فاعليّة الانزياح التّركيبيّ وأثرها في المتلقّي خطب الإمام الحسن بن عليّ (ع) أنموذجًا
The effectiveness of structural displacement and its impact on the recipient the sermons of Imam Hassan bin Ali (peace be upon him) as a model
Eng Mohsen Badr Mard م. محسن بدر مارد([1])
Prof. Mohammad Khaqani Isfahani أ. د. محمد خاقاني أصفهاني([2])
الملخّص
الانزياح هو إضافة جماليّة يعبّر المبدع من خلالها على نقل تجربته الشّعوريّة إلى المتلقي والسّعي للتأثير في وجدانه، إذ يتحقق من الخروج عن المعتاد والمألوف أو التنحي عن السّائد القيمة الجماليّة للتعبير، فإنّ خرق التّوقع والخروج عن المألوف يعد معيارًا مهمًّا لتحقيق جماليّة النّص، ويرى الباحث أنّ الانزياح هو مخالفة النّمط المتعارف عليه أو المعتاد أو المتداول إلى أسلوب جديد غير معتاد ولا مألوف عن طريق استغلال إمكانيّة اللغة ووظائفها الكامنة، فالانزياح هو خطأ مقصود يخرج به كاتبه عن النّمط التّعبيري المألوف والمتواضع عليه والقواعد اللغويّة التي تعد معيارًا جاريًّا على ألسِنة الناس، وهذه الظاهرة إنما تنتج من عبقريّة اللغة التي تسمح لمستعملها أو المتكلم بها بالابتعاد من المألوف محدثًا اضطرابًا يصبح هو نظامًا جديدًا في متن النص الأدبي، والانزياح التّركيبي هو المستوى الذي تتراص فيه المفردات وتتآلف وفق نظام من العلاقات إذ تشكّل عبارات، أو جملا تنطوي على دلالة تسمّى الدلالة التّركيبية، ويُطلق على هذا النّظم – في اللسانيات الحديثة – مصطلح “السّياق اللغوي”، و بتعبير آخر فإنّ السّياق اللغوي هو الوسط اللغوي الذي تتفاعل بداخله اللفظة تفاعلًا يخضع لضروب من العلاقات التّركيبة، إذ ليست الكلمة وحدة لغوية وحيدة، ولا تُستعمل منعزلة عن أخواتها، فالسّياق اللغوي كما عبّر عنه أحد الباحثين هو “النّظم اللفظي للكلمة وموقعها داخل هذا النّظم، إذ أنّ الوقوف عند هذا المستوى وتفكيك بنياته يساعد كثيرًا على إجلاء اهتمامات المبدع، وإبراز الحركة النّفسيّة المتفاعلة داخل الموقف الشّعوري بشكل خاص؛ ذلك أنّ لطبيعة الجمل (اسمية/ فعليّة) وطولها أو قصرها وتلاحقها أو انقطاع الوصل بينها…الخ، علاقة أكيدة بما تختلج به نفسيّة منشئ النص في تفاعلها مع مستلزمات اللحظة الشّعوريّة.
الكلمات المفتاحية: الإمام الحسن (ع)، الخطبة، الانزياح التّركيبي.
Abstract
The displacement is an aesthetic addition through which the creator works to transfer his emotional experience to the recipient and seek to influence his conscience, as it verifies the departure from the usual and familiar or step down from the prevailing aesthetic value of expression, the breach of expectation and departure from the ordinary is an important criterion for achieving the aesthetic text, and the researcher believes that displacement is a violation of the customary or usual or rolling style to a new style unusual and unfamiliar by exploiting the potential of language and its underlying functions, Valanzh is an intentional error out of the writer from the familiar and modest expressive style and linguistic rules that are a current standard on the Sunnah people, and this phenomenon but results from the genius of the language that allows the user or speaker to move away from the familiar causing a disorder becomes a new system in the body of the literary text, and synthetic displacement is the level at which the vocabulary is stacked and harmonized according to a system of relationships so that they form phrases, or sentences involving a connotation called synthetic significance, and In modern linguistics, these systems are called “linguistic context”, in other words، linguistic context is the linguistic medium in which they interact.
Keywords: Imam Hassan (pbuh), sermon، structural displacement
المقدمة
الانزياح مفهوم نقدي حديث، له جذور بلاغيّة تعود إلى البلاغة القديمة، إذ فرَق أرسطو بين اللغة العاديّة المعروفة والمشهورة وبين اللغة الغريبة غير المألوفة، ليؤكد أن الثانية هي اللغة الإبداعيّة الأدبيّة؛ كونها تدلّ على التّجدد والحركة الفاعلة والحياة، أمّا اللغة العاديّة فهي تدل على السكون والنمطية المملة، وتُعدّ صور الانزياح حاضرة في البلاغة العربيّة القديمة على الرّغم من عدم معرفة المصطلح، إذ درسوا الخروج عن المألوف بمسميات متباينة فبحثوا في الاستعارة، والتقديم والتأخير، والعدول وغيرها، ويُعدُّ عبد القاهر الجرجاني (471ه) من أبرز النّقاد الذين بحثوا في مواضيع لها صلة بمفهوم الانزياح بالمعنى الحديث، إذ أولى اهتمامًا خاصًّا بمفهوم العدول؛ كونه يُعدّ سمة مهمَّة في الأدب العربي، أمّا العصر الحديث فقد أولى النّقاد العرب هذا المفهوم اهتمامًا واسعًا، ويمكن أن نُعِد صلاح فضل وعبد السّلام المسدي وغيرهم من الذين اهتموا بمفهوم الانزياح، إلّا أنهم اصطلحوا عليه اصطلاحات عدة تتداخل معه منها العدول والتّغريب، والعدول هو الانتقال بالألفاظ من السّياق المألوف إلى سياقها الجديد غير المألوف أو العادي، وكذلك التّغريب فهو الخروج على المعتاد وذلك لصدم أفق انتظار المتلقي، ليكون متفاعلًا مع النص، من خلال التّنويعات الفنيّة الجماليّة، لذا سنتوخى تبيان مفهوم الانزياح في اللغة والاصطلاح عند نقاد العرب والغرب، ليتسنى للباحث الخوض في دراسة مظاهر جماليّة الانزياح في خطب الإمام الحسن (ع) وأثرها على وعي ووجدان المتلقي من خلال الدرس التطبيقي. وقد ورد مفهوم الانزياح في اللغة من الجذر(ز،ي،ح)، أيّ أزاح الشيء أو أزح الشيء ويزيح زيحًا وزيوحًا، وهو يدل على زوال الشيء وذهب وتباعد، وجاء بمعنى أزاح الأمر أي قضاه([3])، وفي حديث كعب بن مالك: أزح عني الباطل([4]) أي أبعده، فبهذا المعنى اللغوي يكون له علاقة بالتّباعد والذهاب والتّنحي، وهي تدل على تغير حالة معينة وعدم الالتزام بها، وارتبطت أيضا الدلالة اللغوية بغير المكان كالزوال منه كما في: “زاح عنه المرض”.
