آسيا محمد الحسيني)[1])
ملخص
لقد هيمن التحليل الكمي على البحوث والدراسات الإعلاميّة مدة طويلة، حتى ظهر في مطلع السبعينيات اتجاه لعدد من الباحثين باستخدام أدوات التحليل الكيفي لمحتوى الرسائل الإعلاميّة، وسعى الى تطوير هذه الأدوات بالاستفادة من التّطور الذي تحقق في مجال الدّراسات اللغويّة والسّيميولوجيّة وتحليل النص.
لكن هذا الجهد لم يكن كافيًا في دراسة الرسائل والنّصوص الإعلاميّة، وعلاقتها مع بنية المجتمع والسّلطة، التي تسيطر عليه ومن هنا جاء التطور في محاولات التحليل الكيفي للرسائل الإعلاميّة، وظهر مفهوم تحليل الخطاب الذي على الرّغم من عدم اتفاق الباحثين على تعريف موحّد له إلا أنّه بات يستخدم على نطاق واسع في الكثير من الدّراسات الإعلاميّة، ومنذ منتصف الثمانينيات أصبحت نظرية الخطاب تعتمد أكثر فأكثر في تحليل النّصوص الإعلاميّة.
Résumé
L’analyse quantitative a longtemps dominé les recherches et les études sur les médias, jusqu’à ce qu’au début des années soixante-dix une tendance est apparue chez un certain nombre de chercheurs utilisant des outils d’analyse qualitative du contenu des messages médiatiques et cherchant à développer ces outils en profitant du développement réalisé dans le domaine des études linguistiques et sémiologiques et de l’analyse de textes.
Mais cet effort n’a pas été suffisant pour étudier les messages et les textes médiatiques et leur relation avec la structure de la société et l’autorité qui la contrôle, d’où l’apparition de tentatives d’analyse qualitative des messages médiatiques et ainsi le concept d’analyse du discours a émergé, qui malgré le désaccord des chercheurs sur une définition unifiée de celui-ci, est maintenant utilisé à grande échelle. Il est largement ainsi utilisé dans de nombreuses études sur les médias, et depuis le milieu des années quatre-vingt, la théorie du discours est de plus en plus adoptée dans l’analyse des textes médiatiques.
المقدمة
يعدُّ الإعلام في عصرنا الحديث المصدر الأساسي لفهم الأحداث حول العالم، وهو يؤدي دورًا حيويًّا في تكوين الحقائق في أذهان الناس. وتؤدي وسائل الإعلام دورًا في عملية البناء السياسي وفي تفجير الطاقات الخلاّقة داخل الإنسان وشحذها للبناء، وذلك في إطار تغيير القديم، وإحلال الجديد محل القديم من قيم وعادات وسلوك، إلى جانب وظائفها التّقليديّة (الإخبار والتثقيف والتّرفيه والترويج والإعلان)، ويؤكّد الباحثون أنّ عملية الاتصال الإعلامي ترسّخ عند المواطن شعورًا بالانتماء إلى الوطن وأمّته وقوميّته. ومن وظائف الإعلام التأثير على اتجاهات الرأي العام، والاتجاهات السياسيّة والاجتماعيّة، وهي عمليات ضرورية للمجتمع المتنوع ثقافيًّا وعرقيًّا، والذي يعاني من إشكاليات سياسيّة واجتماعيّة معقّدة. إنّ هذه الأدوار المتعددة للإعلام ومكانته الراسخة داخل المجتمعات الانسانية الحديثة، تجعل من الأهمية بمكان الإضاءة على الخطاب الإعلامي، وكيفية فهمه وتحليله وتمحيصه للوصول الى بواطن الخطاب، فتحليل الخطاب هو انتقال من المحتوى الظاهر الى المحتوى الباطن، فهو من جهة يعدُّ ممارسة لغوية ومن جهة أخرى ممارسة اجتماعيّة ولا يمكن فهمه أو تأويله إلّا استنادًا الى هذين الجانبين. انطلاقًا من الدور الأساسي الذي يؤديه الخطاب الإعلامي في التأثير على المتلقّي سوف تنظر هذه الورقة البحثيّة الى التعريفات المختلفة للخطاب وأهميته من ناحية ربطه بالسّياق، كما أبرز الأدوات والمدارس المستخدمة في تحليله.
اولاً: مفهوم الخطاب
يأخذ الخطاب أشكالًا متعددة فهو قد يكون رسالة محكّية أو مكتوبة وقد يقتصر على كلمة واحدة لكنها تعبّر عن موقف ما كالشتيمة على سبيل المثال والتي تعبّر عن امتعاض أو غضب المرسل. يقول الباحث محمد شومان: إن الخطاب متحرك ومتغير وله جمهور وهدف وقصد معين وهو يتشكل من مجموعة من النصوص والممارسات الاجتماعيّة، وهو يتضمن أنواعًا عديدة من النشاط العلاماتي مثل الصور المرئية، والأفلام والرسوم البيانيّة كما الاتصال غير الشفهي مثل حركات الرأس واليدين (شومان، 2004). في الحقيقة قد يكون الخطاب حركة من دون كلام كرفع شارة النصر للتعبير عن الفخر، أو قذف السياسيين بالبيض كما يحصل أمام البرلمانات للتعبير عن غضب الشعب من سياسات الحكام، أو قذف جورج بوش الابن بالحذاء كما فعل أحد الصحافيين العراقيين (منتصر الزيدي) للتعبير عن احتقاره لبوش ولسياساته في العراق (طنوس، 2014).
1- المعنى اللغوي للخطاب
الخِطاب (بكسر الخاء) والمخاطبة هي مراجعة الكلام، والخطاب اسم الكلام الذي يتكلّم به الخطيب (لسان العرب). في معجم الوسيط الخطاب يعني الكلام وفصل الخطاب ما ينفصل به الأمر من الخطاب، أو الحكم في البيّنة، والفقه في القضاء وهذا التعريف المرتبط بالآية القرانيّة ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ يشير الى الأبعاد السياسيّة والاجتماعيّة للخطاب (المعاني). ويرجع مفهوم الخطاب في اللغة الإنجليزية إلى المصطلح Discourse المأخوذ عن اللاتينية Discourse sas ومعناه الركض هنا وهناك، والذي قد يبدو أنّه غير ذي صلة بالمعنى الاصطلاحي للخطاب إلّا أنّه أصبح يحمل معنى الخطاب بما يعنيه من إرسالٍ، واستقبال أو ما اشتقّ من معانٍ منذ القرن السابع عشر، فقد دلّ المصطلح على المحادثة والتواصل والنقاش العميق كما دلَّ على تشكيل صيغةٍ معنوية سواء أكانت شفهية أم مكتوبة عن فكرةٍ ما (عبيد، 2016). معجم الدّراسات الأدبيّة يعرّف الخطاب أنّه “مجموع التّعابير الخاصة والتي تحدد بوظائفها الاجتماعيّة ومشروعها الأيديولوجي” (المشاقبة، 2014، صفحة 100). وفي كتابه الخطاب الشّرعي يعرّف ادريس حمادة الخطاب أنّه “مصدر لفعل خاطب يخاطب خطابًا مخاطبة، وهو يدلّ على توجيه الكلام لمن يفهم نقل من الدلالة على الحدث المجرد من الزّمن الى الدّلالة على الاسميّة” (حمادي، 1994، صفحة 21).
