عنوان البحث: دلالة المفردة القرآنيّة بين المعنى والمبنى
اسم الكاتب: د. محمد خليل طرّاف
تاريخ النشر: 18/07/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 32
تحميل البحث بصيغة PDFدلالة المفردة القرآنيّة بين المعنى والمبنى
The significance of the Quranic singular between the meaning and the building
Dr. Mohammad Khalil Tarraf د. محمد خليل طرّاف([1])
تاريخ الإرسال: 13-6-2024 تاريخ القبول: 25-6-2024
ملخّص
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن الأثر الدلالي للمفردات القرآنية من حيث علاقة المعنى بالمبنى، والأثر الذي يتركه تغيير المبنى من حيث تغيير ترتيب الحروف أو زيادتها ونقصانها، والاشتقاقات التي تتولّد من العبارات، سواء في الأفعال وأبنيتها وصِيَغها أو في حتى الأسماء. وكان التركيز في البحث على الذِّكر والحذف، والإبدال، التعريف والتنكير، المعلوم والمجهول، صِيَغ الأفعال، بالإضافة إلى قضية الصوائت والحركات. وتمّت دراسة دلالات الآيات ذات المفردات المتشابهة حتى التي وردت في السورة نفسها، وبشكل متقارب، وكيف أنّ مبنى كلّ مفردة يُعطي إيحاءً متعلِّقًا بسياق الآية أو مجموع الآيات المترابطة، يختلف عن إيحاء المفردة الأخرى ودلالة السياق الذي وردت فيه.
كلمات مفتاحية: المعنى، المبنى، المفردات القرآنية.
Summary
This study aims to reveal the semantic impact of Qur’anic vocabulary in terms of the relationship of meaning to the structure, and the impact left by changing the structure in terms of changing the order of letters or increasing or decreasing them, and the derivations that are generated from the expressions, whether in verbs, their structures and forms, or even in nouns. The focus of the research was on mention, deletion, and substitution, definition and indefiniteness, known and unknown, verb forms, In addition to the issue of sounds and movements. The meanings of verses with similar vocabulary, even those mentioned in the surah itself, were studied in a close manner, and how the structure of each word gives an indication related to the context of the verse or the group of interconnected verses, different from the meaning of the other word and the meaning of the context in which it appears.
Keywords: meaning, building, qur’anic vocabulary
مقدِّمة
إنّ دراسة موضوع الكلمة في القرآن موضوعٌ واسع ولا يمكن حصره في دراسةٍ أو بحثٍ أو حتى أطروحةٍ. ولكن يمكن الإضاءة على بعض الجوانب البلاغية لهذه الكلمة وبخاصةٍ من حيث علاقة المعنى بالمبنى، وكيف يتغيّر المعنى بتغيُّر حروف هذه العبارة، زيادةً أو نقصًا أو حتّى بين التعريف والتنكير، والأسماء واشتقاقاتها، وبين الأسماء والأفعال، وكذلك في تغيّر الحركات والصوائت.
ويتجلّى الإعجاز الإلهي في هذا الكتاب العظيم، فهذا القرآن الذي تتآلف كلماتُه وتتعانق حروفُه، وتتجانس سياقاتُه، “فمدار البلاغة في النّص القرآني وإعجازه هو من وقوع اللّفظ في مكانه فإذا أُبدِلَ فَسُدَ معناه أو ضاع رونقُه الذي يكون معه سقوط البلاغة”.[2]
والعلاقة بين اللّفظ والمعنى علاقة وطيدة، يُعطي كلٌّ منهما القوّة ويقوم بها، “اللّفظ جسمٌ، وروحه المعنى، وارتباطه به كارتباط الروح بالجسم، يضعف بضعفه ويقوى بقوَّته”[3].
وقد كان الخلاف جليًّا بين القدماء حول أفضلية المعنى على المبنى أو العكس. وقد أُلِّفت الأسفار والكتب حول هذه القضية، ودارت نقاشات مستطيلة، ولمّا تنتهِ، وتبقى مدار خلافٍ بين الأدباء، بين أنصار المعنى وأنصار المبنى، كلٌّ يدّعي الأفضلية وأنَّه أُسُّ بناء النّص.
وممّا لا شكَّ فيه أنَّ مفردة النّص القرآني حظيت باهتمام اللّغويين والمفسّرين، وقد كانت موضع عنايتهم ـــ اللّغويين ـــ قديمًا وحديثًا. وقد عبَّر الجاحظ عن ذلك بالقول إنَّ القرآن “قد يدلُّ بالكلمة الواحدة والكلمات المختصرة على معانٍ متعدِّدة يطول شرحها، إذا أراد المتكلِّم العادي التعبير عن المعاني الذي أرادها القرآن لم يصل إلى بغيته إلّا بلفظٍ أطول أو أقلّ دلالة”.[4]
وكذلك حديثًا كان الاهتمام جليًّا في دراسات اللّغويين، وقد تحدَّثوا عن ملائمة اللّفظ للمعنى، لأنَّ القرآن “يتخيَّر أشرف المواد وأمسَّها رَحِمًا بالمعنى المراد… ويضع كلَّ مثقال ذرّةٍ في موضعها الذي هو أحقُّ بها وهي أحقّ به، بحيث لا يجد المعنى في لفظه إلا مرآته الناصعة، وصورته الكاملة، ولا يجد اللّفظ في معناه إلا وطنه الأمين، وقراره المكين”[5].
وقد اهتمّ سيّد قطب من هذه الناحية من دلالة الألفاظ على هذه المعاني في الآيات القرآنية، وقد عبَّر عن ذلك فقال: “إنَّ القرآن حين يختار لفظًا نجده دالًّا على معناه بالجرس أو بالظلّ أو بالظلّ والجرس معًا”[6].