أمّا الانزياح كمفهوم اصطلاحي فهو يشابه الدّلالة اللغويّة إذ يدل على الخروج عن المألوف والعادي أو المعتاد، والابتعاد من المتعارف عليه والسائد، ويرى جان كوهين: ” أنّ الشّعر انزياح عن معيار قانون اللغة فكل صورة تخرق قاعدة من قواعد اللغة أو مبدأ من مبادئها هو انزياح”([5])، إذ يُعده شرطًا من شروط الشعر الضرورية، بل يؤكد (كوهين) أن لا شعر يخلو من الانزياح([6]) أمّا (بسام قطوس) فيرى أنّها ظاهرة أسلوبيّة ونقديّة وجماليّة يعنى بها النقد الحديث على الرّغم من كونها موجودة في النقد العربي القديم من خلال الاستعارة والمجاز بمسميات الاتساع أو التوسع والعدول، (7)في حين يرى محمد السدّ “أنّ ظاهرة الانزياح هي حدث لغوي جديد ينأ بنظام اللغة عن الاستعمال المألوف، وينزاح بأسلوب الخطاب عن السنن الشائعة)(6)، وقد عرف (ويس) مفهوم الانزياح أنّه استعمال المبدع للغة (مفردات، تراكيب، صور) استعمالًا يخرج به عمّا هو معتاد ومألوف إذ يؤدي ما ينبغي له أن يتصف به من تفرد وأبداع وقوة جذب وأسر.(7)
والانزياح هو إضافة جماليّة من خلالها يعمل المبدع على نقل تجربته الشّعوريّة إلى المتلقي والسّعي للتأثير في وجدانه، إذ يتحقق من الخروج عن المعتاد والمألوف أو التنحي عن السائد القيمة الجماليّة للتعبير، فإنّ خرق التّوقع والخروج من المألوف يعد معيارًا مهمًّا لتحقيق جماليّة النص، ويرى الباحث أنّ الانزياح هو مخالفة النمط المتعارف عليه أو المعتاد أو المتداول إلى أسلوب جديد غير معتاد ولا مألوف عن طريق استغلال إمكانيّة اللغة ووظائفها الكامنة، فالانزياح هو خطأ مقصود يخرج به كاتبه عن النّمط التّعبيري المألوف والمتواضع عليه والقواعد اللغويّة التي تعد معيارًا جاريًّا على ألسنة الناس، وهذه الظاهرة إنّما تنتج من عبقريّة اللغة التي تسمح لمستعملها أو المتكلم بها بالابتعاد من المألوف محدثًا اضطرابًا يصبح هو نظامًا جديدًا في متن النص الأدبي،(8) والانزياح التّركيبي هو المستوى الذي تتراص فيه المفردات وتتآلف وفق نظام من العلاقات بحيث تشكّل عبارات، أو جملًا تنطوي على دلالة تسمّى الدّلالة التّركيبيّة، ويُطلق على هذا النّظم – في اللسانيات الحديثة – مصطلح “السّياق اللغوي”، وبتعبير آخر فإنّ السّياق اللغوي هو الوسط اللغوي الذي تتفاعل بداخله اللفظة تفاعلًا يخضع لضروب من العلاقات التّركيبيّة، إذ ليست الكلمة وحدة لغوية وحيدة، ولا تُستعمل منعزلة عن أخواتها، فالسّياق اللغوي كما عبّر عنه أحد الباحثين هو “النّظم اللفظي للكلمة وموقعها داخل هذا النّظم،(9) إذ إنّ الوقوف عند هذا المستوى وتفكيك بنياته يساعد كثيرًا على إجلاء اهتمامات المبدع، وإبراز الحركة النفسيّة المتفاعلة داخل الموقف الشّعوري بشكل خاص؛ ذلك أنّ لطبيعة الجمل (اسمية/ فعليّة) وطولها أو قصرها وتلاحقها أو انقطاع الوصل بينها… الخ، علاقة أكيدة بما تختلج به نفسيّة منشئ النّص في تفاعلها مع مستلزمات اللحظة الشّعوريّة، إذ يقع هذا المستوى على تفعيل الحراك اللغوي والنّحوي والصّرفي ضمن إيقاع التّركيب العام، فهو يشتمل على ظواهر عدّة منها: “التكرار، النسقيّة، التشاكل، التباين” إذ إنّ هذه العلائق يمكن إيجادها في ضوء البنية الكليّة للنّص الخطابي، إذ يتضح ذلك جليًّا من خلال نصوص الإمام الحسن (ع) في اعتماده على الجمل الفعليّة، كونها تشكِّل جزءًا كبيرًا في نصه، وما يعرف عن الجملة الفعليّة أنّها ترجمان لحركيّة الذّات في تفاعلها مع الأحداث ضمن البعد الزمنيّ، والاعتماد الشّبه الكلّي على هذا النّمط التّركيبي يُشعِر المحلّل أنّه أمام ذات مبدعة لا تكاد حركيّتها النّفسيّة تهدأ وتستقرّ على حال واحدة، ففي مثل هذا الاستعمال دلالة على قوّة الانفعال على أن نفهم القوّة هاهنا أنّها الكثرة لا الدرجة العالية. والانزياح التّركيبي هو خروج إبداعي جمالي يقوم على كسر الهياكل الثابتة للقواعد النّحويّة لكي يبنيها من جديد مع إعطائها طابعًا إبداعيًّا وجماليًّا، ويتحقق الانزياح من مظاهر عدة منها مخالفة التّرتيب المكاني في الجمل الاسميّة والفعليّة، وكذلك ينتج من الحذف أو الاختزال، والتقديم والتأخير والالتفات وغيرها.
وتتجسد جماليّة الانزياح التّركيبي في خطبه (ع) عبر مخالفة التّرتيب المكاني في الجملة الاسميّة والفعليّة من خلال تغيير الموقع الأصيل للجملة أو النص أو الفقرة؛ لتحقق أغراض وقصديات عديدة، وللناقد العربي (عبد القاهر الجرجاني) وقفات عميقة في إبراز ما لهذا المنحى من أسرار ترسخ حركيّة النّظم وما يولده من متعة وأريحيّة إذ يقول: في التقديم والتأخير: “باب كثير الفوائد جم المحاسن واسع التّصرف ولا تزال ترى شعرًا يروقك مسمعه ويلطف لديك موقعه ثم تنظر فتجد أن سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ من مكان إلى مكان”(10) فالانزياحات التّركيبيّة تتصل بالسلسلة السّياقيّة الخطية للإشارات اللغويّة عندما تخرج من قواعد النّظم والتّركيب مثل الاختلاف في ترتيب الكلمات والجمل، أمّا الانزياحات الاستبداليّة فتخرج من قواعد الاختيار للرموز اللغوية، مثل وضع المفرد مكان الجمع أو الصفة مكان الموصوف، أو اللفظ الغريب بدل اللفظ المألوف(11).
حدود الموضوع: وقد اشتمل البحث على مقدمة وضحنا فيها مفهوم الانزياح بشكل عام والتّركيبي بوجه خاص، ثم درسنا في المبحث الأول الانزياح التناوبي في التقديم والتأخير، وجاء المبحث الثاني موضحًا دلالة الانزياح في تقديم الخبر على المبتدأ، وتابع الباحث في المبحث الثالث الانزياح الاختزالي وفاعليته في تعدد المعنى، لينتهي البحث بخاتمة.
الهدف من البحث
1- الكشف عن الجماليات البنائيّة في نصوص الإمام (ع) النثرية، والسّمات والقيم الجماليّة الأدبية التي انمازت بها، والتي تسهم في ترغيب المتلقي للإقبال عليه والتزود منه، من خلال التوجيه والإقناع.
2- نشر الموروث الأدبي للإمام (ع) عبر دراسة نصه النثري والحفاظ علية من الطمس والتغييب.
3- الوقوف على قوة شخصية الإمام (ع) وثبات مواقفه السياسية من خلال نصه الخطابي القائم على النّظرة التّحليليّة العميقة للمجتمع الإسلامي.
4- رفع الحيف والظلم الذي وقع على الإمام الحسن (ع) من أقلام السلطة (الأمويّة والزّبيريّة والعباسيّة)، من خلال التّشويه والتّحريف والتزييف في حقيقة الأوضاع السياسيّة التي أحاطت به أثناء مدّة خلافته وما بعدها.
5- فضّ الغبار عن حقيقة مهادنته مع معاوية، من خلال تحليل نصوصه، وما هي النتائج التي حققها من هذا الصلح للأمة الإسلامية بشكل عام وللمجتمع الشيعي بوجه خاص.
