دور الفنّ الثّوري والدّيني في ضاحية بيروت الجنوبيّة 1975-2000
Art révolutionnaire, industrie de l’art et culturelle1975-2000
Amal Abbas Chehade آمال عباس شحادة([1])
الملخص
تركز هذه الدراسة على الفن الثوري في ضاحية بيروت الجنوبية، بدءً من اختطاف الإمام السيد موسى الصدر وصولًا إلى تأسيس المقاومة الإسلاميّة، ودور الفن الثوري في تفاعل الجمهور، وتأثيره على الرأي العام، وذلك من خلال الحياة الاجتماعيّة في ضاحية بيروت أيّ بداية الثمنينيات التي كانت مليئة بالحروب المتعددة، وكيف استطاع الفن الثوري أن يؤثر على الناس على الرّغم من الصعوبات الماديّة والميدانيّة، فبداية الأناشيد التي أنشدت كانت تتعلق بقضية غياب الإمام موسى الصدر فكان لها الصدى الحزين في النفوس. وبعد الاجتياح الإسرائيلي والمعاناة التي عاشتها الضاحيّة من قتل وتشريد، استطاع جيل من الشّبان أن يرتقوا إلى الفن الثوري، والمدافعة من خلال أناشيدهم عن حقوق الشّيعة والظلم الذي يتعرضون له وكيف وصلت الفكرة إلى طلب الإذن الشّرعي من الأمين العام السيد عباس الموسوي بالنسبة إلى العزف على الآلات الموسيقيّة والإنشاد معًا. وكذلك الأمر، تطرقت هذه الدراسة إلى جيل الشّباب ودورهم في إيصال فنّهم الثّوري والدّيني واستقطاب الأجيال، ونجاح مشروعهم الإنشادي مع الموسيقى بعد أن كان يعتمد على اللطم والنّدب، وذلك عبر دراسة تاريخيّة تحليليّة اعتمادًا على المعلومات التاريخيّة، والمقابلات التي أُجريت مع الرّعيل الأول لهذا النوع من العمل الفني ووفقاً للتسلسل الزّمني.
وتهدف هذه الدّراسة إلى إبراز أهمّيّة تاريخ الفن الدّيني والثّوري عند الشّيعة، ودور الإعلام الدّيني وما تميز به من أسلوب مبسط، ومدى تأثير هذا الإسلوب على الناس. وتناقش الدّراسة فكر الفن الثوري عند الشّيعة المستلهم من واقعة كربلاء وكيف استطاعوا من خلال أناشيدهم وفنهم الثوري أن يدافعوا عن مطلب أو حقّ لهم من أحداث سياسية، اقتصادية، واجتماعية.
الكلمات المفاتيح: الفن والثقافة، الصناعات الثقافية، الفن الثوري والديني عند الشيعة، المنشدين الاوائل الذين انشدوا للمقاومة في ضاحية بيروت، دور الفن الثوري في ضاحية بيروت
Résumé
Cette étude porte sur l’art révolutionnaire dans la banlieue sud de Beyrouth, depuis l’enlèvement de l’Imam Musa al-Sadr jusqu’à l’établissement de la résistance islamique, et le rôle de l’art révolutionnaire dans l’interaction publique, et son impact sur l’opinion publique, à travers la vie dans la banlieue de Beyrouth, c’est-à-dire le début des années 80, qui était pleine de guerres. Le nombre, et comment l’art révolutionnaire a pu toucher les gens malgré les difficultés matérielles et de terrain, donc le début des chansons qui ont été chantées était lié à la question de l’absence de l’Imam Musa al-Sadr, et cela a eu un triste écho dans les âmes. Après l’invasion israélienne et les souffrances qu’a connues la banlieue à cause des tueries et des déplacements, une génération de jeunes hommes a pu s’élever vers l’art révolutionnaire, défendant par leurs chants les droits des chiites et l’injustice à laquelle ils sont exposés. De même, cette étude a abordé la jeune génération et son rôle dans la communication de son art révolutionnaire et religieux et l’attraction des générations, et le succès de leur projet de chant avec la musique après qu’il était basé sur des gifles et des lamentations, à travers une étude historique et analytique basée sur des informations historiques, et des entretiens qui ont été menés avec la première génération de ce type d’œuvres, ordre technique et chronologique.
Cette étude vise à mettre en évidence l’importance de l’histoire de l’art religieux et révolutionnaire chez les chiites, le rôle des médias religieux et son style simplifié, et l’étendue de l’influence de ce style sur les gens. événements économiques et sociaux.
Mots-clés: Art et culture, Industries culturelles, Art révolutionnaire et religieux chez les chiites , Les premiers chanteurs qui ont chanté pour la résistance dans la banlieue de Beyrouth , Le rôle de l’art révolutionnaire dans la banlieue de Beyrouth.
الفن والثقافة
الفن والثقافة كلاهما مرتبط بالآخر، فجميع الأمور الفنّيّة التي انُتِجت كان منشؤها ثقافيًا، فذلك الفن وتلك الثقافة مرتبطان ببعضهما ويشكل الفنّ إحدى عوامل الثّقافة والمعرفة، الذي يُحدث التأثير غير المباشر على المجتمع. إنّ الفنّ والثقافة من مقومات المجتمع المهمّة لأنهما يعكسان الواقع. ومن خلالهما نستطيع أن نرى الحقائق التي تدور حول العالم ، أو ما هي الرّسالة المراد إيصالها للعالم . ففي أواخر القرن العشرين ظهر الإعلام الدّيني في الفضاء العربي عمومًا، وفي لبنان بدايًة كانت المحطات تبث دروسًا دينيةً وتعليمَ القرآن، بعدها ارتقى هذا الإعلام إلى الخطاب الدّيني الذي أصبح ينافس في السّنوات الأخيرة الإعلام المدني في اكتساب الجمهور، ويشارك مع الخطاب السياسي في صناعة الرأي العام.
والفن في أُسسه يهتم اهتمامًا طفيفًا بالفكر، وأحيانًا قد لا يهتم به، فهو نشاط الحواس ومجهودها وهو أصل الانفعالات الأوليّة، انفعالات الحب، الكراهية، والخوف. وليس مُلكًا لعنصر معين أو عناصر بذاتها، ولكنه منتشر في العالم كله عامة. إلّا أنّه من ناحية الإبداعيّة فهو نشاط محدود، أيّ أنّه مقتصر على أفراد مختصين يستطيعون أن يستجيبوا لانفعالات إخواتهم ورفاقهم الصامتة، بواسطة ما لهم من مقومات حسيّة، ومهارة خاصة في التّعبير.