فالعلاقة بين المفردات في القرآن الكريم وبين معانيها التي تحملها داخل النَّظم هي علاقة تفاعلية وتكاملية، وليست منفصلة، فالدارس لها يجدها بنيانًا مرصوصًا متينًا بلاغيًّا وإعجازيًّا، وقد عبَّر الرافعيُّ عن ذلك بقوله: “من أعجب ما رأينا في إعجاز القرآن وإحكام نظمه، أنّك تحسب ألفاظَه هي التي تنقاد لمعانيه، ثمَّ تتعرَّف ذلك وتتغلغل فيه فتنتهي إلى أنَّ معانيه منقادةٌ لألفاظه، ثم تعرف العكس وتتعرَّفه متثبِّتًا، فتصير منه إلى عكس ما حسبت وما إن تزال متردِّدًا على منازعة الجهتين كليهما، حتى تردّه إلى الله الذي خلقَ فطرة اللّغة ثمّ أخرج من هذه اللّغة ما أعجز تلك الفطرة”[7].
مفهوم المفردة: أصل اللّفظة الصحيح في اللّغة من: الفاء والرّاء والدّال ويدلّ على وُحدة، من ذلك الفرد وهو الوتر، والفارد والفر: الثور المنفرد. وظبية فارد: انقطعت عن القطيع، وكذلك السدرة الفاردة: انفردت عن سائر السدر، وأفراد النجوم: الدراري في آفاق السماء، والفريد: الدّر إذا نُظم وفصل بينه بغيره[8].
أمّا اصطلاحًا: فهي اللّفظة الواحدة من الحديث والمؤلّفة من حروف فصيحة تؤدّي معنى يحدّدها السياق، وقد حدَّد بعض الدارسين مفهوم المفردة القرآنية من الوجهة الصوتية بأنّها: “مجموعة من الوحدات الصوتية المؤلّفة بطريقة معيّنة لكي ترمز للأشياء الحسيّة والأفكار المجرّدة”[9]، أو هي: “المجموعة الصوتية التي تدلّ على معنى، وهذه المجموعة هي وحدة كلامية تقوم مقام الجزء من الكلّ في الجملة، وهي الجزء الأوّلي في بناء النُّظم والوحدة المكوّنة له، فلا يغني أحدهما عن الآخر… وهي ليست كائنًا معجميًّا، إذ يتبيَّن لقارئ القرآن أنّها تمتاز بدلالة جديدة يُضيفها الموضوع على حياد المعجم”[10].
بلاغة المفردة
أمّا بلاغة المفردة القرآنية فنقصد بها تلك الجمالية الخاصة “بالجمال الموضوعي الذي ينشأ من أجزاء الموضوع الجميل وتركيبه وهو موضوعي لأنّه يستند إلى فنّ الأدب وطبيعة النّفس البشرية، فجمال المفردة موضوعي لأنّه واضح الأسباب ويعتمد على جزئيات المفردات، أي إنّ القيمة الفنيّة للمفردة في سياق البلاغة القرآنية، واستقلالها بأهمية كبيرة في مجال التأثير الوجداني، فهو جمال حسّي بَصَري يبيّن أثر الكلمة المفردة في توصيل الصورة الفنية إلى الذهن، ويشمل تجسيم المعنويات وتشخيص الأشياء وبثّ الحركة والحيويّة في الصورة”[11].
إنَّ كلّ مفردةٍ في القرآن الكريم قد وُضعت موضعها المناسب، بعدد حروفها زيادةً أو نقصانًا، أو في إبدال بعض حروفها وتغييرها، سواءً بالتثنية أو الجمع، أو الاسميّة والفعليّة، أو تعدُّد صيغ الأفعال واشتقاقات الأسماء، أو من حيث التعريف والتنكير، والتذكير والتأنيث، كلُّ ذلك لسببٍ بلاغيٍّ دلاليّ سوف نتطرَّق إليه في بحثنا هذا.
- الحذف والذِّكْر
اتّفق علماء التفسير أنَّ استخدام القرآني والحروف والكلمات هو الأكثر دلالةً وإيحاءً، وكلُّ كلمةٍ لها غاية ومقصد وما من حرف حُذِف أو ذُكِرَ إلّا لغرض بلاغي ولفائدةً أراده الله سبحانه وتعالى. يقول الزركشي قد “يتعيَّنُ سقوط حرفٍ لأنَّه الأَلْيَق بالإيجاز”[12] .
وقد يراد الحذف لأغراضٍ منها “حصول الفائدة”[13] وقد “سُئِل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف وما معناه إذ أُسْقِطَ الحرف لا يخلُّ بالمعنى؟ فقال هذا يعرفه أهل الطباع… هذه الحروف تتغيَّر نفس المطبوع عند نقصانها، ويجد بزيادتها على معنىً بخلاف ما يجدها بنقصانه”[14].
ومن جوانب الإعجاز في التعبير القرآني التي درسها المفسِّرون، حذف حرفٍ من كلمةٍ في موضع وإتيانه في موضعٍ آخر. كما في {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127] و{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل: 70] بإثبات النون في {تَكُن} أو حذفها {تَكُ}، يقول الزركشي “القصة لمّا طالت في سورة النحل ناسَبَ التخفيف بحذف النون بخلافه في سورة النمل، فإنَّ الواو استئنافية ولا تتعلَّق بما قبلها. وفي {الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147] و{الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60] وحكمته أنَّ السِّياق لليهود وهم أشدُّ جدالًا فناسب ذكر النُّون، أمّا في آل عمران فالسياق في خلق آدم فناسَبَ ذلك التخفيف بحذف النُّون”[15].