أسئلة البحث: يجيب البحث عن عدة أسئلة أهمها:
- ماهي السمات المهمّة التي انماز بها نص الإمام الحسن المجتبى (ع) النثري، وما هو الدور الذي أدّاه في استمالة المتلقي وإقناعه.
2- ما الإجراءات التي وظفها الإمام (ع) والآليات في تشكيل بنية نصه؛ لتحقيق الإبداع الفني والجماليّة الإثاريّة.
3- ما المرجعيات الفاعلة التي اعتمدها الإمام الحسن (ع) في تشكيل نصه ؟ و ما هي الآثار الفاعلة التي حققها في توجيه المتلقي نحو أهدافه العقائديّة.
خلفية البحث
هناك العديد من الدراسات التي درست الموروث الحضاري للامام (ع) منها:
- الجبوري، عقيل عبد الحسين، 2010 م، التصوير الفني في خطب الامام الحسن (ع)، جامعة الكوفة، العراق
- الشويلي، نوال جاسم، 2009م، أدب الإمام الحسن (ع)/ دراسة بلاغيّة، رسالة ماجستير، جامعة البصرة/ العراق.
- العكيلي، د. عهود عبد الواحد، 2015م، الخطاب الحسني الشريف/ مقاربة بلاغية حجاجيّة، النجف، العراق.
- حافظ، د. حسين لفته، 2015 م، قراءة بلاغية في كلام الإمام الحسن (ع) النجف الاشرف، العراق.
منهج البحث
نشير في هذا السياق إلى أنّ المنهج المتبع هو المنهج الوصفي التّحليلي؛ الّذي يسمح لنا بتحليل الخطبة وفق آلياته المعتمدة في الدّراسات.
المبحث الأول: فاعلية الانزياح التناوبي
يتضح من ظاهرة الانزياح التّركيبي عملية التّناوب في التقديم والتأخير التي تُعدُّ من الموضوعات التي تناولها الدّارسون بالعرض والتّحليل للوقوف على مدى قدرة اللغة العربيّة في الخروج على المألوف الذي جاء في تركيبهم، ولكن هذا الخروج على المعهود لم يكن ضربًا من التّخبط والعشوائيّة، إذ كان له ما يبرره ويسوغه، وكانت له دواع اقتضاها التّعبير أو المقام أو السّياق الذي جاء فيه التغيير المتحدث عنه، إذ يتبين لنا في خطبته (ع) بعد استشهاد الإمام عليّ (ع) بقوله: ﴿أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن، وهي ليلة القدر، وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم (ع)، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة قتل أبي أمير المؤمنين (ع)، والله لا يسبق أبي أحدٌ كان قبله من الأوصياء إلى الجنة…﴾(12) إذ قدم شبه الجملة (في هذه الليلة) على الجملة الفعليّة (نزل القرآن)، فقد أراد أن يعطي للزمن موقعًا مهمًّا بين حادثة القتل المروعة لشخصيّة عالية المقام والرّفعة في الأمة الإسلاميّة بعد رسول الله (ص)، وهي الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن بقوله تعالى: ﴿أنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر﴾(13)، فجماليّة النص تعطي اعتقادًا فاعلًا لدى المتلقي بأنّه يتابع جملة من الفعاليات والنّشاطات الأسلوبيّة والموضوعيّة الجماليّة التي تدل على الفطنة الأدبيّة التي امتاز بها الإمام (ع) عند الخاصة من أتباع مدرسة أهل البيت (ع)، فضلًا عن كفاءته الخطابيّة النّابعة من امتلاكة ثروة لغويّة معجميّة منقطعة النّظير منبعها النّص القرآن، إذ إن تلك المؤثرات الجماليّة لها دلالة واضحة على تربية الإمام (ع) الإيمانيّة الصّادقة، وقد أراد أن يعزز خطابه بقوله: (وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم (ع)، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون) إذ اتضح في هذا التّقديم والتّأخير التّأشير إلى الروابط العلائقيّة مابين شخصيتين مهمَّتين هما النّبي (عيسى) والوصي (يوشع بن نون) (ع)، فهذا الارتباط العلائقي في الزّمن يبرهن القيم المثلى التي يمتلكها كل منهما، ثم ربط صور مجريات وبشاعة ما جرى عليها إلى جانب أبيه (ع)، فقد أكد (ع) عظمة الحدث من خلال التكرار المتوالي لتقديم الجملة الاسميّة على الجملة الفعليّة في تلك الأحداث التي توافقت مع زمن الحدث الجلل الذي تعرض له الإمام علي (ع)، فجماليّة التقريب بين صور تلك الحوادث وفظاعتها (صلب عيسى (ع) وقتل يوشع بن نون) هي أعمق تأثيرًا على وجدان المخاطب من خلال إشراكه في الحزن العميق عبر تلك الحادثة التي هزت مشاعر العالم الإسلامي، فالتّأثيرات اللغويّة التي اعتمدها الإمام (ع) تغوي وتؤثر بقيمها التعبيريّة على وعي ووجدان المتلقي، ومن جانب آخر نجده (ع) قدم تلك الجمل الثلاث على جملة (وفي هذه الليلة قتل أبي)، وهي على شاكلة التقديم بين الجملة المشبه والفعلية، إذ قدم تلك الحوادث الهامة لقدسيتها؛ كي يضفي على شخصية الإمام (ع) القداسة والإيمان من خلال تلك المقاربة النصية، فضلا عن الأهمية الاثارية لتلك المناسبة وما فيها من البلاغ المؤثر عن رحيل الإمام علي (ع)، وكذلك نلحظ الجماليّة الإبداعية عبر الترابط الهام والانسجام الواضح والتوافق التام والرمزية الكبرى لارتباط الإمام (ع) والقرآن الكريم من جانب، والإمام (ع) ونبي الله عيسى (ع)، والوصي يوشع بن نون (ع) من جانب آخر، إذ أعطى قيمة عليا لمكانة الإمام (ع) قياسًا بتلك الشخصيتين المُهمّتين، وهي قصدية مؤثر أرادها منها الإمام (ع) إدهاش المتلقي في التعرف على عظيم الارتباط الزمني لتلك الحادثة مع حوادث مُهمّة لها وقعها الاثاري في النفوس، فمن خلال الانزياح التّركيبي يبرز البعد الجمالي للغة من خلال التصور الأسلوبي لها بوصفها فنًا إبداعيًّا تعبيريًّا يبلغ ذروته الجماليّة في العمل الأدبي،” فتخير الألفاظ وإبدال بعض من بعض يوجب التئام الكلام وهو من أحسن نعوته وأزين صفاته”(15) فإنّ إنتاج تلك القيم البلاغيّة ينتهي المطاف بها إلى إنتاج الجماليّة الأدبيّة التي تتضح من إنتاج القيم التّعبيريّة المولدة للأريحيّة والتّقبل والهيمنة الدّلاليّة، ويمكن أن نجمل أن الغاية المثلى أو القصديّة الغائيّة من الانزياح التّركيبي المتمثل في التقديم والتّأخير هو للتأكيد والتّضخيم لتلك الحادثة في ذهن ووجدان المتلقي، إذ أراد توجيه المتلقي نحو مكانة الإمام (ع) من جانب، وشدّ أنتباهه نحو عظم الجريمة الكبرى التي تعرض لها الإمام من جانب آخر التي تدل على الدّقة والمهارة التي استخدمها الإمام (ع) في هذا الأثر على وجه الخصوص، إذ إنّ تجذر الوجهة اللغويّة الجماليّة الإبداعيّة والفنيّة في الذّات (المنشئة/ الإمام) (ع) جعلت كل نزوح تعبيري لاحقًا بالغرض الإمتاعي الذي يبتغيه ومن البديهي أن مسوغات المنهج الجمالي المهمّة هي تسويق اللذة والإمتاع إلى المتلقي، كون كل عمل فني إبداعي لا بدّ أن يثير في وعي ونفسيّة المتلقي قدرًا من اللذة الإمتاعيّة الجماليّة، إذ إنّ هذه الإمتاعات تتحقق خلال عامل الذائقة المبني على الأسس والمعايير الجماليّة لا على الذّوق الشخصي السائب، لذا فإنّ مفهوم الانزياح ليغدو مغامرة تجوب فضاء النّص الشّعري وما يلفّه من مفارقات لغويّة فيصبح الدال