تطويرُ كفاياتِ المعلّمِ في ضوءِ عصرِ المعلوماتيّة والتقنيّة
نِعم أحمد جوني([1])
ملخص البحث
هدفَت هذه الدّراسة إلى تحديد الكفاياتِ التي تُسهم في تطوير المعلّم، وكانت عيّنة ُالدّراسة “ثانويّة رمّال رمّال” الرسميّة والتّعرف إلى الكفايات على أنواعها. وقد استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي، فضلًا عن استخدام الاستبانة، وقد توصّلت الدّراسة بعد إجراء التحليلات الإحصائيّة، إلى أنّ الطلّاب يتأثرون بمنهج المعلّم وطرقه التدريسيّة ومستوى كفاياته، وأشارت الدّراسة إلى أنّ الثانويّة تعتمد اعتمادا كلّيًّا على كفايات المعلّمين، ولذا حاولت إدارة الثانويّة العمل على رفع الكفايات التدريسيّة، لدى المعلمين وفقًا لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين من أجل نجاح العمليّة التعليميّة، بعدما تبيّن وجود ضعف في أداء بعض المعلّمين لا سيّما الجدد منهم الأمر، الذي دفع إدارة الثانويّة إلى إجراء هذه الدّراسة وذلك لتطوير كفايات المعلّم ومساعدته على إتقان تدريس مواده التعليميّة، لما لهذه المرحلة الدراسيّة من حساسيّة وأثر بالغ في تنمية شخصيّة الطلّاب، تنمية شاملة متّزنة وفقًا لمتطلّبات العصر الحديث ومن جميع نواحي الحياة على اختلافها. وهذا بحاجة إلى أن يتعرف المعلّم إلى ذاته، وإلى إمكانياتها وحدودها، وهذا له تأثير على سلوكه واتجاهاته وقيمه وتصرّفاته تجاه نفسه وتجاه الآخرين والمجتمع. وعلى المعلم أن يتميّز بوعي ثقافي وتوسّع معرفّي، وأن يتابع المستجدات التي تتعلّق ببرامج التعلّم المختلفة، وعليه أيضًا العمل على إكساب المتعلمين كفايات القرن الحادي والعشرين، وأن يتحوّل إلى مدرس مهني متخصّص في مجال إعداد المتعلّمين إعداداً صالحاً. يجعل منهم متعلّمين على مدى الحياة.
الكلمات المفتاحية: مؤسسات التعليم، المعلّم، رأس المال البشري، كفايات التعليم.
Abstract
The survey in hand aimed to determine the competences that enhance teacher’s development and to recognize the whole competences in general. The research sample was Rammal Rammal Public High School. The researchers used a descriptive analytical method rather than using a questionnaire. The study showed, after various statistical analysis, that students are mainly influenced by teacher’s method, performance and level of competences he possess. The school in return depends heavily on teachers’ competences where the administration works hard to boost these competences according to the 21st century requirements. So that this will thrive the learning process especially after detecting point of weakness in some new teachers’ performance. The latter pushes the administration to make this survey in order to elevate teachers’ proficiency when teaching their subjects because this cycle plays an important role in developing students’ personality to meet modernization. To achieve this, a teacher must know his potentials and self because this affects his behaviour and attitude toward himself, life and community. He must have cultural awareness and knowledge. Besides, he should follow up the latest updates related to different educational programs. Finally, he has to provide learners with competences of the 21st century so that he can prepare a lifelong learner.
Keywords: Educational Institutions, The Teacher, Human Capital, Education Competencies.
أولًا: مقدّمة البحث
إنّ ما تواجهه التربية في العصر الحديث، من مخاطر وتحدّيات وتغيّرات وتطوّرات من جراء استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، يرتكز في الدرجة الأولى على عمليّة تطوير كفايات المعلّم، في ضوء عصر المعلوماتيّة، والتي أدت إلى تطورات سريعة ومتلاحقة في جوانب حياة الإنسان جميعها، الاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة. “ولما كانت التربية بشكل عام والتعليم بشكل خاص من القواعد الأساسيّة لمستقبل البلاد، واللبنة الأساسيّة للبناء الرفيع للمجتمع في عهد التفتّح والتقدّم العلمي، الذي من شأنه أن يُساعد في تطوير أساليب التعلّم والتعليم وصولًا إلى بناء رأس مال بشري، قادر على صنع المعرفة والمعلومة الإلكترونيّة واكتسابها بنفسه” (راشد، 2005، ص38)، لأنّ حقيقة التعليم ليس انتقال مجموعة من المعلومات على الورق، كان من الضروري إعداد المعلّم إعدادًا صالحًا. ومن هذا المنطلق “بات على مؤسّسات التعليم الاهتمام في بناء العنصر البشري، الذي يخضع إلى الأخلاقيات والشفافيّة، لأنّه يعد موردًا أساسيًّا من خلال ما يتمتع به من قدرة على التجدّد والإبداع والابتكار والتطوير والتفكير” (بوز، 2005، ص146)، كونه يستطيع من خلال جودة أدائه ونشاطه الفكري والذّهني، أن يحدث تأثيرًا جذريًا وبنيويًّا على مستوى الوطن بأسره. لقد أدرك الجميع أنّ نظامنا أصبح بحاجة ماسّة إلى التحوّل البنيوي، ولكي يتجدّد هذا البناء تدريجيًا يجب الاهتمام بالتربية والتعليم من الناحية النوعيّة ومن ناحية المضمون أيضًا، ومحور هذا التحوّل هو المعلّم الذي يقف في وسط الميدان.
بناءً على ما تقدّم؛ “يُصبح من الضروري على المسؤولين عن قضايا التعليم والمهتمين به إعادة النّظر في النّظم التربويّة والعمل على الاستفادة من معطيات العصر لتنمية العمليّة التربويّة”، (راشد، 2005، ص98) وهذا يتطلّب إحداث تغيير جوهري في أدوار المعلّمين، ليساهموا في التخطيط والتصميم والتنفيذ والتقويم للعمليّة التعليميّة. فالمعلّم هو الذي يعمل على إعداد رأس المال البشري؛ المقتدر على إدارة عجلة الاقتصاد ومواجهة الأحداث الكبرى وعلى أنواعها ومواجهة الغزو الثقافي واستكمال النواقص السلوكيّة. وإعادة النظر في الكتب المدرسيّة ومراقبتها والاستفادة من رأس المال البشري في قطاع التعليم من منظّرين ومصمّمين ومفكّرين، من أجل التوصّل إلى مستقبل مشرق للنظام التّعليمي وفقًا لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين، واستخدام تكنولوجيا المعلومات لما لها من دور في تنمية رأس المال البشري وأداء الموارد البشريّة، في نمط جديد يقوم على المعرفة وينمّي القدرات والمهارات ويطوّر الكفايات لدى المعلّم ليؤدي دوره بكفاءة وفعاليّة. ويُطبِّقها بإتقانٍ ومهارة في المجالات التربويّة والتعليميّة سواء أكان ذلك في الجانب السّلوكي، أم في الجانب المعرفي، فللمعلّم مكانةً سامية ورفيعة عند الطلّاب وهذا يفرض عليه مضاعفة الشّعور بالمسؤوليّة، ويجعله يستخدم كل طاقاتِه في التّربية والتّعليم. أما في الجانب الكامن “فالمعلمُ هو القدرة الناتجة عن إتقان المادة والخبرة والمعرفة” (محافظة، 2009، ص98). ولذا وجب عليه السّعي لامتلاك كفاياتٍ متجدّدة، كونه يعيش في عصر التطوّرات والتغيّرات. فصفاته الظاهريّة والباطنيّة تصل إلى جذور أعمق المشاعر والعواطف الإنسانيّة. ودور المعلّم التربوي هو سيف ذو حدّين، والطلّاب تحت تصرّفه في مرحلة البلوغ وهي مرحلة التحوّل والتّشكل والتكوين. وتنمية روح العمل والاستقلال وليس مجرد نيل الشهادة.