ومثالٌ آخرُ، اسطاعوا واستطاعوا، {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً} [الكهف: 97]، وذلك في السّدّ الذي أراد أن يقيمه ذو القرنين، فإنَّ فعل إحداث الثُّقب في السَّدّ واختراقه أصعب ويحتاج جهدًا ووقتًا أطول من تسلُّق هذا السَّد. فكان ذكر الحروف كاملةً مع فعلِ محاولة إحداث الثقب وتمَّ الحذف مع فعل التسلُّق.
وفي {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 97]، و{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 28]، فقد ذكر في الثانية فعل تَتَوَفَّاهُمُ وفي الأولى تَوَفَّاهُمُ، بحيث حدث إحدى التاءين، وذلك لأنَّ فعل التوفّي في الآية الثانية في النحل عن الكافرين والظالمين لأنفسهم وهم أكثر عددًا من المستضعفين في سورة النساء. ولذلك كان الحذف مع العدد الأقل.
وكذلك في {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20] و{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} [هود: 52]. في ذكر في الأولى تَوَلَّوْا وفي الثانية تَتَوَلَّوْاْ. فقد حذف إحدى التاءين في الأولى وثبَّتها في الثانية لأنَّ الحديث عن التولّي في القرآن هو للمؤمنين وللكافرين، ولأنَّ الذين يتولَّون الله قِلَّةٌ بالمقارنة مع الذين يتولَّون المجرمين والكافرين. وحديث الكثرة في القرآن أنَّ (أكثر الناس لا يفقهون، لا يؤمنون، لا يعلمون) فالمؤمنون مطيعون، ولأنَّ تولّي المؤمنين أقلّ جاء بالحذف بخلاف الإثبات في الكافرين.
إنّ موضوع الحذف والذِّكر قد يكون في الغالب بحسب بعض الآيات القرآنية عائدٌ لموضوع القلة والكثرة في العدد، فهو مرتبط به، ويمكن الاعتماد في فهم المعاني على سياق الآيات ومواضيعها وعدد حروف الكلمات وارتباطها بما أراده الله من خلالها.
- الفعل المعلوم والفعل المجهول
قال تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات: 47] و{لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ} [الواقعة: 19]، نلاحظ أنَّ الفعل في الآية الأولى يُنزَفُونَ جاء في صيغة المجهول، وفي الآية الثانية يُنزِفُونَ، جاء بصيغة المعلوم. لأنَّ الفعل يُنزِفُونَ في الواقعة يعني أنَّ هذا الشراب لا نفاد له وأنّه مُسْكِر، وفي الآية الأولى يُنزَفُونَ أنَّ هذا الشراب لا يؤثِّر على عقولهم ولا يفقدهم الوعي. وبالعودة إلى سياق الآيات في سورة الواقعة كان للحديث عن السابقين الأولين، وهم الأفضل عند الله، وفي الثانية كان سياق آيات الصافات الحديث عن المؤمنين المخلِصين. ومن الطبيعي أنَّ المخلِصين السابقين أفضل وأعلى درجةً من المؤمنين المخلِصين، لأنَّ كلَّ سابقٍ مخلِص وليس كلَّ مخلَصٍ من السابقين المقرَّبين. وكذلك الصفات التي جاء الله بها في الصافات {وَهُم مُّكْرَمُونَ*فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الصافات: 42 ـــ 43]. وفي الواقعة {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ*فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة: 11 ـــ 12]. والمقرَّبُ أعلى من المكرَّم. وفي الصافات {عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الصافات: 44]، وفي الواقعة {عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15]، فالموضونة تعني المنسوجة بالذهب في النعيم. وفي الصافات {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [الصافات: 48]، وفي الواقعة {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 23]، وفي الصافات صفةٌ واحدةٌ تشبيهٌ بالبيض، بينما في الثانية {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} واللؤلؤ يسمو ويعلو على صفة البيض. فنستخلص ممّا سبق أنَّ الفعل المعلوم المُسْنَد إلى الله تعالى يعلو أيَّ فعلٍ آخر.
في {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] جاء بالفعل قُلْنَا (نحن) وفي {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 161]. جاء بالفعل قِيلَ (مجهول) ولعلَّ هذا التنويع في الصِّيَغ “في السياق الأول قلنا لعلَّتَين، إزالة الإبهام وللسياق اللّغوي السابق في التركيز وهو تقدُّم ذكر النِّعَم {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47] فناسَبَ التصريح بالفعل، إذا قلنا بنسبة القول لله عزَّ وجلّ”[16].
وأمّا في آية الأعراف فقد زال الإبهام الحاصل بعد تقدُّم التصريح بالفاعل في آية البقرة، فكان المناسب بناء الفعل لِما لم يسمَ فاعله، يقول ابن جماعة “إنَّ آية الأعراف جيء بها بصيغة الفعل لِما لم يسمَ فاعله لِما تقدَّم من تقريعهم وتوبيخهم {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138]”[17]. ولأنَّ الحديث في الأعراف كان عن أفعالهم الشنيعة ومخالفتهم أوامر الله واتّخاذهم العجل قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ.
