الرَّوابطُ الحِجاجيّة في سورةِ القلم (دراسةٌ في التّداوليّة المُدمَجَةِ)
د. م. رحيم مجيد راضي([1])
مُلخصُ البحث
طرح جاك موشلر الإشكاليّة الآتية: هل التّداوليّة تتعلق بدراسة اللغة أو تتعلق بدراسة الكلام فهذه الإشكاليّة أخذت رأيين، الأول: عدَّتْ التّداوليّة نظرية في الكلام وهذا التقليد الذي عمل عليه (غرايس)، والثاني: وهو النّموذج الذي نحن بصدد معرفته والتركيز عليه، عَدَّ التّداوليّة نظرية في اللغة وذلك التقليد الذي بدأه اللغوي الفرنسي (بنفنسيت) وواصله ديكرو، فالتّداوليّة في هذا النّموذج لا تهتم بدراسة الكلام، بل تهتم بدراسة اللغة فالجوانب التّداوليّة مدمجة في الدّلالة: أيّ إنَّ موضوع التّداوليّة المدمجة ارتبط بمعالجة الجوانب الانجازيّة للدّلالة على مستوى المقام، ويتحدد الجانب الاجرائي للتّداوليّة المدمجة في معالجة جملة من المسائل المتعلقة باستعمال اللغة التي تتأسّس على الحِجاج، ونظريّتها بالحِجاج تهدف من خلالها الاهتمام بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغة الطبيعية التي يتوفر عليها المُتكلِّم ،وذلك بتوجه حجاجه وجه ما تمكنه من تحقيق بعض الاهداف الحِجاجيّة، وتريد هذه النّظريّة أن تبينَ أنَّ اللغة تحمل بصفة ذاتية وجوهرية وظيفة حجاجيّة، وتصور لا وصفي للغة، وإنَّ الأقوال لا تُبلِّغُ حالات الأشياء في الكون، بل تبلغ أعمالًا لغوية، تركز على الإحالة الذاتيّة أيّ نفهم قول ما هو أن نفهم دواعي إلقائه فيكون وصف معنى قول ما وصف لنمط العمل الذي من المفروض أن ينجزه القول.
Research Summary
Jacques Mochler raised the following problematic Is pragmatics related to the study of language or related to the study of speech? This problematic adopts two opinions, the first considered pragmatics as a theory of speech and this is the tradition that Grace worked on, and the second is the model that we are about to know and focus on. Pragmatics is a theory of language and that tradition started by the French linguist (Benveniste) and continued by Ducrot. pragmatics in this model is not concerned with the study of speech, but rather is concerned with the study of language in aspects The pragmatic aspects are integrated into the semantics that is the subject of integrated pragmatics is linked to the treatment of the performance aspects of semantics at the level of the place, and the procedural aspect of the integrated pragmatics is determined in dealing with a number of issues related to the use of the language that is based on the arguments and its theory of argument aims through which to pay attention to the linguistic means and the capabilities of the natural language that is available The speaker must direct his arguments in a manner that would enable him to achieve some of the argumentative goals.
And this theory wants to show that language carries a subjective and essential function of argumentation, and a non-descriptive conception of language, and that sayings do not communicate the states of things in the universe, but rather convey linguistic actions that focus on self-referral. What is a description of the type of work that the saying is supposed.
المقدمة
يُعدُّ الحِجاج مبحثًا خاصًا في الدّراسات المعاصرة، يهتم بدراسة الفعاليّة الخطابيّة التي تستهدف الإفهام والإقناع، وتقوم هذه الفعاليّة على تنامي مجموعة من المعطيات؛ اللغوية التي تؤثِّر في المتلقي بما يمكِّنه من الاقتناع بالطرح المقدم، وبهذا التوصيف فالحِجاج بناء، لكن ليس كأيِّ بناءٍ؛ إنَّه بناء خاص يتعالق فيه قصدان؛ قصد الادِّعاء الذي يختص به المتكلِّم (المحاجِج)، وقصد الاعتراض الذي هو من حقِّ المتلقي (المحاجَج)، وكل منهما يحاول التأكيد والبرهان على ادِّعائه وإبطال ادِّعاء الآخر ودحضه أو قبوله، فالمُتكلِّم أثناء العمليّة التّخاطبيّة ينقل تصوراته ومدركاته الموجودة في واقعه إلى المستمع، قاصدًا بذلك التبليغ أو الإخبار أو التأثير في هذا المستمع، من مميزات الخطاب الحِجاجي: التأثير والإقناع، وهو ركيزة النّصوص الموجهة المتضمنة للقصديّة والنقاش والجدل، ومن ذلك النص القرآني.
إذ نجد إنَّ الحِجاج اقترن بالخطابة أو ببلاغة الخطاب الإقناعي – منذ القديم – تحديدًا عند اليونان، التي كانت تُعَدٌّ – عندهم – وسيلة من وسائل استرداد الحقوق المسلوبة، ومن ثَمَّ نالت عناية خاصة لدى فلاسفتهم وفي مقدمهم أفلاطون وأرسطو، وإن أرسطو قام بتقنينها وضبطها ضمن كتابه الخطابة الذي يمثل لبنة الدرس الحِجاجي الغربي وأساسه؛ لأنّ آراءه امتدت إلى العصر الحديث، وهذا مانجده عند بيرلمان وديكرو من خلال نظريتهما “نظرية الحِجاج” و“الحِجاج في اللغة“، لقد أفاد هذا العالمان ممّا قدمه أرسطو (مؤسس الحِجاج) عند الغرب، فضلًا عن ما قدّماه من آراء جديدة تخص الحِجاج، وفكرة البحث تقوم على تأثيل هذه النظريات في التراث العربي وعلى رأس هذا التراث القرآن الكريم، وقد جاء البحث في مقدمة وثلاث مباحث درس المبحث الأول: التّداوليّة المدمجة النّظريّة والمفهوم، أمّا المبحث الثاني: فقد درس حجاجيّة القرآن الكريم، أمّا المبحث الثالث فقد جاء تطبيقًا لإظهار الروابط الحِجاجيّة والدور الذي تؤديه في اتساق وانسجام النص، ثم خاتمة وقائمة ببعض المصادر.
- التّداوليّة المدمجة النّظريّة والمفهوم
قامت هذه النّظريّة على نقد النظريات الخطية؛ إذ لا يرى أصحاب التّداوليّة المدمجة وجودًا لترتيب خطيّ بين التركيب والدّلالة والتّداوليّة، إنَّما يرون أنَّ التّداوليّة مدمجةٌ في الدّلالة؛ إذ إنَّ المعلوماتَ غيرُ اللغوية تتحد مع المعلومات اللغوية مع ترتيب محدد، فلا يتدخل مقام إلقاء القول إلا بعد أنْ تسندَ إلى الجملة دلالة تمثِّلُ حصيلة المكون اللغوي، فليس اللسان عندهم موضوعًا لغاية إيصال المعلومات، بل إنَّ النّظامَ اللغوي قد وضع لغاية التواصل مفترضين أنَّ معنى القول مرتبط بعمليّة قوله؛ لذلك تكون بنية اللسان مشيرة إلى عملية إلقاء القول، فهذه النّظريّة قائمة على افتراض أنَّ الجوانب التّداوليّة مسجلة في بنية اللغة؛ فهي تبحث في دلالات البنية اللغوية لاستخراج الأشكال اللغوية ذات القيمة التّداوليّة لضبط شروطها الاستعمالية.