وكلمة الخطاب مستمدة من فعل “خَطَب” ونقول “خطَبَ خطبة”، والخطبة تدل على الكلام الذي يتكلم به الخطيب، وقد ذهب أبو بكر بن اسحاق الى أنّ الخطبة عند العرب تعني “الكلام المنثور المشجع ونحوه” (المشاقبة، 2014، صفحة 99).
قاموس Cambridge عرّف الخطاب: أنه التواصل من خلال المحادثة أو الكتابة حول موضوع معيّن، في حين عرّف قاموس لاروس الفرنسي الخطاب: أنّه تطوير خطابي لموضوع محدد أمام جمهور خلال مناسبة عامة أو تعبير مكتوب أو محكي حول حالة معينة (Cambridge).
ومن ضمن التّعريفات القديمة للخطاب ما عرّف ارسطو الخطابة في كتابه “الخطابة” Rhetorique أنّه “قوة تتكلف الأقناع الممكن في كل واحد من الأمور المفردة” (بدوي، 2017، صفحة 9).
لقد ورد الخطاب في القران الكريم كمصدر في قوله تعالى ﴿أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ (الآية 23 من سورة ص). وأيضًا في الآية عشرين من السورة نفسها، وردت كلمة الخطاب: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ وقوله تعالى في سورة نبأ الآية 37 ﴿رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰنِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ﴾. ووردت بصيغة الفعل في مواضع عديدة في القران الكريم منها في سورة هود الآية 37 ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾، وفي ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ الآية 63 من سورة الفرقان. يعرّف محمد شومان الخطاب في كتابه تحليل الخطاب الإعلامي بوصفه طريقة معينة للتحدث عن الواقع وفهمه، وهو مجموعة النّصوص والممارسات الخاصة بإنتاج النصوص وانتشارها ما يؤدي الى انشاء وفهم الواقع الاجتماعي (شومان، 2007). ويضيف شومان إن الخطاب هو “كل الأشياء التي تكوّن العالم الاجتماعي بما في ذلك هويتنا، وبعبارة أخرى فإن الخطاب هو واقعنا الاجتماعي وإدراكنا لهويتنا أنّه من دون خطاب لا يوجد واقع اجتماعي، ومن دون فهم الخطاب لا يمكن أن نفهم واقعنا وتجاربنا” (شومان، 2007، صفحة 25).
ويرى مختار الفجيري في كتابه “مفهوم الخطاب” أنّ الخطاب “ليس الكلام صراحة، بل هو الكلام ضمنا، أيّ الكلام بمعنى جديد. فالكلام في لسانيات الخطاب لم يعد ذلك الذي نعبر عنه عما نريد، بل جُعِل لنخفي به ما نريد” (الفجيري، 2014، صفحة 535) ويضيف الفجيري أنّ الخطاب هو الكلام المقموع الذي يعتمد شتى الأساليب التمويهيّة والحِيل الخطابيّة. في الحقيقة لا يمكن أن نجد تعريفًا موحدًا للخطاب، فقد قدّم الباحثون تعريفات عديدة وتوسعًا عاموديًّا وافقيًّا في مفهوم الخطاب، ولكن هذا لا يمنع أن يكون مادة للدراسة حينًا ومنهجًا معتمدًا في أحيان أخرى، ولا يمنع من انتشاره واستخدامه على نطاق واسع في شتى ميادين وتخصصات العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة وخصوصًا في عالم الإعلام والسياسة حيث يأخذ الخطاب أشكالًا متعددة. إن عدم الاتفاق على مفهوم الخطاب واستخداماته، لم تمنع من انتشار بحوث تحليل الخطاب ومن بينها تحليل الخطاب الإعلامي والذي يعدُّ اليوم من أدوات التحليل الكيفي المهمّة للرسائل الإعلاميّة.
2- المعنى الاصطلاحي للخطاب
يتباين معنى مفهوم الخطاب على المستوى الاصطلاحي ما بين علم (اللغة) اللسانيات، وخارج علم اللسانيات (مدرسة تحليل الخطاب السياسي).
- في علم اللسانيات
إنّ مفهوم الخطاب في علم اللسانيات ينقسم في إطار اتّجاهَين البُنيوية Structuralism والتفكيكيّة Deconstruction. يهتمّ الاتجاه البنيوي بالنسيج اللغوي للنص، ويدرسه بذاته لذاته مهملًا صاحبه ومؤلّفه. تنطلق هذه المدرسة من أنّ النصّ وحده هو المهمّ، ولا يفيد في شيءٍ أن نتعرّف على حياة مؤلّفه لكي نفهمه. ويُعدّ دي سوسير رائد البنيوية الأول في العصر الحديث وهو يعدُّ الخطاب مرادفًا للكلام. وعدَّ آخرون أمثال Zellig Harris أنّ الخطاب “مفهومٌ طويلٌ أو متتالية من الجمل”، وعند Todrouf هو “أيّ منطوقٍ أو فعلٍ كلاميّ يفترض وجود راوٍ ومستمع في نيّة الراوي التأثير على المستمع بطريقةٍ ما” (عبيد، 2016). اتّسمت اتجاهات ما بعد البنيوية بالتفكيكيّة، وقد ظهرت التفكيكيّة على يد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا ورولاند بارت، وقد قاما بنقد الفكر البنيوي وذلك بإعلان وفاة المؤلّف أي تحرير النّص من سلطة المؤلّف. والمقصد هنا أنّ القارئ له دور في فهم النّص، وعمليّة تفكيك النّص أو الخطاب هي أحد العناصر الأساسيّة في هذا الاتجاه. وهي تهتمّ بتفكيك بنى النص سواء أكانت لغويّة أو اجتماعيّة أو ثقافيّة أو فلسفيّة أو مؤسسيّة، وكلّ ذلك بالطبع يتمّ في تجاهل مقصد المؤلّف وبذلك فإنّ العلاقة بين النص والقارئ علاقة تبادليّة وليست علاقة في اتّجاهٍ واحد (عبيد، 2016). هكذا أصبح الخطاب بالمعنى اللساني الواسع يعني كلّ إنتاج ذهني منطوق، ومكتوب يقوله فرد أو جماعة حقيقية أو اعتباريّة كالمؤسسات المختلفة وهذا الخطاب قد يكون سياسيًّا أو اجتماعيًّا، وتتمّ من خلاله محادثة عادية أو مقابلة رسمية أو مقالًا مكتوبًا أو رسالة أو وثيقة (نصر، 1990).