وفي {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87]. جاء بالفعل وَطُبِعَ للمجهول، وفي {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93]. جاء بالفعل وَطَبَعَ لأنَّ إسناد الطبع إلى الله أكثرُ أثرًا وأشدُّ في القلب من الإسناد إلى المجهول، فلا فعل يضاهي فعلَ الله ولا قوّته ولا عقابه أو شدّته. فسياق الآية {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ*رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} [التوبة: 86 ـــ 87]. جاء بالفعل المجهول وتحدَّث الله عن أنّهم لم يستأذنوا الرسول وكانوا يتذمّرون من الخروج فكانوا مع الخوالِف. أمّا الآيات {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ*يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ*سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ*يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 93 ـــ 96]. فكان الحديث عن الفعل المعلوم فذكر الله صفاتهم التي تدلُّ على ضلالهم وكفرهم وكيف أنَّ الله غضِبَ عليهم، فإسناد الطبع إلى الله دلالةٌ على شدّة تمكُّن الكفر من نفوسهم وقلوبهم.
وقد قيل إنّ الفعل جاء بالمجهول لأنَّ مطلع الآية كان وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ ببناء الفعل للمجهول، فكما أنّه لم يُسنِد الإنزال إلى الله تعالى لم يُسنِد الطبع إليه، فكان البناء للمجهول في الآية أنسب وبناءه للمعلوم في الآية الثانية.[18]
وفي آية {وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} [الإنسان: 15]. جاء بالفعل وَيُطَافُ للمجهول، وفي الآية {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} [الإنسان: 19]. وَيَطُوفُ للمعلوم، ففي هذه الآيات تقدَّم المجهول على المعلوم لأنّ هناك رأيًا يقول إنَّ العرب “يقدِّمون الذي بيانه أهمُّ لهم، وهم ببيانه أعنى وأن كانا جميعًا يهمانهم ويعنيانهم”[19].
في الصيغة الأولى كان القصدُ منها وصفُ ما يُطاف به، وليس صفة الطائفين، ولذا جاء بالمجهول، وفي الثانية كان المقصود وصف الطائفين لا ما يطوفون به، ولأنَّ في الأولى المعتَمَد في الإفادة وصف ما يُطاف بُنِيَ الفعل مقصودًا به ذكرُ المفعول لا الفاعل، وفي الثانية سمَّى الفاعل لأنَّ القصد منه وصف الفاعلين لهذا الطواف، فكان الذِّكر أوجب لأنَّ الصفة متعلقةٌ به.
إنّ موضوع الفعل المعلوم متعلّق بالله في الأفعال التي تختصُّ به سبحانه، ولا يشاركه بها أحد، وكل ما هو أكثر أثرًا وأشدّ تأثيرًا، في مقابل الأفعال المجهولة التي لا تدلُّ بالضرورة على أن الفاعل هو الله بالتحديد. كما أنّ ذكر الفاعل والتصريح به هو للدلالة على أهمية الفاعل لا ما يقوم به، بعكس الفعل المجهول الذي يُراد منه الأفعال لا الفاعل.
- الإبدال
حوى النّص القرآني العديد من المفردات التي خضعت للإبدال في حروفها؛ يتدبَّر ـــ يدَّبَر، مكّة ـــ بكَّة، بسطة ــ بصطة. وممّا لا شكّ فيه أنّ لكلّ تغيير في هذه المفردات سببًا ذا دلالةٍ موحية.
فمنها ما أَتَتْ مبدَّلة مُدْغمَة مرّة، ومرةً أخرى تَرِدُ غير مبدَّلة. {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82]، وفي آيةٍ أخرى {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: 68] فأصلُ هذا الإبدال هو الفكُّ بالتاء، فــ (دبَّر) أصله (تدبَّرَ) فأُبدلت الدالُ تاءً وأُدغِمَت في الدال فسكتت الدَّال الأولى وجيء بهمزة الوصل توسُّلًا إلى النُّطق بالساكن، وكذلك (أَذَّكَر)، (تَذَّكَر)[20].
ومثالان آخران يجب الإلفات إليهما، الأول: أنَّ بناء الفعل (يتفعَّل) أطول في البناء من (يَفَعَّل) في النُّطق، فيتذكَّر أطول من يتذكَّر بمقطعٍ واحد[21].
(يــ + تــ + ذكْــ + كَــ + ر) خمسة مقاطع، أمّا يذكَّر (يذْ + ذَكْــ + كَ + ر) أربعة مقاطع.
والثاني: أنَّ بناء الفعل (يَفَعَّل) فيه تضعيفٌ زائد على (يتفعَّل)، ففي (يَفَعَّل) تضعيفان وفي (يتفعَّل) تضعيفٌ واحد[22] .
في الآية {وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام: 42] جاء بالفعل يَتَضَرَّعُونَ، وفي الآية {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94] جاء بالفعل يَضَّرَّعُونَ. فكان الإبدال والإدغام، لأنَّ سياق الآية الأولى الحديث عن الإرسال إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ، وفي الثانية الإرسال إلى قَرْيَةٍ، والأُمم أكثر من القرية وهذا يعني تطاوُل الإرسال على أزمنةٍ متعدّدة، فلمّا طال الحدث، طالت الحروف والبناء، والعكس صحيحٌ في يَضَّرَّعُونَ.
كذلك في الآية الأولى في الأنعام، استعمل، (أرسل إليه)، وفي الأعراف (أرسل في)، ولمّا كانت (في) تعني المكث واللّبوث، لا إبلاغ رسالةٍ إلى شخصٍ أو اثنين والعودة، وإنَّما البقاء لمدّةٍ أطول فناسَبَ عدد المقاطع.
مثالٌ آخر {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88]. قال الْمُتَصَدِّقِينَ، وفي {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 18] قال الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ، بالإبدال والإدغام، فكلُّ مقامٍ كان له ما يناسبه في التركيب، لأنَّ المطلوب في الأولى كان التصدُّق فقط لأيّ شيءٍ مهما كان، ومن حسن الأدب عدم الاشتراط في الطلب، جاء يقول إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ لطلبهم وتصدَّق عليهم. وفي (الحديد) كانت صفة المبالغة في الصدقة، ولأنَّ هذا يضاعِف لهم من الأجر وكلٌّ اقتضى مكانه. فسياق الآيات (11،10،7، 18، 24) من سورة الحديد كان الحثُّ على الإنفاق وعدم البخل فناسَبَ المبالغة في الصدقة.
