الشّريعة الإسلاميّة والطفل
م. د. ساهرة حسين محمود([1])
الملخص
الحمد لله رب العالمين سابغُ النعمُ، والشكر لله تعالى ذي الجود والكرم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين النبي الأكرم الخاتم الأمين محمد بن عبد االله ” صلى اللهُ عليهِ وآله وسلم “، الطيبين الطاهرين والأئمة الأخيار، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
يهتم الإسلام كثيراً بالطفل، بوصف أنّ مرحلة الطفولة هي المرحلة الأساسيّة لتشكيل شخصيته، فالشريعة الإسلاميّة قد حقظت لكل فرد في المجتمع حقه، فبالإضافة إلى الحفاظ على حقوق الرجل والمرأة، فإنّها قد حفظت جميع حقوق الطفل العقائديّة والتعبديّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة. فحث الإسلام الآباء على توجيه أبنائهم التوجية الصحيح ويكون من واجبهم القيام بذلك، بل إن الإسلام كفل للطفل حقوقًا كثيرة، فالعناية بالطفل تبدأ قبل دخول رحم الأم، وتقع على الآباء مسؤولية تأديب وتربية الأبناء، وفق أسس ومبادئ الإسلام الحنيف، والتأكيد على أهمّيّة غرس الأخلاق الحميدة في نفوس الأبناء منذُ الصّغر.
فالأطفال هم القاعدة التي تجعل المجتمع يبني عليها حضارته ويؤسس عليها بنيانه المتكامل، وهذا يقرر أنّ مستقبل المجتمع مرتبط بالعناية بأطفاله، فهم المستقبل والقادة وصانعو الحضارة، والثروة ومصدر التقدم، فهم مركز أمل المجتمع وتطلعه، والعناية المتكاملة بالأطفال هي الخطوة الأولى لبناء المسقبل، فبدأ الطفل يلقى أهتمامًا كبيرًا من الهيئات والجهات ذات العلاقة بمستقبله. ونشأ عن هذا البحث المتواضع مقدمة ومحوران وخاتمة هي:
المحور الأول: مفهوم وأهمية الطفولة.
المحور الثاني: حقوق الطفل في الشّريعة الإسلاميّة.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا البحث المتواضع، معينًا للمهتمين في تربية الطفل وحقوقه في تأريخ مختلف الشرائع عامة.
Abstract
Islam cares a lot about the child, considering that childhood is the basic stage of shaping Child’s personality, Islamic law has reserved everyone’s right in society. In addition to keeping the rights of men and women, they have preserved all the child’s ideological, worship, moral and social rights. Islam urges parents to quid their children to the right direction and it is their duty to do so. Islam has guaranteed many rights of the child, as care for the child begins before entering
the mother’s womb, and it is the responsibility of the fathers to discipline and raise children, in accordance with the principles of Islam, and emphasizes the importance of instilling good morals in children from a young age. Children are the base on which society builds its civilization and establishes its integrated structure. This decides that the future of society is linked to the care of children. they are the future, leaders and makers of civilization, wealth and the source of progress. They are the center of the hope and aspiration of society, and entire care of children is
the first step to build the future, so the child began to receive great attention from the organizations and bodies related to his future.
This research resulted in an introduction, two axes and a conclusion:
The first axis: the concept and importance of childhood.
The second axis: rights of the child in Islamic law.
I ask God almighty to have this simple research, help to those interested in raising the child and his rights in the history of various laws in general.
المقدمة
تبدأ المرحلة الأولى من التطور البشري بعملية نمو الجنين في مرحلة الحمل التي تستمر حتى الولادة، وفي مراحل النمو اللاحقة هناك تقسيمات علمية حسب احتياجات ومتطلبات كل مرحلة، وكذلك درجة اعتماد الأفراد على أنفسهم في إنجاز مهامهم الخاصة، مثل الاحتياجات الجسدية، أو السلوكيّة، أو الاجتماعيّة، أو الروحيّة، ومن الضروري فهم نمط المراحل التي يمر بها الشخص في تطوره؛ حيث يتضمن ذلك تحليلًا لاحتياجات ومتطلبات كل مرحلة في عملية بناء بالنسبة إلى الفرد، تتسلسل هذه المراحل بشكل طبيعي من بداية حياة الإنسان حتى تكوينه.