مدلولًا، و المدلول دالًا، والمستحيل ممكنا فتبوح اللغة بأسرارها وتقول ما لم يصدح به الواقع… فوظيفة الانزياح من هذا الجانب” لا تتوقف عند خلق توتر بين الدّال والمدلول، ولكنها(16) تجعلنا نرى الأشياء والعلاقات بطريقة مغايرة من زوايا متباينة “فضلًا عن تحقق اللذة والإمتاع عبر الإثارة والتّحفيز من خلال تعالي مستوى الجماليّة الفنيّة في العمل الفنيّ الإبداعي الحقيقي الصّادق لا العمل الزائف المبني على الحقائق المشوهة والمحرفة، فما تقدم من خطب الحسن (ع) دلالة واضحة على مصداقيّة خطابه ودقته، إذ أراد من ذلك الغائيّة الإثاريّة الفاعلة في المتلقي؛ كي يميط اللثام عن الوجه الحقيقي للسلطة التي أتكأت على أساليب الزيف والتحريف والتشويه كلها وقلب الحقيقة، عبر اختلاق فضائل للخلفاء بوجه عام ولبني أُميّة بوجه خاص، كونهم أئمة هدى وتقوى، وحجج على المسلمين كافة، ويقابل تلك الفضائل المزعومة التشديد في منع المرويات التي تؤكد فضائل أهل البيت (ع) والسّعي الجاد في تغييب الآيات القرآنية والأحاديث النّبويّة الشريفة التي تدل على إمامتهم والإشادة بهم (ع)، فضلًا عن التّرويج إلى مرويات قبيحة في الامام علي (ع) للتهكم من شخصيته الفاضلة، وإيجاد الذريعة لتبرير لعنه وسبه على منابر المسلمين ولاسيما في مسجد رسول الله ومن على منبره (ص). (البدري، ص 200 -210)
المبحث الثاني: إيثارية تقديم الخبر على المبتدأ
تتحقق عمليّة الانزياح التّركيبي عبر تقديم الخبر على المبتدأ، عندما يكون الخبر شبه جملة من الجار والمجرور، إذ يتضح جليًّا في خطبته ردًا على بني أُميّة بقوله: (ليس من الحزم أن يصمت الرجل عند إيراد الحجة، ولكن من آلافك أن ينطق بالخنا، ويصور الكذب في صورة الحق…)(17)، فقد قدم خبر ليس (من الحزم) على المصدر المؤول من أن والفعل يصمت وهو أسم ليس، وتقدم خبر لكن (من آلافك) أيضًا على المصدر المؤول من أنّ والفعل ينطق وهو اسم لكن، إذ عزز في هذا الاستخدام تمكين الخبر في وعيّ وذهنيّة المتلقي لأنّ في المبتدأ تشويقًا إليه، فالحزم هو جودة الرأي وشدة الشيء وجمعه(18)، وتقدير الكلام (ليس الصمت من الحزم)والحزم يُعدُّ مدار الخطبة إذ قابله بالأفك للآخر (النّاطق بالخنا) ومصور الكذب بصورة الحقّ، فالانزياح بوصفه ظاهرة خروج فرديّة ترتكز على توجه تفكير الأديب، المراد منها السّمو بجماليّة النّص من خلال الخروج عن المعتاد وغير المألوف الذي يودي بدوره إلى ما ينبغي له أن يتصف به من تفرد وإبداع وقوة جذب وأسر(19)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التّقديم في الخبر على المبتدأ هو استثارة وعي المتلقي إلى إمكانية الرّد على الحجج الواهنة التي أتكأ عليها بنوا أميّة في خلط الأوراق على العامة؛ وتظليلهم عن أتباع أهل الحق، إذ إن تلك الإثارة الفاعلة أسبغت قيمة جماليّة فنية على النّص، وجاء أيضًا في الخطبة (الثالثة والأربعين) (وأنشدكم الله هل تعلمون إنه بايع البيعتين كلتيهما بيعةَ الفتح وبيعةَ الرضوان (وتسمى بيعة الشّجرة نسبة إلى الشّجرة التي بايعه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) على أن لا يفرّوا في غزوة الحُديبيّة وهي شجرة أو أراك عند بئر الحُديبيّة ويقال لها بيعة الرضوان لقوله تعالى: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين﴾ وقد سبق أمير المؤمنين (عليه السلام) الصحابة كلهم فيها.) وأنت يا معاويةُ بإحداهما كافرٌ،وبالأخرى ناكث)، إذ قدّم شبه الجملة من الجار والمجرور (بإحداهما) في محلّ خبر على المبتدأ (كافر)، وكذلك عزز عبارته بتقديم الخبر من شبه الجملة الجار والمجرور المعطوفة على الجملة الخبريّة (بإحداهما كافر) على المبتدأ (ناكث)، إذ كان الخبر متصدرًا الجملة الخبرية، وقد جاء بتلك الصورتين ليحقق الغرض المهمّ، وهو توكيد الخبر لدى المتلقّي من جانب، ولتشخيصه والاقتصار عليه في تحديد كفره ونكثه بكلا البيعتين؛ لتوبيخه وفضحه أمام المتلقي من جانب آخر، إذ إن من الدواعي المهمّة والإغراض لتقديم الخبر على المبتدأ هي التوكيد والإخبار والتّشخيص والقصر والتّوبيخ، فهذا الخروج عن المعيار اللغوي في تأخر المبتدأ عن الخبر، ما هو إلا جماليّة إبداعيّة خلاقة أضفاها الإمام في خطبته؛ لتفضح معاوية وتشخصه بهذه الصور التي ألمعتها أقلام سلطته القائمة على الخديعة والتّحريف والكذب، إذ قدّم الإمام (ع) الأدلة الدامغة على كفر معاوية وعدم إيمانه بالرّسالة السّماوية، بعدما كان علي (ع) (باب من دخله كان أمنا ومن خرج منه كان كافرًا)، أو كما قال عنه الرسول (ص) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أَبا الْحَسَن! لَوْ وُضِعَ إِيْمَانُ الخَلاَئِقِ وَأَعْمالُهُم فِي كَفَّةِ مِيْزَانٍ، وَوُضِعَ عَمَلُكَ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى كَفَّةٍ أُخْرَى، لَرَجَحَ عَمَلُكَ عَلَى عَمَلِ جَمِيْعِ الخَلاَئِقِ، وَإِنَّ اللهَ باهَى بِكَ يَوْمَ أُحُدٍ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِيْنَ، وَرَفَعَ الْحُجُبَ مِنَ السَّمَواتِ السَّبْعِ، وَأَشْرَفَتْ إِلَيْكَ الْجَنَّةُ وَما فِيْهَا، وَابْتَهَجَ بِفِعلِكَ رَبُّ العَالَمِيْنَ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالى يُعَوّضُكَ ذَلِكَ اليَوْمَ ما يُغْبِطُ كُلَّ نَبِيّ وَرَسُولٍ وَصِدّيْقٍ وَشَهِيْد.(20)
وفي موضع آخر من نفس الخطبة يقول: (ثم لقيكم يومَ أحد ويوم الأحزاب ومعه رايةُ رسول اللهُ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفي كل ذلك يفتح الله له)(21)، إذ قدم الخبر من شبه الجملة (ومعك ومع أبيك)على المبتدأ (راية الشرك)، وعززها أيضًا بما بعدها في قول رسوله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (في تلك المواطن كلها عنه راضٍ وعليك وعلى أبيك ساخط)، فقد قدم الخبر في (وعليك وعلى أبيك) على المبتدأ (ساخط) ليؤكد الإمام (ع) على وجود راية الشرك معهما بوصفهما سادة آل أمية، ويقصر عليهم سمة السخط وعدم الرضا بما جاء عن النبي (ص)، فهو بصريح العبارة تأشير وأخبار للمتلقي لكفرهم وسخط النبي (ص) عليهم، ومن سخط عليه رسول الله (ص) فقد باء بسخط من الله تعالى، إذ نلمح من ذلك شدّ انتباه المتلقي إلى التّوبيخ الفاضح في النّص إلى معاوية وأبيه من الله ورسوله وسخطه عليهما، فقد أضفى هذا الخروج عن المألوف وخرق النّظام اللغوي المعتاد، وتجاوز السّائد في تقديم الخبر على المبتدأ لمسة جماليّة فنيّة إبداعيّة مارسها الإمام لنقل تجربته الشّعوريّة إلى المتلقي والتأثير فيه، إذ لا يمكن أن نعد الخروج عن المألوف خرقًا للنظام مالم يحقق قيمة جماليّة فنيّة.