يستطيع الفنان في بداية عمله أن يُترجم فكرته أو يعرضها أحسن عرض، فيرضى المجتمع بإسلوبه، ويقدّر مهاراته، وقد يتصل الفن اتصالًا وثيقًا في عمليات صناعيّة، فكل الأفكار الجماليّة تحتاج إلى مهارة أداء لإخراجها لأنّ المهارة شيءٌ وظيفيٌّ صرف، بينما الفن في جوهره خالص لا هدف له. والفن من دون وظيفة يكون في خطر دائم ما لم يقترن بظهور الوعي الذاتي ومع ذلك يبدأ الفن حيث تنتهي الوظيفة، وحيثما تتعادل الأشكال الوظيفيّة في أدائها المطلوب. فنحن مدفوعين في النهاية إلى الالتجاء للعلم النّفسي الجماعيّ وعلم النّفسي الفردي فالأول يساعدنا على تفسير قِيَم الفن، والأخير على شرح الحساسيّة الشكليّة للفنان.⁽¹⁾
أهميّة الفنّ
هناك العديد من الاستفادة العامة التي تؤثر على عدة مجالات مختلفة في المجتمع من خلال الثقافة والفن، فالتنمية الفردية تتبلور من خلال الثقافة والفن الذي يساعد في بناء الشّخصيّة وتقوية القدارت، وتحفيز الخيال والإبداع، والتكيّف مع الاختلافات، واستيعاب الثقافات المختلفة. ما يساعد في التقارب والتفاهم، ويشجع على التّعاون والعمل الجماعي بين الأفراد، ويساعد على الإنجاز والانضباط ، إذ تزيد قدرة الأفراد على فهم إمكانياتهم وتحسين الأداء في المجالات كلها وبناء جوانب المعرفة، والتّرابط العاطفي مع الناس خصوصًا فئة الشّباب من خلال تعلم الفنون، والعلوم العامة، والإنسانيّة، والمشاركة فيها إضافة إلى جمع القُدرات. فالثقافة والفنّ لهما الأثر الاقتصادي أيضًا، فالفن يؤدي دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المحلي، وإذا تطورت إمكانياته فسوف يتوسع إقليميًّا، ويكون له انعكاس على جذب السّياح، والاستثمار، وتوفير بيئة مناسبة للعمل، والتّخفيف من البطالة، من خلال إيجاد فرص للعمل، وجذب الأشخاص الموهبين بمختلف الأعمار، والعمل على تطوير مواهبهم، كذلك تسعى الثقافة ويسعى معها الفن إلى بناء الهوية المحليّة، والانتماء إلى الأرض، من خلال تقوية المهارات الاجتماعيّة التي تساعد في تفعيل العلاقات والتي بدورها تعزز الروابط بين المجتمعات المختلفة في الآراء⁽²⁾. تساهم الثقافة والفن في تحسين الصحة العقليّة، وتحقيق الراحة من خلال تعزيز احترام الذّات لدى الأفراد، زيادة القدرة على تكوين صداقات جديدة، المشاركة في النّشاطات الفنيّة، والثقافيّة المتعدّدة من خلال زيادة قدرة الأفراد في المهارات والتواصل على اتّخاذ القرارات، وتعزيز المشاركة المدنيّة، وقدرة الأفراد على المشاركة في الأعمال التطوّعيّة، والمشاركة في الانتخابات، والقضايا العامة، والتعلّم، وتحسين التحصيل العلميّ للطلاب، ويساهم إشراك الفن، والثقافة في المناهج، والعمليّة التعليميّة في تحسين المستوى التعليميّ للطّلاب، وذلك من خلال زيادة ثقة الطلاب بأنفسهم لجهة اكتساب اللغات بشكل أسرع والإلمام بالقراءة، والكتابة، ، والعمل بروح الفريق، وتطوير قدراتهم على التّعبير عن أنفسهم، وتنمية مهارات التفكير الناقد لديهم، والتقليل من مشكلة التغيّب عن المدارس⁽³⁾.
الصناعات الثقافيّة
تتضمن الصناعات الثقافية كل مجال يشمل إبداع وإنتاج وتسويق المواد، كم تشير هذه الصناعات إلى الخدمات التي تحمل الطابع الثقافي، والتي غالبًا ما تكون محمية بقوانين الملكيّة الفكريّة وحقوق المؤلفين، وتتمثل هذه الصناعات في الطباعة والنّشر، والوسائط المتعددة والصناعة السينمائيّة والوسائل السمعيّة والبصريّة، وكذلك الصناعات التقليديّة، وصناعة الآلات الموسيقيّة، والهندسة، والفنون التشكيلية، وفنون العرض والرياضة. إنّ مفهوم الصناعة الثقافيّة ينطبق على الصناعات ذات المفهوم الثقافي والتي تجمع بين الابتكار والإنتاج والمتاجرة بها، وتتكون بشكل خدمات أو سلعًا، أما أسس البناء التي تعتمد عليه الصناعات الثقافية فتتمحور في ثلاثة دعائم:
– المنتجون لعناصر الثقافة: وهم المفكر، والآديب والصحافي والممثل والرسام وغيرهم.
– المنتجات: وهي تشمل الأدب والفن والفنون الشّعبيّة والفكر والغناء والموسيقى والعلوم.
– المستهلك للثقافة: وتتمثل بالجمهور الذي تتفاوت قدرته على التلقي حسب مستواه التعليمي والاقتصادي وفئته العمرية⁽⁴⁾.
تشمل الصناعات الثقافيّة والفنيّة صناعات إبداعيّة فنيّة، في مجالات عدة وتتميز من بلد إلى آخر، نظرًا لعامل تميز العادات والتقاليد والثقافة، بل قد تغيّر تاريخهم ومكان وجودهم ما يجعل وجود قوانين تعاريف متمايزة للصناعات التقليديّة الفنيّة. وقد قسم المجلس العالمي للصناعة التقليديّة سنة 1984 مختلف الصناعات التقليديّة الفنيّة والحرفيّة والتي تشكلت من أربع مجموعات من ضمنها ثلاثة مجموعات اعتمدت على الصناعات التقليدية الفنية أبرزها:
– الإبداعات ذات الطابع الفني: وترتبط بالأنشطة وتكون منتوجاتها ذات طابع إبداعي وإنتاجها يتطلب مهارات وتقنيات عالية.
– الفنون الشّعبيّة الفلكوريا: يعكس إنتاجها مفاهيم اتُخِذت من تقاليد وثقافات محليّة وطنيّة وهذا النّوع من الفنون بحاجة إلى درجة عالية من الكفاءة والتقنيات اليدوية.
– الصناعات التقليدية: يشمل الوُرش المنتِجة لمنتوجات ذات طابع تقليدي أصيل ، والتي تكون مُصنعة يدويًا وبكميات كثيرة ومنتوجاتها تحمل ذوقًا واسعًا موجهًا إلى السوق الواسع⁽⁵⁾.