إلّا أنّ معظم الباحثين يشيرون إلى المرحلة الأولى التي يبدأ فيها تكوين الجنين في رحم أمه، لأن تلك المرحلة من التكوين هي المرحلة الأولى من نمو الجنين، لأنها يوضح التكوين للأعضاء الرئيسية، ومن ثم نموها المميز، إذ يكتمل جسمه أثناء الحمل، ثم يظهر عند ولادته مع الأخذ في الحسبان المرحلة الأولى من نمو الطفل، وهي مرحلة الحمل، ثم ولادة الطفل وهناك اختلافات واضحة في الظروف التي يعتقد العلماء أنها مناسبة للعمر أو الوقت والمرحلة من حياته، وفي ما يلي مقدمة لحياة الإنسان ومراحل نموه حسب عمره.
يطور الأطفال مهارات أساسيّة لبناء علاقات أجتماعية صحية، وتعلم الأدوار التي تعدهم للمراهقة والبلوغ. فمراحل الطفولة: تنقسم إلى: مبكرًا جدًا من الولادة إلى ما بين 18-24 شهرًا، يتعلم خلالها الطفل الإدراك الحسي من خلال النظر واللمس، ويطور مهاراته الحركيّة، ويتعرف على والديه، ويظهر كيف أثرت عليه الإجراءات. والطفولة المبكرة تمتد من 18 شهرًا إلى 3 سنوات، تتطور خلالها علاقة الطفل بالوالد ويبدأ الطفل في الاعتماد على نفسه في بعض الأشياء. وعمر اللعب من 3-5 سنوات، يزداد خلالها فضول الأطفال لاكتشاف الأشياء من حولهم، ويبدأون خلالها بتقليد الكبار. أمّا سن المدرسة فيبدأ من 6 إلى 12 عامًا، يتعلم خلالها الأطفال ويستكشفون ما في المجتمع، ويتعلمون مهارات جديدة، ويسعون إلى تكوين صداقات.
يتفق العلماء على أنّ مرحلة رياض الأطفال تبدأ عندما يبلغ الطفل 3 سنوات وتستمر، حتى سن الخامسة، حيث يشار إليها غالبًا بمرحلة رياض الأطفال أو مرحلة ما قبل المدرسة، مشيرين إلى أنّ هذه المرحلة لها خصائص عدّة يمكن تلخيصها كالآتي: إنّ الطفل يكتمل نموّه البدني في هذه المرحلة الطول، والوزن ويزداد متوسط الطول بين 90-120 سم، أمّا الوزن فيكون بمعدل كيلوغرام واحد في السنة في هذه المرحلة يبدأ الطفل في استخدام عضلاته. ومن هنا نلاحظ أنّ التّطور الجسديّ لهذه المرحلة يتسارع لأنّ التّطور الحركيّ والحسيّ في بداية هذه المرحلة يكون فيه النمو البدني غير متّسق، وذلك لأنّ الطفل لم يصل بعد إلى مرحلة النضج من حيث العضلات الدقيقة.
مع نمو الطفل يصبح النمو الجسدي أكثر وأكثر اتّساقًا. فيبدأ الطفل يمشي ويقفز. هذه المرحلة من الطفل تكون المسافة المكانية للطفل أقل؛ ولهذا السبب لا يستطيع التعرف على الاتجاهات، و يبدأ الطفل في تعلم إمساك الأشياء، وعلى سبيل المثال الملاعق والأقلام، ويبدأ أن يدرك البعد المكاني واتجاه الأشياء. التطور الفسيولوجي: يكون الطفل في هذه المرحلة قادرًا على التحكم في عملية إفرازه (التبول)، وعلى عكس المراحل المبكرة من الطفولة، يبدأ وقت نومه في الانخفاض تدريجيًّا، ويصبح تنفسه أكثر انتظامًا، وينخفض معدل ضربات قلبه.
