فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية كُلٍّ من التَّحصيل الدّراسي في مادّة اللُّغة العربيَّة ومهارة التَّفكير النّاقد
فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية كُلٍّ من التَّحصيل الدّراسي في مادّة اللُّغة العربيَّة ومهارة التَّفكير النّاقد
(دراسة تجريبيّة على عيّنة من متعلّمي الصّفّ الثّاني متوسّط في ثانويّة الجامعة المختلطة في العراق)
محمد أسود حمادي)[1](
الملخّص
هدفت الدّراسة إلى الوقوف على فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد، وذلك من خلال تنفيذ هذه الطريقة التفاعليّة على عيّنة من متعلّمي الصّفّ الثّاني متوسّط، في مادّة اللّغة العربيّة. اعتمدت الدّراسة المنهج التجريبي، وتكوّنت العيّنة من متعلّمي الصّف الثّاني متوسّط في ثانويّة الجامعة المختلطة من العام الدّراسي (2021/2022)، فاشتملت المجموعة التجريبيّة على (18) متعلّم ومتعلّمةً دُرِّست بطريقة العصف الذّهني، بينما اشتملت المجموعة الضّابطة على (18) متعلّم ومتعلّمةً دُرِّست بالطريقة الإعتياديّة. وقد صُمِّم برنامج تدريسي باللّغة العربيّة، يرتكز على طريقة العصف الذّهني، واختبار تحصيلي في المادّة التي دُرِّست. كما جرى استخدام مقياس التفكير النّاقد للمراهقين والراشدين إعداد (إبراهيم محمد المغازي،2020). وقد أظهرت نتائج الدّراسة: وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة في القياس القبلي والبعدي على مستوى التحصيل الدّراسي ومستوى مهارات التفكير النّاقد، تُعزى إلى البرنامج التعليمي المرتكِز على طريقة العصف الذّهني لصالح القياس البعدي.
الكلمات المفاتيح: طريقة العصف الذّهني، التّحصيل الدّراسي، مهارات التفكير، التفكير النّاقد.
Abstract
The current study aims to identify the effectiveness of the brainstorming method in developing both academic achievement and critical thinking skills among second-grade intermediate students in Arabic language. The study used the experimental approach, and the sample consisted of a group of intermediate second grade learners in the mixed university – secondary school from the academic year (2021/2022). The experimental group included (18) students who were taught by brainstorming, while the control group included (18) students taught by the ordinary method. An educational program in Arabic was developed based on brainstorming method, as well as an achievement test. In addition, the critical thinking scale among adolescents and adults was used. The results showed that there were statistically significant differences between the mean scores of the pre & post application of both achievement test & critical thinking scale among the experimental group in favor of the post application.
Keywords: Brainstorming Method, Academic Achievement, Thinking Skills, Critical Thinking.
المقدّمة
تُعدّ المناهج الدّراسيّة من أبرز مكوّنات النّظام التربوي لأيّ مجتمع من المجتمعات، فمن خلالها يكتسب المتعلّمون قيم المجتمع الذي يعيشون فيه وعاداته المهمّة، مُستخدمين ما يملكون من قدرات عقليّة وبدنيّة من أجل تحقيق رغباتهم وطموحاتهم (عليمات، 2004: 22). وقد حرص واضعوها على تطويرها من وقتٍ إلى آخر لتواكب مستجدات العصر.
وما لا شك فيه أنّه في هذا العصر، يُلاحظ وجود ضمور في تعلّم اللّغة العربيّة بين أبناء هذا الجيل. وأحد أسباب هذا الضّمور، هو أنّ المناهج العامّة لمادّة اللّغة العربيّة، تعتمد بشكل كبير على الطرائق التقليديّة في التدريس، بالإضافة إلى أنّها بعيدة كُلِّ البُعد من تنمية التفكير والقدرات الإبداعيّة، ما يُشير إلى الحاجة لتعديل هذه المناهج، من خلال دمج مهارات عدّة في منهج جديد أقلّ حجمًا وأكثر تأثيرًا وفاعليّة، لا يشعر فيه المتعلّم بالملل، بل على العكس يُحفّزه ويُعلّمه مهارات التفكير، وفي الوقت نفسه يُكسبه العديد من المبادئ والقيم التّربويّة والاجتماعيّة (سنتينا، 2017).
وقد دعا “أبو جادو نوفل” (2007) و”سالم والسنيدي” (2012) إلى استخدام طرائق تدريسيّة تتناسب مع المناهج التعليميّة من جهة وطبيعة حاجات المتعلّم من جهة أخرى، ولعلّ طريقة العصف الذّهني هي من الطرائق المناسبة التي تُساعد على تنمية مهارات التفكير، وذلك بما تُتيحه من تدفّق للأفكار وسير هذه الأفكار في أذهان المتعلّمين عند معالجتهم للموقف التعليميّ.
من هنا تسعى الدّراسة الحاليّة إلى التحقّق من مدى فعّالية طريقة العصف الذّهني في تنمية مهارات التفكير النّاقد والتّحصيل الدّراسي في مادّة اللّغة العربيّة لدى متعلّمي الصّف الثاني متوسّط.
أوّلاً: أهميّة الدّراسة: تكمن أهميّة هذه الدّراسة من خلال:
1.الأهميّة النّظريّة: تستمّد هذه الدّراسة أهميّتها من أهميّة موضوعها المتعلّق بتطبيق برنامج مرتكز على طريقة العصف الذّهني في تنمية كُلٍّ من التّحصيل الدّراسي ومهارات التفكير النّاقد لدى متعلّمي الصف الثاني متوسّط في مادّة اللّغة العربيّة، خاصة أنّها تُعدّ – في حدود العلم والإطلاع – من أولى الدّراسات العربيّة التي تسعى لتصميم خطط تربويّة لإعداد برامج ذات فعّاليّة في مجال مهارات التفكير وتفرعاته في المدارس بشكل عام، وفي العراق بشكل خاص وتجريبها عمليًّا في مادّة اللّغة العربيّة.
2.الأهميّة التطبيقيّة
- قد تُسهم هذه الدّراسة في حث المعلّمين وتشجيعهم على اعتماد طريقة العصف الذّهني وتطبيقها، ضمن طرائق التدريس المعتمدة لتنمية كل من التحصيل الدّراسي ومهارات التفكير النّاقد لدى المتعلمين، ويوفّر لهم الفرصة لاكتساب المعرفة بطريقة سلسة وفعّالة.
- قد تُسهم هذه الدّراسة في توفير اختبار للمفاهيم العلميّة في اللّغة يوضّح للمعلّمين كيفيّة إعداد اختبارات علميّة ممنهجة.
- قد تُسهم هذه الدّراسة في توفير دليل تعليمي إرشادي لمشرفي ومعلّمي اللّغة العربيّة لإعداد دروس نموذجيّة ترتكز على استراتيجيّات وطرائق تعليميّة تفاعليّة نشطة.
ثانيًا: إشكاليّة الدّراسة وأسئلتها
يواجه المتعلّمون بعض الصّعوبات في تعلّم اللّغة العربيّة، والتي تلقي بظلالها على مستواهم وتحصيلهم الدّراسي من جهة، ومن جهةٍ أخرى هم لا يتلقّون الاهتمام الكافي من الكوادر التّدريسيّة لتنمية مهارة التّفكير النّاقد، الأمر الذي أدّى الى جمود في طريقة تفكيرهم. ويُلاحظ أنّ الطرائق التّقليديّة في التّدريس لا تُجدي نفعًا ما انعكس سلبًا على أداء المتعلّمين في المرحلة المتوسّطة في تنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد .
لعلّ هذا ما يبرر إشكاليّة هذه الدّراسة التي تبحث في إدخال طريقة العصف الذّهني واستخدامها في تدريس مادّة اللّغة العربيّة، وتركّز أيضًا على التّحقّق من تأثيرها في أداء متعلّمي المرحلة المتوسّطة في تنمية كُلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد، ما قد يخلق بيئة تعليميّة أفضل ويوفّر فرصة جيّدة للمتعلّمين للتّفكير النّاقد والتّفاعل معها واستخدامها، ثمّ تحقيق الهدف لتنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد.