الصناعات الثقافيّة في لبنان
خلال الحرب الأهلية التي اندلعت العام 1975، نشطت الصناعات الثقافيّة وأبرزها السينما التي تناولت الحرب ونهايتها وتداعياتها، فكل ما نتج عن هذا النشاط السينمائي الوطني حتى يومنا هذا من أفلام يعدُّ مهمًا، فبلإضافة إلى نشاط العمل السينمائي ساعدت الأجواء الفنانيين على الإبداع والابتكار في الأناشيد الوطنية والثوريّة التي تحاكي حب الوطن، فعلى الرّغم من بشاعة الحرب وأضرارها، كان هناك ذرة نافعة من إيجابيات الحرب اللبنانيّة، فقد أسهمت في إنتاج سينما لبنانية يُدافع عنها فنيًا. فعبّر عدد كبيٍر من المخرجين الموهوبين من خلال هذه الأفلام عن آرائهم ومواقفهم السياسية من الحرب وتداعياتها، ما ساعد في بروز عدد كبير من الفنايين، والملحنين أنشدوا الأغاني الوطنية والثورية المنددة بالحرب⁽⁶⁾. أمّا بداية العمل الفني الإسلامي فكان خلال السبعينيات إذ أُطلق في العام 1976 فيلم “الرسالة” الذي وافق عليه المجلس الشّيعي الأعلى وقدّمه المخرج العربي السّوري الراحل مصطفى العقاد، وقد بدأ العمل به العام 1974 وهو يحمل في طياته محاولة جريئة لتقديم أول عمل تاريخي ملحمي برؤية إنتاجية عالمية لولادة الإسلام ونشأته. بعد انتهاء الحرب الأهلية، ودخول لبنان في حالة هدوء منذ العام 1990، بدأت السياسات الإنمائيّة المندرجة في سياق الأزمة الاقتصاديّة إذ شملت المشاريع والبرامج التي أُعدت وفي بعض الأحيان يتطلب الأمر معاودة تعزيز التراث الثقافي غير المادي، وذلك لأغراض اقتصاديّة وثقافيّة. فُأنشئت وزارة الثقافة بموجب القانون رقم 215 الصادر بتاريخ 2/4/1993 والذي أُنيِط بها مهمة رعاية الحركة الثقافيّة وتعزيزها، وتشجيع المواهب الإبداعيّة، وتنسيق الأنشطة الثقافيّة والتراثيّة والفنيّة، والإشراف على المكتبة الوطنية وتطويرها، وإنشاء مكتبات عامة وإدارتها وتعميمها في أنحاء البلد كافة، والقيام بالحفريات الأثرية، وحماية المواقع الأثرية، وإنشاء المتاحف وإدارتها. ولم يتضمن قرار إنشاء وزارة الثقافة قسمًا خاصًّا بالتراث المادي أو غير المادي، وأصبحت وزارة الثقافة مُشكّلَة من المديرية العامة للثقافة التي تشمل مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة، ومصلحة دار الكتاب الوطنية، ومديرية السينما والمسرح والمعارض، والمصلحة الإدارية، المديرية العامة للآثار، التي تشمل مصلحة المتاحف، ومصلحة الحفريات الأثرية، ومصلحة المنشآت الأثرية. ويتضمن هيكل هذه الوزارة الذي لم يوافق عليه إلّا في العام 2008، إدارة تُعنى بالتراث الثقافي غير المادي، وعلى الرّغم من تصديق لبنان على اتفاقية اليونسكو بشأن التراث الثقافي غير المادي، فإنّه لا يملك بنية أساسيّة موحدة تتولى إدارة التراث الثقافي غير المادي، كما أنّه لم يقم بإعداد أو تنفيذ سياسة وطنية لصون هذا التراث أو تعزيزه، وتندرج مختلف مجالات التراث الثقافي غير المادي في نطاق اختصاص عدة مؤسسات عامة أو منظمات غير حكومية⁽⁷⁾.
دور الفن الثوري والدّيني عند الشّيعة
الثورة في حقيقتها فعل إبداعي يستهدف تغيير الواقع، وتغيير المفاهيم والقيم والذي يعني بدوره تغيير الإنسان، فالثورة كي تكتمل لا بدّ لها من أن تحقق هذا الأمل، تغيير الواقع بشقيّه الاقتصادي والسياسي، وتغيير الإنسان باتجاه ثوري لمفاهيمه، ووعيه، بما يلائم قيم الحرية والعدل والجمال. ومع ذلك لا يمكن لنا أن ننكر أنّ الثّورات ربما تنطوي على بعض الممارسات العنيفة والدموية التي لا نجدها في عملية الإبداع الفني، كما أن الثورات على الرّغم من توظيفها للخيال تظل أكثر وفاءً للواقع من الفن، فالفن خاصة في شكلّه الحداثي يستطيع أن يهرب من الواقع ويؤسس واقعه المصور “فيديو” الخاص في حين أنّ الثورة لا تستطيع أن تنفي الواقع بصورة كلّية، وإن استطاعت أن تدمّر الواقع القائم بمؤسساته وهياكله التنظيميّة، إلّا أنّها مضطرة بحكم الضرورة لأن تؤسس واقعًا مغايرًا ومناهضًا كثيرًا يحمل في صفاته وملامحه وعناصره بعضًا من بقايا النظام المنهار. أمّا الفن فعلى الرّغم من أنّه يخضع لقوانين الواقع المعطي، إلا أنّه في الوقت نفسه ينتهك هذه القوانين، فهو يتجاوز الواقع القائم ويتمرد عليه كي يفتح له بابًا جديدًا للحرية ويبعث نوعًا جديدًا من الوعي الرافض المتمرد⁽⁸⁾.
ومفهوم الفن الديني عند الشيعة المتدينين، بإن الفن مرتبط بالله ، والإنسان، فمن خلال ربطه بالبعدين الإلهي والإنساني، يحدد على أثر ذلك نوع العلاقة التي يرتّبها الفن بين الإنسان واللّه. فمن جهة أولى، “الفن هو تجلّي جمال الخلق الإلهي في الإنسان” ، وظهور صفة الخالقيّة فيه بأبهى صورها، ومن جهة ثانية ، يعدُّ الفن “أحد أفخر وأغلى جوانب النفس الإنسانية، ما يوجب علينا تعظيمه والاهتمام به”، والأكثر أهمّيّة من ذلك “بَذله في سبيل اللّه“، وهذه النقطة تحديدًا، منشأ العلاقة بين اللّه والإنسان من خلال الفن والتي هي أقرب ما تكون إلى تحديد الهدف الحقيقي للفن، بأن يعدُّها مسؤولية ملقاة على عاتقه. فمواهب الله للإنسان مقرونة بالتكليف وكل المقولات المرتبطة بعبثيّة الفن أي بمعنى الفن للفن فقط هو خطأ، إنّما يجب أن يكون الفن في خدمة هدف. وكبار الفنّانين عبر التاريخ، قد سخّروا فنهم في خدمة أهداف معينة فلا بدّ من الإعتراف بوجود حقيقي للفن الملتزم لقضايا الإنسان⁽⁹⁾.
الفن الثوري والدّيني في ضاحية بيروت الجنوبيّة
ميزة الفن أنّه له مقوّمات لم تتوفّر لغيره من أدوات المواجهة، فهو لغة بليغة باستطاعته التعبير عن أكثر الموضوعات تعقيدًا وتركيبًا كقضايا الثورة والمقاومة على سبيل المثال، وهو وسيلة إعلاميّة مهمة جدًا، ينبغي استخدامها في الشؤون جميعها. وإذا استُخدِمت هذه الوسيلة في الأعمال العلميّة والطروحات الفكرية التي تبث في الإعلام، فسيضاعف ذلك من جاذبية هذه الأعمال وخلودها. والفنّ الدّيني الواقعي هو الفن الذي ينشر المعارف الدّينيّة، ويمتلك القدرة على تجسيد مبادئ الدين وتقديمها وهي التي تضمن سعادة الإنسان وحقوقه المعنوية وسموّه وتقواه وورعه، وتحقق العدالة في المجتمع الإنساني⁽10⁾. أمّا نقطة انطلاق الفنّ الثوري كانت في بداية الثمنينيات حيث تسارعت الأحداث في المسار الشّيعي، بدأت بالحرب الأهلية والتهجير والنزوح إلى الضاحية، تلاه اختطاف السيد موسى الصدر العام 1978، ومن بعدها انتصار الثورة الإسلامية بداية العام 1979، فالاجتياح الإسرائيلي للبنان برًا وجوًّا العام 1982، وقد غرق الجنوب في دوامة الحرب والقتل والتشريد والتهجير، وكانت وجهة النّزوح إلى الضاحية الجنوبيّة، فكما بدأ هدف انطلاق المقاومة التنديد بالعدو والمواجهة العسكرية، بدأت معه النّغمة الأولى في المسار الفني الثوري، حيث كانت الضاحية تعيش منتصف الثمنينيات القرن الماضي أحداثًا مؤلمة، وأيام لا تشبه أيامها الماضية على الأصعدة كافة. فمن قلب الحصار والدّمار الإسرائيلي كانت المقاومة تتأسس، واتخذت ثورة كربلاء شعارًا لها أي لا مجال للمبايعة أو الاستسلام، تسلّح الشبان وحملوا السلاح بروحية عالية وكان الدّعاء والصلاة يغذي وجدانهم الثوري، وقد شكلت ما عرف “اللطميّة الحسينيّة” العمل الفني الوحيد الذي شحذ الهمم وقوة العزيمة على الانطلاق والمتابعة، لا سيما أنّ “اللطميّة” حائزة على الموافقة الشّرعيّة عند فقهاء الشّيعة، أمّا مسألة الأناشيد والموسيقى المرافقة لها، كانت ما تزال في خانة المحظور في نظر المجتمع بين الحلال والحرام إلى أن تُوُصل مع الفقهاء آنذاك إلى تجويزها، وكانت بداية الإنشاد الثوري العام 1985⁽¹¹⁾.