مرحلة التطور العقلي في هذه المرحلة يبدأ الطفل في التحدث بشكل جيد، ونتيجة لذلك تبدأ مشاكله بالظهور، ويحب أن يكون اجتماعيًّا وأن يلتقي بالناس وغالبًا ما يكون فضوليًّا؛ من أجل معرفة ما يجري حوله هو، ويدخل الطفل المرحلة الاستكشافيّة، محطمًّا بعض الألعاب لمعرفة ما بداخلها، فإنّ الشيء المهمّ في هذه المرحلة هو أن المستوى الفكري للطفل يبدأ في الارتفاع؛ لذلك عندما يطور خيالًا غير واقعي، يصبح قادرًا على تمييز الأشياء، ويدرك المفاهيم التّجريديّة مثل الخير؛ يستخدم الدمى وألعاب الإيماءات وأحلام اليقظة. النمو العاطفي: في هذه المرحلة يعبر الأطفال عن بعض مشاعرهم من خلال الاستجابات الجسدية، مثل الغضب والخوف، وغالبًا ما تتميز مشاعر الأطفال في هذه المرحلة بالعنف والغضب والتطرف. حول نفسه وممتلكاته؛ لا يحب مشاركة لعبته مع الآخرين، ولكن مع انتهاء المرحلة، تتلاشى هذه المشاعر، ويبدأ نمو المشاعر في الأستقرار، وتبدأ الحدة في التلاشي.
المحور الأول: مفهوم وأهمية الطفولة
تُعرف مرحلة الطفولة أنها المرحلة الأولى من حياة الإنسان، من ولادته حتى سن 12-13، وتنقسم مرحلة الطفولة أساسًا إلى قسمين: مرحلة الرضاعة، ومرحلة الطفولة المبكرة، والرضاعة من الولادة حتى سن 4 سنوات؛ وهي تطور الجسم والمعرفيّ والاجتماعيّ، والعاطفيّ واللغويّ ومدة طويلة من منتصف الطفولة، ومن سن 6 إلى 12 عامًا، خلال السنوات الست الأولى من الطفولة ينمو الطفل بسرعة؛ وذلك لأن دماغه وخلاياه العصبية تتطور بشكل أسرع في هذه المرحلة (السيد، فؤاد البهي، ١٩٩٧، ص35)، ويتعلم خلال هذه السنوات أكثر من المراحل الأخرى. يمكن القول إنّ مرحلة الطفولة هي المرحلة التي يستمتع فيها الأطفال بالألعاب والتعليم، وفي هذه المرحلة ينمو الأطفال إلى مرحلة القوة والثقة بالنفس تحت رعاية وتشجيع الأسرة والمجتمع و الطفولة مهمة إذ يتمتع الأطفال بمجموعة من الحقوق، بما في ذلك الأمان والحماية من الاستغلال والإيذاء والتحرر من جميع أشكال العنف التي تتجاوز المدة بين الولادة والمراهقة وتصبح أنعكاسًا لنوعية حياة الطفل في ذلك الوقت (صادق، أمال؛ أبوحطب فؤاد، نمو الإنسان،١٩٩٥، ص82).
يعتقد أن الذكاء الكامن لدى الشخص يصل إلى 50٪ على الأقل بحلول سن الرابعة، الأسس التي تشكّل مستقبل الطفل: يستمر تأثير ما يتعرض له الطفل في المراحل الأولى من حياته، ويظهر في حياته المستقبلية مع تقدمه في العمر، ما يعني أن تأثير البيئات السعيدة والحزينة والدّاعمة على الطفل هو على المدى الطويل، من وجهة النظر هذه، يجب على الآباء الأنتباه إلى سلوكهم، ويبدأ الطفل في فهم الأشخاص من حوله منذ سن مبكرة جـدًّا (Handbook of Child Psychology2004. p. 122-125) وخبراته والروابط التي يشكلها مع والديه وتجاربه التعليميّة الأولى، يؤثر بشكل عميق على نموه الجسدي، والمعرفي، والعاطفي، والاجتماعي، المستقبلي، وكلّما زاد فهم الوالدين، كان العلاج أكثر نجاحًا.