لذا لابدّ من البحث عن إشكالات النظام التعليمي، وعيوبه وتصميم نظام جديد بمساعدة أصحاب الفكر والاختصاص.
ثانيًّا: إشكاليّة البحث
نظرًا إلى التحدّيات التي تواجهها مؤسّسات التعليم، في ضوء عصر المعلوماتيّة والتقنيّة، وبعد تسارع التطوّرات التي تواجهها إدارات هذه المؤسّسات، زادت المسؤوليّة المُلقاة على عاتق العنصر البشري وعلى أدائه وذلك من أجل المواءمة بين هذه المؤسّسات والاستجابة إلى مراعاة متطلّبات التطوّر والتغيير، إذ يُعدُّ التخطيط السليم طريقًا فعّالًا لاختيار نوعيّة تعليم قادرة على تحقيق الأهداف التربويّة، والارتقاء بمستوى أداء المعلّم القائم على نُظم من المعلومات التي تُحاكي متطلّبات العصر، للسير قُدُمًا في ركب التطوّر العلمي الذي يجب أن يرفع من مستوى الأداء عند المعلّم بشكلٍ فعّال في أداء رسالته حين زاد اهتمام مؤسّسات التعليم برأس المال البشري، والتركيز على القدرات الخلّاقة والمبدعة والقادرة على مواكبة التطوّرات والمشاركة في الأدوار العمليّة لتحقيق أهدافها. وكانت هناك محاولات كثيرة لاستثمار التطوير التقني لتطوير المناهج، والبرامج وإعداد المعلّمين وتطوير كفاياتهم التعليميّة وتوفيرها، وهذا أمر بالغ الأهميّة في ظلّ تأكيد الدّراسات والبحوث على أهميّة توافر هذه الكفايات لدى المعلمين وهنا تكمن مشكلة هذه الدّراسة، وعلى البحث أن يجيب على التساؤل الآتي: ما أهميّة “تطوير كفايات المعلم في ضوء عصر المعلوماتية والتقنيّة”. ومن هذا التساؤل تتفرّع تساؤلات منها:
- ما هو التصوّر المقترح لتطوير كفايات المعلّم في ضوء عصر المعلوماتيّة؟
- ما هي الكفايات المطلوبة لإعداد المعلّمين في ضوء مستجدات العصر؟
- ما هي الأسباب الموجبة المهمّة التي أدت إلى طرح تطوير كفايات المعلّم؟
- ما مدى التزام مؤسّسات التعليم بكفايات قادرة على بناء جيل واعٍ ومبتكر ومبدع؟
- هل هناك من علاقة بين تطوّر الكفايات والمعلوماتيّة والتقنيّة في العصر الحديث؟
- هل يؤثر استخدام التكنولوجيا الحديثة والاتصالات على تطوير كفايات المعلّم؟
- كيف يمكن إكساب المعلم كفايات جديدة في ضوء عصر المعلوماتية والتقنيّة؟
- ما دور المعلم في ضوء عصر المعلوماتية والتقنية؟
ثالثًا: أهميّة البحث
تكمن أهميّة هذه الدّراسة في أهميّة الموضوع الذي تعالجه، وفي أهمية المتغيّرات المبحوثة وفي بيان أهميّة المعرفة التي تمثّل رأس مال بشري يستجيب لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين، ويكون على استعداد للوقوف أمام التحدّيات وقادر على استيعاب التكنولوجيا الحديثة التي من شأنها أن ترفع الكفايات عند المعلّم، ليكتسب المهارات التي تسهم في تطوير المجتمع، من خلال مهنة التعليم المرهونة باستعدادات المعلم، وإعداده ليكون على قدر عالٍ من المعرفة إذ تُبذل جهود كبيرة لتحقيق أهداف التربية، والتعليم على أساس برامج ومناهج جديدة وحديثة، تواكب الثورة التكنولوجيّة وتكسب المعلم كفايات كافية لبلوغ الأهداف المنشودة، و تستمد هذه الدّراسة أهميّتها من خلال الاعتبارات الآتية:
- في بيان أهميّة بناء رأس المال البشري واستفادته من ثورة التكنولوجيا الحديثة.
- في بيان أهميّة الكفايات والقدرات والمهارات والمؤهّلات العلميّة من خلال العلاقة، التي تربط مكونات رأس المال البشري بشكل فاعل في عمليّة التربية والتعليم.
- في بيان أهميّة دور مؤسسات التعليم في تنمية رأس المال البشري، ودوره الجوهري في الخلق والإبداع والابتكار والتميّز.
- بيان أهميّة خبرة المعلمين ومهاراتهم وتدريبهم وإعدادهم في تجديد روحية العمل.
- تزويد المعلمين في المؤسّسات التعليميّة بالمزيد من الكفايات التعليميّة التي تحسّن أداءهم وتحدّد احتياجاتهم التدريبيّة.
رابعًا: أهداف البحث
إنّ تحديد كفايات التعليم التي يجب أن يُتقنها معلمُ القرن الحادي والعشرين هو أمر بالغ الأهميّة. لأنّ هذه الكفايات تُعدُّ من أولى الشروط الأساسيّة التي تحسّن أداء المعلّم وتطوّر مهاراته، بعدما باتت مؤسّسات التعليم تؤكّد على خضوع العنصر البشري إلى الكفايات والأخلاقيات المطلوبة التي يجب أن يتمتّع بها المعلّم، من تطوير وإعداد وتدريب للمساهمة في معالجة النواقص في العمليّة التربويّة والتعليميّة. وبناء على ذلك فإنّ هذه الدّراسة ستسعى إلى تحقيق عدّة أهداف منها:
- التعرّف إلى كفايات التعلّم اللازمة للتدريس في المؤسّسات التعليميّة في القرن الحادي والعشرين.
- التعرّف إلى مدى توافر هذه الكفايات لدى المعلّمين.
- الإضاءة على ضرورة إعداد رأس مال بشري من خلال امتلاك كفايات تعليميّة تضمن سلامة التصرّف وحسن السلوك ووضوح المسؤوليات وتوزيع الصلاحيات.
- التعرّف إلى أهميّة المعلوماتيّة والتقنيّة في إعداد المعلّمين.
- إبراز أهميّة مواكبة التطوّرات الحديثة في المؤسّسات التعليميّة.
- الإضاءة على ضرورة إعداد برامج تواكب ثورة التكنولوجيا الحديثة وإعداد معلّم يكمل النواقص.
إبراز دور المعلم في العمليّة التعليميّة وفقًا لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين في عمليّة التغيير المطلوبة.
خامسًا: فرضيات البحث
إنَّ تطوير الكفايات عند المعلم يسهم في تحسين الأداء وتحويل مسؤولية التعلم من المعلم إلى المتعلم، إذ تحصل عملية التعليم على قدرة المتعلّم نفسه، واحتياجاته ومدى اهتمامه في استخدام التكنولوجيا الحديثة، إذ يعتمد المعلم على توظيف كفايات التقويم، وتعزيز نقاط القوة عند المتعلم والتركيز على نقاط الضعف وتقويتها، وبناء على ما تقدم فإنَّ هذا البحث ينطلقُ من فرضيات عديدة منها:
- يسهم استخدام تكنولوجيا المعلومات في تطوير كفايات المعلم في عملية التخطيط.
- تنفيذ كفايات المعلم وتطبيقها يعزز دور المعلم التربوي.
- تحتاج كفايات التقويم لتعزيز تطوير أداء المعلم.
- يحتاج المعلم إلى تطوير الأداء ليتمكن من استخدام المعلوماتيّة والتقنيّة.
- استخدام المعلوماتية والتقنية يسهم في تطوير الكفايات عند المعلم.
سادسًا: مجتمع البحث وعينته
لقد اقتصر مجتمع البحث على الثانويات الرّسمية في محافظة النبطية، أما بالنسبة إلى عينة البحث، فكان اختيار “ثانوية رمال رمال الرسمية” والموظفين فيها والذين بلغ عددهم 95 فردًا، وذلك لبيان آرائهم في “تطوير كفايات المعلم في ضوء عصر المعلوماتية والتقنية”.