رموز كربلاء ودورها في الفن الثوري
قبل العام 1975 لم تكن الأناشيد الإسلاميّة معروفة في المجتمعات الشّيعيّة في لبنان، وذلك لسبب وجيه، وفي طليعتها الأدبيات الشيعيّة على مرّ التاريخ منذ واقعة كربلاء، فالتعزية بالحسين”ع” امتزجت بالحياة السياسيّة والاجتماعيّة حتى أن بطلها الإمام الحسين “ع” أصبح رمزًا قوميًّا، من خلال إعادة عرض هذه المأساة كل عام كطقوس تقام في الأول من شهر محرم ولمدة عشرة أيام فكان الغوص دائمًا في الأحزان دون الأفراح.⁽¹²⁾، سنين طويلة وكانت الكتابات الشّيعيّة مستوحاة من الحزن والأشعار والشّعارات التي تحاكي مآساة كربلاء، ولقرون طويلة اهتم الشّيعة بالمجالس الحسينيّة والمرثية أكثر بكثير من مناسبات الأفراح السعيدة عندهم⁽¹³⁾.
أمّا بداية التوجه والانتباه إلى الأناشيد عند الشّيعة اللبنانين عُرف بعد اختطاف السيد موسى الصدر في شهر آب من العام 1978، وانتصار الثورة الإسلاميّة في إيران شباط العام 1979، حيث وضع مدير العلاقات العامة في المجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى الشاعر نزار الحرّ من بلدة جباع الجنوبيّة نشيد أفواج المقاومة اللبنانية أمل” حي على خير العمل للمجد هيّا يا أمل” فكان الشّاعر نزار قد بدأ بتحضيره قبل اختطاف السيد، وأُطلِق النشيد لاحقًا،⁽¹⁴⁾ وبعد اختطاف السيد موسى الصدر كان الإنشاد الشّيعي يحاكي قضية الإمام الصدر متل “عاصي عالدّهر يا موسى الصدر” “ويوم الصعوبة تنادي أمل” وغيرها من الأناشيد التي تمحورت حول قضية اختطاف السيد. مع بداية الثمانينيّات بدأ جيل الشّباب يتعرف إلى الأناشيد المتخذة الطابع الثوري والحماسي ومستوردة مباشرة من إيران، فقد كانت الأناشيد حينها تهدر بخطاب ثوري يحمل فكرة ثورة المظلوم على الظالم وشعارها الحرية، والإيمان وكلمات الله أكبر ومن أبرز الأناشيد الثورية التي أنشدت في البداية كانت: “إنّا شعب دماء الثأر تغلي فير شراييني. مللت وعود حكامي مللت جمود أيامي“.
عرفت السّاحة الشّيعيّة اللبنانيّة في ظل انتصار الثروة شبابًا ايرانيين أتوا إلى لبنان، حيث كانوا يؤدون حلقات النّدب بإسلوب جديد، والندبيّة الحسينيّة تكون ذات طابع حسيني تحاكي الإيمان والجهاد والشّهادة والشّهداء وحبّ القتل في سبيل الله، ومازال بعض المهتمين بهذا النّوع من الأناشيد يحتفظون بتسجيلات قديمة والتي كان أشهر قائليها الإيرانيان “عساكري” و”هنكران” اللذان برعا في إدارة حلقات النّدب باللطميات والندبيّة الشّيعيّة الحسينيّة⁽¹⁵⁾.
الموسيقى والفنّ الدينيّ
بعد مرور عامين على الاحتلال الإسرائيلي لم يبق جيل الشّباب اللبناني آنذاك مجرد استيراد وإنشاد لهذا النوع من الأناشيد. وهنا بدأت المبادرة الأولى وكانت فردية وشهدت تلك الحقبة بتحديد بعد الاحتلال انطلاقة بعض الفرق بأعمال متواضعة فكانت ولادة فرقة الولاية التي بدأت عملها العام 1984، وفي مقابلة كانت قد أُجريت مع الإعلامي اللبناني الشّاعر أنور نجم يقول : “بدأت فرقة الولاية عملها “تحديدًا بعد ما لمست حاجة المجتمع المتدين إلى حركة موسيقيّة إنشاديّة تنسجم مع الطرح الإسلامي ومع حركة المقاومة التي كانت في بدايتها تفتقر إلى رديف فني يسير في منظومتها، لهذا كان التفكير في بدء العمل وإنشاء الفرق الإنشاديّة التي تحمل الطابع اللبناني ببصماته الخاصة. لم يكن سهلًا أبدًا، فالعمل في بداياته كان بحاجة إلى غطاء شرعي قبل كل شيء، في ظل خطاب كان سائدًا يحرّم الموسيقى بشكل عام. ثم كان علينا العمل للنجاح في خلق مشروع يكون البديل لما هو موجود على السّاحة اللبنانيّة غير المتدينة، وعبر هاتين النقطتين بدأنا وانطلقنا في العمل” فبعد الانطلاق بالعمل الفني الجديد أصبح هناك من ينشد للخطاب الإسلامي، وللدّعوة الإسلاميّة في ظل سيطرة الخطاب اليساري بكل ألوانه، فالفرقة التي أُطلِقت كانت بكلمات أناشيدها تقول إنّ لدينا خطاب آخر وأسلوب آخر، حتى أصبحت الفرقة تؤرخ لكل حدث سياسي، جهادي، وديني على الرّغم من اعتماد الفرقة على الآلات الموسيقية البدائية في ذلك الوقت”⁽¹⁶⁾
المبتكرون الأوائل للفن الثوري في ضاحية بيروت الجنوبيّة
بعد تأسيس فرقة الولاية العام 1984 وانطلاق عملها بدأت الفرقة بالبحث عن مخرج شرعي لهم يدعم طموحها، وعملها الجديد ويحفظ حقها من ردات الفعل على الصعيدين الشّعبي والقيادي الذي قد تعترض على دخول الموسيقى والنشيد معًا. فكان أول أمر قام به المبتكرون لفكرة الإنشاد والموسيقى البحث عن مشروعيّة عملهم من النّاحية الفقهيّة على رأي المرجعّين السّيدين الخوئيّ والخمينيّ وأخذوا منهم جواز الموسيقى والأناشيد الثوريّة والعسكرية. وعانوا بداية في معرفة هل هذه الموسيقى المختارة شرعيّة أم غير شرعية فكان هناك قواعد لظبط الشّعر والموسيقى والإطلالة لأنّ النّاس توارثت الفن الغنائي ولم يكن هناك ثقافة إسلاميّة إلا نادرًا(¹⁷⁾.