تطوير مرحلة نظرة إيجابيّة والمتفائلة: كلما زادت التّجارب الإيجابية التي يمر بها الطفل في وقت مبكّر، كان أكثر ثقة واحترامًا لذاته.
المرحلة الأولى من هوية الطفل وتكوين شخصيته: وهذا يعني أنه يجب على الوالدين الاهتمام بهوية أطفالهم، والسماح لهم بتجربتهم ومدحهم وتقويتهم لأن ذلك يؤثر على تكوين شخصيتهم. فمراحل بناء علاقات قوية خلال الطفولة، يطور الأطفال علاقات قوية مع والديهم أولًا ثم مع الآخرين. مما تحدد مرحلة الطفولة قوة العلاقة بين الوالدين والطفل في المستقبل (Bronfenbrenner، U. (1986) p. 723-742)
التأثير على التعلم المدرسي: لتنمية الطفولة المبكرة لها تأثير كبير على التعلم في المستقبل في المدارس. المراحل التي تؤثر على عواطف الطفل وعلاقاته الاجتماعيّة إذ يتعلم الطفل من خلال الحواس والعواطف، لا يستطيع الطفل التحدث في مرحلة الطفولة المبكرة، ولكن يمكنه التقاط مشاعر ومشاعر الآخرين من خلال سلوكهم وخصائصهم. وهذه المرحلة التي تؤثر على صحة الطفل: فيبدأ نمو صحة الطفل الجسدية من سن مبكرة، وفي هذه المرحلة يمكن تعليمه قواعد التغذية السليمة، وكيفيّة الاهتمام بالنظافة الشخصية، والابتعاد من الأشياء التي تعرض الصحة الجسدية للخطر. ومن الضروري للغاية تعليم الأطفال وتحفيزهم على التعلم أفضل مرحلة لتحفيز الأطفال على التعلم منذُ سن مبكّرة، إذ في هذه المرحلة يمكن أن يزود الطفل بأكبر قدر ممكن من المعلومات لتحفيزه على التعلم، وذلك لتحقيق الدرجات في المدرسة (زهران، حامد عبد السلام، ١٩٩٥، ص125).
أمّا المرحلة الطفولة المتوسطة فتسمى بمرحلة الطفولة الهادئة. وذلك لأن معدل النمو البدني للطفل أقل مما كان عليه في المراحل السّابقة، والتي تبدأ من سن 7 إلى 12 عامًا، وبعض الكتب تقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين هي الأولى تسمى المرحلة المتوسطة؛ وتمتد من سن 7 سنوات إلى 9 مرحلة أخرى، وهي متأخرة، وتمتد من 10-12 سنة ولكن يمكن الجمع بين هاتين المرحلتين، وذلك لأنهما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا وخصوصًا عندما يدخل الطفل المدرسة في جميع نواحيه، وتبدأ في تسريع النمو فيما يلي وأكثر ما يميز هذه المرحلة أهمّيّة: أن يكون لديه أسنان دائمة، بالإضافة إلى قدرته على التحكم بشكل أفضل في عضلاته الرفيعة (مسن، بول وآخرون، أحمد عبد العزيز، أسس سيكلوجية الطفولة والمراققة، ١٩٨٧، ص 102)، أي يمكنه تناول الطعام بمفرده والإمساك بالقلم بشكل أكثر دقة، وتجدر الإشارة إلى أن النمو البدني لهذه المرحلة أبطأ من المرحلة السّابقة، كما أن نمو القلب أبطأ، ومن الضروري معرفة حجم الجسم والرأس للوصول إلى الحجم الطبيعي. مرحلة التطور الفسيولوجي: في كل مرحلة من مراحل عمر الطفل يبدأ وقت نومه بالتناقص تدريجيًّا (Bronfenbrenner، U. 2006. p. 55-74) وعلى عكس المرحلة السابقة يكون الطفل قادرًا على التحكم الكامل في عملية إفرازه، ويصبح نبض قلبه أبطأ وأبطأ.