من هذه الإشكاليّة ينبثق السؤال الأساس للدّراسة، وهو: ما فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد لدى متعلّمي الصّف الثّاني متوسّط؟
ومنه تندرج الأسئلة الفرعيّة الآتية:
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التحصيل الدّراسي تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المرتكز على طريقة العصف الذّهني؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التفكير النّاقد تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المُرتكز على طريقة العصف الذّهني؟
ثالثًا: فرضيّات الدّراسة
الفرضيّة الرئيسة: إنّ طريقة العصف الذّهني فعّالة في تنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد لدى متعلّمي الصّف الثّاني متوسّط. وينبثق عنها الفرضيّات الفرعيّة الآتية:
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التحصيل الدّراسي، تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التّجريبيّة.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التفكير النّاقد، تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المُرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التّجريبيّة.
رابعًا: أهداف الدّراسة
1.الهدف العامّ: تهدف الدّراسة الحاليّة في إطارها العامّ إلى الوقوف على فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية كلّ من التّحصيل الدّراسي ومهارة التّفكير النّاقد، وذلك من خلال تنفيذ تجربة على عيّنة من متعلّمي الصّفّ الثّاني متوسّط، في مادّة اللغة العربيّة.
2.الأهداف الفرعيّة؛ تحاول الدّراسة الحاليّة تحقيق جُملة من الأهداف تتمثّل في الآتي:
- تحديد قائمة بالمفاهيم العلميّة التي ينبغي إكسابها للمتعلّمين.
- تصميم نشاطات مرتكزة على طريقة العصف الذّهني.
- إنشاء مجموعة تجريبيّة تُنَفذ التجربة عليها.
- بناء اختبار تحصيليّ في مادّة اللغة العربيّة للصّف الثّاني متوسّط، وتنفيذه قبل التجربة وبعدها للوقوف على نتائج التجربة.
- تنفيذ مقياس للتّفكير النّاقد، على المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة قبل وبعد تنفيذ التّجربة.
- الوصول بمتعلّمين يطوّرون تحصيلهم الدّراسي باعتماد طرائق التّفكير المتنوّعة.
- الوصول بمتعلّمين يطوّرون القاعدة المعرفيّة لديهم، أي ما يعرفونه ويعتقدون فيه.
- الوصول بمتعلّمين يطوّرون نظرتهم الشّخصيّة، التي من خلالها تُفسّر الأحداث الخارجيّة.
- الوصول بمتعلّمين يطوّرون مهارات التّفكير (الاستقرائيّ، الاستنباطي، والتقييمي).
خامسًا: منهجيّة الدّراسة
تتجلّى منهجيّة الدّراسة في المنهج، المجتمع، العيّنة والتقنيّات:
1.منهج الدّراسة ومتغيّراتها
تعتمد هذه الدّراسة على المنهج التجريبيّ، وهو أقرب مناهج البحوث في حلّ المشكلات بالطّريقة العلميّة، ويقوم على وجود موقفين متشابهين في جميع النّواحي، ثمّ يُضاف أو يُحذف عنصر معيّن من أحد الموقفين، ما يعني إنّ أيّ اختلاف في النّتائج سيُعزى إلى العنصر الذي أُضيف أو حُذِف (تدمري، 2020: 91). وفي الدّراسة الحاليّة ستُضاف طريقة العصف الذّهني(المتغيّر المستقل) في تدريس اللغة العربيّة، للوقوف على مدى فعّاليّة هذه الطريقة في تنميّة التحصيل الدّراسي والتفكير النّاقد (المتغيّرين التابعين) لدى متعلّمي الصفّ الثاني متوسّط.
وُزِّعت العيّنة عشوائيًّا إلى مجموعتين، مجموعة تجريبيّة ومجموعة ضابطة، إذ دُرِّست المجموعة التجريبيّة باستخدام طريقة العصف الذّهنيّ (المتغيّر المستقلّ)، بينما دُرِّست المجموعة الضّابطة باستخدام الطّريقة الاعتياديّة من المعلّم نفسه، وقد خضعت المجموعتان إلى اختبار قبليّ وبعديّ للوقوف على وجود أيّ فرق ذو دلالة إحصائيّة بينهما في كُلٍّ من التّحصيل الدراسيّ ومهارة التّفكير النّاقد (المتغيرات التّابعة) قبل إجراء التجربة وبعدها.
- مجتمع الدّراسة
تكوّن مجتمع الدّراسة من متعلّمي الصّفّ الثّاني متوسّط في ثانويّة الجامعة المختلطة في العراق.
- عيّنة الدّراسة
تكونت عيّنة الدّراسة من جميع متعلّمي الصّف الثّاني متوسّط في ثانويّة الجامعة المختلطة البالغ عددهم (36) متعلّمًا ومتعلّمة، وقد اختيرت هذه العيّنة بطريقة قصديّة. وقد وُزّعوا إلى مجموعتين متساويتين بطريقة عشوائيّة، بواقع (18) متعلّمًّا ومتعلّمةً كمجموعة ضابطة، و(18) متعلّمًا ومتعلّمة كمجموعة تجريبيّة.
- أدوات الدّراسة
استُخدِمت في هذه الدّراسة مجموعة من الأدوات بهدف الحصول على المعلومات للتحقُّق من صحّة الفرضيّات أو خطئها، وهي كالآتي:
– البرنامج التدريسي: يرتكز على طريقة العصف الذّهني، ويهدف الى مساعدة المتعلّم على اكتساب مهارات التفكير النّاقد.
– الاختبار التّحصيلي في اللّغة العربيّة: أُعدّ للتحقّق من مدى اكتساب المتعلّمين والمتعلّمات للمفاهيم والدّروس المستهدفة من كتاب اللّغة العربيّة للصّف الثاني متوسّط، ولمهارات التفكير النّاقد. وتكوّن من نص تقويمي، و(20) سؤالًا.
– مقياس التفكير النّاقد للمراهقين والراشدين: يهدف إلى قياس القدرة على استخدام مهارات التفكير النّاقد لأيّ موضوع من أجل نقده وفحصه واستخدامه في الوضع المناسب له.
سادسًا: حدود الدّراسة
- الحدود المكانيّة: ثانويّة الجامعة المختلطة في محافظة الأنبار في العراق.
- الحدود الزمانيّة: تتمثّل بالعام الدّراسي (2021/ 2022).
- الحدود البشريّة: تتمثّل بمتعلّمي الصّف الثاني متوسّط.
سابعًا: تحديد مصطلحات الدّراسة
1.العصف الذّهني Brainstorming: إصطلاحًا هو موقف تعليمي يعتمد على إثارة تفكير المتعلّمين لإنتاج أكبر عدد من الأفكار والحلول في وقت محدّد، ومن ثَمَّ فرز الأفكار وتطويرها، واختيار المناسب منها.(سعاد رخا،2017). أمّا إجرائيًّا فهو طريقة التدريس المتّبعة بهدف استخلاص أكبر قدر ممكن من الأفكار وترتيبها، واختيار أصلحها والأكثر ملاءمة لفهم وتفسير مادّة اللّغة العربيّة اعتمادًا على مهارات التفكير النّاقد.
2.التّحصيل الدّراسي Academic Achievement: اصطلاحًا هو مستوى النجاح الذي يحرزه المتعلّم أو يصل إليه في مجال تعليمي معيّن، من خلال اختبار تحصيلي مُعد لهذا الغرض (رضوان، 2018: 110). أمّا إجرائيًّا فهو الدّرجة التي سيحصل عليها المتعلّم في الاختبار التّحصيلي المُعدّ لقياس فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تحصيل مادّة اللّغة العربيّة.