ب- مفهوم الخطاب خارج علم اللسانيات (تحليل الخطاب السياسي)
خارج علم اللسانيات ينتمي كلّ من فوكو وإدوارد سعيد لهذا الاتجاه وهو ما يُطلَق عليه مدرسة تحليل الخطاب السياسي. تختلف هذه المدرسة عن المدارس اللسانية في نظرتها وتحليلها للخطاب، كما ظهر هذا الاتجاه في الفكر ما بعد الحداثي في فرنسا، وفيه يُنظر إلى العالم أنّه ليس مجرد مجرّة من النصوص، وأنّ بعض النّظريات تتجاهل حقيقة أنّ الخطاب متداخل مع السّلطة (عبيد، 2016). ذهب ميشال فوكو إلى ما أسماه المنهج الأركيولوجي (التحليل الحفري) وهو أداة منهجية تُستخدَم في تحليل الأفكار وأحد أشكال هذا المجال هو تحليل الخطاب. ويعني هذا المنهج بالحفر على الأشياء محاولة إظهارها وإبرازها، ومن ثَمّ فهو يقرّر الواقع ولا يفسّره. كما أنّه يهتمّ بالبُعد التاريخي من التغيّر الخطابي، فما يمكن قوله يتغيّر من حقبة إلى أخرى فالتاريخ عند فوكو هو ذلك الخطّ المتقطّع من الممارسات الخطابيّة. ويمثّل الخطاب عند فوكو السلطة والقوة كما أنّه هو ذاته يمثّل مجالاً للرغبة والسلطة. أمّا إدوارد سعيد الذي يُعدّ من أتباع فوكو المميَّزين، فهو يربط بين الخطاب والصراعات الاجتماعيّة والسياسية، وقد تجلّى ذلك بوضوح في كتابه (الاستشراق 1978) وقد قام بتناول إدراكات وتصورات الاستعمار وما يُسمّى بالاستعمار الجديد، وكيف انعكست هذه الإدراكات والتصورات في الأفكار والأبحاث التّاريخيّة وفي الجغرافيا والأدب والفلسفة (عبيد، 2016). ولكنّ إدوارد سعيد يختلف عن فوكو في نقطة مهمّة؛ فبينما نجد أنّ فوكو في حفريات المعرفة يهتمّ برصد، وتحليل إنتاج واستخدام المعرفة في السّياق الاجتماعي والتّاريخي الأوروبي، نجد أنّ إدوارد سعيد يهتمّ بهذا الرصد والتحليل والإنتاج والاستخدام للمعرفة في السياق الاستعماري للعالم الثالث، ومحاولات طمس تاريخه وهويته (Said، 1978).
3- الخطاب الإعلامي
يشير محمد شومان في كتابه تحليل الخطاب الإعلامي الى أنّ هناك غموضًا، وعدم اتفاق بين المدارس حول مفهوم الخطاب الإعلامي منذ ظهور مدارس تحليل الخطاب في مطلع الثمانينات، إلا أنّه يتابع أنّه يجب التسليم في كون الخطاب الإعلامي ممارسة اجتماعيّة متغيرة ودائمة التغيير، والتطوّر مضيفًا أنّ هذا الخطاب ليس شيئًا واحدًا بل هناك عدد من الخطابات الإعلاميّة المتصارعة، أو المتعاونة والتي تعكس حقائق اجتماعيّة متباينة ومصالح متعارضة (شومان، 2007). إن عدم الاتفاق على مفهوم موحّد للخطاب، لم يمنع انتشار بحوث تحليل الخطاب الإعلامي والذي يعدُّ تطورًا مهمًّا في مجال التحليل الكيفي للرسائل الإعلاميّة، وشروط انتاجها وتداولها وتأثيرها في الجمهور بالاضافة الى تفاعلاتها مع الظروف التاريخيّة والمجتمعيّة.
يُعدُّ الخطاب الإعلامي عملية اتصاليّة متكاملة تبدأ من منتج الخطاب الإعلامي، الذي ينطلق من فكر أو وجهة نظر أو عقيدة معينة ويعتمد في ذلك على صياغة الخطاب الاتصاليّ، أيّ الرسالة بأسلوب محكم من ناحية الشكل والمضمون معتمدًا على أساليب الاقناع والتأثير، واختيار الرموز اللفظية والعلاماتيّة المتنوعة والأشكال والقوالب الفنية عبر وسائل الاتصال التقليديّة: كالصحف والإذاعة والتلفزيون أو الحديثة كالانترنت، ووسائط التواصل الاجتماعي المتعددة وذلك بمراعاة السياق والظروف والبيئة، التي تحيط العملية الاتصاليّة وتتحكم بمساراتها (محمّد، 2019). وللخطاب الإعلامي وظائف متعددة تندرج بين الإعلام والإخبار من جهة والدعاية من جهة أخرى، والترويج لفكرة أو شخص أو سلعة معينة كما غيرها من الوظائف الاتصاليّة، وبذلك يؤدي الخطاب الإعلامي دورًا أساسيًّا في تشكيل وعي الأفراد والتأثير في عقول الجماهير، ومسارات الرأي العام بما يتواءم ومصالح القائم بالاتصال مصدر الخطاب (محمّد، 2019).
مما سبق نستنتج أن الخطاب الإعلامي يتشكل من مجموع الرسائل الاتصاليّة الصادرة عن وسائل إعلاميّة متنوعة مكتوبة، ومسموعة ومرئيّة التي تنتج من قبل القائم بالاتصال، وتُنشر وفق سياقات خاصة وتحمل وجهات نظر مختلفة تسعى الى إحداث تأثير في الجمهور المتلقي مستخدمة مختلف أساليب الاقناع والترويج.
ثانيًا: تحليل الخطاب
إنّ تحليل الخطاب هو تقنية تستخدم في العلوم الاجتماعيّة، وتُسمح ليس فقط بدراسة الكلام وإنّما دراسة فعل الكلام لذا يقال عنه منهج “القولفعليّة” وبحسب Dominique Maingueneau فإنّ هذا المنهج يحلّل صياغة النص بالنسبة الى المجتمع أو المكان الاجتماعي الذي انتِج فيه (Maingueneau، 1998).
اإن تحليل الخطاب يجيب على “كيف” و”لماذا” بالإضافة الى الأسئلة الأربعة التقليدية والتي هي “من، ماذا، متى وأين؟” بالتركيز على صياغة النّص والسّياق، الذي ولد فيه بالإضافة الى نشاط المتحدث.
والخطاب منتجٌ لغويّ ومجرّد قراءة هذا الإنتاج اللغوي يعني تحليله، حتى ولو كان هذا التحليل بعيدًا من أساليب تفكيك هذا الخطاب واللغويات المستخدمة فيه، وكذلك الأدوات والأساليب المنهاجيّة اللازمة لهذا التحليل (عبيد، 2016).
في هذا السّياق؛ يرى هاريس (Harris, Z.S) أنّ تحليل الخطاب منهج في البحث في أيّما مادة مشكَّلة من عناصر متميّزة ومترابطة في امتدادٍ طوليّ؛ سواء أكانت لغةً أم شيئًا شبيهًا باللغة، ومشتملة على أكثر من جملة أوليّة، إنّها بنية شاملة لشخص الخطاب في جملته أو أجزاء كبيرة منه (عبيد، 2016).