مرحلة التطور الحسي: يبدأ التطور اللغوي في هذه المرحلة بالتّسارع، فمع دخول الطفل سن المدرسة، تمكنه من التعرف على الحروف، وتمييز الأرقام، وإدراك الألوان، كما تطورت الأعضاء الحسية بشكل ملحوظ لسماع ووصف الأشياء بدقة.
مرحلة التطور الفكري: بعد دخول الطفل المدرسة يتسارع التطور الفكري تدريجياً (العيسوي، عبد الرحمن، ١٩٩٣، ص99) وتزداد معرفته باللغة، ويبدأ في القدرة على القراءة والكتابة وتذكر العمليات القائمة على الفهم، ويتعزز تركيزه، حتى يتمكن من التفكير المجرد. ما يعني بأن يبدأ الطفل في التفكير بمعنى الكلمات، يصبح خياله أكثر واقعية.
مرحلة النمو العاطفي: يكون الطفل في هذه المرحلة قادرًا على التعبير عن مشاعره، ونتيجة لذلك يكون قادرًا على التعبير عن حبه لوالديه، فالطفل يضحك كثيرًا ويقضي وقتًا ممتعًا، ويعرف أنه تتطور لديه عادات مزعجة مثل مص الإبهام والتبول اللاإرادي، السبب هو بعده عن الوالدين (مسن، بول وآخرون؛ ترجمة سلامة، أحمد عبد العزيز، (أسس سيكلوجية الطفولة والمراققة، ١٩٨٧، ص102).
يؤثر النّمو العاطفي والجسدي والاجتماعي للأطفال في مرحلة الطفولة بشكل مباشر على نموهم العام وطبيعة شخصيتهم في مرحلة البلوغ، لذلك هناك حاجة لفهم أهمية وضرورة تربية الأطفال الصغار لتعظيم قدراتهم. مستويات السّعادة في المستقبل. فتظهر لنا الأبحاث الجارية في هذا المجال، أن السنوات الأولى من حياة الطفل تؤدي دورًا رئيسًا في نمو الدّماغ، إذ يبدأ الأطفال في أستكشاف العالم من حولهم في سن مبكرة، ربما قبل الولادة وبعدها مباشرة (الأشول،عادل عز الدين، ١٩٨٩، ص20).
تؤدي كلّ من الجينات والبيئة دورًا مهمًا في نمو الطفل، إذ إن لكل من جودة البيئة التي يعيشها الطفل في المراحل المبكرة من حياته والخبرة المناسبة التي يتمتع بها في المرحلة الصحيحة من التطور دورًا مهمًا. وتزداد المحددات الرئيسة لطريقة تطور بنية دماغ الطفل، بالإضافة إلى دعم الرعاية الجيدة والبيئة التي تعزز نمو الطفل المثالي مع احتمالية انتقاله بنجاح إلى المرحلة المدرسيّة، ما يؤدي حصوله إلى درجات أفضل في المدرسة حتى النهاية من المرحلة المدرسية لاحقًا، قام بتحسين مستوى الدراسة والصحة والعمل لديه (سويد، محمد نور بن عبد الحفيظ: منهج التربية النبوية للطفل، ١٩٩٤، ص65).
وهناك عامل مشترك في العديد من المشاكل النفسية عند الأطفال كالغيرة المرضية مدمرة للأطفال ويمكن أن تكون سببًا للإحباط، والتعرض لعديد من المشاكل النّفسيّة. الغيرة هي أحد المشاعر الطبيعية للإنسان، مثل الحب… يجب أن يكون كذلك تتقبله، الأسرة على أنها حقيقة ولا تسمعها تنمو… الغيرة تفيد الناس لأنها الدافع إلى التفوق، لكن الكثير من الغيرة يمكن أن يفسد الحياة إنه يضر بالشخصية بشكل خطير (الأشول،عادل عز الدين، ١٩٨٩، ص27).