وفي الآية {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس: 18]. جاء بالفعل تَطَيَّرْنَا، {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل: 47] جاء الفعل اطَّيَّرْنَا، لأنَّ في الآية الأولى كانت التهديد بالرَّجم والعذاب، أمّا في الآية الثانية فإنَّ السياق أشدُّ ممّا في الآية الأولى، لأنَّ الحديث كان عن القَسَم والتعاهد بالقتل وأهله معه، وليس فقط التهديد بالرَّجم وهذا فيه مبالغة.
إنّ التصريح بالحروف وذكرها كاملة متعلّق بزمن وقوع الفعل ودلالته، والأثر الكامل المراد، فكلما كان المراد أكثر شمولًا كانت حروف العبارة كاملة، في مقابل الإدغام وحذف بعض الحروف عندما تكون دلالتها مختصرة وليست شاملة.
- صيغة أفعل وفَعَّل
وردت في القرآن الكريم مفردات عدّة بصيغة فعَّل وأفعل، وتوحي أنّها تحمل المعنى نفسه، كعبارات نزَّل ـــ أنزل، نبَّأ ـــ أنبأ، فصيغة فعَّل تفيد المبالغة والتكثير، وغالبًا نحو: قطَّع، كسَّر، حرَّق، وسعَّر {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً*أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} [الإسراء: 90 ـــ 91]. فمع الينابيع استخدم تَفْجُرَ تخفيفًا، وأمّا مع الأنهار فاستخدم فَتُفَجِّرَ بالتضعيف للكثرة والشدّة.
يقول الدكتور السامرائي “ومن مقتضيات التكثير والمبالغة في الحدث استغراق وقتٍ أطول وأنه يفيد تلبّثًا ومكثًا، فـ (قطّع) يفيد استغراق وقت أطول من (قطَع)”[23].
وكذلك استخدام الفعل فَعَّلَ وأَفْعَلَ نحو (كَرَّم وأَكْرَمَ) فإنّه يستعمل كرَّم لِما هو أبلغُ وأدومُ، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].
وهذا تكريمٌ لبني آدم على وجه العموم والدوام. وقوله على لسان إبليس في {كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: 62]، أي فضَّلته، في حين قال تعالى في موضعٍ آخر {كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 17]، وقال {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15]، فاستعمال التكريم لِما هو أدومُ وأعمّ.
في الآيات {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا*ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 8 ـــ 11] استخدم الفعل أَنزَلَ، وفي الآيات {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ*فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ*ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ*أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 25 ـــ 29] استخدم الفعل نَزَّلَ، لأنَّ سياق الآيات أقسى وأشدُّ في التعبير والإنكار على الكفّار، لأنَّ صفات الكفر أشدّ من الآيات الأولى (8 ـــ 11) التي تتحدَّث عن أنَّهم كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ، أمّا في الثانية ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم، الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ، اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ. ولذا جاء استعمال الفعل بصيغة فعَّل (نزَّل) لِما هو أشدُّ وأكثر قبحًا وكفرًا، ولِما يحمل الصفات المنكرة الكثيرة التي يبغضها الله.
إنّ صيغ الأفعال من حيث الدلالة تكون أقوى وأشد من حيث التشديد على بعض حروفها، ما يعكس مبالغة وإصرارًا وتكرارًا للفعل بهدف إحداث التأثر الأشد والأبلغ في النفوس، وإن كان من حيث السماع الصوتي لهذا التشديد على الحروف، بعكس الصيغ العادية التي لا تحمل في العادة الدلالة التي يحملها التشديد ولا تودي الأثر نفسه.
التعريف والتنكير
تتنوَّع صيغ التعريف والتنكير في القرآن الكريم، وذلك بحسب مقام كلِّ آية وسياقها والمراد منها، وعند النحويين إنَّ الاسم المعرَّف (بأل) يُعَدُّ أقرب إلى النكرة، “فالألف واللام أبهمُ المعارف وأقربها إلى النكرات ولذلك نُعِتَت بالنكرة كقولك إنّي لَأَمُرُّ بالرجل غيرك فيمنعني، وبالرجل مثلك فيعطيني، لأنّك لا تقصد رجلًا بعينه”[24].
فالسياق القرآني يؤدّي الدور البارز والأساس في مسألة التنكير والتعريف، فلا قيمة للاسم لمجرَّد أنّه نكرة أو معرفة، وعن هذا يقول الجرجاني حول آية {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96]، “إذا أنت راجعت نفسك وأذكيت حسّك، وجدت لهذا التنكير وأن قيل: “على حياة”، ولم يقل: “على الحياة”، حُسْناً وروعة ولطف موقع لا يقادر قدره، وتجدك تعدم ذلك مع التعريف، وتخرج عن الأريحيّة والأنس إلى خلافهما”[25].