سابعًا: حدود الدّراسة
الحدود المكانية: سيقتصر تطبيق الدّراسة الميدانية على ثانوية رمال رمال الرّسمية في قضاء النبطية، محافظة النبطيّة.
الحدود البشريّة: سيقتصر تطبيق الدّراسة الميدانيّة، على موظفي ثانوية رمال رمال الرسمية.
الحدود الزمنيّة: ستطبق الدّراسة الميدانيّة، في العام الدراسي 2022 خلال المدة الزّمنيّة من 12/1/2022 إلى 2/3/2022.
ثامنًا: مصطلحات البحث
- مؤسّسات التعليم: هي المكان الذي يتلقى فيه الأشخاص من مختلف الأعمار التعليم، وتشمل تلك المؤسسات: مؤسسات التعليمقبل المدرسي ورياض الأطفال والمدارس الابتدائيّة والجامعات. (إبراهيم، 2004، ص 140).
- المعلّم: اسم فاعل لفعل علّم، ونقول معلم أي قام بفعل التعليم، والمعلم هو من يقوم بتربية، وتعليمالمتعلم وذلك بتوجيه مجموعة الخبرات التي اكتسبها إلى المتعلم، وذلك بطرق ووسائل مبسطة تجعل المتعلم يتقبل ذلك بسهولة، فهو اللبنة الأساسية لعملية التعليم. (خيري، 1988، ص 83).
- رأس المال البشري: رأس المال البشري هو القيمة المعطاة لقدرات الموظفين الذين يعملون في شركة، أيّ مستوى التعليم والمعرفة العامة والمهارات. (خميس، 2002، ص 94).
- المتعلم: اسم المفعول لفعل تعلموهو من يتلقى التعليم، فهو الهدف الأساسي الذي تقوم عليه عملية التعليم، وهو من يتلقى الخبرات والمعلومات بطريقة ما من المعلم وبذلك يحصل تغيير في السّلوك ، واكتساب لمهارات تمنحه القدرة على الدخول في المجتمع. (ناصر، 1995، ص 61).
- كفايات التعليم: تُعرّف كفايات التعليم أنّها مجموعة من المهارات، والإجراءات والاتجاهات التي يحتاجها المعلّم للقيام بعمله بأقلّ قدر من الكلفة والجهد والوقت والتي لا يستطيع من دونها أن يؤدي واجبه بالشكل المطلوب، ومن ثم ينبغي أن يُعدّ توافرها لديه شرطًا لإجازته في العمل. (ناصر، 1995، ص123).
تاسعًا: منهج البحث
سيعتمدُ في هذا البحث على المنهج الوصّفي والتحلّيلي الفلسفي، بوصفه المنهج المناسب لمتغيّرات البحث وأهدافه، وذلك للتعرّف بدور مؤسسات التعليم في بناء رأس مال بشري، وفقًا لمتطلبات القرن الحادي والعشرين، بوصفه من المناهج التي تحدّد خصائص مشكلة البحث بشكل دقيق وشامل. والاطلاع على الواقع الحالي. وتحديد الكفايات وأطر تطويرها في ضوء عصر المعلوماتيّة والتقنيّة، للتوصّل إلى استنباط المعايير التي على أساسها توضع كفايات يتوجّب على المعلّم اكتسابها. من خلال برامج لإعداده ومن خلال دورات تدريبيّة مستدامة أثناء الخدمة. إذ يهتم هذا المنهج بدراسة متغيّرات البحث، وبحث العلاقة بينهما في ضوء متغيّرات مهارات القرن الحادي والعشرين في العمليّة التعليميّة.
عاشرًا: الدّراسات السابقة
بعد الاطلاع على بعض الدّراسات السّابقة، والقريبة من موضوع الدّراسة الحاليّة، تبيّن أن أغلبها قد اتّجه نحو دور العمليّة التربويّة، وقد تبيّن أن هذه العمليّة تحتاج إلى تنمية مهاراته التعليميّة باستمرار من خلال الدورات التدريبيّة ومراكز الاختصاص لاسيّما في التقنيّة والمعلوماتيّة، وقد دخلت التّقنيات الحديثة مجالات الحياة كافّة، وأصبح من الضروري على المعلّم أن يُتقن من الكفايات ما يتوافق مع متطلّبات القرن الحادي والعشرين، إذ “لم يعُد النفاذ إلى عصر المعلومات أمرًا يتعلّق بالترف والموضة، وإنّ تنافي القدرة العلميّة والتكنولوجيّة، والقدرة المتزايدة للحاسوب في معالجة وتخزين المعلومات والبيانات، وظهور الأساليب البرمجيّة المتقدّمة تطرح قضيّة دمج الكمّ الهائل من المعارف وتوظيفه توظيفًا مثمرًا في الحياة المهنيّة ( الملحم، 2008، ص 30).
ومن هذه الدّراسات العربية
- دراسة صلاح أحمد الناقة وإيهاب محمد أبو ورد (2009)، هدفت هذه الدّراسة إلى تعريف الاتجاهات المعاصرة في مجال إعداد المعلّم وتنميته مهنيًّا. بالاعتماد على أسلوب البحث المكتبي، وذلك عن طريق الملاحظة للأداء ميدانيًّا والمقابلات الشخصيّة. وكانت أبرز نتائجها قصور التقويم بما يُراعي الاتجاهات الحديثة وقلّة متابعة المتدرّبين، وتقويم مدى استفادتهم من الدورات التدريبيّة.
- دراسة عمران دحلان (2009)، وهي بعنوان “تقدير كفايات المعلم المساند من وجهة نظر مديري المدارس والمشرفين التربويين” هدفت هذه الدّراسة إلى التعرّف على آراء مديري المدارس والمشرفين التربويين حول مدى ما يملكه المعلم من كفايات تعليميّة بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي، وقد أظهرت نتائج هذه الدّراسة أن المعلّم بحاجة إلى تطوير نفسه في بعض الكفايات.
- دراسة سامح محافظة (2009)، وهي بعنوان: “معلم المستقبل خصائصه ومهاراته وكفاياته” وهدفت هذه الدّراسة إلى الكشف عن معلم المستقبل والخصائص والمهارات والكفايات اللازمة لإعداده، وقد استخدم الباحث الأسلوب المقارن بين الدّراسات، وكان من نتائج هذه الدّراسة أنّ الخصائص المهمّة الواجب توافرها في المعلم هي : المعرفة الجيّدة بمحتوى موضوع التخصص والدراية الجيّدة بخصائص المتعلّمين وقدراتهم النفسيّة ومهارة عالية في أساليب التدريس، وفي مجالات الكفايات فقد كشفت هذه الدّراسة أن الكفايات ضرورية للمعلم: وهي الإعداد النظري والعملي والالتزام بالقواعد الأخلاقيّة للمهنة والاستعداد لخدمة المجتمع المحلي والتواصل معه.
الدّراسات الأجنبيّة
- دراسة Tara, Fenwich (2001)، هدفت هذه الدّراسة التعرّف بالطرائق والخبرات والمصادر التي تسهم في تنمية التعلّم طويل المدى للمعلمين من خلال النمو المهني بالاعتماد على المنهج النوعي، وكان من نتائج هذه الدّراسة أن الطرائق التي تُسهم في تنمية المعلّم هي (التدريب المستمر، إجراء البحوث العلميّة والمشاركة في المؤتمرات والندوات).
- دراسة carol، Brunkawskr (2004)، هذه الدّراسة هدفت إلى تعرّف أنشطة النمو المهني المختارة ذاتيًّا التي يقوم بها المعلمون بالاعتماد على المنهج الوصفي، وكان من نتائج هذه الدّراسة: أن المعلمين يستطيعون تحسين التعليم لديهم عندما يختارون نشاطات النمو المهني ذاتيًّا.