وقد بيَّن (بنفينست) حقيقة العلاقات التي تربط بين البنية اللغويّة وعمليّة القول، ومن ناحية أخرى علاقة اللسان بالخطاب؛ إذ إن البنيّة اللغويّة هي التي تفرض إسناد مرجع إلى وحدة لغويّة عبر استعمالها في الخطاب، كما أنَّ دراسة اشتغال الأزمنة الفعليّة يطعن أيضًا في المقابلة بين نظام اللسان واستعماله، فلو كانت قرائن وسم الأزمنة النّحويّة تمثل نظامًا لأمكن ضبط نظاميتها من غير النّظر في المقاييس المتعلقة بإلقاء القول، فالتّداوليّة المدمجة موضوعها إذًا دلالةُ الجملة، وتشتق هذه الدّلالة من القواعد اللغوية فحسب انطلاقًا من التعليمات المرتبطة بمكونات الجملة، وهي القرائن القوليّة المشيرة أحيانًا إلى عملية إلقاء القول؛ لذلك يجب إكمال المكون اللغوي بمكون مهمته إسناد قيمة أيّ ثابت للمتغيرات التي تتضمنها دلالة الجملة(1).
وينطلق (ديكرو وأنسكومبر) من إيمانيهما بوجود تداوليّة مُدْمجَة في الدّلالة، أيّ ينطلقان من اللغة بمفهوم (سوسير)، ويفسَّران المظاهر الملائمة للملفوظات بوصفها نتائج لظواهر حجاجيّة داخلة في إطار بنية اللغة (2) ، ولنْ تصبحَ قوانين الخِطاب بهذا المُنطلق مبادئ تفسّر آثار المعنى المرتبطة باستعمال الملفوظات، ولكن مبادئ تفسّر الاختلاف بين الظواهر الحِجاجيّة الخاصة بالجمل في اللغة، ومجالاتها المرجعية في الخِطاب(3).
وتتمحور نظرية (ديكرو وأنسكومبر) على رفض الرأي القائل إنَّ هناك فصلًا بين الدّلالة والتّداوليّة، ذلك أنَّ “مجال البحث عندهما هو الجزء التّداولي المُدمَّج في الدّلالة، ويكون موضوع البحث هو بيان الدّلالة التّداوليّة (لا الخبريّة الوصفيّة) المُسَّجَلَة في أبنية اللغة وتوضيح شروط استعمالها الممكن”(4)، هذا يعني: أنَّ التّداوليّة المُدمجَة في الدّلالة لا تعنى بالبحث عن الجوانب التّداوليّة خارج إطار اللغة، وإنَّما تبحث عنها داخل بنية اللغة نفسها ومن ثَمَّ “فالموقف المبدئي من التّداوليّة المُدمجَة، هو أنَّ اللغة تحقق أعمالًا لغوية، وليست وصفًا لحالة الأشياء في الكون، وهذا يقتضي أنْ يكونَ معنى القول صورة عن عمليّة القول لا عن الكون، وبهذا يظهر لنا أنَّ كلا الباحثين قد عدَّا اللغة في حدِّ ذاتها هي الأساس في البحث عن الدّلالة التّداوليّة”(5).
ويذهب (ديكرو) إلى أنَّ المعنى لا يُستنبَط مباشرة من الدّلالة، ولكنَّه من معنى القول؛ لذا أضاف مُشكل الأعمال اللغويّة المشتقة، وبمصطلح (سيرل) الأفعال اللغويّة غير المباشرة، ويقول: ينبغي علينا ألّا نكتفيَ بمعرفة الجملة، بل ينبغي معرفة المقام الذي أُنجِزَتْ فيه الجملة، وما يفعله مَنْ يتلفظُ بها، أي إنَّ المعانيَ التي تُفهم من الملفوظات والأقوال إنَّما تعود أساسًا إلى عمليّة التلفظ نفسها(6)، مستفيدًا من التّعديل الذي وضعه (سيرل) الذي يفترض أن دلالة جملة عند قولها في مقام معين يوافق إنجازًا لعمل لغوي، وإن البحث الذي يناقشه (سيرل) يدور جلُّه حول فرضية واحدة، وهي أن التكلم بلسان ما هو تبنٍّ لشكل من أشكال السلوك القصدي الذي يسيّره نظام من القواعد(7).
والحِجاج اللغوي وليد (نظرية الحِجاج في اللغة) التي قدمها العالم الفرنسي ديكرو وزميله انسكومبر ، حيث ربطا الحِجاج بالوظيفة اللغويّة مع التّعميم هذا المفهوم على جميع أنماط اللغة وعلى هذا يصبح الحِجاج هو الوظيفة الأساسية للغة “التي يتوافر عليها المُتكلِّم وذلك بقصد توجيه خطابه وجهة ما تمكنه من تحقيق بعض الأهداف الحِجاجيّة ثم إنه ينطلق من الفكرة الشّائعة التي مؤداها أننا نتكلم عادة بقصد التأثير”(8) وقد قام ديكرو بدراسة اللغة بوصفها نسقًا حجاجيًّا على مستويين: الأول: المستوى الخارجي، وذلك كيف يمثل النّص في كليته حجة والثاني: المستوى الدّاخلي ، وذلك كيف تمثل(9).
والحِجاج اللغويّ يعتمد على الروابط اللغويّة في عمليّة الإقناع والمحاججة، ويُمَثِلُ هذا الاتجاه كلٌّ مِنْ (ديكرو وأنسكومبر)، وقد ركَّزا على منطق الكلام باستكشاف القواعد الدّاخليّة للخطاب التي تتحكم في ترابط النَّص وتسلسله واتساقه وانسجامه(10)، فيعرفان الحِجاج: إنَّ المُتكلِّم إذ يحاجج إنَّما يقدّم قولًا أولًا (ق1) أو مجموعة أقوال تقود إلى الإذعان والتسليم بقول آخر (ق2) أو مجموعة أقوال”(11)، معنى ذلك أنَّ الحِجاج يتضمن إنجازًا لعملين: الأول يتعلق بما يقدمه القول من حجج، والثاني ما يحيل عليه هذا القول من استنتاج سواء أكانت النتيجة مصرح بها أو مفهومة من (ق1)(12).
وهذا يعني أنَّ الحِجاج مرتبطٌ بالاستنتاج الذي ينشأ داخل اللغة لا خارجها، وتنصرف دراسة الحِجاج في نطاق هذا التّوجه اللساني إلى البنية اللسانيّة للملفوظات الحِجاجيّة، ومُختلف الآليات التي تتيحُ إمكان قيام الحِجاج داخل اللغة؛ ذلك أنَّ الوظيفة الحِجاجيّة للخطاب تبرز في البنية التركيبيّة ذاتها، أيْ: إنَّ الحِجاج مُؤَصَّلٌ لغويًا قبل أنْ يكونَ مَظْهرًا من مظاهر التداول الحِجاجي(13)، إنَّ هذا التّوجه يجعل تقنية الحِجاج ليس وصفًا خارجًا عن اللغة أو مضافًا إليها، ولكنَّها أساس فيها، ويسري فيها سريانًا طبيعيًا، أي إنَّ اللغةَ كلَّها حجاجٌ كما يقول (ديكرو).
والحِجاج طريقة في الاستشهاد، والتّمثيل تهدف إلى التأثير والإقناع، فهو “خطاب صريح، أو ضمني يستهدف الإقناع والإفهام معًا مهما كان مُتلقي هذا الخِطاب ومهما كانت الطريقة المتبعة في ذلك”(14)، والحِجاج فعل إنساني يهدف أساسًا إلى الإقناع، وفي وضعيّات التّواصل التي ترمي إلى جعل شخصٍ أو مجموع من الأشخاص تتبنى وجهة نظر معينة أو تقوم بسلوك معين، يكون الإقناع أكثر وجه من وجوه التواصل فيها أهمّيّة، وتتعدّد أساليب الإقناع، وتتنوّع بحسب تنوّع التّجربة الإنسانيّة التي تضفي على العمليّة التّواصليّة بعدًا حجاجيًا يعتمد استعمال العقل.