فكان أول من وقف إلى جانبهم، الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي، اجتمعوا به وشرحوا له فكرتهم، وحصلوا منه على إذن شرعي وبدأوا بتطبيق عملهم براحة واطمئنان. ومنذ ذلك الحين تُعد فرقة الولاية أولى الفرق التي انطلقت في السّاحة اللبنانيّة الشّيعيّة وتحديدًا من الضاحية الجنوبيّة، وتشكلت من مجموعة شباب متدينين ابتكروا المشروع وباشروا العمل فيه إذ “كانت الفرقة تتألف أولًا من كاتب مهمته إعداد النصوص الملائمة للأداء الإنشادي، ومن فنيين يعرفون تقنيات الصوت والهندسة، ومساعدي منشدين مهمتهم المشاركة في عمل الفرقة، وعندما خرج التّسجيل إلى الأسواق أحدث ما يشبه الصدمة الإيجابية في الوسط الشيعي المتدين الذي لم يعرف أي بادرة مماثلة سابقة فكان المضمون ثوريًا وكلاسيكيًا، عن الشهيد، وأمّ الشهيد، ومسيرة المقاومة، ورموزها القادة، وعن حب الجهاد وتمني الشهادة…”⁽¹⁸⁾
كانت فكرة النشيد مع الموسيقى للمرة الأولى التي يتجرّأ فيها البعض على سماع “أنشودة” تصدح معها الموسيقى، إذ ليس هناك ندب ولا لطم على الصدور والأجساد المتعارف عليها في نمط الندبيّة. ويصف الشّاعر أنور نجم، والملحن نبيل عساف، قيامهما بتأسيس فرقة الولاية بالمغامرة الكبيرة، والفرقة احتضنت في بداياتها كلًا من الشهيد مرعي مرعي، نبيل عساف، محمد عساف، حسين عسيلي، عطالله شعيتو، حسن عطية، الشّاعر أنور نجم، المخرج عبد الكريم خشاب، مهندس الصوت ضامن ضامن، وعازف الكلارينت كلاس كلاس. وقد انطلقت بإمكانات فنية متواضعة على مستوى الآلات : أورغ وطنبور وثلاثة “رواديد” ومن تلك الحقبة الزمنية بدأت الفرقة عملها⁽¹⁹⁾.
الإنتاج الأول للفنّ الثوري في الضاحيّة الجنوبيّة
كان الانتاج الأول لهذه الفرقة من الأناشيد “يا جيوش الحقّ” و”امض ودمّر”، و”لا لا لن نركع“، عُرفت هذه الأناشيد في الوسط الشّيعي منتصف الثمانينيات وانتشرت. وقد كتب هذه الأناشيد الشّاعر أنور نجم ولحنها الأخوين المهندسيّن نبيل عساف ومحمد عساف وقد كانت باكورة أعمالهما. والجدير بالذكر أنّ الأناشيد الأولى لم تكن تحمل كلمة حزب الله أمّا الفكرة المبتكرة في إدراج كلمة حزب الله لأول مرة في الأناشيد فكانت العام 1985.
– قصة النشيد الرّسمي لحزب الله: يروي الشّاعر أنور نجم قصة نشيد حزب الله إذ قال: في سنة من سنوات الحرب، في الثمانينيّات، ومع بداية إذاعة النّور، كنا قد تشكلنا قبل مدة مجموعة من الشّباب نعمل في أماكن متعددة داخل حزب الله، في الوقت الذي كانت فرقة الولاية ترسم مسارها مطلع العام 1985 قد تشكلّت مجموعة أغلبها من المهندسين خطّت الخطوة الأولى مع أناشيد “قلها بأعلى الصوت، امضِ ودمر، يا جيوش الحق سيري” وقد لاقت هذه الأناشيد رواجًا كبيرًا لاعتبارات عديدة. إذ لم يكن هناك أناشيد تخصّ النهج الفكريّ المقاوم آنذاك.
الخطوة الأولى كانت للأخويّن المهندسيّن نبيل ومحمد عساف، اللذيّن أسسا الموسيقى في بيئة المقاومةـ فالمجموعة توسعت، وبدأ التفكير بتوسيع نشاطها واتخذت إسمًا لها ” فرقة الولاية”، بدأ الشّاعر أنور نجم بكتابة عدد من الأناشيد الجديدة وتلحينها، وهكذا سجلت الفرقة حضورًا ونجاحًا عند الجمهور المقاوم، كحاجة للتعبير فنيًّا من أجل دعم المجاهدين. فالعناوين كثيرة، والمواضيع عديدة، وابتدأ الحضور الاحتفالي الجماهيري الذي كان يُعبّر عنه بقوة عبر الأناشيد كمنّفس ومنحى للقول نريد أن ننصر المقاومة بالصوت والأنشود. فعلًا كانت الحاجة أن نذهب إلى نشيد يكون فيه لازمة تتردد فيها كلمة حزب الله.⁽20⁾
أمّا قصة نشيد حزب الله كما رواها الشّاعر نجم قائلًا: في يوم من أيام الحرب كان القصف شديدًا، وكنت أنا والمهندس محمد عساف في إذاعة النور، أنا مذيع، وهو تقني، وكانت تقفل الإذاعة مساءً ومن شدة ضغط العمل كنا نبقى بلا طعام خلال النهار، فكان الجميع جائع فقلت لهم ما رأيكم أن نذهب إلى فرن الساندريلا ونشتري “خبزًا افرنجيًّا” ونأكل مع بعضنا أي أفراد فرقة الولاية ومجموعة من المهندسين، اتفقنا عندما يهدأ القصف نلتقي ونعمل أي فكرة أو نستفيد من الهدوء قبل أن يعاود القصف من جديد، فقال لي محمد عساف: “مشينا قلتلو مشينا” كلمة “مشينا” كلمة شائعة ببلادنا للانطلاق لمشوار معين، وكنت قبلها قد قرأت قصيدة أعتقد فيها كلمة “مشينا” وعلقت بذهني. كانت إذاعة النور موجودة في بئر العبد، وفرن ساندريلا كذلك الأمر قرب حي الصنوبرة في بئر العبد، نزلنا على الدّرج وكنا مشغولين كفرقة بإنشاء نشيد كما ذكرت يكون خاص نفتتح ونختتم أي احتفال نزلنا على الدرج طابقين، طلع معي أول بيت قلت لمحمد احفظ معي وطلع الثاني “تغني الجراح عطايا السّماء يد الله مدت الينا السلاح” وكان الملحن محمد عساف يدندن وأنا كنت أقولها بصوت عالٍ كي أحفظ البيت ولا أنساه وصلنا على الفرن، كان الملحن عساف يلحن بالمقطع إلى أن طلعت معي اللازمة “ألا إنّ حزب الله هم الغالبون” صرخت وقلت “هكذا نكون قد مسكنا اللازمة القويةّ التي تصلح لتكون هي الترداد، بعدها وصل بقيّة شباب الفرقة وبقينا من أول السّهرة لأول الفجر كان المؤلفون الموسيقيون مطبقين النشيد⁽²¹⁾.