- دراسة gaicher, carol caeson (2005)، هدفت هذه الدّراسة إلى تعرّف أهميّة التكنولوجيا في زيادة النّمو المهني الذاتي للمعلم. وكذلك التّعرّف إلى أهميّة دمج التكنولوجيا في الصفوف التعليميّة بالاعتماد على المنهج الإحصائي. وتوصّلت الدّراسة إلى عدّة نتائج منها: إنَّ استخدام تكنولوجيا الأنترنت تشجع المعلّمين على التعلّم الذاتي، وإنَّ ورش التدريب تساعدُ على تحسين دمج التكنولوجيا في صفوف المعلّمين.
- دراسة Amme, Kerby (2010)، هدفت هذه الدّراسة إلى استقصاء كيف ولماذا يختار المعلمون فرص النمو المهني؟، وقد استخدمَ المنهج الكمي والنوعي وأظهرت نتائج هذه الدّراسة أنّ المعلمين يستطيعون تقييم احتياجاتهم المهنيّة الذاتيّة على احتياجات الطلاب.
ميزة هذه الدّراسة الحالية عن الدّراسات السابقة الآنفة الذكر أنّها استكملت الإطار النظري لهذه الدّراسة والتي عالجت موضوع “تطوير كفايات المعلّم في ضوء عصر المعلوماتية والتقنيّة”، فإنّ هذه الدّراسة تُعدّ امتدادًا للدراسات السابقة العربية والأجنبية التي مرّ ذكرها، التي اعتمدت عليها أساسًا في معالجة موضوعها وخاصّة في ما يتعلّق بالتوجّهات النظريّة لكنها شكلت بعض الإضافات التي ميّزتها بأهميّة خاصّة يمكن الاستفادة منها في عدة مجالات تتعلّق بالكفايات التي يجب أن يمتلكها المعلم في القرن الحادي والعشرين ومتطلباته في تطوير الكفايات على أنواعها. وكان هناك تطابق في المنهجيّة المتبّعة فضلًا عن التّطابق في بذل الجهود لتحسين جودة الأداء، وتناول الاحتياجات المهنيّة من خلال مجالاتها الآتية (المعرفية والمهاراتيّة والسلوكية والتقنيّة) كما كان هناك توافق في استخدام المنهج الوصفي التحليلي. كما كان هناك توافق على ضرورة تطوير كفايات المعلم من خلال التدريب المستمر والمشاركة في المؤتمرات والندوات والبحوث العلميّة. واستخدام الحاسوب وشبكة الإنترنت. الدّراسات السابقة توافقت بعض نتائجها مع نتائج هذه الدّراسة بأنّ المؤسسات التعليميّة بحاجة ماسّة إلى تطوير كفايات المعلّم الإبداعيّة، ليتكيّف مع المتغيرات والتطوّرات والاتجاهات المستقبليّة، كما تبيّن أيضًا أنّ المؤسّسات التعليميّة مضطرة إلى استخدام استراتيجيّات مرنة لتحسين الكفايات من المعلّم وتوفير الجودة في أداء ممارسة التعليم، وهذا يتطلّب دراسة متأنيّة في ما يتعلّق بالمناهج والخطّة والطريقة والتعليم والتدريب والانتقال تدريجيًّا من الشكل التقليدي في الإدارة إلى الإدارة الإلكترونية الحديثة، والشكل المرن القادر على تنفيذ العمليّات الإدارية والتربويّة الأساسيّة. ومن مميّزات هذه الدّراسة أنّها استندت إلى مهارات القرن الواحد والعشرين في العمليّة التعليميّة، ومتطلّباته في تبنّي التربية التكنولوجيّة في ظلّ قيادة تربويّة، تهتم في تنمية رأس مال بشري من خلال الترابط بين المجالات الاستراتيجيّة في إدارة الأزمات.
وأخيرًا يمكن القول: إنّ هذه الدّراسة قد تميّزت أنّها تناولت موضوعًا حيويًّا معاصرًا في ظلّ جائحة كورونا وتأثيرها على التعلّم عن بُعد.
الفصل الأول: الإطار النظري للدراسة
إنّ التحوّلات والتغيرات والتطوّرات التي يشهدها العالم الجديد من جراء الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة، والمتطوّرة في مجال تقنيات المعلوماتية والتقنية في ضوء عصر المعلومات، والاتصالات قد امتد إلى مؤسّسات التعليم ودورها في بناء رأس مال بشري متطوّر، وأصبح التحوّل نحو الإدارة الإلكترونية ضرورة ملحة في قطاع التربية، والتعليم وذلك من خلال عملية التنسيق بين مؤسسات التعليم وتحقيق التفاعل بين الفرد والمجتمع. والتحوّل إلى مجتمع واقتصاد ومعرفة وأصبحت مؤسّسات التعليم تتنافس في ما يمتلكه المعلم من كفايات ومهارات وقدرات، بعدما أصبح المعلم مفتاحًا للمعرفة، وطريقًا إلى بلوغ الصلاح والإصلاح في وقت أصبحت فيه التربية مسارًا إلزاميًّا لتكوين الشخصيّة الإنسانية والاستفادة من مكوناتها الفطريّة، كونها تُعد المدخل نحو تطوير أداء العاملين في مؤسسات التعليم. ومن هذا المنطلق يأتي دور المعلم في بناء مشروع حضاري في صناعة القدوة إذ تعدُّ التربية والتعليم مصدر حياة المجتمع، وإذا صلحت التربية يصلح كل شيء في المجتمع. وبات التنافس بين مؤسّسات التعليم في قدرتها على إعداد المعلم والاستفادة من طاقاته الإبداعيّة والعلميّة وتأهيله ليصبحَ مربيّا قادرًا، وعلى يده تُصنع الأيادي الصانعة في تنمية روح العمل والهويّة والوطنيّة المستقلة، وتشكيل هويّة لجيل جديد يواكب تطورات العصر وحاجاته.
من هنا تأتي الحاجة إلى تطوير واقع التربية والتعليم في المؤسّسات التعليميّة، وتخطيط سليم ونفس طويل فالتربية لا تؤتي ثمارها بسرعة، لأنّ وصول المجتمع إلى الرقي والتقدم العلمي منوط بالتربية، والتعليم الصحيحين وجزء كبير من هذا الواجب والبالغ الأهميّة يقع على عاتق المعلمين.
ونظرًا لما لمؤسّسات التعليم من دور في بناء رأس المال البشري، فقد اهتمت هذه المؤسسات بتطوير كفايات المعلم للحصول على أفضل نوعية من التعليم، وتخريج طلاب مفعمين بالأمل. مبدعين، مثابرين ومفكرين يمتلكون الجرأة والكفاءة لخوض غمار الميادين العلمية، وقادرين على ممارسة دورهم بصورة أفضل في خدمة المجتمع. ونظرًا إلى ما للجودة من أهميّة في تنمية رأس المال البشري في مجال التعليم، كان لابد من اتخاذها محورًا في عمليّة الأداء والإنتاج والخدمات، وتسخير الإمكانيات الماديّة والبشريّة ومشاركة جميع العاملين في المؤسسات التعليميّة من إدارات وأفراد كفريق واحد في تطبيق معايير الجودة في التعليم.