3.التفكير النّاقد Critical Thinking: إصطلاحًا هو سلسلة من النشاطات العقليّة غير المرئيّة التي يقوم بها الدّماغ عندما يتعرّض لمثير يستقبله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمس، بحثًا عن معنى في الموقف أو الخبرة (الآغا، 2009: 7). أمّا إجرائيًّا فيتحدّد بالدرجة التي سيحصل عليها متعلّمو الصّف الثاني متوسّط في مقياس مهارات التفكير النّاقد الذي سُيستخدم في الدّراسة الحاليّة.
ثامنًا: صعوبات الدّراسة
خلال تطبيق العمل الميداني، واجه العمل صعوبات عديدة ، منها الآتيّ:
- تأخّر العمل الميدانيّ بسبب التأخّر في الحصول على الإذن من وزارة التّربية العراقيّة لتطبيق مقاييس الدّراسة على المتعلّمين.
- صعوبة تصميم البرنامج الدّراسي بما يتناسب مع أهداف الدّراسة، إذ إنّ منهاج اللّغة العربيّة في العراق يتضمّن دروس القواعد، ويعتمد بشكل كبير على مهارات التذكّر والفهم والتطبيق، لذلك عُدِّلت بعض الأهداف لتتناسب مع أهداف الدّراسة المتمثّلة بتنمية التفكير الناقد والتحصيل الدّراسي.
تاسعًا: الدّراسات السّابقة
بعد الاطّلاع على عدد من الدّراسات التي بحثت في متغيّرات الدّراسة، وُزِّعت على محورين على الشّكل الآتي:
المحور الأوّل: دراسات حول فعاليّة العصف الذّهني في تنمية التّحصيل الدّراسي.
- دراسة “دعاء إسماعيل أبو مطلق” (2018): “فاعليّة توظيف استراتيجيّة العصف الذّهني الإلكتروني في تنمية مهارات الاستيعاب المفاهيمي والتّواصل الإلكتروني في التّكنولوجيا لدى طالبات الصف الحادي عشر”. توصّلت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّط درجات المجموعة التّجريبيّة والمجموعة الضّابطة في اختبار مهارات الاستيعاب المفاهيميّ البعدي في مجال التكنولوجيا لصالح المجموعة التّجريبيّة، ووجود فروق ذات دلالة إحصائيّة في متوسّط درجات بطاقة أداء مهارات الاتّصال الإلكترونيّ بين المجموعتين لصالح المجموعة التجريبيّة.
- دراسة “منال محمد رضوان” (2018): “أثر استخدام استراتيجيتي العصف الذّهني والتعلّم التعاوني في تنمية التحصيل الدّراسي في مبحث التربية الاجتماعيّة لدى طالبات الصف الخامس الأساسي في الأردن”. دلّت النتائج إلى فعّالية توظيف استراتيجيتيّ العصف الذّهني والتعلّم التعاونيّ، في تنمية التحصيل الدّراسي في مبحث التربية الاجتماعيّة.
- دراسة “ريزي، وناجافيبور، وهاغاني، وديغاني” Rizi, Najafipour, Haghani 2013)) في إيران: تأثير استخدام طريقة العصف الذّهني على التحصيل الدّراسي لمتعلّمي الصف الخامس في مدارس طهران الابتدائية”. أظهرت النتيجة تأثير طريقة العصف الذّهني، وتبيّن أنّ استخدام طريقة العصف الذّهني كان لها أثر إيجابيّ على مستوى التّحصيل الدّراسي للمتعلّمين.
المحور الثاني: دراسات حول فعاليّة العصف الذّهني في تنمية مهارة التّفكير النّاقد.
- دراسة “أحمد ممدوح الصاوي طلبه” (2020) في مصر. “فعالية استراتيجيّة العصف الذّهني التعاوني في تنمية مهارات التفکير النّاقد في الرياضيات لدى تلاميذ المرحلة الإعداديّة متعدّد السّعة العقليّة. أسفرت نتائج الدّراسة، عن وجود فرق بين متعلّمي المجموعتين التجريبيّة والضابطة في التّطبيق البعدي لاختباريّ مهارات التفكير النّاقد في الرياضيّات وحلّ المسائل اللفظيّة في الرياضيّات ومهاراته الفرعيّة وذلك لصالح المجموعة التجريبيّة.
- دراسة “صالح يوسف الفرهود” (2015). “فاعليّة استخدام أسلوب العصف الذّهني في تعلم الرياضيّات في تنمية مهارات التفكير النّاقد لطلاب الصف الأول الإعداديّ بمملكة البحرين”. توصّلت النتائج إلى وجود فروق بين متعلّمي المجموعتين التّجريبيّة والضّابطة في اختبار كل من مهارات معرفة الإفتراضات، والتفسير، وتقويم المناقشات، والإستنباط والتفكير النّاقد ككُلّ لصالح المجموعة التجريبيّة.
- دراسة “حاج علي زاده وعناري” (2016). “فاعلية التدريس من خلال العصف الذّهني في التفكير النقديّ والتحفيز لدى المتعلّمين”. توصّلت النتائج إلى أنّ التدريس من خلال العصف الذّهني يعمل على تنمية مهارات التفكير النّاقد وزيادة تحفيز متعلّمي المدارس الابتدائية في الصّف الخامس. أثبتت الدّراسات السّابقة وجود علاقة إيجابيّة قويّة بين طريقة العصف الذهني وكل من التحصيل الدّراسي، ومهارات الفكير النّاقد. ولا تختلف الدّراسة الحاليّة عن الدّراسات السّابقة من حيث الأهداف الرئيسة، إذ هدفت جميع الدّراسات السابقة إلى استخدام طريقة العصف الذّهني لتنميّة التّحصيل الدّراسي والتفكير النّاقد لدى المتعلّمين، ولكن الاختلاف تمثّل في أنّ الدّراسات السّابقة، هدفت إلى دراسة هذا التأثير على أحد المتغيّرين، أما الدّراسة الحاليّة فقد هدفت إلى دراسة التأثير على المتغيرين مجتمعين، وهنا يكمن تميّز هذه الدّراسة وجديّتها.
الخلفيّة النظريّة
المبحث الأوّل: العصف الذّهني Brainstorming
تكمن أهميّة التفكير كضرورة حيويّة في أنّه السبيل للثروة الحقيقيّة لأي أمّة، لذلك ما يزال البحث عن طريقة فعّالة للتدريس يشغل بال الباحثين والتربويّين على السّواء، فطريقة التدريس هي الركن الذي يعتمد عليه النّجاح في العملّية التعليميّة التعلّمية. و تعد طريقة العصف الذّهني من الطرائق الحديثة التي تشجّع على التفكير الإبداعي والنّاقد، وتطلق الطاقات الكامنة عند المتعلّمين في جوّ من الحريّة والأمان، وذلك خلال جلسة قصيرة تسمح بظهور كل الآراء والأفكار، إذ يكون المتعلّم في قمّة التفاعل مع الموقف، وتصلح في القضايا والموضوعات المفتوحة. وكذلك ضرورة تطبيقها في مختلف المواد الدّراسيّة ومختلف المراحل التّعليميّة لما لها من ميّزات، مع تأكيد دور المعلّم والمتعلّم في هذه الطريقة. كما أنّ لهذه الطريقة أهميّة في العصر الحالي في تنمية مهارات التفكير العليا، لأنّ معظم الإنجازات العلميّة والتكنولوجيّة التي حقّقتها البشريّة في القرن العشرين هي نتاج هذه الإستراتيجيّات لكونها تسعى لبناء جيل مبدع وخلاّق وناقد.
وبيّن “رايزي” (Razi, 2013: 231)، أنّ للعصف الذّهني مجموعة من القوانين والقواعد هي:
- تجنّب النقد مع التعبير عن الأفكار: إذ يجب ألاّ ينتقد أي من الأعضاء فكرة قدّمها الآخرون حتى لو كانت بسيطة.