أُنشد النّشيد أوّل مرة في باحة الإمداد في بئر العبد ولاقى تجاوبًا جماهيريًّا لافتًا وقد كتب الشّاعر نجم نصًّا مختلفًا تمامًا، لكنّه ثبّت اللازمة التي ردّدها الجمهور “ألا إنّ حزب الله هم الغالبون” وكان السيّد حسن نصرالله، مسؤول منطقة بيروت وقتها، هو من أعطى الموافقة. وقد سُجّل النشيد وعُزف عدة مرات في احتفالات متعدّدة، وشارك القيادي عماد مغنية في إنشاده، إلى أن ثُبِّت كنشيد رسمي العام 1993. قبل ذلك، وبعده، ساهمت إذاعة النور وصوت المستضعفين في الترويج له ونشره، وانضمت قناة “المنار” إليهما بعد العام الـ1991⁽²²⁾، ونشأ على الآت موسيقيّة بدائيّة، وبعد مرور 40 عامًا جُدِّد نشيد ” حزب الله” بتوزيع جديد مختلف، عزفته فرقة عالمية خارج لبنان ترافقها 80 آلة موسيقيّة، وإنشاد “كورال” ضخم، شارك فيه العديد من المنشدين القدامى الذين ساهموا في أناشيد المقاومة منذ الطلقات الأولى⁽²³⁾.
– قصة نشيد الشّعب استيقظ يا عباس: عندما قررت فرقة الولاية أن تطور نفسها كانت تحتاج إلى الآت موسيقيّة معاصرة، وكلفتها مادية لا تناسب الفرقة حديثة العهد. وكان قرار الفرقة أن يتوجهوا إلى الأمين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي، فعرضوا عليه أحوال الفرقة، وكان حديث السيد معهم بضرورة تطوير العمل ليشكل دعمًا للمقاومة، ويحمل قضاياها إلى كل حي وشارع. فشرح الشّاعر أنور نجم إلى الحاجة القصوى للآلآت وكذلك الأمر الملحن نبيل عساف الحاجة الضرورية للتقنيات الفنيّة لهذا الأمر. طلب السيد منهم أن يأتوا في اليوم التالي، وكان موجودًا هناك الحاج حسن حب الله فقال لهم: “ماذا فعلتم بالسيد ليقبل على السّريع طلبكم؟ والسّيد لا يملك المال ولكنه ظهرع لى وجهه التأثر الكبير”. في اليوم التالي ذهب أعضاءُ الفرقة إلى الآمانة العامة وكان السيد الموسوي غير موجود وتاركًا إعتذارًا لهم، وظرفًا فيه 3500 الآف دولار. سارعت الفرقة إلى طلب شراء آلتين موسيقيتين، هما الكلارينيت والساكسوفون، من النمسا عبر شركة شحن في بيروت فتبين فيما بعد أن السيد استقرض المال من القرض الحسن على حسابه الخاص لدعم فرقة الولاية⁽²⁴⁾.
أيام قليلة ويغتال العدو الإسرائيلي السيد عباس الموسوي يوم الأحد 16 من شهر شباط العام 1992، وكانت الفرقة قد أرسلت طلب الشّراء فوصلت آلتين موسيقيتين والسيد قد استشهد، عندها طُلِب من الفرقة القيام بعمل رفيع يحاكي قضية الاغتيال وغدر العدو، وكان جمهور المقاومة على موعد إبداع جديد، ومن شدّة الحزن لم يتسطع بداية الشّاعر أنور نجم أن يكتب أيّ كلمة، وفي الوقت نفسه هم يردون عملًا مميزًا وكبيرًا ليشكل حدثًا.
ذهب الشاعر أنور إلى قبر الشهيد عباس وبكى، وهو واقف قرب الضريح وإذ به يسمع امرأةً مُسنة تبكي وتقول “يا هلشوق ل راح من عيوننا” فما كان من الشّاعر أنور نجم إلّا أن استوحى فكرة النشيد، وبدأ بالتّحضير للأنشودة مع أعضاء فرقته “محمد ونبيل عساف، وأبو يعقوب، وناصر كلاس، والمهندس حسين عسيلي، ومصطفى شعلان، وضامن ضامن، والموزع عبد الكريم خشاب” مع مراعاة الظوابط الشّرعيّة للأنشودة كي تخرج بحُلة تُليق بسيدهم. وكما يروي الشّاعر أنور نجم “العمل مضنٍ وكان مُحزنًا لنا كثيرًا أن وصلت الآلتان اللتان دفع حقهما السّيد الشهيد أن تُستخدما أول مرة في نشيد عنه”. فُتحت لنا كل الأماكن التّدريبيّة، وقُدمت كل المساعدات ليكتمل المشروع، من مؤسسة الإمداد، إلى إذاعة النور، اللتان قدمتا كل التسهيلات .عملت الفرقة مدة شهرين متتابعين، فالانتخابات النيابيّة اقتربت وكان استحقاق تمثل حزب الله بأنّه سيدخل إلى المجلس النيابي لأول مرة، وبعد الانتهاء من كتابة النشيد وتلحينه طلبت فرقة الولاية موعدًا للقاء الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، مع آخرين كي يستمعوا إلى أوبريت السيد عباس قبل إطلاقها في المهرجانات، ويضيف الشّاعر أنور عندما بدأ ناصر كلاس بالعزف، وشرعتُ بقول “يبحر في أعيننا الشوق” انهمر الدّمع من عيون السيد حسن نصرالله وبكى وبكى الحاضرون ولم نكمل النّشيد إلّا بعد وقت وقال السيد على بركة الله.⁽²⁵⁾
إنّ هذه المرثية أصبحت في عداد المكتبة الموسيقيّة للحرس الثوري في إيران. وهي مدرجة للعزف في مرثية الإمام الخميني، وترجمت إلى عدد من اللغات وأُنشدت باللغة الفارسيّة والأُوردية، وأعادت بعض الفرق العربيّة إنتاجها ببعض الآلات الموسيقيّة القوميّة المحليّة، والجدير بالذكر أنّ فرقة الولاية لم تقبض قرشًا على أيّ احتفال ولم تأخد دولارًا واحدًا، بل كان مطلب الفرقة من المؤسسات التي تنتج أن تحول المبالغ التي تستحقها الفرقة إلى هيئة دعم المقاومة⁽²⁶⁾.