ومن عناصر النظام التعليمي المهمّة هو المعلّم، الذي يُعتمَد عليه بشكل أساسي وفقًا لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين، إذ تُعدّ المعرفة والمهارات والكفايات مفتاح النجاح، فالمعلّم في هذا القرن بحاجة إلى تنمية كفاياته بشكل يتناسب مع معطيات العصر، والارتقاء بالمتعلّمين في مجال التطوير ما يُسهم في إحداث التوافق بين المتغيرات البيئيّة، والارتقاء بمستوى الأداء لنهوض المجتمع في ظل نظام تعليم جيد يؤمن بحقّ المواطن في تنمية قدراته ومهاراته مع الجودة والتميّز. دفع هذا الأمر بالمؤسّسات التعليميّة لإعداد معلّم يُعد جيلًا يمتلك المهارات اللازمة في عصر المعلوماتية، والتقنيّة وهذا لا يُمكن أن يتحقق إلا من خلال استيعاب العلوم التكنولوجيّة ورفع المهارات، والكفايات المهنية للمعلم القادر على المنافسة في سوق العمل العالميّة، والمرور بالطرق الحديثة والمطلوبة لمواكبة التطورات ونشر العلوم والمعارف المتخصّصة، وتطويرها بما يتناسب مع مواكبة التغيّرات والمشاركة في صنع المستقبل. لذلك ركّزت هذه الدّراسة على أهميّة تطوير كفايات المعلم في ضوء عصر المعلوماتية، والتقنيّة للتناسب مع العصر الرقمي واستخدام التكنولوجيا لما لها من دور مهم في مجال التعليم ما يجعل برامج التعليم أكثر جذبًا وتشويقًا وترغيبًا وإمتاعًا للمتعلّمين لتوافقها مع خصائصهم النفسيّة، وتخلق لهم بيئة آمنة ومتطوّرة للتعلّم بعيدة من النمط التقليدي وتحمّلهم مسؤوليّة التعلّم والبحث.
- متطلّبات نجاح المعلّم
إنّ قضية إعداد المعلّم وتأهيله وإكسابه الكفايات اللازمة في مجال التدريس هي قضية شغلت مؤسّسات التعليم في معظم دول العالم، وكانت لها مكانة أوليّة في القرن الواحد والعشرين لمواجهة التحديات المحلّيّة والعالميّة “لعلّ الهدف الأول من إعداد المعلّم هو مساعدته على امتلاك الكفايات التعليميّة اللازمة لممارسة أدواره بدرجة عالية من الفاعليّة كما أن عدم توفّر المؤهّل قد يؤدّي إلى تراجع نتاجات التعليم” (الزعانين، 2001، ص 72). ولكي يتمكن المعلم من القيام بدوره كاملًا، وبكل كفاءة واقتدار في ضوء متطلبات القرن الحادي والعشرين، لا بدّ من أن امتلاك قدر كافٍ من الكفايات التعليميّة والقدرات، والمهارات وأن يكون قادرًا على تطبيقها فهي تمثل أهميّة قصوى لتحقيق الأهداف التربويّة والتعليميّة التي يريد إيصالها على أكمل وجه.
فما هي الكفاية وما هو مفهومها التربوي؟
لقد تعددت الآراء حول تعريف الكفاية وحول مفهومها ومن هذه التعاريف هي “مجموعة من المعارف والمهارات والقدرات، والاتجاهات التي ينبغي أن يمتلكها المعلم ويكون قادرًا على تطبيقها بفاعلية وإتقانها بكفاءة أثناء التدريس، وتكتسب من خلال برامج الإعداد قبل الخدمة والتوجيه أثناء الخدمة” (الحارثي، 1993، ص 15) ومن جملة التعريفات هي: “قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معيّن” ويتكوّن محتواها من معارف ومهارات وقدرات واتجاهات مندمجة بشكل مركب، كما يقوم الفرد الذي اكتسبها بتوظيفها قصد مواجهة مشكلة ما وحلها في ضوء وضعيّة محددة” (الدريج، 2003، ص 16). وهناك من عرفها أنّها: مجموعة من المواد الذاتية (معارف، مهارات، قدرات سلوكية، استراتيجيات، تقويمات.) والتي تنتظم في شكل بناء مركب (نسق يتيح القدرة على تعبئتها ودمجها وتحويلها في وضعيات محددة وفي وقت مناسب إلى إنجاز ملائم. (التومي، 2005، ص36). وجاء في بعض التعريفات أن الكفاية هي: “مجموعة من المعارف والمهارات والمفاهيم والاتجاهات التي توجه سلوك التدريس لدى المعلم، وتساعده في أداء عمله داخل حجرة الدّراسة وخارجها بمستوى معيّن من التمكين، ويمكن قياسها بمعايير خاصّة متّفق عليها والكفايات التعليمية هي أهداف سلوكية إجرائية محددة تحديدًا دقيقًا يؤديها المعلم بدرجة عالية من الإتقان، والمهارة ناتجة عن معارف وخبرات سابقة لأداء جوانب أدواره المختلفة التّربويّة والتعليميّة والإداريّة والاجتماعيّة والإنسانيّة المطلوبة منه لتحقيق جودة عالية لمخرجات العملية التعليميّة”. (السيّد، مصطفى يسرى) وهناك من يرى أن للكفاية جانبين: جانب ظاهر وهو السلوك الملاحظ ،وجانب كامن وهو القدرة الناتجة عن الخبرة والمعرفة والاتجاه، والقدرة الكامنة وحدها لا تشكل كفاية وكذلك السّلوك الظاهر الآلي الذي لا ينطلق عن وعي مكونات السّلوك لا يشكل كفاية، وإذا طغى الجانب الكامن المعبر عن القدرة فالكفاية عقليّة. (مفلح، 1998، ص 60).
عمومًا فالكفاية تتكوّن من مكونين رئيسين هما: المكون المعرفي والمكون السّلوكي، فالمكون المعرفي يتألف من مجموع الإدراكات والمفاهيم والاجتهادات والقرارات المكتسبة التي تفصل بالكفاية، أمّا المكون السّلوكي فيتألف من مجموع الأعمال التي يُمكن ملاحظتها، ويُعد إتقان هذين المكونين والمهارة في توظيفهما أساسًا لإنتاج المعلّم الكفء. (مرعي، 1983، ص 23). من خلال ما تقدّم يتبيّن لنا ضرورة أن ترتبط بالأدوار التي يجب أن يقوم بها المعلم، لأنّ ما سيقوم به المعلم من أدوار يؤدي إلى تحديد الكفاية بشكل دقيق، وبتعبير آخر فإنّ تحديد قوائم الكفايات يعتمد على تحديد الأدوار، وهذا بالطبع سيؤدي إلى تصنيف هذه الأدوار وتنظيمها. لأنّ المعلّم لا يستطيع أن يقوم بهذه الأدوار من دون أن يمتلك كفايات كافية للقيام بهذا الدور، لأنّ نجاح المعلم في القيام بأدواره يعتمد أولًا وأخيرًا على ما يمتلكه من كفايات. للوصول إلى الأهداف التعليميّة المحددة سلفًا والتي تتعلق بما يُراد تعلّمه على ضوء سرعة المتعلّم نفسه واحتياجاته واهتماماته من خلال استخدام تكنولوجيا التعليم، وتزويد المتعلم بالتغذية الراجعة كلما لزم الأمر. أثناء عملية التعلم، وهذا يتطلّب تصنيف الكفايات وأنواعها التي يحتاجها معلم اليوم وهي: كفايات ترتبط بالمعارف، بالأداء وكفايات تتعلّق بالنواتج، وهناك من أشار إلى أن: “هناك أربعة مجالات لكفاية المعلم وجميعها ضرورية لكي يمكننا أن نطلق عليه صفة المعلم الكفء أو الفعّال في تحقيق النتائج التعليميّة” وهذه المجالات هي (قنديل، ص 101):
- التمكّن من المعلومات النظريّة حول التعلّم والسّلوك الإنساني.
- التمكّن من المعلومات في مجال التخصّص الذي سيقوم بتدريسه.
- امتلاك الاتجاهات التي تُسهم في إسراع التعلّم، وإقامة العلاقات الإنسانيّة في المدرسة وتحسينها.
- التّمكّن من المهارات الخاصّة بالتدريس، والتي تُسهم بشكل أساسي في تعلّم التلاميذ.