- حجاجيّة الخطاب القرآني
الحِجاج القرآني هو الحوار الذي يراد به الإبانة والإبلاغ والإقناع، وذلك باستخدام الدّلائل العقليّة، والعلميّة، واللغويّة، والفطريّة، والواقعيّة، والبينات القرآنيّة، والكونيّة في الأنفس والآفاق، إثباتًا لحقيقة الإسلام والإيمان بالله، ولقائه، ورسله، وجزائه، وقضايا الآخرة بعثًا، وحشرًا، ونشرًا، وعرضًا، وحسابًا، ومصيرًا.
وقد ورد لفظ (الحجة) وما إليه من مادّة، نحو عشرين مرّة في القرآن الكريم على نحو قوله عز وجل: ﴿لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ﴾ الشورى: 15. أما لفظ (البرهان) فجاء في آيات ثمانية، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً﴾ النساء: 174 وقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ البقرة: 11. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصيغة التعجيزيّة تكرّرت في ثلاث آيات أخريات ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ الأنبياء: 24 و﴿أَمَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ النمل: 64، و﴿وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ القصص: 75، وإذا كان الوجود الحقيقي للغة هو وجود حواري، فهذا يؤكّد المنطق الذي بنيت عليه لغة القرآن من حيث هي لغة وحجّة بالغة بحسب ما ذهب إليه دارسو الإعجاز القرآني، أو ما يمكن أنْ يندرجَ ضمن ما تسعى إليه سيميائيات التّواصل بدراسة أساليب التّواصل أي الوسائل المستعملة قصد التأثير، وهذا يعيدنا إلى الوظيفة الأساسية للُّغات(15)، “فاللّغة ليست أداة أو وسيلة للتخاطب والتفاهم والتواصل فحسب، وإنّما اللُّغة وسيلتنا للتأثير في العالم وتغيير السُّلوك الإنساني من خلال مواقف”(16). هذاما جاءت به نظرية الفعل الكلامي.
إنَّ القرآن خطاب، وكونه خطابًا يقتضي أنّه إقناع وتأثير؛ لأنّ الخطاب كما هو عند (بنفنيست) “كلُّ قولٍ يفترض مُتكلمًا وسامعًا مع توافر مقصد التأثير بوجه من الوجوه في هذا السامع”(17)، وقد قدّم الخطاب القرآني نفسه على أنَّه تغيير لوضع، وحل لمعضلة ونبذ للعنف واستجابة لسؤال المتلقي، وكلُّ هذه الوجوه ذات علاقة بالحِجاج، فهو خطاب إصلاح يرمي إلى تغيير، ووضع ذهني قائم يترتب عليه ضرورة تغيير وضع مادي؛ فالخطاب القرآني هو خطاب إقناعي يهدف إلى التأثير على اعتقادات ومواقف وسلوك المخاطبين.
وأثار الخطاب القرآني في أساليبه الرّساليّة أكثر من طريقة من أجل الإقناع والوصول إلى عقل المُخاطَب وشعوره في ما يفكر في قضايا العقيدة والحياة، ليصنع بالفكرة الحقّ والطريق المستقيم الذي يوصل الإنسان إلى الله دونما إرباك لعقله أو وجدانه.
لقد نطق الخطاب القرآني بأنواع الخطاب جميعها وتوسل بألوان من الحجج والبراهين، بعضها يوافق طبيعة الذّهن العربي بوضوح مقدماته ونتائجه، وبعضها جاء على ما عرف بعد عند المُتكلِّمين من اعتماد المحاجة المستندة إلى الأدلة الدّقيقة المعقدة، أي اعتماد حركيّة فكريّة يتجاوز فيها الفكر ذاته ليتعامل مع من يعارضه أو يناقضه، وفي سعيه لإرساء عملية حجاجيّة صحّية، حرص الخطاب القرآني على مراعاة(18)، “شروط التلقي ودرجات الاعتقاد ومدارك المتلقين وأوضاعهم الزّمنيّة والمكانيّة استجابة لدواعي الإقناع ومسلكيّات التّخاطب وأنماطه السّلوكيّة وبنياته البيانية وأسسه المنطقية وسلمية الاستدلالات العقلية وحركية الأفعال الحِجاجيّة”(19)، فهو في أكثر من موضع يؤكد على دور الحجة في الإقناع وبطرق مختلفة، أي بحسب قدرات الناس العقلية والعاطفية، فمنهم من يقنع بالفكرة عن طريق استهواء العاطفة، وإيقاظ الشّعور فيهتدي إلى المعرفة وإلى الحكم عن طريق تأمّل باطني في الحجج، ومنهم من لا يذعن لغير البرهان المباشر ويستخدم الاستدلال المنطقي كالقياس والتّمثيل والاستقراء، كما يذهب الزّركشي الذي اصطنع البرهان للتعريف بعلوم القرآن إلى أنّ القرآن قد اشتمل على أنواع البراهين جميعها والأدلة والحجج وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحديد شيء من كليات المعلومات العقليّة والسّمعيّة إلاَّ وكتاب الله قد نطق به(20).
وتأسيسًا على هذا، يصنف الخطاب القرآني ضمن الخطاب الحِجاجي لكونه جاء ردًا على خطابات تعتمد عقائد ومناهج فاسدة، فهو يطرح أمرًا أساسيًا يتمثّل في عقيدة التّوحيد، ويقدّم الحجج بمستويات متعدّدة والمدعّمة لهذا الأمر ضدّ ما يعتقده المتلقون من مشركين وملحدين ومنكرين للنبوّة والمعاد ومجادلين. ولعلّ في اختلاف مستويات التّلقّي هذه ما يؤكّد الصفة الحِجاجيّة للقرآن؛ لأنّها خاصيّة أساسيّة من خصائص الخطاب الإقناعي الذي يعرّفه الدّرس الحديث من الناحية الوظيفيّة إذ إنّه موجّه للتّأثير على آراء وسلوك المخاطب، وذلك يجعل أيّ قول مدعّم صالحًا أو مقبولًا بالعديد من الوسائل، ومن خلال الصّيغ اللّغوية المتعدّدة إذا حسبنا أنّ هذه الصيغ هي أفعال كلام تمارس وظيفة الإقناع من خلال قوّتها الكلامية التي تتجلّى بدورها من خلال طرائق منطقية في البناء والرّبط والعلاقات الاستدلالية التي يمثّل الحِجاج أبرز مظاهرها(21).
- الروابط الحِجاجيّة
ارتبط مفهوم الروابط في عدة دراسات بالمباحث النّحويّة والدّلاليّة من دون النّظر الى وظيفتها الحِجاجيّة والتّداوليّة، إذ عدّ بعض الدارسين إنَّ دورها لا يتجاوز الربط بين الجمل والقضايا، أمّا بعدها الحِجاجي فقد برز مع ديكرو في إطار صياغته للتّداوليّة المدمجة وهي النّظريّة التّداوليّة التي تشكل جزءًا من النّظريّة الدّلاليّة، تدور معاني الروابط في المعجم العربي حول التوثيق والتثبيت والشّد، أمّا في الاصطلاح فهي الرّبط بين وحدتين دلاليتين أو أكثر وخدمة الدور الحِجاجي للوحدات الدّلاليّة التي تربط بينها، بحيث تسمح بالرّبط بين المتغيرات الحِجاجيّة بين حجة ونتيجة لهدف إقناعي(22)، ولما كانت اللغة لها وظيفة حجاجيّة، وكانت التّسلسلات الخطابيّة فيها محدودة بواسطة بنية الأقوال اللغوية بتوظيف مؤشرات لغوية خاصة بالحِجاج توصف بالروابط الحِجاجيّة، ولذلك يعدُّ الحِجاج فعلًا لغوًيا مؤشرًا عليه بروابط وعبارات مهمتها الرئيسة توجيه الملفوظ وجهة حجاجيّة. ومن هذا المنطلق برزت اهتمامات ديكرو بالروابط الحِجاجيّة نظرًا لما تؤديه من دور كبير في انسجام الخطاب، وتقوم الروابط بدور مهم في عمليات فهم الخطاب، بل تسهم بصورة أساسية في توجيه العمليات التّأويليّة، ولا يمكن التأويل من دونها فالروابط إذا تتعلق بالطبيعة الاجرائية والخطابية ، وقد حددت وظيفتها في ثلاث وظائف(23):
1- ربط الوحدات اللسانيّة الكبرى أو الوحدات الخطابية.