الغيرة تؤثر فقط على سلوك الطفل. فسلوك الطفل ليس غير واضح الغيرة بين الحين والآخر. إذا فهمنا الموقف وعالجناه، فلن يكون هناك مشكلة العلاج المناسب، ولكن إذا أصبحت الغيرة عادة واتخذت شكل الأسرة، إذ تصبح هناك مشكلة خاصة عندما يُعبّر عنها بعدة طرق، فالغيرة هي واحدة من أهمها العوامل التي تؤدي إلى تدني الثقة بالنفس أو النزعات العدوانية والمدمرة لدى الطفل والغضب. فتصبح الغيرة شعورًا مؤلمًا ينشأ في كثير من المواقف، مثل ولادة طفل جديد في الأسرة. أو خيبة أمل الطفل من رغبته في الاكتساب، بينما ينجح الطفل الآخر في الحصول عليها لتلك الرّغبات (الأشول،عادل عز الدين، ١٩٨٩، ص20)، أو عقدة الدّونية التي تنشأ من الفشل. في الواقع، إن عاطفة الغيرة هي عاطفة مركبة تجمع بين التملك والشعور إلى جانب الغضب، قد تصاحب مشاعر الغيرة غضب الشخص من نفسه بين إخوته تمكنه من تحقيق ما لم يستطع عليه. وتصبح للغيرة العديد من المظاهر الأخرى مثل (الثورة، والافتراء، والتحرش أو التخريب أو العناد والعصيان) (زهران، حامد عبد السلام، ١٩٩٥م، ص 95)، وقد يصحبه مظاهر أخرى مماثلة الغضب في حالة مكبوتة، مثل اللامبالاة أو الخجل أو العصبية الحساسيّة أو اليأس أو فقدان الشهية أو فقدان الرغبة في الكلام (الأشول،عادل عز الدين، ١٩٨٩، ص20).
المحور الثاني: حقوق الطفل في الشريعة الإسلاميّة.
إنّ حقوق الطفل احتياجاته من قبل الولادة وحتى نهاية الرضاعة تتلخص في اختيار أم صالحة خالية من المرض مع الحفاظ على حالتها العقلية. ويتبع الآباء تعاليم الإسلام الحنيف قبل الولادة لإنقاذ أطفالهم من شر الشيطان. وحقه في الحياة الكريمة ولو ولد زنا مع ضمان حضانة والدته له بعد الولادة مباشرة حتى يعتمد على نفسه، ويشترط الإسلام الزواج لبناء الأسرة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وال وسلم): “النكاح سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كانت ذا طول فلينكح
ومن لم يجد أمًة صالحة فعليه بالصّيام فإنّ الصيام له وجاء” (الألباني، صحيح ابن ماجه 1/31)، فشرح رسول الله صفات المراة الصالحة حتى يمكن تسميتها قال: عندما اختار الله تزويج المرأة لأربعة أسباب: من أجل مالها وحسبها وجمالها ودينها”. (متفق عليه، البخاري، النكاح) ومن حقوق الطفل الرضاعة والتمتع بصحة جيدة واختيار الاسم المناسب، والعقيقة له، والختان، والرعاية الصحية، والصلا، والولاية، والإرث.
يحتاج الأطفال إلى العديد من الحقوق في مراحل من حياتهم مختلفة، وخاصة في المراحل المبكرة من حياتهم تعدُّ الطفولة المبكرة مدة مهمّة في نمو الطفل، وهي عندما يبدأ الأطفال في الشّعور بشخصيته المستقلة وإدراكه لمعايير وقواعد السلوك. وتختلف حقوق الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة ومنها: 1- العقيدة:الحفاظ على الفطرة السليمة، وغرس شهادتين (علوان، عبد