الاسرائيلي، 1947-1974، مراجعة وتحقيق جورج طعمة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1975.
13- مارديني زاهر، فلسطين والحاج أمين الحسيني، دار إقرأ، بيروت، 1986.
14- مجموعة من الكتاب السوفيات، الصهيونية نظرية وممارسة، ترجمة يوسف سلمان، دار الطليعة، بيروت، 1992.
15ـ موسى سليمان، الحركة العربية 1908-1924، دار النهار للنشر، بيروت، 1977.
16ـ ناصيف جورج، الوحدة العربية واسرائيل، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1985.
17- يعقوب محمد حافظ، ملاحظات تمهيدية حول الحركة الصهيونية، مجلة دراسات عربية، السنة التاسعة، بيروت، العدد 5، آذار 1973.
ب ـ الدوريات:
ـ مجلة دراسات عربية، العدد 25، بيروت، آذار 1973،
ـ مجلة شؤون فلسطينية، العدد 84، بيروت، ت2 1987.
ـ مجلة العرفان، صيدا، المجلدات: م2، ج 10، ك2 1910 ـ م3، ج11، أيار 1911 ـ م8،ج1، ت1 1922 ـ م10، ج8، نيسان 1925 ـ م18، ج3، ت1 1929 ـ م 20، ج3، آب 1930 ـ م25، ج4، ت1 1934 ـ م 27، ج1، آذار 1937 ـ م34، ج 3، ك2 1984 ـ م36، ج2، شباط 1949 ـ م39، ج1، ك1 1951ـ م50، ج1، آب 1962.
1- أسّسها الشيخ أحمد عارف الزين (1884م ـ 1960م)، وهو كاتب وصحفي لبناني من جبل عامل (جنوب لبنان). بدأت المجلة بالصدور في 5 شباط 1909م في سنتها الأولى كانت تصدر في بيروت، وفي العام 1910م تأسست مطبعة العرفان في صيدا، فانتقل إصدارها إليها. بعدما توفى الشيخ أحمد عارف الزين انتقلت إدارتها إلى نجله نزار من العام 1960م حتى العام 1981م. أنظر: النحاس راغدة، الشيخ احمد عارف الزين: رائد اصلاحي من جبل عامل 1884-1960، دار المشرق، بيروت، 2014.
طالب في المعهد العالية للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة -قسم التّاريخ.-[2]
3-ـ مجلة العرفان، م 3، ج 11، ايار 1911، ص 428.
5- زهر الدين صالح، المنطقة العربية في ملف المخابرات الصّهيونية، المركز العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت، 1985، ص 10-11.
1- احمد ماجد، التاريخ بين يديك، دار المنهل، بيروت، 1992، ص 109-110.
2- مجلة العرفان، م18، ج3، ت1 1929، ص 329.
3- قدورة زاهية، تاريخ العرب الحديث، دار النهضة العربية، بيروت، 1975، ص 174.
4- الجابري محمد عابد، المشروع النهضوي العربي، مركز الدراسات العربية، بيروت، 1996، ص 32-33.
5- “الصّهيونية اسم أطلق على حركة سياسية غايتها إعادة اليهود إلى فلسطين، وجعلها وطنًا قوميًا لهم”. أنظر: مجلة العرفان، م 25، ج 4، ت1 1934 ، ص 346.
1- غلوب فارس، الصّهيونية والنازية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 84، ت2 1978، ص 67.
2- الجابري محمد عابد، المشروع النهضوي العربي، مرجع سابق، ص 35-37.
3- الهندي هاني، حول الصّهيونية وإسرائيل، دار الطليعة، بيروت، (بدون تاريخ)، ص 54.
1- مجموعة من الكتاب السوفيات، الصّهيونية نظرية وممارسة، ترجمة يوسف سلمان، دار الطليعة، بيروت، 1992، ص 109-110.
2- الهندي هاني، حول الصّهيونية وإسرائيل، مرجع سابق، ص 59.
3- مجلة العرفان، م 2، ج 10، ك2 1910، ص 554-555.
1- يعقوب محمد حافظ، ملاحظات تمهيدية حول الحركة الصّهيونية، مجلة دراسات عربية، السنة التاسعة، بيروت، العدد 5، آذار 1973، ص 5.
2- مجلة العرفان، م 25، ج 4، ت1 1934، ص 347.
3- مجلة العرفان، م18، ج3، ت1 1929، ص 330.
4- المرجع نفسه، م 25، ج 4، ت1 1934، ص 348.
1- ـ موسى سليمان، الحركة العربية 1908-1924، دار النهار للنشر، بيروت، 1977، ص 367.
2ـ- مجلة العرفان، م8، ج1، ت1 1922، ص 76.
3 – المرجع نفسه، م10، ج8، نيسان 1925، ص 838.
1- زهر الدين صالح، المنطقة العربية في ملف المخابرات الصّهيونية، مرجع سابق، ص 62.
2- خلة كامل محمد، فلسطين تحت الإنتداب البريطاني، المركز العربي للإبحاث والتوثيق، بيروت، 1974، ص 101.
3ـ- مجلة العرفان، م18، ج3، ت1 1929، ص 374.
4- الساعتي حسن، المجتمع العربي والقضيةالفلسطينيّة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1977، ص 382.
5- مجلة العرفان، م18، ج3، ت1 1929، ص 375.
1- المرجع نفسه، م36، ج2، شباط 1949، ص 215.
3- المرجع نفسه، م18، ج3، نيسان 1929، ص 375.
4- مجلة العرفان، م 20، ج 3، آب 1930، ص 310.
2- البديري موسى، تطور الحركات العمالية العربية في فلسطين 1919-1948، دار ابن خلدون، 1981، ص 28-29.
3- مجلة العرفان، م27، ج1، آذار 1937، ص 79.
4- المرجع نفسه، م18، ج3، نيسان 1929، ص 330.
1- مجلة العرفان، م18، ج3، نيسان 1929، ص 330.
2- رفعت بك محمد، قضية فلسطين، دار المعارف للطباعة، مصر، 1947، ص 75-76.
3- الساعتي حسن، المجتمع العربي والقضيةالفلسطينيّة، مرجع سابق، ص 386-387.
4- تايلر آلن، تاريخ الحركة الصّهيونية (1897-1947)، ترجمة بسام ابو غزالة، دار الطليعة، بيروت، 1966، ص 83.
5- تايلر آلن، تاريخ الحركة الصّهيونية (1897-1947)، مرجع سابق، ص 96.
1- مجلة العرفان، م 34، ج 3، ك2 1948، ص 397.
2- المرجع نفسه، م 36، ج 2، شباط 1949، ص 216.
3- صدر قرار التقسيم ـ بقرار رقم 181 (العدد 2) بتاريخ 29 تشرين الثاني عام 1947م، والقاضي بالتوصيّة بخطة تقسيم فلسطين ـ لمعرفة تفصيل نصّ القرار راجع: قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي ـ الاسرائيلي، 1947-1974، مراجعة وتحقيق جورج طعمة، مؤسسة الدراساتالفلسطينيّة، بيروت، 1975.
4- مارديني زاهر، فلسطين والحاج أمين الحسيني، دار إقرأ، بيروت، 1986، ص 384.
1- ناصيف جورج، الوحدة العربية واسرائيل، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1985، ص 93.
2- مجلة العرفان، م 50، ج 1، آب 1962، ص 12-16.