- الكشف عن بنية الوحدات اللسانية وتناسقها (الكلمة، والنص).
- الكشف عن نتائج الملفوظ التي من دونها لا يمكن الظفر بأيّ معنى أو غاية من الملفوظ.
وبناءً عليه، تعمل الروابط على الربط بين قولين أوقضيتين أوحجتين بغية الوصول إلى نتيجة محددة ،وهنا نشير إلى أن الروابط متنوعة ومتعددة ، فقد تكون إما روابط حجاجيّة تربط بين الأقوال من خلال عناصر نحوية، من قبل: الواو، الفاء، ثُمَّ، أو مختلف حروف العطف، وإما روابط استنتاجيّة تلخيصيّة مثل: (إذن، هكذا، عليه)، أو روابط حجاجيّة مضادة نحو: (لكن، بل، رغم ذلك، غير أنه، لا سيما إذ، بما أن، إذا، مع ذلك)(24)، وسيقتصر الباحث على دراسة بعض الروابط (و، ف) (أم)، وكذلك الرابط (بل)؛ لأنّها أكثر الروابط ورودًا في سورة القلم، فضلًا عن إسهامها، وفاعليّتها الواضحة في إبراز الدلالة الحِجاجيّة للخطاب وجعلها أكثر تأثيرًا في إداء المعنى المقصود؛ إذ إنها “تمثّل الروابط التّداوليّة الحِجاجيّة في الخطاب، فتحقق الوظيفة الحِجاجيّة؛ لأنها تضمن تلاحم أجزاء الخطاب، وعناصره واتّصال بعضه ببعض”(25)، إذ إنَّ هذه الروابط لها القدرة على تسلسل القضايا، ومن هنا تنقل الروابط الحِجاجيّة الملفوظ من بنية الإخبار والإبلاغ إلى بنية الحِجاج التي هي من المرتكزات المهمّة التي تستند إليها الدّلالة التّداوليّة للحجاج في دراستها للغة، فالروابط الحِجاجيّة أدوات إجرائيّة تنفتح على سياقات مختلفة بفعل ما يوظف فيها من آليات لغوية متعدّدة، بغية إيضاح الدّلالة الحِجاجيّة التي يؤديها الرابط بكيفيّة سليمة، ولما كان الخطاب اللغوي المتسم بالإقناع يخضع في جوهرة إلى القواعد اللغوية يكون له القدرة على تقديم الدلالة الحِجاجيّة من خلال الروابط الحِجاجيّة المذكورة آنفًا التي سنبدأ بدراستها على الترتيب.
قبل البدأ في استعراض الراوابط الحِجاجيّة ينبغي التنبيه إلى أنَّ القسم الحِجاجي الذي يعد آلية من آليات الحِجاج عند (ديكرو وأنسكومبر) ويقصدان به اعتماد المُتكلِّم في مقام خطابي معين إلى وضع قولين (ق1، ق2) وعدِّهما حجتين تخدمان النتيجة نفسها، وبذلك فإنَّ القسم الحِجاجي يقوم على تضافر الحجج لخدمة استراتيجية واحدة(26)، وهذا الكلام نجده في قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ سورة القلم: 1-2، سنعتمد على تفسير الدكتور محمد شحرور في السبع المثاني ومفهوم القلم في هذا النَّص على أقل تقدير يقول: عن (ن) “هي جزء من نبوّة محمد أي جزء من القرآن وهي مقاطع صوتية وردت في فواتح السور… تمثل القاسم المشترك في الكلام الإنساني”(27)، ويقول عن مفهوم القلم: “تقوم المعرفة الإنسانية على مبدأ التقليم وهو تمييز الأشياء بعضها عن بعض ثم يتبعها التسطير وهو ضمّ الأشياء بعضها إلى بعض في نسق واحد وهو ما نسميه التصنيف”(28)، إذ يرى أنَّ معنى القلم هنا التّمييز؛ لأنّ الإنسان يقلّم الأشياء يميّزها والعام اليوم قائم التقليم أي التمييز (ن) معناها التصنيف؛ لأن الانسان بعد التمييز يقوم بالتصنيف، والتمييز مرحلة الحواس وهي المادة الخام للمعرفة ثم يأتي التصنيف والاثنان تقوم عليهما المعرفة, لذا قسم الله بهما وهما حجّتان لنتيجة واحدة هي أنَّ الرسول (محمد) ليس بمجنون ج1 ﴿مَا أَنْتَ﴾ ج2 ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ النتيجة قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ لأنّ المشركين اتهموا الرسول بالجنون في موضوع الدعوة وهو لديهم الصادق الأمين.
1-3-1- الرابط الحِجاجي (الواو)
تعدّ (الواو) في الحِجاج من أهم الروابط الحِجاجيّة لأنها تجمع بين دورين: الأول: هو الجمع بين الحجج ورصفها وربط المعاني، والثاني: هو تقوية هذه الحجج وزيادة تماسكها بعضها ببعض وتقويةُ كلّ منها بالأخرى من أجل تحقيق النتيجة المبتغاة، وينتج عن الربط بـ(الواو) علاقة التتابع التي تجعل المُخاطَب يلقي حججه بطريقة متسلسلة ومرتبة، فالربط الحِجاجي يسهم في بناء هيكلية مكونات الخطاب وضبط منهجه بربط المقدمات بالنتائج داخل الخطاب الواحد، ولنأخذ المثال الآتي: ﴿وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ القلم: 3 – 6، يُشير الرابط الحِجاجي (الواو) إلى وظيفة الجمع بين حجتين ويستعمل حجاجيًّا بوصفه رابطًا عاطفيًّا يعمل على ترتيب الحجج ووصل بعضها ببعض، بل يعمل على رصِّ الحجج وتماسكها وتقويتها فضلًا عن التدرجية وترتيب الحجج وعرضها.
ح1: وَمَا يَسْطُرُونَ الحجتان
ح2: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
فالرابط الحِجاجي هنا(الواو) الذي قام بوصل الحجج وترتيبها لتقوية النتيجة الصريحة “بأن الرسول ليس مجنونًا؛ لأنّ من معاني المفتون الجنون)، وينهض الرابط (الواو) على أساس مطلق الجمع، وتتكون البنية اللغوية من جمل أسميّة معطوف بعضها على بعض بحرف العطف، فقد وردت حجج متسقة غير منفصلة، بل مكثفة قائمة على أنَّ كلَّ حجةٍ تقوم بتقوية التي تليها من خلال هذا الرابط، ونجد هناك عدول من العطف بالوا إلى العطف بـ(الفاء) والعدول بـ(الفاء) لغرض حجاجي، وهي من الروابط الحِجاجيّة التي تفيد في ترتيب الحجج وربط النتائج بالمقدمات والرابط الحِجاجي (الفاء) الذي يؤمّن الانتقال بينهما، فهي بذلك تقوم بحصر المعنى وتحديد الفكرة، وهو ما يسمح بإقامة بنية حجاجيّة مركبة من علاقات حجاجيّة بين الحجج والنتائج تقوم أساسًا على التتابع، ولذا تعد هذه العلاقة الحِجاجيّة – التي تقوم على التتابع – من أقدر العلاقات التي تفيد في بناء النص، وتوالده، وانسجامه، فهي تقوم بالربط بين الأحداث ما يجعل الفعل الحِجاجي عند المتلقي مقنعًا، وتُسهم في توجيه سلوكه؛ لأنها ضرب مخصوص من العلاقات التتابعية يحرص فيه المحاجج على ربط الأحداث، والأفكار ربطًا سببيًا، فيتولد عن ذلك استدلال مباشر للنتيجة، وما يُميز هذا النوع من الترابط التتابعي عن غيره من الترابطات المنطقية الأخرى هو خاصية الترتيب الزمني، فهو الأساس فيه، ثم تأتي النتيجة في قوله تعالى: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، أي سوف تعلم يا محمد وسيعلم مخالفوك ومكذبوك، من المفتون الضال، وبعض المفسرين أوَّل الفتون بمعنى الجنون، وقد تساندت هذه الحجج مدعمة بعضها بعضًا في اتجاه حجاجي واحد لتحقيق نتيجة واحدة وهي ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ القلم: 6.