- التركيز على كميّة الأفكار: فكلّما زاد عدد الأفكار سهل تصنيفها.
- التوثيق- التسجيل: يجب أن تسجّل كل فكرة، ثم تُعرض على بقّية الأعضاء.
- الجمع بين الأفكار وتطويرها قبل تقييمها.
دور المعلّم في طريقة العصف الذهني
يقوم المعلّم بدور بارز خلال جلسة العصف الذهنيّ، لذا يجب أن تتوافر لديه القدرة على الإدارة الناجحة والقيادة الحكيمة داخل غرفة الصف، وأن يتدخّل في الوقت المناسب من دون إشعار المتعلّمين أنّ تدخّله مفاجئ. كما أنّ هناك مجموعة من القواعد التي ينبغي عليه اّتباعها في أثناء جلسة العصف الذهنيّ وهي على النحو الآتي:
- توضيح الأهداف ويصف الموضوع أو المشكلة في بداية الجلسة.
- توضيح القواعد التي ينبغي مراعاتها في الجلسة.
- تحفيز أعضاء المجموعة للاشتراك في موضوع النقاش وإبداء أرائهم في الموضوع.
- تسجيل جميع الأفكار والآراء.
- مساعدة الأفراد على توليد الأفكار بطرح أسئلة تستثير تفكيرهم.
- تعريف المتعلّمين بكم الآراء والأفكار التي قدّموها.
- من أن يكون مستمعًا جيّدًا.
- عدم الطلب من المتعلّمين تفسير الآراء والأفكار التي أدلوا بها.
- معالجة الأفكار، من خلال جمع الأفكار المتماثلة معًا واستبعاد الأفكار الضعيفة (عطوه وآخرون، 2010، 33).
دور المتعلّم في طريقة العصف الذهنيّ
يعدُّ المتعلّم هو المحور الأساسيّ الذي تتمركز حوله طريقة العصف الذهنيّ بوصفه هو المنفّذ الحقيقي لها، لذا فهو يقوم بدور فعّال ونشط، وما يجب على المتعلّمين اتباعه في أثناء جلسة العصف الذهنيّ يتجلّى في ما يأتي:
- الترّوي في إصدار أحكامهم، وأن يحترموا آراء الآخرين.
- أن يكونوا على قدر كبير من الاهتمام بالمشكلة.
- أن يكون موقفهم كموقف الباحث المتقصّي، والذي تربطه بباقي أفراد الجماعة علاقات التعاون، والصدق، والموضوعيّة، وأن يستقبل آراء الآخرين بصدر رحب، ويبتعد من التزمُّت والصلابة في الرأي.
- أن تكون الآراء والأفكار المطروحة عبر المناقشة مختصرة وقصيرة، وتمسّ الموضوع بشكل مباشر.
- التخلّص من السلبّية، ومشاركة الآخرين في المناقشة، وتقديم أفضل الحلول، والسعي إلى تحليل جميع الجوانب المتّصلة بالمشكلة.
- التحلّي بسعة الحيلة والقدرة على اختلاق الأفكار الجديدة غير المألوفة، وتنشيط خبراته السابقة وربطها بالخبرات والمواقف الجديدة (الشعراني، 2016: 33).
إنّ طريقة العصف الذّهني تتطلّب إجراءات أو خطوات ستّة، بدءًا بالتمهيد للمشكلة ثم شرح طريقة العصف الذّهني وقواعدها وكيفيّة أدائها، يليها توزيع المتعلّمين إلى مجموعات، ثم توجيه كل مجموعة لتوزيع الأدوار بين أعضائها، ويليها قيام كل مجموعة بالعصف الذّهني للمشكلة وتوليد أكبر قدر ممكن من الأفكار حول المشكلة، ويأتي في الخطوة الأخيرة إجراء مناقشة صفيّة جماعيّة، إذ تطرح كل مجموعة ما توصّلت إليه من أفكار وحلول للمشكلة لتُنَاقش هذه الحلول وتُقييمها. في العصف الذّهني، يُوضع الذّهن في حالة من الإثارة والجاهزيّة للتفكير في كل الاتّجاهات لتوليد أكبر قدر من الأفكار حول القضيّة أو الموضوع المطروح، وهذا يتطلّب إزالة جميع العوائق والتحفّظات الدّراسيّة أمام الفكر، ليفصح عن كل خيالاته، لذلك يوجد بعض المحدّدات والمعّوقات التي تحول دون تفجّر هذه القدرة وتطبيقها بشكل صحيح.
المبحث الثّاني: التّفكير النّاقد Critical Thinking
التفكير كعمليّة معرفية يُعّد عنصرًا أساسيًّا في البناء العقلي-العرفي الذي يمتلكه الإنسان، كما يتمّيز بطابعه الاجتماعي، ومن أنواعه التفكير النّاقد الذي يُسلَّط الضوء عليه لأول مرة من خلال تصنيف “بينامين” قبل عدة عقود .(198:Choy & Cheah, 2009)
أهميّة التفكير النّقد: تنبع أهميّة التفكير النّاقد من الأسباب الآتيّة:
- يحوّل التفكير النّاقد عمليّة اكتساب المعرفة من عمليّة خاملة إلى نشاط عقليّ يؤدّي إلى إتقان أفضل للمحتوى المعرفيّ، وفهم أعمق له على أساس أنّ التعليم في الأساس عمليّة تفكير.
- يُكسب التّفكير النّاقد المتعلّمين تعليلات صحيحة ومقبولة للمواضيع المطروحة في مدى واسع من مشكلات الحياة اليوميّة، ويعمل على تقليل التعليلات الخاطئة.
- يؤدّي التّفكير النّاقد إلى مراقبة المتعلّمين لتفكيرهم وضبطه، ومن ثم تكون أفكارهم أكثر صّحة ما يساعدهم في صنع القرارات في حياتهم اليوميّة ويبعدهم من الانقياد العاطفي والتطرّف في الرأي.
ويُعد التفكّير النّاقد وفق الدّراسة الحاليّة من مهارات التّفكير العليا المهمّة، لأنه يُساعد المتعلّم على تقويم الفكرة والتمييز في ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة، مناسبة وملائمة لطبيعته ومجتمعه، وفي ما إذا كان قادرًا على تبّنيها والعمل بها، لذلك أصبح التفكير النّاقد هدفًا تربويًّا تسعى النظّم التربويّة لتحقيقه لدى المتعلّمين، بالأخص في ظلّ التكنولوجيا الحديثة والكّم الهائل من المعلومات.
مراحل التّفكير النّاقد: إنّ مراحل التفكير الناقد لا تتم بصورة خطيّة بل قد تتزامن مجتمعة في الحدوث، وتمرّ بالمراحل الآتية:
– المرحلة الأولى: البحث عن المعلومة وتتضمّن الانتباه، معرفة المفاهيم، تحديد التناقضات، تنظيم المعرفة، معرفة المصادر.
– المرحلة الثّانية: ربط المعلومات وتتضمّن عمل الصلات، تحديد النماذج، التفكير التقاربي، الاستنتاج المنطقي، طرح الأسئلة، تطبيق المعرفة، التفكير التباعدي.
– المرحلة الثّالثة: التقييم، وتحتوي على الحلّ المؤقّت للتناقض، تقييم النتائج، تقييم العمليّة.
– المرحلة الرابعة: هي مرحلة التعبير، وللوصول إلى هذه الخطوة، فإنّ حل التناقض يكون بصيغة مؤقّتة أو آليّة، وهو معرّض للتغذيّة الرّاجعة التي تحصل لدى المتعلّم في تعامله مع المشكلة ومع المعلومات المتاحة، وقد تؤدّي معلومة جديدة إلى عودة المُفكّر النّاقد إلى خطوة مبكرة من عمليّات التفكير الخاصّة محل التناقض المطروح.