كما يرى هاريس أنّ تحليل الخطاب لا يمكن حصره في عمليّة الصيغ اللغوية المستقلة عن الوظائف، والأغراض التي وضعت وخصّصت هذه الصيَغ للقيام بها في المعاملات الإنسانيّة. ولذلك يجب أن يضع محلّل الخطاب في الحسبان ما استُخدمت هذه اللغة من أجله، وليس التركيز على تحديد الخصائص الشكليّة للغة كما يفعل بعض الألسنيين (ماكدونيل، 2001). عند الحديث عن تحليل الخطاب تحديدًا، فهذا يحيلنا الى التحليل analyse والذي يأتي بمعنى فكك، والتّحليل عند العرب هو تفكيك عناصر الشيء، و”التحليل الكيماوي هو محاولة معرفة ما يدخل في تركيب المواد أو معرفة خصائصها” (طنوس، 2014، صفحة 8). وتحليل الخطاب لا يقتصر على تحليل النّص أيّ التحليل اللغوي أو اللساني، وإنّما يتعدى ذلك الى ما يحيط بالنص من ظروف سياسيّة، تاريخيّة، اجتماعيّة ونفسيّة. والخطاب رسالة أرسِلت من طرف وتُلُقّيت من طرف آخر تبعًا لسياق معين، وتحليل الخطاب يحاول أن يفهم الرسالة التي يريد المرسل لها أن تصل الى المتلقي تبعًا للسياقات السياسيّة والاجتماعيّة والتّاريخيّة واللغويّة. يرى نبيل أيوب في كتابه “النقد النصي وتحليل الخطاب” أنّ الخطاب هو “مجموعة من الملفوظات المتبادلة في موقف تواصلي، اختُص ليعيّن الحديث المنطوق، وهو يعرف بتماسك أجزائه Cohesion، وترابط أفكاره Coherence” (ايوب، 2011، صفحة 231). الخطاب إذًا رسالة يرسلها المتكلم، ويتلقاها السّامع تبعًا لسياق معيّن، وتحليل الخطاب يسعى الى فهم داخل الخطاب وخارجه بما يتناسب مع السّياقات السياسيّة والاجتماعيّة والتّاريخيّة واللغويّة (طنوس، 2014، صفحة 9).
لقد استخدم العالم الهولندي توين فان دايك السّياق بمعنى الموقف، أو البيئة الاجتماعيّة عادًّا أنّ الطريقة التي يفهم بها الناس بيئتهم الاجتماعيّة، تحدد سياق الخطاب أو الخطابات وممارستهم الاجتماعيّة بواسطة مفهوم النّماذج الذّهنيّة التي تتحول الى نماذج سياقيّة (ايوب، 2011) وتتكون النماذج السياقيّة من عدد من العناصر إضافة الى الهويات والأدوار والمعرفة، ومن مكونات النّماذج السياقيّة المهمّة هو مكوّن المعرفة، إذ يكيّف مستخدمو اللغة ما يكتبونه أو يقولونه وفقا لما يعتقدون بأن المتلقين يعرفونه.
ويعود مفهوم تحليل الخطاب الى أبحاث فوكو في ستينات القرن الماضي، إذ قام بوضع تعريف للخطاب في كتابه “حفريات المعرفة”. ويرى فوكو أنّ الخطاب هو مجموعة من العبارات بوصفها تنتمي الى ذات التّشكيلة الخطابيّة (formation discursive) فهو ليس وحدة بلاغيّة أو صوريّة قابلة لأن تتكرر الى ما لا نهاية، يمكن الوقوف على ظهورها واستعمالها، بل هو عدد محصور من العبارات التي نستطيع تحديد شروط وجودها (فوكو، 1987، صفحة 108). ويقدّم فوكو تعريفًا للممارسة الخطابيّة بوصفها “مجموعة من القواعد الموضوعيّة والتّاريخيّة المعينة والمحددة دومًا في الزّمان والمكان والتي حددت في مدَّة زمنية بعينها، وفي نطاق اجتماعيّ واقتصاديّ وجغرافيّ ولسانيّ معطى، شروط ممارسة الوظيفة العباريّة” (فوكو، 1987، صفحة 109). ويرى فوكو أن الأشياء تقال في ارتباط ببعضها البعض وأنّ الجملة قد تحتمل “معنيين مختلفين في وقت واحد، وأنّ نفس المعنى الجلي الذي يقبله جميع الناس، قد يخفي خلفه معنى باطنًا ما وأنّ وراء الصيغة المرئيّة ثمة صيغة أخرى تحكمها وتوجهها” (فوكو، 1987، صفحة 102).
لقد الت ابحاث المدرسة الفرنسيّة وفقًا لاعمال فوكو، وتلاميذه الى ضبط مفهوم الخطاب ضمن أربعة أصناف وهي صنف “الحقل الخطابي” مثل الخطاب الإسلامي، الخطاب العلماني، الخطاب القومي وغيرها من التصنيفات. وصنف “نمط الخطاب” مثل الخطاب الصحافي، الإداري، السياسي وغيرها من الأنماط أو صنف “انتاجات كلاميّة” وهي تعنى بصنف من المتكلمين وهنا الحديث عن خطاب لاعبي كرة القدم، خطاب ربات المنازل وغيرها. ونصل أخيرًا الى الصنف الأخير وهو “وظيفة الكلام” مثل الخطاب السجالي أو الخطاب الإلزامي وغيرها (الفجيري، 2014، صفحة 534). ويربط الفيلسوف الفرنسي الخطاب بالسلطة عادًّا أن أحد أشكال الخطاب الاجتماعي إنتاج السلطة، إذ إن الخطاب هو موضع استثمار الرغبة والسّلطة، ذلك أنّ الأخيرة تستخدم وسائل قمعيّة تجيز ما يمكن أن يُقال، وتقمع ما لا تجيزه فنجد في الخطاب ما هو مسكوت عنه، كما نجد مساحات من الإفصاح والإعلان وذلك تبعًا لما حدّدته السلطة المتحكمة (طنوس، 2014).
كما يُعِدُّ فوكو أنّ السلطة تصنع الخطاب “أنّ الخطاب ينقل السلطة ويقويها ولكنه بالمقابل يلغمها، يفجرها، يجعلها هزيلة ويسمح بالغائها” (فوكو، 1987، صفحة 133) ويرى اليامين بن تومي، الأستاذ المحاضر في جامعة سطيف 2 الجزائرية والمتخصص في تحليل الخطاب، أنّ محلل الخطاب ملزم بالبحث في ما تُستعمل اللغة لأجله، أيّ أنّه يهتم بالجانب الاستعمالي للغة لا الجانب اللغوي أو الفلسفي (تومي، 2015، صفحة 7). فالبعد اللغوي يتعلق بالنّص والنّص في اللسانية كيان مستقل معزول عن محيطه على عكس الخطاب الذي هو نص منظور اليه في سياقه الاجتماعي. الخطاب إذًا؛ هو مجموع القواعد الدّلاليّة الكتابيّة والشّفوية، وهو الأداة المنهجيّة التي عمل فوكو على وضعها من أجل أن يعيد الاعتبار لكل العناصر الحافة بالعمليّة الدّلاليّة، والفاعلة فيها حتى أصبح النّص مجرد عنصر من بين عناصر أخرى لا تقل أهمّيّة من أجل صياغة المعنى وتشكيل الدّلالة وهذا يعني أنّ “الخطاب هو كل تلك العناصر مجتمعة في علاقتها بالنص، والتّاريخ والسّياق وأطراف الدّلالة والتّواصل” (الفجيري، 2014، صفحة 534).