وهذا ينطبق على الآيات الآتية التي كان دور الرابط الحِجاجي (الواو) واضح في توجيه الحِجاج إلى النتيجة التي ذكرت ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ القلم:7، ﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ﴾ القلم: 10، وهكذا نجد الرابط الحِجاجي (الواو) في ترتيب الحجج من أجل نتيجة واحدة (إنَّك يا محمدُ على حقٍّ، وإنَّ ربَّك ناصرُك، وسوف يرون هذا النصر لك، وللدين الجديد بأعينهم).
1-3-2- الرابط الحِجاجي (الفاء)
يُعدُّ رابط (الفاء) من حروف العطف التي تضطلع بوظيفة حجاجيّة، إذ يربط بين النتيجة والحجة من أجل التعليل والتفسير، فهي أداة ربط علية واستنتاجيّة في الخطاب الحِجاجي، وتجمع بين قضيتين غير متباعدتين في الدّلالة على التقارب بين الأحداث، فضلًا عن الدّلالة على الترتيب والاتصال، وأكثر ورودها كون ما بعدها أو المعطوف بها مُتسببًا عما قبله. يقول ابن جني في معنى (الفاء): “وَمعنى الْفَاء التَّفَرُّق مع مُوَاصلَةٍ أي الثَّانِي يتبع الأول بِلَا مهلة تَقول قَامَ زيد فعمرو أَي: يَلِيهِ لم يتَأَخَّر عَنهُ”(29) ويقول ابن الخباز في إيضاح ما قاله ابن جني: “وهذا تفسير حسن فمعنى التفريق أنَّ كلَّ واحدِ من المعطوف والمعطوف عليه منفرد، ومعنى المواصلة أنَّ الثاني بعد الأول بلا مهلة ، فإذا قلت مررْتُ بزيدٍ فعمرو، فهذا يُسميه سيبويه مرورين، وإذا قلت مررت بزيدٍ وعمرو فهذا يُسميه مرورًا”(30)؛ لأنّ سيبويه يرى في الواو:”لأن يجوز أنْ تقولَ: مررْتُ بزيد وعمرو والمبدوء به في المرور عمرو، (ويجوز أنْ يكونَ زيدًا)، ويجوز أنْ يكونْ المرورُ وَقَعَ عليهما في حالةٍ واحدة”(31)، وهذا التفريق الدقيق في المعنى دليل آخر على علو كعب التراث في مس النظريات الحديثة مسًّا واضحًا، وإنَّ الرجوع إليه للتأصيل فيما يطرحه الفكر الغربي من نظريات.
بعد هذا العرض لنذهب إلى سورة القلم لنرى الرابط الحِجاجي (الفاء) ودوره في انسجام النص واتّساقه، قال تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ القلم: 9، فنلاحظ أن (الفاء) قد ربطت بين الحجة والنتيجة، ومعنى (لَوْ) تُلِينُ فالحجة التي نقلها ربُّ العزةِ عن المشركين عدم اللين من جانبك ولو كُنتَ لينًا فأن النتيجة يكونون ليّنين معك ج (وَدُّوا لَوْ) (وَدُّوا) (لَوْ) وهنا التفاتة رائعة استعمال الرابط الحِجاجي (لو) الذي من معانيه يُستعمل في الامتناع، أي: امتناع الجواب لامتناع الشرط، أي: عدم مداهنتهم للدين الجديد مرتبط بعدم مداهنتك لهم، وليس من مصدر قوة عقيدتهم كما هي لديك، وهنا قدم حجة لنتيجة يريدوها المشركون وهي المداهنة من الرسول، فمضمون الشرط حكاية عن المشركين، وجواب الشرط هو الحجة التي يقدمها الخالق لإبطال ما يزعمه المشركون، وإذ أدى المُخاطَب دوره في تحليل بنية (لو) فإنه يكون مجبرًا على قَبول عدم المداهنة وخصوصًا الامتناع في الفعل (وَدُّوا) بما أنه يدرك بالحس (انتفاء اللين) ويكون مجبرًا تبعًا لذلك على تبني وجهة نظر المُتكلِّم، وليس أمامه حينئذٍ إلاّ أنْ يُغيرَ اعتقاده فيتحقق عمل الحِجاج بوصفه عمل تأثير بالقول، فعملت (الفاء) على الترتيب والاتصال في إباحة المداهنة من قبل المشركين من دون مهلة.
1-3-3- الرابط الحِجاجي (بل)
وهو من الروابط التي وظيفتها سوق الحجج أو المدرجة للحجج المتعارضة أو المتعاندة وتكمن حجاجيته في أنَّ المُتكلِّم يرتب بها الحجج في السلم بما يمكن تسميته بالحجج المتعاكسة، وذلك بأنَّ بعضها منفي وبعضها مثبت؛ لأنَّ (بل) أساسًا حرف إضراب عند النحويين لنفي كلام وإثبات غيره، يقول الرَّماني في شأنها:”وهي من الحروف الهوامل ـ ومعناها الإضراب عن الأول والإجاب للثاني”(32) ، ومن معاني الإضراب الكفُّ والاعراض والعزوف عن الشيء، وحين اراد سيبويه أن يحدد معناها الوظيفي قال: “وأما بل فلترك شيءٍ من الكلام وأخذٍ في غيره”(33).
وتبدو ملفوظ (التَّرك) شديد القرب من كلمة الإضراب التي ذكرها سيبويه في كتابه عند الحديث عن (بل)(34)، وجعل جمهور النحاة المتأخرين المعنى الوظيفي لـ(بل) متوقفًا على ما يأتي بعدها(35)، وعليه فهي من أدوات الربط التي تستعمل للإبطال والحِجاج، ولهذا الرابط حالا : الأول: أنْ يقعَ بعده مفرد، والثاني: أنْ يقع بعده جملة فإذا وقع بعده مفرد دخله حالان: أ – أنْ تقدّمه أمر أو إيجاب نحو (اضربْ زيدًا بل عمرًا)، و(قام زيد بل عمرو) فإنه يجعل ما قبله كالمسكوت عنه ولا يحكم عليه بشيء ويثبت الحكم لما بعده. ب – إن تقدمه نفي أو نهي نحو (ما قام زيد بل عمرو) و(لا تضرب زيدًا بل عمرًا) فإنّه يكون لتقرير حكم الأول وجعل ضده لما بعده أيّ إثبات الثاني ونفي الأول، أمّا إذا وقع بعد (بل) جملة فيكون معنى الإضراب: أمّا الإبطال، وأمّا الانتقال من غرض الى غرض، وممّا تقدّم يتّضح أنَّ (بل) تعمل في المنحى الحِجاجي الذي يصفها بالاستدراك والتوكيد والقصر والإضراب والإبطال(36).