– المرحلة الخامسة: التكامل ويعني تكامل النظرية الشخصيّة مع القاعدة المعرفيّة، وهي تحدث في نهاية النشاط التي يعّبر عنها المُفكّر بقوله (لقد فهمت)، حين يشعر المتعلّم بحالة من الارتياح المعرفي (التميمي، 2016: 31-32)
تجد الدّراسة الحاليّة أنّ التّفكير النّاقد يقوم على ثلاثة مكّونات أساسيّة، هي المكّونات الوجدانيّة والمعرفيّة والسلوكيّة، ولا بدّ من توفّر هذه المكّونات الثلاث من أجل تنمية التفكير النّاقد لدى المتعلّم، بدءًا بالمكّونات الوجدانيّة والتي تؤدّي دورًا مهمًّا في تنمية التفكير النّاقد وتحفيزه أو إعاقته، ثم المكّونات المعرفيّة وما تتضمّنه من عمليّات عقليّة كالقدرة على تحديد المشكلة وتحليل المعلومات والتركيب، والربط ثم المكّونات السلوكيّة التي تظهر في أفعال المتعلّم وتصرّفاته.
مهارات التفكير النّاقد
أوضح “فاشيون” (1998:28 Facione,) في تصنيفه أنّ التفكير الناقد يتكوّن من المهارات المعرفيّة الأساسيّة الآتيّة:
- التفسير: وهو الاستيعاب، والتعبير عن دلالة واسعة من المواقف، والمعطيات، والقواعد والمعايير والإجراءات.
- التحليل: ويشير إلى تحديد العلاقات الاستقرائيّة والاستنتاجيّة بين العبارات والأسئلة، والمفاهيم .
- التقويم: ويشير إلى مصداقيّة العبارات، أو إدراكات الشخص (أي تجربته، حكمه، اعتقاده) وتضم مهارات تقويم الادّعاءات وتقويم الحجج.
- الاستدلال: وهو تحديد العناصر اللازمة لاستخلاص نتائج معقولة.
- الشرح: وهو إعلان نتائج التفكير، وتبريره في ضوء الأدلّة، والمفاهيم، والقياس، والسياق والحجج المقنعة.
- تنظيم الذات: وتتمثّل في مقدرة المتعلّم على التساؤل، والتأكّد من المصداقيّة، وتنظيم الأفكار، والنتائج..
الطرائق التدريسيّة التي تنمّي التّفكير النّاقد: هناك العديد من الطرائق التي تحاول تعليم التفكير النّاقد، وقد ذكر كل من (المرسي، 2011؛ أبو جادو ونوفل، 2013؛ الإمام، 2009) مجموعة من طرائق التفكير النّاقد، ومن أهمّها الآتي:
- طريقة Beyer الاستنتاجيّة لتطوير مهارة التفكير النّاقد: تُلقي هذه الطريقة على المعلّم مسؤوليّة التعلّم من خلال تقديم المهارة وتطبيقها من المتعلّمين وإدراكه ما يدور في أذهانهم عند التطبيق ثم تكراراها مرّات عدةّ إلى أن يصلوا إلى مرحلة الإتقان.
- طريقة OReilly لتحديد الدليل وتقويمه: تقوم هذه الطريقة على مبدأ أنّه لجعل الفرد يفكّر تفكيرًا ناقدًا؛ اجعله متشكّكًا في ما يقرأ ويسمع، وهذه الطريقة تقوم بتنمية هذا الجانب من خلال تنمية مهارة تحديد الدليل وتقويمه.
على الرغم من أهميّة التفكير النّاقد وخصائصه وميّزاته، إلا أنّه يواجه مجموعة من المعوّقات والتحدّيات التي تحول دون تنميته لدى المتعلّمين، ويمكن إجمال هذه المعوّقات في الانقياد للآراء الرائجة من دون التحقّق من صحّتها، والتعصّب في مختلف أمور الحياة من دون إعمال الفكر، وانعدام النظرة الكليّة للأشياء والانقياد نحو العواطف، والانفعالات وعدم تقبّل الجديد والرغبة في البقاء على الوضع الراهن.
المبحث الثّالث: التّحصيل الدّراسي Academic Achievement
يعدّ التحصيل الدّراسي أحد جوانب النشاط العقلي المهمّة التي يقوم بها المتعلّم، وهو عمليّة معقدّة تؤثّر فيها عوامل كثيرة بعضها يتعلّق بالمتعلّم، واستعداداته وقدراته وصفاته المزاجيّة والصحيّة وأمنه النفسي وبعضها يتعلق بالخبرة التعليميّة، وطريقة تعلّمها وما يحيط بالمتعلّم من ظروف وإمكانيّات.
أهميّة التحصيل الدّراسي: يعدّ التحصيل الدّراسي مظهرًا من مظاهر نجاح العمليّة التعلّيميّة والتربويّة ونتيجة من نتائجها المرغوبة، وفي الوقت نفسه يعدُّ هدفًا من أهدافها المقصودة لكل من الفرد والمجتمع. فبالنسبة إلى الفرد يعدُّ التحصيل هدفًا من أهدافه الأساسيّة التي يتوقّف عليها نجاحه في دراسته وحصوله على الشهادة وتحقيقه لذاته وتوافقه نفسيًّا واجتماعيًّا ومهنيًّا، أمّا بالنسبة إلى المجتمع فيُعدّ التحصيل الدّراسي من مظاهر التحّسن في معدّلات التدفّق والإنتاج للنظام التعلّيمي، وانخفاض معدّلات التسرّب في انظام التعلّيمي كما يعدّ مؤشّرًا من مؤشّرات كفاية هذا النظام (الفاخري، 2018: 7)
ويقيس التحصيل الدّراسي كمَّ المفاهيم العلميّة لدى المتعلّمين، وهو من المؤشّرات المهمّة التي تعتمد عليها النُّظُم التربويّة لقياس كميّة التعلُّم.
ترى الدّراسة الحاليّة أنّ التحصيل الدّراسي، يعدّ مهمًّا للمتعلّم والمعلّم على حدّ سواء، إذ يعرّف المتعلّم بمستواه ويكسبه الثقة بنفسه، ويبيّن له نقاط قوّته وضعفه لأجل العمل على علاجها، كما يتيح للمعلّم التعرّف على مدى تحقّق الأهداف التعليميّة لدى المتعلّمين ومعرفة مستوياتهم وقدراتهم ومعارفهم، ويمكّنه من المقارة بينهم.
التحصيل الدّراسي والتفكير النّاقد: كان مفهوم التّحصيل الدّراسي مرتبطًا لمدّة طويلة بمفهوم السّمات العقليّة أي الذّكاء، فالشّخص الذي لديه ذكاء مرتفع يمكن أن يؤدّي بصورة أفضل في المجال التعليمي، ولكن في القرن الواحد والعشرين لم يعد الذّكاء المؤشّر الوحيد للنجاح، بل هناك عوامل أخرى ومن بينها مهارة التفكير النّاقد التي تعد عاملًا مهمًّا بسبب تحوليها للتّركيز من محتوى المناهج الدراسيّة إلى نتائج المناهج الدّراسيّة، وفي النهاية إلى المتعلّم (Shahzadi & Khan, 2020: 237).
إضافة إلى عوامل أخرى تؤثّر في التحصيل الدّراسي، كالمستوى التعليمي للأب والأم ودعم الأسرة، والتوافق مع الأصدقاء ومع الظروف الاقتصاديّة (Karagol & Bekmezci, 2015: 86).
وتهتم المؤسّسات التربويّة بالتحصيل الدّراسي بوصفه المقياس الذي يدلّ على المعرفة العلّمية التي اكتسبها المتعلّم، ويُقاس من خلال الأنشطة والاختبارات التي يقوم المعلّمون بإعدادها. ونظرًا لأهميّة التحصيل الدّراسي يسعى المعلّمون لرفع المستوى التحصيلي للمتعلّمين باستخدام أساليب تدريسيّة متنوعّة، وطرائق جديدة بعيداً من الأساليب والطرائق التقليدّية (العتوم، 2004: 136).