ثالثًا: أدوات تحليل الخطاب
يعدُّ تحليل الخطاب مدخلًا منهجيًّا متكاملًا تندرج تحته عدة أدوات منهجيّة تتيح إمكانيّة الوصف، واستخلاص الدلالات المختلفة للمادة التي تُحَلل وايجاد تفسيرات متعددة لها، ويمكن للباحث استخدام أكثر من أداة في التحليل حتى يتمكن من النفاذ الى عمق الخطاب، وقد تعددت الأدوات المنهجيّة المستخدمة في تحليل الخطاب وأبرزها:
1- التحليل التوزيعي
يُسمّى أيضًا “تحليل المنطوق”، وهذ المنهج يعمل على تقطيع النص، وإجراء تحويلات نحويّة عليه بُغية ردّها إلى بنيتها الأكثر بساطة، فيسهل بذلك مقارنتها ببعضها، وتصنيفها ضمن فئاتٍ متعادلة نحوية وتخضع هذه العملية المعقّدة لقوانين نحوية محددة (الماجد، 2000). ولكنّ هذا المنهج لا يتناسب إلّا مع النصوص القصيرة لأنّه يستغرق وقتًا طويلًا في البحث.
2- تحليل القوى الفاعلة
يقوم هذا التحليل على أساس تصوّر الخطاب لمجموعة من الفاعلين ذوي الأهمّية (القوى المساعدة الإيجابيّة والقوى المعاكسة). ورصد الأفعال والأدوار المستوفية لهم في الخطاب المدروس، ويقيّم هذه الأدوات والصفات سلبًا وإيجابًا من وُجهة نظر الخطاب. ولكنّ هذه الأداة لا تساعد إلّا في تحليل القوى الفاعلة وجزئيًّا في تحليل التّصورات والمفاهيم (عبيد، 2016).
3- تحليل حقول الدّلالة
يختار الباحث هنا عددًا من المفاهيم التي يريد دراستها في خطابٍ أو نصٍّ ما، ثمّ يستخرج من النص شبكة علاقات كلّ من هذه المفردات، وبعد ذلك يقوم الباحث بترتيب وتصنيف هذه العلاقات حسب فئات دلالة محدّدة مسبقًا ليحصل الباحث على الشبكات الآتية: (شبكة علاقات المفاهيم – شبكة الصفات والمواصفات – شبكة الأفعال – شبكة المعادلات) (ياسين، 1980).
4- أداة توليمان الحجاجيّة
يستند هذا النموذج في مرجعيته إلى المنهج الحجاجي الذي عُرف منذ أرسطو، وهو يتّسم بتحقيق التواصل بين الخطيب (المرسل) والمخاطَب (المستقبِل)، وذلك من خلال قدرة الخطاب الإقناعيّة، وحججه القويّة والصّادقة وخلوّه من الحجج الضعيفة والمغلوطة. طوّر هذا المنهج ستيفن توليمان في شكل نموذج يتكوّن من ستّة مفاهيم مع خلوّه من المغالطات داخل الخطاب، والمعارضات من خارجه (عبيد، قضية الهوية الوطنية في الخطاب السياسي السوداني، 2016).
رابعًا: مدارس تحليل الخطاب
تتعدد التخصصات والمدارس اللغوية والألسنية والفلسفيّة وتتداخل، وهي التي اهتمت بمفهوم الخطاب وتحليله واستخداماته ما أدى في بعض الأحيان الى إحداث غموض في إدراك مفهوم الخطاب، والأسس النّظريّة والمعرفيّة لمنهجيّة تحليل الخطاب واستخداماته ومن هنا تأتي أهمية عرض المدارس المتنوعة وتحليلها، في تحليل الخطاب بشكل عام والخطاب الإعلامي بشكل خاص، وقد اخترنا الوقوف عند أبرز مدارس تحليل الخطاب وهي التحليل السوسيولوجي والتّحليل السيميائيّ والتّحليل البراغماتي.
1- التحليل السوسيولوجي للخطاب
من وُجهة نظر سوسيولوجية، يُعرَّف الخطاب على أنّه أيّ ممارسة يقوم بها الأفراد دامجين الواقع مع المعنى. ومن أجل تحليل الخطاب سوسيولوجيًّا، ينبغي تحليل الخطاب في البداية على ثلاثة مستويات تحليليّة: هي المستوى النّصي، والسّياقي، والتّفسيري (Ruiz، 2009).
يتيح لنا التّحليل النصيّ للخطاب وصف الخطاب مع تركيزه بشكلٍ أساسي على الكلام، واحتساب الخطاب موضوع الدّراسة. أمّا التحليل السّياقي فهو يتيح لنا فهم الخطاب لأنّه يركّز على اللفظ والنطق، واحتساب الخطاب فِعلًا أو حدثًا فريدًا. وأخيرًا يقدّم التّحليل التفسيري شرحًا للخطاب من خلال معالجة الجوانب السوسيولوجية واحتساب الخطاب معلومات، أو أيديولوجيّة أو منتج اجتماعي (Ruiz، 2009).
1.1 التحليل النصيّ
يركّز تحليل الخطاب، في المرحلة الأوليّة، على التناصّ أيّ التفاعل بين نصين، والعلاقة بين الخطاب والنص واضحة وذات معنى واحد، ولهذا لا ينبغي الخلط بين المفهومَين أو عدّهما مفهومًا واحدًا. يُعِدُّ التحليل النصي أنّ الخطاب موضوعًا ما، ويُضفي عليه صفة الموضوعيّة، ويجعله مثيرًا للاهتمام لمن يُقاربون تحليل الخطاب من وُجهة نظر علمية إيجابية (Ruiz، 2009). ينطوي التّحليل النصّي على تخصيص أو تحديد تركيبة الخطاب وبُنيته. لا يهدف التحليل النصّي إلى تقديم نسخة مختصرة للخطاب من أجل تسهيل دراسته، بل العكس يتوسّع في تقديم المعلومات ويُسهب في تقديمها عبر تقنيَّتَين هما: تحليل المحتوى، والتحليل السيميائي. تحليل المحتوى هو تجزئة النص إلى وحدات من المعلومات، وذلك بحسب رموزها وتصنيفها. وغالبًا ما يُعدّ تحليل المحتوى طريقة استقرائيّة صارمة حتى أنّه يُسمّى بعملية بناء النظرية. هذا النوع من التحليل تديره فئات نظرية محدّدة هي: أهمّية النص أو قيمته، وكيفية تقسيمه، والأكثر أهمّيّة من ذلك اعتماد كيفيّة تصنيف أجزاء النص على الأهداف النّظرية للباحث. لا ينفي التحليل السيميائي أهمّية المعاني المستخرجة من الخطاب عبر تحليل المحتوى، بل يحوّلها إلى إشكاليّة مفادها أنّه لا يمكن تحديد معنى الخطاب من خلال اللغة، أو على الأقلّ لا يمكن تحديده بأسلوب مطلق وحاسم. لا علاقة هرميّة أو مبرمجة بين اللغة والخطاب، بل العلاقة بينهما جدلية إذ تستخدم الخطابات اللغة كوسيلة للتعبير، ولكنّ ذلك يؤدي أيضًا إلى تعديل اللغة أو تجديدها (Ruiz، 2009).