وكذلك نلمح خرق النظام اللغوي من تقديم الخبر على المبتدأ في قوله (ع): (والله ما نشعر بعداوتك إيانا، ولا اغتممنا إذ علمنا بها، ولا يشقُ علينا كلامُك)(22)، إذ قدّم شبه الجملة (علينا) على المبتدأ (كلامك) ليكون تقدير الكلام (لا يشقّ كلامك علينا) إذ أراد أن يؤخر (كلامك) العائد على المغيرة بن شعبة عن (علينا) العائد بالضمير (نا) على أهل البيت (ع) والمتمثل بالخطيب، فقد قدّم الإمام نفسه (ع) على المغيرة، إذ إن الخبر وصف للمبتدأ وفي الآن ذاته هو من يحاكم المبتدأ، لذا أراد (ع) أن يؤكد للمتلقي مكانته في صدارته للكلام على المغيرة، وهو تأشير واعٍ على تشخيصه هو ومن تبعه، فضلًا عن توبيخه والتّهكم منه من خلال تأخيره والتّقدّم عليه في ترتيب الكلام، إذ حاول الإمام (ع) أن يمثله بالبعوضة في قوله: (وإنّما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة) مقارنة بالنّخلة الدّالة على الإمام (ع)، فالفرق واضح بين النّخلة المعطاء الدّالة على الخير والبركة والنّماء والعطاء الجزيل والبعوضة التي تعتاش على الدّماء المصحوبة بالألم والأذى للناس، فقد أوجد هذا الخرق في النّظام اللغوي قيمة جماليّة للنص أعطت كل ذيّ حقّ حقّه من المكانة والمقام من خلال التّشخيص والقصر من جانب الطرفين كليّهما، والتّوصيف الفاضح بين الصورتين (النخلة والبعوضة) الذي استتبع الجملة الخبرية، ليحقق الغرض والقصديّة الغائيّة في توبيخ المغيرة على إشهاد الناس من جانب آخر.
وفي موضع آخر من الخطبة (الثالثة والأربعين) إذ اعتمد قول الرسول (ص) في لعن أبي سفيان بقوله: (ولعن القادة والأتباع، وقال: (ملعونون كلهم وليس فيهم من يؤمن)، فقد قدّم الخبر من الجملة (ليس فيهم) على المبتدأ الاسم الموصول (من)، فقد أكّد الإمام (ع) للمتلقي من خلال هذا التّقديم في الجملة الخبريّة الغائيّة الدّالة على لعن النّبي (ص) اليهم أجمعهم (آل أُميّة)، عبر التّشخيص اليهم والقصر والاقتصار عليهم كونهم لم يكن فيهم من أمن بالله ورسوله طرفة عين أبدًا، لذا تتضح لنا الفائدة من عمليّة خرق المألوف في تقديم الخبر على المبتدأ، بالإيحاء والتأشير إلى المتلقي للتعرّف على ما كان عليه (آل أمية)، ومدى علاقتهم بالإسلام المحمدي، فقد حاول الإمام (ع) من خلال تلك الاستخدامات الانزياحيّة التّركيبيّة إشهار الصورة المدّلسة التي تتخفى ورائها الصورة الحقيقيّة لشخصيات السّلطة الأُمويّة، التي سعت وبكل ما تمتلك من قدرات إلى تشويه صورة الإسلام بوجه عام وأهل البيت (ع) بوجه خاص، فقد ورد عن الدكتور حسين عطوان:” ولم يزل الخلفاء الأُمويون يحضرون رواية المغازي والسِّير إلى نهاية القرن الأول فلما استخلف عمر بن عبد العزيز أقر بمن سبقه من الخلفاء الامويين حاربوا المغازي والسّير، ومنعوا أهل الشام من معرفتها، ودفعوهم عن الاطلاع عليها وردعوهم عن الاشتغال بها، وأنكر صنيعهم وشهر به…”(23)، إذ حاول الأمويون إخفاء الموروث الإسلامي عن الوعي الشّعبي لأهل الشّام؛ كي لا يتعرفوا إلى فضائل النّبي (ص) وسيرته، فضلًا عن مكانة علي (ع) ودوره الرائد في الإسلام، والصفات التي وصفه بها النّبي (ص) له كقوله (ص) (عليّ مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيث ما دار)وقوله فيه بعد سدّ الأبواب المطلة على المسجد (باب عليّ بابي وحجابه حجابي )، وقد قابلوا ذلك بقلب الحقيقة وخلط الأوارق عن عامة أهل الشام، ليكون معاوية خال المؤمنين وأنّه كاتب الوحي، تحريفًا وتزييفًا وتزويرًا.
لذا نجد أنّ الإمام الحسن (ع) قد استخدم الطرق التّعبيريّة النّاجعة والاستخدامات المثلى التي أعطت قيمة فنيّة وجماليّة إبداعيّة لنصّه؛ للرّد على تلك المحرفات والتّشويهات التي ساقتها السلطة وأقلامها (التي سنتعرض اليها لاحقًا )، والسّعي الجاد إلى توعية المتلقي وشد انتباهه لتلك النصوص. إذ إنّ إنتاج القيم اللغويّة ينتهي المطاف بها إلى إنتاج الجماليّة الأدبيّة، التي تتبلور مجمل تجلياتها عبر إنتاج القيم التّعبيريّة المولدة للأَريحيّة والتّقبل والهيمنة الدّلاليّة، لذا يمكن القول إنّ توجيه اللغة توجيهًا جماليًّا يفاجئ المتلقي، ويستثير حساسيته لتحقق اللذة والمتعة والتي تؤدي بدورها إلى تقبل النص والتأثر به.
المبحث الثالث: الانزياح الاختزالي وتنوع الدلالة
يدل الاختزال على الخفاء والاستبعاد بغية تعدد الدلالة وتنوعها، لتكون وظيفة الخطاب الإشارة أو الإيحاء لا التّحديد العينيّ، فالتحديد يبعد المتلقي من المشاركة في معرفة دلالات النّص الجديدة، إذ إنّه يحمل بذور انغلاق النص على نفسه، أمّا الحذف فهو لعبة لغويّة مقصودة يوظفها المبدع ليصل بنصّه إلى أعلى درجات الجماليّة، معتمدًا على التّلميح ليصل بنصّه إلى قراءات متعددة، والحذف نتاح الانزياح التّركيبي كونه يسهم في تحقيق سلاسة اللغة بوصفها أداة اتصال فعّالة؛ ليمثل تخفيفًا فنيًّا في اندفاع الكلام(24)، وقد وضع الرّماني (384ه) شرطًا للحذف فهو عنده “إسقاط كلمة الاجتزاء عنها بدلالة غيرها في الحال أو فحوى الكلام”(25).