إنَّ التلفظَ بأقوال من نمط (أ) بل(ب) يستلزم (37) :1- أنَّ المُتكلِّم (أ) و(ب) بعدِّهما حجتين ، الحجة الأولى (أ) موجهة نحو نتيجة (ن) والحجة الثانية موجهة نحو نتيجة مضادة (لاــــــــن). 2- إـنَّ المُتكلِّم يقدم الحجة الثانية بعدِّها الحجة الاقوى ؛ لأنَّها توجه القول أو الخطاب برمته.
أ بل ب
|
وهذا يعني أنَّ (بل) تعمل تعارضًا حجاجيًا بين ما يتقدمها وما يتبعها وبهذا توجه القول بمجمله نحو النتيجة (لاــــــن)، كما في قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ القلم: ٢٦ – ،٢٧إنَّ الرابط الحِجاجي (بل) يقيم علاقة حجاجيّة مركبة من علاقتين، الحجة الأولى (أ) التي ترد قبل الرابط ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱠ والتي تتخذ نتيجة ضمنية (قد ضللنا الطريق، وليستْ جنّتنا لمّا رأوها محترقة) أمّا الحجة الثانية (ب) وهي التي ترد بعد الرابط الحِجاجي (بل) قوله تعالى: ﱡﭐﱻ ﱼ ﱽ ﱠ (أي حُرمنا ثمارها بفعلنا غير المرضي). نرى الحجة (ب) أقوى من الحجة(أ) النتيجة (لا-ن) أقوى.
أضلوا الطريق لم يضلوا الطريق
(ن) النتيجة الضمنية (لا-ن) عكس النتيجة (نتيجة ضمنية )
ج (ﱸ ﱹ) (ﱼ ﱽ)
بل
تدل الخطاطة الحِجاجيّة الموضحة التي قدمها أصحاب النظرية الحِجاجيّة للأداة (بل) إلى أنَّ التلفظ بأقوال من نمط (أ بل ب) يستلزم أمرين: 1 – إنَّ المُتكلِّم يقدم (أ) و(ب) بوصفيها حجتين، الحجة الأولى موجهة نحو نتيجة (ن) (قد ضللنا الطريق، وليستْ جنّتنا لمّا رأوها محترقة)، والحجة الثانية موجهة نحو النتيجة المضادة لها أي (لا – ن) (إنَّ الجنّةَ جنتهم وقد احترقت وتحولت الى رماد أسود نتيجة تفكيرهم الضال والمنكر للعمل الخير)، 2- إنَّ المُتكلِّم يقدم الحجة الثانية بوصفها الحجة الأقوى وبوصفها توجه القول أو الخطاب برمته، ومن هذه الخطاطة نجد أنَّ وظيفة (بل) ومثلها (لكنْ) الحِجاجيتين تعمل على قلب الفرضية بين ما يتقدم الرابط وما يتبعه فما يسبق الرابط (لكن) يتضمن حجة (أ) ظاهرة تخدم نتيجة ضمنية متوقعة (ن) وما بعد الرابط يتضمن حجة (ب) ظاهرة تخدم نتيجة ضمنية (مضادة) (لا – ن) للنتيجة السّابقة (ن) وهنا يكون دور الرابط الحِجاجي، (بل) في الربط بين قولين متنافيين من جانب وإعطاء الحجة الثانية التي تأتي بعده بالقوة اللازمة التي تجعلها أقوى من الحجة الأولى التي سبقت الرابط، ونتيجة لذلك فقد عمل الرابط على توجيه القول بجملة نحو النتيجة المضادة ( لا – ن).
ويختلف الرابط الحِجاجي (بل) عن الرابط الحِجاجي (لكنْ) فالرابط (لكن) له استعمال حجاجي واحد، وتكون بين حجتين متعارضتين، أما (بل) فلها استعمالان حجاجيان: الأول أنْ تربطَ بين حجتين متعارضتين، وهي في ذلك تكون مرادفة لـ(لكنْ)، واستعمال حجاجي آخر تربط فيه بين حجتين متساوقتين، أي تؤديان إلى نتيجة واحدة وهي في هذه الحالة تكون مرادفة لرابط الحِجاجي (حتى)(38)، كما أنَّ لـ( بل) و( لكنْ) أحكام مختلفة تجاه الواو فـ(لكنْ) تسمح بأنْ تدخل عليها الواو، و(بل) يمكن أنْ تكون متلوة بالواو، كما أنَّ الواو تعطف و(لكن) تقوم بإنجاز الربط الحِجاجي، وإنْ كانت (لكن) مجردة فإنَّها تقوم بالوظيفتين معا(39).
1-3- 4 – الرابط الحِجاجي أم
قبل البدأ بإظهار دور الربط الحِجاجي (أم) لنستمع للسيد الطباطبائي ماذا يقول في تفسير الآية التي تصدرها الاستفهام ﴿أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾ القلم: 35 “والتدبر في السياق يعطي أنَّ الآية مسوقة لردّ دعواهم التساوي، لكن لا من جهة نفي مساواتهم على إجرامهم للمسلمين، بل تزيد على ذلك بالإشارة إلى أنَّ كرامة المسلمين تأبى أنْ يساويهم المجرمون كأنه قيل: إنَّ قولكم: سنتساوى نحن والمسلمون باطل، فإن الله لا يرضى أنْ يجعلَ المسلمين بما لهم من الكرامة عنده كالمجرمين، وأنتم مجرمون”، الحجج التي عرضتها آيات أخرى نحصل على نتيجة تعكس وترد حججهم، والنتيجة التي يريد إيصالها الله عزَّ وجل هي حتى المساواة التي هم لا يرغبون بها في الدنيا لا يحصلون عليها بالآخرة؛ لأنّ للمسلمين كرامة تأبى مقارنتهم بالمجرمين، والاستفهام هنا خرج لغرض مجازي هو الانكار والتوبيخ، وقد ورد الاستفهام باسمين (ما) و(كيف) وأم هنا منقطعة. الذي يهمنا هنا دورها الحِجاجي بوصفها رابطًا حجاجيًّا يربط بين الحجة الأولى والحجة الثانية، التي تبدو حجة ثانية لا علاقة لها من الناحية النحويّة مع الجملة التي سبقتها.
و(أم) تخفي النتيجة وتبقى الحجة ومن سماتها أيضًا تقديم الحجة الضعيفة، وإلحاق نقيضها بها(40) ويمكن أن نعطي مثالًا توضيحيًّا نحلله ونبين من خلاله دور هذه الأداة في توجيه الخطاب الحِجاجي: ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ﴾ القلم: ٣٦ – ٣٧.
النتيجة (ضمنية) دحض الحجة الحجة المعطاة |
الحكم خطأ لأنّهم لا يملكون كتاب يدرسون فيه
الردّ (لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ)
والمراد بالكتاب الكتاب السماوي النازل من عند الله وهو حجة، ودرس الكتاب قراءته الحكم باطل وغير صحيح لأن الحجج العقلية والنقلية غير مجدية التي قالوا بها و(كَيْفَ تَحْكُمُونَ) استفهام إنكاري لحالة حكمهم،(أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ) استفهام إنكاري ثانٍ في موضع الحال من ضمير(لَكُمْ) أي انتفى أنْ يكونَ لكم شيء في حال حكمكم، وإنَّه ثبت لهم أن حكمهم كان غير صحيح، والمعنى: لا تحكمون أنَّكم مساوون للمسلمين في جزاء الآخرة أو مفضلون عليهم(41).
والاستفهام المجازي يعلم فيه صاحبه جوابه ولكنه يقصد معنى آخر يفهم من السّياق بعد التأمل في النّص، وأطلق عليه بعض النّحويين الاستخبار، وهذا النوع استخدمه الخطاب القرآني وعوّل عليه في العملية الحِجاجيّة ؛ نظرًا لما يعمله من جلب المخاطَب لعمليّة الاستدلال، لاسيما إنّه يشركه بحكم قوّة الاستفهام وخصائصه، ويؤدي دورًا أساسيًّا في الإقناع بالحجة.