1.2 التحليل السّياقي
يُفهَم السّياق على أنّه الحيّز الذي يظهر فيه الخطاب وفيه يكتسب الخطاب معنىً. وعلى هذا المستوى، يُعدّ الخطاب حدثًا فريدًا قام به أشخاص معيّنون في مكان وزمان محدّدَين، وضمن عالم من الرّموز المحددة ولديهم غاياتهم المنطقية الخاصة. وبناءً عليه، يُقسَم التحليل السياقي إلى نوعين: تحليل سياقي موقفي وتحليل سياقي للعلاقة بين النصوص.
ويتطلّب تحليل الخطاب السياقي وصفًا مفصّلًا للظروف التي صدر فيها الخطاب، وخصائص الأشخاص الذين صدر عنهم الخطاب. ويركّز هذا النوع من التحليل أكثر على الجوانب البراغماتيّة للخطاب، كما أنّه يركّز على التفاعلات، والعمليات الحوارية التي ساهمت في إنتاج الخطاب. يرتكز النوع الثاني من التحليل السّياقي على التحليل المقارن إذ يستنبط معنى الخطاب بالرجوع إلى خطابات أخرى (Ruiz، 2009).
1.3 التحليل التّفسيري
ينطوي التحليل السوسيولوجي للخطاب على صناعة الروابط بين الخطابات التي حُلِلت وبين الحيّز الاجتماعي الذي ظهرت فيه الخطابات. وقد تكون هذه الروابط والصلات متنوعة جدًا بحسب التوجّه النّظري الخاص بالمُحلّل. ومن النّاحية العملية تنحصر التفسيرات السوسيولوجيّة للخطاب في ثلاثة أنواع هي: التفسير الذي يُعِدُّ الخطاب معلومة اجتماعيّة، ونوع آخر يُعِدّه انعكاسًا للأيديولوجيات التي يعتنقها الأفراد المشاركين في إعداد الخطاب، ونوع ثالث من التفسير يُعِدّ الخطاب نتاجًا اجتماعيًّا (Ruiz، 2009).
2- التّحليل السّيميائي للخطاب
مصطلح السيميائية هو علم يبحث في دلالة الإشارات في الحياة وأنظمتها اللغوية، لذا نجد أنّ هذا المفهوم له حيثيات وأصول لتسميته ومكوّناته، فالسيميائية والسيميولوجيا تُعنى بالعلامة التي شاع استخدامها كمصطلح غربي في اللفظة السويسرية (Semiologie) والفرنسية (Semiotic)، وكلاهما مشتقّ من الجذر اليوناني (Semeion)، فهي تسعى إلى تواصل معاني الدّلالات الواسعة من خلال علامات (Signs)، ونجد أنّ هذين المفهومَين قد أتيا بنفس المعنى وهو العلامة (الدباغ، 2017). العلاماتيّة أو السيميولوجيا هي علم العلامات أو السّيرورات التأويلية، وهي إحدى علوم اللغة التي تدرس الإشارات، أو العلامات، وفق نظام منهجي خاص يبرز ويحدد الإشارة، أو العلامة اللغويّة، أو التّصويرية في النّصوص الأدبيّة، وفي الحياة الاجتماعيّة. والسّيميائيّة كمنهج نقدي هو منهج يهتم بدراسة حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، ويحيلنا إلى معرفة هذه الدلائل، وعلتها، وكينونتها، ومجمل القوانين التي تحكمها (رضوان ل.، 2017، صفحة 785).
فالسيميائية إذًا علمٌ يعرّفنا على وظيفة هذه الدّلائل والقوانين، التي تتحكّم فيها ومجال عمله هو اللغة، وهذا ما جعل السيميولوجيا ممارسة استقرائية استنتاجيه، تنطلق في تحليلها للنص الأدبي من عدّ “النص يحتوي على بنية ظاهرة، وبنية عميقة، يجب تحليلهما وبيان ما بينهما من علائق” (رضوان ل.، 2017، صفحة 785) وتقوم على إطلاق الإشارات كدوال حرة، لا تقيدها حدود المعاني المعجميّة، ويصير للنص فعاليّة قرائيّة إبداعيّة؛ تعتمد على الطاقة التّخييليّة للإشارة في تلاقي بواعثها مع بواعث ذهن المتلقي، ويصير القارئ المدرب هو صانع النص. تبحث السّيميائيّة عن المعنى من خلال بنية الاختلاف ولغة الشّكل والبنى الدالة. وهي لذلك لا تهتمّ بالنّص ولا بمن قاله، وإنّما تحاول الإجابة عن تساؤل وحيد هو كيف قال النص؟ وما قاله؟ ومن أجل ذلك يفكك النص ويعاد تركيبه من جديد ليحدّد ثوابته البنيويّة. إنّ التحليل السيميائي هو ذاته تحليل الخطاب، وهو يميّز بين “السيموتيقا النصية” وبين اللسانيات البنيوية للجملة، ذلك أنّ هذه الأخيرة حين تهتمّ بالجملة تركيبًا وإنتاجًا فإنّ السيموتيقا تهتمّ ببناء نظام لإنتاج الأقوال والنصوص وهو ما يُسمّى بالقدرة الخطابية (يوسف، 1997).
3- التّحليل التّداولي (البراغماتي) للخطاب
يعرّف طه عبد الرحمان كلمة تداول بقوله: “تداول الناس كذا بينهم يفيد معنى تناقله الناس وأداروه فيما بينهم” فمفهوم النقل والدوران مستعملان في نطاق اللغة الملفوظة، فيُقال: “نقل الكلام عن قائلٍ بمعنى رواه عنه ويُقال دار على “الألسن” بمعنى جرى عليها والنّقل، والدوران يدلان في استخدامهما اللغوي على معنى التواصل وفي استخدامهما التّجريبيّ على معنى الحركة بين الفاعلين فيكون التداول جامعًا بين التواصل والتّفاعل فمقتضى التّداول يكون القول موصولًا بالفعل (طه، 2007). وجاء في لسان العرب لابن منظور: “التداوليّة: جذورها “دول”: الدُولة والدَولة والدولة: اسم شيء يتداول” (منظور، 1997، صفحة 432). والتّداوليّة اصطلاحًا هي “علم جديد للتواصل، يدرس الظاهرة اللغويّة في مجال الاستعمال” (مسعود، 2005، صفحة 16). ويُعدّ الفيلسوف الأميركي “شارل موريس” أول من استعمل مصطلح التداولية (pragmatique) وذلك سنة 1938 فهو يعرّف التداولية على أنّها ذلك العلم الذي يُعنى بالعلاقات بين العلامات ومستخدميها، والذي استقرّ في ذهنه أن تقتصر على دراسة ضمائر التكلّم والخطاب وظرفَي المكان والزمان “الآن، هنا” والتّعابير التي تستقي دلالتها من معطيات تكون جزئيًّا خارج اللغة نفسها أيّ من المقام الذي يجري فيه التّواصل” (موشلار و آن ريبول، 2003، صفحة 29). لقد ارتبط مفهوم الخطاب بالاستعمال الفعليّ للغة، وليس بالاستعمال المجرد وفي هذه الدّراسة نقوم بدراسة الخطاب بالنّظر الى سياقه الاجتماعي السياسيّ، ومحاولة فهم الفعل الذي ينتج عن الخطاب وهذا لا يتحقق إلّا من خلال البراغماتيّة التي تحمل معنى الفعل pragma: action.