لكي يستطيع المعلّم القيام بواجباته، عليه أن يكون متمكنًا من المادة أولًا، وأن يكون قادرًا على تعليم الطلاب بدلًا من تلقينهم العلم. وأن يمتلك من الكفايات ما ينمّي عنده مهارات التفكير في حلّ المشكلات واتخاذ القرارات السليمة والصائبة في وقتها. وأن يوفّر بيئة صفّيّة مناسبة للتّعلم من خلال توظيف تقنيّة المعلومات بما يتوافق مع متطلّبات العصر الحديث، ليكون باحثًا في السّبل والوسائل التي تربط المدرسة بالمجتمع، وإعداد مواطن صالح بالمحافظة على الثقافة والبيئة والتراث والمستجدات بإيجابية ووفقُا لمتطلّبات العصر. وما يتعلّق بترسيخ حب الوطن والانتماء إليه، وأخيرًا أن يكون قدوة ومثالًا يُحتذى به في أقواله وأفعاله وسلوكيّاته.
بقي أن نُشير إلى دور الجامعات والكلّيات في إعداد المعلّمين ومن حقّنا أن نسأل أين موقعيّة الجهة التي تشرف على إعداد المعلّمين وتثقيفهم، وأين دور الإذاعة والتلفاز ودور مسؤولي التربية والتعليم، وأين الجدّيّة في التنفيذ التي هي أبعد من التصريحات للتّحول البناء ورفع النواقص والتخطيط والمتابعة والاستمرار؟
أين هي الآليّات التنفيذيّة المناسبة لإعداد المعلّم؟ ومتابعة الإجراءات؟
أين هي الإدارة الإلكترونية ودورها في تنمية رأس المال البشري، أين دور المعلمين والمعلمات؟
أين العمل لكيلا تبقى النظريّات حبراً على ورق؟
يعد اتجاه المعلم القائم على الكفايات من أبرز الاتجاهات السائدة في برامج إعداد المعلمين قبل وأثناء الخدمة، وهو اتجاه يعكس أهدافًا تربويّة محدّدة من خلال عاملين هما: الالتزام بتحقيق الأهداف، والتأكيد على ملائمة البرامج لحاجات المتعلّمين، (حسن وعاشور 2002)، إذ يقوم مدخل التدريب القائم على الكفاية على مسلّمة رئيسة مؤداها أنّ العملية التعليميّة يمكن تحليلها إلى مجموعة من المهارات فإذا أمكن استخلاصها وتدريب عضو هيئة التدريس عليها، فإنّ ذلك ضمن إعداد معلّم على مستوى عال من الكفاءة (إبراهيم 2004).
وانطلاقا ممّا تقدّم يمكن القول: إن رأس المال البشري يُعد من العناصر البشرية المهمّة التي تسهم في صناعة التغيير، والتقدم لأنّه الوسيلة لكي تحقق التربية أهدافها.وهذا يقودنا إلى أنَّ التعلّم بالمعلوماتية والتقنيّة سمة العصر وأهم متطلّبات القرن الحادي والعشرين.
- التعلّم بالمعلوماتيّة والتقنيّة (التعلّم الإلكتروني)
فالتّعلم الإلكتروني يُعد وسيلة من الوسائل التي تقوم بدعم العمليّة التعليميّة، وتحويلها من طريقة التلقين إلى طريقة الإبداع والتطور والتفاعل، وتنمية المهارات لدى الطلاب إذ يكون الطالب هو محور العمليّة ودور المعلم دور الموجه والمرشد والمشرف. وهذا التّعلم أصبح من الاتجاهات التي نالت اهتمام التربويين جميعهم، لكونها قادرة على تغيير أدوار المعلّمين ومهامهم التدريسيّة. لأنّ التعلّم بالمعلوماتية والتقنيّة يُضيف بيئة جديدة للتعلم، من خلال استرجاع المعلومات التي خُزِنت، واكتساب مهارات جديدة وقدرة على التعلم والفهم والاستيعاب والتحليل والتفكير السليم. ولهذا فقد تنادت المؤسّسات التعليميّة لإعداد المعلّم إعدادًا ملائمًا لمتطلّبات العصر على أساس الكفايات والأدوار ورُكِز على تنمية جوانب التعلّم الثلاث (المعرفيّة، المهاراتية والوجدانيّة) وإعداد معلّم متخصّص. ولكي يتواكب التعليم مع المعلوماتية والتقنية، فمن الضروري تطوير كفايات المعلم على استخدام التكنولوجيا وأدواتها وتدريبه عليها في عملية التعلم ليصل إلى مستوى عال ومناسب من الكفايات الضرورية لاستخدامها والاستفادة منها. ويؤدي المنهج المعتمد دورًا مهمًا في بلوغ الأهداف التعليميّة، والتربويّة من خلال تزويد المتعلّمين بالمعلومات المناسبة لفهم البيئة والمحيط، وتنمي اتجاهاتهم العلميّة وتُكسبهم من المهارات ما يلزم لاستخدام المنجزات العلميّة في سبيل تطوير المجتمع، وتمكنهم من المشاركة في بناء المجتمع المتطور والسير في ركب الحضارة والتطوّر المعلوماتي والتقني الذي يشهده القرن الحادي والعشرون، وبقراءة متأنية للوضع الحالي لعملية التعليم يتبيّن أن معظم المعلمين ما زالوا يهتمون بتقديم كم كبير من المعلومات المعرفيّة، ويدرّبون الطلاب على حفظها وعلى حل بعض مسائلها العلميّة، في ما ينصب اهتمام الطلاب على حفظ معظمها وهمهم النجاح في آخر العام. وفي الامتحانات الرّسميّة لنيل الشّهادة. وفي عصر المعلوماتية والتقنيّة أصبح لزامًا على المعلم أن يكون على دراية بمفهوم التّعليم الإلكتروني بوعي، وبصيرة وأن يمتلك الكفايات اللازمة في مهارة التعليم التي تعد من الاتجاهات المهمّة في برامج إعداد المعلم ليقوم بدوره بكل كفاءة وفعاليّة واقتدار، بما يتناسب مع متطلّبات العصر وتحوّلاته، من أجل إعداد جيل قادر على التعلم الذاتي وعلى اتخاذ القرارات المناسبة، والمواقف الجريئة حيال العديد من القضايا الاجتماعيّة والثقافيّة. وأصبح دور المعلم في عصر المعلوماتية والتقنيّة؛ يختلف عن دوره في العصور السّابقة. ومن خلال ما سبق عرضه، يتّضح أن هناك إجماع على أهميّة استخدام التعلم الإلكتروني، لتطوير كفايات المعلم في تحقيق الأهداف العامّة في عمليّة التعليم، والتي تتعلّق بالتحصيل والدافعيّة والتعلّم الذاتي ومهارات التفكير والبحث والاستقصاء، لأنّ وصول المجتمع إلى الشّموخ والرفاه…والتقدّم العلمي منوط بالتربية والتّعليم الصحيحين، وجزء كبير من هذا الواجب يقع على عواتق المعلمين. وهذا يعني أن دور المعلم بشكل عام يجب أن يتحوّل في ظل المعلوماتية والتقنيّة من الملقّن للنظريات، والحقائق والمسلّمات والقوانين وما إلى ذلك من شرح وتحليل، إلى دور المخطط للمواقف التعليمية باستخدام التعلّم النشط وكفاياته المهارية والوجدانيّة والتصميم والتطوير والتفاعل.
الفصل الثاني: الدّراسة الميدانيّة التطبيقيّة
بعد استعراض الإطار النّظري للدراسة، ستُعرض الدّراسة الميدانية التطبيقية في هذا الفصل، الذي قُسم إلى ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأول أداة الدّراسة والأدوات الإحصائيّة التي استخدمت، وفي المبحث الثاني عرضت إحصاءات الدّراسة ونتائجها. أمّا المبحث الثالث فقد عرض تحليل الفرضيات واختبارها. ختم هذا الفصل بخاتمة تضمنت النتائج والتوصيات المهمّة التي توصلنا إليها.