وقد تناول البلاغيون الحذف ضمن مباحث علم المعاني في سياقات الكلام التي يَردِ فيها حذف أحد أطراف الإسناد، ذلك من منطلق أن النّظام اللغوي يقتضي في الأصل ذكر هذه الأطراف، وقد عالجت الدّراسات الأسلوبيّة ظاهرة الحذف بوصفها انزياحًا عن المستوى التّعبيري الاعتيادي والمألوف، وهذا ما جعل الأدباء يسلكون هذا المسلك كثيرًا في نصوصهم، فقام عليه المذهب الرّمزي كونه يقوم على رفض الأساليب التّقليديّة المتعارف بها والمعتادة، إذ كان هذا المذهب احتجاجًا على الرّوح البرجوازية في القرن التّاسع عشر وهذه الفلسفة الوضعيّة والماديّة والواقعيّة العلميّة وذلك لتحقق صفاء النّص وسمو جماليته(26)، وهو قائم على مبدأ التّلميح لا التّصريح؛ بوصف الأخير يفسد الأدب حين التجاء الأديب إلى التّلميح لتعدد وجوه التفسيرات والإيحاءات الممكنة للنص الواحد، إذ إنّ الإيحاء يتطلب منه ألّا يصرح بكلّ شيء، وصاحب النّص له أساليب عديدة للحذف تؤدي إلى الغموض الذي يتيح للمتلقي نوعًا من الفهم الجديد المبدع، الذي قوامه ثقافة المتلقي التي تتعدد بتعدد معاني النص الواحد وإيحاءاته(27)، والحذف يقدم دلالة لم يقدمها المبدع نفسه في نصه، إذ إن تحريك المفردات وتغييرها من مكانها الأصيل، واختراق قوانينها، وإخفائها، وتغييبها عن السّياق يكفل بخلق جدليّة الحضور والغياب، وتقديمه المسكوت عنه بوصفه جماليّة تدفع بالنّص إلى التعددية الدّلاليّة، إذ إن المسكوت عنه هو قراءة لما يخفيه النّص وفق فعاليّة التّأويل التي تدعو إلى التنوع، والتّعدد الذي يضفي على النص أبعادًا جماليّة وفنية يسعى من خلاله صناعة خطاب مؤثر في المتلقي، وبذلك يصبح النّص حمّال أوجه ما يدعو إلى استمراره وديمومته(28)، ويُعدُّ الحذف أكثر فاعليّة من الذّكر لما يحمله من إدهاش صادم لأفق المتلقي الذي يرى دلالات منهمرة تخالف توقعه، وتصدم وعيه ووجدانه ومن خلال الحذف يندفع المتلقي ليملأ الفضاء الذي أحدثه الانزياح التّركيبي، إذ إنّه عنصر حافظ للمتلقي؛ لأنّه يُسهم في استدراج المحذوف وتقديره، والدّخول فيه بوصفه منتجًا له(29)، وتتضح لنا ظاهرة الحذف جليًّا في خطبته ردًا على البعض من أصحابه بقوله: “… أشهد الله وإياكم إنّي لم أرد بما رأيتم إلّا حقن دمائكم إصلاح ذات بينكم فاتقوا الله وأرضوا بقضاء الله وسلموا الامر لله،…”(30)، إذ يتبين في النّص حذف لكلمة (الصلح) بقوله (إني لم أرد بما رأيتم) والتأويل هو أني لم أرد الصلح، فقد أسقط هذة الكلمة ليجتزئ عنها بدلالة أخرى من خلال السّياق، فقد بيَن في تتمة كلامه فحوى مفهوم الكلمة المحذوفة في أسباب ذلك الصلح وذلك للإيحاء إلى (حقن دمائكم، وإصلاح ذات بينكم)، إذ إن النتيجة التي أرادها الإمام (ع) حفظ الأمة من الضياع والتشضي، وعدم الانجرار إلى الحرب بالبقيّة الباقيّة من خيرة أصحابه، إذ يقول (ع) في ذلك: “ما أردت إلا أن أدفع عنكم القتل”، فقد أوجد الدّواعي للابتعاد من مسوغ الحرب لتكون معوضًا دلاليًّا عما حذفه في تلك العبارة، “فالحذف من المطالب الاستعماليّة في بناء الجملة، فقد يعرض لبناء الجملة المنطوقة أن يحذف أحد العناصر المكونة لبنائها إذ لا يتمّ ذلك إلّا أن تكون الدّلالة كافية في أداء المعنى”(31)، وفي موضع آخر من خطبة الموادعة وتسويغ الصلح نلحظ الحذف في قوله: “ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية…” فقد حذف (الخلافة) أو مفهومها الذي دلّ عليها بالأمر لعظم مكانتها ورمزيتها للأمة الإسلامية، إذ أشار إليها بالاختلاف مع معاوية؛ لكي لا يُؤَول أمرها إليه وهي ليست حقّ يستحقه وإنّما اقتضت الضرورة القصوى لذلك كما ألمح في العبارة التي سبقت (أن أدفع عنكم القتل)، إذ أراد الإمام (ع) أن يؤشر إلى المتلقّي في تتمة الخطبة: “وأن يكون ما صنَعت حُجّة على من كان يتمنى هذا الأمر، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاعا إلى حين”، ونلحظ أيضًا حذف مفاهيم الصلح في الخطب كلها والتعويض عنها (بالأمر) وهو تأشير واعٍ ذي دلالة عميقة تتجه بالمتلقي نحو المعاني الكامنة وراء الخطاب المباشر في النص، فجماليّة النّص تنبع من الرّمزية العاليّة والمعاني العميقة التي يحملها من خلال الدّلالات الإيثاريّة الفاعلة التي عوضت عن الحذف المستخدم فيه، فالإمام (ع) يسعى إلى إيضاح أطروحته إلى الأمّة بسلسلة من الخطابات الإيثاريّة الفاعلة التي تحمل معانيّ ما وراء الخطاب المباشر، إذ ينحو إلى عقد الصلة مع المتلقي لكي يستقبل شفرات أثره الأدبي ورموزه، ليتحقق من تلك النتيجة المرجوة من خلال توجيه النّص نحو بنى عميقة تنفتح على دلالات إيحائيّة متعددة ومعانٍ مكتنزة، أعطت للنص القيمة الجماليّة والفنية، وينتج أيضًا من (الحذف) تشكل صورة النّص بإطار يزيد من حسنها وجماليتها(32)، فإنّ تلك الممارسات التي حققها في الحذف قد أعطت للنّص قيمة جماليّة إبداعيّة من خلال الخروج عن المألوف والعادي والمتعارف به، إذ إنّ المراد بالانزياح هو تحقق السمو بجماليّة النّص.