والبراغماتيّة أو التداوليّة هنا ليست الفلسفة النّفعيّة الذرائعيّة le pragmatisme وإنّما المقصود هنا دراسة المعنى كما يعنيه المتكلم، وكما يفسره السّامع أيّ تحليل ما يعنيه المرسل أكثر من ما تعنيه الكلمات منفصلة، هي دراسة المعنى الذي يقصده المتكلم “بل هي دراسة اللامرئي وهي لا تنفصل عن كيفية الإيصال تبعًا لمقاصد المتكلم والسامع” (طنوس، 2014، صفحة 230). لسانيًّا تعني البراغماتيّة “دراسة اللغة في علاقتها بالسياق المرجعي لعملية التخاطب، وبالأفراد الذين تجري بينهم العملية التّواصليّة” (ايوب، 2011، صفحة 239)، وتهتم البراغماتيّة بالمبادئ التي تحكم تأويل العلامات ليس بالاستناد الى المعاجم ، وإنّما على سياق القول وظروفه بما يتخطى المعنى اللغوي الى الحركات والايماءات كحركة الوجه والجسد وطريقة لفظ الكلمات. والبراغماتية تسمح بفهم وقراءة الدّلالات اللغوية وغير اللغوية من تنغيم للصوت أو من حركات الجسد.
ولدت البراغماتية من التقاء العديد من التخصصات والاتجاهات، وهي ليست نظامًا مستقلًا وموحدًا إذ لم يتفق العلماء، والباحثين على تحديدها وتوصيفها توصيفًا دقيقًا تمام كما هو الحال مع مفهوم الخطاب بشكل عام. تشكّل البراغماتيّة في الحقيقة مفترق طرق متعدد الاختصاصات من لغويين وعلماء منطق، وفلاسفة وعلماء نفس واجتماعيين ما يجعل لهذه المقاربة ثراءً مميزا. ظهرت المقاربة البراغماتيّة للخطاب مع تطور الدراسات حول تحليل الخطاب في القرن العشرين، التي كانت تتناول الخطاب من وجهة نظر علم الدّلالة semantique التي تدرس علاقة الاشارات والكلمات والجمل بالأشياء وحالات الأشياء، يدرس هذا المنهج اذا المعنى والمرجع والحقيقة. ومن ناحية أخرى المنهج اللغوي syntaxique والذي يدرس علاقة الدلالات في ما بينها والكلمات التي تشكل الجملة وتسلسل الجمل، يحاول هذا المنهج صياغة قواعد التعبير وقواعد تحويل العبارات الى عبارات أخرى بهدف إيجاد قوالب للتعبير الأفضل. لكن هذين المنهجين لا يستنفدان مشكلة المعنى، والحقيقة وهنا ظهر المنهج البراغماتي الذي يدرس علاقة الإشارات بمستخدميها والجمل بمطلقيها (Carnap، 2007). ويحدد المنهج البراغماتي ثلاثة مفاهيم أساسيّة في الخطاب:
- الفعل أو فعل الكلام: اللغة لا تخدم فقط تمثيل العالم، وإنّما تقوم بإنجاز فعل فالكلام هو الفعل، إنّه على سبيل المثال تصرف مع الاخرين ، هو إذا فعل الكلام وتوجيه مفهوم الفعل هذا نحو مفاهيم أكثر عدلًا وشمولية للفعل والتّفاعل.
- مفهوم السّياق: الظروف التي حصل فيها نطق الخطاب، والتي تشمل الزمان والمكان والوقت وهوية المتحدثين وكل ما يجب معرفته من أجل فهم وتقييم ما يقال. وتظهر أهمية السّياق عندما تصل رسالة مجهولة من طرف مجهول المكان، والزمان فتصبح الرّسالة غامضة وغير واضحة.
- مفهوم الأداء: يفهم منه وفقًا للمعنى الأصلي للكلمة انجاز الفعل في السياق، أيّ معرفة كفاءة المتحدثين ومعارفهم واتقانهم للقواعد، ويمكن تسميتها الكفاءة التواصليّة.
يرى “فان دايك” أنّ الخطاب مجموعة متكاملة من الأفعال الكلاميّة “فعندما يكون فعلان كلاميان مترابطين، فإنّ الفعل الأول يكون شرطًا ممكنًا لتحقق الفعل الثاني. وكذلك تُربط القضايا المتتابعة بالقضية الكبرى الشّاملة” (ايوب، 2011، صفحة 240).
في الحقيقة إن الناس لا يتذكرون الأفعال الكلامية التفصيليّة، التي يتضمنها الخطاب إنّما يأخذون الخلاصة من الخطاب، أو الهدف منه أيّ الفعل الكلامي الأكبر والأشمل وبذلك لا يقتصر فهم الخطاب على البعد الشكليّ أيّ البنية التنظيميّة للخطاب، أو على البعد الدّلالي أيّ موضوع الخطاب إنّما صار يشمل البعد البراغماتي الذي يأخذ بالحسبان الفعل الكلامي العام بالإضافة الى أفعال الاتصال الأخرى (ايوب، 2011)
وتهتم البراغماتية بشكل أساسي بفهم المضمر من الكلام، فالمعلن منه هو المعبر عنه مباشرة في الملفوظة أيّ الصريح والواضح الذي لا لبس فيه، أمّا المضمر فهو ما يمكن أن تحتمله الأقوال ويُستَخرج استنباطًا أو استقراء بعد وضع الملفوظة في سياق معين. تستعين البراغماتية بأفعال الكلام من أجل فهم قصديّة التواصل، تبعًا لنظرية الباحث الإنكليزي جون أوستين الذي يُعدّ أنّ “القول يعني الفعل” أيّ أنّ المتكلم عند استعماله اللغة، يقوم بفعل وعند تلفّظه في موقف يعيّن تنكشف قصديته” (ايوب، 2011، صفحة 240). والمراد من هذه النظرية أنّ المتكلم عند استعماله اللغة لا ينتج كلمات إنما يقوم بفعل، وعند تلفظه في موقف معين تنكشف قصديته “فأفعال الكلام هي الملفوظات المتحققة فعلًا من قبل متلفظ ما في موقف ما” (ايوب، 2011، صفحة 240). في العام 1955 قدّم الفيلسوف البريطاني جون أوستين سلسلة محاضرات في جامعة هارفرد تحت عنوان “ماذا نفعل حين نتكلم؟” وقد أحدثت ضجة كبيرة عند اللسانيين والفلاسفة وعلماء الاجتماع، ونشرت محاضراته في كتاب تحت عنوان “حين نتكلم نفعل” وأصبح مفهوم الفعل الكلامي نواة مركزية في الدراسات التّداولية. لقد قسم أوستين الأفعال الكلامية إلى ثلاثة أقسام:
- فعل القول: acte locutoire
ويعني بذلك تأدية الأصوات أيّ القول وصوته، والجهد الذهني الذي يتطلبه والمفاهيم الممثلة بكلمات والربط في ما بينها.