– قصة نشيد أيلول ونشيد للعلى العام 1993: هو العام الأخير الذي أقامت فيه فرقة الولاية احتفالًا جماهيريًا تزامنًا مع احتفال شهداء أيلول الذين قضوا نحبهم تحت جسر المطار في الضاحية الجنوبيّة، وفي مقابلة مع الشّاعر أنور نجم يقول: ” لم نكن نعلم إنه الاحتفال الأخير لنا، ولكن الأجواء عندنا كانت توحي بذلك، وقعت المجزرة الأليمة التي ارتكبها بعض المدفوعين والذين لاعلاقة لهم بجيشنا اللبناني المقاوم، كانت لحظة فارقة نظرًا لعدد الشهداء، ولسلميّة المسيرة التي انطلقت لتندد باتفاق أوسلو، جلسنا على مائدة عشاء متفق على توقيتها مسبقًا، وتوجه الحاج رضوان ” القيادي عماد مغنية” إلى الإخوة جميعًا وقال: “أريد منكم لو أمكن نشيدًا عن المجزرة وبمواصفات كذا وكذا وكذا ” وأضاف: “إذا أمكن قبل الاحتفال الكبير الذي سيقام لهم، وأنا كلّ الثقة بكم، وماتحتاجون إليه في خدمتكم.” فما كان منّا إلا أن نلبي الطلب ونباشر سريعًا. كان علينا العمل الفني الثوري، وللمعنيين التّوجه السياسي، إلى أن أُدرجت حادثة أيلول في كلمات النّشيد، توالت في رأسي الأفكار، من أين نبدأ؟ وما هو الخطاب؟ وأي شكل موسيقي لهذا العمل؟ كان للمهندس محمد عساف ولشقيقه المهندس نبيل عساف وللموزع عبد الكريم خشاب عصف أفكار لطبيعة المرثيّة، وكان عليّ أن أكتب سريعًا، مصطفى شعلان أبدع في الدّراما الجديدة التي تحاكي الجمل الموسيقيّة التي وضعها الملحنون، أما المهندس حسين عسيلي فكان بأعلى درجات التأهب، كذلك المخرج ضامن ضامن في الاستديوها ، وبدأ العمل وفي اعتقادي أنّه أروع عمل من الناحية اللحنيّة قام به المهندس محمد عساف، وأبدع ما أبدعه المخرج الموزع الموسيقي عبد الكريم خشاب، وقد وضع لمساته الإبداعيّة في التوزيع، ليشكل النّشيد تحفة موسيقيّة تصويرية لم ينافسه أي نشيد آخر أبدًا⁽²⁷⁾.
أيام سريعة وكالعادة ليل نهار على الرّغم من الدوام الوظيفي لأكثرنا في تلفزيون المنار وإذاعة النور وآخرون في شركات هندسية، إلى أن كان هناك جلسة عشاء، واستمع” الحاج رضوان” أيّ “عماد مغنية” إلى مرثية أيلول، وأُعجب بها إعجابًا كبيرًا، وسأل متى ستسجلونها، فأفاده الإخوة أنّه خلال يومين، فقال سآتي إليكم وأسجل معكم، وبالفعل كان هناك أربعة مواعيد للتسجيل في الاستديو حتى أُنجِز النشيد نهائيًّا وأصبح جاهزًا ليُعزف في الاحتفال المركزي، يومها عُزف نشيدان جديدان نشيد أيلول، ونشيد للعلى من غدا، وكانت النتائج المرجوة من النشيد قد تحققت، حيث كان آخر احتفال لفرقة الولاية لتبتعد بعدها من الأضواء نهائيًّا، وتبقى في ذاكرة المجاهدين الأوائل، وجمهور المقاومة الذي واكبها لحظة بلحظة، وحضنها بأشفار عيونه⁽²⁸⁾.
كانت مرحلة التسعينيات حافلة بالفرق الموسيقيّة التي أصبحت تحوّل عملها نحو الاحتراف وقد نشأت فرق مختلفة حملت أسماء متعددة، وسرعان ما ازداد عدد هذه الفرق والمنشيدين ومن الفرق التي نشأت انذاك، فرقة مؤسسة الشهيد، فرقة جمعيّة المبرات، فرقة الإمداد، فرقة الهدى، فرقة الهداية، فرقة الأنوار، فرقة السبطين، فرقة الولاء، فرقة الكوثر، فرقة الإسراء، فرقة شمس الحريّة، فرقة النور، إضافة إلى تعدد الفرق الموسيقيّة الشيعيّة والمنشدين في الجنوب والبقاع. فبداية انطلاق تجربة الأناشيد الإسلاميّة كان المضمون واحدًا، الحماسة والاستنهاض، أو تقديس الجهاد والشهادة⁽²⁹⁾.
الموالد والأفراح
بداية الانطلاق كانت تجربة الأناشيد الإسلاميّة محط اهتمام المُنشد والسامع، فكما يقال عن الشّيعة لديهم خبرة طويلة في أمور الحزن والنّدب، أمّا بالأفراح فهم مقصرون فكانت الموالد عند الشّيعة فقط عند ذكرى ولادة النبي محمد (ص). فالمولد النّبوي يستقي مادته وكلماته من وحي أجواء النّبوة العطرة الطاهرة، فيكون ثناء على آل البيت (ع) ومدحًا لهم وتبركًا بهم، وبالإجمال فإنّ جوّ المولد النّبوي معروف ومتشابه لجهة المادة والمضمون والشّكل والأداء، وإن كان غير متجذر في المجتمع الشّيعي اللبناني وحتى ربما العراقي أو الإيراني، وفي أوائل التّسعينيات ابتكر المنشدون فكرة موالد الأعراس في البيوت والصالات صالة للنّساء، وصالة للرجال، وعند النساء تكون هناك امراة تنشد المولد أو عبر تسجيلات صوتية، وعندما يكون مختلط المُنشد يتلو المولد. ومن أبرز الصالات التي كانت تقام فيها الأفراح في الضاحية صالة السيدة خديجة التابعة لجميّعة المبرات، وصالة الإمام الخوئي في الدوحة، بعدها ازداد عدد الصالات ضمن الضاحيّة بعدما كانت أعراس المتدينيين تقام في البيوت. أمّا الشكل الجديد الذي فقد بدأ بتقديم المولد أو المدائح النّبويّة بشكل حماسي تغلب عليه أهازيج الفرح وغالبًا ما يكون ملائمًا ومتماشيًّا مع أجوار “الدبكة” اللبنانية، وما يلائمها من صخب وحماس المنشد الذي يُؤّمن نصًا شعريًا، عاميًا، أو فصيحًا ويلقيه بطريقة استعراضية مع “كورس” يعيد الإنشاد والمطالع⁽³0⁾.
الخلاصة
بعد هذه الدّراسة للفن الثّوري والدّيني، نرى أن ّمفهوم الفن الدّيني عند الشّيعة المتدينين مرتبط بالله والإنسان، والجدير بالذكر أنّ الشيعة عبر التاريخ استخدموا أسلوب النّدب واللطم على إمامهم الحسين. فعد انتصار الثورة الإيرانية بدأت تداعياتها تتبلور في الفكر الشيعي اللبناني وفي طليعتها حزب الله الذي استلهم مبادئه وأهدافه من هذه الثورة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ فكرة تجسيد الفنّ الإنشادي الثوري كان مستوحى بداية من النّمط الإيراني ذو الطابع الحسيني الذي يحاكي الإيمان والجهاد والشهادة ، واستنادًا إلى ما سبق بما حصل خلال الحرب الأهلية كان الإنشاد في بادئ الأمر يحاكي قضية اختطاف السيد موسى الصدر وبعد الغزو الإسرائيلي للبنان من قتل وتشريد وتهجير ونزوح معظم الشّيعة إلى منطقة الضاحية، وانطلاق الفكر المقاوم إذ تبلور معه من قلب المعاناة فكرة الفن الثوري. خصوصًا بعد أن سمحت لهم المرجعيّة الدّينية بالإنشاد والموسيقى فانطلق الفني الإنشادي العام 1985 وتجدر الإشارة إلى أنّ الفرقة الأولى التي أنشدت لدى المقاومة كانت حريصة على النّوع الموسيقي وكان لديها توجه نحو جميع الأحداث التي مرت بها، وقامت بتأريخ كل عمل يؤدّيه أفرادها حتى ازدهرت وتجذرت مفاهيمه في المجتمع الشيعي خلال مرحلة التسعينيات وقد أدى دورًا رائعًا بعد نشره عبر وسائل الإعلام.