نلحظ الحذف بعد خطبة البيعة في موضع آخر من كلامه (ع) في: “فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله مقرونة، قال عز وجلَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾(33)، إذ حذفت كلمة (بالقرآن) ليكون التقدير (فإن طاعتنا مفروضة بالقرآن) فقد أشار إلى سياق الآية في الإبدال عن (القرآن) كون دلالة الآية القرآنيّة أوسع مدلولًا عن الكلمة المحذوفة، فالمحذوف (القرآن) يعطي معنًى عامًا مقارنة بنص الآية التي تبيّن الطّاعة لله ولرسوله وأُولي الأمر والمتمثل بالإمام الحسن بوصفه إمام الأمة وخليفة جده المصطفى (ص)، فالدّلالة التي اعتمدها الإمام (ع) في التعويض عن الحذف (إذ كانت بطاعة الله مقرونة)، فهي أدّق وأَوضح من جهة المفهوم في ما جاء بنص كلام الله تعالى بوجوب الطّاعة لله ولرسوله وأُولي الأمر، ويمكن الإشارة إلى أنّ توجيه اللغة توجيهًا جماليًّا وفنيًّا يفاجئ المتلقّي ويستثير حساسيته ويتسلط على خياله، وبذلك تصبح التّعابير غير مقيدة تسرح ضمن أبعاد جماليّة فسيحة بفضل نظام التّراكيب الانزياحيّة، أيّ إِحياء اللغة وديمومتها من خلال العناصر التي تمثل خرق اللغة العاديّة والمألوفة، وتجاوزات تفضي إلى اتساع مدى البّعد الجمالي وانفتاحه على التأويلات اللانهائيّة(34)، إذ إن إسقاط الألفة عن الأشياء وتقديمها بطريقة جديدة غير متوقعة من خلال نقل الإحساس بالأشياء عبر إدراكها، لا كما نعرفها أو نعتادها بالصيغة المألوفة، ويحمل الحذف قيمة جماليّة في الأسلوب تختلف عن الأسلوب النثري العادي، ويُفيد الحذف “التفخيم والإعظام لما فيه من الإيهام، لذهاب الذّهن في كل مذهب، وتشوقه إلى ما هو المراد، فيرجع قاصرًا عن إدراكه، فعند ذلك يعظم شأنه، ويعلو في النّفس مكانه، ألا ترى أنَّ المحذوف إذا ظهر في اللفظ زال ما كان يختلج في الوهم من المراد وخلص للمذكور(35). وفي موضع آخر من خطبته التي ناظر فيها معاوية وأنصاره من بني أُمية، يتضح جليًّا حذفه لاسم الإمام علي (ع) بقوله: “أنشدكم الله أيها الرهط، أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم، صلى القبلتين كلتيهما”، “وأنشدكم الله هل تعلمون إنه بايع البيعتين كلتيهما بيعةَ الفتح وبيعةَ الرضوان وأنت يا معاويةُ بإحداهما كافرٌ، وبالأخرى ناكث”(36)، إذ لم يذكر اسم الإمام علي (ع) في كل تفاصيل الخطبة، إلّا أنّه أشار إليه من خلال السّياق بمدلولات عميقة ذات أثر بالغ في المتلقي بقوله: “صلى القبلتين كلتيهما” و”إنه بايع البيعتين كلتيهما بيعةَ الفتح وبيعةَ الرضوان وأنت يا معاويةُ بإحداهما كافرٌ، وبالأخرى ناكث”، فصِلاته في القبلتين دلالة على قدم إسلامه وإيمانه بالرّسالة المحمّديّة، إذ كانت قِبلة المسلمين في بداية الدّعوة إلى بيت المقدس ثم أمر الله رسوله (ص) بالتّوجه إلى الكعبة المشرفة، فهي ترميز واعٍ دال على تأخر إسلام معاوية وأنصاره عن الإيمان بالمشروع الإسلامي بما يقابله من تقدم إسلام علي (ع)، فقد وصفهم الرّسول (ص) أنّهم الطلقاء بعد فتح مكة بقوله: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، فتلك الدّلالات خلقت صورة فنية إبداعيّة متميزة للإمام علي (ع) حاول بواسطتها (المبدع/ الإمام) إثارة المتلقّي وشدِّ انتباهه نحو النّص، وما يحمله من إيحاءات دلاليّة تؤكّد الفضل والتقدّم على المسلمين والمكانة المتحصّلة من إيمانه والتزامه (ع) بالدّعوة الإسلاميّة والرّسالة المحمديّة السمحاء، وقد عزز ما تقدم بأنّه بايع البيعتين بيد أن الآخر (معاوية) كان كافرًا ومتخاذلًا فيهما، إذ نراه يصرح باسمه ويشير إليه بشكل مباشر؛ وذلك للتّهكّم منه وتقليل مكانته، وتقزيم قدره أمام أنصاره ليكون موضع استهزاء وسخرية، فضلًا عن الحطّ من قيمته وقدره بعدما تبجح به أزلامه وأعلامه بأنّه كاتب الوحي (كما يدعي البعض) زورًا وبهتانًا وتحريفًا وتزيفًا، فإنّ دقّة هذا التّعبير ما هي إلا دلالة على جماليّة تلك النّصوص النابعة من تلك الانزياحات الفاعلة التي تتشكل منها صور جماليّة نقية وإبداعية قوية التعبير، إذ إن الوعي الجمالي الذي ينماز به الإمام (ع) في تخيَر الأنساق والمفردات المؤثرة في بنية النص، هي التي تحدد الإمكانيّة الجماليّة التي يمتلكها في خلق جماليّة النص، فضلًا عن أنّ حساسيّة المبدع الجماليّة ودرجة جماليّة النّسق تكمن في قدرة المبدع في التنقل من نسق مؤثر إلى آخر فاعل، فقد ورد عنه (ع) أنّه قال: “جدي درة من صف [صدف] الجليل، وثمرة من شجرة إبراهيم الخليل، الكوكب الدّري والنّور المضيء من مصباح التّبجيل المعلقة في عرش الجليل سيد الكونين ورسول الثقلين ونظام الدارين وفخر العالمين ومقتدى الحرمين وإمام المشرقين والمغربين وجد السبطين أنا الحسن وأخي الحسين (37)، فالقيم التّفاعليّة المؤثرة في خلق المثيرات الجماليّة التي تدهش وتباغت المتلقي بمستوى المكتشفات النصيّة تحقق غايتها وقيمتها الجماليّة الإبداعيّة، إذ يرى كروتشيه “الجمال ينبع ويتفجر من العاطفة والإحساس بشكل صورة جميلة نقية وقوية التعبير(38)“، لذا يمكن أن نُعدّ قوّة التّعبير وحذاقته من الإجراءات التي عول عليها (ع) في مواجهته مكر ودهاء معاويةـ فقد كان خطرًا فظيعًا يهدد الإسلام باسم الإسلام، فضلًا عن أنّ الجماليّة لا يمكن أن تؤثر ما لم تكن مبنيّة على تجارب حقيقيّة صادقة في اختمارها الشّعوري ونبضها الانفعالي الصادق، لذا يعتقد الباحث أن ذلك من السمات المهمّة التي انماز بها خطابه (ع) في دفاعه عن تلك الوضعيات الضّاغطة التي واجهته أبان تلك التّداعيات، والإشكاليّات والمناكفات التي تعرض اليها قبل الصلح وبعده من العامة والخاصة على حد سواء.
الخاتمة
لقد عبرت خطب الإمام الحسن (ع) بصورة عامة عن نهج أهل البيت (ع) في التّواصل مع المتلقي؛ كي يحقق المضامين التي تؤكد أحقيتهم في خلافة الرسول (ص)، من خلال عرض ما انمازت به شخصيّة الإمام عليّ (ع) من خصال وسجايا، أشار إليها النّص القرآني والسُنّة الشريفة، وقد كان الجدل والاحتجاج والإقناع والمنطق الظواهر الأسلوبية المهمّة التي قامت عليها تلك الخطب وفق ما يتطلب الموقف، لذا كان الانزياح عن المعتاد والعادي والمألوف من الأساليب المُهمّة التي أتكئ عليها الإمام (ع) في تشكل بنية نصه النثري، التي أشارة إلى قدرته وتمكنه واعتلائه من ناصيّة اللغة العربيّة وبلاغتها وقوة العارضة فيها، فضلًا عن دقته في توظيف مفرداتها لمطابقة مقتضى الحال، ولا بدّ من الإشارة إلى أن مميزات خطبته (ع) المهمّة أنّ مرجعياته الثقافيّة نابعة من القرآن والسُنة النّبويّة الشريفة، والسّفر الخالد للإمام علي (ع) في نهج البلاغة، فضلًا عن الموروث الحضاري النابع من الحاضنة العربية الأصيلة.