لو تأمَّلنا {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: 61] جاء لفظ الْحَقِّ مُعَرَّفًا، وفي الآية {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 21] جاء لفظ حَقٍّ نكرة، وهذا التعريف والتنكير مرتبطٌ بسياق كلِّ آيةٍ من هذه الآيات. يقول ابن الزبير الغرناطي عن السبب والسياق “ولما كانت الأولى في سورة البقرة إنّما هي في سلفهم ممَّن لم يشاهد أمر محمّد وقد وقع الافصاح فيها بكفرهم بعد تعريفهم بذكر آلاء ونعم وقد ورد فيها أنَّ بعض تلك المرتكبات أو أكثرها قد عفا عنهم فيها ولا شكّ أنَّ بعضهم قد سلم ممَّا وقَعَ فيه الأكثر من كفرهم… فهم وإن وصفوا من الكفر والاعتداء بما وصفوا ليسوا في ارتكاب البهت والمجاهرة بالباطل… وحال معاينة البراهين كحُيَي بن أخطب وأشباهه من المعاصرين لنبينا والمشاهدين أمره فناسب حال أولئك الذين لم يشاهدوه ما وقع التعبير به من قوله تعالى: “بغير الحق” إذ ليس المعرف في قوّة المنكر المرادف لقولك بغير سبب… وأمّا الأولى من آيتَي آل عمران فخاصّة بالمتمادين منهم على الكفر ولا تتناول الآية من أوَّلها إلى آخرها خلافه فهي كالآية الثانية فيما أعطته ودلَّت عليه من التمرُّد والتمادي على الضلال فناسبها التذكير كالتي بعدها وهما معًا بخلاف آية البقرة”[26].
يقول البقاعي إنَّ التنكير في آل عمران أبلغ منه في البقرة، “ولما كان قتلهم إياهم بدون شبهة أصلًا بل لمحض والكفر والعناد، لأن الأنبياء مبرؤون من أن يكون لأحد قبلهم حقّ دنيوي أو أخروي قال: {بغير حق} أي لا صغير ولا كبير في نفس الأمر ولا في اعتقادهم، فهو أبلغ ممَّا في البقرة على عادة أفعال الحكماء في الابتداء بالأخف فالأخف”[27].
وهذا التنويع يدلُّ على أنّ التعريف هو للإيحاء أنَّ قتل الأنبياء لم يكن بحق مشروعًا معهودًا عندهم أو عند غيرهم للإيذان بأنَّ صنيعهم لم يكن بغير حقٍّ مطلقًا.
وفي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] ورد لفظ نَارًا منكرًا، وفي {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] جاء لفظ النَّارَ معرّفًا. فملاحظة السِّياق في الآيتين من حيث ترتيب النزول، البقرة مدنية، والتحريم مكيَّة. وعن هذا يقول أبو حيّان التوحيدي “وعرف النار هنا لأنّه قد تقدَّم ذكرها نكرة في سورة التحريم، والتي في سورة التحريم نزلت بمكّة، وهذه بالمدينة. وإذا كرَّرت النكرة سابقة ذكرت ثانية بالألف واللام، وصارت معرفة لتقدمّها في الذكر ووصفت بالتي وصلتها. والصلة معلومة للسامع لتقدم ذكر قوله: {نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَة}، أو لسماع ذلك من أهل الكتاب قبل نزول الآية[28].
في حين أنَّ البقاعي يرى أنَّ “تعريف النَّار وصلة الموصول؛ لأنَّ أخبار القرآن بعد ثبوت أنَّه من عند الله معلومة مقطوع بها فهو من باب تنزيل الجاهل منزلة العالم، تنبيهًا على أنَّ ما جهله لم يجهله أحد”[29].
إنَّ مفردة (نار) معلَّقة في الأذهان قد ذُكِرَت سابقًا، كما في سورة التحريم، ومن هذه المغايرة تهديدٌ ووعيدٌ للكفّار، لأنّ الله جاء بلفظة النار معرفة تارةً ومُنكِرة أخرى وهذا من الأساليب القرآنية في الزَّجر وتكرار التهديد والتنويع في الصِيَغ.
إنّ مسألة التعريف قد يراد منها التحديد وحصر المعنى في اتجاه واحد، ولا يمكن جعله عامًّا منفتحًا على كل الدلالات الممكنة، بعكس التنكير الذي يجعل المعنى متفلّتًا من أي حصر للمعنى، وتكون الدلالة أوسع وأرحب، فهي أكثر أثرًا في النفس من خلال العمل على الترغيب أو الترهيب في الآيات القرآنية. فالجنة مثلًا من حيث الدلالة، ليست كجنات عرضها السماوات والأرض، وكذلك النار ليست من حيث الدلالة كنار أعدّها الله للكافرين والظالمين، فالتنكير يجعل الذهن ينفتح على اللامحدود وعدم الحصر، ما يعكس أثرًا أكبر في النفوس.
- الحركات والصوائت
من المتعارف عليه والذي لا غبار عليه أنّ القرآن الكريم يبقى ذلك الكتاب المعجز، ومن معجز القرآن الجانب الصوتي المتعلّق بروعة الأصوات الصائتة لما تحمل من دلالة في المبنى والمعنى في المفردة، فـ “أول شيء أحسّته تلك الأذن العربية في نظم القرآن هو ذلك النظام الصّوتي البديع الذي قسّمت فيه الحركة والسّكون تقسيمًا منوعًا يجدّد نشاط السامع لسماعه”.[30]
سوف نتطرّق في الحديث عن دلالة الحركات الصائتة في كلمتَي (أنسانيهُ، وعليهُ).
أولاً – إنسانيهُ
ذُكرت هذه اللّفظة في القرآن الكريم بالضم بدلًا من الكسر، وهذا ما قرره أصحاب القراءات ومنهم حفص، علمًا أنّها سُبقت بياء مكسورة وهو الموضع الوحيد الذي ذكر في القرآن الكريم، بينما نجد جميع الكلمات التي سبقت بكسر فهي مكسورة وغير مضمومة، مثل قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37].