ومنذ تلك الحِقبة رُسِمت الصورة الفنية التاريخيّة في البداية بمنطقة الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت وسرعان ما انتشرت في باقي المناطق اللبنانيّة. ولاقى تجاوبًا من المبدعين وساعدت الثقافة والفن من خلال المفكرين، والكتّاب والصحافيين والممثليّن على تعزيز هذا العمل ما أدى إلى تغيير مسار جيل الشباب وفق معتقداتهم والتزامهم الدّيني إضافة إلى ارتقاء فكرة حفلات الزفاف بإنشاء صالات للموالد فقط.
الهوامش
1 – الإعلام الديني في لبنان أعد الدراسة في “مهارات” كل من: الاستاذ طوني مخايل، الصحافي حسين الشريف، الددكتور جورج صدقة، بيروت، 2017 صفحة 4.
2- الثقافة والفن كتابة غادة الحلايقة بتاريخ 9 حزيران 2020 تاريخ دخول إلى الموقع20/06/2023 موقع https://mawdoo3
3- الثقافة والفن كتابة غادة الحلايقة، مرجع سابق.
4- الصناعات الثقافية المضامين والتطبيقات، نوزاد عبدالرحمن الهيتي، مجلة اراء حول الخليح، مركز الخليج العربي للأبحاث والمعرفة للجميع، العدد 91، الجمعة 1 حزيران 2012، المملكة العربية السعودية.
5- –الصناعات التقليدية الفنية، اهم مكون في الصناعات التقليدية والحرفية، بلال قندور، مجلة دراسات في الاقتصاد والتجارة والمالية جامعة الجزائر، المجلد (10) العدد (1) 2021 صفحة 62.
6- صناعة السينما في لبنان، تريز منصور، موقع الجيش اللبناني العدد 400 تشرين الاول 2018 تاريخ الدخول إلى الموقع 23/06/2023 .lebarmy.gov.lb
7- مدليهر، التراث المتوسطي الحي، التقييم الوطني لحالة حفظ التراث الثقافي غير المادي في لبنان، المرحلة الأولى، التراث الأوروبي المتوسطي، برنامح مموّل من الاتحاد الأوروبي.
8- فن الثورة وثورة الفن، د. حسن حماد الأثنين14 من محرم 1435هــ/ 18 نوفمبر 2013 السنة 138 العدد 46368 جريدة الأهرام.
9 – الفن في فكر الإمام الخامنئي 12 تشرين 2020 محمد كوثراني موقع دار الولاية تاريخ دخول 16/06/2023.
10- الفن في فكر الإمام الخامنئي، مرجع سابق.
11- نشيد حزب الله بتوزيع جديد، هادي احمد ، جريدة الاخبار، 22/اب/2022.
12- معلوف، انطوان، المدخل إلى المآساة التراجيديا، والفلسفة المآسوية، المؤسسة الجامعية، بيروت 1982. صفحة 39.
13 أغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، موقع نداء إيمان، إسلام أونلاين 19/05/2005، تاريخ الدخول إلى الموقع 24/06/2023
14- جريدة الأخبار اللبنانية – العدد 1235 الثلاثاء 5 تشرين الأول 2010 مقال بعنوان نزار الحر: الشاعر العاملي شاهد على الزمن الجميل – للكاتبة نادين كنعان.
15- أغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، مرجع سابق.
16- أغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، مرجع سابق.
17- مجلة بقية الله ، العدد 322، السنة السابعة والعشرون، ملف العدد الإنشاد في الزمن الجميل، حزيران 2018.
18- نشيد حزب الله، مرجع سابق.
19- نشيد حزب الله، مرجع سابق.
20- مقابلة مع الشاعر انور نجم بتاريخ 20/05/2023.
21- نشيد حزب الله، مرجع سابق.
23- موقع العهد الأخباري، ارشيف نقاط على الحروف، 06/08/2018 تاريخ الدخول إلى الموقع 23/06/2023.
24- ارشيف نقاط على الحروف، مرجع سابق.
25- ارشيف نقاط على الحروف، مرجع سابق.
26- ارشيف نقاط على الحروف، مرجع سابق.
27- مقابلة مع الشاعر انور نجم بتاريخ 20/05/2023.
28- نشيد حزب الله، مرجع سابق.
29- أغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، مرجع سابق.
30– أغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، مرجع سابق.
المراجع
1- الإعلام الديني في لبنان أعد الدّراسة في ” مهارات” كلّ من: الأستاذ طوني مخايل، الصحافي حسين الشريف، الددكتور جورج صدقة، بيروت، 2017 .
2- معلوف،انطوان، المدخل إلى المآساة التراجيديا، والفلسفة المآساوية، المؤسسة الجامعية، بيروت 1982.
3- مدليهر، التراث المتوسطي الحي، التقييم الوطني لحالة حفظ التراث الثقافي غير المادي في لبنان، المرحلة الأولى، التراث الأوروبي المتوسطي، برنامح ممول من الاتحاد الأوروبي.
المواقع الإلكترونيّة
1- صناعة السينما في لبنان، تريز منصور، موقع الجيش اللبناني العدد 400 تشرين الاول 2018 تاريخ الدخول إلى الموقع 23/06/2023 .lebarmy.gov.lb
2- موقع موضوع كتابة غادة الحلايقة بتاريخ 9 حزيران 2020 تاريخ دخول إلى الموقع 23/06/2023
3- الفن في فكر الإمام الخامنئي 12 تشرين 2020 محمد كوثراني موقع دار الولاية تاريخ دخول 16/06/2023
4– الأغنية الشيعية تعرف الفرح في لبنان، موقع نداء ايمان، اسلام اونلاين 19/05/2005، تاريخ الدخول إلى الموقع 24/06/2023.
صحف ومقالات
1- فن الثورة وثورة الفن ، د. حسن حماد الأثنين 14 من محرم 1435 هــ 18 نوفمبر 2013 السنة 138 العدد 46368 جريدة الاهرام
2- الصناعات الثقافية المضامين والتطبيقات، نوزاد عبدالرحمن الهيتي، مجلة اراء حول الخليح، نركز الخليج العربي للأبحاث المعرفة للجميع، العدد91، الجمعة 1 حزيران 2012، المملكة العربية السعودية.
3- الصناعات التقليدية الفنية ، أهم مكون في الصناعات التقليديّة والحرفيّة، بلال قندور، مجلة دراسات في الاقتصاد والتجارة والمالية جامعة الجزائر، المجلد (10) العدد (1) 2021 صفحة 62.
4- جريدة الأخبار اللبنانية – العدد 1235 الثلاثاء 5 تشرين الأول 2010 مقال بعنوان نزار الحر: الشاعر العاملي شاهد على الزمن الجميل – للكاتبة نادين كنعان
5- هادي أحمد ، جريدة الأخبار، 22/اب/2022
6- موقع العهد الأخباري، ارشيف نقاط على الحروف، 06/08/2018 تاريخ الدخول إلى الموقع 23/06/2023
7- مجلة بقيّة الله ، العدد 322، السنة السابعة والعشرون، ملف العدد الإنشاد في الزمن الجميل، حزيران 2018.
1- طالبة في المعهد العالي للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم التاريخ
Doctorant à L’Université ALibanaise Département d’histoire-Email: amal.chehade@hotmail.com