العوامل المؤثرة في التّحصيل الدّراسي: ثمّة مجموعة من العوامل تؤّثر في تحصيل المتعلّمين وهي متداخلة في ما بينها وتصنّف إلى:
- العوامل الذاتيّة: وهي العوامل الدّاخليّة المرتبطة بتحليل المتعلّمين الدّراسي، والتي تؤثّر عليه سلبًا أو إيجابًا وأهمّها القدرات العقليّة والدافعيّة.
- المعلّم: من العوامل المؤثّرة في تحصيل المتعلّمين كفاءة المعلّم العلميّة والمهنيّة والتي ينبغي أن تكون فعّالة في زيادة دافعيّة المتعلّم نحو التحصيل الدّراسي.
- الأسرة: للأسرة دور مهم في تهيّئة الجوّ المناسب لتحصيل أبنائهم الجيّد، فالمتعلّم الذي يعيش في جوّ يسوده القلق والاضطراب والمشكلات الأسريّة، يعاني من التوتّر والقلق النفسي، ما يؤثّر سلبًا على مستواه التحصيلي بعكس غيره من زملائه الذين يعيشون في جوٍّ أسري يسوده الأمان والاحترام والراحة.
إضافة الى عوامل أخرى تؤثّر في التحصيل الدّراسي، كأساليب التقويم والاختبارات، مستوى الطموح لدى المتعلّمين، وترتيب جلوسهم داخل الصف .
قياس التّحصيل الدّراسي: من أشهر أدوات قياس تحصيل المتعلّمين الدّراسي هي الاختبارات التحصيليّة بأنواعها الكتابيّة والشفويّة والأدائيّة.
وتعرّف الاختبارات التحصيليّة، أنّها “موقف يُطلب في أثنائه من المتعلّم أن يظهر معارفه أو مهاراته أو اتّجاهاته أو ميوله، أو جوانب تّتصل بموضوع علمي معيّن، أو عدد من الموضوعات
العلّمية، ولهذا ينظر للاختبار بوصفه مجموعة من المواقف، تّمثل عيّنات من السلوك تعرض على المتعلّمين ويُطلب منهم أن يقوموا بأداءات معّينة يمكن عدُّها دليلًا أو مؤشّرًا على تعلّم المتعلّم، (زيتون، 2005: 355).
ومن المهارات التي يهدف اختبار التحصيل الدّراسي إلى قياسها وتقييمها، هي مهارات أو مستويات التفكير التي أشار إليها “بلوم” وآخرون Bloom et al (1956) في نظريّته حول التّخطيط للتعليم. فالتعليم والاختبار يرتكزان على أهداف سلوكيّة يُحاول المعلّم الوصول بالمتعلّم إليها، والعملية التعليميّة من وجهة النظر هذه، تتألّف من ثلاث خطوات هي: صياغة الأهداف التعليميّة المنشودة، وتوفير خبرات التعلّم لتحقيق هذه الأهداف، وتقييم مدخلات التعليم وتعديل السلوك من خلال تطبيق تقنيات تقييم مناسبة مثل اختبار التّحصيل الدّراسي.
نتائج الدّراسة ومناقشتها
الفرضيّة الأولى: “توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التحصيل الدّراسي، تُعزى إلى البرنامج التعليمي المرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التجريبيّة”.
وللتحقّق من صحّة هذه الفرضيّة أو خطئها، اعتُمِد إختبار (ت) للعيّنات المزدوجة Paired Sample T-Test لحساب دلالة الفروق بين درجات المتعلّمين في المجموعة التجريبيّة على كُلٍ من القياس القبلي والبعدي للاختبار التحصيلي، وأتت النتائج، كالآتي:
جدول رقم (1): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التجريبيّة على التطبيق القبلي والبعدي للاختبار التحصيليّ في اللّغة العربيّة:
المجموعة التجريبيّة | التطبيق | العدد | المتوسّط الحسابيّ | الإنحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة |
القبلي | 18 | 11.12 | 3.211 | 19.797- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 30.45 | 2.800 |
يتبيّن من خلال الجدول أعلاه أنّ قيمة (ت) بلغت (19.797-) على مستوى دلالة إحصائيّة (0.000) وهو أقل من (0.01)، ما يُشير إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين درجات المجموعة التجريبيّة على القياس القبلي والبعدي للاختبار التحصيليّ في اللّغة العربيّة يُعزى للبرنامج التّعليميّ المُرتكز على طريقة العصف الذّهني وذلك لصالح القياس البعدي، وقد بلغ المتوسّط الحسابيّ (30.45) وهو أعلى من المتوسّط الحسابيّ للمجموعة على القياس القبلي الذي بلغ (11.12). كما وتُحُقِّق من دلالة الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التجريبيّة والضابطة على التطبيق البعدي للاختبار التحصيليّ في اللّغة العربيّة بحسب مهارات التفكير، وتظهر النتائج في الجدول الآتي:
جدول رقم (2): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة على التطبيق القبلي والبعدي للاختبار التحصيليّ في اللّغة العربيّة بحسب مهارات التفكير:
مهارة التفكير | التطبيق | العدد | المتوسط الحسابيّ | الإنحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة | |
المجموعة التجريبيّة | التذكّر | القبلي | 18 | 3.61 | 2.554 | 7.651- | 0.000 |
البعدي | 18 | 9.83 | 2.148 | ||||
الفهم | القبلي | 18 | 1.93 | 0.890 | 9.287- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 4.83 | 0.857 | ||||
التطبيق | القبلي | 18 | 1.25 | 0.968 | 3.691- | 0.002 | |
البعدي | 18 | 2.26 | 0.735 | ||||
التحليل | القبلي | 18 | 1.69 | 1.072 | 11.096- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 5.31 | 1.449 | ||||
التركيب | القبلي | 18 | 1.20 | 0.643 | 8.263- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 3.58 | 1.215 | ||||
التقويم | القبلي | 18 | 1.43 | 1.215 | 7.513- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 4.62 | 1.237 |
يُظهر الجدول أعلاه، أنّ قيمة (ت) لمهارات التفكير ترواحت بين (11.096-) و(3.691-) وكانت جميعها دالّة عند مستوى أقل من (0.01)، ما يُشير إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين درجات المجموعة التّجريبيّة على القياس القبلي والبعدي للاختبار التحصيليّ في اللغة العربيّة بحسب مهارات التفكير جميعها (التذكّر، والفهم، والتطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقويم)، وذلك لصالح القياس البعدي، وقد كانت جميع المتوسطات الحسابيّة للمجموعة على القياس البعدي أعلى من المتوسّطات الحسابيّة للمجموعة على القياس القبلي. وهذا يدّل على الأثر الذي يتركه العصف الذّهني في تنميّة مستويات التفكير لدى المتعلّمين، والتي بدورها تؤدّي إلى تحسين مستوى التحصيل الدّراسي لدى المتعلّمين.
جدول رقم (3): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التجريبيّة والمجموعة الضّابطة على التطبيق البعدي للاختبار التحصيليّ في اللّغة العربيّة:
التطبيق
البعدي للإختبار التّحصيليّ |
المجموعة | العدد | المتوسّط الحسابيّ | الانحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة |
الضّابطة | 18 | 9.63 | 2.469 | 23.660- | 0.000 | |
التجريبيّة | 18 | 30.45 | 2.800 |
يُشير الجدول أعلاه، إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات الإختبار البعدي بين المجموعة التجريبيّة والضابطة، إذ بلغت قيمة (ت) (23.660-) على مستوى دلالة (0.000) وهي أقل من (0.001)، وكانت هذه الفروق لصالح المجموعة التجريبيّة؛ فقد بلغ المتوسّط الحسابيّ للمجموعة التجريبيّة على الاختبار التحصيليّ (30.45) وهو أعلى من المتوسّط الحسابيّ للمجموعة الضّابطة والذي بلغ (9.63). ما يعني إنّ هذه النتائج تؤكّد فعّاليّة البرنامج التدريسيّ القائم على طريقة العصف الذّهني في تنميّة التّحصيل الدّراسي ومهارات التفكير العُليا المرتبطة به، وبالتحديد كُلٍ من مهارات التحليل والتركيب والتقويم، والتي تُشكّل إحدى مهارات التفكير النّاقد. تتّفق هذه النتيجة مع نتائج الدّراسات التي استخدمت طريقة العصف الذّهني في التدريس كدراسة “سعاد عبد العزيز رخا” (2017) ودراسة “دعاء إسماعيل أبو مطلق” (2018) ودراسة “منال محمد رضوان” (2018)، والتي أظهرت فعاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية التحصيل الدّراسي لدى المتعلّمين في مختلف المواد التعليميّة ومن مختلف المراحل الدّراسيّة.