وكان سرّ العدول في الكلمة من الكسر إلى الضم هو الكلام على ذلك الحوت الذي ذكره القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى مع فتاه عندما أصابهما الجوع، فلقيا الحوت مشويًّا وكانا قد أكلا شيئًا من الحوت وإذا بالحوت تدبّ فيه الحياة، وقد شاهد هذه الأحداث الفتى العجيبة والغريبة الذي كان مع نبي الله موسى بعدما نام نبي الله موسى وعندما استيقظ نبي الله موسى من نومه، نسي الفتى هذا الأحداث لكي يخبر بها نبي الله موسى، ونسي نبي الله موسى أيضًا الحوت الذي أكلا منه وعندما تذكّر فتى موسى الأحداث التي دارت حول الحوت فنسب هذا النسيان إلى الشيطان. فجيء بحركة الضم دون حركة الكسر كونه الصائت الأقوى ما يتناسب مع قوة النسيان الذي حدث قبل لحظات[31]. فالنسيان في حادثة كهذه لهوَ من النسيان النادر فجيء بالضمة لقوة النسيان ولندرته بدلاً من الكسرة.
ثانيًا– لقد اختار القرآن الكريم لفظة شبه الجملة في كلمة (عليهُ) بضم الهاء، علمًا أنّ الأصل هو الكسر، لكن القرآن الكريم عوّدنا ببلاغته أن ينبّهنا أنّ هذا الكتاب ليست فقط كلمات وأسطرًا، بل كل شيء فيه من صوائت وكلمات وجمل يدلّ على بلاغة فريدة من نوعها يصاحبها الإعجاز.
وهنا هذه اللّفظة هي اللّفظة الوحيدة التي وردت بضم الهاء دون الكسر؛ في قوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:10].
فجيء بالضم دون الكسر في كلمة (عَلَيْهُ)؛ وذلك دلالة لقوة العهد الذي اتخذه الرسول من أصحابه من أجل البيعة وأن القضية قضية إلهية لا عذر فيها في أي حال من الأحوال لمحاربة الكفر، فجيء بالضم لثقل تلك البيعة وأهميتها.
ثالثًا– إنّ القرآن الكريم مستمرّ بمحافله البلاغية والإعجازية ليختار لنا كلمة (إِمر) بدلاً من (أمر) وهي الكلمة الوحيدة التي وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: 71]، “وتفرد الكسر في هذا الموضع يمثل خروجًا عن المألوف المطّرد، وهو فتح الهمزة في كل المواضع عدا هذا الموضع. والسؤال: … هل له من دلالة؟”[32]
وصائت الكسر لهوَ أثقل من صائت الفتح، ولذلك اختار القرآن في هذا الموضع الكسر بدلًا من الفتح، كونه يحمل دلالة أقوى بما تحتمله الآية من معنى، فالأمر بالفتح قد يكون بمعنى الحال أو الشأن[33]، وقد يكون نقيض النهي.[34]
وأما دلالة كلمة (إمرا) ما هو إلا إنكار وتعجب نبي الله موسى الشديد من السيد الخضر عندما خرق السفينة، ولذا تحول الصائت من الفتح إلى الكسر ليخبرنا بدلالته هذه.
وبهذا نقول إنّ القرآن الكريم قد خرج في استعمالاته الصوتية في مواضع معينة عن القواعد المألوفة،[35] بشهرتها وندرتها، فهي أجراس تجعل المتلقّي في ديمومة مستمرة في البحث عن مواضع كهذه تقرع أذهان السامع وتجعله في تطور لا ينفك عنه، ولكل مقطع صوتي من صائت أو صامت له دلالته الخاصة به.
خاتمة
يمكن لنا الخروج من هذه الدراسة المختصرة للقول إنّ للمفردة القرآنية وعدد حروفها أو ترتيبها، وكذلك لسياقاتها الأهمية الكبرى والأساس في الكشف عن المعاني والدلالات التي توحيها للقارئ والمتدبّر. فلا تغيير في مبنى العبارة دون التأثير في معناها، وكانت آيات القرآن الكريم خير دليل كاشف على هذه المسألة، بحيث جاء الاختيار الإلهي للعبارات وإكسابها البلاغة المعبّرة والمؤثّرة، فكانت الآيات الميدان الواسع لدارسي اللغة وعلماء التفسير، فالقرآن كان وسيبقى الرافد الأول والأمثل لقواعد علوم اللّغة والبلاغة؛ دراسةً وتحليلًا وإيحاءً.
فهرست المصادر والمراجع
- إبراهيم البقاعي، نظم الدُّرَر، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، ط1، 1984.
- ابن الزبير الغرناطي، ملاك التأويل؛ وضع حواشيه عبد الغني الفاسي، بيروت: دار الكتب العلمية.
- ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه؛ تحقيق محمد عبد الحميد، بيروت: دار الجيل، 1981.
- ابن فارس، معجم مقاييس اللّغة؛ تحقيق عبد السلام هارون، بيروت: دار الفكر، 1979.
- ابن يعيش، شرح المفصّل؛ قدم له إميل يعقوب، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2001
- أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط؛ عناية محمد جميل العطار، بيروت: دار الفكر، 2000.
- أبو عبد الرحمن الفراهيدي، العين، المحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، القاهرة: دار ومكتبة الهلال.
- أبو عبد الله الشافعي، كشف المعاني؛ تحقيق عبد الجواد خلف، المنصورة: دار الوفاء، ط1، 1990.
- أحمد ياسوف، جماليات المفردة القرآنية، دمشق: دار المكتبي، ط2، 1999.
- برهان الدين الكرماني، البرهان في توجيه متشابه القرآن؛ مراجعة أحمد عوض، الرياض: دار الفضيلة، 1982.
- الجاحظ، البيان والتبيين، بيروت: دار ومكتبة الهلال، 2002.