االله، ١٩٨١، ص73)، 2- والتمسك بالمعتقدات الإسلاميّة. كفل الإسلام حياة الولد حتى لو كان منحلول الأخلاق، مع ضمان قيام والدته بحراسته مؤقتًا. حتى يعتمد على نفسه. كما حرص الإسلام على رعاية الأم أثناء الحمل وبعد الولادة ولمدة من الزّمن إرضاعه، 3- وأتعاب أمه قضائية لإنقاص حياته وبقائه… إلخ (سويد، محمد نور بن عبد الحفيظ:منهج التربية النبوية للطفل، ١٩٩٤، ص102). الشّارع يؤخر رجم المراة الحامل حتى تلد، نشأ الطفل، معتمدًا على نفسه، اعترفاً بحقه الطفل في الحياة، إذ لا يوجد كان عليه ذنب في رجم والدته حتى الموت (ابن قيم الجوزية، ١٩٩٥م، ص144) ، 4- إن الاختلاط و حضور القدوة الحسنة والعدالة بينه وبين أخيه بما له من حقوق الرحمة والعطف والمحبة والاعتدال في كل هذا والاعتماد على الذات. 5- الحالة النّفسيّة: مثل الشّعور بالاستقرار والأمان وعدم القلق وضمان جو عائلي مناسب. 6- الجوانب الماديّة والماليّة: إشباع حاجاته المادية من مأكل ومأوى وملبس وكل ما تبقى منه يساوي في حياته أنه يتيم وغيره، يضعون ماله في الحجر حتى يكبر ويهدي وينمو إذا كان لديه مال، تُستثمر أمواله. 7- الأخلاق و محبة الرسول وصحبه، ويكون صادقًا وأمينًا، ويحفظ الأسرار، ورافق الصالحين والابتعاد من الأشخاص السيئين ولا تؤذي الآخرين. 8- التعليم والتدريب وتعديل. السّلوك: سواء أكانت تتعلق بالعبادة أو التجارة واحترام الآخرين (البرهان فوري، ١٩٧٩م، ص150)، 9- المعرفة العلمية: فسح مجال له في التعليم الإكاديمي وحسب عمره. 10- الصّحة: تجنب كل ما يضر بصحته، وعلمه عادات صحية جيدة مع معرفة الأمراض المعدية. 11- اللعب وممارسة الرياضة: منح الأطفال الفرصة للعب وممارسة الرياضة، ووقف اللعب المحظور واستخدم وقت فراغك. من خلال الحفاظ على هذه الحقوق، يتحقق النمو الطبيعي للطفل وتمتعة بحياة سليمة وصحية. 12- حقوق أخرى: مراعاة درجة الطفل حسب عمره وقدرته المراحلية قبل أن يبدأ الأطفال المدرسة (الدارمي، عبد االله بن عبد الرحمن،١٩٨٤م، ص74) .
الخاتمة
يعتني الإسلام بالطفل قبل ولادته ويأمره والده بحسن اختيار الأم الصالحة فقد سبق الإسلام النظام الحديث بعقود في تأمين حقوق الطفل. واختلاف الفئات العمرية لأنّ الأمم المتحدة لم تصدق على اتفاقيّة حقوق الطفل حتى عام واحد. ركز الإسلام بمرونته وقوانينه وقواعده، قابل للتطبيق في أي زمان ومكان، وأنّ القوانين التي تتبع الكمال الذي حققته الشريعة الإسلاميّة تخلق طريقة لذلك وهو نظام لا مثيل له في الأنظمة الأخرى، لأن الله تعالى يستخدمه لإكمال الرسالة وإتمام البركة، بعد فهم أهم النتائج يمكن اتباع التوصيات والتوجيهات المهمة وضرورة تعميم نتائج أبحاث الأطفال على كافة المؤسسات ذات الصلة. و(خاصة وزارة التربية والتعليم، وزارة الدين، وزارة الشؤون الاجتماعيّة المجتمع والضمان الاجتماعي والصحة وما إلى ذلك).