ونجد هذه الرؤية الحِجاجيّة عند ابن عاشور واضحة كما نظر لها ديكرو بقوله” انتقال من توبيخ إلى احتجاج على كذبهم والاستفهام المقدر مع (أَمْ) إنكار؛ لأن يكون لهم كتاب إنكارًا مبنيًّا على الفرض وإن كانوا لم يدّعوه”(42).
النتيجة الضمنية: الحكم خطأ والمساواة بين الكافرين والمسلمين غير واردة في يوم الآخرة.
الحجج: إيمان بالغة على الخالق غير موجودة + الشركاء غير الصادقين.
دحض الحجة: المشركون كاذبون في أقوالهم.
وبعد ذلك يعود الذكر الحكيم الى استعمال الرابط الحِجاجي أم مرة أخرى في آيتين متتاليتين: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ القلم: 45 – 47. إبطال حجتين من حججهم بالانتقال إلى إبطال آخر من إبطال معاذيرهم في إعراضهم عن استجابة دعوة النبي (ص) المبتدئ من قوله ﴿تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ فإنّه بعد أنْ نفى أنْ تكونَ لهم حجة تؤيد صلاح حالهم، أو وعد لهم بإعطاء ما يرغبون، أو أولياء ينصرونهم، عطف الكلام إلى نفي أنْ يكون عليهم ضر في إجابة دعوة الإسلام، استقصاء لقطع ما يحتمل من المعاذير بافتراض أنَّ الرسول (ص) سألهم أجرًا على هديه إياهم فصدهم عن إجابته ثقل غرم المال على نفوسهم، فالاستفهام الذي تؤديه (أم) استفهام إنكار لفرض أنْ يكونَ ذلك مما يخامر نفوسهم فرضًا اقتضاه استقراء نواياهم من مواقع الإقبال على دعوة الخير والرشد ،و نجد هنا الاستفهام المجازي ودوره في إيصال النفي الضمني وتفوقه على النفي الصريح ، ودوره في إثبات الحجج وإقصاء حججهم لغويًا معتمدًا على البناء اللغوي للمفردات التي تداولوها، وقالوا بها ،وأظهرها لنا النَّص المقدس تدمغ حججهم الواهية، ومن ثَمَّ الاستفهام جاء ليؤدي وظيفة حجاجيّة تتمثّل في إقناع المتلقي من خلال خروجه إلى الأغراض المذكورة. ويخرج الاستفهام في الخطاب القرآني عن أصل وضعه ليؤدي وظائف أخرى تفهم من سياق الكلام؛ فمن ذلك: الإنكار: ومعنى الاستفهام حينئذ معنى النفي وما بعده منفى، ولذلك تصحبه إلا، ويعطف عليه المنفى، ويكون معناه في الماضي معنى لم يكن، وفي المستقبل معنى لا يكون، إن استخدام الاستفهام قد يهدف أحيانًا إلى حمل مَنْ وجه إليه الاستفهام على إبداء موافقته من القضايا المعروضة للحوار أو الجدال، و التعويل على هذا الأسلوب أمر محبب لدى أهل الحِجاج “نظرًا لما يعمله من جلب القارئ أو المستمع في عمليّة الاستدلال، بحيث إنّه يشركه بحكم قوّة الاستفهام”(43)، لقد أثبتت الدراسات الحديثة في مجال البحث اللساني أن التواصل الحِجاجي يتبع آليات العملية التواصلية نفسها ،وإن الحِجاج تحاول أن ينقل عناصر معينة، غرضها خلق أو توكيد قناعات.
الخاتمة
بعد هذا العرض الموجز للروابط الحِجاجيّة في سورة القلم نلاحظ ما يلي:
- إنّ الشيء المهمّ الذي يقوم عليه البيان الحِجاجي، هو تقديم الطروحات التي تدعو العقول إلى التدبّر الموضوعي والواعي في القضايا المقدّمة، بغية بناء الرأي المعقول.
- الحِجاج اللغوي يمثِّل قوّة تدفع المخاطب إلى التفكير، والتأمّل من أجل الحصول على الإقرار بحقيقة معيّنة، يتم ذلك بوساطة أدلّة مخصوصة.
- اتَّضح من خلال النماذج التي بسطناها حول البيان الحِجاجي في سورة القلم أن ّ هذه الأخيرة تقوم على موضوع أساسي وجوهري يتعلّق بـ بصدق نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لذلك ظلّت أنماط البنى الحِجاجيّة في آياتها مرتبطة بهذه القضيّة.
- إنَّ الروابط الحِجاجيّة التي وردت في سورة القلم قد ساهمت في حجاجيته وتسهيل تلقي الخطاب وفهمه والاقتناع به، فقد ساعدت الروابط بالوصل بين الحجج والنتائج وتتابعها وبيان ترتيبها أو تعارضها وتثبيت النتيجة أو الانتقال والترقّي ومنها ما أفاد في تدعيم الحجج بعضها بعضًا.
المصادروالمراجع
- القرآن الكريم.
- أساليب العطف في القرآن الكريم: د. مصطفى حميدة، الشركة المصرية العالمية للنشر، القاهرة، 1999.
- أسلوبية الحِجاج التداولي والبلاغي (تنظير وتطبيق على السور المكية، مثنى كاظم صادق: منشورات الاختلاف، 2015م، ط1.
- إطلالات على النظريات اللسانية والدلالية في النصف الثاني من القرن العشرين مختارات معرفية، بأشراف د. عزين مجذوب: المجمع التونسي للعلوم والآداب، بيت الحكمة، ط1، 2012م.
- الإقناع: المنهج الأمثل للتواصل والحوار نماذج من القرآن والحديث، أمنية بلعلى مجلة التراث العربي – مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب – دمشق العدد 89 – السنة الثالثة والعشرون – 2003م.
- أهم نظريات الحِجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم، إشراف حمادي صمود، جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، تونس 1 كلية الآداب منوية، فريق البحث في البلاغة والحِجاج، سلسلة آداب، مجلد 39، 1998م.
- البرهان في علوم القرآن المؤلف : بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى : 794هـ) المحقق : محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1 ،دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه، 1376 هـ – 1957 م.
- بلاغة الإقناع في المناظرة: د. عبد اللطيف عادل، منشورات الاختلاف، ط1، 2013م.
- البنية الحِجاجية في القرآن الكريم – سورة النمل نموذجًا -، مجلة اللغة والأدب، جامعة الجزائر، ع 12، 1997.
- التحرير والتنوير: ابن عاشور التونسي (المتوفَّى: 1393هـ)، الدار التونسية للنشر – تونس، 1984ه.
- التحليل الحِجاجي للخطاب: إشراف وتقديم د.أحمد قادم، د. سعيد العوادي، بحوث مُحكَّمة، كنوز المعرفة، استراتيجيات الخطاب: مقاربة لغوية تداولية… عبد الهادي بن ظافر الشهري. ط 1 – دار الكتاب الجديد المتحدة – 2004م.
- تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية: عمر بلخير، ط1، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2003.
- التداوليات وتحليل الخطاب: د . جميل حمداوي، مكتبة المثقف، ط1، 2015م: 38.
- تطوره في البلاغة المعاصرة، محمد سالم ولد سالم ولد محمد الأمين، مجلة عالم الفكر.
- التعريفات: الشريف بن علي الجرجاني تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الريان للتراث.
تونس، ط1، 2008م.
- الحِجاج بين الدرس البلاغي العربي والدرس الغربي دراسة تقابلية مقارنة أطروحة دكتوراه إعداد الطالب نور الدين بوزناشة إشراف خليفة بوجادي، الجزائر جامعة محمد لمين دباغين سيطف.
- الحِجاج بين المنوال والمثال: نظرات في أدب الجاحظ وتفسيرات الطبري، د. علي الشبعان، مسكلياني للنشر والتوزيع، ط1، تونس، 2008.