- الرُّماني الخطّابي والجرجاني، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن؛ تحقيق محمد خلف الله، دار المعارف، طــ 3، 1955.
- الزركشي، البرهان في علوم القرآن؛ تحقيق محمد إبراهيم، بيروت: دار المعرفة.
- سيبويه، الكتاب؛ تحقيق عبد السلالم هارون، القاهرة: مكتبة الخانجي، 1988.
- سيد قطب، النقد الأدبي، أصوله ومناهجه، القاهرة: دار الشروق، ط6، 1990.
- صالح علي صالح النصيري، الغرابة الصوتية في القرآن الكريم، دمشق: نور حوران للدراسات والنشر والترجمة، ط1، 2019.
- عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز؛ تحقيق محمود أبو فهر، القاهرة: مطبعة المدني، ط3، 1992.
- فاضل السامرائي، بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، بغداد: شركة العاتك لصناعة الكتب، ط1، 2006.
- فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، بيروت: دار إحياء التراث، ط3، 2000..
- محمد بن عبد الله دراز، النبأ العظيم، قدّم له عبد العزيز المطعني، الكويت: دار القلم، طــ 6، 1984.
- مصطفى صادق الرافعي، إعجاز القرآن، بيروت: دار الكتاب العربي، ط8، 2005.
- منير سلطان، بلاغة الكلمة والجملة والجمل، الاسكندرية: منشأة المعارف، ط1، 1988.
[1] -دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، أستاذ محاضر في جامعة العلوم والآداب اللبنانيّة- بيروت- لبنان.
PhD in Arabic language and literature, lecturer in usal university.Email: m.tarraf@usal.edu.lb 009613297569
[2] الرُّماني الخطّابي والجرجاني، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن. تحقيق محمد خلف الله، دار المعارف، طــ 3، ص 29.
[3] ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه؛ تحقيق محمد عبد الحميد، بيروت: دار الجيل، 1981، ج1، ص 124.
[4] الجاحظ، البيان والتبيين، بيروت: دار ومكتبة الهلال، 2002، ج2، ص 1.
[5] محمد بن عبد الله دراز، النبأ العظيم، قدّم له عبد العزيز المطعني، الكويت: دار القلم، طــ 6، 1984، 90 ـ 91.
[6] سيد قطب، النقد الأدبي، أصوله ومناهجه، القاهرة: دار الشروق، ط6، 1990، ص 39.
[7] مصطفى صادق الرافعي، إعجاز القرآن، بيروت: دار الكتاب العربي، ط8، 2005، ص 36.
[8] ابن فارس، معجم مقاييس اللّغة؛ تحقيق عبد السلام هارون، بيروت: دار الفكر، 1979، ج4، ص500.
[9] منير سلطان، بلاغة الكلمة والجملة والجمل، الاسكندرية: منشأة المعارف، ط1، 1988، ص15.
[10] أحمد ياسوف، جماليات المفردة القرآنية، دمشق: دار المكتبي، ط2، 1999، ص20.
[11] المرجع نفسه، ص20.
[12] الزركشي، البرهان في علوم القرآن؛ تحقيق محمد إبراهيم، بيروت: دار المعرفة، ج1، ص9.
[13] المصدر نفسه، ج1، ص177.
[14] المصدر نفسه، ج، 3، ص47.
[15] المصدر نفسه، ج3، ص 216.
[16] فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، بيروت: دار إحياء التراث، ط3، 2000، ج3، ص92.
[17] أبو عبد الله الشافعي، كشف المعاني؛ تحقيق عبد الجواد خلف، المنصورة: دار الوفاء، ط1، 1990، ص102.
[18] ابن الزبير الغرناطي، ملاك التأويل؛ وضع حواشيه عبد الغني الفاسي، بيروت: دار الكتب العلمية، ج 1، ص 470.
[19] ا سيبويه، الكتاب؛ تحقيق عبد السلالم هارون، القاهرة: مكتبة الخانجي، 1988، ج1، ص 15.
[20] فاضل السامرائي، بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، بغداد: شركة العاتك لصناعة الكتب، ط1، 2006، ص 36.
[21] بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، ص 37.
[22] المرجع نفسه، ص 37.
[23] بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، ص58.
[24] ابن يعيش، شرح المفصّل؛ قدم له إميل يعقوب، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2001، ج5، ص87.
[25] عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز؛ تحقيق محمود أبو فهر، القاهرة: مطبعة المدني، ط3، 1992، ص288.
[26] الزركشي، البرهان في علوم القرآن؛ تحقيق محمد إبراهيم، بيروت: دار المعرفة، ص 30.
[27] إبراهيم البقاعي، نظم الدُّرَر، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، ط1، 1984، ج 2، ص 47.
[28] أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط؛ عناية محمد جميل العطار، بيروت: دار الفكر، 2000، ج1، ص 249.
[29] نظم الدُّرَر، ص7.
[30] محمد بن عبد الله دراز، النبأ العظيم، قدّم له عبد العزيز المطعني، الكويت: دار القلم، طــ 6، 1984، ص131.
[31] صالح علي صالح النصيري، الغرابة الصوتية في القرآن الكريم، دمشق: نور حوران للدراسات والنشر والترجمة، ط1، 2019، ص 50 -51.
[32] الغرابة الصوتية في القرآن الكريم، ص 61.
[33]محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح بيروت: المكتبة العصرية – الدار النموذجية، 1999، ج2، ص 580.
[34] أبو عبد الرحمن الفراهيدي، العين، القاهرة: دار ومكتبة الهلال، ج2، ص297.
[35] “الغرابة الصوتية في القرآن الكريم، ص 24”