- فعل تحقيقي: acte illocutoire أو فعل قوة القول وهو ينتج مما يؤديه فعل القول الأول من معنى إضافي الى جانب معناه الأول المباشر (ايوب، 2011) وهي بمعنى آخر ما ينتج عن الأفعال الكلاميّة من أمر أو وعد أو تهديد “فالمتكلم حين يتلفظ بقول ما ينجز دلالة قصدية تحدث تغييرًا في وضع المتخاطبين وهو ما سماه أوستين بقوة الفعل” (ايوب، 2011، صفحة 240).
- فعل أثر القول: acte perlocutoire أو الفعل الناتج عن القول، وهو الأثر الذي يحدثه قعل القول التحقيقي في المتلقي. ويرى أوستين أن المتكلم قد يتسبب للمخاطب بردة فعل فكرية أو شعورية: كالإقناع أو الإرشاد أو التّضليل أو الحماسة أو التثبيط (طنوس، 2014).
الخاتمة
يُعدُّ تحليل الخطاب الإعلامي حقلًا مليئا بالدلالات العميقة، التي تحتوي على العديد من الإيحاءات والمعاني لاهتمامه بدراسة السّياقات المختلفة للعملية الاتصاليّة، والظروف المحيطة بها وهو يهتم بتعريف المتلقي على ما يدور حول الخطابات الناتجة عن عملية الاتصال من معانٍ إيحائيّة، والكشف عن المعاني الضمنيّة التي تحملها وهو يسعى الى الغوص عميقًا في الرسالة الإعلاميّة المشكلة للخطاب وفهم الرسالة الضمنية المراد ايصالها اي البحث عن المعنى الحقيقي للرسائل الإعلاميّة. فالخطاب الإعلامي يحمل في طياته العديد من التأويلات المختلفة، والأنظمة الدّلاليّة السيميولوجيّة والرسائل اللسانية ذات الأبعاد المتعددة ليقوم متلقي الخطاب بدوره في تفكيكها مستندًا إلى ما يملكه من مخزون معرفيّ، وفكريّ لفهم أحداث الواقع المعاش. وقد استعرضنا في هذه الدّراسة أبرز تعريفات الخطاب بشكل عام، والخطاب الإعلامي بشكل خاص والوقوف على أبرز مدارس تحليل الخطاب، التي تساهم في بلورة صورة واضحة عن تحليل الخطاب الإعلامي واستخداماته المختلفة علّها تشكّل مرجعًا للباحثين في الخطاب الإعلامي والدراسات الإعلاميّة وتساهم في إثراء المكتبة العربية.
المراجع
Cambridge. (بلا تاريخ). discourse. تم الاسترداد من 1-dictionary.cambridge.org: https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/discourse
Dominique Maingueneau. (1998). Analyser les textes de communication. Paris: Dunod.2-
Edward w. Said. (1978). Orientalism. New York: Routledge & Kegan Paul Ltd.3-
تم الاسترداد من. (May, 2009). George Ruiz Sociological Discourse Analysis: Methods and Logic. 4-qualitative research: https://www.qualitative-research.net/index.php/fqs/article/view/1298/2882
Rudolf Carnap. (2007). « La pragmatique est à la base de toute la linguistique ». 5-Paris France: Presse universitaire de France.
. (1 تشرين الأول, 1997). تم الاسترداد من مجلة نزوى www.nizwa.com:. أحمد يوسف6- https://www.nizwa.com /
-7ادريس حمادي. (1994). الخطاب الشرعي. بيروت لبنان: المركز الثقافي العربي.
-8أشرف محمد عبيد. (2016). قضية الهوية الوطنية في الخطاب السياسي السوداني. المكتب العربي للمعارف.
-9السيد ياسين. (1980). تحليل مضمون الفكر القومي العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
-10اليامين بن تومي. (2015). محاضرات في تحليل الخطاب. الجزائر: جامعة سطيف.
-11بسام عبد الحمن المشاقبة. (2014). مناهج البحث الإعلامي وتحليل الخطاب. الاردن عمان: دار اسامة للنشر والتوزيع.
-12بلال حسين محمد الدباغ. (كانون الأأول, 2017). شعر عز الدين المناصرة (دراسة سيميائية). 88. غزّة: الجامعة الإسلامية في غزة.
-13جاك موشلار، و آن ريبول. (2003). التداولية اليوم علم جديد في التواصل. (سيف الدين غفوس، ومحمد الشيباني، المترجمون) بيروت.
-14جان نعوم طنوس. (2014). تحليل الخطاب مفاهيم نظرية ونصوص تطبيقية. بيروت: دار المنهل اللبناني.
-15 حامد عبد الماجد. (2000). مقدمة في منهجية دراسة وطرق بحث الظواهر السياسية. القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
-16 ديان ماكدونيل. (2001). نظريات الخطاب. القاهرة: المكتبة الاكاديمية.
-17 صحراوي مسعود. (2005). التداولية عند العلماء العرب. بيروت: دار الطليعة.
-18عبد الرحمان طه. (2007). تجديد المنهج في تقويم التراث. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
-19عبد الرحمن بدوي. (2017). الخطابة، ارسطو. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
-20عمّار طاهر محمّد. (2019). دور الخطاب الإعلامي بالقنوات الفضائية. مجلّة علوم الإعلام والاتصال، كليّة الإعلام جامعة بغداد، 1.
-21ليلى شعبان الشيخ رضوان. (2017). المنهج السيميائي في تحليل النص الادبي. كلية الدراسات العليا للبنات في الاسكندرية.
-22مارلين نصر. (1990). تحليل القومية العربية في فكر جمال عبد الناصر 1952-1970. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
-23محمد شومان. (نيسان, 2004). إشكاليات تحليل الخطاب في الدراسات الإعلاميّة العربية :الدراسات المصرية نموذجا. المجلة العلمية لكلية الآداب جامعة المنيا.
-24محمد شومان. (2007). تحليل الخطاب الإعلامي. بيروت لبنان: الدار المصرية اللبنانية.
-25مختار الفجيري. (2014). مفهوم الخطاب بين مرجعه الأصلي الغربي وتأصيله في اللغة العربية. المدينة المنورة السعودية: جامعة طيبة.
-26معجم المعاني. (بلا تاريخ). تعريف و معنى الخطاب في معجم المعاني الجامع. تم الاسترداد من almaany.com: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ /
-27ميشال فوكو. (1987). حفريات المعرفة. بيروت لبنان: المركز الثقافي العربي.
-28نبيل ايوب. (2011). النقد النصي 2 وتحليل الخطاب. بيروت لبنان: مكتبة لبنان ناشرون.
assiahusseini@gmail.com طالبة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية -علوم الإعلام والاتصال -[1]