يجب أن تستثمر وتضع المعايير خلال المرحلة المهمّة من نمو في حياة الطفل من خلال ترخيص منشآت ما قبل المدرسة والتوسع في عروض رياض الأطفال. وتوسيع التدريب للقوى العاملة القادرة على تنمية الطفولة المبكرة، والاهتمام بالبنى التحتية لمنشآت ما قبل المدرسة، وخاصة في المناطق الريفية. والواجب الدول الإسلاميّة تطوير ميثاق للأطفال مستمد من الشريعة الإسلاميّة. كذلك عدم تقليد الغرب بوضع المواد التي تتعارض مع الإسلام تحت ستار التقدم لئلا تنتقد الميثاق. عدم تحديد سن معينة تزيد للزواج، وخاصة وأن الأطفال يحتاجون إلى رعاية الوالدين في مرحلة الطفولة المبكرة. عدم الاعتماد على قوانين الاستيراد الخاصة بالمنازل وتقليدها أو اقتراضها
لا رقابة لأنها لا تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا ومعتقداتنا. كن حازمًا وقويًّا في الاجتماعات التي تنطوي على إساءة معاملة الأطفال، وخاصة في الاجتماعات الخاصة والاهتمام بالحشد المنحرف الذي يفقد جوهر الطفولة. كذلك الكشف عن واقع بعض الممارسات التي تحدث في بعض دول الإتجار بالأطفال وتدنيس براءة الطفولة حتى يتمتع الأطفال بجميع الحقوق التي يعترف بها الإسلام. رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في مرحلة مبكرة وتمكينهم من الحقوق التالي. الإجراءات التي تميزهم من الآخرين حتى يتمكنوا من الانضمام إلى أقرانهم يجب أن تشمل الطفولة المبكرة الفئات العمرية منذ الولادة وحتى نهاية العام إبراز دور الأسرة في تنمية الطفل بعدة طرق من خلال البرمجة الإعلامية تنمية الطفولة المبكرة – وإعادة تخطيط المحتوى وتطوير برامج الأطفال التلفزيونية والإذاعية.
قائمة المصادر
أولا المصادر العربية
1- ابن قيم الجوزية، تحفة المودود لأحكام المولود، المكتب العالمي للطباعة والنـشر، (بييروت، ١٩٩٥م).
2- الأشول، عادل عز الدين، علم النفس النمو، مكتبة الأنجلو المصرية، (القاهرة ١٩٨٩م).
3- الألباني،محمدبن ناصر، صحيح ابن ماجه، مكتب التربيـة لـدول الخلـيج، (الرياض، ١٩٨٨م).
4- البخاري، صحيح البخاري، مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده، (مصر، 1985م).
5- الدارمي، عبد االله بن عبد الرحمن، سنن الدارمي، حديث أكادمي، نشاط أباد، فيصل أباد، (باكستان، ١٩٨٤م).
6- زهران، حامد عبد السلام، علم نفس النمو،عالم الكتب، ( القاهرة، ١٩٩٥).
7- سويد،محمد نور بن عبد الحفيظ: منهج التربية النبوية للطفل، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع- مكتبة المنار الإسلاميّة، (بيروت – الكويت، )١٩٩٤.
8- السيد، فؤاد البهي، الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة، دار الفكرالعربي، (القاهرة، ١٩٩٧).
9- صادق، أمال، أبوحطب فؤاد، نمو الإنسان؛ من مرحلة الجنين إلى رحلة المسنين، مكتبة الأنجلو المصرية، (مصر، ١٩٩٥).
10- الطحان، محمد خالد، وآخرون، أسـس النمـو الإنـساني، دار القلـم، (دبي،١٩٨٩).
11- علوان، عبد االله، تربية الأولاد في الإسلام، دار السلام للطباعة والتشر والتوزيـع والترجمة، (القاهرة، ١٩٩٧).
12- العيسوي، عبد الرحمن، مشكلات الطفولة والمراهقـة أسـسها الفـسيولوجية والنفسية، دار العلوم العربية، (بيروت، ١٩٩٣).
13- علي المتقي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري، كتر العمال، مؤسسة الرسالة، (بيروت، ١٩٧٩م).
14- مسن، أسس سيكلوجية الطفولة والمراققة، مكتبة الفلاح (الكويت، ١٩٩٣م).
ثانيًّا: المصادر الأجنبية
1-Bronfenbrenner, U. Ecology of the family as a context for human development: Research perspectives. Developmental Psychology22, (1986) p. 723-742
2-Bronfenbrenner, U. The Ecology of Human Development. Harvard University Press Damon, W., & Lerner، R. M. (2006). p. 55-74
3-Handbook of Child Psychology, Theoretical Models of Human Development. NJ: John Wiley. Sons DeHart, G. B. Sroufe, L. A., & Cooper، R. G. (2004). p. 122-125.
1 – جامعة البصرة، كلّيّة الآداب، قسم التاريخ.