أولًا: أداة الدّراسة
في الإطار الميداني كان الاعتماد على استمارة الاستبانة، لأنها تعد مصدرًا مهما للحصول على ما يلزم من بيانات لإجراء الدّراسة، وقد جرى تصميمها وفقًا لما يخدم أهداف البحث وتساؤلاته. وقد بلغ العدد الإجمالي للاستمارات 95 استمارة واسترد منها تسعون استمارة جميعها صالحة للدراسة. احتوت الاستبانة على مقدمة مختصرة تشرح للمبحوثين الهدف الذي ترجوه منها، وقد صيغت الاستبانة بعبارات سهلة واضحة مما يسهل عملية الإجابة على عباراتها. وللحصول على إجابات صحيحة أو قريبة منها تعهّدت للمبحوثين على أن الإجابات، والآراء ستكون لها صفة السّرية التّامة ولن تستخدم إلا لغرض علميّ فقط. ثم اشتملت الاستبانة بعد ذلك على البيانات الديمغرافية، وبعدها إلى محاور الاستبيان. ويمكن وصف الاستبانة كما يلي:
القسم الأول: البيانات الديمغرافيّة
ثانيًّا: عينة الدّراسة
اختارت الدّراسة العينةَ من موظفي ثانوية رمال رمال الرسمية والبالغ عددها الإجمالي 95 مبحوثًا.
- الجنس: ذكر أو أنثى
- التحصيل العلمي: إجازة جامعية، ماجستير، دكتوراه، غير ذلك.
وكانت الإجابات كما يلي:
إجازة جامعية | 68 |
ماجستير | 7 |
دكتوراة | 4 |
غير ذلك | 16 |
ثالثًا: سنوات الخبرة:
من سنة إلى خمس سنوات | 15 |
من 5 سنوات إلى 10 سنوات | 39 |
أكثر من 10 سنوات | 41 |
القسم الثاني يتضمن محاور الدّراسة حول تطوير كفايات المعلم في ضوء عصر المعلوماتيّة والتقنيّة.
ولتحقيق الهدف من هذه الدّراسة أعددنا استبانة تكونت من أربعة محاور:
- المحور الأول: تناول بُعد كفايات التخطيط.
- المحور الثاني: تناول بُعد تطبيق وتنفيذ كفايات المعلّم.
- المحور الثالث: تناول كفايات التقويم.
- المحور الرابع: تناول استخدام المعلوماتيّة والتقنيّة. وقيد صيغت اختيارات الإجابة على أسئلة الاستبيان باستخدام مقياس ليكرت الخامسي، وكانت الإجابة وفقا لما يلي: موافق بشدة، موافق، محايد، غير موافق، غير موافق بشدة.
ولاختبار إمكانية الاعتماد على البيانات ومدى اتساق المقياس المستخدم وثباته، فقد استخدمت معامل ارتباط كرونباخ ألفا Cronback – Alpha لأنّ هذه المعامل هي أسلوب إحصائي يبين مدى الاتساق والثّبات والترابط بين متغيرات الدّراسة، والتي يستدل من خلالها على إمكانية الاعتماد على نتائج التحليل الإحصائي. وبعد ذلك كان تحليل المعلومات باستخدام البرنامج الإحصائي SPSS.
- رابعًا: صدق وثبات أداة الدّراسة
عرضت الاستبانة على الهيئة الإداريّة والإشراف التربوي وأصحاب الاختصاص للتأكد من درجة الصدق، والتعرف على آرائهم، ومدى مناسبة ما طرح من محاور وقد عُدل ما يلزم خرجت أداة الدّراسة بهذه الصورة والتي طُبقت بهذا الشكل. وقد تناولت الأسئلة بعد كفايات التخطيط وتطبيق كفايات المعلم، وكفايات التقويم وكفايات استخدام المعلوماتية والتّقنيّة، ودور إدارة الثانوية في تأمين ما يلزم من استخدام المعلوماتيّة، والتقنية لتطوير كفايات المعلم وتحسين أدائه فضلًا عن دور الثانوية في تأمين متطلبات تنمية رأس المال البشري وفًقا لمتطلبات القرن الحادي والعشرين. وتمحورت أسئلة الدّراسة حول درجة موافقة العيّنة على ممارسة إدارة الثانوية في تطوير كفايات المعلم، وفقًا للأسئلة المذكورة في الاستبانة، ووفق مقياس ليكرت الخماسي، وكانت الإجابة موافق بشدة تساوي خمس درجات، موافق أربع درجات، محايد ثلاث درجات، غير موافق درجتان، غير موافق بشدة درجة واحدة. وتناولت الأسئلة؛ بعد كفاية التخطيط، وبعد تطبيق وتنفيذ كفايات المعلم، وبعد كفايات التقويم وبعد كفايات استخدام المعلوماتية والتقنية، وتضمنت الأسئلة دور إدارة الثانوية والطرق التي من شأنها أن تطور كفايات المعلم، إلى ما هنالك من أسئلة عن كفايات التقويم والتغذية الراجعة بعد التقويم. في ما يتعلق بالبعد الأول، كفاية التخطيط تبين أن 75% من عينة المبحوثين توافق على أن للتخطيط دورًا فاعلًا في تطوير كفايات المعلم، وفي ذلك إشارة إلى أهّمية التخطيط ودوره الفعّال في هذا المجال، وهو يتطلب إمكانيات معرفية كبيرة، ومستوى عال من التحليل والابتكار والاختيار، لذلك فإنّ عملية التخطيط لتطوير كفايات المعلم في ضوء متطلبات القرن الحادي والعشرين تفرضها التطورات المعلوماتية والتقنية، والتخطيط التربوي الذي يُعد ركنًا أساسيًا ومهمًا من أركان التربية.
في البعد الثاني: تطبيق وتنفيذ كفايات المعلم.
تبين أن 73% توافق بشدة على أهمية دور التطبيق والتنفيذ. وهذا يدل على ضرورة تطبيق النظريات التي تتعلق بتطوير كفايات المعلم وفقًا للحاجة، وهذا يدعم التوجه الذي يعدُّ أن المعلم الذي لديه معرفة أكثر وضوحًا وتنظيمًا بمتطلبات مهنة التعليم يتميز بترابط المعارف، ووضوحها وما هو مطلوب منه وما ينقصه من مهارات لازمة لتطوير كفايات العلمية.
البعد الثالث: كفايات التقويم
في هذا البعد فإنّ غالبية العينة، أيّ 72% وافقت بشدة على كفايات التقويم، ما يدل على أن كفايات تقويم أداء المعلم ترتبط أصلًا بإعداده، إذ يصبح ما يقوم به المعلم من إنجازات معيار للحكم عليه، وذلك من خلال عملية التقويم الذاتي، والكشف عن مدى توفر الأداء الجيّد من خلال تطوير الكفايات والمهارات لديه ويقوم بتعزيز الجوانب الإيجابية وتعديل الجوانب السلبية.
البعد الرابع: كفايات استخدام المعلوماتيّة والتقنيّة.
في هذا البعد تبيّن أن 76% قد وافقوا بشدة على أهمية استخدام الأنترنت في عمليات البحث لمواكبة مستحدثات البرامج والاطلاع على كل جديد، لأنّ هذه البرامج تساعد في إعداد الدروس وتساعد الطلاب على استخدام مصادر التعلم الإلكتروني. كما تبيّن أيضًا أن يكون لدى المعلّم القدرة على توظيف التعلّم عن بُعد وما يتطلب من قدرة على استخدام الأجهزة الحديثة والتعامل مع مهارات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين.
الخاتمة
في ختام هذا البحث تجدر الإشارة إلى أن مصطلح الكفايات أصبح من المصطلحات الشائعة في معظم مجالات التربية والتّعليم، بعدما تعددت أنواع المجالات وكفاياتها، من قبيل الكفايات الفنية والكفايات التدريسيّة والكفايات الإداريّة إلى ما هناك من كفايات تتعلق بإعداد المعلم، إذ زاد الاهتمام بالبرامج التي تقوم بإعداد المعلمين، وبدأ استخدامها على نطاق واسع، فالمؤسسات التّعليميّة المسؤولة عن إعداد المعلم وتطوير أدائه باتت معيارًا ومقياسًا للجودة، من خلال ترابط المعارف ووضوحها ومعرفة ما هو مطلوب لتطوير الكفايات عند المعلمين، وما ينقصهم من المهارات اللازمة لتطوير ممارساتهم العملية. وهذا يتطلب أن يكون المعلم متمكنًا من المهارات والكفايات حتى يستطيع إيصالها بالطريقة الصحيحة، والمناسبة إلى المتعلمين عبر برامج المؤسّسة وسياستها من ضمن مجموعة مهارات وكفايات، منها:
- الكفايات الأساسية لتشغيل الحاسوب.