ويُمكن تفسير نتيجة هذه الدّراسة في ضوء ما توصّلت إليه الدّراسات، كدراسة “رابعة محمد مانع الصقرية ومحسن ناصر يوسف السالمي” (2019)، التي بيّنت الدور الذي تؤّديه طريقة العصف الذهنيّ في تنمية الدافعيّة للإنجاز لدى المتعلّمين، والذي بدوره يرفع من مستوى التحصيل الدّراسيّ، وفي إبقاء أثر التعلّم لمدّة طويلة لدى المتعلّمين، كذلك يمكن رد هذه النتيجة الى أنّ في طريقة التدريس، الطلبة هم محور العملية التعليميّة، والمعلم فيها مرشدًا ومشرفًا وموجّهًا أثناء التعلّم، ولربما زاد هذا من شعور المتعلّمين بالاإعتماد على النفس وبتقدير الذات، فازدادت فعّاليتهم وتفاعلّهم بالطريقة التي تعلموا بها، ونّمت قدراتهم التّحصيليّة.
وبهذا تكون قد تحقّقت وثبت صحّة الفرضيّة القائلة: بوجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التحصيل الدّراسي، تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التجريبيّة.
الفرضيّة الثانيّة: “توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التفكير النّاقد تُعزى إلى البرنامج التعليميّ المُرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التجريبيّة”.
للتحقّق من صحّة هذه الفرضيّة أو خطئها، اعتُمد اختبار(ت) للعيّنات المزدوجة Paired Sample T-Test لحساب دلالة الفروق بين درجات المتعلّمين في المجموعة التجريبيّة على كُلٍ من القياس القبلي والبعدي لمقياس التفكير النّاقد، وأتت النتائج على الشكل الآتي:
جدول رقم (4): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التجريبيّة على التطبيق القبلي والبعدي لمقياس مهارات التفكير النّاقد:
المجموعة التجريبيّة | المجموعة | العدد | المتوسط الحسابيّ | الإنحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة |
القبلي | 18 | 28.00 | 7.738 | 20.334- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 74.00 | 7.137 |
يُظهر الجدول أعلاه، أنّ قيمة (ت) بلغت (20.334-) على مستوى دلالة إحصائيّة (0.000) وهو أقل من (0.001)، ما يدلّ على وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين درجات المجموعة التّجريبيّة على القياس القبلي والبعدي لمقياس التفكير النّاقد يُعزى للبرنامج التّعليميّ المُرتكز على طريقة العصف الذّهني وذلك لصالح القياس البعدي، وقد بلغ المتوسط الحسابيّ (74.00) وهو أعلى من المتوسط الحسابيّ للمجموعة على القياس القبلي الذي بلغ (28.00). ويُشير المتوسّط الحسابيّ للمجموعة التّجريبيّة على القياس القبلي إلى مستوى منخفض من التفكير النّاقد، في حين أنّ المتوسّط الحسابيّ للمجموعة نفسها، وبعد تطبيق البرنامج (القياس البعدي) يُشير إلى مستوى مرتفع من التفكير النّاقد ما يُبيّن أثر هذا البرنامج التدريسيّ القائم على طريقة العصف الذّهني في تنمية التفكير النّاقد لدى المتعلّمين. وقد تُحقّق كذلك من دلالة الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة على التّطبيق القبلي والبعدي لأبعاد مقياس التفكير النّاقد، وأتت النتائج على الشكل الآتي:
جدول رقم (5): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة على التطبيقين القبلي والبعدي لأبعاد مقياس مهارات التفكير النّاقد:
المجموعة التجريبيّة | البُعد | المجموعة | العدد | المتوسط الحسابيّ | الإنحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة |
المقارنة | القبلي | 18 | 6.17 | 3.034 | 6.354- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 14.61 | 3.987 | ||||
التلخيص | القبلي | 18 | 4.94 | 3.638 | 10.312- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 14.72 | 3.159 | ||||
التصنيف | القبلي | 18 | 6.67 | 3.970 | 7.230- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 15.22 | 3.439 | ||||
التنبؤ | القبلي | 18 | 4.78 | 3.246 | 8.614- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 14.83 | 3.222 | ||||
الفرض | القبلي | 18 | 5.44 | 3.148 | 7.876- | 0.000 | |
البعدي | 18 | 14.61 | 3.550 |
يُبيّن الجدول أعلاه، أنّ قيمة “ت” لأبعاد مقياس التفكير النّاقد تراوحت بين (10.312-) و(6.354-) وكانت جميعها دالّة على مستوى أقل من (0.001)، ما يُشير إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين درجات المجموعة التّجريبيّة على القياس القبلي والبعدي على أبعاد مقياس التفكير النّاقد والمتمثّلة بمهارة المقارنة، والتلخيص، والتصنيف، والتنبؤ، والفرض، وذلك لصالح القياس البعدي، وقد كانت جميع المتوسّطات الحسابيّة للمجموعة على القياس البعدي أعلى من المتوسّطات الحسابيّة للمجموعة على القياس القبلي. ما يدّل على فعّاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية جميع أبعاد مهارات التفكير النّاقد المتضمّنة في المقياس.
جدول رقم (6): دلالات الفروق بين متوسّطات درجات المجموعة التجريبيّة والمجموعة الضّابطة على التطبيق البعدي لمقياس التفكير النّاقد:
التطبيق
البعدي للتفكير النّاقد |
المجموعة | العدد | المتوسّط الحسابيّ | الإنحراف المعياريّ | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة |
الضّابطة | 18 | 26.56 | 8.431 | 18.222- | 0.000 | |
التجريبيّة | 18 | 74.00 | 7.137 |
يُشير الجدول أعلاه، إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات التفكير النّاقد على القياس البعدي بين المجموعة التجريبيّة والضابطة، إذ بلغت قيمة (ت) (18.222-) على مستوى دلالة (0.000) وهي أقلّ من (0.01)، وكانت هذه الفروق لصالح المجموعة التجريبيّة، والذي بلغ (74.00) وهو أعلى من المتوسّط الحسابيّ للمجموعة الضّابطة على مقياس التفكير النّاقد والذي بلغ (26.56). ويُشير المتوسّط الحسابيّ للمجموعة الضابطة إلى مستوى منخفض من التفكير النّاقد، في حين أنّ المتوسّط الحسابيّ للمجموعة التجريبيّة يُشير إلى مستوى مرتفع من التفكير النّاقد. وتدلّ هذه النتائج إلى أثر البرنامج التدريسيّ القائم على طريقة العصف الذّهني في تنمية التفكير النّاقد لدى المتعلّمين.
وتتّفق نتيجة هذه الدّراسة مع نتائج دراسة كُلٍّ من “أحمد ممدوح الصاوي طلبه” (2020)، و”حاج علي زاده وعناري” HajAlizadeh & Anari (2016)، و”صالح يوسف الفرهود” (2015)، والتي أظهرت فعّاليّة طريقة العصف الذّهني في تنمية التفكير النّاقد لدى المتعلّمين في مختلف المواد التعليميّة ومن مختلف المراحل الدّراسية.