- الحِجاج في الخطاب السياسي المعاصر: زكرياء السرتي، ط1، عالم الكتب الحديث، إربد – الأردن، 2013م.
- الحِجاج في الشعر العربي القديم من الجاهلية إلى القرن الثاني للهجري، بنيته وأساليبه، سامية دريدي، طـ1، عالم الكتب الحديثة، إربد – الأردن، 2008م.
- الحِجاج في الفلسفة الحديثة: غبار ملكية، دار أفريقيا الشرق، المغرب ط1، 2006م.
- الحِجاج في القرآن من خلال أهم خصائصه الأسلوبية: د. عبد الله صولة، دار الفارابي للنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط2، 2007م.
- الحِجاج في النص القرآني (سورة الأنبياء أنموذجًا) رسالة ماجستير، جامعة لخضر – نباته – إعداد الطالبة، إيمان درنوني تحت إشراف الأستاذ الدكتور الجودي مرداسي: للعام الدراسي 2012 – 2013م.
- الحِجاج والاستدلال الحاجي: عناصر استقصاء نظري، حبيب أعراب، مجلة (عالم الفكر)، المجلد 30، الكويت، 2001م.
- الحِجاج والاستدلال الحِجاجي – استقصاء نظريّ: حبيب أعراب، مجلة عالم الفكر، الكويت، العدد الأول، المجلد.
- الحِجاجيات اللسانية عند أنسكومبر وديكرو: رشيد الراضي، عالم الفكر، ع1، مجلد34، 2005م.
- دليل القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم (المنهج والمصطلحات) د. محمد شحرور، دار الساقي، ط1، 2016م.
- سلطة الكلام وقوة الكلمات، أبو بكر العزاوي، مجلة المناهل، السنة 25، الرباط، 2001م.
- سيميائيات التواصل وفعالية الحوار: المفاهيم والآليات: أحمد يوسف، منشورات مختبر السيميائيات وتحليل الخطابات، ط1، جامعة وهران، 2004م.
- الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، ابن العلوي، دار الكتب العلمیة، 1982.
- العوامل الحِجاجية في اللغة العربية: عزالدين الناجح، مكتبة علاء الدين للنشر والتوزيع، تونس صفاقس، 2011م، ط1.
- القاموس الموسوعي للتداولية تأليف: جاك موشلر – آن ريبول ترجمة: مجموعة من الباحثين المركز الوطني للترجمة – تونس، ط2، 2010.
- قوانين الخطاب في التواصل الخطابي: د . ذهبية حمو الحاج مجلد 2007، العدد 2.
- كتاب سيبويه: أبو بشر، الملقب سيبويه (المتوفى: 180هـ) المحقق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، مصر – القاهرة، ط3، 1988م.
- لسان العرب، ابن منظور، ط4، دار صادر بيروت، 2004م.
- اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، طه عبد الرحمن، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 1998.
- اللغة والحِجاج: أبو بكر العزاوي، العمدة في الطبع، المغرب، ط1، المغرب، 2006م.
- اللمع في العربية: ابن جني الموصلي (المتوفَّى: 392هـ)، تحقيق: فائز زكي محمد دياب، دار السلام، مصر – القاهرة، ط1، 2007م.
- معاني الحروف أبو الحسن الرماني مذيلاً بالإعجاز اللغوي لحروف القرآن المجيد حققه: عرفان بن سليم حسونة، المكتبة العصرية، بيروت.
- مفهوم الحِجاج عند بيرلمان وتطوره في البلاغة المعاصرة، محمد سالم ولد سالم ولد محمد الأمين، عالم الفكر، م28، ع 3، يناير ـ مارس، 2000.
- الميزان في تفسير القرآن للعلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي/ ط1، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، 1997م.
- – نظرية الأعمال اللغوية: د.شكري المبخوت، مسكيلياني للنشر والتوزيع،
- نظرية الحِجاج في اللغة :شكري المبخوت ،ضمن أهم نظريات الحِجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم إشراف حمادي صمود، جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، تونس 1 كلية الآداب منوية، فريق البحث في البلاغة والحِجاج، سلسلة آداب، مجلد 39، 1998م.
الهوامش
[1] – المُديريةُ العامةُ للتربيةِ في محافظةِ ذي قار-Raheem.majeed@utq.edu.iq
1– يُنظر: القاموس الموسوعي للتداولية، جاك موشلر – آن ريبول، ترجمة: مجموعة من الباحثين المركز الوطني للترجمة، تونس: 42، 84، 90.
2– يُنظر: إطلالات على النظريات اللسانية والدلالية في النصف الثاني من القرن العشرين مختارات معرفية: 2/561-562.
3– يُنظر: قوانين الخطاب في التواصل الخطابي : 228.
4– يُنظر: أهم نظريات الحِجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم: 354
5– يُنظر: المصدر نفسه: 354.
6– يُنظر: إطلالات على النظريات اللسانية والدلالية في النصف الثاني من القرن العشرين: 2/568.
7– يُنظر: نظرية الاعمال اللغوية: 66.
8– اللغة والحِجاج: أبو بكر العزاوي: 14.
9– يُنظر الحِجاج في الفلسفة الحديثة: 53.
10- يُنظر: التداوليات وتحليل الخطاب: 38.
11- العوامل الحِجاجية في اللغة العربية: 27.
12– يُنظر: الحِجاج في القرآن من خلال أهم خصائصه الأسلوبية: 33.
13- يُنظر: الحِجاجيات اللسانية عند أنسكومبر وديكرو: 217.
14– الحِجاج والاستدلال الحِجاجي – استقصاء نظري: 99.
16- يُنظر:البنية الحِجاجية في القرآن الكريم، سورة النمل نموذجًا: 341 ـ 342.
17- سيميائيات التواصل وفعالية الحوار: المفاهيم والآليات: 88.
18- البرهان في علوم القرآن الزّركشي، ج2 /34.
19- يُنظر: الإقناع: المنهج الأمثل للتواصل والحوار نماذج من القرآن والحديث: 213.
20- الحِجاج في الخطاب السياسي المعاصر: زكرياء السرتي: 25.
21– يُنظر: البنية الحِجاجية في القرآن الكريم، سورة النمل نموذجًا، 343 – 345.
22- يُنظر: الحِجاج والاستدلال الحجاجي: عناصر استقصاء نظري: 98.
(22– يُنظر: استراتيجيات الخطاب: عبد الوهاب بن ظافر الشهري: 472 ويُنظر: بلاغة الإقناع في المناظرة: 100.
(23– العوامل الحِجاجية في اللغة العربية: 23.
(24– المصدر نفسه: 22.
(25– يُنظر: اسلوبية الحِجاج التداولي والبلاغي (تنظير وتطبيق على السور المكية): 73.
(26– يُنظر: بلاغة الإقناع في المناظرة: 100.
(27– دليل القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم (المنهج والمصطلحات) د. محمد شحرور: 52.
(28– المصدر نفسه: 35.
(29– اللمع في العربية: ابن جني: 283.
(30– المصدرنفسه: 285.
(31– الكتاب:1/437.
(32– معاني الحروف: 71.
(33– كتاب سيبويه: 4/223.
(34– يُنظر: لسان العرب: 3/43
(35– يُنظر: أساليب العطف في القرآن الكريم :326.
(36– يُنظر :اللغة والحِجاج: 61.
(37– يُنظر: المصدر نفسه : 58.
(38– يُنظر: المصدرنفسه: 70-72.
(39– يُنظر: المصدر نفسه: 72.
(40– يُنظر: البنية الحِجاجية في القرآن الكريم، سورة النمل نموذجًا، الحواس مسعودي: 336.
(41– التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور: 30/93.
(42- المصدر نفسه: 30/ 93.
(43– استراتيجيات الخطاب: 244.