- كفايات استخدام الشبكة العالمية أنترنت.
- كفايات توظيف المعلوماتية والتقنية في عملية التعليم.
وعلى المعلّم أن يعزّز استخدام البريد الإلكتروني والتواصل بين المعلّمين والطّلاب، وبين أولياء الأمور من خلال قنوات الإدارة. وقد اهتمت إدارة الثانوية بتطوير الكفايات التي تتعلق بمجال التنفيذ، لأن نجاح التدريس يعتمد بشكل أساسي على حسن التنفيذ، وهذا يأتي من خلال ما يمتلكه المعلّم من كفايات تعليميّة يجيد استخدامها في تنوع أساليب التدريس وفقًا للأهداف التربوية والتعليميّة، وما تتطلبه من طرائق تدريسيّة في تعليم المهارات التي تعطي أكبر قدر ممكن من النتائج، من خلال توجيه الطلاب إلى النشاطات، واشتراكهم عمليًّا في التّدريس ومتابعة تحصيلهم وتقديمهم لتدعيم نقاط القوة ومعالجة نقاط الضّعف.
الاستنتاجات
بعد استعراض الإطار النّظري للدراسة، وما تضمنه من نظريات تتعلق بتطور كفايات المعلّم، وبعد إجراء الدّراسة الميدانيّة والتطبيقيّة توصل البحث إلى عدد من الاستنتاجات منها الآتي:
- ضرورة إعداد المعلّم على التعلّم الإلكتروني واستخدامه في عملية التعليم، وهذا يدعو إلى إعادة النظر في الأوضاع الحالية لبناء رأس مال بشري، وتحديد أدائه لمهارات استخدام الكفايات.
- يمكن الاستفادة من نتائج هذه الدّراسة في تطوير برامج إعداد المعلّمين، وإفادة صانعي القرارات في تدريب المعلّم على كفايات التعليم الإلكتروني.
- يحتاج تطوير كفايات المعلم إلى ضرورة امتلاك أربعة مجالات رئيسة هي: مجال التخطيط، مجال التنفيذ والتطبيق، مجال التقويم، ومجال استخدام المعلوماتية والتقنية.
- بعد تحليل النتائج تبيّن أهمية توافر كفايات أساسية يحتاج إليها المعلم للقيام بمهامه على أكمل وجه.
- تشير النتائج إلى أهمّية مهارات التخطيط والتنفيذ، والتقويم على أساس أنّ المعلم قائد وموجه ومرشد في العملية التعليمية والتربوية.
- ضرورة التدريب على امتلاك كفايات توظيف المكتسبات، وزيادة المخزون اللغوي عند المعلمين.
- ضرورة الاهتمام بالتغذية الراجعة ومساعدة المتعلمين على استخدام المعلوماتية والتقنية.
- تحديث الأجهزة وتطوير البرامج بما يتوافق مع مهارات القرن الحادي والعشرين.
التوصيات والاقتراحات
بناء على ما تقدم خرج البحث بعدد من التوصيات والاقتراحات ومنها:
- ضرورة تدريب المعلمين على كفايات التعليم الإلكتروني والتقنيات الحديثة والحث على تطبيقها، وما يفرضه القرن الحادي والعشرين في عصر المعلوماتية والتقنية.
- ضرورة وضع معايير خاصة في تنمية رأس المال البشري وفقًا لمتطلبات العصر، على أن يلتزم بها جميع المعلمين ومهما كانت تخصصاتهم.
- تزويد المعلمين بالكفايات الإلكترونية والمهارات المهمّة التي يجب أن يتقنها الجميع لمواكبة عصر المعلوماتية والتقنية.
- التزام جميع المعلمين بضرورة تطبيق كفايات التعليم الإلكتروني المتطورة، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
- إعادة النظر في برامج إعداد المعلمين إعداد المعلمين وتطويرها، وتحديثها في ضوء كفايات التعلم في عصر المعلوماتية والتقنية.
- إعداد برامج تدريبية في ضوء كفايات التعلم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا.
- بناء مقاييس متطورة لتقويم أداء المعلمين في ضوء الكفايات الآنفة الذكرة.
- وضع رؤية واضحة لاكتساب المعلم الكفايات الضرورية واللازمة في معايير الجودة في التعليم وفقا لمتطلبات القرن الحادي والعشرين.
المصادر والمراجع
- إبراهيم، مجدي عزيز. (2004). تطوير منظومة إعداد المعلم المعاصر في عصر المعلومات لماذا وكيف؟ المؤتمر اللمي السابع، تطوير كليات التربية، فلسفته، أهدافه، مراحله، كلية التربية: جامعة الميناء.
- بوز، كهلا. (2005). طرائق تدريس التربية، الجزء الثالث، منشورات جامعة دمشق: دمشق.
- التومي، خالد منصور. (2005). ثقافة التدريب والتأهيل بين الطرق والأساليب، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة: الجزائر.
- الحارثي، عبد الله. (1993). فاعلية المشرف التربوي في تطوير كفايات معلمي المواد الاجتماعية بالمرحلة المتوسطة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة أم القرى: مكة المكرمة.
- حسن، محمود محمد، وعاشور خالد خميس. (2002). الخبرات العلمية والميدانية في برامج إعداد المعلم في ضوء مفهوم الأداء، المؤتمر العلمي الرابع عشر، الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس دار الضيافة: جامعة عين شمس.
- الدريج، محمد.(2003).الكفايات في التعليم، منشورات رمسيس، سلسلة المعرفة للجميع العدد 16: الرباط.
- الزعانيين، جمال عبد ربه علي. (2001). النمو المهني الذاتي لأساتذة الجامعات الفلسطينية في محافظة غزة، المجلد 9، العدد 2: فلسطين، قطاع غزة.
- راشد، علي. (2005). كفايات الأداء التدريسي (ط.1)، دار الفكر: القاهرة.
- سالم، أحمد، سرايا، عاد. (2003). منظومة تكنولوجيا التعليم (ط.1)، مكتبة الرشيد: الرياض.
- السيد، يسري مصطفى. تنمية الكفاية المهنية للمعلمات في كيفية إعداد الخطط العلاجية، جامعة الإمارات العربية المتحدة، كلية التربية، مركز الأنساب الموجه: بأبو ظبي، موقع إلكتروني.
- عبد اللطيف، خيري.(1988). خصائص المعلّم المهني وكفاياته، دائرة التربية والتعليم، أونروا/ يونيسكو، عمّان: الأردن.
12- قنديل، يس عبد الملك. (1983). التّدريس وإعداد المعلم (ط.3)، دار الفرقان للنشر والتوزيع: الأردن.
13- كنعان، أحمد. (2001). التربية العمليّة (دليل المشرف والطالب)، منشورات جامعة دمشق: دمشق.
14- محافظة، سامح. (2009). معلم المستقبل: خصائصه، مهاراته، كفاياته، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الثاني، المنعقد في كلية التربية: جامعة دمشق.
15- مرعي توفيق.(1983). الكفايات التعليميّة في ضوء النظم الحديثة (ط.1)، دار الفرقان للنشر والتوزيع: الأردن.
16- مفلح، غازي. (1998). الكفايات التعليمية التي يحتاجها معلمو المرحلة الابتدائية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية: دمشق.
17- ناصر يونس. (1995). تدريب المعلّم. منشورات جامعة دمشق: دمشق.
-[1] ماستر إدارة تربويّة من الجامعة اليسوعيّة كفاءة في اللغة الفرنسيّة وآدابها Niam.jouny@hotmail.com.