ويُمكن عزو هذه النتيجة إلى كون طريقة العصف الذهني، تُسهم في تنشيط الخريطة الذهنيّة والمعرفة السّابقة لدى المتعلّم؛ فعندما تُوفّر فرص كثيرة للمناقشة خلال الحصص الدّراسيّة، سيتزوّد المتعلّم بالعديد من المواد والوسائل التي تُساعده على التنبّؤ بالأفكار والمفردات والقواعد للوصول إلى استنتاجات، فستتحسّن القدرات النقديّة، والذكاء الاجتماعيّ، والجِدّة، ومهارة حلّ المشكلات لديه (Ghabanchi & Behrooznia, 2014)
يُستنتج ممّا سبق أثر طريقة العصف الذّهني في تحسين مستويات مهارات التفكير النّاقد. وبالتالي، يُمكن القول إنّ الفرضيّة القائلة بوجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات المجموعة التّجريبيّة والضابطة في القياس البعدي على مستوى التفكير النّاقد تُعزى إلى البرنامج التعليّمي المُرتكز على طريقة العصف الذّهني لصالح المجموعة التجريبيّة قد تحقّقت وثبت صحّتها. وفي ضوء ما توصّلت إليه الدّراسة من نتائج، من الممكن اقتراح عدد من التوصيات، كالآتي:
- تضمين طريقة العصف الذّهني في المناهج الدّراسية للمراحل الدّراسيّة المختلفة بشكل عام، وبالتحديد مناهج اللّغة العربيّة، وتزويد مصمّمي المناهج بمعلومات كافية حول طريقة العصف الذّهني وأهمية مراعاتها خلال بناء المناهج الدّراسية.
- إجراء دورات تدريبيّة لمدّرسي اللّغة العربيّة تمكّنهم من اتّباع أحدث الطرائق في التدريس وخاصة طريقة العصف الذّهني.
- المراعاة عند وضع الأهداف السلوكيّة للمناهج الدّراسية أن تتركّز على الأهداف السلوكيّة المرتبطة بمهارات التفكير العليا (التحليل والتركيب والتقويم).
المراجع العربيّة
- أبو جادو، محمد ونوفل، محمد. (2007). تعليم التفكير مفاهيم وتطبيق، الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
- أبو مطلق، دعاء إسماعيل. (2018). فاعليّة توظيف استراتيجيّة العصف الذّهني الإلكتروني في تنمية مهارات الإستيعاب المفاهيمي والتّواصل الإلكترونيّ في التّكنولوجيا لدى متعّلمات الصفّ الحادي عشر، غزة، الجامعة الإسلاميّة، كليّة التربيّة، المناهج وطرق التدريس، رسالة ماجيستير غير منشورة.
- الأغا، مراد. (2009). أثر استخدام استراتيجية العصف الذّهني في تنمية بعض مهارات التفكير الرياضي في جانبي الدماغ لدى طلبة الصف العاشر، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، غزة.
- الإمام، محمد صالح. (2009). التفكير الإبداعي والنّاقد: رؤية عصرية، عمان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع العربي.
- البارودي، منال. (2015). العصف الذّهني وفن صناعة الأفكار، مصر: المجموعة العربية للتدريب والنشر.
- التميمي، أسماء (2016). مهارات التفكير العليا: (التفكير الإبداعي، التفكير النّاقد)، الأردن: دار المنهل.
- الجنابي، صاحب عبد مرزوق. (2019). علم النفس المعرفي، الأردن: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.
- الدليمي، ناهده. (2012). أساليب في التعلّم الحركي، مصر: دار الكتب العلمية
- رضوان، منال محمد. (2018). أثر استراتيجيتي العصف الذّهني والتعلم التعاوني في تنمية التحصيل الدّراسي في مبحث التربية الاجتماعية لدى طالبات الصف الخامس الأساسي في الأردن، مجلة العلوم التربوية والنفسيّة، المجلد (2)، العدد (25). ص: 107 – 125.
- رخا، سعاد عبد العزيز. (2017). استخدام العصف الذّهني في تدريس العلوم لتحسين دافعية الإنجاز والتحصيل الدّراسي وبقاء أثر التعلم لتلاميذ المرحلة الإعدادية، مجلة كلية التربية – جامعة المنوفية، العدد الثاني. ص: 205 – 243.
- زيتون، كمال عبد الحميد. (2003). التدريس: نماذجه ومهاراته، مصر، القاهرة: عالم الكتب.
- العتوم، عدنان يوسف (2004). علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق، عمان: دار المسيرة.
- سالم، هيام. (2012). أثر استخدام استراتيجية العصف الذّهني من خلال الانترنت في تنمية التحصيل والتفكير الابتكاري والاتجاه لدى طلاب الاقتصاد المنزلي، المؤتمر العلمي الثاني والعشرون للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس بعنوان مناهج التعليم في مجتمع المعرفة، كلية التربية جامعة قناة السويس.
- طلبه، أحمد ممدوح الصاوي. (2020). فعالية استراتيجية العصف الذّهني التعاوني في تنمية مهارات التفکير النّاقد في الرياضيات لدي تلاميذ المرحلة الإعدادية مختلفى السعة العقلية، مجلّة كلية التربية – جامعة المنصورة، العدد 111. ص: 1177 – 1205.
- عليمات، عبير راشد. (2004): تقويم منهج التربية الاجتماعية والوطنية للمرحلة الأساسية في الأردن في ضوء المعايير العالمية للكتب وبناء نموذج لتطويرها في ضوء المعايير العالمية للكتب المدرسية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، عمان
- عمر، إبراهيم. (2008). العصف الذّهني وأثره في تنمية التفكير الابتكاري، عمان: دار دجلة للنشر.
- غباين، عمر محمود. (2004). تطبيقات مبتكرة في تعليم التفكير، الأردن: دار جهينة للنشر والتوزيع.
- الفاخري، سالم. (2018). التحصيل الدّراسي، عمان: مركز الكتاب الأكاديمي للنشر والتوزيع.
- الفرهود، صالح يوسف. (2015). فاعلية استخدام أسلوب العصف الذّهني في تعلم الرياضيات في تنمية مهارات التفكير النّاقد لطلاب الصف الأول الإعدادي بمملكة البحرين، مجلة رسالة الخليج العربي، العدد 135. ص: 79 – 93.
- المغازي، إبراهيم محمد. (2020). الخصائص السيكومتريّة لمقياس التفكير النّاقد للمراهقين والراشدين في ضوء ومنظور جديد – كراسّة التّعليمات والمقياس، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريّة.
- المرسي، وجيه. (2011). استراتيجيات التفكير النّاقد. مقال منشور، استرجع 10/12/2021، من الرابط.
المراجع الأجنبية
- Choy, Chee & Cheah, Phaik Kin. (2009). Teacher Perceptions of Critical Thinking among Students and its Influence on Higher Education, International Journal of Teaching and Learning in Higher Education, 20, (2). PP: 198-206.
- Maghsoudi, Mojtaba& Haririan, Javad. (2013). The impact of brainstorming strategies Iranian EFL learners’ writing skill regarding their social class status, International Journal of Language and Linguistics, 1, (4). PP:60-67.
- Rizi, Najafipour, Haghani & Dehghan. (2013). The effect of the using the brainstorming method on the academic achievement of students in grade five in Tehran elementary schools, Procedia – Social and Behavioral Sciences, 83. PP: 230 – 233.
- Watson, G., & Glaser, E. (2009). Watson-Glaser Critical Thinking Appraisal from Manual, Person Education, United States of America: Orits Affiliates.
- Shahzadi, Uzma & Khan, Itbar. (2020). Exploring the Relationship between Critical Thinking Skills and Academic Achievement, Sir Syed Journal of Education & Social Research, 3, (1). PP: 236-242.
[1] -طالب ماجستير في جامعة الجنان- لبنان – قسم اللغة العربية@ studentsjinan.edu.lb – 01906591