لذا يمكن لنا أن نوصي بما توصلنا اليه في البحث من نتائج تشكل خاتمة لهذا البحث منها:
الدّعوة إلى الدراسات الإكاديميّة للخوض في موروث الإمام الحسن المجتبى(ع)؛ لما له من أهمية كبرى في العالم الإسلامي، والسّعي الجاد لرفع الحيف والظلم الذي تعرض إليه من العامة والخاصة على حدّ سواء عبر التّبحّر في أعماق موروثه والتحقّق من نصوصه النثريّة.
الهوامش
1- لسان العرب، ابن منظور، مادة زيح، 4/ 696.
2- المصدر نفسه.
3- جون كوهين: بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، 6.
4- المصدر نفسه.
5- مناهج النقد الأدبي، بسام قطوس، 199.
6- الأسلوبية وتحليل الخطاب، نور الدين السد، 1/ 16.
7- الانزياح من منظور الدراسات الأسلوبية، محمد ويس، 1/ 7.
8-.(كوثر محمد علي محمد صادق جبارة قسم اللغة العربية، كلية التربية الاساسية – عقرة، جامعة دهوك، اقليم كردستان – العراق (.
9- فاعلية السّياق وحيز المعنى، ستيفن اولمان، 55.
10- المصدر نفسه.
11-علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته، صلاح فضل، ط2، ص155-156.
12- المستدرك، الحاكم النيسابوري، 158-159.
13- سورة القدر.
15- الصناعتين، ابو هلال العسكري، 57.
16- سلطة النص في ديوان البرزخ و السكين ” دراسة نقدية” ط1، ص298.
17- المحاسن والأضداد، الجاحظ 121 – 122.
18- معجم مقاييس اللغة 2/ 53.
19- الانزياح من منظور الدراسات الأسلوبية، محمد ويس، ص7، ط1.
20- ينابيع المودة، الحافظ القندوزي، 1/ 76.
21- ينابيع المودة، الحافظ القندوزي، 1/ 76.
23- رواية الشاميين للمغازي والسير في القرنين الأول والثاني، حسين عطوان،22.
24- من دلالات الانزياح التّركيبي وجمالياته في قصيدة الصقر لأدونيس، مجلة جامعة دمشق مج23، ع1، 127.
25- النكت في إعجاز القرآن، الرماني، 70.
26- الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث، د .سلمى الخضراء الجيوسي، ترجمة: عبد الواحد لؤلؤة، 7.
27 – الأسلوبية وتحليل الخطاب، منذر عيوش، ص75.
28- اتجاهات التأويل، محمد عزام، 248.
29- قصيدة إسماعيل لاودونيس، صور من الانزياح التّركيبي وجمالياته، سامح رواشده، مجلة دراسات، مج30، ع3،2003،ص472.
30- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة 1/ 254.
31- بناء الجملة العربية، محمد حماسة عبد اللطيف، 259.
32- دلائل الإعجاز، الجرجاني، 51.
33- النساء: 59 .
34- البعد الوطني والقومي والإسلامي في ديوان التراويح وأغاني الخيام، أحمد الطيب معاش، ماجستير 1993، ص250.
35- مجلة جامعة دمشق، مجلد١٩،العدد الثالث والرابع، ٢٠٠٣م.
36- بحار الأنوار، المجلسي، 44-43.
37- نهج البلاغة، هاشم البحراني، 1/ 27.
38- النقد الجمالي، أندريه ريتشارد، 189.
المصادر
- القرآن الكريم.
- الانزياح من منظور الدراسات الأسلوبية، محمد ويس، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2005م.
- الأسلوبية وتحليل الخطاب، نور الدين السد، ج1، دار هومة، الجزائر، 2010م.
- اتجاهات التأويل النقدي من المكتوب إلى المكبوت، محمد عزام، وزارة الثقافة، دمشق، سوريا، 2008م.
- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينيوري 276ه، ج1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1971م.
- بناء الجملة العربية، محمد حماسة عبد اللطيف، دار غريب، القاهرة، مصر، 2003م.
- بحار الانوار، المجلسي 1111ه، ط2، مؤسّسة الوفاء، بيروت، لبنان 1983م.
8- جون كوهين: بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال للنشر، 2015.
9- دلائل الإعجاز، الجرجاني 474ه، تح محمود محمد شاكر، الخانجي للنشر، القاهرة، مصر، 2009م.
10- رواية الشاميين للمغازي والسير في القرنين الأول والثاني، حسين عطوان، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1986م.
11- سلطة النّص في ديوان البرزخ والسّكين دراسة نقدية، ط1، اتحاد الكتاب الجزائريين الجزائر، 2002م.
12- شرح نهج البلاغة، هاشم البحراني، ج4، الطبعة 1، الفجر للطباعة، بيروت، لبنان.
13- علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته، صلاح فضل، ط2، الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة، مصر، 1985م.
14- الصناعتين، العسكري 595ه، تح علي البجاوي ومحمد ابو الفضل، دار إحياء الكتب، القاهرة، مصر، 1952م.
15- لسان العرب، ابن منظور، مادة زيح، ج4، بيروت، دار صادر للطباعة والنشر.
16- المستدرك، الحاكم النيسابوري 405ه، ج2، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
17- المستويات الجماليّة في نهج البلاغة – دراسة في شعرية النثر، أبو رغيف، دار الشؤون الثقافيّة العامة، بغداد، العراق: 2008م.
18- المحاسن والأضداد، الجاحظ، تح عبد السلام هارون، ج1، دار الجيل، بيروت، لبنان.
19- معجم مقاييس اللغة 2، أحمد بن فارس، تح عبد السلام محمد هارون، دار فكر، 1979م.
20- من دلالات الانزياح التّركيبي وجمالياته في قصيدة الصقر لاودنيس مجلة جامعة دمشق مج23، 2007م.
21- النكت في إعجاز القرآن، الرماني،المعارف، القاهرة، 1976م.
22- النقد الجمالي، أندريه ريتشارد، ترجمة هنري زغيب، منشورات عويدات، بيروت، لبنان.
23- ينابيع المودة، الحافظ القندوزي 1294ه، ج1، ط 7، المكتبة الحيدرية، النجف، العراق، 1965م.
المجلاّت والدّوريات
1- البعد الوطني والقومي والإسلامي في ديوان التراويح وأغاني الخيام، أحمد الطيب معاش، ماجستير 1993م.
- قصيدة إسماعيل لاودونيس، صور من الانزياح التّركيبي وجمالياته، سامح رواشده، مجلة دراسات، مج30، 2003م.
- كوثر محمد علي محمد صادق جبارة قسم اللغة العربية، كليّة التربيّة الأساسيّة – عقرة، جامعة دهوك، إقليم كردستان – العراق (تاريخ القبول بالنشر: 4/ ايلول/ 2013.
4- مجلة جامعة دمشق، مجلد١٩، العدد الثالث والرابع، ٢٠٠٣م.
[1] – طالب الدكتوراه كلية الإمام الكاظم(ع)/ الجامعة
– Preparation of doctoral student – College of Imam Al-Kazim (peace be upon him)/ University Email: hsnbdrmard.@gmail.com 07831564885
[2] – أستاذ دكتور لغة عربية في جامعة أصفهان- كلّيّة اللغات
Prof at University of Isfahan – the department of Arabic Language – College of Language Email: khaqani@fgn.ui.ac.ir